أهمية وكيفية تمتين أدبيات البحث العلمي | سرور طالبي
الكلمة الافتتاحية لمؤتمر تمتين أدبيات البحث العلمي
حمل من هنا: كتاب أعمال مؤتمر تمتين أدبيات البحث العلمي ديسمبر 2020
يُعد البحث العلمي من أهم الوسائل التي تساهم في كشف وفهم الحقائق وتفسير الظواهر أو الإجابة على كل التساؤلات المرتبطة بها، وذلك وفق قالب واضح ومنظم ودقيق، يحترم خطوات معينة تعتمد على أسس أكاديمية موضوعية ومنهجية سليمة، تعرف بأدبيات البحث العلمي.
ولقد شكلت مسألة تمتين أدبيات البحث العلمي محور كل نشاطات واهتمامات مركز جيل البحث العلمي نظرا للأهمية التي تكتسيها، فماهي هذه الأهمية وماهي الكيفية التي يتم بها تمتين هذه الأدبيات؟ هذا ما سأسلط عليه الضوء في هذه الكلمة الافتتاحية.
- أهمية تمتين أدبيات البحث العلمي:
إن تمتين أدبيات البحث العلمي يرجع بالنفع بالدرجة الأولى على الباحثين أنفسهم، وكذلك على جامعاتهم ثم على المكتبات، سيما المكتبات العربية.
فتمتين أدبيات الباحثين يعني إعدادهم لخوض معركة البحث العلمي متسلحين بكل المقومات المنهجية الضرورية والصحيحة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين وتجويد ورفع من مستوى أبحاثهم العلمية، كما سيساهم في توعيتهم بضرورة التحلي بالمسؤولية وبالأمانة العلمية، خاصة وأن اكتشاف أي سرقة علمية هي مسألة وقت فقط، لأن كل رصيدهم العلمي من مقالات أو أبحاث، هي في الواقع عبارة عن “هويتهم” العلمية وستبقى شاهدة عليهم وعلى ممارساتهم المسيئة بالبحث العلمي.
لذا فإنه من الضروري تمتين أدبيات الجيل الصاعد من الباحثين ومساعدتهم على تكوين سمعة علمية جيدة، تمهد لهم الطريق للالتحاق بركب الباحثين والعلماء البارزين.
ومن جهة أخرى فإن سمعة الجامعات هي من سمعة هيئتها التعليمية وخريجيها، وعليه فإن أي ضعف يشوب التكوين في منهجية البحث العلمي، سيؤدي حتما إلى تخريج طلابا دون المستوى بأبحاث ضعيفة تكثر فيها الهفوات والانتحال والسطو والسرقات العلمية أو حتى اجترار نفس الأبحاث والأفكار أو تلفيق البيانات وتزوير النتائج.
وعليه فإن انتشار السلوكيات السلبية أعلاه من قبل الهيئة التعليمية أو خريجي جامعة بذاتها سيمس حتما بسمعتها وسيؤثر كذلك على تصنيفها، لذا فإنه من الضروري التدقيق في نوعية الأبحاث المقدمة للترقيات بدلا من التركيز على كميتها، وذلك حفاظا على مستوى النتاج العلمي للمنتسبين لتلك الجامعات.
وأبعد من ذلك فإن تمتين أدبيات البحث العلمي من شأنه تحصين المكتبات العربية من انتشار مؤلفات مسروقة أو دون المستوى، أو انتشار مراجع فيها مغالطات علمية أو تزوير وتلفيق البيانات، كما يضمن توفير مراجع باللغة العربية رصينة وموثوقة ترتقي بالمكتبات العربية لمصاف المكتبات العالمية.
هذا باختصار أهم النقاط التي تفرض على كل المؤسسات التعليمية تمتين أدبيات البحث العلمي للمنتسبين إليها، ننتقل الآن للحديث عن الكيفية التي يتم بها ذلك التمتين.
- كيفية تمتين أدبيات البحث العلمي:
يعتبر التكوين من أبرز الوسائل المتاحة لتمتين أدبيات البحث العلمي وتأهيل الباحثين على المنهجية الصحيحة فمتى يتم ذلك وما هي آلياته ومضمونه؟
إن أفضل مرحلة لتقديم التكوين الضروري للباحثين هي مرحلة التدرج، من خلال ادراج مادة المنهجية ضمن المقرر الجامعي، شريطة أن لا تكون مادة نظرية تلقينية فحسب، بل مدعومة بتطبيقات عملية خلال الأعمال الموجهة.
وهذا بالطبع لا يمنع من تكوين الباحثين خلال مرحلة اعداد أبحاثهم العلمية من قبل الأساتذة المشرفين بالتخصيص لهم حصص توجيهية أو تنظيم محاضرات تحسيسية، بالإضافة إلى حثهم وتشجيعهم على حضور جلسات المناقشات المختلفة، أو الحضور والمشاركة في تظاهرات علمية وطنية ودولية.
أما بالنسبة لأهم النقاط التي لا بد أن يرتكز عليها هذا التكوين، فهي تدور اجمالا حول ترسيخ كل مبادئ وأدبيات البحث العلمي الصحيحة بالإضافة إلى:
- تشجيع الباحثين على اختيار المواضيع بحرية تامة وحسب قدراتهم ورغبتهم في التخصص فيها، حتى يتحقق الابداع والابتكار.
- حثهم على التحقق والتأكد دائما من موثوقية المراجع المستعملة خاصة بعد انتشار المجلات الواهنة ومذكرات تخرج الجامعات الوهمية.
- عدم الاكتفاء بالمراجع الثانوية بل الرجوع إلى المصادر الأساسية كلما كانت متوفرة للتحقق من صحة المعلومة ودقة نقلها أو ترجمتها.
- توعيتهم بضرورة التحلي بالمسؤولية وبالأمانة العلمية وعدم السطو على إنجازات الغير ونسبتها لهم.
- توجيههم نحو طريقة القراءة الصحيحة وتدوين كل فكرة مع توثيق بيانات المراجع .
- توعيتهم بضرورة التحلي بالصدق وبالموضوعية في توثيق المادة العلمية.
- تشجيعهم على التفكير والابتكار وعدم الاكتفاء بنقل وتجميع المادة العلمية.
- تكوينهم على حسن توظيف المواد العلمية وشرحها، تحليلها، الإضافة عليها، ترجمتها وانتقادها دون تحيز وبطريقة بناءة.
- تهيئتهم للتحلي بالتواضع وتقبل الملاحظات أو الانتقادات .
هذا باختصار أهم النقاط التي تجعل من مسألة تمتين أدبيات البحث العلمي في صلب اهتمامات مركز جيل البحث العلمي وإدارته ولجنته العلمية، وبناءً عليه أقترح:
اقتراحات:
- إشراف المركز على تنظيم لقاءات دورية شهرية عبر شبكة الانترنت تضم كل المشاركين في هذا المؤتمر والسادة أعضاء اللجنة العلمية التحكيمية في شكل حلقات تكوينية وتفاعلية عن بعد بحضور طلاب الدراسات العليا من مختلف الجامعات العربية؛
- نشر كل المداخلات المشاركة في المؤتمر في مختلف أوعية المركز ، سواءً الموقع الرسمي أو قناتنا على اليوتيوب والشبكات الاجتماعية؛
- نشر الأوراق البحثية المستوفية لضوابط ومعايير النشر في سلسلة كتاب أعمال المؤتمرات هذه.
ومن هذا المنطلق يضع المركز تحت تصرفكم أهم الأبحاث العلمية المشاركة بهذا المؤتمر والتي التزمت بالمعايير الشكلية والمنهجية الموضوعة من قبل لجنته العلمية الموقرة، كإسهام منه في اثراء المكتبات العربية بالمراجع المتخصص.
رئيسة المؤتمر/ أ.د. سرور طالبي