
جريمة العدوان ومخاوف تسييس العدالة الجنائية الدولية
The aggression crime And the fears of politicizing international criminal justice
د. الحســـــن أبكـــــاس، دكتور في الحقوق، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية.
رئيس قسم القانون، جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز، المملكة العربية السعودية.
Dr El- Hacenebkas Prince Sattam Bin Abdulaziz University
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 27 الصفحة 11.
ABSTRACT
The idea of international criminal jurisdiction extends to ancient times, so that the idea is brewing with the passing of ages until the beginning of the twentieth century, where it will witness a radical development, especially after the First World War and the resulting disasters represented in the death of millions of people, something that created a feeling in the international community of the need to find International criminal jurisdiction, a feeling that multiplied with the recurrence of these disasters in the Second World War, so that several international criminal tribunals were established, but with a temporary nature (Tokyo, Nuremberg, Rwanda, and Yugoslavia …), until these efforts culminated in the establishment of a criminal court International standing and independent under the Rome Statute of the year 1998, she was given the job of trying those involved in the most heinous international crimes.
The establishment of the International Criminal Court has not escaped from many of the criticisms leveled against it, based on the operative of its statute, which some have noticed that it put the court at the mercy of political tensions, given the powers of adaptation and referral to the benefit of the UN Security Council, especially with regard to crimes of aggression, which raises fears All those who follow have the transformation of the court’s spirit of action from the legal angle into the space of the political game, of which the Security Council is one of its main fields.
Key words: International Law Commission, International Criminal Court, Aggression, International Crime, Security Council, General Assembly.
الملخــــــص:
تمتد فكرة القضاء الجنائي الدولي إلى عصور قديمة، لتختمر الفكرة مع توالي العصور حتى بداية القرن العشرين، حيث ستشهد تطوراً جذريا، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى وما أسفرت عنه من كوارث تمثلت في موت الملايين من البشر، الشيء الذي أوجد شعوراً لدى المجتمع الدولي بضرورة إيجاد قضاء جنائي دولي، وهو الشعور الذي تضاعف مع تكرار تلك الكوارث في الحرب العالمية الثانية، فكان أن تم إنشاء عدة محاكم دولية جنائية، لكن بطابع مؤقت (طوكيو، ونورمبورغ، ورواندا، ويوغوسلافيا…)، إلى أن كللت هذه الجهود بإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ومستقلة بموجب نظام روما المنشئ، لعام 1998م، أُسند إليها وظيفة محاكمة المتورطين في الجرائم الدولية الأكثر بشاعة.
إن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لم يسلم من عدة انتقادات وجهت لها استناداً على منطوق نظامها الأساسي الذي لا حظ البعض أنه وضع المحكمة تحت رحمة التجاذبات السياسية، لما أعطى من صلاحيات التكييف والإحالة لفائدة مجلس الأمن الدولي، خاصة فيما يتعلق بجرائم العدوان، الأمر الذي يثير مخاوف لدى كل المتتبعين من تحويل روح عمل المحكمة من الزاوية القانونية نحو فضاء اللعبة السياسية التي يشكل مجلس الأمن الدولي أحد أهم ميادينها الرئيسية.
كلمات مفتاحية: لجنة القانون الدولي، المحكمة الجنائية الدولية، العدوان، الجرائم الدولية، مجلس الأمن، الجمعية العامة.
مقدمــــــة
تعتبر المحكمة الجنائية الدولية أول محكمة جنائية دولية دائمة ومستقلة في تاريخ القضاء الدولي، وبمعنى آخر، هي محكمة دولية لا تنتمي إلى منظومة الأمم المتحدة، ولا تشكل جزءا منها، وإن كانت هذه الاستقلالية لا تمنعها من أن تربطها بعض علاقات التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة، وخاصة على مستوى مجلس الأمن، وعلى ضوء ما نصت عليه مواد الفصل السابع (من 39 إلى 54) من ميثاق الأمم المتحدة.
والمحكمة الجنائية الدولية، كمؤسسة دولية لها أهلية وشخصية قانونية دولية، أنشئت لغاية ممارسة اختصاصها الجنائي على الجرائم الدولية الأشد خطورة وجسامة، وموضوع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، وتتخذ من مدينة “لاهاي” الهولندية مقراً دائماً لها، بل وسمح لها نظام روما المنشىء لها بأن تمارس مهامها داخل أي من أراضي الدول الأطراف في النظام.
وحسب نظام روما، تختص المحكمة الجنائية الدولية في نظر الجرائم الدولية الأساسية الأربع، وهي:
- جرائم الإبادة الجماعية Genocide؛
- والجرائم ضد الإنسانية Crimesagainsthumanity؛
- وجرائم الحرب Warcrimes؛
- وجرائم العدوان Crimesofaggression.
وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص الرابع من اختصاصات المحكمة (جرائم العدوان) كان قرر نظام روما عدم وضعه موضع التفعيل إلا مع مطلع سنة 2017م، للتباين الكبير بين مكونات المجتمع الدولي حول مفهوم “العدوان”([1])، وإن كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صاغت في وقت سابق (سنة 1974م) تعريفاً لأعمال العدوان، وهو التعريف الذي استوحى منه، المجتمعون في مؤتمر “كامبالا” سنة 2010م، التعريف الذي صاغوه بالتوافق Consensus، وتعتمده المحكمة اليوم في تكييف جرائم العدوان مفهوما وأركاناً وشروطاً([2])؛
وبحكم كون جريمة العدوان تعتبر من أكثر الجرائم الدولية جدلاً واختلافاً بين الدول، فقد كانت هذه الجريمة محلا للنقاش والاجتهاد على مدى فترة غير يسيرة من الزمن، بل وطرحت لها تعريفات عديدة من قبل كتاب وفقهاء القانون الدولي، وإن كانت العديد من الدول –لغاية في نفسها- ردت العديد من تلك التعريفات، خاصة من الدول الكبرى التي رأت أن اعتماد البعض من تلك التعريفات فيه ضرب لمصالحها الحيوية([3])؛
- أهمية الموضوع:
وتعتبر المرحلة الفاصلة ما بين وضع الحرب العالمية الثانية لأوزارها وما تلاه من قراءات لنتائجها الكارثية على البشرية في كل مناحي حياتها، وصولا إلى قيام نظام روما، من أهم المراحل التي أوجدت الأرضية الخصبة لنشوء وترعرع نظام قانوني دولي جنائي بمفهومه الحديث. حيث أنه بعد الانتهاء من المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة، والتي أقيمت في طوكيو ونورمبورغ لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية، والتي ذهب اتجاه واسع من المتتبعين، على ضوء الأحكام التي أصدرتها، إلى نجاحها في مهامها، تمسكت منظمة الأمم المتحدة الوليدة حينها -خلفاً لعصبة الأمم الفاشلة- تمسكت بمبدأ ضرورة حث المجتمع الدولي على الانكباب على وضع منظومة قانونية دولية جنائية مُحْكَمة، لاستكمال مقومات نظام الجرائم الدولية.
لكن، ما الضمانات التي أوجدتها الأنظمة الجنائية الدولية الحالية للحيلولة دون السقوط في فخ الازدواجية والتأرجح في ميزان العدالة الدولية، وخاصة على مستوى أفعال العدوان التي ستطالها، ولا شك، تقلبات وتجاذبات القوى على مستوى مجلس الأمن؟
- إشكــــاليات البحـــــث.
هذا التساؤل يجر العديد من التساؤلات الفرعية لتطفو على السطح، من قبيل:
- هل سيظل مبدأ “الإفلات من العقاب” قائماً في ظل تموقع الدول غير المصادقة على اتفاق روما خارج سلطة المحكمة؟
- وهل أنظمة المحكمة ستمكن المحكمة من أن تطال يدها تجاوزات الدول الكبرى؟
- وما تداعيات تمرد بعض الدول على نظام روما بعدما أبدت عدم رغبتها في الخضوع لولاية المحكمة؟
- وإلى أي حد يمكن القول بأن الاستقلالية المبحوث عنها منذ زمن على مستوى مؤسسات العدالة الجنائية الدولية لا ترقى إلى المستوى المنشود في ظل الارتباط مع مجلس الأمن الدولي؟
- المناهج المعتمدة.
إن موضوعاً من هذا التحول يستدعي الغوص فيه وسبر أغواره من كل الزوايا الاستعانة بما تتيحه مناهج البحث العلمي من أدوات منهجية تتيح للباحث التحكم في بوصلة التحليل واستجماع كل خيوط العدالة الجنائية الدولية، وهي الضالة التي لن نجدها في غير المنهج التحليلي، بما يجعل الباحث يتقيد بأبجديات هذا المنهج في محاولة منه لرصد واستقراء وتتبع المجريات والمتغيرات، من حيث تحليل خلفياتها واستشراف تداعياتها، مع ضرورة العروج بين الفينة والأخرى على المنهج النسقي وما يتيحه من آليات وميكانيزمات ربط الأحداث وتقلباتها في الإطار النسقي للنظام العالمي الذي تتحرك بداخله هذه المؤسسة، دون تجاهل ما للمنهج الوظيفي من أهمية في تناول المحكمة الجنائية وظيفيا وولاية وسلطة.
- التصميم المقترح:
مجموعة من الإشكاليات والتساؤلات يطرحها موضوع العدالة الدولية الجنائية في تقاطعها مع التجاذبات السياسية على الساحة الدولية، تستدعي عملية سبر أغوارها تقسيم الدراسة إلى شقين؛ يقف أولهما على طبيعة المنظومة القانونية التي تؤثث حقل العدالة الجنائية الدولية(المبحث الأول)، في حين سيحاول الثاني رصد مدى استقلالية المحكمة الجنائية الدولية كرمز لترسيخ مبدأ “عدم الإفلات من العقاب”، خاصة في ظل ارتباط بعض ولايتها بقرار من مجلس الأمن (المبحث الثاني)، وذلك وفق التصميم الآتي:
*- المبحث الأول: الاطار القانوني للعدالة الجنائية الدولية؛
*- المبحث الثاني: مجلس الأمن الدولي وحدود سلطة تكييف العمل العدواني.
المبحث الأول:
الاطار القانوني للعدالة الجنائية الدولية
على غرار كل الأنظمة، عرف القانون الدولي بكل فروعه تطوراً مضطردا امتد لآلاف سنين مضت، وإن كان بصورة تخضع لمعايير وضوابط الزمان والمكان. فالبوادر الأولى للقانون الدولي ظهرت مع ابرام العديد من المعاهدات والأوفاق بين الوحدات البشرية المختلفة منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة قبل الميلاد(معاهدات قاديش، ورمسيس…).
فالحضارات القديمة بمختلف مرجعياتها ومكوناتها لا تخلو، في تنظيمها وتطورها، من قواعد القانون الدولي في صيغتها البدائية، وإن لم يكن بالشكل الدقيق الذي تتسم به هذه القواعد في عصرنا الحاضر. فقد حينها كان الحديث عن قانون مانو الهندي، وقانون كونفوشيوس، وأنظمة الحضارة الاغريقية والحضارة اليونانية، مروراً بقانون العلاقات الدولية في الدولة الإسلامية، وما يليها من الدول والأنظمة اللاحقة.
المطلب الأول:
سياق التأسيس للعدالة الجنائية الدولية
إن ما يُجمِع عليه فقهاء التشريع القانوني الدولي، هو أن أساس القانون الدولي التقليدي وبداياته الفعلية كانت مع صلح أو معاهدة وستفاليا لسنة 1648م، والتي رافقت نجاح الوحدات الدولية القائمة حينئذ من إرساء صيغ التعايش وحماية الدول الصغيرة وتوازن القوة في أوروبا على وجه الخصوص، وذلك بعد أن تم وضع حد لحروب الثلاثين عاماً الشهيرة بين المماليك الأوربية، وإن كانت هذه الفترة اتسمت فيها قواعد القانون الدولي بالسمة المسيحية، والانغلاق الأوربي على الذات، انطلاقا من قاعدة أن الدولة عبارة عن جماعة أو وحدة مسيحية منظمة، وما استتبع ذلك من اقصاء للوحدات الدولية الأخرى على ضوء هذا المنطق الذي كان سائداً (الدولة العثمانية، اليابان…الخ) ([4])؛
وترسخت أسس القانون الدولي أكثر مع إضافة مصطلح (العام Public) لمسمى القانون الدولي ليصبح مسماه الجديد هو “القانون الدولي العام”، وما يحمله هذا التحول الهام من حمولة تجعل من قواعد هذا القانون ضابطاً لكل التفاعلات الدولية التي تظهر فيها الدولة كسلطة عامة على اقليمها بكل أجزائه، وصاحبة سيادة في مواجهة الجماعة الدولية، فمصطلح “العام” هنا يوحي إلى القوة وليس إلى معاني العمومية والتجريد؛
وعلى مستوى تدوين قواعد القانون الدولي العام، يمكن أن نقول أن الانطلاقة الحقيقية لعملية التدوين تلك كانت مع مؤتمر فيينا 1815م، ومن بعده إكس لاشابيل 1818م، مروراً برصيد عصبة الأمم (1919-1945م) في هذا الصدد، وصول إلى الجهود المتواصلة لمنظمة الأمم المتحدة التي قامت على أنقاض العصبة مباشرة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سنة 1945م، وهي الجهود التي تقوَّت بالظهور السريع والمتزايد للهيئات الدولية الحكومية منها وغير الحكومية؛
إن هذه التطورات أضفت على قواعد القانون الدولي العام سمات متعددة وجديدة إلى جانب السمات التقليدية الكلاسيكية (سياسية اقتصادية)، وهي السمات: الإنسانية، والاجتماعية، والعلمية، والفنية…الخ؛ بل إن إلقاء نظرة بسيطة على كل مناحي الحياة يكشف بجلاء حضور القانون الدولي في كل تفاصيل الحياة الإنسانية (بيئة، تنمية، بحار، تجارة، بحث علمي…الخ)، ويتعزز هذا الحضور أكثر بما تنتجه الوكالات الدولية الأربع عشرة المتخصصة الدائمة (الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة) من تشريعات قانونية دولية تغطي كل المجالات الحياتية؛
ورصدا للجهود الفقهية في تحديد المخاطَبين بقواعد القانون الدولي العام، أو ما يصطلح عليهم بأشخاص القانون الدولي العام، نجد أن فقهاء القانون الدولي العام اختلفوا في تحديد تلك الفئة، من قائل بأن الدولة هي أساس هذا الفرع من القانون، وهي المخاطَب الوحيد بقواعده، إلى قائل آخر يحصر أشخاص هذا القانون في الفرد، بينما ذهب تيار ثالث إلى التأكيد على الدولة والمنظمات الدولية، خاصة مع برهنة هذه الأخيرة على قدرتها في التأثير على مجريات الأحداث والوقائع الدولية، وألح اتجاه آخر على ضرورة عدم إغفال الأدوار الخطيرة التي أصبحت تتولاها المؤسسات الاقتصادية العملاقة (الشركات متعددة الجنسيات) على الساحة الدولية، وتيار آخر أكثر شمولية عندما قال بأن قواعد القانون الدولي العام جاءت لتحكم السلوك الدولي للدول والمنظمات والشركات العابرة للقارات، وحتى الأفراد في بعض الأحيان التي يجدون أنفسهم موضوع تطبيق القانون الدولي، كالحالات التي يكون فيها الفرد مثلاً طرفاً في جرائم القرصنة والرق والاسترقاق، وغيرها من الجرائم التي يتخذ فيها الاختصاص القضائي طابعاً عالمياً؛
وكان من نتائج التطورات المتسارعة للقانون الدولي العام وتاريخيه، أن أصبح للفرد وضعاً متميزاً، ولكن وإن كان حقيقة أن الفرد لا يستطيع أن يقتضي حقوقه بنفسه، وإنما عن طريق دولته استناداً على مبدأ “الحماية الدبلوماسية”، إلا أن هذا لا يمكن أن يجعلنا ننكر بأن الفرد أصبح موضوعا ومخاطباً بقواعد القانون الدولي العام وتطبيقاتها؛ ومن أهم هذه المواضع: جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؛
ومن النتائج كذلك حالة الانتقال التي عرفها القانون الدولي العام من حالة قانون الدول الذي يقوم على مبدأ “السيادة المطلقة”، وهي السمة التي كانت جعلت منه قانونا مرتبطأ ارتباطاً وثيقاً –وجوداً وعدما- بعنصر “السيادة”، إلى قانون المجتمع الدولي، وهو الوضع الذي يعكسه الانحسار الجزئي لمبدأ “سيادة الدول”، والذي يعني أن الدول لم يعد يضيرها شيء في أن تتنازل عن جزء من سيادتها لفائدة المجتمع الدولي أو المصلحة العامة الدولية، أو النظام العام الدولي([5]).
ولما كان القانون الجنائي الداخلي، كأحد فروع القانون العام، أوجد لحماية النظام العام الداخلي، والحفاظ على المصلحة العامة داخل المجتمع الداخلي، فمن الأولى أن يكون النظام العام الدولي الأولى بالرعاية، لخصوصية مواضيعه وأشخاصه، ولخطورة تداعيات انتهاكه. ومن ثم من الواجب إيجاد إطار قانوني (قانون جنائي دولي) يحمي هذه النظام، وينظم حياة المجتمع الدولي.
ومن هذا المنطلق عمل المجتمع الدولي لردح من الزمان على بلورة صيغة قانونية تستجيب لهذه الضرورة الحتمية، فبذلت العديد من الجهود التي واجهت تحديات متعددة الأوجه، تذبذبت بين ما هو سياسي وقانوني وتقني، وغيرها، إلى أن ولد نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية([6])، كمؤسسة قضائية دولية دائمة، على خلاف المحاكم المؤقتة التي تشكلت في أوقات سابقة لهذه المحكمة، كمحاكم نورمبرغ، وطوكيو، ويوغوسلافيا([7])، ورواندا، وسيراليون، وغيرها من المحاكم المؤقتة التي تشكلت لنظر قضايا معينة، وانتهت بانتهاء نظر ما وضعت لأجل النظر فيه من قضايا جنائية دولية؛
المطلب الثاني:
منظمة الأمم المتحدة وتحدي “الإفلات من العقاب”
وتعكس الجهود الحثيثة التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان الرغبة الأكيدة التي يعبر عنها المجتمع الدولي، وبشكل متواصل، من أجل إنشاء قضاء دولي جنائي يتولى محاكمة المجرمين الذين تورطوا في ارتكاب جرائم دولية([8]).
فعقب الحرب العالمية الثانية، وما نتج عن هذه الحرب من جرائم فظيعة، والتي لا تزال تداعياتها وإرهاصاتها قائمة إلى اليوم، لم تتوقف الجهود الدولية لاستكمال وترسيخ قواعد هذا القضاء([9])، وهي الجهود التي غذَّتها أكثر، محاكمات طوكيو ونورمبورغ لسنة 1950م، سعياً إلى الوصول إلى قضاء جنائي دولي قائم ومستقل بذاته ودائم يتولى محاكمة كبار مجرمي الحروب، وإنزال العقاب على من يرتكب جريمة دولية([10]). بل وأثمرت قيام نظام روما سنة 1998م، إيذانا بولادة المحكمة الجنائية الدولية، التي شرعت في ممارسة مهامها (بعد استكمال التصديقات) في الفاتح من يونيو سنة 2002م.
ومن أجل تقنين جنائي دولي شامل، عملت منظمة الأمم المتحدة على استجماع كل المؤاخذات والانتقادات التي وجهت إلى محاكمات طوكيو ونورمبورغ([11])، كتلك التي اتهمتها بالاجهاز على بعض المبادئ الأساسية للقانون الجنائي (مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ومبدأ عدم سريان التشريع الجنائي بأثر رجعي، ومبدأ شخصية المسؤولية الجنائية)، وإن كانت هذه الملاحظات لم تمنع من أن تشكل تلك المحاكمات مرجعاً أساسياً ومادة خام للتقنين الجنائي الدولي. فاتجهت بذلك المنظومة الدولية إلى ترجمة وتجسيد مبادئ نورمبورغ، التي بموجبها تمت معاقبة مجرمي الحرب الألمان النازيين، باعتبارها منطلقاً أوليا في عملية التقنين تلك.
فبعد صدور أحكام محكمة نورمبورغ بإدانة من اتُّهموا بارتكاب جرائم الحرب العالمية الثانية، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في اجتماعها المنعقد في الحادي عشر من ديسمبر سنة 1946م، قراراً أكدت فيه أن منظمة الأمم المتحدة تتشبث بالمبادئ التي اعتمدتها وتبنتها محكمة نورمبورغ لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان وتعتبرها اللبنة الأساس سعياً نحو تطويرها لتشكل تقنيناً دوليا متكاملاً في المجال الجنائي الدولي([12])؛
وبناء على قرار الجمعية العامة، تم إنشاء لجنة خاصة في الحادي عشر من نوفمبر 1946م، أنيطت بها مهام رصد وتتبع التطورات المستمرة التي يعرفها القانون الدولي بشكل عام قصد تحديث أحكامه، أعقبه قرار آخر من الجمعية نفسها بإنشاء لجنة دائمة (لجنة القانون الدولي) في الحادي والعشرين من نوفمبر 1947م، أسندت إليها مهمة إعداد مشروع تقنين للجرائم ضد السلام وأمن الإنسانية على ضوء مخرجات محاكمات نورمبورغ.
فما هي أهم المبادئ التي أفرزتها محاكم نورمبورغ وطوكيو؟
– كل شخص يرتكب فعلاً يشكل جناية على ضوء قواعد القانون الدولي، يسأل عن فعله ويطبق عليه القانون: هذا المبدأ يكرس قاعدة أساسية في التشريع الجنائي، وهي قاعدة “شخصية المسؤولية الجنائية” التي تقع على الأفراد في الجرائم الدولية وما يتفرع عنها من عقاب؛ وبمعنى آخر، أن ما استقر عليه العمل في القانون الجنائي الدولي قائم على فكرة “المسؤولية الفردية” عن الجرائم الدولية؛
– إن عدم معاقبة القانون الوطني لعمل يعتبره القانون الدولي الجنائية بمثابة جناية، لا يمنع مسؤولية فاعله في القانون الدولي؛ أي أن كل فعل جنائي مسَّ بمصلحة دولية يحميها القانون الجنائي الدولي لم يتعرض له القانون الوطني بالمساءلة، فمن حق القانون الدولي أن يتدخل لاتخاذ ما يلزم من تدابير لمواجهة هذا الفعل.
وهذا المبدأ وإن كان يوحي بالإجهاز على فكرة سيادة الدول، لكن العمل الدولي اليوم يقوم على فكرة التكامل بين القضاءين الوطني والدولي؛ أي كل عمل يعتبر جناية دولية يجرمه القانون الوطني ويعاقب عليه، فالأولوية للقانون الوطني بما لا يتناقض مع روح القاعدة القانونية الدولية السامية على نظيرتها الوطنية، لكن غياب هذا المقتضى في القانون الوطني، فالولاية تثبُت للقانون الدولي.
– إن ارتكاب شخص لجناية دولية بصفته رئيس دولة أو حاكما لا يعفيه من المسؤولية التي أقرتها قواعد القانون الدولي، ذلك أن التمسك بما يُعرف بـــالصفة الرسمية وما يقترن بها من “حصانات” للإفلات من العقاب، لا يقره القانون الدولي في مجال الجرائم الدولية. وهو المبدأ الذي تم إدراجه ضمن بنود النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛
– إن ارتكاب شخص لجريمة دولية بناء على أمر من حكومته أو من رئيسه المباشر أو غير المباشر في التسلسل الوظيفي للشخص، لا يعفي هذا الأخير من الوقوع في خانة المسؤولية عن الفعل وفق قواعد القانون الدولي، شريطة أن يكون له الخيار في قبول الأمر الصادر إليه من عدمه. وهذه القاعدة كانت أصلاً من أبجديات القانون الجنائي العام، قاعدة “عدم جواز الدفع بطاعة الرئيس الأعلى للإفلات من المسؤولية إلا في حالة الإكراه”، وقد يبدو ظاهرياً أن في الأمر تفاوتا ما بين القانونين الجنائيين الوطني والدولي، لكن ما سار عليه العمل الدولي أن قيام الجريمة الدولية -ولفظاعتها- يسقط ذريعة التمسك بالأوامر العليا؛
– كل شخص اتُّهم بارتكاب جريمة دولية يضمن له القانون الدولي كافة حقوقه في الخضوع لمحاكمة عادلة، إن على مستوى الوقائع أو على مستوى القانون؛
– تعامل الجرائم التالية على أنها جرائم دولية، وهي: الجرائم ضد السلم، وجرائم الحرب بما تعكسه من انتهاكات تطال قواعد وأعراف الحروب، والجرائم ضد الإنسانية، وهي الجرائم التي ثبَنّتها محكمة نورمبورغ، وصنفت تقليديا على أنها جرائم دولية، وإن كان هذا التصنيف سيطاله نوع من التغيُّر مع صدور نظام روما الأساسي عندما تحدث عن أربع جرائم دولية؛
– الاشتراك في ارتكاب إحدى الجرائم الدولية الثلاث التي أفرزها نظام نورمبورغ يشكل جناية في مفهوم القانون الدولي؛ أي أن ذات العقوبة تطبق على الشريك كما الفاعل الأصلي، وذات الدرجة من المسؤولية على قدم المساواة.
هذه المبادئ السبعة إذن اعتمدتها الأمم المتحدة وأدرجتها ضمن التشريع القانوني الجنائي في المرحلة اللاحقة لمحاكمات نورمبورغ وطوكيو، بل وشكلت روح منطوق نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية([13]). وقبل ذلك سارت على نهجها اتفاقية تجريم إبادة الجنس البشري في التاسع من ديسمبر سنة 1948م، والتي أقرتها الجمعية للأمم المتحدة بالإجماع، ويوماً واحدا قبل إقرار الإعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر من ديسمبر لعام 1948م.
لقد جاء في ديباجة اتفاقية تجريم الإبادة تلك ما يلي: “إن جناية الإبادة هي من جنايات القانون ضد البشر، وهي تتناقض مع روح الأمم المتحدة ومبادئها وغاياتها، وأن العالم المتمدن يدينها”. كما أكدت، في مادتها الأولى، على ضرورة عمل الدول على تكثيف الجهود لمحاربتها، سواء أارتكبت هذه الجريمة أثناء السلم أم أثناء الحرب. ذلك أنها تقوم، حسب المادة الثانية، بمجرد ما أن يكون القصد من ارتكابها إفناء جماعة وطنية، أو سلالة عرقية، أوطائفة دينية. بل إن الاتفاقية، حسب المادة الثانية دائماً، عددت تلك الأفعال –على سبيل التوضيح- في:
- قتل أفراد من المجموعة؛
- الاعتداء الخطير على سلامة الفريق الجسدية أو الروحية؛
- إخضاع المجموعة، بصورة عمدية، لظروف حياة تقود إلى الإفناء الجسدي كلياً أو جزئياً؛
- التدابير الرامية إلى إعاقة المجموعات في هذه المجموعة؛
- نقل الأولاد القاصرين من مجموعة إلى أخرى.
يلاحظ من هذه البنود وغيرها من البنود اللاحقة، أن هذه الاتفاقية استقت روحها من نظام نورمبورغ، وأضافت لبنة أخرى للبناء الذي ينجزه المجتمع الدولي، بقيادة الأمم المتحدة، للخروج بمنظومة قانونية جنائية دولية مستقلة.
وكأولى الخطوات التي أقدمت عليها لجنة القانون الدولي في موضوع تقنين قواعد الدولي الجنائي الصدد مباشرة بعد إنشائها، أنها صاغت سنة 1954م، مشروع تقنين استندت فيها على مخرجات محاكمات نورمبورغ من المبادئ([14])، لكن -مع الأسف- ردَّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن عرضتها اللجنة أمامها([15]) خلال انعقاد دورتها السادسة في الفترة بين الثالث من شهر يونيو إلى الثامن والعشرين يوليوز 1954م. والحقيقة أن التدخل السافر والمتواصل للقوى العظمى لمواجهة مثل هذه المبادرات كان لغاية تعطيل إخراج منظومة قانونية وقضائية جنائية دولية إلى حيز الوجود. وهو المشروع الذي استند هو الآخر على أهم المبادئ التي تمخضت عن المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية، ومن جملتها:
- اعتبار الجرائم ضد السلام والأمن البشري من الجرائم الدولية، وأقرت مسؤولية الأشخاص الطبيعيين المتورطين فيها، ومن ثم وجوب معاقبتهم عنها(المادة الأولى من المشروع)؛
- تعداد -في ثلاث عشرة فقرة- الأفعال التي تشكل الجرائم المخلَّة بسلامة وأمن الدول، والجرائم ضد الانسانية، وجرائم الحرب، وأفعال المؤامرة والتحريض والاشتراك والشروع(المادة الثانية)؛
- إقرار المسؤولية الجنائية الدولية في حق مرتكب الفعل الجرمي الدولي، ولو كان رئيس دولة(المادة الثالثة)؛
- إقرار مسؤولية الفرد المرتكِب للفعل الجُرمي الدولي، والمتصرِّف بناء على أمر صدر له من حكومته أو من رئيسه الأعلى إلا إذا لم يكن في استطاعته رفض تنفيذ الأمر وقت تلقيه(المادة الرابعة).
وقد عملت الجمعية العامة على تعليق هذا المشروع إلى حين توصل الجماعة الدولية إلى تعريف دقيق ومحدد لجريمة “العدوان”([16])، وهو الشرط الذي أقحم العمل الدولي في هذا الباب في دوامة من التجاذبات الخلافية التي أججتها مصالح القوى الكبرى (وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والاتحاد السوفيتي السابق)، ومن ثم تعطلت مسيرة الدفع بالقانون الجنائي الدولي إلى البروز والاستقرار. وفُتح المجال حينها أمام تلك القوى -وغيرها- لارتكاب مجازر يشيب لها الولدان، على غرار ما اقترفته البلدان الاستعمارية من جرائم في مستعمراتها بالتقتيل والتهجير والحرق…قفزاً على كل الضوابط والقواعد التي تراعى عادة في الحروب والنزاعات (مثلاً: فرنسا في الجزائر والمغرب وغيرهما من البلاد الأفريقية، والعدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية، العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية واستوطانها…الخ).
المبحث الثاني:
مجلس الأمن الدولي وحدود سلطة تكييف العمل العدواني
في سنة 1966م، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار، يحمل رقم 2160، يحرم استخدام القوة في العلاقات الدولية، أعقبه سنة 1968م، تنظيم مؤتمر دولي بين الدول غير النووية (92 دولة) لمناقشة مستقبل الأمم، كرَّس التوجه الأممي في هذا الباب، عندما اتفقت الدول المؤتمرة على أن مستقبل الأمم لا يمكن أن يسوده الاستقرار والأمن إلا إذا اقتنع مجموع مكونات المجتمع الدولي بضرورة نبذ استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية([17]).
وبعد توقف أشغالها الذي استمر منذ سنة 1954م، استأنفت لجنة القانون الدولي أشغالها لتقنين القانون الدولي الجنائي، بموجب القرار 106/36 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1974م، ومن ثم بلورة مشروع عام وشامل لقضاء جنائي قائم الأركان، خاصة بعد نجاح الجمعية –نسبياً وفي نفس السنة- في صياغة مشروع تعريف مبدئي لجريمة “العدوان”([18])، واعتبار الأعمال العدوانية تندرج ضمن خانة الجرائم الدولية، لكن اعتراض بعض الدول –خاصة الولايات المتحدة الأمريكية- على هذا المفهوم كما تمت صياغته، رغم اتسامه بالوضوح في بنوده الثمان، أجهض مرة أخرى جهود لجنة القانون الدولي في المادة الجنائية الدولية، بل وأضفى نوعاً من الفتور على عمل اللجنة في المراحل اللاحقة، خاصة وأن المفترض أن ينحصر دورها في المجال القانوني، دون أن يعمل أي طرف على إقحامها في صراعات وأهوال السياسة الدولية وتقلباتها.
ورغم كل الاكراهات التي تعترض سبيل اللجنة، وكل المبادرات التي تم إقبارها في مهدها، لم تستسلم اللجنة، وأعادت المحاولة من جديد من أجل ترسيخ قواعد قضاء جنائي دولي، وذلك عندما عملت سنة 1983م، على وضع مشروع قانون قائم على مبدأ المسؤولية الجنائية للدول عن الجرائم الدولية، حاولت استكماله سنة 1984م، وإن كان لم يبتعد كثيراً عن الثوابت التي أقامت عليه مشروعها لسنة 1954م، والمؤسس هو الآخر على مخرجات محاكمات طوكيو ونورمبورغ، وحصر المسؤولية الدولية الجنائية على الأفراد فقط دون الدول([19]).
ولعل الجديد في مشروع لجنة القانون الدولي في المادة الجنائية الدولية لسنة 1984م، ما أقدمت عليه اللجنة من إضافتها لجرائم جديدة إلى قائمة الأفعال الثلاث –السابق ذكرها- والتي صنفت على أنها جرائم دولية، وهي: أفعال التمييز العنصري، والاعتداء الجسيم على البيئة، والعدوان الاقتصادي، والاتجار في المخدرات، وسيمت كل هذه الأفعال بسمة الجرائم الدولية. ليكون مفهوم الجريمة الدولية قد تم التوسع فيه ليشمل أصناف جديدة من الأفعال غير التقليدية([20]).
إن الفاصل الحاسم في مجال ترسيخ أسس متينة لقضاء جنائي دولي سيكون مع إطلالة سنة 1996م، عندما بدأ التحضير للمؤتمر الدولي الذي سينعقد حينها بمدينة روما الإيطالية، والذي سيشكل النظام الذي انبثق عنه، والمعروف بنظام روما (الذي استكمل كل مقوماته القانونية سنة 1998م)، المرجعية القانونية التي تقوم عليه اليوم المحكمة الجنائية الدولية، وهو النظام الذي استقى روحه من المشاريع القانونية، ومن الجهود السابقة للجنة القانون الدولي في هذا الصدد. ليتجسد في هيئة قضائية دولية جنائية دائمة ومستقلة، أصبحت واقعاً ملموساً مع استكمال التصديقات المطلوبة، لتشرع المحكمة في مزاولة مهامها في الفاتح من يونيو سنة 2002م.
مع استقرار النظام القانوني الدولي، أصبح اللجوء إلى الحرب أكثر تقييدا وتنظيما بعدما كانت تعتبر –أي الحرب- من الوسائل المهمة لفض المنازعات الدولية، ووسيلة لاستحصال الحقوق، إلى أن استقر المجتمع الدولي على مبدأ منع استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، وهو المبدأ الذي تم ترسيخه ضمن أسس وأركان روح ميثاق الأمم المتحدة.
المطلب الأول:
نحو تعريف “العمل العدواني”.
لقد بذلت منظمة الأمم المتحدة جهوداً لا يستهان بها من أجل وضع تعريف للفعل الذي يشكل “عدواناً” دولياً، وذلك خوفاً منها من أن يظل تعريفه رهين رؤى الدول المتنازعة، ووفقاً لأهوائها ومصالحها، فضلا عن ضرورة الحسم في تحديد هوية المعتدي، وذلك تمهيداً لتفعيل واتخاذ التدابير اللازمة وفق ما أورده ميثاق الأمم المتحدة بخصوص “الأمن الجماعي”. بما يستتبع ذلك من ترتيب المسؤوليات، وإقرار العقوبات المناسبة في حقه، وكل ذلك في إطار جماعي منظم ومضبوط قانوناً([21])؛
ويمكن أن نقول بأن أول خطوة اتسمت بالجدية في تعريف “العدوان” ارتبطت بالقرار الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة، الغاية منه تشكيل لجنة خاصة لدراسة أشكال العدوان، وأثر ذلك على حفظ السلم والأمن الدوليين. وبالفعل اجتمعت هذه اللجنة وباشرت أعمالها لمدة سنة زمنية (1953-1954م)، لكن، مع الأسف، كان الإخفاق حليفها، بعد أن عجزت عن الوصول إلى صياغة مفهوم واضح ومحدد ودقيق لجريمة العدوان([22]).
وللمرة الثانية، وبالضبط في سنة 1967م، أعيد تشكيل لجنة أخرى، ولذات الغرض، وهي التي سعت إلى النجاح فيما أخفت فيه سابقتها، من خلال التعامل الأكثر جدية مع هذا الموضوع، حيث قامت ببحث الموضوع من كل زواياه، وخرجت بصياغة تعريف لأعمال العدوان، طُرح في صيغة قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والعشرين في 14 ديسمبر 1974م.ويتألف القرار الخاص بتعريف العدوان من ديباجة وملحق يحتوي على التعريف، ويتكون الملحق من ديباجة وثماني مواد([23]).
وفي ديباجة القرار، أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن اعتقادها العميق بأن الموافقة على تعريف العدوان سوف تسهم في تقوية السلم والأمن الدوليين([24]). كما دعت الديباجة جميع الدول إلى الامتناع عن جميع أشكال العدوان، واللجوء إلى أساليب القوة الأخرى بما يتنافى وميثاق الأمم المتحدة. كما ورد في ديباجة القرار أن السبب الذي جعل الجمعية العام للأمم المتحدة تتبنى تعريفاً للعدوان في هذه المرحلة، هو كون الأعمال العدوانية تشكل أخطر أشكال اللجوء إلى الاستخدام غير المشروع للقوة.
وفي هذا الإطار، وبمجرد الاعتماد الرسمي لتعريف العدوان لعام 1974م، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات عدة، منها على سبيل المثال –لا الحصر- اعتبار احتلال دولة جنوب أفريقيا لناميبيا سنة 1978م، غزوا يشكل عدواناً قائماً ضد الشعب الناميبي. كما أصدرت الجمعية عدة قرارات بشأن القضية الفلسطينية، أعلنت أنها استرشدت فيها بمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها التي تَعتبر أي احتلال عسكري لهذه الأراضي، ولو كان مؤقتاً، أو أي ضمٍّ لها، أو لجزء منها، عملا من أعمال العدوان([25]). ناهيك عن الأعمال التي وُصفت بالعدوانية، وذات الصلة بالهجومات الإسرائيلية على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وأيضاً على القرى والمدن اللبنانية عامي 1981م و 1982م، بل وامتدت إلى احتلال بيروت في يونيو 1982م. وفي قرارها 36/27 الصادر عام 1981م، أعربت الجمعية العامة عن انزعاجها من العمل العدواني الإسرائيلي على المنشآت النووية العراقية في السابع من يونيو 1981م.
من كل ما تقدم، يمكن أن نرصد أهمية الاهتمام الذي أولته الأمم المتحدة، عبر جمعيتها العامة، لتحدي وضع تعريف محدد ودقيق لجريمة العدوان قصد المساعدة على وضع معايير وضوابط تكييف الأفعال والممارسات الدولية التي يمكن أن تشكل عدوانا([26]). غير أن غياب إطار قانوني من شأنه أن يرتب مسؤولية الدول الجنائية، ناهيك عن هيمنة القوى الكبرى على دهاليز صنع القرار داخل الأمم المتحدة، كل ذلك جعل من قرارات وتوصيات الجمعية العامة في هذا الصدد مجرد دعوات للإدانة والاستنكار([27]).
وحتى يتسنى لنا أن نسِمَ جريمة العدوان على أنها جريمة دولية، ينبغي أن نتبيَّن أولا المقصود بالجريمة الدولية. فماذا يُقصد بمفهوم الجريمة الدولية؟
كما سبقت الإشارة في موضع سابق، تنحصر المهمة الأساسية للقانون الجنائي الدولي، كفرع من فروع القانون العام الدولي، في حماية المصالح الدولية، عن طريق توفير الحماية الجنائية لها، بعد أن كانت وظيفة القانون الدولي في صيغته التقليدية تنحصر في حماية بعض المصالح المحددة للدول. بل يمكن أن نقول بأن القانون الجنائي الدولي يعد انعكاساً جلياً لروح “قانون الشعوب” بحق؛
وجريمة العدوان عندما تناولها نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، إنما تناولها بخصوصيتها دوناً عن غيرها من الجرائم الخاضعة لولاية المحكمة، ومن زاوية إيجابية، على اعتبار أنها الجريمة التي لا تقوم إلا بقيام سلوك إيجابي قاد إليها، إذ لا يمكن تصور استكمال أركانها بسلوك سلبي. وهذا ما يتفق والتعريف الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما سعت إلى وضع تعريف للفعل العدواني في العمل الدولي، كما سبق وأن تناولها في موضوع سابق. هذا التعريف الذي اعتبر أن جريمة العدوان هي جريمة إيجابية، وذلك عندما استخدم –أي التعريف- عبارة “استخدام القوة- ولم يقل “أو التهديد بها”. وبالتالي لكي تتحقق كل مقومات جريمة العدوان، يجب أن يكون هناك فعل عدواني مادي، وليس مجرد التفكير أو إبداء النية أو التهديد([28]).
كما أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، نصت هي نفسها على تلك الايجابية، وذلك عندما أشارت إلى أن الجرائم التي تخضع لولاية المحكمة هي التي تشكل فعلاً من الأفعال الآتية، ومنها أفعال العدوان، ولم يقل “الامتناع عن فعل”([29]).
لا شك أن جريمة العدوان تعتبر من أخطر الجرائم التي ترتكب بحق المجتمعات البشرية والشعوب حتى وقتنا الحاضر، وهي أفعال تستجمع كل مقومات الجريمة الدولية([30]). ومما زاد الطين بلة أن لم تكن ثمة جهة قضائية دولية تناط بها مهمة النظر في هذا الصنف من الجرائم، حيث استمر الوضع والممارسة الدوليين على هذا الفراغ لفترة طويلة، إلى أن تم الإعلان، بعد مخاض عسير لا تزال آثاره الجانبية قائمة حتى اليوم، عن إنشاء هيئة قضائية دولية متخصصة في السابعة عشر من شهر يوليوز 1998م، وهي المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي.
وفي قراءة لبنود اتفاق روما، المعتبر بمثابة النظام الأساسي للمحكمة، والمتكون من ديباجة ومائة وثمان عشرين مادة، تستوقفنا المادة الخامسة باعتبارها الأساس القانوني لموضوع بحثنا هذا، والتي نصت صراحة على اختصاص المحكمة بنظر جرائم العدوان إلى جانب الجرائم الثلاث الأخرى التي سبق سردها.
ومعاهدة روما اعتبرت جريمة العدوان كأشد الجرائم خطورة، الأمر الذي يجعلها مثار اهتمام بالغ من لدن المجتمع الدولي، بل وشكلت محل إجماع عن خطورتها من كل مكونات هذا المجتمع([31]).
فما هي طبيعة المسؤولية المترتبة في حق مرتكب جريمة العدوان؟
منذ غابر الأزمان، وعلى ضوء كل التشريعات القانونية الجنائية الوطنية، يعتبر مبدأ المسؤولية الفردية أمراً شائعاً، هذه المسؤولية جعلتها هذه التشريعات تقوم على مقومات ثلاث: الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، بينما في التشريع القانوني الجنائي الدولي، والخصوص ما تم التنصيص عليه في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد تم إدراج المسؤولية الفردية الجنائية التي يسأل عنها الأفراد المرتكبين للجرائم المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام، ومنها جريمة العدوان، فرتَّب المسؤولية الجنائية على القادة والرؤساء والأفراد على السواء.
ومن جانبها نصت المادة الثامنة والعشرون على أنه: “بالإضافة إلى ما هو منصوص عليه في هذا النظام الأساسي من أسباب أخرى للمسؤولية الجنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة:
- يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة، نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة؛
- إذا كان ذلك القائد العسكري أو الشخص قد علم، أو يفترض أن يكون قد علم، بسبب الظروف السائدة في ذلك الحين، بأن القوات ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب هذه الجرائم؛
- إذا لم يتخذ ذلك القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة؛
وبتمعن بسيط في هذه المادة، وفي غيرها من مواد النظام الأساسي ذات الصلة، نجد أن المحكمة الجنائية الدولية تختص بنظر الدعوى متى كانت الجريمة موضوع الاتهام ارتكبت في إقليم دولة طرف، أو بمعرفة أحد رعايا هذه الدولة.
ومن اللافت للنظر، أن نظام روما الأساسي قد جاء بحكم قد لا يتسق مع قواعد المسؤولية الجنائية، وهو أنه في حالة ارتكاب شخص لجريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ومنها جريمة العدوان، لا يعفي الشخص من المسؤولية الجنائية، حتى وإن كان ارتكاب تلك الجريمة تنفيذاً أو امتثالاً لأمر صادر عن حكومة أو رئيس مدني أو عسكري، إلا في حالات محدودة جداً. مع ملاحظة أن المسؤولية الجنائية الفردية بالنسبة لجريمة العدوان لا تؤثر ولا تلغي مسؤولية الدولة بموجب القانون الدولي العام، وهذا ما أقره نظام روما الأساسي([32]).
المطلب الثاني:
التكييف ومخاوف تسييس العدالة الجنائية الدولية
على ضوء نظام روما دائماً، الذين يملكون حق رفع وإحالة حالات الجرائم التي تختص المحكمة في النظر فيها، هم:
- الدول الأطراف في معاهدة روما المنشئة للمحكمة؛
- مجلس الأمن الدولي، باعتباره الجهاز التنفيذي التابع للأمم المتحدة، وذلك عندما يمارس وظائفه على ضوء مقتضيات الفصل السابع من الميثاق؛
- المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من تلقاء نفسه([33])؛
- الدول غير الأطراف في نظام المحكمة الأساسي، شريطة إقرارها المسبق (أي تلك الدول) بقبول اختصاص المحكمة، كما كان حصل مع دولة ساحل العاج والسلطة الوطنية الفلسطينية…؛
وبالفعل، وبعد استكمال نظام روما إجراءات تفعيله، شرعت المحكمة الجنائية في نظر عشرات القضايا ومئات الملفات الدولية الجنائية؛ حيث عُرض أمامها العديد من المتهمين بارتكاب جرائم دولة، كما هو الأمر بخصوص جرائم الحرب اليوغوسلافية السابقة (ميلوزفيتش، وكاراديتش…)، وجرائم حرب دارفور…وغيرها([34])، وإن كانت المحكمة هي الأخرى لم تسلم من التقلبات السياسية وموازين القوى على الساحة الدولية مما يدفع بالبعض إلى القول بأن المحكمة تمارس سياسة الكيل بالمكيالين، خاصة وأنها تتغاضى عن تناول العديد من الجرائم التي تنضوي تحت ولايتها في العديد من مناطق العالم، حيث الانتهاك السافر لحقوق الانسان وحرياته الأساسية دون أن تتخذ ما يلزم من تدابير نظرها (العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية واللبنانية…).
وإذا كان نظام روما الأساسي قد حدد الجرائم التي تدخل تحت الولاية الاختصاصية للمحكمة الجنائية الدولية، وهي: جرائم ضد الإنسانية، والحرب، والابادة الجماعية، والعدوان، إلا أن هذه الأخيرة ظلت معلقة –كما سيأتي لاحقاً- في تفعيلها في غياب تعريف متفق عليه لفعل “العدوان” إلى حين انعقاد مؤتمر كامبالا سنة 2010م([35])، الذي أخذ على عاتقه مهمة وضع حد للجدل القائم حول هذا الموضوع. غير أن الصيغة التي خرج بها هذا التعريف وآليات ربط تحرك المحكمة بقيام جريمة العدوان جعل العديد من فقهاء القانون الدولي يرون فيه مساس باستقلالية المحكمة، خصوصاً إذا ما لا حظنا أن التسليم بوقوع عدوان من عدمه يدخل في دائرة اختصاص جهاز مجلس الأمن الأممي (وهو جهاز سياسي)، ومن ثم التقرير بانعقاد اختصاص المحكمة (وهي جهاز سياسي) من عدمه يجعل هذه الأخيرة تقع تحت رحمة المجلس، وهو الذي يسمح لها –أو لا يسمح- بالنظر في هذه الجريمة أو تلك([36]).
وفي علاقة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بأعمال العدوان، أجازت المادة الثانية من التعريف الذي صيغ في القرار أعلاه، أجازت للمجلس أن يكيف الاعتداءات المسلحة القائمة، وأن يتجنب إضفاء الصفة العدوانية عليها في حالة ما إذا رأى أنها لم تشكل خطراً جسيما يهدد السلم والأمن الدوليين([37]). لكنه بالمقابل، قيَّد هذا التعريف السلطتين التقديرية والتكييفية لمجلس الأمن بخصوص بعض الأعمال المسلحة، والتي أوردها القرار -حصراً- على أنها أعمال يجب على المجلس أن يعلنها عدوانية في جميع الحالات، وهذه الأعمال هي:
- قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى والهجوم عليه؛
- قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل؛
- حصار الموانئ لدولة أخرى؛
- مهاجمة القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية لدولة أخرى؛
- استخدام القوات المسلحة الموجودة على إقليم الدولة المضيفة بما يتعارض مع شروط اتفاق وجودها؛
- سماح دولة لدولة أخرى باستخدام إقليمها في العدوان على دولة ثالثة؛
- إرسال عصابات، أو جماعات مسلحة، أو قوات غير نظامية، أو مرتزقة من قبل دولة ضد دولة أخرى.
كل هذه الحالات الحصرية لا يملك مجلس الأمن صلاحيات تكييف ما إذا كانت تشكل أعمالا عدوانية من عدمه، بل يجب عليها اعتبارها كذلك بمجرد ما تستوفي كل المقومات المستعرضة.
ومادام أنه لا يمكن للمحكمة تحريك دعوى جنائية ضد دولة معتدية إلا إذا خلُص المجلس إلى تكييف سلوك تلك الدولة بأنه يشكل عدواناً، ولما كان مجلس الأمن الدولي محل انتقاد وموضع ملاحظات، إن على مستوى تركيبته أو على مستوى طريقة معالجته ومزاولته لمهامه واختصاصاته، فكون نظر المحكمة الجنائية الدولية لجريمة العدوان معلَّق على شرط إقرار مجلس الأمن بعدوانية الفعل من عدمه، وبالتالي أهلية المحكمة من عدمها في نظر الفعل وما استتبعه من نتائج، لهو أكبر مظهر من مظاهر تسييس لمؤسسة يفترض فيها القانونية والحيادية، وبالتالي ضرب لروح العدالة الدولية الجنائية المجردة التي كانت هذه المحكمة إحدى آليات إقرارها وحمايتها، بعد مخاض جد عسير بسبب التجاذبات السياسية التي أخرت ميلاد هذا الصَّرح، والذي ينبغي على المجتمع الدولي بذل أقصى الجهود للحيلولة دون وقوعه –أي الصَّرح- مرة أخرى تحت نيران الصراع الدولي الملتهبة ومن ثم “تحريره” من براثن القوى الكبرى. ولا أدل على ذلك الحصانة التي تمتلكها اليوم إسرائيل للتنصل من ولاية المحكمة الجنائية الدولية عن عدوانها المستمر بسبب الحماية الأمريكية لها (والتي لم تعد سراً من أسرار اللعبة الدولية) داخل مجلس الأمن.
خــــــــــــــاتمة
من خلال ما تقدم، يمكن أن نستخلص النتائج الآتية:
- نظام روما الأساسي جاء بمجموعة من المبادئ، ومنها عدم الاعتداد بالصفة الرسمية، أو بالحصانات التي يتمتع بها الأشخاص في الدول، بل إنه ساوى بين رئيس الدولة أو الحكومة بالجندي البسيط في الميدان عندما يحين وقت المساءلة عن ارتكاب جريمة العدوان؛ مع عدم استثناء أي موظف في الدولة له علاقة بالجريمة من قريب أو بعيد، وسواء أكان مخططاً، أم معداً لها، أم مشاركاً في تنفيذها، فضلاً عن إصداره أمراً بارتكابها، وهم بذلك يعتبرون جميعهم مسؤولين عن ارتكاب جريمة العدوان، وبالتالي مقاضاتهم عنها على اختلاف مراكزهم داخل الدولة؛
- القانون الدولي الجنائي أضحى يخاطب الفرد مباشرة، بل ويخضعه للمساءلة من قبل هيئة قضائية دولية، وهو المستجد الذي يشكل تحولا جذرياً ومهماً في الاعتراف للفرد بالشخصية القانونية الدولية؛
- هذه المقتضيات الجديدة يمكن أن نعتبرها أحد مظاهر انهيار لنظرية سيادة الدولة، ومن ثم الهيمنة على إرادتها؛ أي الدولة، والتدخل في ما كان من صميم السلطان الداخلي للدولة.
مع كل ما تقدم، فإن عدم تحديد مفهوم للعدوان يبقي الباب مفتوحا على مصراعيه للاجتهاد والتنظير، وذلك في دائرة مصالح القوى العظمى المهيمنة على المجتمع الدولي.
– أشرف، محمد لاشين، الجهود الدولية في التصدي لجريمة العدوان، مركز الاعلام الأمني، المنامة 2014.
– الشريف، باديس، دور مجلس الأمن في تفعيل العدالة الجنائية الدولية، بحث لنيل شهادة الماجستير، جامعة عباس لغرور، خنشلة، الجزائر 2010-2011.
– بدر محمد، هلال ابو هويمل، جريمة العدوان في القانون الدولي، دراسة قدمت لاستكمال متطلبات النجاح في مساق القانون الدولي للعام الجامعي 2012-2013، جامعة ال البيت، كلية الدراسات العليا، الأردن، تشرين الأول 2013.
– محمد، عبد المنعم عبد الغني، الجرائم الدولية في القانون الدولي الجنائي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2007.
– منى، محمود مصطفى، استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي بين الخطر والإباحة، دراسة تحليلية لتطبيقات المساعدة الذاتية في المجتمع الدولي المعاصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.
– منتصر، سعيد حمودة، المحكمة الجنائية الدولية.. النظرية العامة للجريمة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الطبعة الثانية، الإسكندرية،2011.
– محمد أحمد، داود، الحماية الأمنية للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني، رسالة دكتوراه، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، 2014.
– محمد، صافي يوسف، الإطار العام للقانون الدولي الجنائي في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012.
– عــادل، ماجــد، المحكمــة الجنائيــة الدوليــة والســيادة الوطنيــة، مركــز الدراســات السياســية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، القاهرة 2011.
– عبد االله، علي عبو سلطان، دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الإنسان، دار دجلة، الطبعة الثانية، عمان2015.
– عصام، عبد الفتاح مطر، القضاء الجنائي الدولي .. مبادئه، قواعده الموضوعية والإجرائية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية،2013.
– علي عبد القادر، القهوجي، القانون الدولي الجنائي، الطبعة الثانية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2011.
– حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989.
– سهيل، حسين الفتلاوي، جرائـم الحـرب وجرائـم العــدوان، موسـوعة القـانون الـدولي الجنــائي-، الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان 2011.
– لجنة الصياغة، مشروع قرار جريمة العدوان، المؤتمر الاستعراضي لنظام روما الأساسي، المحكمة الجنائية الدولية، الوثيقة رقمDC/RC/3، كامبالا، 11، يونيو 2010.
– هريست، إليزابيث ويلمز، وثيقة من أجل تعريف العدوان، مكتبة الأمم المتحدة السمعية البصرية للقانون الدولي، الأمم المتحدة، 2010.
– نشأت، عثمان الهللي، الأمن الجماعي الدولي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة عين شمس، القاهرة 1985.
– شعباني، هشـــــام، جــريمة العـدوان فـــــي ضــــوء تعــديـل القانـون الأســـاسي لرومـا، مــذكرة مقــــدمة لنيـــــل شهــــــادة الماجستير في القــــــانون الجنــــــائي الدولي، جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي-، الجزائر 2012-2013.
– تقرير الفريق العامل المخصص لجريمة العدوان لشهر مارس 2009 في الوثائق الرسمية لجمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الدورة السابعة، الاستئنافين الأول والثاني، نيويورك، 19-23 يناير، و09-13مارس 2009، منشور المحكمة الجنائية الدولية، (Add/20/7/ICC-ASP)، الفصل الثاني، المرفق الثاني، التذييل الأول.
– ضاري، خليل محمود، المحكمة الجنائية الدولية.. هيمنة القانون أم قانون الهيمنة، منشأة المعارف، الإسكندرية2008.
– نصر الدين، بوسماحة، المحكمة الجنائية الدولية، شرح اتفاقية روما مادة مادة، الجزء الأول، دار هومة، الطبعة الثانية، الجزائر 2016.
– الخلايلة، ياسر، صلاحية دعي عام المحكمة الجنائية الدولية في بيات مدى استقلاله بين النص والتطبيق، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد 22، العدد 16، 2013.
– الخلايلة، ياسر، صلاحية دعي عام المحكمة الجنائية الدولية في بيات مدى استقلاله بين النص والتطبيق، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد 22، العدد 16، 2013.
– محمد هشـام، فريجـه، جريمة العدوان في منظور القانون الدولي الجنائي، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، العدد 2، السنة الخامسة، يونيو 2017 م.
– فرانسوا، يونيون، الحرب العادلة وحرب العدوان والقانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر 2012.
– رشيد، العنزي، محاكمة مجرمي الحرب في ظل قواعد القانون الدولي، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة15،العدد1،مارس سنة2001.
– لطفي، كينة محمد، مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دفاتر السياسة والقانون، العدد 14، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، يناير 2016.
– تقرير الفريق العامل المعني بجريمة العدوان، المؤتمر الاستعراضي لنظام روما الأساسي، المحكمة الجنائية الدولية، الوثيقة رقم RC/5، كمبالا، 10 يونيو 2010.
– كمال، حماد، جريمة العدوان إحدى الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ضمن الندوة العلمية: المحكمة الجنائية الدوليـة.. تحدي الحصانة، كلية الحقوق، جامعة دمشق، من 3 -4 تشرين الأول، 2010.
– محمد هشـام، فريجـه، جريمة العدوان في منظور القانون الدولي الجنائي، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، العدد 2، السنة الخامسة، يونيو 2017 م.
– فرانسوا، يونيون، الحرب العادلة وحرب العدوان والقانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر 2012.
– رشيد، العنزي، محاكمة مجرمي الحرب في ظل قواعد القانون الدولي، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة15، العدد1، مارس سنة2001.
– لطفي، كينة محمد، مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دفاتر السياسة والقانون، العدد 14، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، يناير 2016.
– تقرير الفريق العامل المعني بجريمة العدوان، المؤتمر الاستعراضي لنظام روما الأساسي، المحكمة الجنائية الدولية، الوثيقة رقم RC/5، كمبالا، 10 يونيو 2010.
– كمال، حماد، جريمة العدوان إحدى الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ضمن الندوة العلمية: المحكمة الجنائية الدوليـة.. تحدي الحصانة، كلية الحقوق، جامعة دمشق، من 3 -4 تشرين الأول، 2010.
-Politis, Mauro, Le statut de Rome de la cour pénale internationale, le point de vue d’un négociateur, R.G.D.I.P. 45, Ed. Pedone A. Paris 2011.
– Ottavio, quirico, Réflexions sur le système de droit international pénal la responsabilité «pénale» des états et des autres personnes morales par rapport à celle des personnes physiques en droit international, Thèse pour le Doctorat en Droit, Université des sciences sociales – Toulouse 1, faculté de droit, 13 décembre 2005.
-vespasion, Pella, la codification du droit international, P.G.D.I, Paris, 1952.
-Veronique Michele, Metangmo, Le crime d’agression : recherches sur l’originalité d’un crime a la croisée du droit international pénal et du droit international du maintien de la paix, Thèse Pour obtenir le grade de Docteur en droit, Université du Droit et de la Sante – Lille II, 2012.
[1]– سهيل، حسين الفتلاوي، جرائـم الحـرب وجرائـم العــدوان، موسـوعة القـانون الـدولي الجنــائي-، الجزء الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان 2011، ص 125.
[2]– لجنة الصياغة، مشروع قرار جريمة العدوان، المؤتمر الاستعراضي لنظام روما الأساسي، المحكمة الجنائية الدولية، الوثيقة رقمDC/RC/3، كامبالا، 11، يونيو 2010.
[3]– فرانسوا، يونيون، الحرب العادلة وحرب العدوان والقانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر 2012، ص 24-37.
[4]-vespasion, Pella, la codification du droit international, P.G.D.I, Paris, 1952, P 225.
[5]– عــادل، ماجــد، المحكمــة الجنائيــة الدوليــة والســيادة الوطنيــة، مركــز الدراســات السياســية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، القاهرة 2011، ص 48.
[6]– اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من قبل مؤتمر الأمم المتحدة بروما في يوليوز 1998م، ودخل حيز التنفيذ في الفاتح من يونيو 2002م
[7]– محكمة الجنايات الخاصة بيوغوسلافيا السابقة هي لجنة أسستها منظمة الأمم المتحدة بموجب القرار 827 الصادر عن مجلس الأمن في 25.05.1993، لمحاكمة مجرمي الحرب على الجرائم التي ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة، ومقرها في مدينة لاهاي الهولندية.
[8]– عبد االله، علي عبو سلطان، دور القانون الدولي الجنائي في حماية حقوق الإنسان، دار دجلة، الطبعة الثانية، عمان2015،ص127.
[9]– أشرف، محمد لاشين، الجهود الدولية في التصدي لجريمة العدوان، مركز الاعلام الأمني، المنامة 2014، ص ص 16-35.
[10]– عصام، عبد الفتاح مطر، القضاء الجنائي الدولي.. مبادئه، قواعده الموضوعية والإجرائية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2013، ص 93.
[11]– محمد، عبد المنعم عبد الغني، الجرائم الدولية في القانون الدولي الجنائي، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2007، ص 69.
[12]– رشيد، العنزي، محاكمة مجرمي الحرب في ظل قواعد القانون الدولي، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، السنة 15، العدد1، مارس سنة2001، ص ص 16-35.
[13]-Politis, Mauro, Le statut de Rome de la cour pénale internationale, le point de vue d’un négociateur, R.G.D.I.P. 45, Ed. Pedone A. Paris 2011, P 165.
[14]– علي عبد القادر، القهوجي، القانون الدولي الجنائي، الطبعة الثانية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2011، ص 58.
[15]– تضمن المشروع أربعة مواد كان القاسم المشترك بينها الاقتصار على مسؤولية الأشخاص الطبيعيين ورفض مسؤولية الدول باعتبارها أشخاصاً معنوية، كما أن المشروع لم يتطرق إلى العقوبات الواجب تطبيقها، ليفتقر بذلك إلى صفة التقنين الجنائي الدولي الدقيق.
[16]– هريست، إليزابيث ويلمز، وثيقة من أجل تعريف العدوان، مكتبة الأمم المتحدة السمعية البصرية للقانون الدولي، الأمم المتحدة، 2010، ص 15.
[17]– منى، محمود مصطفى، استخدام القوة المسلحة في القانون الدولي بين الخطر والإباحة، دراسة تحليلية لتطبيقات المساعدة الذاتية في المجتمع الدولي المعاصر، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص ص 124-126.
[18]-وهو المشروع الذي أعدته اللجنة الخاصة المعنية بتعريف العدوان، المنشأة عملا بقرار الجمعية العامة2330 (د – 22) المؤرخ في 18 ديسمبر 1967، الذي يتناول أعمال دورتها السابعة المنعقدة من 11 مارس إلى 12 أبريل 1974.
[19]-Ottavio, quirico, Réflexions sur le système de droit international pénal la responsabilité «pénale» des états et des autres personnes morales par rapport à celle des personnes physiques en droit international, Thèse pour le Doctorat en Droit, Université des sciences sociales – Toulouse 1,faculté de droit, 13 décembre 2005, PP 97-104.
[20]– منتصر، سعيد حمودة، المحكمة الجنائية الدولية .. النظرية العامة للجريمة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الطبعة الثانية، الإسكندرية،2011، ص 100.
[21]– نشأت، عثمان الهللي، الأمن الجماعي الدولي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة عين شمس، القاهرة 1985، ص 132.
[22]– بدر محمد، هلال ابو هويمل، جريمة العدوان في القانون الدولي، دراسة قدمت لاستكمال متطلبات النجاح في مساق القانون الدولي للعام الجامعي 2012-2013، جامعة ال البيت، كلية الدراسات العليا، الأردن، تشرين الأول 2013، ص 125.
[23]– شعباني، هشـــــام، جــريمة العـدوان فـــــي ضــــوء تعــديـل القانـون الأســـاسي لرومـا، مــذكرة مقــــدمة لنيـــــل شهــــــادة الماجستير في القــــــانون الجنــــــائي الدولي، جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي-، الجزائر 2012-2013، ص 141.
[24]– لطفي، كينة محمد، مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دفاتر السياسة والقانون، العدد 14، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، يناير 2016، ص ص 293-304.
[25]– محمد أحمد، داود، الحماية الأمنية للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني، رسالة دكتوراه، مطابع أخبار اليوم، القاهرة، 2014، ص 113.
[26]– تقرير الفريق العامل المخصص لجريمة العدوان لشهر مارس 2009 في الوثائق الرسمية لجمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الدورة السابعة، الاستئنافين الأول والثاني، نيويورك، 19-23 يناير، و09-13مارس 2009، منشور المحكمة الجنائية الدولية، (Add/20/7/ICC-ASP)، الفصل الثاني،المرفق الثاني،التذييل الأول.
[27]– ضاري، خليل محمود، المحكمة الجنائية الدولية.. هيمنة القانون أم قانون الهيمنة، منشأة المعارف، الإسكندرية2008 ص 147.
[28]-Veronique Michele, Metangmo, Le crime d’agression : recherches sur l’originalité d’un crime a la croisée du droit international pénal et du droit international du maintien de la paix, Thèse Pour obtenir le grade de Docteur en droit, Université du Droit et de la Sante – Lille II, 2012, PP 63-66.
[29]– محمد، صافي يوسف، الإطار العام للقانون الدولي الجنائي في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2012، ص 76.
[30]– حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص 124.
[31]– محمد هشـام، فريجـه، جريمة العدوان في منظور القانون الدولي الجنائي، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، العدد 2، السنة الخامسة، يونيو 2017 م، ص ص 457-496.
[32]– نصر الدين، بوسماحة، المحكمة الجنائية الدولية، شرح اتفاقية روما مادة مادة، الجزء الأول، دار هومة، الطبعة الثانية، الجزائر 2016، ص 59.
[33]– الخلايلة، ياسر، صلاحية دعي عام المحكمة الجنائية الدولية في بيات مدى استقلاله بين النص والتطبيق، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد 22، العدد 16، 2013، ص ص 27-46.
[34]– وتجدر الإشارة إلى أن الاختصاص الزمني للمحكمة حددته أنظمة في الجرائم الدولية التي ارتكبت بعد إقرار نظام روما سنة 1998م
[35]– تقرير الفريق العامل المعني بجريمة العدوان، المؤتمر الاستعراضي لنظام روما الأساسي، المحكمة الجنائية الدولية، الوثيقة رقم RC/5، كمبالا، 10 يونيو 2010.
[36]– كمال، حماد، جريمة العدوان إحدى الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ضمن الندوة العلمية: المحكمة الجنائية الدوليـة.. تحدي الحصانة، كلية الحقوق، جامعة دمشق، من 3 -4 تشرين الأول، 2010 ،ص ص 270-276.
[37]– الشريف، باديس، دور مجلس الأمن في تفعيل العدالة الجنائية الدولية، بحث لنيل شهادة الماجستير، جامعة عباس لغرور، خنشلة، الجزائر 2010-2011، ص 167.