دور الحركة العمالية النيجيرية في التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية
د. أشرف محمد حسن حسب الله. جمهورية مصر العربية
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 20 الصفحة 11.
مقدمة:
يوجد اثنان من التنظيمات العمالية المركزية في نيجيريا في الوقت الحالي وهما: مؤتمر العمل النيجيري، والذي يمثل صغار العمال، ومؤتمر اتحادات العمال بنيجيريا* وهو تنظيم يضم كبار الموظفين، والتنظيمين العماليين لهما عضوية منفصلة، وكلا منهما لديه عدد من الاتحادات المنتسبة له في مختلف قطاعات الاقتصاد، ولديهم فروع في الشركات الرسمية وكذلك شركات القطاع العام، وتجس الفروع نبض العمال، وتقرر أو تبلغ عن أعمال الظلم لمقرهم الوطني، وفى المقابل تتوسط الحكومة العلاقة بين أصحاب العمل ومؤتمر العمل النيجيري، والنهج الذي تقره الدولة من سياسات، وبالنظر في خلفية استئناف الحياة السياسية لتطبيق الديمقراطية الليبرالية، وإستراتيجية الحكومة لمكافحة سياسات العمال يلاحظ أن ذلك يتوافق جزئيا بأنها سياسة فرض نظام وتمر بمرحلة انتقالية.
وفي السعي إلى تشكيل شروط للمناقشة في الحياة السياسية، فإن النظام السياسي (سواء من العسكريين والمدنيين) قد تدخل بشكل انتقائي في تنظيم الحركة العمالية النيجيرية وبشكل خاص في مؤتمر العمل النيجيري من أجل تنظيم العلاقات الخارجية والداخلية للتنظيمات النقابية، واستطرادا نطاق وطبيعة مطالب العمال السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحققت خلال عملية الانتقال إلى الحكم المدني تعتبر جيدة بالنسبة للنظام الحالي لسياسات العمالة، على الرغم من التعددية السياسية والاقتصادية والدينية والإثنية داخل المؤتمر.
واستطرادا تتمثل الحركة العمالية النيجيرية في مؤتمر العمل النيجيري ، حيث عملت الحكومة النيجيرية على تأسيس مؤتمر العمل النيجيري من خلال تعديل مرسوم الاتحاد العمالي رقم 2 في 28 فبراير 1978، وهو يضم اثنين وأربعين اتحادا من الاتحادات الصناعية، وفى المقابل يسعى مؤتمر العمل النيجيري إلى تحقيق أعلى مستوى من القرارات والأهداف والاستراتيجيات لتحقيق الديمقراطية، وهذا يتمثل في دور المؤتمر في التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية، ويتناول هذا البحث دور المؤتمر في التحول الديمقراطي من خلال محورين، يحتوى المحور الأول على: دور المؤتمر في التحول الديمقراطي، ويحتوى المحور الثاني على: دور المؤتمر في تعبئة الجماهير والمشاركة السياسية.
أولا. دور المؤتمر في التحول الديمقراطي:
تؤدي طبيعة مؤتمر العمل النيجيري دورا هاما في الكفاح من أجل الانتقال إلى الديمقراطية، وهذه الطبيعة هي نتاج من الأهداف والاستراتيجيات التي يسعى إليها، والتي من خلالها يستطيع أن يواجه سياسات الحكومة النيجيرية، والعمل على تعزيز الدور السياسي له، ويمكن فهم دور المؤتمر في التحول الديمقراطي من خلال ثلاث نقاط:
- دور المؤتمر في عودة الحكم المدني عام 1999[1]:
بدأت عملية الانتقال إلى الحكم المدني من خلال الرئيس أبو بكر عبد السلام الذي تولى السلطة بعد وفاة سانى أباتشا، وبرغم من الاستخدام المكثف لأساليب الإكراه من أجهزة الدولة بما في ذلك القتل، والمنفى الجبري للعديد من الشخصيات القيادية في الاتحادات العمالية، حافظت الاتحادات العمالية على الضغط المستمر من خلال الإضرابات ضد الحكومة للانتقال إلى الحكم المدني في 29 مايو 1999، وطبقا لذلك اعتبرت اتحادات مختلفة أن سياسات الحكومة تتناقض مع مصلحة الشعب، وتمثل هذا في مختلف الإضرابات التي نفذت للاحتجاج ضد الزيادة في أسعار المنتجات النفطية عن طريق قيام مؤتمر العمل النيجيري بالعمل على تكاتف الاتحادات المهنية وغير المهنية في نيجيريا، وإلى التحرك من أجل العودة إلى الحكم المدني عن طريق الإضرابات، وعمل المؤتمر على دعم هذه الاتحادات لضمان نجاح الإضرابات، مما اضطرت الحكومة إلى التفاوض، وإلى هبوط في الأسعار، بالإضافة إلى ذلك هبوط الزيادة العشوائية في أسعار المنتجات النفطية، وقامت أيضا الاتحادات الناشطة بمطالبة الحكومة بالحكم الصالح، واحترام سيادة القانون، والمصالحة الوطنية.
- دور المؤتمر في الإصلاح الدستوري:
منذ تم دمج المحميات الشمالية والجنوبية في نيجيريا في عام 1914 لتشكيل إقليم، الذي يعرف حاليا باسم نيجيريا، لم يكن هناك عملية حوار شامل يؤدي إلى العقد الاجتماعي أو الدستور المشروع، وفي الوقت نفسه مما يجعل من إصلاح الدستور مهما جدا في أي دولة، لأن الدستور هو القانون الأساسي الذي يعمل على التحكم في شئون الدولة، والذي يتضمن القواعد والاتفاقيات، وغيرها من الممارسات التي من خلالها الشعب يحكم نفسه، ودستور بلد ما لعله هو أهم أداة للحكم، لأن أي قانون آخر يتعارض مع أحكام الدستور يكون لاغيا وباطلا وليس له تأثير على الشعب، وجرى التأكيد على هذه النقطة بتقرير عن الديمقراطية في نيجيريا من قبل المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية (The International Institute for Democracy and Electoral Assistance) عندما ذكر أن هناك حاجة لعقد اجتماعي جديد، ليتم التفاوض بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص من خلال حوار وطني شامل[2].
ومن ثم ليس من المستغرب أنه منذ عودة الدولة إلى الحكم المدني في عام 1999، تبذل محاولات من خلال منظمات المجتمع المدني، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات الدولية والحكومة للشروع في عملية الحوار من أجل الإصلاح الدستوري، وبالرغم من هذه المحاولات، لم يكن الدستور المقترح للدولة في نوفمبر 2004 له شرعية، ولذلك من الضروري فهم تفاعلات الحوار من أجل الإصلاح الدستوري، ومن أجل تحسين عملية الحوار في المستقبل، لذلك قام مركز الديمقراطية والتنمية (The Centre for Democracy and Development) بتنظيم مؤتمر حول ” دستور 1999، ومستقبل الديمقراطية في نيجيريا “، وفي المؤتمر تم تشكيل منتدى المواطنين للإصلاح الدستوري (Citizens Forum for Constitutional Reform )، وهو ائتلاف من منظمات المجتمع المدني الملتزمة بالإصلاح الدستوري، وتشكل التحالف على ما يزيد على مائة عضو منذ تأسيسها، وكانت الرائدة في منتدى النقاش حول الإصلاح الدستوري في نيجيريا، ومنذ ذلك الحين والعديد من المنظمات تشارك في عملية الحوار، بالإضافة إلى هذه المبادرة من جانب مركز الديمقراطية والتنمية، قاد مؤتمر العمل النيجيري المبادرة التي ضمت أكثر من ثلاثين من منظمات المجتمع المدني وشبكات المجتمع المدني المؤيدة للديمقراطية، ونتيجة لقيادة مؤتمر العمل النيجيري هذه المبادرة أدى إلى نشر تقرير الديمقراطية التاسع 2001، وشمل لجنة الإصلاح الدستوري ستة مقاطع من التقرير التي قدمت مشروع قرارها، وناقشت واعتمدت في مؤتمر القمة الثاني للمجتمع المدني المؤيد للديمقراطية، والتي عقدت في 20-21 مارس 2002 في أبوجا[3].
ونظم المنتدى برنامجا تدريبيا لمدة سبعة أيام لجميع أعضاء اللجنة التوجيهية وموظفي الدولة والمسئولين في الأمانة العامة للمنتدى، من أجل التدريب على مهارات التفاوض، وإدارة الصراع، وصياغة مبادئ الدستور، وأيضا الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الأهلية في كل ولاية من ولايات الاتحاد، بالإضافة إلى ما سبق وافق المنتدى على المجالات التسع التالية الحاسمة، بوصفه المحور الرئيسي للتدخل في عمل إصلاح الدستور[4]:
– المواطنة وحقوق المواطنة.
– الاتحادية (لمعالجة الإفراط في تركيز السلطات في الوسط).
– مراعاة نوع الجنس في اللغة والمضمون في الدستور النيجيري.
– الفيدرالية المالية / التحكم في الموارد.
– عمل لجان مستقلة من الناحية الدستورية الراسخة.
– حرية التجمع وإنشاء الأحزاب السياسية.
– الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
– الوصول إلى العدالة وسيادة القانون.
– دور قطاع الأمن.
وقدم المنتدى مذكرة إلى لجنة الجمعية الوطنية على إعادة النظر في دستور عام 1999، وبالمثل قدم المنتدى مذكرات إلى اللجنة الرئاسية لأحكام وممارسة المواطنة، وحقوق الإنسان في نيجيريا، وبشأن الأمن الوطني في نيجيريا[5].
- دور المؤتمر في تعزيز الديمقراطية:
يتطلب تعزيز الديمقراطية في نيجيريا وجود عدة محاور ترتكز عليها، وفيما يلي عرض لمحورين، والتي عمل المؤتمر على تحقيقهما:
أ. احتجاج مؤتمر العمل النيجيري على برنامج التكيف الهيكلي:
يتجسد نموذج التنمية الرأسمالية في نيجيريا لبابا نجيدا حول برنامج التكيف الهيكليStructural Adjustment Programme) ) من خلال صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund) والبنك الدولي (World Bank) لحزم السياسات الاقتصادية، وفي هذه العملية كان دور الأمم المتقدمة هو العمل على التقسيم الدولي غير العادل للعمل، وبيع سلع العمال المصنعة، وتأمين المواد الخام، وتصدير رؤوس الأموال الفائضة لديهم في أقصى قدر من المنافع، وتدعوا أيضا الأمم المتقدمة إلى تحرير سياسات التجارة الحرة وإلغاء الدعم للدول الفقيرة مثل نيجيريا، وفى المقابل هم أنفسهم يعملوا على مراقبة تجارتها الخارجية والحفاظ على أنظمة الضمان الاجتماعي والدعم المختلفة[6].
وساهمت مشاركة مؤتمر العمل النيجيري في النقاش حول قرض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى هزيمة موقف الحكومة الذي كان من المقرر أن القرض بعد ذلك يعكس فرض برنامج التكيف الهيكلي، ولكنه في الممارسة العملية وبنفس الشروط التي يقدمها صندوق النقد الدولي للحصول على القرض واجه مقاومة قوية من مؤتمر العمل النيجيري، وعارضت أيضا اللجنة الوطنية لانتخابات المؤتمر باستمرار الجوانب الرئيسية لبرنامج التكيف الهيكلي على مختلف الأسباب، وأنه برغم من معارضة مؤتمر العمل النيجيري لنظام بابا نجيدا من السياسات والتدابير التقشفية المختلفة لبرنامج التكيف الهيكلي، لكنه يمكن القول بأن مؤتمر العمل النيجيري تنبأ ببرنامج التكيف الهيكلي من شأنه أن يفسد البلاد كما حدث بالتأكيد[7]، ولكي يعترض مؤتمر العمل النيجيري على سياسات الاقتصاد الكلي، والتي يرعاها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتحالفه مع مجموعات أخرى في عام 1985، يتوقف على تأثير السياسات على أعضاء الاتحادات المنتسبه له[8].
وعلى النقيض من الاستراتيجيات التي تتبعها الاتحادات الفردية في نيجيريا، واصل الاتحاد الوطني لاتحادات العمال محاربة تنفيذ برامج التكيف الهيكلي، الاتحاد الوطني الذي يمثل تقريبا كل إنتاج نيجيريا من العمال وهو مؤتمر العمل النيجيري، حيث في معظم فترة الثمانينيات لعب مؤتمر العمل النيجيري دورا نشطا في الاعتراض على فرض برامج التقشف، وفي تنفيذ ترتيبات التفاوض الجماعي، واتخاذ القرارات الناجحة في القطاعين العام والخاص، ووضع الحد الأدنى للأجور.
وبالإضافة إلى ذلك هدد قادة مؤتمر العمل النيجيري بإضراب عام بشأن شروط ونطاق ومدة برنامج التكيف الهيكلي (على سبيل المثال في ديسمبر 1989)، وبرغم من تشعب الانقسامات الأيديولوجية داخل المؤتمر، طبق الغالبية العظمى من قيادة مؤتمر العمل النيجيري الضغوط المستمرة على القادة العسكريين لنقل السلطة إلى القادة المنتخبين ديمقراطيا، وبعد وقت قصير من فترة النظام العسكري لبابا نجيدا، شكلت الحكومة لجنة رسمية للأكاديميين ورجال الأعمال وقادة الاتحادات العمالية من أجل مناقشة المستقبل السياسي لنيجيريا، وجاءت هذه اللجنة وعرفت باسم المكتب السياسي (Political Bureau)، وأسفرت عن تقرير مكون من 254 صفحة من التوصيات، واندرج التقرير تحت عنوان تقرير المكتب السياسي، في حين أن 30 من قادة مؤتمر العمل النيجيري حصلوا على مقعدين من أصل سبعة عشر مقعدا من اللجنة، وكان توجيه اللجنة فعال في صياغة التوصيات الرئيسية فيما يتعلق بالآتي:
– هيكل وطبيعة القطاع الصناعي – خصخصة الشركات المملوكة للدولة – هيكل العلاقات الصناعية – دور العمل المنظم في السياسة الوطنية.
وبالنسبة لهيكل وطبيعة القطاع الصناعي وإلى مسألة الخصخصة كانت قيادة مؤتمر العمل النيجيري فعالة في إقناع المكتب بتوصية قوية في تدخل الدولة (والملكية) في القطاعات الرئيسية للاقتصاد، على سبيل المثال في المقاطع 5.022 و 5.026 من التقرير رأى المكتب السياسي بأن الشركات المتعددة الجنسيات قد ساهمت في التنمية غير المتكافئة في نيجيريا، ومن أجل حل مشاكل التخلف، أوصى المكتب بالخفض التدريجي لدور الشركات المتعددة الجنسيات في اقتصاد نيجيريا من خلال سياسة تأميم منهجي لهذه الشركات (1987 أ ، الفرع 5063:58) في الفروع 5.032 و 5.043 ، وجاء في التقرير أيضا أن الشركات الأجنبية هي التي عملت على توطين المراسيم الصادرة لسنة 1972 و 1977، وخلص التقرير إلى أن تشديد القيود على الاستثمار الأجنبي سوف تكون ضرورية لتصحيح المشكلة، وعلاوة على ذلك أن أعضاء المكتب حذروا من إتباع الخصخصة، و حذروا أيضا من المبيعات والتحويلات من مؤسسات الدولة لرأس المال الأجنبي[9].
ب. دور مؤتمر العمل النيجيري في الدفاع عن الحقوق والحريات العامة:
قدم مؤتمر العمل النيجيري إسهامات ملموسة في الكفاح من أجل تحقيق الديمقراطية في نيجيريا، وتتميز هذه المساهمات لاسيما في المجالات التالية:
(1). حقوق الشعب:
ساهم مؤتمر العمل النيجيري بدرجة كبيرة في التنمية وضمان الحقوق الشعبية في نيجيريا، وقد اتسمت هذه المساهمات في الكفاح ضد النظام العسكري، وفي الكفاح من أجل الوصول إلى انتخابات شفافة وحرة ونزيهة، وفي المعارضة لعمليات التزوير الانتخابي الواسعة النطاق، ودوره في مراقبة الانتخابات، والمساهمة في النقاش حول المستقبل السياسي للدولة، وفي الكفاح من أجل فصل موظفي الخدمة العامة الفاسدين من مناصبهم، ومن الأمثلة البارزة في هذا السياق نمو وتطور التعليم، وتوعية الشعب النيجيري طوال فترة النظام العسكري من خلال مختلف المنشورات والنشرات، والتحالف بين اتحاد أعضاء هيئة التدريس للجامعات، وأجبر أيضا مؤتمر العمل النيجيري في عام 1984 نظام بوهاري إلى احترام حقوق الإنسان الأساسية، والإضراب العام من الاتحاد الوطني لعمال الغاز الطبيعي والبترول، ورابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا، التابعين لمؤتمر العمل النيجيري، الذي عمل على إلغاء الانتخابات العامة لعام 1993 من قبل بابا نجيدا، وعمل المجتمع المدني ومؤتمر العمل النيجيري في 28 و 29 مايو 2007، ومرة أخرى في يونيو 2007 إلى منع تزوير عمليات الانتخابات العديدة، التي ميزت هذا العام، وأيضا حملة مؤتمر العمل النيجيري في أواخر عام 2007، ومن ناحية أخرى ساهمت أعمال مؤتمر العمل النيجيري في الاستياء الشعبي من نظام بوهاري، والتي عملت على نهاية حكمه في أغسطس 1985، وأيضا أدت المعارضة المستمرة لمؤتمر العمل النيجيري إلى إنشاء لجنة الإصلاحات الانتخابية من قبل الحكومة[10].
وبعد إلغاء الانتخابات الرئاسية من قبل المجلس العسكري لبابا نجيدا في عام 1993، اجتمع فريق من لجنة العمل المركزية لمؤتمر العمل النيجيري في لاجوس في 28 يونيو، وأصدر هذا الفريق تفصيل نقدي لإبطال الانتخابات، وفي بيانه بعد اجتماع مؤتمر العمل النيجيري ألقى اللوم على الحكومة العسكرية لعرقلة الديمقراطية في نيجيريا، والعبث بالبرنامج الانتقالي، والتغاضي عن تجاوزات وإخفاقات السياسيين، بمن فيهم المرشحين للرئاسة، ومع هذا الإعلان لاق مؤتمر العمل النيجيري تأييد معظم مطالب الجماعات المؤيدة للديمقراطية والحركات الشعبية الأخرى ،وتمثل هذا التأييد في الاعتراض على سياسات النظام العسكري[11].
(2). حقوق العمال[12]:
دافع مؤتمر العمل النيجيري عن حماية حقوق العمال على مر السنين، على أساس تحقيق حقوق العمال، وشملت هذه الجهود ليس فقط حقوق العمال في مكان العمل، ولكن أيضا حقوقهم في المجتمع الأوسع، وقد شمل جزءا من الاستراتيجيات التي نشرها مؤتمر العمل النيجيري من خلال تعليم أعداد كبيرة من قيادته لهذه الحقوق، وتعليمها في المجتمع، وأنشأت أيضا المدارس الفكرية للعمال، وقد ساند مؤتمر العمل النيجيري البنوك عندما حشد 28 اتحاد من فروع مجالس 37 ولاية لمؤتمر العمل النيجيري إلى اعتصام من أجل بنك في عام 2002.
وفي يناير عام 2013 أصدر كلا من الاتحاد الوطني لعمال الغاز الطبيعي والبترول National Union of Petroleum and Natural Gas Workers (Nupeng) ورابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا Petroleum and Natural Gas Senior Staff Association of Nigeria (Pengassan) بيان بإضراب يستمر لمدة 3 أيام ، ويبدأ هذا الإضراب يوم 13 فبراير إذا لم يرجع زعماء الاتحادات العمالية إلى ممارسة عملهم ، والاعتراف بالحقوق النقابية التي أنشئت في جميع الشركات في المنطقة الحرة ، وفى المقابل وافق وزير العمل والإنتاجية الرئيس ايميكا ووجى Emeka Wogu ، ووافقت أيضا سلطة المنطقة الحرة للنفط والغازOil and Gas Free Zone Authority (OGFZA) والاتحادات على أن الشركات ستمنح 90 يوما للامتثال إلى الأحكام الواردة في قانون الشركات التي تتطلب السماح للاتحادات أن تكون ممارسة لأعمالها ، حيث تم اعتقال النقابيين في مارس 2012 ، فعلى سبيل المثال اعتقل الزعيم النقابيBayo Akende بايو أكيندى من قبل حكومة ولاية أويوOyo بسبب اتهامه بتعبئة العمال ضد الحكومة ، وقد اعتبر مفوض الشرطة تامبارى يابو محمد Tambari Yabo Mohammed أنشطته النقابية خللا للسلام العام[13].
(3). حقوق المرأة[14]:
لعب مؤتمر العمل النيجيري دورا بارزا في توسيع حقوق المرأة في نيجيريا، وتمثل هذا في مراجعة دستورها الخاص من أجل استيعاب المزيد من مشاركة المرأة في قيادة الاتحادات العمالية، ومن جانب آخر سعى مؤتمر العمل النيجيري للحد من مستوى التمييز الذي يواجه المرأة في مكان العمل وفي المجتمع الأوسع.
(4). حقوق الطلاب:
اتصف مؤتمر العمل النيجيري معظم فترته بأنه عمل على حماية حقوق الطلاب، وقد عمل مؤتمر العمل النيجيري في 1 يونيو 1986 على وضع حرية وحياة أعضاء من قياداته من أجل مواجهة سياسات الحكومة التعليمية[15].
وفى موقف آخر اشتبكت الحكومة ومؤتمر العمل النيجيري في مايو 1986 بعد فترة قصيرة من النزاع حول تحديد الحد الأدنى للأجور، وردا على ذلك بعض الطلاب من جامعة أحمدو بللو Ahmadu Bello University في زاريا لقوا مصرعهم على يد رجال الشرطة خلال مظاهرة قام بها الطلاب، الأمر الذي أدى إلى تضامن مؤتمر العمل النيجيري مع الطلبة، ودعا مؤتمر العمل النيجيري إلى الإقالة العاجلة لنائب المستشار أنجو أبيودوللاهى Ango Abudullahi مفوض الشرطة في ولاية كادونا Kaduna، وكذلك محاكمة رجال الشرطة المسئولين عن إطلاق الرصاص، كما دعا مؤتمر العمل النيجيري أعضائه إلى المشاركة في مسيرة سلمية من العمال لسخطه على إطلاق النار والتضامن مع الطلاب النيجيريين، وردت الحكومة على التأكيد مجددا على الحظر المفروض على المسيرة السلمية، وأمرت الحكومة الشرطة في جميع أنحاء الدولة أن تكون في حالة تأهب، في حين ألقى جهاز أمن الدولة القبض على عدد من القيادات العمالية البارزة[16].
(5). مؤتمر العمل النيجيري والقضايا الاجتماعية:
لم يساهم مؤتمر العمل النيجيري فقط في القضايا السياسية والاقتصادية، بل ساهم في التنمية الاجتماعية لنيجيريا، وفي هذا الصدد قام مؤتمر العمل النيجيري بصراعات على الصحة والتعليم والفساد والخدمات الاجتماعية بصفة عامة، وهذه المساهمات تم توثيقها في مختلف المنشورات ليس فقط في مؤتمر العمل النيجيري، ولكن في التنظيمات الأخرى[17].
وساهم المؤتمر في القضايا الاجتماعية، والذي كان دائما القائد من خلال صوته في القضايا التي تؤثر على الشعب، ويمكن استخلاص هذا الدور النشط الذي اتخذه المؤتمر من خلال الاحتجاج على بيع معامل تكرير البترول التي تمتلكها الحكومة، وحتى عندما ينظر إلى هذه القضية العمالية سواء أنها قضية اجتماعية أو أخلاقية فإنها لا تزال تواجه الحكومة، من ناحية أخرى قد اتخذت الحكومة قرارات على مبيعات معامل تكرير البترول لتحسين الاقتصاد، ولذلك نظم المؤتمر احتجاجا على الآثار الاجتماعية لهذه المبيعات، والتي تمثلت في خسارة في فرص العمل وتأثير مضاعف على المواطنين، ومثال آخر في هذا الدور وتمثل في التصديق على قائمة من الاقتراحات التي قدمها مؤتمر العمل النيجيري في مؤتمر المندوبين عام 2007 على نحو مطالب من الحكومة الاتحادية، وشمل اقتراح رقم (4) والذي كان يهدف إلى توفير ونقل المياه الصالحة لجميع النيجيريين[18].
وساهم أيضا المؤتمر في مجال التعليم من خلال اتخاذ تدابير تعمل على تنظيم التدريب والحلقات الدراسية، وورش العمل للمساعدة في تطوير وتعليم أعضائه، بصرف النظر عن مؤسسات التعليم التي نظمت دورة تدريبية لموظفيها، وعلى الجانب الآخر مؤتمر العمل النيجيري على الأرجح هو التنظيم الوحيد الذي نظم معظم برامجه التدريبية لأعضائه، وتم معرفة هذا الحصر من خلال الإحصاءات المتاحة بين عامي 1999 إلى 2004، حيث نظم مؤتمر العمل النيجيري نحو 134 عملا تضمن على ندوات وورش عمل وبرامج تدريبية، وبصرف النظر عن تعليم أعضائه، أيضا قدم مؤتمر العمل النيجيري اقتراح رقم (12) إلى الحكومة الاتحادية بمطالبتها بإصلاح قطاع التعليم، وفي الاقتراح رقم (14) طالب مؤتمر العمل النيجيري من الحكومة زيادة تمويلها للقطاع التعليمي في نيجيريا[19].
(6). مؤتمر العمل النيجيري والوحدة النقابية:
على الرغم من الجهود التي تبذلها الدولة لتقسيم وإضعاف مؤتمر العمل النيجيري حافظ المؤتمر على وحدته التنظيمية، وقد استرشد مؤتمر العمل النيجيري من رؤية أكبر من وحدة العمال، وهى وحدة الدولة، وهذا تمثل عندما اتخذت الحكومة تدابير أوباسانجو لإنشاء التنظيمات العمالية الأكثر مركزية، وفى المقابل احتج مؤتمر العمل النيجيري، وفي هذا الصدد هو مثال لدولة كيف يمكن الحفاظ على وحدتها كوحدة وطنية في مواجهة التنوع؟، وتمثل هذا في مؤتمر العمل النيجيري[20].
ومن ناحية أخرى عمل مؤتمر العمل النيجيري كمدافع عن المواطن المهمش، بوصفه منبع للقيم الأفضل في المجتمع النيجيري، وفي الواقع قد أعطى مؤتمر العمل النيجيري الأمل للغالبية العظمى من النيجيريين المستبعدين والمستغلين والمضطهدين إلى أفضل مكان في نيجيريا، وحتى أن الرجال والنساء المهمشين في نيجيريا عمل مؤتمر العمل النيجيري على حل مشاكلهم، وهذا ما يفسر إلى الملاحظة التي أبداها آدامز أوشيومهول في مؤتمر المندوبين في 2007 في أبوجا، حيث أن ما يقرب من جميع شركات النقل في نيجيريا عمل على تحقيق أهدافهم من خلال تيسير المواصلات والتحسين في سياراتهم، وبالتالي تتوقع نيجيريا أن مؤتمر العمل النيجيري يعمل عندما تكون الانتخابات مزورة، وعندما تكون أسعار الوقود متزايدة، وعندما لا تدفع الأجور، وعندما يلجأ الحكام إلى سرقة موارد الدولة، وعندما يتم اتخاذ بعض القروض الخارجية عن طريق غير مشروع، وعندما تكون الديون الخارجية وهمية، وفي الواقع مؤتمر العمل النيجيري فعال جدا طوال فترته، لدرجة أن الشعب يتوقع أن تكون الحكومة هي مؤتمر العمل النيجيري[21].
ثانيا. دور المؤتمر في تعبئة الجماهير والمشاركة السياسية:
أصبح مؤتمر العمل النيجيري عاملاً مهماً في التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويلعب دورا مهما في الكفاح ضد النظام العسكري، وعودة الحكم المدني إلى البلاد، وعلى الجانب الآخر يعمل على توعية العمال النيجيريين والشعب النيجيري من خلال تعبئة الجماهير والمشاركة السياسية.
- دور مؤتمر العمل النيجيري في الحوار الاجتماعي:
يتطلب الحوار الاجتماعي مشاركة إيجابية من الاتحادات العمالية، التي تمثل صوت أعضائها والمجتمعات ككل من خلال الدعوة لها، وتعتبر رابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا وكيلة للعدالة الاجتماعية، ويعتبرها النيجيريون واحدة من أكبر الاتحادات العمالية، وتمثل مشاركتها في إدارة الحوار كمختصة لفهم السلطات العامة من أجل التأثير في السياسات العامة، ومن ناحية أخرى تعمل مع منظمات المجتمع المدني الأخرى لتعزيز أعضائها ومصالح الشعب، وقد تناولت رابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا عدد من القضايا، والتي تمثلت في الآتي[22]:
أ. احتجت رابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا ضد خطة الحكومة على خصخصة شركة البترول الوطنية النيجيرية (Nigerian National Petroleum Corporation)، على أساس أنه ما كان هناك حاجة حقيقية للخصخصة، ولأن الشركة كانت مربحةَ جداً.
ب. أعربت عن رأيها بأن زيادة الأجازات تعمل على انعدام الأمن الوظيفي، والتي تضر بتطوير الاقتصاد النيجيري، ويثير ذلك أيضا القلق بشأن عقد العمل بصفة عامة، ولذلك دعت إلى وقف فوري لذلك.
ج. شجعت على استقلالية لجنة التفتيش على البترول ووزارة الموارد البترولية، لتعزيز سلامة وصحة العاملين في قطاع النفط، ودعت أيضا إلى زيادة مشاركة العمالة الوطنية في مجالات صناعة البترول النيجيري.
د. عملت على تشجيع وتنظيم تدفق العمال الأجانب معتبره أن الضوابط الأكثر تشددا ينبغي أن تطبق على العمال المغتربين، لكي يسمح للعمال الوطنيين العمل في مزيد من فرص العمل الماهرة، ودعت إلى الممارسات الجيدة في مجال التفاوض الجماعي والتطبيق العادل للاتفاقيات الجماعية في قطاع النفط، وبالتالي اتخاذ هذه القضايا في المجال العام، وطالبت أيضا التعامل على نحو أكثر إنصافا في دلتا النيجر لضمان النمو والتنمية في المنطقة، فضلا عن اتخاذ تدابير أمنية مستقرة في هذه المنطقة.
هـ. عملت على تعزيز العمل النقابي النشط على الصعيد الوطني، حيث بموجب قوانين الاتحادات العمالية النيجيرية لم يسمح لكبار الموظفين ليكونوا أعضاء في الاتحادات العمالية الوطنية (أي تابعة لمؤتمر العمل النيجيري)، وقد قامت رابطة كبار موظفي الغاز الطبيعي والبترول بنيجيريا بدور القيادة في حملة لكسب الاعتراف بمركز العمل المناسب لكبار الموظفين منذ الثمانينيات، وأيضا عندما أصدرت الحكومة قانون الاتحادات العمالية في عام 2005، ساندت مؤتمر اتحاد العمال من خلال الدعم القانوني، وعملت على انضمام عدد كبير من الجمعيات لكبار الموظفين في صفوفها.
- دور المؤتمر في تعبئة الجماهير والمشاركة السياسية:
منذ استقلال نيجيريا عام 1960 كان لكفاح العمال في الدولة له تأثير على العمل النقابي، وعلى الرغم من حالة الانحراف للنظام العسكري، فقد برز في تاريخ نيجيريا السياسي الاتجاه الديكتاتوري لمثل هذه الحكومة العسكرية، وكان اتجاه مؤتمر العمل النيجيري مهمة شاقة في التصدي للسياسات والبرامج التي لا تحظى بشعبية من هذه الأنظمة، ولذا يتعلق التحدي الأول المطروح لمؤتمر العمل النيجيري في كيف يمكن تعبئة الأعضاء لمقاومة البرامج القمعية، والتي لا تحظى بشعبية، والتي تقوم بها الحكومة العسكرية؟، وهناك أمثلة كثيرة لكيف عبئت اتحادات العمال وبطريقة ناجحة بهدف تحقيق تحريرهم وتحسينهم في الحالة العامة للأعضاء؟.
وتمثل هذا الدور في وصول مؤتمر العمل النيجيري إلى أعلى مستوى من الأنشطة النقابية في ظل الأنظمة العسكرية السابقة للجنرال جوون (1967-1975)، والجنرال أوباسانجو (1976-1979)، والجنرال بوهاري / إدياجبون (1984 – 1986) ، والجنرال بابا نجيدا (1986-1993)، ومن خلال نظام الجنرال أباتشا (1993-1998) والذي شهد مشاركة نشطة من جانب اتحادات العمال (التابعة لمؤتمر العمل النيجيري) في الكفاح معاً من أجل تحسين مستوى معيشة الأعضاء وإعادة الديمقراطية، على سبيل المثال ففي عام 1992 كان هناك استياء واسع النطاق في الدولة والذي تعرض فيه المواطنين للمضايقة والقمع والجوع[23].
ومن ناحية أخرى اكتسبت عملية إعادة الديمقراطية زخما في أوائل عام 1989، حيث أعلن قادة مؤتمر العمل النيجيري نواياهم لتشكيل حزب العمل على أساس سياسي، وفي ذلك العام كان معتمد حزب العمل النيجيري من قبل لجنة الانتخابات الاتحادية بأنه واحد من ستة أحزاب مؤهلة لخوض الانتخابات على مستوى الولايات والمستوى الوطني، وأكد قادة حزب العمل أن أحد المقاصد المركزية للعامل ستكون إنشاء قوة فعالة للمنافسة في عملية التكيف الهيكلي، ومع ذلك فإن مؤتمر العمل النيجيري كانت الأنشطة السياسية له غير متوافقة مع المسئولين في الحكومة الاتحادية.
الاستماع
قراءة صوتية للكلمات
القاموس – عرض القاموس المفصل
وأعلنت الحكومة في أكتوبر عام 1989، والتي تنظم نفسها بنفسها أن جميع الأطراف سوف تلغى ويتم استبدال اثنين يتم اختيارهم بواسطتها وبموافقة الأحزاب السياسية وهما: مؤتمر الجمهوري الوطني (National Republican Convention) والحزب الاجتماعي الديمقراطي (Social Democratic Party)، وفى ظل هذا الحدث كان المغزى واضحا من خلال أي وجود تنظيم سياسي يستند فقط إلى عضوية الاتحادات العمالية هو ببساطة غير مقبول، ولذلك قرر قادة العمل في مواجهة البيئة السياسية غير الملائمة، على مضض أن تلقي بثقلها لدعم الحزب الاجتماعي الديمقراطي.
وكان قرار الحكومة لإنشاء حزبين، يمثل عقوبات ليست الأولى كمثال على تدخل الدولة في الشئون السياسية لمؤتمر العمل النيجيري، حيث في فترات مختلفة الاستماعتم حظر الاحتجاجات والمسيرات السلمية للعمال أو التقييد المبرح على أيدي قوات الأمن الحكومية، وعلى الرغم من حدوث اضطهاد للعمال، والسيطرة الإستراتيجية المهيمنة في العمل في إطار نظام بابا نجيدا غالبا ما تتخذ شكل ضمان التوفيق داخل الحركة العمالية من خلال الحفاظ على علاقات مؤسسية، فعلى سبيل المثال لا تعترف الحكومة بالتشريعات العمالية سوى اتحاد واحد لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية، ويحظر أيضا المنافسة بين الاتحادات العمالية المختلفة للعاملين في القطاع نفسه، وكنتيجة طبيعية كل حزب سياسي داخل الحركة العمالية النيجيرية يسمح أن يكون له تمثيل في اللجنة التنفيذية لمؤتمر العمل النيجيري[24].
ومع ذلك فإن قيادة تنظيم العمل المركزي (مؤتمر العمل النيجيري)، كانوا متعاونين مع المجلس السياسي العسكري، وبالتالي لا يمكن لأي جهة أخرى إظهار أي مقاومة ضد الحكومة العسكرية، وعلى ضوء هذه الخلفية بدأ اتحاد أعضاء هيئة التدريس للجامعات بتنفيذ إضراب في جميع أنحاء الدولة في عام 1992 للمضي قدما في تحسين ظروف العمل لأعضائه، حيث ارتفاع مستوى الفقر بين الأعضاء عزز وحدة الهدف بين الأعضاء، وكان الإضراب ناجحاً إلى حد كبير من حيث المشاركة الإجمالية للأعضاء، وفى النهاية اضطر النظام العسكري للتفاوض مع الاتحاد.
وعلى هذا النحو كان مؤتمر العمل النيجيري خلال عهد بابا نجيدا (1986 – 1993) قادر على حشد أعضائه احتجاجا على الآثار السلبية لبرنامج التكيف الهيكلي، حيث أدى الاحتجاج إلى إدخال بعض إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تهدف إلى توخي الحذر من تأثير السياسات الاقتصادية على المواطنين، وأن برنامج التكيف الهيكلي قد أدى إلى الحرمان الاقتصادي للعمال النيجيريين، مما أدى إلى زيادة وعيهم الذي أدى إلى زيادة التشدد من جانبهم، وهذه الأعمال من جانب العمال من خلال اتحاداتهم أجبرت الحكومة على اتخاذ بعض إجراءات الإصلاح الاقتصادي خاصة في مجالات زيادة الأجور والرواتب.
وقام أيضا مؤتمر العمل النيجيري بدور هام في توعية أعضائه والجمهور العام ضد برامج الحكومة القمعية مثل الزيادة في أسعار النفط، وقد بينت التجارب السابقة على أنه في كل مرة تقوم فيها الحكومة بإحداث تغيير في سعر الوقود، يعمل مؤتمر العمل النيجيري على تعبئة أعضائه والجمهور العام لمقاومة هذا الإجراء.
ويتبين مما سبق أن أنشطة مؤتمر العمل النيجيري تزايدت في نيجيريا خلال مناخ الديكتاتورية الذي أظهرته النظم العسكرية، والذي له تأثير لدفع مؤتمر العمل النيجيري نحو زيادة التشدد أو التمرد، ومثل هذه الحكومة الديكتاتورية لا يمكن أن تتحمل الاتحادات النشطة، وبالتالي اضطرت إلى اللجوء إلى الترهيب والقمع من خلال إلقاء القبض على قادة الاتحادات والحظر التام للاتحادات الراديكالية، الأمر الذي أدى إلى تطرف هذه الاتحادات[25].
ومن ناحية أخرى ظهر مؤتمر العمل النيجيري في المعارضة إلى التجاوزات التي تميز السياسة النيجيرية منذ الاستقلال وحتى الثمانينيات، حيث خلال هذه الفترة بوضوح حرك طموحات الجماهير العريضة من الشعب، وعمل على تعبئة مشاعر الشعب النيجيري ضد انتهاكات النخبة الحاكمة، سواء كانت عسكرية أو مدنية، وتعبئة الرأي العام حول العمل نتيجة أسباب وطنية، وانتقد اتساع الفجوة بين الثراء من السياسيين والفقر لأغلبية النيجيريين، وأثار أسئلة بشأن الحصول أو تملك الأغنياء الخدمات الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى، على الرغم من ضعف مؤتمر العمل النيجيري في ذلك الوقت، بما في ذلك الشظايا الداخلية الناجمة عن الخلافات الإيديولوجية، وخلافات حول الانتماءات الدولية، والطموحات الفردية، والصراع على استخدام أموال الاتحادات، والخلاف على أشكال المشاركة السياسية الجماعية، والانتهازية داخل مؤتمر العمل النيجيري.
وطبقا لذلك فقد كانت جهود لشرح إنجازات مؤتمر العمل النيجيري وفهم أهميته المحتملة في حركة التحرر السياسي من الثمانينيات والتسعينيات، على سبيل المثال فقد كان يعزى فاعلية العمل لطبيعته كحركة اجتماعية وبصفته وسيلة للتعبئة الاجتماعية، وأيضا الأزمة في الدولة كثيرا ما يقال على أنها أزمة في علاقات العمل بسبب وجود نسبة كبيرة نسبيا من جرائم العمال في القطاع الرسمي، ولذلك كان لدى مؤتمر العمل النيجيري نمط العمل المنظم والخبرة السياسية الطويلة، وقدرته الهائلة على التعبير عن آرائه، وتعبئة القوى الشعبية لمواجهة النخبة الحاكمة، وهذا يعني أن أهمية مؤتمر العمل النيجيري تتمثل في هيكله الديمقراطي الداخلي، لأنه له قدرة فنية على التعبئة، كوسيلة لخلق مساحة من الحوار الديمقراطي، أو حتى العمل على تقييد الدولة[26].
خاتمة:
يساهم مؤتمر العمل النيجيري بشكل كبير في كفاحه من أجل تحقيق الديمقراطية، فقد أسهم في توسيع مفهوم الديمقراطية من الحقوق السياسية إلى الحقوق الاقتصادية، والحقوق الاجتماعية، وحرية الاختيار والمشاركة في الانضمام لأي عمل ووظيفة، والحق في تحسين الظروف المعيشية، والحق في حماية الصحة الاجتماعية، والحق في التدريب المهني، وكذلك الحقوق التي يحتاجها العمال لتحقيق هذه الحقوق الأساسية، وهي الحق في حرية النقابة والتفاوض الجماعي، والحق في الإضراب وحق العمال للمشاركة في حرية المعلومات، وليس هناك أي شك في أن اتحادات العمال تقدم إسهامات ايجابية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لدولهم، لذلك فإن إدخال تحسينات كبيرة في مستوى المعيشة للبشرية لا يمكن أن يتحقق دون تدخل العمال وتنظيماتهم، وهذه الحقيقة تؤكد على الحاجة لإيجاد اتحادات عمالية قوية وفعالة في كل دولة.
* يمكن الإشارة إلى مؤتمر اتحادات العمال بنيجيريا على أنه يضم 24 اتحادا من كبار الموظفين.
[1] Solomon O. Akinboye , Civil Society Organization and Transition Political in Nigeria a Retrospective Analysis of the 2007 General Elections , at :
http://www.filestudy.com/doc/Civil-Society-Organizations-in-Transition-Politics-in-Nigeria..html
[2] Otive Igbuzor , The Role of Constitution-Building Processes in Democratization , at : http://www.idea.int/conflict/cbp/
[3] Idem.
[4] Idem.
[5] Idem.
[6] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th , February 2008 , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[7] Idem.
[8] Funmi Adewumi and Jimi Adesina , Occupational Groups ” , in Oyeleye Oyediran , Adigun & A.B. Agbaje , ( eds.) , ” Nigeria : Polities of Transition and Governance 1986 – 1996 ” ( Dakar : Council for the Development of Social Science Research in Africa , 1999 ) , p.57.
[9] John P. Tuman , ” Organized Labor Under Military Rule: The Nigerian Labor Movement, 1985-1992 ” , Studies Comparative International Development ( New York : Transaction Publishers , Vol.29 , No. 3 , September 1994 ) , pp. 33 – 34.
[10] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th February, 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[11] Julius 0. Ihonvbere , ” Organized Labor and the Struggle for Democracy in Nigeria ” , African Studies Review ( Waltham : African Studies Association, Vol. 40, No.3, Dec 1997) , p.83.
[12] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th February, 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[13] International Trade Union Confederation (ITUC) , Countries at risk violations of trade union rights ( Geneva : International Trade Union Confederation (ITUC) , 2013) , p.44.
[14] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th February, 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[15] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua centre on 28th , February 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[16] A. O. Olukoshi and I. Aremu , ” Structural Adjustment and Labour Subordination in Nigeria: The Dissolution of the Nigeria Labour Congress Re-visited ” , Review of African Political Economy ( London : Taylor & Francis, Ltd. , Vol .15 , No. 43 , 1988 ) , p.106.
[17] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th , February 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[18] Emmanuel Obukovwo Okaka , ” The Contributions of Organized Labour to National Development- The Nigerian Experience , Journal of management sciences ( Edo : Faculty of Management Sciences, Ambrose Alli University, Ekpoma, Nigeria , Vol. 1, No. 1, December 2010. ) , p.91.
[19] Idem.
[20] Festus Iyayi , NLC at 30: Contributions to Development and National Liberation in Nigeria ” , Being Address Delivered at the 30th Anniversary of the Nigeria Labour Congress (NLC) at the Yar’Adua Centre on 28th , February 2008 ) , at :
http://www.nlcng.org/search_details.php?id=115
[21] Idem.
[22] Sola Fajana , Industrial Relations in the Oil Industry in Nigeria , ( Geneva International Labour Office , 2005 ) , pp. 33 – 34.
[23] John P. Tuman , op. cit. , pp. 35.
[24] Ibid. , pp. 35 – 36.
[25] Yusuf Noah , Trade Union Movement and Workers Emancipations Within The Context of Contrasting Political Climate in Nigeria , at : https://www.unilorin.edu.ng/unilorin/publications/union.htm
[26] E. Remi Aiyede , ” United we Stand : Labour Unions and Human Rights NGOs in Nigeria ” , Development in Practice ( London : Taylor , Francis Group , Vol.14 , No.1&2 , February 2004 ) , pp. 225 – 226.