النظرية التربوية الإسلامية والفلسفة البراغماتية
Educational Islamic theory and pragmatic philosophy
نورالدين أرطيع/جامعة محمد الخامس، المغرب
ArattaiNourddine/ Faculty of Education Sciences / Mohammed V University
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 64 الصفحة 141.
Abstract:
The purpose of this document is to reopen the debate on Islamic educational theory, from the point of view of its goals, sources and aims?
This theory is built on the Islamic norms of the Qur’an and the biography of the Prophet.
Many thinkers in different fields and specialties in the same field or even elsewhere (in others) have built theories. What challenges and questions this educational theory, from the point of view of its efficiency and effectiveness in reality in time, passes like in the present.
Likewise, Western theories have an important and primordial role on the functioning and the proliferation of this educational theory. In parallel with the technological development of the East. But the most important question that remains to be asked is:
-Did the Arab educational discourse have an independent theory in its definitions, with techniques and ends? or just hypotheses presented by Arab thinkers?– what are the limits of this theory in Arab educational discourse?
On the other hand, pragmatic philosophy has constituted a new concept in educational discourse. In general, this philosophy has been able to create an opportunity for the implementation of content and the launching of the results of any pedagogical-educational orientation based on healthy standards. And in particular, the school or educational establishment, as a sociological unit, aims to familiarize itself with the theories put into practice within its diverse entourage.
Thus, the pragmatic philosophy and an effective means to reduce the problem of referential duplication which has become an obstacle more than an achievement of efficiency and quality.
Keywords:
Arab-Muslim educational theory Arab educational discourse; the philosophy of Islamic education; educational perceptions; pragmatic philosophy; the new education.
ملخص :
سعت هذه الورقة إلى إعادة النقاش بشأن النظرية التربوية الإسلامية، من حيث الأهداف والغايات والمصادر، وهي التي قامت أساسا على القرآن الكريم والسنة النبوية، فتشكلت “نظريات” أسهم في تكوينها، العديد من المفكرين ذوي التخصصات المتنوعة والمتباعدة في الآن نفسه، ما يجعلها موضع تساؤل وشك، من حيث فعاليتها ونجاعتها على أرض الواقع قديما وحديثا، كما أن للنظريات الغربية دور بارز، في الحد من انتشارها واشتغالها، بالموازاة مع التطور التكنولوجي، والسعي المتواصل للانخراط في مجتمع المعرفة. لكن يبقى السؤال الأبرز؛ هل كان للخطاب التربوي العربي نظرية تربوية قائمة الذات، لها مفاهيمها وتقنياتها وغاياتها؟ أم إنه كان يقوم على تصورات نظَّر لها مفكرون فحسب؟ ما حدود النظرية في الخطاب التربوي العربي؟
من جهة ثانية، شكلت الفلسفة البراغماتية توجها جديدا في الخطابات التربوية، بصفة عامة، إذ هي التي تفتح باب تفعيل كل المضامين وتنزيل مخرجات أي توجه تربوي- تعليمي قائم على أسس سليمة، والمؤسسة التربوية، بصفة خاصة، باعتبارها وحدة سوسيولوجية تستدعي الانسجام والتناغم بينها وبين النظريات المشتغلة داخل فضاءاتها المتعددة. بهذا تكون الفلسفة البراغماتية حلا فعالا للحد من معضلة الازدواجية المرجعية، التي أضحت تعتبر معيقا أكثر منها تحقيقا للفعالية والجودة.
الكلمات المفاتيح: النظرية التربوية العربية الإسلامية- الخطاب التربوي العربي- فلسفة التربية الإسلامية- الآراء والتصورات التربوية- الفلسفة البراغماتية-التربية الجديدة.
تقديم :
تشكل النظرية التربوية، الإطار الفلسفي والمنهجي للفعل التربوي والتعليمي عموما، فهي الشاملة للتصورات، والبانية لمدخلات المنظومة التربوية ومخرجاتها؛ أي لا تربية ما لم تحكمها نظرية ذات أسس صحيحة، وأسس فلسفية عميقة، وعليها أن تتسم بالتنظيم والتنسيق والتكامل، داخل سياج فكري متعددة الوسائط قديما، فقد كانت النظرية التربوية لدى اليونان، تدل على تصور محدد “لصورة المواطن الصالح، وعلاقته بالدولة والأساليب التي تستعمل لتنشئة الفرد على ذلك”[1]. وفي العصور الوسطى، أخذت النظرية التربوية بعدا دينيا، مرتبطا بالآخرة، فأسست على فكرة الخلاص، وعلى العكس من هذا، تغير المفهوم في عصر النهضة، ليتحول إلى الإعداد الجيد للفرد.ومنه، فلكل أمة نظرية تربوية خاصة بها، تتطور عبر الزمان، إن إلى الأمام أو إلى الركود والتقهقر. ومن جهة ثانية، فإن مفهوم النظرية التربوية في الغرب، شهد تحولات متتالية، إذ أخذت كل مرحلة تستثمر ثمار التي سبقتها، لتكون دعامة مهمة في رفع مستويات المجتمع.أخذين بعين الاعتبار الحقيقة التالية ” … لقد كان التعليم الديني الأولي من حق الجميع… وكلما كان ذلك ممكنا…. ولكن العلم مكان موقوفا على طبقة الخاصة”[2].
- مفهوم النظرية التربوية الإسلامية:
يدل لفظ النظرية على تقصي الحقيقة والبحث عن المعنى، فما المعنى والحقيقة التي تبحث عنها النظرية التربوية الإسلامية؟ وما الوسائل التي اعتمدت في ذلك؟ إن هنالك خلطا بين مفهوم النظرية التربوية وفلسفة التربية الإسلاميتين، إذ يشمل المفهومان المناهج والمبادئ والآليات والوسائل المعتمدة، لتحقيق الأهداف التربوية الموزعة، التي تنطلق من روح الإسلام، على الشكل الآتي: الذات الإلهية، الكون، الحياة، ذات الفرد.
وأما غربيا، فيحيل لفظ النظرية على معاني التأمل والملاحظة العقلية، باعتبارهما نوعا من أنواع البرهان، ذي النسق المتدرج في طرح الأفكار من جهة، والانتقال بها من المقدمات إلى الحصيلة، من جهة أخرى.
وأما لالاند[3] Lalande فقد شحن النظرية ببعد فلسفي، يتعارض مع الممارسة والمعرفة اليقينية، ويتقابل مع المعرفة العامية المبنية على التجربة اليومية، في الآن عينه، وهذا التعارض نابع من كون النظرية بناء شموليا وفرضيا.
تعرف النظرية، في الشائع والمتداول، على أنها الرأي الشخصي، والأحكام الفردية التي يقدمها ويتبناها الفرد، عن مسألة أو قضية معينة، لذا وجب صرف الاهتمام عن هذا التعريف البراجماتي، إلى تعريف علمي يفرض الارتباط بالتطبيق والتنزيل والممارسة.
نتيجة لما ورد سابقا، تعد النظرية زمرة من الافتراضات والتعميمات، التي تستهدف تقديم تفسيرات لسلوكات ذات بعد تربوي، والعمل على وصفها قبل ذلك، ومن المفاهيم المشكلة لها، نجد: – الافتراضات هي تعميمات إذا حددت العلاقة بين مفصلين أو أكثر؛- الفرضيات هي تعميمات ذات دعم تجريبي محدود؛- المبادئ هي تعميمات بدعم تجريبي كبير؛- القوانين هي تعميمات ذات درجة كبيرة من الدعم التجريبي (أكثر من المبادئ).
- أهمية النظرية
- مكونات النظرية التربوية
أولا، في اعتبارها أداة تعمل على تحديد مشكلة ما، في مرحلة أولى، والتخطيط في مرحلة ثانية، آلية لتغيير وضع تلك المشكلة، من خلال بناء تصورات ومفاهيم وعلاقات ومسببات.ثانيا، تتجلى قيمة النظرية التربوية، في السعي لتطوير المجال المعرفي داخل حقل ما، والحديث هنا عن حقل التربية والتعليم، بالركون إلى البحث والاستقصاءثالثا، تعتبر النظرية في شموليتها، الحل الأوحد للخروج من المشكلات التي تواجه ذلك الحقل المعرفي، بإيجاد حلول تبنى بطرق علمية وعملية أيضا، ما يعني أن النظرية تعدل وتنقح باستمرار، حسب التحديات والحاجات الجديدة، والوضعيات التربوية.
إن النظرية التربوية هي المحددة للمناهج، والاتجاهات والقيم وأساليب التفكير، وعمليات التحليل والنقد، والفرز والتعليل المنطقي، مما يجعلها غير أحادية ومنفتحة، بل هي مظلة تستظل بها العديد من النظريات الأخرى، التي تعمل على شرح النظريات والتطبيقات، والتأويلات ذات البعد التربوي، وتفسيرها. وبهذا، تقوم النظرية التربوية، بالتتابع، على مكونات أساس لا يكمن أن تستقيم بدونها، وهي:
- الخبرات السابقة(التراث)؛
- الحاجات الآنية (الحاضر)؛
- التحديات المستقبلية (المستقبل).
إن هذا الثلاثي يتدحرج هو الآخر، بين براديغم ثنائي: عملي- نظري؛ إذ هو الضامن لفعالية تلاءم المكونات الثلاثة ونجاعتها، في نوع من التعدد، والتنوع المتصل بتلك الخبرات، والحاجات والتحديات.
- وظائف النظرية
لا شك، في أن النظرية تبنى على فرضيات تختبر بالتجربة، وتخضع لمبادئ تتسم بالعقلية؛ الحتمية والسببية، لتنتهي بصياغة قانون ما، في مجال معين، يربط بين ظواهر قابلة لإخضاعها للدراسة أولا، والمنهج ثانيا.
وبناء عليه، يمكن القول إن النظرية التربوية الإسلامية، ما هي إلا تصريف لمضامين المصادر الأساس وقوانينها وقواعدها، ما يضعها أمام انتقادات واسعة، لعل أبرزها مبرر التخلي عنها، والسعي وراء النظرية الغربية، ما دام القرآن الكريم الدستور الأعلى داخل الكيان العربي- الإسلامي، والمصدر الفكري والعقائدي والأخلاقي، للفكر العربي شكلا ومضمونا، فضلا عن العلة وراء القصد الحثيث إلى تغييبها، وفي هذا الصدد تستحضر عوامل صعوبة التنزيل، وعدم الفهم الشامل للتصورات التربوية المتضمنة فيها، ولا نفعيتها في الظرفية الراهنة…وبالتالي، فهذه الفلسفة ذات بعد حلزوني[4] لها بداية، وليست لها ونهاية، يتخللها الفعل التربوي دوما، وإن كان فعلا لا نهائيا عبر الزمان أو المكان.
- النظرية والممارسة
هناك فصل واضح في الثقافة الأولى (اليونانية)، بين النظرية والممارسة، فالأولى تجريدية، بينما تشكل الثانية الواقع المادي المحسوس، مع تفضيل المجرد من الأمور (النظرية)، بدعوى أن الممارسة والعمل اليدوي كان يرتبط بالعبيد آنذاك، وإن كان كل فعل أو عمل يخضع للبعد النظري، لأنه عملية لها غاية ووسائل خاصة. إذا، فعملية المقارنة غير صحيحة إن سلبا أم إيجابا، بفعل ارتباط كل فرع بحقائق.
وتسعى النظرية عموما، إلى تفسير كيفية اشتغال السلوك البشري وتنظيمه، دائما في حقل العلوم الإنسانية، وبهذا تسهم في وضع توقعات وافتراضات حول هذا السلوك.، عبر مفاهيم قائمة، ومبادئ أساس، فقد يكون تمثيلا رمزيا لأمر ما، وهو أشد الارتباط بالبناء؛ الذي يتصل بالمفهوم، بينما قد يعبر عن العلاقات القائمة بين البنى والمفاهيم… بغرض التفسير أو التنبؤ.إن للنظرية التربوية، الدور نفسه الذي تقوم به النظرية الفيزيائية أو الطبيعية، أو النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية…، لأنها تعمل على تقديم تصور عام عن ظاهرة ما، حسب المجال، بالبحث عن مكوناتها، وأسبابها ونتائجها.
لتلك المفاهيم والبنى المكونة للنظرية، وظيفتان هامتان؛ هما:
- المساعدة على فهم وشرح الظواهر الكونية؛
- الإسهام في التنبؤ بالأحداث المستقبلية، كيفما كانت.
هكذا، تعد النظرية ذلك التلخيص لحقل من الحقول المعرفية، إما عبر تكثيف معارفه أو تقليلها، مع تقديمها بكيفية تسعى إلى توضيح أنماطها وأشكالها، والعلاقات الرابطة بينها.
- النظرية التربوية في الفكر العربي:
إن الفكر العربي حاليا، أشبه بعملية هضم وحقن الأفكار، علما أن هنالك فروقا بين العمليتين؛ “والفرق بين هضم الأفكار وحقنها، كالفرق-تماما- بين الحقن بالطعام وهضم الطعام، فلو أن إنسانا قال لنفسه، لماذا أتعب نفسي بغلي الحليب وشربه، وملء معدتي به؟ دعني أصبه مباشرة في شراييني، لينقله الدم إلى حيث يراد… لكانت النتيجة إفساد تركيب الدم، ولربما قتل هذا الإنسان، وأما حين نتناوله لتهضمه معدتنا، فإنه يمر في عمليات دقيقة من التحليل والتركيب والفرز، ثم يوزع ما كان صالحا منه على الأعضاء، وما كان غير صالح يطرد خارج الجسم”[5].
إذا عدنا إلى ‘الكتابات’ التربوية العربية التراثية، نكتشف أنها مجرد إشارات متفرقة، ليس بينها رابط، ولا تناسق فكري ولا تنظيم منهجي، مما يجعلها خارج حدود النظرية. هذا في الوقت الذي تعد فيه “النظريات التربوية التي تدور في أذهان معلمي أطفالنا، والأساليب البيداغوجية التي يتلقونها، كلها عبارة عن خليط قد لا يتبين فيه الباحث أي منطق ولا أي اتجاه”[6]. في هذا الاتجاه، يرى عبد الرحمن السعدي أن الأساليب التربوية تختلف باختلاف المواقف والأفراد أيضا.
وبذكر عبد الرحمن السعدي، فقد انطلق من نظرية تقوم على من مبادئ تربوية قوامها القرآن الكريم والسنة النبوية، واعتبرها قواعد أساسية تتحكم في سلوك الفرد والمجتمع المسلمين:
- المزج بين النظرية والممارسة العملية؛
- التدرج في التربية والتعليم؛ وهنا نضيف مفهوما أخر، وهو التدريس؛” والواقع أن التعليم شيء غير التدريس، فالتعليم نقل للتراث والتجارب والخبرات من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة، أما التدريس فهو وسيلة هذا التعليم وطريقة تحققه”[7].
- أسلمة العلوم؛ علل هذا المبدأ بضرورة” التركيز على عدم استخدام هذه العلوم غب الظلم أو العدوان على الأبشار والدماء والأموال والأعراض على مستوى الشعوب والأقوام”[8]؛
- إلزامية التعلم؛
- الربط بين المخترعات الحديثة والغاية من التربية الإسلامية، ويبرر هذا المبدأ بأن الاختراعات (المخترعات بلغته) التي ابتكرها الإنسان، يعود مصدرها إلى التربية الإسلامية بدعوى أن الله علم الإنسان ما لم يعلم، فيقول:” فإن هذه القوة الهائلة والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه”[9]؛
- توقير ومحبة العلماء: عدم نشر عثراتهم، وعدم الانتقاص منهم، والتعريف بمكانتهم؛
- مراعاة الفروق الفردية في تحصيل العلوم، باستحضار الجوانب الآتية:
- الجانب العقلي: قرب المادة من العقل؛
- الجانب البيئي: تناسب المادة مع المحيط؛
- الجانب الإدراكي: ألا تتسم المادة بالصعوبة؛
- الجانب النفعي: تقديم ما يعود بالنفع على المتعلم.
- نقد مادية الحضارة الغربية: باستحضار الجفاء الروحي رغم التطور الهائل.
وأيضا، من باب المقارنة، فإن سمات نظرية المعرفة العلمية الغربية التي جاء بها غاستون باشلار، والتي قد تعد استثنائية، وهي:
- رفضه للعقل قبل العلمي، وكل ما راكمه من علم وطرق التفكير؛
- ضرورة النظر إلى المعرفة من زاوية النمو والتراكم؛
- الاعتماد على جوانب النقص والخطأ والفشل في حقل علمي؛
- العمل على تقديم حلول لقضايا معرفية؛
- جعل النظرية المعرفية غير مغلقة وغير مكتملة.
بذلك، فإن توسيع دائرة المعرفة يتطلب من الإنسان” تمرين الذهن على التدبر والتفكر وتقليب الأمور على كل وجه ممكن، مما يرقي الذهن وينميه ويوسع دائرة المعارف، وعدم ذلك أو قلته مما يضعف القريحة ويخمد الفكر ويحدث البلادة”[10].
2.1 الخطاب التربوي بين النظرية والفلسفة:
تجدر الإشارة في البداية، إلى أن هناك تداخلا كبيرا بين مفهومي الخطاب والنظرية، ويزداد هذا التداخل تعقيدا، حينما ينسبان إلى “التربية”، غير أن هناك موقفا آخر يرى أنهما الشيء ذاته؛ “ولما كان الخطاب التربوي هو الحجر الأساس في صياغة هذه النظرية، فقد وجب البدء إعادة النظر في الخطاب التربوي السائد، إن مفاهيم متداولة أو أحكاما متواترة، تمهيد لإنشاء خطاب جديد يوفي بمقتضيات هذه النظرية التربوية الإسلامية”[11].
لقد ذكرنا سلفا، الخلط بين النظرية وفلسفة التربية، ومرده إلى الأصل الذي انطلقت منه، وهو القرآن بالدرجة الأولى، والسنة بعده، وبهذا نجد أنفسنا مضطرين، للبحث عن العوامل المؤسسة للفلسفة والنظرية التربوية الإسلامية، فبخصوص فلسفة التربية، نجد عواملها كالآتي:
- العامل العقائدي: يتجسد عبر علاقة الخالق بالمخلوق؛
- العامل الاجتماعي: يتجلى في السلوكات والعلاقات التي تربط أفراد المجتمع؛
- العامل الكيفي: يرتبط بأسلوب ونمط العيش في فضاء ما؛
- العامل الزمني: يراعى فيه عمر الفرد عموما، والمتعلم خاصة.
هناك أمر آخر، يوضح غياب تصور واضح من حيث المفاهيم والمبادئ، فبعض الكتابات تخلط بين النظرية التربوية وفلسفة التربية، في حين تعرف هذه الأخيرة بكونها “مجموعة من معتقدات ومبادئ تربوية ترشد وتوجه التربية لتحقيق الإصلاح الاجتماعي”[12]، لكن على أية أسس تقوم هذه الفلسفة؟ علما أن النظرية التربوية، تؤسس على علوم عدة أهمها: فلسفة التربية، وعلم الاجتماع التربوي، وعلم النفس التربوي، وتاريخ التربية.
وبالتالي، ففلسفة التربية جزء ومكون من مكونات النظرية التربوية، غير أن جون ديوي لم يفرق بين هذين المكونين، بل ساوى بينهما، كما أن فيلسوف التربية، في الزمن الماضي، كان وصفا “لأولئك الذين قدموا نظريات عامة في التربية، مثل أفلاطون وروسو وديوي على أنهم ‘فلاسفة تربية’، ويقال عن أعمالهم ‘فلسفة تربية’. وأما إذا تحرينا الدقة، على أية حال، فإن ما كانوا يفعلونه كان تنظيرا للتربية، بمعنى إعطاء توصيات للممارسة، مدعما في العادة باحتكام إلى اعتبارات أخلاقية وسياسية وسيكولوجية، وأحيانا لاعتبارات ميتافيزيقية ودينية”[13].
ومما يزيد من تعقيد الوضع، هو القول بغايات التربية من قبيل “إطلاق الطاقات الكامنة في الطفل، أو إن هدف التربية هو تحقيق سعادة البشر في الدنيا والآخرة، أو إن هدف التربية هو تكوين الإنسان الكامل…، كلها إفادات تبدو كما لو كانت واقعية، إلا أنها في الحقيقة إفادات لا يمكن رفضها أو تأييدها، بأي دليل أو بينة يمكن الحصول عليها، بالأساليب المعروفة في مجتمع المعرفة، ومن ثمة فليست هناك طريقة يمكن الوصول إليها، للاتفاق على هذه الإفادات أو المقولات”[14].
لطالما ركزت التربية الإسلامية على مفهوم الإنسان الكامل، ومعلوم أن هذا المفهوم يخالف ثوابت الدين الإسلامي؛ لأن صفة الكمال ترتبط بالخالق فقط، ومن جانب آخر، يصعب على أي نموذج تربوي كيفما كان نظام اشتغاله، وفلسفته والأدوات المسخرة له، أن يحقق معاني مفهوم الإنسان أو المتعلم الكامل، حتى إن توفرت نظرية تربوية حقيقية. كان الغرض من التربية العربية- في نظر العرب المغتربين- هو” هم العلوم الحديثة وما يكمن وراءها من طريقة عقلية دقيقة للتفكير والعمل”[15].
تتحدد غاية التربية لدى كانت في كونها” المهمة الكبرى للإنسان هي أن يعرف كيف يملأ مكانته بين الخليقة على النحو اللائق، وأن يفهم جيدا ما يجب أن يكون عليه الإنسان حتى يكون إنسانا حقا”[16]، أي أن التربية هي التي تجعل من الإنسان إنسانا. عملية صعبة ومشكلة عسيرة يمكن أن تواجه الإنسان على حد تعبير كانت. لهذا جعل التربية فنا واكتشافا إنسانيا.
إن العلاقة القائمة بين التربية والفلسفة تلخص في جعل الفلسفة نظرية عامة للتربية. مكونان يتصلان في:
- البحث عن طبيعة الفرد المراد تربيته وإخضاعه لسياسة تربوية؛
- نوعية الحياة المرغوب تأسيسها من خلال التربية؛
- دراسة المحيط (المجتمع البشري)؛
- تكوين مفاهيم وقيم خاصة.
لذلك، ففلسفة التربية تشير إلى تفسير التربية من حيث الغايات والسياسات بمفاهيم خاصة، لتصبح، إذن، الإطار العام (معتقدات) لفهم الإنسان والعالم؛ بدعوى أن التربية لا تشتغل إلا ضمن ميدان معين ومجدد ومدروس سلفا؛ إن” الفلسفة التربوية لا تنشأ من فراغ، فلا بد لها أن تستند إلى فلسفة اجتماعية واضحة…. أي على قدر كاف من الوضوح”[17].
يرى جون ديوي أن هنالك ارتباط وثيق بين التربية والفلسفة، فقد طرح بوضوح أن الفلسفة هي التربية، والتربية هي الفلسفة، معللا ذلك بكونهما الغاية الكبرى لأي كيان اجتماعي:” في الحق إن كل نظرية فلسفية لا تؤدي إلى تبديل في العمل التربوي لا بد أن تكون مصطنعة، ذلك بأن وجهة نظر التربية تعيننا على فهم المشاكل الفلسفية في منابتها التي نشأت فيها، حيث يؤدي قبولها أو رفضها إلى تبديل في الناحية العملية في التربية”[18]، بمعنى أن فلسفة التربية هي استخدام الآليات والمنهج الفلسفي في مناقشة الوضعيات التربوية، لتكون بذلك الفلسفة هي النظرية العاملة والعامة في التربية: سيرورة الفاعل والمنفعل.
بناء عليه، اعتبر بروتاغوراس الإنسان مقياس كل شيء، لذلك “فموضوع التربية هو الإنسان ككل، والإنسان هو محور موضوعات الفلسفة، ووسيلة التربية في الدراسة عملية علمية تطبيقية، بينما وسيلة الفلسفة فكرية تأملية”[19]، ولنجاعة هذه الدراسة، فإنها تحتاج إلى فكر تأملي أطلق عليه المفكرون “فلسفة التربية”، وتعني هذه الأخيرة “فهم التربية في كلياتها الإجمالية، وتفسيرها بواسطة مفهومات عامة تتولى قيادة اختيارنا للغايات والسياسات التربوية… فهي تضمن إذا تطبيق الفلسفة الصورية على ميدان التربية”[20]، وهي أيضا ذلك” الإطار العام من الآراء والمعتقدات الفلسفية التي تدور حول الإنسان وحول العالم الذي يعيش فيه، والتي توجه عملية تربية هذا الإنسان، وتوحدها وتحدد أهدافها ومناشطها”[21]. وبمناسبة الحديث عن الفلسفة، لا مجال لاستحضار أي نظام تربوي، ما لم تنم التربية وتكتمل “وتستند إلى فكر فلسفي يغذيها بالجدة والابتكار والإبداع، في عالم يسابق العلم ومنجزاته للفكر وتطلعاته”[22].
إن التنظير التربوي لا ينبغي أن يكون محصورا في الجزئيات، وإنما في العمل على إعادة التشكيل الشامل لمكونات الإنسان، فهذا تصور لن يتحقق إلا بتوافر نظرية تربوية، تقوم على أسس لها مبادئها ومشروعيتها، تكسبها أحقيتها في الوجود، وفي هذا السياق أشار طه عبد الرحمان، إلى شروط قيام نظرية تربوية إسلامية:
- التأسيس من داخل الدين لا من خارجه: ينبني هذا الشرط على قاعدة هامة، وهي أن التربية العربية الإسلامية، أسها ومصدرها تعاليم الشرع الرباني.
- التأسيس المقيد بالتاريخ: إن وصف النظرية التربوية بالإسلامية، يفرض العودة إلى الذات وأصلها الثقافي، فمن الصعب وضع نظرية تربوية ذات أفق التفعيل المحدود، دون عقد صلة مع المرجع والتاريخ، من أجل التصحيح والمعاينة في المدى القريب، والبناء والتقعيد على المدى المتوسط.
- التأسيس التربوي المنهجي لا التجريدي: تستدعي صياغة نظرية تربوية، عدم الإغراق والتأمل، وإنما تفريغ مبادئ وقواعد تلك النظرية على أرض الواقع، باعتبارها ممارسة فعلية، كما كان الأمر في السابق، وهو الذي سنوضحه في مراحل لاحقة من البحث.
- التأسيس الحتمي لا التعليلي: من أوجه النظرية التربوية أنها غير منقولة، ومعنى هذا أن التربية الإسلامية أسست على التاريخ، وهناك من يرى (طه عبد الرحمان) أن أصول النظرية التربوية الإسلامية، وجب أن تبنى على الأس الفلسفي، وهو نفسه الذي يقول: “من غير المعقول للنظرية التربوية، أن تدعي صدق مرجعيتها وأصالة تصوراتها، وهي تهمل إهمالا كاملا ‘المفاهيم التزكوية’، وما يتعلق بها من أفعال القلوب التي تميز الخطاب القرآني”[23].
وعلى عكس الطرفين، نؤكد أن أصول النظرية التربوية الإسلامية، لا ينبغي أن تخرج عن دائرة التربية تنظيرا وتطبيقا، وأما المعينات التكميلية فالاختلاف فيها وبينها قائم؛ مما سيجعل من النظرية التربوية، نظرية بناء وتأسيس، لا محض نظرية تطعيم وتكميل للنظريات الأخرى، وفي هذا الصدد، نشير إلى أهمية المميزات التي يتحتم قيامها: الثابت والمتغير. ومن ثمة سنركز، على المتغير الذي يتوزع على المتحرك والمستمر؛ فالأول ينتهي بنهاية وظيفته، بينما الثاني فلا وظيفة محددة له.
2.2 نماذج تطبيقي: مقارنة بين الاتجاه الفقهي والاتجاه الفلسفي
في هذا النموذج التطبيقي، سنرصد معالم النظرية التربوية، عبر تلك الكتابات المتنوعة (الفقهية- الفلسفية- الصوفية- الشيعية)، التي من انعكاساتها “تنوع وتعدد الخطابات الشفوية التي تمتد من المخاطبة اليومية إلى الخطبة الأكثر صنعة وزخرفة، وإلى جانب الخطابات الشفوية نجد أيضا كتلة من الخطابات المكتوبة التي تعيد إنتاج الخطابات الشفوية، وتستعير أدوارها ومراميها من المراسلات إلى المذكرات والمسرح والكتابات التربوية”[24]، وهو ما سيتجسد عبر النماذج التطبيقية، إلا أن هذا التنوع لا ينبغي أن يشتت مرامي وجوده، باعتباره المكون للبينة العقلية العربية، ” فعندما نتحدث عن بنية العقل العربي، فإننا نقصد أساسا هذه المفاهيم والأنشطة الفكرية التي تزود بها الثقافة العربية، المنتمين إليها وتشكل لديهم اللاشعور المعرفي الذي يوجه، بكيفية لا شعورية، رؤاهم الفكرية والأخلاقية ونظرتهم إلى أنفسهم وغيرهم”[25].
- الاتجاه الفقهي:
سنركز على الإشكالية التالية: كيف للسنة والشيعة، مع الاختلافات القائمة بين علمائهما أن يتفقا في مجال التربية دون المجالات الأخرى؟ إضافة إلى، أن العلم المتين لا يقوم إلا بالجزئيات وفي الجزئيات، كما أن “نوع التربية ووسائلها ومضمونها، يختلف باختلاف درجات السلم داخل المجتمع القبلي”[26]؛ أي إن المنتوج التربوي لا محالة، سيكون في تباين تام من نص لآخر، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل ” إن التربية في هذه الحالة، ستختلف مضمونا وشكلا، هدفا وطريقة، باختلاف منازل الأفراد، والجماعة في السلم الاجتماعي”[27]. ويمكن تلخيص موضوعات الفقهاء التربوية، في الجدول التالي:
الفقيه | الموضوعات |
أبو حنيفة النعمان بن ثابت | التعليم ابتغاء مرضاة الله، التفرغ لتحصيل العلم، الحرص على الزمن، الإخلاص في العلم والحرص على الحق، تكريم العلم ومعرفة قيمته، مجالسة أهل العلم، إعانة طلاب العلم، ملاطفة الطلبة ومنحهم حرية في الكلام، الثناء على طلبة العلم، العلم لمن يحرص عليه، لكل درس وجب له أستاذ مشرف، حفظ العلوم، العلم رأس العبادة، العلم له آدابه ينبغي احترامها…. |
ابن سحنون محمد بن عبد السلام بن سعيد بن حبيب | واجبات وآداب المعلم- أجر المعلم- ضرب الأولاد- احترام إنسانية المتعلم |
الآجري محمد بن الحسين | الاقتداء بأخلاق الرسول- أدب المناظرة الصحيحة، طرق التدريس، أخلاق أهل القرآن، آداب حملة القرآن، آداب المقرئ. |
ابن عبد البر القرطبي | مبدأ وجوب نشر العلم وتحريم كتمانه، مبدأ وجوب العلم طلب العلم، مبدأ العمل بالعلم، الإخلاص لله في طلب العلم وإرادة الخير به، مجانية التعلم، مبدأ نشر العلم وتبليغه، الأمانة العلمية والصدق في نقل العلم وإصلاح اللحن والخطأ، آداب العالم والمتعلم. |
الخطيب البغدادي | مكانة العلم، أهمية العلم، التعلم في الصغر، الفهم لا الحفظ، تدوين العلم، اقتران العلم بالعمل، الاستمرارية في طلب العلم، حرية اختيار الشيخ، المنهج، مجانية التعليم، مراعاة الفروق الفردية واستعدادات الطلاب، مراعاة المعلم لمظهره، أخلاق الشيوخ والطلاب، التفرغ للدراسة، التعاون بين الطلبة في تحصيل العلم، اقتران العلم بالسلوك، مسؤولية العلم، إعارة الكتب. |
الزرنوجي بدر الدين | ماهية العلم والفقه وفضله، النية، اختيار العلم والأستاذ والشريك، تعظيم العلم وأهله، الجد والمواظبة والهمة، بداية السبق وقدره وترتيبه، التوكل، وقت التحصيل، الشفقة والنصيحة، الاستفادة والاكتساب والأدب، الورع في حال التعلم. |
ابن جماعة | فضل العلم وأهله، شرف العلم ونسله، آداب المتعلم (في نفسه، مع شيخه، في درسه)، آداب المعلم (في نفسه، مراعاة الطلاب، درسه)، علاقة الطالب بالكتاب، آداب سكنى المدارس، فضل العلم والعلماء. |
وعليه، من مكونات الجدول، يتبين ما يلي:
- الانطلاق من مرجعية موحدة وهي الدين؛
- غياب الفروقات بين هذه المؤلفات لا من حيث الشكل (التبويب)، ولا المضمون؛
- التناقل المعرفي يشكك في وجود هذه المؤلفات؛
- غياب وجهة نظر المؤلف أو نقده للسابق، في رأي معين.
- الاتجاه الفلسفي:
يشكل التعليم أبرز القضايا التي عالجها، ووضعها الاتجاه الفلسفي ضمن توجهاته، والجدول الآتي تفصيل لمضامين كل فيلسوف عنها:
الأعلام | الموضوعات التربوية |
ابن مسكويه | جل كتابات ابن مسكويه التربوية دينية الجانب، لفظا، وفي بعض الأحايين معنى تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق- ترتيب العادات- طهارة النفس… |
ابن سينا |
|
إخوان الصفا |
|
من باب المقارنة، بين الاتجاه الأول والثاني، يتبين أن الاتجاه الفلسفي أكثر فعالية من حيث التصور النظري والعملي للممارسة التربوية، ومن جانب آخر نجد هناك اختلافات عديدة بين أعلام هذا الاتجاه، وهي صفة تؤكد الاجتهاد داخل نفس الاتجاه، على عكس الاتجاه الأول القائم على التناسخ، سواء على مستوى المعرفة أم البناء.
ختاما، نخلص إلى أن المصادر المذكورة إجمالا، مجرد تكديس وتجميع للمقولات الدينية لتأسيس مفاهيم وتصورات تربوية مثالية، تضع أفكارها وفق ما ينبغي أن يكون، وليس تبعا لما هو كائن، على أساس الاجتهاد عبر تأويل مصدري الدين( القرآن الكريم والحديث النبوي)، دون أن ننسى التصور الفلسفي، القائم على ترجمة الفكر اليوناني، لهذا فإن الحديث عن نظرية تربوية إسلامية، يعد أمرا غير ممكن بسبب فعلي التناسخ والترجمة، فضلا عن أن كل الذين كتبوا في حقل التربية، لم تكن لهم خلفية تربوية، وإنما كانت تخصصاتهم المعرفية متنوعة ومختلفة: الآداب، العلوم، الفلسفة، الدين والعقيدة، السياسة، الطب…
ومما أساء إلى الفكر التربوي الإسلامي، نجد التعصب المذهبي الذي عرفته البيئة التعليمية، فبعد ميلاد المدارس العلمية، والمذاهب والفرق الكلامية، نشبت صراعات وخلافات غير محدودة، تتخللها فوضى وسوء أدب، فلم يكن تأليف الكتب وإلقاء الدروس بغاية الإفادة والرفع من مستوى المتعلمين، وإنما بغية نصرة أفكار ومعتقدات المذهب أو المدرسة، ودحض ما ينافيها واعتباره فتنة، فتولدت مدارس متنوعة: الشافعية، الحنبلية، المالكية، المستنصرية…، وها هو ذا أبو حيان التوحيدي يصف الوضع القائم حينذاك قائلا: “إلى الله أشكو عصرنا وعلماءنا، وطالبي العلم منا، فإنه دبَّ فيهم داء الحمية واستولى عليهم فساد العصبية”[30]، كما كان التودد إلى للسلاطين مضرة للمعلم والمتعلمين، وقد نبه الإمام الغزالي إلى هذه الآفة، وحذر منها بقوله:” لا تخالطهم ولا ترهم وجهك، ولا تثني عليهم، لأن الثناء على الفاسق والظالم آفة عظيمة، إضافة إلى عدم أخذ هداياهم وعطاياهم، لأن ذلك يفسد على المرء دينه وقلبه”[31].
إن من أسباب اعتماد التقليد واستنساخ التجارب الناجحة في محيطها، يعود إلى:
- مسألة المفاهيم: إن جل المفاهيم التربوية المعتمد في حقلها، هي غربية المنشئ، لذلك لم تفهم بالطريقة الجيدة لتشتغل عناصرها في محيط جديد، أو يتم البحث عن مقابلات لها في الثقافة العربية، بطريقة سلسلة أو اعتماد الإقحام، فعلى سبيل المثال لا الحصر، اعتبار التأديب والأدب في نفس مستوى التربية؛
- تغييب النقد التربوي: إن غياب مفاهيم واضحة، بعيدة عن الضبابية والتجاذبات، جعل من ممارسة النقد التربوي عملية شبة مستحيلة. من جهة ثانية، فالنقد يعتبر معيار الإنتاجية، وليس ممارسة فعل الهدم؛
- الأمية: أدت الأمية إلى عزل الحضارة العربية وتجميدها؛
- التخلف والتبعية: لقد اضطر العقل العربي، بسبب جموده، إلى البحث عن حلول لمشكلاته بعيدا عن محيطه وواقعه؛
- تقييد الحرية الفكرية: إذ لا مجال للتفكير خارج حدود المألوف والمعتاد في أي مجال من المجالات الفكرية والعلمية؛
- مظاهر ضعف الحركة العلمية والفكرية.
أضف إلى ذلك، أن كتابات الفقهاء وعلماء الإسلام في التربية كانت” ككتاباتهم في غيرها من الإسلاميات، كتابة يمكن أن توصف بأنها (توضح رأي الإسلام) فيما يكتب، دون أن تلتزم(بمنهجية) الكتابة العلمية في التربية”[32]. ومن نتائج هذا المنطق، أن الفكر التربوي لم يكن موحدا؛ ففي الثقافة العربية تولدت اتجاهات” يمثلون نمطا من أنماط الفكر التربوي في دائرة الفلاسفة المسلمين في مجتمع معين وزمان محدد بكلل ما في هذا من قوى وعوامل أدت إلى تشكيل فلسفتهم التربوية تبعا لظروفهم وواقع مجتمعهم”[33].
- البراغماتية
تدخل الفلسفة البراغماتية ضمن مفهوم التربية التجديدية، حيث تعد ” ذلك النظام التربوي الذي يعمل على تجديد معلومات المتعلم ومهاراته العقلية والعملية واتجاهاته الإرادية إلى الدرجة التي تمكن هذا الإنسان من إقامة علاقاته مع الآخرين على أساس من التكامل والفهم المستقل والوعي المنفتح القادر على ابتكار الوسائل اللازمة لمواجهة تحديات الزمان والمكان والمشاركة في صنع قراراته المتعلقة بحاضره ومستقبله”[34].
اشتقت كلمة البراغماتية[35] من اللغة اليونانية براغما “Pragma” أو “Pragmata” والتي تعني الفعل. فلالاند ينظر في معجمه إلى البراغماتية من مستويين:
- الأول: علم الفعل؛
- الثاني: صفة ترتبط بالعمل والنجاح والحقيقة والاستعمالات النافعة.
أما في الاصطلاح، فهي عملية تفكير وتأمل ترتبط بنتائجها، أي إخضاع الأمور للاختبار.
بزغت البرغماتية كفلسفة مناهضة للمثالية والواقعية خلال القرن التاسع عشر، كما جاءت بمبادئ جديدة:
- الأخذ بمعيار المنفعة؛
- الديمقراطية أسلوب حياة وطريقة عمل؛
- الخبرة الذاتية وسيلة للمعرفة؛
- الطريقة العلمية أساس اختبار الأفكار.
أما من حيث خصائصها:
- قيام المعرفة على الخبرة؛
- الخير معيار التحقق؛
- الموضوع هو الذي تنتج عنه آثار علمية؛
- الإيمان بالتقدم داخل المجتمع (النزعة التطورية)؛
- التفاعل بين الفرد والمحيط.
تفرض الفلسفة البراغماتية التفريق بين التربية والتعليم”فالتعليم يكون جانبا من جوانب العملية التربوية وعمقا من أعماقها، والتربية لا تهدف فقط إلى توصيل معرفة أو إكساب مهارة أو تنمية قدرة أو طاقة، ولكنها بالإضافة لهذا أو فوق هذا تهدف إلى تنمية الفرد من جميع جوانبه الروحية والخلقية والفكرية والمهارية والبدنية وإعداده إعدادا سلميا لكي يكون عضوا نافعا في المجتمع الذي يعيش فيه”[36]. وعليه، فللتربية مؤسسات خاصة بها؛ الأسرة، المسجد… في حين تعد المدرسة موطن إنتاج المعرفة، ولا ينبغي أن يفهم من ذلك، وجود فصل تام بين الجانبين، بل هنالك ترابط عضوي وتكامل معرفي ومنهجي. غير أن الخلط بين التربية والتعليم، من حيث التخطيط والاجراءات، جعلت من الخطاب في مجمله أمام واجهتين: القيم والمعرفة، في الوقت الذي وجب فيه الحديث عن التخطيط التربوي، والتخطيط التعليمي- التعلمي.
وبهذا، يرى جون ديوي أن الفكر مرتبط بالعمل، معللا ذلك بالإنسان؛ فتفكيره يشتغل حينما يواجه صعوبات ومشكلات واجبة الحل. إذن، فالأفكار لها قيمة وظيفية أو وسيلة فقط. وهنا نستحضر تعريف ابن القيم الذي يعرف الفكر:” …. فالفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليستثمر منها معرفة ثالثة”[37]، لتلك الغاية اقترح ابن القيم مجموعة من الوسائل لتربية الفكر.
وبالعودة إلى جون ديوي، فقد انطلق من منظور جديد قائم على التغيير، فالعالم يتحرك ويتفاعل ويرابط، باستمرار، بين سائر أجزائه ومكوناته، مما يجعله يؤمن أن العالم” ليس جامدا، بل عملية ديناميكية متطورة”[38].
إن استدعاء فلسفة جون ديوي ليس عبثا، وإنما توافقه مع ما يحتاجه العالم اليوم، والخطاب التربوي خصوصا؛ فالمصدر الأساسي للمعرفة، وفقه، يرتبط أشد ارتباط بالخبرة والنشاط الفردي، أي من خلال تفاعله مع محيطه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإعلامي والحقوقي والفكري والديني. وهنا، وجب الاشتغال وفق خصائص المعرفة الجديدة، تربويا، والتي هي:
- التجدد والتطور؛
- المعرفة ليست قبلية، وإنما هي نتاج تجارب وخبرات؛
- المعرفة ليست نهائية، بل مجموعة فروض؛
- الموقف والتفاعل من أساسيات اكتساب المعرفة؛
- التفكير أساس المعرفة.
من جانب آخر، ترتبط البراغماتية بالتربية التقدمية، فهي قامت على الديمقراطية والإبداع واحترام ميولات المتعلم:
- الاهتمام بكل ما يؤثر على المتعلم ونموه؛
- التركيز على الوضعيات؛
- التشجيع على التعاون؛
- التربية هي الحياة وليس الإعداد لها.
إن تعليم المتعلم خارج نشاطه الاجتماعي أو حياته الاجتماعية، نكون أمام دائرة التفريغ أو التشتيت، حسب جون ديوي، أي جعل المواد الدراسية في تفاعل مع نشاط أو حياة المتعلم. كما لا ينبغي أن تكون تراثا وإنما خبرات متناسقة وقابلة للتوظيف: اللغات، العلوم، التاريخ والجغرافيا، … بهدف تقريب الحقائق للمتعلم لسد النقص لا توليده.
ومنه، فالخطاب التربوي، كيفما كان نوعه، ينبغي أن يطمح بناء شخصية متوازنة عبر آليات محددة ومعدة لهذا الغرض؛ مراعيا في ذلك تموضعات سياسية وفكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وعقدية باعتبارها تمثل بيئة الخطاب. بخلاف ذلك، قد لا يتحقق هذا المبتغى، وذلك حينما يكون الخطاب التربوي، خطابا دينيا تراكميا، يستند على” التعلم عن طريق المحاكاة، وربما أيضا التعلم التلقيني”[39].
وجب الإشارة، أنه لا يمكن للغايات التربوية، ضمن خطاب تربوي، أن تتحقق إلا إذا تكونت لدى المعلم فكرة شاملة حول من يخاطب” فأول واجب يترتب على المعلم هو أن يتعرف ماهية الإنسان”[40]، إذ يشكل هذا التعرف المتفحص، هو الذي يحدد توجهات السيرورة التربوية.
وصفوة القول، إن تبني الفلسفة البراغماتية في حقل التربية والتعليم، يستوجب حتما، حضور النزعة الإقليمية. هذه الأخيرة تنطلق من مفهوم الخصوصية التاريخية والجغرافية والدينية والعرقية….. فبعدما كانت الخطابات التربوية العربية تنطلق من الدين (القرآن والسنة) وفلسفات غربية، لتنتهي بمخرجات مختلفة في كل منطقة؛ سواء نحو الأفضل أو الأسوأ. هذا الوضع، يفسر بسوء فهم تلك المصادر أو عدم القدرة على بسط مضامينها على أرض الواقع. لذلك، فاعتماد المقاربة الإقليمية أضحت مسألة ضرورية من جهة، وتوافقها مع تحديات وإكراهات كل إقليم، ومنه فالسمات المشتركة جزء ضئيل من الطبيعة المجتمعية الخاصة، في هذا الصدد يقول جمال حمدان:” فنحن معجبون بأنفسنا أكثر مما ينبغي وإلى درجة تتجاوز الكبرياء الصحي إلى الكبرياء المرضي. ونحن نتلذذ بممارسة عبادة الذات في نرجسية العزة الوطنية المتزنة”[41]، ومن خلال هذه النرجسية تنتج أسباب ازدواجية العقل العربية وتناقضه.
خلاصات:
بهذا، لا ينبغي أن يفهم أن كثرة التأليف تؤدي ضرورة إلى قيام نظرية تربوية إسلامية، بل إن الثروة التي خلفتها الكتابات الفكرية، التي أومأت إليها الدراسة، لم تكن ذات بعد تربوي، إذ أريد لها في الأصل، أن تجد لنفسها مجالا واسعا، وهو مجال الأخلاق والسلوك، وشتان ما بين الأخلاق والتربية، وإنما هذه الكثرة قامت على التناقض، أكثر مما قامت على التوافق، وبالتالي فلا يمكن أن تكون هناك أهداف أو فلسفة أو نظرية تربوية مبنية على متناقضات؛ ما دمنا نسعى نحو بناء نظام تربوي تعليمي محافظ على القيم الإسلامية، بينما نعمل على نقل علوم الغرب ومعارفه، التي كانت غير مرغوب فيها، من قبل أصحاب الآراء التربوية.
بناء عليه، فحضور الفلسفة البراغماتية أضحى حاجة في الخطاب التربوي. فلسفة ستحقق وفق التصور المحدود؛ بمعنى اعتمادها إقليميا، فالتعميم لفلسفة أو نظريات لم يعد نفعيا ومؤثرا، بحيث نجاح نظرية معينة داخل مقاطعة تربوية، لا يعني، حتما، نجاحها في مقاطعات أخرى.
قائمة المراجع:
- ابن المقفع، الأدب الصغير والأدب الكبير، مكتبة الحياة، دون طبعة، دون تاريخ.
- ابن جماعة، تذكرة السامع والمتعلم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2002.
- ابن سينا، رسالة السياسة، مجلة الآداب، بيروت، ط1،1906.
- ابن محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهزي، المحدث الفاصل بين الراوي الواعي، تحقيق محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، ط1، 1971.
- ابن مسكويه، تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1981.
- أبو بكر الآجري، أخلاق أهل القرآن، دار الأفاق، بيروت، ط1، 1982.
- أخوان الصفا، رسائل أخوان الصفا، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، 1966.
- الإمام الغزالي، أيها الولد، دار البشائر الإسلامية، ط 4، 2010.
- الإمام النووي، التبيان في آداب حملة القرآن، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، دمشق، ط1،1983.
- الجاحظ، رسالة المعلمين، تحقيق عبد السلام هارون، مكتبة الخانيحي، القاهرة، ط1،1966.
- جورج طرابيشي، إشكاليات العقل العربي، دار الساقي- بيروت، ط1، 1998.
- حسن بن علي بن حسن الحجاجي، التفكير التربوي عند ابن رجب الحنبلي، دار الأندلس الخضراء- جدة،ط1،1996.
- حسن بن علي بن حسن الحجاجي، الفكر التربوي عند ابن القيم، دار حافظ للنشر والتوزيع- الرياض. ط1،1988،
- الخطيب البغدادي، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، تحقيق محمد الطحان، مكتبة المعارف، الرياط، ط1،1984.
- زكرياء إسماعيل أبو الضبعات، الديمقراطية وفلسفة التربية، دار الفكر- عمان،ط1، 2009.
- سعيد يقطين، تحيل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي- الدارالبيضاء، ط3،1997.
- السمعاني، أدب الإملاء والاستملاء، تحقيق محمد زيعور، دار اقرأ، بيروت، ط2،1986.
- طه عبد الرحمان، من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، بيروت، ط 2، 2016.
- عادل العوا، العمدة في فلسفة القيم، طلاسدار للدراسات والترجمة والنشر- دمشق، ط1،1986.
- عبد الكريم بكار، تجديد الوعي، دار القلم- دمشق، ط1،2000.
- العلموي، المعيد في أدب المفيد والمستفيد، تحقيق شفيق محمد زيعور، ط2، دار اقرأ.
- فتحي حسن ملكاوي، مؤتمر نحو بناء نظرية تربوية إسلامية، بحوث المؤتمر، ج2، عمان-الأردن، 1991.
- الفكر التربوي العربي الحديث، سعيد إسماعيل علي، مجلة عالم المعرفة، العدد 113، ماي 1987.
- القاضي عياض، الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، تحقيق السيد أحمد صقر، دار التراث، مصر، ط1،1970.
- القشيري، دون تاريخ.، الرسالة القشيرية في علم التصوف، دون طبعة، دار الكتاب العربي، بيروت.
- القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الأنساء، ج 6، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1984.
- ماجد عرسان الكيلاني، التربية والتجديد، دار القلم- دبي، ط1، 2005.
- ماجد عريان الكيلاني، تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية، دار ابن كثير-دمشق، ط2، 1985.
- محمد الأبراشي، دون تاريخ، التربية الإسلامية وفلاسفتها، دار الفكر العربي، القاهرة، ط 3.
- محمد عابد الجابري، من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا، دار النشر المغربية- الدارالبيضاء ط1، 1977.
- ميشيل توماسيللو، الأصول الثقافية للمعرفة البشرية، ترجمة شوقي جلال، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، أبو ظبيط1،2006.
- André Lalande, Vocabulaire technique et critique de la philosophie, 4 éditions, PUF Quadrige, 1997.
[1]-ماجد عريان الكيلاني: تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية، ط2، 1985، ص19.
[2]-محمد عابد الجابري: من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا، ط1، 1977، ص 154.
[3]-Laland, Vocabulaire, p1127-1128.
[4]– يتبين البعد الحلزوني في انطلاق التربية من الفرد إلى المجتمع، والعكس صحيح، ومن الدنيا إلى الآخرة.
[5]-ماجد عريان الكيلاني: تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية، ط2، 1985، ص: 12، بتصرف.
[6]-محمد عابد الجابري: من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا، ط1، 1977، ص 164، بتصرف.
[7]-سالك أحمد معلوم: الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي، ط2، 1993، ص 223.
[8]-عبد العزيز بن عبد الله بن محمد الرشودي: التفكير التربوي عند عبد الرحمان السعدي، دار ابن الجوزي، 2000، ص401-402.
[9]-المرجع نفسه، ص411.
[10]-المرجع نفسه، ص435.
[11]-طه عبد الرحمان: من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر، ط 2، 20016، ص34.
[12]-فتحي حسن ملكاوي: مؤتمر نحو بناء نظرية تربوية إسلامية، بحوث المؤتمر، ج2، عمان-الأردن،1991، ص318.
[13]-المرجع نفسه، ص338.
[14]– المرجع نفسه، ص223.
[15]– ألبرت حوراني: الفكر العربي في عصر النهضة، ترجمة كريم عزقول، ص 130.
[16]-عبد الرحمن بدوي: فلسفة الدين والتربية عند كنت، ط1، 1980، ص 120.
[17]-الثقافة العربية وعصر المعلومات: نبيل علي، مجلة عالم المعرفة، العدد 265، يناير 2001، ص 312-313، بتصرف.
[18]-إبراهيم ناصر: فلسفات التربية، ط1، دار وائل، الأردن- عمان، 2001، ص 101.
[19]-أحمد الفيش: أصول التربية، ط 3، 2004، ص: 106.
[20]-المرجع نفسه، ص106.
[21]-المرجع نفسه، ص106.
[22]-المرجع نفسه، ص108.
[23] طه عبد الرحمان: من الإنسان الأبتر إلى الإنسان الكوثر، ط 2، 2016، ص 14.
[24]-سعيد يقطين: تحيل الخطاب الروائي، ط3، 1997، ص19.
[25]-جورج طرابيشي: إشكاليات العقل العربي، ط1، 1998، ص311.
[26]-محمد عابد الجابري: من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا، ط1، 1977، ص 150.
[27]-المرجع نفسه، نفس المعطيات.
[28]-ابن سينا: رسالة السياسة، مجلة الآداب، بيروت،ط1، 1906، ص: 34.
[29]-إخوان الصفا: رسائل إخوان الصفا، ج1، ج4، ص: 307، 308.
[30]-أبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر، ط1، ج1، ص405.
[31]-الغزالي: أيها الولد، ط4، 2010، ص114.
[32]-الفكر التربوي العربي الحديث:سعيد إسماعيل علي، مجلة عالم المعرفة، العدد 113، ماي 1987، ص 88.
[33]-المرجع نفسه، ص 94.
[34]-ماجد عرسان الكيلاني: التربية والتجديد، ط1، 2005، ص 103.
[35]-يعد شارل ساندرس بيرس Charless sanders perce أول من استعمل مصطلح البراغماتية.
[36]-الفكر التربوي العربي الحديث: سعيد إسماعيل علي، مجلة عالم المعرفة، العدد 113، ماي 1987، ص 287.
[37]-حسن بن علي بن حسن الحجاجي: الفكر التربوي عند ابن القيم، ط1، 1988، ص 261.
[38]– زكرياء إسماعيل أبو الضبعات: الديمقراطية وفلسفة التربية، ط1، 2009، ص 92.
[39]-ميشيل توماسيللو: الأصول الثقافية للمعرفة البشرية، ترجمة شوقي جلال، ط1، 2006، ص 59.
[40]– حسن بن علي بن حسن الحجاجي: التفكير التربوي عند ابن رجب الحنبلي، ط1، 1996، ص 57.
[41]-الفكر التربوي العربي الحديث: سعيد إسماعيل علي، مجلة عالم المعرفة، العدد 113، ماي 1987، ص 201.