
المسؤولية القانونية الدولية للحرب الكيماوية في شمال المغرب
بين سنتي 1921 -1927
محمد أمزيان/ باحث في سلك الدكتوراه، مختبر الدراسات السياسية والعلاقات الدولية
بجامعة محمد بن عبد الله بفاس/ المغرب
مقال نشر في مجلة جيل حقوق الإنسان العدد 29 ص 113.
مقدمةتعتبر الحرب الكيماوية بشمال المغرب بين سنتي 1921 – 1927 من أهم الحروب الكيماوية في تاريخنا المعاصر، من حيث إدارتها كما وكيفا من طرف القوى الإستعمارية أنذاك، وبتحايل تام على مختلف أحكام ومقتضيات الإتفاقيات الدولية خاصة إتفاقيتي للسلام 1899-1907 التي نصت على حظر إستخدام القذائف التي تحمل أي نوع من أنواع الغازات السامة، وكذا معاهدة فرساي لسنة 1919 التي ذهبت بعض أحكامها إلى منع ألمانيا من إنتاج وتسويق وتخزين وتصدير وإستيراد الأسلحة الكيماوية وما شابهها حسب الفصلين 170 و171 وبروتوكول جنيف لسنة 1925 والقاضي بحظر اللجوء إلى حرب الغازات والحرب الجرثومية وحرم خلالها مختلف أنواع الغازات السامة والمواد المشابهة لها، وكما ذهبت عدة توصيات والقرارات الصادرة عن عصبة الأمم والجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد بجلاء منع إستعمال الأسلحة الكيماوية والغازات السامة. إلا أن القوى الإستعمارية وحلفائها ألقوا قنابل تجريبية كيماوية في محاولة إخماد مقاومة شمال المغرب بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي وقد أكدتها مجموعة من المصادر التاريخية والكتابات المؤرخة لمرحلة ما بين 1921-1927 وأن المستعمر تجاهل لكافة أحكام ومقتضيات الإتفاقيات الدولية المذكورة أعلاه بشأن حظر إستخدام الأسلحة.
إن هذا العدوان الكيماوي قد انعكس سلبا على الحياة العامة في المنطقة([1])، وأثر على الإنسان والبيئة بشكل عام، لكون الأضرر لم تكن ظرفيا أو مؤقتا، بل اتخذت طابعا مستمرا بسبب إنتشار الأمراض السرطانية.
للإلمام والتوسع أكثر في هذا المقال، إرتأينا أن نعالج الإشكالية وهي على الشكل التالي: إلى أي حد يمكن إعتبار حرب الريف جريمة دولية في إطار قواعد القانون الدولي؟.
أما عن منهجية الدراسة فسيتم معالجة هذا المقال من منظور تاريخي بإعتبار حرب الريف جزء أساسي من تاريخ المغرب المعاصر الأمر الذي يستدعي منا الخوض في تبيان الحقائق من خلال المصادر التاريخية والكتابات المؤرخة لتلك المرحلة. ثم دراسته من جانب قانوني بحيث يمكن إستخلاص المبادئ العامة لقواعد وأعراف الحرب من خلال استقراء النصوص القانونية للإتفاقيات الدولية، من أجل تحديد مسؤولية الأطراف وطبيعتها وآثارها.
لهذه الأسباب، ارتأينا أن نقسم هذا المقال إلى: المحور الأول/ موقف القانون الدولي من حرب شمال المغرب بين سنتي 1921-1927 المحور الثاني/ التكييف القانوني للحرب الكيماوية في شمال المغربالمحور الأول/ موقف القانون الدولي من حرب شمال المغرب بين سنتي 1921-1927
كانت الحروب قبل عهد عصبة الأمم مقرونة بسيادة الدولية الداخلية في إختيارها، لكن بعد تطور قواعد القانون الدولي بدأت مجموعة من الإتفاقيات تراعي الجوانب الإنسانية والأخلاقية في العمليات القتالية خاصة إتفاقيتي لاهاي للسلام لسنتي 1899-1907([2]) المتعلقتين بقوانين الحرب وأعرافها النواة الأساسية لفكرة الجريمة الدولية، وتوالت بعدها محاولات لتقنين هذه الجرائم وتحريم الأسلحة الكيماوية والجرثومية،وكانت كل الإتفاقيات والمعاهدات الجماعية منها والثنائية أساسها إتفاقيتي لاهاي،([3])، باعتبارها أيضا مؤطرة للعلاقات الدولية، وقد جرى التركيز على مقتضياتها نظرا لطبيعتها العرفية، مما جعل القواعد المنظمة للعمليات القتالية عرفية وذات طابع عالمي، لا يمكن للدولة التنصل من الإلتزام بها بحجة غياب رابطة تعاقدية إزاءها ([4]).
الفقرة الأولى/ اتفاقيات حظر الأسلحة الكيماوية قبل وأثناء حرب الريف
كما تجدر الإشارة إلى أن الأعراف الدولية التي ظهرت في شكل مواثيق واتفاقيات دولية، كانت ولازالت تؤكد على وجود هذا القانون الذي يمثل أي إخلال به، يعتبر عدوانا على مصلحة تهم الجماعة الدولية، ويهدد أمنها واستقرارها، الأمر الذي يقتضي توقيع الجزاء على مخالفته([5]).
لعل من أهم المعاهدات والقرارات التي تناولت تحريم إستعمال بعض الأسلحة الكيماوية وهي على التالي:
– إعلان سانت بطرسبورج 1868باعتباره أول وثيقة دولية تقيد حرية الدول في إستعمال السلاح الذي يحدث أضرارﴽ مفرطة في جسم الإنسان كالأسلحة الحارقة والغازات السامة([6]).
– إتفاقية ستراسبورغ لسنة 1674، التي تمت بين فرنسا وألمانيا، في محتواها: ” يمنع أثناء الحروب إستخدام أي نوع من السموم لتسميم مصادر المياه والغذاء أو استخدام الأسلحة السامة”([7]).
– مؤتمر بروكسيل الذي انعقد في 27/08/1874، وهو مؤتمر بحث قوانين الحرب([8])، ضمن ما اتفق عليه عدم استخدام السموم والأسلحة السامة، غير أن هذا الإتفاق لم ينفذ من قبل الموقعين.
– مؤتمر لاهاي الأول للسلام 1899، الذي انعقد بدعوة من روسيا، وفيه تعهد المؤتمرون بعدم استخدام القذائف التي تحمل أي نوع من أنواع الغازات السامة… وكذلك مؤتمر لاهاي الثاني للسلام 1907 وجاء بعد عامين من استعمال الإنجليز الغازات الخانقة ضد الروس، وقد وافق المؤتمرون على ما جاء من قرارات في مؤتمر لاهاي الأول وتعهدوا بتنفيذها.([9])
– معاهدة فرساي 1919 والتي نصت في الفصل 170 على مايلي: ” يحظر استيراد الأسلحة والذخيرة والعتاد الحربي من كافة الأنواع، إلى ألمانيا منعا كليا، ويسري نفس الحظر على صنع الأسلحة والذخيرة والعتاد الحربي بألمانيا، مهما كانت نوعيتها، ويحظر تصديرها إلى الدول الأجنبية”. أما الفصل 171 فقد نص على أن:
” إذا كان إستعمال الغازات الخانقة والسامة، والغازات الأخرى، وما يماثلها من السوائل أو المواد، إستعمالا محظورا، فإن إنتاجها بألمانيا، أو إستيرادها إليها، ممنوع بشكل نهائي وقاطع.”
– مؤتمر واشنطن 1921 – 1922، الذي اتفق فيه الفرنسيون والبريطانيون والإيطاليون واليابانيون على عدم إستخدام الغازات السامة، لكن الفرنسيون أضعفوا الصفة القانونية للإتفاقية بـامتناعهم على تنفيذه.
– بروتوكول جنيـﭪ 17 يونيو1925، والقاضي بحظر اللجوء إلى حرب الغازات، والحرب الجرثومية([10])، ويعد هذا البروتوكول من أبرز النصوص الذي حظر استعمال وتوظيف الغازات الخانقة والسامة أو المماثلة والوسائل الجرثومية خلال الحرب، وتحريم هذه الأنواع من الأسلحة([11]).
– قرارات المجلس وجمعية عصبة الأمم الصادر بتاريخ 14/05/1938 و30/08/1938([12]).
إن هذا التطور المطرد للإتفاقيات الدولية لحظر استعمال الغازات السامة والأسلحة الكيماوية، جاء نتيجة مظاهر العنف والشراسة والقتل والإعدامات الجماعية والتعذيب والمعاملات اللاإنسانية إزاء الأسرى وقتل المدنيين، وإستعمال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. ولتجنب إرتكاب هذه الإنتهاكات، لابد من الإنخراط في اتفاقيات لاهاي 1899 و1907 وبروتوكول جنيـﭪ لعام 1925 وإتفاقيات جنيـﭪ لعام 1949، بحكم لهذه الإتفاقيات نصوص تلزم الأطراف المتعاقدة فيها بعدم اللجوء إلى تلك الممارسات القتالية الوحشية، فهي دعوات من المجتمع الدولي بعد حرب الريف (1921 – 1927).
هكذا، نجد قانون لاهاي لسنة 1907 أول من يشير إلى المسؤولية المدنية في حالة إنتهاك لمقتضياته وقواعده، حسب المادة الثالثة من الإتفاقية بشكل صريح على أنه يتعين على الدولة دفع تعويض عن الضرر أو الفعل غير المشروع دوليا. الذي تسبب فيه([13])، ولذا يمكن إعتبار الأطراف التي شاركت في حرب شمال المغرب مسؤولة عن الأفعال غير المشروعة دوليا التي ارتكبوها جراء خرقهم لمعظم مقتضيات اتفاقية لاهاي 1907.
شهد القانون الجنائي الدولي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، عدة تطورات، شملت هي الأخرى موضوع المسؤولية الجنائية الدولية والتي توجت باتفاقية فرساي لسنة 1919، حيث تضمنت هذه الأخيرة مقتضيات صارمة بشأن مخالفة قواعد وأعرف الحرب وتقييد اللجوء إليه، والتي شكلت تحولا مهما فيما يتصل بالموقف من حق الدولة المطلق في إعلان الحرب، ومن هذا القبيل، تضمنت مقتضيات تمنع ألمانيا صنع وإستيراد الغازات السامة والخانقة أو المواد المشابهة لها؛ وكذا كل السوائل والمواد المماثلة.
ويتضح من خلال جميع النصوص، أن تحريم الأسلحة الكيماوية لا يتوقف على إستعمالها أثناء الحرب فقط، إنما يسري هذا التحريم حتى في حالة السلم، أي أثناء تحويلها وتصديرها واستيرادها من أية جهة كانت، من هنا يتضح أن ألمانيا لم تحترم هذه المقتضيات الواردة في إتفاقية فرساي وخاصة المادتين 170 و171، حيث قامت بتخزين وتصدير المواد الخاصة المكونة للأسلحة والبيولوجية التي شملها الحظر إلى إسبانيا خاصة نحو مدينة مليلية المحتلة في فترة الحرب الممتدة بين 1921-1927من أجل دعم الجيش الإسباني في إطار نهج إستراتيجية “شتولسبورغ التلويثية” لشمال المغرب لقضاء على المقاومة([14]).
ذهب فريق من الفقة، إلى اعتبار إتفاقية فرساي تخص الدول الأوروبية فقط، دون الدول الأخرى، إلا أن ورود عبارة “….ويحظر تصديرها إلى الدول الأجنبية” في الفصل 170 يفند هذا الطرح، حيث أن كل استيراد أو تصدير للمواد المحظورة من طرف ألمانيا إلى الدول الأجنبية، سواء كانت دولا موقعة للمعاهدة أو غير موقعة لها، يمثل خرقا وتعارضا صارخا لبنود فرساي.
ويعد بروتوكول جنيف أيضا الموقعة في 7 يونيو1925 من أهم البنود التي شددت على منع إستعمال الغازات السامة والخانقة أو المماثلة والوسائل الجرثومية خلال الحرب([15]). جاء هذا البروتوكول أثناء حرب الرﱢيف، والتي لعبت فيها فرنسا دورﴽ محوريـﴼ في إنجاح هذا المؤتمر، إلا أن الأوضاع تسير في اتجاه معاكس ما جاء به بروتوكول في تلك المرحلة، حيث تعرضت المنطقة لوابل من الغازات السامة بمختلف أنواعها من قبل إسبانيا وفرنسا رغم توقيعهما على معاهدة تحريم الأسلحة الكيماوية([16]).
الفقرة الثانية: إتفاقيات حظر الأسلحة الكيماوية بعد حرب الريف
إن الحديث عن الإتفاقيات الدولية لحظر الغازات السامة والأسلحة الكيماوية قبل وأثناء حرب الريف كان أمرﴽ ضروريـﴼ، محاولة منا إبراز مدى تكييف الإتفاقيات لحرب الريف، حيث دفع بالدول في الإسراع إلى ضرورة الحد من الأسلحة الكيماوية لتخفيف من ويلات الحرب وحماية المدنيين([17])، وخاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي توجت بـاتفاقيات عدة كانت جل مصادرها إتفاقيات لاهاي للسلام 1899 – 1907، وبروتوكول جنيف 1925. ولهذا تم إصدار مجموعة من التوصيات والقرارات من طرف عصبة الأمم أنذاك، والأمم المتحدة، تؤكد على ضرورة إحترام قانون الحرب – القانون الدولي الإنساني- والتي يمكن أن نوجزها فيما يلي:
-إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949([18])، وبرتوكولين المكملين لها لعام 1977، وأهم ماجاء به البروتوكولان هو إعتبار حروب التحرير الوطني حروبـﴼ دولية وليست داخلية كما كانت تدعي الدول الإستعمارية، ونصا على عدد مهم من المقتضيات القانونية المتعلقة بتسيير العمليات الحربية والمعروفة في قانون لاهاي، وبعض المبادئ التي تهدف إلى تقييد حرية الدول في إختيار وسائل وطرق الإيذاء.
– معاهدة حظر إنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة البيولوجية والسامة لعام 1971.
– إتفاقية الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية لعام 1980 وبرتوكولاتها الأربعة، وخاصة البروتوكول الثالث حول حظر وتقييد إستعمال الأسلحة الحارقة 1980.
– توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2932/1972 ورقم 3255/1974.
– ومن بين التوصيات الأخرى المهمة التي تحظر إستخدام الأسلحة الخانقة والسامة والغازات المشابهة، توصية الجمعية رقم 2603/1969، وتوصية رقم 3318/1974؛ ومؤتمر باريس لعام 1989.
– توصية الجمعية العامة رقم 1969/2454 لحظر استعمال الأسلحة البيولوجية أو الجرثومية
– الإتفاقية الدولية حول حظر إجراء دراسات وإنتاج وتخزين ونقل واستعمال الأسلحة البيولوجية وتدميرها لعام 1972.
– القرار رقم 780 المؤرخ في 06/10/1992 اتخذ مجلس الأمن خطوته الأولى لفرض إحترام القانون الدولي الإنساني، حيث طلب فيه من الأمين العام للأمم المتحدة تأسيس لجنة غير متحيزة من الخبراء لفحص وتحليل المعلومات المثبة في قراره رقم 771 المؤرخ في 13/07/1992 والذي أعرب فيه عن بالغ قلقه عن التقارير المتواصلة للإنتشار الواسع لإنتهاكات القانون الدولي الإنساني لاسيما في البوسنة والهرسك([19]).
كل هذه الإتفاقيات والتوصيات، ترتكز أساسـﴼ على نظام حماية الأشخاص وممتلكاتهم وبيئتهم الطبيعية، فإذا كانت الأحكام السابقة المتعلقة بتحديد أو حظر بعض الأسلحة أو وسائل القتال تقوم على فكرة إلتزام حدود الضرورة العسكرية دون اللجوء إلى أعمال مفرطة وهمجية، فإن نظام الحماية في القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة يقوم أساسـﴼ على الأحكام الإنسانية وحماية الأفراد والمجموعات وتمكينهم بالتمتع بالحقوق الأساسية؛ كالحق في الحياة والسلامة البدنية… وتظل الحماية شرطﴼ أساسيـﴼ ومبدأ رئيسيـﴼ من مبادئ القانون الدولي العام، سواء في حالة السلم أو الحرب، والذي يعرف بشرط مارتنز([20]).
حيث، الدولة مسؤولة عن أعمالها وأعمال من يمثلها من السلطات الإدارية والعسكرية في حال إنتهاك القانون الدولي بـارتكاب إحدى المخالفات التي تتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية سواء الفردية منها أو الجماعية، كالإبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان…
المحور الثاني: التكييف القانوني الحرب الكيماوية في شمال المغرب
لا يخلو أي نظام قانوني، سواء تعلق الأمر بالقواعد العامة للقانون الدولي أو النصوص التعاقدية بين الدول، من مبدأ المسؤولية، ويكتسي هذا المبدأ في القوانين الوطنية الداخلية للدولة أو القواعد القانون الدولي أهمية، ولا يمكن تصور التشريع بدون المسؤولية الذي يمكن أن يترتب على عدم تنفيذه من قبل الأطراف المعنية.
الفقرة الأولى: الأطراف المسؤولة في الحرب الكيماوية في شمال المغرب
تعتبر إسبانيا فاعلة وطرف أساسي في إستعمال الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا، ومحاولة منها؛ شل قدرات المقاومة بعد معركة أنوال لسنة 1921، وإعادة الإعتبار للمملكة الإسبانية أنذاك في تنفيذ سياستها التوسعية وضمان تواجدها في شمال المغرب، وذلك باستعمال المفرط للقوة وبشكل ممنهج، دون رد الإعتبار للمتطلبات الإنسانية، وبدأت في تنفيذ مخططها بشن حربـﴼ شاملة برﴽ وبحرﴽ وجوﴽ، دون تمييز بين المقاتلين والمدنيين مع إستعمال الأسلحة المحظورة دوليا، وكانت فكرة إستخدام الغازات السامة في الريف كسلاح قادر على القضاء على العدو بفعالية وسرعة، قد ظهرت منذ ما قبل معركة أنوال بمدة طويلة، حيث، اهتم الملك الفونصو الثالث عشر الإسباني بتجهيز الجيش بالوسائل الحربية الحديثة جدا([21]).
بعدئذ، أصبحت صفقات “شتولنسبورغ” كافية لحصول إسبانيا على الأسلحة الكيماوية والغازات الخانقة، وتم تشييد مجموعة من المصانع في إسبانيا([22])، ومصنع في مليلية، وبـاعتبار إسبانيا فاعل رئيسي في حرب الريف، ويسجل لأول مرة في التاريخ يتم إستخدام الأسلحة الكيماوية عن طريق قذفها في الجو من طرف القوات الإسبانية وبشكل مباشر في شمال إفريقيا، مما جعلت المنطقة مسرحا للتجارب بمختلف المنتجات الحربية الجديدة بما في ذلك الغازات السامة([23]).
لعبت فرنسا أيضا، دورﴽ مهمـﴼ في تصدي لزحف المقاومة بعد معركة أنوال، قامت فرنسا بتعزيز القوات الإسبانية وتمكينها من الحصول على المواد الكيماوية، وبما أنهم كانوا على علم بـاستعمال الإسبان للغازات السامة، وإلتزام الصمت، ورغم تمتع المقاومة بالشجاعة وتعرف البلاد الجبلية الوعرة وسرعة الإنتقال، مما دفع بالقائد العسكري “مارشال فيليب بيتان” بطلب الإرسال الفوري للتعزيزات من باريس([24]).
وفي هذا الصدد، إقتنت إسبانيا من فرنسا ثلاثة أنواع من الأسلحة المحظورة دوليا وهي:
– غاز كلوروبيكرين: ذو مفعول مسيل للدموع وخانق، مصنف ضمن الغازات المسمم للرئة، الذي يؤدي المدى البعيد إلى الموت؛
– غاز الكلوريد: هو خفيف جدﴽ وسريع التبخر، فهو غاز الفوسجين، له ﺁثار سامة هائلة يحرق الرئتين كل من إستنشقه في أمد خمس أو ست ساعات، فهو يتلاشى بسرعة([25])؛
– هو نوع من الغاز الرهيب، بفعل ﺁثاره، حسب (ســاردا بنــيــتوsarda bneto )، فهو خليط بين الإثنين، أي ( بين الأول والثاني المذكورين أعلاه) يتسم بنفس الخاصية… ويتسم أيضا بخطورة تحضيره حتى بالنسبة للعمال([26]).
ولهذا تبقى فرنسا طرفا أمام إسبانيا ومسؤولة عن جرائم الحرب التي ارتكبت في الريف لمرحلة ما بين 1921- 1927 في شن الهجمات الكيماوية مخلفة ضحايا في صفوف المدنيين، وبجانب فاعلين ثانويين ﺁخرين كل من ألمانيا وابريطانيا.
منذ سنة 1918، ألحﱠ الملك الإسباني الفونصو الثالث عشر للحصول على الأسلحة الكيماوية، وإعجابه بتقنية الألمانية في صناعته، ورغبتة في التعرف على نتائج التجارب الغازية والتي تعاضمت بعد معركة أنوال 1921، حيث التملص قدر المستطاع من قرارات الخاصة بنزع الأسلحة الكيماوية التي أملتها معاهدة فرساي 1919. مما دفعت بشركة “شتولسنبورغ” إعادة إستغلال الغازات الحربية بإقتراح من البروفيسور ”فريتس هابير”([27]).
وفرت ألمانيا لإسبانيا كميات لازمة من “اللوست” و”الفوسجين” و”الكلارك” من مدينة “برولوه” الألمانيا ومنها إلى الخارج، وتم تشييد معمل “اللوست” في سنة 1923 بمليلية وفي مناطق إسبانية أخرى. وتم تقوية السلاح الجوي، مثل شركة LKW، وشركة “دورنيي ويونكرس” المختصة في صنع الطائرات البحرية من نوع “ﭬــﺎﻝ”، ذات الإستعمال البحري، فهذه الطائرات ترصو بقاعدة “مارتشيكا”MAR CHICA المحادية لمدينة مليلية المحتلة، وقامت بغارات استعملت من خلالها قنابل الكيماوية([28]).
يعتبر دور ألمانيا مميزﴽ عن باقي الدول، لكونها طرفـﴼ رئيسيـﴼ وأساسيـﴼ في حصول إسبانيا على ما يلزمها من أسلحة كيماوية مع الحفاظ بالسرية التامة، ولم يقتصر التعاون على مجال صنع الغازات الكيميائية والعتاد الحربي فقط، بل تجاوزها إلى تجنيد بعض الألمانيين في قوات اللفيف الأجنبي الإسباني([29]).
إن بريطانيا ليست بمنأى عن حرب الكيماوية الريف، فالكفاح الريفي شكل أنذاك خطرﴽ على مصالح بريطانيا التي كانت لها نفوذ في الشرق الأوسط([30]). فليس من مصلحة بريطانيا أن تنهزم إسبانيا في المغرب وانسحابها بشكل نهائي وترك المجال لفرنسا، فالمصالح السرية البريطانيا اكتشفوا الصفقات التي تمت بين إسبانيا وألمانيا، غير أنها دائمـﴼ تسعى للحفاظ على توازن القوى([31])، فـابريطانيا لم تكتفي بـإلتزام الصمت، بل ساهمت في تدعيم تواجد إسبان بشمال المغرب عسكريـﴼ، إذ تدخلت لحل مشكل يتعلق أساسـﴼ بصناعة القنابل، حيث تم تزويد إسبان بـ“مشعال” إنجليزي الصنع حساس للغاية، وفي 26 يونيو 1923 تم إستعراض ]للمنجزات العسكري [ بأرنخويس، حيث تم التعريف بـ”مشعل اللغم الإنجليزي”، وتجريب قنبلتين معبأتين بغاز الكلوربكرين([32]). كانت الحكومة البريطانيا على تواطئ تام مع إسبانيا وفرنسا من أجل حسم المعركة بكل الوسائل، ومن رغم رسائل وإحتجاجات التي ترد على القنصلية البريطانيا حول إستعمال إسبانيا وفرنسا للغازات السامة([33])، إلا أنها لم تحرك ساكنـﴽ، ولم تصدر أي بيان تنديدي أو إستنكاري، بـاعتبارها مشاركة وموقعة على معاهدة فرساي 1919، وأيضا بروتوكول جنيف 1925، والذي جاء فيه، أن الموقعين: « يعتبرون أن استعمال الغازات الخانقة أو السامة وكل ما شابههما من مواد سائلة أو معدات في الحرب أمر يدينه عن حق الرأي العام في العالم المتمدن»([34]).
الفقرة الثانية المسؤولية القانونية الدولية لحرب الريف
أمام ثبوت إستخدام الأسلحة الكيماوية والهيدروجينية (الغازات السامة) المحرمة دوليا في حرب الريف من طرف القوى الأساسية – إسبانيا وفرنسا بمشاركة ومساهمة ألمانيا وبريطانيا وعلى شعب مسالم وضد إقليم تابع لدولة ذات سيادة، الشيء الذي يترتب عنه المسؤولية الدولية الجنائية منها والمدنية لكل الأطراف عن عدوانهم الكيماوي([35])، والذي تحقق صوره عندما تم تسخير واستخدام الأسلحة المحظورة دوليـﴼ، كالأسلحة الكيماوية والجرثومية أو في الإعتداء أو الغزو من قبل القوات المسلحة التابعة للدولة المعتدية أو الغازية، ومن خلاله تعتبر الحرب العدوانية جريمة دولية حسب بروتوكول جنيــــف 1924. وكما نص عليه عهد عصبة الأمم سنة 1919 والإتفاقيات اللاحقة الخاصة بمنع الحروب كإتفاقية لوكارنو1925. وميثاق باريس 1928(بريان كيلوج)([36])، وميثاق الأمم المتحدة 1945، فإن قيام بحرب عدوانية من أية دولة اشتركت في إحدى هذه الإتفاقيات أو إنضمت إليها إنضماما لاحقا يعتبر إخلالا بالتزام تعاقدي([37]).
عرفت مرحلة حرب الريف، إستعمالا مفرطا للقوة والغازات السامة والقنابل الكيماوية المحظورة، ويعد عملا غير مشروع في القانون الدولي والذي ترتب عليه ضررا ماديا ومعنويا للدولة المغربية ولرعاياها. حيث أن ثبوت المسؤولية الدولية في حرب الريف يفرض على عاتق الأطراف المخالفة لقواعد القانون الدولي بالتعويض([38])، ويقصد بالتعويض عامة جبر الضرر الناشئة عن ارتكاب فعل أو أفعال مخالف للقانون الدولي، هدفه إزالة الأضرار. من أهم الآثار التي تترتب على ثبوت المسؤولية الدولية على الدولة دفع التعويض المناسب للمتضررين، وتمثل التعويض في القانون الدولي العام في إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر أو تقديم ترضية مناسبة يرضاه الطرف المتضرر أو تقديم تعويض عيني أو نقدي([39]). إن جرائم التي شهدتها منطقة شمال المغرب يصعب تقييم الخسائر بشكل مادي لتحديد أرقام ثابتة حول الخسائر البشرية، فمهما بلغ التقييم من الكمال، فإنه لا يمكن إحاطة حرب الريف بكل جوانبها، لكون الحرب وقعت في بداية العشرية من القرن الماضي، فإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع العدوان الكيماوي على الريف أمر صعب جدﴽ بسبب تفشي الأمراض السرطانية التي تنتقل وراثيا وجينيا عبر تواتر الأجيال، وتنتقل أيضا من البيئة إلى الإنسان بشكل لافت ومخيف ناتج عن إستعمال إسبانيا وفرنسا للغازات السامة، ومختلف أنواع الأسلحة الفتاكة.
غير أن ما يلاحظ في نصوص هذه الإتفاقيات الدولية وغيرها، هو خلوها من تعريف الجريمة الدولية، تاركة في ذلك المجال للإجتهادات الفقهية(([40])). ورغم الإختلافات الفقهية في مفهوم الجريمة، فالمسؤولية الاجرامية والجنائية في حرب الريف تتجلى من خلال العدوان الكيماوي الذي اقترفته إسبانيا وفرنسا وبمساعدة ألمانيا وبريطانيا ضد المغرب مع توفر نية القتل، أو تصفية المتمردين حسب زعمهم، باعتباره ركنا معنويا للجريمة، مما نتج عن تلويث المنطقة بشكل ممنهج أسفرت عن عدد كبير من الضحايا والجرحى من المدنيين بمختلف الفئات، ومع توفر الركن المادي المتمثل في صورة السلوك الإيجابي وهو القيام بعمل يحظره القانون ويؤدي إلى الجريمة الدولية، ومثاله استخدام الأسلحة المحظورة والقتل والتعذيب والتنكيل بالأسرى وتدمير المدن والأثار، …الخ. كلها أعمال مخالفة لقواعد القانون الدولي الجنائي وتؤدي إلى إرتكاب جرائم حرب([41]). واتخذ السلوك السلبي أيضا في منع تقديم الدواء والمساعدات الطبية للجرحى والمصابين من السكان، حيث رفضت – على سبيل المثال – تدخل الهيئة الدولية للصليب الأحمر في المنطقة خلال صيف 1925، رغم نداءات محمد عبد الكريم الخطابي إلى الهيئة الدولية للصليب الأحمر وإلى الرأي العام الأوروبي والإسلامي([42]).
فالمسؤولية الدولية الجنائية في حرب الريف تتوفر على جميع عناصرها، كالعنصر المادي، والعنصر المعنوي فمدلوله نفسي أو شخصي في الجريمة، أي الإرادة التي يقترن بها السلوك، والعلاقة السببية التي تربط بين السلوك المادي والنتيجة.
يحق للدولة المغربية مطالبة بالتعويض عن الأضرار النفسية والأدبية والجسمانية التي أصاب سكان شمال المغرب([43]) من جراء مخالفتهم لإلتزامات الدولية، إذ أن الآلام النفسية التي يعاني منها سكان إقليم المغرب من جراء الإعتداء عليه وإنتهاك حقوقه والمساس بحريته، ﹸيعد سببـﴼ للمطالبة الدولية لكون الأضرار التي تعرضت لها المنطقة مادية ومعنوية، فيحق للدولة المغربية في مطالبة بالتعويض وجبر الضرر([44]).
فقد اتخذ الضرر في حرب الريف ثلاث صفات أساسية:
* حصول ضرر مباشر، من خلال العدوان الكيماوي على المنطقة، والإعتداء على الدولة ووحدتها الترابية وانتهاك لسيادتها الوطنية؛
* إخلال بواجب تفرضه قواعد القانون الدولي، حيث تم خرق معاهدات وإتفاقيات دولية من طرف الأطراف الفاعلة والمشاركة في حرب الريف؛
* إستهداف الضرر لرعايا الدولة المغربية في تلك المرحلة، مما نتج مأساة إنسانية لا زالت مستمرة إلى يومنا هذا، حيث اتخذ الضرر بـــعدين المادي والمعنوي.
إن الفصل في المطالبة يتم وفقــﴼ لمبدأ القانون الدولي، وأن حق المطالبة يكون للدولة المغربية دون الأفراد إلا فيما ندر من الإتفاقيات الإقليمية التي أعطت للأفراد حقا بمباشرة الإجراءات بأنفسهم، أما التعويض إما أن يكون نقدﴽ أو عينـﴼ بإعادة الحال إلى ما كان عليه أو ترضية تقدم للدولة المعتدى عليها.
الخاتمة
غير أن إستحضار مبادئ وأعراف الحرب، وأيضا مجموعة من الإتفاقيات الدولية التي تحظر إستخدام الأسلحة الكيماوية، والتي أفرزت مواثيق دولية التي تهتم بالجرائم الدولية، الأمر الذي يطرح المسؤولية الدولية لحرب الريف، باعتبارها جريمة دولية، حيث تتضمن جميع الأركان الواجب توافرها في الجرائم الدولية المتنوعة التي يعرفها القانون الدولي المعاصر، ولهذا يمكن مساءلة الأطراف الفاعلة والمساهمة في جرائم شمال المغرب.
رغم كل هذه الصعوبات التي تعترضنا، فهذا لم يمنعنا من استخلاص بعض النتائج والتي نورد منها ما يلي:
* إن خرق قواعد وأعراف الحرب المشار إليها في معاهدتي لاهاي لعام 1899 و1907 كقتل المدنيين، والتنكيل بالأسرى، وتدمير المدن والقرى…الخ تعتبر جرائم حرب، حسب المادة السادسة من ميثاق لندن المنشئ للمحكمة العسكرية الدولية لنورمبورغ لعام 1945.
* إن مخالفة للمعاهدات أو للإتفاقيات والمواثيق الدولية، كإتفاقيتي لاهاي للسلام 1899 – 1907 ومعاهدة فرساي 1919 وبوتوكول جنيف 1925 يشكل جريمة ضد السلام حسب المادة السادسة من لائحة لنورمبورغ 1945، فقصف الريف بالقنابل الكيماوية يعتبر عمل غير مشروع وخرقا صافرا للإتفاقيات والإلتزامات الدولية، مما يولد المسؤولية الدولية. حيث أن ميثاق طوكيو المنشئ للمحكمة العسكرية الدولية في الشرق الأقصى لعام 1946 تبنى نفس التقسيم السابق- المادة السادسة لمحكمة نورمبورغ.
* عدم الإعتداد بتقادم الجرائم الدولية نظرﴽ لخطورتها ومساسها بمصالح جوهرية للجماعة الدولية ككل، وهذا ما أكدته الجمعية العامة في قرارها رقم 2391 (د- 3) المؤرخ في 26 نوفمبر 1968، المتضمن اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. وهذا يوحي إلى ضرورة دراسة مسؤولية الدولية لحرب الريف جنائيا ومدنيا.
* توقيع العقاب على الجرائم الدولية – بصرف النظر عن زمان ارتكابها- إذ يهدف إلى ملاحقة ومعاقبة من ارتكبوا تلك الجرائم، لذا فالمساءلة الجنائية في حرب الريف قائمة رغم سقوطها بسبب وفاة الجناة، إلا أن المسؤولية الدولية المدنية هي المسطرة الوحيدة التي يمكن للدولة المغربية المطالبة بها وتبني قضايا رعاياه، بسبب وجود الرابطة الجنسية. لذا يجب تأهيل القانون الجنائي المغربي من أجل النظر في الجرائم المرتكبة في الريف وتحديد المسؤوليات.
* الدولة المغربية قادرة دون الأفراد على رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية، نيابة عن الضحايا، في إطار ما يعرف بممارسة دعوى الحماية الدبلوماسية، لكون الضحايا مغاربة.
إن الأخذ ببعض الإتفاقيات المنشئة للمحاكم الجنائية الخاصة، وذلك من أجل وضع مقاربة لطبيعة الجرائم الدولية التي هي من إختصاصاتها، محاولة منا لبناء صيغة جديدة التي من خلالها يمكن وصف طبيعة الحرب الكيماوية بالريف هل تندرج ضمن الجرائم الدولية المحددة لها سلفا.
في الختام، نأمل أن تأخذ قضية حرب الريف حصتها من الدراسة من طرف الأكاديميين من أجل التعريف بها على المستوى الدولي، وكشف مسؤولية مثيري الحرب بكل الوسائل القانونية الممكنة بعيدا عن الإعتبارات الجيوسياسية، نظرا لما تعانيها المنطقة وإلى يومنا هذا، من إنتشار مفرط وبشكل واسع للأمراض السرطانية بسبب الحرب القذرة التي شنتها القوى الإستعمارية على المنطقة.
([1])- مجموعة من التصريحات لمسؤولين كبار أنذاك تنصب حول الخسائر البشرية والمادية جراء إستعمال القنابل الكيماوية، حيث كتب الماريشال ليوطي أن: “الطائرات الإسبانية أضرت بشكل كبير القرى المتمردة باستعمال غاز Lacrymogène والغازات الخانقة… وكثيرا من الأطفال والنساء قصدوا طنجة لتلقي العلاجات الضرورية”. حيث قال مسؤول بريطاني كان قد زار منطقة الريف خلال يناير1926: “عدد كبير من الريفيين قتلوا وعدد آخر قصد العلاج، معظمهم شبه عمي وجهازهم التنفسي مصاب”.
حيث صرح القنصل الألماني بتطوان سنة 1927 بما يلي: “لم تكتفي القوات الإسبانية بتدمير القرى والمناطق السكنية…بل مارست عمليات التقتيل الجماعي وهي ممارسات، يمكن وصفها ببساطة بكونها إبادة شاملة للسكان”. للمزيد أكثر راجع مداخلة الأستاذ عمر المعلم في ندوة التي نظمتها جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان، حول موضوع الحرب الكيماوية ضد الريف، معطيات عن الجريمة وانعكاساتها، يوم 29 أبريل 2010. كما أوردتها وكالة أخبار الشمال،
– ماريا روسا ذي مادارياغا maria rosa de madariaga: في خندق الذئب، معارك المغرب، ترجمة الدكتورة: كنزة الغالي وتقديم: عبد الغني أبو العزم، مؤسسة الغني للنشر، الطبعة الأولى 2010، ص، 300.
([2])- المادة 22 من اتفاقية لاهاي 1907: “ليس للمتحاربين حق مطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو”.
– راجع الدكتور عبد الله سليمان سليمان، المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، طبعة1992، ص 30.
([3])- أوضح الوزير الخارجية الروسية “سيرجي لافروف”، في بيان نقلته وكالة أنباء “إيتار تاس” الروسية مساء الثلاثاء 24 يوليو 2013، أن موسكو رصدت من تصريحات ممثلي الخارجية السورية الإثنين 23 يوليو تلميحات بشأن استخدام محتمل للأسلحة الكيماوية في حالة العدوان الأجنبي، وأنها تؤكد في هذا الصدد على أنه في عام 1968 انضمت سوريا إلى التصديق على بروتوكول جنيف لعام 1925، الذي يـﹸحرم استخدام الغازات الخانقة والسامة وغيرها من الغازات الأخرى في الحرب، وأكد الوزير عن أمله في أن تلتزم السلطات السورية لبروتوكول جنيـﭪ 1925، الذي يـﹸحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو أي غازات أخرى في الحرب. نقلا عن موقع http://www.akhbarak.net، يوم الثلاثاء 24 يوليوز2013.
([4])- د.عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2005، ص، 23.
([5])- د. محمد بو سلطان، مبادئ القانون الدولي العام، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994، ص 75.
([6])- وتجدر الإشارة إلى أن إعلان سانت بطرسبورغ 1868 أصدرته الدول الأوروبية، والذي نص على تحريم إستعمال الرصاص المتفجر أو المقذوفات المتفجرة التي يقل وزنها عن 400 غرام. للمزيد أكثر راجع موقع الإلكتروني للجنة الدولية للصليب الأحمر http://www.icrc.orga.
– شكل إعلان سانت بطرسبورغ عام 1868 الخطوة الأولى في مسيرة قانون لاهاي، وقد جاء فيه: ” …أن تقدم الحضارة يجب أن يخفف قدر الإمكان من ويلات الحرب وأن الهدف الوحيد المشروع الذي على الدول أن تسعى إليه أثناء الحرب هو إضعاف القوات العسكرية للعدو..”، وفي الحقيقة فإن هذين المبدأين يضمان مفهومين تقليدين ملازمين للحروب وهما الضرورة العسكرية والمعاملة الإنسانية، للمزيد أكثر راجع الدكتور عامر الزمالي، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني، منشورات المعهد العربي لحقوق الإنسان. 1993، ص، 27.
([7])- الدكتور المندعي غالب العفيفي، الحرب الكيماوية، الطبعة الأولى، يناير 1991، ص، 26.
– راجع أيضا، على صادق أبو الهيف، القانون الدولي العام. منشأة المعارف. الاسكندرية. 1993. ص، 810.
([8])- الدكتور محمد اللافي. نظرات في أحكام الحرب والسلم، دراسة مقارنة. دار “إقرأ” للطباعة والترجمة والنشر والخدمات الإعلامية. طرابلس، ص، 1 – 85.
([9])- وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمرات لاهاي للسلام (1899 – 1907)، جاءت نتيجة امتداد ﺁثار “إعلان بروكسيل” المنعقد في 27/08/1874، وتعني مقتضياته بالخصوص بتنظيم أعراف وعادات الحرب البرية. غير أن مؤتمرات الأول للسلام لعام (1988) أسفرت عن إتفاقيتي الحرب البرية والحرب البحرية، تمخض عن توقيع عدة إتفاقيات منها: الإتفاقية الثانية المتعلقة بقواعد وعادات الحرب التي ألحقت بها لائحة الحرب البرية مستلهمة من “مشروع إعلان بروكسيل”، والإتفاقية الثالثة التي جاءت بتعديلات لمبادئ إتفاقية جنيف المتعلقة بالجرحى ومرضى الحرب البرية لتلائم حالة الحرب البحرية، وإلى جانب هذه الإتفاقيات التي تم ذكرها، فقد تم إصدار مجموعة من التصريحات منها: * حظر إلقاء المقذوفات من البالونات؛
* حظر إستعمال المقذوفات التي تنشر الغازات الخانقة؛
* حظر إستعمال المقذوفات التي تنفجر داخل جسم الإنسان.
– وكما تضمنت أيضا المادة 23: تحريم إستخدام السموم والأسلحة السامة، واستخدام الأسلحة والمقذوفات أو المواد التي من شأنها إحداث آلام مفرطة.
أما مؤتمر لاهاي الثاني للسلام (1907) فبحث في حالات الحرب البرية والبحرية، نتج عن هذه الإتفاقية ثلاثة عشر إتفاقية وإعلان، والتي تهم النزاعات المسلحة سواء في البر أو في البحر، وحلت إتفاقية الرابعة (1907) محل إتفاقية لاهاي لعام (1899). للمزيد أكثر راجع الدكتور محمد رضوان، المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني والعدالة الدولية، مطبعة افريقيا الشرق 2010، ص، 17.
([10])- وتم التوقيع على البروتوكول حظر إستخدام الأسلحة الكيماوية ثلاثون دولة مجتمعة في جنيف 1925، الذي ينص على ما يلي: ” انطلاقا من إدانة إجماع على هذا التحريم، والذي يشكل في نفس الوقت وثيقة تتمسك بها المجتمع الدولي لإستخدام الغازات المعدية أو السامة أو ما يماثلها من المواد السائلة أو الصلبة أو إستخدام أية وسيلة من وسائل إستعمال في الحروب، وانطلاقا من هذا المنع أو التحريم لإستخدامها قد ورد في الإتفاقيات والمعاهدات التي أقرتها معظم الدول ورغبة في التوصل إلى سائر الشعوب وتعتبر جزاء من الحقوق الدولية، يعلن الموقعون على هذه الوثيقة والمعتمدون من قبل حكوماتهم مايلي: تقر الأطراف الموقعة على هذه الوثيقة بتحريم هذه الأسلحة وتعلن موافقتها على أن يشمل هذا الحظر وسائل الحرب البكترولوجية وتعتبر نفسها ملزمة… على الدول الراغبة في إقرار هذه الوثيقة إعلام الحكومة الفرنسية…” للمزيد أكثر راجع الدكتور المندعي غالب العفيفي، الحرب الكيماوية، الطبعة الأولى، يناير 1991، ص، 27.
([11])- ويتميز بروتوكول جنيـﭪ 1925 بإشارته إلى تحريم الطرق والوسائل السامة أو الخانقة التي يمكن اللجوء إلى إستعمالها في العمليات القتالية سواء بواسطة المتفجرات والمقذوفات، أو المتفجرات الجوية والبرية والبحرية، وكل الوسائل التي تؤدي إلى الإختناق والتسمم، ونشر الدخان أو السحب السامة، والميزة الثانية توجيه إرادة كافة الدول بعدما كان التحريم لهذا السلاح مقتصرﴽ على معاهدة فرساي 1919 في مادتها 171 عن منع واستيراد الغازات الخانقة والسامة وكل السوائل والمواد المماثلة. للمزيد أكثر راجع الدكتور محمد رضوان، المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني والعدالة الدولية، مطبعة افريقيا الشرق 2010، ص، 42 و43.
– راجع د. محمد عزيز شكري، تاريخ القانون الدولي الإنساني وطبيعته، دراسات في القانون الدولي الإنساني، دار المستقبل العربي، الطبعة الأولى، 2000، ص 36.
([12])- وقد جاء في قرار 30 شتنبر 1938 تحت بند ” حماية السكان المدنيين من القصف الجوي في حالة الحرب” ويؤكد من جديد “… إستخدام الوسائل الكيماوية أو الجرثومية خلال الحرب يعد مناقضا للقانون الدولي…” للمزيد أكثر راجع نفس المرجع أعلاه، ص، 43.
([13])- ستانيسلاف نهليك: عرض موجز للقانون الدولي الإنساني. المجلة الدولية للصليب الأحمر- يوليوز غشت 1984. ص: 42. وأورده الدكتور محمد رضوان، المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني والعدالة الدولية، مطبعة افريقيا الشرق 2010، ص، 162.
([14])- Hugo Stoltzenberg “شتولسنبورغ”: هو صيدلاني وعالم كيميائي ألماني المرتبط بجهات من الحكومة الألمانية مكلفة بالأسلحة الكيميائية السرية في أوائل عشرينيات القرن الماضي، حيث شغل منصب رئيس طاقم الحرب الكيماوية بألمانيا، وحصل في وقت لاحق على الجنسية الإسبانية. وساهم في تأسيس الشركة الوطنية للمنتوجات الكيماوية “Fabrica Nacional de Productos Químicos” بمدينة “La Marañosa” بالقرب من مدريد بموجب اتفاقية بين ستولتسنبورغ واسبانيا يوم 10 يونيو 1922. للمزيد أكثر يراجع رودبيرت ورولف دبيتر مولر: حرب الغازات السامة بالمغرب، عبد الكريم الخطابي في مواجهة السلاح الكيميائي، ترجمة عبد العالي الأمراني، منشورات فيدباك، الطبعة الأولى: الرباط 1996، ص، 64.
([15])- راجع الدكتور محمد عزيز شكري، تاريخ القانون الدولي الإنساني وطبيعته، دراسات في القانون الدولي الإنساني، دار المستقبل العربي، الطبعة الأولى، 2000، ص 36.
([16])- حيث سجل التاريخ العسكري الحديث يقول الدكتور على الإدريسي: « بأن فرنسا واسبانيا الموقعتين على معاهدة تحريم إستعمال الغازات السامة في الحروب، أصبحتا أول دولتين في العالم تدشنان الحرب بالغازات الكيميائية عن طريق الجو بالطائرات، وبشكل ممنهج يرمي إلى تلويث المنطقة تلويثـﴼ شاملا بالغازات، خاصة وأن المختصين في آثار الغازات وتأثيرها، أقنعوا القيادات الإسبانية أولا ثم القيادات الفرنسية ثانيـﴼ بأن منطقة الريف ذات التضاريس الوعرة، هي أكثر ملائمة لإستراتيجية التلويث، لأن مفعول الغازات السامة بالوهاد والوديان يدوم مدة أطول من تلك التي يستغرقها بقاءه بالأرض المنبسطة التي تبعدها الرياح عنها بسرعة»، للمزيد اكثر راجع، د. على الادريسي: عبد الكريم الخطابي، التاريخ المحاصر، منشورات جريدة تفراز، الطبعة الأولى سنة 2007م، مطبعة دار النجاح الجديدة بالدار البيضاء، ص،87 – 86.
([17]) -mohamed bedjaoui: la guerre aujourd’hui, défi humanitaire. Collection mondes en devenir. Genève 1986.p :47
([18])- وتجدر الإشارة أن اتفاقيات جنيف الأربع تطبق مبدئيا في النزاعات المسلحة الدولية، مع وجود مادة الثالثة مشتركة بين الإتفاقيات الأربع تطبق في النزاعات المسلحة الداخلية.
([19])- الأمم المتحدة، الوثائق الرسمية لمجلس الأمن، السنة السابعة والأربعون، ملحق شهر أكتوبر ونوفمبر، الوثيقة (S/24657) .
([20])- ينسب هذا الشرط إلى مارتينز، وهو ديبلوماسي وقانوني روسي برز خلال صياغة أحكام إتفاقيات لاهاي، وإتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولان الإضافيان لهما، ومحتوى هذا الشرط أن المقاتلين والمدنيين تحت حماية وسلطات مبادئ القانون الدولي كما استقر بها العرف والمبادئ الإنسانية، وما يليه الضمير العام. للمزيد أكثر راجع:
– Voir, theodor meron: la protection de la personne humaine dans le cadre du droit relatif aux droits de l’homme et du droit humanitaire. Bulletin des droits de lhomme 91/1. Nations unies, New york 1992, p: 40.
([21])- كما أورده الدكتور أحمد الحمداوي: الإنعكاسات النفسية والإجرامية للسلاح الكيميائي على سكان الريف أعمال الندوة الدولية حول: إستعمال الغازات السامة، حرب الريف نموذجا، الناظور 24 فبراير2004، ص243 .
([22])- إتفقا المبعوثين الإسبانيين والألمانيين في مؤامرتهما بتشييد مصنع للمواد الكيماوية في سان مارتين دي لافيغا san martin de lavega ( الجنوب الشرقي لمدريد(، وأمام ضعف الإنتاج تم الإتصال بمجموعة “شتولسنبورغ Stolzenberg” الألمانية، للمزيد أكثر أنظر خوان باندو: التاريخ السري لحرب الريف، ترجمة: سناء الشعيري، سلسلة ضفاف، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص: 321.
([23])- سعيد محمد عبد الكريم الخطابي، أعمال الندوة الدولية حول: إستعمال الغازات السامة، حرب الريف نموذجا، الناظور 24 فبراير 2004، بإشراف ميمون شرقي، رشيد رخا، أحمد الحمداوي، الناشر: ايديسيون امازيغ، طبعة 2005، ص: 19.
([24])- حسب ما جاء في “النشرة الحربية الأسبوعية” للرابع من يوليوز 1925 ما يلي: “…فلتحقيق سلام سريع وبأقل وسائل، وبأقل عدد من الضحايا يجب على فرنسا أن تستعد هي الأخرى لعملية تستعمل فيها الغاز]السام[ على نطاق واسع كـﺁخر ورقة يمكن أن تلعبها، إذ لم تتمكن من حسم الصراع بوسائل أخرى…” للمزيد أكثر يراجع رودبيرت كونز ورولف ديير مولر: حرب الغازات السامة بالمغرب: عبد الكريم الخطابي في مواجهة السلاح الكيميائي، ترجمة عبد العالي الامراني، منشورات فيدباك، الطبعة الأولى: الرباط 1996، ص: 18.
([25])- “الفوسجين” هو غاز سام ذو تشكيلة مميتة، فتأثيره جد خطير، يستهدف بالأساس الغشاءات المخاطية للخلايا التنفسية فتدمرها، ويحدث إختناقات حادة تسبب الموت، ويسبب أعراض أخرى، كظهور قروح خطيرة على الجلد، أو التسبب في العمى الجزئي أو الكلي. للمزيد أكثر يراجع خوان باندو: التاريخ السري لحرب الريف، ترجمة: سناء الشعيري، سلسلة ضفاف، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص: 320.
([26])- ماريا روسا ذي مادارياكا: محمد بن عبد الكريم الخطابي والكفاح من أجل الإستقلال، ترجمة، محمد أونيا، عبد المجيد عزوزي، عبد الله الرايس، منشورات تيفراز 10، الطبعة الأولى 2013، مطبعة النجاح الجديدة، ص: 245.
– حدو بن حمو ] حدو لكحل البقيوي[، أحد أبرز القواد إلى جانب عبد الكريم.
([27])- البروفيسور ”فريتس هابير”هو المستشار الخاص، حاصل على جائزة نوبل، والملقب بـــــ “أب حرب الغازات السامة”، واعتبار شتولسنبورغ الساعد الأيمن لـ”هابير” الذي كان إسمه ضمن قائمة مجرمي الحرب في فترة معينة من الحرب العالمية الأولى. للمزيد أكثر راجع رودبيرت كونز ورولف ديير مولر: حرب الغازات السامة بالمغرب: عبد الكريم الخطابي في مواجهة السلاح الكيميائي، ترجمة عبد العالي الأمراني، منشورات فيدباك، الطبعة الاولى: الرباط 1996، ص:59.
([28])- نفس المرجع أعلاه، ص: 67.
([29])- عبد العزيز باقية، قراءة في كتاب “حرب الغازات السامة بالمغرب” عبد الكريم الخطابي في مواجهة السلاح الكيميائي”، أمل، ع 12 ،1997، ص: 176.
([30])- عبد الحق هاروشي، الولايات المتحدة في مواجهة جمهورية الريف،”الخطابي وجمهورية الريف”، دون ذكر إسم المطبعة وتاريخها، ص: 357.
([31])- هو ماعبر عليه الوزير الدائم للخارجية البريطانيا “السيراوتسن تشمبرلين” في نيسان 1926: “… لسنا على إستعداد أن نرى الشاطئ المتوسطي للمغرب، وخصوصا الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق بين أيدي قوة عظمى(…)، وإذا ما أدت النجاحات الريفية إلى طرد الإسبان من منطقة الريف المغربية، من ذلك سيؤدي إلى بروز وضع محير(…)، وأخيرا، نحن لسنا على استعداد لرؤية الفرنسيين أو الإيطاليين يستقرون بين سبتة ومليلية…” للمزيد أكثر يراجع عبد الحق هاروشي، نفس المرجع أعلاه، ص، 354.
([32])- نفس المرجع أعلاه، ص: 87.
– “الكلوربكرين” هو غاز سائل يهيج العينين والأغشية، ويسبب الغثيان، ويضر بالقلب والرئتين، فهو غاز لا ينحل بسرعة. للمزيد أكثر، أنظر مداخلة في ندوة تطوان تحت عنوان: “الحرب الكيماوية ضد الريف، معطيات عن الجريمة وإنعكاساتها”، من إعداد: عمر لمعلم، 29 أبريل 2010.
([33])- وتجدر الإشارة أيضا إلى أن أول خبر أورده القنصل العام البريطاني في طنجة، 20 دجنبر 1924، أرشيف وزارة الخارجية البريطانيا 317/10585 و19 أبريل 1925، 391/11077. حول القصف بالغازات السامة، أنظر كذلك تقرير الماريشال ليوطي (lyautey) ورئيس المجلس، الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية، 14 فبراير 1925، أرشيف فإنسان vincennes) )، المغرب الاسباني H3، 133. أورده خوان باندو: التاريخ السري لحرب الريف، ترجمة: سناء الشعيري، سلسلة ضفاف، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص: 300.
([34])- الموقع الالكتروني للجنة الدولية للصليب الأحمر، www.icrc.org. وأورده أيضا الدكتور محمد ياسين الهبطي، مساهمة في دراسة تاريخ المقاومة المغربية للإستعمار الإسباني “مقاومة مدينة شفشاون نموذجا”، الناشر: المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الطبعة الأولى، ص، 118.
([35])- أول معاهدة مهدت إلى تقرير المسؤولية الجنائية على رؤساء الدول معاهدة فيينا سنة 1815، فقد ورد فيها أن نابليون بونابرت وضع نفسه خارج العلاقات الإجتماعية والمدنية كعدو للإنسانية، إذ انتهك سلام العالم وعرض نفسه للمسؤولية العقابية العلنية. ومن ثم تعتبر اتفاقيات لاهاي 1899 – 1907 قد وضعت اللبنة الأولى لفكرة الجريمة الدولية من خلال إعتمادها قواعد محددة لحقوق المدنيين والجرحى والمرضى والأسرى، للمزيد أكثر راجع د. على محمد جعفر، مكافحة الجريمة مناهج الأمم المتحدة والتشريع الجزائي ـ المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع بيروت الطبعة الأولى 1998 ص 166.
([36]) – وضمن الجهود الدولية خلال هذه الفترة نجد كذلك ميثاق بريان كيلوج لعام 1928 ،الذي أكد على نبذ الحرب بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية واللجوء إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات التي تثور بينهما. للمزيد أكثر راجع، الدكتور منى محمود مصطفى، الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي، دراسة تحليلية للقوانين بهدف فض الإشتباك بينهما، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989، ص 11.
([37])- د.عبد القادر البقيرات، العدالة الجنائية الدولية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2005، ص، 23.
([38])- آثار الفقه الدولي جدلا واسعا حول تعويض الأفراد عما يصيبهم من أضرار وأحقيتهم في المطالبة بإصلاح الضرر الواقع عليهم، ذلك أن الفقه التقليدي لم يكن يعترف بالشخصية الدولية للأفراد، واستنادا لهذا الفهم لم يكن يحق للأفراد المطالبة بإصلاح الأضرار التي تصيبهم من مخالفة الدول للقواعد والإلتزامات الدولية، وبما أن ضرر الرعايا في الأساس ضرر للدولة نفسها، اتجه الفقه إلى الأخذ بمبدأ تبني الدولة المطالبة بإصلاح الضرر الواقع على رعاياها من جراء مخالفة دولة أخرى لإلتزاماتها الدولية وأطلق عليه إصطلاحا “مبدأ الحماية الدبلوماسية”، إلا أن هذا الحق الممنوح لدولة لم تكن ملزمة للدولة فلها الخيار بين التدخل أو عدم التدخل لحماية رعاياها. للمزيد أكثر راجع د. عبد الغني محمود، المطالبة الدولية لإصلاح الضرر في القانون الدولي والشريعة الإسلامية، الطبعة الأولى 1406هـ/1986م، ص 25.
– إلا أن أصحاب المذهب الموضوعي طالبوا بضرورة منح الأفراد حق مطالبة الدولة الأجنبية أمام القضاء الدولي مباشرة حماية لمصالحه دون الرجوع إلى دولته للحصول على ما يجبر ضرره، راجع د. عبد الغني محمود، مرجع سابق، ص 61.
([39])- د. صلاح عبد البديع شلبي، حق الإسترداد في القانون الدولي دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولي 1983م ـ ص 209.
([40])- د. رشيد حمد العنزي، مرجع سابق، ص 328.
– فعرفها جلاسير بأنها الفعل الذي يرتكب إخلالا بقواعد القانون الدولي ويكون ضارا بالمصالح التي يحميها ذلك القانون، مع الإعتراف لهذا الفعل بصفة الجريمة واستحقاق فاعله للعقاب، أو هي واقعة إجرامية مخالفة لقواعد القانون الدولي تضر بمصالح الدول التي تحميها هذا القانون، وقد عيب على هذا التعريف إغفاله بيان العقوبة المقررة لهذه المخالفة، للمزيد أكثر يراجع د. محمد عبد الخالق عبد المنعم، دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، الطبعة الأولى، 1989، القاهرة، ص 75.
– عرف الفقيه ” DAUDET دودي”،الجريمة الدولية بأنها خرق شخص لإلتزام دولي يعتبره المجتمع الدولي بأسره جوهريا لحماية مصالحه الأساسية. راجع :
– DAUDET, Rapport sur les travaux de la C.D.I, A.F.D.I, 1976, p 539.
– وأوردتها لعطب بختة، المسؤولية الجنائية الدولية لممثلي الدولة أثناء النزاعات المسلحة، مذكرة مقدّمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية والإدارية، تخصص قانون دولي عام، جـامعة ابـن خلـدون كلية تيـــارت. الجزائر، عام 2006-2007، ص، 50.
– عرف “PELLA” الجريمة الدولية بأنها كل فعل تطبق وتنفذ عقوبته باسم الجماعة الدولية. غير أن هذا التعريف يربط بين تعريف الجريمة وضرورة وجود محكمة دولية دائمة مختصة بالمحاكمة عن الجرائم الدولية، للمزيد أكثر راجع د. تونسي بن عامر، المسؤولية الدولية، مرجع سابق، ص 70.
– كما عرفت لجنة القانون الدولي الجريمة الدولية في المادة 19 من مشروع تقنيين قواعد المسؤولية بأنه: “يشكل العمل غير المشروع دوليا جريمة دولية حين ينجم عن إنتهاك الدولة إلتزاما دوليا هو من الضرورة لصيانة مصالح أساسية للمجتمع الدولي بحيث يعترف هذا المجتمع بمجمله بأن الإنتهاك يشكل جريمة دولية”.
([41])- د. عبد الله سليمان سليمان، المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي، مرجع سابق، ص 113.
([42])- قام بتوجيه نداء إلى الرأي العام الأوروبي والإسلامي جاء فيه: «…أيها الاحرار في مقدرتكم أن تأنبوا الحكومة الإسبانية التي وضعت رجلها العرجاء على الشروط التي انتخبتموها وفرغتم مجهودكم في التحفظ عليها، ومنها إستعمال الكاز الخانق سيما على النساء والصبيان والبهائم، أعجزت إسبانيا عن المقاومة بغير الكاز الخانق؟. إن هذا يمس بكرامتها وكرامة الأمم المتمدنة. إن لها القنابل الجوية غير الكاز الخانق ولها المدافع الضخمة والمتوسطة، ولها الأسطول الحربي ولها السلاح الجديد أفلا كفاها هذا كله؟… أحتج بكل قوة أمام الحق وأمام الدول الإسلامية والأوروبية…» راجع الدكتور محمد ياسين الهبطي، مساهمة في دراسة تاريخ المقاومة المغربية للإستعمار الإسباني” مقاومة مدينة شفشاون نموذجا”، الناشر المندوبية السامية لقدماء وأعضاء جيش التحرير، الطبعة الأولى، ص: 119.
– revista de estudio interNacionales mediterranes. N°7, erero – mayo, 2009
([43])- أوضحت عدة دراسات في الطب النفسي حول حالات الصدمات النفسية التي تعرض لها المقاتلون والفئات الخاصة كالشيوخ والأطفال والنساء في حرب الفيتنام وفلسطين وحرب العراقية الإيرانية أثناء إستخدام الأسلحة السامة والإشعاعية، وتوضح دراسة الدكتور كرستين كوستين Christine Gosdenإن الغازات السامة تسبب حالات من السرطان، التي تنتقل من جيل لآخر مما يسمى بالأعراض ما بعد الصدمة والتي لها انعكاسات نفسية خطيرة. للمزيد أكثر راجع مداخلة د. أحمد الحمداوي، الإنعكاسات النفسية والإجرامية للسلاح الكيميائي على سكان الريف، أعمال الندوة الدولية حول: إستعمال الغازات السامة، حرب الريف نموذجا. الناظور 24 فبراير 2004.
([44]) – يتخذ التعويض صورﴽ عديدة يمكن حصرها في التعويض العيني، والتعويض النقدي، وكذلك الترضية التي تقدمها الدول أو الدولة المخالفة للطرف المتضرر، فينبغي الإشارة إلى أن التعويض لا يجوز أن يكون أقل من الضرر أو أكثر منه، وإنما ينبغي أن يكون مطابقا للضرر، بحيث يمكن إعادة المتضرر إلى وضعه الطبيعي والصحيح الذي كان عليه قبل حدوث العمل المسبب للمسؤولية الدولية.