
الإعلام الجديد في البيئة الرقمية قراءة في تغير الممارسة الاعلامية، مداخلة الدكتور مراد كموش، أستاذ محاضر بالمركز الجامعي لتيبازة، بالمؤتمر الدولي الحادي عشر لمركز جيل البحث العلمي حول التعلم بعصر التكنولوجيا الرقمية والذي نظمه الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية بالتعاون مع جامعة تيبازة في طرابلس لبنان أيام 22 و23 و24 أبريل 2016، ولقد نشرت هذه المداخلة بسلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي بشهر أبريل 2016 بالصفحة 197.
(إضغط هنا لتحميل كل كتاب المؤتمر).
مقدمة
أصبح الاهتمام الرئيسي بتكنولوجيا الاتصال الحديثة موضوعا لعدد لا ينتهي من مقالات الجرائد والمجلات، ونشرات وبرامج التلفزيون والإذاعة والمؤتمرات، وموضوعا للتأمل والتفكير على نطاق واسع. وأصبح هناك قدر لا يصدق من الاهتمام بهذا الموضوع سواء داخل دوائر صناعة الكومبيوتر أو خارجه؛ لذلك فلقد لعبت تكنولوجيا الاتصال الحديثة دورا بارزا في شتى مجالات الحياة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو حتى الإعلامية ذاتها.
في هذه الورقة يتطرق الباحث للتطورات الحاصلة على مستوى الإعلام وتداعيات البيئة الرقمية والتكنولوجية الحديثة عليه، ومن ذلك التحول الكبير الذي أثر على بنية نظام وسائل الإعلام، مما أفرز أشكالا ونماذج حديثة في الحقول الإعلامية، هذا الانتقال الذي عبر عنه “ماكوهان” قديما بالحتمية التكنولوجيا التي تؤثر على الفعل الإعلامي والاتصالي وتحول البشرية إلى قرية كونية، طرحت اليوم عدة إشكاليات أكاديمية ومهنية، فعلى مستوى المفهوم وتنظيراته بات الإعلام يصنف وفقا للكلاسيكية والحداثة، ومهنيا غير الإعلام الممتد من الأربعينات من القرن الماضي إلى يومنا من تقاليده وفنون عمله، فحارس البوابة آل إلى الأفول، وسلطة الإعلام الرابعة تحررت ملكيتها ونفوذها (نسبيا) من أيدي مجموعة مخصوصة من الأفراد (رجال السياسة، وأرباب الأموال)، إلى ملكية عامة للأفراد أو “إعلام المواطن”، وليس هذا فحسب بل أصبحت الوسائل الإعلامية التقليدية وعلى رأسها التلفزيون تستنجد بوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من تطبيقات وأنماط التواصل والإعلام الحديثة، فمقولة أن الجد يستأنس بالحفيد تصدق في حالة الإعلام في عصر التكنولوجيا الرقمية ، وهذا ما ظهرت تجلياته في بلورة إشكاليات عميقة وجديدة في بحوث الإعلام ووسائله من “ماذا تفعل وسائل الإعلام في الجمهور؟ إلى ماذا يفعل الجمهور في وسائل الإعلام؟.إلى أفعال التشارك والتشبيك الإعلامي الذي يمارسه الأفراد في ظل تكنولوجيا الوسيلة ومجتمع المعلومات والعولمة.
ومنه فسنتطرق لمعالجة هذا الموضوع للنقاط التالية:
– الإعلام: المفهوم والخلفيات النظرية في سياق التكنولوجيا الرقمية الحديثة.
-بين الممارسة الكلاسيكية والحديثة في وسائل الإعلام…التأثيرات والعلاقات المتبادلة
– وسائل الإعلام في البيئة الرقمية…الفرص والتحديات
أولا: الإعلام المفهوم والخلفيات النظرية في سياق التكنولوجيا الرقمية الحديثة
قبل الخوض في تحديد مفهوم الإعلام الجديد، لابد من الإلمام بالسياق العام الذي تبلور من خلالها هذا الأخير، فلا شك أن مختلف الأدوات والمكونات التكنولوجية التي أفرزتها ثورة المعلوماتية في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، استخدمت كوسائل للتواصل والاتصال بين الأفراد[1]، حيث أن وسيلة الانترنيت وما تحويه من توليفات وتطبيقات تكنولوجية لم يكن يعتقد في يوم من الأيام، أنها ستتحول إلى وسائل تحتضن مضامين إعلامية.
ويعزو العديد من الباحثين لتحول وظيفة الوسيلة الاتصالية إلى وسيلة إعلامية حيث تم دمج وسائل الإعلام التقليدية مثل الأفلام والصور والموسيقى والكلمة المنطوقة والمطبوعة (multimédia)، مع القدرة التفاعلية (Interactivité) للكمبيوتر وتكنولوجيا الاتصالات، وتطبيقات الثورة العلمية التي شهدها مجال الاتصال.
ويعد مصطلح الإعلام الجديد مصطلحا حديث العهد، مثيرا للجدل، ويقف هذا المصطلح أمام رؤيتين، الأولى هي أن الإعلام الجديد بوصفه بديلاً للإعلام التقليدي، والثانية هي أن الإعلام الجديد بوصفه تطوراً لنظيره التقليدي وامتدادا له.
ويصنف البعض الإعلام الجديد وفقا لثلاثة أنماط:
– النمط الأول يمارس فيه الإعلام الجديد بتقنية تقليدية: مثل البرامج الحية، وبرامج الحوار الحية التفاعلية (les émissions de dialogue)، والفقرات الصباحية من (صباح الخير يا عرب MBC) على القنوات التلفزيونية أو برامج تلفزيون الواقع (star académie)،
– النمط الثاني التأثير الإعلامي بتقنية جديدة: مثل الصحف الالكترونية، والخدمات الإعلامية على النقال.
– والنمط الثالث تطبيق الإعلام الجديد بتقنية مختلطة: بما يذيب الفارق المفترض بين الإعلام الجديد والتقليدي، مثل النسخ الالكترونية للصحف الورقية، أو فتح فضاءات لإعلام المواطن داخل فضاءات تلفزيونية.
وعموما لو أتينا لتعريف الإعلام الجديد وفقا للمعاجم والقواميس اللغوية كتعريف قاموس التكنولوجيا الرقمية “اندماج الكمبيوتر وشبكات الكمبيوتر والوسائط المتعددة”، وقاموسع ليستر:” هو مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكمبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام، والطباعة والتصوير الفوتوغرافي والصوت والفيديو” [2]
أو هو العملية التي تذمج فيها أشكال متعددة من تكنولوجيا الإعلام والاتصال الرقمية في شكل تفاعلي، ونشوء حالة تزامن في إرسال النصوص والصور المتحركة والثابتة والأصوات.
كما أن فكرة الجدة يمكن استقراؤها من أن الإعلام الجديد يشير إلى حالة من التنوع في الأشكال والتكنولوجيا والخصائص التي حملتها الوسائل المستحدثة عن التقليدية، خاصة فيما يتعلق بإعلاء حالات الفردية والتخصيص، وهما تأتيان كنتيجة لميزة رئيسية هي (التفاعلية)، ويقدن الإعلام الجديد في أشكال عدة، منها:
الإعلام الرقمي: لوصف بعض تطبيقاته التي تقوم على التكنولوجيا الرقمية مثل التلفزيون الرقمي، الراديو الرقمي، وغيرهما، أو للإشارة إلى أي نظام أو وسيلة إعلامية تندمج مع الكمبيوتر.
الإعلام التفاعلي: طالما توفرت حالة من العطاء والاستجابة بين المستخدمين لشبكة الانترنت والتلفزيون والراديو التفاعليين وغيرهم من النظم الإعلامية التفاعلية.
الإعلام الشبكي: على خطوط الاتصال بالتركيز على تطبيقاته في الانترنت وغيرها من الشبكات.
الوسائط السيبرونية: من تعبير الفضاء السيبروني الذي أطلقه كاتب روايات الخيال العلمي ويليام جبسون في روايته التي أصدرها عام 1984.
إعلام المعلومات: للدلالة على التزاوج بين الكمبيوتر والاتصال وعلى ظهور نظام إعلامي جديد يستفيد من تطور تكنولوجيا المعلوماتية ويندمج فيها.
إعلام الوسائط المتعددة: حالة الاندماج التي تحدث داخله بين النص والصورة والفيديو.
ثانيا: بين الممارسة الكلاسيكية والحديثة في وسائل الإعلام…التأثيرات والعلاقات المتبادلة
تتوسط وسائل الإعلام والمتمثلة خاصة في الفضائيات وشبكات الإنترنيت العلاقات الاجتماعية، إذ بات الجمهور العريض في المجتمع لا يعيش من دون ممارستها في شكل رمزي (صور، معاني، كتابات)، وهي بالفعل تؤدي أساس التغيير الاجتماعي والثقافي، من خلال تنوع وظائفها الترفيهية والتعليمية والتثقيفية.
فمن خلال الوسائل الإعلامية تحول التفاعل الاجتماعي إلى نسق من المتغيرات الثقافية والاجتماعية المترابطة والمتحررة تدريجيا من الآليات التقليدية للضبط الاجتماعي، الذي تمارسه الجماعات الأولية والثانوية، والتي تتنازل لفائدة جماعات جديدة متنوعة وغير محددة الهويات، تتسرب عبر الشبكات الإلكترونية (الإعلام الجديد) دون إجراءات رقابية واعية[3]، وبذلك انتقل مجال الفعل الإعلامي إلى نوع جديد من الممارسة أصبحت معها الكفاءة الاجتماعية تقاس بشفافية الفاعلية التواصلية بين الأفراد كمشاركين في بناء الرسالة الإعلامية.
إن سهولة الوصول إلى شتى أنواع المعلومات وتبادلها مع الآخرين، قد سهل على المجتمعات الإنسانية تحقيق قدر كبير مما يعرف بالديمقراطية المعرفية من خلال ما حققته الثورة التكنولوجية الحاصلة على مستوى الوسيلة الإعلامية في وقتنا المعاصر.
وقد نتج عن ذلك تنامي أشكال جديدة من الأساليب والصيغ الصحفية المرتبطة ارتباطا شديدا بالوسائط التكنولوجيا، ومبررة في الآن ذاته المقولة الماكلوهانية “الرسالة هي الوسيلة”.
فعلى مستوى الإعلام الكلاسيكي دخلت أنماط حديثة على مستوى الصحافة الإلكترونية، كخاصية النص الفائق، والسرعة العالية في عرض المعلومة واختصاراتها، بالإضافة إلى تفاعليتها واستجابتها لمتطلبات الميلتيميديا، وتحولت الجريدة الإلكترونية إلى فضاء للحوار ولاستطلاعات الرأي والتعليقات، فضلا عن ارتباطها وتداخلها مع مواقع التشبيك الاجتماعي ومختلف الأوعية التي تتيحها وسيلة الإنترنيت.
وعلى مستوى الإعلام المرئي والمسموع، وبعد أن أخضعت أجهزة التلفزيون والإذاعة لمعايير الرقمية والجودة العالية في البث والعرض (التلفزيون الرقمي العالي الجودة والذكي/ الإذاعة الرقمية الممتدة) وهذا على المستوى اللوجيستيكي، واستجابة لمتطلبات التجديد كذلك عرفت البرامج الإعلامية في هاتين الوسيلتين تغييرات مهمة أفضت إلى بث روح الحرية والشفافية في طرح ومعالجة مختلف المواضيع وخاصة ذات العمق السياسي والاجتماعي، ففضاءات الجمهور بدت أوسع، وبدا الانتقال من الإعلام الحكومي إلى الإعلام العمومي واضحا جليا، ولم يلغ التكاثر العددي للقنوات الخاصة دور القنوات العمومية طالما أنها طورت خدماتها الإعلامية[4]، وعموما فإن السياق والهاجس التكنولوجي دفع بالتغطيات الإعلامية المرئية والمسموعة إلى إيجاد طرح تفاعلي بين المتلقي وبين الحدث، مستلهما في الوقت ذاته -بعض- أدواته من الإعلام الجديد الذي تحكمه فئة الجماهير العريضة.
بدأت هذه الفئة في إيجاد قاعدة إفتراضية « communauté virtuelle » أو جماعات إفتراضية، حيث يتقاسم هؤلاء الأفراد شواغل واهتمامات مشتركة، خصوصا بعد تقلص الحجم الزمني الذي كان يخصصه الأفراد في الاحتكاك والتفاعل الاجتماعي المباشر.
وظهرت أول جماعة افتراضية في الثمانينات -في المجتمعات الغربية- ، وكان حجمها يزيد عن 100000 فرد، وكانوا يتداولون مواضيع ترتبط بالعلاقات العاطفية، والتحريض على الحرب والاحتجاج، ثم ما لبثت أن تحولت إلى مجموعة مهمة على المستوى الاتصالي، ومن ثمة الإعلامي، من خلال الاهتمام الذي لقيته هذه الجماعات من طرف مهندسي الشبكات، ومن أهم صور وممارسات الإعلام الجديد نجد:
طلق على الطریقة الاتصالیة الناتجة عن اندماج تقنیات الاتصال الحدیثة كالحاسوب والهواتف الذكیة والشبكات والوسائط المتعددة بالإعلام الجدید، ومن وسائله:
أ. مواقع التشبيك الاجتماعي:
انتشرت الشبكات الاجتماعیة في نهایة عام 2007 وهي مواقع تستخدم للتواصل والتشبیك الاجتماعي وأشهرها الفیس بوك (Facebook)، وماي سبیس (Myspace)، وتويتر (Twitter)، وتمیزت بسرعة نقل الخبر وتدعیمه بالصورة الحیة والمعبرة، وسرعة مواكبة الأحداث على مدار الساعة ونقلها مباشرة من مكان حدوثها، وهذه الشبكات مكنت الناس من التعبیر عن طموحاتهم ومطالبهم في حیاة حرة، من خلال مشاركتهم في تغذیة هذه الشبكات بالأخبار والمعلومات والمساهمة بشكل فعال في صناعة وٕادارة المضامین الإعلامیة وجعلتهم أكثر تفاعل ومشاركة في مختلف القضایا.
وما لبثت أن أصبحت الشبكات الاجتماعیة هي البدیل الماثل لأنشطة الماضي التقلیدیة، وحالة التفاعل بین مجتمعات الیوم مع البیئة والمجتمع المحیط هي التي تسیطر على النظام الاتصالي بدرجة لافتة للنظر، وقد نشط جزء كبیر من شبكات التبادل في نقل الأفلام القصیرة التي ینتجها أناس عادیون من حول العالم، أو هواة إخراج سینمائي، بالحد الأدنى من الموارد وهو ما یؤكد حدوث تحول جذري في أدوات التخاطب والتعبیر.
فخلال السنوات الماضیة بات شائعا إرسال الصور عبر الإنترنت، ثم إرسال الأفلام القصیرة عن طریق البرید الإلكتروني، وفي هذه الشبكات الاجتماعیة یقضي فیها العدید من الشباب والمراهقین وقتا طویلا جدا في التفاعل مع بعضهم البعض، وعبر هذا التفاعل الثابت مع مجتمعات كبیرة یستطیع الشباب تطویر فهم ثقافي أفضل وصفات قیادیة أقوى، ومن الممكن أن تكون المواقع الشهیرة مثل” ماي سبیس” أداة للتطویر الاجتماعي ضروریة للشباب للإسهام بجدیة في المجالات السیاسیة، والاجتماعیة والثقافیة، والاقتصادیة لمجتمع الیوم.
ب. المدونات الشخصية:
هي يوميات شخصية على الشبكة يتم ادراجها بواسطة برامج بسيطة تسمح بطبع نص وارساله فور الاتصال بالشبكة ليظهر على صفحة الموقع المعني – وهي تمزج عمداً بين المعلومات والآراء كما تترافق مع ربط بمصدر أصيل أو بمفكرة أخرى أو بمقالة ينصح بها كاتب اليوميات أو يعلق عليها، وأول مدونة من هذا الصنف ترجع إلى أكتوبر 1994 وهي منسوبة إلى “دايف وينر”، مبرمج أحد البرامج الالكترونية الأكثر شيوعاً ومطوره، تحت اسم منيلا.
وتعرف المدونة بأنها تطبیق من تطبیقات الإنترنت، یعمل من خلال نظام إدارة المحتوى، وفي أبسط صوره عبارة عن صفحة ویب على شبكة الإنترنت تظهر علیها تدوینات (مدخلات) مؤرخة ومرتبة ترتیبا زمنیا تصاعدیا ینشر منها عدد محدد یتحكم فیه مدیر أو ناشر المدونة، كما یتضمن النظام آلیة لأرشفة المدخلات القدیمة، ویكون لكل مدخلة منها مسار دائم لا یتغیر منذ لحظة نشرها یمكن القارئ من الرجوع إلى تدوینة معینة في وقت لاحق عندما لا تعود متاحة في الصفحة الأولى للمدونة، كما یضمن ثبات الروابط ویحول دون تحللها[5].
وأصبحت مدونات الإنترنيت تستخدم كصحیفة یومیات إلكترونیة فردیة تعبر عن صاحبها وتركز على موضوع معین، مثل الأخبار السیاسية أو المحلیة، ویمكن أن تكون عبارة عن مذكرات یومیة.
جــ. موسوعات الويكي:
هي عبارة عن مواقع ويب تسمح للمستخدمين بإضافة محتويات وتعديل الموجود منها، حيث تلعب دور قاعدة بيانات مشتركة جماعية، أشهر هذه المواقع ، موقع Wikipedia وهو الموسوعة التي تضم ملايين المقالات بمعظم لغات العالم.
كلمة الويكي Wiki التي تعني نوعا بسيطا من قواعد البيانات التي تعمل في شبكة الانترنت، تطورت عام 1995 م قام كل من وارد كننغهام وبوليوف بإنشاء أول موقع ويكي وهو WikiWikiWeb والذي شكل مجتمعاً متعاوناً مفتوحاً للجميع، حيث يمكن لأي شخص أن يشارك في تطوير وزيادة محتويات الموقع، منذ ذلك الوقت وحتى اليوم ظهرت برامج ويكي كثيرة واعتمدت الكثير من المواقع على هذه البرامج والهدف هو تبسيط عملية المشاركة والتعاون في تطوير المحتويات إلى أقصى حد ممكن.
د. البودكاست:
هي خدمة تتيح الحصول على ملفات الصوت والفيديو من موقع معين بمجرد أن تدرج فيه، دون الحاجة الى زيارته في كل مرة وتحمل المحتوى يدوياً، فالمستخدم الذي يملك تطبيقاً على جهازة كتطبيق iTunes Apple مثلاً، يمكنه الاشتراك في خدمة البودكاست لأي موقع يريد بشرط أن يقدم الموقع هذه الخدمة، ثم يقوم الــ iTunes بتحميل الملفات الجديدة أوتوماتيكياً في حال توفرها.
و. منتديات الحوار:
هي عبارة عن برامج خاصة تعمل على الموقع الإعلامي أو أي مواقع أخرى ذات طابع خاص، أو عام على شبكة الانترنت- مثل المواقع المتخصصة- وتسمح بعرض الأفكار والآراء في القضايا أو الموضوعات المطروحة للمناقشة على الموقع، واتاحة الفرصة للمستخدمين أو المشاركين في الرد عليها ومناقشتها فورياً، سواء كان ذلك مع أو ضد الآراء أو الأفكار المطروحة، دون قيود على المشاركين باستثناءالقيود التي يضعها مسئولو المنتدى من خلال نظام الضبط والتحكم المقام على البرنامج.
وهي واحدة من تطبيقات المشاركة والتفاعل والإعلام البديل التي جاءت بها الشبكة بما يحقق للجميع اسماع أصواتهم، وهي في الوقت نفسه مجموعة من البرامج المختلفة تعمل على تطبيق هذا النوع من التواجد الحي للتجمعات على الانترنت، وهي نشاط يعود إلى حوالي عام 1995 العام الذي بدأت فيه المنتديات في الظهور، وتمثل مرحلة انتقالية أو تطورية من النشرات الالكترونية، ومجموعات الأخبار التي سادت في الثمانينيات وبداية التسعينيات، لتخلق نوعاً من المجتمعات الافتراضية التي تدور غالباً حول موضوع معين أو بلد أو مجموعة من الموضوعات.
ي. تلفزيون الإنترنيت :
وأشهر تلفزيون على الإنترنيت هو موقع “اليوتيب”، وتقوم فكرة الموقع على إمكانية إرفاق أي ملفات تتكون من مقاطع الفيديو على شبكة الإنترنت دون أي تكلفة مالية، فبمجرد أن يقوم المستخدم بالتسجيل في الموقع يتمكن من إرفاق أي عدد من هذه الملفات ليراها ملايين الأشخاص حول العالم، كما يتمكن المشاهدون من إدارة حوار جماعي حول مقطع الفيديو من خلال إضافة التعليقات المصاحبة، فضلا عن تقييم ملف الفيديو من خلال إعطائه قيمة نسبية مكونة من خمس درجات لتعبر عن مدى أهمية ملف الفيديو من وجهة نظر مستخدمي الموقع، وطبقا لتصنيف أليكسا العالمي فإن موقع يوتيوب يأتي في المركز الثالث من حيث أكثر المواقع العالمية مشاهدة، بعد كل من : وجوجل، وياهو.
ثالثا: وسائل الإعلام في البيئة الرقمية…الفرص والتحديات
لا يزال الحديث عن نجاعة أو فشل التجربة الإعلامية في ظل التطور التكنولوجي حديثا حداثة الإعلام الجديد في حد ذاته، إلا أن الموضوع يعرف جدليات وتجاذبات كبيرة بين متخوف “تكنوفوبي” من جهة، ومهلهل ومنبهر “تكنوفيلي” من جهة أخرى، وحتى نكون موضوعيين في طرحنا، فمن الأكيد أن لكل وسيلة مؤيد ومعارض منبهر ومتخووف، وكذا كان الحال مع وسيلة التلفزيون وأسلافها، فوسائل الإعلام المعاصرة تعرف تغييرات مهمة على مستوى البنى التحتية، وهو ما قد يحدث نقلة مهمة سواء على المدى القصير أو المتوسط ، وبالتالي سيلقي بظلاله على تغير طبيعة ممارسة العمل الإعلامي، فصحيح أن كل المؤشرات -تقريبا- تنبئ بأفق إيجابي لوسائل الإعلام في بيئة رقمية متعاظمة التطور، فزيادة فرص الحرية في الفعل الاتصالي والإعلامي الجديد، ووصول الإعلام الحديث إلى القاعدة الشعبية العريضة [6] من جانب التأثير، وازدياد نسبة تشاركية الأفراد في صياغة وتكوين المضامين الإعلامية، إضافة إلى التحام وارتباط مشروع الإعلام الحديث بمشروع أكبر وذو أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة، وهو مجتمع المعلومات والمعرفة، مما أسهم في تقليص التحديات التي تواجهه، كمصداقية البيانات الصحفية التي يديرها الأفراد واحترافيتها، ومسألة الهوية الإفتراضية، والاختراق والهيمنة، التي تجد أرضية خصبة في الفضاءات الإلكترونية، وهي قضايا وتحديات تفرض علينا إعادة التفكير والتأطير في عالم سيبرنتيقي واسع.
قائمة المراجع:
– صادق الحمامي: الميديا الجديدة، الإبستيمولوجيا والإشكاليات والسياقات، منوبة، تونس.
– رضا مثناني: الإعلام الجديد وتوطين المعرفة في المنطقة العربية: الحلقة المفقودة، مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية، العدد الثامن والعشرون، السداسي الأول 2015.
– حسيبة قيدوم، الأبعاد النفسية والاجتماعية للعالم الافتراضي، الأبعاد النفسية والاجتماعية للعالم الافتراضي، المجلى العربية للعلوم والمعلومات، العدد 7، مطبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2006
– عبد الكريم حيزاوي: مزيد من الاستقلالية لإذاعة المرفق العام، مجلة الإذاعات العربية، ملف خاص، العدد الأول 2012
– سليمان، زيد منير: الصحافة الالكترونية، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، 2009
– Interactive Advertising Bureau, Social Advertising Best Practices, May 2009
——————————————————————
الهوامش:
[1] – صادق الحمامي: الميديا الجديدة، الإبستيمولوجيا والإشكاليات والسياقات، منوبة، تونس، ص.08
[2] – رضا مثناني: الإعلام الجديد وتوطين المعرفة في المنطقة العربية: الحلقة المفقودة، مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية، العدد الثامن والعشرون، السداسي الأول 2015، ص. 272.
[3] – حسيبة قيدوم، الأبعاد النفسية والاجتماعية للعالم الافتراضي، الأبعاد النفسية والاجتماعية للعالم الافتراضي، المجلى العربية للعلوم والمعلومات، العدد 7، مطبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2006، ص.09
[4] – عبد الكريم حيزاوي: مزيد من الاستقلالية لإذاعة المرفق العام، مجلة الإذاعات العربية، ملف خاص، العدد الأول 2012، ص.9
[5] – سليمان، زيد منير: الصحافة الالكترونية، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص.134
[6]– Interactive Advertising Bureau, Social Advertising Best Practices, May 2009, P.3