
مقال للدكتورة راضية طاشمة/جامعة أبي بكر بلقايد،تلمسان،الجزائر، نشر بالعددين 17 و18 من مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية الخاصين بصعوبات التعلم ص 85، مارس 2016.
لتحميل كل العدد أو للاطلاع على الأشكال والصور يرجى الضغط على غلاف المجلة:
ملخص:
تهدف الدراسة الحالية إلى محاولة معرفة محتوى ومضمون التمثلات الاجتماعية لعسر القراءة لدى فئة المعلمين، أي ما يحملونه من أفكار ومعرفة حول هذا الاضطراب، ولأجل ذلك انتهجنا المنهج الاستكشافي في البحث معتمدين على تقنية متعددة المنهجية تمثلت في التحقيق المسبق والاستمارة التمييزية. أجريت الدراسة مع معلمي المرحلة الابتدائية والمتوسطة حيث تمثلت العينة في 35 معلم ومعلمة. أفضت نتائج هذه الدراسة إلى أن للمعلمين معرفة عامة وسطحية حول عسر القراءة كما توضح ذلك عناصر النواة المركزية، هذه المعرفة نتجت عن خبرتهم المهنية وهم يشتركون فيها، كما أظهرت عناصر النظام المحيطي أنهم يجهلون أسبابها تماما، هذه الأخيرة تعكس ممارساتهم المهنية اتجاه الحالات التي تعاني من عسر القراءة، لأجل ذلك نحن نوصي بضرورة تقديم تكوين متخصص لفائدة كل المعلمين حول اضطرابات التعلم.
الكلمات المفتاحية:التمثلات الاجتماعية ، عسر القراءة ، المعلمين ، النواة المركزية، النظام المحيطي.
مقدمة:
لا شك في أن القراءة أهم مهارة يمكن للطفل أن يتعلمها لما لها من صلة بباقي المواد وجميع الأنشطة الدراسية، وبالتالي تعطل هذه المهارة ينعكس على كل مجالات حياته، وهذا ما جعل العديد من الدراسات تهتم بعسر القراءة سواء من الناحية العصبية أو المعرفية أو التربوية والتعليمية. هذا الاضطراب الذي يتميز صاحبه بذكاء متوسط أو فوق المتوسط ولا يعاني من أي إعاقة حسية ويزاول دراسته كباقي زملائه، ورغم كل هذا لا يعرف القراءة ليس لأنه لا يريد أن يتعلم ولكن لأنه لا يستطيع بسبب وجود خلل في الوظائف المعرفية المسئولة على إدراكه للحروف أو التمييز بينها سمعيا و/أو بصريا أو تمثلها والاحتفاظ بصورة الكلمة عند بعض المعسرين قرائيا. وإذا علمنا أن انتشار هذه الحالات في الأوساط المدرسية يمثل 8إلى 10% من المتمدرسين[1]، يصبح الأمر ضروريا من الأجل البحث فيه خصوصا إذا علمنا أننا لا نملك وطنيا أي إحصائيات في مجال اضطرابات التعلم هذا من جهة.
من جهة أخرى نحن نعلم أن المعلمين في المدرسة الجزائرية ينحدرون من تخصصات عديدة كما أشار إلى ذلك كل من Mecherbet A. وAzzouz L. (2007)[2] في الدراسة التي أجرياها أن المعلمين يتوزع تكوينهم الأكاديمي على أكثر من تسع شهادات (تاريخ، فلسفة، رياضيات، فيزياء، فنون وثقافة، علم الأحياء وعلم البيئة، الاقتصاد والعلوم التجارية، علم الاجتماع وعلم النفس، العربية، الفرنسية والانجليزية) هذا التفاوت يطرح السؤال حول نجاح المهمة التعليمية وكيف هي الممارسة في التعلم؟ لكن نحن لا نطمح في هذا المقام للإجابة على هذا السؤال بالذات، بل نتساءل عن مدى معرفة هذه الفئة باضطرابات التعلم ومشكلاته علما أنها تقع تحت مسمى الإعاقة الخفية. وعلى هذا الأساس نحن نفترض أن المعلمين في علاقتهم مع التلاميذ لا يملكون المعلومات الكافية فيما يتعلق بعسر القراءة، مع علمنا بأنهم لا يتلقون أي تكوين بهذا الخصوص عدا التكوين الذي يقدم لهم من الناحية البيداغوجية والديداكتيكية. بالتالي لا يمكن للمعلم معرفة خطورة عسر القراءة كاضطراب له أسبابه وطرق التدخل الخاصة به، وهذا سوف يؤثر على معايير الحكم على مقدرة التلميذ في التعلم وكذا التدخل وتقديم الدعم أو التعليم العلاجي في الوقت المناسب. بهذا يقع التلميذ ضحية جهل محيطه ( الأسرة، المدرسة وحتى المجتمع) فيُنعت بالغباء وانعدام الرغبة في التعلم وهو لا يملك من أمره شيئا، لهذا نحن نهتم بما يحمله المعلم من أفكار واعتقادات واتجاهات نحو عسر القراءة تحديدا، لأنه الشخص الأول المخول بتهيئة المناخ المناسب للتلميذ لاكتساب مهارة القراءة وتنمية ميوله نحوها رغم اضطرابه، أو على الأقل إشعار الهيئات المختصة بوجود هذا النوع من الحالات في صفه.
من هذا المنطلق نحن نطرح الإشكال التالي: ما هي تمثلات المعلمين لعسر القراءة؟
- أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى معرفة محتوى تمثلات المعلمين حول موضوع اضطراب عسر القراءة. كما تهدف إلى تحديد عناصر النواة المركزية للتمثلات الاجتماعية لهذه الفئة من أجل تحديد معنى ودلالة التمثل لهذا الموضوع، أيضا الكشف عن العناصر المشكلة للنظام المحيطي والتي نفهم من خلالها واقع وممارسات المعلمين اتجاه هذا الاضطراب، وهل فعلا هناك وعي بأنه اضطراب فعلي أم يعتبر صعوبة مدرسية تُرجَع فيها الاسباب إلى المحيط والظروف الاجتماعية. والهدف الأبعد من وراء هذه الدراسة هو توجيه الأنظار إلى اضطرابات التعلم من أجل تقديم تكوين متخصص للمعلمين حتى يتمكنوا من فهم التلاميذ المعسرين وبالتالي تقييمهم وتوجيههم بشكل مناسب وفي الوقت المناسب.
- الدراسات السابقة:
لا توجد الكثير من الدراسات التي اهتمت تحديدا بالتمثلات الاجتماعية لعسر القراءة سواء بالنسبة للمعلمين أو لفئة أخرى ولكن حسب ما اضطلعنا عليه يمكن عرض بعضها مما وجدنا فيه فائدة لبحثنا هذا. وفي ما يلي عرض لأهم الدراسات التي تصب في نفس منحى دراستنا:
- دراسة طلال إبراهيم محمد مسعد(2005)[3]: هدفت إلى معرفة مدى إلمام معلمين ومعلمات وأخصائيين وأخصائيات مرحلتي الرياض والابتدائي بعسر القراءة واضطرابات التعلم، وهل هناك اختلاف في المعلومات باختلاف مؤهلهم التعليمي ونوع المهنة والمنطقة التعليمية، تمثلت عينة الدراسة في المعلمين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في المرحلة الابتدائية بمحافظات الكويت السّتّة وقد تمّ الاختيار عن طريق عينة عشوائية. وللإجابة عن أسئلة الدّراسة قام الباحث بإنشاء استبيان يحتوي على 12 سؤالا لكل سؤال أربعة اختيارات. توصلت الدراسة إلى أن هناك تباين في المعلومات يعزى لنوع المهنة والمنطقة التعليمية أي أن الأخصائيين النّفسيين معلوماتهم أكثر من المعلمين كما أن الدّسلكسيا والاضطرابات التعليمية متفشية بشكل أكبر في المدن الكبيرة، وهذه نتيجة متوقعة.
- دراسة Valerie Depauw (2005)[4]: هدفت لمحاولة معرفة التمثلات الاجتماعية للمعلمين حول التلميذ الذي يعاني من عسر القراءة، وهذا بسبب الارتباك الذي لمسه الباحث لدى المعلمين حول عسر القراءة وتأثيره على التلاميذ. حيث قام الباحث بتوزيع استبيان على مجموعتين، الأولى فئة من المعلمين استفادت من تكوين حول موضوع عسر القراءة، أما المجموعة الثانية لم تستفد من أي تكوين. سمحت نتائج هذه الدراسة بتسليط الضوء على أهمية التدريب والتكوين وكيفية تحسينه.
- دراسة جمال الخطيب (2006)[5]: هدفت الدراسة إلى التعرف على مستوى معرفة معلمي الصفوف الابتدائية بصعوبات التعلم وكذلك دراسة الفروق في مستوى هذه المعرفة تبعا لمتغيرات الجنس والعمر والمؤهل العلمي وعدد سنوات الخبرة وكذلك دراسة اثر البرنامج التدريبي في تنمية المعرفة بصعوبات التعلم على مستوى معرفة المعلمين وقناعاتهم حول صعوبات التعلم.أجريت هذه الدراسة على عينة من معلمي الصفوف الابتدائية العادية وتكونت من 405 معلما ومعلمة يتواجدون في 30 مدرسة حكومية. وقد استعمل اختبار تحصيلي ومقياس تقدير رباعي يقيس القناعات لإجراء هذه الدراسة. بالاعتماد على المنهج الوصفي المسحي والمنهج الشبه تجريبي. توصلت الدّراسة إلى أن المعلمين لديهم مستوى متوسط من المعرفة بصعوبات التعلم كما يتضح أن هناك تباينا ظاهريا في مستوى المعرفة بصعوبات التعلم لدى المعلمين تبعا لمتغيرات الدراسة المختلفة.
- دراسة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث الفرنسية(2007)[6]: هدفت للبحث عن تمثلات المعلمين في المرحلة الابتدائية والمتوسطة حول الصعوبات المدرسية الكبرى، حيث أرسلت 600 استمارة للمعلمين، توصلت إلى وجود ثلاث أنواع من الفئات، فئة من المعلمين يعتبرون محاربون حيث يرجعون السبب للبيئة المدرسية وبذلك يعدلون طرقهم التعليمية وكذا علاقتهم مع ذوي عسر القراءة، الفئة الثانية تعيش قلق حول التعامل مع هذه الحالات والفروق الفردية بينها، الفئة الثالثة تشعر بالإحباط بسبب العجز عن مواجهة هذه الحالات والتعامل معها. وأغلبهم يرجعون السبب إلى المحيط.
- دراسة علي أسعد حبايب (2010)[7]: هدفت هذه إلى التعرف على صعوبات تعلم القراءة والكتابة من وجهة نظر معلمي الصف الأول الأساسي وفقا لمتغيرات الجنس والمؤهل العلمي والخبرة التخصص. أجريت هذه الدراسة على عينة طبقية عشوائية من 123 معلما ومعلمة، وقد تمّ استخدام استبانه مؤلفة من 33 فقرة وتم تحليلها إحصائيا وأظهرت النتائج أن أبرز صعوبات تعلم القراءة والكتابة تتمثل في تعثر الطفل في القراءة والكتابة وكثرة المحو والضغط على القلم، أما فيما يتعلق بالمتغيرات فأظهرت الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير الجنس لصالح الإناث كما توجد فروق في المؤهل العلمي لصالح الليسانس، في حين لم تظهر أي فروق ذات دلالة إحصائية تعزى لمتغير الخبرة والتخصص.
- دراسة Sandrine Descombes (2010)[8]: هدفت هذه الدراسة لمعرفة كيف يتمكن فريق تربوي من مساعدة ذوي عسر قراءة في عملية التعلم و تكونت عينة البحث من معلمي ستة مدارس و مدير ومسئولين عن الدروس التعويضية في منطقة Lausanne بفرنسا، الأدوات المستخدمة تمثلت في المقابلة والاستبيان. توصلت الدراسة إلى أن اغلب المعلمين يعرفون ما هي الصعوبات التي يواجهها المعسر قرائيا ولكنهم لا يعرفون السبب وراء هذه الإعاقة. كما أنه كل ما كانت معرفة فريق العمل المتكون من المعلم- المعلم المساعد و المساعد التربوي و الأخصائي النفسي و المرشد التربوي بعسر القراءة كان تعليمهم وتفهمهم لطفل ذو عسر القراءة أفضل و أحسن.
- دراسة Glinche Audrey(2014)[9]: هدفت إلى رصد تمثلات المعلمين لعسر القراءة، وهي عبارة عن دراسة استقصائية لـ15 معلم. وتبين النتائج أن المعلمين لديهم معرفة غامضة حول ماهية عسر القراءة، مما يؤثر على ممارساتهم بمعنى أن لديهم أساليب ينفذونها تكون أحيانا تقريبية. كما أن تجربة المعلمين يمكن أن تسمح لهم بالتكيف بسهولة مع هذه الحالات. وينبغي وضع معارف وممارسات المعلمين حول عسر القراءة لتمكين الطلاب المعسرين قرائيا للحصول على المرافق التعليمية لتمكينهم من الازدهار في الفصول الدراسية ولكن أيضا في المجتمع.
ترمي جل هذه الدارسات إلى نفس الهدف، حيث تبين مدى إلمام ذوي الاختصاص – معلمين ومختصين في التربية وعلم النفس – باضطرابات التعلم عامة وعسر القراءة خاصة، أغلبها استخدمت إما المقابلة أو الاستمارة كأداة للبحث، أما من حيث النتائج فتجمع على أن هناك نقص في معلومات المعلمين باضطرابات التعلم وخصوصا أسبابها،و على العكس المختصين أو المعلمين الذين استفادوا من تكوين في هذا المجال، وتدعوا إلى ضرورة وضع برنامج لتطوير الخبرات التدريسية للمعلمين، نحن بدورنا نصبو لنفس الهدف ولكن سوف نطبق أداة تسمح لنا بمعرفة محتوى التمثلات المعرفية للمعلمين أي ما يمثل معرفتهم الساذجة عن عسر القراءة تحديدا، وكذا معرفة الاعتقادات والأفكار التي توجه سلوكهم في الممارسة المهنية التعليمية نحو هذه الإعاقة الخفية.
- مصطلحات الدراسة:
3-1 عسر القراءة: la dyslexie كثيرة هي التعاريف التي تناولت هذا المفهوم، وبعيدا عن المفهوم اللغوي، تعرف Isebelle Barry (2001) بأنه اضطراب في استعمال اللغة المكتوبة وهو اضطراب مزمن نلاحظ فيه الاستمرارية والنوعية[10]، وتعرفه الجمعية الدولية للديسليكسيا بأنه اضطراب في اللغة ذو مرجعية بنائية، تتميز بصعوبات ناتجة عن المعالجة الفونولوجية، صعوبة فك الرموز متفاوتة بشكل واضح مع عمر الطفل، فضلا عن قدراته ومهاراته المعرفية والأكاديمية، وهي لا تعود إلى تأخر عام في النمو أو اضطراب حسي[11]. وهي الأكثر شيوعا حيث تصل إلى 75% – 80% من مجموع اضطرابات التعلم. وليس ثمة اتفاق على تعريف عسر القراءة، حيث طرحت تعاريف متعددة لها غير أن الباحثين متفقون على بعض النقاط وهي:
- عسر القراءة ذات أساس عصبي.
- تشير إلى مشكلات تستمر مدى الحياة.
- لعسر القراءة أعراض إدراكية ومعرفية ولغوية فهي تناذر أكثر منها مشكلة محددة.
3-2 التمثلات الاجتماعية:
تباينت تعاريف التمثلاث الاجتماعية من حيث الشكل إلا أنها اجتمعت كلها في نقطة واحدة وهي المعرفة وهو ما سنلحظه من خلال التعاريف التالية:
– تعرف Denise JODELET (1989) التمثلات الاجتماعية كشكل من المعرفة التطبيقية التي تربط بين الفرد بالموضوع. وهي تسمح برؤية وصياغة واقع مشترك متقاسم بين أفراد الجماعة الواحدة مما يضمن ترابطهم فيما بينهم، وسهولة تواصلهم في هذا الواقع. وذلك لأن هذه التمثلات تعكس تاريخ الجماعة أو تجاربها وتعبر عن المشاعر الجماعية والأفكار المشتركة، وهي تعتبر عاملا هاما يساهم في تضامن المجتمع. هي معرفة تتكون من خلال تجاربنا وكذلك من المعارف وأنواع التفكير الذي نتلقاه ونتناقله عن طريق التقاليد، التربية والاتصال الاجتماعي، وهي بذلك معرفة مٌشكَلة ومتقاسمة اجتماعيا[12].
– ABRIC J.C,(1976) قدم مفهوم النواة المركزية في تعريفه للتمثلات الاجتماعية، حيث صاغها في النظرة الوظيفية للعالم التي تسمح للفرد أو للجماعة بإعطاء معنى لتصرفاته ، كما تسمح بفهم الواقع من خلال نظامه المرجعي الخاص، وبالتالي التكيف معه، كما تسمح بتوجيه النشاطات والاتصال الاجتماعي، وهو نظام للترميز القبلي للواقع لأنها تحدد مجموعة من التوقعات والانتظارات[13].
– ويعرفها Pascal Moliner بأنها أنساق للآراء والمعارف والاعتقادات خاصَة بثقافة فئة اجتماعية أو حتَى مجموعة صغيرة من الأفراد متعلَقة بمواضيع موجودة في المحيط الاجتماعي.
إن ما يعطي لدراسة تمثلاث المعلمين لعسر القراءة هذه الأهمية هو لما لها من تأثير على معاش التلميذ في المدرسة وعلى التدخلات التي يمكن أن يقدموها لمواجهة هذه الصعوبة، وبالتالي فإن التمثلات يمكن أن توضح لنا ممارسات المعلمين اتجاه عسر القراءة. نحن نبحث عن موقف و اتجاه المعلمين نحو عسر القراءة، ولظهور التمثل الاجتماعي يتطلب ذلك شروطا، وفقا لـ Moliner (1996) يوجد خمسة شروط ضرورية لظهور التمثلات:[14]
– ظهور موضوع معقد ومركز أو متعدد الأشكال (الموضوع هنا هو عسر القراءة).
– وجود جماعة اجتماعية (فئة المعلمين).
– وجود رهانات متعلقة بالهوية أو بالترابط الاجتماعي متأثرة بهذا الموضوع (يتمثل في تقييم التلميذ ومساعدته).
- حدوث ديناميكية اجتماعية، أي مجموعة من التبادلات والتفاعلات ما بين الجماعات حول هذا الموضوع.
- غياب تنظيم امتثالي أو دوغماتي (dogmatique) متحكم في المعلومة المتعلقة بالموضوع (وهذا يحققه اختلاف تكوين المعلمين).
وبتحقق هذه الشروط يكتسي هذا البحث شرعيته، بل ويصبح البحث في موضوع التمثلات الاجتماعية لعسر القراءة لدى فئة المعلمين أمرا ضروريا.
4- منهجية الدراسة وأدوات البحث:
- منهج الدراسة
كل بحث علمي يستدعي استخدام منهجا علميا معينا حسب طبيعة هدفه، ولتحقيق هدف دراستنا الحالية سنعتمد على المنهج الاستكشافي للوصول إلى محتوى ومضمون تمثلات المعلمين لعسر القراءة. حيث يتيح لنا معرفة واكتشاف عناصر النواة المركزية للتمثل وكذا عناصر النظام المحيطي.
- أداة الدراسة وإجراءاتها:
اعتمدنا في دراستنا مقاربة متعددة المنهجية حيث قمنا ببناء استمارة انطلاقا من نتائج التحقيق المسبق من خلال المقابلات التي أجريت مع المعلمين في الدراسة الاستطلاعية، حيث ركزنا في المقابلة على معرفة مفهوم وأسباب ومظاهر وكذا مآل عسر القراءة، وقد مرت الدراسة بالإجراءات التالية:
- المرحلة الأولى: أجرينا تحقيقا مسبقا مع 15 معلم في شكل مقابلات وبعد تحليل محتواها قسِّم هذا المحتوى إلى مجموعة من الفئات تمثل اتجاهاتهم وأفكارهم المختلفة عن عسر القراءة.
- المرحلة الثانية: قمنا ببناء الاستمارة التمييزية Questionnaire de caractérisation لـ Flament (1987) وهي تعتبر وسيلة مكملة بحيث يستطيع الباحث بواسطتها أن يميز بين العناصر المركزية والعناصر المحيطية للتمثلات[15]. الاستمارة التميزية تتكون من عدد من البنود يتراوح انطلاقا من مضاعفات العدد 3، يتم بناؤها من خلال اختيار ثلاثة بنود أو دلالات من الفئات المصنفة في التحقيق المسبق حيث نحصل في الأخير على استمارة مكونة من عدد بنود مضاعف للعدد ثلاثة ( 12 بند في هذه الدراسة) .
- عند توزيع الاستمارة يطلب من كل شخص أن يختار من بين البنود ثلاثة عناصر الأكثر تميزا ثم يطلب منه أن يختار من بين البنود المتبقية ثلاثة عناصر أخرى الأقل تميزا. وهكذا نأخذ البنود الثلاثة الأولى على أنها الأكثر أهمية والبنود الثلاثة الأخيرة على أنها الأقل أهمية.
- تأتي مرحلة تصحيح الاستمارة حيث يمكننا إعطاء نتيجة لكل بند حسب طبيعة الاختيار كما يلي:
* الأكثر تميزا (+) يأخذ المرتبة أو الدرجة 3
* الأقل تميزا (-) يأخذ المرتبة أو الدرجة1
* غير المختارة (+، – ) يأخذ المرتبة أو الدرجة 2
بهذا التقييم يمكننا رسم منحنيات مختلفة خاصة بكل بند، ولكل منحنى معنى خاص يوضح العناصر المركزية والعناصر المحيطية هذه البنود في مجملها هي محتوى التمثلات المدروسة حول موضوع عسر القراءة.
* المنحنى على شكل J : يشير هذا المنحنى إلى أن هذا البند من بين العناصر المركزية للتمثل. والتي تم اختيارها على أنها الأكثر تمييزا لموضوع التمثل.
* المنحنى على شكل جرس Ç أو نقول على شكل منحنى Gauss: يتم تأويلها على أنها متوسطة الأهمية بالنسبة لأفراد العينة وهي تمثل العناصر المحيطية.
* المنحنى على شكل U: يدل على العناصر المتباينة أو المتناقضة، أي أن هناك إمكانية وجود مجموعتين فرعيتين تتناقض في نظرتها لهذا العنصر.
4-3 الإطار المكاني والزماني للدراسة:
أجريت الدراسة في مدرستين للمرحلة الابتدائية ومؤسستين للمرحلة المتوسطة بمدينة تلمسان، حيث أجريت الدراسة في شهر أفريل من العام الدراسي 2014- 2015.
4-4 عينة الدراسة :
أجريت الدراسة الحالية على عينة من المعلمين للمدارس الابتدائية والمتوسطة اختيروا بطريقة عشوائية بسيطة، وتتكون العينة من 35 معلم ومعلمة مع وجود بعض الاختلاف في خصائص أفراد العينة مثلما هو مبين في الجدول (01). علما أنه تم تقسيم أفراد العينة إلى فئتين، الأولى تتمثل في 15 معلم قمنا بإجراء تحقيق مسبق معها، والفئة الثانية تتكون من 20 معلم وزعنا عليهم الاستمارات التمييزية.
جدول(1): خصائص أفراد العينة ممثلة بالنسب المئوية
النسبة المئوية | ||
مستوى التدريس | المرحلة الابتدائية | 45% |
المرحلة المتوسطة | 55% | |
مدة الخبرة في التدريس | أقل من 5سنوات | 22.85% |
من 5إلى 10 سنوات | 45.71% | |
أكثر من 10 سنوات | 31.42% | |
المؤهل العلمي | المعهد التكنولوجي | 54.29% |
شهادة الليسانس | 45.71% | |
الجنس | ذكور | 20% |
إناث | 80% |
يوضح الجدول السابق التنوع بين أفراد العينة فمن حيث المؤهل العلمي نلاحظ أن نصف العينة لديهم شهادات من المعهد التكنولوجي، أما بالنسب بالنسبة للخبرة نلاحظ 45.71 %من أفراد العينة يتمتعون بخبرة لا بأس بها أي من 5إلى 10 سنوات %، كما نلاحظ أن أغلب أفراد العينة هم معلمات بنسبة 80 %. أما بالنسبة لعدد المعلمين في كل مرحلة فهي تقريبا متساوية.
5- عرض نتائج الدراسة:
5-1 نتائج التحقيق المسبق:
قمنا بإتباع تقنية تحليل المحتوى، والتي تعتمد على تفيئة الأجوبة catégorisation المتحصل عليها من الإجابات الكلية على الأسئلة المفتوحة التي تمنح حرية كبيرة في التعبير، هذه الفئات تعتبر كدلائل تحدد لنا المعلومات المهمة للدراسة، وهي مقسمة حسب الفئات الموضحة في الجدول التالي:
جدول(2): تصنيف محتوى التحقيق المسبق إلى فئات
الفئات | الكلمات /الأجوبة |
مفهوم عسر القراءة | صعوبة في القراءة، شبه إعاقة، تخلف عقلي، تأخر في النمو، أخطاء كثيرة في القراءة، ثأثأة. مشاكل في النطق. |
المظاهر والأعراض | أخطاء في النطق، قلب الكلمات، أخطاء نحوية، التلعثم، الخلط بين الحروف، عدم احترام علامات الوقف، تقطع في الكلمات، مشاكل في الإلقاء، لا يدرك الحروف، لا يتحكم في الكلمات، رفع الصوت، قلب الحروف، خلط في شكل الحروف، أخطاء نحوية صرفية. |
الأسباب | مشاكل في السمع، التعلم بالانترنت، انعدام الرغبة في المطالعة، اكتظاظ الأقسام، البرامج المكثفة، المستوى الاقتصادي والاجتماعي، غياب التحفيز من الآباء، الخوف، الخجل، عدم كفاءة المعلمين، أسباب نفسية، نورولوجية، جينية، المحيط لا يتكلم اللغة، القاعدة ضعيفة في الابتدائي، بيولوجية، ضعف النظر، الإرهاق، الانعزال، ليس لديهم إخوة. |
التطور والمآل | المشكل يصحح من طرف الأهل، يتحسن مع تغير الأستاذ، يختفي مع تقدم المراحل العمرية، بالمواظبة والعمل، بالمتابعة الجدية يتحسن، ثقافة الوالدين لها دور في التحسن، بالاتجاه للطبيب في حالة كان مرض عضوي. |
من خلال قراءتنا للجدول السابق يمكن أن نستنتج محتوى التمثل الذي رصدناه من المقابلات كتحقيق مسبق للتمهيد لبناء الاستمارة، حيث نلاحظ أن المعلمين لديهم معرفة جيدة بمظاهر عسر القراءة مثلا:قلب الكلمات، التلعثم، الخلط بين الحروف، تقطع في الكلمات، لا يدرك الحروف، قلب الحروف، خلط في شكل الحروف، وهذه كلها أعراض لهذه الاضطراب ولكن عندما نلقي نظرة على المفهوم والأسباب نفهم أن أفراد العينة ليس لهم علم بحقيقة هذا الاضطراب ولا بأسبابه، وهذا الحكم ينطبق على مآل عسر القراءة أيضا، فلأنهم يجهلون أسبابها فهم ينتظرون التحسن والتقدم بمجرد تدخل الوالدين أو تغيير الأستاذ وغيرها من الحلول المقترحة من قبلهم.
- نتائج الاستمارة التمييزية:
- بالاعتماد على النتائج السابقة الموضحة في الجدول(2) توصلنا إلى بناء استمارة تمييزية تتكون من 12 بند، وبعد توزيعها ومن تم تصحيحها وفق الطريقة المبينة أعلاه تحصلنا على النتائج الموضحة في الجدول(3) التالي:
الجدول(3): محتوى تمثلات المعلمين لعسر القراءة ( العناصر المركزية، النظام المحيطي والعناصر المرفوضة)
البنود | الأقل أهمية(-) | غير المختارة(-/+) | الأكثر أهمية(+) | |
العناصر المركزية | صعوبة في القراءة | 04 | 06 | 10 |
الخلط بين الحروف وعدم فهمها | 00 | 06 | 14 | |
العناصر المحيطية | الخجل/ الخوف/ انعدام الرغبة/ مشاكل اجتماعية | 02 | 11 | 07 |
مشاكل في السمع والنظر | 01 | 12 | 07 | |
إعاقة/ وانخفاض في مستوى الذكاء | 00 | 15 | 05 | |
يتحسن المشكل بتدخل الأهل | 08 | 10 | 02 | |
ثأثأة / اضطراب في النطق | 03 | 09 | 08 | |
أخطاء نحوية/ صرفية / إملائية | 04 | 16 | 00 | |
أسباب جينية/ عصبية/ بيولوجية | 03 | 13 | 04 | |
العناصر المرفوضة | يتحسن المشكل بتدخلات تربوية | 11 | 09 | 00 |
يتحسن التلميذ بتقدم المراحل العمرية | 13 | 04 | 03 | |
الاعتماد على الحاسوب / البرامج المكثفة | 14 | 04 | 02 |
تم اختيار بعض البنود من كل فئة ( المفهوم، المظاهر، الأسباب والمآل) وفق القاعدة المبينة أعلاه وبعد حساب عدد الاختيارات وحسب الأهمية التي أعطاها المعلمون لكل بند تحصنا على الجدول أعلاه. حيث يظهر لنا عناصر النواة المركزية والتي تم اختيارها من أكبر عدد من المعلمين على أنها الأكثر تمييزا لعسر القراءة وهي كالآتي: “صعوبة في القراءة” تم اختيار هذا البند من طرف 10 معلمين من بين 20 معلم على أنها توضح مفهوم عسر القراءة ثم نجد البند ” الخلط بين الحروف وعدم فهمها ” ثم اختياره من طرف 14 معلم. أما بالنسبة لعناصر النظام المحيطي فهي التي لم يتم اختيارها على أنها الأكثر تمييزا ولا أقل تمييزا أو أهمية وبالتالي تقع في المستوى الثاني من مضمون التمثل، وهي كالآتي: الخجل/ الخوف/ انعدام الرغبة/ مشاكل اجتماعية/ مشاكل في السمع والنظر/ إعاقة/ وانخفاض في مستوى الذكاء/ يتحسن المشكل بتدخل الأهل / أخطاء نحوية/ صرفية / إملائية/ أسباب جينية/ عصبية/ بيولوجية/ ثأثأة / اضطراب في النطق. بعض هذه البنود يشير إلى مفهوم عسر القراءة وبعضها إلى الأسباب والمظاهر والبعض الآخر إلى مآلها، كما هو موضح في وسط الجدول. أما بالنسبة للبنود التي اختيرت من طرف عدد كبير من المعلمين (11، 13 و 14 معلم على الترتيب) على أنها لا تميز عسر القراءة فتمثلت في يتحسن المشكل بتدخلات تربوية /يتحسن التلميذ بتقدم المراحل العمرية/ الاعتماد على الحاسوب هو السبب/ البرامج المكثفة.
- محتوى التمثلات الاجتماعية لعسر القراءة بالتمثيل البياني:
- عناصر النواة المركزية:
نلاحظ المنحنيات في الشكل (1) تشبه الحرف J وبالتالي هي تمثل عناصر النواة المركزية للتمثل الاجتماعي لعسر القراءة لدى فئة المعلمين بمعنى أن هذين العنصرين”الصعوبة في القراءة، الخلط بين الحروف وعدم فهمها” يمثلان المعرفة الساذجة عند المعلمين لعسر القراءة، وهذا يعني أنها ثابتة ومستقرة لا تتغير، ونلاحظ أن كلا العنصرين يمثلان فئة المفهوم.
- عناصر النظام المحيطي:
سوف نكتفي فقط بأربعة أمثلة من بين سبعة عناصر تنتمي للنظام المحيطي وهي التي لم يتم اختيارها على أنها أكثر أهمية ولا أقل أهمية وهي تظهر في المنحنى على شكل جرس Ç أو نقول على شكل منحنى Gauss ويتم تأويلها على أنها متوسطة الأهمية بالنسبة لأفراد العينة.
العناصر التي تمثل النظام المحيطي هي:” الخجل،الخوف، انعدام الرغبة، مشاكل اجتماعية، مشاكل في السمع والنظر، وانخفاض في مستوى الذكاء، جينية، عصبية، بيولوجية” هذا بالنسبة لفئة أسباب عسر القراءة. والبنود التالية: “إعاقة، أخطاء نحوية، صرفية، إملائية، ثأثأة، اضطراب في النطق” بالنسبة لفئة مفهوم عسر القراءة وأعراضها. أما بالنسبة للمآل فتتحدد في العنصر “يتحسن المشكل بتدخل الأهل”، هذه العناصر أقل استقرارا في تمثلات المعلمين فهي يمكن أن تتغير بتغير ظروف أفراد العينة في علاقتهم بموضوع عسر القراءة.
- العناصر المتناقضة (أو المرفوضة):
بقي ثلاثة عناصر من بنود الاستمارة التمييزية” البرامج المكثفة، يتحسن التلميذ بتقدم المراحل العمرية وبتدخلات تربوية ، الاعتماد على الحاسوب هو السبب” وهي التي تم اختيارها ضمن البنود التي لا تميز عسر القراءة أو الأقل أهمية بالنسبة لأفراد العينة نوضح عنصرين منها في الشكل (3).
هذا الشكل يوحي بأن هناك إمكانية وجود مجموعتين فرعيتين تتناقض في نظرتها لهذه العناصر. كما يمكن أن تسمى العناصر المرفوضة في حالة وجود عدد كبير من الأفراد يختارونها على أنها أقل أهمية كما في هذه الأمثلة والعناصر هي: ” يتحسن المشكل بتدخلات تربوية /يتحسن التلميذ بتقدم المراحل العمرية/ الاعتماد على الحاسوب هو السبب/ البرامج المكثفة، وهذا يقلّل من أهمية هذه العناصر في نظر أفراد العينة.
6- تحليل ومناقشة النتائج:
يمكن أن نلمس من خلال النتائج السابقة بأن المعلمين لهم نظرة عامة لعسر القراءة وتقتصر على “صعوبة في القراءة” و” الخلط بين الحروف وعدم فهمها” وهي العناصر التي ظهرت في النواة المركزية والتي تعتبر المفهوم الأساسي للتمثل، هذين العنصرين الأكثر ثباتا واستقرارا في التمثل والأصعب تغييرا، فإذا تغيرت تغير موضوع التمثل، وبهذا يمكن القول أن مفهوم عسر القراءة على هذا النحو يبرز الذاكرة الجماعية للمعلمين وهي تمثل نظامهم المعرفي نحو موضوع البحث” عسر القراءة”. نلاحظ أن تعريف هذا الاضطراب على هذا النحو: (الخلط بين الحروف عدم فهمها وصعوبة في القراءة) هو تعريف سطحي يعبر عن معرفة ساذجة يمكن لأي معلم مهما كانت خبرته بسيطة أن يعرفها على هذا النحو.
كما يمكن قراءة النتائج من خلال عناصر النظام المحيطي والتي تعبر عن الخصائص الثانوية لموضوع التمثل لكن هذا لا يعني أنها أقل أهمية فهي تحدد في الواقع اتجاهات وسلوكات المعلمين اتجاه عسر القراءة وكذلك ممارساتهم حيث تمثلت في”الخجل،الخوف، انعدام الرغبة، مشاكل اجتماعية (كما ظهر في دراسة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث الفرنسية2007 التي وجدت أن المعلمين يرجعون السبب للمحيط) أيضا مشاكل في السمع والنظر، وانخفاض في مستوى الذكاء” ونلاحظ أن هذه كلها أسباب لا علاقة لها بعسر القراءة، لأن من شروط تشخيص هذا الاضطراب أن توجد مشكلات في القراءة تظهر عند الأطفال ذو مستوى ذكاء متوسط أو فوق المتوسط، بدون أي مشاكل حسية، بصرية، أو سمعية، بدون اضطرابات نفسية حادة، والذين يحظون بتمدرس عادي[16] .هناك فقط أربعة معلمين اختاروا الأسباب الجينية، العصبية، والبيولوجية، بالنسبة لفئة أسباب عسر القراءة. فيما يتعلق بفئة المفهوم ظهر ضمن عناصر النظام المحيطي مصطلح “الإعاقة” و “الثأثأة” وهذا أيضا يشير إلى عدم معرفة المعلمين لحقيقة عسر القراءة، هذا يشبه ما توصلت إليه دراسة Sandrine Descombes (2010) بأن اغلب المعلمين يعرفون ما هي الصعوبات التي يواجهها المعسر قرائيا من خلال مظاهرها ولكنهم لا يعرفون السبب وراء هذه الإعاقة.
كما نجد ضمن عناصر النظام المحيطي ما يشير إلى مظاهر هذا الاضطراب وهي: “أخطاء نحوية، صرفية، إملائية، واضطراب في النطق” هذه الأمور يمكن للمعلمين ملاحظتها أثناء التقييم الروتيني وغير الرسمي لقراءة التلاميذ. أما بالنسبة للمآل فتتحدد ضمن نفس النظام في العنصر “يتحسن المشكل بتدخل الأهل” فحين تستمر عسر القراءة ومشاكلها مع الفرد، وما تقدمه التدخلات العلاجية التعليمية هو التكيف مع الوضع وتعويض ما لا يقدر عليه بما يملك من نقاط قوة.
عناصر النظام المحيطي السابقة تعمل كنظام دفاعي لتمثلات المعلمين لعسر القراءة ولكنها أقل استقرارا من عناصر النواة المركزية وبذلك فانه يمكن أن تتغير بتغير ظروف أفراد العينة (تكوين المعلمين، احتكاكهم مع متخصصين في مجال اضطرابات التعلم، مطالعة حول الموضوع أو تدخلات أخرى) دون المساس بالنواة المركزية. من هذا التحليل نفهم ما هي الممارسات التي يقوم بها المعلمون اتجاه هذا الإضراب، فهم يرجعون أسبابها للعوامل العقلية، النفسية، الاجتماعية، وينتظرون من الأهل التدخل وبالتالي لا يمكننا أن ننتظر أي تدخل مناسب من جهتهم ما دامت معرفتهم بهذا الاضطراب محدودة. وقد دعت الكثير من الدراسات إلى ضرورة التدريب الذي يحتاجه المعلمون في هذا المجال كدراسة Valerie Depauw (2005).
من جهة أخرى هناك عناصر مرفوضة من طرف اغلب أفراد العينة وهي ” يتحسن المشكل بتدخلات تربوية و”يتحسن التلميذ بتقدم المراحل العمرية”، الاعتماد على الحاسوب هو السبب” و”البرامج المكثفة” هنا نلاحظ بعض الوعي فيما يتعلق بالمآل أي أن خبرتهم جعلتهم يدركون أن هذه المشكلة مستمرة مع الطفل، ولكن من جهة أخرى يستبعدون أي تحسن بالتدخلات التربوية ونحن نقرأ هذا بأنه هو نوع من التملص من مسؤوليتهم اتجاه هذه الحالات.
ما يمكن قوله في الأخير أن المعلمين ليس لديهم معرفة علمية أو عملية باضطراب عسر القراءة، وعلى الرغم من أنهم قدموا بعض الإجابات ذات الصلة بالموضوع ولكنها تبقى سطحية وغير مفيدة إذا ما أردنا خوض الحديث في التدخلات التعليمية المساعدة لذوي الاضطراب وهي تنحصر في مظاهر الاضطراب فقط. هذه النتيجة تتوافق مع ما توصلت إليه الدراسات السابقة نذكر على سبيل المثال لا الحصر دراسة Glinche Audrey(2014) والتي بينت أن المعلمين لديهم معرفة غامضة حول ماهية عسر القراءة، مما يؤثر على ممارساتهم بمعنى أن لديهم أساليب ينفذونها تكون أحيانا تقريبية.كما أن تجربتهم يمكن أن تسمح لهم بالتكيف بسهولة مع هذه الحالات.
خاتمة:
من خلال الإحصاء الذي يشير إلى أن عسر القراءة ينتشر بنسبة 10% يصبح الأمر مدعاة للبحث، وخصوصا بالنسبة للفئة التي تربطها علاقة مباشرة بهذه الحالات أي المعلمين، ذلك أننا – المحيط عامة والأسرة خاصة – أول من نلوم عند فشل التلميذ نلوم تهاون المعلم أو إهمال التلميذ، غير أن الحقيقة في عسر القراءة تبين أن لا الأول متهاون ولا الثاني مهمل. ولأجل التدخل المناسب مع حالات عسر القراءة وجب تكوين المعلمين في هذا المجال على الأقل من اجل تفهم الحالات وتوجيهها للمختصين، لأن هذا سوف يؤثر على تقييم وتقويم هذه الحالات، لهذا السبب أجرينا هذه الدراسة التي توصلنا في نهايتها إلى وجود معرفة عامة وسطحية بل وغامضة لدى فئة المعلمين حول مفهوم هذا الاضطراب، وجهل تام بأسبابه ونظرة خالية من المسؤولية فيما يتعلق بمستقبل المعسر قرائيا. أما الهدف الأسمى وراء هذه الدراسة هو تأسيس قاعدة معرفية علمية لنطالب من خلالها بضرورة إخضاع كل المعلمين والمدرسين في المراحل الأولى لتكوين متخصص حول اضطرابات التعلم نحسّن به حياة الطفل الذي يعاني من المشكل ونرقى بوظيفة المعلم، ولتكن هذه آخر توصية نختم بها بحثنا هذا.
قائمة المراجع:
- جمال الخطيب (2006):”مستوى معرفة الصفوف العادية بالصعوبات التعلمية وأثر برنامج لتطويره في القناعات التدريسية لهؤلاء المعلمين”، الأردن.
- علي حسن أسعد حبايب (2010):”صعوبات تعلم القراءة والكتابة من وجهة نظر معلمي الصف الأول الأساسي”، مجلة جامعة الأزهر بغزة، سلسلة العلوم الإنسانية 2011، المجلد 13، العدد1 (A).
- طلال إبراهيم محمد مسعد(2005):”مدى إلمام معلمات وأخصائيات الرياض والابتدائي بصعوبات التعلم (الدسلكسيا، النشاط الزائد وقلة التركيز، الدسكالكليا)”، الكويت.
- ABRIC, J.C. (1994): Pratiques sociales et représentations, presses universitaire de France. 1re édition. Paris : PUF.
- Brin, F et al (2004): dictionnaire d’orthophonie 2eme édition . france.
- Flament, C. (1987). Pratiques et représentations sociales. In Philippe Bourgoin représentations sociales des formateurs et appropriation de la formation ouverte et a distance au sein d’un Greta, université de Rouen ; université de Lyon2 ; 2011.
- Glinche Audrey(2014) : La dyslexie : connaissances et pratiques des enseignants. Mémoire de Master : Métiers de l’Enseignement de l’Education et de la Formation Spécialité Enseignement du Premier Degré. Université Nantes. France.
- Isabelle Barry(2001), Les troubles spécifiques d’acquisition du langage écrit, site de l’association Coordination des intervenants auprès des personnes souffrant de dysfonctionnement neuropsychologique (Coridys), France.
- JODELET, D (1991): Les représentations sociales; phénomènes, concepts et théorie, Paris : PUF.
- Marie Coulon(2013) : j’aide mon enfant dyslexique ; Edition Eyrolles ; Paris.
- Mariotti, Françoise, (2003) :Tous les objets sociaux sont-ils des objets de représentations sociales ? JIRSO, vol. 1, no1, September 2003.http://geirso.uqam.ca/livre_repres_sociales/index_livre.php
- Mecherbet Ali, Lakhdar Azzouz(2007):La professionnalisation de l’école en Algérie ; Entre le renouveau et la dissonance des professeurs. Congrès International d’Actualité de la Recherche en Education et en Formation AREF. Août 2007 à Strasbourg ; 10P
- Ministère de l’Education Nationale, de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche. (2007).
- Sandrine Descombes(2010): Apprentissage de l’écrit: prise en charge d’enfants dyslexiques dans un établissement scolaire Représentations et pistes de travail ; HEP, Lausanne, France, 50p
- The International Dyslexia Association, 12 novembre 2002. Site Internet : http: //www.interdys.org
- Valerie Depauw(2005) : Représentation sociale de l’élève dyslexique et dysorthographique chez les enseignants de collège.
[1] Marie Coulon(2013) : j’aide mon enfant dyslexique ; Edition Eyrolles ; Paris. P9.
[2] Mecherbet Ali, Lakhdar Azzouz(2007) : La professionnalisation de l’école en Algérie ; Entre le renouveau et la dissonance des professeurs. Congrès International d’Actualité de la Recherche en Education et en Formation AREF. Août 2007 à Strasbourg ; 10P
[3] طلال إبراهيم محمد مسعد(2005):”مدى إلمام معلمات وأخصائيات الرياض والابتدائي بصعوبات التعلم (الدسلكسيا، النشاط الزائد وقلة التركيز، الدسكالكليا)”، الكويت.
[4] Valerie Depauw(2005) : Représentation sociale de l’élève dyslexique et dysorthographique chez les enseignants de collège.
[5] جمال الخطيب (2006): “مستوى معرفة الصفوف العادية بالصعوبات التعلمية وأثر برنامج لتطويره في القناعات التدريسية لهؤلاء المعلمين”، الأردن، 20 ص.
[6] Ministère de l’Education Nationale, de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche. (2007).
[7] علي حسن أسعد حبايب (2010):” صعوبات تعلم القراءة والكتابة من وجهة نظر معلمي الصف الأول الأساسي”، مجلة جامعة الأزهر بغزة، سلسلة العلوم الإنسانية 2011، المجلد 13، العدد1 (A)، ص 1-34.
[8] Sandrine Descombes(2010) : Apprentissage de l’écrit : prise en charge d’enfants dyslexiques dans un établissement scolaire Représentations et pistes de travail ; HEP, Lausanne, France, 50p.
[9] Glinche Audrey(2014) : La dyslexie : connaissances et pratiques des enseignants. Mémoire de Master : Métiers de l’Enseignement de l’Education et de la Formation Spécialité Enseignement du Premier Degré. Université Nantes. France. 80p
[10] Isabelle Barry(2001), Les troubles spécifiques d’acquisition du langage écrit, site de l’association Coordination des intervenants auprès des personnes souffrant de dysfonctionnement neuropsychologique (Coridys), France
[11] The International Dyslexia Association, 12 novembre 2002. Site Internet : http: //www.interdys.org
[12] JODELET, D (1991) : Les représentations sociales; phénomènes, concepts et théorie, Paris : PUF. , P 360
[13] ABRIC, J.C. (1994): Pratiques sociales et représentations, presses universitaire de France. 1re édition. Paris : PUF. P13
[14] Mariotti, Françoise, (2003) : Tous les objets sociaux sont-ils des objets de représentations sociales ? JIRSO, vol. 1, no1, September 2003, pp 1-17.
http://geirso.uqam.ca/livre_repres_sociales/index_livre.php
[15] Flament, C., (1987). Pratiques et représentations sociales. In Philippe Bourgoin représentations sociales des formateurs et appropriation de la formation ouverte et a distance au sein d’un Greta, université de Rouen ; université de Lyon2 ; 2011.
[16] Brin, F et al (2004): dictionnaire d’orthophonie 2eme édition . france. P80.