محاربة التصحر: تجربة السد الأخضر في الجزائر
Fighting desertification: The Green Dam experience in Algeria
الدكتورة سلاماني ليلى (أستاذة محاضرة قسم أ، كلية الحقوق جامعة الجزائر1)
Leila SLAMANI (Algiers 01 University)
مقال منشور في كتاب أعمال ملتقى القانون الدولي وتحديات التغير المناخي الصفحة 95.
Abstract :
The emergence of the Green Dam project in Algeria since the early seventies had primarily environmental dimensions, represented by combating the phenomenon of sand advancing towards the north, which is the part of agricultural land and pastoral areas. After the completion of the project achieved positive results, represented by the construction of a natural wall to stop the encroachment of sand, the circumstances that Algeria experienced in the 1990s meant that the project faltered during this period.
However, the climate changes that occurred in the world in the second millennium, as a result of global warming and the resulting environmental problems, such as water scarcity and the outbreak of fires, destroyed large parts of the vegetation, which is the primary source of human livelihood in many countries, This is the same situation that Algeria experienced recently after the forest fires that occurred in the summer of 2021 in 21 states, so one of the outcomes of this climate dilemma for the Algerian state was the resurrection of the Green Dam project to address the problem of desertification primarily in its environmental dimension, But to also achieve other economic and social dimensions according to a harmonious legal organization that takes into account modern requirements for development.
Keywords : The green Dam- Desertification- Sand encroachment- The environment
ملخص:
كان لظهور مشروع السد الأخضر في الجزائر منذ أوائل السبعينات أبعادا بيئية بالدرجة الأولى، تمثلت في مكافحة ظاهرة تقدم الرمال نحو الشمال الذي يكَون الجزء الخاص بالأراضي الزراعية والمساحات الرعوية. وبعدما حقق إنجاز المشروع نتائج إيجابية تمثلت في إقامة جدار طبيعي لوقف زحف الرمال شاءت الظروف التي عرفتها الجزائر سنوات التسعينات أن يتعثر المشروع خلال هذه الفترة.
إلا أن التغيرات المناخية التي حصلت في العالم في الألفية الثانية، جراء الاحتباس الحراري و ما ينجر عنه من مشاكل بيئية، من ندرة للمياه و نشوب للحرائق أتلف أجزاء كبيرة من الغطاء النباتي الذي يعد المصدر الأساسي لعيش الإنسان في العديد من الدول، و هي نفس الوضعية التي عاشتها الجزائر في الآونة الأخيرة بعد حرائق الغابات التي وقعت صائفة 2021 في 21 ولاية، لذا كان من مخرجات هذه المعضلة المناخية بالنسبة للدولة الجزائرية إعادة بعث مشروع السد الأخضر للتصدي لمشكلة التصحر بالدرجة الأولى في بعده البيئي، و لكن ليحقق أيضا أبعادا أخرى اقتصادية و اجتماعية وفق تنظيم قانوني منسجم يراعي المتطلبات الحديثة للتنمية.
الكلمات المفتاحية: السد الأخضر، التصحر، زحف الرمال، البيئة.
مقدمة:
هل يمكن درء مخاطر الطبيعة باستخدام الطبيعة؟ سؤال طرحته المتغيرات الحديثة بعد إفراط الدول في استخدام الصناعة وانبعاث الغازات المضرة بالبيئة.
أصبحت مسألة التغيرات المناخية حديث المختصين في الألفية الثانية من هذا القرن لأن يد الإنسان طالت الطبيعة في جميع نواحيها وغيرت من معالمها وذلك نزولا عند متطلبات تعتبرها الدول من الأولويات، مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا …إلخ حيث ضحت ببعض المجالات على حساب المجالات الأخرى، وبإقرار سياسات تخدم الاقتصاد الوطني حسب التعبير الشائع للحكومات، ولكن بقصد أو بغير قصد، كسرت الدورة الطبيعية حسب المختصين، وحولت الغابات إلى أراضي زراعية أو طرق وطنية أو مجمعات سكنية، ومرافق مختلفة، وبهذا تكون جميع الدول قد شاركت بهذه المقاربة العصرية في تدهور المناخ.
لا تعد الجزائر مثالا بعيدا عن هذه النقاشات لأن التغيرات المناخية دخلت ضمن اهتمامات الدولة منذ الستينات وكرست في السبعينات، ولكن بواقع مختلف عن الدول الأخرى، حيث اصطدمت بمشكلة التصحر الذي أتى على جزء كبير من أراضيها الزراعية وأضحى يهدد بقية الأراضي، لذا لجأت الحكومات الجزائرية المتعاقبة بعد استرجاع سيادتها على أراضيها إلى تصحيح الاختلال الطبيعي حتى قبل أن تتحول الوضعية إلى الأسوأ، فكان إطلاق مشروع السد الأخضر الذي يعتبر الحاجز الطبيعي للتصحر، في إطار سياسة من أولوياتها المسائل الإيكولوجية قبل كل شيء.
تزايد الاهتمام بمسألة محاربة التصحر في الآونة الأخيرة أي في الألفية الثانية، كما أعيد بعث مشروع السد الأخضر ليندرج ضمن الالتزامات الدولية للجزائر في المرسوم التنفيذي 20-213 المتضمن إنشاء هيئة تنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث السد الأخضر[1]، فهل يكون لهذا المشروع النتائج التي أُسس من أجلها منذ انطلاقه أم أنه سيخدم أغراضا أخرى تدخل ضمن التوجه الجديد المرتبط بالتنمية المستدامة؟
للإجابة عن هذا التساؤل يجب التعريج على التصور الذي لازم نشأة المشروع منذ بدايته من جهة و من جهة أخرى تحديد الأهداف الجديدة المسندة له، خاصة، بعدما أصبحت الجزائر تعرف مشاكل بيئية خطيرة ناتجة عن التغيرات المناخية.
أ – التصور الأولي لمشروع السد الأخضر: محاربة التصحر
لم يفكر النظام الجزائري بعد الاستقلال في إنشاء السد الأخضر إلا بعد ما اصطدم بموروث تاريخي نجم عنه تلف كبير للغطاء النباتي (1) لهذا عرفت المعالجة القانونية والتسييرية له غموضا لم يتضح إلا في الألفية الثانية بعد تفطن الحكومات الحالية إلى وجوب التكفل بالمسائل البيئية في إطار سياسة شاملة. (2)
1- أسباب ظهور السد الأخضر: الموروث البيئي.
للغطاء النباتي وظائف حيوية تخدم أطراف عديدة، سواء كان ذلك بالنسبة للإنسان ومهما كانت صلته بالطبيعة أو بالنسبة للطبيعة ذاتها، ومهما كانت مكوناتها من نباتات أو أشجار أو حيوانات وغيرها، وقد ورثت الدولة الجزائرية وضعية متدنية لهذا الأخير بعد استرجاع استقلالها، وتعود أسباب تدهور الغطاء النباتي في الجزائر إلى سلسلة من الاعتداءات التي كان العنصر البشري سببا مباشرا لها، ثم تحول الأمر فيما بعد إلى ظهور أسباب أخرى ترجع إلى الوضعية المناخية بصفة عامة.
1-1 ظهور فكرة محاربة الطبيعة عن طريق الطبيعة.
يرجع تدهور الغطاء النباتي في الجزائر إلى العهد الروماني، حيث لجأ الرومان على مستوى شمال إفريقيا للاستغلال المكثف للغابات من خلال تصدير الخشب إلى روما[2] مما أدى إلى زوال حوالي مليون وثمان مئة 1.800 هكتار من الغابات حسب تقدير الخبراء، وبعد فترة عاود الغطاء النباتي النمو والرجوع للحالة الطبيعية التي كان عليها نسبيا خلال القرن التاسع عشر بسبب التوازن الذي كان قائما بين امتداد الغابات والاستغلال المعتدل[3].
تراجعت مساحة الغابات الجزائرية في العهد الاستعماري بسبب حملات التوسع التي خاضها المستعمر الفرنسي، إذ أنشأ على حساب المساحات الغابية قرى وأماكن (des campements)، وليس هذا وحسب، بل كان لمخلفات الحربين العالميتين آثارا مباشرة على الغطاء الغابي، حيث تضاعف خلال تلك الفترتين قطع المعمرين واستغلالهم لمواد الغابات بسبب انخفاض استيراد المحروقات، واضطرت مصلحة الكهرباء والغاز لاستخدام الفحم الخشبي والخشب بكميات هائلة لتلبية حاجياتها من الطاقة.
وفي فترة لاحقة، وبمجرد ظهور حرب التحرير الجزائرية خاصة بعد تعميم الكفاح المسلح سنة 1955، تضررت الغابات بشكل كبير جراء استخدام المستعمر “النابالم” وهو سلاح محظور حسب الاتفاقيات الدولية لحرق الغابات.[4]
تفطنت الدولة الجزائرية لوجود انهيار في الغطاء النباتي منذ استرجاع استقلالها سنة 1962 لذا بدأت بحملات للتشجير على المستوى المحلي [5] ولكن إمكانياتها كانت محدودة وتعتمد بالدرجة الأولى على العمل التطوعي، كما أن العملية لا تستند لإطار قانوني محدد ولا إلى سياسة شاملة ومدروسة، وقد امتدت هذه المرحلة من 1963 حتى 1965 وبعد هذه الفترة انتقل التفكير إلى انجاز السد الأخضر وهو عبارة عن سلسلة من الأشجار لوقف زحف الرمال أو ظاهرة التصحر.
تشير الدلالات التاريخية الطبيعية أن فكرة السد الأخضر كمشروع ضخم جاء عقب ما عرفه الساحل الغربي الأفريقي بين سنة 1968 و1974 من كارثة بيئية كان سببها الجفاف الذي أسفر عن وفاة أكثر من 100 ألف نسمة وتفوق 5,3 مليون رأس من الماشية والأغنام والماعز والإبل[6] فإذا كان هذا مؤشر من المؤشرات التي تساهم في التعرف على ظهور فكرة السد الأخضر فإنه يحيل أيضا لاهتمام الدولة منذ الاستقلال بالتغيرات المناخية.
1-2 التعريف بالسد الأخضر
بدأ مشروع السد الأخضر منذ السبعينات ولا يُعرف له تاريخ محدد، فهناك من يُرجع ظهوره لسنة 1970 وهناك من يُرجعه لسنة 1972 [7] وهناك من يتحدث عن بداية فعلية لانطلاقه سنة 1974 ومهما يكن من أمر، فإن فكرة اللجوء للطبيعة من أجل درء مشاكل الطبيعة لا تعد جديدة فقد استخدمت في القرن الماضي في انجلترا و غيرها من الدول، ولجأت إليها الصين في الستينات و هو المثال الذي احتدت به الجزائر من أجل إنشاء السد.
يمتد السد الأخضر على مساحة تقدر بأربعة ملايين وسبع مئة هكتار (4.7) من الأشجار وعلى طول 1500 كيلومتر وبعرض يساوي 20 كيلومتر، كما يضم ثلاثة عشر ولاية و183 بلدية.
تشير جميع الدراسات حول السد الأخضر إلى الهدف الرئيسي من اللجوء إليه و هو محاربة زحف الرمال أو التصحر وهي مسألة تندرج ضمن الدراسات البيئية بمفهومها الواسع ، وفي دراسة قانون البيئة بالمفهوم القانوني الضيق الذي تشترك فيه عدة قوانين فكما أُطلق على قانون البيئة تسمية القانون الحرباء [8] ، فإن هذا المفهوم ينطبق أيضا على دراسة السد الأخضر الذي لا يمكن حصره في المجال القانوني وحسب، بل يجب التعرف عليه من خلال علوم أخرى مثل المجال الزراعي و المجال الهندسي وما إلى ذلك، حتى أن الكتابات العلمية التي تهتم بدراسته أغلبها يندرج ضمن هاذين العلمين الأخيرين، وما الاهتمام به من طرف القانونيين إلا في إطار دراسة النظام العام للغابات، إلا أن السنوات الأخيرة جعلت منه موضوعا منفردا يندرج في إطار محاربة تغير المناخ وإعادة التوازن الإيكولوجي التي أحدثته الظواهر الطبيعية.
أنشئ السد الأخضر بمبادرة حكومية لمحاربة التصحر، ويُقصد بالتصحر النتيجة المتولدة عن اجتماع ظاهرة الجفاف وظاهرة الاستغلال المفرط للأراضي وهو حسب المختصين في المجال من بين الظواهر التي تهدد الأمن الغذائي للدول.[9]
يمتد السد الأخضر على مساحات واسعة، يشير المختصون في المجال الزراعي لوجوب توفر بعض الشروط فيها لكي تكون صالحة لإنشاء السد، منها شرط الثروات المائية (باطنية وسطحية) وشرط المقياس المناخي الذي حدد على خط 300 مم لكمية الأمطار [10]، وهو مقدار يضمن نمو الغطاء النباتي خلال السنة، أما الشروط الأخرى فتتعلق بالتربة ونوعية المزروعات والقابلية للتعمير
بعد مرور عدة سنوات على إنجاز السد الأخضر يلاحظ المختصون في المجال الزراعي والغابي أن الخطوات الأولى له لم تكن مدروسة دراسة علمية صحيحة وهو ما تشير إليه الدراسات[11] وتؤكده الأرقام المتعلقة بإنجازه في تلك الفترة [12]، كما أنه يتطلب دراسات تقنية حديثة لتطويره لكي يلعب أدوارا مختلفة وفي مجالات عديدة، بالإضافة إلى وجوب العمل على أقلمته وفقا للمجال الأساسي الذي أُنشئ من أجله وهو مكافحة التصحر.
2- الإطار القانوني المنظم للسد الأخضر: مسار نحو التوضيح
يعتبر السد الأخضر مشروعا قائما على التشجير، وبما أن الغابات جزء أساسي في نظام التنوع المناخي فإن إنجاز المشروع يتطلب إقامة سياسة وطنية تستند لأدوات قانونية وتقنية مناسبة لتحقيق النتائج المطلوبة.
2-1 مشروع بدون نص قانوني
مر السد الأخضر بعدة مراحل ولم يعرف إطارا قانونيا منسجما إلا في الألفية الثانية، غير أن إدارة المشروع عرفت تقلبات مؤسسية، وصلت سنة 2023 إلى وضعه ضمن برنامج خاص حددت له مخططات عمل على مدار عدة سنوات، فعلى المستوى القانوني ليس للسد الأخضر دلالة قانونية، كما أن النصوص القانونية التي تناولته تشير إليه بعبارة مشروع أو السد الأخضر[13] وقد سبقته مصطلحات أخرى تقنية مثل التشجير[14] وإعادة التشجير[15] وكذلك مصطلح الاستصلاح[16]. بقيت هذه المصطلحات جميعها تُتداول في الخطاب الرسمي وانتقلت إلى القرار الوزاري الخاص بالهيئة التنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث السد الأخضر [17] سنة 2023 لتتبنى التسمية الأولى وهي السد الأخضر.
والملفت للانتباه تعمد النصوص التي تتناول الموضوع عدم التدقيق، فعبارة مشروع طبقا للقواميس هي عمل قيد الإنجاز وبمفهوم المخالفة فإن السد الأخضر مازال قيد الإنجاز، أما عبارة إعادة بعث السد فيراد بها أمران، الأمر الأول وهو أن السد مازال مشروعا قيد الإنجاز، أما الأمر الثاني أن السد عرف ركودا من حيث الإنجاز يتطلب العمل به مجددا.
لا ينفرد السد الأخضر بنص قانوني خاص به، ولكنه يشترك مع نصوص قانونية أخرى كقانون الغابات[18] أو القانون المتعلق بالوقاية من مخاطر الحرائق [19] والنصوص ذات الصلة مثل قانون الصحة النباتية وما إلى ذلك، والجدير بالذكر أن السد الأخضر المتكون من سلسلة كبيرة من الغابات ينطبق عليه التطور القانوني الذي نظم هذه الأخيرة[20].
يندرج مشروع السد الأخضر منذ السبعينات ضمن التزامات الدولة الجزائرية في محاربة التغيرات المناخية وقد تأكد الأمر بعد إعادة بعثه في حيثيات المرسوم التنفيذي 20-213[21] الذي يتناول الإشارة للتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني الجفاف الشديد و/ أو التصحر وخاصة في أفريقيا الموافق عليها في باريس 1994 والمصدق عليها بالمرسوم الرئاسي 96-52 [22]
2-2 السد الأخضر ونظام الغابات.
لقد أشارت النصوص القانونية التي تناولت السد الأخضر بصيغ غير دقيقة، إذ استخدم المرسوم التنفيذي 20-213 عبارة “إعادة بعث” بينما تشير نصوص أخرى للتشجير وإعادة التشجير ونصوص أخرى إحياء، وهي صيغ تدل على عدم وضوح الرؤيا بالنسبة للمشروع، أي أن ما يتكون منه السد هو أشجار ليست موجودة، وإنما تندرج ضمن عمليات التشجير، أو بعبارة أخرى هي غابات في طور الإنجاز، فهل تصنف ضمن الغابات التي نظمها القانون؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب الرجوع إلى تعريف المشرع الجزائري للغابات، إذ نص المشرع في المادة 8 من النظام العام للغابات “بأنها جميع الأراضي المغطاة بأنواع غابية على شكل تجمعات غابية في حالة عادية”[23]، أما التجمعات الغابية فقد حددها كالتالي.
-100 شجرة في الهكتار الواحد في حالة نضج في المناطق الجافة وشبه الجافة
-300 شجرة في الهكتار الواحد في حالة نضج في المناطق الرطبة وشبه الرطبة
وأضاف القانون 90-25 [24] في المادة 13 تصنيف أخر خاص بالغابات في المناطق الرطبة وشبه الرطبة والمناطق القاحلة وشبه القاحلة وتتشكل الأشجار من العدد 300 في المناطق الأولى لاعتبارها غابات و100 شجرة في المناطق الأخرى، ولكن ضمن مساحة 10 هكتارات متصلة أو يفوق.
إن النصين القانونين لا يفسران كيفية ضم أشجار السد الأخضر لتعريفهما، لأنه كما سبقت الإشارة إليه أشجار غير موجودة، ولتدارك الأمر جاء المرسوم التنفيذي 2000-115 [25] ليحدد المقصود بالغابات في القانونين في المادة 04 بالنص على ما يلي:
“الغابة أرض تغطيها أحراج تتشكل من غابة أو أكثر إما في حالتها الطبيعية وإما بفعل التشجير وإعادة تشجير على مساحة تفوق عشرة هكتارات متصلة وتشتمل على الأقل ما يلي:
– مئة شجرة في الهكتار الواحد، في حالة نضج في المنطقة القاحلة وشبه القاحلة.
– ثلاثمائة شجرة في الهكتار الواحد، في حالة نضج في المناطق الرطبة وشبه الرطبة.
– الأرض ذات الوجهة الغابية: كل أرض تغطيها نباتات طبيعية متنوعة في قامتها وفي كثافتها وتتفرع عن تدهور الغابات بسبب قطع الأشجار أو الحرائق أو الرعي.
وتشمل هذه الأراضي الأحراش والخمائل:
تدخل في هذه التكوينات القمم الغابية الجبلية والتكوينات المخشوشبة أو الضرورية لحماية المناطق الساحلية.
-التكوينات الغابية الأخرى: كل النباتات في شكل أشجار تتكون من تجمعات أشجار وشرائط ومصدٌات الرياح وحواجز مهما تكن حالتها”
بهذا المفهوم الخاص بالغابات يدخل مشروع السد الأخضر ضمن التصنيف الوارد في القوانين لأنه مشروع قائم على التشجير وإعادة التشجير وتنطبق عليه الشروط المتعلقة بعنصر العدد الخاص بالأشجار وبالمساحة المطلوبة لكل غابة، وبمعيار خصوصية المنطقة لأن مساحة السد تندرج ضمن سلسلة من التضاريس.
ب- إدارة مشروع السد الأخضر وأبعاده المتعددة
مر السد الأخضر بمراحل عديدة منذ نشأته بين الستينات والسبعينات، ورغم الجهود التي قامت بها الحكومات المتعاقبة عليه جاء المرسوم التنفيذي 20-213 ليشير إلى ركود الفكرة التي تستخلص من عنوانه “إعادة بعث ” المشروع، وهي عبارة تنطبق على المراحل التي عرفها في تسييره من جهة، ونتيجة منطقية لما تنتظره الجزائر من نتائج إيكولوجية واقتصادية واجتماعية من جهة أخرى.
1– إدارة المشروع.
لم يعرف السد الأخضر مسارا مؤسسيا واضحا فقد بدأ مشروعا للدولة سنوات الستينات ليتحول فيما بعد إلى مشروع قطاعي يسير بأدوات استشرافية.
1-1 السد الأخضر من مشروع حكومي إلى مشروع قطاعي.
لقد عرف تسيير المشروع مراحل عديدة وقد ظهرت وزارة الفلاحة كقطاع محوري في تسيير وتنمية الغابات، ورغم ظهور وزارة البيئة في الثمانينات إلا أن هذا القطاع لم يشارك في إدارة المشروع إلا بصفة هامشية حسب ما تشير إليه التقارير الحديثة حول الحملات التي صاحبت عمليات التشجير.
بظهور أول حكومة للدولة المستقلة سنة 1962 ظهر قطاع الفلاحة بتسمية وزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي وبقي الأمر كذلك حتى سنة 1979 حيث ظهر منصب كاتب دولة للغابات والتشجير[26] الذي تغيرت تسميته سنة 1980 لكاتب الدولة للغابات وإعادة إحياء الأراضي، لينتقل مجال الغابات من وزارة الفلاحة إلى وزارة الري والبيئة والغابات سنة 1984[27] بمنصب نائب وزير للبيئة والغابات، ثم ارتبط مجال الغابات بالري سنة 1988 [28]، وبنهاية السنة اختفى قطاع الغابات من تشكيلة الحكومات.
لم يظهر ضمن صلاحيات الوزراء أو نواب الوزراء وكتاب الدولة الإشارة إلى السد الأخضر إلا ضمن صلاحيات كاتب الدولة للغابات واستصلاح الأراضي، إذ نصت المادة الخامسة من المرسوم 81-49 المنظم لصلاحياته” يحدد برامج التشجير والوسائل الضرورية لإنجازها ويسهر على تنفيذها ويضع برامج لمكافحة الانجراف وزحف الرمال بالاتصال مع الوزارات المعنية وينفذها لاسيما في إطار السد الأخضر …”[29]
بدأت العمليات الخاصة بالسد الأخضر بتسيير محلي أي على مستوى بعض الولايات والبلديات في بداية الستينات، مستندة بالدرجة الأولى على العمل التطوعي، وفي فترة لاحقة تكفل أفراد الجيش الوطني الشعبي بحملات للتشجير عن طريق المجندين للخدمة الوطنية وكان هذا التكفل له أسبابه المرتبطة بالقدرات المالية والبشرية للجيش.
بداية من سنة 1970 إلى سنة 1980 تكفلت المحافظة السامية للخدمة الوطنية للغابات بالسد الأخضر في غياب دراسة شاملة للسد، وهذا ما جعل المختصين يرون بأن عدم تحقيق السد لنتائج كافية مرده عدم خبرة أفراد الخدمة الوطنية [30]، وقد انصب العمل أساسا على عملية التشجير وإعادة التشجير وقد أُشرك في العملية أيضا العمل التطوعي.
وصل المشروع لسنة 1979، ولكن هذه المرة بأهداف محددة وواضحة، غير أن نتائج العمل الذي توصل إليها كانت متوسطة حسب الخبراء في الزراعة، وهي الفترة التي تزامنت ومشاركة الجزائر في التعاون والتبادل في مجال التشجير على المستوى الجهوي، ومن بين الأهداف التي سعى إليها المشروع توسيع التشجير من خلال إدخال أشجار ملائمة للمحيط، وتثبيت الكثبان وفتح المسالك لفك العزلة عن بعض المناطق وتعبئة المياه لسد حاجيات المواطنين وماشيتهم. بالإضافة إلى ذلك فإن أهدافا ذات طابع تنموي حولت المشروع من مجرد مشروع إيكولوجي إلى مشروع تنموي وقد تمثلت في إنشاء المشاتل لتدعيم إنتاج الأشجار بمختلف أصنافها، ووضع برامج بحث لمرافقة الانجازات والمساهمة في البرامج الجهوية ذات الصلة بموضوع التصحر.
في مرحلة موالية أنشئت الوكالة الوطنية للغابات سنة 1990[31] لتتكفل بمسائل الانجراف والتصحر خلفا للمديرية العامة للغابات والديوان الوطني للأشغال الغابية، حيث أسند لها المرسوم الخاص بإنشائها استصلاح الأراضي ذات الوجهة الغابية ومحاربة الانجراف والتصحر، وبعد فترة وجيزة من العمل حُلت الوكالة بعد إعادة تنظيم وزارة الفلاحة [32] وأنشئت مديرية عامة للغابات التي نظمها نص خاص بها [33] شملت هذه الأخيرة مديرية استصلاح الأراضي ومكافحة التصحر والتي قسمت إلى ثلاث مديريات فرعية من بينها مديرية فرعية لمكافحة التصحر.
في نفس السنة التي أعيد فيها تنظيم وزارة الفلاحة وإنشاء المديرية العامة للغابات صدر نص أخر أنشأ المحافظة الولائية للغابات[34] لكي تنفذ البرامج والتدابير الخاصة بالثروة الغابية وحماية الأراضي المعرضة للانجراف والتصحر، وتعتبر هذه الهياكل المحلية الجديدة الأداة القطاعية المرافقة للعمل المحلي الخاص بمجال الغابات وكذلك ما يتعلق بمتابعة مشروع السد الأخضر.
أعيد تنظيم المديرية العامة للغابات سنة 2016 [35]ولكن في هذه المرحلة بمنظور تنموي منسجم وأدوات تسييرية حديثة حيث كلفت مديرية مكافحة التصحر وإصلاح الأراضي بالمهام التي حددتها المادة 02 من المرسوم التالي: تحديد الأماكن والمناطق المتأثرة بالتصحر وتقييم حدته وأولويات التدخل، وضمان تنفيذ ومتابعة وتقييم مخطط العمل الوطني لمكافحة التصحر، وضمان متابعة تنفيذ اتفاقية مكافحة التصحر، وتقييم النتائج وتحرير التقارير والحصائل بالتعاون مع القطاعات المعنية، وتنفيذ برامج التوعية حول التصحر.
تركز هذه المهام الجديدة على نقاط رئيسية منها المتابعة التقنية والتنظيم والانفتاح على التعاون الدولي وإشراك المواطنين في المشروع من خلال التوعية.
1-2 – الأدوات الاستشرافية لتسيير السد الأخضر.
عرف تسيير السد الأخضر تقلبات التنظيم الإداري لقطاع وزارة الفلاحة إلى أن استقر الأمر على تحديد مهام تنموية للمديرية العامة للغابات، وقد تحولت هذه الأخيرة إلى استخدام أدوات تسييرية تساعدها، لا على مكافحة التصحر وتطوير السد الأخضر فقط، بل التخطيط لسنوات قادمة في إطار التنمية المستدامة وهذا من خلال أداتين، الأداة الأولى وهي الخريطة الوطنية للحساسية للتصحر أما الأداة الثانية فهي المخططات للتنمية.
-الخريطة الوطنية للحساسية من التصحر.
أنشئت الخريطة في إطار اتفاقية أبرمت بين وزارة الفلاحة والوكالة الجزائرية للفضاء كأداة مرافقة لاتخاذ القرار في المجال الغابي والزراعي، وقد أوردت التقارير الصادرة عن المديرية العامة للغابات[36] سنة 1998 أن إنتاج هذه الخريطة سمح بجمع بيانات من الأقمار الصناعية والأنظمة الجغرافية ساهمت في اتخاذ القرار، كما تضيف تقارير أخرى من المديرية لسنة 2010، أن الوكالة الفضائية الجزائرية أبرمت اتفاقية مع مديرية الغابات لنفس الغرض شملت مسحا لواحد وعشرين(21.435 ه ك) مليون وأربعة مائة وخمسة وثلاثون هكتار من الأراضي على مستوى اثنا عشر(12) ولاية من الهضاب، وهذا تطبيقا للمهام التي أسندها لها المرسوم الخاص بها[37] والمحددة في المادة الرابعة وهي ” المساهمة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية وفي حماية البيئة ومعرفة موارد البلاد الطبيعية وتسييرها تسييرا رشيدا.”
-المخططات الوطنية.
إن إعادة هيكلة قطاع الغابات ما بين سنة 1990 وسنة 2000 سمح بوضع المخطط الوطني للتنمية الفلاحية (PNDA) الذي قٌدر العمل به على مدار عشرين سنة (20)، وقد قُسم إلى برامج قصيرة المدى موزعة على المدى القصير 2000-2004 وكان من أهدافه: التحسين الدائم لمستوى الأمن الغذائي، الاستعمال العقلاني والمستديم للموارد الطبيعية، تشجيع الإنتاج، الحفاظ على اليد العاملة الفلاحية وتحسين ظروف معيشة الفلاحين ومداخيلهم.
الوسيلة الثانية التي اعتمد عليها المخطط الوطني للتنمية الفلاحية (PNDA) هي المخطط الوطني للتشجير (PNR) ويعتبر هذا الأخير أداة مهمة في السياسة الوطنية الغابية ويرتكز على الأهداف التالية: الحفاظ على الموارد الطبيعية وإعادة تأهيلها ومحاربة التصحر وإعادة التشجير والمساحات الخضراء، وترقية التشغيل في المناطق الريفية وتحسين معيشة ومداخيل العاملين في المناطق الريفية.
بهذه الأهداف تكون الدولة قد تحولت إلى رسم أبعاد متعددة للسد الأخضر وانتقلت من البعد الإيكولوجي إلى البعد الاجتماعي والاقتصادي.
رجعت السمة الحكومية للسد الأخضر سنة2020 بعد طرحه للمناقشة على مستوى مجلس الوزراء المنعقد في 30 أغسطس سنة 2020 والذي ركز على تجديد إشراك الجماعات المحلية في محاربة التصحر.
تتابع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية صيرورة مشروع السد الأخضر منذ سنة 2020 محاولة إعادة تأهيله وفق المتطلبات الجديدة المتعلقة بالتنمية وحماية المناخ حيث سطرت مخطط عمل (PARED/BV) للسد يمتد على مدار عشرة سنوات (10) تنطلق أشغاله سنة 2020 ويُفترض انتهاءها سنة 2030 والهدف منها الحفاظ على التوازن البيئي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية ومحاربة التصحر.
يشمل المخطط الذي أعلنت عنه وزارة الفلاحة ثلاثة عشر ولاية وقد نظم من خلال برامج متوسطة وقصيرة المدى كالتالي:
-البرنامج الأول 2020-2023:
شارك في تنفيذ البرنامج عدة أطراف سواء كانت عمومية أو كانت جهات تطوعية نذكر منها مديرية الشباب والرياضة التابعة لوزارة الشباب والرياضة وإدارة السجون التابعة لوزارة العدل وقطاع الدفاع الوطني. وقد بلغت الكلفة المالية للبرنامج 11 مليار دينار جزائري موزعة على عدة أشغال [38]تتضمن غرس ثلاثة وعشرين مليون نبتة وشجرة (23) أي ما يمثل 42 من المبلغ الإجمالي.
-البرنامج الثاني 2023-2026:
لجأت فيه الوزارة إلى التعاقد من خلال إبرام صفقة عمومية عن طريق التراضي مع مجمع (GROUPE GENIE RURAL).
ومن المنتظر حسب التقديرات التي وضعها الخبراء غرس ما يقارب (18) ثمانية عشر مليون شجرة على مستوى ثلاثة عشر ولاية وفتح باب التشغيل لأكثر من أربعة مائة وثمانية وثلاثون منصب شغل [39]، كما تعتزم الوزارة تنفيذ مخطط أخر سنة 2023 يضم عشرة ولايات يتضمن عمليات واسعة من غرس أكثر من ستة (6) ملايين من الأشجار والنباتات، كما أعدت الوزارة في خطوة أخرى برنامجا لغرس الأشجار المثمرة في عشرة ولايات.
-برنامج 2023-2025 وهو البرنامج الذي اتجهت فيه الدولة الجزائرية للاستثمار في عملية التشجير بما يتوافق وحاجيات البلاد الاقتصادية إذ برمج غرس الأشجار المثمرة على مستوى عشر ولايات تعتزم الدولة في مخطط العمل التنبؤي 2023-2030 غرس ما يزيد عن سبعة وخمسين مليون شجرة في ثلاثة عشر ولاية كما تعتزم إدراج المخطط ضمن قانون المالية لسنة 2024 لتوفير الدعم المالي للمشروع.
– تعيين منسق عام لإعادة بعث السد الأخضر:
تحولت جهود الدولة الجزائرية منذ 2020 إلى تجسيد ومتابعة المخططات التي سطرتها طيلة العشرين سنة من إعادة بعث مشروع السد الأخضر، وقد طالبت وزارة الزراعة بإنشاء لجنة وطنية مشكلة من عدة قطاعات وزارية لإنجاح المشروع وهي (وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، وزارة العدل، وزارة الموارد المائية، وزارة البيئة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التربية برئاسة وزارة الفلاحة والتنمية الريفية) وعلى إثر ذلك صدر مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء هيئة تنسيقية[40] لمكافحة التصحر وإعادة بعث السد الأخضر مهمتها الرئيسية التنسيق والمتابعة في مجالين رئيسيين وهما حسب المادة الأولى مجال مكافحة التصحر والجفاف أما المجال الثاني يتعلق بإعادة بعث السد الأخضر.
سميت الهيئة بالتنسيقية لكي تجمع بين مختلف القطاعات ذات الصلة بالتصحر والسد الأخضر كلُ في مجاله، فوزارة الداخلية يعود إليها متابعة إمكانية نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية في حال اعتراض المشروع لأملاك خاصة، أما وزارة التعليم العالي فمطالبة بالتركيز على تطوير البحث في مجال الزراعة و النباتات الملائمة، و وزارة التربية التي كانت مقترحة قبل إنشاء الهيئة فلم تمثل في الهيئة مع أنها القطاع الرئيسي الذي يعمل على تطوير الوعي و تشكيل الذهنية المجتمعية حول أهمية الأشجار والطبيعة[41].
تتشكل الهيئة التنسيقية من ستة عشر قطاع وزاري (16) وخمسة عشر (15) تشكيلة من بين المراكز والهيئات والمؤسسات العمومية بالإضافة إلى ممثلين عن الجمعيات الناشطة في مجال مكافحة التصحر، فبهذا الحجم من التمثيل يصبح السد الأخضر مشروعا حكوميا يُنتظر إدراجه كما سبقت الإشارة إليه ضمن قانون المالية لكي يصبح من مشاريع الدولة ذات الأولوية فهذه الخطوة ستساعد على الترجمة القانونية للإرادة السياسية المرتبطة بمشاكل البيئة وبكل المتغيرات المناخية[42]
نص المرسوم الخاص بالهيئة التنسيقية على وجوب إنشاء نوعين من اللجان، لجان محلية تعمل على المتابعة الميدانية للمشروع وتكلف بتنفيذ البرنامج الوطني لمكافحة التصحر ومخطط إعادة بعث السد، ولجان علمية تكلف بالبحث وتعمل على تحسين ومرافقة تطبيق المخطط الوطني للسد الأخضر.
إن التجنيد المادي والبشري والمالي الذي تقوم به الدولة الجزائرية من أجل إنجاح السد الأخضر لا كمشروع قطاعي وإنما كمشروع حكومي لا ينحصر في مكافحة التصحر وحسب، وإن كان من أولوياتها، وإنما لأبعاد أخرى ظهرت مع التحولات المناخية الجديدة.
2- الأبعاد المتعددة لمشروع السد الأخضر.
بدأت فكرة السد الأخضر من مشكل بيئي أرق النظام الجزائري ومع مرور الوقت أصبح للفكرة أبعادا جديدة، ظهرت بكل معانيها مع التطورات الحاصلة على المستوى الدولي والاهتمام المتزايد بمشاكل البيئة وما انجر عنها من آثار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
2-1 البعد الإيكولوجي والبيئي للسد الأخضر.
يرتبط مصطلح البيئة بعدة مصطلحات قريبة منه، كمصطلح الطبيعة ومصطلح إطار الحياة وإطار المعيشة ومصطلح الإيكولوجية الذي يلازم البيئة في العديد من الكتابات، ولكنهما مفهومين مختلفين و إن كانا متلازمين، فالبيئة يقصد بها مجموعة العناصر الطبيعية و الاصطناعية التي تحكم حياة الإنسان[43] بينما الإيكولوجية فهي العلم الذي يختص بدراسة العلاقة بين الأحياء داخل المحيط الذي يعيشون فيه[44]. وانطلاقا من هذه المفاهيم المبسطة يطرح السؤال عن وجود هذين المصطلحين ضمن اهتمامات الدولة الجزائرية عند تفعيل السد الأخضر.
للإجابة عن هذا التساؤل سنركز على الجانب القانوني لأن مجال البيئة لم يدخل ضمن السياسات العمومية إلا في السبعينات [45] ولم يكن له دور كبير على المستوى المحلي، ولكنه اقترن في الألفية الثانية بالتنمية المستدامة، وقد ظهر البعد البيئي للسد الأخضر في الألفية الثانية بشكل واضح من خلال توسيع النظرة للسد من مجرد جدار طبيعي لوقف زحف الرمال إلى مشروع زراعي وغابي وعلمي.
أما البعد الإيكولوجي فقد حدده المختصون في المجال حيث يعمل السد الأخضر على إعادة التوازن في الطبيعة من خلال خلق حياة طبيعية لجميع الحيوانات والأحياء وحتى الإنسان كما يعتبر مصدرا مهما للأوكسجين ومصدرا للرطوبة والأمطار، فوجود الغابات يتبعها لا محال إعادة الحياة للنباتات والحيوانات التي هجرتها بسبب العوامل البشرية أو الطبيعية حتى أن الدراسات في العصر الحالي تعول على الجانب الإيكولوجي من أجل وضع حوكمة عالمية للظاهرة. [46]
2-2 البعد الاجتماعي والاقتصادي.
إن السياسات الغابية تندرج ضمن اختيارات التنمية لكل دولة، لهذا لم يعد البعد الإيكولوجي هو المسيطر على مشروع السد الأخضر لأن الدولة الجزائرية سطرت مخططات أرادت من خلالها تطوير العلاقة بين الغابات والمجتمع. [47] سواء كان ذلك من حيث الترفيه أو كان من حيث تنمية الوعي المدني لضرورة الحفاظ على البيئة والتوازن الطبيعي، غير أنه لا يمكن أن يكتمل البعد الاجتماعي إلا إذا اعتبر الفرد الغابات مصدرا للعمل، ومن هذا المنطلق يصبح مرتبطا بالبعد الاقتصادي، وقد صرح وزير الفلاحة عند إطلاق المبادرة الوطنية لتأهيل السد الأخضر سنة 2020 [48] عن الفكرة حيث أشار إلى أن السد الأخضر سيصبح مصدرا للثروة بمختلف أشكالها ومصدرا لمناصب شغل جديدة سواء كان ذلك في مجال التشجير أو كان في مجال الرعي أو الزراعة أو البحث العلمي والاستشارة.
خاتمة:
بعد التطورات التي عرفها السد الأخضر منذ نشأته في الستينات، وتطور الأدوات القانونية والمؤسسية التي استخدمتها الدولة من أجل مكافحة زحف الرمال، يمكن القول أن هناك صعوبات قانونية وسياسية لإضفاء صورة واضحة على المشروع، لأنه ليس مجرد مشروع ذات وجهة وحيدة، وهذا ما تترجمه مبادرة الحكومات الجزائرية منذ 2020 لإشراك عدة قطاعات وزارية وفواعل مؤسساتية واجتماعية للتنسيق فيما بينها لإنجاح المشروع، والدليل على ذلك هو التفكير في إمكانية إدراجه ضمن الميزانية العامة للدولة لأن أبعاده تفوق قدرات وزارة واحدة أو مديرية عامة. فبهذه النظرة الشاملة والموسعة للسد الأخضر تريد الدولة الجزائرية الوصول إلى تحقيق أبعاد عديدة بدءً بالبعد الإيكولوجي والبيئي ووصولا لأبعاد اجتماعية واقتصادية وعلى رأسها بعد الأمن الغذائي.
المراجع
الكتب:
– جيلالي صاري: دور البيئة في الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1983.
النصوص التشريعية:
-القوانين:
– قانون 84-12 الموافق ل23/06/1984 يتضمن النظام العام للغابات، جريدة رسمية عدد26.
– القانون 90-25 المؤرخ في 18/11/1990 المتعلق بالتوجيه العقاري المعدل والمتمم بالأمر 95-26 المؤرخ في 25 /09/1995، جريدة رسمية عدد 55.
– قانون 19-02 الموافق ل17/7/2019 يتعلق بالقواعد العامة للوقاية من أخطار الحريق والفزع، جريدة رسمية عدد 46.
– الأمر 71-21 الموافق ل 9/04/1971 يتضمن إحداث المكتب الوطني لأشغال الغابات، جريدة رسمية عدد 32
– الأمر 76-32 المتضمن تعديل الأمر 71-21، جريدة رسمية عدد 27.
المراسيم:
– المرسوم الرئاسي 96-52 المؤرخ في 22/01/1996 يتضمن التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني الجفاف الشديد و/أو التصحر وخاصة في أفريقيا الموافق عليها في باريس بتاريخ 17/06/1994 الجريدة الرسمية عدد06 .
– المرسوم الرئاسي 02-48 الموافق ل16/01/2002 يتضمن إنشاء الوكالة الفضائية الجزائرية وتنظيمها وعملها، جريدة رسمية عدد5.
– مرسوم 79-57 المؤرخ في 8/03/1979 يتضمن تشكيل الحكومة، جريدة رسمية عدد 11.
– المرسوم 81-49 الموافق ل31/03/1981 يحدد صلاحيات كاتب الدولة للغابات واستصلاح الأراضي، جريدة رسمية عدد12.
– المرسوم 84-12 المؤرخ في 22/01/1984 يتضمن تشكيل الحكومة، جريدة رسمية عدد04.
– المرسوم 88-29 الموافق ل15/02/1988 يعدل المرسوم 84-12 الموافق ل22/01/1984 يتضمن تشكيل الكومة، جريدة رسمية عدد07.
– المرسوم التنفيذي 90-114 الموافق ل21/04/1990 يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للغابات، جريدة رسمية عدد 18.
– المرسوم التنفيذي 95-200 المؤرخ في 25/07/ 1995 يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي 92-493 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الفلاحة، جريدة رسمية عدد42.
– المرسوم التنفيذي 95-201 الموافق ل25/07/1995 يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في المديرية العامة للغابات، جريدة رسمية عدد 42.
-المرسوم التنفيذي 95-333 المؤرخ في 25/10/1995 يتضمن إنشاء محافظة ولائية للغابات ويحدد تنظيمها و عملها، جريدة رسمية عدد64.
– المرسوم التنفيذي 2000-115 المؤرخ في 28 /05/2000 المتعلق بتحديد قواعد إعداد مسح الأراضي الغابية الوطنية جريدة رسمية عدد30.
– المرسوم التنفيذي 16-244 المؤرخ في 22/09/2016 يحد تنظيم المديرية العامة للغابات، جريدة رسمية عدد 56.
-المرسوم التنفيذي 20-213 الموافق ل30/07/2013 يتضمن إنشاء هيئة تنسيقية لمكافحة التصحر و إعادة بعث السد الأخضر، جريدة رسمية عدد 45.
– قرار وزاري مؤرخ في 12 /02/ 2023 يتعلق باللجنة العلمية و اللجان المحلية 2023 للهيئة التنسيقية لمكافحة التصحر و إعادة بعث السد الأخضر، جريدة رسمية عدد 27.
المقالات:
-عمر مخلوف: تقييم الآليات القانونية الدولية الخاصة بمكافحة التصحر في إطار علاقته بالثروة الغابية: دراسة في ضوء أحكام القانون الدولي للبيئة، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية – المجلد 04 – العدد 02 – السنة2019.
-نصر الدين هنوني: تطور نظام المكية الغابية في الجزائر: البحث عن مرجعية قانونية، مجلة إدارة العدد 21.
Ouvrage :
– J.M Valentin : Ecologie et gouvernance mondiale, éd Autrement, paris, 2007.
– M .prieur ; Droit de l’environnement,4ème éd Delta , Dalloz, 2001.
– R.Romi :Droit et Administration de l’environnement,5ème éd Montchrestien 2004.
– R.Kelloufi : Contribution au Droit administratif Algérien 1999-2016,OPU 2017.
Articles :
– R.Bensouiah politique forestière et lutte contre la désertification en Algérie :du barrage vert au PNDA, forêt méditerranéenne,2004.
– E.h Ouldache : le barrage vert : bilan physique et perspectives, Ann Rech For Algérie, 2021.
Bibliographie Electronique :
– T.Berchiche : politique forestière et le développement rural, institut national d’agronomie, Alger, http://dispace.ensa.dz;
– Note sur l’état d’avancement du projet barrage vert, https//madr.gov.dz
المرسوم التنفيذي 20-213 الموافق ل30/07/2013 يتضمن إنشاء هيئة تنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث السد الأخضر، جريدة رسمية عدد 45.[1]
[2] جيلالي صاري: دور البيئة في الجزائر ، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1983، ص37 .
[4] هي حقيقة تؤكدها شهادات المجاهدين الجزائريين وتنفيها السلطات الفرنسية
[5] E.h Ouldache :le barrage vert :bilan physique et perspectives, Ann Rech For Algérie,2021,p8.
[6] عمر مخلوف: تقييم الآليات القانونية الدولية الخاصة بمكافحة التصحر في إطار علاقته بالثروة الغابية: دراسة في ضوء أحكام القانون الدولي للبيئة، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية – المجلد 04 – العدد 02 – السنة2019 ، ص1484
[7] Ouldache ;op cite p 9.
[8] M .prieur ; Droit de l’environnement,4ème éd Delta , Dalloz,2001, ( l’environnement notion caméléon),p01
[9] Ouldach op cite p9
جيلالي صاري مرجع سابق ص ص 101، 102 [10]
[11] R.Bensouiah politique forestière et lutte contre la désertification en Algérie :du barrage vert au PNDA, forêt méditerranéenne,2004, p194.
[12] Ibid 196.
[13] المادة 05 من المرسوم 81-49 الموافق ل31/03/1981 يحدد صلاحيات كاتب الدولة للغابات واستصلاح الأراضي، جريدة رسمية عدد12 .
[14] المادة 4 من الأمر 71-21 الموافق ل 9/04/1971 يتضمن إحداث المكتب الوطني لأشغال الغابات، جريدة رسمية عدد 32 .
[15] المادة 04 من الأمر 76-32 المتضمن تعديل الأمر 71-21 ، جريدة رسمية عدد 27 .
[16] تسمية ألحقت بكاتب الدولة للغابات واستصلاح الأراضي مرسوم 81-49 مرجع سابق .
[17] قرار وزاري مؤرخ في 12 /02/ 2023 يتعلق باللجنة العلمية واللجان المحلية 2023للهيئة التنسيقية لمكافحة التصحر وإعادة بعث السد الأخضر، جريدة رسمية عدد 27.
[18] قانون 84-12 الموافق ل23/06/1984 يتضمن النظام العام للغابات، جريدة رسمية عدد26.
قانون 19-02 الموافق ل17/7/2019 يتعلق بالقواعد العامة للوقاية من أخطار الحريق و الفزع ، جريدة رسمية عدد 46. [19]
نصر الدين هنوني : تطور نظام المكية الغابية في الجزائر: البحث عن مرجعية قانونية ، مجلة إدارة العدد 21 ص 36 و ما بعدها [20]
المرسوم التنفيذي 20-213 مرجع سابق [21]
[22] المرسوم الرئاسي 96-52 المؤرخ في 22/01/1996 يتضمن التصديق عل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني الجفاف الشديد و/أو التصحر وخاصة في أفريقيا الموافق عليها في باريس بتاريخ 17/06/1994 الجريدة الرسمية عدد 06
[23] قانون 84-12 مرجع سابق.
[24] القانون 90-25 المؤرخ في 18/11/1990 المتعلق بالتوجيه العقاري المعدل والمتمم بالأمر 95-26 المؤرخ في 25 /09/1995، جريدة رسمية عدد 55 .
[25] المرسوم التنفيذي 2000-115 المؤرخ في 28 /05/2000 المتعلق بتحديد قواعد إعداد مسح الأراضي الغابية الوطنية جريدة رسمية عدد 30 .
[26] مرسوم 79-57 المؤرخ في 8/03/1979 يتضمن تشكيل الحكومة ، جريدة رسمية عدد 11.
[27] المرسوم 84-12 المؤرخ في 22/01/1984 يتضمن تشكيل الحكومة ، جريدة رسمية عدد04.
[28] المرسوم 88-29 الموافق ل15/02/1988 يعدل المرسوم 84-12 الموافق ل22/01/1984 يتضمن تشكيل الكومة ، جريدة رسمية عدد.07
[29]مرجع سابق .
[30] Bensouiah op cite ,p 193.
[31] المرسوم التنفيذي 90-114 الموافق ل21/04/1990 يتضمن إنشاء الوكالة الوطنية للغابات، جريدة رسمية عدد 18.
[32] المرسوم التنفيذي 95-200 المؤرخ في 25/07/ 1995 يعدل و يتمم المرسوم التنفيذي 92-493 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الفلاحة، جريدة رسمية عدد42 .
[33] المرسوم التنفيذي 95-201 الموافق ل25/07/1995 يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في المديرية العامة للغابات ، جريدة رسمية عدد .42
[34] المرسوم التنفيذي 95-333 المؤرخ في 25/10/1995 يتضمن إنشاء محافظة ولائية للغابات و يحدد تنظيمها و عملها ،جريدة رسمية عدد64
[35] المرسوم التنفيذي 16-244 المؤرخ في 22/09/2016 يحد تنظيم المديرية العامة للغابات ، جريدة رسمية عدد 56
[36] Bensouihah op c p194 bas de page 4
[37] المرسوم الرئاسي 02-48 الموافق ل16/01/2002 يتضمن إنشاء الوكالة الفضائية الجزائرية وتنظيمها وعملها، جريدة رسمية عدد5.
[38] Note sur l’état d’avancement du projet barrage vert, https//madr.gov.dz
[39] Ibid
[40] المرسوم التنفيذي 20-213 مرجع سابق.
[41] يحتفل القطاع كل سنة باليوم العالمي للشجرة من خلال حملات للتشجير يساهم فيها أطفال المدارس.
[42] R.Romi :Droit et Administration de l’environnement,5ème éd Montchrestien 2004, p279.
[43] M.Prieur, op cite p3 ( ترجمة للكاتبة )
[44] Ibid
[45] R.Kelloufi : Contribution au Droit administratif Algérien 1999-2016,OPU 2017, pp 410 ;411.
[46] J.M Valentin :Ecologie et gouvernance mondiale, éd Autrement ,paris,2007,p92 et s.
[47] T.Berchiche : politique forestière et le développement rural, institut national d’agronomie , Alger, http://dispace.ensa.dz; p33
[48] https// :madr.gov.dz