فلسفة التعارف الحضاري: رؤية استشرافية لبناء عالم آمن
The philosophy of civilized acquaintance: A forward-looking vision for a safe world
د. عبدالرزاق الفراوزي ـ المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بني ملال ـ المغرب
LAFRAOUZI ABDERRAZZAK, Regional Center For Education and Formation Beni Mellal ـ Morocco
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 82 الصفحة 9.
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى إبراز دور التعارف الحضاري في مد جسور التواصل بين الحضارات والثقافات، وإغناء المشترك الإنساني وتطويره لصالح النفع البشري العام، لمواجهة طروحات الهيمنة التي تؤدي إلى تنميط صورة الآخر المختلف، وتُسهم في صناعة التطرف الحضاري واستدامة الصراع الإنساني.
ولاستجلاء الأمر، انطلقت الدراسة من تحديد بعض المفاهيم الأساسية، التي تشكل موجّهات لها، ومنها مفهوم التطرف بوصفه نتيجة من نتائج التوتر الإنساني والحضاري، ثم مفهوم الغرب بوصفه بنية سياسية وجملة من الترسّبات الثقافية والأنساق الفكرية المستندة إلى خلفية دينية وتاريخية تأسست سيرورتها على بنية الصدام الحضاري. وطرحت الدراسة، في الأخير، مفهوم التعارف، كما بلوره زكي الميلاد[1]، بوصفه مدخلا لتجاوز نزعة الاستكبار وتحقيق الأمن والسلام، وبديلا حضاريا عادلا يؤنسن العلاقات الدولية والمجتمعية.
الكلمات المفتاحية: الغرب، التطرف، الهيمنة، التعارف الحضاري.
ABSTRACT
This study aims to highlight the role of civilized acquaintance in building bridges of communication between cultures, enriching the human common and developing it for the benefit of the global human common good, and the importance of this in refuting the proposals of arrogance that lead to stereotyping the image of the different “other”, and contribute to the spread of extremism and conflict.
In order to clarify the matter, the study started by defining some basic concepts that constitute guides for it. Among them is the concept of extremism as a result of human and civilizational tension, then the concept of the West as a political structure and a set of cultural deposits and intellectual systems based on a religious and historical background whose process was founded on the structure of the civilizational clash. In the end, the study presented the concept of acquaintance, as crystalized by Zaki al-Milad, as a gateway to overcoming the tendency of arrogance and achieving security and peace, and as a just civilized alternative, that humanizes international and societal relations.
Keywords: The West, extremism, arrogance, civilized acquaintance.
مقدمة:
عاشت المجتمعات البشرية – على مرِّ تاريخها الطويل- العديد من الصراعات والتوترات، فجاء سِجلُّها مليئاً بأحداث مرعبة، ووقائع أليمة، أشعل فتيلها الإنسان؛ إنسان شجّعته المطامع وغرّته القوة، ودعَّمته مظاهر التعالي، وحرّكته نزعة الهيمنة، فأراد السيطرة على العالم والتحكم فيه، خدمة لمصالح ضيقة ونزعات أنانية ترفض الحوار، وتتعالى على التعارف بين الأمم والشعوب.
ولعل من أسباب هذه التوترات، النزعة المتمركزة حول الذات بوصفها المرجع الأساس لتحديد القِيَّم، وتبنّي معايير خاصة في سَنِّ القوانين المُؤسِّسة للعلاقات الإنسانية، وتنميط طريقة النظر إلى الوجود والإنسان والحياة، وإحالة الآخر المختلف إلى مجرد مُكون هامشي لا قيمة له في بناء الحضارة الإنسانية، ولا دور له في رسم معالمها.
ويجد هذا التصور مرتكزاته في بعض التأويلات الدينية، وكذا في بعض الدراسات الفلسفية والتاريخية، كما يتغذَّى من بعض الخطب السياسية، ويتدعّم بشكل أساس بمؤسسات إعلامية وثقافية وتربوية، ترسم خطوطه وتوجه منحنياته، وتجتهد في منحه الشرعية القانونية والسياسية.
ونستحضر في هذا السياق، انسجاما مع موضوعنا، الصورة النمطية التي رسمتها المؤسسات الغربية حول الإسلام والمسلمين، من منطلق ثنائية الاستكبار/الاستصغار، حيث الإنسان الغربي المتمدن؛ الأسمى جنساً والأحسن ثقافة، والآخر المسلم المتخلف؛ الأدنى ثقافة والمنحطّ حضارة. وقد اجتهدت هذه المؤسسات في نحث هذه الصورة النمطية على مستوى المخيال الجمعي الغربي، وحدَّدت بذلك طبيعة العلاقة بين الغرب والإسلام، ورسمت أفقها.
ولتجاوز هذه الوضعية التصادمية المبنية على نزعة الهيمنة، كان لابد من نقد هذا المفهوم، وتبيان توجهاته اللَّاإنسانية، ومغالطاته التاريخية وتناقضاته الفلسفية، من أجل إعادة النظر في طبيعة العلاقة التي تربط المسلمين بالغرب، تلك العلاقة التي يبدو أنّها اليوم في حاجة ماسّة إلى تجاوز فلسفة الاستكبار وتداعياتها النفسية والاجتماعية والتربوية والسياسية، إلى تبنّي فلسفة التعارف المبنية على احترام الآخر واستحضار المشترك الإنساني، عبر خلق آليات تواصلية مؤسساتية، بغية إنقاذ العالم من رؤية فكرية أحادية صمّاء، وانتشال الإنسانية من فتنة الاستقواء.
وتأسيسا على ما سبق، سننظر في طبيعة التوترات التي تسم العلاقة بين الغرب والمسلمين، لنقد أسسها وتقديم بديل حضاري يؤسس لعلاقة تقوم على التعارف الحضاري، وسننطلق من الإشكالية الآتية:
كيف أسهم الصدام الحضاري في خلق التوترات والاضطرابات السياسية والثقافية والاجتماعية؟ وكيف يمكننا تجاوز العوائق التي تشجع على فلسفة الصدام وفكرة التعالي، لرسم معالم عالم ينعم بالأمن والسلام؟
ويتفرع عن هذه الإشكالية العامة جملة من الأسئلة، نذكر منها:
1- ما الأسس والأصول الكبرى(المؤطرة) لنزعة الصدام في الفكر الغربي؟
2- كيف أسهم الصدام تاريخيا في إنتاج التطرف الحضاري؟
3- كيف أسهمت المؤسسات الإعلامية والتربوية، ومؤسسات الدراسات والأبحاث الغربية في صناعة التطرف الحضاري؟
4- كيف يؤدي مبدأ التعارف بين الحضارات والثقافات إلى إغناء المشترك الإنساني، وتطويره لصالح النفع البشري العام؟
5- ما خصائص الرؤية القرآنية لمبدأ “التعارف”؟
إنّ عمق هذا الموضوع وتشعب أسئلته، يجد راهنيته في السياق العالمي المعاصر الذي أضحى ينحو بشكل درامي إلى مأسسة الصدام بين الغرب والإسلام، ودليلنا في ذلك، ما تقوم به بعض القنوات الإعلامية من تحريف لسماحة الإسلام، وتخويف من المسلمين، وتصويرهم إرهابيين وأعداء للإنسانية. بحيث أضحى العالم العربي والإسلامي اليوم، يعيش في ظلِّ هجوم ممنهج من لدن مؤسسات الغرب على جميع المستويات: السياسية والعسكرية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، رغبة في المزيد من الإخضاع، خاصة بعد أحداث الربيع العربي التي استفزت الغرب بجلِّ مؤسساته التي رفضت بشكل صريح أو مضمر الأسئلة المصيرية التي رُفِعت كشعارات، من مثل: الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة، وهي شعارات كان بإمكانها- في حالة تحققها-أن ترسم معالم بنية فكرية جديدة، قادرة على مساءلة طبيعة العلاقة مع الغرب من منطلق النِّدية والمساواة في التعامل، وتُبْعِد عن المسلم والعربي تلك الصورة النمطية التي تصور العرب بأنهم “شيوخ نفط مترفون، إرهابيون قاذفو قنابل، تجار جشعون، أشرار ذوو أنوف معقوفة.”[2]
أولاً- سياقات المفاهيم وإشكالاتها.
أ-مفهوم التطرف extremism
تعدّ ظاهرة التطرف من أكثر القضايا المعاصرة إثارة للنقاش من قبل السياسيين والإعلاميين والأنثروبولوجيين وغيرهم…، ذلك أن نُموَّ الظاهرة واضطرادها، وانتقالها إلى أشكال جديدة أكثر عنفا ودموية، أضحى يتطلب منّا قراءتها قراءة عميقة وموضوعية، لسبر أغوراها وبيان حيثياتها واستجلاء تمظهراتها. كما يقتضي من السياسيين والمثقفين الاهتمام بالظاهرة، وجعلها ضمن أولويات أجنداتهم السياسية والثقافية.
إنّ مقاربة أولية لمفهوم التطرف، تُظهر أنه مفهوم عائم يصعب حصره والإحاطة به، لتداخله من جهة، مع عدد من المصطلحات، من مثل: المغالاة والتعصب والانغلاق والرفض والعنف والغلو…الخ، ولكونه من جهة ثانية، موضوعاً دراسياً لعدد من الحقول المعرفية، بحيث نجده متداولا في الأدبيات السياسية والفلسفية والدينية، وحاضرا في المقاربات الاجتماعية والنفسانية…، كما تتمظهر عائميته أيضاً في نسبيته على مستوى التصورات الثقافية للأمم والمرجعيات الاجتماعية والسياسية للشعوب، فما يراه مجتمع ما تطرفا وغلوا، لا يتفق بالضرورة مع مجتمع آخر محكوم بمعطيات تاريخية وأنساق فكرية، خاصة إذا استحضرنا أنّ نزعة الاستكبار في الأرض طبعت الفكر الإنساني عامّة، حيث اعتقدت جل الثقافات أن رؤيتها للآخر ليست تطرفا، بل هي من صميم واجباتها لحماية العالم والإنسان، وهذا الأمر نجده في الحضارات القديمة، كما نلفيه في العصر الحديث، وقد جسدت النّازية -على سبيل التّمثيل- هذا الأمر خير تجسيد، منطلقة من فكرة حماية الجنس الألماني، وتجسده الآن كذلك الحركات اليمينية المتطرفة في أوربا، كما تتبناه الصهيونية مبدأ وجوديا. ولا يفوتنا أن نشير أنّ بعض الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي؛ مثل داعش والقاعدة وغيرهما تتعاملبنفس الرؤيا الاستعلائية المنطلقة من امتلاك الحقيقة لأنها تجعل الجهاد والقتل أمرا مشروعا حماية لهذه الحقيقة المطلقة، في تناقض تام مع الدعوة المحمدية الرافضة للإكراه والداعية إلى التّسامح.
وتنطلق هذه الحركات المبنية على أساس الهيمنة في مجملها، من منطلقات فكرية تعتمد تأويلات دينية تعتقد صوابها. وتشحن معتقديها بشحنات صراعية لا تقبل رؤى أخرى مخالفة لرأيها، بل الأكثر من ذلك تؤمن بأن أمر حماية الإنسان والعالم واجب ديني وقانوني موكول لها.
ولحصر المفهوم وضبطه، يقتضي الأمر منهجيا، العودة إلى معاجم اللغة؛ سواء أكانت العربية منها أم الغربية، حيث نجد أنّ دلالة الكلمة في هذه المعاجم محصورة وواضحة، إذ تدور حول الناحية أو منتهى كل شيء. وتجاوز حدِّ الاعتدال وعدم التوسط، وهكذا نجد ابن فارس يشير في معجمه في مادة (طرف)إلى أنّ “الطاء والراء والفاء أصلان: فالأول يدل على حدّ الشيء وحرفه، والثاني يدل على حركة في بعض الأعضاء”[3] أمّا معجم اللغة العربية المعاصرة، فقد كان أكثر تحديدا فيما يرتبط بموضوعنا قيد البحث، حيث ورد فيه مايلي:”تطرّف في إصدار أحكامه: جاوز حدّ الاعتدال ولم يتوسّط.”[4] مضيفا أنّ “التطرف: المغالاة السياسية أو الدينية أو المذهبية أو الفكرية، وهو أسلوب خطر مدمر للفرد أو الجماعة.“[5]
فإذا كان المعنى اللغوي للتطرف يشير إلى تجاوز حدود الاعتدال في التعامل مع الأشياء والظواهر والعلاقات، فإن الدلالة الاصطلاحية للمفهوم تستمد جوهرها من هذا المعنى اللغوي، حيث التطرف انغلاق على الذات وتعصب أعمى للرأي، ورفض للآخر، وهو بهذا المعنى “أسلوب مغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أية معتقدات أو آراء تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة المتطرفة.”[6] وهو المعنى الذي يزكيه مصطفى عمر البتر بقوله، إنّ:”حالة من التشبث بالرأي الخاص ومعارضة الحوار والنقاش مع أيديولوجيات يؤمن بصدقها إيماناً مطلقاً ولا يسمح بالتشكيك فيها، ويعمد إلى تفسير الظواهر والأحداث في ضوء الأيديولوجية المسيطرة”[7] كما يشير لارسونRichard Larson) ) إلى أنه “استجابة في الشخصية تعبر عن الرفض والاستياء تجاه ما هو قائم في المجتمع، حيث تعكس مجموعة من الخصائص المميزة للشخصية المتطرفة إلى نهج مجموعة من الأساليب المتطرفة في السلوك كالتعصب والتصلب والجمود الفكري والنفور من الآخرين.”[8]
ويشمل التطرف – بوصفه ظاهرة إنسانية مدمرة لمجالات الحياة كلها – التطرف الديني والتطرف الاجتماعي والتطرف الفكري والتطرف السياسي…، وهناك أيضاً ما يمكن أن نطلق عليه ب”التطرف الحضاري”، وهذا هو بيت القصيد بالنسبة لموضوعنا. فحينما تتطرف حضارة ما عن التعايش مع الحضارات الأخرى المختلفة، ولا تنهج أسلوب التساكن معها، وتعاملها بمنطق القوة وبعقلية الاستكبار والاستعلاء، تنتج عن ذلك ردود الرفض وأفعال المواجهة. ولعل الحضارة الغربية بأنساقها السياسية، وسياقاتها التاريخية، ومرجعياتها الفلسفية، تسهم بشكل كبير في نمو ظاهرة التطرف وتطورها.
وبناء عليه؛ فإن التطرُّف يتغذى بشكل مباشر بالهيمنة، ويتعاظم من خلال رفض الآخر المختلف ثقافياً، وكراهيته وازدرائه، وتسفيه آرائه وأفكاره، ويزداد خطره وتتعاظم تأثيراته حينما ينتقل من طور الاختلاف في التصوُّرات النظرية المبني على خلفيات ايديولوجية – تتفنَّنُ بعض وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والتكوين في شحن المتلقين بها – إلى طور الفعل السلوكي، الذي يُعبّر عن نفسه بأشكال مادية وثقافية؛ من استعمار الدول والاستيلاء على مقدراتها وخيراتها، وتسفيه حضارتها، وتحقير شعوبها بكافة الوسائل والطرق.
ب- مفهوم الغرب The West
يحيل مفهوم الغرب في دلالته الحديثة إلى جملة من الترسّبات الثقافية والأنساق الفكرية المستندة إلى خلفية سياسية ودينية وتاريخية، فبعد عام 1776 – كما يؤرخ لذلك أنتوني بلاك(Anthony Black) -“كان الغرب يتضمن أمريكا الشمالية وبلدانا أخرى استمدت ثقافتها وحكومتها من أوربا. وفي الوقت الحاضر يدل تعبير الفكر السياسي الغربي على القيم”[9]، ويرتكز على خصائص عرقية تشكل أسس هوية مجموعة بشرية، ترى في نفسها أنّها الأكثر تمدّناً والأحسن خِلْقَةً وخُلُقاً والأكثر إنسانية، والأقدر على التصرف في العالم وحمايته. وقد قام الغرب بخلق مناقض له، فاخترع –كما يقول سمير أمين[10]– شرقاً وهميّاً يلائم تصوراته الاستكبارية، لتبرير وجوده وفرض مركزيته، “فالغرب لفظ سياسي، يوضع عادة في مقابل الشرق سواء من الناحية السياسية أو من ناحية الطابع الفكري العام، خاصة عند أنصار بقايا النظريات العنصرية وأشكالها المختلفة.”[11]
ومن هذه الوجهة المفهومية، تجاوز الغرب حدود إطاره الجغرافي والمناطقي، إلى إطار حضاري ببعدين أساسيين:
– البعد الأول: يتمثل في نموذج الحياة الذي يُبشِّر به، ويريد فرضه على الآخرين، ويشمل نظامه السياسي وطبيعة علاقاته الاجتماعية وشكل منظومته الاقتصادية؛
– البعد الثاني: يضم جملة من الرموز الثقافية، والأنساق الفلسفية والفكرية التي نشأت في أحضان مسيرته التاريخية.
وبناء على هذين البعدين، سعى الغرب عبر سيرورة تشكّله إلى “إعادة إنتاج مكونات تاريخية توافق رؤيته، معتبرا إيّاها جذورا خاصة به، ومشحوذا في الوقت نفسه على كلّ الإشعاعات الحضارية القديمة، وقاطعا أواصر الصلة بينها والمحاضن التي احتضنت نشأتها”[12]مانحاً لنفسه صفة الحقيقة التاريخية وما عداه من الشعوب والأمم الأخرى التي لاتساير مرجعه في النظر إلى الأشياء والواقع مجرد أمشاج متناثرة، وحالات عارضة وخاملة، لا فاعلية لها في مجرى التاريخ. وقد سهرت مؤسساته الفكرية والسياسية على إخراج الإسلام من الفعل الحضاري المعاصر، كما أنكرت دوره في صياغة الحضارة الإنسانية، بل حتّى تغييبه من هذا البناء، بحيث “لم يُعمل حساب للفلسفة العربية الإسلامية إلا كوسيلة نقل للوراثة اليونانية، وكان الرأي السائد أن الإسلام لم يضف شيئا مثيرا للفكر اليوناني، بل وأنّه في حدود محاولته لإنجاز إضافات إلى السابق قد فشل أو على الأقل فعله بأسلوب غير مرض”[13]
وعلى هذا الأساس، مارس هذا المفهوم تطرُّفاً متعمداً “لكل ما هو ليس غربياً، دافعا به إلى خارج الفلك التاريخي الذي أصبح الغرب مركزه، على أن يكون مجالا يتمدد فيه، وحقلا يجهّزه بما يحتاج إليه.”[14]
ثانياً- الركائز الفلسفية لنزعة الهيمنة.
- عند الغرب
تتأسس الرؤى المتعاطية مع قضية المواجهة الحضارية بين الغرب والإسلام على مجموعة من الأنساق المعرفية، التي تتعدّد أشكالها بتعدّد المرتكزات الفلسفية والتبريرات الإيديولوجية المستندة إليها، بحيث يجتهد كلّ نسق في الترويج لتنظيراته، متسلِّحاً بالمعطيات التاريخية، ومحتمياً بالخلفية الدينية وخدمة الإنسانية. وقد أنتج الغرب تبعا لذلك أصولاً تاريخية ودينية وعرقية بتوجيه من الرغبة في التَّفوُّق والتَّميُّز، وحاول صياغة هُوِّية موحَّدة قائمة على الاستكبار، بحيث منح لنفسه صفة النموذج والمثال الذي بلغ نهاية التاريخ، أما الشرق فمازال يتخبط في الفوضى والمشاكل والتناقضات والتخلّف.
وفي هذا الإطار، انساق عدد كبير من الباحثين الغربيين وراء نسقية معرفية تتبنى مركزية الغرب وهامشية الشرق عموما، وهي مركزية مثلثة – كما يصرّح بذلك مطاع صفدي-:”مركزية العرق، مركزية الأنا، ومركزية العقل” [15]وترتكز هذه المركزيات على جملة من الأبعاد:
- البعد التاريخي: حيث ابتدع الغرب فكرة الارتباط التاريخي بالإغريق، وأقامه على أساس وصفه مصدر التفكير العقلاني، فقام بإحياء تراثه الأدبي والفلسفي واللغوي، وسهر على تبجيله والنظر إليه من زاوية تفوقه على تراث غيره. وقد تطرّق سمير أمير لذلك في كتابه “نحو نظرية للثقافة” بشيء من التّفصيل واعتبر أنّ الثقافة الأوربية الجديدة أقيمت “على أساس خرافة مفادها الادعاء بالاستمرارية في تاريخ القارة الأوربية وإبداع جذور قديمة وهمية للتضاد بين هذا التاريخ المزعوم وبين تاريخ المنطقة التي تقع على الشواطئ الجنوبية للمتوسط”[16]
– البعد العرقي: وظف الغرب ما يسمى بنظرية الطبائع[17]وهي نظرية عنصرية، ترى في الغرب الجنس البشري الأرقى والأسمى، وأن باقي الأمم خلقت لتخدم هذا الجنس النقي. وقد أشار سمير أمين إلى ذلك بقوله: “وهكذا افترض أنّ البعض (وهم الأوروبيون طبعاً) يتسمون بالميل الفطري إلى الحرية وممارسة المنطق، بينما قيل عن الآخرين (وهم الشرقيون) تولدوا في العبودية العامة، كما أنّهم عاجزون عن استخدام المنطق استخداماً صحيحاً…، ثمّ نقلت روح العنصرية هذه إلى ميدان الدين فاعتبرت المسيحية دينا متفوّقا بصفة مطلقة.”[18]
- البعد الديني: تبنى الغرب الدين المسيحي، واعتبره دينا متفوقا على باقي الديانات، وأنه يتساوق مع مبدأي الحرية والمساواة التي تنهض على أساسهما الحضارة الغربية في توافق تام مع الطبيعة البشرية كما يروج لذلك فلاسفتهم. ويكفي أن نستحضر في هذا السياق الفيلسوف الألماني جورج هيغل (Georg Hegel) الذي يعدّ من المدافعين عن تفوق الدين المسيحي، وقد جسدت فلسفته ذلك بوصفها “أكبر دفاع عن العقيدة المسيحية في تاريخ الفلسفة الأوربية كلها حديثة ومعاصرة”[19]مُسهِماً بشكل كبير في وسم الذات الغربية بالتمركز القائم على أساس التمايز بين الغرب الأسمى عرقا والأحسن ثقافة والأحق دينا، والعالم الآخر الأدنى رتبة والأحط قيمة في كل مظاهر الحياة.
وقد كشفت فلسفة هيغل عن نفسها بشكل واضح عند الحديث عن الفن والدين والفلسفة، رابطا هذه المظاهر بقانون التطور التاريخي الذي ينتهي بالغرب، مستبعدا في ذلك الأصل الشرقي للفلسفة، قائلا:” لابد من شطب الفكر الشرقي من تاريخ الفلسفة”[20] مُؤسساً لخلاصة مأساوية مفادها؛ أن فلسفته هي خلاصة لمسار الفكر الإنساني، وهي بذلك تمثل ذروة التفكير الفلسفي، ونهايته المظفرة، بل هي الإنجاز الأكبر في تاريخ البشرية. لذلك أسهمت إسقاطاتها المفهومية إلى ظهور أعنف حركات التعصب العرقي في التاريخ الحديث، من خلال النازية والفاشية، بل مازالت فلسفته تغذي الفكر الغربي وتنتج حركات يمينية متطرفة معادية للإسلام وللمسلمين، وتقوي التمركز الغربي وتشرعن ممارساته الاقتصادية والسياسية والإعلامية.
وعلى خلفية هذه الأبعاد المؤسسة للأنا المهيمنة، نمت الأدبيات السياسية الغربية المعاصرة، فأنشأت إعلاماً ومراكز دراسات ومؤسسات تعليمية، تواطأت في إنتاج مخيال جمعي استكباري، واضعة الآخر المختلف في أحط المراتب، محددة له دوره في التاريخ والواقع معاً، بل الأكثر من ذلك مطلوب من هذا الآخر إن أراد اللحاق بركب الحضارة كما يبشر بها الغرب أن يتخلى عن خصوصياته الثقافية، وأن ينسلخ عن جذوره بوصفها المسؤولة عن تخلفه والمعيقة لتطوره.
إن خطورة هذا التصور، تكمن في إباحة الاحتلال واستغلال الشعوب الأخرى، لأهداف يراها الغرب أنها لغايات إنسانية، تروم – في اعتقاده- وضع المجتمعات في سكّة التاريخ، من خلال فرض نمط حياته، مختزلا بذلك علاقات الحوار مع الحضارات الأخرى إلى نوع من الاستلحاق والاستتباع.
أ-1-أسس الهيمنة في العصر الحديث (مقولة نهاية التاريخ أنموذجاً).
شكلت فكرة “نهاية التاريخ” موضوعا انشغل به عدد من الفلاسفة والسياسيين ورجال الدين قديما وحديثا، وقد كان الاعتقاد السائد أن تطور المجتمعات البشرية لا يمكن أن يكون بدون نهاية ترسمها ملامح التراكمات المعرفية والتجارب السياسية، لتصل بعدها البشرية إلى نموذج يُلبِّي حاجيات المجتمع الأساسية، ويحقق تطلعاته وآفاقه، وقد أخضعت هذه المقولة التاريخ في سيرورته وتطوره إلى الزمن الغربي، جاعلة الأزمنة الأخرى بما فيها زمن المجتمع الإسلامي مجرد دوائر هامشية تحيط بالمركز، وتشهد على بلوغه ذروة الاكتمال والرشد.
وتجسدت ملامح هذه المقولة بشكل قوي مع فرانسيس فوكوياما (Francis Fukuyama)،الذي تولى صياغتها بمسلمة مثالية تقوم على أساس أن النموذج “الديموقراطي الليبرالي” هو الشكل النهائي الذي بإمكانه تلبية حاجات البشرية، لكونه النموذج الخالي من التناقضات الداخلية، ومن تمَّ، فهو الصورة النهائية لنظام الحكم البشري والمحدّد للروابط الإنسانية والمؤطر للعلاقات الدولية، وقد استعرض فوكوياما مختلف النظريات التاريخية لفلاسفة التاريخ، والآلية التي تحركه، معتبرا أن التاريخ يسير نحو تاريخ عالمي مرسوم بهدف تكوين الدولة العالمية المتجانسة، الخالية من الطبقات والتناقضات، والتي تعكس آخر مرحلة مقبولة في التاريخ الإنساني، ومنها سيكون الاتجاه نحو نهاية التاريخ.
ويستند فوكوياما في الدفاع عن أطروحة هذا التوجه الكوني نحو الديموقراطية، على الثورة غير المسبوقة لتكنولوجية الإعلام، الذي نجح في غزو أكثر المناطق انزواء في العالم، الأمر الذي سيمنح – حسب زعمه – الأفراد والمجتمعات وسيلة من وسائل الدمقرطة والتنمية، منطلقاً في رؤيته هاته مما يعتبره “إجماعا ظهر في السنوات القليلة الماضية في جميع أنحاء العالم حول شرعية الديموقراطية الليبرالية كنظام للحكم.”[21] مضيفا أنّ “الديموقراطية الليبرالية قد تشكل نقطة النهاية في التطور الايديولوجي للإنسانية والصورة النهائية لنظام الحكم البشري وبالتالي فهي تمثل نهاية التاريخ.”[22]
إنَّ هذه المنطلقات، تجد سندها السيكولوجي في الإحساس بالتعالي والاستكبار، أو ما يسميه روسو “بعشق الذات” التي تستمد أسسها من المخزون الثقافي، ذلك أن الهيمنة السياسية والحضارية الغربية ترى أن التطور السياسي الغربي وحده هو النموذج السليم، والمثال الأوحد الذي يجب الاحتذاء به، ولذلك نجد أنّ خطاب النهاية -كما بلوره فرانسيس فوكوياما سيراً على نهج هيجل – خطاب انتصاري تتبناه ذات مستكبرة، تحاول مصادرة حق الشعوب والحضارات الأخرى في التطلع إلى مصيرها، وتتدخل بكل الأشكال في منع التفكير في مستقبل يناسب ثقافتها.خاصة إذا استحضرنا الإسلام – بأبعاده الثقافية والسياسية والاجتماعية الذي يتضمن رؤية كونية ربانية منظمة للعلاقات بين الإنسان والكون والله- الذي ظلّ يمارس ضغطاً سياسيا وإحراجا ثقافيا على المفكرين الغربيين سواء أأعترفوا بذلك أم تجاهلوه.
لاغرابة، إذن؛ أن نرى فوكوياما يتحدى العالم الإسلامي ويموقعه في طرف الصراع، يقول: “فليس بوسعهم- أي الذين يدينون بدين الإسلام- تحدي الديموقراطية الليبرالية في أرضها على المستوى الفكري، بل إنه قد يبدو العالم الإسلامي أشدَّ عرضة للتأثر بالأفكار الليبرالية على المدى الطويل من احتمال العكس”[23] وهو قول يحمل في منطوقه ومفهومه نوعاً من الإحساس بالخوف من الإسلام-جهلا به أو تَعنّتاً-، لذلك نعتقد أن الدعوة إلى التحدي تندرج في باب إبعاد هذا الإحساس الرهيب الذي يطبع النزعة الاستكبارية التي ألِفها الغربيون عموماً.
إنّ الوقوف العملي على مقولة نهاية التاريخ، تجعلنا نستحضر مقولة أخرى وهي صراع الحضارات، ليشكلا معا وجهين لعملة واحدة هدفها السيطرة على العالم بناءً على منظومة معرفية تنزع نحو تكريس عالم واحد رأسماله استصغار المسلمين بالخصوص، وإخراجهم من الفعل الحضاري المعاصر والمستقبلي، سالكين في ذلك مسالك اقتصادية وسياسية وعسكرية وثقافية واعلامية.
بناء على هذه الرؤى الصدامية، يمكننا القول إن جملة من المؤثرات الفلسفية والثقافية قد مارست فعاليتها في بنية العقل الغربي، وشحنته بمقومات دينية وعرقية وتاريخية، فرسمت له هوية متعالية تحملها ذات استكبارية ترى في نفسها مركز الوجود وموطن الثقافة، مختزلة الآخر –غير الغربي- إلى مجرد تابع هامشي لا دور له في صناعة الحضارة، ولا أهمية له في مجريات الأحداث التاريخية، ليعطي بذلك هذا الغرب لنفسه صفة التحكم في العالم، والترويج لنموذجه ولو بالقوة، يقول بيرتراند راسل (Rusell Bertrand):”وفي كل مكان امتدت إليه الحضارة الغربية، كانت مثلها العليا السياسية تأتي في أعقاب توسعها المادي”[24] وهو حكم يبدو مستغربا، لأنه يتضمن دفاعا عن الاستعمار الغربي، ويتجاهل الاستغلال الذي مارسه هذا الاستعمار على الشعوب التي خضعت له، والذي يتعارض مع تلك المثل العليا التي يدافع عنها الغرب، ولم تكن لهذه النزعة الاستكبارية أن تنمو وتَتغوَّل في الفكر الغربي، إلاّ بوجود عدد من المؤسسات السياسية والإعلامية والتربوية، التي جعلت من الترويج لهذه النزعة مبدأ وجودياً في منهج عملها وطريقة اشتغالها، ويكفي أن نستدل بما قاله جون هوبسون) Hobson john): “لقد علمونا داخل الفصول الدراسية وخارجها أنّه يوجد كيان يسمى الغرب، وأننا يمكن أن نفكر في هذا الغرب بصفته مجتمعا وحضارة مستقلة عن مجتمعات وحضارات أخرى مثل الشرق ومعارضة له.”[25]
- عند المسلمين
مع تراكم الإرث التاريخي المشحون بالصراعات والتجاذبات بين المسلمين والغرب، تبلورت أفكار بعضها تدعو إلى فتح قنوات التواصل مستنداً إلى إنسانية الإسلام وعدالته متخذة من المنهج التواصلي للرسول، صلى الله عليه وسلم، طريقاً للتفاوض والتحاور والجدال بالتي هي أحسن، وبعض هذه الأفكار صدامية تمظهرت في طبيعة الرؤية إلى الآخر (الغربي). وضمن هذا الإطار، يرى حسن حنفي أن هذه القضية تحيل إلى “أزمة وجودية تاريخية تعبر عن صراع أكثر مما تعبر عن تضايف أو حوار…لذلك فغاليا ما تكون الأحكام تعبيراً عن مواقف نفسية وانفعالية”[26]، وأول ما تتسلح به الأنا في رؤيتها للآخر (الغرب) هي تلك الخطابات التي تتخذ، في الغالب، موقفاً عدائيا من الغرب، بحيث تصور حضارته بالمادية الملحدة والمنحلة أخلاقيا، وتقدم حضارة المسلمين بوصفها حضارة إنسانية يجب أن تسود وتحكم العالم وتوجهه انطلاقاً من فكرة أن “الغرب أفلس حضارياً، فهو يخشى من كل حضارة ناشئة”[27].
لقد أنتج هذا الخطاب موقفاً عدائيا ألصق بالغرب بنية القهر والظلم، وأفرز أفكاراً متشددة وتعصباً وسلوكاً عدوانياً، تولّد عنه اغتراب ثقافي واستلاب عقائدي. فتحيّز، هذا الخطاب، إلى مقولات التعصب والانغلاق، لدرجة أن مظاهر التحيز أصبحت بنيوية في كيان الخطاب الإسلامي المتعصب، فشجع ذلك على التطرف الديني والحضاري، مرتكزا في ذلك على فتاوى مضللة وتأويلات منحرفة لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية. فحاول، رواد هذا الخطاب التكفيري، سحب البساط من كل محاولة تجديدية تدعو إلى الحوار والتفاهم وتعتمد العقل ومشروعية الاجتهاد وفق مطابقته لأحكام الشرع ولفلسفته القائمة على مبدأ الرحمة، “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”[28].
ثالثاً- التعارف مدخل لتجاوز نزعة الهيمنة وتحقيق الأمن والسلام.
مما لاشك فيه أن علاقة المسلمين بالغرب مثقلة بآثار الصدام التاريخي بينهما، فهي تجر معها أزمة فكرية مركبةً، وجدت جذورها في طريقة تصوير نوع التفاعل الذي حدث بين الحضارتين، ونمت أغصانها فيطبيعة المشكلات التي حدثت بينهما عبر التاريخ، وتمظهرت ثمارها في طبيعة التداعيات المعرفية والتربوية والاقتصادية والسياسية، تلك التداعيات التي تقسم العالم اليوم إلى دار الغرب النموذج، ودار الإسلام الهامشي والمتخلف، هذا التقسيم الذي يقوم على ثنائية: التقدم/ التخلف، أو التمدن/ التوحش، غرس بذوره الفكر الفلسفي الغربي والممارسات السياسية، لذلك لا نستغرب من كون ديكارت-على سبيل المثال- في دفاعه عن النزعة العلمية التي يعتقد أنّها منتوج غربي أصيل، ومن منجزات بنيته العقلية، أن يتبنّى هذه الثنائيات، لأنّ العقلية الغربية–كما يدعي- هي ما” تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين.”[29]
من هنا، يفرض هذا المعطى، على كل من المسلمين والغرب تجديد النظر في طبيعة هذه العلاقة المتوترة، وبحث إمكانات تجاوز العوائق التي كرست الأزمة وأبَّدت المشاكل، وأشعلت فتيل الصراع، وشجعت فلسفة الصدام، انطلاقا من استلهام العناصر الجامعة أو المشتركات الكبرى التي تنجذب إليها الفطرة الإنسانية، تلك الفطرة القائمة على التعارف، استجابة لدعوة الله تعالى النّاس جميعاً إلى التعارف في قوله: “يَا أيُّها النَّاسُ إنّا خَلقْناكُم مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَباَئِلَ لِتَعارَفُوا”[30]ومن تم كان التعارف مبدأ إنسانياً يقوم على ركيزة الإيمان بالاختلاف بوصفه سنة كونية وليس مدخلا للصراع، وينهض على الدعوة إلى فتح باب الحوار على قاعدة المساواة، بغاية تحقيق الأمن والسلام. فالتعارف كما يقول زكي الميلاد: “هو أحد أرقى المفاهيم، وأكثرها قيمة وفعالية، ومن أشدّ وأهمّ ما تحتاج إليه الأمم والحضارات، وهو دعوة لأن تكتشف وتتعرّف كلّ أمة وكل حضارة على الأمم والحضارات الأخرى، بلا سيطرة أو هيمنة، أو إقصاء أو تدمير. والتعارف هو الذي يحقق وجود الآخر ولا يلغيه، ويؤسس العلاقة والشراكة والتواصل معه لا أن يقطعها ويمنعها أو يقاومها”[31]
- مفهوم التعارف، من الدلالة المعجمية إلى الاستعمال القرآني
جاء في معجم مقاييس اللغة أن “(عرف) العين والراء والفاء أصلان صحيحان، يدلّ أحدهما على تتابع الشيء مُتَّصلا بعضه ببعض، والآخر على السكون والطمأنينة”[32] ويُفصِّل ابن فارس في أصلها الثاني الذي يحيل إلى الطمأنينة والسكون، بقوله :”والأصل الآخر المعرفة والعِرفان، تقول: عرَفَ فلان فلاناً عِرفاناً ومعْرفةً، وهذا أمْرٌ مَعْروفٌ، وهَذا يَدُلُّ على ما قُلناهُ مِنْ سُكونه إليه، لأنّ من أنكر شَيئاً تَوحشَّ مِنه ونبَا عَنه. ومن الباب العَرف، وهي الرائحة الطيبة، وهي القياس، لأن النفس تَسْكن إليها، يقال ما أطيب عَرفه. قال الله سبحانه وتعالى:( ويُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)[33]، والعُرْفُ: المَعْروف، وسُمِّي بذلك لأنَّ النُّفوس تسكن إليه”[34] ومن هنا ارتبطت دلالة التعارف بالسكينة والطيبة وما يترتب عن ذلك من أمن وسلام، وود وإخاء، وهي الدلالة التي يعبر عنها القرآن الكريم ويبشر بها الدين الإسلامي النّاس أجمعين.
- التعارف في التصور الإسلامي.
التعارف مشروع علمي كبير، وقاعدة اجتماعية عظيمة، وأصل من أصول الإسلام الكبرى، منفتح على الأزمنة، ومستوعب للأمكنة، يؤمن بالتحاور ويغلق باب الصراع، ليفتح باب التفاعل بين الحضارات من منطلق استحضار القواسم المشتركة بين القبائل والشعوب، وتجاوز القضايا الحساسة والموضوعات ذات الطابع العقائدي والجدلي، بغاية خدمة الإنسان والإنسانية.
وقد شكّلت فكرة “التعارف” إحدى أهمّ النظريات التي تستشرف شكل التواصل الذي ينبغي أن يطبع العلاقة بين الحضارات، وهي نظرية تهدف في جوهرها إلى بعث الأمل في حياة الأمم والشعوب، بعيدا عن منطق الهيمنة والتسلط، ورفض كل الأفكار المتطرفة أكانت في الشرق أم في الغرب، ويُعدُّ زكي الميلاد أحد المؤصلين لهذه النظرية في العالم الإسلامي، يقول: “لقد كوَّنت نظرية من خلال دراسة هذه الآية–يقصد الآية 13 من سورة الحجرات-في عناصرها ومكوناتها التجزيئية والتركيبية، أطلقت عليها نظرية “تعارف الحضارات” واعتبرتها الطريق الثالث الذي بحاجة لاكتشاف مقابل ما يطرح في الغرب من “صدام الحضارات” و”حوار الحضارات”، فمن غير أن تبدأ الحضارات من التعارف لتتخلص من رواسب الصدام، لتصل إلى حوار الحضارات”[35]
وهي بهذا المعنى، نظرية تستمد منطوقها ومفهومها من القرآن الكريم الذي يدعو إلى تبني “المنهج الاعتدالي والتسامحي” في تعامله مع الآخر، بعيدا عن الأطروحات التصادمية التي أنتجتها تأويلات عصور الانحطاط وما رافقها من دعوات للانغلاق على الذات ورفض الآخر الكافر. وعليه، كانت فكرة زكي الميلاد تصحيح الانحرافات التي ألصقت بمسيرة الفكر الإسلامي، في محاولة منه محاربة العصبية الجاهلية بكل تمظهراتها الحديثة، ونقض الصدامية الحضارية بكل امتداداتها، وقد حدد زكي الميلاد جملة من مرتكزات نظريته التعارفية انطلاقا من مرجعية القرآن الكريم، سأختصرها فيما يلي:
- عالمية القرآن باعتباره رسالة سماوية كونية موجهة للعالمين في كل الأزمنة والأمكنة؛
- وحدة الأصل الإنساني، وما يستتبع ذلك من النظر إلى الإنسانية بوصفها أسرة واحدة، بغض النظر عن اختلاف اللون واللسان؛
- الإيمان بالتنوع والتعدد داخل وحدة الأصل، لأن التعدد لا يلغي وحدة الأصل بل هو دعوة إلى التعارف؛
- تبني التعارف بين الحضارات بوصفه مدخلا لفتح باب الحوار؛
- الحديث عن التعارف يستتبع معه مفاهيم أخرى مثل: الانفتاح والتواصل والسلام ومد الجسور، وعدم الانغلاق ونبذ القطيعة ورفض الهيمنة والاستكبار؛
- النظر إلى طبيعة العلاقة بين الأمم والشعوب ليس بمنطق النفعية الخاصة المحكومة بالسياسة والاقتصاد، بل لا بد من استحضار منظومة القيم والأخلاق والتقوى[36].
إنّ هذه الفلسفة التعارفية القائمة على احترام إنسانية الإنسان- تلك الإنسانية التي يدعو إليها القرآن الكريم من خلال نصوص واضحة ترسم ضوابط يقوم عليها المجتمع الإنساني العالمي-تتناغم بشكل كبير مع ما يدعو إليه بعض الفلاسفة الغربيين الذين اكْتوَوا بأفكار التمركز الغربي وفلسفة الحداثة، وما أفرزته العولمة من صراعات وحروب. فجاءت دعوات بعضهم تطلب التعايش والتواصل من أجل حماية الإنسان والإنسانية من نزعة الهيمنة وتداعياتها النفسية والاجتماعية.
ج- التعارف في الفلسفة الغربية.
ننطلق في هذا المقام، من خطابات إيريك فروم (Erich Fromm) الداعية إلى تأسيس مجتمع جديد يعيد للإنسان إنسانيته، وقد لخّص لطفي فطيم هذه الفكرة عن المجتمع الجديد في تقديمه لكتاب فروم “الإنسان بين الجوهر والمظهر” قائلا: “وهو المجتمع الذي يرتبط فيه الإنسان بالإنسان برباط المحبة، وتمتد فيه جذور الأخوّة والتكاتف، ويتيح للإنسان التعامل مع الطبيعة بالخلق لا بالتدمير”[37]ولم يفت فروم أن يشير إلى أنّ الكون الذين نعيش فيه لا معنى له ولا غاية ترجى من ورائه إلاّ إذا ارتبط باتفاق عام بين النّاس الذين يعيشون مع بعضهم. والتعايش هذا، يقتضي التعارف على أساس الاحترام المتبادل بين الثقافات والشعوب، ويستحضر بقوة الإنسانية بوصفها مبدأ يحكم العلاقات المجتمعية والدولية.
وينطلق فروم في تأسيسه لمشروعه الإنساني من خلال تفكيكه لثنائية التملك/ الكينونة، محدداً أنّ فعل التملك ينتج عنه الجشع والتسلط والأنانية الفردية والجماعية وغيرها من المساوئ التي أدّت في النهاية إلى الصراع والصدام والدمار، وكنوع من الاعتراف يقول إيريك أنّ تاريخ أوربا كان تاريخا تملكيا فأنتج ما أنتج من خراب ودمار، ويوضّح ذلك قوله:” لسنا بحاجة إلى إثبات أنّ تاريخ أوربا هو تاريخ للغزو والاستغلال والقوة والإخضاع والقهر، لا تكاد توجد فترة أو مرحلة من التاريخ الأوربي إلاّ كانت هذه سماتها”[38] فلا مفر اليوم من أجل بناء غد أفضل للبشر من العودة إلى كينونة الإنسان، كما يدعونا إلى ذلك إيريك، من أجل استيعاب حقيقة الإنسانية التي هي جوهر الرسالات السماوية، كما هي جوهر الفلسفات الإنسية، وقد جسّد بول ريكور(Paul Ricoeur ) هذا الأمر في كتاباته المختلفة، حيث نلفيه يقف عند حقيقة كون الإنسانية جسما واحدا، وكونية واحدة، ومن نتائج الإيمان بذلك أن يساعد في بقاء التراث الثقافي واستمرار الإنسان، وبدوره تناول كارل بوبر(Karl Popper) في فلسفته كثيرا من القضايا الحضارية والثقافية، مستندا في تصوراته الفلسفية والعلمية إلى البعد الإنساني، مناقضا خرافة نهاية التاريخ لفوكوياما، وداعيا إلى البحث عن عالم أكثر تنويرا وأكثر تعاونا،لافتاً الأنظار إلى أنه إذا اعتبرت إحدى الثقافات نفسها العليا والأكثر تفوُّقاً، وهي وحدها من يملك الحقيقة، تكون نتائج هذا الالتقاء مدمرة للبشرية، لذلك نجد بوبر يرى أن العلاقات بين الثقافات يجب أن تبتعد عن الأطر المغلفة، مما يعني “أن أحدا لا يمكنه الزعم بامتلاك الحقيقة، ليصب المجتمع داخل إطارها ويقود الآخرين كالقطيع، لابد من الإفساح في كل مجال للرأي والرأي الآخر”[39]وهذا الأمر يقتضي بداهة، فتح باب التعارف على قاعدة المساواة بين البشر، وبين الحضارات التي تصب جميعها في خدمة إنسانية الإنسان، بغض النظر عن مرجعيته وثقافته وجغرافيته.
أما يورجن هابرماس( Jurgen Habermas) فقد ركّز في مشروعه الفلسفي على البعد الأخلاقي، في محاولة منه التأسيس لثقافة إنسانية جديدة، تقوم على مبدأ التعارف والتعاون، و”الانتقال من عقل متمركز على الذات إلى عقل تواصلي“[40] لذلك نجده يدعو إلى العقلانية التواصلية، بدل العقلانية الأداتية التي ترمى إلى تفتيت المجتمع الإنساني وتدميره، وجعله مجتمعا قائما على منطق البقاء للأصلح أو الأقوى.
ولمواجهة هذه العقلية- حسب هابرماس- يتطلب الأمر نمطًا جديدًا من العلاقات الإنسانية مغايرًا للنمط القديم الذي يغلب عليه طابع الأداتية. لذلك وجّه نقدًا لاذعًا للفلاسفة الذين مجّدوا العقل الأداتي، ذلك العقل الذي قضى على إنسانية العلاقات البشرية، وجرّدها من طبيعتها الخيّرة ليضفي عليها زيفًا وقناعًا، الأمر الذي جعل الإنسان فقد الثقة في الآخر.
وعلى أساس ذلك، أقام هابرماس مشروعه النقدي للحداثة الغربية من منطلق تفكيك بنيات العقل الأداتي، والكشف عن تناقضاته، ذلك أن هذا العقل حوّل فعل العقل إلى فعل هيمنة وسيطرة على الإنسان. تلك الهيمنة التي أعاقت قيم التطور والنّماء، فدافع عما يسميه بنظرية الفعل التواصلي، الذي يعنى تجاوز ما يصطلح عليه بفلسفة الذات، قصد الوصول إلى الآخر.
إن العقل التواصلي كما يرى هابرماس “يتعزز بقوة التماسك الملازمة للوفاق بين الذوات وفي الاعتراف المتبادل”[41]،”لذلك جاءت هذه الدعوة من أجل الخروج من سلطة التمركز الذي ميّز الذات الغربية عبر تشكلها التاريخي.وإن كان هو نفسه يرى أنّ مسارات التحديث التي تقوم بها الحضارة الغربية تعدّ مرجعا للكونية يحتاج فقط –حسبه- إلى إعادة توجيهها في المنحى التواصلي،ناظرا إلى الثقافة الإسلامية نظرة تقزيمية يرى أنّها تتناقض مع الحداثة، وتوجد في وضعية مواجهة مع الحضارة الغربية وتستميت في الدفاع عن هويتها .
رابعاً- خاتمة.
من الخلاصات والتوصيات التي توصلنا إليها، نذكر ما يلي:
- التطرف الحضاري والتعصب الديني مقولاتان متحيزتان للذات وملغيتان للآخر أفرزتهما سياقات تاريخية ومعطيات سياسية واجتماعية، ودعمتها أفكار أيديولوجية.
- يتضمن جزء من الخطاب الديني الإسلامي، بدوره، أفكاراً عدائية للغرب تجعل منه حضارة منحلة وملحدة، وهذا نجده واضحا في خطابات الجهاديين والتكفيريين…
– المنظومة الفكرية الغربية بأنساقها العقدية والتاريخية والفلسفية أسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في صناعة الصدام بكل أشكاله، بما فيه الصراع الحضاري، فادعاء الغرب التفرد، وبأنه سليل حضارة متفوقة على باقي الحضارات، ومستقلة بذاتها عن بقية العالم، وأنّ دينه هو الحق، وتراثه هو التراث الإنساني، كرست الهيمنة ودعّمتها. فأثارت نزعته هذه جملة من المشاكل، وفرضت أنماطاً من الصراع خاصة مع الإسلام، لذلك نجد أصحاب نظرية الصدام الحضاري ينطلقون من كون أنّ الحضارة الإسلامية هي المرشّحة للتصادم مع الغرب، مستندين في ذلك إلى عدم قابلية الإسلام للتعايش مع الحضارات الأخرى، بزعم أنّها حضارة إقصائية ومتعصّبة وعنيفة.
أمام هذه الخطابات المتطرفة، تنجلي نظريات تدعو إلى الحوار والتفاهم والعيش المشترك، وتتأسس على منطلقات دينية وفلسفية، ومن هذه النظريات نذكر:
- نظرية الفاعلية التواصلية التي اقترنت بالفيلسوف الألماني هابرماس التي تركز على مبدأ كونية الإنسان، وتدعو إلى التفاعل بين الكوني والخصوصي، وتؤكد على دور التواصل والتحاور والتفاهم والاعتراف والاحتجاج العقلاني والمستمع الكوني.
-نظرية التعارف الحضاري بين الإسلام والغرب- كما أرسى دعائمها زكي الميلاد-في سياقنا الراهن، دعْوة حضارية ملحة، لأنّها ترسم معالم التفاعل الإنساني، وتدعم التلاقح الثقافي، وتفتح باب الحوار بين أتباع الحضارتين، وتقف على المشترك الإنساني بعيدا عن نزعة الاستكبار ومنطق الهيمنة، ذلك أنّ التعارف الحضاري بديل عن الصدام الحضاري، فهو مبدأ إنساني حافز للعمران البشري ودافع للبناء والاستجابة لتحديات الراهن، عكس نظرية “صدام الحضارات” التي هي في جوهرها مقولة عدوانية تشرعن توظيف العنف من أجل الهيمنة والسيطرة.
لذلك، فلا مناص من قيام حوار ثقافي على قاعدة العيش المشترك، ومن شروط هذا الحوار:
-الاعتراف بثقافة الآخر، والإيمان بالتعددية واختلاف وجهات النظر. والخروج من نظرية التفوق الثقافي والحضاري.
-الانفتاح الفكري، وبناء الإنسان الكوني، لمواجهة التعصب والدوغمائية.
-التخلي عن النزعة القائمة على صدام الحضارات، التي تقوم على فكرة المواجهة بين هويات الشعوب.
المصادر والمراجع
-القرآن الكريم برواية ورش.
المعاجم العربية:
-أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر،
-أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب المجلد الثاني، الطبعة الأولى، 1429/2008.
المراجع العربية:
– أسامة عكنان : إعصار الخليج، دار الشهاب، الجزائر (د.ت)
– حسن حنفي، في الفكر الغربي المعاصر، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط4، 1410/1990.
-حسن حنفي، صادق جلال العظم: ما العولمة؟ دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط1، 1999.
-حسين مروة، النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية، بيروت، دار الفارابي، 1985.
-سمير أمين، نحو نظرية للثقافة، نقد التمركز الأوربي والتمركز الأوربي المعكوس، معهد الإنماء العربي، ط1، 1989.
-زكي الميلاد، المسألة الحضارية كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟، المركز الثقافي العربي، مكتبة مؤمن قريش، ط1، 1999.
-عبد الله إبراهيم، المركزية الغربية، دار الأمان، الرباط، ط1، 2010.
المراجع المترجمة.
– أنتوني بلاك، الغرب والإسلام الدين والفكر السياسي في التاريخ العالمي، ترجمة فؤاد عبد اللطيف، عالم المعرفة، العدد 394، نوفمبر 2012.
-إريك فروم، الإنسان بين الجوهر والمظهر، ترجمة سعد زهران، مراجعة وتقديم لطفي فطيم، عالم المعرفة، العدد 140، 1989.
-بيرتراند راسل، حكمة الغرب، ترجمة فؤاد زكريا، عالم المعرفة العدد 365، ج2، يوليو 2009.
-ديكارت، مبادئ الفلسفة، ترجمة عثمان أمين، القاهرة، دار الثقافة، 1979.
-فرانسيس فوكوياما، نهاية التاريخ وخاتم البشر، ترجمة حسين أحمد، مركز الأهرام للترجمة والنشر ط1، 1993.
-كارل بوبر، أسطورة الإطار في دفاع عن العلم والعقلانية، ترجمة طريف يمنى الخولي، عالم المعرفة، عدد292، 2003.
-يورغن هابرماس، القول الفلسفي للحداثة، ترجمة فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1995.
المراجع الأجنبية:
Paul -Ricoeur , Histoire et Verité; Idéa ;Cérès ,1995
Richard Larson, Iditorial Intolerance And Extremism, Canada, Valria Press, 2005.
-المجلات:
-مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت/ باريس، العدد 146-/147، شتاء 2009،
-مجلة دراسات تربوية رابطة التربية الحديثة، المجلد السابع الجزء.43
-المجلة العربية للدراسات الأمنية، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، العدد (16)، مجلد (8).1993.
– مجلة الوسيط للدراسات الإعلامية، دار هومة للنشر والتوزيع بالجزائر، العدد12، 2006.
[1] -زكي الميلاد مفكر وكاتب سعودي، من مواليد1965 م ، متخصص في الدراسات الإسلامية، صدرت له العديد من الدراسات والأبحاث، نذكر منها:(عصر النهضة، كيف انبثق؟ ولماذا أخفق؟)، (الحركة الإسلامية ومعالم المنهج الحضاري؟)، (الإسلام والغرب والحاضر والمستقبل)، (تعارف الحضارات)، (نحن والعالم. من أجل تجديد رؤيتنا للعالم)، وغيرها من الأبحاث التي تؤسس مشروعاً علمياً قائم الذات.
[2] – جاك شاهين: “المخادعون: العرب في وسائل الإعلام الأمريكية”، ترجمة ضياء حجازي، نقلا عن يامين بودهان:”تشكيل الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين في الإعلام الغربي”، مجلة الوسيط للدراسات الإعلامية، دار هومة للنشر والتوزيع بالجزائر، العدد12 ، 2006.
[3] – أحمد بن فارس: “معجم مقاييس اللغة”، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، كتاب الطاء، ج3، ص448.
[4] – أحمد مختار عمر: “معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب المجلد الثاني، الطبعة الأولى، 1429/2008، ص1396.
[5] – أحمد مختار عمر: “المرجع نفسه”.
[6] – ليلى عبد الستار: “تنمية التفكير السليم لدى الشباب الجامعي لمواجهة التطرف”، دراسة تحليلية، مجلة دراسات تربوية رابطة التربية الحديثة،ا لمجلد السابع الجزء43،ص 192.
[7] – مصطفى عمر البتر: “العدوان والعنف والتطرف”، المجلة العربية للدراسات الأمنية، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض، العدد (16)، مجلد (8)1993، ص 45.
[8] – Richard Larson, Iditorial Intolerance And Extremism, Canada, Valrian Press, 2005, P9.
[9] – أنتوني بلاك: “الغرب والإسلام الدين والفكر السياسي في التاريخ العالمي”، ترجمة فؤاد عبد اللطيف، عالم المعرفة، العدد 394، نوفمبر 2012، ص47.
[10] – سمير أمين: “نحو نظرية للثقافة، نقد التمركز الأوربي والتمركز الأوربي المعكوس”، معهد الإنماء العربي، ط1، 1989، ص99.
[11] – حسن حنفي: في الفكر الغربي المعاصر، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط4 ،1990، ص13-14.
[12] -. عبد الله ابراهيم: “المركزية الغربية”، دار الأمان، الرباط، ط1، 2010، ص 11-12
[13] – سمير أمين: “نحو نظرية للثقافة” ص 91.
[14] – سمير أمين: المرجع نفسه ص11-12
[15] – مصطفى الحلوة: “حق الاختلاف وسؤال الهوية عند ما يقاربها باحثون عرب من منظور فلسفي”، مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، بيروت/ باريس، العدد 146-/147، شتاء 2009، ص135.
[16] – سمير أمين: “نحو نظرية للثقافة، نقد التمركز الأوربي والتمركز الأوربي المعكوس”، معهد الإنماء العربي، ط1، 1989، ص76.
[17] – من أبرز دعاة نظرية الطبائع، نذكر: غوبينو في كتابه:” بحث في تفاوت الأعراق البشرية”ّ.
[18] – سمير أمين، مرجع سابق، ص 94.
[19] – حنفي:”في الفكر الغربي المعاصر”، بيروت، المؤسسة الجامعية، 1990، ص150.
[20] – أوردها حسين مروة: “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية”، بيروت، دار الفارابي، 1985، ص، 122، نقلا عن عبد الله إبراهيم، “المركزية الغربية”ص172.
[21] – فرانسيس فوكوياما:”نهاية التاريخ وخاتم البشر”، ترجمة حسين أحمد، مركز الأهرام للترجمة والنشر ط1، 1993ص8
[22] – فرانسيس فوكوياما: المرجع نفسه، ص8.
[23] – فوكوياما، المرجع نفسه، ص56.
[24] – برتراند رسل: حكمة الغرب، ترجمة فؤاد زكريا، عالم المعرفة، ج2، ط2، العدد365، يوليو2009، ص21.
[25] – جون هوبسون:”الجذور الشرقية للحضارة الغربية” ترجمة منال قابيل، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2006، ص12.
[26] – حسن حنفي، صادق جلال العظم: ما العولمة؟ دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط 1،1999ص39
[27]-أسامة عكنان: إعصار الخليج، دار الشهاب، الجزائر (د.ت)، ص7
[28] – سورة الأنبياء، الآية 107.
[29] – ديكارت: “مبادئ الفلسفة”، ترجمة عثمان أمين، القاهرة، دار الثقافة، 1979، ص48.
[30] – سورة الحجرات، الآية13 .
[31] – زكي الميلاد: المسألة الحضارية كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغير؟ “المركز الثقافي العربي، مكتبة مؤمن قريش، ط1، 1999.ص 36.
[32] – أحمد بن فارس: “معجم مقاييس اللغة”، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، ج4ص 281.
[33] – سورة محمد، الآية6.
[34] – أحمد بن فارس: “معجم مقاييس اللغة”، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر،ج4ص 281.
[35] – زكي الميلاد: “مرجع سابق”، ص36.
[36] – ينظر زكي الميلاد: مرجع سابق، ص 74، 75، 76، 77، 78..
[37] – إريك فروم: “الإنسان بين الجوهر والمظهر”، ترجمة سعد زهران، مراجعة وتقديم لطفي فطيم، عالم المعرفة، العدد 140، 1989، ص9.
[38] – إريك فروم: “المرجع السابق”، ص134.
[39] – كارل بوبر:”أسطورة الإطار في دفاع عن العلم والعقلانية”، ترجمة طريف يمنى الخولي، عالم المعرفة، عدد292، 2003، ص15
[40] – يورغن هابرماس: “القول الفلسفي للحداثة”، ترجمة فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1995، ص 462.
[41] – يورغن هابرماس: “مرجع سابق”، ص497