حق المتهم في الصمت في مرحلة المحاكمة وفق التشريع العماني والتشريع المغربي دراسة تحليلية مقارنة
The right of the accused to remain silent during the trial stage in accordance with Omani and Moroccan legislation A comparative analytical study
الدكتور نزار حمدي قشطة (كلية الحقوق/جامعة الشرقية)
Dr. Nizar Hamdi Qeshta (Faculty of Law/Sharqia University)
د. حياة أكدي (كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية/تطوان/المغرب)
Dr. Hayat Akdi (Faculty of Legal, Social and Economic Sciences/Tetouan/Morocco
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 55 الصفجة 31.
Summary
The right to silence is considered one of the most important rights that the accused has in all stages of the criminal case, especially in the trial stage, as it is considered one of the rights of defense that can be resorted to by the accused if he sees that his words could affect his position in the case. The Omani Criminal Procedures Law emphasized this principle embodying the presumption of innocence enjoyed by the accused, which was confirmed by the Omani Basic Law. The research problem was to what extent, according to the Omani legislature, in regulating the accused’s right to silence at the trial stage? The researchers reached an important conclusion that the attack on the accused’s right to silence entails many penalties, which may be criminal or civil penalties, or a procedural penalty of invalidity. The accused to remain silent or force him to speak, as he is linked to public order.
Keywords: the accused, the right to silence, the presumption of innocence, the accused’s right, the stage of the trial
الملخص:
يعتبر الحق في الصمت من أهم الحقوق التي يتمتع بها المتهم في جميع مراحل الدعوى الجزائية، خصوصاً بمرحلة المحاكمة حيث تعتبر من حقوق الدفاع التي من الممكن اللجوء إليها من قبل المتهم لو رأى أن كلامة يمكن أن يؤثر على موقعة في القضية، وقد أكد على هذا المبدأ قانون الإجراءات الجزائية العمانية، تجسيداً لقرينة البراءة التي يتمتع بها المتهم والتي أكد عليها النظام الأساسي العماني، وقد كانت إشكالية البحث إلى أي حد وفق المشرع العماني في تنظيم حق المتهم في الصمت في مرحلة المحاكمة؟ واتبعنا المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن للإجابة على تلك الإشكالية، وقد توصل الباحثان إلى نتيجة مهمة مفادها أنه يترتب على الاعتداء على حق المتهم في الصمت جزاءات عديدة، قد تكون عقوبات جزائية، أو مدنية، أو جزاء اجرائي المتمثل في البطلان، كما أوصى الباحث المشرعين العماني والمغربي على إقرار البطلان المطلق في حالة خرق قواعد حق المتهم في الصمت أو إجباره على الكلام، باعتباره مرتبط بالنظام العام.
كلمات مفتاحية: المتهم، الحق في الصمت، قرينة البراءة، حق المتهم، مرحلة المحاكمة
مقدمة:
وقد نظم المشرع العماني الحق في الصمت أثناء مرحلة المحاكمة في المادة (188) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي جاء فيها ” توجه المحكمة التهمة إلى المتهم بقراءتها عليه وتوضيحها له ثم يسأل عما إذا كان مذنبا أم لا، مع توجيه نظره إلى أنه غير ملزم بالكلام أو الإجابة”، كما لا يجوز تحليف المتهم اليمين أو استعمال الإكراه للإجابة على الأسئلة، وسكوته لا يفسر على أنه إقرار بشيء، أو قرينة ضده استناداً إلى المادة (189) من نفس القانون.
وقد حدا المشرع المغربي حدو المشرع العماني حيث قام بتنزيل هذا الحق على مستوى التشريع الأساس (الدستور) والتشريع الجنائي الشكلي (قانون المسطرة الجنائية) ، حيث خول للشخص المعتقل جملة من الحقوق والضمانات القانونية في طليعتها مبدأ “قرينة البراءة” وحقه في الإشعار بدواعي إيقافه وإخبار عائلته وحقه في الاتصال بالمحامي و حقه في الاستعانة بمترجم وكذا الحق في “التزام” الصمت أي حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح و ذلك من خلال مقتضيات المواد 134 ،149،156 من قانون المسطرة الجنائية،
أهمية البحث:
تتجلى أهمية الموضوع أيضا في التعريف بحق المتهم في الصمت، الذي يتعين على القاضي الالتزام به وتمكين المتهم من حقه في ممارسته، كما يستهدف البحث توضيح الأساس القانوني المبني عليه هذا الحق، إضافة إلى تبيان الجزاء الموضوعي والإجرائي المترتب على مخالفة القواعد الخاصة بحق المتهم في الصمت.
أهداف البحث:
يستهدف البحث تحقيق الأهداف التالية:
- توضيح مفهوم حق المتهم في الصمت.
- تبيان الأساس القانوني الذي يبنى عليه حق المتهم في الصمت سواء تعلق الأمر في التشريع العماني أو في التشريع المغربي.
- مناقشة الجزاءات المترتبة على مخالفة قواعد حق المتهم في الصمت، سواء تعلق الأمر بالجزاء الموضوعي أو الجزاء الإجرائي.
إشكالية البحث:
تتمحور إشكالية البحث حول تساؤل رئيسي مفاده، إلى أي حد وفق المشرع العماني في تنظيم حق المتهم في الصمت في مرحلة المحاكمة؟
وقد تفرعت عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات فرعية منها:
- ما هو تعريف حق المتهم في الصمت؟
- هل يعتبر صمت المتهم دليل إدانة أم دليل براءة؟
- هل حق المتهم مطلقاً أم يجبر على الكلام أثناء بعض الإجراءات؟
- ماهي الآثار القانونية التي رتبها المشرع عن خرق حق المتهم في الصمت؟
الحدود الموضوعية للبحث:
سوف نتطرق لحق المتهم في الصمت ضمن القانون العماني وكذلك القانون المغربي، إضافة إلى التطرق لبعض المواثيق الدولية ذات الصلة.
منهج البحث:
معالجة هذا البحث تطلب منا تناوله وفق منهجين أساسيين:
المنهج الوصفي التحليلي : للتعرف على المفاهيم الرئيسية للبحث، وتحليل النصوص القانونية المنظمة لحق المتهم في الصمت وتحليل مضمونها والوقوف على مكامن الضعف والقوة، ومناقشتها للوصول إلى الإجابة على تساؤلات البحث التي لها علاقة بالموضوع.
المنهج المقارن: حيث يتم استعراض التجارب في التشريعات المقارنة ” التشريعين العماني و المغربي ” بهدف استخلاص الإيجابي منهما، إضافة إلى التطرق لبعض المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصله.
خطة البحث:
آثرنا أن نقسم البحث إلى مبحثين على الشكل التالي.
المبحث الأول: الإطار القانوني لحق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
المطلب الأول: مفهوم حق المتهم في الصمت
المطلب الثاني: الأساس التشريعي لحق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
المبحث الثاني: الآثار المترتبة على الاعتداء على الحق في الصمت
المطلب الأول: الجزاء الموضوعي نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
المطلب الثاني: الجزاء الإجرائي نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
المبحث الأول: الإطار القانوني لحق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
يعتبر الحق في الصمت في مرحلة المحاكمة حجر الزاوية بالنسبة للمحاكمة العادلة، لذلك نحتاج إلى تعريفه لمعرفه ماهيته، ومعرفة الأساس القانوني لحق المتهم في الصمت في تلك المرحلة سواء تعلق الأمر بالتشريع العماني أو التشريع المغربي، وهذا ما سوف نوضحه بتقسيم المبحث إلى مطلبين، نتناول في الأول مفهوم حق المتهم في الصمت، ونناقش في الثاني الأساس التشريع للحق في الصمت.
المطلب الأول: مفهوم حق المتهم في الصمت
تعددت التعريفات الخاصة بحق المتهم في الصمت كما تتعدد دوافع هذا الصمت، وأنواعه، لذلك سوف نوضح في هذا المطلب تعريف حق المتهم في الصمت وذلك في الفرع الأول، ثم نوضح أنواع الحق في الصمت ودوافعه في الفرع الثاني.
الفرع الأول: تعريف حق المتهم في الصمت
لقد استعملت التشريعات المقارنة تسميات عدة لحق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح، فهناك من يستعمل الحق في الصمت أو الحق في السكوت أو الحق في الامتناع عن الكلام وغيرها [1] … هذا الحق الذي سعت النظم الإجرائية المعاصرة إلى توفير الضمانات الكافية لصيانته حيث اعتمدت على قرينة البراءة كأصل وكأساس له، نظرا لمكانته في الأنظمة العالمية.
ويعرف الصمت لغة بأنه السكوت وعدم النطق، ويقال لغير الناطق صامت أي ساكت[2]، ويقصد بالصمت بشكل عام امتناع الشخص عن التعبير عما بداخله، والتعبير عن الإرادة يكون تعبيرا صريحا أو ضمنيا ، والتعبير الصريح يكون باللفظ وهو الوسيلة المعتادة أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا.
ويعرف بعض الفقه صمت المتهم بأنه ” تلك الحرية المقررة للمتهم بالامتناع عن الإجابة على الأسئلة الموجه إليه أو الإدلاء بأية معلومات قد تؤدي إلى إدانته أو ثبوتها أو حتى مجرد الاقتراب منها، أو تكشف أمور يفضل الاحتفاظ بسريتها أو نزولاً على اعتبارات أخرى تفرض عليه الصمت”[3].
وعرفه البعض الأخر بأنه ” امتناع المتهم عن الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه من قبل أفراد السلطة العامة وذلك بمحض إرادته دون أن يكون هناك عائق صحي أو عاهة طبيعية”[4].
لكننا لم نجد في التشريعات الإجرائية وكذا بالنسبة للمهتمين والباحثين في المجال القانوني من عرف “الحق في الصمت”، ولعل السبب في ذلك راجع بالأساس إلى تداول هذا المفهوم لدى العامة، فضلا عن كون المعنى الاصطلاحي للمفهوم لا يخرج عن معناه اللغوي. كل ما هنالك أن مختلف التشريعات التي أوردت هذا الحق اكتفت بتقريره للمشتبه فيه كحق من حقوق الدفاع دون تعريفه بدقة ووضوح، وبديهي كل البداهة أن الحق في التزام الصمت لن يكون مقررا إلا لفائدة المشتبه فيه القادر على النطق أو الكلام وليس لمن لا يستطيع ذلك (كالأبكم مثلا)[5]
ويفيد الحق في التزام الصمت خلال مرحلة البحث التمهيدي( الاستدلال) في حالة التلبس في كون المشتبه فيه يضل صامتا لا يتكلـــــم لا بالسلب ولا بالإيجاب، وعليه، يمكن القول إن “الحق في التزام الصمت” هو تلك الحرية التي يمنحها القانون للمشتبه فيه أو المتهم، والتي يستطيع بموجبها الامتناع عن إبداء أجوبة أو تصريحات، سواء أمام (الضابطة القضائية أو قاضي التحقيق أو قضاة الحكم ) وهو حق يتيح للمعني بالأمر /المشتبه فيه/الظنين / المتهم، عند سؤاله أو استجوابه، رفض الإجابة عما يوجه إليه من أسئلة إما جزئيا أو كليا، دون أن يفهم من هذا الامتناع على أنه قرينــة على ثبوت الاتهام ضـده ،
ويستند حق المتهم في الصمت من قرينة البراءة، والتي لم يتم تعريفها من قبل مختلف القوانين، وإنما فسح المجال للفقه والقضاء على اعتبار أن تعريف الشيء من اختصاصاته مبدئيا، وبذلك فإن قرينة البراءة حسب بعض الفقه[6] يقصد بها أن السلطات القضائية يجب عليها أن تعامل المتهم، وتنظر إليه على أساس أنه لم يرتكب الجريمة محل الاتهام، ما لم يثبت عليه ذلك بحكم قضائي غير قابل للطعن بالطرق العادية، وهو المبدأ القانوني الذي يعتبر الشخص بريء ما لم تثبت إدانته، وقد تم التعبير عنها تقليديا (عبء الإثبات يقع على من يدّعي، ليس على من ينكر) ، ويجب أن يثبت الادعاء في معظم الحالات أن المتهم مذنب بما لا يدع مجالا للشك، إذا بقي شك معقول، فيجب تبرئة المتهم.
وقد سار التشريع الجنائي المسطري على نحو التشريع الدستوري، من خلال التنصيص في المادة الأولى[7] على أن البراءة هي الأصل إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية.
الفرع الثاني: أنواع الحق في الصمت ودوافعه
يرى بعض الفقه[8]، أن صمت المتهم قد يكون طبيعي وإجباري، أو يكون متعمد ومقصود، فأما الصمت الطبيعي فيتحقق عندما يكون المتهم أصم أو أبكم، والذي لا يستطيع الإجابة الشفهية على الأسئلة الموجهة إليه، لذلك يلجأ في هذه الحالة إلى الإجابة عن طريق الكتابة إذا كان يستطيع، عن طريق توجيه الأسئلة إليه كتابة كذلك، أما إذا لم يستطع الكتابة فيتعين اللجوء إلى الخبير أو المترجم المختص بالتحدث مع الصم والبكم عن طريق الإشارات، أما الصمت العمدي فيكون عندما لا يكون للمتهم أي عائق صحي يمنعه من الكلام، لكنه يمتنع عن التحدث بإرادته ولا يجيب على الأسئلة الموجهة إليه إذا رأى أن من مصلحته عدم الإجابة عليها، وهذا النوع هو الذي يدخل في نطاق بحثتا[9].
أما عن دوافع صمت المتهم فقد تكون وليدة أسباب عديده، فقد يكون بسبب احتجاج على واقع معين، أو عدم فهمه للسؤال، أو خوفه من الإجابة على موقفه في القضية التي يحقق فيها[10]، وقد يكون صمته بطلب من محامية أثناء الاستجواب أو المحاكمة في حالة كان السؤال يمكن يضر بموقفه في القضية، وقد يكون الصمت رغبه في انقاد شخص مقرب له[11]، أو تفضيل المتهم للصمت بفعل التستر على أمول تمثل له أولوية مع ضرورة أن تبقى سرية، كما في حالة صمته حينما توجه للمتهم تهمة ارتكبها أبنه، أو استعمال الصمت كوسيلة مراوغة بهدف إخفاء الحقيقة، وقد يكون صمت المتهم رغبه منه في ترك أمره لقناعه القاضي وبصيرته الذي يستهدف استظهار الحقيقة مهما كانت[12].
وفي سياق آخر فقد ثار خلاف بين الفقه على الطبيعة القانونية لحق المتهم في الصمت، فهل هو حق مكتسب للمتهم أم منحه من طرف المشرع؟
يرى الفقه الراجح[13] أنه حق للمتهم وليس رخصة تأسيساً على حق المتهم في الكذب، الذي يعتبر أحد مظاهر حرية المتهم في الدفاع عن نفسه، حيث أن كذب المتهم يأخذ نفس أهمية صمته من حيث اعتباره وسيلة للدفاع، كما أن القاضي لا يستطيع أن يعتمد على كذب المتهم كدليل لإدانته، وفي حالة تبث كذبه يستطيع أن يطرح الأقوال الكاذبة ويستبعدها، كما أن الحق في الصمت يقف بنفس المستوى مع قرينة البراءة والحق في الاستعانة بمحامي، لذلك فهو حق وليس منحه، والدليل على ذلك أن جل التشريعات وضعت حماية للمتهم ضد أي استعمال للتعذيب لدفعه على الإدلاء بأقوال معينه أثناء الاستجواب أو المحاكمة.
المطلب الثاني: الأساس التشريعي لحق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
تعتبر مرحلة المحاكمة آخر مرحلة تبلغها الدعوى العمومية، فمن خلالها يتحدد وضع المتهم في القضية عبر الحكم الذي يصدره القاضي سواء بالإدانة أو بالبراءة، فيشترط في بلوغ هذه المحطة الأخيرة تمتع المتهم بقدر كبير من الضمانات، والتي تتعدى تلك التي كان يتمتع بها في مرحلة الاستدلال أو التحقيق الابتدائي، ومن هذه الضمانات عدم إجباره على الكلام أو الرد على أسئلة تؤدي إلى الإضرار بموقفه في الدعوى، ولا يجوز أن يتخذ ذلك دليلاً على إدانته، وهذا ما نص عليه صراحة المشرع العماني في المادة (188) من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها ” توجه المحكمة التهمة إلى المتهم بقراءتها عليه وتوضيحها له ثم يسأل عما إذا كان مذنبا أم لا، مع توجيه نظره إلى أنه غير ملزم بالكلام أو الإجابة”، كما أكدت المادة (189) من نفس القانون على لا يجوز أن يفسر سكوت المتهم على أنه إقرار بشيء، ولا يجوز استخدام أي وسائل غير مشروعة لإرغامه على الكلام[14].
بناء على ما سبق نستنج أن المشرع العماني قد تبنى صراحة حق المتهم في الصمت في مرحلة المحاكمة، وإنه يمنع على المحكمة الزام المتهم بالإجابة على أسئلتها، مع التأكيد على ضرورة أن تنبه المتهم بأنه غير ملزم بالإجابة على الأسئلة، ولا يجوز أن يفسر سكوت المتهم وعدم رده على الأسئلة بأنه اعتراف منه، غير أن هذه القاعدة وضعت لمصلحة المتهم نفسه، وبالتالي يحق له التنازل عنها إما صراحه بأن يطلب من المحكمة استجوابه، وإما بعدم اعتراضه على الاستجواب، والإجابة على الأسئلة التي توجهها إليه المحكمة إذا رأى أن من مصلحته الإجابة عليها[15].
أما موقف المشرع المغربي وبالرجوع إلى الشق المتعلق بالحكم في الجرائم من قانون المسطرة الجنائية المغربي المواد 251 إلى 457 يتضح أن المشرع المغربي كما هو الحال عليه في مرحلة البحث التمهيدي لم ينص صراحة على حق المتهم في الصمت، ورغم ذلك يعتبره من حقوق الدفاع المخولة للمتهم،
إذن نستنتج أن حق المتهم في الصمت وان كان يتمتع به في جميع المراحل الدعوى الجنائية استنادا لقرينة البراءة، التي لا تتطلب من المتهم تقديم أو تحضير الدليل على براءته ومن ثم اتخاذ موقف سلبي تجاه الدعوى المقامة ضده، لكن وجب على سلطة الاتهام تقديم الدليل على التهمة المنسوبة إلیه، فيكون على السلطات القضائية كسلطة اتهام أن تسعى جاهدة إلى إثبات الحقيقة، فكما تسعى إلي إثبات أدلة الإدانة يكون لزاما عليها السعي لإثبات أدلة النفي بنفس القدر[16]،
لأن حق المتهم في الصمت شرع لمنع الاعتداء عليه ودفعه لإدلاء بتصريحات قد تضره في المراحل السابقة للمحاكمة، ولكن الخصائص التي تتميز بها مرحلة المحاكمة تجعل المتهم في وضع مناسب ومهيأ للإدلاء بأقواله بكل حرية خصوصا أن المبدأ الأساس الذي يحكم عمل القاضي في هذه المرحلة هو عدم اعتماده كليا على محاضر التحقيقات الابتدائية، وإنما يبني قناعته أساسا على التحقيقات التي تمت في الجلسة كأصل عام، كما أن علنية الجلسات وشفهية المرافعات والمواجهة وحضور الخصوم و الشهود وتدوين كل ما يدور في الجلسة من طرف كاتب الضبط (أمين السر) الذي يحرر محضر الجلسة تحت إشراف رئيس المحكمة، والتزام المحكمة في حدود الدعوى المعروضة أمامها هي في حقيقة الأمر ضمانات لحماية حقوق المتهم[17].
من جهة أخرى وكما أوضحنا سابقاً أن صمت المتهم قد يكون سببه طبيعياً عندما يكون أبكماً أو أصماً، وفي هذه الحالة يتعين على المحقق أو المحكمة اللجوء إلى مترجم خبير لمعرفة أقوال المتهم الأبكم أو الأصم وتوجيه الأسئلة له كذلك.
وقد ساير المشرع المغربي هذا التوجه من خلال التنصيص على ذلك في نص المادة 21 [18] من قانون المسطرة الجنائية التي تخاطب ضباط الشرطة القضائية” يتعين عليهم الاستعانة بمترجم إذا كان الشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة لا يحسنها ضابط الشرطة القضائية أو يستعينون بكل شخص يحسن التخاطب مع المعني بالأمر إذا كان أصما أو أبكما ويشار إلى هوية المترجم أو الشخص المستعان به بالمحضر ويمضي عليه”.
كما نص في المادة 145 على ما يلي: “يستعين قاضي التحقيق بمترجم إذا كان يتحدث لغة أو لهجة لا يفهمها قاضي التحقيق، ويستعين بكل شخص يحسن التخاطب مع المتهم إذا كان هذا الأخير أصما أو أبكما”.
ولم يقتصر المشرع على مرحلة البحث التمهيدي والتحقيق الإعدادي في ضمان حق المتهم المتمثل في الصمت الطبيعي، حينما يكون أصما أو أبكما، بل سار على نفس منوال المرحلتين وكرس هذا الحق حتى أمام مرحلة المحاكمة، ويتضح من خلال ما نصت عليه المادة 318 من قانون المسطرة الجنائية[19] ” إذا كان المتهم أصما أو أبكما، تعين تغيير سير المناقشات على نحو يمكنه من تتبعها بصورة مجدية، وتراعي في ذلك أحكام المادة 121 أعلاه”.
ولكن إبداء الأقوال وسيلة ثانية من وسائل الدفاع أمام المحكمة، بل يعتبر جوهر حقوق الدفاع يمارسه بنفسه المتهم أو بواسطة محاميه، و المشرع المغربي يسمح للمحكمة استنطاق المتهم طبقا للفصول 305-315 -316-322 من ق.م.ج[20] و هذه الوسيلة غالبا ما يفضلها المتهم وذلك لأكثر من سبب، من بينها محاولة التأثير على القاضي أو طمعا في أن يكون القاضي رحيما به لكونه يتعاون معه ويسهل مهمته و يعتبر حق المتهم في إبداء أقواله وسيلة من وسائل الدفاع.
وهنا قد يتساءل البعض بأنه في حالة استئناف المتهم للحكم، هل يحق له الاستمرار في حقه في الصمت؟
يرى بعض الفقه-بحق- أنه يجب التمييز بين ما إذا كان الاستئناف مقدم من الادعاء العام أم من المتهم، فإذا كان مقدم من الادعاء العام فيمكن له الاستمرار في ممارسه حقه في الصمت أمام محكمة الاستئناف، أما إذا كان الاستئناف مقدم من المتهم فلا يجوز له الاستمرار في الصمت لأنه يجب عليه أن يبدي استئنافه ويقدم أسباب الاستئناف وطلباته، وهذا ما أكدت عليه المادة (241) من قانون الإجراءات الجزائية العماني[21].
المبحث الثاني: الآثار المترتبة على الاعتداء على الحق في الصمت
قد لا يحترم القائم بالاستجواب حق المتهم بالصمت ومثال ذلك عدم تنبيه لهذا الحق، أو استعمال الإكراه المادي أو المعنوي للحصول على معلومات من المتهم الذي مارس حقه في الصمت، وهنا يترتب على ذلك العديد من الجزاءات منها ما هو موضوعي والذي سنوضحه في المطلب الأول، ومنها ما هو إجرائي والتي سنناقشه في المطلب الثاني.
المطلب الأول: الجزاء الموضوعي نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
طالما أن المشرع نص على حق المتهم في الصمت، فلا بد كذلك أن يضع له الحماية الموضوعية والمتمثلة في الجزاء لكل من تسول له نفسه في الاعتداء على هذا الحق، والجزاءات التي يمكن توقيعها في هذا المجال ممكن أن تكون جزائية، أو مدنية، أو إدارية، وهذا ما سوف نتعرض له على الشكل التالي.
الفرع الأول: الجزاء الجنائي المترتب على الاعتداء على الحق في الصمت
على صعيد المواثيق الدولية فقد نصت المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية ،أو الإنسانية أو المهينة على حظر كافة أنواع التعذيب[22] ، ويعتبر حق المتهم في السلامة الجسدية حق دستوري في العديد من التشريعات مما يتطلب إحاطته بعناية خاصة.
كما أن المشرع المغربي وفي إطار التزامه بالمواثيق الدولية أقر بجريمة التعذيب بمقتضى قانون رقم 04-43، حيث نص في الفصل 1-231 من ق. ج.م ” التعذيب بأنه كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمدا موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف”.
كما عاقب المشرع العماني كل من يستخدم الوسائل غير المشروعة للحصول على معلومات من المتهم دون إرادته، كالتعذيب والإغراء والترهيب، فقد منع المشرع اللجوء للتعذيب، أو الإكراه، أو الإغراء، أو المعاملة الحاطة بالكرامة للحصول على أقوال أو منع الإدلاء بها في أي مرحلة، سواء كانت في مرحلة الاستدلال أو مرحلة التحقيق الابتدائي أو مرحلة المحاكمة، وذلك في نص المادة (41) من قانون الإجراءات الجزائية، كما أكدت المادة (25) من النظام الأساس العماني على نفس التوجه والتي منعت اللجوء للتعذيب المادي، أو المعنوي، أو الإغراء، أو المعاملة الحاطة بالكرامة.
لذلك رصد المشرع جزاء جنائي لمرتكبي مثل تلك الجرائم، حيث جاءت المادة (203) من قانون الجزاء العماني لتنص على تجريم أي موظف استعمل القسوة مع أي شخص والتي جاء فيها ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن (100) مائة ريال عماني، ولا تزيد على (500) خمسمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عام استعمل القسوة – اعتمادا على وظيفته – مع أي شخص إذا ترتب على ذلك إيذاؤه أو المساس بشرفه أو كرامته”.
يتبين من خلال النص أن المشرع يشترط وجود شرط مفترض وهو صفة الجاني حيث يجب أن يكون موظف عام، ويتحقق السلوك الإجرامي بارتكاب فعل القسوة وهو ” كل سلوك يشكل خطراً على الحياة أو على سلامة الجسم مما يُسبب له ألماً مادياً أو معنوياً أو يكون من شأنه أن يثير توقعاً معقولاً لوقوع هذا الخطر”[23]، مع التأكيد على أن هذه الجريمة يشترط فيها توافر القصد الإجرامي بعنصرية العلم والإرادة[24].
كما جرم المشرع كل موظف استعمل التعذيب أو أمر بذلك للحصول على اعتراف المتهم، حيث نصت المادة (204) من قانون الجزاء على ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل موظف عام قام بتعذيب متهم أو أمر بذلك لحمله على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بمعلومات عنها”.
يفترض المشرع في هذه الجريمة شرط في الجاني وهو أن يكون موظف عام، ويستوي أن يكون قد عذب بنفسه أو أمر بالتعذيب، وأن تقع الجريمة على المتهم، فإذا لم يكن متهماً توافرت في جانب الموظف جريمة أخرى وهي جريمة استعمال القسوة التي تعرضنا لها مسبقاً، ويتمثل فعل التعذيب بالإيذاء البدني والنفسي، والمشرع لم يشترط درجة معينة من الجسامة، والأمر خاضع للسلطة التقديرية للقاضي يستخلصه من ظروف الدعوى[25]، مع التأكيد على ضرورة وجود القصد الإجرامي بعنصريه العلم والإرادة، أي يجب أن يعلم الجاني بأنه متمتع بصفة الموظف العام، كما يجب أن يعلم الموظف بأنه يقوم بتعذيب المتهم أو يأمر بتعذيبه، مع اتجاه إرادة الموظف إلى تحقيق النشاط الإجرامي لإجبار المتهم على الإدلاء بأقواله.
كما جرم المشرع المغربي كل موظف عمومي سواء كان قاضيا، أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يستعمل أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها[26]، العنف ضد الأشخاص أو يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي، يعاقب على هذا العنف، على حسب خطورته، فإن العقوبة تكون ضعف العقوبة المقررة للجريمة سواء كانت جنحة ضبطية أو تأديبية او جناية طبقا لأحكام الفصول 401 إلى 403 من القانون الجنائي.
نستنج مما سبق أن المشرع المغربي حدا حدو المشرع العماني في وضع عقوبات لمن يُجبر المتهم على الكلام باستخدام الوسائل غير المشروعة وينتهك حقه في الصمت، ولكن يرى بعض الفقه، أن التجربة العملية تدل على صعوبة إثبات بعض عناصر الجريمة كما في القصد الجنائي، كما من المتوقع ألا تبدي جهات التحقيق حماساً في تنفيذ هذا الحل، والذي يعني إدانة زملائهم في العمل[27].
وقد أيد الاجتهاد القضائي الاتجاه التشريعي والفقهي في استبعاد كل أثر للإكراه وعدم الاعتماد على الاعتراف الناجم عن الإكراه وما يترتب عليه من أدلة أخرى، واعتبارها كأن لم تكن، خاصة التعديلات التي شملت قانون المسطرة الجنائية المغربي ألزمت إحالة المتهمين على الخبرة الطبية كلما ثبت للنيابة العامة أو المحكمة أنهم تعرضوا للعنف أثناء التحقيق معهم.
الفرع الثاني: الجزاء المدني المترتب على الاعتداء على الحق في الصمت
ينظم المشرع العماني في -إطار تقرير المسؤولية الشخصية المدنية لمن باشر الإجراء المخالف- وفقاً لقواعد المسؤولية المدنية، الذي يختلف فيما إذا وقع الفعل المخالف من مأموري الضبط القضائي، أو ما إذا كان واقع من أحد القضاة أو أعضاء الادعاء العام.
في حالة وقع الفعل المخالف من مأمور الضبط القضائي يسأل عنه ويلاحق كأي شخص عادي، ويكون للمتضرر أن يقيم نفسه مدعياً مدنياً، دون أي عائق لأن هذه الفئة لا تتمتع بحصانة دعوى المخاصمة المقررة للعاملين في السلك القضائي، كالقضاة والادعاء العام.
ولكننا نتساءل حول أساس مسؤولية مأموري الضبط القضائي المدنية في حالة الاعتداء على حق المتهم في الصمت؟، حيث يشترط القانون-كما سنوضح في الفقرة المقبلة- لمساءلة القضاة والادعاء العام مدنياً أن يرتكبوا خطأ مهنياً جسيماً.
في الحقيقة لم يجيب المشرع على ذلك السؤال وانقسم الفقه إلى رأيين، حيث يرى الرأي الأول أنه ما دام لم يرد في القانون فيصل لتحديد أساس مسؤوليتهم، فيمكن أن يكون الفيصل العام لكل الناس هو المطبق، أي يسألوا، حتى لو كان الخطأ غير جسيم، بينما يرى الرأي الثاني أنه ليس من العدل أن يسألوا عن الأخطاء الخفيفة ويجب ألا يسألوا إلا على الأخطاء الجسيمة، لمنحهم المجال في العمل بمرونة أكبر[28].
أما إذا وقع الفعل المخالف من قبل عضو الادعاء العام أو القاضي، فلا تقع المسؤولية المدنية عن أخطائهم إلا إذا كانت ناجمة عن غش أو تدليس أو خطأ مهني جسيم، وذلك عن طريق دعوى المخاصمة، وهي ” دعوى مسؤولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم، وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز قبول المخاصمة”[29].
وقد وضع المشرع العماني قواعد خاصة لدعوى المخاصمة لضمان عدم التأثير على استقلالهم أثناء ممارسة أعمالهم القضائية، فنص على الحالات التي يسأل فيها القاضي والادعاء العام مدنياً، وهي حالات واردة على سبيل الحصر، والتي نصت عليها المادة ( 329) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني، والتي تتخلص بداية في حالة إذا وقع من القاضي أو عضو الادعاء العام في عملهما غش أو تدليس أو خطأ مهني جسيم، ويقصد بالغش والتدليس الانحراف عن العدالة بسوء نية لاعتبارات خاصة تتنافى مع النزاهة، كالرغبة في الانتقام أو تحقيق مصلحة شخصية[30].
كذلك من خلال التمعن في النص نجد أن القانون اشترط أن يكون الخطأ جسيم، وبالتالي لا يكون القاضي أو عضو الادعاء العام مسؤولاً عن الخطأ غير الجسيم، ويعرف الخطأ المهني الجسيم بأنه ” الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاحش، ما كان يمكن أن يقع فيه إذا ما بذل قدراً معقولاً من الاهتمام بواجبات وظيفته..”[31].
ويخضع مدى تقدير جسامة الخطأ المهني إلى تقدير محكمة الموضوع، وقد قررت المحكمة العليا العمانية أن ” اجتهاد القاضي في تحصيل الوقائع واستخلاصه لها وإنزال حكم القانون عليها على نحو لا تاباه أحكام القانون، أو ما يقع من القاضي من أخطاء بغير إهمال فلا يدخل في نطاق الخطأ الجسيم، كالخطأ في التقدير واستخلاص الوقائع أو تفسير القانون”[32].
أما موقف المشرع المغربي فقد سار في اتجاه آخر، حيث نص في الفصل (391) من قانون المسطرة المدنية على حالات المخاصمة والتي جاء فيها” يمكن مخاصمة القضاة في الأحوال الآتية، إذا ادعى ارتكاب تدليس أو غش أو غدر من طرف قاضي الحكم أثناء تهيئة القضية أو الحكم فيها أو من طرف قاض من النيابة العامة أثناء قيامه بمهامه، أو إذا قضى نص تشريعي صراحة بجوازها، أو إذا قضى نص تشريعي بمسؤولية القضاة يستحق عنها تعويض، أو عند وجود إنكار العدالة”.
والذي يتضح منه أن المشرع المغربي لم يجعل الخطأ الجسيم الصادر من القاضي أو النيابة العامة سبباً للمخاصمة، واكتفى بأن يكون هناك تدليس أو غش أو غدر من طرق القاضي أو النيابة العامة للمطالبة بالمخاصمة، مما يوضح أن المشرع المغربي لم يتوسع بأسباب المخاصمة كما فعل المشرع العماني.
الفرع الثالث: الجزاء التأديبي المترتب على الاعتداء على الحق في الصمت.
قد تمثل المخالفة التي تمت أثناء التحقيق التي تحصل الاعتراف بناء عليها، خطأً تأديبياً يعاقب عليها الموظف الذي قام بمخالفة الإجراء، وهذا ما يحقق الردع لكل من تجاوز القواعد الإجرائية، باعتباره يمس امتيازاته الوظيفية، كالحرمان من الترقية والخصم من الراتب.
وقد نص المشرع العماني على بعض الجزاءات الإدارية الخاصة بمأموري الضبط القضائي، حيث جاءت المادة (32) من قانون الإجراءات الجزائية على ” يكون مأمورو الضبط القضائي خاضعين لإشراف الادعاء العام فيما يتعلق بأعمال وظائفهم، وللمدعي العام أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر في كل ما يقع منهم من مخالفات أو تقصير في عملهم أو يطلب رفع الدعوى التأديبية وذلك دون إخلال برفع الدعوى العمومية”.
نستنتج من النص السابق أن المشرع سمح للمدعي العام أن يطلب من الجهة المختصة التابع لها مأمور الضبط المخالف رفع الدعوى التأديبية وتوقيع الجزاء الإداري عليه في حالتين، الأولى مخالفة أحدى واجباته التي يقوم بها، والثانية التقصير فيما يقوم به من عمل، وفي الحالتين لا يمنع رفع الدعوى التأديبية عليه دون رفع الدعوى الجزائية فيما إذا كان الفعل المرتكب يشكل جريمة.
ويرى بعض الفقه أن الجزاء التأديبي لا يحقق الردع ولا يمكن الاعتماد عليه بشكل كبير لمسائله مخالفي القواعد الإجرائية، حيث من النادر ما يسمع على أن ضابط قد أوُقف على العمل أو حُرم من الترقية، لأنه قام بالضغط على المتهم للحصول على اعترافه، كما من غير المرجح أن تطبيقها لعزوف رجال الشرطة عن الشكوى أو الشهادة فيما يتعلق بتجاوزات ملائهم في العمل مما يصعب إثبات المخالفة[33].
أما توقيع الجزاء التأديبي على القاضي فهو من اختصاص مجلس المساءلة المشكل حسب المادة (74) من قانون السلطة القضائية العماني[34]، وتقام دعوى المساءلة من المدعي العام – بطلب من وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على اقتراح رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي بناء على المادة (77) من نفس القانون، ولا تأثير لدعوى المساءلة على الدعوى العمومية أو المدنية الناشئة عن الواقعة محل المساءلة، حسب المادة (81) من ذات القانون، والجزاءات التي من الممكن توقيعها على القاضي المخالف، اللوم، أو النقل إلى وظيفة غير قضائية، أو العزل، بناء على المادة (83) من قانون السلطة القضائية.
أما فيما يتعلق بمساءلة أعضاء الادعاء العام فتتبع الأحكام والإجراءات المقررة لمساءلة القضاة، وذلك فيما عدا الإعلان بعريضة الدعوى والتكليف بالحضور، فيكون بمعرفة المدعي العام، وذلك وفق نص المادة (15) من قانون الادعاء العام المعدل بالمرسوم السلطاني 98/2006.
المطلب الثاني: الجزاء الإجرائي نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
يترتب على الحق في الصمت والتنصيص عليه صراحة التزام الدولة باحترام هذا الحق بشكل كلي، وعدم خرقه وإتاحة الفرصة كاملة لممارسته دون عوائق، ومن ثم فإن أي انتهاك أو اعتداء على هذا الحق وهو في ذات الوقت يشكل اعتداء على أصل البراءة يستوجب المسؤولية ويترتب البطلان على كل إجراء لم يحترم الحق في الصمت كحق من حقوق الدفاع.
ويعتبر البطلان إحدى المظاهر الطبيعية الإلزامية للقواعد الإجرائية الجنائية فهو بذلك آلية للقضاء لبسط رقابته على سلامة إجراءات التحقيق، وهو أكبر ضمان لحماية الحقوق والحريات من خلال أنواعه و الجهات المختصة و أثاره، فقد يتعلق الأمر ببطلان الإجراء، وقد يتعلق ببطلان الدليل المترتب على الإجراء الباطل، وهذا ما سوف نتعرض له في هذا المطلب على الشكل التالي.
الفرع الأول: بطلان الإجراء نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
تتنوع الإجراءات التي تهدف حق المتهم في الدفاع، منها ما تقرر تحقيقاً للمصلحة العامة كمبدأ علانية المحاكمة، وسرية المداولة، ومنها ما يتعلق بمصلحة المتهم الشخصية، كتفتيش المسكن، وحضور إجراءات التحقيق الابتدائي[35].
ويترتب على الإخلال بمثل تلك الإجراءات البطلان، والذي يعرف على أنه ” الجزاء الذي يترتب على مخالفة كل قاعدة إجرائية قصد من ورائها حماية الشريعة الجنائية، سواء كان ذلك لمصلحة المتهم أو غيره من الخصوم أو للمصلحة العامة التي تتمثل في ضمان الإشراف القضائي على الأدلة الجنائية”[36].
وفي نفس السياق نجد أن التمسك بخرق حق الصمت يدخل في إطار الدفوع الشكلية، التي يتعين إثارتها قبل كل دفع أو دفاع، خاصة وأن الدفع يعتبر وسيلة تمكن المشتبه فيه من الطعن في كل الإجراءات التي يشوبها إخلال أو أنجزت على وجه غير قانوني.
الجدير بالذكر أن أسباب البطلان في التشريع المغربي محددة على سبيل الحصر وتعود بالأساس إلى عدم احترام الضمانات التي أقرها المشرع للمتهم أو المطالب بالحق المدني خلال سير عملية التحقيق الإعدادي كذلك عدم إحاطة قاضي التحقيق المتهم بالأفعال المنسوبة إليه، أو عدم إشعاره بحقه في الصمت، وعدم النص على هذا الإشعار في المحضر[37]، فالتمسك بخرق حق الصمت يدخل في إطار الدفوع الشكلية، التي يتعين إثارتها قبل كل دفع أو دفاع، خاصة وأن الدفع يعتبر وسيلة تمكن المشتبه فيه من الطعن في كل الإجراءات التي يشوبها إخلال أو أنجزت على وجه غير قانوني.
نستنتج من المادة السابقة أن المشرع المغربي رتب بطلانا قانونيا كجزاء على خرق إجراءات التحقيق الإعدادي الضامنة لحقوق الدفاع للمتهم، حيث رتب على مخالفة مقتضيات المادة (134،135) المنظمتين للحضور الأولي للاستنطاق و المادة (39) المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات والمواجهات والمواد 59 و 60 و 62 و 101 المنظمة للتفتيشات، بطلان الإجراءات المعيبة والإجراءات الموالية له.
أما في القانون العماني فنجد أن البطلان يتنوع وفقاً للمصلحة المحمية، فقد يكون بطلان مطلق وهو الذي نص عليه في المادة ( 209) من قانون الإجراءات الجزائية، حيث ذكر حالات منه على سبيل المثال لا الحصر، كعدم مراعاة أحكام تشكيل المحاكم، أو اختصاصها أو غير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام[38]، ويتميز هذا النوع من البطلان بجواز التمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية، كما أن المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى طلب الخصوم، ويجوز التمسك به من قبل أي خصم دون اشتراط وجود المصلحة كشرط للدفع، إضافة إلى عدم قابليته للتصحيح برضاء الخصم الذي وقع عليه الإجراء الباطل[39].
أما النوع الثاني فهو البطلان النسبي، وهو كل ما لم يعده القانون بطلاناً مطلقاً، أي المرتبط بمخالفة القواعد غير المرتبطة بالنظام العام، ويختلف عن البطلان المطلق ضرورة الدفع به أمام محكمة الموضوع، كما لا يجوز أن تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، ولا يجوز التمسك به إلا من قبل الخصم صاحب المصلحة فيه، ويمكن أن يُصحح عن طريق رضاء الشخص الذي وقع عليه الإجراء الباطل[40].
وهنا نتساءل هل استعمال التعذيب والوسائل الأخرى غير المشروعة أو عدم تنبيه المتهم لحقه في الصمت، يترتب عليه البطلان المطلق أم البطلان النسبي؟
لقد تبنى المشرع العماني مذهب البطلان الذاتي، والذي يمنح القاضي سلطة تقديرية في تحديد الإجراءات التي يترتب على مخالفتها البطلان، والمتعلقة بأي إجراء جوهري[41]،ويعاب على هذا المذهب عدم وضع معيار واضح للقاضي يميز من خلاله بين القواعد الجوهرية والقواعد غير الجوهرية مما يؤدي إلى صعوبة استعمال سلطته التقديرية في البطلان[42].
في نفس السياق نجد أن القضاء الفرنسي استقر في توضيح الإجراء الجوهري وهو المترتب على عدم مراعاة إدارة العدالة واحترام حقوق الدفاع، كما أوضحت المذكرة الإيضاحية المصرية لقانون الإجراءات الجنائية إلى ما يجب أن يستعين به القاضي في تحديد الإجراء الجوهري وهو الرجوع إلى عله التشريع، فإذا كان الغرض منه المحافظة على مصلحة عامة للمتهم أو غيره من الخصوم فإنه يكون جوهرياً ويترتب على عدم مراعاته البطلان، أما إذا وضع الإجراء لمجرد الإرشاد والتوجيه فلا يعتبر الإجراء جوهري[43].
أما المشرع المغربي فقد اخذ بالبطلان الجوهري في المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية[44] وذلك عند خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع ، كما أن هذا البطلان لا يتقرر إلا من طرف الجهات المخولة لها ذلك أثناء التمسك به ممن له مصلحة في ذلك.
نستنتج مما سبق أنه في حالة وقوع المخالفة للإجراءات الجوهرية المتعلقة بحقوق الدفاع ومن أهمها حق الدفاع في الصمت، يؤدي إلى وقوع البطلان، والذي يترتب عليه بطلان الإجراءات اللاحقة عليه، إذ نصت المادة (213) من قانون الإجراءات الجزائية على ” إذا تقرر بطلان أي إجراء فإنه يمتد إلى جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة، ويلزم إعادة الإجراء كلما أمكن ذلك”، والتي تؤكد على أن البطلان يترتب عليه بطلان الإجراءات اللاحقة له بشرط أن يكون مترتب عليه مباشرة.
وقد أكد القضاء العماني على هذا المبدأ، حيث جاء في أحد أحكام المحكمة العليا ” … وعن بطلان الاعترافات المنسوبة للمتهم الأول “الطاعن”، بتحقيقات الشرطة لصدورها نتيجة إكراه، فلم يثبت من أي تقارير طبية أن المتهم قد تعرض للضرر والتعذيب…، فإن حكمها يكون قاصراً لا سيما وأن الأوراق قد خلت مما يفيد أن المحكمة نفسها أمرت بندب طبيب لإجراء خبرة طبية بقصد التعرف على أسباب الخدوش العالقة بإحدى عيني الطاعن، والتي تمت معاينتها عليه من قبل الشاهد الرابع للقول بأن الإكراه لم يثبت من أي تقارير طبية، … ولما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون ومشوباً بعيب القصور المبطل في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، مما يوجب نقضه[45].
ويرى بعض الفقه، أن بطلان الاستجواب نتيجة استخدام التعذيب مع المتهم لا يقتصر آثره على سقوط الدليل المستمد منه مباشره كالاعتراف، بل أنه يؤثر في سلامة التحقيق ذاته، لأن وظيفته الرئيسية هي تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه، وتعطيل هذه الوظيفة يؤثر على حيادية التحقيق، كما أن الاستجواب يعتبر في قضايا الجنايات شرط من شروط صحة التحقيق[46].
الجدير بالذكر أن المشرع جعل الحق في الدفع ببطلان الإجراءات يسقط في حاله وقع برضاء المتهم في المخالفات، وعدم اعتراض محامي المتهم الذي وقع الإجراء الباطل بحضوره في الجنايات والجنح، حيث جاء في المادة ( 210) من قانون الإجراءات الجزائية لتؤكد على ذلك والتي جاء فيها ” في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة (٢٠٩) من هذا القانون، يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه، ويعتبر الإجراء صحيحا في المخالفات إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محام في الجلسة، ويسقط حق الادعاء العام في التمسك بالبطلان إذا لم يبده في حينه”.
وكذلك الأمر في التشريع المغربي الذي سار على نفس الاتجاه حسب ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية بقولها “يمكن لكل متهم أو طرف مدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، ويجب أن يكون التنازل صريحا، ولا يقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه أو بعد استدعائه قانونيا”.
لذلك نرى حتى وإن كان التنصيص على جزاء البطلان يشكل ضمانة كبرى لحماية حقوق المتهم في مواجهة سلطات البحث والتحقيق، إلا أنه يبقى محل نظر بسبب عدم اعتبار البطلان من النظام العام، وذلك لكون المشرع جعل إمكانية التنازل عنه من قبل الأطراف التي لها حق إثارته.
الفرع الثاني: بطلان الدليل نتيجة الاعتداء على الحق في الصمت
القاعدة هي استبعاد الأدلة التي تنتج عن الاعتداء على الحق في الصمت استبعاداً تبعياً، حيث يترتب بطلان الدليل التبعي على بطلان الإجراء الأصلي، ولا شك أن الضمانات الدستورية والقانونية التي تقررت لحماية حقوق الأشخاص، لا جدوى منها إذا لم يخول القضاة سلطة استبعاد الدليل المتحصل عليه بالوسائل غير المشروعة[47]، وإذا تم قبول الأدلة المتحصلة بناء على إجراءات باطلة فمن شأنه أن يغري السلطات المختصة بالاستدلال والتحقيق على اللجوء إليها وإهدار الضمانات الدستورية للأفراد.
وقد أكد على ذلك المشرع العماني في المادة (213) من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها” إذا تقرر بطلان أي إجراء فإنه يمتد إلى جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة، ويلزم إعادة الإجراء كلما أمكن ذلك”، والتي تفيد بأن البطلان كجزاء إجرائي ينال إلى الأعمال التي تترتب على الإجراء الباطل وترتبط به مباشرة، أما الإجراءات التي بوشرت مستقلة عن الإجراء الباطل سواء كانت سابقة عنه أو لاحقة به، فلا يمتد إليها البطلان[48].
وفي ذات السياق إذا تم الاعتداء على حق المتهم بالصمت والذي ترتب عليه الاعتراف، فإنه يؤدي إلى بطلان ذلك الاعتراف، وقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية على أن “… بطلان الاعتراف لصدوره وليد إكراه لازمه عدم التعويل عليه في الإدانة ولو كان الدليل الناتج عنه صادقاً…”[49]، ومحكمة الموضوع هي التي تقدر قيمة الاعتراف الصادر من المتهم على آثر الإجراء الباطل، دون معقب عليها من قبل المحكمة العليا.
الجدير بالذكر أنه جرى العمل في المحاكم أن المتهم في بداية الجلسة المخصصة لسماع الدليل، يبدأ بعرض طلبه الذي يقضي باستبعاد الأدلة التي نجمت على الاعتداء على حقه في الصمت والأسانيد التي تدعمه، فإذا نجح في إقناع المحكمة بوقوع الاعتداء على حقه في الصمت يبطل الاستجواب وكذلك الاعتراف المبني عليه، أما إذا فشل في ذلك فإن طلب الاستبعاد يقابل بالرفض.
إضافة إلى ذلك، الوقت الذي يجب فيه تقديم الدفع ببطلان الأدلة المتحصلة من خلال الاعتداء على الحق في الصمت يختلف تبعاً لنوعه، فإذا كان مرتبط بمصلحة المتهم يجب الدفع به أمام محكمة الموضوع، ويسقط حقه في حال حصل الإجراء الباطل بحضور محامي المتهم دون اعتراض منه في الجنايات والجنح، وعدم اعتراض المتهم في المخالفات، أما إذا كان بطلان الدليل يتعلق بالنظام العام فيجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى[50].
الخاتمة:
تبين من خلال بحثنا أن حق المتهم في الصمت يعتبر ضمانة قوية للمحاكمة العادلة، فبين سلطة الاتهام الحامية لحق الدولة في توقيع العقاب، و بين قداسة مبدأ الأصل في الإنسان البراءة، تبرز حقوق الدفاع عامة و حق الصمت خاصة، إلا أن هذا الحق تعترضه العديد من العقبات التي يظهر صداها في غموض نصوصه القانونية، هذا إن وجدت تلك النصوص التي تنص عليه، ففي حين نص على هذا الحق بشكل صريح في القانون العماني إلا أنه لم بذلك الوضوح في القانون المغربي، وقد حاولنا تبيان حق المتهم في الصمت من وجهة النظر القانونية والقضائية والفقهية، وقد توصلنا للعديد من النتائج والتوصيات نوردها على الشكل التالي.
النتائج:
- تتنوع أسباب صمت المتهم وتتنوع دوافعه، فقد يكون سبب الصمت طبيعي كالأبكم والأصم، وقد يكون متعمد من طرف المتهم.
- نص المشرع العماني على الحق في الصمت بشكل صريح في المادة ( 188) من قانون الإجراءات الجزائية والمرتبطة بمرحلة المحاكمة، على عكس التشريع المغربي الذي لم نجد فيه نصاً صريحاً بحق المتهم في الصمت في مرحلة المحاكمة.
- حق المتهم في الصمت يعتبر حق له وليس منحة أو رخصة حسب الرأي الفقهي الراجح.
- لا يجوز أن يفسر سكوت المتهم وعدم رده على الأسئلة بأنه اعتراف منه، كما يجب على المحكمة أن تنبه المتهم بأنه غير مجبر على الكلام
- إذا كان الاستئناف مقدم من المتهم فلا يجوز له الاستمرار في الصمت لأنه يجب عليه أن يبدي استئنافه ويقدم أسباب الاستئناف وطلباته.
- خرق حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح في مرحلة المحاكمة، يستتبع بطلان إجراءات اللاحقة بهذه المرحلة تطبيقا للقاعدة الفقهية ” ما بني على باطل فهو باطل “.
- يترتب على الاعتداء على حق المتهم في الصمت جزاءات عديدة، قد تكون عقوبات جزائية، أو مدنية، أو جزاء إجرائي المتمثل في البطلان.
التوصيات:
- ضرورة النص صراحة في صلب قانون المسطرة الجنائية المغربي على حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح في جميع مراحل الدعوى العمومية، فإذا كان هذا الحق يستفيد منه المشتبه فيه، فمن باب أولى أن يستفيد منه المتهم، مع ضرورة النص على تنبيه المتهم بحقه في الصمت كالتزام يقع على عاتق الضابطة القضائية، النيابة العامة، قضاة التحقيق، و قضاة الحكم.
- نناشد المشرعين العماني والمغربي على تشديد العقوبات الخاصة بالموظفين العموميين في حالة ارتكابهم التعذيب أو الإكراه ضد المتهم لحمله على الكلام وعدم احترام حقه في الصمت
- نوصي المشرعين العماني والمغربي على السماح بمخاصمة القضاء في حالة خرق أحكام حق المتهم في الصمت باعتباره يدخل ضمن الأخطاء التي لا يجب على القاضي أن يقع فيها.
- نناشد المشرعين العماني والمغربي على إقرار البطلان المطلق في حالة خرق قواعد حق المتهم في الصمت أو إجباره على الكلام، باعتباره مرتبط بالنظام العام.
المراجع:
- احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة السابعة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996.
- أحمد عوض بلال، قاعدة استبعاد الأدلة المتحصلة بطرق غير مشروعة في الإجراءات الجنائية المقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993.
- أحمد مليجي، موسوعة التعليق على قانون الإجراءات المدنية والتجارية بآراء الفقه وأحكام المحكمة العليا العمانية، الجزء الثالث، دار العلم والايمان، مسقط،2008.
- أحمد فتحي سرور، الوسيط في لقانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة، القاهرة 1996.
- أيوب الدهدوه ،الحق في الصمت دراسة مقارنة – مجلة منازعات الأعمال – العدد 58 اكتوبر 2020
- توفيق الشناوي، بطلان التحقيق الابتدائي بسبب التعذيب والإكراه الواقع على المتهم، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الأول، مارس 1951،
- خالد رمضان سلطان، الحق في الصمت أثناء التحقيقات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 20119.
- عبد الحميد الشواربي، البطلان الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية،1990.
- عبد الوهاب حومد، المسؤولية الناشئة عن السير المعيب لأجهزة العدالة الجزائية، جامعة الكويت، مجلة الحقوق، ديسمبر 2014، إصدار خاص.
- عبد الرؤوف مهدي، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، دون دار نشر، 2003.
- عبد الحميد الشواربي، البطلان الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990.
- غادة الراشدية، مسؤولية الدولة في حالة مخاصمة القضاة، المجلة الإلكترونية الشاملة، العدد 26، شهر 7،2020.
- مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، الجزء الأول، دار الفكر العربي، القاهرة، 1988،
- محمد رضا النمر، مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاء، دراسة تحليلية مقارنة، في النظام القضائي المصري والإسلامي، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة 2010.
- مدحت الحسيني، البطلان في المواد الجنائية، دار المطبوعات، القاهرة، 2006.
- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1982.
- محمد مشيرح، حق المتهم في الامتناع عن التصريح، رسالة غير منشورة لنيل شهادة الماجستير فرع القانون العام، نوقشت بكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة منثوري قسنطينة، الجزائر السنة الجامعية 2008-2009
- محمد الجيراري الحق في الصمت أثناء البحث التمهيدي التلبسي ،مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية 01 سبتمبر 2021
- محمد سليم العوا، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف الطبعة الثانية ، القاهرة، 2006.
- نزار حمدي قشطة، أحمد البرواني، الوجيز في شرح قانون الجزاء العماني، الجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة، الجرائم المخلة بالثقة العامة، الأجيال، سلطنة عمان، 2020.
[1] – محمد مشيرح، حق المتهم في الامتناع عن التصريح، رسالة غير منشورة لنيل شهادة الماجستير فرع القانون العام، نوقشت بكلية ، الحقوق والعلوم السياسية، جامعة منثوري قسنطينة، الجزائر السنة الجامعية 2008-2009 ص: 19.
[2] – لسان العرب، فصل الصاد المهملة-مادة صمت-2/54
[3] – حسيبة محي الدين، ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2011، ص:303.
[4] – عمر فخري الحديثي، حق المتهم في محاكمة عادلة، دار الثقافة للنشر، الأردن، 1995، ص: 165.
[5] – محمد الجيراري أستاذ باحث كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الجديدة، الحق في الصمت أثناء البحث التمهيدي التلبسي ،مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية 01 سبتمبر 2021، ص:3.
[6]– محمد سليم العوا، في أصول النظام الجنائي الإسلامي، دار المعارف، الطبعة الثانية ، القاهرة 2006،ص 50.
[7] – نصت المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية المغربي، رقم 22.1 المعدل : “كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة، يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية”.
[8] – أنيس المحلاوي، نطاق حق المتهم في الصمت خلال مرحل الدعوى الجنائية، دراسة مقارنة، مقال منشور في مجلة حوليات كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات، الإسكندرية، المجلد الأول، العدد 33، دون سنة نشر، ص: 25.
[9] – المرجع السابق، ص: 26.
[10] – عدلي خليل، اعتراف المتهم، دار النهضة العربية، القاهرة، 1991، ص: 132
[11] – رمسيس بهنام، علم النفس القضائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1979، ص: 61.
[12] – عدلي خليل، مرجع سابق، ص: 132.
[13] – أنيس المحلاوي، مرجع سابق، ص: 37 وما بعدها، حسام الدين أحمد، حق المتهم في الصمت، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص: 43.
[14]– من قانون الإجراءات الجزائية العماني الصادر بالمرسوم 99/97، وتعديلاته، التي جاء فيها ” لا يجوز تحليف المتهم اليمين ولا إكراهه أو إغراؤه على الإجابة أو إبداء أقوال معينة بأية وسيلة من الوسائل.
ولا يفسر سكوت المتهم أو امتناعه عن الإجابة بأنه إقرار بشيء، ولا يجوز أن يعاقب على شهادة الزور بالنسبة إلى الأقوال التي ينفي بها التهمة عن نفسه”
[15]– خالد سلطان، الحق في الصمت أثناء التحقيقات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة،2019.، ص: 218.
[16] – محمد حماد مرهج الهيتي أصول البحث و التحقيق الجنائي –دار الكتب القانونية – دار الشتات للنشر و البرمجيات – مصر 2007 ص 207
[17] – أيوب الدهدوه ،الحق في الصمت دراسة مقارنة – مجلة منازعات الأعمال – المغرب، العدد 58 أكتوبر 2020 ص: 21.
[18] – المادة 21 يمارسون السلطات المخولة لهم بمقتضى الباب الأول من القسم الثاني من الكتاب الأول الآتي بعده في حالة التلبس بجناية أو جنحة
يتعين عليهم الاستعانة بمترجم، إذا كان الشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة لا يحسنها ضابط الشرطة القضائية، أو يستعينون بكل شخص يحسن التخاطب مع المعني بالأمر إذا كان أصما أو أبكما، ويشار إلى هوية المترجم أو الشخص المستعان به بالمحضر ويمضي عليه.
[19]– المادة 318 يأمر الرئيس بإحضار المتهم.
إذا كان هذا الأخير يتكلم لغة أو لهجة أو لسانا يصعب فهمه على القضاة أو على الأطراف أو الشهود، أو إذا اقتضت الضرورة ترجمة مستند أدلي به للمناقشة، عين الرئيس تلقائيا ترجماناً، وإلا ترتب عن الإخلال بذلك البطلان، وتطبق على الترجمان مقتضيات المادة 120.
يمكن للمتهم أو للنيابة العامة أو الطرف المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية أن يجرحوا الترجمان وقت تعيينه مع بيان موجب تجريحه، وتبت المحكمة في هذا الطلب بمقرر غير قابل لأي طعن.
إذا كان المتهم أصما أو أبكما، تعين تغيير سير المناقشات على نحو يمكنه من تتبعها بصورة مجدية، وتراعى في ذلك أحكام المادة121 أعلاه.
[20]– المادة 322 من قانون المسطرة الجنائية المغربي ” يمكن للنيابة العامة وللأطراف أو لمحاميهم أن يلقوا أسئلة على المتهم بواسطة الرئيس أو بإذن منه، وكذا الشأن بالنسبة للقضاة في هيئات القضاء الجماعي. إذا امتنع الرئيس من إلقاء سؤال وطرأ بشأنه نزاع عارض، بتت فيه المحكمة.
[21]– التي جاء فيها ” إذا وجدت المحكمة أن الاستئناف مقبول شكلا تسمع أقوال المستأنف وطلباته ثم يتكلم بعد ذلك باقي الخصوم ويكون المحكوم عليه آخر من يتكلم”.
[22] – التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 26/6/1987، حيث نصت المادة 1 لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد ” بالتعذيب” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ،جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف ،أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه ،هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
[23] – ثروت حبيب، القسوة كسبب للتطليق في القانون الإنجليزي، بحث منشور في مجلة الاقتصاد والقانون، العدد 36، المجلد 2، القاهرة، 1966، ص: 258.
[24] – للمزيد نزار حمدي قشطة، أحمد البرواني، الوجيز في شرح قانون الجزاء العماني، الجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة، الجرائم المخلة بالثقة العامة، الأجيال، سلطنة عمان، 2020، ص: 173 وما بعدها.
[25] – نزار قشطة، د أحمد البرواني، مرجع سابق، ص: 177.
[26] – الصادر بظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نوفمبر ، وتعديلاته،1962 الفصل 231 من القانون الجنائي المغربي كل قاض أو موظف عمومي، أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يستعمل أثناء قيامه بوظيفته أو بسبب قيامه بها، العنف ضد الأشخاص أو يأمر باستعماله بدون مبرر شرعي، يعاقب على هذا العنف، على حسب خطورته، طبقا لأحكام الفصول 401 إلى 403 مع تشديد العقوبات على النحو الآتي:
إذا كانت الجريمة جنحة ضبطية أو تأديبية، فإن العقوبة تكون ضعف العقوبة المقررة لتلك الجنحة؛
إذا كانت جناية معاقبا عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى خمس عشرة سنة؛
إذا كانت جناية معاقبا عليها بالسجن من عشر إلى عشرين سنة فإن العقوبة تكون من عشرين إلى ثلاثين سنة
[27]– أحمد عوض بلال، قاعدة استبعاد الأدلة المتحصلة بطرق غير مشروعة في الإجراءات الجنائية المقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص: 418.
[28] – للمزيد أنظر عبد الوهاب حومد، المسؤولية الناشئة عن السير المعيب لأجهزة العدالة الجزائية، جامعة الكويت، مجلة الحقوق، ديسمبر 2014، إصدار خاص، ص: 99، 100.
[29]– أحمد مليجي، موسوعة التعليق على قانون الإجراءات المدنية والتجارية بآراء الفقه وأحكام المحكمة العليا العمانية، الجزء الثالث، دار العلم والأيمان، سلطنة عمان، ،2008 ، ص: 669.
[30]– عبد الوهاب حومد، المرجع السابق، ص: 94.
[31]– محمد رضا النمر، مسؤولية الدولة عن أخطاء القضاء، دراسة تحليلية مقارنة، في النظام القضائي المصري والإسلامي، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2010، ص: 137
[32]– ورد ذكره في غادة الراشدية، مسؤولية الدولة في حالة مخاصمة القضاة، المجلة الإلكترونية الشاملة، العدد 26، شهر 7،2020، ص: 11.
[33]– خالد سلطان، مرجع سابق، ص: 278.
[34]– حيث جاء فيه ” تكون مساءلة القضاة بجميع درجاتهم من اختصاص مجلس مساءلة يشكل برئاسة رئيس المحكمة العليا وعضوية أقدم أربعة من نوابه، وفي حالة غياب الرئيس أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نوابه، وفي حالة غياب أحد الأعضاء أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نواب الرئيس فقضاة المحكمة”.
[35]– مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار الفكر العربي، القاهرة، الجزء الثاني، 1988، ص: 340.
[36]– عبد الرؤوف مهدي، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، دون دار نشر، 2003، ص: 136.
[37] – المادة 210 من قانون المسطرة الجنائية : يجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و135 من هذا القانون المنظمتين للحضور الأول للاستنطاق والمادة 139 المتعلقة بحضور المحامي أثناء الاستنطاقات والمواجهات، والمواد 59 و60 و62 و101 المنظمة للتفتيشات، وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له، مع مراعاة تقدير مدى هذا البطلان وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة .211
[38]– التي جاء فيها ” إذا كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولاية الحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة أو غير ذلك مما يتعلق بالنظام العام، جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، وتقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها”.
[39]– خالد سلطتن، مرجع سابق، ص: 281.
[40]للمزيد، عبد الحميد الشواربي، البطلان الجنائي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص: 40 وما بعدها، مدحت الحسيني، البطلان في المواد الجنائية، دار المطبوعات، 2006، ص: 116.
[41]– وهو ما أكد عليه المشرع في المادة (208) من قانون الإجراءات الجزائية بالنص على ” يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري”.
[42]– محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1982، ص: 361.
[43]– راجع أحمد فتحي سرور، الوسيط في لقانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996، ص: 287.
[44] – المادة 212 : يترتب كذلك البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية للمسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الأطراف. يمكن لكل متهم أو طرف مدني أن يتنازل عن ادعاء البطلان المقرر لفائدته، ويجب أن يكون هذا التنازل صريحا، ولا يقبل تنازل المتهم إلا بحضور محاميه ، أو بعد استدعائه قانونياً.
[45] – المحكمة العليا، الطعن رقم 463/2017، 464/2017/465/2017، جلسة الثلاثاء 14/11/2017، منشور في مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا، للسنتين القضائيتين 17/18، مسقط، ص: 284.
[46]– توفيق الشناوي، بطلان التحقيق الابتدائي بسبب التعذيب والإكراه الواقع على المتهم، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الأول، مارس 1951، ص:253.
[47]– أحمد عوض بلال، مرجع سابق، ص: 122.
[48]– أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، ص: 315.
[49]– نقض 15/12/1998، رقم 1465، س 65، ص: 1465، ورد ذكره في خالد سلطان، مرجع سابق: ص: 307.
[50]– أحمد فتحي سرور، مرجع سابق، ص: 352.