وظـائـف الاستعارة قراءة في المشروع البلاغي للدكتور محمد الولي
Metaphor functions Reading in the rhetoric project of dr. Mohammed El_wali
د.علي بوراس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب سايس، فاس، المغرب.
Ali Bouras, Sidi Mohammed ben Abdellah University, Faculty of Arts and Humanities in Sais, Fes, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 81 الصفحة 65.
Abstract:
This study focuses on the works of Dr. Mohammed El-Wali, a prominent figure in new rhetoric studies. It highlights the works of Dr. El-Wali and his contributions to the field, moreover, it introduces his project on rhetoric’s and his approach to the study of metaphor. El-Wali orientates his work to the study of new functions of metaphors and their added value to understanding discourse in its entirety.
The research concluded that Mohammed El-Wali’s study of metaphors had followed integrated paths. In addition to his interest in translation and authorship, El-Wali read ancient texts, deduced their major ideas, and analysed and criticized their content. Among the major results that the researcher was able to achieve is re-establishing the importance of metaphor in rhetoric and discourse. Furthermore, he founded his work based on a comprehensive conceptual study that clarified its aspects and revealed its differences from simile, analogy, and other literary devices.
The study concluded that metaphor plays several new functions such as suggestion, allusion, stimulation of innovation, language enrichment, etc. It can no longer be seen as a mere aesthetic and decorative device anymore, as traditional rhetoric defines it.
Keywords: New rhetoric, The functions of metaphor, Innovation, The Rhetorical figure, Simile.
الملخص:
يدرس هذا المقال جهود الدكتور محمد الولي البلاغية الذي يعتبر من أبرز علماء البلاغة الجديدة، ويقف عند مسارات التجديد في مشروعه البلاغي، ثم وجهة نظره في دراسة الاستعارة. ويركز أكثر على وظائف الاستعارة، وخاصة الوظائف الجديدة التي دافع عنها وعن قيمتها في فهم الخطاب بكل أنواعه.
وقد توصل البحث إلى أن جهود البلاغي محمد الولي اتخذت مسارات متكاملة، حيث قام بقراءة المتون القديمة، واستنبط منها مجموعة من الأفكار وحللها ونقدها، كما انشغل أيضا بالترجمة والتأليف. ومن بين النتائج التي بلغها هذا الباحث هو التمكن من إرجاع الاعتبار للاستعارة ولمكانتها في البلاغة وفي الخطاب، ثم أحاطها بدراسة مفهومية شاملة أوضحت جوانبها، وكشف أوجه اختلافها عن التشبيه والمجاز وغيرهما.
بالإضافة إلى هذا؛ أفضت الدراسة إلى أن الاستعارة تؤدي جملة من الوظائف الجديدة بعد أن اختزلتها البلاغة التقليدية في الوظيفة الجمالية التزيينية، من بينها الإيحاء والتلميح والتحفيز على الابتكار، وإغناء اللغة، وغيرها.
الكلمات المفتاحية: البلاغة الجديدة، وظائف الاستعارة، الابتكار، الصورة البلاغية، التشبيه.
مقدمة
يعد أستاذ البلاغة الجديدة محمد الولي باحثا بلاغيا مجددا وناقدا ومترجما، حيث بحث في الدرس البلاغي وقدم رؤية جديدة لقضاياه، ثم نقد التصورات التقليدية للبلاغة العربية مثل التصور السيميوطيقي وبلاغة المحسنات، وكشف عن مجموعة من الثغرات في العديد من الدراسات النقدية المرتبطة بالبلاغة. ثم ترجم مجموعة من الأعمال لعدد من الباحثين الرواد نذكر منهم: جون كوهن ومارسيلو داسكال ورومان جاكبسون وفرانسوا مورو وأورتيغا إي غاسيت وباتريك شارودو.
تهدف هذه المقالة إلى الكشف عن جزء مهم من هذه التراكمات البلاغية التي حققها الأستاذ محمد الولي، وهو الجزء المتعلق بالاستعارة، حيث سنحاول رصد أوجه التجديد التي طرحها هذا البلاغي بصدد قضاياها. ولكن قبل ذلك يلزمنا أن نؤطر هذه الجهود ضمن المسارات التي اتبعها في تجديد البلاغة العربية، كما يجرنا الحديث عن الاستعارة إلى التطرق لجهود محمد الولي في درسي البيان والصورة الشعرية كذلك، على اعتبار أن الاستعارة تشكل موضوعهما معا. من هذا المنطلق سنحاول الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما المسارات التي اتبعها محمد الولي في تجديد البلاغة العربية؟؛
- ما هي أبرز الأفكار الجديدة التي اقترحها في حل مشكلة حدود علم البيان والصورة الشعرية؟؛
- أية وظائف للاستعارة من منظور محمد الولي؟ وكيف تمكن من الكشف عنها؟.
- مسارات التجديد في البلاغة العربية
لقد اتخذ مشروع تحديث البلاغة عند أغلب الباحثين الجدد أمثال محمد العمري ومحمد الولي ومحمد مشبال وعماد عبد اللطيف وغيرهم، خمسة مسارات هي كالتالي[1]:
- المسار الأول: مراجعة جذور علم البلاغة، واستكشاف البلاغة الـمُهَمَّشَة وإعادتها للساحة البلاغية؛
- المسار الثاني: إعادة النظر في البلاغة المدروسة، ومراجعة أشكال التحليل البلاغي، والعمل على تخليق بلاغة الجمهور؛
- المسار الثالث: النظر في وظيفة علم البلاغة، والاهتمام بوظائفها الحياتية؛
- المسار الرابع: إعادة النظر في جمهور علم البلاغة، والسعي نحو تقريب البلاغة إلى القارئ وذلك بتبسيطها وتوضيح أفكارها….
- المسار الخامس: البحث في بلاغة الجمهور بدراسة الاستجابات الجماهيرية، كالتصفيق والهتافات، في الفضاءات العامة والافتراضية.
تتمحور جهود محمد الولي في تجديد البلاغة العربية حول المسارات الثلاثة الأولى، حيث ساهم في مراجعة جذور البلاغة، كما فعل في قراءته للإرث البلاغي الأرسطي والعربي القديم، كما تقاسم مع مجموعة من الباحثين همَّ مراجعة أشكال التحليل البلاغي القديم والحديث، ويتجلى ذلك بوضوح في كتابه “الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي” وقد قام فيه بـ:
- “محاولة رصد المفاهيم المستعملة وضبط حظها من الوضوح، والاطراد، والنسقية، والانسجام والتناقض، والحشو والنقص.
- تعيين نوع العلاقة القائمة بين الجهاز المفاهيمي وبين الموضوع، […].
- الوقوف على أصول بعض المفاهيم المستخدم (خاصة عند المحدثين) والمقتبسة من ثقافات أخرى أو من علوم إنسانية تهتم بغير الأدب.
- محاولة وصف ظواهر بلاغية وصفا جديدا مخالفا للأوصاف المتوفرة في النصوص المدروسة”[2].
إلى جانب ذلك؛ أخذ الدكتور محمد الولي على عاتقه، مع ثلة من رفاقه البلاغيين المجدّدين، مهمة إعادة النظر في وظيفة البلاغة، وإعادة الوظائف الحياتية للبلاغة العربية، حيث إن المتتبع لأعماله سيجده دائما يلح على ضرورة النظر إلى القضايا البلاغية من منظور وظيفي وتداولي ومعرفي[3]، يقوم على فكرة فتح هذه القضايا في ضوء الحياة الاجتماعية. فالبلاغي محمد الولي لا يؤمن بقدرة علم واحد على معالجة كل قضايا الاستعارة؛ لذلك دعا إلى تقديم تعريف متكامل، وأشار إلى ضرورة الأخذ بناصية مجموعة من النظريات نذكر منها: النظريات الدلالية ونظرية الإحالة ونظرية أفعال اللغة ونظرية تأثيرات السياقين النصي والمقامي، (أي النظرية السياقية عند فيرث، والنظريات التداولية عموما)، ونظرية موسوعية تحيط بمعرفة العالم واعتقادات الذوات المتكلمة[4]، (وهي نظرية التلفظ). ويَعتبرُ انصهار هذه العلوم وغيرها سيُحدث ثورة في علم دراسة الصورة الشعرية.
- جهود محمد الولي في تجديد البلاغة العربية، الصورة والاستعارة نموذجين
لقد ركز البلاغي محمد الولي كثيرا على قضايا الصورة الشعرية وعلى الاستعارة بوجه التحديد، وساهم في إزالة الكثير من الضباب الذي كان يلُفّ هذين المفهومين. فمن جهة مفهوم “الصورة الشعرية” فقد صفاه من:
- التعميم: حيث كانت الصورة ترادف كل تجوز دلالي، وقال معلقا على نص لفرانسوا مورو: “هكذا إذن، تمثل الصورة أمامنا مرادفا لكل التجوز الدلالي، دالة على جنس يحتوي على كل الأنواع التصورية، إن هذا الفهم يعامل الاستعارة كما يعامل المجاز المرسل، والظاهر أن هذا الموقف لا يخلو من مجازفة خاصة إذا أدركنا أن المجاز المرسل كثيرا ما تلبس بلباس العرف”[5]. فالبلاغي محمد الولي يرى أن منزلة الاستعارة تعلو منزلة المجاز في المقومات البيانية، نظرا لما تتميز به، وبالنظر إلى حجم الأدوار التي تضطلع بها تركيبا ودلالةً. فأيد الطرح الذي يقصر الصورة على التشبيه والاستعارة والتمثيل والرمز؛ أي أنه يقصرها على صور المشابهة دون صور المجاورة[6].
- والذيوع، الذي كانت تعاني منه، ولأجل ذلك درس الصورة عند أرسطو وحركة السرياليين والبلاغيين المعاصرين؛ فأخذ بالطرح الذي يقصر الصورة على الأجناس التي تُبنى فيها العلاقة بين الطرفين على المشابهة وتم إقصاء الأجناس التي يقوم طرفاها على علاقة مجاورة كالمجاز المرسل، فأصبحت الصورة تشمل التشبيه والاستعارة والتمثيل والرمز. ثم توسع في البحث فرأى أن التمثيل والرمز يمكن إدراجهما في التشبيه أو الاستعارة. وبالتالي أحكم البلاغي الولي تحديد خصائص مفهوم الصورة، فحد من “”تسكعه” وتنقله من معانٍ مختلفة”[7].
- ثم حرر الصورة من القيود التي كانت تعاني منها، أولها “تضييقها على التشبيه والثاني هو تحويلها إلى حيلة أو صناعة ذهنية”[8]. وحدد سماتها المميزة.
وبعد دراسة مفصلة؛ توصل الباحث إلى فكرة مفادها الحفاظ في استعمالات الصورة بالاستعمال الدال على صور المشابهة، فقال: “لا نحتفظ من كل الاستعمالات المتقدمة لمصطلح الصورة إلا بالاستعمال الذي يقصرها على صورة المشابهة أي التشبيه والاستعارة منبهين إلى أن التمثيل والرمز ليسا إلا نوعين يمكن إدراجهما إما في التشبيه أو في الاستعارة، هذا الفهم يتفق مع ما سماه البلاغيون العرب المتقدمون التشبيه والاستعارة”[9].
أما من جهة الاستعارة؛ فلن يسمح لنا حجم هذه المقالة بالحديث عن كل الجهود التي قدمها الولي حول قضايا هذا الأسلوب، لذلك سنشير إلى بعض الأفكار الأساسية الجديدة التي طرحها البلاغي محمد الولي. وتعد الاستعارة القضية الأساس التي شغلت جل اهتماماته العلمية، بل إنها القضية التي أصابته بسهامها منذ ثمانينات القرن الماضي، وهذه أهم ما تتميز به دراساته للاستعارة:
- لقد بوّأ البيان المنزلة التي يستحقها بين فروع علم البلاغة، وحدد موضوعه، بقوله: “موضوع علم البيان هو الانتقال من معنى إلى معنى المعنى. هذا ما تدعوه البلاغة الغربية tropologie أو المجازية، أو علم المجاز. إلا أن هذا يطرح مشاكل عديدة هي التي سنتفرغ لمناقشتها”[10]. وأهم هذه المشاكل هو أن التحديد الذي قُدِّم للبيان لا يشمل التشبيه حيث لا يقوم على التغير الدلالي، فاقترح قائلا: “ينبغي إذن استبدال المنظور، أي إهمال مقياس التغير الدلالي حتى نتمكن من جديد، واحتراماً للملامح التمييزية المشتركة بين المقومين، من اكتشاف الآصرة العائلية بين هذين المقومين: التشبيه والاستعارة”[11].
- ثم عزز هذا الاقتراح بالإشارة إلى مبرر البلاغيين في إدراج التشبيه في دائرة البيان هو كونه أصل الاستعارة، وأنه يُدرس كتمهيد لها. فقدم مقترحا آخر: “فلو استبدلنا التحديدات المسبقة بالقول إن البيان لا يهتم بدراسة الانتقالات بين المعاني بل بدراسة الصورة Image. لا يعود البيان هو إذن علم المجاز tropologie بل يصبح علم الصورة”[12].
- أطر محمد الولي مجال اشتغال علم البيان وأمّن انسجام موضوعه، وحاول أن يرسم حدوده التي تفصله عن علم المعاني الذي لقي الحظوة الكبرى على حساب البيان إلى أن صار (حارة) ضمن امبراطوريته. حيث رأى أن “الربط بين المعاني والاستدلال وما بينهما من بيان وبديع وعلم الشعر الخ، وأن ينصب علم المعاني بوصفه صاحبَ الكلمة العليا على كل العلوم الآنفة، فهذا إنكار للدور التمييزي الذي يلعبه البيان، ليس في تزيين العبارة فحسب، بل في امتلاك الواقع والنفاذ إليه عبر مسالك لا تكون متاحة إلا له”[13].
- ثم قام بضبط فروع علم البيان ليحرره من الأجناس البلاغية التي لا تنسجم مع حدوده، باعتباره “الانتقال من معنى إلى معنى المعنى”، وذلك ليعطي للمقومات التي تقوم على المشابهة –خاصة الاستعارة- ما تستحقه من العناية والاهتمام، لكونها تناسب مجالات اشتغال علم البيان، ثم لينصف التشبيه والاستعارة في امبراطورية البلاغة العامة.
- أعاد الاعتبار لاستعارات لغة التواصل اليومي، واهتم بوظائفها الحياتية.
- كشف عن وجه الإفادة في الاستعارة التي كانت تبدو للجرجاني أنها غير مفيدة، وقد تمكن من ذلك حين احتكم إلى التعريف الذي قدمه الجرجاني نفسه للاستعارة، حيث يقسمها إلى نوعين: “في الأول تجعلُ الشيءَ الشيءَ ليس به، وفي الثاني تجعلُ للشيء الشيءَ ليس له”[14]. فأكد الأستاذ الولي على أن الاستعارة غير المفيدة (الاستعارة في اللفظ دون المعنى) هي كذلك تستطيع أن تؤدي وظائف الاستعارة المفيدة، كأن تضفي صفة جديدة على اسم معين، وأن تضيف معنى جديدا إلى اسم لم يكن له من قبل[15].
غير بعيد عما ذُكر؛ إن المتتبع لأعمال محمد الولي سيكتشف أنه لم يكن يخُّصّ الذين ألحقوا الأذى بالبلاغة بالدراسة والنقد فحسب، وإنما كان يعرج على أعمالهم، ويستشهد بأقوالهم كلما وجد ما يُبرر اضمحلال أطروحاتهم وأفكارهم ومناهجهم. لقد كان البلاغي محمد الولي عميقا وبليغا في جعلهم – والقراء أيضا- يسلّمون بأنهم لم ينهجوا جادة الصواب في الكثير مما كانوا يزعمون.
- وظائف الاستعارة في ضوء أعمال البلاغي محمد الولي
تعرضت الاستعارة منذ زمن ليس بقصير لإجحاف وسوء فهم كبيرين، إذ من المجحف أن تظل أسيرة المحسنات البلاغة، وأن يُختزل دورها في تزيين القول وزخرفته وتُعطل وظائفها اللغوية والتركيبية والحياتية كذلك، وأن يُنظر إليها “من وجهة نظر حجاجية، [كأنها] مجرد أداة خادعة معرقلة لكل عملية معرفية”[16]. من هذا المنطلق؛ أخذ مجموعة من الباحثين في البلاغة العربية على عاتقهم مهمة تجديد الدرس البلاغي العربي وتحريره من قيود بلاغة عصر الانحطاط والبلاغة التقليدية عموما، ويعد محمد الولي من هؤلاء الباحثين البارزين، حيث اهتم بقضايا التجديد في البلاغية العربية فنبغ فيها وناولها ما تسحقه من اهتمام وتقصٍ علميين. وتعد الاستعارة من أهم القضايا البلاغية التي شغلت بال الباحث الولي، وأخذت حيزا كبيرا من انشغالاته العلمية بحثًا وترجمةً ودراسةً ونقدًا.
وتضطلع الاستعارة بجملة من الوظائف يمكن تقسيمها إلى وظائف لغوية ووظائف تعليمية وأخرى تربوية ومعرفية. يتعلق الصنف الأول بمسألة إغناء اللغة وتقوية قدراتها التعبيرية والحجاجية، أما الصنف الثاني فيتجلى في قدرتها على تحفيز المتكلم والمتلقي على التفكير والتأويل، أما الوظائف التربوية والمعرفية فتتجلى في قدرتها على تعبئة الإحساس بالدهشة والابتكار والإمساك بما يتعذر الامساك به بغيرها، إلخ. سنحاول في هذا المحور الأخير من هذه المقالة الإحاطة ببعض الوظائف التي تقوم بها الاستعارة في علاقتها بكل من اللغة والمتكلم –سواء كان شاعرا أو كاتبا- والمتلقي أيضا، وذلك انطلاقا من أعمال الباحث محمد الولي.
- الابتكار والتعبير عن الابتكار
عبر محمد الولي عن هذه الوظيفة الاستعارية بأسلوب غير مباشر، يمكن اقتناصه من النص التالي: “لقد رفع أرسطو شأن الاستعارة ووضعها فوق كل المقومات اللغوية. إنه لا يتحدث عن الاستعارة في صيغة فعل. أي إن الفعل الذي يقوم به الشاعر وهو يعمد إلى الاستعارة لا يصدر عن التعلم والاستفادة من الآخرين؛ إنها عطاء الموهبة. وبطبيعة الحال فلو كانت الاستعارة وليدة التعلم ومحاكاة الآخرين لما كانت تعبيرا عن الابتكار. لا يمكن الابتكار بالمحاكاة. الابتكار وثبة فردية خيالية وخلاقة. هذه الوثبة الخلاقة تستند على اقتناص المشابهات. هذا الاقتناص للمشابهات لا يعلَّم ولا يُلقَّن. إنه موهبة فطرية”[17].
ليس من السهل أن يدفع الشاعر أو الكاتب الاستعارةَ لتبلغ هذه الوظيفة الكبرى؛ لأنها لا تنقاد بسهولة ولا تُتعلم ولا تُلقن، وإنما هي موهبة فطرية، لأنها استعارة تُبنى على الابتكار والتوليد وليس على المحاكاة. لذلك فحينما تصدر عن فطرة وموهبة لا شك ستبتكر معاني وتراكيب جديدة.
وقد ألح الولي على هذه الوظيفة؛ بل جعلها هي علة وجود الاستعارة والمقومات البيانية عموما، إذ قال: “هي هذه إذن علة وجود المقومات البيانية التصويرية. إنها ابتكار معان جديدة ونفاذٌ إلى الأشياء التي يتعذر النفاذ إليها بلغة حرفية أحادية المعنى. فلأن الواقع ذو هوية وجودية متعددة، فإن الصورة بوصفها حزمة معاني هي وحدها المؤهلة للإمساك به حينما تعجز المفاهيم عن اجتراح ذلك. إن الواقع الإنساني يتسيج وراء أسوار تجعل اللغة النثرية والمفهومية تعود خائبة في كل مرة تحاول اختراقه. هذا الواقع الإنساني المستعصي على النثر لا تفتح أبوابه إلا للاستعارة”[18].
إلى جانب هذا؛ تعد هذه الوظيفة من أهم ما يميز الاستعارة عن باقي المقومات البيانية الأخرى، فالمجاز المرسل مثلا، والذي طرده الباحث محمد الولي من امبراطورية الصورة الشعرية، لا يستطيع أن يبتكر معنى جديدا، لأنه يقوم في أصله على العرف، ثم إنه “لا يقطع إلا المسالك المُعبدة، في حين أن ديدن الاستعارة هو إتاحة فرص لا نهائية لإشعال فتائل المفاجآت الابتكارية أو “التغريبية”، حسب عبارة فكتور شْلوفسكي، أو “التعجيبية” حسب عبارة حازم القرطاجني أو “المادة المتفجرة” حسب بشلار”[19].
على الرغم مما ذُكر؛ إن مصير معظم الاستعارات التي تؤدي هذه الوظيفة، خصوصا في الخطاب العلمي – والتي يسميها محمد الولي “الاستعارات الضرورية”، ويقابلها بالاستعارات الملازمة للممارسة الشعرية – هو الزوال ثم الموت؛ “إنها استعارات ميتة” بعبارته، وقد قدم مجموعة من الأمثلة على ذلك نذكر منها “ابط الوادي”، “جناح البناية”، “أرجل الكرسي”، “رأس السنة”، “ظهر الكتاب”، “جذع الشجرة”، “ذراع الكرسي”، “عيون النهر”، “النقد” إلخ. لنقف عند مثال واحد فقط، وهو استعمال كلمة “القران” للتعبير عن معنى الزواج، فهذه الكلمة تدل في أصلها (الوضع) على ربط دابة بأخرى لجر المحراث أو العربة، ولكنها لم تعد تعبر عن هذا، ولم نعد نحس أثناء استعمالها بملمحها الاستعاري؛ “لقد نسينا المعنى الأصلي لهذه الكلمة. لقد تلاشى واختفى، ولم يعد له حضور إلا بهذه الاستنطاقات لذكريات الكلمة التي كادت تتوارى عن الأنظار في عين المتحدث العادي”[20]، ولكنها صارت تشكل إرثا معجميا وثقافيا للغة، ويتحقق هذا بعد أن يخمد النزاع بين المستعار والمستعار له حول ملكية المعنى ويصل إلى درجة الوهن فتضمحل الاستعارة وتختفي نهائيا وتموت، وتدخل في خانة المعهود من الثقافة والعرف[21]؛ أي أن دلالتها تصير حقيقية.
يمكن القول إن الاستعارات التي تؤدي هذه الوظيفة اللغوية والمعرفية في آن، هي استعارات “كريمة ونبيلة” ومفيدة؛ تغني اللغة وتسد فراغاتها، ثم تختفي وتموت وتُدفن في مقبرتها وهي المعجم بعبارة جان مولينو، فتصبح معانيها الاستعارية معاني حقيقية كأن لم يسبق لها أن استُعيرت قط. إنها تشبه قطعة سكر وهي تترك أثرها، حلاوتها، في كأس من خمرة الصالحين، ثم تختفي دون أن يشعر بها أحد كأنها لم تكن هناك.
2.3. توليد تراكيب ومعان جديدة
تستطيع الاستعارة أن تغني رصيد لغة ما بتراكيب ومعانٍ جديدة، من حيث كونها تعرض تراكيب لغوية غير موجودة سلفا حينما تُحدثُ علاقات إسنادية جديدة، كما تنسب معنى جديدا إلى تركيب أو كلمة لم يكن لهما في السابق، وبالمثال يتضح الإشكال، إذ “نجد في عبارة “شيخوخة النهار” تلوينا شيخوخيًا للنهار، وتلوينًا نهاريًا للشيخوخة. المعنى الاستعاري هو الحاصل عن هذا التفاعل بين الطرفين، هو إذن معنى جديد، ولا علاقة له بمعنى الطرفين المستقلين أحدهما عن الآخر. وبما أن المعنى جديد، وليس سابقَ الوجود، ومتولِّدٌ عن التحقق الاستعاري الإسنادي، فقد انتفى عنه ملمحا الزخرفية الترفية والبدلية. لأن “شيخوخة” اكتسبت في “شيخوخة النهار” معنى لم يكن لها خارج هذا السياق”[22].
يمكن القول من خلال هذا النص؛ إن التوليد الدلالي يبرز في الاستعارة بواسطة الانحراف عن السنن المعجمي وملء الكلمة بمعنى جديد. وبالتالي؛ فبفضل هذه الوظيفة الاستعارية يكتسب المفهوم شبابا أبديا، وسرمديا[23]. إلى جانب ذلك، وعلى ضوء هذه الوظيفة؛ نرى أن الأستاذ محمد الولي ينقد في هذا النص تصور البلاغة التقليدية والبلاغة الجديدة المتمثلة في أعمال جماعة مو، ويرى أنها “مصابة بمرض وراثي من بلاغة المحسنات […] ذلك المرض المتمثل في حصر الاستعارة في كلمة، وفي التزيين الزخرفي، وفي الإعاقة المعرفية حيث لا تفيد الاستعارة معنى جديدا وفي القصور عن مد البصر إلى ما وراء جدران النص”[24]. وبالتالي تم تقويضها والإحالة دون المعاني التي جاءت لتوليدها.
بهذا؛ إنه يحاول جاهدا أن ينزع عن الاستعارة تلك النظرة الاختزالية التي كرستها البلاغة التقليدية وبلاغة المحسناتّ، حيث كانتا تختزلان الاستعارة في الوظيفة الجمالية المتمثلة في تزيين النص وزخرفته، ويضيف في هذا الصدد؛ قائلا: “لهذا فكل استعارة هي إبداع خاص للموضوع. هناك من الحب بقدر ما هناك من استعارات له. لا وجود لحب كجوهر ثابت وأبدي. والواقع أن هذا هو بالتمام المظهر المعرفي للاستعارة. كل استعارة هي غارة معرفية على عالم الأشياء التي تقبل البوح بملمح من ملامح وجودها مع كل استعارة”[25].هذا وقد استثنى البلاغي محمد الولي في مقال لاحق، الاستعارات المبتذلة والشائعة التي يعرفها كل الناس، فقال: “فبسبب ابتذالها تفقد فعاليتها المعرفية. لا تفيدنا إلا بالمعنى المسجل في إنسيكْلوبيديتنا الجيبية. إن هذه الاستعارات المبتذلة نزاعة إلى تلقيننا معرفة ثابتة، بل واقعا متحجرا”[26]. ولهذا يؤكد الباحث محمد الولي القول إنه من الواجب على الشعراء تجديد استعاراتهم للأشياء باستمرار لتجديد رؤيتها واكتشاف مظاهر جديدة منها، مما يضمن لها أداء وظائفها الأساسية والضرورية في العلم والشعر.
إن الاستعارة عند البلاغي محمد الولي هي التي تزيح القشرة الروتينية عن الأشياء، وترينا شيئا آخر لا يرى بالعين النثرية. إنها الاستعارة التي تبدع عالما جديدا على أنقاض العالم القائم. إنها الاستعارة التي تفتح الدروب المغلقة في اللغة وتُزهر معانيها غير المدركة[27]. وتجدر الإشارة إلى أن الاستعارات بأنواعها تتباين من حيث قدرتها على أداء هذه الوظيفية والوظائف المعرفية عامة، حيث توصل البلاغي محمد الولي إلى أن أرسطو كان يلح على الاستعارة التناسبية لأن قدرتها على الإشارة إلى علاقات جديدة لا تضاهى[28].
- الوظيفة الحجاجية
بداية؛ يؤكد صاحب “محطات الاستعارة” أن نصف الحجج الصناعية هي استعارات، أو منتمية إلى نفس المنطقة الشاسعة الاستعارية، كما يلح كذلك على أن الاستعارات التي تؤدي هذه الوظيفة خصوصا في الخطابة ينبغي أن تقوم على أساسين هما الإفهام والوضوح المعرفي[29]. وقد توصل بعد دراسة مفصلة للاستعارة في “محطاته” إلى أنها “مقوم حجاجي بل برهاني أيضا في مجال الإنسانيات لا غنى عنه”[30].
ثم إن قيام الاستعارات على “تشابه العلاقات، لا المواد، هو ما يشدد وقوي إمكاناتها الإقناعية أو الحجاجية”[31]، وبالتالي هو ما يجعلها تتشبث أكثر بوظيفتها الحجاجية. وتزيد هذه الوظيفة تمظهرا بوجود ثلاث خصائص مميزة للاستعارة:
أولاها؛ أهليتها لإخفاء مظاهر الحقيقة (الواقع) أو إبرازها، حسب ما يرغب فيه المتكلم أو المستمع، وهو ما يدفعنا للقول إن لها وظيفة حجاجية، كما يذهب إلى ذلك جورج لايكوف (George Lakoff) ومارك جونسن.
وثانيها؛ سعيها الدائم نحو إثارة انفعال المتلقي وتعزيز ميوله التقييمي للأشياء، وقال محمد الولي في هذا الصدد: “وفي الخطاب السياسي نتحدث عن سرطان الشرق الأوسط وعن الظلامية وعن محور الشرِّ وعن فجر الحرية ونير الاستعمار […]. كل هذه الاستعارات تستخدم استخداما حجاجيا لأنها ليست قاصدة إلى مجرد الوصف البريء للظاهرة، بل إنها تسعى إلى الاستمالة أو الموافقة أو القبول حسب تعبير شايْمْ بيرلْمَانْ”[32].
ثالثها؛ قدرتها على تحقيق المتعة عندما تكون بليغة المعاني وحسنة الألفاظ، فتصبح المتعة جزءا من الوظيفة الحجاجية، “فليست المتعة هنا مطلوبة لذتها، بل إن لها غاية مدعِّمة للدور الحجاجي أو الخطابي”[33].
4.3. التحفيز على التفكير
تؤدي الاستعارة هذه الوظيفة عندما تتمكن من تشغيل فكر منتج الاستعارة ومتلقيها، فتشغل فكر الأول عبر محاولة تشكيل علاقات إسنادية غير مباشرة وغير حقيقية، وتوليد معانٍ غير مألوفة. وتُشَغِّل الكفاية الفكرية للمتلقي عند القيام بفك شفرات الواقعة الاستعارية التي تند عن النفاذ الفكري وتتمنع؛ لأن المعنى في الاستعارة لا يُعطى وإنما يُطلب. قال الدكتور محمد الولي مترجما نص أورتيجا أي جاسيت: “لكي توجد استعارة من الضروري أن تسترعي النظر إلى هذه الازدواجية، [المقصود الازدواجية الدلالية]. إننا نستعمل اسما بشكل غير حقيقي مع العلم أنه غير حقيقي. ولكن إذا لم يكن حقيقيا فلماذا نستعمله؟ لماذا لا نفضِّل تسميةً مباشرةً وحقيقية؟ فلو كان ذلك الشيء المسمى “عمق النفس” شيئا واضحا في ذاكرتنا مثل اللون الأحمر، فلا شك أننا سنكون متوفرين على اسم مباشر وخاصٍّ لتعيينه. ولكن الحالة هنا، هي أن هذه التسمية لا تكلفنا عناءً وحسب، بل يكلفنا ذاتَ العناء تفكيرُها. إننا بصدد واقعة تندّ عن نفاذنا الفكري. هنا نبدأ في تحفيز الاستعمال الثاني للاستعارة، وهو معنى أساسي وأعمق في المعرفة. إننا لا نحتاج إلى هذا المعنى لأجل أن نجعل، بواسطة اسم ما، فكرنا مفهوما عند الآخرين، وإنما نحتاج الاستعارة هنا بشكل لا مفر منها لأجل أن نفكر نحن بذاتنا بعضَ الأشياء المستعصية. فعلاوة على كون الاستعارة أداةَ تعبير فإنها أداة جوهرية للتفكير”[34]، كما أنها –بتعبير غاسيت- “أداة عقلية نتمكن بواسطتها من الإحاطة بما هو أبعد عن كفاءتنا المفهومية. فبواسطة ما هو أقرب وما نسيطر عليه نتمكن من الاتصال الذهني بما هو بعيد ومنفلت. الاستعارة إضافةٌ إلى ذراعنا العقلي وهي تمثل في المنطق قصبة الصيد أو البندقية”[35].
يُحفِّز التعبير الاستعاري تفكيرنا عندما يدفعنا لنفكر في الأشياء المستعصية وفي المجهول كذلك، وحينما نرغب في إنتاج استعارة جديدة أو تأويلها. قال مصطفى ناصف: “ليست الاستعارة عنصرا خارجيا على التفكير، وذلك لأننا نمضي في التفكير من غير المجهول إلى المجهول بأن نمد من حدود اصطلاح أليف إلى حقيقة أو موقف غير مألوف”[36].
وترتبط هذه الوظيفة الاستعارية بالخطاب العلمي أو الخطاب التواصلي وليس بالخطاب الشعري، وفي هذا الصدد نجد محمد الولي قد عقب على النص أعلاه قائلا: “إن هذا القول يبقى صحيحا إذا كان الأمر متعلقا بالخطاب العلمي أو الخطاب التواصلي. في هذه الحالة يمكن وصف الاستعارة بأنها “المخرج الوحيد لشيء لا ينال بغيرها” أو أنها “ليست عنصرا خارجيا عن التفكير”… إلخ. أما مع الشعر فإنه من الصعوبة وصف الاستعارة بهذه الأوصاف وربما كان صحيحا اعتبارها فاعلة في اتجاه معاكس لكل ذلك. إنها توصل ما يمكن إيصاله بطرق أخرى، إذا افترضنا أن هناك توصيلا ما. كما أنها لا تنقلنا نهائيا من شيء معلوم إلى شيء مجهول، إن الاستعارة في الشعر لا تلقن ولا تعلم المتلقي خبرة أو معرفة ما”[37].
- الوظيفة الجمالية
تحضر هذه الوظيفة الاستعارية في الخطاب الشعري بشكل بازر مقارنة مع باقي الخطابات، حيث لا تؤدي الاستعارة إلا دورها التزييني، وتُوضع كحلية نصية للزيادة في جمالية التعبير الشعري. فالاستعارة في الشعر كما قال محمد الولي لا تستعمل لضرورة تواصلية ولا تستعمل لملء فراغ، ولا تستخدم لمعنى لم توضع له كلمة تدل عليه. “إنما الاستعارة تستخدم هنا مع أشياء لها أسماء فعلا. إن وظيفتها لا علاقة لها بالحاجات اللغوية في المجتمع أو في المختبرات… إن وظيفتها جمالية”[38]، كما أنها تتميز بكونها “لا تلقن ولا تعلم المتلقي خبرة أو معرفة ما”[39].
وقد ناهض البلاغي محمد الولي كل الدراسات البلاغية التي تقزم الاستعارة في هذه الوظيفة، كالمقاربة التفاعلية وبلاغة المحسنات، وأكد على أن الجمالية التي ينبغي الاحتفاء بها في الاستعارة هي “الجمالية التي تتأتى بفضل انتهاك المتداول للغة والفكر”[40]، ويربط هذه الجمالية بالتأثير الجمالي، أي بدور وبوظيفة مقصودة من إنتاج القول، كدور التأثير الجمالي.
- الوظيفة الإيحائية
قال محمد الولي: “إن الإيحاء Connotation معناه استدعاء الكلمة خلال تلقيها لمعانٍ إضافية إلى معناها الحرفي. بعبارة أخرى أن يستدعي دال واحد أكثر من مدلول واحد، في سياق معين. هذه الإيحاءات أو المعاني المواكبة أو الإضافية متنوعة، ويصعب في الواقع أن ينفلت من إسارها أي كلام”[41]. إذن؛ لا يمكن لأي كلمة أن تخلو من هذا الإيحاء في كل مرة يتم فيها التلفظ بها.
تُعد وظيفة الإيحاء “شديدة الارتباط بالتصوير الشعري، وبعبارة أخرى فإن التصوير الشعري شكل من أشكال الإيحاء، بل إنه أهمها في الممارسة الشعرية إطلاقا”[42]. نفهم من هذا الكلام أن هذه الوظيفة ترتبط، بالدرجة الأولى، بالخطاب الشعري. والإيحاءات المرتبطة بالاستعارة هي ما يطلق عليه بالإيحاءات البيانية التصويرية.
ويتميز هذا الإيحاء البياني بكونه “هو الإيحاء الذي يتبع مسلكا ثابتا لدى جمهور القراء. ومن هنا أمكن إخضاعه لقانون علمي، لأن العلم لا يتخذ مادة موضوعَ درسٍ، إلا إذا كان متكرراً، أي ذا قاعدة وأساس ثابتين”[43]، على العكس من الصورة المواكبة “image associée” التي قد تستدعي صورة غريبة عن المحتوى المراد تبليغه؛ أي أنها تسمح للتأويلات الحرة للمتلقي بأن تشتغل دون أي قيد أو شرط[44]. فإذا كانت الصورة الشعرية تعد دعامة أساسية للشعر، فإن الإيحاء هو كذلك من دعامات الشعر، كما أنه الوظيفة الأساسية في التصوير البياني، وفي الاستعارة على وجه الخصوص.
7.3. تغذية الإحساس بالدهشة والغرابة
إن الإحساس بالدهشة هو الجانب الإمتاعي في الاستعارة، ولا يتحقق إلا مع الاستعارة الجديدة، وهو إحساس معرفي يؤثر في توقعات المتلقي وتصوراته. ومثال ذلك، الأثر الذي بعثه الشاعر لوبي ذي فِيغا وهو يُطلق على نافورات العيون رماحا من الزجاج[45]. قال الباحث الولي في هذا الصدد: “ويلازم هذا الجانب التعليمي أو المعرفي للاستعارة الجديدة أو غير المستهلكة، أمر آخر وهو المتعلق بالدهشة، دهشة اكتشاف أن ما كنا نتصوره ونتوقعه ليس كذلك. وهذا الإحساس هو إحساس معرفي. وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق مع الاستعارات المستهلكة، وإنما مع الاستعارات الجديدة”[46]. ففي هذه الفكرة الأخيرة يدافع الدكتور الولي عن الاستعارات الجديدة ويدعو الباحثين إلى النظر فيها، وتجاوز الاستعارات المستهلكة التي لم تكن تتجاوز الوظيفة الجمالية المتمثلة في تزيين النصوص وزخرفتها.
وتستقي الاستعارة وظيفة الاحساس بالدهشة والغرابة من كونها؛ أولا: “لا ينبغي أن تكون رصينة لأن هذا مما يناسب التراجيديا. والغموض هو أهم خاصية في الاستعارات الشعرية”[47]؛ وثانيا من خلال قدرتها على التمنع عن تسليم المعنى للمتلقي بسهولة، والتمويه وخرق التوقع والخروج عن المألوف. وهي أهل لذلك ما دامت “أكثر من غيرها تعطي الوضوح والمتعة والطابع الغريب”[48]، أو لنقل بعبارة جاستون إيسْنو: “إنها تقصِّر المسافات لتيسير الحس السريع بالأشياء المعهودة جداًّ”[49].
وتزيد هذه الوظيفة جلاء في الاستعارة عندما يكون الشبه المقصود بين الطرفين مما لا يتبادر إلى الذهن من الوهلة الأولى، ومما لم يكن من المعتاد، وقد عبر الجرجاني عن هذه الخاصية بقوله: “والمعنى الجامع في سبب الغرابة أن يكون الشبه المقصود من الشيء مما لا يتسرع إليه الخاطر، ولا يقع في الوهم عند بديهة النظر إلى نظيره الذي يُشبَّه به، بل بعد تثبُّتٍ وتذكُّرٍ وفليٍ للنفس عن الصور التي تعرفها، وتحريك للوهم في استعراض ذلك واستحضار ما غاب منه”[50].
وعلى الرغم من الغرابة التي يخلقها هذا التباعد في الشبه؛ إلا أنه لا ينبغي أن يحول دون التأويل وأن يستصعبه، ويؤكد محمد الولي ذلك مُعلقا على نص الجرجاني، فقال: “والواضح أن عبد القاهر لا يؤكد التباعد إلا عندما يخوض في التشبيه أو التمثيل، أي حيث يكون الطرفان حاضرين ولا يجد القارئ، والحالة هذه، صعوبة في التأويل وإدراك المعنى، أما مع الاستعارة فإن التباعد يفضي إلى صعوبة واستحالة التأويل لهذا السبب كان الجرجاني يلح على المشابهة القوية في الاستعارة ولم يفعل الشيء نفسه مع التشبيه تمثيلا أم غير تمثيل”[51]. معنى هذا أن الاستعارة لا ينبغي أن توغل في الغرابة، وألا تجعل الشبه بين الطرفين بعيدا إلى درجة يصعب تأويله، وهذا ما يقربها من التشبيه، فتحجب مسالك التأويل عن المتلقي، وإنما يجب أن تقوم المشابهة في الاستعارة على “الصفة المهيمنة وذلك لأجل تسهيل التأويل وإدراك الطرف غير المذكور”[52].
يشارك المضمرُ[53] والتشبيهُ الاستعارةَ هذه الوظيفة التعليمية كذلك كما يرى ذلك الدكتور الولي حيث قال: “وباختصار فإن التشبيه والاستعارة اقتراحُ وصف جديد للعالم. إن كل تشبيه جديد أو استعارة هو غارة على العالم، وهذا ما يبعث إحساس التعجيب والتغريب حسب عبارة حازم القرطاجني. الاستعارة والتشبيه الحيَّان ينزعان عن الواقع قشرة العادة والعرف فيجعلانه وكأننا نراه لأول مرة ولهذا يبعث إحساس الدهشة أمام العالم. هذه الإمكانية ليست متاحة بنفس القوة، حتى لا نقول ليست متاحة، لصور المجاورة والكناية والمجاز المرسل”[54].
8.3. التكثيف الدلالي والبنْيي
تحضر في هذه الوظيفة وظيفتان استعاريتان وهما التركيبية والوظيفة الدلالية. تتجلى الأولى في التكثيف البنيي الذي يمكن أن نكشف عنه، أولا بالنظر إلى تعريف الاستعارة وهي “تشبيه حذف أحد طرفين” أو “هي تشبيه مختصر”«Comparaison abrégée». وثانيا من خلال كون الاستعارة تسمح تركيبيا “بتجسيد وضعية مجردة أو ظاهرة مجردة ومعقدة بمفاهيم قابلة للفهم بشكل مباشر، ومثال ذلك عندما نركٍّب وضعية سياسية معقدة في مفهوم الحرب، مما يجعل الوضعية تُفهم بشكل مباشر، وفوري”[55].
أما الوظيفية الدلالية؛ أو التكثيف الدلالي فيتجلى في قدرة الاستعارة على إعطاء معنى إضافي وقوي، وبصورة مركزة، لألفاظ لم تكن لها في الوضع، و”هذا المعنى الإضافي قد يعوض جزءاً من سلسلة المعاني المؤلفة للعبارة، وهذا يحصل مع الاستعارة في كلمة واحدة، وقد يعوِّض معنى العبارة بالكامل كما هو أمر الاستعارة التمثيلية أو المثل. وقد يتعلق التعويض بجزء ممتدِّ من العبارة، ونكون هنا بصدد الاستعارة الترشيحية”[56].
بمعنى آخر؛ إن الاستعارة تختصر تعبيرا طويلا وتُكثفه في صورة مركزة، وذلك بكونها تستطيع أن “توفر للغة الكثير من الإمكانات للاقتصاد عبر تزويد صيغ تركيبية بعناصر الدلالة”[57]. أو بالأحرى؛ إن التعبير الاستعاري يطوي جملة أو جملتين، وقد يطوي نصا كاملا ويُبدله بصورة شعرية مركزة، وقد ورد عند محمد الولي نص مركز يعزز ما سبق، إذ قال: “هكذا يكتسب الخطاب هنا، بفضل الاستعارة كثافةً، أكاد أقول إنه يتعذر اختراقه”[58].
9.3. سد فجوات اللغة العادية
تُعزّز الاستعارة القدرات التعبيرية للغة، وتغني معجمها وتجدّد علاقاتها الإسنادية والتركيبية، كيف ذلك؟ يجيب الباحث محمد الولي معتبرا هذا التعزيز هو الدور الخلاق للاستعارة، فقال: “نقتصر هنا على إضافة تتعلق بالدور الخلاق لهذه الاستعارة، حيث يتم سد الفجوات التي تشكو منها اللغة على صعيد التسمية أو المعجم. يقدم أرسطو مثال الشمس التي ترسل أشعتها على الأرض، فيشبه ذلك على سبيل التناسب بنثر الفلاح للبذور. إن هذا التشابه التناسبي يجوز القول: الشمس تبذُر أشعتها على الأرض. الاستعارة تغطي هنا، إذن، فجوة فتسمي ما لم يسمَّ في اللغة العادية. إننا نتوفر إذن على: علاقة أ/ب = الفلاح والبذور، وعلى علاقة حيث ينعدم أحد طرفي الزوج ج/؟ الشمس/؟. فبفضل التناسب نسُدُّ هذه الفجوة المعجمية بالقول: الشمس تبذر أشعتها. هذه الخاصية أساسية في كل اللغات حيث تحضر الاستعارة التناسبية لسد هذا النقص”[59].
بهذا؛ فقد أعلى الباحث محمد الولي من شأن الاستعارة، وبوأها المكانة التي تستحقها في درس الصورة الشعرية، وذلك بالكشف عن محاسنها وعن غناها الوظيفي تركيبا ودلالة وتداولا، فحين “نفترض أننا نتوفر على مفهوم جديد فما السبيل، إلى التعبير عنه. الحل يمكن في الاستعارة، فوظيفتها تكمن في سد الفراغ الموجود في اللغة. ولهذا نجد كل علم يلجأ إلى هذه الوسيلة، ما دامت أن اللغة الرائجة لا تسد هذا الفراغ”[60]. وقد دعت الضرورة، في البداية، إلى اللجوء إلى الاستعارة انطلاقا من حاجة الناس إلى التعبير عن أفكار جديدة لم تسعفهم اللغة العادية لتحقيق ذلك، بسبب عوزها المعجمي، وعدم قدرتها عن تلبية الحاجات الجديدة التي يراد التعبير عنها، ثم بسبب “انعدام لفظ أصلي لتوصيل الفكرة إلا أنها تحولت فيما بعد لكي تصبح مادة تزيينية”[61]. بهذا يمكن القول؛ إذا كانت الخطابة قد وُلدت تعويضا عن فراغ قانوني؛ فإن ولادة الاستعارة تعود إلى فراغ لغوي وتعبيري. بقي أن نشير إلى أن هذه الوظيفة تندرج ضمن الوظائف التعليمية للاستعارة؛ وهي وظيفة نفعية من حيث إغناء اللغة، ومن حيث تلبية الحاجات التعبيرية الجديدة للمتكلمين.
- الخاتمة
أخيراً جاء محمد الولي؛ فأعاد للاستعارة وظائفها الحياتية واللغوية والعلمية والمعرفية…. لقد توصلنا من خلال هذه المقالة إلى أن الاستعارة تؤدي من الوظائف ما يجعلها تستحق كل هذا الاهتمام الذي خصها به الباحث محمد الولي؛ إنها أداة لبعث الدهشة، للتحفيز على التفكير، لإغناء اللغة، لتوليد المعاني، للتأثير الجمالي، للتوصيل، للتغريب، للتكثيف، للخرق، للعدول… وقد تكُون لها وظائف أخرى لم يحن الأجل بعد للكشف عنها؛ ألم تكن في البداية مجرد زخرف وحلية جمالية في يد الشاعر؟، وها هي اليوم تضطلع بما لم يكن في حسبان الكثيرين أنها تستطيع أن تقوم به وأكثر. بهذا؛ لقد أصبحت وظائف الاستعارة “مطلوبة في كل العلوم الإنسانية، في التحليل النفسي وعلم الاجتماع والتاريخ، إلخ. بل إن خدماتها مطلوبة من العلوم التقنية من قبيل النُّورولوجيا والإعلاميات والاقتصاد إلخ. وفي كل العلوم التي تهتم بما يقع خارج المعالجة الكمية والتجريبية. بل هناك من يذهب إلى أن الرياضيات نفسها كثيرا مما استعانت بها”[62]. ناهيك عن أنه يستعين بها حتى أولئك الذين يضمرون لها الكثير من العداء؛ إذ لا يجدون مناصا من استخدامها خِلسة، وقد ضبطهم محمد الولي بالجُرم المشهود، وهم يطلقون عليها تسمية جديدة ألا وهي النموذج أو الموديل[63].
لائحة المصادر والمراجع
المصادر:
- محمد الولي:
- الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، دار الأمان، الرباط، 1426هـ/2005م، ط1.
- الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1990، ط 1.
- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، جولة في ضواحي الاستعارة الحية لبول ريكور، ع 11، 2017.
- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، حول الاستعارة عند أرسطو، ع 1، 2012.
- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، مسارات باحث في البلاغة والترجمة والامازيغية، حوار مع الدكتور محمد الولي، ع2، 2013.
- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، مصطلح البيان العربي، السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، ع 9، 2016.
- مجلة علامات، الاستعارة بهويات متعددة،ع 53، سنة 2020.
- مجلة فصول، مساهمة في تحرير البلاغة العربية، ع 104، 2018.
- Charlotte DILKS, La Métaphore, La Sémantique Interprétative et La Sémantique Cognitive, Texto! ]en ligne[ Volume XVI, N°2, (2011).
المراجع:
الكتب:
- عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، (د.ط).
- عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تحقيق محمد رضوان الداية، وفايز الداية، دار الفكر، دمشق، 2007، ط1.
المجلات:
- مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، بلاغة الجمهور وتحليل الخطاب السياسي، بحث في البلاغة المُهَمّشة، حوار مع الدكتور عماد عبد اللطيف، العدد 7/8، 2015.
- مجلة الثقافة المغربية، خوسي أورتيجا إي جاسيت، الاستعارتان الكبيرتان، الاستعارة في الشعر والعلم، ترجمة محمد الولي، ع 39، ماي 2019.
[1]ــ مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، بلاغة الجمهور وتحليل الخطاب السياسي، بحث في البلاغة المُهَمّشة، حوار مع الدكتور عماد عبد اللطيف، العدد 7/8، 2015، ص 196.
[2]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، المركز الثقافي العربي، بيروت، 1990، ط1، ص 13.
[3]– وإن كان قد اعتمد المنهج البِنيوي في بداية مشواره العملي، خصوصا في كتابه “الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي (1990)”.
[4]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 30.
[5]– نفسه، ص 16.
[6]– نفسه، ص 17.
[7]– نفسه، ص 17.
[8]– نفسه، ص 16.
[9]– نفسه، ص 19.
[10]– مجلة فصول، محمد الولي، مساهمة في تحرير البلاغة العربية، ع 104، 2018، ص 175.
[11]– محمد الولي، مساهمة في تحرير البلاغة العربية، ص 176.
[12]– محمد الولي، مساهمة في تحرير البلاغة العربية، ص 176.
[13]– مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، محمد الولي، مصطلح البيان العربي، السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، ع 9، 2016، ص 39.
[14]– عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تحقيق محمد رضوان الداية، وفايز الداية، دار الفكر، دمشق، 2007م، ط1، ص 111
[15]– ينظر: محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 65.
[16]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، دار الأمان، الرباط، 1426هـ/2005م، ط1، ص 91.
[17]– مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، محمد الولي، حول الاستعارة عند أرسطو، ع 1، 2012، ص 53.
[18]– محمد الولي، مصطلح البيان العربي، السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، مرجع سابق، ص 37.
[19]– نفسه، ص 43-44.
[20]– مجلة علامات، محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، ع 53، ص 15.
[21]– ينظر: محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، مجلة علامات، ع 53، ص 17.
[22]– مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، محمد الولي، جولة في ضواحي الاستعارة الحية لبول ريكور، ع 11، 2017، ص 38.
[23]– مجلة علامات، محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، ع 53، صص 26-27.
[24]– محمد الولي، جولة في ضواحي الاستعارة الحية لبول ريكور، مرجع سابق، ص 44.
[25]– محمد الولي، جولة في ضواحي الاستعارة الحية لبول ريكور، ص 41.
[26]– مجلة علامات، محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، ع 53، ص 28.
[27]– محمد الولي، جولة في ضواحي الاستعارة الحية لبول ريكور، ص 41.
[28]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، مرجع سابق، ص 92.
[29]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 88- 89.
[30]– نفسه، 458.
[31]– نفسه، ص 92.
[32]– مجلة البلاغة وتحليل الخطاب، مسارات باحث في البلاغة والترجمة والامازيغية، حوار مع الدكتور محمد الولي، ع2، 2013، ص 138.
[33]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 96-97.
[34]– محمد الولي، حول الاستعارة عند أرسطو، مرجع سابق، ص 44.
[35]– مجلة الثقافة المغربية، خوسي أورتيجا إي جاسيت، الاستعارتان الكبيرتان، الاستعارة في الشعر والعلم، ترجمة محمد الولي، ع 39، ماي 2019، ص 340.
[36]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، مرجع سابق، ص 257.
[37]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 257- 258.
[38]– نفسه، ص 257.
[39]– نفسه، ص 258
[40]– محمد الولي، مصطلح البيان العربي السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، مرجع سابق، ص 43.
[41]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 184.
[42]– نفسه، ص 184.
[43]– نفسه، ص 187.
[44]– ينظر: الصورة الشعرية ف الخطاب البلاغي والنقدي، ص 186.
[45]– خوسي أورتيجا إي جاسيت، الاستعارتان الكبيرتان، الاستعارة في الشعر والعلم، مرجع سابق، ص 341.
[46]– محمد الولي، حول الاستعارة عند أرسطو، م. س، ص 45. ينظر كذلك: محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 93-94.
[47]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 88.
[48]-محمد الولي، حول الاستعارة عند أرسطو، ص 45.
[49]– محمد الولي، مساهمة في تحرير البلاغة العربية، صص 177- 178.
[50]– عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، (د.ط)، ص 157.
[51]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 80.
[52]– نفسه، ص 81.
[53]– ينظر: محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 91.
[54]– محمد الولي، مصطلح البيان العربي السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، ص 46.
[55]– Charlotte DILKS, La Métaphore, La Sémantique Interprétative et La Sémantique Cognitive, Texto! ]en ligne[ Volume XVI, N°2, (2011), P 10.
[56]– محمد الولي، مصطلح البيان العربي السبيل إلى تحرير البلاغة العربية، ص 36.
[57] – Charlotte DILKS (2011), La Métaphore, La Sémantique Interprétative et La Sémantique Cognitive, P 9.
[58]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 259.
[59]– محمد الولي، حول الاستعارة عند أرسطو، ص 52.
[60]– محمد الولي، الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي، ص 256.
[61]– مجلة علامات، محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، ع 53، ص 22.
[62]– محمد الولي، الاستعارة بهويات متعددة، مجلة علامات، ع 53، ص 33.
[63]– محمد الولي، الاستعارة محطات يونانية وعربية وغربية، ص 475.