صورة الكُرد في (الوحْدةُ تُدُلِّلُ ضَحَاياها) لدارا عبد الله
The picture of the Kurds in (The unit pampers its victims) by Dara Abdullah
د. ديوالي حاجي جاسم/ جامعة دهوك، العراق – Dr.Diwali Haji Jassim / University of Duhok, Iraq
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 81 الصفحة 31.
ملخص :
الصورة انعكاس للواقع، وللكرد معاناة ومآسي لا تعد ولا تحصى لا سيما في سورية قبل الانتفاضة وبعدها، فصورتهم الفنية أحاسيس وألحان وصوت يبكي فقدان الأحبة والحقوق، وصورتهم السياسية إهانة واستخفاف بشعب، ومعاملة بشعة تتبع مصالح النظام فقط، فضلا عن أمل مفقود في الاتجاهات السياسية الكردية، وشخصية المجنون تختصر الوضع بالكامل، وصورة دينية تتراوح بين شباب هجروا الدين وضاعوا في الحياة، وعلماء فقدوا شخصيتهم باتباع الأنظمة حتى في استبدادها، ونلمس قضية قومية منسية تداس بالتهم والافتراءات، حقا وضع يندى له جبين الإنسانية.
الكلمات الافتتاحية: الصورة، الكرد، الوحدة، القوم، العلماء، الفن، السخرية.
Abstract :
The picture is a reflection of reality, and the Kurds have countless suffering and tragedies, especially in Syria before and after the uprising. Kurdish politics, the personality of the madman summarizes the situation completely, and a religious image ranging from young people who have abandoned religion and lost in life, and scholars who have lost their personality by following the regimes even in their tyranny, and we see a forgotten national issue that is being trampled with accusations and slanders, which really puts it on the brink of humanity.
Keywords: The image, the Kurds, the unity, the people, the scholars, the art, the irony.
تمهيد:
أولا: الصورة لغة واصطلاحا
الصورة لغةً
تناولت معاجم اللغة الصورة وبيَّنتْ دلالاتها المختلفة، إذ جاء عنها، صوّرهُ الله صورة حسنة، فتصوّرَ، وتصوَّرتُ الشيء: توهَّمْتُ صورته فتصوَّر لي، والتصاوير التماثيل ([1]).
والصورة بالضمِّ: الشَّكلُ، ج: صُوَر وصِور، كعِنب([2]).
الصورة ترِد في كلام العرب على ظاهرها، وعلى معنى حقيقة الشيء وهيئته، وصوَّرتُ الأمر كذا وكذا أي صِفْتُهُ، فالصُوَرُ هن جمع صُوَرة، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ)غافر/64 ([3]).
أما الصورة الجسمية فهي: جوْهَرٌ متَّصلٌ بسيط لا وجود لمحلِّه دونه، قابل للأبعاد الثلاثة المدركة من الجسم بادئ النظر، والجوهر الممتد في الأبعاد كلها، المدرك في بادئ النظر بالحس، وصورة الشيء: ما يُؤْخذُ من عند حذف المشخِّصات، ويقال: صورة الشيء: ما يحصل به الشيءُ بالفعل.([4])
الصورة اصطلاحا :
على الرَّغم من بساطة تعريف (سي. دي. لويس) للصورة بقوله: (هي رسْمٌ قوامه الكلماتُ المشحونةُ بالإحساس والعاطفة) ([5])، إلا أن أهمية التعريف تكمن في إعطاء الكلمة دورًا بارزًا في تشكيل الصورة، إذ إنَّ للكلمة سحرَها الخاص من حيث تأثيرُها ومعانيها ودلالاتُها المتعددة([6]).
من هنا فإن قيمة دراسة الصورة تكمن في كشف شيء مستغلق عبر عمليتي التركيز والتكثيف، فالخيال هو المشكِّل للصورة، إذ يحقق للفنان الحرية والإرادة (فثمةَ صورةٌ تتشكَّل في ذهن الفنان لما يجب أن يكون عليه الموجود حتى يكون وجودًا سويًا)([7]).
يقول الجاحظ (255هـ) بهذا الصدد: فإنما الشعر صناعةٌ وضربٌ من النَّسْج وجنس من التصوير([8]). فإنه هنا يجعل التصوير إحدى العناصر البدائية لصناعة الشعر.
ومن ثم يكمل عبد القاهر الجرجاني (471) ليقول: ومعلوم أنّ سَبيلَ الكلام سبيلُ التصوير والصياغة، وأن سبيلَ المعنى الذي يعبر عنه سبيلُ الشيء الذي يقع التصويرُ والصَّوغُ فيه ([9]) . وكلام الجرجاني هنا أكثر تحديدا من كلام الجاحظ، فقد أبرز المعنى بالصورة مما يقترب من المفهوم الحديث الذي يرى أن الصورة تتشكل عبر تضافر المجردات(المعنى) بالمحسوسات (الصورة)، الأمر الذي يؤكد اهتمام النقاد القدامى بالصورة([10]).
فالصورة إذا هي (الشكل الخارجي المعبر عن الحالة النفسية للمنشىء وعن حالة تفاعله الداخلي، ولذلك يخلع المشاعر أو الصفات البشرية على الطبيعة الجامدة)، ومن هذا المنطلق فإن الصورة ترادف الحياة على حقيقتها، تحاول إيجادها حتى لو كانت في باطن الشيء دون ظاهره لتخرجها ظاهرة وبارزة ([11]).
ثانيا: الصورائيَّة (علم دراسة الصورة)
ارتبطت دراسات الصورة (Image Studies)، أو علم الصورة «Imagologie»، أو «الصورولوجيا» كما يتردد في اصطلاح المقارنين، أو الصوراتية في التداولات التطبيقية المقارنية، منذ نشأتها بالدرس الأدبي المقارن[12]. الصورائية مصطلح جديد له حضور مميز في النقد الأدبي الحديث، وله مرادفات أخرى نحو (الصورية، الصوريات) تسميات متنوعة تقابل المصطلح الفرنسي (imagologie)[13]، وتتجلى دراسة الصورة في الأدب المقارن لكونها تقع ضمن مجاله، لذا هناك من أطلق عليه(الصورولوجيا المقارنة)[14]، فهو إذا مصطلح نقدي قد جرى على ألسنة الأدباء والمقارنين والنقاد وقد تم تداوله من قبلهم في دراساتهم، إذ أن هذا النوع من الدارسات تتخذ الصورة موضوعا لها، ورغبة في فك الارتباط مع التاريخ والاجتماع وغيرها من العلوم، حيث اتجه بعضهم لإثبات أدبية الصورة، فقد سمى “هنري باجو” هذا العلم بـ:”الصورولوجيا الأدبية”، وسعى إلى تخليصه من التشابك مع علوم أخرى غير الأدب كالسوسيولوجيا، والأنتروبولوجيا، والاثنولوجيا، وغيرها من العلوم، فيقول: (الصورولوجيا هي دراسة الأجنبي في أثر أو أدب ما)[15].
ولقد ارتبط هذا المجال بالأدب المقارن وأصبح جزءً منه وذلك لدوره في معرفة الشعوب بين صورتين تقدمان من قبل الأنا والآخر ولهذا (يعدّ علم الصورة “الصّورولوجيا” من أحد أهم مجالات الدّراسة في الأدب المقارن وأحدثها ، حيث تجمع الدّراسات في هذا الميدان على صحّة انتمائها إليه، ولم يظهر هذا العلم في الدّراسات المقارنة إلاّ في العقود الأخيرة من القرن العشرين وهذا رغبة منهم في فهم الأنا والآخر)[16]، فمن أهم أهداف الصورولوجي هو تمثل شعب في أدب شعب آخر أو في أدبه بالذات، أو هو الكشف عن الأثر الفكري لصورة الآخر على مخيلة شعب معين.
ونظرا لفداحة الصورة الخاطئة والمشوهة لبعض الشعوب في أدب شعب آخر لا سيما عندما يتصرف فيها الاستعمار، فعدت الصورولوجيا (من قبل بعض الأصول الأدبية والذاتية المحايثة للصورة بمثابة مبحث يستهدف أولا وقبل كل شيء تبديد الآراء الخاطئة عن الجماعات الإثنية والعرقية واللغوية والقومية)[17]، فهي غاية فكرية لتصحيح معوج بواسطة صورة أدبية.
لدراسة علم الصور بدايات ترجع إلى العقود الأولى من القرن الشرين لا سيما لدى الفرنسيين، فنجد كلود بيشوا laude Pichois يذهب إلى أنه في عام 1930م كان موضوع رسالة جورج أسكو Gorge Ascoli هو: بريطانيا العظمى أمام الرأي العام الفرنسي في القرن السابع عشر[18].
وهناك من يرجع بدايات هذه الدراسات عن صور الشعوب الى الأدبية الفرنسية الشهيرة مادام دوستال في كتابها (ألمانيا) حيث دوَّنت فيه صورة المجتمع الألماني على حقيقتها، ورأت ما فيهم من طيبة وكرم وجمال وخلق، وذلك رغبة منها في تغيير الصورة السلبية للألمان عند الشعب الفرنسي، ولعل هذا ما جعل الباحثة ماجدة حمود تؤكد ترجيح عودة بدايات هذا الفرع من فروع الأدب المقارن إلى النّصف الأول من القرن التاسع عشر، عندما قامت الأديبة الفرنسية المعروفة ” مدام دوستال” بزيارة طويلة لألمانيا؛ وذلك في وقت تصاعد فيه العداء وسوء الفهم بين الشّعبين الفرنسي والألماني، وأثناء الإقامة فوجئت الأديبة بمدى الجهل وسوء الفهم الذي يعاني منه الفرنسيون لألمانيا رغم الجوار الجغرافي، فقد تحققّ لها أنّ الفرنسيين يجهلون أبسط الأمور المتعلّقة بالمجتمع والثّقافة والأدب والطّبيعة في ألمانيا، فرسموا في أذهانهم صورةً لشعب فظّ غير متحضّر يتكلّم لغة غير جميلة، ليست لديه إنجازات أدبيّة أو ثقافيّة تستحق الذّ كر، إنّها باختصار صورة يرسمها شعب لشعب آخر يعدّه عدوّا له لكنّ ” مدام دوستال ” اكتشفت عبر رحلتها أنّ الشّعب الألماني يتمتّع بمناقب جمّة (الطّيبة والاستقامة والصدق) كما فوجئت بجمال الطّبيعة لاسيما نهر الراّين والغابة السّوداء، وبغنى الألماني والمستوى الرّفيع الّذي بلغته الفلسفة الألمانية، وهكذا كانت محصّلة الرّحلة التي قامت بها مدام دوستال إلى ألمانيا كتابا وضعت له عنوانا بسيطا هو” ألمانيا” سعت فيه إلى تصحيح ما في أذهان الفرنسييّن من صورة مشوهة، عن الألمان وبلادهم وثقافتهم[19].
وهذا يقودنا إلى فلسفة الأنا والآخر في تكوين الصورة، والجدلية القائمة حول حقيقة الصورة بينهما، فهناك من يذهب إلى أنّ الصورة الحقيقية لشعب لا يقدم إلّا من خلال الأنا أو الآخر المحب للأنا، والّا فإنها تكون صورة مشوهة قائمة على الاعتبارات الفكرية والسياسية والجغرافية والاقتصادية لمصلحة الآخر، وتذخر الفضاء بهذه الصورة الأخيرة الآن، وهذا يترجمه تعريف دليل الناقد الأدبي للآخر بقوله:(الآخر في أبسط صوره هو مثيل أو نقيض الذات أو الأنا)[20]، في حين نحن في التعامل الإنساني مع الآخرين بأمس الحاجة للصورة الأولى، كي تتعايش الشعوب فيما بينها على أساس المحبة والسلم والمصالح المتبادلة؛ انصافاً وعدم الرجم بالغيب تخمينا.
وهذا يعني دراسة شعب في أدبه القومي وبأقلام أبنائه، وهذا يزيد الوعي الجماعي، فتدرس هذه الصورة في جانبها الفني والجمالي لذلك الأدب القومي، فضلا عن البنية الثقافية لذلك الشعب، هذا من جهة، ودراسة صورة شعب في أدب أمة أخرى من جهة أخرى، وهذا كله هو ما يتناوله الأدب المقارن[21].
وسوء الفهم للذات والآخر يعطي صورة مشوهة للأنا والآخر معا، إذ (يعني سوء الفهم هذا رؤية غير موضوعية للذات وللآخر في الوقت نفسه، مع أن الذات تدرك نفسها بفضل العلاقة مع الآخر، فالذات تتشكل ويعاد تشكيلها في المواجهة مع الآخر، لذلك فإن أي تشويه في النظرة للآخر لابد أن يعني تشويها كامنا في الذات)[22].
لا شك أن دراسة الصورة الأدبية بهذا الوصف ضمن الأدب المقارن ذات فوائد جمة تكمن في (توسيع أفق الكتابة والتفكير والحلم بصورة مختلفة، إنها إغناء للشخصية الفردية من جهة والتعرف الذاتي من جهة أخرى، هذا على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فتفيد في تصريف الانفعالات المكبوتة تجاه الآخر أو في التعويض وتسويغ أوهام المجتمع الكامنة في أعماقه، كذلك تبين الصورة المغلوطة المكونة عن الشعوب، فتسهم في إزالة سوء التفاهم وتؤسس لعلاقات معافاة من الأوهام والتشويه السلبي والإيجابي، تعطي الآخر حقه كما تعطي الذات)[23]. من هنا يتبين لنا أن دراسة الصورة الأدبية لا تهتمّ بالأشياء والمظاهر الخارجية فقط، بل تهتمّ برؤية الأدب المصور لهذه الأشياء والمظاهر وموقفه من الأشخاص، وقدر تفاعله معها، أي أن الصورة الأدبية لا تعني بتقديم الحقائق والأشياء، بل بجملة من الأحكام والأحاسيس والانفعالات تجاه الآخر، ولو كان خلاف ذلك لكنّا اتّجهنا لكتب التاريخ وعلم الاجتماع الّتي تتوافر على أدّق المعلومات عن الشّعوب وعاداتها ومظاهر حضارتها[24].
وجهت للصورائية انتقادات فثمة من يعارض (دراسة الصورة الأدبية ضمن اهتمامات الأدب المقارن، ويراها ممثلة للمدرسة الفرنسية في الدراسات المقارنة التي تركز على العوامل التاريخية والمؤثرات الملموسة، وهي لذلك تعتمد الوضعية الجديدة كما قال رينيه ويلك منذ عام (1953) في مقاله السنوي للأدب المقارن. بعد ذلك بعشر سنوات ندد إيتامبل في كتابه (comparaison n,est pas raison) بالدراسات التي تهم المؤرخ وعالم الاجتماع ورجل الدولة، وعلى رأسها دراسة صورة الآخر)[25]. ولعل البعض يؤكد أن غاية دراسة الصورة ليس البعد الأدبي والفني والجمال للصورة بحد ذاته، وإنما هدفها هو الكشف عن الأثر الآيدولوجي لصورة الآخر على جمهور معين وشعب خاص[26].
نستنج مما سبق أن عينة بحثنا (الوحدة تدلل ضحاياها) للكاتب الكردي (دارا عبدالله)، تقع ضمن صميم الصورائية بمفهومها الواسع، فهي تصور معاناة شعب طال أيام الظلم الواقع عليه وعانى كثيرا، ليس للحصول على كيان ودولة، بل لمجرد الحفاظ على هويته القومية والثقافية، ولعل الجواننب الأربع التي قدمها لنا دارا والتي هي الصورة (الفنية والسياسية والدينية والقومية)، تتضافر لاكتمال تلك الصورة الكردية في الجزء الغربي منه (في سوريا)، ودليل صدق الصورة أن صاحبها من أبناء هذا الشعب وعاش حياته معاينا كل الاهوال والظروف التي عاشه، فهي الأنا الحقيقية التي انبثقت منها الصورة، بصدق وجلاء دون تشويه وضبابية.
ثالثا: الكُرد..الجغرافية والتاريخ
تمتاز كردستان بكونها منطقة جبلية وأغلب جبالها عالية، وهي مناطق خلَّابة رائعة الجمال تسحر النفوس، وتجمع بين السهول والجبال والوديان، وتضمُّ جميع أنواع الأشجار فضلا عن الشجيرات والأنهار والعيون الطبيعية([27]).
وتُعَدُّ مرتفعات زاكروس وطوروس والمناطق الشمالية والشرقية لوادي النهرين العظيمين، دجلة والفرات، المهْدَ الذي توفَّرتْ فيه مقومات الأمة الكردية عبر التاريخ.([28]).
والكرد متواجدون الآن في ست دول بجغرافيتهم وتاريخهم بعد أن تم تقسيمهم في معاهدة لوزان 1923م وهذه الدول هي(تركيا وإيران والعراق وسورية وأرمينيا وآذربيجان) ومعاناتهم لم تتوقف وجرحهم نازف باستمرار.([29]).
قدرت الموسوعة البريطانية طول كردستان بـ (600) ميل وعرضها بـ (150) ميلا، أما قاموس الأعلام الذي طبع في اسطنبول في عام 1896، فيشير إلى المناطق الكوردستانية، حيث حدد طولها بـ (900)كم وعرضها بـ (100-200) كم([30]).
للكُرد في التاريخ ظهور يمتد إلى آلاف السنين، فمصطلح الكُرد يستخدم للتعبير عن الشعب الكردي الساكن بلادَ كردستان، والتي تشكل أجزاء من العراق وتركيا وسورية وإيران وأرمينيا وآذربيجان([31]).
وتعد الدولة الأيوبية من أهم الكيانات الكردية الإسلامية، حيث أسَّسها صلاحُ الدين الأيوبي عام 1171م وبسطت سَيْطرتها على مصر والشام وبلاد الرافدين، وخَاضَتْ حروبًا مظفرة ضد الصليبيين في فلسطين، حتى تمكَّن صلاحُ الدين الأيوبي من القضاء على الدُويلات الصليبية في بلاد الشام، فضلا عن تحرير القدس، مسجِّلا بذلك أمجدَ الفصول في تاريخ الكُرد والإسْلام ([32]).
وأهم الإمارات الكردية التي ظهرت عبر التاريخ هي([33]): (الشداديون، بني حسنوية، المروانيون، الشهرمانيون، مملكة اردلان، سوران، بوتان، بابان، بهدينان، كريم خان في إيران).
ولمصطلح الكُرد حضور في الكثير من اللغات:(الكردية نفسها: كورد، كورمانج، كورداس، كوردان، كوردلة، وفي الفارسية: كردوكردها، وفي التركية: kurtK, kurtler، وفي العربية: الكُرد، الأكراد)([34]).
اسْتُخدِمتْ كلمة (كرد)منذ أمد بعيد، فهي ترجع إلى عصور موغلة في القدم، وكانت معروفة وشائعة إبَّان الفتوحات الإسلامية([35]).
أما اللغة الأدبية الكردية فبدأت مسيرتها منذ القرن الحادي عشر الميلادي، وكان معظم مدوناتها قصائدَ شعرية ترتكز مضامينها على المثل العليا والتقاليد الكردية العريقة ([36]).
رابعا: دارا عبد الله
دارا عبد الله كاتب وصحافي سوري، يقيم في العاصمة الألمانية برلين، يدرس في الدراسات الثقافية والفلسفة في جامعة هومبولدت في برلين، له كتابان منشوران([37]): “الوحدة تدلل ضحاياها” و”إكثار القليل”([38]).
انحدرُ من أسرةٍ كرديَّةٍ سوريَّةٍ في مدينة القامشلي في الشمال السوري، أسرةٍ من الطبقة المتوسِّطة، تهتمُّ بالتحصيل العلمي والثقافة بشكلٍ معقول، وقطباها، أيّ الأب والأم، مهووسان بالنجاح والتفوُّق وتحصيل العلامات. وبحكم نشاط والده السياسيّ في الأحزاب الكرديَّة السياسيَّة السوريَّة، ووجود وعي قومي حقوقي وديمقراطي واضِحٍ، فإنَّ أجواء البيت كانت مُسيَّسةً بشكلٍ عالٍ([39]).
ويُذكر أن المخَابرات السوريَّة كَانَتْ قَد اعتقلت الكَاتِب دارا عَبْد الله، يوم الثلَاثَاء 23 تشرين الأول/أكتوبر 2012 في دمشق، وهو طالب طب سنة رابعة، من مواليد مدينة القامشلي عام 1989، وهي المرة الثالثة التي يعتقل فيها من قبل المخابرات منذ بداية الثورة في سورية، ويُعتبر من أصغر الكُتَّاب السوريين الكرد، وله مقالات بانتظام في صحيفة “الحياة” السعودية وصحيفة “المستقبل” اللبنانية، تعالج مشكلة الطائفية والمسألة الكردية ([40]).
علما أنه اعتقل على خلفيّة كتاباته على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ومشاركاته في النشاطات الطلابيّة المؤيِّدة للثورة السوريّة. وكان آخر اعتقال له، في 24/10/2012، وأُفرج عنه في 12/11/2012.
كشف دارا عبدالله في أسلوب كتاباته عن مقدرة بلاغيّة، لا بأس بها، في تكثيف العبارات واختزالها، بحيث تعطي انطباعًا عن صاحبها على أنه «بلغ من العمر عتيّا»، وتشرّب من علوم الدنيا وخبراتها، بحيث غدا حكيمًا، قادرًا على التفلْسُف وإنتاج الفكر.
وأهْدى عَبْد الله بَاكورة تجرِبَتِه الأدَبِيَّة (الوَحْدَةُ تُدَلِّلُ ضَحَايَاهَا) إلى «الشهيد أيهم غزول»، الَّذي كَان أحَد أصدقائه في كليّة طبّ الأسنان بجامعة دمشق، حيث قضى تحت التعذيب على أيدي رفاقه الطلبة المنتسبين إلى الاتحاد العام لطلبة سورية، التابع للحزب الحاكم، على خلفيّة نشاط غزّول المؤيد للثورة السوريّة([41]).
صور الكُرد في الوحدة تدلل ضحاياها
تناول دارا عبد الله هذه الصور(الفنية والسياسية والدينية والقومية) بشكلٍ دقيقٍ من خلال (أشخاص وأحزاب وأحداث ووقائع ملموسة)، وبما يملي عليه الواقع المرّ للكرد في سورية، ونلمس من يراعه تهادي الفن المعبر للآلام، وانتكاسةَ التوجهات السياسية الخائبة والبعيدة عن تطلعات الكرد، وسلبيةَ في جانب توظيف الدين لطالب الحق ولمناوئه، فضلا عن خيبة الأمل الكردي من أوضاع سورية.
أولا: الصورة الفنيَّة
محمد شِيْخو مغنٍّ مشهور من غرب كردِسْتَان، ذاع صِيْته وانتشرت أغانيه، وكان ولا يزال رمزًا لتطلعات الشعب الكردي، وظف دارا هذا الرمز الفني الكبير لكي يحول بوصلة الأمل والطموح الكردي من الفدرالية إلى أمر بسيط، ولكنه أكبر من كل شيء، وهو أن يحتفظ الكردي بهُويتَّه القومية وشخصيته الأبية.
في تفنن عجيب يقدم الكاتب سَبَبَ الإعجاب الشديد بأهل الموْسِيْقى في مسافة ذهنية للقياس بين العجز والحسد، وتتجلى هذه المسافة في باحات النفس (أصل إعجابنا بالموسيقار هو عجزُنا عن تقليده، حسدُنا منه، وكلما كان عجزُنا وحسدُنا أكبر، كان إعجابنا أشدّ) ([42]).
لا شك أن هذا تفسير نفسي للإعجاب وذلك بعدم قدرة أحدنا أن يكون مثله، أو أن يكون قادرًا على تقليده، ومن ثمّ يأتي الحسد لما يمتلكه ذلك الفنان والموسيقار من موهبة وهبها إياه الله تعالى.
التعربف البسيط في تحديداته لمحمد شيخو يحمل دلالات عميقة لمأْسَاة شعب في شخص فنان، فضلا عن المعادلة القائمة بين البؤس والصوت فـ”محمد شيخو”([43]) هو الفنان الكردي الفقير من الشمال المهمش، حيث معه البؤس الكردي لا يخرج من الصوت، بل الصوت يخرج من البؤس الكردي.
فهو فقير في حالته المادية وليس شُهْرته وموهبته التي عانقت الآفاق، والشمال المهمَّش هي السلة الخالية من الحقوق البسيطة في الحياة، فبؤس الكرد ليس خارجا من صوته، بل العكس صحيح إذ أنَّ الصوت يجد ضالته من هذه المعاناة والبؤس، فالأهوال الصعبة والظروف المعقدة والمآسي الدامية، إلهامات للفنان في نبرات صوته وعذب ألحانه، ليخرجها نهرا ثقافيا وفنيا يتموَّج إحسَاسًا يمسُّ القلوب والنفوس (وكأن هذا الضغط السياسي المهول ولّد ردّ فعل ثقافية حوّلها “محمد شيخو” إلى ألحان دامية، نغمات حارقة تخرج مباشرة من الحنجرة إلى الوجدان) ([44]).
كيف للنغمة أن تكون حَارِقَة؟ بَل هي خَارِقَةٌ أيضا في تصوُّرِنَا قَبْل أن تخرح من حنجرة الفنان، قَد اختمرتْ ونضجت وتفاعلت في نفسيته ووجدانه وقلبه لتمسَّ من ثمّ شغاف قلوبنا.
ولكن هل يحرِّك الصوت الجميل ذو الشجون مكامن الضمير والنخوة عند الآخر؟ سُؤَال لا جواب له في الضمائر والقلوب أو حتى على أرض الواقع(كيف لذلك الصوت العميق أن يثير هذا الكمَّ من الألم النفسي؟ أليس جمالُ هذا الصوت كافيا لتفعيل عُقَدِ النقص وإثارةِ نخوة “الحماية” لدى المعارضة العربية) ([45]).
تساؤلاتٌ حزينةٌ لحالة مرضيةٍ في مجتمع يسوده الظلم والاضطهاد، ويفقد الإنسان فيه مقوِّمات حياته كافة، فتحويل المأساة إلى عمل فني يبعث الأسى والألم النفسي لا يتمكن منه إلا صوتٌ شجيٌّ كصوت الفنان محمد شيخو، ويزداد التساؤل إثارة لعدم فعل جمال هذا الصوت أية إثارةٍ لا في النخوة ولا لتفعيل عقد النقص الغائرة في جسد المعارضة العربية في سورية.
مَاذا يعني الغِناء؟ ومَاذا تعني آلَة البزق؟ ومن ثم العزْلَة الجمَاعِيَّة في مُقَابِل صور الأطفال العراة والوجوه الترابِيَّة المجعّدة ورائحة التراب إبان سقوط الأمطار (غناء العنصر مع آلة البِزِقِ دليلٌ دامغٌ على عزلة الجماعة، تتذكر فورا عند سماعه، رائحةَ التراب المرشُوْش بالماء، والأطفالَ العراة في القرى المتناثرة، والوجوهَ الترابية المجعدة، تتذكر فقط “رغبة الكردي في أن يكون كرديا”) ([46]).
فتتذكر مع هذه الآلة الموسيقية الكردية وغناء الفنان وفقها .. صور الحياة الحزينة التي يعيشها الأطفال الأبرياء والعجزة المُقْعَدُون في القرى، الحالمون ككل كرديٍّ في أن يبقى كرديا، دون أن يفقد هويته وشخصيته؟!
ثانيا: الصورة السياسية
تدخلت السياسة في جميع أمور حياتنا، وتسببت في معظم العقد التي نعيشها، وبدلا من أن تكون السياسة إدارةً لمصالح الناس، أصبحت وسيلةً للارتزاق وهضم حقوق الآخرين، وبذلك أصبحت مذمومةً.
وعلاقة دارا بالسِّيَاسَةِ تعتمد على مواقفه الفكرية وقضيته القومية، وليس لها علاقة بمحددات المكان الذي يعمل فيه لإدارة حياته، فدارا ليس قوميا بالمعنى السياسي، إنما هو قومي عن عقيدة ومبدأ([47])، لهذا يعرض لنا دارا طبيعة تعامل النظام السوري مع الشعب الكردي في العسر واليسر، وفي كلتيهما استهانةٌ بشعب له طموح، واحتقارٌ للبشر بمنظار القومية، واستعلاءٌ وغطرسةٌ وتكبرٌ على من لا يمتلك عناصر القوة، فالتعامل يتغير بتغيير المصلحة السياسية بين الشدة والليونة: (قبل الانتفاضة السورية:(أنت كردي ولا..؟ هويتك..معك هُويَّة صحيح؟.. فَتٍّشوا غراضو..)، بعد الانتفاضة السورية:(أنت كردي؟ أهلا ((بحبيبنا)) أنتو الكراد عاقلين))([48]).
بكل بساطة وقمة السخرية يقدم لنا الكاتب هاتين الصورتين، وهما تتصفان بالمهانة والرعونة والاستغلال، فالصورة الأولى للكرد في سُوْرية، أنهم مهمشون ولا وجود لهم، وهم دائما في موضع الاتهام، في جميع مرافق الحياة لا سيما في نقاط التفتيش، إهانةٌ لهم في طبيعة الكلام معهم وعنهم، وإهانةٌ في طبيعة التعامل معهم ويتجلى ذلك في السؤال عن الهوية وتفتيش الأغراض، ولمسنا ذلك في العراق أيضا، وهي كانت صورة من يحمل فكرة البعث والقومية في الدولتين، صورة تعبر عن أيديولوجية عنصرية واحدة، وهي تمثل النظام في أوج قوته وعنفوانه، لكن بعد الانتفاضة اختلت الموازين وأصبح النظام بحاجة لكل قَشَّةٍ كي يتمسك بها خوفا من الغرق، فتغيرت الصورة ُمع بقاء سمة الإهانة والاحتقار(أهلا بحبيبنا، أكراد عاقلين)، فلئن كان الكرد متهمين سابقا أصبحوا الآن أحباء للنظام وعاقلين أيضا، ومرحَّب بهم في كل مكان، لكي لا يكونوا مع الانتفاضة السورية وبالتالي ضد النظام، وهذه إهانة أخرى وضربة في المصداقية، وهذه الصورة في احتقاره للكرد وازدرائه بهم أقوى بكثير من الصورة الأولى، لأن الصورة الأخيرة تُظْهِرُ الكُرد عملاء لنظام استبد بهم، واستغلهم فيما بعد لمصلحته.
ويشعر دارا بمرارة التعامل في الصورة الثانية، وينفعل مع تلك الصورة بأسلوب يعبر عن عمق الأزمة النفسية والتعامل المهين للكرد في سورية إذ يقول:(ليته يَبْصُقُ في فمي، يمرِّغُ أنفي في القذارة ولا يقول لي “انتو مناح”، أن تكون مدانا ومشبوها هنا أفضل من أن تكون “مريحا” و “عاقلا”. أن تكون فريسة أفضل من أن تكون المفترِس) ([49])
إنه انحدار في كرامة الإنسانية وخلق لأزمة نفسية كبيرة، يصل إلى البصق في الفم وتمريغ الأنف في القذارة، وحتى إذا كان بـ (بحبيبنا وعاقل) لأن المفهوم هو طمس الشخصية والتعامل بلغة الذرائعية، لذا المشبوه والفريسة أفضل بكثير من العاقل المريح والمفترس، وذلك حتى لا يفقد الكرد بقية الخير والشهامة والهوية والشخصية التي يمتلكها.
ويسترسل الكاتب في تسجيل الصورة المزرية، وواقع الكرد المؤلم في غرب كردستان قبل وبعد الانتفاضة السورية(الكردي تعود تجرّع الإهانة أمام الجميع، صعب عليه التعوّد على مشهد إهانة الجميع أمامه، كيف للآخر أن يعلم أن الكردي “شُرِّدَ عن المكان”، مُنِع َمن أن يكون ابنا له، ويملي عليه التصرف كأنه أب لهذا المكان!) ([50]).
أهم حقيقة في هَذه الصورة أن الكردي تعود على تجرّع الاهَانَة أمَام الجميع، ولكِنَّه ذو أخلاق وقيم عَالِيَة، لِذا طبيعته تأبى التعود على إهانة الآخرين أمامه، ولا يقبل على نفسه ذلك، والمفارق هنا أنَّ الكردي مُشَرَّدٌ مُنِعَ أنْ يكون ابنا للمكان الذي يقطنه، فكيف يكون أبا ومالكا له؟!
مِما يلاحظ على جِدارِيَّات دارا عَبْد الله أَنَّه يجمع في تعبيرَاتِه بين العربِيَّة الفصحى وقلِيْل من العَامِيَّة حَيْث يطعِّم الفصحى بالعامية، وذلك للتعمق أكثر في الواقعية والمعاناة المنبعثة من الأحوال والظروف المعاشة، ولعظمها وقساوتها لا بد أن تتضافر اللغتان الفصحى والعامية كي تتمكنا من التعبير عن تلك الأزمات والنكبات كما هي دون مواربة ولا تكلف.
في نص (مجنون ُالفدرالية) يغرِّد دارا بصورةٍ مغايرةٍ عما سبق عن واقع الكرد في سورية بعد الانتفاضة، ففي لفتة مميزة يرصُدُ شخصية المجنون في المشهد السياسي الكردي، يبتدرنا الكاتب بالعَلَم الكردي المتدلي من على واجهات البِنَايَات الحزبِيَّة، لا لأن العَلم مُقَدَّس، بَل لأن تَحْت العلم حقيقة أخرى يمكن للعلم أن يخفيه(العَلَم الكرديُّ المفرودُ من سطح البناية على واجهتها، أخفى عُرْيَ الإسمنت غير المكسيِّ، أمام البناية) ([51]).
إنه الارتزاق بالعلم وتوظيفه لإخفاء العورات الشخصية قبل المادية، وكي لا تظهر حقائق المتصديين والرافعين له.
ثمة تعمق وولوج في تفاصيل المشهد الكردي السياسي في سورية، فلأجل ندوة سياسية تتكاتف جلوسا قيادات كردية لتوعية الناس، لكن “الأشياء” أكثر ممن تلزمهم في هذه الندوات، هي أشياء يصفها الكاتب بقوله: (في حي المصارف بمدينة القامشلي، طاولة نظيفة تجلس خلفها “قيادات” من “المجلس الوطني الكردي”، إنها ندوة سياسية عن “الثورة السورية والحقوق الكردية”.
الأشياء أكثر ممن تلزمهم هذه الأشياء، ثمَّة فائضٌ في كل شيء، الأبنيةُ أكثر من البشر، والأحزابُ أكثر من المنتسبين، والمقابرُ أكثر من الموتى، وفي تلك الليلة كانت الكراسي أكثر من الحضور)([52]).
إنه واقع مرٌّ جدا، وحقائق تفضح المظاهر، وأمل مفقود في من ينعقد عليه الناسُ الآمالَ، نعم الكراسي والأحزاب والمقابر والأبنية..كلها أكثر وأكثر، وهكذا بصيص الضوء يختفي في آخر النفق!
صورة اليَابَاني القَارئ للقرآن والمتلكئ في قراءَتِه، تمَدُنُّا بصورة الكردي التَالي للفظة الفِدرالِيَّة والكونْفِدرالِيَّة، وكأنهما غريبان عن بعضهما البعض أو لا يتواءمان (لا استحالة التحقيق تفضح بؤس المفهوم، بل صعوبة اللفظ أحيَانًا، شيء عنيد يُقَاوم فزيولوجِيَّة الفم، لفظ الكردي لكلمة “فِدرالِيَّة” و”كونْفِدرالِيَّة” تَبْدو ثقيلة وغليظة، كركاكة ياباني يقرأ القرآن) ([53]).
بؤس المفهوم حائل دون تحقيق اللفظ، والفهم الحقيقي، بل الطبيعة المادية لنطقنا تأبى السلاسة فيما لا أصل له عندنا.
يقول جورج برناردشو: (قد تأتيك النصيحة النافعة على لسان مجنون) ([54])، دائما للمجنون حضور لافت في المَحَافِل، بَل قَد يكون هو العَاقِل الفَاهم للحَقَائق،وفي كُل ثَقَافَة ومجتمع يشتهر بعض المجَانين ويُذاع صيتهم، ويعرفهم الداني والقاصي والصغير والكبير، بل تخشاهم النساء خاصة، وذلك لحضورهم المميز في الأماكن العامة وتَنَدُّرِ الناس بطرائفهم، وهكذا فرضوا وجودَهم على المجتمع، وبات للجميع منهم شخصياتهم، وههنا تكمن براعة الراصد والمتابع فـ(ثمة مجنون يصطاد كل ندوات المجلس ويتسلَّلُ دائما خلف تلك القيادات ويلوِّح بيديه أمام الحضور بطريقة مضحكة، القيادات السياسية، خلف الطاولة ما زالوا يتحدثون عن “اللامركزية السياسية” و”الفدرالية”، والمجنون خلفهم يرفع يديه ملوِّحا، أصبح الناس يقولون حيثما يكون المجنون تكون ندوة سياسية) ([55]).
إنها صورةٌ مضحكةٌ وفاضحةٌ للعمل السياسي، عندما يكون شَكْلا بلا مضمون، وسَيَبقى المجانين يلوِّحون طالما هناك قيادات خلف طاولات نظيفة، لكن القلوب مليئة بالمنغصات، إنها ماركة مسجَّلة للوعي بالحقائق، المجنون علامة على الندوات تواجدًا وحضورًا وكشفًا للمستور.
ثالثا: الصورة الدينية
الإسْلام أصيل في تشكيل بنية الشخص الكردي، ولهذا نجد بزوغَ شموسٍ من العلماء والقادة من هذا الشعب خدموا وأبدعوا وانتصروا، مع أن الأفكار الغريبة المناوئة للدين، نخرت في عقلية الكثيرين من الشباب، بعد موجات من العلمانية والإلحاد، وبالرغم من كل هذا يبقى الإسلام المكوِّن الرئيس لشخصية الكردي والموجِّه له في خِضَمِّ دروب الحياة المعقدة.
بدأت الثورات العربية حيويتها من أيام الجمعة لتتحرك بانتظام ضد الأنظمة الحاكمة، ودأبت تسمية جمعها بأسماء موحِيَة إلى الأمَل والربط بِالقيم، لِذا يَبْدأ دارا حَديْثَه عن الدِّين بجمعة الكرامَة في 18/3/2011، وهو مَدْخَل للحديث عن نفسه وعلاقته بالدين، التي يسودها الجفاء والهجر والبعاد، فمنذ عشرسنوات لم يدخل مكان عبادة هكذا يقول وليس مسجد، كما يعترف بأنه لا يجيد من الصلاة إلا الحركات، ويُوَبَّخُ في دروس الدين لتهكمه في لحن نص القرآن، بداية لا تبشر بالخير في تعامله مع الدين، فضلا عن هذا تأتيه نوبات ضحك في طقس الصلاة المهيب، فطبيعته تنبئ بخلو قلبه وقالبه من الدين، وحياته خليط من نزق وفوضى تشي بلا مبالاةٍ متراكمة كألم مزمن متروك، المرحلة الثالثة في تعامله مع المقدس والدين يأتي من تناوله له، وأنه حقيقة مع شباب تربوا على ثقافة الشارع البعيد عن الآداب والأصول([56]).
إنه انحدارٌ إلى الحضيض في تناول الدين، واستهتارٌ بعبادة الصلاة والمسجد والجماعة، وتدنٍّ خطير في الثقافة، وصورةٌ من حياةِ أولاد الشوارع، وأسلوبِ حديثهم، في مسألة الاستخفاف بالدين والتجرأ على المقدسات.
وهذا الاستهتار بالدين ومقدساته، نشأ بعيدا عنه، وتثقف على الفكر المناوئ له، فهو كما يصرح تثقف على (ما العمل للينين) و(الانتباه لاربرتو مورافيا) و(نقد الفكر الديني-مأساة إبليس لصادق جلال العظم) و(نقد الخطاب الديني لحامد أبو زيد) و(إنسان مفرط في إنسانيته-كتاب العقول الحرة لنيتشه)، وغيرها([57]).
يناظر دارا بين الفكر الأصولي والزخارف الإسلامية في المساجد، ففيهما تكرار صارم ورتابة تصيبه بالدوار، ولأن الظروف الأمنية متوترة فطبيعي أن يتناقص عدد المصلين، وتختلف وجوههم، وأنها لا تشبه وجوه المصلين، ولعل دارا أنموذج لهؤلاء الوجوه وبفراسته يرى البوطي([58]) ذلك، نعم هناك إقرار بأن الخوف من النظام أكبر من الخوف من الله، فالله رحيم أما المستبدون فقساة ودمويون، وبعد هذا يأتي تصوير البوطي([59]) وخطبه وفكره، فاهتزاز رأسه يشبه اهتزاز نوسان الساعة، التي خلفه، وخطبه سِيَاسِيَّة عن النظام والدور الإقليمي لسورية وأطماع الغرب المسبِّبة لكل تلك الفوضى، لدرجة أن نصوص “ميشيل عفلق” لا تترقى لمستوى خطب البوطي، فضلا عن تداخل غريب لفكر البعث الإشتراكي وفكر البعث الإسلامي.
يبدو أن رفاق دارا مثله في الفكر والسلوك فهم سَطْر كتابةٍ جامدٍ في خضمِّ عبادة مقدسة، وملتهون بصغائر الأمور التافهة، عن الخطبة والصلاة، فمن الطبيعي أن تنتابهم ضحك مكبوت لأتفه ملاحظة يترصدونها (أشرت بأصبعي إلى التشقق الغائر في أسفل قدم أحدهم، فَاشْتَعَل ضَحِك صَامت عصيُّ على السيطرة بيننا، كسد متخم بالماء تفجّر فجأة، وكان طلاب البوطي يرمقونني بنظرات حادّة غاضبة) ([60]).
موقف يثير غضب المصلين أن تلهيهم بضحكك عن خطبة الجمعة والصلاة، ومرة أخرى كل إناء ينضح بما فيه، فماذا تنتظر ممن هجر الدين في حياته، وعاش في أحضان ثقافة مناوئة له، أكثر من طبيعي هذا التصرف والسلوك منه، لأن دارا يتحدث عن نفسه وجمعته.
فصل آخر من الإلهاء عن الخطبة في خضم عبادة جميلة ومؤثرة، حيث جال به ذاكرته في صباه، متابعة شراغيف الضفادع إلى أين تؤول بها الحال، وارتباك الأم وهي تراقب دارا في غرابة تفتق شهيته للطعام في بيوت الغرباء، فضلا عن فشله الدائم في اصطياد العصافير، وتأتأته الكلامية أمام ضحكات الفتيات خجلا، وهذه دلالة على بعده عن الحضور القلبي في تلك الجمعة، الوحيدة في حياته، على كل أنهى البوطي خطبته، وتراصوا للصلاة، والآن فقط تنبه الكاتب لروائح الأجساد الآدمية المختلطة بروائح العطور”الفاقعة”، ملاحظة أخرى، لدارا على المصلين، وهو كما ذكرهم غرباء، ربما كمثله يشهدون الصلاة والمسجد وخطبة الجمعة لأوَّل مرَّة!!([61]).
كل ماذكر من أحوال الجمعة في خضم الثورة السورية كانت لهدف واحد بعيد عن التجاذبات الفكرية والسلوكية، وهو تحول الجموع إلى مظاهرة ضد النظام، ولعل وجود دارا هو لجسّ نبض هذه الحالة، فصيحة داعية إلى الحرية، وشاب يسعى لتقبيل يد البوطي، واضطراب الوضع في المسجد، خلقت حالة نفسية يسودها الخوف والتوتر عند الجميع (ارتفعت حرارتي وتسارعت نبضات قلبي، ذابت روحي وترقرقت في عيني، شعرت بالشلل واللاجدوى والإطباق، وأحسست بكميَّةٍ هائلةٍ من طاقةٍ حارقةٍ في حنجرتي…كنت خائفا جدا، خوفا محضا مجردا، انقسم المسجد إلى من يصيح ومن يضرب من يصيح، انقلب الخشوع الباهت إلى حفلةِ قمْعٍ دموية، اختلطتْ الصفوف والأرتال، وكانت كلمة “الله” المكتوبة فوق قُبَّة الإمام تمعن في النظر) ([62]).
حصل ما كان متوقعا، اضطرابٌ ودعواتٌ للحرية وعنفٌ تجاههم، إنها جمعة الكرامة، صورة مُهْتَرَأَةٌ من المسجد والخطبة والجمعة والبوطي، منتهيةٌ بالعنف ومصبوغةُ بالدين، تتخللها استهتار واستخفاف واستهانة بالدين، هذا جانب من صورة “الكرد” الدينية، ممن أبان عن نفسه وفكره وثقافته، وهي صورة واقعية لذلك الجانب فقط، وفاقدة للجوانب الأخرى من الصورة الدينية، والتي تناقضها كليا.
رابعا: الصورة القومية
هذه الصورة قريبةٌ من الصورة السياسية، لكنها تخلِّد الأرض والقضية، وطالما غنى الكردي (أرضه، وطنه،قضيته) ورأى أحلاما جميلة عنها، ولايزال غارقا في النوم على أمل استمرار الحُلُم….
ودارا عبدالله يتحرك ضمن دائرة القضية القومية، التي يؤمن بها ويسعى ليخدمها (القضيّة الكرديَّة وعدالتها والظلم التَّاريخي الّذي لحق بِأهلي هو شيء لا يقبلُ النقاش..أَمَّا من يقول بِأني “أنكر أصليَ الكردي”، كي “أحقق مكاسب”” و”أرضي جماعة ضد أخرى”، وقد صدر هذا الكلام من قبل صديقات وأصدقاء في السر والعلن، بعضهم مُقرَّبون، فهذه فعلاً وَضَاعة وإسَاءة لن أسامح أحداً عليها..لست قوميًّا كرديًّا بالمعنى السياسي، هذا كلام واضح. أنا معني بعدالة القضيّة الكرديَّة طبعًا..القوميّة بالنسبة لي عنصرٌ يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار في التحليل..) ([63]).
كان هذا رد دارا على من اتهمه بأنه إنسان انتهازي وذرائعي، يهتم بشأنه الخاص، ويعمل مع دائرة المصلحة على حساب القضية القومية التي يدَّعي أنه مناضل بقلمه من أجلها.
دائما هناك حرب ضروس على المكان بدءًا من تسميته، فـ”سَري كَاني” تثبت أصالة الكرد وامتلاكهم للمدينة، بينما “رأس العين” تخطف العروسَةَ لغريب، وهكذا في سباق مميت للاستحواذ على المدينة (هل الممحاة عرقية بعثية أم قومية كردية؟ أيُّ حرف شيَّع جثَّة الآخر، العربي المكتوب بالكرديِّ المنطوقِ أم العكس)([64]).
فلمن المكان إذا أولا؟، وكيف ستثبت مُلكيَّته؟ للأكراد العاملين في مطاعم دمشق الذين تكَفَّل عَرَقُهم بتحويل الطين المنهك إلى إسمنت أكثر هشاشة، والذين يبالغون في التدخين، حتى أن التبغ الداخل إلى رئاتهم تكفي لتحسين مزاجِ نصف سكان الأرض، بل هي رئات تَصَيَّرتْ إلى عوادم سيارات فاخرة، فعلا، لماذا الخوف من صيحة الكردي ومطالباته؟ أوكلما نهض أجبروه على الرقود! يبدو أنه لا يستحق الحياة، ماذا سيحصل للدنيا إذا طالب عمال النرجيلة الانفصال؟ ولماذا كل هذا الخوف؟ يبد أنَّ في المسألة إنَّ!.
يتفنن دارا بأسلوبه في النيل من المتشددين، والحاملين لراية الدين، فالخليفة خياط عمامات!!، وهو قبلة المعارضين الباحثين عن جبَّة!، ويتساءل عن نوع الضمير الذي يمتلكه من كان يبكي إلى يوم أمس على مصير حاكم دمشق مع كل عنفوانه ودمويته، والآن أصبح الراعي الحزين لمصير الشعب ويذرف الدموع على أحواله، فقد نكصَ الشارع عن وعده برفاهية الحياة، وثمة استسلام لوعد نصرة الدين، حيث يناله المرء بالتعمق في رفاهية الموت.
وفي خضم كل هذا نلمس صمتا عاقا للنخب الفكرية عن هذه الجرائم الجسيمة في حق الكرد وعامة الناس من الشعب فهو( خوف من “شق” الصف المتراص بملاط الخطأ، استسلمت الطليعة لعضلات الخناجر) ([65]).
مرة أخرى خيبة كردية من حراك المعارضة السورية بكل الوانها، فثمة كل شيء إلا الحق الكردي والأصوات تتعالى مطالبة بكل حق إلا الحق الكردي لينام مئة سنة أخرى في رقاد طويل، إنه يسترسل في نومه، بل حلمه.
في هذه الحياة وضمن الظروف التي يعيشها الكردي، لابد أن ينكر قوميته حتى يكون مقبولا، وإذا تجاوز الكردي الأعراف وأعلن أَنَّه كردي، جَابهوه بِالتحْذير من يقظة البركَان، وأنهم مخططوا تقسيم البُلدان، وكَأن البلدان في اتحاد عالمي والكرد هم الخطر عليه، والترصد قائم على قدم وساق لمعرفة ما يتفوَّه به الكردي، كي يلْقَفوه منه مهما كان ما يقولوه، لكنه في نظرهم كفر قومي، وكلامه جارح للهواء، وانه يصرِّح بالفدرالية وأنه انفصالي، من شِعَار نُحَوِّله إلى سؤال، هل الأكراد هم فائض عن حاجة الله على الأرض؟!.
من جديد ملحمة المكان تكتض بها الأحداث، وتتجدد صورة رأس “العين” فهي لم تعد”سري كاني” كما بدأ به دارا جداريته، حيث يستولي عليها خليفة مع ألف وأربعمائة حصان طروادي، وسمتهم البارزة، لحى طويلة متناسبة مع ضمائر قصيرة، يا ترى كيف سَيستقبل الكردي هذا الانتصار لجماعات مغلوبة على أمرها؟ يبدو أنهم سيتبعون خليفةً بكيانهم الكردي الصاعق لأكراده، فعلا صعب على كردي مغلوب على أمره في قضيته القومية أن يخرج من هاجس المقابر، حيث الخوف والرعب (قمة الهرج يختصره حائط كردي طيني كتب عليه”برسم البيع” بخَّ المسلحون عليه كلمة “الله أكبر”، أصبحت الجملة “الله أكبر برسم للبيع”)([66]).
إِنَّهَا الضَّرْبَة المتوَقِّعَة من دارا من جَدِيْدٍ لِلدِّيْن من خلال تلك الجماعات المدّعية للدين، والمفارقة للدين في فكرها وسلوكها، في نظره الله أكبر بضاعة للمتاجرة بها، وكأنها الكلمة التي اضطهدت الكرد في قضيتهم وليس المتشددون والعنصريون القوميون!!.
نتائج البحث :
- الصورائية قدمت خدمة جليلة للشعوب لغرض التعارف والتعايش، ومعرقة حقائق كل شعب عبر صورتها الأدبية المنبثقة من الأنا الخاص بتلك الشعوب.
- دارا عبدالله الأديب الشاب المبدع أنموذج للأنا الكردية التي قدَّمت صورة صادقة معبرة عن معانات الشعب الكردي ومآسيه للعالم أجمع، وهي صورة أدبية مختزلة ومشحونة بالدلالات تتوفر فيها كل مقومات الجمال.
- الكرد لهم حضور حقيقي في ساحة الشرق الأوسط، وهم عامل مؤثر في التجاذبات الإقليمية والدولية.
- لم يذق الكرد طعم الراحة طيلة قرون ولعلهم يدفعون ضريبة تاريخهم المشرق في الاسلام، لذلك توالت عليهم الضربات والانقسامات، وفقدوا مقومات الحياة الكريمة.
- للكرد صورة مشرقة من الفن النابض بالحياة، ولعل محمد شيخو يمثل سمفونية الإحساس بالأمل، ورسم دارا عبدالله صورة الفن الكردي الحامل لرسالته إلى العالم من خلال هذا الفنان الكردي المشهور.
- ونلمس خيبة أمل كبيرة في رسم دارا للصورة الدينية للكرد، والمتراوح بين شباب خامل يعيش هجرانا، وعلماء يستظلون بحكام متجبرين، وهذا جانب من الصورة المظلمة للدين عند الكرد في مقابل صورة مشرقة تم إهمالها بإجحاف.
- صورة تعبر عن سخرية الكاتب للتحرك السياسِي الكردي في غرب كردستان، ويسودها فقدان للأمل، في هؤلاء القيادات والأحزاب.
- 8. للمجنون في الآداب حضور مؤثر وهو عنصر اعتماد بيد الأدباء، وَشَخْصية المجنون أَصْبحت عند دارا عبدالله علامة فارقة في الندوات الحزبية، وتنبئ عن حالة اليأس من الكل بدون استثناء، إلّا المجنون نفسه فهو المؤنس الوحيد على الساحة.
- صورة الكردي المتهم دوما لأنه كردي وصاحب قضية، وتأويل أبسط كلامه إلى دعوة للانفصال، تعلو معرض الشأن الكردي بين الأقوام والأفكار والتوجهات التي يعيش بينها.
قائمة المصادر والمراجع:
المصدر:
- الوحدة تدلل ضحاياها، دارا عبدالله، مسعى للنشر والتوزيع، البحرين، 2013م.
المراجع:
- إكثار القليل، دارا عبدالله، إضاءات على الراهن السوري، سلسلة شهادات سورية 12، الناشر: بيت المواطن للنشر والتوزيع، دمشق – سورية، ط 1، 2015.
- تاريخ الأيوبيين في مصر والشام، محمد سهل طقوش، دار النفائس، ط1، 1999م.
- دليل الناقد الأدبي، ميجان الرويلي- سعد البازعي، ط 5، المركز الثقافي العربي، المغرب، 2007.
- صلاح الدين الأيوبي، علي محمد الصلابي، دار المعرفة، ط1، 2008م.
- الصورة الشعرية، س. دي. لويس، دار الرشيد، ط1 بغداد- 1982.
- ظهور الكرد في التاريخ، د. جمال رشيد أحمد، دار ئاراس للطباعة والنشر، العراق- أربيل، ط 1، 2003.
- الكرد وكردستان، بحث في دائرة المعارف الاسلامية الصادرة في 1986م باللغة الانكليزية، ترجمة: اللواء الركن محمد نجم النقشبندي، 1433هــ/2002م، مطبعة المعروف – شارع السعدون.
- ميزوي هاوجةرخي كورد، ديفيد مةكداول، ط2، 2005.
- الحيوان، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ(255هــ)، ج3، تحقيق وشرح: عبدالسلام هارون، ط 2، 1965، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر.
- دلائل الاعجاز، الامام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني(471هــ)، قرأه وعلق عليه: محمود محمد شاكر، الناشر مكتبة الخانجي- القاهرة.
- الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري(ت 398هــ)، دار الحديث – القاهرة، 2009م، راجعه واعتنى به: د. محمد محمد تامر- أنس محمد الشامي- زكريا جاب أحمد.
المعاجم:
- القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي(ت817هــ)، راجعه واعتنى به: أنس محمد الشامي- زكريا جاب أحمد، دار الحديث – القاهرة، 2008م.
- لسان العرب، للإمام العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور(ت 711هــ)، دار صادر، بيروت.
- مصطلحات الدارسات الثقافية والنقد الثقافي، سمير الخليل، دار الكتب العلمية، د-ط، د-ت، د-ب.
- معجم التعريفات، للعامة علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني(ت 813هـ=1413م)، تحقيق ودراسة: محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة، مصر-القاهرة، 2004.
- مقاربات تطبيقيّة في الأدب المقارن، ماجدة حمود، منشورات اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000.
- موسوعة تاريخ العرب- العصر الأيوبي، دار ومطبعة الهلال، بيروت-لبنان، 2006م.
الأطاريح والرسائل الجامعية
- الصورة الشعرية بين أدونيس ولطيف هلمت، كولالة كاظم عبد الفتاح الحويزي ، رسالة ماجستير، جامعة صلاح الدين كلية الآداب، بإشراف: د. لطيف محمد حسن.
- صورة الآخر في الرّواية الجزائريّة من سنة 1950 إلى سنة 2010، عاليّة زروقي، أطروحة دكتوراه، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف، كليّة الآداب والفنون، قسم الأدب العربي، 28/2/2017.
- الأنا الكولونيالي وصورة الجزائر في أعمال جي دي موباسون، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، تخصص: الدراسات النقدية والثقافية المقارنة، إعداد الطالب: أحمد العارف، إشراف: د. محمد قراش، جامعة زيان عاشور بالجفلة
- كلية الآداب واللغات والفنون-قسم اللغة العربية وآدابها، 2019-2020.
- صورة الأنا والاخر في شعر مصطفى محمد الغماري، سلاف بوحلايس، مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في الأدب الجزائري الحديث، إشراف عبد الرازق بن السبع، جامعة الحاج لخضر باتنة 2008-2009.
- الصورة السردية في رواية (ما لم يعشه سندباد) لعز الدين ميهوبي، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في اللغة العربية والأدب العربي، جامعة العربي بن مهيدي، إعداد الطالبة: خولة فالي، بإشراف أ. شهرة بلغول، 2018-2018.
- صورة المجتمع التارقي في رواية ” نزيف الحجر” لإبراهيم الكوني. إعداد الطالب- ة: لبيبات عبد الغني، واسع فهيمة. مذكرة مقدّمة ضمن متطمبات نيل شهادة الماستر تخصص: أدب حديث ومعاصر. جامعة محمد بوضياف – المسيمة، كليّة الآداب والمّغات- قسم اللّغة والأدب العربي، السنة الجامعيّة : 1440 – 1441 ه/ 2019 – 2020 م.
البحوث والدراسات
- أفق الصورولوجيا (نحو تجديد المنهج)، عبد النبي ذاكر، مجلة علامات في النقد، العدد 51 ، 2004.
- البقاع المقدسة في الرحلة الغربية -رحلة في بلد العجائب- (حجُّ مسيحيٍّ إلى مكَّة والمدينة)، مكي سعد الله،، مجلة دراسات استشراقية، العدد:16، السنة: الخامسة – خريف 2018م / 1440ه .
- الصورولوجيا في السرد الروائي عند مهدي عيسى الصقر، نوافل يونس الحمداني ، مجلة ديالى، جامعة ديالى، عدد 55 ، 2012.
- الصورولوجيا وإشكالية التمثلات الأدبية، عبدالرحمن بو علي، المجلة العربية للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد 12 عدد 2 افريل 2012 السنة 12.
الانترنيت
- حكم وأقوال عن الجنون، www.rep.com.
- دارا عبدالله، https://www.alaraby.co.uk/author/16083
- دراسة الصورة الأدبية (الصورولوجيا) صورة الفرس في بخلاء الجاحظ، الأستاذ مصطفى، 2/11/2012 م https://www.startimes.com/?t=31603465
- سلسلة دراسات في التاريخ الكردي، د. أحمد خليل، موقع كلكامش، 19/1/2015م.
- السلطات السورية تطلق سراح الكاتب دارا عبد الله، November 12, 2012المصدر: دمشق – “سكايز”، http://www.skeyesmedia.org/ar/News/Syria/2394
- علاقة دارا عبدالله مع الكتب والقراءة، https://www.ultrasawt.com.
- العلامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي، السيرة الذاتية: https://www.naseemalsham.com/persons/muhammad_said_ramadan_al_bouti
- الكاتب دارا عبدالله، https://www.ultrasawt.com
- لن أسمح لهذا الظلم أن يصبح مظلوميَّة، دارا عبدالله…https://www.almodon.com/culture/2017/6/16.
- نبذة عن محمد شيخو على الانترنيت، http://alan;urd.blogspot.com
- الوحدة تدلل ضحاياها» لدارا عبدالله عن السجون التي تسكننا، هوشنك أوسي، الاحد17 نوفمبر 2013، https://almustaqbal.com/article/592014
[1]– الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري(ت 398هــ)، دار الحديث – القاهرة، 2009م، راجعه واعتنى به: د. محمد محمد تامر- أنس محمد الشامي- زكريا جاب أحمد، ص 663.
[2]– القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب القيروز أبادي(ت817هــ)، راجعه واعتنى به: أنس محمد الشامي- زكريا جاب أحمد، دار الحديث – القاهرة، 2008م، ص 955.
[3]– لسان العرب،للامام العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور(ت 711هــ)، دار صادر بيروت، مج 4، ص 473.
[4]– معجم التعريفات، للعلامة علي بن محمد السيد الشريف الجرجاني(ت 813هـ=1413م)، تحقيق ودراسة: محمد صديق المنشاوي، دار الفضيلة، مصر-القاهرة، 2004، ص 116.
– [5]الصورة الشعرية، س. دي. لويس، دار الرشيد، ط1 بغداد- 1982، ص20.
– [6]الصورة الشعرية بين أدونيس ولطيف هلمت، رسالة ماجستير، كولالة كاظم عبد الفتاح الحويزي، ص 6.
– [7]الصورة الشعرية بين أدونيس ولطيف هلمت، ص 6..
– [8]الحيوان، أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ(255هـ)، ج3، تحقيق وشرح: عبدالسلام هارون، ط 2، 1965، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ص 132.
[9]– كتاب دلائل الإعجاز، الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني(471هـ)، قرأه وعلق عليه: محمود محمد شاكر، الناشر مكتبة الخانجي- القاهرة، ص 254 .
– [10]الصورة الشعرية بين أدونيس ولطيف هلمت، رسالة ماجستير، كولالة كاظم عبد الفتاح الحويزي، ص 8.
– [11] الصورة الشعرية بين أدونيس ولطيف هلمت ، ص 9، 11.
[12] – البقاع المقدسة في الرحلة الغربية -رحلة في بلد العجائب- (حجُّ مسيحيٍّ إلى مكَّة والمدينة)، مكي سعد الله، مجلة دراسات استشراقية، العدد:16، السنة: الخامسة – خريف 2018م / 1440هـ، ص 37. وينظر، الصورة السردية في رواية (ما لم يعشه سندباد) لعز الدين ميهوبي، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في اللغة العربية والأدب العربي، جامعة العربي بن مهيدي، إعداد الطالبة: خولة فالي، بإشراف أ. شهرة بلغول، 2018-2018، ص 21.
[13] – الصورولوجيا في السرد الروائي عند مهدي عيسى الصقر، نوافل يونس الحمداني ، مجلة ديالى، جامعة ديالى، عدد 55 ، 2012 ، ص 01.
[14] – مصطلحات الدارسات الثقافية والنقد الثقافي، سمير الخليل، دار الكتب العلمية، د-ط، د-ت، د-ب، ص 211.
[15] – أفق الصورولوجيا (نحو تجديد المنهج)، عبد النبي ذاكر، مجلة علامات في النقد، العدد 51 ، 2004 ، ص 35-36.
[16] – صورة الأنا والاخر في شعر مصطفى محمد الغماري، سلاف بوحلايس، مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في الأدب الجزائري الحديث، إشراف عبد الرازق بن السبع، جامعة الحاج لخضر باتنة 2008-2009، ص 15.
[17] – أفق الصورولوجيا (نحو تجديد المنهج)، عبد النبي ذاكر، مجلة علامات في النقد، العدد 51 ، 2004 ، ص 28.
[18] – ينظر، صورة المجتمع التارقي في رواية ” نزيف الحجر” لإبراهيم الكوني. إعداد الطالب- ة: لبيبات عبد الغني، واسع فهيمة. مذكرة مقدّمة ضمن متطمبات نيل شهادة الماستر تخصص: أدب حديث ومعاصر. جامعة محمد بوضياف – المسيمة، كليّة الآداب والمّغات- قسم اللّغة والأدب العربي، السنة الجامعيّة : 1440 – 1441 ه/ 2019 – 2020 م، ص 11.
[19] – مقاربات تطبيقيّة في الأدب المقارن، ماجدة حمود، منشورات اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000 ص، 110
[20] – دليل الناقد الأدبي، ميجان الرويلي- سعد البازعي، ط 5، المركز الثقافي العربي، المغرب، 2007 ، ص21.
[21] – الأنا الكولونيالي وصورة الجزائر في أعمال جي دي موباسون، رسالة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها
تخصص: الدراسات النقدية والثقافية المقارنة، إعداد الطالب: أحمد العارف، إشراف: د. محمد قراش، جامعة زيان عاشور بالجفلة
كلية الآداب واللغات والفنون-قسم اللغة العربية وآدابها، 2019-2020، ص 28-29.
[22] – دراسة الصورة الأدبية (الصورولوجيا) صورة الفرس في بخلاء الجاحظ، الأستاذ مصطفى، 2/11/2012 م
[23] – دراسة الصورة الأدبية (الصورولوجيا) صورة الفرس في بخلاء الجاحظ، الأستاذ مصطفى، 2/11/2012 م
[24] – صورة الآخر في الرّواية الجزائريّة من سنة 1950 إلى سنة 2010، عاليّة زروقي، أطروحة دكتوراه، جامعة حسيبة بن
بوعلي، الشلف، كليّة الآداب والفنون، قسم الأدب العربي، 28/2/2017، ص 27 .
[25] – دراسة الصورة الأدبية (الصورولوجيا) صورة الفرس في بخلاء الجاحظ، الأستاذ مصطفى، 2/11/2012 م
[26] – الصورولوجيا وإشكالية التمثلات الأدبية، عبدالرحمن بو علي، المجلة العربية للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد 12 عدد 2 افريل 2012 السنة 12، ص 81. وينظر، مقاربات تطبيقيّة في الأدب المقارن، ماجدة حمود، منشورات اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000 ص ، 110-114.
– [27]الكرد وكردستان، بحث في دائرة المعارف الإسلامية الصادرة في 1986م باللغة الانكليزية، ترجمة: اللواء الركن محمد نجم النقشبندي، 1433هـ/2002م، مطبعة المعروف – شارع السعدون، ص 9.
– [28]ظهور الكرد في التاريخ، د. جمال رشيد أحمد، دار ئاراس للطباعة والنشر، العراق- أربيل، ط 1، 2003، ص 313.
– [31]ميزوي هاوجةرخي كورد، ديفيد مةكداول، ط2، 2005، ص 10-11.
– [32]صلاح الدين الأيوبي، علي محمد الصلابي، دار المعرفة، ط1، 2008م، ص 223. وموسوعة تاريخ العرب- العصر الأيوبي، دار ومطبعة الهلال، بيروت-لبنان، 2006م، ص 14-15.وتاريخ الأيوبيين في مصر والشام، محمد سهل طقوش، دار النفائس، ط1، 1999م، ص 13-16.
– [33]سلسلة دراسات في التاريخ الكردي، د. أحمد خليل، موقع كلكامش، 19/1/2015م.
– [34]ظهور الكرد في التاريخ، ص 227-230.
– [36]ظهور الكرد في التاريخ، ص 235.
– [37]دارا عبدالله، https://www.alaraby.co.uk/author/16083
– [38] إكثار القليل، دارا عبدالله، إضاءات على الراهن السوري، سلسلة شهادات سورية 12، الناشر: بيت المواطن للنشر والتوزيع، دمشق – سورية، ط 1، 2015.
– [39] الكاتب دارا عبد الله، https://www.ultrasawt.com
– [40]السلطات السورية تطلق سراح الكاتب دارا عبد الله، November 12, 2012المصدر: دمشق – “سكايز”، http://www.skeyesmedia.org/ar/News/Syria/2394
– [41]الوحدة تدلل ضحاياها» لدارا عبدالله عن السجون التي تسكننا، هوشنك أوسي، الاحد17 نوفمبر 2013، https://almustaqbal.com/article/592014
– [42]الوحدة تدلل ضحاياها، دارا عبدالله، مسعى للنشر والتوزيع، البحرين، 2013م، ص 30.
– [43] هو محمد صالح شيخموس أحمد، هو مغن كردي مشهور من أكراد سورية ولد عام 1948 وأشتهر بأغانيه في الأعراس والمناسبات، وانتقل في فترات من حياته بين سورية والعراق وإيران، يعد مدرسة غنائية في الفن الغنائي الكردي، عرف بمواقفه الوطنية، وفي 9/آذار 1989 رحل أثر مرض مفاجئ، وترك خلفه كما هائلا من الأغاني. للمزيد من المعلومات، ينظر، نبذة عن محمد شيخو على الانترنيت، http://alan;urd.blogspot.com
– [44]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 30.
– [45]الوحدة تدلل ضحاياها ، ص 30
– [47] دارا عبد الله…لن أسمح لهذا الظلم أن يصبح مظلوميَّة، https://www.almodon.com/culture/2017/6/16.
– [48]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 24.
– [51]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 36.
– [53]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 36.
– [54] حكم وأقوال عن الجنون، www.rep.com.
– [55]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 36.
– [56]الوحدة تدلل ضحاياها ، ص 51.
– [57]علاقة دارا عبد الله مع الكتب والقراءة، https://www.ultrasawt.com.
– [58]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 51.
– [59]هو ملا محمد سعيد ملا رمضان البوطي، من كبار علماء الكرد في سورية، ولد في 1929م، كان والده معلمه الأوحد، تأثر بالصوفية، في عام 1965 حصل على الدكتوراه من جامعة الأزهر الشريف، وشغل عدة مناصب أكاديمية في كلية الشريعة بجامعة دمشق، وشارك في الكثير من المؤتمرات، كما شغل عضوا في الكثير من المؤسسات والمجامع الدينية، ومثل التوجه المحافظ لمذاهب أهل السنة الأربع في الفقه، هذا فضلا عن دفاعه عن الإسلام في وجه الالحاد والتوجهات الدينية المتشددة، توفي رحمه الله في دمشق في انفجار داخل الجامع الأموي بتاريخ 21/3/2013م.ينظر، العلامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي، السيرة الذاتية: https://www.naseemalsham.com/persons/muhammad_said_ramadan_al_bouti
– [60]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 52.
– [62]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 53.
– [63]دارا عبد الله…لن أسمح لهذا الظلم أن يصبح مظلوميَّة، https://www.almodon.com/culture/2017/6/16.
– [64]الوحدة تدلل ضحاياها، ص 46.