طرائق تدريس اللُّغة العربيّة، استراتيجية العصفِ الذّهنيّ في تنمية مهارة القراءة التّفاعليّة
قِصّة “إشارة تعجّب” للكاتبة “فاطمة الكعبيّ” أنموذجًا
Methods of teaching the Arabic language. Brainstorming Strategy in Developing Interactive Reading‘ An Exclamation Mark’ story by ‘Fatima Alkaaby’ as an example
د. ربيعة محمّد /جامعة حلب (سورية) Dr. Rabiaa Mohmed/University of Aleppo(Syria)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 80 الصفحة 9.
الملخّص:
استراتيجية العصف الذّهنيّ من أهم استراتيجيات التّعلّم النّشط، فهي تثير مهارات التّفكير الإبداعيّ لدى المتعلّمين. تُطبَّق هذه الاستراتيجية بوساطة تحديد المشكلة من المعلّم قبل جِلسة العصف الذّهنيّ، وفي أثناء الجِلسة يُعيد المعلّم صياغة المشكلة على المتعلّمين، ويبدأ بتهيئةٍ حافزة. ومن ثم يطرح عليهم أسئلةً متعددةً تُثير تفكيرَهم، وتُحفّزهم على إنتاج عددٍ كبيرٍ من الأفكار تتمحور حول المشكلة/موضوع النقاش. فتُدوَّن الأفكار من دون تقييمٍ لها أو نقدٍ. وعقب الانتهاء من توليد الأفكار تُثبَّت الأفكار المناسبة على السّبورة، وتُحذف غير المناسبة. فالعصفُ الذّهنيّ إمطارُ عقولِ المتعلّمينَ بأسئلةٍ كثيرةٍ تتطلّب إجاباتٍ متنوّعةً عنها؛ للوصول إلى حلولٍ مُقترَحة للمشكلة. وهذه الاستراتيجية فاعلةٌ في التّعلّم النّشط؛ لأنّها تُكسب المتعلّم طلاقةً لغويّةً، ومرونةً ذهنيّةً تُتيحُ له التّعبير عن رؤاه الذّاتية أمام الآخرين من دون ارتباكٍ، وتعكس أيضًا قدرة المتعلّمين على التّفاعل مع النّصوص القرائية المتنوّعة، وإعادة إنتاجها ثقافيًّا ومعرفيًّا. يقدّم هذا البحث دراسةً تطبيقيّةً لكيفية تطبيق استراتيجية العصف الذّهنيّ في دروس القراءة.
الكلمات المفتاحية: العصف الذهني، القراءة التفاعلية، مهارات، المتعلمين، استراتيجية، التّفكير الإبداعيّ.
Abstract:
Brainstorming is one of active learning most important strategies. It enhances Learner’s creative thinking skills. This strategy is applied by the teacher by detecting the problem before the brainstorming session. During the sessions, the teacher rephrases the problem and starts with motivating preparation. After that, he starts asking his students multiple questions that would attract their attention and motivate them to produce an enormous number of ideas centered around the problem that forms the topic of discussion. Ideas are written down without any evaluation or criticism. After generating ideas, the most suitable ones are pinned on the board and the unsuitable ones are deleted. Therefore, brainstorming is a process of asking students a lot of questions that need a variety of answers in order to attain suggested solutions to the problem. This strategy reflects learners’ ability to interact with various reading texts.
Key words: Brainstorming, Interactive Reading, strategy, skills, learners, thinking, creative.
التّمهيد:
يقوم التّعلّم النّشط على توظيف استراتيجيات عدّةٍ في العملية التّعليميّة، وتتنوّع هذه الاستراتيجيات من موقفٍ تعليميٍّ إلى آخر، وقد يَفرضُ الموقف التّعليميّ استراتيجية محدّدةً من دون أخرى. والعصف الذّهنيّ استراتيجية مهمّةٌ من استراتيجيات تعلّم اللُّغة العربيّة وآدابها؛ لأنّها تقدّم المادّة التّعليميّة للمتعلّمين بسهولةٍ ويسرٍ، إذ يغدو المتعلّم الهدفَ والأداةَ في آنٍ؛ بمعنى أنّ المتعلِّم يكون فاعلًا في الموقف التّعليميّ النّشط يُشارك في إنتاج المعرفة بعدما كان متلقّيًا سلبيًّا لها في الموقف التّعليميّ التّقليديّ التّلقينيّ، الأمر الذي يحفزّ التّفكير الإبداعيّ لديه.
تكمن أهمية هذا البحث في الكشف عن أثر استراتيجية العصف الذّهنيّ في تنمية القراءة التفاعليّة لنصٍّ سرديٍّ؛ لأنّ هذه الاستراتيجية تتيح الحوار، والتّفاعل بين المعلِّم، والمتعلِّم، وبين جمهور المتعلّمين أيضًا، ممّا يخلق جوًّا تفاعليًّا في الموقف التّعليميّ ينفتح على حواراتٍ عدّةٍ، وعلى وجهات نظرٍ متنوّعةٍ، ومختلفةٍ بحسب الفروق الفرديّة بين المتعلّمين.
دافعي إلى دراسة قِصّةٍ إبداعيّةٍ بوساطة استراتيجية العصف الذّهنيّ هو الحاجة إلى نقل هذه الاستراتيجية من الحقل النّظريّ إلى الحقل التّطبيقيّ، وذلك في موقفٍ تعليميٍّ محدّدٍ، إذ يحاول هذا البحث الإجابة عن سؤالٍ مهمٍّ في طرائق تدريس اللُّغة العربيّة، وهو كيف يُطبّقُ معلّم اللغة العربية استراتيجية العصف الذّهنيّ على نصٍّ قرائيٍّ في موقفٍ تعليميٍّ؟
يهدف هذا البحث إلى الكشف عن الآلية التي تُطبَّق وفقها استراتيجية العصف الذهني، ويكشف عن أثر هذه الاستراتيجية في تنمية مهارة القراءة التّفاعليّة لنصٍّ قرائيٍّ في جلسة عصفٍ ذهنيٍّ واحدةٍ؛ فهذا البحث أنموذجٌ إجرائيٌّ يتيح للمعلّمين والمتعلّمين أيضًا الكشف عن الأدوات الإجرائية لاستعمال هذه الاستراتيجية في نصوص القراءة للانتقال بمهارة القراءة إلى مستويات عليا، مثل القراءة الناقدة، والقراءة التّفاعليّة اللتين تمثّلان صورةً متقدّمةً لتعلّم القراءة الفاعلة التي تُكسبهم الخبرات اللازمة التي يعالجون بوساطتها المشكلات التي تواجههم سواء في المدرسة أم الحياة الاجتماعية.
يتبع البحث المنهج الوصفيّ التّحليليّ، وذلك بتحديد الظاهرة المدروسة، وتفسيرها تفسيرًا علميًّا قائمًا على الملاحظة والتّجريب.
يتوزع هذا البحث على مدخلٍ نظريٍّ يكون الحديث فيه عن مفهوم القراءة، واستراتيجية العصف الذّهنيّ. وقسمٍ تطبيقيٍّ يشتمل على أنموذج تطبيقيٍّ لكيفية تطبيق استراتيجية العصف الذّهنيّ في جلسة عصف ذهنيّ على قِصّة (إشارة تعجّب) للكاتبة الإماراتية (فاطمة الكعبيّ)*.الفئة المستهدفة طلبة المرحلة الثانوية، مدرسة الإبداع العلمي ند الشبا، الإمارات العربية المتحدة.
أوّلًا: المدونة:
علامة تعجّب!
الوقتُ بدا لي كسلحفاةٍ تحبو بكسلٍ، وأنا لم أكفَّ عن التّثاؤبِ لحظةً، رغم ركلات جنيني، وهو يعلنُ تذمّرَهُ، وضعتُ يدي على بطنيّ، وأنا أتمنّى لو باستطاعتي الاستلقاءُ على ظهريّ حتى يحينَ موعديّ في صرفِ الدّواءِ.
نظراتُ العجوزِ ذاتِ البرقعِ الأخضرِ اللامعِ تستفزّني، يبدو أنّ منظري -هكذا- كاشفةً عن وجهي لا يروقُ لها كثيرًا. أدرتُ وجهي عنها، وما إن فعلتُ حتّى قفزتْ من مقعدِها بخفّةٍ لا تناسبُ عمرَها، وجلستْ بجواري.
- منذُ ربع ساعةٍ، وأنا أنتظر دوري.
هكذا بلا مقدّمات بدأتِ الحديثَ، وهي تحشرُ جسدَها في فراغٍ صغيرٍ بجانبي على الكرسيّ الخشبيّ، ثم أردفتْ تشتمُ إدارةَ المستشفى، وتُبدي رأيَها في نظامِ الأرقامِ الجديدِ في الانتظارِ الذي تراه يؤخّرُ النّاسَ كثيرًا. ساءَني رأيُها، وأنا أتخيّلُ نفسي أقفُ لدى شباكِ الصّيدليةِ وسط أكوامٍ من النّساءِ بانتظارِ حفنةِ فيتامينات.
- بالعكسِ أنا أرى أنّ هذا النّظامَ أفضلُ بكثيرٍ على الأقلِ لِمَنْ مثلكِ ومثلي ممَنْ لا يقوَيْنَ على الوقوفِ، والزحامِ كثيرًا.
تُبدي تبرمَها كتعليقٍ، يبدو أنّ طفلي لم يستسغْها مثلي؛ فقد عاودَ رفسي ما إن سمعَ صوتَهَا الحادَّ، وهي تسألُني أسئلةً كثيرةً، وتزجّني في أحاديثَ فارغةٍ. اكتفيتُ بردودٍ مقتضبةٍ حتّى بدأتْ تشعرُ أنّ الحديثَ مع امرأةٍ مكورةٍ مثلي بالكادِ تلتقطُ أنفاسَها لن يكون ممتعًا، فصمتَتْ عنّي، واكتفَتْ بمراقبةِ النّاسِ المارينَ من أمامِنا، معَ بعضِ تعليقاتٍ لا تخلو في أغلبِها من تهكُّمٍ.
- لو كانَ أبوكَ معَنا!
حدّثْتُ جنيني، وأنا أرى عددًا من الرجالِ يرافقونَ زوجاتِهم في فحوصاتِ الحملِ. شعرتُ بوحدةٍ قاسيةٍ تشبهُ اليُتمَ، وتمنيتُ لو يرافقُني مرّةً في هذه الفحوصات الشّهريّةِ، يدخلُ معي إلى غرفةِ الكشفِ، يشاهد ابنَه المتكوّم في بطنيّ، أو حتى ينتظرُنيّ عند البابِ بشغفٍ، ويسألُني بلهفةِ الزّوجِ، وحرصِ الأبِ.
- لديكِ السّائقُ…يُوصلُكِ أينما تريدينَ.
كانتِ الصحيفةُ حائطًا بينَنا، تطالعُني بوقاحةٍ، وهي بينَ يديهِ.
- أنتَ زوجي، وليس السائقُ.
يتأفّفُ. وتأفّفاتُ العجوزِ، ونظراتُها التي تنهشُ المارّةَ تزيدُ من ضيقي، كما تشعرُني تعليقاتُها اللّاذعةُ بالضّجر.
- لا وقتَ لديَّ..
أنا التي لديّ منَ الوقتِ تسعةُ أشهرٍ أحملُ فيها ابنَكَ بينَ أحشائي، لا يهمّكَ خلالها سوى سؤالٍ واحدٍ:
- ولدٌ أم بنتٌ؟
يداهمني الأسى كلما حرثْتُ ذاكرتيّ في مواقفَ لا جدوى منها. أحاولُ إقصاءَهُ عن تفكيريّ، وأنا أعاودُ تقليبَ الورقةِ التي تحملُ رقمي، وأقارنُها بالرّقمِ الذي كان يُضيءُ الشّاشةَ السّوداءَ بجانب الصّيدلية، ولمّا هممْتُ بالنّهوضِ أعادتني العجوز بيدِها، وهي تشيرُ:
- انظري!
نظرتُ إلى حيث أشارتْ، فرأيتُ امرأةً تسيرُ برفقةِ زوجِها، شعرتُ بالغَيْرةِ، ولم أستطعْ إبعادَ نظريّ عنهُما، والعجوزُ تتمتمُ بكلماتٍ متداخلةٍ لم أفهمْها، ولكنّي استشعرتُ ضيقَها، ظلّت نظراتُنا معلقةً بهما حتّى اختفيا، فلتَتْ من بينِ شفتَيْ تنهيدةٌ طويلةٌ، بينَما نفثتِ العجوزُ غيظَها في برقعِها، وعلّقَتْ عليهما بتهكّمٍ:
- (وين احنا)؟ في (باريس)!
شنقتني عبارتُها، فحدّقتُ في تغضّناتِ وجهِها بدهشةٍ، قبل أنْ أغادرَها بعجلٍ دونَ أدنى تعليقٍ[1].
ثانيًا: المدخل:
يتناول المدخل الحديث عن مفهوم القراءة، واستراتيجية العصف الذّهنيّ.
أ. القراءة:
القراءة عمليةٌ عقليّةٌ تشمل تفسير الرُّموز التي يتلقّاها القارئ عن طريق عينيه، وتتطلّب الرّبط بين الخبرة الشّخصيّة، ومعاني هذه الرُّموز. إنّ القراءة في وضعها الحقيقيّ تشتمل على التّعرّف إلى الكلمات، والتّفكير فيها. وتشتمل أيضًا على التّفكير الخلّاق، والنّقديّ؛ لذا ينبغي أن يربط المتعلّم ما يقرؤه بخبراته السّابقة. وينبغي أن يفسّر المادّة المقروءة، ويقوّمها[2] والقراءة أنواعٌ: صامتةٌ، وجهريّةٌ، واستماعيّةٌ. وترتبطُ هذه الأنواع بآلية تلقّي النّصّ القرائيّ، وتنطوي كلّ قراءةٍ على أحد تلك الأنواع. لكن في الموقف التّعليميّ بعد الانتهاء من قراءة النّصّ قراءة جهرية سليمة لابدّ من مناقشته مناقشة علمية بإحدى استراتيجيات التعلّم النشط التي تساعد المعلّم على إعداد متعلّمٍ قادرٍ على إعادة إنتاج المعرفة، وذلك حين يمتلك المعلّم مفاتيحَ التّطبيق الإجرائيّ لتلك الاستراتيجيات؛ الأمر الذي يُكسب المتعلّم مهارة القراءة التفاعلية في مرحلة ما بعد المعرفة؛ أي بعدما يتمثّل المعرفةَ المعروضةَ عليه، ويمتلك أدواتِها. فيصبح بوساطة القراءة التّفاعليّة قادرًا على إنتاج المعرفة، وبذلك يُمكن للمعلم الناجح أن يُعد متعلّمًا منتجًا للمعرفة، ومُصدِّرًا لها أيضًا، بعدما كان منفعلًا ومتلقّيًا سلبيًّا لها في التّعلّم القائم على تلقين المعرفة.
ب. استراتيجية العصف الذّهنيّ:
هي إحدى استراتيجيات التّعلّم النّشط الذي يُعرّف إجرائيًّا بأنّه “طريقةٌ من طرق التعلّم، والتّعليم تهدف إلى توفير البيئة التّربويّة الغنية بالمثيرات، والتي تتيح للطّالب مسؤولية تعليم نفسه بنفسه، والمشاركة بفاعليةٍ من خلال قيامه بالقراءة، والبحث، والاطلاع، واستخدام قدراته العقليّة العليا في الوصول للمعرفة تحت توجيه، وإشراف المعلّم، في جوٍّ تسوده الألفة والتّعاون بين أفراد المجموعة”[3]. والعصف الذّهنيّ هو”خطة تدريبيّة، تعتمد على استثارة المتعلّمين، والتّفاعل معهم انطلاقًا من خلفيّتهم العلميّة، حيث يعمل كلّ متعلّمٍ كعاملٍ محفّزٍ لأفكار المتعلّمين الآخرين، ومنشّطٍ لهم في أثناء إعداد المتعلّمين لقراءة، أو مناقشة، أو كتابة موضوعٍ ما، وذلك في وجود موجّه لمسار التّفكير، وهو المعلّم”[4]؛ فيعني العصف الذّهنيّ استعمال العقل البشريّ في التّصدي النّشط لمشكلة ما، وتوليد قائمة من الأفكار التي يمكن أن تؤدّي إلى حلّ المشكلة/موضوع البحث، وذلك بوساطة جلسة تعليميّة قصيرة تسمح بظهور كلّ الأفكار في بيئة تعليميّة ديمقراطية تسمح بتعدد الآراء ووجهات النظر بعيدًا عن التحيز وسلطة الرأي الواحد؛ إذ يجب على المتعلّم أن يكون متفاعلًا مع الموقف التّعليميّ[5]. فالعصف الذّهنيّ أسلوبٌ يتكئ عليه المعلّم بغية حثّ المتعلّمين على إعطاء عدد ٍكبيرٍ من الأفكار حول المشكلة التي يثيرها المعلِّم مسبقًا. ويُطبّق العصف الذّهنيّ على مجموعةٍ من المتعلّمين لا تتجاوز العشرين متعلّمًا، أو على عدد من المجموعات في حال كان عدد المتعلّمين كبيرًا، وذلك في شعبة دراسية أو محاضرة. والغاية من هذه الاستراتيجية تدريب المتعلّمين على توليد الأفكار في مواقف تعليميّة أخرى، أو في الحياة العملية؛ لأنّ هذه الاستراتيجية تنمّي مهارة التّفكير الإبداعيّ لدى المتعلّم. ونرى أنّ هذه الاستراتيجية من طرائق التّدريس الفعالة في تعليم اللّغة العربيّة لأسباب عدة منها: أنّها تعزّز مهارة المطالعة لدى المتعلّمين؛ لأنّ المعلّم يُخبرهم مسبقًا بالمشكلة موضوع النّقاش، وتتيح لهم جميعًا المشاركة في الموقف التعليمي، وإبداء وجهات نظرهم المتنوّعة بحريّة، فتُعطيهم الفرصة لتبادل الخبرات. وتبعث فيهم التّعاون؛ لأنّها تثير الحماس، والتّفاعل بينهم. وتراعي هذه الاستراتيجية الفروق الفرديّة بين المتعلّمين؛ لتنوّع مستويات الأسئلة المطروحة عليهم. كما تقوي هذه الاستراتيجية مهارة المحادثة لأنّها تسمحُ للطلابِ بالتعبير عن آرائهم بلغة فصيحة ميسرة، وقد ابتكر هذه الاستراتيجية (ألكس أوسبورن)، (Alex Osborn) عام 1941م. ولهذه الاستراتيجية مرادفات عدّة، منها القصف الذّهنيّ، والمفاكرة، وإمطار الدّماغ، وتوليد الأفكار[6]. فالعصف الذّهنيّ استراتيجية تعليميّةٌ تُستعمَل في التعلّم النشط. إذ تضع المتعلّمين أمام مشكلة/الموضوع المطروق، وتُحفّزهم على توليد أفكار حولها وصولًا إلى الحلّ. فـ”هذا الأسلوب يقوم على تصوّر حلِّ المشكلة على أنّه موقفٌ، به طرفان يتحدّى أحدهما الآخر. الطّرف الأوّل: هو الدّماغ البشريّ. والطّرف الثّاني: هو المشكلة التي تتطلّب الحلّ…إنّ العصف الذّهنيّ استظهار كلّ ما في العقل من أفكار حول قضيةٍ، أو مشكلةٍ. بموجبه يُوضع المتعلّم في موقفٍ يستدعي التّفكير، وتوليد الأفكار. ويكون المتعلّم فيه إيجابيًّا فعّالًا في إعمال ذهنه لمواجهة تحدٍّ ناجمٍ عن الموقف الذي وُضِع فيه، فيُولد أفكارًا جديدةً لحلّ المشكلة”[7]. فتهدف استراتيجية العصف الذّهنيّ إلى تفعيل دور المتعلّم في المواقف التّعليميّة، وذلك من خلال البحث عن إجابات صحيحة، أو حلول ممكنةٍ للقضايا التي تُعرض عليهم. كما أنها تُعوّد المتعلّمين على احترام آراء الآخرين، وتقديرها، والإفادة منها، وتطويرها، والبناء عليها[8].
ثالثًا: تدريسُ القراءةِ بالطريقةِ التّقليديّة:
يبدأ درس القراءة بتهيئةٍ حافزةٍ. قد تكون مقطعًا مرئيًّا يُومئ إلى موضوع القِصّة المدروسة، أو يتناول العناصر الفنّيّة لفنّ القِصّة عمومًا. أو قد يعرض المعلّم على المتعلّمين صورةً ترتبط بالقِصّة، ويطلب منهم أن يعبّروا عن آرائهم حولها. ومن ثم يطرح المعلّم أسئلة يربط بوساطتها بين خبرات المتعلّمين السّابقة واللاحقة. ومن ثم يكون الولوج في متن الدّرس. ويكون ذلك بقراءة القِصّة قراءةً جهريّةً سليمةً معبّرةً تُراعي مخارج الحروف، وضبط المفردات في اللُّغة العربيّة. وعقب الانتهاء من القراءة الجهرية تبدأ مناقشة القِصّة. وذلك بأن يطلب المعلّم من المتعلّمين تحديد الفكرة الرّئيسة للقِصّة. والفكر الفرعيّة التي انبنت عليها. ومن ثم يحدّدون العناصر الفنّيّة للقِصّة وهي: البيئة القصصيّة، أي الزّمان والمكان. والشّخصيات. والحدث وما يتعلّق به من معنًى، أو فكرة، أو مغزًى. والحبكة وعناصرها من مقدّمةٍ، وعقدةٍ، أو صراعٍ، ولحظة تنوير، أو نهاية. أضف إلى ذلك دراسة النّسيج الفنّيّ من اللّغة السّرديّة، وأنواع السّرد، وأنماط الصّراع، وأنواع الوصف[9]، ولا يُستغنى عن هذه الخطوات في سير الدّرس في التّعلّم النّشط التي تنظمه استراتيجيات تعليمية متنوعة، منها استراتيجية العصف الذهني محور البحث، فهي تُمتع المتعلّمين؛ لأنها تشيع المرح والتنافس في الموقف التعليمي؛ مما يثير دافعية المتعلّمين نحو التّعلّم.
رابعًا: تدريس القراءة باستراتيجية العصف الذّهنيّ:
يحدد المعلّم المشكلة، ويُخبر المتعلّمين بها قبل جلسة العصف الذّهنيّ؛ ليكونوا مهيئين مسبقًا لموضوع النّقاش والحوار. فالمتعلّم على دراية مسبقة بالموضوع، والاستراتيجية المتبعة أيضًا.
تبدأ الجلسة بعرض صورٍ عشوائية؛ لإثارة انتباه المتعلّمين، وتُحفّز تفكيرهم. ويكون التّطبيق بوساطة (مهارات التفكير) مثل الأسئلة الآتية: ماذا ترى؟!. ما رأيك في هذه الصور؟!. ماذا توحي لك؟!. نلاحظ أن مستوى الأسئلة في التهيئة الحافزة يقيس مهارات عليا، وهي التعبير عن الرأي، فيستطيع كل متعلّم مهما كان مستواه التّعبير عمّا يشاهده .
يطلب المعلّم من قائد الجلسة أن يُدوِّن الإجابات على السّبورة؛ لتكون حافزًا للمتعلّمين على توليد أفكار جديد، وتحدّ أيضًا الأفكار المكرّرة.
ويتلقّى المعلم إجابات متنوّعة عن كلّ سؤال يطرحه على المتعلّمين.
*المعلّم: تعبّر هذه الصور عن حالاتٍ إنسانيةٍ متعددةٍ، هيا بنا نحللها معًا.
*المعلّم: ماذا ترى في الصورة الأولى، وما هي إيحاءاتها؟.
المتعلمون:
- أرى إشارة تعجّب حمراء توحي بوجود خطر.
- أرى إشارة تعجّب توحي بفكرة خارقة.
- أرى إشارة تعجّب تذكّرني بإشارة المرور التّحذيريّة.
- أرى شخصًا يتعجّب من أمر ما.
- أرى شخصًا استوقفته إشارة تعجّب.
- أرى إشارة تعجب توحي بالدهشة والغرابة من شيء ما.
- أرى إشارة تعجب توحي بحدثٍ غريبٍ أتشوقُ لمعرفته.
- أرى شخصًا يفكّر بشيءٍ ما، يبدو مهمًّا لكون لون إشارة التّعجب أحمر، والشخص يبدو لي محتارًا بشأنه ليس لديه قرارٌ حاسمٌ؛ وذلك لهيمنة اللّون الرمادي على الصّورة. (يثبّت المعلم الإجابة النموذجية على السبورة البيضاء، ويمحو الإجابات الأخرى).
*المعلّم: ماذا ترى في الصّورة الثانية، وماذا توحي لك؟!.
المتعلمون:
- أرى وجهين متعاكسين، ممّا يوحي بخلاف ما.
- أرى ظلًّا لوجهين يعكسان رجلًا وامرأة مختلفَين في التّفكير وفي الاهتمامات الحياتيّة.
- أرى رجلًا مهمومًا، وامرأة مهمومة أيضًا؛ بسبب انشغالهما عن بعضهما.
- أرى رجلًا مشغولًا، وامرأة مشغولة أيضًا، ولا يجمع بينهما أي رابط.
- أرى شخصَين من بيئة محافظة.
- أرى رجلًا يحلم بسيارة فخمة، وامرأة تحلم بطفل يكون سندًا لها.
- أرى صراعًا بينَ الأنوثةِ والذكورةِ، الأنوثةُ الساعيّة إلى تحقيقِ حلمِها بأسرةٍ متحابةٍ، والذكورةُ الساعية إلى امتلكِ وسائل الحياة المعاصرة مثل السيارةِ، وهذا الصراعُ تكشفهُ نظرةُ التجهّمِ الباديةِ على وجهِ المرأةِ والرجلِ معًا، وذلك لأنّ إطارَ الصورةِ هو امتدادٌ لظلالِ الوجهين، حيث تدخلُ هذه الطموحاتُ في صميمِ حياةِ المرأةِ والرجل في بيئتنا الاجتماعية.
- أرى صورًا متداخلة في صورةٍ واحدةٍ تعبّر عن حالاتٍ إنسانيّةٍ متصارعةٍ. الرجلُ مشغولٌ بعمله، والحياة الخارج أسريّة. وامرأةٌ مشغولةٌ بأسرتها وطفلها، فهي بحنانها استطاعت أن تحوّل المنزل الذي خلا من اهتمامات الرّجل إلى منزلٍ يشعّ نورًا؛ لأنها ترى في طفلها الذي يشبّ بجوارها الأمل برجولةٍ غائبةٍ عن حياتها حاضرة في حلمها المنتظر، فالطفل سيصبح يومًا ما رجل المنزل الحقيقيّ.
- المعلّم: ماذا ترى في الصورة الثالثة. وما هي إيحاءاتها؟!.
المتعلمون:
- أرى أسرة مبتهجة.
- أرى رجلًا يحب زوجته.
- أرى أسرة مسرورة تنتظر ولادة طفلة جميلة.
- أرى امرأة حبلى مسرورة، وزوج مبتهج، ينتظران بلهفة مولودهما الجديد.
- أرى امرأةً ورجلًا في حالة حبٍّ وهما ينتظران مولودهما بسرورٍ وشوقٍ.
- أرى امرأةً حُبلى وزوجَها يجلسُ بجانبها في إشارةٍ إلى انتظارِ مولودهما الجديد.
ومن ثمّ يشرعُ المعلمُ بقراءةِ القصةِ قراءةً معبرةً، ويقرأ المتعلمون القِصّة قراءة جهرية سليمة، وعقب الانتهاء من القراءة يكون الانتقال إلى مناقشتها. إذ يُذكّر المعلّمُ المتعلّمين بالاستراتيجية المتبعة بأسلوب مقتضب، فيخبرهم مجددًا بأننا سنتلقى إجابات متعددة عن الأسئلة المطروحة، وندونها من دون تقويم لها مثلما فعلنا في التهيئة الحافزة، وذلك؛ لأنّ “العصف الذّهنيّ طريقة للإتيان بالأفكار دون اعتبار لتقويمها، وهذا لا يعني ترك التقويم، وإنما فقط تأجيله إلى نهاية الجلسة”[10] ويكشف لهم عن الهدف الرئيس من العصف الذّهنيّ وهو تحفيز المتعلّمين على توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار بوساطة منحهم أمانًا، وحرية في التعبير عن وجهات نظرهم الذاتية حيال الموضوع المطروح/المشكلة؛ ليكتسبوا مهارة تطبيق هذه الاستراتيجية في دروسٍ مقبلةٍ.
هذا وتنهال الأسئلة من لدن المعلّم في المناقشة على المتعلّمين كلّهم بغزارة؛ بغية إمطار دماغهم، وحثّهم على إعطاء عدد كبير من الإجابات، إذ من المفترض أن يكون المعلّم قد أعد أسئلة العصف الذّهنيّ مسبقًا، ويجب أن يراعي في إعداد الأسئلة وضع أسئلة تنتقل من السهل إلى الصعب تقيس في معظمها مهارات عليا، مع عدم إهمال الأسئلة التي تقيس مهارات دنيا، وذلك مراعاةً للفروق الفرديّة بين المتعلّمين، والغاية إكساب المتعلّمين مهارات التّفكرَين النّقديّ، والإبداعيّ.
فمن تلك الأسئلة مثلًا:
*المعلّم: حدد عناصر القِصّة.
المتعلمون:
– المكان: المركز الصحي.
– الزمان: الوقت الذي تنتظرُ فيه البطلة/المرأة الحبلى دورها لصرف الدواء.
-الشخصيات المرأة الحامل، والزوج، والجنين، والمرأة العجوز.
-الحدث استياء المرأة الحامل من عدم مرافقة زوجها لها إلى المركز الصحي في كشوفات الحمل الشهرية.
-اعتمدت الكاتبة فنّينًا على تقنية (الفلاش باك) الاستذكار الداخلي والخارجي في التعبير عن الحوادث، وهي تقنية تقوم على استرجاع الأحداث، وساعدت هذه التقنية في الكشف عن المواقف التي مرّت بها البطلة مع زوجها، وعن نفسيتها المأزومة، وعن حلمها المنشود، وعن استسلامها لواقعها، فقد فشلت مرارًا في إقناع زوجها بأن يصحبها إلى المركز الصحي.
– النهاية: جاءت نهاية القصة مفتوحةً وهذه التقنية من التقنيات الحداثية التجريبيّة التي تسمحُ للقارئ بأن يشاركَ في رسمِ مسارِ الحدث حسب وجهة نظره، فإذا كان القارئ امرأة ستختلف النهاية التي ترسمها، عن النهاية التي سيرسمها الرجل؛ وذلك بسبب اختلاف وجهات النظر الذكورية والأنثوية في البيئة العربية.
*المعلّم: ما هي المشكلة الاجتماعية التي طرحتها القِصّة؟
المتعلمون:
- طرحت القِصّة مشكلة عدم مبالاة الزوج بأسرته.
- طرحت مشكلة استياء الزوجة من إهمال الزوج.
- طرحت مشكلة التفكك الأسريّ.
- طرحت مشكلة غياب الألفة الأسريّة.
- طرحت القِصّة تجربة إنسانية عامة، وليست تجربة محلية خاصة بالمجتمع الإماراتي من دون سواه؛ بمعنى أن هذه القضية موجودة في المجتمعات الإنسانية كافة؛ لأنها تحكي تجربة الرجل اللامبالي المشغول عن أسرته، ومشاكلها.
- طرحت القِصّة مشكلة غياب الحوار بين الزوجَين في المجتمعات المعاصرة على الرغم من أن شخصية الزوج مثقفة فأظهرته الكاتبة، وهو يطالع الصحيفة؛ أي متفرغ للقراءة، وليس لديه الوقت لمرافقة زوجته إلى المركز الصحي، وهي متعبة في شهرها الأخير من الحمل. فهي امرأة تعاني من ثقل تحمل أعباء الحمل، ولا تجد زوجًا يخفف عنها حتى لو باهتمام بسيط. كأن المولود هو طفلها وحدها، وهي الوحيدة المسؤولة عنه.
*المعلّم: في القِصّة عبارات مجازية عكست جمال الخيال الأدبي في النص اذكرها.
المتعلمون:
- الوقتُ بدا لي كسلحفاةٍ تحبو بكسلٍ،
- كانت الصحيفة حائطًا بيننا، تطالعني بوقاحة وهي بين يديه.
- نظراتها التي تنهش المارة تزيد من ضيقي.
- يداهمني الأسى كلما حرثت ذاكرتي في مواقف لا جدوى منها.
- شنقتني عبارتها.
- نفثتِ العجوزُ غيظَها في برقعِها
وتجدر الإشارة هنا لابد أن يراعي المعلّمُ في صوغ أسئلته مستويات عليا في هرم بلوم ومن تلك الأسئلة مثلًا:
*المعلّم: ما هي أسباب المشكلة التي طرحتها القِصّة برأيك؟ (يفسّر، يعلل/ الفهم).
المتعلمون:
- طبيعة الحياة المعاصرة.
- زيادة أعباء الحياة في العصر الراهن.
- الانشغال عن الأسرة بالمشاغل الذاتية.
*ما رأيك في القضية الاجتماعية التي طرحتها القِصّة؟ (تقييم/التقويم).
المتعلمون:
- أدعم هذا الطرح لمثل هذه القضايا الاجتماعية؛ لأنه ينبّه المتعلّمين أو المتلقّين إلى ضرورة إيجاد الحلول لمثل هذه المشاكل الاجتماعية؛ بغية إعداد مجتمع متماسك متوازن انفعاليًّا ونفسيًّا.
- أرى ضرورة تسليط الضوء على هذه القضية الاجتماعية، وقضايا مماثلة أيضًا؛ لأن ذلك يكشف عن طبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع عمومًا، والأسرية خصوصًا، ويحفّز على إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية.
- أرى أنه من الطبيعي ألّا يرافق الرجل زوجته، ولست أرى أية مشكلة في ذلك.
*المعلّم: ما رأيك في شخصية المرأة الحبلى، وشخصية زوجها أيضًا؟ (يحلل/التحليل).
المتعلمون:
- أرى أنها امرأة تعاني من لامبالاة الزوج، وعدم اكتراثه لحملها، فبدا الزوج تقليديًّا، فهو يخجل من اصطحاب زوجته إلى المركز الصحي في زياراتها الدورية؛ لأن ذلك مما يعيبه المجتمع.
- أرى أنها امرأة عاطفية وحساسة جدًا. وهو زوج محافظ.
- أرى أنها امرأة تتوق إلى المحبة والاهتمام. وهو زوج مشغول بشؤونه الخاصة.
- أرى أنها زوجة متطلبة لا تعذر زوجها المشغول في تأمين احتياجات الأسرة.
- أرى أنها محقة في طلبها لأنها تطلب الدعم النفسي والجسدي من زوجها
- أرى أنها أسرة مترفة بدليل وجود سائق، ومن المفترض أن ينعكس هذا الترف إيجابًا على الأسرة لكنه انعكس سلبًا؛ لأن الزوج أوكل إلى السائق مهمة توصيل زوجته بدلًا منه.
- أرى أنها امرأة متعبة غاضبة تشتعل غيظًا من مرارة عالمها الأسريّ الخاصّ الذي تستحوذ عليه علاقة زوجية باردة، وتسيطر سلبيات هذه العلاقة على تفكير البطلة طوال الوقت.
- أرى أن انشغال المرأة الحبلى بهمومها الأسرية منعها من المناقشة الفاعلة والبنّاءة مع المرأة العجوز التي ترفض التكنولوجيا والحياة العصرية، فاكتفت بالتذمر من العجوز.
*المعلم: حدد المواطن التي أعجبتك في القِصّة، وبيّن سبب إعجابك بها. (يحكم/التقويم).
المتعلمون:
- رفض البطلة لنقد العجوز لإدارة المشفى التي تتعامل بنظام الأرقام؛ على الرغم من أن العجوز سوغت ذلك بأن هذا النظام يؤخّر الناس، فقد رأت البطلة أنّ هذا النظام عصريٌّ مريحٌ خاصة لامرأة عجوز، وأخرى حبلى لا تقويان على الوقوف في صفوف الانتظار التّقليديّة. وأوافق البطلة وأرى أن توظيف التكنولوجيا في الحياة اليومية خفف حدوث مشاكل كثيرة مثل مشكلة اصطدام الواقفين في صفوف انتظار تقليدية نتيجة ضجرهم من الانتظار، ويمكن أيضًا للمنتظر رقمه أن يؤدي عملًا آخر حتى يحين دوره وهذا ما لا تتيحه الطريقة التّقليديّة.
- حوار المرأة مع زوجها على الرغم من أنه مقتضبٌ إلّا أنه عكس رقي الزوجة وتهذيبها. فهي تعاني كثيرًا، ولا تظهر تأففها لزوجها، فقد اكتفت بالتعبير عن ذلك بعبارات مقتضبة أشارت بوساطتها إلى تذمرها من عدم مبالاته بها، وانشغاله عنها، مثل قولها: أنت زوجي، وليس السائق.
- الحوار بين المرأة العجوز، والمرأة الحبلى بدا لي أنّه حوارٌ وظيفيٌّ كشف عن سيكولوجية المرأة الحبلى التي شغلتها معاناتها الشّخصية عن الحوار البنّاء مع العجوز. ويحيل هذا الحوار على صراع الأجيال، فالعجوز ترفض مرافقة الزوج لزوجته إلى المركز الصحي؛ لأن ذلك خرق للمحظورات الاجتماعية. فالمرأة قديمًا ليست مُتَطلِّبة مثل المرأة العصرية. فالعجوز عاشت تجربة المرأة الحبلى لكنّها لم تتذمر؛ لعدم مرافقة زوجها لها إلى المركز الصحي. ولم تكتفِ العجوز بذلك وإنما تعدى الأمر إلى رفض هذا السلوك الاجتماعي الذي يرافق فيه الزوج زوجته إلى المركز الصحي، ورأت أن هذه العادة وافدة من المجتمعات الغربية بدليل قولها: (وين احنا في باريس!).
* المعلّم: حدد السلوكيات في القصة التي تختلف معها، وبيّن السبب. (يفند، يقرر/التقويم).
المتعلمون:
- أرفض سلوك الزوج مع زوجته الحبلى واختلف معه؛ لأنّ الحنو على الزوجة حقٌّ من حقوقها، والطفل القادم، هو فرحة للأسرة، وليس مسؤولية المرأة وحدها.
- أرفض اقتحام العجوز لجلسة الآخر من دون استئذان، فقد شرعت بالحديث معها فارضة ذاتها، ووجهات نظرها عليها، وذلك حين بدأت الحديث مع الحبلى من دون مقدمات مبدية تذمرها من إدارة المشفى.
- – أرفض تهكمات المرأة العجوز، وتعليقاتها اللاذعة على سلوكيات الآخرين، إذ يشير هذا إلى رفضِ العلاقات السوية التي يجب أن تسود المجتمع، ويؤكّد التمسك بتقاليد موروثة بالية تفصل بين الزوج وزوجته في الأماكن العامة، ففي بعض المجتمعات يسير رجل أمام زوجته بضعة أمتار، وهي تسير خلفه؛ لأنه يخشى من أن يراه الناس وهما يسيران معًا.
*المعلّم: قارن بين سلوك شخصية الزّوج في القصة وسلوك شخصية من التّاريخ؟! (ربط مع التربية الإسلامية) (يقارن /التحليل).
المتعلمون:
- الرسول محمد ﷺ حثّ على رعاية الأسرة بقوله: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”. وقال ﷺ: “رفقًا بالقوارير”، ويقصد النّساء. وقال ﷺ أيضًا في خطبة الوداع: “أوصيكم بالنساء خيرًا”. فالرسول ﷺ دعا إلى رعاية الأسرة، وإلى الاهتمام بالمرأة؛ لأنّ حساسية المرأة فطرية؛ لذلك يتوجب على الزوج مراعاة شعورها والاهتمام بها. وبناء على ذلك أرفض سلوك الزوج حين أوكل إلى السائق مهمة ايصال زوجته إلى المركز الصحي؛ لأن ذلك يعبّر عن قسوته ولامبالاته بأسرته.
*المعلّم: لو افترضنا أنك كنت الكاتبة كيف طرحت هذه القضية الاجتماعية؟ (يشتق موقفًا جديدًا/التركيب).
المتعلمون:
- كنت جعلت بطلة القِصّة تتخذ موقفًا فاعلًا حيال زوجها تحثه بوساطته على مرافقتها إلى المركز الصحي. كأن تقصّ عليه أحداثًا تخيليّة مشوقة تثير في نفسه الشوق إلى رؤية الجنين مثلًا مثلما كانت تفعل شهرزاد مع شهريار في حكايات ألف ليلة وليلة.
- أرفع حدة الصراع في القِصّة، وأجعله صراعًا معلنًا صاخبًا سواء الصراع مع الزوج أم مع العجوز، وأجعل المرأة أكثر فاعلية في إثبات ذاتها أمام سطوة التقاليد الجائرة.
- ظهرت البطلة تقليدية تنفعل تتذمر حتى أن جنينها شاركها التّذمّر من دون أن تتخذ مواقف فاعلة تفرض بوساطتها وجودها بوصفها امرأة فاعلة على وشك أن تصبح أمًّا، والأمومة تجربة إنسانيّة تسعى إليها كلّ أنثى، والأبوة أيضًا يسعى إليها كلّ رجل متزوج. فولادة الطفل تجربة مشتركة بين الزوجين، وهي نتيجة حتمية لكلّ زواج؛ لذلك يجب على الأسرة الاحتفاء بهذه التجربة الإنسانية، فيستعد كلا الزوجَين لاستقبال المولود الجديد مهما كانت المعوقات وصعوبات الحياة وانشغالاتها. فلو كنتُ بدل الكاتبة أظهرت البطلة فاعلة، وأكثر صلابة وجرأة في طرح مشكلتها الأسرية.
- عبّرت الكاتبة عن عدم مبالاة الزوج بحمل زوجته بمشاهد واقعية من الواقع المعيش؛ لتمنح تجربتها مزيدًا من الموضوعية، والمصداقية، فلو كنتُ محلها لاتكأت على الخيال في خلق عوالم تخيليّة يتجسد فيها إشباع حلم البطلة في علاقة سوية مع زوجها اللامبالي، وكنت استحضرت قصصًا من الخيال الإنساني أدعم بوساطتها الرؤية التي حمّلتها الكاتبة لقِصّة (إشارة تعجّب)؛ لأمنح القِصّة أبعادًا ثقافية أومئ بوساطتها إلى أن هذه المشكلة تعكس تجربة إنسانية عامة تعاني منها نساء كثيرات في المجتمعات الإنسانية المختلفة عن البيئة التي ظهرت في القِصّة.
- كنت أضفتُ بعضَ الأحداث التي تجعل الزوج يندم على عدم اهتمامه بصحة زوجته وجنينها كأن يزداد مرضها، ويقوم الطبيب بنُصحِ الزوج بوجب الاهتمام بالزوجة ومنحها مزيدًا من الاهتمام والحنان.
*المعلّم: لو افترضنا كنت أنت زوج البطلة، ماذا تفعل؟ (ينتج/ التركيب).
المتعلمون:
- أرعى أسرتي.
- أعطف على زوجتي.
- أخصص أوقاتًا لأسرتي أشارك زوجتي فيها ببعض الأعمال المنزلية.
- اتصل هاتفيًّا بزوجتي وأنا في العمل كي أطمئن عن صحتها.
- أرافق زوجتي وأراقب نموه الجنين كل شهر معًا.
- أشارك زوجتي في شراء ملابس المولود.
- أشرحُ لها حجمَ مسؤولياتي والتزامات عملي لتشعرَ بعطفي وحناني، ولا ترى في عدم ذهابي معها قلّة اهتمام.
*المعلّم: ماذا لو افترضنا أنك كنت البطلة، ماذا تفعل؟!.(ينتج/ التركيب).
المتعلمون:
- اقنع زوجي بوجهة نظري وبضرورة الاهتمام بي، والاحتفاءِ بالطفل المنتظر.
- أجد الأعذار لزوجي لعدم ذهابه معي، كي تستمر حياتنا الزوجية، التزاما مني بقول سيدنا محمد (التمسْ لأخيكَ سبعين عذرًا)
- أقنع المرأة العجوز بأن النظام في المشفى جاء لخدمة الناس جميعًا.
- أقنع العجوز أن الحياة تتطور وأن المرأة بحاجة إلى مشاركة زوجها لها في ميادين الحياة كافة.
- أقنع العجوز أن التعبير عن المشاعر دليل حضارة، ورقي. وليس تقليدًا للغرب بحسب وجهة نظرها حين قالت (وين احنا في باريس).
*المعلّم: ما أهمية الحوار الذي حدث في القِصّة؟ (يفسّر/ الفهم).
المتعلمون:
- كشف الحوارُ عن طبيعة الشخصيات واهتمامات كلِّ شخصية.
- كشف عن نفسية الزوج اللامبالي الحاضر الغائب.
- كشف عن نفسية المرأة الحبلى المتذمرة من واقعها، وبيّن توقها إلى واقع منشود مع زوجها، وتجلّى ذلك في خطابها للجنين: “لو كان أبوك معنا” ممّا يعكس حاجتها الملحة إلى الشعور بالأمان الأسري مع زوجها، وإلى ضرورة حضوره الفاعل في حياتها.
- كشف عن نفسية الجنين المتذمر الذي أخذ يركل أمه كلما سمع صوت العجوز.
- كشف عن نفسية العجوز المتهكمة.
- قرّبَ الحوارُ الحوادث من الحياة الواقعية.
* المعلم: ماذا توحي لك العبارات المجازية التي جاءت في القصة؟ (يبيّن/التحليل).
المتعلمون:
- يوحي لي تجسيد الكاتبة للصحيفة بحائط أنّ البطلة يئست من زوجها، وأن الثقافة التي يُفترض أن تعدّل سلوكه، بدت متواطئةً معه، وذلك حينما شخصّت الكاتبة الصحيفة بامرأة تطالع البطلة بوقاحة، الأمر الذي يؤكد أن البطلة تشعر باغتراب مع زوجها، وأنها مرفوضة لديه؛ لذلك تخيّلت أنّ أشياءه ترفضها أيضًا.
- أنسنة الصحيفة أضفى الحياة، والحيوية على القِصّة، وأكدّت الدلالة العامة للقصة.
- إن تجسيد الصحيفة بحائط تعبير مؤثر جدًا لمن يروم التعاطف مع البطلة؛ لأنه يؤكد أن العلاقة بين البطلة وزوجها منتهية، وأنه لا روابط أسرية بينهما على الرغم من أنها حبلى، الأمر الذي من المفترض أن يوطّد العلاقة الأسرية لكن لا شيء يستطيع هدم ذلك الجدار الذي يسود حياة بعض الأسر المعاصرة. أضف إلى ذلك أنه يحيل على طغيان الماديّة على العاطفيّة في الحياة الاجتماعية.
- شخّصتِ الكاتبة نظرات العجوز بوحش ينهش المارّة، ويحيل هذا التشخيص على قسوة بعض العادات الاجتماعية السّلبية، وقسوة التقاليد التي جعلتِ المرأة العجوز تنتقد الألفة الزوجية المعلنة، ورأت فيها أنها عادات مكتسبة من الغرب الأوربي، ولاشك أن تلك السلبيات الاجتماعية تكبل المجتمعات المحافظة التي يجب السعي إلى التخلّص من قبضتها، وإحلال علاقات اجتماعية جديدة بين أفراد المجتمع عمادها المحبة والمساواة.
- كلما حاولتِ البطلة تقليم ذاكرتها وترتيبها وجدت الألم يغلب عليها؛ بسبب مواقف سلبية عاشتها مع زوجها المستهتر، الأمر الذي يعكس يأسها من إصلاح العلاقة الزوجية. ويسكن هذا الأسى مفردات ذاكرتها؛ لذلك خيم على البطلة الضجر، فظهرت محزونة متأففة من واقعها الخاصّ مع الزوج، ومع المحيط الخارجي أيضًا، والذي يؤكد هذا الاستنتاج حوارها مع المرأة العجوز فعبرت الكاتبة في أكثر من موطن على لسان البطلة عن التذمر من العجوز حتى أن الجنين تأثر بأمه وتذمر هو أيضًا منها.
- يحيل التعبير المجازي “شنقتني عبارتها” على أثر الكلمات في نفوس الناس، فكم من كلمة يلفظها صاحبها وهو لا يدري الآثار السلبية التي تخلفها في نفس سامعها؛ لذلك علينا أن ننتقي كلماتنا لكيلا نجرح الناس.
* المعلّم: ضع عنوانًا جديدًا للقصّة. (الإبداع، الابتكار، النص الموازي).
المتعلمون:
- التفكك الأسري، الزوج اللامبالي. الحبلى المتذمرة. العجوز المتهكمة. الجنين المتذمر. الحاجة إلى الحبّ. صراع الأجيال. الأسرة المعاصرة. تردي العلاقات الأسرية. غياب الألفة الزوجية.
*المعلّم: توقع نتائج جديدة (الابتكار).
المتعلمون:
- قد تبوح البطلة لإحدى صديقاتها بمعاناتها، وتطلب مساعدتها في التّخطيط لجعل علاقتها الزوجية قائمة على الاهتمام، وتنجح الخطة وتصبح نهاية القِصّة سعيدة.
- قد تتفاقم الأحداث، وتصاب الحامل بالإجهاض نتيجة الضغوط النفسية التي تعاني منها لعدم مبالاة الزوج. فيشعر الزوج بالندم لعدم رعايته لزوجته في مدة الحمل؛ مما يكون رادعًا له لعدم تكرار أخطاء الماضي، ومن ثم يقرر البدء بحياة أسرية جديدة عمادها الاهتمام.
- تنتظر لتلد جنينها، ومن ثم تعطي المولود لأبيه؛ ليتحمل مسؤوليته، وتنفصل عن زوجها، ومن ثم تفتش عن حياة جديدة مع زوج يرعاها.
*المعلّم: أضف شخصية إلى القِصّة. (إبداع، ابتكار).
المتعلمون:
- بعد أن تأخذ المرأة الحبلى الفيتامينات من الصيدلية، تطلب من السائق أن يوصلها إلى منزل صديقتها فرح، فتستقبلها فرح بابتسامة مشرقة.
فرح: أهلا بك يا صديقتي. كيف خطرت ببالك بعد هذه السنوات!.
- المرأة الحامل: أنت لا تزالين أعز صديقاتي لكنها الحياة تشغلنا أحيانًا عمن نحب.
فرح: أنا سعيدة جدًا بزيارتك يا صديقة المدرسة والطفولة الجميلة.
- المرأة الحامل: آه يا صديقتي…. يا ليت الحياة توقفت عند تلك الأيام الرائعة المليئة بالمرح.
فرح: الحياة دائمًا جميلة، ولكل مرحلة عمرية بهجتها يا صديقتي.
- المرأة الحامل: ربما!!! يركلها الجنين مجددًا متذمرًا من حوار أمه. فبحة صوتها تخونها، وتكشف عن الأسى الذي احتلّ جغرافية عالمَيها الجسدي والنّفسيّ حتى استشعره الجنين الذي أخذ يركل أمه بقوة، كأنه يطلب منها حلًّا لألمها الكبير الذي اتسع وامتدّ إلى عالم الأجنة.
فرح: ما بك يا صديقتي؟! أرى أن السنين قد اغتالت البسمة من مبسمك الضاحك!
- المرأة الحامل: كنتُ! رحم الله عهد الصبا يا رفيقتي! آآآهٍ “لست أدري من أين أبدأ بوحي شجر الدمع شاخ في أجفاني” آآآهٍ من معانتي، فقد تزوجت رجلًا لا يعبأ بي أبدًا.
فرح: أشعر بالأسف حيال هذه المشكلة! لكنّ الحزن ليس حلًّا يا صديقتي.
- المرأة الحامل ما الحلّ إذن.
فرح: ما رأيك أن نضع خططًا نحاول بوساطتها إصلاح العلاقة بينكما؟!
- المرأة الحامل: أشعر بالحماس هيا بنا.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المتعلّمين يملكون حرية في إضافة عدة شخصيات أو أحداث إلى القِصّة.
*المعلّم: عبّر عن القِصّة بقصيدة من إنشائك. (التفاعل وإعادة إنتاج، الإبداع والابتكار).
المتعلمون:
إذا الزوج لم يحفل بطفل يضمه | ||
سويداء قلب فهو قاس كما الحجر | ||
مشاعرنا تُعطي الحياة بهاءها | ||
فيا ليته يدري ويا ليته شعر | ||
أيذبحني والبطن يحمل طفله | ||
وفي القلب غصات وفي العيش مزدجر | ||
وقال لها فلتذهبي لستُ فارغًا | ||
وما أرتجي أنثى ببطنكِ أم ذكر؟! | ||
أأذهب وحدي؟! والحياة مواقف؟! | ||
ويركل أحشائي جنيني من الضجر | ||
إذا الزوج لم يهتم يومًا بزوجه | ||
فهل تنفع الذكرى لمن قلبه حجر | ||
*المعلم: لخص القِصّة.(الفهم).
المتعلم، ينفّذ فرديًّا كل متعلم على حدة:
سردتِ القِصّة مشاهد من الحياة الواقعية عبرت بوساطتها عن تذمر امرأة حبلى في شهرها الأخير من لامبالاة زوجها بها، وعدم اكتراثه بحملها؛ لأنه لا يملك الوقت لمرافقتها إلى المركز الصحي، ويرسلها مع السائق. مما ولّد في نفسها آلامًا اغتالت فرحتها بجنينها الذي من المفترض أن تظهر البطلة مبتهجة بتجربة الحمل؛ لأنها توطد العلاقة الزوجية أولًا. وتشبع حاجة المرأة إلى الأمومة ثانيًا. لكن انشغال الزوج وعدم مشاركته إياها بهجة الحمل، والشوق إلى رؤية الطفل المنتظر حال دون ذلك.
قبل نهاية الجلسة تقيم الأفكار بمشاركة المتعلّمين أيضًا فتُثبت الأفكار المناسبة للموضوع المطروق، ويكون التركز على الأفكار الجديدة الخلاقة، والتي تتسم بالإبداع. واستبعاد الأفكار غير المناسبة.
تمحور دور المعلم في جلسة العصف الذهني بطرح الأسئلة وتلقي الإجابات التي دونها المتعلمون من دون تقييم لها. ويكون التقييم قبل نهاية الجلسة وذلك بتثبيت الإجابات الأكثر صحة، والتي ظللناها بالخط الغامق تجنبًا من تكرارها في متن البحث، فالتقييم ليس مرحليًّا وإنما هو تقييم نهائي يعتمد على تثبيت الأفكار الأنسب؛ لأن تلك الأفكار هي من بنات أفكار المتعلمين، إذ تمحورت مهمة المعلم في توليدها فقط.
الخاتمة:
لاحظنا فروقًا فرديّةً في إجابات الطلاب بحسب قدراتهم وخبراتهم السابقة، كما لاحظنا اختلافًا في وجهات النظر بحسب البيئة الأسرية لكلِّ طالبٍ، وهذا الاختلاف مشروعٌ وطبيعيٌّ، كما لاحظنا فروقًا بحسب إجابات الطلاب اعتمادًا على (جنس الطالب) إذا كانت معظم إجابات الذكور مناصرةً للزوج، تجد له الأعذار في عدم ذهابه مع زوجته، بينما رأينا تحيزًا نسويًا ظاهرًا عند الفتيات اللواتي وقفنا مع الزوجة ولم يعذرن الزوج في تصرفاته، وهناك شبه إجماعٍ على انتقاد المرأة العجوز التي تذمرتْ من نظام الدور الحديث وانتقدت عادات المجتمع التي رأت فيها مزيدًا من الانحلال والاقتداء بالآخر الغربي، وهذه التباين في وجهات النظر منحَ الحصة الدرسية مزيدًا من التفاعل، خاصةً وأن الحصة اعتمدت استراتيجية العصف الذهني التي تمنح الطلابَ حريةً في التعبير وطرح وجهات النظر المتناغمة والمتباينة.
وقد توصّل البحث بعد هذه الدّراسة التّطبيقيّة لاستراتيجية العصف الذّهنيّ في قراءة نص قِصّة (إشارة تعجّب) إلى النّتائج الآتية:
* تطوّرُ استراتيجية العصف الذّهنيّ مهاراتِ المتعلّم المعرفية، وتحثه على توليد عدد كبير من الأفكار حول المشكلة المطروحة.
*تثري استراتيجية العصف الذّهنيّ ثقافةَ المتعلّمين لما ينتج عن جلسة العصف الذّهنيّ من إجابات مختلفة تعكس ثقافة المتعلّمين والمجتمع الذي ينتمون إليه خصوصًا في حال كان المتعلّمون ينتمون إلى جنسيات متنوعة، وثقافات مختلفة.
* تنمّي استراتيجية العصف الذّهنيّ مهاراتِ المتعلّم الإبداعيّة، لأن ذهن المتعلّم مع كثرة الممارسة يصبح مرنًا قادرًا على التّفكير بسرعة فائقة، فيكتسب سرعة بديهة تتطور بالدربة والمران إلى تفكير إبداعي خلّاق؛ فقد يضيف عناصر جديدة إلى النص المقروء، أو يعيد إنتاجه في جنس أدبي آخر قصيدة، أو مسرحية.
* تعززُ استراتيجية العصف الذّهنيّ الحوارَ البنّاء بين المعلّم والمتعلّم، وبين المتعلّمين أيضًا؛ لأنها توفر للمتعلمين بيئة صفية تسودها حرية إبداء الرأي من دون نقد أو تقييم.
* تنمي استراتيجية العصف الذّهنيّ مهاراتِ التعبير الشفوي، والطلاقة اللفظية والفكرية لدى المتعلّم؛ لأنها تتيح له حرية التعبير عن رؤاه الذاتية، أضف إلى ذلك تجعله يعبر عن وجهة نظره أمام الآخرين من دون اضطراب أو ارتباك، فهي استراتيجية تستنطق المتعلّمين جميعهم. والتّفكير الناتج عن هذه الاستراتيجية هو تفكير جماعي تعاوني؛ لأن الإجابات المتنوعة تثير الدافعية نحو توليد إجابات جديدة.
*يقترح البحث التوصيات الآتية: دراسة استراتيجية العصف الذّهنيّ في التعبير الأدبي. دراسة استراتيجيات التّعلّم النّشط في تعليم اللّغة العربية بين النظرية والتطبيق. دراسة استراتيجية التعلم باللعب في تعليم اللغة العربية في المرحلة الأولى.
المصادر والمراجع
- 2021م.
- المدرسة الإماراتيّة: كتاب النّصوص، الصّف الثّاني عشر، وزارة التّربية والتّعليم، الإمارات العربية المتحدة، ط6، 2021م.
الرسائل الجامعية والدوريّات
- أحمد، إبراهيم شهاب: بين القِصّة الأدبية والقِصّة الصحفية، إبراهيم الطائي بغداد أول تنظير أكاديمي لفن القِصّة الصحفية، رسالة ماجستير مطبوعة، بإشراف د. منذر محمد جاسم، 2012م.
4 . صافيني، أمريني: تطوير الموارد التّعليميّة لمهارة القراءة على أساس أسلوب العصف الذّهنيّ في المدرسة الثانوية الحكومية السابعة جونباغ، رسالة ماجستير غير مطبوعة، بإشراف: د.نصر الدين إدريس جوهر و د. ولدانا ورغاديناتا، كلية الدراسات العليا قسم تعليم اللغة العربية، جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية مالانج، إندونيسيا،2016م.
* فاطمة محمد الكعبي: قاصة وروائية إماراتية من أعمالها بئر معطلة، ومواء امرأة (مجموعة قصصية) وقصتها هذه من مجموعتها القصصية (دهشة) الصادرة عن دار العالم العربي للتوزيع والنشر، دبي، ط2، 2017م.
[1] – ينظر: المدرسة الإماراتيّة: كتاب النّصوص، الصّف الثّاني عشر، وزارة التّربية والتّعليم، الإمارات العربية المتحدة، ط6، 2021م،
ص 181-182.
[2] – يُنظر: فرحات، د. فاطمة: طرائق التدريس ودورها في تعزيز المهارات التّعليميّة، مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية، بيروت، لبنان، العام الثامن 70، 2021م، ص12-13.
[3] – الرشيدي، فاطمة جمال: درجة ممارسة دوري المعلّم والطالب في التّعلّم النّشط في ضوء بعض المتغيرات من وجهة نظر معلمي المرحلة الثانوية وطلبتها في دولة الكويت، رسالة ماجستير غير مطبوعة، إشراف د.جودت أحمد المساعيد، جامعة الشرق الأوسط، 2015م، ص10.
[4] – شاهين، عبد الحميد حسن عبد الحميد: استراتيجيات التدريس المتقدمة، واستراتيجيات التعلم وأنماط التعلم، الدبلوم الخاصة في التربية، مناهج وطرائق تدريس، جامعة الإسكندرية، مصر ، 2010م، ص 112.
[5] -يُنظر: البارودي، منال أحمد: العصف الذّهنيّ وفن صناعة الأفكار، الناشر المجموعة العربية للتدريب والنشر، دار الكتب المصرية، ط1، القاهرة، .البارودي2015م، ص39.
[6] – ينظر البارودي، منال أحمد: العصف الذّهنيّ وفن صناعة الأفكار، ص39.
[7] – صافيني، أمريني.: تطوير الموارد التّعليميّة لمهارة القراءة على أساس أسلوب العصف الذّهنيّ في المدرسة الثانوية الحكومية السابعة جونباغ، رسالة ماجستير غير مطبوعة، بإشراف: د.نصر الدين إدريس جوهر و د. ولدانا ورغاديناتا، كلية الدراسات العليا قسم تعليم اللغة العربية، جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية مالانج، إندونيسيا، 2016م، ص41.
[8] – يُنظر: ُنظر: المرجع السابق، ص41-42.
[9] – ينظر: أحمد، إبراهيم شهاب: بين القِصّة الأدبية والقِصّة الصحفية، إبراهيم الطائي بغداد أول تنظير أكاديمي لفن القِصّة الصحفية، رسالة ماجستير مطبوعة، بإشراف د. منذر محمد جاسم، 2012م، ص61.
[10] بني فواز، سامر محمود عبد الرحمن.: أثر استخدام استراتيجية العصف الذّهنيّ على التحصيل الدراسي لطلبة الصف العاشر الأساسي في مدرسة عنجرة الثانوية الشاملة للبنين في محافظة عجلون، المؤتمر الدولي الثاني-التعليم النوعي وخريطة الوظائف المستقبلية، كلية التربية النوعية، جامعة المنيا، 2019م، ص 234.