شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية في القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي
The Compensation Claim in the responsibility of the contractual administration in Yemeni law and the UAE’s Federal Law
الباحث همـــــدان طاهــــر محمــد عــلي، Hamdan Taher Mohammed Ali
عضو هيئة التدريس بجامعة الجند للعلوم والتكنولوجيا، طالب دكتوراه كلية الحقوق جامعة تعز
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة العدد 16 الصفحة 33.
Abstract
The Compensation Claim in the responsibility of the contractual administration is the highlighted type of disputes in administrative contracts, it is type of the full judicial claim, and cannot be accepted by the competent judiciary only with the subject of substantive and shapeless terms, However, the Yemeni law, and its UAE counterpart, did not distinguish between this and other cases in terms of the conditions for accepting the case, except with the condition related to the subject matter of the case represented by the availability of the terms of the administrative contract, on which the responsibility of contractual management is based on the basis of error, or without error, and also in terms of the condition related to With deadlines and procedures, with regard to the date for filing the lawsuit; Knowing that they did not stipulate a date for its lifting in an independent and explicit text, but the date of its lifting was set in Yemeni law at five years; It was taking the generality of the text of Article (23) of the Evidence Law, and in the UAE Federal Law for fifteen years; Taking into account the generality of the text of Article (473) of the Federal Civil Transactions Law; The reason for this is that the law regulating the case in general in Yemen is the Civil and Commercial Procedures and Civil Execution Law, and in the Emirates is the Federal Civil Procedures Law. Also, the judiciary competent to consider it; It is the unified judiciary, which means that there is no difference between it and other cases; This calls for addressing the shortcomings and shortage in the legal texts related to these conditions in both laws. By adding legal texts related to administrative disputes in general, and seeking to establish an administrative judiciary in both Yemen and the UAE; for many administrative disputes and their importance.
Keywords: compensation claim, contractual management responsibility, administrative contract, conditions for accepting the claim, filing date.
الملخص:
تُعد دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ أبرز صورة من صور المنازعات في العقود الإدارية، ونوع من دعاوى القضاء الكامل، ولا يمكن قبولها من قبل القضاء المختص إلا بتوافر شروطها الموضوعية والشكلية، إلا أن القانون اليمني، ونظيره الإماراتي لم يميزا بينها وبين غيرها من الدعاوى من حيث شروط قبول الدعوى، إلا بالشرط المتعلق بمحل الدعوى المتمثل بتوافر شروط العقد الإداري، التي تقوم عليها مسؤولية الإدارة التعاقدية على أساس الخطأ، أو بدون خطأ، وأيضًا من حيث الشرط المتعلق بالمواعيد والإجراءات، فيما يخص ميعاد رفع الدعوى؛ مع العلم أنهما لم يُنصا على ميعاد رفعها بنص مستقل وصريح، وإنما تم تحديد ميعاد رفعها في القانون اليمني بخمس سنوات؛ كان أخذًا بعموم نص المادة (23) من قانون الإثبات، وفي القانون الاتحادي الإماراتي بخمس عشرة سنة؛ أخذًا بعموم نص المادة (473) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي؛ ويرجع السبب في ذلك كون القانون الذي ينظم الدعوى عمومًا في اليمن هو قانون المرافعات المدنية والتجارية والتنفيذ المدني، وفي الإمارات هو قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، كما أن القضاء المختص بنظرها؛ هو القضاء الموحد، مما يعني أنه لا فرق بينها وبين سائر الدعاوى؛ وهو ما يستدعي معالجة القصور والنقص في النصوص القانونية المتعلقة بتلك الشروط في كلا القانونين؛ بإضافة نصوص قانونية خاصة بالمنازعات الإدارية عمومًا، والسعي لإنشاء قضاء إداري في كل من اليمن والإمارات؛ لكثرة المنازعات الإدارية، وأهميتها.
الكلمات المفتاحية: دعوى التعويض، مسؤولية الإدارة التعاقدية، العقد الإداري، شروط قبول الدعوى، ميعاد رفع الدعوى.
المقدمة:
مع مطلع القرن العشرين ظهرت نظرية العقود الإدارية، والتي أُنشئت في فرنسا، وبظهورها ظهرت نظرية مسؤولية الإدارة العقدية التي لها ما يميزها عن المسؤولية العقدية المعروفة في القانون الخاص، ومن المسلم به أن المسؤولية هي أساس التعويض؛ وعليه فإن إخلال الإدارة بالتزاماتها التعاقدية، وتعسفها في استعمال سلطاتها؛ يترتب عليه مسؤولية الإدارة التعاقدية على أساس الخطأ تجاه المتعاقد معها، كما أن الظروف القاهرة، والصعوبات المادية غير المتوقعة أثناء تنفيذ العقد الإداري؛ أدت إلى إلزام الإدارة بالحفاظ على سير المرافق العامة بانتظام واطراد، وقيام فكرة إعادة التوازن المالي للعقد الإداري؛ فكانت باعثًا لابتداع مسؤولية الإدارة التعاقدية بدون خطأ من قبل القضاء الإداري، وبالتالي تعويض المتعاقد مع الإدارة عما لحقه من ضرر جراء ذلك؛ وهو ما حدا بالقانون أن ينص على منح المتعاقد المتضرر مما لحقه من ضرر أثناء تنفيذ العقد الإداري، حق اللجوء إلى القضاء المختص، والذي تقره الدساتير والقوانين؛ وهذا ما أقره القانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقضات والمزايدات والمخازن الحكومية اليمني في المادة (34) الفقرة (ج): “…ويحق للمتضرر اللجوء إلى القضاء”، بينما المشرع الاتحادي الإماراتي لم يُشر إلى ذلك في قانون المناقصات والمزايدات والمستودعات، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا حق للمتعاقد المتضرر اللجوء إلى القضاء؛ كونه حق قد كفلته الدساتير، ومنها الدستور اليمني، والدستور الإماراتي، وأقره القضاء كقاعدة عامة في كل من اليمن والإمارات .
ومن ثَّم كانت دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، هي الوسيلة التي يستخدمها المتعاقد مع الإدارة للحفاظ على حقوقه؛ وتمثل هذه الدعوى إحدى صور الدعاوى الإدارية التي تُعرّف بأنها: الوسيلة أو المكنة التي يخولها القانون للشخص في اللجوء إلى القضاء الإداري للمطالبة بحقوق مستها تصرفات وأعمال الإدارة، وأضرت بها ([1])، كما أنها تندرج ضمن دعاوى القضاء الكامل الذي يُعرف بأنّه: قضاء شخصي موجه إلى الإدارة لمطالبتها بحق للمدعي قبلها، ولا يقتصر هذا القضاء على بحث مشروعية العمل الإداري، وإنما يتضمن تعديله، والحكم بالتعويض عن الأضرار الناتجة عنه؛ وذلك لتصحيح المركز القانوني للطاعن ([2]).
ويمكننا تعريف دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية بأنها: دعوى شخصية ذاتية تُرفع ضد الإدارة من المتعاقد المتضرر، أمام القضاء المختص، وطبقًا للشكليات والإجراءات المقررة قانونًا، للمطالبة بالتعويض الكامل والعادل اللازم لإصلاح الأضرار التي أصابت حقوقه؛ بفعل إخلال الإدارة بالتزاماتها التعاقدية، أو تعسفها في استعمال سلطاتها”.
وبالتالي فإنه من تعريف دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ نجد أنها كغيرها من الدعاوى، لها شروطها التي يجب توافرها؛ لقبولها أمام القضاء المختص، وتُعرّف شروط قبول الدعوى بأنها: هي تلك الشروط التي يجب توافرها حتى تكون الدعوى مقبولة أمام القضاء ([3])، وهذه الشروط من الأهمية بمكان؛ لأن القاضي لا ينتقل إلى فحص الموضوع، إلا بعد أن يتأكد من توافر شروط القبول، وإلا كانت الدعوى غير مقبولة شكلًا، وامتنع على القاضي بحث الموضوع ([4]).
إلا أنها في كل من القانون اليمني، والقانون الاتحادي الإماراتي هي ذات الشروط المطلوبة في بقية الدعاوى؛ ويرجع السبب في ذلك بأن قانون المرافعات المدنية والتجارية في اليمن، وقانون الإجراءات المدنية الاتحادي في الإمارات، هما القانونان اللذان ينظمان شروط الدعوى بشكل عام، ولا يفرقان بينها، وبين غيرها؛ سواء كانت إدارية، أو مدنية، أو تجارية، أو جزائية، إلا بما هو معلوم بالشرط محل أو موضوع الدعوى؛ فإنه من الطبيعي أن تختلف باختلاف المحل؛ حيث أن محل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ هو العقد الإداري، ومن الشرط المتعلق بالمواعيد والإجراءات؛ بما يتعلق مدة سماع الدعوى؛ فإن كلًا من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي لم يُحددا ميعادًا تُرفع الدعوى فيه بنصوص قانونية مستقلة، إلا أنه لما كانت هذه الدعوى من دعاوى الحقوق؛ فإن ميعاد رفعها في القانون اليمني خمس سنوات، أخذًا بعموم النص القانوني من قانون الإثبات، بينما في القانون الاتحادي الإماراتي خمس عشرة سنة، أخذًا بعموم النص القانوني من قانون المعاملات المدنية الاتحادي، بالإضافة أن القضاء المختص بنظر جميع الدعاوى؛ سواء في اليمن أو الإمارات؛ هو القضاء الموحد، مع وجود ما يلزم التنبيه إليه.
وقبل أن نبدأ بحثنا الموسوم ب شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية في القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي نوضح أبرز عناصر المقدمة كالتالي:
أولًا: أهمية البحث:
تعتبر دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية من الأهمية بمكان، بالرغم من أنه لم يتم تناولها كثيرًا كتابة وبحثًا، كما هو الحال في دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التقصيرية، مع أنها ترتبط بالعقود الإدارية؛ التي تُعد الوسيلة القانونية الفعالة للإدارة في تنمية المجتمعات، ومن الأعمال القانونية للإدارة التي يراد بها: إفصاح الإدارة ابتداء عن إرادتها المنفردة أو المتلاقية مع إرادة أخرى بالأساليب التي نظمها القانون بقصد ترتيب آثار قانونية معينة ([5])؛ وعليه تكمن الأهمية من ناحيتين:
- الناحية النظرية: من خلال الإحاطة والإلمام بشروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ سواء كان الشرط المتعلق بمحل الدعوى، أو الشرط المتعلق بشخص رافع الدعوى، أو الشرط المتعلق بالمواعيد والإجراءات في كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي.
- الناحية العملية: من خلال التطبيق العملي لإجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية إلى القضاء المختص في كل من اليمن والإمارات، وفق الخطوات التي يتطلبها القانون، وفي المواعيد المحددة، مع وضع حلول للقصور والنقص في القوانين المعنية، وهيكل النظام القضائي المختص بنظر هذه الدعوى في كل من اليمن والإمارات.
ثانيًا: مشكلة البحث
إن الإدارة قد تُخل بالتزاماتها تجاه المتعاقد معها، وقد تتعسفه باستعمال سلطاتها في العقد الإداري؛ مما يعني تضرر المتعاقد معها، فيضطره الأمر للمطالبة بالتعويض عن طريق اللجوء إلى القضاء بتقديم دعوى التعويض، وهو حق كفلته الدساتير، ومنها الدستور اليمني، والدستور الإماراتي؛ وعليه يمكن صياغة مشكلة البحث في السؤالين التاليين:
- ما هي شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؟
- – ما موقف كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي من شروط قبول هذه الدعوى؟ وما هي مواطن القصور في النصوص القانونية المتعلقة بها؟
ثالثًا: أهداف البحث:
- توضيح شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
- – تسليط الضوء على موقف القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي من شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
- – الكشف عن مواضع القصور والنقص في النصوص القانونية المتعلقة بشروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية في كل من القانون اليمني، ونظيره الاتحادي الإماراتي.
رابعًا: منهجية البحث:
للإجابة على التساؤل في مشكلة البحث؛ اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي، والمنهج المقارن لأقوال الفقه، والقضاء، والنصوص القانونية في كل من القانون اليمني، والقانون الاتحادي الإماراتي ذات العلاقة بموضوع بحثنا.
خامسًا: خطة البحث:
- المبحث الاول: الشروط المتعلقة بمحل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
- المبحث الثاني: الشروط المتعلقة بالطاعن ومواعيد وإجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
- الخاتمة: وتتضمن أهم النتائج والتوصيات والمقترحات التي توصل إليها الباحث.
المبحث الأول: الشروط المتعلقة بمحل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
ما من دعوى من الدعاوى عمومًا، إلا ولها محلًا أو موضوعًا، ولما كانت الدعوى محل دراستنا هي دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ فإن محلها وموضوعها هو العقد الإداري؛ والذي يُبنى عليه قيام مسؤولية الإدارة التعاقدية على أساس الخطأ؛ بإخلال الإدارة بالتزاماتها فيه، أو تعسفها باستعمال سلطاتها فيه، والتي لا يتواجد مثلها في العقد الخاص؛ أو بدون خطأ؛ وفقًا لفكرة إعادة التوازن المالي للعقد الإداري.
كما لا يمكن للمتعاقد المتضرر من الإدارة الحصول على تعويض ناتج عن العقد الإداري، إلا إذا كانت دعواه مؤسسة وفقًا لما يتطلبه القانون؛ لذا يلزمنا أن نتعرف على طبيعة العقد الإداري، ونوضح شروطه؛ التي عليها تقوم مسؤولية الإدارة التعاقدية على أساس الخطأ، أم بدون خطأ؛ وذلك من خلال المطلبين التاليين:
- المطلب الأول: التعريف بالعقد الإداري.
- المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بطبيعة العقد الإداري.
المطلب الأول: التعريف بالعقد الإداري
إن العقد الإداري يُعد وسيلة قانونية، وسلطة من سلطات الإدارية، تسعى من خلاله الإدارة؛ لتحقيق أهداف النشاط الإداري، بالتكامل مع القرارات الإدارية، ومع ما تم منحه للإدارة فيه من سلطات وامتيازات، إلا أنه كغيره من العقود؛ يُرتب حقوقًا، والتزامات على الإدارة والمتعاقد معها؛ وفق قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، ولأهمية الأمر في موضوع الدعوى؛ حيث أن مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ سواء على أساس الخطأ، أم بدون خطأ، لا تقوم إلا في حال تحقق وجود العقد الإداري؛ فإننا سنوضح تعريف العقد الإداري؛ ونبين شروطه كالتالي:
أولًا: تعريف العقد بصورة عامة
لنصل إلى تعريف العقد الإداري لدى القضاء والفقه؛ يُستحسن منا أن نمر على تعريف العقد بصورة عامة؛ حيث عُرف العقد في القانون المدني اليمني، بنص المادة (127) بأنه: “تلاقي الارادتين بأي صفة كانت، وتنشأ عنه المسؤولية العقدية”، وبالمقابل عرفه قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات بنص المادة (125) بأنه: “ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر، وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه، ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه الآخر”.
كما يُعرفه من الفقه بأنه: توافق إرادتين على إنشاء وخلق التزامات متبادلة، بمعنى آخر يتوقف الالتزام فيه على اجتماع إدارتين ([6]).
ومما سبق من تعريفات نجد أن العقد غير محددة أطرافه؛ فقد يكون طرفا العقد شخصين طبيعيين، وقد يكونا شخصين اعتبارين، وقد يكونا شخص طبيعي، وشخص اعتباري، وقد يكون الشخص الاعتباري خاصًا كالشركات والمؤسسات الخاصة، وقد يكون الشخص الاعتباري عامًا؛ أي أحد أشخاص القانون العام المتمثلة بالدولة أو إحدى هيئاتها أو مؤسساتها…، وقد يريد شخص القانون العام تحقيق مصلحة خاصة من العقد، أو تحقيق مصلحة عامة، وبالتالي فإن هذا التعريفات عامة، ولا نستطع من خلالها تحديد محل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ فكان لابد من تحديد واضح للعقد الإداري محل الدعوى في دراستنا، وبالتالي لا نستطيع من خلال تلك التعريفات التحقق من وجود العقد الإداري؛ كونها لا تميز بينه وبين غيره من العقود.
ثانيًا: تعريف العقد الإداري
من المعلوم أن العقد الإداري متميز عن العقد المدني، كما أن العقود التي تبرمها الإدارة لا تخضع كلها لنظام قانوني واحد، ولكنها تنقسم إلى قسمين: عقود الإدارة التي تخضع للقانون الخاص، وعقود الإدارة التي تخضع للقانون العام، وهي التي يطلق عليها اصطلاحًا ” العقود الإدارية”([7])، كما أن من الفروق بين النوعين: أن الفصل في المنازعات المتعلقة بعقود الإدارة الخاصة يكون لجهة القضاء العادي، بينما يكون الاختصاص للقضاء الإداري في حالة العقود الإدارية ([8]).وقد عرف كل من القضاء الإداري، والفقه العقد الإداري كما يلي:
- عرف القضاء الإداري العقد الإداري: بأنه العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام، أو بمناسبة تسييره، وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص ([9]).
- 2. يرى غالبية الفقه أن العقد الإداري: هو ذلك العقد الذي تبرمه الإدارة أو أحد الأشخاص المعنوية مع شخص من أشخاص القانون الخاص، أو مع شخص من أشخاص القانون العام؛ وذلك بقصد تسيير مرفق عمومي، أو إنجاز أشغال عامة، أو إدارته، أو لتوفير أدوات، أو تقديم خدمات لحساب الدولة، أو للقيام بالدراسات اللازمة لتحقيق بعض المنجزات والمشاريع ([10]).
وللعلم إن المشرع اليمني لم يعرف العقد الإداري في النصوص القانونية، لاسيما في قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، والذي يُعد فعليًا هو قانون العقود الإدارية، ولا في لائحته التنفيذية أيضًا، كما أن القضاء اليمني ما زال يرى العقد الإداري كالعقود الخاصة، ولم يرد في أحكامه بحسب علمي إلا حكم واحد ذكر فيه الشروط غير المألوفة، وهو الحكم الصادر من المحكمة التجارية بصنعاء في قضية سوق نقم في 5/8/2001م غير منشور اعترف فيه بتمييز العقود الإدارية عن العقود المدنية أورده الدكتور مطيع جبير ([11])، حيث أقر في حيثيات الحكم بمعيار المرفق العام والسلطة العامة، والإشارة إلى الشروط الاستثنائية التي تضمنها العقد، إلا أن ذلك لا يعني أن القضاء اليمني عمومًا يُسلم بفكرة العقود الإدارية حاليًا؛ حيث ما زالت القاعدة العامة بأن العقود الإدارية كالعقود الخاصة، فقد جاء في حكم للدائرة الإدارية بالمحكمة العليا الإقرار بمصطلح العقد الإداري، بقولها: “…كما أن العقد المبرم فيما بينهما _الموظفين _ والجهة الحكومية لا يُعد عقدًا إداريًا، فالعقد الإداري هو العقد الذي تبرمه الإدارة متعلقًا بمرفق عام، كعقود الالتزام والأشغال العامة والتوريد، وأن يكون بطبيعته عقد إداري؛ أي الذي تبرمه الإدارة العامة بوصفها رابطة مستهدفة منه إحداث أو تسيير مصلحة عامة أو مرفق عام”([12])، وعليه فإن العقد الإداري لدى القضاء اليمني يمتاز بأنه متعلق بمصلحة عامة أو مرفق عام فقط، وهو ناقص بالنسبة لما يراه القضاء الإداري؛ لعدم ذكره للشروط الاستثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وبالمقابل فإن المشرع الإماراتي هو الآخر لم يُعرف العقد الإداري في نصوصه القانونية، لا سيما في قانون المناقصات والمزايدات والمستودعات، إلا أن القضاء الاتحادي في الإمارات قد أحسن؛ إذ عرف العقد الإداري، واتفق في ذلك مع القضاء الإداري المصري في تعريفه للعقد الإداري، حيث عرفته المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة في حكمها الصادر بتاريخ 26/3/ 2005 بقولها: “..ولما كان العقد الإداري هو الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام مع أي طرف آخر بتوافق إرادتيهما بإيجاب وقبول لإنشاء التزامات تعاقدية تقوم على التراضي بين طرفيه بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وما ينطوي عليه من شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص سواء تضمن العقد هذه الشروط أو كانت مقررة بمقتضى القوانين واللوائح…”([13])، إلا أنه في حكم آخر عرف العقود التي تبرمها الإدارة مع الغير بأنها رابطة عقدية تنشأ بتوافق الإرادتين، وتولد مراكز قانونية فردية وذاتية مصدرها العقد([14]).
المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بطبيعة العقد الإداري
نستطيع من خلال تعريف القضاء الإداري والفقه للعقد الإداري؛ أن نستخلص منه الشروط المتعلقة بطبيعة العقد الإداري؛ في قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، وهي ثلاثة شروط، وهذه الشروط الثلاثة وردت في القواعد العامة للعقود الإدارية المستخلصة من محكمة النقض؛ حيث جاء فيها بأنه: يتعين لاعتبار العقد عقدًا إداريًا أن يكون أحد طرفيه شخصًا معنويًا عامًا يتعاقد بوصفه سلطة عامة، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية، وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص ([15])، نوضحها كالتالي:
أولًا: أن يكون أحد طرفي العقد أحد الأشخاص المعنوية العامة
العقد الإداري لا ينطبق عليه هذا المصطلح، إلا حينما يكون أحد أشخاص القانون العام طرفًا فيه، ويشمل ذلك الأشخاص العامة الإقليمية (الدولة، المحافظة، المديرية)، وكذلك الأشخاص العامة المرفقية (المؤسسات، والهيئات العامة)، إذ إن جميعها من أشخاص القانون العام.
أما العقود التي تبرم بين أشخاص القانون الخاص فلا يمكن أن تكتسب الصفة الإدارية، إلا في حالة استثنائية واحدة فقط؛ إذا ثبت أن الشخص الخاص قد أبرم العقد لحساب شخص معنوي عام، فهنا يعتبر العقد إداريًا على أساس أن المتعاقد الخاص كان بمثابة وكيل عن الشخص العام، والأمر ليس استثناء حقيقيًا؛ لأن العقد في النهاية لن يرتب آثاره في ذمة المتعاقد، وإنما سيرتبها إيجابيًا أو سلبيًا في ذمة الشخص العام الذي أبرم العقد لحسابه ([16]).
لكن في حقيقة الأمر إن توافر هذا الشرط وحده لا يكفي بذاته؛ للتمييز بين العقد الإداري والعقد الخاص، وليس ضروريًا أن يكون هذا العقد إداريًا؛ إذ قد تتعامل الإدارة مع الأفراد بمقتضى عقود مدنية؛ لاتفاقها في بعض الأحوال مع مصلحة الإدارة، ونوعية النشاط الذي تمارسه، ومن ثّم فإنه يلزم من توافر عنصر يكون فيصلًا بين تلك العقود.
ثانيًا: أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام
يُراد بالمرفق العام: النشاط الذي تتولاه الدولة، أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة، أو التعهد به إلى آخرين، كالأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة، ولكن تحت إشرافها وتوجيهاتها؛ وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام؛ تحقيقًا للصالح العام ([17]).
وبناء على هذا التعريف فإن العقد الإداري يعمل على تنظيم المرفق، أو استغلاله، أو يشترك من خلاله في المعاونة في تسييره وإدارته عن طريق توريد مواد أو خدمات أو بتقديم أدوات أو غير ذلك من صور الإيصال، وأن يكون ارتباط موضوع العقد بالمرفق العام مهمًا؛ وذلك أن مقتضيات سير المرافق العامة هي وحدها التي تبرر ما يتضمنه القانون الإداري من خروج على المألوف في القانون الخاص، وعلى منطق القواعد التي تحكم علاقات الأفراد فيما بينهم؛ كون المرفق العام يُحقق مصلحة عامة.
واتصال العقد بالمرفق العام يأخذ صورًا عديدة: فقد يأخذ صورة اشتراك المتعاقد مع الإدارة في إدارة المرافق العام، ومثال على ذلك عقد التزام المرافق العامة، كما يأخذ صورة إنشاء مرفق عام، كما في عقود الأشغال العامة، كما أنه قد يأخذ صورة تسيير المرفق العام، كما هو الحال في عقود التوريد والتي يتعهد فيها المتعاقد مع الإدارة بتوريد أصناف معينة تحتاجها الإدارة لتسيير نشاط المرفق العام ([18]).
وبالتالي إذا كان العقد لا يرتبط بالمرفق العام، فإن العقد يفقد صفته الإدارية، ويصبح عقدًا من عقود القانون الخاص، حتى لو كان أحد أطرافه أحد أشخاص القانون العام، كما أن العقود المبرمة من الأشخاص العامة لإدارة أموالها الخاصة، تُعد من قبيل العقود المدنية؛ نظرًا لانقطاع صلتها بإدارة أو تسيير مرفق عام.
ثالثًا: أن يتضمن العقد شروطًا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص:
يُعد هذا الشرط أهم شرط في العقد الإداري، على الرغم من أهمية وجود الإدارة كطرف في العقد، واتصال العقد بالمرفق العام، وكونهما عنصرين ضروريين، إلا أنهما غير كافيين لإضفاء الصفة الإدارية على العقد، وإنما يعتبر العقد إداريًا؛ إذا ما تضمن شرطًا، أو شروطًا استثنائية غير مألوفة، والذي يدل على نية الإدارة في اتباع أساليب القانون العام، وذلك بجانب الشرطين السابقين.
وهي شروط يحتويها العقد المبرم بين الإدارة والفرد المتعاقد معها، والتي لا يجوز قانونًا للأفراد في القانون الخاص ارتضاءها وقبولها، وقد تكون لمصلحة الإدارة وهو الغالب؛ كأن تُعطي الإدارة لنفسها الحق في تعديل العقد وشروطه في أي وقت، أو الحق في فرض جزاءات على المتعاقد معها في بعض الحالات، أو الحق في إلغاء العقد في أي وقت وبدون إنذار، أو حتى بدون تعويض، ومن الممكن أن تمثل الشروط الاستثنائية أيضًا في مصلحة الفرد المتعاقد مع الإدارة؛ كأن تُعطيه الإدارة الحق في تحصيل رسوم من المنتفعين، أو الحق في التمتع باحتكار، أو حق في الاستفادة من نزع الملكية للمنفعة العامة ([19]).
كما أن ليس من الضروري أن يحتوي العقد على أكثر من شرط استثنائي، وإنما يكفي شرط استثنائي واحد فقط، وغالبًا ما يتضمن هذه الشروط العقد نفسه، إلا أنه من الممكن أن تكون خارجة عنه في قانون أو لائحة، إذا كان العقد يحيل إلى ذلك القانون، أو تلك اللائحة، ومثال ذلك أن يحيل العقد إلى أحكام قانون المناقصات والمزايدات أو اللائحة التنفيذية ([20]).
وقد أصبح من المسلم في فقه القانون الإداري أن اختيار جهة الإدارة لوسائل القانون العام هو الشرط الفاصل في تمييز العقود الادارية ([21]).
ومن القواعد التي استنبطت من أحكام محكمة النقض في مصر أن الشروط التي تضعها الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع من خلالها بحقوق، كأن يتضمن امتيازات للإدارة لا يمكن أن يتمتع بها المتعاقد الآخر، أو يخول المتعاقد مع الإدارة سلطات استثنائية في مواجهة الغير ([22])، وهو ما لم يكن فيه القضاء اليمني واضحًا، وإنما جعلها كالعقود الخاصة، إلا في حكم وحيد ذكرناه سابقًا، ولمحكمة ابتدائية، وليس صادرًا من الدائرة الإدارية في المحكمة العليا؛ لنأخذ به كقاعدة عامة، بينما كان القضاء الاتحادي الإماراتي واضحًا في ذلك، واعتماده لتعريف القضاء الإداري، وبالتالي القبول بالشروط الاستثنائية غير المألوفة في القانون الخاص.
ومما يلزم الإشارة إليه أن الشروط الاستثنائية كعنصر مميز للعقد الإداري، غير شروط الإذعان الموجودة في عقود القانون الخاص، وإن رأينها متشابهة نوعًا ما؛ حيث نظم المشرع اليمني أحكام عقود الإذعان في القانون المدني في المادتين (214) و(215)، كما نظم المشرع الاتحادي في الإمارات تلك الأحكام في المادتين (248) و (249)، وأجازا للقاضي تعديل شروط العقد، أو اعفاء الطرف المذعن منها وفقًا لما تقضى به العدالة.
ومما سبق فإن شروط العقد الإداري تُعد في حقيقة الأمر هي الشرط الأساسي المتعلق بمحل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ فمن غيرها لا عقد إداري؛ ومن البديهي القول بأنه حيث لا عقد إداري، فلا يمكن القول بوجود مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ كونها مرتكزًا لقيامها؛ سواء كانت مسؤوليتها على أساس الخطأ؛ نتيجة إخلالها بالتزاماتها؛ سواء كانت الفنية، أم المالية، أم سوء استعمالها لسلطاتها وامتيازاتها التي مُنحت إياها؛ لدورها في تحقيق المصلحة العامة، ولحق الضرر نتيجة ذلك بالمتعاقد مع الإدارة؛ بسبب العلاقة القائمة بين خطأ الإدارة والضرر الذي أصاب المتعاقد معها، أم مسؤوليتها بلا خطأ؛ التي ابتدعها القضاء الإداري؛ نتيجة ما يسمى بالتوازن المالي للعقد الإداري؛ حيث يلحق الضرر بالمتعاقد نتيجة ظروف استثنائية، أو صعوبات مادية غير متوقعة، وهي مسؤولة عن سير المرافق العامة بانتظام واطراد؛ لتحقيق المصلحة العامة؛ وعليه فإن الشرط المتعلق بمحل أو موضوع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، يكون قد تحقق لإمكانية رفع الدعوى؛ متى ما توافرت بقية الشروط الأخرى.
المبحث الثاني: الشروط المتعلقة بالطاعن ومواعيد وإجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
لكي تقبل دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية أمام القضاء المختص؛ سواء كان قضاء عاديًا أو قضاء إداريًا؛ فإن هناك شروطًا يجب أن تتوافر في شخص رافع الدعوى، كما أن هناك شروطًا يجب أن تتوافر حال رفع الدعوى تتعلق بمواعيدها وإجراءاتها؛ حيث في حال فقد أحدها يؤدي إلى بطلانها، نوضح تلك الشروط من خلال المطلبين التاليين:
- المطلب الأول: الشروط المتعلقة بالطاعن بالتعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
- المطلب الثاني: الشروط المتعلقة بمواعيد وإجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
المطلب الأول: الشروط المتعلقة بالطاعن بالتعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
إن الحديث عن الطاعن بالتعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ يستلزم منا الوقوف على الشروط التي يجب توافرها فيه، وإن حصل الخلاف بين الفقه في تلك الشروط، إلا أني سأكتفي بشرطين أساسيين هما: شرط أهلية التقاضي، وشرط المصلحة؛ لأهميتهما، وكونهما من المسلمات في مجال التقاضي، وسأبين ما دار من خلاف فقهي في أثناء الحديث فيهما؛ وذلك من خلال الفرعين التاليين:
- الفرع الأول: شرط أهلية التقاضي.
- الفرع الثاني: شرط المصلحة.
الفرع الأول: شرط أهلية التقاضي
تعتبر الأهلية التي يحددها القانون من أهم مميزات الشخصية القانونية، وقد نصت عليها تشريعات الدول؛ لأنه يُبنى عليها اكتساب الشخص للحقوق، وتحمله للالتزامات.
ويُراد بأهلية التقاضي: صلاحية الشخص للتقاضي، فيستطيع أن يرفع دعوى ضد الغير، أو أن ترفع ضده فيكون صاحب حق في التقاضي، ولا تختلف شروط أهلية التقاضي عن شروط الأهلية المعروفة، كبلوغه سن الرشد طبقًا لقانون الدولة، وكان متمتعًا بقواه العقلية رشيدًا في تصرفه ([23])، وقد ذكر تلك الأهلية القانون المدني اليمني في المادة (50)؛ وهي خمس عشرة سنة كاملة، بينما في الإمارات فقد نص قانون المعاملات المدنية الاتحادي في المادة (85) على أن سن الرشد إذا أتم الشخص إحدى وعشرين سنة قمرية، ويرجع الاختلاف في النصوص القانونية في كل من اليمن والإمارات؛ خلاف بين وجهة مشرع كل دولة منهما.
لكن يمكننا القول إن ما ذكر متعلق بالأفراد العاديين، وأن الأهلية لا تقتصر عليهم، بل تتناول أيضًا الأشخاص الاعتبارية التي يمثلها النائب الشرعي، كما هو الحال بالنسبة للدولة والمحافظات والمدن والقرى…، والأصل أن الدولة هي وحدها التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ولكن هذا لا يعني أن الوزارات والمصالح المختلفة التي لم تمنح هذه الشخصية تفقد حقها في التقاضي؛ وذلك لأن الوزير يمثل الدولة في شؤون وزارته، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشؤون هيئة أو وحدة إدارية إلى رئيسها فتكون له هذه الصفة التي بينها القانون ([24]).
ومما يجدر الإشارة إليه أن ما يتعلق بأهلية الأجنبي في التقاضي فالمشرع اليمني أورد في قانون المرافعات والتنفيذ المدني بشأنه؛ حيث نصت المادة (73) على أنه:” يعتبر الأجنبي أهلًا للتقاضي أمام محاكم الجمهورية متى توافرت فيه شروط الأهلية طبقًا للقانون اليمني ولو لم يكن أهلًا بحسب قانون بلاده…” ففي هذا النص دلالة على أن الأجنبي كاليمني يجب أن تتوافر فيه الأهلية التي وردت في القانون المدني اليمني بنص المادة (50)، وهي أن يبلغ سن الرشد خمس عشرة سنة كاملة، إذا بلغها الشخص متمتعًا بقواه العقلية رشيدًا في تصرفاته، وهي صفات كامل الأهلية، بينما مثل هذا النص لم يرد في اللائحة التنظيمية للقانون الاتحادي بشأن قانون الإجراءات المدنية؛ وبالتالي يمكننا القول لا فرق بين الإماراتي وغيره في أهلية التقاضي.
كما أنه إذا كان رافع الدعوى غير صاحبها؛ فيُشترط فيه أن يكون وليًا شرعيًا على شخص أو مال قاصر، أو المحجور عليه ([25]).
إذن تعتبر أهلية التقاضي شرطٍا لقبول الدعوى في كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي، وإن كان يرى من الفقه أن شرط أهلة التقاضي هو شرط للمطالبة القضائية؛ أي لصحة انعقاد الخصومة، وليس شرطًا لقبول الدعوى، بدليل أنه إذا فقد أحد الخصوم أهليته للتقاضي في أثناء نظر الدعوى وقف إجراءاتها، دون أن تفقد شرطًا من شروط قبولها([26])،
الفرع الثاني: شرط المصلحة
إن الحديث عن شرط المصلحة في إطار دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، من الأهمية بمكان؛ لما يترتب عليه من صحة الدعوى، وعدمها؛ وقبول الدعوى من رفضها، كما أنه من القواعد المسلم بها: أنه حيث لا مصلحة فلا دعوى ([27])؛ لذلك يجب علينا أن نُعرف المصلحة، وأن نذكر خصائصها، ووقت توافرها، كالآتي:
أولًا: تعريف المصلحة
المصلحة هي مناط الدعوى، وقد عُرفت المصلحة في الدعوى بأنَّها: المنفعة التي يمكن أن يحصل عليها رافعها في حالة إجابته إلى طلبه ([28])، كما عُرفت أيضًا بأنَّها: المنفعة التي يجنيها المدعي من التجائه إلى القضاء ([29]).
وبناء على التعريفين فإن المصلحة هي الباعث من رفع الدعوى والغاية المقصودة منه؛ وهي الفائدة العملية التي تُرجى من رافع الدعوى؛ فلا تُقبل دعوى التعويض ممن لم يتضرر من إخلال الإدارة بالتزاماتها، وتعسفها في استعمال سلطاتها؛ حيث اتفق علماء القانون على أنه لا يصح قبول دعوى التعويضات إذا لم يلحق بالطالب ضرر ما ([30]).
ومن هنا اشترط المشرع اليمني في قانون المرافعات المدنية والتجارية والتنفيذ المدني رقم (40) لسنة 2002م في المادة (75) على أنه: “لا تقبل أي دعوى أو طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه“، وهو ما اشترطه قانون الإجراءات المدنية الاتحادي بالإمارات أيضًا، بنص المادة (2)؛ حيث جاء فيها: “لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة ومشروعة ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فبه”.
فيمكننا القول بأنه في هاتين المادتين نجد أن المصلحة تستند إلى حق اعتدي عليه، أو مهدد بالاعتداء عليه، وهو ما يتمثل في دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ كونها من الدعاوى الحقوقية، القائمة على حق اعتدي عليه، أو مهدد بالاعتداء عليه؛ فيكون الحال في شرط المصلحة فيها، كحال الدعاوى المدنية التي ينظمها القانون المدني.
بل إن المشرع اليمني في قانون المرافعات، وتحديدًا في المادة (76) شدد في هذا الشرط، وجعل للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى في حالة عدم توفر المصلحة؛ حيث نص على أنه: “تحكم المحكمة بعدم قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع إذ تبينت (ولو من تلقاء نفسها) أن لا صفة أو مصلحة فيها، في أي مرحلة من مراحل الدعوى”، وهو ما لم يرد في قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، ولا في لائحته التنظيمية.
ومما يلفت النظر أن المشرع اليمني ذكر الصفة والمصلحة في المادة السابقة، مما يجعلنا نتساءل هل هناك فرق بينهما أما لا؟ وللإجابة على ذلك نقول أنه هناك خلاف بين الفقهاء حول الصفة والمصلحة، فمنهم من يرى أن شرط الصفة مستقل عن شرط المصلحة في نطاق قبول الدعوى، ومنهم من يرى أن الصفة ليست إلا مظهرًا أو تعبيرًا لشرط المصلحة، وأنها من ثم مندمجة في المصلحة، التي هي الشرط الوحيد لقبول الدعوى، والرأي الراجح فقهًا وقضاء في هذا المجال يرى أن الصفة لا تمثل شرطًا قائمًا بذاته، وإنما هي وصف من أوصاف المصلحة لكي تكون شخصية ومباشرة، وعلى هذا الأساس تعتبر الصفة مندمجة في المصلحة ([31]).
ولما كانت المصلحة في دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية قائمة على حق اعتدي عليه، أو مهدد بالاعتداء عليه؛ فإنه يلزمنا أن نذكر تعريفًا في المعاملات لمصطلح الحق؛ حيث عُرف بأنه: مصلحة ذات قيمة مالية يقرها القانون للفرد، وهو إما حق عيني أو حق شخصي ([32]).
ولما كان حديثنا عن حق شخصي لرافع الدعوى فإنه يراد به: رابطة ما بين شخصين، دائن ومدين، يخول الدائن بمقتضاها مطالبة المدين بإعطاء شيء، أو بالقيام بعمل، أو بالامتناع عن عمل ([33]).
وقد عرف المشرع اليمني الحق في القانون المدني بنص المادة (121) على أنه: “مصلحة ثابتة للفرد أو المجتمع أو لهما معًا مادية أو معنوية يقرها الشرع….”، بينما قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات لم يُعرف الحق، وإنما اكتفى بذكر أنواعه، بنص المادة (107) بأنه: “يكون الحق شخصيًا أو عينيًا أو معنويًا”، وإن كان الأحرى به أن يُعرفه؛ ليرفع اللبس لدى الفقه والقضاء عن مذهبه في تعري الحق.
فقد ذُكرت للحق عدة تعريفات؛ فهناك تعريف أنصار المذهب الموضوعي؛ الذين عرفوا الحق بمصلحة يحميها القانون، وهناك أنصار المذهب الشخصي الذين عرفوا الحق بالإرادة، وهناك مذهب ثالث جمع بين الإرادة والمصلحة في تعريف الحق، إلا أن الفقه انتقد جميعها، وظهرت النظرية الحديثة للفقيه البلجيكي دابان؛ والذي عرف الحق بتحليله إلى عنصري: الاستئثار(الاختصاص)، التسلط، ويذكر من الفقه أن جانبًا كبيرًا من الفقه العربي والفرنسي يعتنق نظرية دابان في تعريف الحق، ويصل بالنتيجة إلى تعريف شبه موحد للحق-على الأقل في عناصره- وهذا التعريف هو أن الحق عبارة عن:” استئثار(اختصاص) شخص بشيء ما استئثارًا(اختصاصًا) يحميه (يقره) القانون”([34]).
وعرف القانون المدني اليمني كذلك في نفس القانون الحقوق الشخصية في المادة (122) بأنها: “ما تعلق بذمة الغير دون تخصيص بمال معين، ويقابلها بالنسبة للغير الديون أو التعهدات أو الالتزامات المتعلقة بالذمة”، وعرفها نظيره الإماراتي في المادة (108) بقوله: “الحق الشخصي رابطة قانونية بين دائن ومدين يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل”.
إلا أن المصلحة والتي يجب توافرها لقبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، لابد فيها من سمات وأوصاف، بحيث إذا انتفت بعض هذه الأوصاف أو كلها، فإن ذلك يؤدي إلى انعدام المصلحة، مما يترتب عليه الحكم برد الدعوى لانتفاء المصلحة، وهذه الخصائص أو السمات هي ذات خصائص وسمات المصلحة التي لا بد منها في الدعاوى المدنية كما سنتناولها.
كما يجب التمييز بين الصفة وأهلية التقاضي، رغم خلط بعض الفقه وبعض أحكام القضاء بينهما؛ كالقول أحيانًا بأن صاحب الصفة هو من يختص قانونًا بتمثيل الشخص الاعتباري والتحدث باسمه، والصحيح أن من ينوب عن غيره في مباشرة الدعوى؛ إنما هو ممثل للشخص صاحب الصفة ([35]).
ثانيًا: خصائص المصلحة
إن للمصلحة مجموعة من الخصائص والسمات التي يجب توافرها؛ لانعقاد دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، يمكننا توضيحها في الآتي:
- المصلحة القانونية (المشروعة):
لقبول الدعاوى شكلًا يجب أن تكون المصلحة المراد حمايتها قانونية، ويقصد بالمصلحة القانونية: “أن تكون للمدعي الصفة القانونية التي يحميها القانون “([36]).
فالمصلحة تدور مع الحق وجودًا وعدمًا، بمعنى أنه كلما كان هناك اعتداء على الحق أو تهديد بالاعتداء عليه كان لصاحبه حق طلب حماية القانون.
كما أن المصلحة القانونية قد تكون مادية أو أدبية، وسواء أكانت مادية أو أدبية؛ فإنها تكفي لقبول الدعوى طالما أنها تستند إلى حق، أو وضع يحميه القانون.
كما ويستبعد من نطاق المصلحة القانونية، المصلحة غير المشروعة؛ كأن يُطالب المدعي بحماية القانون لحق له مخالف للنظام العام أو الآداب العامة؛ فيُفهم من ذلك أن الحق الذي يحميه القانون لا يمكن أن يخالف النظام العام أو الآداب العامة.
- المصلحة الشخصية والمباشرة:
يلزم لقبول الدعوى أن تكون مصلحة المدعي شخصية ومباشرة في الدعوى، وتكون كذلك إذا كانت تحمي الدعوى مصلحة خاصة لرافعها، أو من ينوب عنه ([37]).
ويُقصد بالمصلحة الشخصية والمباشرة أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق المراد حمايته، أو من يقوم مقامه؛ كالوكيل بالنسبة للموكل وكالوصي أو الولي بالنسبة للقاصر ([38]).
والحكمة من اشتراط المصلحة؛ هو تنزيهًا لساحات القضاء عن العبث، وتوفيرًا لوقت وجهد القضاء، وسدًا لباب الدعاوى الكيدية([39]).
وربما يتبادر سؤال أمامنا؛ لماذا يتم اشتراط المصلحة في رافع الدعوى؟ والإجابة على ذلك تكمن في أن اشتراط هذا الشرط في المصلحة؛ لأن صاحب الحق أقدر من غيره على تقييم مصلحته، وفيما إذا كان يرغب في إقامة دعوى أمام القضاء أم لا.
واشتراط أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة، لا يمنع إقامتها من غير الشخص المقررة له هذه المصلحة؛ شريطة أن تكون له صفة في الدعوى؛ كأن تُقام من قبل الوكيل بموجب وكالة قانونية صحيحة؛ لأن المصلحة الشخصية والمباشرة هي الصفة في رفع الدعوى ([40]).
وكنا قد ذكرنا أن هناك خلافًا؛ فقد ذهب البعض إلى ضرورة توافر الصفة إلى جانب المصلحة، على اعتبار أن الصفة شرط مستقل عن المصلحة، إلاّ أن الراي الراجح فقهًا وقضاء يرى أن الصفة لا تمثل شرطًا قائمًا بذاته، وإنما هي وصف من أوصاف المصلحة لكي تكون شخصية ومباشرة ([41]).
والصفة بهذا الوصف يلزم توافرها في المدعي لقبول الدعوى فقط؛ كونها لا ترفع إلا من ذي صفة، أما الصفة بالنسبة للمدعى عليه فتعتبر شرطًا للحكم عليه في الدعوى، وإلزامه بالحكم الصادر فيها.
- المصلحة القائمة أو الحالة:
يُقصد بالمصلحة القائمة أو الحالة: أن يكون هنالك اعتداء قد وقع بالفعل على حق، أو مركز يحميه القانون، وهذا الاعتداء قد يحصل نتيجة لصدور عمل إيجابي أو نتيجة لعمل سلبي، ورغم أن المشرع اشترط أن تكون المصلحة قائمة وحالّة، إلاّ أنه أخذ بالمصلحة المحتملة كاستثناء على الأصل، فقد أورد المشرع اليمني ذلك في قانون المرافعات والتنفيذ المدني في المادة (75) على أنه: “لا تقبل أي دعوى أو طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه”“، وهو المعنى ذاته الذي تم ذكره في قانون الإجراءات المدنية الاتحادي في الإمارات بنص المادة (2).
لذا يمكن القول بأن الاستثناء الذي أورده المشرع في كل من القانون اليمني، ونظيره الإماراتي لا يَرد على شرط المصلحة، وإنما يرد على شرط وقوع الضرر، فالمشرع يشترط المصلحة دائمًا لقبول الدعوى، وإنما يتخفف في بعض الحالات، فلا يشترط أن تكون المصلحة قائمة، فيجيز قبول الدعوى رغم أن الضرر لم يقع بالفعل، ولكن يحتمل وقوعه، فالاستثناء إذن وارد على وصف المصلحة بأنها قائمة، وليس على شرط المصلحة نفسه؛ لأن المُسلم به أنه لا دعوى بغير مصلحة.
- المصلحة المادية والأدبية:
لا يُشترط في مصلحة رافع الدعوى أن تكون مالية أو مادية، وإنما يمكن أن تكون هذه المصلحة أدبية([42]).
وقد ذكر المشرع اليمني في تعريف الحق في القانون المدني بنص المادة (121) بأنه: “مصلحة ثابتة للفرد أو المجتمع أو لهما معًا مادية أو معنوية يقرها الشرع….” وما ورد في قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات بنص المادة (107) بأنه: “يكون الحق شخصيًا أو عينينًا أو معنويًا”؛ وبالتي يُفهم من النصين أن فيهما دلالة على أن المصلحة قد تكون مادية أو معنوية، كما أنها قد تكون لفرد، وقد تكون لمجتمع كما يصرح بذلك القانون المدني اليمني، ويتضمنه النص في قانون المعاملات المدنية الاتحادي الإماراتي، وإن لم يُصرح بذلك.
ثالثًا: وقت توافر المصلحة
إن توافر شرط المصلحة يُعد شرطًا أساسيًا لقبول أي دعوى، بما فيها دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، وإلاّ فإن المحكمة تحكم بعدم قبولها.
ومن المسلم به في الدعاوى العادية أن المصلحة اللازمة لقبول الدعوى يجب أن تتوافر عند رفعها، وأن تبقى مستمرة لحين الفصل فيها ([43])، وهو ما ينطبق على دعوى التعويض محل دراستنا؛ فإنه ونظرًا لأن المصلحة فيها يجب أن تستند إلى حق اعتدي عليه، أو مهدد بالاعتداء عليه من جانب الإدارة، فإنه لابد أيضًا من توافر المصلحة حين إقامة الدعوى، واستمرارها إلى حين الفصل في موضوعها؛ وذلك لأن الحق المطالب بحمايته، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بصاحبه قد تكون الإدارة قد قامت بإجراءات تصحيح لما أقدمت عليه، وألغت القرار الإداري غير المشروع، أو سحبته بالأحرى، وأعادت الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الاعتداء، أو التهديد به، ففي هذه الحالة فإن القول بوجوب الاستمرار في نظر الدعوى لا فائدة منه؛ كون الاعتداء، أو التهديد بالاعتداء على الحق قد زال، وبالتالي لا مصلحة في السير في الدعوى؛ كوننا نُسلم بالقاعدة التي تقول بأنه: حيث لا مصلحة لا دعوى.
ومما ننبه عليه أخيرًا؛ أنه من نافلة القول، وفيما يتعلق بجدية المصلحة فإن أمر تقديرها يعود للمحكمة المرفوع أمامها النزاع، فلها إذا قدّرت عدم جدية الدعوى أن تردها، ولها أن تقرر قبول الدعوى حال تقديرها أن المصلحة ذات جدوى؛ أي أن تكون جدية.
والمشرع اليمني في قانون المرافعات حسم الأمر واشترط استمرار الصفة والمصلحة حتى الفصل في الدعوى كما نصت المادة (76) منه على أنه: “تحكم المحكمة بعدم قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع إذا تبينت (ولو من تلقاء نفسها) أن لا صفة أو مصلحة فيها، في أي مرحلة من مراحل الدعوى”؛ فيفهم من هذا النص على أن الصفة والمصلحة لازمة، ولابد من استمرارها في جميع مراحل الدعوى حتى الفصل فيها، وهو مالم يصرح به قانون الإجراءات المدنية الاتحادي في الإمارات، ويحتاج إلى نص صريح؛ لأهمية ذلك.
المطلب الثاني: الشرط المتعلق بمواعيد وإجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
يُعد عدم مضي المدة القانونية التي يحددها القانون لرفع الدعوى من الشروط الواجب توافرها لقبول الدعوى شكلًا أيًا كانت الدعوى؛ مدنية أو إدارية أو غيرها، والحكمة من التقادم، أو عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة عن أعمالها القانونية؛ تتمثل في استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لموظفي المرافق العامة، وهذا الاستقرار تمليه المصلحة العامة، وحسن سير المرافق العامة، ونتعرف على ميعاد رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة عن أعمالها القانونية، وأحكام عدم سماعها، والإجراءات المتبعة لرفعها، من خلال الفرعين التاليين:
- الفرع الأول: ميعاد رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية وأحكام عدم سماعها.
- الفرع الثاني: إجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
الفرع الأول: ميعاد رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية وأحكام عدم سماعها
إن لدعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية كغيرها من الدعاوى ميعادًا لرفعها، تنتهي بانقضائه، كما أن هذه المدة الزمنية تؤثر فيها عدة أحكام تُعرف بأحكام التقادم عند البعض، أو أحكام عدم سماع الدعوى كما هو في القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي، وهو ما نتناوله في الآتي:
أولًا: ميعاد رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
إن ميعاد رفع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية، لم يرد فيها نص خاص بها في كل من القانون اليمني، والقانون الاتحادي الإماراتي؛ وبالتالي فإنه يسري عليها ما يسري على العقود المدنية.
إلا أننا ننبه أن المشرع اليمني أورد نصًا في القانون المدني؛ حيث جاء في المادة (200) بأنه: “لا تُسمع الدعوى بطلب إبطال العقد أو نقضه بعد ثلاث سنوات مع عدم وجود مانع أو جهل لسبب البطلان ….”، فلربما يلتبس الأمر على البعض؛ فيظن هذه المدة هي مدة رفع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ إلا أنها في حقيقة الأمر ليست كذلك؛ كونها لم تذكر ذلك، وإنما أُوردت ما يتعلق من تصرفات تبطل العقد وتنقضه فقط، دون ذكر لدعوى التعويض في العقود، وإن كان لابد على المشرع اليمني أن يذكر نصًا خاصًا يُحدد فيه ميعاد رفع دعوى التعويض في المسؤولية المدنية التعاقدية أولًا في إطار القانون المدني؛ كونه يُعد من القصور الذي لحق التشريع اليمني، ويحتاج إلى تلافيه.
ولما لم يرد نص صريح يتعلق بتحديد ميعاد رفع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية خلاله، ولا في دعوى التعويض عن المسؤولية المدنية التعاقدية، لو فكرنا بالقياس عليه؛ لتأثر القانون الإداري ببعض قواعد القانون المدني؛ كون القانون المدني هو المرجع في حال غياب النص في القوانين الإدارية؛ فإنه يلزمنا أن نرجع إلى قانون الإثبات اليمني الذي أورد مدد لعدم سماع الدعاوى، واستنباطًا من هذا القانون، ومن المادة (23) التي تنص على أنه: “لا تسمع الدعوى من حاضر بسائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها في المواد الأربع السابقة بعد مضي خمس سنوات من تأريخ الاستحقاق مع عدم المطالبة …”.
فإننا نجد أن هذا النص ينطبق على مدة عدم سماع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية، كقاعدة عامة؛ أي أن مدة عدم سماع هذه الدعوى هي خمس سنوات؛ كونها من دعاوى الحقوق؛ لعدم وجود نص صريح بخصوص ذلك.
أما بالنسبة لمدة عدم سماع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية في القانون الاتحادي الإماراتي، فهو الآخر لم يرد فيه نص مستقل؛ إلا أنه لما كانت دعوى التعويض دعوى حقوقية؛ فإن ميعاد رفعها يدخل في عموم النص الوارد في المادة (473) من قانون المعاملات المدنية وهو خمسة عشر سنة.
وبناء على ما سبق فإن الأفضل للمشرع اليمني إعادة النظر في مدة عدم سماع دعوى التعويض عن مسؤولية الإدارة التعاقدية، وأن يجعلها خمس عشرة سنة، كما هو معمول به القانون الاتحادي في الإمارات، إلا أنه لابد على المشرع اليمني، وكذلك الإماراتي أن يذكرا نصوصًا خاصة تُحدد فيها مدة عدم سماع الدعوى فيما يتعلق بدعاوى المنازعات الإدارية لحل الإشكال الحاصل فقهًا وقضاءً بهذا الخصوص.
ثانيًا: أحكام عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
إن الحديث عن شرط الميعاد في الدعوى محل بحثنا؛ لَيُحتم علينا أن نتناول أحكام عدم سماعها؛ فحيث ما تحققت مسؤولية الإدارة؛ ترتب عليها الالتزام وفق القواعد لكل مسؤولية تعويض، إلا أن هذا الالتزام من المعمول به أنه لا يبقى مستمرًا إلى ما لا نهاية، بل إنه ينقضي إما بالتنفيذ، وإما بعدم سماع الدعوى، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المضرور من أجل الحصول على التعويض؛ جراء الضرر الذي لحقه بسبب إخلال الإدارة بالتزاماتها العقدية، أو تعسفها في سلطاتها، حقه في الالتجاء إلى القضاء المختص، ورفع دعوى التعويض خلال المدة التي نص عليها القانون، أو أخذ بها القضاء كقاعدة عامة، حال غياب ذلك النص؛ فإن لم يرفعها خلالها يمتنع على المحكمة المختصة سماع دعواه؛ مما يترتب عليه سقوط حقه في التعويض قضاء.
ومما يلزمنا الإشارة إليه أن الحق بالتعويض لا ينقضي فقط بانتهاء مدة التقادم، أو عدم سماع الدعوى، بل أيضًا بالتصالح بين الطرفين، وتنازل المضرور عن حقه، والوفاء بالتعويض تؤدي إلى انقضاء دعوى التعويض.
ولما كان القانون اليمني، وكذلك القانون الاتحادي الإماراتي لم يُحددا ميعادًا خاصًا، ومستقلًا لرفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ فإن المدة المانعة من سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية كما ذكرنا قبل هذا الحديث هي خمس سنوات في اليمن وفق قانون الإثبات، وطبقًا لقواعد قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات؛ فإن المدة المانعة من سماع هذه الدعوى؛ هي خمس عشرة سنة.
وللعلم بأن جانبًا من التشريعات والفقه أخذ بمصطلح عدم سماع الدعوى، وهو ما أخذ به كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي، وجانبًا آخر أخذ بمصطلح التقادم، كما هو حال القانون المصري، وإن أخذ المصطلحان نفس الأحكام، والفرق بينهما متميز ودقيق، فالقاضي في مصر يحكم بانقضاء الالتزام حتى وإن اعترف المدين أنه لم يفِ بالدين، وإن الدائن لم يبرئه منه، أما وفقًا لمبدأ عدم سماع الدعوى فلا يستطيع القاضي في اليمن _وكذلك الحال في الإمارات_ أن يحكم بانقضاء الالتزام إذا اعترف المدين بالدين، وأنه لم يفِ، وعلى فرض عدم اعترافه بأنه لم يفِ به، فكل ما يستطيع أن يحكم به هو عدم سماع الدعوى ([44]).
ولعدم سماع الدعوى أحكامًا نشير إلى أهمها كالآتي:
- بدء سريان مدة عدم سماع الدعوى:
يمكن لنا أن نتساءل متى نبدأ في حساب مدة عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؟ من خلال بحثي واطلاعي لم أجد من كتبَ في هذا الأمر، وحدد بدء ميعاد الطعن، ولكن يمكن القول إن البدء يكون اليوم الذي تنتهي فيه مدة إعذار المتعاقد للإدارة حال إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، أو بعد فسخ العقد، أو إنهائه من قبل الإدارة، أو عند ظهور المخاطر، وذلك من خلال ما نص عليه المشرع اليمني في القانون المدني في المادة (335):”لا يجبر المدين على الوفاء إلا بعد إعذاره بمطالبته بالوفاء بما عليه اختيارًا أو إنذاره بإقامة الدعوى عليه لدى القضاء لإجباره على الإيفاء…. ويجوز الاتفاق مقدمًا على أن يكون رفع الدعوى عند حلول الأجل دون حاجة إلى إجراء آخر”، وكذلك ما نص عليه قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات بنص المادة (478) على أنه: “تبدأ المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بمرور الزمان من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الأداء ومن وقت تحقق الشرط إذا كان معلقًا على شرط ومن وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق”.
فإذا مرت خمس سنوات في اليمن، وخمس عشرة سنة في الإمارات من يوم انتهاء مهلة إعذار المتعاقد للإدارة، ولم تُرفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، ولم يكن هناك ما يمنع رفعها، وانتهت المدة؛ فإن القاضي يمتنع عن سماعها.
- وقف مدة عدم سماع الدعوى:
يُراد به عدم سريان مدته بعد بدئها بصفة مؤقتة إلى أن يزول سبب الوقف فيسري ما بقي منها استكمالًا لها ([45])، إما لأسباب خارجة عن الإرادة، أو بإلزام القانون ([46]).
ويسري الوقف على عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية؛ وفي حال توفر سبب الإيقاف قبل السريان؛ فإنه لا يبدأ بالسريان إلا بزوال هذا السبب، وإذا حصل أن قام سبب الإيقاف خلال مدة سريانه؛ يوقف طيلة مدة قيام سبب الإيقاف، ثم يعود إلى السريان عند زواله، وتُضم المدة السابقة لسريان التقادم إلى المدة اللاحقة لزوال الإيقاف في حساب كامل مدته، وهو من صور الامتداد القانوني لميعاد الطعن الذي يؤدي إلى إطالته.
وتُعد القوة القاهرة أحد أسباب وقف مدة عدم سماع الدعوى، ويُقصد بالقوة القاهرة:كل عذر قهري يمنع صاحب المصلحة من رفع دعواه إلى القضاء، ويستقل القضاء بتقدير هذا العذر ليرتب عليه وقف الميعاد ([47]).
ومن تطبيقات القضاء الإداري المصري لوقف التقادم اعتبار اعتقال ذي المصلحة في منطقة بعيدة في ظل نظام لا يكفل للمسجونين القيام بهذا الإجراء القانوني، كما يعتبر المرض العقلي من القوة القاهرة ([48]).
وقد اعتبر كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي العذر الشرعي، سببًا لإيقاف مدة عدم سماع الدعوى؛ حيث نص المشرع اليمني على وقف المدة المانعة من سماع الدعوى في القانون المدني، والذي جاء في المادة (445) منه على أنه: “توقف المدة التي ولا تسري كل ما مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه سواء كان المانع ماديًا أم أدبيًا، كما توقف بين الأصيل ونائبه حتى تنتهي النيابة فتسري من وقت انتهائها”.
كما نصت المادة (443) من نفس القانون على أن: “العذر الشرعي هو غياب صاحب الحق ومرضه المانع أو كونه عديم الأهلية أو ناقصها إذا لم يكن له ولي أو وصي ويزول العذر بحضور الغائب أو بلوغ القاصر رشيدًا أو زوال سبب انعدام الأهلية أو نقصها إذا كان بالغًا أو كون الخصم الذي عليه الحق من المتغلبة أو قيام ظروف تسود فيها الفوضى ويتعذر معها الوصول إلى الحق”. فيُمكننا أن نفهم من النص أن أسباب توقف المدة نوعين: أسباب مادية وأسباب أدبية نوضحها كالآتي:
- الأسباب المادية: قد تكون طبيعية مثل الكوارث العامة كالزلازل والفيضانات والحروب وغيرها مما يمثل قوة قاهرة، أو متعلقة بشخص الدائن كأن يكون عديم الأهلية أو ناقصها مالم يكن له ولي أو وصي.
- الأسباب الأدبية متعلقة بصلة الدائن بالمدين كعلاقة الزوجية والأبوة، كما ذكر النص علاقة النيابة بين الأصيل ونائبه والوكيل وموكله، فلا تسري المدة في حقهم إلا بعد انتهاء النيابة أو الوكالة.
وقد نص قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات في المادة (473) على أنه: “لا ينقضي الحق بمرور الزمان ولكن لا تسمع الدعوى به على المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة”.
كما نصت الفقرة (1) من المادة (481) من نفس القانون على أنه: “يقف مرور الزمان المانع من سماع الدعوى كلما وجد عذر شرعي يتعذر معه الطالبة بالحق”.
فيترتب على وقف المدة عدم احتسابها من المدة المقررة لعدم سماع الدعوى، من تاريخ الوقف حتى زوال السبب، والوقف لا يلغي المدة السابقة على حدوثه، وهو ما ذكره القانون اليمني، وكذلك القانون الاتحادي الإماراتي.
- انقطاع مدة سماع الدعوى:
ويُقصد به عدم الاعتداد بالمدة المنصرفة منه؛ لقيام صاحب الحق بإجراء يؤكد حرصه على اقتضائه، فيسري ميعاد جديد من تاريخ الرد على هذا الإجراء ([49]).
وتنقطع مدة عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، بما جاء به النص في القانون الدني؛ حيث نص المشرع اليمني في المادة (446) من القانون المدني على الحالات التي ينقطع بتحققها عدم سماع الدعوى بقوله: “ينقطع سريان المدة التي يترتب عليها عدم سماع الدعوى في الأحوال الآتية:
- المطالبة القضائية ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة.
- تكليف المدين بالوفاء تكليفًا رسميًا.
- الحجز على مال المدين.
- تقدم الدائن بطلب بقبول حقه في تفليس أو توزيع.
- إشعار من الدائن لمدينه أثناء نظر إحدى الدعاوى بينهما للتمسك بحقه.
- إقرار المدين بحق الدائن إقرارًا صريحًا أو ضمنيًا؛ ومن ذلك بقاء المال المرهون تأمينًا لوفاء الدين تحت يد الدائن.
من خلال استعراضنا لهذه المادة المتعلقة بأحوال انقطاع مدة عدم سماع الدعوى في القانون المدني اليمني، فإنه يمكننا القول بأنها تنعكس على الإدارة أيضًا، فيما يمكن تطبيقه عليها؛ فالمطالبة القضائية للمتعاقد مع الإدارة بحقه، ولو إلى محكمة غير مختصة، أو تكليف المتعاقد للإدارة المتعاقد معها بالوفاء بما عليها تكليفًا رسميًا، أو إشعاره إياها في دعوى أخرى بينهما بالتمسك بحقه، أو بالإقرار أو اعتراف الإدارة بحق المتعاقد معها صراحة أوضمنًا؛ كل تلك الأحوال تقطع مدة عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية.
وفي المقابل فإن قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات في المادتين (483) و(484) اكتفى بالنص على أن: إقرار المدين بالحق صراحة أو دلالة، وكذلك المطالبة القضائية، أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه يُعد انقطاعًا لمدة عدم سماع الدعوى؛ أي في حال إقرار الإدارة بحق المتعاقد معها صراحة أوضمنًا، وفي حال المطالبة القضائية؛ بغض النظر هل كانت عبر المحكمة المختصة أم غير مختصة، وفي حال تمسك المتعاقد بحقه في إجراءات قضائية.
وأخيرًا لابد من التأكيد على أن الإجراء القاطع لمدة عدم سماع الدعوى؛ ينبغي أن يكون صحيحًا، وموجهًا إلى الإدارة، وإلاّ فإنه لا يقطع تلك المدة، وهو ما نص عليه المشرع اليمني بقوله: “بتحققها”، بينما المشرع الاتحادي الإماراتي لم يُشر إلى ذلك.
وأما الأثر المترتب على انقطاع المدة؛ يؤدي إلى احتساب المدة مجددًا بعد زوال أحوال القطع، على خلاف وقف المدة؛ التي يستأنفها بعد زوال سبب الوقف.
وقد نص المشرع اليمني على ذلك الأثر في المادة (447) من القانون المدني على أنه: “يترتب على انقطاع المدة سقوط المدة السابقة ولزوم مدة جديدة مماثلة للمدة الأولى تبدأ من وقت زوال الأثر المترتب على سبب الانقطاع، فإذا انقضت المدة الجديدة كاملة لا تسمع الدعوى”، وهو ما أكده قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات في المادة (485).
رابعًا: التمسك بمدة عدم سماع الدعوى:
ويُراد به أن الإدارة هي صاحبة الحق في تمسكها بعدم سماع الدعوى، ولا يحق للمحكمة أن تمتنع من تلقاء نفسها عن سماع دعوى التعويض في مسؤوليتها التعاقدية.
فقد نص المشرع اليمني في المادة (448) من القانون المدني على أنه: “لا تمتنع المحكمة عن سماع الدعوى من تلقاء نفسها إلا إذا تمسك المدين بذلك، ويجوز له التمسك في أي حالة تكون عليها الدعوى”، وهو ما نص عليه قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات في المادة (488) مع إضافة: “… أو ممن له مصلحة فيه من الخصوم، مالم يكن قد تنازل صاحب الحق عنها صراحة أوضمنًا”.
وهذه القاعدة التي أقرها القانونان في إطار المعاملات المدني، تسري أيضًا في مواجهة الإدارة؛ لغياب النص المستقل على ذلك؛ فإذا لم تتمسك بمدة عدم سماع الدعوى قبل المتعاقد المتضرر؛ تعين على المحكمة أن تقضي بالتعويض المطلوب؛ بمعنى آخر يتعين على الإدارة صاحبة المصلحة في عدم سماع الدعوى الحق، وفي عدم سماع المطالبة بالتعويض أن تتمسك به؛ كون عدم سماع الدعوى هنا لا يتعلق بالنظام العام؛ فإن لم تدفع به اعتبر ذلك إقرارًا منها بحق المتعاقد المتضرر في التعويض.
كما نصت المادة (449) من القانون المدني اليمني على أنه: “لا أثر للتنازل عن مضي المدة قبل اكتمالها وثبوت الحق في التمسك بها، وإذا حصل من المدين تنازل عن التمسك بمضي المدة بعد ثبوت حقه في ذلك اعتبر ذلك إقرارًا منه بالحق، ويعتبر تنازلًا عن التمسك بالحق في مضي المدة وفاء المدين بالحق بعد اكتمالها”، وقريب من مضمون هذه المادة نص عليه قانون المعاملات المدنية الاتحادي في الإمارات في المادة (487).
فيُستفاد منهما أنه يترتب على مضي المدة؛ ضرورة التمسك بمضي المدة في أي حالة تكون عليها الدعوى، وأنه لا أثر للتنازل قبل اكتمالها؛ وإذا تنازلت الإدارة عن حقها في التمسك بمضي المدة بعد اكتمالها، وثبوت الحق لها؛ اعتبر ذلك إقرارًا منها بحق المتعاقد معها، كما يُعتبر تنازلًا عن التمسك بالحق في مضي المدة؛ وفاء الإدارة بالحق للمتعاقد معها بعد اكتمالها.
الفرع الثاني: إجراءات رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية
إن الأصل في الدعوى الإدارية أن يكون لها إجراءات مستقلة عن الإجراءات المدنية؛ وذلك بسبب الاختلافات في طبيعة التنظيم القضائي، وطبيعة مراكز الخصوم، وطبيعة المنازعات التي ترفع للقضاء، وطبيعة القواعد القانونية التي تحكم النزاع، وطبيعة الغاية من التقاضي بين كل من القضاء المدني والجزائي، وبين القضاء الإداري، يستتبع اختلافًا جوهريًا في الإجراءات أمام كل قضاء منها([50])، وبالتالي كان على أي مشرع أن يصدر قانونًا خاصًا بالإجراءات الإدارية، متى ما تواجد القضاء الإداري.
كما يرى الباحث أن يكون هناك إجراءات خاصة بدعاوى المنازعات الإدارية تُضمن في نصوص تشريعية؛ لكثرة تلك المنازعات الإدارية، وأهميتها، ولو في إطار نظام القضاء الموحد، كما هو الحال في اليمن والإمارات.
ففي اليمن لا يوجد قانون خاص بالإجراءات الإدارية، ولا نصوص تشريعية تضمنها قانون المرافعات والتنفيذ المدني، تتعلق بالإجراءات الإدارية التي ترتبط بالمنازعات الإدارية، وكذلك الحال في الإمارات إلا في المادة (84) التي حددت مدة عدم سماع دعوى إلغاء القرارات الإدارية بستين يومًا، وما يتعلق بالتظلم الإداري، وبالتالي فإن الإجراءات في رفع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، هي ذاتها الإجراءات والخطوات المتبع لرفع أي دعوى أمام القضاء؛ سواء كانت مدنية أو تجارية أو جزائية، أو إدارية، فهي تعتبر موحدة؛ والسبب في ذلك يرجع إلى أن نظام القضاء الذي أُخذ به في كل من اليمن والإمارات هو نظام القضاء الموحد، وإن تواجدت محكمتان إداريتان في كل من أمانة العاصمة وعدن، ودائرة إدارية في المحكمة العليا في اليمن، أو وجدت دوائر إدارية في المحاكم الابتدائية، وشعب إدارية في محاكم الاستئناف في الإمارات.
فالمشرع اليمني أوضح كيفية رفع الدعوى بِشكل عام في المادتين (103) و(104) من قانون المرافعات، وكذا البيانات الواجب توافرها في عريضة الدعوى، حيث نص على أن ترفع الدعوى كتابة بعريضة أصلية، وصور تكون بعدد المدعى عليهم، ويجب أن تتضمن العريضة البيانات الآتية:
- اسم المدعي ولقبه ومهنته وموطنه.
- اسم المدعى عليه ولقبه ومهنته وموطنه، فإن لم يمكن له موطن معلوم فأخر موطن كان له.
- تاريخ تقديم العريضة.
- اسم المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى.
- بيان موطن مختار للمدعي في البلدة التي بها مقر المحكمة إن لم يكن له موطن فيها.
- بياناً وافياً عن موضوع الدعوى وأدلتها إجمالاً وطلبات المدعي محددة نوعها وصفتها وهل يطلبها بصفة مستعجلة أم عادية وترفق بها المستندات.
- توقيع المدعي أو وكيله، ونوع العريضة وما معها من أورق في ملف خاص وتسلم للكاتب المختص.
كما أوجب المشرع اليمني على رافع الدعوى دفع رسوم الدعوى طبقًا للائحة المحددة للرسوم.
وما ذُكر من البيانات أعلاه نصت عليها أيضًا المادة (16) من الفصل الثاني من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية الاتحادي، وإن كانت تقدم إلى مكتب إدارة الدعوى بدلًا من المختص في اليمن.
وهكذا يبدو من خلال ما سبق أن القانون اليمني وكذلك القانون الاتحادي الإماراتي لا يختلفان عن القانون المصري بالنسبة لاشتراط البيانات اللازمة في الدعوى، وكذا الجهة التي تُرفع إليها الدعوى، وكذا بالنسبة للرسوم، إلا أنهما لم يشترطا توقيع محامٍ لقبولها، إنما تركا ذلك للخصوم، حيث اكتفيا بتوقيع المدعي، وله أن يوكل من ينوب عنه، وبهذا خالفا المشرع المصري الذي اعتبر عدم توقيع المحامي عيبًا جوهريًا، ولعل الحكمة في ذلك تيسير الإجراءات أمام القضاء، والنظر لظروف المواطن الخاصة التي لا تمكنه من الاستعانة بمحامٍ ([51]).
ومما يجدر الإشارة إليه أن الدعوى في المنازعات الإدارية، والتي منها دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية حالها في القانون اليمني، والقانون الاتحادي الإماراتي، كحال بقية الدعاوى تبدأ بخطوة محدودة، وهي مجرد إيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة في اليمن، بينما في الإمارات في مكتب إدارة الدعوى.
ولما كان من مقتضى اعتبار منازعات الجزاءات التعاقدية تدخل في نطاق القضاء الكامل؛ فإن سلطة قاضي العقد لا تتوقف عن حد إلغاء الجزاء غير المشروع، أو وقف تنفيذه، وإنما يتجاوز ذلك إلى القضاء بالتعويض إذا كان ثمة مقتضى قانوني([52])، وعليه يُعد القضاء المختص بنظر دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية في كل من اليمن والإمارات؛ هو القضاء العادي؛ لعدم وجود قضاء إداري فيهما، وإن نص قرار مجلس القضاء الأعلى في اليمن القاضي بإنشاء محكمتين إداريتين في كل من صنعاء وعدن، بأن من اختصاص المحكمتين النظر في منازعات التعويض في العقود الإدارية؛ لأن ذلك لا يعني بحال وجود قضاء إداري في اليمن.
وفي الأخير نُشير إلى ضرورة وأهمية إضافة نصوص خاصة بالإجراءات الإدارية إلى القانون اليمني، وكذلك القانون الاتحادي الإماراتي، والتي يجب الأخذ بها في المنازعات الإدارية، ويُمكن أن يُسمى في اليمن قانون المرافعات المدنية والإدارية، ويُسمى في الإمارات بقانون الإجراءات المدنية والإدارية، والسعي إيجاد قضاء إداري، ينظر المنازعات الإدارية؛ لمواكبة ما يسري على الدعوى الإدارية في الدول التي سبقت وأخذت بالقضاء الإداري.
الخاتمــة
استعرضنا في بحثنا هذا شروط قبول دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، والمتمثلة بالشرط المتعلق بمحل الدعوى، والشرط المتعلق بشخص رافع الدعوى، والشرط المتعلق بالمواعيد والإجراءات، وموقف كل من القانون اليمني والقانون الاتحادي الإماراتي من تلك الشروط، وأخلص إلى ما توصلت إليه في بحثي هذا من نتائج، وتوصيات، ومقترحات على النحو التالي:
أولًا: النتائج:
- وضحت الدراسة أن دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، كغيرها من الدعاوى، لها شروط قبول هي: الشرط المتعلق بمحل أو موضوع الدعوى؛ ويتمثل بالشروط المتعلقة بطبيعة العقد الإداري؛ والتي بتوافرها، نستطيع القول بإمكانية قيام مسؤولية الإدارة التعاقدية على أساس الخطأ، أو بلا خطأ، والشرط المتعلقة بشخص رافع الدعوى؛ ويتمثل بأهليته للتقاضي، ووجود مصلحة مشروعة وشخصية ومباشرة وقائمة مادية أو أدبية له، والشرط المتعلق بمواعيد وإجراءات رفع الدعوى.
- بينت الدراسة أن كلًا من المشرع اليمني، والمشرع الاتحادي الإماراتي لم يُعرفا العقد الإداري في القوانين ذات العلاقة، بينما القضاء الاتحادي الإماراتي كان الأفضل عندما عرف العقد الإداري، كما عرفه القضاء الإداري، على خلاف القضاء اليمني الذي لم نجد سوى حكم قضائي وحيد من محكمة ابتدائية عرف العقد الإداري، بينما لم تُعرفه المحكمة العليا، فلا يكون ما جاء قاعدة عامة يُلتزم العمل به.
- كشفت الدراسة أن القانون اليمني، وكذلك القانون الاتحادي الإماراتي لم يميزا بين دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، وبقية الدعاوى بشكل عام بخصوص الشروط الواجب توافرها في كل دعوى، كما أنهما اختلفا في سن أهلية التقاضي ففي اليمن خمس عشرة سنة، وفي الإمارات واحد وعشرون سنة، كما اتفقا في أخذهما بشرط المصلحة المشروعة القائمة، وأخذهما كذلك بالمصلحة المحتملة؛ إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق، أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه، كما جعل القانون اليمني للمحكمة أن تحكم بعدم قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع إذ تبينت ولو من تلقاء نفسها أن لا صفة أو مصلحة فيها، وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى، وهو ما لم ينص عليه القانون الاتحادي الإماراتي، وكذلك لم يميزا بينها وبين غيرها من الدعاوى من حيث الشكل والإجراءات المتبعة في رفعها.
- بينت الدراسة أن بيانات الدعوى وإجراءات رفعها في كل من اليمن والإمارات تكاد تكون متطابقة، كما أنه لا يوجد قانون خاص بإجراءات رفع الدعاوى الإدارية، ومنها دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية في كل من اليمن والإمارات، بل لم يُفرد لها نصوصًا خاصة في قانون المرافعات المدنية والتجارية والتنفيذ المدني اليمني؛ بالرغم من وجود محكمتين إداريتين في كل من أمانة العاصمة ومحافظة عدن في اليمن وفق قرار مجلس القضاء الأعلى رقم (177) لعام 2010م، ودائرة إدارية في المحكمة العليا، وكذلك لم يُفرد لها نصوصًا خاصة في قانون الإجراءات المدنية الاتحادي الإماراتي، بالرغم من وجود دوائر كلية تنظر المنازعات الإدارية في المحاكم الابتدائية، وإنما يسري عليها ما يسري على كافة المنازعات أيًا كانت؛ سواء مدنية أو تجارية أو إدارية أو جزائية.
- كشفت الدراسة بأن القانون اليمني، وكذلك نظيره الإماراتي لم يُحددا مدة عدم سماع الدعوى صراحة لدعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية، وإنما تم الأخذ بالنص العام في قانون الإثبات اليمني بأنها خمس سنوات، وبالنص العام في قانون المعاملات المدنية الاتحادي الإماراتي بأنها خمس عشرة سنة؛ كونها من دعاوى الحقوق.
ثانيًا: التوصيات والمقترحات:
- توصي الدراسة مجلس القضاء الأعلى في اليمن بسرعة إصدار قرار إنشاء محاكم إدارية في عواصم المحافظات، كما توصي وزير العدل بالتشاور مع رئيس المحكمة العليا، وموافقة مجلس القضاء الأعلى على استحداث شعب إدارية في محاكم الاستئناف في المحافظات، كما توصي الجهة المعنية في الإمارات بإنشاء محاكم إدارية نوعية ابتدائية، وأيضًا محكمة استئناف إدارية اتحادية في الإمارات.
- توصي الدراسة الفقه اليمني والإماراتي الإداري بالتوعية المستمرة بفقه المنازعات الإدارية، لاسيما ما يتعلق بحقوق المتعاقد مع الإدارة، وحق الفرد في مقاضاة الإدارة باللجوء إلى القضاء، وإثارة موضوع أهمية وجود نصوص خاصة بالإجراءات الإدارية.
- – تقترح الدراسة على المشرع اليمني، والجهة المعنية في الإمارات بإضافة مواد خاصة متعلقة بالإجراءات الإدارية في قانون المرافعات المدنية والتجارية اليمني، ويمكن تسميته بقانون المرافعات المدنية والإدارية، وكذلك في قانون الإجراءات المدنية الاتحادي الإماراتي، ويُسمى قانون الإجراءات المدنية والإدارية؛ يُنظم فيهما دعاوى المنازعات الإدارية؛ لكثرتها، وأهميتها حديثًا.
- توصي الدراسة المعاهد القضائية في كل من اليمن والإمارات بإعداد القضاة الإداريين المتخصصين، ووضع مناهج تستهدف ذلك بالاستعانة بالكفاءات والخبرات في هذا التخصص، والاستفادة من التجارب العربية في هذا الشأن.
- – توصي الدراسة المشرع اليمني، والمشرع الاتحادي في الإمارات بتحديد مدة عدم سماع دعوى التعويض في مسؤولية الإدارة التعاقدية بنصوص صريحة مستقلة، وخاصة بها، على أن تكون مدة سماع الدعوى خمسة عشرة سنة.
قائمة المراجــع:
أولاً: الكتب والرسائل العلمية والمقالات:
- أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة الخامسة عشرة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990م.
- أحمد عبد الرحمن شرف الدين، الوجيز في أحكام القانون الإداري اليمني، دون رقم طبعة، دار الفكر المعاصر، صنعاء، اليمن، 2008-2009م.
- أحمد هندي، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دون رقم طبعة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006م.
- إبراهيم سيد أحمد، مبادئ محكمة النقض في القرارات والعقود والمنازعات الإدارية، دون رقم طبعة، الإسكندرية: منشأة المعارف، 2000م.
- إعاد علي حمود، القضاء الإداري وقضاء المظالم، الطبعة الأولى، عمان: دار وائل للنشر والتوزيع، 1999م.
- برهان زريق، مبادئ وقواعد إجراءات القضاء الإداري، الطبعة الأولى، دمشق: المكتبة القانونية، 2011م.
- بن عبد المالك بو فلجة، النظام القانوني للتعويض في العقود الإدارية، دفاتر السياسة والقانون، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر، العدد 17، جوان 2017م،
- جابر صالح محمد، سلطات الإدارة في العقد الإداري، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، الإمارات، 2019م
- سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، دون رقم طبعة، الإسكندرية: منشأة المعارف، 2004م.
- سليمان محمد، الأسس العامة للعقود الإدارية، الطبعة الخامسة، مطبعة جامعة عين شمس، دار الفكر العربي، القاهرة،1991م.
- عبد الحميد أبو هيف، المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في مصر، الطبعة الثانية، مطبعة الاعتماد، مصر،1921م.
- عبد القادر الفار، المدخل لدراسة العلوم القانونية، الطبعة الأولى، عمان: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2003م.
- عبد الله طلبة، القانون الإداري، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، الطبعة الثانية، منشورات جامعة حلب، حلب، دون سنة نشر.
- عمر محمد، القضاء الإداري “دراسة مقارنة”، الجزء الأول، الطبعة الأولى، عمان: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1996م.
- ماجد راغب، العقود الإدارية، دون رقم طبعة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2012م.
- ماجد راغب، القانون الإداري، دون رقم طبعة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2000م.
- ماجد راغب، القضاء الإداري، دون رقم طبعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000م.
- محمد الصغير، الوجيز في المنازعات الإدارية، دون رقم طبعة، دار العلوم للنشر والتوزيع، الجزائر، 2005م.
- محمد حسين، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني اليمني، الجزء الثاني (أحكام الالتزام)، الطبعة السادسة، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1424هـ-1425هـ/2003م-2004م.
- محمد محمد، العقود الإدارية في اليمن، الطبعة الأولى، دون دار نشر، صنعاء، الجمهورية اليمنية، 2009م.
- محمود عاطف، الوسيط في القضاء الإداري، دون رقم طبعة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1988م.
- مصطفى أبوزيد فهمي، القضاء الإداري ومجلس الدولة، قضاء الإلغاء، دون رقم طبعة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999م.
- مطهر محمد إسماعيل، القضاء الإداري وموقف المشرع اليمني منه، دون رقم طبعة، مكتبة ومركز الصادق للطباعة والنشر، صنعاء، الجمهورية اليمنية،2013م.
- مطيع علي حمود، العقد الإداري بين التشريع والقضاء، دار النهضة العربية، القاهرة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1427هـ – 2006م.
- مطيع علي حمود، القضاء الإداري “دراسة مقارنة”، الطبعة الثانية، مكتبة ومركز الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء، الجمهورية اليمنية، 2014م.
ثانيًا: القوانين واللوائح والقرارات:
- قانون الإجراءات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وفقًا لأحدث التعديلات بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 18 لسنة 2018م، واللائحة التنظيمية رقم 57 لسنة 2018م المعدلة سنة 2020م، معهد دبي القضائي، دبي، 2020م.
- دستور دولة الإمارات العربية المتحدة الصادر في 1434هـ-2013م.
- قرار مجلس القضاء الأعلى اليمني رقم (177) لعام 2010م، الجريدة الرسمية، العدد (20)، السنة 2010م.
- وزارة الشؤون القانونية، قانون رقم (23) لسنة 2007م بشأن المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية ولائحته التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (53) لسنة 2009م، مطابع التوجيه، صنعاء، الجمهورية اليمنية، الطبعة السادسة، ديسمبر 2013م.
- وزارة الشؤون القانونية، قانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات المدنية والتجارية والتنفيذ المدني وتعديله بالقانون رقم (2) لسنة 2010م، مطابع التوجيه، الطبعة السادسة، سبتمبر 2010م.
- وزارة الشؤون القانونية، قانون رقم (14) لسنة 2002م بشأن القانون المدني، مطابع التوجيه المعنوي، صنعاء، الجمهورية اليمنية، إبريل 2002م.
- وزارة الشؤون القانونية، دستور الجمهورية اليمنية المعدل والمقر بتاريخ 20/2/2001م، مكتبة خالد بن الوليد، صنعاء، الجمهورية اليمنية، 2001م.
- وزارة الشئون القانونية، قانون رقم (21) لسنة 1992م، بشأن الإثبات، مطابع دائرة التوجيه المعنوي، صنعاء، سبتمبر 2003م.
- قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة الصادر بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 1985 وفـقًا لأحـدث التـعـديـلات،2020، معهد دبي القضائي، دبي،2020م.
ثالثًا: الأحكام القضائية:
- حكم المحكمة الاتحادية بالإمارات، الطعن رقم 543 لسنة 2015 إداري، جلسة الأربعاء الموافق 15 من فبراير سنة 2017.
- حكم الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا اليمنية، الطعن الإداري رقم54260، جلسة الأحد الموافق 16-3-2014م.
رابعًا: المصادر الإلكترونية:
- موقع البوابة الرسمية لحكومة الإمارات العربية المتحدة https://u.ae/ar-AE/about-the-uae
- موقع جامعة الإمارات العربية المتحدة- عمادة المكتبات https://scholarworks.uaeu.ac.ae/public_law_dissertations/4/
- 2) مطيع علي حمود، القضاء الإداري “دراسة مقارنة” (مكتبة ومركز الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء، الجمهورية اليمنية، 2014م)، ص196.
- 3) مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري ومجلس الدولة، قضاء الإلغاء (دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1999م)، ص494 ود. محمود عاطف، الوسيط في القضاء الإداري (دار الفكر العربي، القاهرة، 1988م)، ص39.
- 2) سليمان محمد، الأسس العامة للعقود الإدارية، مطبعة جامعة عين شمس، دار الفكر العربي، القاهرة،1991م، ص25.
- 3) مطيع علي حمود، العقد الإداري بين التشريع والقضاء، دار النهضة العربية، القاهرة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، 1427هـ – 2006م، ص728.
- حكم الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا اليمنية، الطعن الإداري رقم54260، جلسة الأحد الموافق 16-3-2014م.
- جابر صالح محمد، سلطات الإدارة في العقد الإداري، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، الإمارات، 2019م، ص9.
- حكم المحكمة الاتحادية بالإمارات، الطعن رقم 543 لسنة 2015 إداري، جلسة الأربعاء الموافق 15 من فبراير سنة 2017.
- إبراهيم سيد أحمد، مبادئ محكمة النقض في القرارات والعقود والمنازعات الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2000م، ص394.
- 2) أحمد عبد الرحمن، الوجيز في أحكام القانون الإداري اليمني، دار الفكر المعاصر، صنعاء، اليمن، 2008-2009، ص197.
- 1) مطهر محمد إسماعيل، القضاء الإداري وموقف المشرع اليمني منه، مكتبة ومركز الصادق للطباعة والنشر، صنعاء، الجمهورية اليمنية،2013م، ص26.
- 2) عبد الله طلبة، القانون الإداري، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، منشورات جامعة حلب، حلب، دون سنة نشر، ص220 -221.
- 1) عبد الحميد أبو هيف، المرافعات المدنية والتجارية والنظام القضائي في مصر، مطبعة الاعتماد، مصر،1921م، 335.
- 1) عمر محمد، القضاء الإداري “دراسة مقارنة”، الجزء الأول، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1996م، ص209.
- 2) عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد نظرية الالتزام بوجه عام مصادر الالتزام، المجلد الأول، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، دون سنة نشر، ص103.
- 1) عبد القادر الفار، المدخل لدراسة العلوم القانونية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2003م، ص134.
- 1) محمد حسين، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني اليمني، الجزء الثاني (أحكام الالتزام)، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1424هـ- 1425هـ/2003م-2004م، ص264 -265.