انحراف من هم بدون مأوى قار، دراسة ميدانية لحالات التشرد بالمجال الحضري لمدينة مراكش
The deviance of the homeless, Empiricalstudy of homelessness in the urbanspace of Marrakesh,
ط.د رشيد أنزيض/ إشراف: د. زهير العلوي ، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، المغرب
PhD:Rashid Anzid / Supervision: Dr. ZuhairAlawi. Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 92 الصفحة 47.
Abstracts:
Through the Empirical Sociological Study, we envisage in this article one of the outputs of academic research, conducted under the supervision of Dr. Zakaria Ibrahimi, to look atsome of the advantages and trajectories of homeless people, in order to discover how members of this community build their social reality by focusing on the forms of deviance and the nature of useddrugs. Here we present the results of a field study of four cases with which we worked with a case study technique and to meet more than 20 homeless people living on the streets of Marrakech, In addition, the observation technique was used jointly, with a range of situations of displacement, including children and women in the city’surban centre, The purpose of this article is to understand part of the lifestyle of this category. And their view of imprisonment, criminality and drugs, and how the lack of control, education and rehabilitation of individuals living on the street affects drug addiction. In this context, we have learned based on case studies, interviews and participatory observation that homeless people have simple perceptions and meanings of housing, which is linked to the necessary need for shelter. Constantly open public spaces, which define a private movement at night, are one of our favourite areas of homelessness.
Keywords: Ethnomethodology ; homeless; deviance; Drugs; Housing ; Marrakesh.
ملخص:
من خلال الدراسة السوسيولوجية الميدانية، نتوخى في هذا المقال تقديم إحدى مخرجات البحث الأكاديمي، الذي قمت به تحت إشراف الدكتور زكرياء الإبراهيمي*، للوقوف عند بعض مميزات الأشخاص بدون مأوى قار ومساراتها، قصد اكتشاف كيف يبني أعضاء هذا المجتمع، واقعهم الاجتماعي من خلال التركيز على أشكال الانحراف وطبيعة المخدرات المستعملة. نقدم هنا نتائج لدراسة ميدانية لأربع حالات اشتغلنا معهم بتقنية دراسة الحالة ، ولمقابلة مع أزيد من عشرين شخص من هم بدون مأوى قار الذين يعيشون في شوارع مدينة مراكش، بالإضافة إلى ذلك وظفت تقنية الملاحظة بالمشاركة، مع مجموعة من الحالات التي تعيش التشرد بما فيهم الأطفال والنساء بالوسط الحضري للمدينة، والهدف من هذا المقال هو فهم جزء من نمط العيش لهذه الفئة، ومواقف بعض أفراد بدون مأوى قار عن السجن والإجرام والمخدرات. وكيف يؤثر غياب الرقابة والتربية والتأهيل للأفراد الذين يعيشون في الشارع في إدمان المخدرات. استخلصنا في هذا الإطار بناًء على دراسة حالات والمقابلات والملاحظة بالمشاركةأن بدون مأوى قار لهم تصورات ومعاني بسيطة للسكن، الذي يرتبط بالحاجة الضرورية في المأوى. تشكل جنبات الأماكن العمومية المفتوحة بشكل مستمر، والتي تعرف حركة خاصة في الليل إحدى المجالات المفضلة لدى بدون مأوى قار.
الكلمات المفتاحية: الإثنوميثودولوجيا، بدون مأوى قار؛ الانحراف ؛ المخدرات؛ السكن؛ مراكش.
مقدمة:
تتحدث الدراسات السوسيولوجية المعاصرة عن موضوع الأشخاص بدون مأوى قار من حيث كونه ظاهرة اجتماعية، بدلاً من الحديث عنه من زاوية المشاكل الاجتماعية. يفتح هذا المنظور إمكانية التعامل مع هذه الظاهرة ككل، من خلال مراعاة طبيعتها وتعقيداتها، وتحديث الأبعاد التي يتم التغاضي عنها غالبًا عندما يتم تناول السؤال من وجهة نظر غير علمية.
في منظور هذه الدراسات السوسيولوجية، لا يشكل تدهور الظروف الاقتصادية وغياب الإقامة أسبابًا تفسيرية بل بعدين، من بين أبعاد أخرى كثيرة ومركبة. يمكن تقسيم الإنتاج العلمي في السوسيولوجيا عن “بدون مأوى قار” إلى نوعين من الدراسات المنهجية:
النوع الأول: كمي، يدرس “التشرد” من خلال تسليط الضوء على المتغيرات والأسباب التي تكمن وراء هذه الظاهرة. تربط هذه الدراسات بين التشرد والظواهر الأخرى التي تميز العصر الحالي، مثل الهشاشة والفقر وعدم الاستقرار المالي، بالإضافة إلى نقص أو غياب الإسكان الاجتماعي، وضعف سياسات الدعم الاجتماعي.
النوع الثاني: كيفي، يهتم بظاهرة “التشرد” من وجهة نظر الفاعل، أي دراسة كيفية يتم فيها اعتماد المقابلات والملاحظة بالمشاركة، ويصبح خطاب الأفراد بدون مأوى قار، والذي تم الحصول عليه من خلال المقابلة النوعية، المادة الخام للباحث. على الرغم من أننا قد نعتبر أن هذين النوعين من الدراسات يلقي بعض الضوء على ظاهرة التشرد، ولهما أهمية كبيرة لفهم بدون مأوى قار، فإن بحثنا يقع في المركز الثاني، لاسترشاده بالبحوث الإثنوميثودولوجية والتفاعلية الرمزية.
استهدف هذا المقال الحياة الاجتماعية لبدون مأوى قار، من خلال تسليط الضوء على هويتهم، ومجالهم الاجتماعي. كما حاولنا البحث في الروتين اليومي لبدون مأوى قار من خلال البحث في الزمن الاجتماعي وكيفية تدبيره. إن الأفراد الذين يعانون من التشرد يشكلون فئة منفصلة نسبيًا عن المجتمع، ينظر إليها سلبًا، وغالبًا ما يتم وصمها كأفراد اختاروا العيش على مساعدات المجتمع، ينعت الأشخاص بدونمأوى قار بالإنسان الفاشل في الحياة الاجتماعية، ومثير للاشمئزاز والشفقة.
نتوخى إذن من خلال هذه المساهمة التي تشكل جزء من رسالة البحث لنيل شهادة الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض مراكش، ماستر: الهشاشة، الفاعلون والفعل العمومي، أن نقدم بعض من نتائج البحث في محور تدبير الانحراف من قبل من هم بدون مأوى قار، وموقع المخدرات في الحياة اليومية لهذه الفئة، التي تعيش في الشارع وتلجأ أحيانا قليلة للملاجئ.
منطلقات الموضوع وأهميته:
تختلف التأويلات العلمية للظواهر والأفعال الاجتماعية، باختلاف المقاربات والمناهج والمنطلقات المرجعية في السوسيولوجيا، وعندها يعني أن لكل حقل معرفي، بالتعبير البورديوزي ميكانيزماته وخصوصياته. لقد ساهم ويساهم الاختلاف بين الاتجاهات السوسيولوجية في تقدم الأبحاث العلمية، وظهور براديغمات ((Paradigmes وبنيات مفاهيمية جديدة داخل الأنساق السوسيولوجية، نجد هذا الاختلاف واضحًا عند استحضارنا المقاربات الكبرى في السوسيولوجيا المعاصرة: المقاربة البنائية الوظيفية ترى أن المجتمع نظام مركب، تعمل أنساقه معًا لتعزيز التماسك والاستقرار، وهي تشدد النظر إلى البنية الاجتماعية (النمط المستقر نسبيًا من السلوك الاجتماعي) ، في حين ترى التفاعلية الرمزية أن المجتمع هو نتاج التفاعل اليومي بين الأفراد، وأنه ليس إلا الواقع المشترك الذي يبنيه الناس بأنفسهم عندما يتفاعلون مع بعضهم البعض. يعيش الإنسان وفق هذا التصور ضمن عالم من الرموز، ويعطي معنى لكل شيء. كما تنظر البنائية الوظيفية إلى وظائف البنية الاجتماعية، والكيفية التي تؤدي البنى الاجتماعية وظيفة الحفاظ على سيرورة المجتمع في شكله الحالي، وتسعى إلى المحافظة على الوضع القائم كما هو، من ناحية أخرى على سبيل المثال ترى أن البنية الاجتماعية تعزّز عمل المجتمع ككل، وتبحث في الأنماط الاجتماعية التي تكون في صالح البعض على حساب الآخرين، لأن المجتمع هو ميدان التفاوت الطبقي بلغة ماركس (Karl Marx) الذي يولّد الصراع والتغيّر. إن الماركسية أسلوب ماكروسوسيولوجي، رغم المحاولات العديدة التي يقوم بها الماركسيون الجدد لقراءة وفهم المجتمع، أمثال هارييتمارتينو (Harriet Martineau)، جين آدامز (Jane Addams)، آيدا ويلز بارنيت (Ida Wells-Barnett)، ووليم إدوارد دوبويس (William Edward Du Bois)، لم تتمكن أن تحجز لنفسها مكانة ضمن النظريات الميكروسوسيولوجيا. نجد الأسلوب الميكروسوسيولوجي في تحليل ماكس فيبر (Max Weber)، جورج هربرت ميد (George Herbert Mead)، تشارلز كولي (Charles Cooley)، وإرفينغ غوفمان (Erving Goffman) وغيرهم من منظري التفاعلية الرمزية. ظهرت الإثنوميثودولوجيا (Ethnomethodology)، في أواسط الستينيات من القرن الماضي، كنقلة نوعية راديكالية في الأسلوب والمنهج العلمي السوسيولوجي، قاد هذا التيار هارولد غارفينكل (Harold Garfinkel)، وسيركورل (Circourel)، من خلال التركيز على دراسة أفراد المجتمع في المواقف اليومية التي يجدون أنفسهم فيها، مع التركيز على الطرق التي يستخدمون بها أساليب استثنائية لإنتاج واقع اجتماعي عادي. انصب اهتمامها على الطرق التي يراها الأفراد في حالة التفاعل الفعلي لمعرفة معنى العضو الآخر. دراسة سيركورل لجنوح الأحداث هي نموذج ومثال للأسلوب الإثنوميثودولوجي حيث يتتبع الطريقة التي يصنف بها الشباب على أنهم جانحون من قبل الشرطة وضباط المراقبة والمحاكم. أحدث هذا الأسلوب الجديد جدلًا واسعًا بين السوسيولوجيين، ولم ينتشر بشكل واسع إلا في بداية القرن الحالي، بعد ترجمة العمل المؤسس “دراسات في الإثنوميثودولوجيا” (Studies in Ethnomethodology) للغة الفرنسية سنة 2007.
تكتسي الأبحاث الإثنوميثودولوجية أهمية علمية بالغة تمنح الباحث في السوسيولوجيا طرقًا جديدة للبحث في العلوم الاجتماعية من خلال أسلوب منهجي لم يعتد عليه في الدراسات السوسيولوجية الكلاسيكية. إن اختيار دراسة موضوع الأشخاص بدون مأوى قار(SDF)من خلال اعتماد مقاربة الإثنوميثودولوجيا، لم يكن اعتباطيًا، كما لم يكن الاندفاع الذاتي وراء هذا الموضوع بدون أي أسس تعكس أهمية الموضوع، بل على العكس من ذلك، نرى في حالة بدون مأوى قار إحدى الظواهر الاجتماعية التي تعتبر جزءًا من الحياة الحضرية الحديثة، ورغم ذلك لم تنل حظها من الاهتمام الكبير.
بهذا يمكن القول إننا عندما نكون بصدد دراسة ظاهرة بدون مأوى قار، نستحضر الظاهرة في إطار التفاعل اليومي لأعضاء مجتمع بدون مأوى قار والبحث عن الهوية وآليات توظيف المجال، هذا الأخير الذي يعد مسألة أساسية عند بدون مأوى قار، من خلال لجوئه للفضاء العمومي، ينشأ عنه علاقة صراع بينه وبين القاطنين الذين يجدون بعض الفضاءات العمومية شبه خاصة، لا يمكن الوصول إليها. تتفاعل عوامل متعددة ومتنوعة في بناء واقع بدون مأوى قار من قبل أعضائه، مما يعكس أن المجتمع والفرد لا وجود لهما إلا كفكرة مجردة، هذا “الواقع الاجتماعي” المبني بناء غير مستقر في الزمان والمجال، تسهم متغيرات مركبة في تشكله ومنها اللغة والخطاب بالإضافة للمؤسسات السياسية، القانونية، الاقتصادية والاجتماعية. تشكل الدراسات الاجتماعية بهذا الأسلوب أعقد ما يكون كونها في حاجة للتدخل المعرفي المركب، انسجامًا مع تركيبات الموضوع، ومتطلبات النظرية الإثنوميثودولوجية، وتكمن أهمية هذا الموضوع في الربط النظري والعملي بالإضافة إلى نوع المقاربة النظرية الموجهة للبحث في الحياة اليومية للأعضاء الذين يشكلون واقعهم عمليًا من خلال لغة الرموز والممارسة.
من هم بدون مأوى قار؟
يختلف وضع أفراد بدون مأوى قار من مجتمع لآخر، ومن مجال لآخر كما يختلف باختلاف الزمن، فهذه الظاهرة هي اجتماعية، ثقافية وتاريخية. نتوخى من هذا المقال أن يكون بداية دراسة بحثية في أفق التناول العميق للموضوع.
بينت دراسة الأفراد البدون مأوى قار منطق مسألة اجتماعية لها علاقة بواقع الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، من منطلق كون الأفراد البدون مأوى قار ينتمون إلى فئة هامشية في المجتمع ومستبعدة من كل الشؤون الاجتماعية، ولا يتم إشراكها في الحياة العامة، وتعيش نمطًا خاصًا يفتقد لمجمل شروط الحياة الإنسانية الكريمة. تكمن أهمية هذه الدراسة في فهم هذه الحالة، كما لا تكمن الأهمية فقط في كونها ظاهرة لم تنل حقها في البحث والدراسة، بقدر ما تكمن الأهمية في مركب من العوامل، أبرزها فتح إمكانيات التفكير في هوية بدون مأوى قار ونمط حياتهم اليومية.
طبيعة الموضوع تتصل بتخصصات فرعية جديدة أبرزها سوسيولوجيا الإقصاء الاجتماعي وسوسيولوجيا الفقر والانحراف. من خلال دراسة الحياة اليومية لبدون مأوى قار، لإبراز هويتهم وآليات تدبيرهم للمجال والزمن الاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى آليات تدبير الوصم.
تشخيص وضع بدون مأوى قار، من خلال الدراسة السوسيولوجية الميدانية، للوقوف عند مميزات هذه الفئة ومساراتها، سيمكننا من اكتشاف كيف يبني أعضاء بدون مأوى قار واقعهم الاجتماعي من خلال التركيز على تقنيات البحث الإثنوميثودولوجي. خاصة عندما نعرف أن هذه الفئة بلغعددهابالمغرب”سنة 2014 حوالي 7226 نسمةمقابل 7308 سنة 2004، حيث انخفض عددهم بنسبة ضئيلة تعادل%1,1 خلال هذه الفترة يعيش معظمهم (89%) بالوسط الحضري” . تفسر هذه المعطيات الكمية عن “بدون مأوى قار” في المغرب أن مجال تركزهم هو المدينة.
تشمل البروليتاريا الرثة مختلف الفئات “المنحرفة” من الصعاليك والمتشردين واللّصيلصون وتصنف داخل البنية الاجتماعية بوصفها هامشية، خارج الكيان الاجتماعي للمنتجين. إن مشكلة الفئات المعدمة تعتبر نتاجًا طبيعيًا لتطور المجتمعات، ولا يخرج عن إطار المشكلة الطبقية الأساسية حسب نظرية الصراع في السوسيولوجيا. لقد برزت ما بعد المرحلة الاستعمارية، والتحرر السياسي للمستعمرات السابقة، مجموعة كبيرة من المشكلات، مرتبطة بالتطور المشوه والشاذ لأنماط اقتصادية مرقعة وهجينة، ومن هذه المشاكل: ظهور مجموعة هائلة من البشر يعيشون في أوضاع أسوء بكثير من وضع البروليتاريا، وهم خارج القيم والقوانين، مع أنهم لا ينتمون طبقيًا ومهنيًا لأي طبقة اجتماعية. يفسر فرانز فانون ( Frantz Fanon) كيفية تشكل تلك الفئات الاجتماعية بقوله: “إن الفلاحين الذين لا يملكون أرضًا، والذين يطرح عليهم تزايد السكان مشكلة لا سبيل لحلها، يهجرون الريف ويفدون على المدن فيتكدسون في أكواخ الصفيح ويحاولون أن يتسربوا إلى الموانئ والمدن التي أوجدتها السيطرة الاستعمارية فيكونون هناك البروليتاريا الدنيا”[1] .
تسهم عدة عوامل مركبة في تنامي “التشرد” في العالم. إن تزايد نسبة الأفراد البدون مأوى قار في المجتمعات، خاصة في المستعمرات يرتبط بالاحتلال والحروب ونهب الثروات، وبمختلف النزاعات والصراعات الاجتماعية ويرتبط بالمجاعة والأوبئة والكوارث الطبيعية والهجرة . إن اعتبار بدون مأوى قار ظاهرة اجتماعية يعني أنها ذات أبعاد اجتماعية محددة، ولذلك فإن هدف هذه التفسيرات السوسيولوجية الكلاسيكية يرتبط بتحديد هذه الأبعاد وتشخيص تلك العوامل المختلفة التي تشكل تلك الأرضية أو الخلفية لتكوين “بدون مأوى قار”.
تنفتح هذه الدراسة الغوص على الإشكالات الجوهرية التي تبحث فيها الإثنوميثودولوجيا والتي تعيد الاعتبار للأعضاء، الذين يُشَكِلون واقعهم وليسوا نتاج البنية الاجتماعية .
إن واقع بدون مأوى قار غير مُشَكَّل بمعزل عن أعضاء المجتمع. مما يطرح العديد من الإشكالات والأسئلة المرتبطة بالجوانب الداخلية لأفراد بدون مأوى قار، فعوض البحث عن أسباب والمحددات الخارجية للظاهرة الاجتماعية، سينكب البحث الإثنوميثودولوجي على الجوانب المألوفة والمعتادة والتي ترتبط بالحياة اليومية للعضو، وينطلق من مبدأ أن الذاتي هو المحدد في الظاهرة بمعنى أن المجتمع ليس بالضرورة نتاج التنشئة الاجتماعية ، أي أن الفرد ليس دائمًا نتاج المجتمع.
في سياق الشغف العلمي لمعرفة من هم الأفراد البدون مأوى قار، تهدف هذه الدراسة مقاربة مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالحياة اليومية للمجتمع، لفهم جوانب محددة من هوية أفراد بدون مأوى قار، انطلاقا من ذاته. يكتسي البحث عن كيف يرى الفرد ذاته أساس مفهوم الذات لدى الفرد بناء على المعرفة التي يحملها عن نفسه، فمثلًا قد يحمل فكرة سلبية أو إيجابية عن هويته، وفي هذه الإشكالية يسعى البحث لإبراز الصورة الذاتية التي يحملها بدون مأوى قار عن ذاته.
تًشكل الوقائع الذهنية والنفسية المتدفقة بلا انقطاع مضمون “الأنا”، بحيث يمكن القول إن ”الأنا” أو “الفرد” عبارة عن ديمومة من التجارب الشعورية العملية والمتنوعة. تشكيل فكرة عن الذات أو الهوية الفردية يستلزم توفر انطباعات وأحاسيس تكون على درجة من الثبات والاستقرار اللذان يمثلان الشرط الضروري لبروز هوية فردية، والحال أن جميع أحاسيسنا، كالإحساس بالألم أو اللذة والشعور بالحزن أو الفرح، مؤقتة وعابرة لا تستقر على قرار. تذهب الإثنوميثودولوجيا في بحثها عن التجارب العملية للعضو في نفس اتجاه الفلسفة الفينومينولوجيا باعتماد المنهج الشبه تجريبي والمنهج الوثائقي (DocumentaryMethod)، وهذا ما يجعلنا نفترض أن لكل عضو من أفراد بدون مأوى قار شعوره الهوياتي الخاص به، الشيء الذي يجعله مختلفًا عن الآخرين ويعني كذلك أن الهوية في الأصل فردية، وتشير إلى الطريقة التي يبني بها الفرد علاقاته الفردية مع المحيط .
يتطلب البحث في الهوية الفردية استحضار الهوية الاجتماعية “كأداة تصنيف المجتمع أو الجماعة إلى فئات وذلك حسب الأدوار، الوظائف والانتماءات الاجتماعية المختلفة، كالانتماء السياسي، الديني، اللغوي، وحتى الانتماءات الجغرافية” . يذهب هوارد بيكر(1973) Howard Becker في كتابة الموسوم ب: المارقون: دراسات في سوسيولوجيا الانحراف “Outsiders : Studies in the Sociology of Deviance» إلى أن مقاولو الأخلاق داخل أي مجتمع هم من يضعون القواعد والمعايير التي يمثل الخروج عليها انحرافًا، ويُوصم منتهكوها ب “المارقين”. إن “التشرد” ليس صفة لسلوك يرتكبه فرد ما، بقدر ما هو نتاج لقيام آخرين بتطبيق قواعد معينة وجزاءات محددة على فرد خارج عن المعايير، إن ذلك يَعني أن “المنحرف”، هو ذلك الفرد الذي طُبقت عليه هذه التسميّة، بينما السلوك الانحرافي هو كل سلوك تطلق عليه تلك الصفة.
الانحراف والأفراد بدون مأوى قار
اهتمت المدرسة الوضعية الإيطالية بدراسة الجريمة مع كل من لومبروزو Lombroso وفيري E. Ferri وغاروفالو R. Garofalo. عزا لومبروزو الجريمة إلى أسباب داخلية في بنية المجرم، ولومبروزو هو صاحب نظرية المجرم بالولادة، أو الإنسان المجرم، التي لا تزال حتى الآن موضع جدل بين المهتمين بمكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين. قاملومبروزو في الأخير بتحديد أنواع المجرمين وقسمهم إلى فئات مختلفة هي: المجرم بالفطرة، والمجرم المجنون والصرعى، والمجرم السياسي، والمجرم السيكوباتى، والمجرم بالصدفة، والمجرم المعتاد. أما فيري فيُعدّ صاحب الجناح الاجتماعي في هذه المدرسة، لأنه عزا الجريمة إلى أسباب اجتماعية خارجية تقع في المحيط الذي يعيش فيه المجرم، أما غاروفالو، فقد ألف كتاب عن علم الاجرام أصدره سنة 1885، فقد عرّف الجريمة وجعلها في صنفين: جريمة طبيعية وجريمة اصطناعية، وصنف المجرمين كذلك وبيّن العوامل في إجرامهم وذكر أنها نفسية وعضوية.
يُعرف غاروفالو(Garofalo) الجريمة بأنها ” كل فعل يخرج عن العواطف الأخلاقية في المجتمع الإنساني، كعواطف الشفقة، والأمانة، والاستقامة، والنـزاهة، ومعيار تحديد السلوك الإجرامي هو معاداة هذا السلوك للمجتمع. فالجريمة سلوك معاد للمجتمع.”[2]
خلافًا لما سبق، عرف راد كليف براون (Racliffe, B.) الجريمة بأنها “انتهاك العرف السائد مما يستوجب توقيع الجزاء على منتهكيه”.
أما ميرتون Merton فيرى أن السلوك الجانح في غالبيته لا ينشأ نتيجة بواعث ودوافع فردية للخروج على الضبط الاجتماعي ولكن على العكس فهو حصيلة تعاون كل من النظام الاجتماعي وثقافة المجتمع.[3] يفسر الظاهرة الإجرامية بإرجاعها إلى خلل قائم فقط في الثقافة المجتمعية وهو بذلك أسقط المسؤولية على الجانب النفسي والفردي.يشيرجرسبجنيGrispigne إلى أن الجريمة هي “الفعل المخالف للحاجات الأساسية والمصالح الرئيسة لمجتمع معين، أو تلك الأفعال التي تمثل خطراً على المجتمع أو تجعل من المستحيل التعايش والتعاون بين الأفراد الذين يكونوه”[4]
نادى أنصار المدرسة الوضعية بالمفهوم الاجتماعي للجريمة على أساس أن الجريمة ليست هي كل فعل يقع بالمخالفة لنص تشريعي جنائي (التحديد الشكلي للجريمة) وإنما الجريمة لديهم هي كل فعل ضار بمصالح الجماعة الأساسية وبالتالي يكون مناط تصنيف الفعل بأنه إجرامي من عدمه ليس بكونه منصوصاً عليه في نص تشريعي وإنما بمبادئ الأخلاق والقيم الاجتماعية التي تسود الجماعة.
يصنف المجتمع بدون مأوى قار وفق هذه المقاربات على أنهم منحرفين ويقومون بأفعال لا تناسب المجتمع، اعتبارًا أن كل فعل يتعارض مع ما هو نافع للجماعة، وما هو عدل في نظرها، أو كل فعل يقدم الفرد على ارتكابه بدوافع فردية خالصة تقلق حياة الجماعة، وتتعارض مع المستوى الخلقي السائد لديها في لحظة معينة من الزمن، أو كل انتهاك لأي قاعدة من قواعد السلوك مهما تكون هذه القاعدة، أو سلوك لا اجتماعي يكون موجهاً ضد مصالح المجتمع كله، أو انتهاك وخرق للقواعد والمعايير الأخلاقية هو جريمة.
يصعب تحديد عنصر الضرر الاجتماعي الذي يحدثه بدون مأوى قار على ضوء معيار ثابت ومحدد أو قواعد موضوعية كما هو الحال في النظام القانوني، يسقط البعض صفة الإجرام عن بدون مأوى قار مما يعني أن مصالح الأفراد والجماعات تتضارب في المجتمع، فمنهم من يرى بدون مأوى قار مجرم لأنه يهدد مصالحه ومن الناس من لا يرى أي تهديد من قبل بدون مأوى قار.
نستخلص من البحث الميداني عن من هم بدون مأوى قار، أن مجمل من شملهم البحث الميداني، باستثناء الأطفال، لهم سوابق عدلية. يوضّح الجدول التالي إحدى النتائج المحصل عليها حول مواقف بعض أفراد بدون مأوى قار الذين تحدثوا عن السجن والإجرام.
جدول رقم1 : معدل العودة للسجن حسب النوع عند بدون مأوى قار بمراكش
النوع | معدل عدد مرات دخول السجن | الملاحظات |
الذكور | 2,33 | يصف بدون مأوى قار تجربته السجنية بافتخار، ولكن لا يتمنى العودة إليه. يرى نفسه مظلومًا، ويفسر ذلك بكون الدوافع التي دفعته للفعل الإجرامي ليست ذاتية، ولم يكن ذلك عن سبق الإصرار والترصد. |
الإناث | 1 |
المصدر: البحث الميداني
يتحدث بدون مأوى قار عن السجن، برموز لغوية Codage، من قبيل “البنيدقة”، ويكتسبون من خلاله لغة خاصة لا يفهمها الجميع، تشكل جزء من ثقافتهم الفرعية. ولا يبالي بدون مأوى قار بما يمكن أن ينجم عليه الفعل الإجرامي، وما يميز سلوكه هو أنه يكون موجهًا ضد أفراد مجموعته ونادرًا ما يقوم بدون مأوى قار بفعل عدواني ضد الأفراد العاديين من المارة والسكان. وفي المقابل يعاني بدون مأوى قار من اعتداءات كثيرة من طرف القاطنين والمارة.
لاحظ الباحث، مجموعة من السلوكات العدوانية من قبل حراس أمن كل من: الدراجات والسيارات والعمارات والملاهي الليلية والمؤسسات العامة والخاصة يعتدون على بدون مأوى قار كل ما مر عليهم، وتساءلنا مع بعض حراس الأمن عن سبب هداء اعتدائه، فصرح لنا أنه باعتباره مسؤولًا عن المنطقة، يرى أن بدون مأوى قار وجوده في المنطقة المحروسة غير مرغوب فيه، وأكد أنه يتبع التعليمات (سألناه عن مصدر التعليمات، ولكنه امتنع عن الإجابة)[5].
حدد فيبر الاستبعاد الاجتماعي، في أشكال الانغلاق الاجتماعي، تقوم به جماعة لتؤمن لنفسها مركزاً متميزاً على حساب جماعة أخرى من خلال عملية إخضاعها. ويلفت جوردان الانتباه إلى ما تقوم به جماعة من الاستبعاد الفعال لجماعة أخرى.
استخلصنا من الملاحظة أن بدون مأوى قار يتعرض للاستبعاد يتجلى في الطرد من بعض الأزقة والمجالات من قبل حراس الأمن، وفي الدرجة الثانية الشرطة. هذه الأخيرة تقوم بإبعاد أفراد بدون مأوى قار من بعض المناطق دون أخرى، وتعكس هذه الممارسات رغبة بعض الجماعات ضد جماعات المتشردين.
يشتكي أفراد بدون مأوى قار من سوء المعاملة التي يتعرضون لها من قبل حراس الأمن والشرطة بدون سبب. يقول أحد أفراد بدون مأوى بلغة معبرة عن الألم “حگرونا[6]” (بمعنى احتقرونا)، ويقاطعه آخر بالقول “ولاد الحرام كيتعداوعلينما”[7]، نلمس من لغة هذا الأخير أنه يكن حقدًا لحراس الأمن جراء الاعتداء الذي يتعرض له من قبلهم.
نستخلص إذن أن بدون مأوى قار يعيش في الشارع حالة من الصراع المستمر مع بقية أفراد المجتمع الذين يعيشون بدورهم في الشارع من جهة، ومن جهة ثانية يخوض بدون مأوى قار صراعات مع حراس الأمن الذين يتواجدون في جل أزقة شوارع مراكش، بالإضافة إلى الشرطة التي تمنعهم من الجلوس والتجمع في بعض الأماكن الراقية خاصة بحي گليز. يلجأ بدون مأوى قار للحدائق غير المحروسة من قبل حراس الأمن للتجمع والنوم وممارسة مختلف الأنشطة الجماعية الممنوعة.
أكدت نتائج الدراسة مجموعة من الفرضيات التي خلص إليها البحث الميداني عبر الملاحظة بالمشاركة والمقابلات المعمقة، تتمثل في أن التشرد يُكوًّن ثقافة فرعية خاصة بالمتشرد، وأن هناك تصورات متباينة عن هويتهم، كما يختلف منظورهم لمعنى المكان والزمان باختلاف الخبرات والتجارب، ويعتبر المجال فضاء للصراع.
المخدرات والأفراد بدون مأوى قار:
جدول رقم 2: أنواع المخدرات التي يستعملها بدون مأوى قار بمراكش.
الذكور | الإناث | |
الأطفال | التيبة – الكحول – السجائر- السيليسيون | ____ |
الشباب | التيبة – الكحول – اليدليا – السيليسيون – الحشيش- السجائر- المخدرات الصلبة | الحشيش – السجائر |
الكبار | جميع أنواع المخدرات | السجائر |
المصدر: البحث الميداني
يستعمل بدون مأوى قار الأنواع الرخيصة من المخدرات، وتتجلى في الأنواع المبينة في الجدول رقم 05 أعلاه، ويعكس هذا الأمر الوضعية المزرية والهشة لبدون مأوى قار. ما يهمنا في هذا الإطار ليس أنواع المخدرات بقدر ما يهمنا ارتباط الخروج بالشارع بثقافة الإدمان. سألنا عن وضعية هؤلاء الأفراد قبل الخروج للعيش بدون مأوى، عما إذا كان مدمنًا أم لا فوجدنا أن الغالبية من الأفراد البدون مأوى قار لم يكونوا مدمنين قبل الخروج للشارع والقلة القليلة هي التي كانت مدمنة، وساهم إدمانها في الخروج من المنزل.
تعكس الفكرة السابقة أن غياب الرقابة والتربية والتأهيل يجعل من الأفراد الذين يعيشون في الشارع يرتمون في إدمان المخدرات. يعزوا انتشار ذلك إلى كون غالبية بدون مأوى قار ينتمون إلى أسفل الهرم الاجتماعي، وكون الثقافة الفرعية للمشردين كما رأينا مع غارفينكل ثقافة انحرافية عن مختلف المعايير، ويفسر بدون مأوى قار إدمانهم للمخدرات بالرغبة في نسيان الواقع.
أن تكون بدون مأوى قار يعني أن تقيم خارج المنزل أو أن تقيم في الأماكن العامة وتقوم بأعمال غير قانونية ولا يقبلها المجتمع، هذه هي بعض الصور التي يكون فيها بدون مأوى قار. لقد تجاهلت الكثير من الأبحاث السابقة عن الموضوع، مجموعة واسعة من تجارب العدد المتزايد من النساء المتشردات، فقام بعض الباحثين في بريطانيا سنة 2007 في مؤلف جماعي (May et al.، 2007) بالتنبيه لهذا الأمر.
تختلف أنشطة النساء عن أنشطة الذكور، مما يعزز فكرة كلوداوسكي (Klodawsky) الذي اعتبر أن أحد آثار الرقابة من حيث النوع الاجتماعي هو بناء فرد بلا مأوى يعرف بأنه من الذكور، والذي تم تعزيزه أكثر من خلال تصوير وسائل الإعلام لـ “رجل مهذب”[8] أو “ذكر ملتح، قذر”[9] لكن، كما يفترض واطسون(Watson)، فإن الخطابات الذكورية المهيمنة هي “تسريح لأولئك الذين لا يستطيعون التعرف على أنفسهم داخلها”[10]، وبعبارة أخرى، فإن الخطابات القانونية والأكاديمية لكل من التشرد لا تلائم جميع النساء، الأمر الذي يؤدي وفقًا لما ذكره واتسون إلى الشعور بالسلبية وعدم قدرة النساء المتشردات على فعل أي شيء حيال وضعهن.
إن تواجد الفروق بين الجنسين في أوساط بدون مأوى قار، تأكد لنا في هذه الدراسة أن الهوية الاجتماعية لبدون مأوى قار مركبة ومتنوعة وتتعدد المشاعر والتصورات عند بدون مأوى قار باختلاف النوع والانتماء وغير ذلك.
ويري أصحاب النظريات التفاعلية مثل غوفمان وهوارد بيكر أن الدافع الرئيسي عند الفرد هو الرغبة في الانضمام إلى جماعة محددة خاصة يسلك فيها الفرد ويتصرف بشكل مشابه تماما لسلوكيات وتصرفات أعضاء هذه الجماعة. كما يري أصحاب هذه النظريات أن مجرد توفر المخدرات والجماعة المرجعية لا يعد أمراً كافيا، فهناك قطاع عريض من أفراد المجتمع يتسمون بالاجتماعية إلى حد كبير، لدرجة أنهم يعتبرون أن الاستخدام السيئ للمخدرات أمر غير مرغوب فيه.
إن الأفراد الذين يقبلون الاستخدام السيئ للمخدرات تنتفي عندهم الاتجاهات السلبية أو حتى الحيادية تجاه الاستخدام السيئ للمخدرات، فالفرد الذي يعتقد اعتقادا تاما بأن الاستخدام السيئ للمخدرات يعد بمنزلة تجربة إيجابية أكثر من كونها سلبية، وأن هذا الاعتقاد الذي وصل إليه الفرد تم في ضوء اعتماد الفرد على أنشطة الجماعة المرجعية التي ينتمي إليها، هنا يكون الفرد قد بدأ الخطوة الأولى نحو الاستخدام السيئ للمخدرات[11].
يربط شارلز زاسترو (Charles Zastrow) قرار تعاطي الفرد للمخدرات بدور جماعة الرفاق في تفسير عملية التعاطي، والكمية التي يتعاطاها الفرد في وقت معين، والأنشطة الأخرى التي تندمج مع عملية التعاطي، وليس فقط على الخصائص الفردية والخلفية الأسرية للمتعاطيين[12]، وفي نفس الاتجاه يذهب هوارد بيكر في دراسته لمستعملي الماريخوانا (1953) « Becoming a Marihuana User » والتي نشرت في كتابه (1963) Outsiders; studies in the sociology of deviance أن جماعة الرفاق تؤدى دوراً حاسما في عملية تعلم تدخين الماريخونا، فحينما تُدْخل جماعة الرفاق فرداً مبتدئاً في عضويتها، تقوم بتعليمه التدخين لكي يدرك الخبرات السارة المرتبطة بعملية التعاطي، كما أن العضوية في مثل هذه الجماعة تشجع على تعاطي المخدرات غير المشروعة أكثر من المخدرات المشروعة، وتعلم العضو أيضا كيفية تقبُّل معايير الثقافة الفرعية المؤيدة للمخدرات، وَرفْض معايير الثقافة الرافضة للمخدرات، كما أن أعضاء هذه الجماعة يندمجون في جرائم أخرى كالسرقات والسطو على المنازل، وذلك لتدعيم عاداتهم الإدمانية، وعلى الرغم من أن مثل هذه الثقافات الفرعية تعد معوقة وظيفياللمجتمع، فإن مثل هذه الثقافات تؤدي وظائف مهمة لأعضاء الجماعة، منها ما يلي:
- إمداد أعضاء الجماعة بتعليمات عن كيفية تعاطي المخدرات.
- إمداد أعضاء الجماعة بالعديد من الإرشادات المتعلقة بالاستخدام الآمن لجرعات المخدر.
- المساعدة في مواجهة الآثار الضارة المترتبة على تعاطي المخدرات.
- تسهيل عملية الحصول على المخدرات.
- حماية أعضاء الجماعة من إمكانية القبض عليهم.
- إقامة حفلات جماعية لأعضاء الجماعة للاستمتاع الفردي بأثر المخدرات[13].
لقد تبلورت المعتقدات الثقافية المعاصرة على جَعْل مدمن المخدرات في صورة المدمن الشريروذلك في ضوء فرضية مؤداها “أن تعاطي المخدرات يسبب تغيراً في الفردية يترتب عليه ارتكاب السلوك الإجرامي”، حيث تقول ميورفي (Murphy,1922) عن تعاطي الماريخوانا (Marjhuana) إن الأفراد الذين يتعاطون هذا المخدر، يدخنون الأوراق الجافة من النبات التي يكون لها تأثيرها على قيادتهم الجنونية، فالمدمن في أثناء قيادته للسيارة يفقد الإحساس الكلي بالمسؤولية الأخلاقية، وحيث إن المدمن يقع تحت تأثير هذا العقار، فإن ذلك يعفيه من العقاب، فهو يفقد تماما الإدراك والوعي بحالته، وينتمي إلى هؤلاء المصابين بالهذيان، ويكون قادراً على ارتكاب جريمة قَتْل أو الانغماس في أية صورة من صور العنف نحو الأفراد الآخرين، مستخدما أقصي الأساليب البدائية في الوحشية دون الإحساس بأية مسؤولية أخلاقية[14].
يؤدي تعاطي المخدرات إلى تدمير الدور الأساسي للمؤسسات الأسرية والاجتماعية، أدت مثل هذه الأمور إلى ظهور العديد من التشريعات القانونية، والتي كان الهدف منها حظر استيراد وصناعة وإنتاج وبيع المخدرات، وحيث إن صياغة وصنع مثل هذه القوانين يؤدي إلى تجريم عادات رُئِيَ أنها ضارة بأفراد المجتمع، فإن ذلك يترتب عليه خلق مشكلات اجتماعية من ناحية، وتسهيل العمل الإجرامي من ناحية أخرى، حيث يتم من خلال عملية التجريم تحويل الهوية الذاتية من كونها معيارية وسوية Normal إلى اعتبارها منحرفة Déviant، وذلك من خلال تطبيق وتنفيذ القوانين الجديدة على المعتمدين على المخدرات، سواء في تجارتها أو زراعتها أو توزيعها أو تعاطيها.
يؤكد بيكر Becker أن عملية صنع قوانين المخدرات، كان لها دور في توضيح القيم التي يتم المطالبة بها، والتي كان لها دوراً في مشروعية تحريم المسكرات والمخدرات، تأثر الكحول والمخدرات على بدون مأوى قار، مما يدفعهم إلى ارتكاب مجموعة من السلوكات والأدوار “الاجرامية”، وتختلف هذه السلوكات باختلاف النوع. تعد جرائم النساء غالباً تافهة، وأقل خطورة[15]. لا يرتكب جميع أفراد بدون مأوى قار الجرائم والأخطاء، كما أن منهم من ليس مدمنًا، ما نفهمه من هذا الوضع أن المخدرات ليست سوى وسيلة لدى البعض لتفادي التفكير الواعي في الوضع الذي لم يعيش فيه، تقول المقابلة رقم 10: “أنا ما مبلي ما والو، عايش بخير وعلى خير مع راسي بلا مخدرات بلا شراب”.
تسهم عدة عوامل مركبة في تنامي “التشرد” في العالم. إن تزايد نسبة الأفراد البدون مأوى قار في المجتمعات، خاصة في المستعمرات يرتبط بالاحتلال والحروب ونهب الثروات، وبمختلف النزاعات والصراعات الاجتماعية ويرتبط بالمجاعة والأوبئة والكوارث الطبيعية والهجرة[16]. إن اعتبار بدون مأوى قار ظاهرة اجتماعية يعني أنها ذات أبعاد اجتماعية محددة، ولذلك فإن هدف هذه التفسيرات السوسيولوجية الكلاسيكية يرتبط بتحديد هذه الأبعاد وتشخيص تلك العوامل المختلفة التي تشكل تلك الأرضية أو الخلفية لتكوين “بدون مأوى قار”.
انفتحت هذه الدراسة على إشكالات سوسيولوجيا الحياة اليومية. تعيد الإثنوميثودولوجيا الاعتبار للأعضاء، الذين يُشَكِلون واقعهم وليسوا نتاج البنية الاجتماعية. إن واقع بدون مأوى قار غير مُشَكَّل بمعزل عن أعضاء المجتمع. مما يطرح العديد من الإشكالات والأسئلة المرتبطة بالجوانب الداخلية لأفراد بدون مأوى قار.
عوض البحث عن أسباب والمحددات الخارجية للظاهرة الاجتماعية، قام الباحث بتتبع منهج وتقنيات البحث الإثنوميثودولوجي، مكنه ذلك من التفكير والانفتاح على الجوانب المألوفة والمعتادة من هذه الظاهرة الاجتماعية، والتي ترتبط بالحياة اليومية للبدون مأوى قار، وينطلق من مبدأ أن الذاتي هو المحدد في الظاهرة[17] بمعنى أن المجتمع ليس بالضرورة نتاج التنشئة الاجتماعية[18]، أي أن الفرد ليس دائمًا نتاج المجتمع.
طرح البحث مجموعة من الإشكاليات، انسجامًا مع أهداف البحث والإطار النظري، إسوة بالإشكالات التي تطرحها الأبحاث الإثنوميثودولوجية. مكَّن البحث في الهوية الاجتماعية للتشرد لحالة بدون مأوى قار بالمجال الحضري بمدينة مراكش، من فهم بعض الخصائص الثقافية واللغوية، كما لاحظ الباحث حجم المعاناة اليومية لبدون مأوى قار في البحث عن الأكل والمصاريف التي يحتاج إليها لشراء بعض المخدرات. يستهلك بدون مأوى قار المخدرات الرخيصة ويتفاعل بصعوبة مع محيطه، هذا الأخير يطلق أوصام كثيرة على التشرد، تعبر عن الصور النمطية للثقافة السائدة داخل المجتمع.
قاربت هذه الدراسة موضوع الهوية الاجتماعية لبدون مأوى قار، باستدعاء مؤشرات ومحددات اجتماعية ومجالية، ومنها ما هو متعلق باللغة والزمان. حاولنا من خلالها فهم ما الذي يعني أن تكون بدون مأوى قار Sans domicile fixe. تعتبر التشرد ظاهرة اجتماعية وتاريخية معقدة جداً، نظرًا لكونها تكوين اجتماعي ذات جدور تاريخية.
تختلف الدراسات والدول في تحديد معايير مضبوطة لبدون مأوى قار، مما يجعلها ظاهره جد صعبة، ودراستها مغامرة، نظرًا لذلك يصعب تحديد مكوناتها ومحدداتها. تجنبًا للتشعب الذي يشوب الموضوع، اخترنا في هذه الدراسة ربط بدون مأوى قار بمعيار العيش فالشارع بدون مسكن.
تعيش هذه الفئة من المجتمع تشرد مزمن وشبه مزمن، كما هناك بعض أفراد المجتمع يمارسون التشرد المؤقت، فإما مجبرًا أو أنه رغب في ذلك لأسباب أخرى، لم نبحث عنها، بغية تركيز اهتمامنا على الجانب الكيفي للحياة اليومية لمجتمع التشرد. تكونت ثقافة التشرد بالتفاعل المستمر للبدون مأوى قار مع مجال الشارع ليلًا ونهارًا. هذه الثقافة نجد تجلياتها فب اللغة المشتركة لبدون مأوى قار، يعبرون عنها صراحة في كتاباتهم على الجدران، وهي ثقافة نقدية ضد السلطة وكل ما هو مؤسساتي.
استنتجنا من هذه الدراسة أن اللجوء لدور الرعاية الاجتماعية ليس حلًا بالنسبة لبدون مأوى قار، كما لا يمكن إجبارهم على ذلك، ويعتقدون أن ذلك تقييد لحرياتهم، ومحاولة لمحو هويتهم. ساعدت هذه النتيجة في إنتاج إشكالات عن الموضوع.
دراسة الحياة اليومية لبدون مأوى قار بينت أن المجالات التي يفضلها أفراد البدون مأوى قار، هي الحدائق والبنايات المهجورة والساحات الخارجية للمساجد. يقصد أفراد بدون مأوى قار مجالات عامة للتسول في أوقات محددة ومجالات للنوم تكون بدورها مقصودة، ينتظر منها أن تكون مجالًا لتلقي المساعدات.
نظرًا لكون بعض الأمكنة معروفة بسخاء مرتاديها، يتصارع من أجلها بدون مأوى قار، وتصبح في نظرهم ملكية خاصة عندما يسيطر عليها، ويحاول منع الآخرين من دخولها. من جهة أخرى يفضل بعض أفراد بدون مأوى قار البنايات المهجورة، لكونها مجال يمكنه من ممارسة بعض الطقوس بحرية وبعيدًا عن أعين المارة.
استطاع البعض من أفراد بدون مأوى قار تكوين أسرة، فعلى سبيل المثال، لاحظ الباحث كيف استمرت علاقة بين قاصرة مع شاب، جمعهم التشرد ثم الحب، وأصبحا أوفياء بعضهم البعض، أنجبت القاصرة طفلاً بفيلا Villa مهجورة ورغم صعوبة الحياة بين العديد من أفراد بدون مأوى قار، استمرت هذه الأسرة في التواجد بهذه الفيلا التي يرتادها أزيد من ثلاثين فردًا.
إن البحث في دلالة السكن أو المأوى عند بدون مأوى قار، بين للباحث كيف أن السكن يكتسي معاني ودلالات مركبة، تختلف من فرد لآخر. يجد بدون مأوى قار صعوبة كبيرة في الجواب عن سؤال السكن، لأنه يربط السكن بالمسكن القار، وعندما يعي المقصود من السكن أو المأوى، يبدأ التعبير عن ويفهم من خطابه أن السكن يعني الشارع والفضاء العام، أو بعض الأشياء الخاصة (هاذ الخنشة هي السكن ديالي [19]).
تعرف الباحث عن حالات من مجتمع الدراسة، قامت بمحاولات الانتحار، وحالات أخرى عديدة لا تولي أية أهمية للنظافة ولا للملبس أو للمرض. الملاحظ أن التشبث بالحياة والصحة غير حاضر بقوة. يرى بدون مأوى قار أن الموت أفضل من الحياة، لكن نظراُ لكون الدين الإسلامي يحرم الانتحار يستدعي من بدون مأوى قار مواصلة الحياة وعدم اللجوء للانتحار. هكذا فهمنا من المقابلة رقم 4 (تجدون هذه المقابلة كاملة في الملحق) التي أكدت عن حضور الجانب الديني في التشبث بالحياة. حالة أخرى لاحظها الباحث تعاني من تعفنات وأمراض مزمنة لا تتحرك نهائيًا، يعتني بها بعض زملاء الحالة، ويقول إنه طرد من المستشفى، ورأينا كيف أنه تعايش مع المرض ولم يعد يزعجه حاله، وتأقلم إن صح التعبير مع المرض والألم.
يرتبط التشرد بالتسول، لكن يتميز الأول عن الثاني. يمتهن البعض التسول رغم امتلاكه للمسكن أو المنزل. لاحظ الباحث حالات تملك منازل ولها أفراد من العائلة يعملون باستمرار، وغير محتاجة للمساعدات، لكنها تخرج دائمًا للتسول[20]، وهناك حالات أخرى تتسول لأنها تعيل أسرة وغير قادرة على القيام بعمل معين بسبب المرض أو الإعاقة. بدون مأوى قار لا يمتهن التسول، ولكنه يطلب المساعدات باستمرار، هذا ما يشكل مصدر الدخل الأول. والمصدر الثاني هو القمامات ومطارح الأزبال، حالات قليلة جدًا من أفراد بدون مأوى قار تقوم بأعمال السرقة والسطو عندما تعجز عن توفير مصاريفها البسيطة من التسول (الجقير)، وحالات أخرى قليلة هي التي نجدها تعمل، وتعتمد على عملها كمصدر للعيش. (بيع السجائر، بيع المناديل؛ القيام بأعمال السخرة؛ حراسة الدراجات؛ حمل الأمتعة..)
يوصم المتشردين من قبل المجتمع، من قبيل نعت أفراد بدون مأوى قار بالشمكارة؛ الحماق؛ عديم التربية والأصل… تختلف الوصوم باختلاف مظهر وجنس بدون مأوى قار، كما تختلف الوصوم من مجال لآخر. بحثنا عن كيفية تدبير الوصم من قبل بدون مأوى قار، استنتجنا أن بدون مأوى قار لا يولي أهمية لوصمة المجتمع، ولا يقوم بأي شيء لتغيير الصورة النمطية التي يحملها عنه الآخرون، لكن بعض الممارسات التي لاحظها الباحث، يمكن تأويلها لاعتبار البدون مأوى قار يهتم كثيرًا بالوصم، ويحاول بطرق مختلفة لتغيير نظرة المجتمع، من خلال الحفاظ على علاقات صداقة مع الاخرين، وعدم القيام بأعمال تضر بمصلحة الغير، هذا التدبير يتجلى كذلك في الابتعاد عن الأسرة والتشرد بعيدًا عن مكان تواجد الأسرة والمعارف.
ترتبط وصمة التشرد بالانحراف والاجرام، ولا يملك أفراد بدون مأوى قار في نظرهم أية إمكانية أو وسيلة لتفنيد الصور النمطية عنه. يدبر بأشكال مختلفة، منها الصمت ومنها التمرد والعصيان كرد فعل على استبعاده ووصمه. يعبر هذا التدبير عن حضور الصراع من أجل الاعتراف في علاقة بدون مأوى قار مع المجتمع. يعبر هيغل Friedrich Hegelعن هذا الصراع من أجل الاعتراف في جدلية السيد والعبد، حيث يرى استمرارية الصراع في الزمان والمكان، من أجل نزع الاعتراف بشكل ذاتي.
يصف الباحثون الإثنوميثودولوجيون سياق الدراسة، ويوضحون وجهات نظر مختلفة للظواهر، ويراجعون باستمرار الأسئلة بعد تجربتهم الميدانية في هذا المجال، يمكن تنظيم أوضاع الاستقصاء هذه بواسطة التركيز على تجربة الفرد الحية كما يظهر في الظواهر، ودراسة الحالة، ومن خلال التركيز على الجانب العملي في الحياة اليومية على النحو المحدد في الإثنوغرافيا وبعض الدراسات النقدية. مما يجعل ذات الباحث حاضرة على عكس الأبحاث الاجتماعية الكمية[21].
تبين في هذا المقال بعد تجربة ميدانية[22] من الملاحظة بالمشاركة لمجال ومجتمع البحث، أن الأفراد بدون مأوى قار هم أفراد يصنعون هوياتهم، ويحملون تصورا ومعنا للحياة. تختلف هذه الهويات باختلاف خبراتهم وتجاربهم، مما يعقد من مسألة تحديد هوية الفرد بدون مأوى قار. ينشأ هذا الأخير هويته الفردية، بمعزل عن التأثيرات الاجتماعية والسياسية وغيرها، مما يجعل هويته متميزة ومختلفة عن عامة الناس ولهم خطاب خاص يحمل دلالات مستقلة عما هو معتاد، ويمضي بدون مأوى قار أوقاته بدون أي مبالاة، ولم يعد للزمان أي معنى أو قيمة عند بدون مأوى قار.
يعمل الأفراد بدون مأوى قار وفق منطقهم الخاص، بعد أن استعصى عليهم مسايرة نمط الحياة أو العيش كبقية الناس، خاصة عدم القدرة على ضمان وتأمين السكن الخاص، نظرًا لمركب من الأسباب والعوامل التي تختلف من فرد لآخر.
يصنف المجتمع الأفراد بدون مأوى قار ضمن الفئات المارقة والمنحرفة، ويحدده من خلال المظهر الخارجي الذي يظهرون به. مما يجعل محددات الهوية الاجتماعية تتركز على البعد العاطفي، وتؤثر على هوية بدون مأوى قار الفردية [23].
يشكل البحث في المعنى والدلالة اللغوية لكلمة السكن إحدى أهم التقاطعات البارزة بين هذا المقال والمنظور الإثنوميثودولوجي والفينومينولوجي، استخلصنا في هذا الإطار بناًء على دراسة حالات عبر المقابلات والملاحظة بالمشاركة أن بدون مأوى قار لهم تصورات ومعاني بسيطة للسكن، الذي يرتبط بالحاجة الضرورية في المأوى. تشكل جنبات الأماكن العمومية المفتوحة بشكل مستمر، والتي تعرف حركة خاصة في الليل إحدى المجالات المفضلة لدى بدون مأوى قار.
يحمل الأفراد البدون مأوى قار صورة نمطية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية القائمة بمدينة مراكش والنموذج هنا “دار البر والإحسان”، من حيث كونها دار لا تستجيب لأبسط شروط الراحة، مما يجعل من الشارع العام ملجأ آمن مقارنة بمؤسسات الرعاية كما يعتقدون. يفضل الأفراد البدون مأوى قار الشارع العام لكونهم يتلقون المساعدات المالية لشراء الكحول والمخدرات.
استنتجنا إذن، أن الأفراد البدون مأوى قار ينظرون للمجال العمومي كحق يمكن امتلاكه، بعد فقدانهم لكل إمكانات الحصول على السكن. يجعل فقدان السكن تنامي فكرة الحق في الفضاء العمومي. يختار بدون مأوى قار المكان بدقة وفق معايير محددة، ويستعمل المجال العمومي من أجل تلقي المساعدات والمأوى.
يغلب طابع الصراع حول المجال عند الأفراد البدون مأوى قار على طابع التعايش والتضامن، وينشأ الصراع على الأحقية في المجال، والحق للأقوى. تدفع الصراعات القائمة حول المجال الأفراد البدون مأوى قار لتشكيل تكتلات أو مجموعات مأسسة على أساس النوع أو السن أو الانتماء الجغرافي.
قائمة المراجع:
1. BECKER, H. (1963). Outsiders-definingdeviance. BECKER, Howard. Outsiders:Studies In The Sociology of Deviance. New York…. Bernburg, JG (2019). Labelingtheory. In Handbook on crime and deviance, 179-196.
Fanon, F. (1959). L’an V de la révolution algérienne (No. 3). Paris: F. Maspero.
Garfinkel, H. (1970). On formal structures of practical actions. Theoreticalsociology.
Garfinkel, H. (2016). Studies in ethnomethodology. In Social TheoryRe-Wired (pp. 85-95). Routledge.
Garofalo, R. (1892). La criminologie: étude sur la nature du crime et la théorie de la pénalité. F. Alcan
Guidi, F. (2017). Cesare Lombroso e le razzecriminali. Sulla teoriadell’inferiorità dei meridionali. Andrea Giannasieditore.
Klodawsky, F. (2006). Landscapes on the margins:Gender and homelessness in Canada. Gender, place & culture, 13(4), 365-381.
Merton, R. (1938). K. 1938.“Social structure and anomie.”. American SociologicalReview, 3(5), 672-682.
Murphy, E. F. (1922). The black candle. Thomas Allen.
Radley, A., Hodgetts, D., & Cullen, A. (2006). Fear, romance and transience in the lives of homelesswomen. Social & Cultural Geography, 7(3), 437-461.
Vom Lehn, D. (2016). Harold Garfinkel: The creation and development of ethnomethodology. Routledge.
Watson, S. (2000). Homeless nessre visited: New reflections on old paradigms. Urban Policy and Research, 18(2), 159-170.
Waxman, L. D., & Reyes, L. M. (1990). A Status Report on Hunger and Homelessness in America’s Cities: 1990. A 30-City Survey.
Zastrow, C. (1996). Social problems: Issues and solutions. Wadsworth Publishing Company.
* زكرياء الإبراهيمي: أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بشعبة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض، مراكش، أشرف على رسالة البحث لنيل شهادة الماستر الموسومة بـ: “الهوية الاجتماعية والممارسات المجالية للتشرد بالمجال الحضري مراكش”، والذي يشكل هذا المقال جزءاً منها.
[1]F. Fanon, (1959). L’an V de la révolution algérienne (No. 3). Paris: F. Maspero, p.05.
[2]Raffaele, Garofalo,LA CRIMINOLOGIE. Étude sur la nature du crime et la théorie de la pénalité, Paris : Ancienne Librairie Germer, Félix Alcan, 2e édition entièrement refondue, 1890. P. 27.
[3] Robert, Merton. Social Structure and Anomie.in American Sociological Review.3 (5), 1938. P. 681.
[4]Flavio, Guidi, Cesare Lombroso e le razzecriminali, Sulla teoriadell’inferioritàdeimeridionali, Andrea Giannasieditore, 2017, P. 121.
[5]البحث الميداني.
[6]أحد أفراد بدون مأوى قار الحالة الرابعة من العينة التي شملتها الملاحظة بالمشاركة.
[7]نفسه.
[8] F., Klodawsky, Landscapes on the Margins: Gender and Homelessness, inCanada Gender, Place & Culture. 13. 4, 2006, p.378.
[9] A., Radley, et al., Fear. romance and transience in the lives of homeless women, in Social & Cultural Geography, 7. 3, 2006, p.437
[10] S., Watson, Homelessness revisited: New reflections on old paradigms, in UrbanPolicy and Research, 18. 2, 2000, p. 160.
[11]Brown & Brown, op. cit. 1975.p.p. 116 118
[12]Charles Zastrow and Lee H. Bowker, Social problems: Issues and solutions, Nelson-Hall Publishers, 1996, p.112.
[13]H, Becker, (1963),Outsiders: Studies In The Sociology of Deviance. New York…. Bernburg, JG (2019). Labelingtheory. In Handbook on crime and deviance,, P 46.
[14]Emily, Murphy, MarahuanaA New Menace, The Black Candle Toronto, Ontario: Thomas Allen Publisher; 1922, p.331.
[15]Ibid, p.18.
[16]Hunger and homeless survey: A status report on hunger and homelessness.in America’s cities. Retrieved July.27 2019.fromwww.usmayors.org/hungersurvey/2005/HH2005FINAL.
[17] للمزيد عن هذا الموضوع راجع (1984) L. Quéré الموسوم بـ: L’argument sociologique
[18]إن التنشئة الاجتماعية عند الأنثروبولوجيين عملية امتصاص من طرف الطفل لثقافة المجتمع الذي يحيا فيه، فالفرد يكتسب ثقافة مجتمعه من خلال المواقف الاجتماعية المختلفة التي يتعرض لها أثناء الطفولة وهذه المواقف تختلف من مجتمع لآخر باختلاف الثقافة السائدة كما أن أساليب التنشئة تختلف باختلاف الثقافات، وثقافة المجتمع هي التي تحدد أساليب التنشئة الاجتماعية المتبعة، ويرى بعض علماء الأنثروبولوجيا مثل فرانز بواس(Franz Boas) وروث بنيدكت(Ruth Benedict) ومرغريت ميد(Margaret Mead) أنه ليس هناك عمليات تعلم لنقل الثقافة إلى الفرد، فالطفل يكتسب ثقافة المجتمع بشكل تلقائي من خلال أساليب الثواب والعقاب التي يتعرض لها الفرد في مرحلة الطفولة.
[19] المقابلة رقم 10 من البحث الميداني.
[20]البحث الميداني: قمنا بمقابلة مع سيدة تملك منزلاً، ولها أبناء موظفين.
[21]Harold, Garfinkel, and Harvey, Sacks,On formal structures of practical action, In Theoretical sociology: perspectives and developments, New York, Appleton-Century-Crofts, 1970, p. 125.
[22]فرضيات هذه الدراسة هي نتاج جولة استكشافية أولى pilotsurvey وبحث ميدانين، ليست الفرضيات منطلق هذا العمل بل هي نتيجة البحث الميداني.
[23]البحث الميداني