دور منظمة العمل الدولية في حماية الحق في العمل
Le rôle de l’organisation international du travail dans la protection du droit au travail
د. زاير الهام ، جامعة تلمسان، الجزائر – Dr Zair Ilhem /university de Tlemcen
مقال منشور في مجلة جيل حقووق الإنسان العدد 42 الصفحة 43 .
ملخص:
تعد منظمة العمل الدولية أول وكالة دولية متخصصة تسعى إلى تحقيق السلام الاجتماعي العالمي ولقد لعبت هذه المنظمة دورا مهما في تطوير التشريعات العمالية والاجتماعية في العالم، وهو ما أدى إلى حصول المنظمة على موافقة الدول على طائفة كبيرة من الحقوق العمالية إلا أن جهودها غير كافية إذ سجلت انتهاكات عديدة على الحق في العمل وهذا راجع إلى غياب عنصر الإلزام في قراراتها إضافة الى عدم تقريرها لعقوبات عند تحقيق المخالفة.
Résumé
L’Organisation internationale du travail est la première agence internationale spécialisée qui cherche à réaliser la paix sociale mondiale. L’organisation a joué un rôle important dans le développement de la législation du travail et sociale dans le monde, ce qui a conduit l’organisation à obtenir l’approbation des États sur une large échelle. Large éventail de droits du travail, mais ses efforts sont insuffisants. Nombreuses violations du droit au travail, et cela est dû à l’absence d’un élément d’obligation dans ses décisions, en plus de son omission de signaler les sanctions lorsque la violation fait l’objet d’une enquête.
مقدمة:
تعتبر منظمة العمل الدولية هيئة دولية متخصصة تسعى الى تحقيق السلام الاجتماعي العالمي القائم على العدالة من خلال توحيد و تنظيم قواعد العمل وفق مبدأ الوظيفية،[1] نشأت المنظمة بعد الحرب العالمية الاولى وكان دستورها يشكل الجزء 13 من معاهدة فرساي وقد ارتبطت بالأمم المتحدة سنة 1946 في مؤتمر مونترو، ويقع مقرها في جنيف بسويسرا وقد بلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة 175 دولة عضو سنة 2003، وقد تمكنت من عقد حوالي 50 مؤتمرا دوليا انتهت بإبرام عدد كبير من الاتفاقيات الدولية وما يقارب من 180 اتفاقية وتوصية ترمي جميعها إلى حماية العمال بمختلف فئاتهم.[2]
وقد أشارت ديباجة دستور المنظمة إلى المبادئ التي يمكن من خلالها تحقيق أهدافها وهي: القضاء على البطالة، حماية النساء و الأطفال، الأجر المتكافئ عن العمل المماثل، تنظيم ساعات العمل. ولقد لعبت المنظمة دورا مهما في تطوير التشريعات العمالية و الاجتماعية في العالم انطلاقا من السياسية التشريعية للمنظمة التي تقضي بأن المؤتمر العام للمنظمة يوافق بأغلبية الثلثين على مشروعات الاتفاقات الخاصة بهذه الموضوعات وهو ما أدى إلى حصول المنظمة على موافقة الدول على طائفة كبيرة من الحقوق العمالية حيث أنه سنة 1939 بلغت المجموعة الدولية لقانون العمل 67 اتفاقية تم التصديق عليها من جانب 46 دولة إضافة إلى التوصيات الصادرة عن أجهزة المنظمة.[3]
وقد اعتمدت الدورة 26 للمؤتمر العام للمنظمة المعقودة في فيلادلفيا في ماي 1944 اعلانا بشأن أهداف وأغراض منظمة العمل الدولية وهو المعروف بإعلان فيلادلفيا وقد أدرجت أهداف اخرى بموجب التعديل الذي أدخل على دستور المنظمة سنة 1946 وأرفق نص الإعلان بالدستور و أدرجت الأهداف التي جاءت في هذا الإعلان ضمن الأهداف التي ينبغي أن تنهض بها المنظمة.
ويؤكد الإعلان أن لجميع البشر بغض النظر عن العرق أو العقيدة أو الجنس الحق في التمتع بكل من الرفاهية المادية و التقدم المعنوي في جو من الحرية والكرامة والضمان الاقتصادي والفرص المتكافئة، ويضيف أن تهيئة الظروف التي من شأنها أن تجعل تحقيق ذلك ممكنا يجب أن تكون الهدف الرئيسي للسياسات الوطنية و الدولية، ويعترف الإعلان بالتزام المنظمة رسميا بأن تدفع قدما البرامج التي من شأنها أن تحقق الاستخدام الكامل ورفع مستويات المعيشة والاعتراف بحق المفاوضة الجماعية و مد نطاق الضمان الاجتماعي، كما يتضمن تعهدا بأن تتعاون المنظمة مع الهيئات الدولية الاخرى لبلوغ ما تضعه من أهداف وللارتقاء بصحة و تعليم و رفاه جميع الشعوب.[4]
وتتكون منظمة العمل الدولية من ثلاث فروع أساسية: هي المؤتمر العام للمنظمة ومجلس الإدارة ومكتب العمل الدولي إضافة إلى اللجان الدائمة والمؤقتة، وحتى يتسنى للمنظمة حماية الحقوق والحريات الواردة في دستورها فقد أقرت جملة من الأليات الهادفة لحماية هذه الحقوق والحريات،[5]فما هو دور منظمة العمل الدولية في حماية الحق في العمل؟ وعليه سوف يتم تقسيم هذا البحث إلى محورين نتطرق في الأول إلى سياسات التشغيل و السياسة الاجتماعية أما المحور الثاني فسوف نخصصه لآليات منظمة العمل الدولية لحماية الحق في العمل.
المبحث الأول: اهتمام منظمة العمل الدولية بالتشغيل والسياسة الاجتماعية
فيما يخص التشغيل (المطلب الأول)تنصرف عبارة التشغيل في مفهومه الواسع إلى عملية توجيه العمال في مناصب معينة وأساليب وكيفيات ضمان استمرارية العمل وترقيتهم.
أما السياسة الاجتماعية(المطلب الثاني) فهي تقوم على مجموعة من الأهداف والغايات تنصب في مجملها حول ضرورة و حتمية رفع مستوى معيشة العمال و تنظيم و حماية الأجور و القضاء على التمييز بين العمال مرتكزة في ذلك على معايير قاعدية دقيقة كما تشكل في مغزاها خطة ممنهجة لمكافحة البطالة وترقية العمالة بشرط أن تتوفر على احصاءات قاعدية بشأن العمل.[6]
المطلب الأول: التشغيل
تنصرف عبارة التشغيل في مفهومه الواسع إلى عملية توجيه العمال في مناصب معينة وأساليب وكيفيات ضمان استمرارية العمل وترقيتهم غير أن ميزة العمومية التي يتسم بها هذا المصطلح تستلزم التركيز على المقتضيات العملية من خلال القواعد الدنيا لضمان المساواة في فرص الشغل والمعاملة ومكافحة العمل الشاق وسياسة التشغيل ومكافحة البطالة والتكوين المهني للعمال والقواعد الأساسية للصحة والسلامة في العمل.
الفرع الأول: سياسة التشغيل
من أجل تنشيط التنمية الاقتصادية والاستجابة لحاجيات اليد العاملة وحل مشكلة البطالة والنقص في مجال التشغيل اعتمدت الاتفاقية رقم 122 بشأن سياسة العمالة لعام 1964 حيث جاء في المادة الأولى فقرة 1 بأن:” تعلن كل دولة عضو وتتابع كهدف أساسي سياسة نشطة ترمي إلى تعزيز العمالة الكاملة المنتجة والمختارة بحرية بغية تنشيط النمو الاقتصادي والتنمية ورفع مستويات المعيشة وتلبية المتطلبات من القوى العاملة و التغلب على البطالة و البطالة الجزئية”.[7]
وتضيف الفقرة 2 تعداد الأهداف التي تكفلها السياسة الوطنية للعمالة وهي:
- توفير فرص عمل لجميع المحتاجين إلى عمل و الباحثين عنه.
- أن يكون هذا العمل منتجا بقدر الإمكان
- أن يتاح لكل عامل حرية اختيار العمل وأن توفر أفضل فرصة ممكنة لشغل الوظيفة التي تناسب قدراته ومؤهلاته وأن يستخدم مهاراته ومواهبه بغض النظر عن العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الانتماء الوطني أو الأصل.
وتكمل الاتفاقية 122 بالتوصية 122 بشأن سياسة العمالة و مبادئها العامة وأكدت على ضرورة اتخاذ تدابير ملائمة لمواجهة مشاكل التخلف الاقتصادي وتنسيق التعاون الدولي لذلك بينت الإجراءات العامة والانتقالية لسياسة العمالة ومشاكل العمالة في الدول النامية تحديدا والتدابير التي ينبغي أن يتخذها أصحاب العمل والعمال لتعزيز تحقيق العمالة المنتجة بحرية والجهود الدولية الرامية إلى تحقيق أهداف الشغل وعرض مقترحات بشأن أساليب تطبيقها.
وفي عام 1978 أعدت أحكام تكميلية بخصوص سياسة العمالة بموجب التوصية رقم 169 وقد ركزت على المبادئ العامة لسياسة العمالة و ضرورة تشجيعها لتكون بمثابة وسيلة لتأمين التطبيق العملي للحق في العمل وركزت أيضا على تشغيل الشباب والفئات الضعيفة التي تلاقي صعوبات في العثور على عمل كالنساء والأطفال والمعوقين والعمال المسنين والعمال المهاجرين والعاطلين عن العمل منذ أمد طويل ومراعاة السياسات التكنولوجية باعتبار أن التطور التكنولوجي يشكل عنصرا رئيسيا في سياسة التنمية الوطنية وعاملا هاما في زيادة الطاقة الإنتاجية وضرورة أن تعترف السياسة الوطنية للعمالة بأهمية الأنشطة الاقتصادية التي تجرى خارج الهياكل الاقتصادية المؤسسية بوصفها مصدرا للوظائف في القطاع غير النظامي والمؤسسات الصغيرة باعتبارها مصدرا للوظائف وإدارة لمكافحة البطالة وبرامج الاستثمار العامة و الخاصة للأشغال العمومية والتعاون الاقتصادي الدولي والهجرة الدولية.
الفرع الثاني : المساواة في الفرص و المعاملة
يتماشى مبدأ المساواة في الفرص و المعاملة مع روح دستور منظمة العمل الدولية حيث أكد على ضرورة ضمان معاملة اقتصادية منصفة لكل العمال المقيمين في البلاد بطريقة قانونية وورد في إعلان فيلاديفيا قاعدة مماثلة أخذت بعدا عالميا بصيغتها المجردة حيث نصت على انه:” لكل الكائنات البشرية أيا كان العرق أو المعتقد أو الجنس الحق في مواكبة التقدم المادي والروحي في حرية و كرامة من خلال الأمن الاقتصادي وعلى أساس فرص متكافئة”.[8]
وقد تجلت بعض مظاهر المساواة وعدم التمييز في الاتفاقية رقم 100 عام 1951 المتضمنة المساواة في الأجر حيث نصت المادة 1 فقرة ب على المساواة في الأجر لليد العاملة من الجنسين بالنسبة لعمل ينطوي على قيمة متساوية أي كل نشاط مأجور من نفس الطبيعة، وفي ذات السياق أوردت المادة 11 من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة مبدأ المساواة بين الجنسين في العمل.[9]
كما تواصل التأكيد على أهمية مبد المساواة في الاتفاقية رقم 111 بشأن التمييز في مجال الاستخدام والمهنة لعام 1958 وبمفهوم هذه الاتفاقية ينصرف مصطلح التمييز إلى اي تفريق أو استبعاد أو تفضيل أو إقصاء أو مفاضلة يبنى على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو الانتماء الوطني أو الأصل الاجتماعي والذي يؤدي إلى الإضرار بالمتكافئ في الفرص أو المعاملة في مجال الاستخدام أو المهنة كما ينصرف إلى أي تمييز اخر من ذات الطبيعة تحدده كل دولة متعاقدة بعد التشاور مع المنظمات الممثلة لأصحاب العمل و للعمال أو أجهزة أخرى متخصصة.[10]
ولمكافحة التمييز تلتزم كل دولة متعاقدة بوضع سياسة وطنية ملائمة للظروف والممارسات المحلية تحقق من خلالها ترقية مبدأ تكافئ الفرص في مجال الاستخدام و المهنة و إزالة التميز في مجال إلغاء القوانين و الممارسات الإدارية المنافية للمبدأ و اتخاذ التدابير عملية في هذا الشأن،[11] وبذلك تتيح لكل عامل فرصة الحصول على تكوين مهني وعلى التدريب والاستخدام و الحصول على عمل والاستفادة من ظروف عمل مقبولة والحصول على ترقية في الوظيفة حسب الخبرة والمؤهلات المتراكمة لدى الشخص المعنى والاستفادة من الإعانات الاجتماعية والحصول على الأمن الوظيفي و المساواة في الأجر مقابل العمل المتساوي في القيمة و لتحقيق هذه الأهداف تلتزم الدول باتباع سياسات ملائمة ومن ذلك:[12]
- التعاون بين منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال من أجل تشجيع قبول سياسة القضاء على التمييز و الالتزام بها،
- إعداد قوانين و برامج تربوية لضمان قبول هذه السياسات و الالتزام بها،
- إلغاء الأحكام القانونية و تعديل الممارسات بما يتسق و سياسات مكافحة التمييز،
- ضمان تطبيق السياسات الموضوعة ضمن أنشطة التوجيه المهني والتدريب و خدمات التوظيف تحت إشراف سلطة وطنية.
بالمقابل لا تعد كذلك التقييدات التي تدرج ضمن التشريعات المحلية تجاه العمال الأجانب لاسيما ما يمس ببعض المهن فتعطى الأولوية لأصحاب التخصصات المطلوبة لشغل الوظيفة ولا تعد كذلك التقييدات التي تدرج في التشريعات المحلية تجاه العمال الأجانب لاسيما ما يمس بمصالح الدولة إضافة إلى المقتضيات الضرورية لممارسة بعض الأعمال الماسة بحرية الرأي كالمناصب العليا التي تتطلب انتماء سياسي لضمان الولاء و الثقة وواجب التحفظ بما يضمن الأمن القومي و استبعاد الأشخاص الذين سبق أن تورطوا في أنشطة ضارة بأمن الدولة و استبعاد بعض الفئات بغرض حمايتهم كاستبعاد النساء من الوظائف التي تتطلب جهدا بدنيا معتبرا ولا يعد تمييزا أيضا اشتراط الانتماء إلى عقيدة دينية معينة للحصول على منصب في هيئة دينية.
وجاء في المادة 04 من الاتفاقية رقم 159 المنضمة إعادة الإدماج المهني و تشغيل الأشخاص المعوقين لعام 1983 التزام عام باحترام مبدأ المساواة في الفرص بين العمال المعوقين و بقية العمال وزيادة على ذلك أشارت الاتفاقية رقم 158 عام 1982 إلى حالات التمييز التي تجعل التسريح غير مبرر كاتخاذ هذا الإجراء بسبب انخراط العامل في نقابة أو ممارسة نشاط نقابي أو تمثيل العمال أو الحالة المدنية أو المسؤولية العائلية أو الحمل أو الغياب عن العمل خلال عطلة الأمومة.[13]
الفرع الثالث: مكافحة العمل الجبري
وضعت المادة 01 من الاتفاقية رقم 29 بشأن العمل الجبري لعام 1930 التزاما على عاتق الأطراف المتعاقدة بإلغاء العمل الشاق أو الجبري وبمفهوم المادة 02 فقرة 01 يقصد بهذا الاخير كل عمل أو خدمة يفرض على أي شخص تحت التهديد بعقوبة معينة تجعله متجردا من الإرادة وهي قاعدة نسبية تعرف بعض الاستثناءات أوردتها ذات الاتفاقية.
كما اشارت الاتفاقية الى بعض فئات العمال التي ينبغي حمايتها من العمل الجبري و يتعلق الأمر بالمرأة والأحداث لمن هم دون الثامنة عشر ومن تزيد أعمارهم عن الخامسة والأربعين والعجزة والعمال الذين يؤدون أعمالا لحساب الأشخاص الطبيعية و المعنوية في المناجم و الأعمال لأغراض غير ضرورية أو ملحة بما فيها العمل الزراعي.[14]
وتؤكد المادة 10 فقرة 01 على أن : يلغي بالتدريج العمل الجبري الذي يقضى كضريبة والعمل الجبري الذي يلجا إليه رؤساء يمارسون وظائف إدارية من أجل تنفيذ أشغال عامة.
كما وضع شرط الحد الأقصى بألا يزيد عن ستين يوما بالنسبة لفترة 12 شهر على أن تشمل أيام الالتحاق بالعمل والعودة إليه و تسلم شهادة بهذا الخصوص ويضاف شرط الخضوع لنفس الأوقات العادية للعمل على أن يستفيد العامل من الراحة الأسبوعية و تجنب العمل في منطقة أين يواجه صعوبة في التغذية أو يعمل في أو التغذية أو يعمل في مناخ يهدد صحته.[15]
كما دعمت الاتفاقية رقم 29 بالاتفاقية رقم 105 بشأن إلغاء العمل الجبري لعام 1957 حيث الزمت الدول الأعضاء بالإلغاء الفوري والكلي للعمل الجبري الذي يفرض كجزاء او كعقوبة اذا كان يرمي لأن يكون:[16]
- أسلوبا للإكراه أو التوجيه السياسي أو لمعاقبة أشخاص بسبب أراء سياسية أو أراء تتعارض ايديولوجيا مع النظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي القائم أو التصريح بهذه الأراء،
- أسلوبا الاستغلال اليد العاملة أو لاستخدامها لأغراض تتعلق بالتنمية الاقتصادية،
- إجراءا تاديبيا في العمل، عقوبة بسبب المشاركة في الإضراب،
- إجراءا تمييزيا عرقيا أو اجتماعيا أو وطنيا أو ديني،
وقد ظهرت تغرات كثيرة في الصكوك السارية ما دفع بالمؤتمر إلى اعتماد احكام تكميلية تقرر أن تشكل مضمون التوصية رقم 203 عام 2014 بشأن العمل الجبري حيث الزمت الدول الأعضاء بجمع وتحليل ونشر معلومات أكيدة ومفصلة تخص جنس وسن وجنسية الضحايا وطبيعة وحجم العمل الجبري لضمان تقييم التطور المنجز لذلك تتبع أساليب وقائية ترمي الى ترقية الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية وإعداد برامج لمكافحة التمييز وعمل الأطفال كما تتولى اتخاذ تدابير فعالة من أجل القيام بعمل ضد أسباب الضعف المفضي إلى العمل الجبري وحملا تحسيس في الأوساط المعرضة لهذا العمل بغرض مواجهة الاستخدام القائم على الغش والتعسف والعقوبات ذات الصلة ووضع برامج التكوين المهني لفائدة السكان المعرضين لهذه الظاهرة واعداد تشريعات تضمن الحماية وتوفير خدمات التوجيه والإعلام لفائدة المهاجرين.
الفرع الرابع: دوائر التوظيف العامة
لتعزيز نظام العمالة اعتمدت الاتفاقية رقم 88 بشأن تنظيم إدارات التوظيف عام 1948 وقد نصت المادة الاولى على أن:” كل عضو يصدق على الاتفاقية أن يحتفظ بإدارة العامة أو يكفل الاحتفاظ بإدارة عامة تشرف على التوظيف مجانا ويكون الواجب الأساسي لهذه الإدارة أن تكفل بالتعاون مع الهيئات العامة والخاصة المعنية أفضل تنظيم ممكن لسوق العمل باعتبار ذلك يعد جزءا لا يتجزأ من البرنامج القومي لتحقيق العمالة الكاملة والعمل على تنمية الموارد الإنتاجية والانتفاع بها.[17]
وتكمل الاتفاقية رقم 88 بالتوصية رقم 83 بشأن تنظيم إدارات التوظيف لعام 1948 حيث بينت بأن إدارات الاستخدام العامة المجانية تتألف من إدارة مركزية ومكاتب محلية بالإضافة إلى مكاتب إقليمية عند الضرورة ولتعزيز تطوير إدارات التوظيف وفق أسس موحدة تتخذ تدابير تكفل إصدار الإدارة المركزية تعليمات تطبق على المستوى الوطني ووضع معايير دنيا بخصوص العاملين وإعداد الترتيبات المادية في مكاتب التوظيف وتولي الحكومة إدارة التوظيف ووضع تقارير دورية من طرف الهيئات الإدارية الدنيا وتحويلها الى الإدارات العليا وتفتيش المكاتب الإقليمية والمحلية و عقد مؤتمرات يحضرها الموظفون وضرورة اتخاذ تدابير تتضمن إنشاء مكاتب توظيف مستقلة لتلبية حاجيات أصحاب العمل والعمال في بعض المهن كما تتولى ادارة التوظيف جمع المعلومات بخصوص سوق العمل تراعي الاحتياجات الحالية والمحتملة من العمل وتجري دراسات بشأن أسباب وأثار البطالة وتشغيل فئات معينة كالمعوقين والأحداث ورصد العوامل المؤثرة على مستوى ونوع العمالة والتوجيه المهني.[18]
المطلب الثاني: السياسة الاجتماعية
تقوم السياسة الاجتماعية على مجموعة من الأهداف والغايات تنصب في مجملها حول ضرورة وحتمية رفع مستوى معيشة العمال وتنظيم وحماية الأجور والقضاء على التمييز بين العمال مرتكزة في ذلك على معايير قاعدية دقيقة كما تشكل في مغزاها خطة ممنهجة لمكافحة البطالة وترقية العمالة بشرط أن تتوفر على احصاءات قاعدية بشأن العمل.[19]
الفرع الأول: أهداف السياسة الاجتماعية و معاييرها القاعدية
حددت الاتفاقية رقم 117 بشأن السياسة الاجتماعية لعام 1962 أهداف هذه الاخيرة و معاييرها القاعدية فجاءت الديباجة لتؤكد بأن التنمية الاقتصادية يجب أن تكون بمثابة أساس التقدم الاجتماعي وينبغي اتخاذ الخطوات الممكنة لإثارة اهتمام السكان و إشراكهم في تخطيط و تنفيذ تدابير هذا المسعى و تشير المادة الأولى إلى أن:
1- توجه جميع السياسات في المقام الأول نحو كفالة رفاه و تنمية السكان وحفز رغبتهم في التقدم الاجتماعي.
2- تصاغ جميع السياسات عامة النطاق مع إيلاء الاعتبار الواجب لتأثرها على رفاه السكان.[20]
و تؤكد المادة 2 على أن رفع مستوى المعيشة يعتبر الهدف الرئيسي عند تخطيط التنمية الاقتصادية وللقيام بهذه العملية تتخذ خطوات عملية للتوفيق بين التنمية الاقتصادية والتطور السليم للجماعات المعنية و بذل جهود لتجنب تفكك الحياة العائلية و الوحدات الاجتماعية التقليدية ومن ذلك :[21]
- إجراء دراسات دقيقة عن أسباب و نتائج حركة الهجرة واتخاذ الإجراءات المناسبة عند الضرورة،
- النهوض بتخطيط المدن والقرى في المناطق التي يتركز فيها السكان بسبب الاحتياجات الاقتصادية،
- منع اكتظاظ السكان في المناطق الحضرية و القضاء عليه،
- تحسين مستوى المعيشة في المناطق الريفية وإقامة صناعات مناسبة فيها عندما يتوفر قدر كاف من الأيدي العاملة.
وتظم التدابير التي يتعين على السلطات اتخاذها لتعزيز الطاقة الإنتاجية للمزارعين وتحسن مستوى معيشتهم ما يلي:[22]
- القضاء على أسباب المديونية المزمنة،
- مراقبة انتقال ملكية الأراضي الزراعية إلى غير المزارعين،
- مراقبة ملكية الأراضي و الموارد و الانتفاع منها لضمان استغلالها بما يحقق أكبر فوائد للسكان،
- الإشراف على نظم حيازة الأراضي و ظروف العمل فيها لضمان حصول العمال على الفوائد التي تنجم عن تحسين الإنتاجية،
- تخفيض تكاليف الإنتاج والتوزيع عن طريق إنشاء تعاونيات للمنتجين و المستهلكين.
زيادة على ذلك يشجع تحديد الأجور الدنيا عن طريق الاتفاقات الجماعية التي يتفاوض بشأنها بحرية بين النقابات الممثلة للعمال المعنين وأصحاب العمل أو منظماتهم و يتخذ ما يلزم من تدابير لضمان دفع الأجور المستحقة بطريقة سليمة تفرض على أصحاب العمل تنظيم سجلات للأجور المدفوعة و تقديم بيانات بها، كما تجلت أهداف السياسة الاجتماعية في التوصية رقم 115 عام 1967 المتضمنة إسكان العمال فقد بينت أهداف السياسة الإسكان في توفير بيئة ملائمة لكل العمال وأسرهم بحيث لا يكلف العمال إلا نسبة معقولة من دخله لذلك تتشكل هيئة مركزية تكون مسؤولة عن دراسة و تقييم الاحتياجات ووضع برامج الإسكان ويوكل أصحاب العمل مهمة توفير مساكن العمال إلى وكالات مستقلة مثل التعاونيات وجمعيات الإسكان ومن جهتها تتخذ السلطة المختصة التدابير المناسبة لضمان تنفيذ هذه البرامج وتوفير الإمكانات المالية ووضع معايير السلامة وتوافق البرامج مع أساليب التخطيط المدن والريف على أن تسترشد بالاقتراحات المرفقة بالتوصية التي فصلت معايير الإسكان وأساليب التمويل وتدابير تعزيز كفاءة صناعة البناء وسياسة الإيجارات والتخطيط الإقليمي.[23]
الفرع الثاني: الحماية من البطالة
يندرج موضوع مكافحة البطالة ضمن أولويات منظمة العمل الدولية منذ نشأتها حيث نال اهتمام المؤتمر العام فاعتمد الاتفاقية رقم 02 بشان البطالة لعام 1919 بغرض التصدي لهذه الظاهرة و معالجة نتائجها وتضمنت الاتفاقية رقم 44 بشأن ضمان التعويضات أو الإعانات للعاطلين رغم إرادتهم لعام 1934 إذ تنص المادة الأولى على أنه: تتعهد كل دولة تصادق على الاتفاقية من خلال إقامة نظام يكفل للعاطلين رغم إرادتهم ممن تنطبق عليهم الاتفاقية:
أ- تعويضا و يقصد به مبلغا يدفع بنسبة أقساط الاشتراك المدفوعة عن استخدام المستفيد سواء في نظام الزامي أو اختيار،
ب- إعانة و يقصد بها مبلغا لا يمثل تعويضا أو منحة لكنه قد يكون أجرا عن استخدام في أعمال الاعانة،
ج- شكلا يجمع بين التعويض و الإعانة.
وتكمل الاتفاقية رقم 44 بالتوصية رقم 44 عام 1934 بشأن ذات الموضوع حيث قامت بتفصيل المسائل المجملة والخاصة بالتأمين ضد البطالة و كيفية تقديم المساعدة للعاطلين عن العمل كما تدعمت بالتوصية رقم 45 بشأن البطالة الشباب عام 1935 وركزت على مخاطر البطالة غير إرادية والتي من شأنها تهديد أخلاق الأحداث وإضعاف مهاراتهم و تناشد الدول باتخاذ تدابير لمعالجة المشكلة.[24]
ونظرا لتعقد الظاهرة و تفاقم الأزمات الاقتصادية بات من الضروري تدعيم النظام القانوني بأحكام جديدة فصدرت الاتفاقية رقم 168 بشأن ترقية الشغل والحماية من البطالة عام 1988 فقد ألزمت الدول الأطراف باعتماد سياسة وطنية تهدف إلى ترقية العمالة الكاملة والمنتجة على أن تشمل فئات الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في إيجاد منصب عمل دائم (المرأة الشباب، المعوقون، المسنون، البطالون لمدة طويلة، العمل المهاجرون الذي مستهم التغيرات البنيوية).[25]
إن هذه السياسة تتصدى للبطالة الكاملة و يقصد بها حالة فقدان بسبب استحالة الحصول على عمل ملائم بالنسبة لشخص قادر و مهيأ للعمل و في حالة بحث فعلي عن عمل و تمتد أيضا الى المسائل التالية:
- البطالة الجزئية بسبب التقليص الجزئي للمدة القانونية للعمل،
- تعليق أو تقليص الفائدة المادية بسبب تعليق جزئي للعمل دون توقيف علاقة العمل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو بنيوية.
في كل الأحوال ينبغي أن تستفيد من الإعانات الاجتماعية ثلاث فئات على الأقل مما يلي:
- الشباب الذين انهوا التكوين المهني أو الدراسة أو الخدمة العسكرية الإجبارية،
- كل شخص أنهى فترة مخصصة لتعليم طفل أو معالجة مريض أو معاق أو مسن،
- كل شخص توفى زوجه ولا يستفيد من الحق في أداء الوارث،
- الشخص الذي حصل على طلاق أو انفصال،
- المحبوس بعد المغادرة النهائية للمؤسسة العقابية،
- فئة الراشدين الذين تنهوا فترة تكوين بما فيهم المعطوبين،
- العمال المهاجرين لدى عودتهم إلى البلد الاصل،
- الأشخاص الذين سبق لهم أن عملوا لحسابهم الخاص.
وتستكمل الاتفاقية رقم 168 بالتوصية رقم 176 بشأن النهوض بالعمالة و الحماية من البطالة لعام 1988 وقد وضعت جملة من المقترحات من ذلك أن يكون النهوض بالعمالة الكاملة و المنتجة بحرية بكل الوسائل المناسبة بما فيها الضمان الاجتماعي هدفا له الأولوية في السياسة الوطنية و ينبغي أن تنظر كل دولة عضو في تشجيع التنقل المهني و الجغرافي وأن تمنح إعانات مؤقتة تنازلية تعوض انخفاض الأجر الناتج عن إعادة الإدماج المهني و إعانات لتغطية نفقات السفر و نقل الأمتعة و مكافاة إنهاء الخدمة و إعانة الاستقرار وأن تتيح للأشخاص محل الحماية تسهيلات للقيام بأشغال مؤقتة بأجر من أجل تحسين فرص حصولهم على عمل منتج أن تتيح للعاطلين عن العمل الذين يرغبون في إقامة مؤسسة خاصة بهم أو مزاولة نشاط اقتصادي اخر عونا ماليا و خدمات استشارية وينبغي في حالة البطالة الجزئية أن تدفع الإعانات في شكل مدفوعات دورية تعوض بإنصاف فقدان الكسب الناتج عن البطالة ولا يجوز أن تحسب وفقا لنقص مدة العمل و ينبغي أن تبذل الدول جهودها للتوسيع التدريجي لتشريعها المتعلق بإعانة البطالة وحماية العمال الذين يواجهون صعوبات خلال فترة انتظار ما.
كما تدعم هذا النظام بالتوصية رقم 189 بشان الظروف العامة لخلق الوظائف في المنشآت الصغيرة والمتوسطة لعام 1998 وقد ورد في البند 02 التزام الدول الاعضاء باعتماد تدابير مناسبة بغية اقرار دور هذه المنشآت في النهوض بالعمالة الكاملة و المنتجة و المختارة بحرية وزيادة فرص كسب الدخل و تكوين الثروة وزيادة المشاركة الاقتصادية للمجموعات المحرومة و التدريب و تنمية الموارد البشرية و توخيا لإيجاد بيئة تؤدي إلى تطور المنشأة يتعين اعتماد الموارد البشرية و توخيا لإيجاد بيئة تؤدي الى تطور المنشاة يتعين اعتماد و تنفيذ سياسات مالية و سياسات استخدام مناسبة تكفل تكافئ الفرص في الحصول على الائتمان والعدالة الضريبية وتضمن تطبيق تشريعات العمل دون تمييز وتزيل القيود التي تواجه تطورها وينبغي تعزيز قدرتها على استحداث الوظائف من خلال وضع مخطط لتشغيل المشاريع ومتابعتها وتقديم الخدمات الاستشارية والارتقاء بالمهارات الإدارية كما ينبغيان تساهم المنظمات المعنية في تنمية المنشآت من خلال عرض مشاغلها على الحكومة.[26]
الفرع الثالث: إحصائيات العمل
يلتزم كل طرف صادق على هذه الاتفاقية بإبلاغ المكتب الدولي للعمل بالإحصائيات التي تم جمعها ونشرها والمعلومات المتعلقة بهذه العملية على أن تنجز بطريقة تجعلها تمثل البلاد ككل كما ينبغي أن تجمع الاحصائيات الخاصة بتكلفة اليد العاملة والأجور لكل فروع النشاطات الاقتصادية الهامة وأن تطابق كافة الإحصائيات المعطيات الخاصة بالشغل ومدة العمل ويتم حساب مؤشرات أسعار الاستهلاك بحساب المتغيرات الزمنية لأسعار المواد الأكثر انتشار في العادات الاستهلاكية لمجموع السكان.
وتكمل الاتفاقية رقم 160 بالتوصية رقم 170 عام 1985 بشأن ذات الموضوع التي تضمنت التأكيد على ضرورة تصنيف الإحصاءات الجارية للسكان النشطين اقتصاديا وللعمالة والبطالة بواقع مرة على الأقل كل سنة، وتراعي الجنس والفروع الاقتصادية ومجموعات العمر ويتخذ إجراء مماثل بشأن متوسط الكسب وساعات العمل.[27]
المبحث الثاني: آليات منظمة العمل الدولية لحماية الحق في العمل
حتى يتسنى للمنظمة حماية الحقوق والحريات الواردة في دستورها فقد أقرت جملة من الآليات الهادفة إلى حماية هذه الحقوق والحريات كالتالي: المطلب الأول: نظام التقارير الدولية، المطلب الثاني: نظام الشكاوى.
المطلب الأول: نظام التقارير الدولية
يوجب دستور المنظمة في المادة 22 منه على الدول الأعضاء تقديم تقارير على فترات دورية إلى مكتب العمل الدولي بشأن الإجراءات والتدابير المتخذة من جانبها لتنفيذ اتفاقيات العمل الدولية التي أصبحت طرفا فيها ومع التقارير الحكومية وفقا للشكل الذي يحدده مجلس إدارة المنظمة بالنسبة لكل اتفاقية وهي تتضمن ما يكفي من البيانات المفصلة عن القوانين والأنظمة الوطنية ذات الصفة وعن الإجراءات المتخذة لضمان التطبيق الفعلي للاتفاقية وكذا توصيات المنظمة ومنذ 1967 تلتزم الدول بتقديم نسخ من تقاريرها إلى منظمات ارباب العمل والعمال في بلادها ولهذه المنظمات أن تبدي ملاحظاتها بشأن تطبيق الاتفاقية.
ويعرض المدير العام للمكتب ملخصا عن هذه التقارير على المؤتمر العام للمنظمة وبعد ذلك يحيله على لجنة الخبراء المختصة بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات والتي تتألف من 20 خبيرا يعملون بصفتهم الشخصية باعتبارهم شخصيات مستقلة من ذوي الصفات والسمعة الطيبة ممن تتوافر فيهم أعلى المؤهلات العلمية في المجال القانوني والاجتماعي وفي شؤون العمل وإدارته يعينهم مجلس إدارة المنظمة لمدة 3 سنوات بناء على اقتراح المدير العام لمكتب العمل الدولي وتبحث اللجنة في التقارير المقدمة وفي مدى تطابق التشريعات والممارسات الوطنية مع دستور المنظمة ومع اتفاقيات العمل الدولية.[28]
ونظرا لكثرة عدد التقارير السنوية المقدمة إلى المنظمة بسبب زيادة عدد الدول الأعضاء وظهور مشاكل عملية كبيرة على مستوى الأجهزة المكلفة بدراسة هذه التقارير فقد قصرت المنظمة بتقديم هذه التقارير كل سنتين إلا اذا رأت أجهزة الرقابة ضرورة في أن تقدم الدولة تقريرا مفصلا في سنة بين السنتين وتهدف هذه التقارير إلى الحصول على نص كل تشريع أو لائحة وطنية في المسائل التي تعالجها الاتفاقيات وكذلك البيانات والمعلومات المطلوبة حول مختلف النواحي القانونية والعملية لتطبيق الاتفاقيات موضوع المتابعة.
حيث تنص المادة 19 من دستور المنظمة على وجوب تقديم الدول الأطراف لتقارير عن حالة التشريع الوطني وعما هو مطبق عمليا داخل إقليم الدولة فيما يتعلق بأحكام القرارات المختلفة للمنظمة وذلك الى المدير العام لمكتب العمل الدولي، كما تنص المادة 30 من دستور المنظمة على أنه وفي حالة عدم اتخاذ الدولة للإجراءات اللازمة المقررة في المادة 19 فإنه يحق لأي دولة عضو عرض المسألة على مجلس الإدارة فإذا تبين لهذا الأخير صحة الشكوى أو الملاحظة يقدم تقريرا خاصا للمؤتمر العام للمنظمة كما تلتزم الحكومات بإرسال صورة من تقريرها السنوي إلى منظمات أصحاب الأعمال والعمال التي تشمل بلادها.[29]
كما أنه بإمكان المنظمة أن تقوم بإرسال مبعوث عن المنظمة بناء على طلب احدى الدول الأعضاء أو من خلال الاتفاق معها وذلك لأجل مباشرة الاتصالات مع حكومة ذلك البلد بهدف البحث عن السبل الهادفة الى تجاوز العقبات التي تحول دون تطبيق الالتزامات المترتبة على الاتفاقيات المصادق عليها والتقارير التي تلتزم الدولة بتقديمها.[30]
المطلب الثاني: نظام الشكاوى
يعتبر دستور منظمة العمل الدولية الوحيد من بين مواثيق الوكالات المتخصصة الذي ينص على إجراءات خاصة بالشكاوى المقدمة إلى المنظمة وتتخذ هذه الشكاوى 3 صور اعتمدتها المواد من 26إلى 34 من دستور المنظمة وهي إجراءات يتم تطبيقها بالنسبة لجميع اتفاقيات منظمة العمل الدولية المصادق عليها وتتمثل هذه الصور في:
الفرع الأول: شكاوى النقابات
أجاز دستور منظمة العمل الدولية في المادة 24 منه لكل من منظمات أصحاب الأعمال والعمال التقدم بشكاوى إلى مكتب العمل الدولي ضد أية دولة طرف لم تنفذ التزاماتها المترتبة عليها بموجب احدى اتفاقيات العمل الدولية أو أكثر،[31] وتنظر لجنة من ممثلي الحكومات وأرباب العمل والعمال في هذه الشكاوى و لمجلس ادارة مكتب العمل الدولي في حالة عدم تبليغه ردا من الدولة خلال مدة معقولة أو في حالة ما اذا رأى أن الرد لم يكن مقنعا أن ينشر التظلم ومعه رد الحكومة المعنية عليه في حالة وجوده.
ويتولى مجلس إدارة المنظمة إحالة الشكوى إلى حكومة الدولة المشكو منها قصد تقديم ملاحظاتها خلال مدة معقولة وفي حالة التقاعس من قبل الدولة المعنية عن الرد أو ان يكون الرد غير كاف فلمجلس الإدارة أن يناقش الشكوى علانية ويشار إلى أنه لا يشترط في مقدم الشكوى أن يكون قد استنفذ طرق التظلم الداخلية قبل اللجوء إلى منظمة العمل الدولية وذلك عكس ما هو معمول به أمام اللجان الدولية الاخرى.[32]
الفرع الثاني: شكاوى الدول
يمكن لأي دولة عضو ان تقدم شكوى لدى مكتب العمل الدولي ضد أي دولة عضو اخرى لا تنفذ في رأيها بطريقة مرضية احدى الاتفاقيات التي تكون كلاهما قد صادقت عليها وهذا وفقا للمادة 26 من دستور منظمة العمل الدولية كما أنه لا يجوز لمجلس إدارة المنظمة أن يتقدم بالشكوى من تلقاء نفسه أو بناء على شكوى من أحد الوفود الممثلة في مؤتمر العمل الدولي وعند عدم تلقى المجلس لإجابة مرضية من حكومة الدولة المشكو منها خلال مدة معقولة بعد أن يقوم بإرسال الشكوى اليها للرد عليها فإنه يجوز له أن يشكل لجنة تحقيق تقوم بدراسة شاملة للشكوى وتعد تقريرا بما انتهت إليه حول المسائل الموضوعية.
الخاتمة:
عملت منظمة العمال الدولية منذ إنشائها على تكريس الحق في العمل ومختلف الحقوق اللصيقة به فبالرغم من طابع المنظمة غير الإلزامي إلا أن لها وزن في توجيه الراي العام على المستوى الدولي لضرورة اعادة النظر في ممارسات الدول اللاإنسانية، إلا أن جهودها غير كافية إذ سجلت انتهاكات عديدة على الحق في العمل وهذا راجع إلى غياب عنصر الإلزام في قراراتها إضافة الى عدم تقريرها لعقوبات عند تحقيق المخالفة وقد خلصت هذه الدراسة لجملة من التوصيات نوجزها فيما يلي:
- فرض جزاءات رادعة تتعدى لفت النظر كفرض عقوبات اقتصادية وإسقاط العضوية.
- دعوة جميع الدول للمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية و خلق آليات تنسجم معها.
- إنشاء لجان خاصة داخل الدول تتولى الإشراف على تطبيق القواعد الدولية التي أرستها منظمة العمل الدولية.
- إنشاء محكمة دولية للعمل تختص في حالات خرق قواعد القانون الدولي للعمل عوضا من عرضها على محكمة العدل الدولية.
قائمة المراجع
- الكتب
- أبو الخير أحمد عطية عمر، الضمانات القانونية الدولية والوطنية لحماية حقوق الإنسان، دار النهضة العربية، الطبعة 1، مصر، 2004.
- أحمد سليم سعيفان، الحريات العامة وحقوق الإنسان دراسة تاريخية و فلسفية وسياسية وقانونية مقارنة، الجزء 2، الطبعة 1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، 2010.
- بشير هدفي، الوجيز في شرح قانون العمل، الطبعة 3، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر 2015.
- خاموش عمر عبد الله، دور السلطات الثلاث في حماية الحقوق والحريات منشورات زين الحقوقية، الطبعة 1، بيروت لبنان، 2019.
- سعدى محمد الخطيب أسس حقوق الانسان في التشريع الديني والدولي، الطبعة 1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، 2010.
- عبد العال الديربي، الحماية الدولية لحقوق العمال في ضوء أحكام القانون الدولي، الطبعة1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2013.
- عمر الحفصي فرحاتي، أدم بلقاسم قبي، بدر الدين محمد شبل، أليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 2012.
- هاني سليمان الطعيمات، حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الاردن.
- وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2015.
- المواقع الإلكترونية
- دستور منظمة العمل الدولية على الرابط التالي:
- الاتفاقية رقم 111 لعام 1958 بشأن التميز والاستخدام والمهنة – موقع منظم العمل الدولية https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
- الاتفاقية رقم 117 عام 1962بشأن السياسة الاجتماعية – موقع منظم العمل الدولية https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
- الاتفاقية رقم 168 لسنة 1988 بشأن النهوض بالعمالة و الحماية من البطالة، موقع منظمة العمل الدولية على الرابط التالي : https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
- الاتفاقية رقم 105 لسنة 1957 بشأن الغاء العمل الجبري. انظر موقع منظمة العمل الدولية https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[1] وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، 2015، ص65.
[2] بشير هدفي، الوجيز في شرح قانون العمل، الطبعة 3، جسور للنشر و التوزيع، الجزائر 2015، ص39.
[3] عمر الحفصي فرحاتي، أدم بلقاسم قبي، بدر الدين محمد شبل، أليات الحماية الدولية لحقوق الانسان وحرياته الأساسية، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان الأردن، 2012،ص 157.
[4] أحمد سليم سعيفان، الحريات العامة و حقوق الإنسان دراسة تاريخية و فلسفية و سياسية و قانونية مقارنة، الجزء 2، الطبعة 1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، 2010، ص 342.
[5] تهتم منظمة العمل الدولية بنوعين من الحقوق والحريات: الحقوق المدنية والسياسية كحرية التعبير وحرية الاشتراك في النقابات وحرية التجمع السلمي،2: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الثقافية كالحق في العمل والحق في تشكيل النقابات وحق الانتماء إلى النقابة التي يختارها الشخص والحق في الضمان الاجتماعي والحق في مستوى معيشة كاف و ملائم والحق في السكن.
[6]خاموش عمر عبد الله، دور السلطات الثلاث في حماية الحقوق و الحريات منشورات زين الحقوقية ، الطبعة 1، بيروت لبنان، 2019 ، ص58 .
[7] وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص 126.
[8]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص128.
[9]عبد العال الديربي، الحماية الدولية لحقوق العمال في ضوء أحكام القانون الدولي، الطبعة1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2013،ص244.
[10]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص 129.
[11] المادة 2 من الاتفاقية رقم 111 لعام1958 ينظر الموقع الالكتروني:https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[12]المادة 3 من الاتفاقية رقم 111 لعام 1958 ينظر الموقع الالكتروني:https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[13]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق،ص133.
[14]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق،ص134.
[15]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص136.
[16]الاتفاقية رقم 105 لسنة 1957 بشان السخرة والعمل الجبري. ينظر موقع منظمة العمل الدولية https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[17]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق،ص140.
[18]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق،ص138.
[19]خاموش عمر عبد الله، دور السلطات الثلاث في حماية الحقوق والحريات منشورات زين الحقوقية ، الطبعة 1، بيروت لبنان، 2019 ، ص58 .
[20] تعد الاتفاقية رقم 117 مراجعة للاتفاقية رقم 82 بشأن السياسة الاجتماعية في الأراضي التابعة لعام 1947.
[21]المادة 2 من الاتفاقية رقم 117 عام 1962 ينظر الموقع الإلكتروني:https://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[22] المادة 4 من ذات الاتفاقية .
[23] سعدى محمد الخطيب أسس حقوق الانسان في التشريع الديني والدولي، الطبعة 1،منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، 2010،ص 103.
[24] وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص 149.
[25]الاتفاقية رقم 168 لسنة 1988 بشأن النهوض بالعمالة والحماية من البطالة، ينظر موقع منظمة العمل الدوليةhttps://www.ilo.org/legacy/arabic/dialogue/ifpdial/llg/list.htm
[26]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، المرجع السابق، ص154.
[27]وسيلة شابو، القانون الدولي للعمل، نفس المرجع، ص 155.
[28]عمر الحفصي فرحاتي، أدم بلقاسم قبي، بدر الدين محمد شبل، آليات الحماية الدولية لحقوق الانسان وحرياته الأساسية، المرجع السابق، ص161.
[29]عمر الحفصي فرحاتي، ادم بلقاسم قبي، بدر الدين محمد شبل، آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، المرجع السابق، ص 162.
[30]هاني سليمان الطعيمات، حقوق الإنسان و حرياته الأساسية، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الاردن، ص 404.
[31] عبد العال الديربي، الحماية الدولية لحقوق العمال في ضوء أحكام القانون الدولي، المرجع السابق، ص194.
[32] أبو الخير أحمد عطية عمر، الضمانات القانونية الدولية والوطنية لحماية حقوق الإنسان، دار النهضة العربية، الطبعة 1، مصر، 2004،ص195.