“النقد السيميائي للكاريكاتير عند عمر عتيق توأمة الصورة والكلمة”
The semiotic criticism of caricature at Omar Ateeq image and word twinning
د. عماد بسام غنوم ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة اللبنانية – الفرع الثالث ـ طرابلس – لبنان
Imad Bassam Ghannoum Tripoli – Lebanon Lebanese University- Faculty of letters and human sciences ـ Brache 3
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 76 الصفحة 95 .
الملخص
يسعى هذا البحث إلى الكشف عن الخصائص الأسلوبية لنقد الدكتور عمر عتيق السيميائي، بالإضافة إلى محاولة معرفة آلية اختيار الرسوم الكاريكاتيرية وموضعاتها، كما يهتم هذا البحث بتحليل آليات النقد التي يتبعها عمر عتيق في عمله النقدي السيميائي للكاركاتير.
الكلمات المفتاتيح: عمر عتيق – نقد – سيمياء- كاريكاتير- صورة – تأويل- قراءة أفقية – قراءة عمودية – القدس – الربيع العربي- المثقف والسلطة.
Summary :
This research seeks to reveal the stylistic characteristics of Dr. Omar Ateeq’s semiotic criticism, in addition to trying to know the mechanism of selecting caricatures and their positions.
Key words : Omar Ateeq – criticism – semiotics – caricature – image – interpretation – horizontal reading – vertical reading – Jerusalem – the Arab Spring – the intellectual and power.
- مقدمة:
بات النقد السيميائي اليوم يحتل مكانة مرموقة ضمن المدارس النقدية الحداثية، وبات لهذا النقد قواعده وأساليبه التي يتمكن من خلالها من الكشف عن مضامين الخطاب الإنساني، سواء أكان خطابًا مكتوبًا أو شفاهيًا، أو كان خطابًا رمزيًا عبر الصور.
وبات لهذا النقد أسماء لامعة في الفكر النقدي الغربي من أمثال تزفيتان تودوروف وميخائيل بختين ورولاند بارثس وجوري لتمان وجوليا كريستيفا وميشال ريفراتير وأومبرتو إيكو. لكم هذا النقد ما زال يتلمس خطواته الأولى في العالم العربي، وإن كنا نعترف أنها خطوات كبيرة ومهمة، وبدأت بالفعل بعض الأسماء العربية تبرز في هذا المجال، من أمثال الناقد الدكتور عمر عتيق.
سنحاول في هذا البحث دراسة النقد السيميائي عند عمر عتيق* واكتشاف خصائصه الأسلوبية والفنية، بالإضافة إلى محاولة معرفة آلية اختيار الرسوم الكاريكاتيرية وموضعاتها، كما سيهتم هذا البحث بتحليل آليات النقد التي يتبعها عمر عتيق في عمله النقدي السيميائي للكاريكاتير.
وسنبدأ بمحاولة تعريف السيمياء، وتحديد علاقتها باللغة والكاريكاتير.
- السيمياء والصورة واللغة
تعتبر السيميائية من المناهج النقدية الحديثة، وبات النقاد اليوم يهتمون بتوظيف منجزاتها النقدية في التحليل الأدبي، وتمتاز بأنها تجمع في عملها بين مفهومية الصورة واللغة، لذلك فإنها تناسب النقد الحديث الذي يسعى إلى الكشف عن الدلالات والرموز أنى وجدت وهكذا يغدو اعتماد المنهج السيميائي في تحليل الكاريكتير فعلاً في الكشف عن معانيه، لذلك وظفه الدكتور عتيق في عمله التحليلي.
لقد عرف فرديناد دو سوسير علم الرموز (العلامات) بأنه العلم الذي يدرس حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية[1].ويرجع أصل كلمة السيميولوجيا إلى الكلمة اليونانية (Semeion) ومعناها العلامة، وهي مركبة من العلامة، ولوغوس (Logos) أي العلم وبالتالي فإن كلمة سيميولوجيا تعني علم العلامات، والسيميائية علم خاص بالعلامات، هدفها دراسة المعنى الخفي لكل نظام علاماتي، فهي تدرس لغة الإنسان والحيوان وغيرها من العلامات غير اللسانية باعتبارها نسقًا من العلامات مثل علامات المرور وأساليب العرض في واجهة المحلات التجارية والخرئط والرسوم البيانية والصور وغيرها[2].
إن العلامات أو الإشارات في هذا العلم قد تكون علامات أو صورًا يمكن استيفاء المعاني منها وقد طبق هذا المنهج في تحليل الأفلام، وأيضاً في مجالات أخرى مرتبطة بالاتصال ونقل المعلومات. إذ إن التحليل السيميولوجي يعتمد لغة جديدة عبارة عن مجموعة من المفاهيم التي تستخدم عند مشاهدة الأفلام والبرامج التلفيزيونية، وتدور حول الكيفية التي تتولد به المعاني ويتم توصيلها عبر إشارات وعلامات محددة. تأخذ بالنموذج اللغوي، واستخلاص بعض مفاهيمه للتطبيق على ظواهر أخرى تعدت علم اللغة، حيث يتم التعامل مع المادة التلفيزيونية أو السينمائية مثلما يتم التعامل فيه مع اللغة على أساس أهمية العلاقات التي تربط بين أجزائه، وليس على أساس كون هذه العلاقات مجرد أشياء لا تدل على شيء[3].
هكذا فتحت السيميائية أمام الباحثين مجالات متعددة، وآفاقاً جديدة لتناول الإنتاج الإنساني من زوايا نظر جديدة. بل يمكن القول إن السيميائية ساهمت بقدر كبير في تجديد الوعي النقدي من خلال إعادةالنظر في طريقة التعاطي مع قضايا المعنى.
ومنذ الخمسينات صار المنهج السيميائي سائداً في ميادين علم النفس وعلم الاجتماع والانتربولوجيا والفن والأدب والمسرح والسينما والتصوير[4].
2.1. مفهوم الصورة وعلاقتها باللغة
تمثل الصورة سواء في العصور القديمة أو الحديثة والمعاصرة أحد أهم العلامات غير اللغوية أو غير اللسانية ابتداءً من الرمز وانتهاءً بالصورة الحقيقية ففي سنة 1964م أصدر رولان بارت كتابه الشهير تحت اسم عناصر السيميولوجيا وبه شهدنا فعلاً نشأة السيميائيات غير اللغوية أو غير اللسانية، ويعتبر مؤلف هذا الكتاب أول من طبق منهجية في التحليل السيميائي للصورة حيث أوضح فيه هدف هذا العلم الذي أطلق عليه (سيميوطيقا) وقال بأن “كل النظم الرمزية أياً كان جوهرها أو مضمونها، أو الصور، الإشارات، والأصوات النغمية، والرموز التي نجدها في الأساطير، والعروض نعتبرها جميعاً لغات أو على الأقل نظاماً للمعنى[5].
وقد وردت العديد من التعريفات للصورة كما جاءت في قاموس (روبير) منها [6]:
- هي كل ما نشاهده على شاشة التلفزيون، والسينما، وجهاز الحاسوب وما يعرضه من أشياء.
- ويرى شاكر حميدة الصورة بأنها أداة تعبيرية اعتمدها الإنسان لتجسيد المعاني والأفكار والأحاسيس، ولقد ارتبطت وظيفتها سواء كانت إخبارية، رمزية، أو ترفيهية بكل أشكال الاتصال والتواصل، والصورة هي واقع متحقق في حياتنا، ويسهل تعريفها بالإشارة إلى تجلياتها المختلفة، وهذا الاختلاف والتنوع هو سمة من سمات الصورة رغم وحدة كينونتها كنوع فني محدد. فالصورة بشكل عام هي بنية بصرية دالة وتشكيل تتنوع في داخله الأساليب والعلاقات والأمكنة والأزمنة فهي بنية حية تزخر بتشكيل ملتحم التحاماً عضوياً بمادتها ووظيفتها المؤثرة الفاعلة[7]. ويرتبط هذين التعريفين (جولي وحميدة) بالمعنى الدلالي للصورة في كونها وسيلة تعبيرية.
- وبعبارة أخرى يقول دي شامب إن الصورة هي “علامة أو هي نظام للعلامات[8]. ونستدل من تعريف غرونار وهيجو ودي شامب بأن الصورة تشكل علامة أو علامات متعددة ذات مفهوم سيميائي.
أما عن علاقة اللغة بالصورة، فتشير جونفيف إلى أن الصورة واللغة هما طريقتان للتعبير مكملتين لبعضهما عبر الوظيفة العلامتية.[9] وفي هذا الصدد يؤكد بارت أن كل نظم العلامات أو الدلالات الاتصالية امتزجت مع اللغة المكتوبة، وبأنه من الصعب أن تجد صوراً بدون تعبير لغوي سواء أكان مكتوبًا أو شفهيًا. ويرى بارت بأن كل الصور في السينما، والتلفزيون، والإعلانات الإشهارية، والقصص المصورة، والصور الصحفية وغيرها تكوّن علاقة تركيبية مع اللغة. وبإيجاز يمكن القول بأن التعبير المكتوب أو الشفهي للغة يصاحب غالباً الصورة[10].
فالصورة خطاب متعدد المعاني، وبالتالي يتم اللجوء في الصورة الإعلانية (الإشهارية) إلى نص لغوي يرافقها من أجل توضيح المعنى المراد تبليغه وذلك يعني إبعاد كل المعاني المحتملة التي من شأنها إحداث لبس لدى المتلقي في فهم مقصدية الصورة ومعناها[11].
ومن جهة أخرى تنبع أهمية الصورة في أنها تجذب انتباه القارئ حيث أن حاسة البصر ذات أهمية كبرى بالنسبة لشعور الإنسان ودرجة فهمه. وكثيرًا ما تعجز الكلمات عن إيصال المضمون إلى القارئ عندما تفتقد لوجود صورة[12]،
والصورة في أبسط معانيها تعني محاولة نقل الواقع بحيث تتحقق عملية الاتصال وهذا النقل للواقع لا يشترط أن يتم عن طريق الصورة المطبوعة على الورق الحساس أو العادي، فقد تكون صورة صوتية لنقل حدث معين، أو صورة حركية أو صورة موسيقية. لذا فالصورة كلمة جامعة شاملة لكننا ألفنا ربطها بالصورة المطبوعة، أو الشريحة لعموميتها[13].
3.1. الكاريكاتير بوصفه صورة
الكاريكاتير أو الكاريكاتور كلمة إيطالية ذات أصل لاتيني [14]“Caricature” وهي مصطلح ثقافي يعبر عن تصوير فني ساخر لطباع وصفات وتصرفات وأوضاع بشرية معينة من خلال أنه يتناول النمطي فيها بمبالغة هجائية لاذعة، ويجعلها بتحريف صائب؛ عرضة للهزء، ووسائله في ذلك اختزال الموضوع إلى علاماته المميزة، ومن ثم تضخيم هذه المميزات، وفن الكاريكاتير كان دائماً وما زال نظرة تهكمية غريزية تعتمد على دقة الملاحظة وسرعة البديهة, مع نظرة تنقب عن السخرية في المواقف, من خلال تقاطيع الوجه وتعبيرات الجسد في شكل مختلف عن الواقع, ويهدف إلى الرمز في خليط من المبالغة مع الحفاظ على الشخصية والشبه في آن واحد.
واصطلاح كاريكاتير يعني بذل كل الجهود، أو المبالغة والمغالاة، ومع تعدد الآراء حول تعريف الكاريكاتير فهو: صورة، رسم، وصف، أو تصوير وتشخيص هزلي نتيجة لمزج الواقع بالخيال[15]، وهو فن تصويري ورسم تشخيصي من الفنون الجميلة، وعادة ما يكون رسم (بنصّ أو بدون نصّ) ويسمى بالشكل الأساسي “التصوير الهجائي”، يحتوي على ظواهر عديدة مضحكة، اجتماعية أو سياسية.. الخ. سواء لأشخاص حقيقيين أو لصفاتهم أو بالاستعاضة عن تشخيصهم بطريقة تجعلك تتعرف عليهم عن طريق سلوكهم مثلا أو مقولاتهم المشهورة.. الخ.
وبشكل عام يعتمد فن الكاريكاتير على رسوم تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية، أو خصائص ومميزات شخص أو حيوان أو جسم ما، وتعد الصورة الكاريكاتيرية رسالة من الفنان إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معًا، ومن هذا المنطلق فإن الفكرة الكاريكاتيرية تنقسم إلى أنواع منها ” الكاريكاتير الاجتماعي ” و” الكاريكاتير السياسي ” وهو الأكثر شيوعًا ومهمته تحريضية بحتة لنقد الواقع السياسي المحلي أو العالمي والكاريكاتير المحلي، و”الكاريكاتير الرياضي ” ويعتبر فرعًا من الكاريكاتير الاجتماعي، ومن خلال هذه الأنواع تظهر وظيفة الكاريكاتير كفن تحريضي دعائي قائم على وجود مرسل ومستقبل للرسم، ومن ثَمَّ قيام فعاليات إنسانية بسبب الفكرة التي يطرحها الرسم، وهذا الفن البسيط القوي التأثير يتمتع بروح استقتها منه العديد من الفنون الأخرى فالروح الكاريكاتيرية الساخرة تُظهر عيوب المجتمع الشائنة في صورة ساخرة ممتعة تدعو إلى التغيير.
من خلال ما سبق نتبين الأهمية النقدية للعمل على تحليل الصور الكاريكاتيرية، وضرورة اعتماد المنهاج السيميائي في هذا التحليل.
والآن ننطلق في الدراسة التطبيقية للأعمال السيميائية عند عمر عتيق في تحليل الكاريكاتير.
- الدراسات السيميائية في النص والصورة عند عمر عتيق
لقد خصّص الناقد عمر عتيق قسمًا من أعماله النقدية الشعرية لسيمياء العنوان والغلاف فضلاً عن دراساته في حقل سيمياء الأعمال الفنية (الكاريكاتير)، وهي دراسة متشعبة تبدأ بدراسة عناصر الصورة وألوانها ودلالاتها، وتستمر بدراسة العبارات والنصوص اللغوية المرافقة لها، وقد درس الكاتب في هذا الجانب موضوعين من أهم الموضوعات التي تشغل بال المتلقي الأدبي، الأول هو صورة القدس في الكاريكاتير، والثاني صورة الربيع العربي. ويستشهد الناقد على أهمية هذه الدراسات السيميائية بقول النفري “كلما اتّسعت الرؤية ضاقت العبارة”.
لذلك نجد أنّه من البديهي أن يشتمل عمل الباحث الدكتور عمر عتيق على هذه الجوانب من الدراسات والأعمال النقدية التي يستطيع الغوص فيها واستخراج مكنوناتها اللغوية والفنية والدلالية.
ويبدو أن الباحث قد جمع قسمًا من دراساته السيميائية في كتاب بعنوان دراسات سيميائية في الفن التشكيلي[16]، وقد ضمنه دراساته السيميائية، وسنعتمد عليه كمرجع لهذه الدراسة، لا سيما شق الكاريكاتير الوارد فيه.
وقد أشار الدكتور عتيق في مقدمة هذا الكتاب إلى الموضوعات التي اشتمل عليها، فقد خصص الفصل الأول لدراسة صورة القدس في الفن التشكيلي، وإن كان خص الفصل الأول للفن التشكيلي فقد أفرد بقية الفصول لدراسة الكاريكاتير، فدرس في الفصل الثاني أشكال التناص في الكاريكاتير (التراثي- الديني- التاريخي)، وقام في الفصل الثالث بدراسة صورة الطفل الفلسطيني في صورة الكاريكاتير، وفي الفصل الرابع سعى الكاتب إلى الكشف عن صورة الربيع العربي في صورة الكاريكاتير، وأخيرًا في الفصل الخامس قام المؤلف الدكتور مر عتيق بدراسة علاقة المثقف بالسلطة من خلال صورة الكاريكاتير[17].
إذا نلاحظ اهتمام الدكتور عتيق بصورة الكاريكاتير لما تختزنه من تكثيف للمعنى، ولما تؤديه من دور في سياقاتها المعرفية والثقافية، والناقد يحاول استنطاقها واستخراج كنوزها اللغوية والمعنوية.
- أسلوبية اللغة عند الناقد عمر عتيق في تحليل صورة الكاريكاتير
وتجدر الإشارة وقبل الانطلاق في دراسة هذه الأعمال، إلى أسلوب الباحث الذي يتسم بالجزالة والرصانة بشكل عام، وإلى عباراته الدقيقة في إصابتها لمقاصده، حيث يبدو لنا تمكّن الناقد من لغته وامتلاكه الكفاية الضرورية للتعبير عن أفكاره، أضف إلى ذلك وضوح الأسلوب وسلاسته وبساطته من دون ركاكة أو ضعف، وقدرة السبك ومتانة الجمل من دون تكلّف ولا قصد، إذ نجد الباحث يكتب بعفوية وطبيعية، تجعل القارئ يتقبل الأسلوب لما فيه من مسحات شعرية جمالية أضفاها الباحث على أسلوبه. هذا من حيث الشكل والأسلوب. فماذا عن المضمون؟!
إنّ أوّل ما يلفت الناظر في هذه الأعمال هو الاختيارات سواء الشعرية أو القصصية أو حتى الفنيّة (الكاريكاتير) التي اعتمدها الباحث، وهي تعكس الهاجس الأكبر لديه، والقضية الأسمى ألا وهي “قضيّة الحقّ الفلسطينيّ”، فلسطين السليبة الحزينة والمظلومة، حيث تشكّل هذه القضية معظم موضوعات الأعمال الشعرية التي تناولها الباحث، فضلاً عن الأعمال السردية، وحتى الأعمال الفنيّة (الكاريكاتير)، حيث تناول الباحث صورة القدس في الكاريكاتير العربي.
وفي الواقع تتجسد قدرة الناقد الدكتور عمر عتيق وتمكنه من لغته أيضًا في قدرته على ابتكار مصطلحات خاصة به، تشكل فضاءً دلاليًا من الدراسات، وهو يوظف هذه المصطلحات المبتكرة بطريقة رائعة تخدم لغته وأسلوبه في التعبير، وتثري النص بألفاظ غنية ذات دلالات موشاة بصورة مبهرة، فهو يخترع مصطلح حزمات دلالية: الذي يوحي بالغني الدلالي الذي يتشكل في حزمات كبيرة. والعصب الدلالي النابض، يجعل الدلالة حيّة تتحرك وتتغير باستمرار كما هو حال الإنسان.
ويستخدم مصطلح التعالق ليجسد تلك الرابطة بين الأشياء والأمور، ويقول: “دلالات تندغم مع نبض الفلاح الفلسطيني. فكيف تندغم الدلالات؟!! ويتحدث عن طقوس الاختيار ليجسد لنا تلك الحالة التي يدخل فيها المبدع ليختار ألفاظ لغته، وفي الواقع تضجّ دراسات الباحث الدكتور عمر عتيق وأعماله النقدية بمثل هذه المصطلحات المبتكرة التي لا نستطيع إحصائها هنا، ولو شئنا لأفردنا دراسة مستقلة للمصطلح المبتكر في أعمال الباحث.
يتبع الدكتور عتيق في تحليلاته السيميائية أسلوبًا مبتكرًا يقوم على قراءتين أفقية وعمودية للعمل الكاريكاتيري، ففي المستوى الأول نراه يحلل عناصر الصورة الشكلية ويتوقف عند رموزها، يشرح هذه الرموز وما تشير إليه من معاني معلنة ومضمرة، أما في المستوى الثاني من القراءة أي التحليل العمودي نجد الدكتور عمر عتيق يقوم بالغوض في دلالات وأبعاد الصور الكاريكاتيرية، مستخرجًا معانيها العميقة، في قراءة تأويلية للعمل ولكن داخل إطاره الثقافي وسياقه المعرفي.
وسنبدأ أولا بدراسة القراءة الأفقية في أعمال عمر عتيق السيميائية في الكاريكاتير.
- القراءة الأفقية
يبدأ الدكتور عتيق تحليله السيميائي للصور التي يختارها من تحليل عناصرها ففي الصورة التالية (ملحق رقم 1) نرى الدكتور عتيق يركز على وجود المفتاح في الصورة، فقارورة الحليب التي يشربها الطفل جاءت على شكل مفتاح، والمفتاح له رمزية خاصة في الوجدان الفلسطيني، يقول:”يشكل المفتاح أيقونة رمزية في الخطاب الثقافي الفلسطيني، لأنه يختزل الثوابت الفلسطينية، ويرمز لعودة اللاجئين”[18]. هكذا يعمد ناقدنا إلى قراءة الصورة فيبدأ بأهم عناصرها أي المفتاح، ويربط الناقد بين عنصر المفتاح والطفل[19]، لأن الطفل الذي سيكبر ليعود إلى أرضه وداره هو الذي سيستعمل المفتاح.
كما أن الطفل”بدا مرتديًا ألوان العلم الفلسطيني، والكوفية طوقًا في عنقه، ولا يخفى ملامح النضارة والصحة والعافية، وارتواء الطفل من حليب المفتاح تدل على ثقة الطفل بحقه في العودة”[20]. يبدو بوضوح أسلوب الناقد ورؤيته المتسعة لعناصر صوره التي يختارها فلا يغفل أي شيء فيها، حتى ولو كانت ملامح الطفل غير بادية للناظر من الوهلة الأولى.
وفي الصورة التالية (ملحق رقم 2) تحضر الأم الفلسطينية وهي تحمل المفتاح بدلاً من قنينية الحليب لترضع ابنها، ويلتفت الناقد إلى حضور الأم، ويسعى إلى تفكيك رمزيته، أي “البعد الوطني لتربية الأم لأبنائها، إذ تتخلق الجينات الثقافية للطفل من الأم قبل المصادر الثقافية الأخرى، فتأثير الأم في الفضاء الوجداني والنسيج الفكري يبقى وشمًا في الذاكرة التي تحدد قناعة الطفل وسلوكه المستقبلي”[21]. نرى كيف أن الناقد لا يغفل أيًا من العناصر التي تحضر بصريًا في الصورة، بل نجده يلتفت إلى أدق التفاصيل فالأم ترتدي الزي الفلسطيني التقليدي في دلالة رمزية معبرة عن التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية.
وفي الصورة التالية (ملحق رقم 3) يتناول الناقد صورة لرموز مواقع التواصل الاجتماعي التي استخدمتها جماهير الربيع العربي للتواصل، حيث يصورها الركاريكاتير كأسلحة في يد الشعوب المنتفضة، وكعادته يرصد الناقد عناصر الصورة الكلامية أي الجملة الموضوعة في أعلى الصورة “أسحلة الثوار في الالفية الثالثة!”[22] فيقول:” تتحول رموز مواقع التواصل الاجتماعي إلى سلاح ناري كما يبدو في اللوحة التي يظهر فيها حرف f الأزرق، وحرف t اختصارًا لموقع تويتر، إضافة إلى صورة الهاتف النقال الذي أسهم في التواصل بين لجان التنسيق الثورية“[23]. وهكذا يحدد الناقد أفقيًا ماهية العناصر المتوفرة في الصورة، وأبعادها ووظيفتها في سياق الكاريكاتير.
ويختار الناقد صورة كاريكاتيرية مكثفة الدلالات (ملحق رقم 4)، ليرصد لنا عناصرها بدقة بداية من لفظة الربيع العربي التي وضعت في الصورة، فقد ” أصبح لفظ الربيع في الخطاب السياسي علامة لغوية سيميائية تختزل تفاصيل الثورات المعاصرة، واستمد رسام الكاريكاتير من لفظ الربيع صورًا فنية معبرة عن أحداث ثورات الربيع العربي، فظهرت الأزهار والورود في صور الكاريكاتير أيقونات سياسية، نحو الصورة التالية التي تظهر فيها الزهور البيضاء رمز الثورة محاصرة بثلاثة قوى معادية للثورة، أولها النحلة التي تدل أعضاؤها على الشراسة والافتراس، لذلك كتب عليها الرسام (أنظمة القمع)، وثانيها الدودة التي تأكل أوراق الزهرة وتلتف على ساقها وقد أشير إليها بعبارة (قوى الظلام والإرهاب) التي تعني التطرف والعنف الذي يهدد مسار الثورة، ويهدد بحرف الثورة عن أهدافها، وثالثها المبيد الحشري الذي كتب عليه (القوى العظمى)[24]، لقد لاحظنا كيف ذكر الناقد جميع التفاصيل الموجودة في الصورة وعلل لنا سبب اختيار الرسام لهذه العناصر، وحدد مدلولاتها بدقة كبيرة، وعلى هذا المنوال يسير الدكتور عمر عتيق في نقده وتحليله السيميائي لعناصر صور الكاريكاتير التي يختارها.
وسنكتفي في هذا البحث بالأمثلة الواردة لضيق المجال، وننتقل الآن إلى القراءة العمودية لهذه الأعمال النقدية عند عمر عتيق.
2.3. القراءة العمودية
بعد استعراض عناصر الصورة الكاريكاتيرية وشرحها وتفسير رموزها، ينطلق الدكتور عمد عتيق في قراءة معمقة تأويلية للصورة، بهدف الكشف عن أبعادها الإنسانية والوطنية والسياسية…، ويتكئ الناقد في ذلك على حس فني وثقافة عالية واطلاع واسع، فإن كان رصد عناصر الصورة يحتاج عينًا بصيرة ناقدة وذكاء متوقدًا، فإن تأويل الصورة الكاريكاتيرية واستناطقها لتكشف مضامينها الخفية يحتاج إلى بصيرة نابهة، وثقافة عميقة شاملة، هذه القدرة مكنت الناقد الدكتور عمر عتيق من تقديم نقد سيميائي عميق وشامل للصورة الكاريكاتيرية.
ففي الصورة التي سبق ذكر عناصرها (ملحق رقم 1) وتحليل هذه العناصر، ننطلق مع الناقد الآن في تحليل عمودي معمق لهذه العناصر، فالمفتاح والطفل رسالة سياسية إلى الصهاينة، بأن الحق لن ينسى وأن الأجيال لن تتخلى عن قضيتها المحقة، حيث “إن ارتباط المفتاح بالطفل الفلسطيني الرضيع ينفي مزاعم السياسة الصهيونية بأن الأجيال ستنسى وطنها فلسطين، وأن حق العودة إلى فلسطين سينتهي بالتقادم الزمني، فصورة الكاريكاتير خطاب وطني سياسي يؤكد على بطلان تلك المزاعم، ويثبت أن حق العودة قائم ما دام الطفل الفلسطيني يرضع”[25].
بهذا العمق الفكري والبعد السياسي يؤل عتيق الكاريكاتير الذي لا يرى فيه مجرد صورة جامدة، أو نكتة لطيفة، بل هي خطاب سياسي مكتمل العناصر، له ابعاده وأهدافه ورؤيته الواضحة.
وكما في الصورة السابقة في الصورة التالية (ملحق رقم 2)، نجد الناقد عتيق يؤل أبعاد عناصر الصورة، متحدثًا عن البيئة الفكرية والثقافية التي ينشأ فيها الطفل الفلسطيني، “فحق العودة الذي يرمز له المفتاح ليس درسًا في التاريخ يتلقاه الطفل في المدرسة، وليس أنشودة عاطفية حماسية يرددها في مناسبة، بل إن حق العودة جزء من تنشئة الطفل الوطنية وكيانه الاجتماعي، وفضائه الوطني، وآفاقه السياسية”[26].
نلاحظ كيف يحمل الكاريكاتير خطابًا فكريًا حضاريًا سياسيًا، يرسم مستقبل الفلسطيني، يؤكد الناقد من خلاله على القضية العادلة والمحقة وإيمانه بها، فطالما كان هناك طفل يرضع الحليب فالقضية لن تنسى أو تموت.
لا يقتصر عمق النقد والتحليل السيميائي عند عم عتيق على صور الكاريكاتير المرتبطة بالقضية الفلسطينية، فنراه في الصورة التالية (ملحق رقم 3)، التي حلل عناصرها وما اشتملت عليه من أفكار، نراه يستنطق الصورة ويؤل محتواها بمقارنة بين الجماهير الثائرة والحكومات المستبدة، وربما كلمة “أسلحة الثوار” هي التي دفعت بالناقد إلى عقد هذه المقارنة التأويلية، يقول:” وتفضي عبارة أسلحة الثوار في الألفية الثالثة في أعلى الصورة إلى مقارنة بين المهارات التقنية لجمهور الثورات العربية، والقدرات العسكرية للأنظمة الحاكمة، وتؤكد هذه المقارنة على أن المهارات التقنية في سياق التواصل والتنسيق بين جماهير الثورة تتفوق في تأثيرها ونتائجها على القدرات العسكرية”[27].
إذًا لا يتوقف الدكتور عتيق عند ظاهرة الصورة، بل يلجأ إلى سبر أغوارها ففي هذا الكلام رسالة إلى الأنظمة المستبدة أنها لن تستطيع مواجهة الجماهير الغاضبة الثائرة، وهكذا يحول الدكتور عتيق الصورة الكاريكاتيرية إلى خطاب سياسي مكتمل العناصر، فلا فرق بين الصورة والكلمة سوى ان الصورة كلام مكثف، يحتاج إلى تفكيك وتأويل، وهذا ما يتصدى له ناقدنا بعمق وشمول، ليطلق لنا هذا الخطاب الكامن في أعماق الكاريكاتير.
وفي الصورة التالية (ملحق رقم 4) أيضًا دليل قوي آخر على ما نقول، ففي هذه الصورة يتجلى الخوف على الثورات العربية (الربيع العربي) من اعدائها وهم كثر، فقد جعل الرسام قوى الاستبداد على شكل نحلة لما فيها من شراسة وعنف، وجعل قوى الظلام والإرهاب والتطرف على شكل دودة لأنها تتسلل من الداخل لتفتك بالمجتمع، أما القوى العظمى التي ستستفيد من القضاء على الاثنين فقد مثلها على شكل مبيد حشري بإمكانه القضاء على النحلة والدودة معًا، ويستأثر بالزهرة التي ترمز إلى الربيع وخيراته لنفسه، “لقد تحقق انسجام دلالي بين مكونات الصورة من حيث التناسب بين الزهرة والنحلة والدودة ولمبيد الزراعي”[28].
إذًا في القراءة العمودية لا يكتفي الناقد بتحليل العناصر والظواهر المرئية في الصورة، بل يعمد إلى تحليل أبعادها وتأويل الصورة، لاستخراج ما تحمله من خطاب مضمر، ونجده ينطلق في تأويلاته من السياقات الثقافية التي تخضع الصورة لها، وهذا يحتاج ثقافة شاملة متنوعة، من الفني إلى الأدبي واللغوي والسياسي والاجتماعي، هذه العناصر تتيح للناقد تحليلات معمقة تلج العمل الفني من باب واسع، وتنطلق به في رحاب الإنسانية.
لذلك علينا الآن أن نتوقف قليلاً عند اختيارات الباحث الكاريكاتيرية، لأن في هذا الاختيار ما يكشف عن فكر الدكتور عمر عتيق وأسلوبه النقدي، بل غاية النقد عنده وهدفه منه.
3.3. اختيارات الناقد الكاريكاتيرية
لقد أعلن الدكتور عمر عتيق في مقدمة الكتاب عن الأقسام والموضوعات التي يشتمل عليها، فقد خصص الفصل الأول لدراسة صورة القدس في اللوحة التشكيلية الفلسطينية (من ص 11 إلى ص 44)، ودرس في الفصل الثاني أشكال التناص في الكاريكاتير (التراثي- الديني- التاريخي) (من ص 45 إلى ص 84)، وقام في الفصل الثالث بدراسة صورة الطفل الفلسطيني في صورة الكاريكاتير (من ص 85 إلى ص 120)، وفي الفصل الرابع سعى الكاتب إلى الكشف عن صورة الربيع العربي في صورة الكاريكاتير (من ص 121 إلى ص 168)، وأخيرًا في الفصل الخامس قام المؤلف الدكتور عمر عتيق بدراسة علاقة المثقف بالسلطة من خلال صورة الكاريكاتير(من ص 169 إلى ص 202)[29].
إن الناظر في هذه الاختيارات ينتبه إلى أن الدكتور عمر عتيق صاحب قضية، تتجلى من خلال موضوعات الكتاب مجموعة من القضايا التي آمن بها، وأولها عنده القضية الفلسطينية التي أفرد لها ثلاثة فصول من فصول الكتاب، أي الأول والثاني والثالث، وإن كان الفصلان الأول والثالث واضحي الدلالة في عنوانيهما على القضية الفلسطينية، ففي الفصل الثاني قام الناقد بدراسة التناص وأشكاله في الكاريكاتير الذي يصور جانبًا من القضية الفلسطينية في معظم الصور المدروسة، كما هو بين في الصور التالية، (ملاحق رقم 5و6و7)، فيما خص القسم الباقس من الصور لكاريكاتير يتناول قضايا الإنسان العربي، لاسيما ثورات الربيع العربي، الذي أفرد له فصلاً خاصًا في دراسة سيميائية، هو الفصل الرابع كما مر سابقًا.
وإلى القضية الفلسطينية برز البعد القومي العربي والإسلامي في دراسات الدكتور عتيق، من خلال دراسة الصور الكاريكاتيرية التي ترتبط بالربيع العربي، وقد تناولنا قسمًا منها بالدراسة، بالإضافة إلى دراسته للتناص الديني والتاريخي في الصور الكاريكاتيرية، وقد دارت معظم الدراسات على نصوص قرآنية وأقوال نبوية[30]، وشخصيات إسلامية بارزة كالمعتصم وصلاح الدين الأيوبي[31].
ولا بد من الوقوف عند الفصل الخامس والأخير في الكتاب أي الفصل الذي يتناول علاقة المثقف والسلطة، ففي هذا الفصل عنى الباحث المثقف العربي تماشيًا مع انتمائه العربي الإسلامي، ولكن هذا الاختيار يحمل بعدًا إنسانيًا، فالمثقف الحق في صراع دائم مع أشكال الظلم والعسف التي تمارسها السلطات بشكل عام، ويتخذ هذا الصراع بعدًا خاصًا في عالمنا العربي بسبب استبداد معظم الأنظمة، التي تسعى جاهدة إلى إسكات أصوات المعارضة بمختلف الوسائل وصولاً إلى التصفية الجسدية.
وهكذا يبدو الناقد منحازًا إلى القضايا الوطنية والعربية والإنسانية، ويسعى جاهدًا إلى إشهار خطاب نضالي مقاوم من خلال عمله النقدي، الذي يضعه في إطار رسالي، فالنقد ليس عبثًا، وليس مجرد نقد للنقد، بل له دور مهم في الكشف عن الأعمال الأدبية المهمة على مختلف الصعد: الجمالية، والقيمية، والسياسية والإنسانية. لقد غدا الناقد عند عمر عتيق صاحب رسالة يؤديها، ويسخر قلمه لأجلها ولأجل نشر خطابها، وإيصال صوتها مدويًا إلى كل قارئ.
- 4. الخاتمة
على الرغم من دخول النقد الأدبي في مرحلة ما بعد الحداثة، التي تجسدت في النقد الأدبي بما يعرف بما بعد البنيوية، فإن السيميائية بوصفها منهجًا نقديًا بنيويًا قد استمرت مقبولة في أوساط النقاد ما بعد الحداثيين، وربما يعود السبب إلى الموضوعات التي تتعاطى السيمياء في نقدها واتساع هذه الموضوعات، وارتباطها بأشكال الوجود الإنساني وتجلياته المختلفة، إن المنهج السيميائي منهج غني، ومكمن غناه يتحدد في أنه يعد النص حاملا لأسرار كثيرة، والدال عليها يستفز القارئ، ويدعوه إلى البحث عنها، وفك رموزها انطلاقا من فهم العلاقة الجدلية الموجودة بين الدال والمدلول، بين الحضور والغياب.
لذلك ما نزال في أوساط النقد الغربي المعاصر نشهد موجة متزايدة من الأعمال السيميائية في مختلف مجالات النقد، ولهذه الموجة أثرها الواضح اليوم في عالمنا العربي، إلى هذا التيار النقدي ينتمي عمر عتيق، وهو في كتابه دراسات سيميائية في الفن التشيكيلي حيث قام بدراسة الأعمال الفنية –لا سيما الكاريركاتير- في مستويات متعددة، فعلى المستوى الأول فقد تحددت قراءة الناقد الأفقية لعناصر العمل الفني، حيث قام بعرض تفاصيل العمل الفني وجميع عناصره، وقام بتحليل مدلولاتها أو بالأحرى حمولاتها الدلالية، موضحًا خطابها المباشر إلى عين المتلقي.
أما في المستوى الثاني من التحليل أي في القراءة العمودية وجدنا الناقد يغوص في أعماق الاعمال الفنية الكاريكاتيرية، ليستخرج لنا خطابها المضمر وغير المباشر وأبعاده الوطنية والفكرية والسياسية، في قراءة عميقة يرفدها الدكتور عمر عتيق بثقافة واسعة، وقراءة تؤطر الصورة الكاريكاتيرية ضمن سياقها الاجتماعي والفكري.
بالإضافة إلى هذه النتائج وقفنا في الدراسة على أسلوب الدكتور عمر عتيق المميز، وابتكاره لمصطلحاته النقدية، التي تشكل الأدوات التي يُعمل قلمه النقدي من خلالها، والتي تكاد تكون مصطلحات خاصة أو بالاحرى لغة نقدية وخطابًا نقديًا مميز للدكتور عمر عتيق.
وأخيرًا وقفنا عند الأبعاد الإنسانية والوطنية والفكرية لاختيارات الدكتور عمر عتيق الكاريكاتيرية، وهي تشكل الإطار الإيديولوجي لناقدنا، فالقضية الفلسطينية حاضرة بل ساكنة في وجدانه، كما أنه يحمل هموم العالم العربي بكل أقطاره، فضلاً عن حمله لهموم الثقافة والمثقفين في وطنه وخارجه، حتى ليستحيل النقد مع الدكتور عتيق رسالة فكرية وإنسانية وحضارية.
إن الدكتور عمر عتيق أحد النقاد القلائل في وطننا العربي اليوم ممن يمتلكون الأدوات المنهجية الفعالة للنقد، فضلاً عن المقدرة اللغوية والتعبيرية، بالإضافة إلى فكر نير متقد، وهمة عالية على الإنتاج والإبداع، يشهد له بذلك الكم الكبير من الإنتاجات النقدية المميزة والمتنوعة، والانتشار الواسع لكتبه ونقده، ومتابعة العديدين لأعماله من أساتذة وباحثين وطلاب.
الملاحق: للاطلاع على الملاحق يرجى تحميل العدد
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: المصادر والمراجع العربية
- المصادر
- عمر عتيق، دراسات سيميائية في الفن التشكيلي، دار دجلة، عمان، 2017.
ب- المراجع
- آن إينو وآخرون، السيميائية: الأصول والقواعد والتاريخ، ترجمة رشيد بن مالك، عمان، دار مجدلاوي للنشر،ط1، 2008.
- حسنين شفيق، التصوير الصحفي، القاهرة، دار فكر وفن، 2009.
- خالد فرجون، التصوير الضوئي،القاهرة، دار الحديث، 2002.
- ساعد ساعد وعبيدة صبطي، الصورة الصحفية دراسة سيميولوجية، القاهرة، المكتب الجامعي الحديث، 2011.
- عاطف سلامة، الصحافة والكاريكاتير, غزة، 1999.
- قدور عبدالله، سيميائية الصورة، الأردن، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، ط1، 2007.
- مخلوف حميدة، سلطة الصورة، تونس، دار سحر للنشر، 2004.
- معجم ماير الجديد, مج7, المعهد الببلوغرافي, برلين، 1973.
ج- المقالات
- تغريد عطا الله, صحيفة الدار، م1ج, العدد 13، 2004.
- عادل حمودة، صوت الأمة, العدد 116، 2004.
- عادل فاخوري، السيمياء عند بيرس، في مجلة الدراسات العربية، عدد 6، إبريل 1986.
- عاطف سلامة، صوت الشباب الفلسطيني العدد32، ملحق صحيفة الأيام، العدد 32، 2004.
- أحمد أمرير، سيميولوجية الخطاب البصري وإنتاج المعنى، موقع موسوعة شارع المتنبي على شبكة الانترنت، تاريخ السحب 15-8-2016.
- سعيد بنكراد، السيميائيات وموضوعها، مجلة إشراف، المغرب، عدد 16، 2001. موقع محمد أسليم، تاريخ السحب 27-8-2016
- عصام نصر سليم، استخدام السيميولوجيا في تحليل الصورة التلفزيونية، مجلة البحوث الإعلامية، جامعة الأزهر، العدد الحادي عشر، يوليو 1999م.
ثانيًا: المراجع الأجنبية
- Fanny Deschamps, Lire image au collège et au lycée, Paris, Hatier Pédagogie, 2004.
- Graugnard et J. Hugo. L’ audio-visuel pour tous, Lyon, Chronique Sociale, 1983.
- Genevieve Jacquinot, Image et Pédagogie, Paris, Presses universitaires de France, 1977.
- Ray-Debove, Dictionnaire Le Robert &Clé International,CLE INTERNATIONAL, Paris, 1999.
- Joly, Image et les Signes, Paris, Armand Colin, 2011.
*- ولد الدكتور عمر عتيق عام 1964 في جنين – فلسطين، حاز شهادة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الخليل (فلسطين) ودرجة الماجستر من جامعة النجاح الوطنية (فلسطين) في تخصّص البلاغة، أمّا الدكتوراه فقد حصل عليها في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا أيضًا في تخصص البلاغة، يمارس التدريس في جامعة القدس المفتوحة في فلسطين، حائز على جائزة في مسابقة عالمية هي “الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم” من الأزهر الشريف، نشر حتى الآن أكثر من ثلاثين بحثًا ودراسة في مجلات محكمة تصدر في عدد من الدول الدول العربية، فضلاً عن عدد كبير من الكتب والمقالات. (الباحث)
1- آن إينو وآخرون، السيميائية: الأصول والقواعد والتاريخ، ترجمة رشيد بن مالك، عمان، دار مجدلاوي للنشر،ط1، 2008، ص 33.
[2]-قدور عبدالله، سيميائية الصورة، الأردن، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، ط1، 2007، ص 100.
[3]– عصام نصر سليم، مصدر سابق، ص 134.
[4]-عبد الملك مرتاض، مصدر سابق، ص 102.
[5]– ساعد ساعد وعبيدة صبطي، الصورة الصحفية دراسة سيميولوجية، القاهرة، المكتب الجامعي الحديث، 2011، ص 15.
[6]-J.Ray-Debove, Dictionnaire Le Robert &Clé International,CLE INTERNATIONAL, Paris, 1999, p.512.
[7]-G. Graugnard et J. Hugo. L’ audio-visuel pour tous, Lyon, Chronique Sociale, 1983, p 9.
[8]– مخلوف حميدة، سلطة الصورة، تونس، دار سحر للنشر، 2004، ص 18.
[9]-Genevieve Jacquinot, Image et Pédagogie, Paris, Presses universitaires de France, 1977, p.110.
[10]– M. Joly, Image et les Signes, Paris, Armand Colin, 2011, p. 26.
[11]– ساعد ساعد وعبيدة صبطي، مصدر سابق، ص 83.
[12]– المصدر السابق، ص 38.
[13]– خالد فرجون، مصدر سابق، ص 19.
[14] – معجم ماير الجديد, مج7, المعهد الببلوغرافي, برلين، 1973.
[15] – عاطف سلامة، صوت الشباب الفلسطيني العدد32، ملحق صحيفة الأيام، العدد 32، 2004.
[16] – عمر عتيق، دراسات سيميائية في الفن التشكيلي، دار دجلة، عمان، 2017.
[17] – مراجعة عمر عتيق، دراسات سيميائية في الفن التشكيلي، ص ص 7-8-9.
[18] – المرجع السابق، ص 88.
[19] – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[20] – المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[21] – المرجع السابق، ص 89.
[22] – المرجع السابق، ص 128.
[23]– المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[24] – المرجع السابق، ص 155.
[25] – المرجع السابق، ص 89.
[26] – المرجع السابق، ص ص 89- 90.
[27] – المرجع السابق، ص 128.
[28] – المرجع السابق، ص 155.
[29] – مراجعة المرجع السابق، ص ص 7-8-9.
[30] – المرجع السابق، ص ص 65- 68-69.
[31] – المرجع السابق، ص ص 77- 78-79.