تجريب النص ودستوبيا الواقع في “أفتش عن أقدامي في وجه الشارع” للقاص كامل فرعون
Experiment of the Text and Realistic Dystopia in “I am Searching for my Feet in the Surface of Street” for Kamel Faraun
الباحث: أحمد الحاج جاسم محمد العبيدي/ العراق Ahmed Alhaj Jasim M. Alubaidiـ Iraq
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 76 الصفحة 83 .
إن وجود المنهج التجريبي يجعلنا نعتقد بأن لدينا وسائل لحل المشكلات التي تواجهنا، على الرغم من أن المشكلة والمنهج تتداخل فيما بينها. لودفيج فيتجنشتاين – فيلسوف ألماني
الملخصتعد المجموعة القصصية المعنونة “أفتش عن أقدامي في وجه الشارع” للقاص كامل فرعون من بين القصص التي تندرج في إطار سرد ما بعد الحداثة بتوظيفها لتقنيات التجريب مكتوبة بأسلوب جمالي بليغ ومناورة لغوية عالية قائمة على الحذف والاختصار ساعدت في اختزال مشاهد وأحداث مشار إليها بعبارات مقتضبة بعيدة عن الإسهاب والحشو، وقد حدد القاص فرعون مدينة البصرة وضواحيها أثناء مدة الحرب العراقية ـ الإيرانية والحالة المأساوية المؤلمة فضاءً سردياً لمجموعته القصصية.
وقد تناولت التجريب في القسم الأول من الدراسة كدال نصي وما يتعلق به من عناصر سردية وردت في المجموعة القصصية التي بين يدي وهي اللغة، والسارد، وبناء الحدث، أما في القسم الثاني من الدراسة فقد تناولت المفارقة والدستوبيا كمدلول واقعي.
الكلمات المفتاحية: القصة القصيرة، التجريب، ما بعد الحداثة، المفارقة، الدستوبيا.Abstract
The short stories entitled “I am Searching for my Feet in the Surface of Street” for the writer Kamel Faraun is one of the postmodern narrative texts by employed the elements of experimentalism. It is written in eloquent aesthetic style and high linguistic maneuver stand on ellipsis and abbreviation to reduce the scenes and events pointed in short phrases to avoid the length and filling.
The writer identified province of Basra with its countryside during the period of Iraqi – Iran war and the tragic painful situation as a sitting for his stories. The research compromised two sections, the first one tackled in the elements of experimentalism such as style, narrator, and event as a text signifier, whereas the second one tackled in paradox and dystopia as a real signified.
Key wards: Short story, experimentalism, Postmodernism, Paradox, Dystopia.
مقدمة
تعد المجموعة القصصية المعنونة “أفتش عن أقدامي في وجه الشارع” للقاص كامل فرعون([1]) من بين القصص التي تندرج في إطار سرد ما بعد الحداثة بتوظيفها لتقنيات التجريب، مكتوبة بأسلوب جمالي بليغ ومناورة لغوية عالية، قائمة على الحذف والاختصار ساعدت في اختزال مشاهد وأحداث مشار إليها بعبارات مقتضبة بعيدة عن الإسهاب والحشو، وربما له الحق في ذلك بعد أن مل المتلقي من القص التقليدي القائم على السرد المباشر وبناء الحدث بصورته التقليدية إيراد الشخصيات والعقدة والحل، وقراءة لمجمل القصص الواردة بين دفتي المجموعة تحيلنا جميعها إلى ثيمة مأساوية هي ثيمة الحرب وما خلفته من مشاهد حزينة في أجساد ونفسيات الشخصيات الواردة في القصص، ونحن عندما نتحدث عن الحرب في العراق فإننا لا نتحدث عن حرب واحدة، بل سلسلة من الحروب التي أبادت أجيال، وأعاقت أكثر، وغيبت آخرين، وتسببت بموجات نزوح وهجرة وتغيير ديموغرافي على نطاق واسع، ما زالت تأثيراته قائمة وذكرياته محفورة في ذاكرتنا البعيدة تسبب لنا الصدمة تلو الأخرى كلما مر طيفها من أمامنا.
وقد حدد القاص فرعون مدينة البصرة وضواحيها خلال فترة الحرب العراقية ـ الإيرانية وما خلفته من مآسي وأحداث مؤلمة فضاءً سردياً لمجموعته القصصية، بخلاف أستاذنا الكبير محمد خضير الذي عوم الفضاء لثيمة الحرب في أكثر من نص تأتي قصة “الأرجوحة” في مقدمتها؛ فيما نجد القاص ضياء جبيلي الذي اتخذ سلسلة الحروب الطويلة التي شهدها العراق وما عكسته من مآسي على مدينة البصرة في القسم الأول من مجموعته “لا طواحين هواء في البصرة”([2]) فضاء سردياً، وكذلك القاص عبد الهادي المياح في قصته التي حملت عنوان مجموعته القصصية “آسف فوق البحر”([3]).
وعندما نتحدث عن مدينة البصرة فمن حق أبنائها اتخاذه فضاء محورياً لسردياتهم، فهي ثغر العراق الجنوبي ومنفذه الوحيد على البحر مما شكلت خط الصد الأول لكل الاحتلالات والحروب والمعارك التي شهدتها المنطقة في العصر الحديث منذ المدة التي سبقت تشكيل أول حكومة عراقية، كما أنها من أكثر المدن التي قدمت تضحيات بشرية ومادية خلال تلك الحروب والصراعات، هذا و عانت من ويلات هذه الأحداث المؤلمة وما خلفته من تأثيرات نفسية وجسدية واجتماعية في شخصية المواطن البصري ما زالت آثارها باقية لحد الآن.
وقد تناولت التجريب في القسم الأول من الدراسة كدال نصي وما يتعلق به من تقنيات سردية وردت في المجموعة القصصية التي بين يدي وهي اللغة، وفعل السرد، وبناء الحدث؛ أما في القسم الثاني من الدراسة فقد تناولت المفارقة والدستوبيا كمدلول واقعي مركب من مجموعة من المشاهد المؤلمة تعالج حياة شخصيات من رحم الواقع ضمن حدود زمكانية واردة في النصوص.
القسم الأول: التجريب في الأدب
مفهوم التجريب:
يعد الخيال التجريبي موضوعًا ساخنًا في المجلات الأدبية المعاصرة، ويتمتع هذا المفهوم الجديد بمعنى حديث ومتطور يضع هذا النوع في مركز المحادثات حول ما يمكن للخيال (وما لا يمكن) فعله، فأغلب المحررين يحبون الأدب التجريبي للطريقة التي يجتاز بها الحدود، بينما الكتاب يحبون الخيال التجريبي لقفزه فوق القواعد والإمكانيات المتاحة([4])، ويعرف قاموس أكسفورد التجريبية الأدبية على أنها الالتزام باستكشاف مفاهيم وتصورات جديدة للعالم من خلال أساليب تتجاوز أعراف التقاليد الأدبية المتعارف عليها([5])، أما كودون فيعرفها على أنها نتاج فكري/ خيالي/ إبداعي يقوم على اكتشاف مفاهيم وتقنيات وأساليب جديدة تقفز فوق التقليد([6]).
وهي في الأدب تشير إلى التحرر من التقليد القائم على النمطية في السرد من حيث اللغة والحُبكة والحدث والسارد، وحسب ما يشبر جيرالد برنس (Gerald J. Prince) ([7])، فالنصوص التجريبية تشترك في ثلاث سمات رئيسية: أولاً، التركيز على الشكل دون المضمون، ثانيًا، المواقع التي يستكشفونها عادةً ما تكون مواقع نصية وليست مواقع للعالم الظاهر؛ بعبارة أخرى، هم مهتمون في المقام الأول بالكتابة نفسها، ثالثًا وهي الأهم أنها مبرمجة منهجياً([8])، وقد ربط عدد من الباحثين مصطلح التجريبية (Experimentalism) بمصطلح ما بعد الحداثة (Post-Modernism)([9])، كون النص فيهما قائم على الغموض، ورفض الإيمان المطلق بالعلم، والموقف المناهض للموضوعية والتحقيقية، الفردانية والذاتوية، واعتبار الحقيقة مسألة رؤيوية، مع طمس الفروق القديمة وتعويم المتضادات مثل (شرقي ـ غربي، أسود ـ أبيض، ذكور ـ أناث)، يضاف إليها العولمة والتعددية الثقافية، واستخدام السخرية والفكاهة السوداء، وتقديم الموضوعات حتى الجادة منها بالمرح والتشظي([10]).
وبالإضافة لما بعد الحداثوية، فإن مصطلح التجريبية يترادف مع كل من المناهج النقدية: العبثية، الدادائية، السوريالية، التكعيبية، وتشكل هذه المناهج بمثابة بنات العم للفكر الرؤيوي التجريبي، فالأدب التقليدي غارق في الواقعية، في حين أن الأنواع التجريبية تأخذ الواقعية وتحولها إلى أشكال غير واقعية وغير مألوفة، بالابتعاد عن الواقعية الأدبية والميل نحو التجريب بقصد البحث في الخيال عن “الحقيقة” بطرق إبداعية.
التجريب تاريخياً
في عقد العشرينيات من القرن العشرين، ظهر التجريب الفني كقوة بارزة، وبدأ العديد من الكتاب الأوروبيين والأمريكيين في تجربة الأشكال المحددة، وبذلك أصبحت الاتجاهات التي تشكلت خلال هذه الفترة فيما بعد جزءًا من الحركة الحداثية والتي تمثلت بكتابات جيمس جويس وفرجينيا وولف وعزرا باوند وتي إس اليوت.
ويعد مفهوم التجريبية من المفاهيم الحديثة جداً في التحليل الأدبي، فقد جاء مصطلح “تجربة فكرية” إلى اللغة الإنجليزية في أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين من خلال ترجمات أوراق الفيزيائي النمساوي إرنست ماخ (1897 ـ 1905) حيث استخدم فيها الكلمة الألمانية اللاتينية المختلطة (Gedankenexperiment)([11]) وتعني حرفياً (تجربة الأفكار)، ويستخدم بعض الفلاسفة الآن المصطلح بمعنى ضيق نسبيًا، على سبيل المثال، يعرّف روي (Roy Sorensen) التجربة الفكرية على أنها “تجربة تهدف إلى تحقيق هدفها دون الاستفادة من التنفيذ” ، والذي قد يكون بسبب الظروف التي تحول دون إجراءات الاختبارات المادية، أما الكاتب جيمس براون (James Brown)، يفضل توصيفًا أكثر مرونة: “من الصعب تحديد ماهية التجارب الفكرية بدقة”، ويمكن استخلاص بعض النتائج من هذه التعاريف، إذ أنه بمجملها يتم إجراء تجارب الفكر في العقل وتتضمن شيئًا يشبه التجربة ؛ أي أننا عادة ما نرى شيئًا ما يحدث في تجربة فكرية، وغالبًا ما يكون هناك أكثر من مجرد ملاحظة([12]).
وقد نشأ التجريب عالمياً على خلفية الأحداث التاريخية الدامية التي شهدها العالم أثناء الحرب العالمية الثانية وأحداث لينينغراد ومجزرة ساحة تيانمن في بكين وسقوط جدار برلين، راح كتاب اللغة يبحثون عن وسائل جديدة في الخطاب تتجاوز حدود الثقافة وتعبر فوق إيديلوجية الدولة الواحدة ([13])، أما في العراق فقد نشأ التجريب على خلفية الأحداث الدموية التي شهدها البلد بدءاً بالقضاء على الملكية بمجزرة قصر الرحاب عام 1958، ثم الانقلابات والثورات التي أعقبتها حتى الاحتلال الأمريكي عام 2003، إلا أن الحرب العراقية الإيرانية قد أخذت الحيز الأكبر في النصوص القصصية، فقد اغتنت تلك القصص بشواخص مكانية وانتقالات في الزمن وكذلك في لغة السرد التي استثمرت لغات مجاورة إلى اللغة الأدبية وكل ذلك أدى إلى نقلة نوعية تجريبية في السرد القصصي القصير بالعلاقة العميقة مع التحولات الكارثية التي أحدثتها هذه الحرب في البنية الاجتماعية والسياسية في العراق([14]).
وهناك من المنظرين من ربط التجريبية في عصرنا هذا بالعولمة، فالأخيرة تقدم التجربة الأدبية على أنها تعد تعبيرًا أخلاقيًا وسياسيًا جديدًا للعالم باعتباره “عملية ديناميكية مستمرة من الصيرورة، شيء يمتلك بعدًا تاريخيًا – زمنيًا ، وبالتالي يتم صنعه وتجديده باستمرار([15])، وما نقصد بالعالم هو القرية الكونية التي أشار إليها لوهان بعد ثورة الاتصالات والمعلوماتية وتقنيات الوسائط المتعددة حتى غدا العالم فضاءا واحدا.
ومن أشهر كتاب الفن القصصي التجريبي في العصر الحديث الكاتبة الأمريكية ليديا ديفيز (Lydia Davis)، وماري كابونيغرو (Mary Caponegro)، وبرين إيفنسون (Brian Evenson)، ومن الكتاب العرب لدينا محمود جنداري ومحمد خضير وجليل القيسي ولؤي حمزة عباس وقصي الخفاجي ونزار عبد الستار وثامر معيوف ووجدان الخشاب.
اللغة والأسلوب:
تعد اللغة أهم وسيلة من وسائل الاتصال في المنظومة التواصلية التي أشار لها رومان ياكبسون، فهي مادة الرسالة والشفرة الرئيسية بين المرسل/ المؤلف والمستلم/ المتلقي، وهي ليست “سهلة” في الكتابة والقراءة، وفي النص التجريبي لا ترد اللغة أو لا يتم سردها بشكل مباشر، فلا يكون الخيال التجريبي مباشرًا – مما يعني أنه نادرًا ما يتم اعتباره “سهل الوصول إليه”، لذلك يقدر المعجبون بالخيال التجريبي صعوبة الكشف عن المعاني العميقة في النصوص المدهشة، فالراوي يلعب مع اللغة، ويمكن أن يتغير زمن الفعل حالاً، ولا يحبذ تحديد وجهة النظر، كما يمكن إعطاء الكلمات (أو يمكن أن تأخذ) معاني جديدة مبطنة على العكس من ظاهرها، وتلعب عملية لفظ الكلمة وعلامات الترقيم لعبة دوراً كبيراً بالنسبة للنص التجريبي([16]).
وفي المجموعة القصصية قيد البحث، استخدم السارد لغة قائمة على الحذف والانزياح الدلالي والاستعارة والترميز في رحلة البحث المكانية عن اليوتوبيا في الواقع المعاش، لذلك اختار المؤلف عنواناً مكانياً ليجمع به كل فضاءات قصصه الأربعة عشر في بوتقة المكان المنشود، وجاء العنوان طويلا من جملتين؛ الأولى جملة فعلية قائمة على إسناد الفعل لضمير المتكلم (أنا) في عملية بحث عن جزء منه عضوي مفقود (أقدامي) كان من المفترض أن يستخدمه في رحلة البحث، ثم أتبعها بعبارة اسمية من الجار والمجرور عملت وظيفيا كظرف مكان (الشارع)، وبدل أن يستخدم القدمين كأداة للنقل والحركة راح يبحث عنهما في فضاء مفتوح ليس له نهاية في عملية يائسة قد لا يجني منها شيئاً.
ومن التراكيب البلاغية التي يستخدمها السارد، التعابير الاصطلاحية مثل: “رددت الأصداء نشيجاً ذرَّ الملح في الأحداق”. (المجموعة: 21)، كما يستخدم متصاحبات منزاحة مثل: “وأبني معمارية خيالي”، (المجموعة: 22)، وكذلك: “… فأرواحهم خاوية وأبدانهم مجدبة وعيونهم منطفئة” (المجموعة: 40)، كما ترد تشبيهات بين شيئين لا يمتان بصلة لبعضهما شكلا وحدثاً، فهو يشبه نصاعة بياض ورقة الرسم بنصاعة اللبن الذي كانت تجلبه باعة اللبن، “قلم الرصاص بيدي وعينايَّ تلتهمان البياض المفارق بنصاعته ما تجلبه إلى منزلنا بائعة اللبن” (المجموعة: 9)، وهنا نجد آلية استدعاء الذاكرة البعيدة بمنعكس شرطي، وفي مكان آخر يقول: “لكنه ظل نحيلاً كعود يابس…” (المجموعة: 13).
السارد:
يخلط السارد بين الحقيقة والخيال عن علم، لذا تعد الكتابة ذات النوع المختلط أحيانًا نوعًا من الخيال التجريبي، فهي تتضمن القصص القصيرة من النوع المختلط مع عناصر من الخيال بالكامل والمذكرات والسيرة الذاتية أو الغيرية، لكن مفتاح القصة التي يتم اعتبارها تجريبية – على عكس الخيال المستوحى من الحياة الحقيقية – هو أن القصص ذات الأنواع المختلطة تميل إلى اتباع نهج مدرك للذات في سرد القصص، وفيها يتم إعطاء القراء عمدًا لفهم أن بعض الأشياء في القصة تستند إلى الحياة الواقعية، والبعض الآخر ليس كذلك، والتي قد يتم أو لا يتم توضيحها من قبل المؤلف/ الراوي([17]).
وقد انتقلت شفرة الخطاب السردي في المجموعة القصصية بين شخصيتين، الأولى مشار إليها بضمير الأنا مع شخصية أخرى مشار إليها بضمير الغائب (هو/ هي) بحيث تداخلت الشخصية الرئيسية في النص بينهما، نتج عنه تبادل السيرة بين الذاتية والغيرية، ولتعميم الفضاء السردي فقد وردت معظم الشخصيات بدون أسماء إلا ما ندر، ولعل للراوي الحق في ذلك فهو لا يؤرخ لنفسه ولا لشخصية محددة في باله وإنما يؤرخ لكل مواطن عراقي عايش هذه الحرب الضروس مدة ثمان سنوات ما زالت أحداثها تحفر في ذاكرته البعيدة ويرويها للأجيال على مر العصور.
بناء الحدث:
الحدث (Event)، فكرة أصبحت ذات أهمية فريدة للفكر الفلسفي في حقل الفيزياء النسبية. ومن المفاهيم الأكثر شهرة ما ورد عن الفيلسوف برتراند رُسل (Bertrand Russell)، الذي استبدل الحدث بالمفهوم الغامض للجسد، بينما يعده ألفريد نورث وايتهيد (Alfred North Whitehead) على أنه مفهوم تتشكل الأحداث فيه من خلال سلسلة من المناسبات الفعلية، وبشكل عام، في كلا العرضين، يكون الحدث هو الذي يصاغ في وقت ومكان معينين ([18])، وقد اتفق معظم المنظرين والنقاد على أن بنية الحدث الأدبي يقع ضمن أربعة أنساق هي نسق التتابع والتي يرد فيها الحدث بصورة متتابعة، ونسق التضمين/ المتداخل، والقائم على تضمين الأحداث فيما بينها، ونسق التناوب([19])، ثم أضيف له نسق البناء الدائري.
لقد ارتبط الحدث بالمكان ارتباطاً وثيقاً من حيث هو جزء لا يتجزأ منه، وباتحادهما معاً يشكلان المفهوم الأشمل والأعم، وعلى اعتبار أن كل حدث لابد أن يجري في مكان معين، لذلك فقد درس الحدث من ضمن الفضاء السردي (Setting) والتي تعني المكان الذي يقع فيه الحدث، والذي يشتمل على المكان والزمان والحالة الاجتماعية كوحدة موضوعية لا يمكن الفصل بينهما([20]).
يتميز التجريب السردي بما نسميه من حالة التشويه الزمني، والتي يمكن فيه أن تتداخل الأحداث أو تتكرر أو يمكن أن تحدث أحداث متعددة في وقت واحد، غالبًا لتحقيق المفارقة ([21]). وقراءة للمجموعة القصصية قيد الدرس نجد أن الحدث في الزمن الحاضر دائما متداخل مع حدث في الزمن الماضي ـ عادة يكون حدث دستوبي ـ يتم استدعائه من الذاكرة البعيدة (Long-Term Memory) عبر آلية المنعكس الشرطي التي أشار إليها العالم بافلوف([22])، أو أن هذا الحدث تسبب بإحداث عوق جسدي أو نفسي للشخصية وتجد علاماته بادية للعيان.
وفي المجموعة القصصية قيد البحث فإن الحدث الدرامي لم يبن على الحبكة القصصية التقليدية؛ البداية ثم تسارع الأحداث لتصل للذروة ثم العقدة والحل لتنتهي بالخاتمة، وإنما تداخلت العقدة والحل والخاتمة بحدث مفارقي في نهاية فقرة كل نص من نصوص المجموعة القصصية: “… في هذه اللحظة لم يبق أحد في المدينة إلا وتحلق حول عازف الناي.
بمرارة أعلن:
إن الشاعر كان الضحية.” (الناي: 56)، وفي قصة “ولليل شموع”، يتداخل مشهد لعبة (عسكر وحرامية) العالق في ذاكرة الشخصيتين مع حالهما الآن وهما في شق القتال: “تحلقنا ثانية نفكر في تكرار (عسكر وحرامية) لكن الانتظار أرهقنا والليل والفجر البعيد فقررنا أخذ استراحة قصيرة نسترد بها قوانا. الغريب في الأمر أن الرحم الذي احتوانا، أنا وكريم عبدالله، شقّ لا يزيد عن المتر طولاً، ونصفه عرضاً…” (ص 64)، وفي مشهد آخر يرد عبر الفلاش باك حدث في الزمن الماضي البعيد ولكن تأثيره مازال قائماً: “تحت جدار بناية على يمين تقاطع فرع جلس رجل، ساقه مبتورة، …، أنفق في حرب الثمانينات. كان يردد أنه لن يموت…” (لقاء لن يتكرر: 76-77)، وكذلك في بقية القصص نجد التداخل بين الحدثين الماضي والحاضر بحبكة غير تقليدية ذات ذروة تتداخل معها النهاية والمفارقة كما سنتكلم عنها في القسم الثاني من الدراسة.
القسم الثاني: المفارقة ودستوبيا الواقع
المفارقة:
يشتغل القاص فرعون في مجموعته القصصية على نص تجريبي تتداخل فيه كل من الذروة والنهاية بحدث مفارقي يفاجئ به المتلقي يضفي جمالية على النص ويختزل الكثير من الأحداث بعبارة أو عبارتين يختم بها القصة، والمفارقة (Paradox) كمصطلح لغوي لم تكن معروفة في اللغة العربية، كما أنها مصطلح حديث في اللغة الإنجليزية إذ لم ترد حتى عام (1502) ـ بحسب العالم ميويك ـ ولم تفعل كمصطلح نقدي حتى بداية القرن الثامن عشر([23])، وقد اشتقت من المصطلح الإغريقي (Paradoxons) وتعني عملية إحداث اضطراب فكري ولغوي بقصد إيهام المتلقي بتوقع حدث بينما يحصل العكس منه([24]).
ويستخدم العالم ميويك مصطلح المفارقة (Irony) وقد قسمها إلى قسمين:
أ – المفارقة اللفظية. ب – مفارقة الموقف.
وحسب ما يشير فإن المفارقة اللفظية نمط كلامي؛ أو طريقة من طرائق التعبير يكون المعنى المقصود فيها مناقضا أو مخالفا للمعنى الظاهر، وهي نمطان؛ أطلق على الأول أسلوب “الإبراز” وعلى الثاني أسلوب “النقش المضمر”. ([25])
أما مفارقة الموقف (Situational Irony) الناتجة عن موقف ما، فإنها لا تتضمن بالضرورة وجود شخص يقوم بالمفارقة، لكنها مجرد حالة أو ظرف أو نتيجة لأحداث من شأنها أن تضيف إلى ذلك، ويتم رؤيتها والشعور بها كنتيجة للمفارقة ([26])؛ وقد قسمها إلى خمسة أقسام هي:
1- مفارقة التنافر البسيط: ويتحقق هذا التنافر حينما يكون هناك تجاور بين ظاهرتين بينهما تنافر شديد، يمكن إدراكه بسهولة. 2- مفارقة الحدث: تتحقق مفارقة الأحداث عندما يكون هناك تناقض أو تعارض بين ما نتوقعه وبين ما يحدث وحينما يكون لدينا وضوح أو ثقة فيما تؤول إليه الأمور، لكن تسارعًا غير متوقع للأحداث يغلب ويخيب توقعاتنا أو خططنا.
3 – المفارقة الدرامية: وهي مفارقة المسرح، فهي وإن كانت متضمنة في أي عمل مسرحي، لكن هذا لا يعنى عدم وجودها خارج المسرح، وهى تكون أبلغ أثرًا عندما يعرف المراقب ما لا تعرفه الضحية، وخير مثال على المفارقة الدرامية ما ورد في مسرحية وليم شكسبير “يوليوس قيصر”، في مشهد عندما يلتفت القيصر إلى صديقه المقرب بروتس لكن الأخير يعاجله بطعنة، فقال القيصر مستغرباً: “بروتس! فليسقط القيصر.”
4 – مفارقة خداع النفس: ويتمثل هذا النوع من المفارقة حينما يظهر شخص ما بشكل ـ غير واعٍ ـ جهله أو ضعفه أو خطأه أو حماقته بما يقول أو يفعل، وليس بما يحدث له.
5 – مفارقة الورطة: يذهب ميويك إلى أنه يوجد في هذا النوع من المفارقة مستويان؛ المستوى الأدنى وتمثله ضحية المفارقة، والمستوى الأعلى ويمثله صاحب المفارقة أو المراقب، وهذان المستويان يعارض أحدهما الآخر، حيث تأخذ المفارقة فيه أشكال التناقض الظاهري أو المنطقي أو شكل الورطة ([27]).
وفي المجموعة القصصية التي بين أيدينا نجد أن المفارقة قد تداخلت مع نهاية الحدث متزامنة مع العقدة والحل للحبكة القصصية كما أشرنا سابقاً، في قصة “إنه يتخيَّل” نجد أن الحدث المفارقي يقع بين نصين، الأول قصة متخيلة وكأنها من قصص ألف ليلة وليلة والثاني قصة واقعية تتحدث عن رجل يُكلَّف بتسليم رجل/ امرأة للمعتقل وبدل أن يتسم بالشهامة والشجاعة على غرار الشخصيات الملحمية الواردة في القصة مثل عنترة والمقداد وأبي زيد الهلالي ويقوم بتهريب هذه الشخصية، إلّا أننا نجده قد سلمها إلى الجهة المقصودة واستلم وصل التسليم الذي يؤيد إتمامه للواجب بحذافيره، ويجنبه المساءلة القانونية فيما لو أفلتت منه، “تنفس بعمق، ماداً يده ليتأكد من ورقة التسلم”، (المجموعة:17).
وفي قصة “لن أدعك تمر” تجسيد نصي لمفارقة الورطة عندما عمد البطل إلى توزيع كل ما لديه من نقود على زملائه في الزنزانة ظاناً ألا حاجة له بها ولكنه فوجئ بقائد الزورق البخاري يرفض نقله قبل دفع أجرة النقل على الرغم من المعرفة المسبقة بينهما (المجموعة:61)، وفي قصة (وللّيل شموع) نجد أن مفارقة الحدث تأتي في نهاية القصة أيضاً من خلال موضعين؛ الأول البندقية التي استخدمت للتهديد، والثاني إذاعة خبر أسر الشخصية البطلة وزميلها كشيء متوقع.
“…، ولأننا محاطان بالليل والخوف حسمت الأمر بالوقوف في منتصف الشارع شاهراً سلاحي بوجه من يأتي، وفعلاً وقفت إحدى العجلات فارتقينا سطحها مسرعين…، ابتسمنا بعد أن تصافحنا فبادرني بسؤال:
- هل ستطلق النار فعلاً؟
قلت له وأنا أرتدي قناع الجدّ
- نعم لكنك لن تموت.
- كيف؟
- لأن البندقية ليست سوى لُعبة.
هزًّ رأسه ساخراً من مزحةٍ ثقيلة لكنه أوانا في تلك الليلة مبتعدين عن أصدقائنا الذين توهموا أننا أسرى فأذاعوا اسمينا عبر المذياع.” (المجموعة: 67).
وفي قصة “لقاء لن يتكرر” ترد مفارقة الحدث من خلال المقارنة غير المتكافئة بين حدثين؛ الحدث التاريخي البطولي لشخصية نبوخذ نصر الثاني المتوج بالرايات والمنحوتات التي تخلد انتصاراته، وبين حدث آني يرد في زمن الراوي لشخصية البطل الذي خاض غمار الحرب ولكنه عاد بصدمة نفسية وجسدية حولته إلى رجل يجلس في نهاية الشارع “ساقه مبتورة، بنظراتٍ منكسرة يطلب مساعدة المارّة.” (ص 76)، “… عندما جئت سالكاً الطريق ذاتها رآني من بعيد فدلف زاحفاً إلى زقاق فرعي كأنه أحد جنود نبوخذ نصر الثاني العائدين من الفتوحات ومعهم منحوتة أسد بابل…، بطل مأوى ولا تاريخ.” (المجموعة:78)
دستوبيا الواقع:
قراءة متفحصة للمجموعة القصصية تحيلنا إلى مشاهد مؤلمة لحياة بائسة لمجموعة من الشخصيات الواردة في المجموعة عانت من ويلات الحرب، وخلفت صدمات جسدية ونفسية في شخصيتها، وهذه المشاهد البائسة تندرج ضمن إطار الدستوبيا في المصطلح النقدي الحديث، والدستوبيا (dystopia) تعرف على أنها عالم أو مجتمع متخيل يعيش فيه الناس حياة بائسة وغير إنسانية وخائفة ([28]) نتيجة لحدوث أمر فضيع كالحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية، وتتألف من مقطعين الأول (dys-) إضافة بادئة مشتقة من اليونانية القديمة تعني (ضد، عكس) لتناقض الكلمة التي تليها، والثاني (-topia) وتعني المدينة الفاضلة (Utopia)، وقد اشتق المصطلح من اللغة اليونانية ويتألف من مقطعين، الأول (ou) وتعني (not) والثاني (topos) وتعني (place) وتعني حرفياً (لا مكان)، وهي بلد خيالي ومثالي ورد في يوتوبيا للسير توماس مور (1516) ([29])، والعالم الجديد (New Atlantis) للفيلسوف فرانسز بيكن (1627) ([30]).
والدستوبيا تترجم بالأدب البائس، وهي أداة ونوع أدبي يستخدمه الكتاب لتقديم رؤية للمستقبل تتحدى القراء للتفكير في البيئات الاجتماعية والسياسية الحالية التي يعيشون فيها، وغالبًا ما يصور الأدب البائس المجتمع في حالة تدهور كارثي ناتج عن الخراب البيئي، والسيطرة من خلال التكنولوجيا، والقمع الحكومي للحرية والتعبير الفردي([31]).
بطل القصة البائس غالبًا ما يشعر بأنه محاصر ويكافح من أجل الهروب، ودائما يثير أسئلة حول النظم الاجتماعية والسياسية القائمة ويعتقد أو يشعر أن هناك شيئًا فادحًا في المجتمع الذي يعيش فيه، كما أنه يساعد الجمهور على التعرف على الجوانب السلبية للعالم البائس من خلال وجهة نظره([32])، ونجد أن المجموعة القصصية مليئة بالمفردات والعبارات الدستوبية المشتقة من قاموس الحرب مثل “حقول الألغام، أصوات الطلقات، الدم هو الدليل، الشق الترابي، القلعة، المعتقل، أصوات الرمي، … الخ”، كما أنها مليئة بالمشاهد والأحداث البائسة وهذا ما نجده في معظم أبطال وشخصيات المجموعة القصصية وهم يتحدون القوانين التعسفية والقواعد المفروضة عليهم من السلطة السياسية نفسها أحياناً، أو من المؤسسة العسكرية في أحايين أخرى، يصف الراوي المشهد الدستوبي في الهرب والاختفاء وعدم مواجهة الحكومة بمساعدة الآخر على أنه عمل بطولي: “أسدى أبي خدمة لها، حين حرض أخاها على الهرب من الحكومة لئلا تلقي القبض عليه فمقارعتها وعدم الانصياع لأوامرها صفة رجال مدينتي…” (الموت رسماً: 9).
ويصف الراوي لنا مشهد اجتياز لجنة الإعدامات التي كانت تتخذ مكانا لها خلف ساحة المعركة ولديها صلاحية تنفيذ حكم الإعدام على كل من ينسحب من ساحة المعركة، “أصبحا قطعة من طين. في منتصف المسافة، أوقفتهما لجنة الإعدامات، فتشوهما ثم أجروا مكالمة هاتفية ممتزجة بالأنين وغضب الدم المتدفق، ولأنهم عاجزون عن الإصغاء لاستغاثات الوجع البشري، فقد اجتازاهما عنوة غير مبالين بالنتائج، …” (المجموعة:18)، ولما لم يصف لنا الراوي مشهد الإعدام في هذه القصة، فقد وصفها في قصة أخرى على النحو التالي: “…، فارتضى الوقوف قُبالة بنادقهم، رافضاً تغطية عينيه أو ربط يديه، كانت نظراته تتدى الفوّهات، كتم صرخة حين دوتْ،…” (Kodak: 84)، وفي قصة “آخر القلاع” يصف لنا الراوي حالة الخوف والرعب التي تنتاب البطل وهو يبحث عن خلاص، “انتابني الخوف فالفضاء بدا كشاي ممتزج بالحليب، من قعره تراكضت مخلوقات هلامية يسبقها نباح حاد. ليس أمامي سوى الغطس في الماء أو الاختباء في حزم القش،…” (المجموعة:21).
وفي قصة “جسد موشوم بالأزيز” يصف لنا الراوي الطاعة العمياء التي تفرضها المؤسسة العسكرية على منتسبيها عبر منطق “نفذ ثم ناقش” ويرد الكلام بصيغة السارد الذاتي الجمعي: “وفلسفتنا التنفيذ ثم المناقشة، الدرس الذي سكبوه في أذهاننا فتخثر واتخذ شكلاً ثابتاً غير قابل للمراجعة أو الحوار.” (المجموعة: 39)، كما يصف لنا في نفس القصة تمرد البطل المشار إليه بضمير الأنا على تنفيذ الحكم التعسفي بالإعدام بحق صديق البطل الذي كلف بمهمة استخباراتية خارج البلد، “أمرنا الضابط بالتمدد أرضاً مصوبين الأسلحة تجاهه، وقبل الايعاز وفع غطاء وجهه فتأملته ملياً. انتابني شعور بالفزع، … هو صديقي الذي فارقته قبل سنوات، … نهضت واقفاً قبل أن يكمل الضابط جملته المعهودة، أخبرته بانسحابي فهددني بأقسى العقوبات” (المجموعة:42)
وفي موضع آخر يصف لنا الراوي واقع حال البيئة الدستوبية المحيطة بالفضاء المكاني للشخصيات الذي تتحرك فيه ضمن نطاق المدينة البائسة وما حولها بمفردات وعبارات ممعنة بالبؤس: “المدينة النائمة غير مكترثة بالأنين. الرؤيا ليست خافية. لم تترك الأشجار أحداً. الكل استيقظ مذعوراً، مكذباً ما رآه. الشوارع فارغة. ريح صرصر وشمس صفراء. الأجساد مؤرقة، الأشجار المتطاولة، وجوه طيور الغابة الممسوخة وحيواناتها وأسماكها وحشراتها. أصبح الليل لا يطاق والنوم معناه الجنون. الريح تلقح التراب، والجسد الصحراوي يعلن ظمأه.” (المجموعة:55-56)
ولكن من الملاحظ وجود محاولات لخلق عالم يوتوبي وسط الدستوبيا المُرَّة كمدلول نصي للواقع المعاش، فمعظم شخصيات القصص تحاول أن تجد لها فسحة مريحة في عملية الإصرار على ديمومة الحياة من خلال مقارعة السلطة بالرغم من الأخطار والمعارضة الشديدة التي تواجهها سواء من السلطة نفسها أم من المحيطين بها، أحياناً يتم إضفاء صفات البطولة على الشخصيات التي تقف بوجه السلطة: “… فمقارعتها وعدم الانصياع لأوامرها صفة رجال مدينتي…” (الموت رسماً: 9)”، أو الموت بكرامة: “فارتضى الوقوف قُبالة بنادقهم، رافضاً تغطية عينيه أو ربط يديه،…” (Kodak: 84)، ؛ أو محاولة الانعتاق من عالمها البائس تجاه عوالم أبعد تنشد فيه الحرية حتى وإن كانت الأخيرة مجهولة لها: “كل يوم تسجل المدينة حالات هروب، تساعدها في ذلك طبيعة الأرض وتنوع وسائل النقل.” (لمهيثا: 72)؛ أو أن تطلق العنان لرغباتها بالرغم من الخطر المحدق من جموح هذه الرغبات: “… فقد اقتطعتُ متراً مربعاً من حديقة المنزل أحتطه بسياجٍ ونثرتُ البذور بعد فلاحة الأرض. كنتُ فرحاً وأنا أراقبُ البراعمَ تولدُ من رحمٍ يجدُ صورتَهُ في عينيَّ ممتزجةً برفضٍ يتقنعُ بالخوفِ من توسّعِ مساحة رغباتي وهو ما تحاول عائلتي الحدَّ منهُ.” (الموت رسماً: 11)، وفي نص آخر نجد أن الشخصيات تعود إلى الماضي في محاولة لإيجاد متنفس يوتوبي: “يسترجعان تاريخاً من القصص والحكايات في مدينة لا وجود لها إلّا في ذاكرتيهما… تمتد لسنوات خضراء حافلة بالحياة، …” (المجموعة: 44).
ختاماً لا يسعني إلا أن أقول إن المجموعة القصصية “أفتش عن أقدامي في وجه الشارع” للقاص كامل فرعون تمتاز بعمق لغتها وتجريب صياغتها وحسن معالجتها لفضاء سردي معبر عن واقع بائس عشناه يوماً ومازالت آثاره النفسية والجسدية تنخر في أجسادنا، مجموعة تستحق أن نقف عندها ونقرأها ونكتب عنها.
قائمة المصادر
الكتب المترجمة:
- دي سي ميويك، المفارقة وصفاتها، ت عبد الواحد لؤلؤة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1 (بيروت، 1993)، لبنان.
- تزفتان تودوروف، الشعرية، ترجمة شكري المبخوت ورجاء سلامة، دار توبقال، المغرب، 1987.
الكتب العربية:
- كامل فرعون، أفتش عن أقدامي في وجه الشارع، مجموعة قصصية، دار أمل الجديد، ط1 (دمشق، 2018)، سورية.
- عبدالهادي عبدالله المياح، آسف فوق البحر، مجموعة قصصية، دار أمل، ط1، (دمشق، 2016)، سورية.
- ضياء جبيلي، لا طواحين هواء في البصرة، مجموعة قصصية، دار سطور، ط1،(بغداد، 2018)، العراق.
الدوريات العربية:
- نجاة علي، المفارقة في النقد الغربي، مجلة نزوى، العدد (53)، سلطنة عمان، 1 يناير، 2008.
الكتب والدوريات الأجنبية:
- Baldick, Chris (2008), The Oxford Dictionary of Literary Terms. Oxford: Oxford UP.
- A. Cuddon (1999), Dictionary of Literary Terms & Literary Theory, 4th. Ed, Penguin, London.
- Muek , D. C. (1982), Irony and Ironic, Methuen, London.
- Muek , D. C. (1988), The compass of Irony, Methuen, London and New York.
- Noel Gough (2008), “Narrative experiments and imaginative inquiry”, South African Journal of Education, (EASA) Vol 28.
- Natalia Cecire (2015), “Experimentalism by contact”. Diacritics, 43 (1).
- Paul Stephens (2012), “What Do We Mean by “Literary Experimentalism?” Notes Toward a History of the Term.” Arizona Quarterly: A Journal of American Literature, Culture, and Theory 68, no. 1.
- Sheeba (2017),“Postmodern literature: Practices and Theory”, Excellence International Journal of Education and Research, Vol: 4 Issue: 3 March 2017.
- Wendy Knepper & Sharae Deckard (2016), “Toward a Radical World Literature: Experimental Writing in a Globalizing World”, ariel, John Hopkins Univ. Press, Vol 47, No 1-2, Jan. – April 2016.
المواقع الالكترونية:
- https://writersrelief.medium.com
- https://en.m.wikipedia
- https://doi.org/10.4148/2334-4415.1927
- https://www.alnaked-aliraqi.net/
- https://www.britannica.com/
- https://www.merriam-webster.com/
- https://literarydevices.net/dystopia/
- https://www.readwritethink.org/
- https://www.marefa.org
([1] ) كامل فرعون، أفتش عن أقدامي في وجه الشارع، مجموعة قصصية، دار أمل الجديد، ط1 (دمشق، 2018)، سورية.
([2] ) ضياء جبيلي، لا طواحين هواء في البصرة، مجموعة قصصية، دار سطور، ط1،(بغداد، 2018)، العراق.
([3] ) عبدالهادي عبدالله المياح، آسف فوق البحر، مجموعة قصصية، دار أمل، ط1، (دمشق، 2016)، سوريا.
([4]) “Experimental Fiction: What Is It And Who’s Publishing It”, https://writersrelief.medium.com
([5]) Baldick, Chris (2008), The Oxford Dictionary of Literary Terms. Oxford: Oxford UP.
([6]) J. A. Cuddon (1999), Dictionary of Literary Terms & Literary Theory, 4th. Ed, Penguin, London, pp 296.
([7] ) عالم سرديات واستاذ اللغات الرومانسية في الجامعات الفرنسية والأمريكية، ولد في الإسكندرية في مصر 1942، حصل على الماستر من جامعة فلوريدا والدكتوراه من جامعة براون 1968، يكتب باللغتين الإنجليزية والفرنسية وله عدد كبير من المؤلفات في حقل السرد والأدب المقارن، {وتمثل هذه المقاربة وجهة نظر المدرسة الفرنسية لذلك نجد أن موقع الفرونكوفونية يروج لطروحاته}، أنظر: موقع دراسات الفرنكوفونية، وكذلك الموسوعة الحرة https://en.m.wikipedia
([8] ) Warren Motte (2018), “Experimental Writing, Experimental Reading,” Studies in 20th & 21st Century Literature: Vol. 42: Iss. 2, Article 6. https://doi.org/10.4148/2334-4415.1927
([9]) Paul Stephens (2012), “What Do We Mean by “Literary Experimentalism?” Notes Toward a History of the Term.” Arizona Quarterly: A Journal of American Literature, Culture, and Theory 68, no. 1, Pp: 143-173.
([10]) Dr. Sheeba (2017),“Postmodern literature: Practices and Theory”, Excellence International Journal of Education and Research, Vol: 4 Issue: 3 March 2017. Pp: 184-185.
([11]) Noel Gough (2008), “Narrative experiments and imaginative inquiry”, South African Journal of Education, (EASA) Vol 28. Pp 335-349.
([13]) Natalia Cecire (2015), “Experimentalism by contact”. Diacritics, 43 (1), pp. 6-35.
([14] ) جميل الشبيبي، “من ملامح التجريب في القصة العراقية القصيرة المشهد القصصي العراقي بداية التسعينات انموذجاً”، الناقد العراقي: https://www.alnaked-aliraqi.net/
([15] ) Wendy Knepper & Sharae Deckard (2016), “Toward a Radical World Literature: Experimental Writing in a Globalizing World”, ariel, John Hopkins Univ. Press, Vol 47, No 1-2, Jan. – April 2016, pp 1-25.
([16]) “Experimental Fiction: What Is It And Who’s Publishing It”, https://writersrelief.medium.com
([17]) “Experimental Fiction: What Is It And Who’s Publishing It”, https://writersrelief.medium.com
([18])Britannica, T. Editors of Encyclopaedia (2020, October 22). Event. Encyclopedia Britannica. https://www.britannica.com/topic/Event.
([19] ) تزفتان تودوروف، الشعرية، ترجمة شكري المبخوت ورجاء سلامة، دار توبقال، المغرب، 1987، ص70.
([20])Britannica, T. Editors of Encyclopaedia (2020, October 22). Sitting. Encyclopedia Britannica. https://www.britannica.com/topic/Sitting
([21]) “Experimental Fiction: What Is It And Who’s Publishing It”, https://writersrelief.medium.com
([22] ) ايفان بتروفتش بافلوف ( (1849-1936، طبيب وعالم نفسي روسي، حصل على جائزة نوبل في الطب في عام 1904 لأبحاثه المتعلقة بالجهاز الهضمي، ومن أشهر أعماله نظرية الإستجابة الشرطية التي يفسر بها التعلم. أنظر: https://www.marefa.org
([23]) Muek , D. C. (1982), Irony and Ironic, Methuen, London, p82.
([24] ) دي سي ميويك، المفارقة وصفاتها، ت عبد الواحد لؤلؤة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1 (بيروت، 1993)، ص18.
([25] ) دي سي ميويك، المفارقة، مصدر سابق، ص 42-63.
([26] ) نجاة علي، المفارقة في النقد الغربي، مجلة نزوى، العدد (53)، سلطنة عمان، 1 يناير، 2008، ص 74.
([27]) Muek , D. C. (1988), The compass of Irony, Methuen, London and New York, p 102-103.
([28]) https://www.merriam-webster.com/dictionary/dystopia. Accessed 2 Sep. 2021.
([29]) https://www.merriam-webster.com/dictionary/dystopia. Accessed 2 Sep. 2021.
([30]) Britannica, T. Editors of Encyclopaedia (2020, October 22). utopia. Encyclopedia Britannica. https://www.britannica.com/topic/utopia