إشكاليَّات التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي
(دراسة مقارنة بين القانونيين العراقي والمصري)
Problems of the legal organization to explain the ambiguity of the civil judicial rule in Iraqi law (A comparative study between Iraqi and Egyptian laws)
د. عبد المنعم عبد الوهاب العامر ، نقابة المحامين العراقيين
Dr. Abdelmonem Alaamer, Iraqi Bar Association
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة – العدد 14– الصفحة 85.
Abstract:
The civil judicial ruling must be clear that it can be implemented, as a young man with ambiguity or thumb, required the intervention of the court that issued it to explain it. This study examined the provisions of the interpretation of the ambiguity of civil judicial rule in Iraqi law compared to those of Egyptian law to identify the problems of legal regulation to explain the ambiguity of civil judicial rule in Iraqi law. The study concluded by recommending that the structure of that organization be fixed through two proposals, the first recommending amending the applicable Civil Arguments Act and adding a new provision to it that would give opponents the right to request an explanation of the ambiguity of the judgment from its court, specify the terms and implications of that regulation, and recommend amending the text of article 10 of the applicable enforcement law.
Keywords: Interpretation of the ambiguity of the judicial judgment, Iraqi law.
ملخص:
يفترض بالحكم القضائي المدني أن يكون واضحاً لإمكان تنفيذه، فأن شاب منطوقه غموض أو إبهام، أقتضى تدخل المحكمة التي أصدرته لتفسيره. تناولت هذه الدراسة استعراض أحكام تفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي بالمقارنة مع مثيلتها في القانون المصري وصولاً لتحديد الإشكاليات التي يعاني منها التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي. وخلصت الدراسة إلى التوصية بإصلاح الخلل في بنية ذلك التنظيم من خلال مقترحين، يوصي الأول بتعديل قانون المرافعات المدنية النافذ وإضافة نص جديد له يقضي يمنح الخصوم الحق بطلب تفسير غموض الحكم من المحكمة التي أصدرته، ويحدد شروط ذلك والآثار المترتبة عليه، ويوصي الثاني بتعديل نص المادة/10 من قانون التنفيذ النافذ .
الكلمات المفتاحية: تفسير غموض الحكم القضائي، القانون العراقي.
مُقَـدمــة:
لا شك أن الغاية المتوخاة من الحكم القضائي المدني هي تمكين صاحب الحق من اقتضاء حقه بالقانون، مما يستوجب أن يكون الحكم قابلاً للتنفيذ، وذلك بأن يكون صادراً من محكمة مختصة وفقاً للإجراءات المرسومة قانوناً، متضمناً فقرة حكمية واضحة ملزمة بأداء شيء معين أو القيام أو الامتناع عن عمل معين، وخالياً من العيوب.
ويعد الغموض أو الإبهام في منطوق الفقرة الحكمية من العيوب التي تمس وضوح الحكم وتخل بإمكانية تنفيذه على الوجه الصحيح. لذا يتوجب على المحكمة صياغة حكمها بلغة سليمة وبسيطة بعيدة عن التكلف والتعقيد، وأن تكون مفردات منطوقه قاطعة في دلالتها لا تشوبها جهالة أو إبهام، واضحة في معانيها لا يكتنفها لبس أو غموض، وذلك منعاً لإمكانية تأويل الفقرة الحكمية، أو أي جزء منها، عند تنفيذها، لغير ما قصدته المحكمة فيها. غير أن الحكم القضائي المدني هو نتاج لتقدير إنساني، وبالتالي فهو لا يخلو من احتمالية أن يشوبه عيب الغموض بسبب خطأ في التقدير، أو نسيان من القاضي الذي أصدره، مما سيحول بين صاحب الحق وبين استيفاءه لحقه كاملاً، ويؤدي بالتأكيد لفشل الحكم القضائي بتحقيق الغاية المرجوة منه. لذلك حَرَصت التشريعات على تضمين القوانين الإجرائية تنظيماً قانونياً لتفسير ما قد يكتنف الحكم القضائي المدني من غموض تلافياً لهذا العيب، وضمانة لتنفيذ الحكم تنفيذاً صحيحاً وفقاً لما فصل فيه من الحقوق.
ولا خلاف بين التشريعات العربية على اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم موضوع الغموض بتفسيره، إلا أنها تتباين في الإجراء المتبع بشأن التفسير، فمنها مَن أناط الحق بطلب التفسير بالجهة المختصة بتنفيذ الحكم القضائي دون الخصوم، كما في القانون العراقي والقانون الأردني، ومنها مَن أسند للخصوم هذا الحق دون سواهم، كما في القانون المصري والقانون الكويتي. وبينما اعتمدت الفئة الأولى من القوانين مسلك مفاتحة الجهة التنفيذية لمحكمة الموضوع عَبر المراسلات الرسمية، اعتمدت الفئة الثانية من القوانين مسلك منح الخصوم الحق بإقامة الدعوى لدى المحكمة التي أصدرت الحكم موضوع الغموض لتفسيره.
أهمية البحث:
يستمد البحث في موضوع تفسير غموض الحكم القضائي المدني أهميته من ضرورة تحقيق الحكم القضائي المدني لغايته المرجوة منه؛ وهي تمكين صاحب الحق من استيفاء حقه من خلال تنفيذ ما قضى به منطوق ذلك الحكم. فغموض الحكم يمنع من تنفيذه على الوجه السليم، مما يحول دون إيصال الحق لصاحبه بالقانون.
مشكلة البحث:
أرتكز هذا البحث على تساؤل مركزي مفاده: ما هي الإشكاليات التي يعاني منها التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي في القانون العراقي؟. وفي معرض البحث عن إجابة حاسمة ووافية لهذا التساؤل كان لابد لنا أن نضع هذا التنظيم بالمقارنة مع تنظيم مقابل يعتمد مسلكاً مغايراً لمسلكه فاخترنا التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي في القانون المصري، ثم كان علينا مواجهة العديد من الأسئلة الفرعية عن معنى الغموض في الحكم القضائي وحدوده؟. وعن المقصود بتفسيره؟. وعن ضوابطه وشروطه وإجراءاته؟. وعن الآثار القانونية المترتبة عليه؟، والإجابة عليها.
فرضية البحث:
انطلق البحث من فرضية أن الإشكاليات التي يثيرها التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي إنما ترجع إلى خلل بنيوي في ذلك التنظيم، وأن تجاوز هذه الإشكاليات يقتضي أصلاح بنيته من خلال اعتماد مسلك قانوني مغاير للمسلك المتبع في معالجة موضوعه.
منهجية البحث:
أعتمد البحث المنهج التحليلي المقارن لدراسة النصوص القانونية المتعلقة بتفسير غموض الحكم القضائي في القانون العراقي والقانون المصري للوقوف على الأحكام الخاصة بكل منهما مع الاستعانة بالتطبيقات القضائية والاجتهادات الفقهية وصولاً للإجابة على التساؤل المركزي للبحث وسائر الأسئلة الفرعية المرتبطة به.
هيكلية البحث:
تم تقسيم البحث إلى مبحثين، استعرضنا في الأول منهما مفهوم تفسير غموض الحكم القضائي المدني من خلال تعريفه لغةً واصطلاحاً، وتمييزه عن مفهوم تصحيح الخطأ المادي (الكتابي أو الحسابي) الذي يرد على الحكم القضائي. وتناولنا في المبحث الثاني شروط وإجراءات تفسير الحكم القضائي المدني وبيان الآثار القانونية المترتبة على القرار الصادر بالتفسير. ثم انهينا البحث بخاتمة توجز ما توصلنا إليه من استنتاجات وتقترح المناسب من التوصيات.
المبحث الأول: مفهوم تفسير غموض الحكم القضائي المدني
يفترض بالحكم القضائي المدني أن يكون واضحاً جلياً لإمكان تنفيذه، فأن شاب منطوقه شيء من الغموض استعصى تنفيذه، مما يقتضي تفسير المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم لما اعتراه من غموض ضماناً لتنفيذه على الوجه الصحيح. وللإحاطة بمفهوم تفسير غموض الحكم القضائي المدني نقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نخصص الأول منهما لتعريف تفسير غموض الحكم القضائي المدني، ونتناول في الثاني تمييزه عن تصحيح الخطأ المادي البحت الذي يرد على الحكم القضائي المدني.
المطلب الأول: التعريف بتفسير غموض الحكم القضائي المدني
التعريف بتفسير غموض الحكم القضائي المدني يقتضي بيان دلالته لغةً واصطلاحاً، ونخصص لكل منهما فرعاً مستقلاً.
الفرع الأول: تعريف تفسير غموض الحكم القضائي لغةً
التفسير في اللغة هو كشف المرادُ عن اللفظ المُشكل وبيان معناه. وتفسير الشيء هو ما يُعرَفُ معناه[1]. قال تعالى:)وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا([2].
والغموض مصدر للفعل غَمَضَ الذي يأتي في اللغة بمعانٍ عديدة منها الخفاء، فتقول: غَمَضَ الأمرُ أو الشيءُ بمعنى خَفيَّ. وتقول: غَمَضَ فلانٌ في الأرض إذا ذهبَ وغابْ. والغامِضُ من الكلام خلافُ الواضح[3].
أما الحُكمُ فمصدر للفعل حَكَمَ يأتي في اللغة دالاً على عدةِ معانٍ منها القضاء[4]. قال تعالى:وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[5].
والقضائي نسبة إلى القضاء بمعنى الحُكم، مصدر للفعل قضى أي: حَكَمَ[6]. قال تعالى:وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[7]
الفرع الثاني: تعريف تفسير غموض الحكم القضائي اصطلاحاً
لم يورد المشرع العراقي –شأنه في ذلك شأن سائر القوانين الإجرائية العربية- تعريفاً لمعنى الغموض في الحكم القضائي المدني مكتفياً بالنص عليه. أما في الفقه القانوني فثمة العديد من التعاريف التي تختلف في صياغتها لكنها تتفق في مضمونها حيث يقصد به: العيب الذي يعتري منطوق ذلك الحكم ويجعله مبهماً أو ذي جهالةً كلياً أو في جزءٍ منه مما يحول معه الوقوف على ما قصدته المحكمة في حكمها أو يسمح باحتمال تفسيره على أكثر من معنى، فيثير بذلك إشكالاً جدياً عند تنفيذه[8].
والغموض الذي يعتري الحكم القضائي المدني قد يكون كلياً يكتنف كامل منطوقه أو فقرته الحكمية كما لو أغفلت المحكمة تحديد تسلسل العقار المطلوب رفع التجاوز عنه وموقعه ومساحته. وقد يكون جزئياً ينحصر في جزء من منطوقه أو فقرته الحكمية كما لو حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بتأديته للمدعي مبلغاً معيناً وأغفلت بيان نوع العملة. وسواء كان الغموض الذي أصاب الحكم القضائي المدني كلياً أم جزئيا، فمن البداهة أن يتعذر على الجهة المعنية بتنفيذه[9] تنفيذه بالكامل دون إزالة ما اعتراه من غموض. لذا يوجب القانون على الجهة المنفذة تأخير تنفيذ الفقرة الغامضة من الحكم المودع لديها لحين ورود قرار من المحكمة التي أصدرت الحكم المنفذ يُفسر ما اعتراه من الغموض ويُمَكَّن من تنفيذه على الوجه الصحيح.
لقد جاء في المادة/10 من قانون التنفيذ العراقي رقم (45) لسنة 1980″للمنفذ العدل أن يستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم عما ورد فيه من غموض..”، وجاء في المادة/192 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 المعدل: “للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام..”. فيُلاحظ أن المشرع العراقي استخدم كلمة “يستوضح” في نص المادة/10 تنفيذ عوضاً عن كلمة “تفسير” التي استخدمها المشرع المصري في نص المادة/192مرافعات مصري. والفعل يَستَوضِحُ يأتي بمعنى يَبحَثُ، كقولكَ: يَستَوضِحُ المُعجَمَ من حينٍ لآخرَ. كما ويأتي أيضاً بمعنى يستفسر، كقولكَ: يَستوضِحُ عما جرى بالأمس. واستوضَحتُ منه عن الكلامِ سألتُ أن يُوَضِحَهُ لكَ. فالاستيضاح هو الاستفسار عن الشيء[10]. أما التفسير لغة –كما تقدم- فهو: كشف المرادُ من اللفظ المُشكل وبيان معناه. وتفسير الشيء ما يُعرَفُ معناه. فيتبين لنا بأن كلمة “تفسير” أدق دلالة على مضمون طلب رفع الغموض عن الفقرة الحكمية من كلمة الاستيضاح التي تنحصر دلالتها بالاستفسار عن هذه الفقرة دون أن يتعدى ذلك إلى الكشف عما فيها من إشكال أو إبهام يعتري مكوناتها لفظاً ومعنى، مما يقتضي تعديل نص المادة المذكورة وفقاً لما تقدم.
ولما كان الحكم القضائي هو عمل تقديري من القاضي لوقائع النزاع المعروض عليه وإنزال حكم القانون عليها، لذا فأن تفسير ما قد يعتري الفقرة الحكمية من غموض يقتضي البحث في العناصر الموضوعية المكونة للحكم (الوقائع والنص القانوني) بعيداً عن أي اعتبار شخصي لإرادة القاضي الذي أصدره. وعليه فأن تفسير المحكمة لغموض الفقرة الحكمية يجب أن يكون تفسيراً موضوعياً متقيداً ببيان منطوق ذلك الحكم عَبرَ إزالة ما أُستفهم عنه من إبهام أو غموض؛ بمعنى أن لا يكون التفسير مخالفاً لما قضت به المحكمة بمنطوق الحكم، أو للأسباب التي بُنيًّ عليها، وأن لا يمس بالتعديل أو التبديل أياً منهما، لأن في ذلك أهدار لحجية الشيء المقضي فيه في الحكم موضوع التفسير[11].
المطلب الثاني: التمييز بين تفسير غموض الحكم القضائي المدني وتصحيح الأخطاء المادية التي ترد عليه
تولت المادة/167 من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل معالجة مسألة تصحيح ما قد يقع في الأحكام القضائية المدنية من أخطاء مادية بحتة، كتابية أو حسابية، حيث جاء فيها: “1- لا يؤثر في صحة الحكم ما يقع فيه من أخطاء مادية بحتة – كتابية أو حسابية- وإنما يجب تصحيح هذا الخطأ من قبل المحكمة بناءً على طلب الطرفين أو أحدهما. 2- إذا وقع طلب التصحيح، دعت المحكمة الطرفين لاستماع أقوالهما أو من حضر منهما بشأنه وأصدرت قرارها بتصحيح الخطأ الواقع. 3- يُدَوَّن قرار التصحيح حاشية للحكم الصادر ويسجل في سجل الأحكام ويبلغ الطرفين”.
وفقاً للنص المتقدم يتضح بأن تصحيح الخطأ المادي البحت في الحكم القضائي المدني يشترك مع تفسير الغموض الوارد فيه في أنهما إجراءين يتعلقان بالحكم القضائي المدني. وأن النص عليهما جاء لتلافي خطأ معين في تقدير القاضي لكامل العناصر الموضوعية المكونة للحكم مما يترتب عليه عدم أمكانية تنفيذ ذلك الحكم على الوجه الصحيح. وأن الجهة المختصة بنظر كل منهما واتخاذ ما يقتضيه من إجراءات هي المحكمة التي أصدرت الحكم موضوع التصحيح أو الغموض. ومع ذلك فأن هذين الإجراءين يختلفان في أربعة عناصر أساسية، الأول: أن تفسير غموض الحكم القضائي المدني يقتضي سبق إيداعه لدى دائرة التنفيذ لإمكانية نظر المحكمة فيه، فيما لا يستلزم تصحيح الخطأ المادي البحت الوارد في الحكم ذلك حيث يجوز للمحكمة البت فيه حتى قبل تنفيذه. الثاني: أن تفسير غموض الحكم القضائي المدني ينصب على منطوق ذلك الحكم ولا يتجاوزه إلى مكونات الحكم القضائي الأخرى، فيما لا ينحصر تصحيح الخطأ المادي البحت في الحكم القضائي المدني بأي جزء منه، إذ يمكن أن يتناول اسم المحكمة أو اسم القاضي أو أسماء الخصوم أو تاريخ إصدار الحكم أو ذكر رقم أو عدد معين أو غير ذلك من الأخطاء الكتابية أو الحسابية التي ترد في قرار الحكم بكامله. الثالث: أن طلب تفسير غموض الحكم القضائي المدني -وفقا لنص المادة/10 تنفيذ- مناط حصراً بالمنفذ العدل، فلا يجوز للخصوم مباشرته ابتداءً، فيما خصت المادة/167ف1 مرافعات مدنية الخصوم وحدهم بطلب تصحيح الخطأ المادي البحت في الحكم القضائي المدني. الرابع: لقد أجازت المادة/216 من قانون المرافعات المدنية للخصوم الطعن تمييزاً في قرار المحكمة بقبول أو ردِّ طلب تصحيح الخطأ المادي البحت في الحكم القضائي المدني لدى محكمة استئناف المنطقة بصفتها التمييزية أن كان صادرا من محكمة درجة أولى (محكمة بداءة أو محكمة أحوال شخصية أو محكمة مواد شخصية)، أو أمام محكمة التمييز الاتحادية أن كان صادراً من محكمة الاستئناف[12]، بينما لا نجد نصاً في القانون يُجيز لأطراف العلاقة (المنفذ العدل أو الخصوم) الطعن تمييزاً بقرار المحكمة قبول أو رفض طلب تفسير الحكم القضائي المدني موضوع الغموض، برغم أهمية الآثار المترتبة على صيرورة الحكم القضائي وإمكانية تنفيذه تبعاً لذلك القرار.
المبحث الثاني: شروط وإجراءات تفسير غموض الحكم القضائي المدني والآثار المترتبة على القرار الصادر بالتفسير
ثمة شروط محددة وإجراءات متبعة لتفسير غموض الحكم القضائي المدني، كما وتترتب آثار قانونية على القرار الصادر بالتفسير، تناول كل من هذين الموضوعين في مطلب مستقل.
المطلب الأول: شروط وإجراءات تفسير غموض الحكم القضائي المدني
يستفاد من نص المادة/10 تنفيذ[13]، ومن الأحكام القضائية المتصلة بها والشروح الفقهية المتعلقة بموضوعها، أن ثمة شروط وإجراءات لتفسير ما قد يعتري منطوق الحكم القضائي المدني من غموض، نتناول كلاً منهما في فرع مستقل مع الإشارة لمثيلتيها في القانون المصري.
الفرع الأول: شروط تفسير الحكم القضائي المدني
أولاً: الجهة المعنية بطلب التفسير:
أتبع المشرع العراقي مسلكاً مغايراً لمسلك المشرع المصري في كيفية تحريك طلب تفسير ما يعتري الحكم القضائي المدني من غموض. فبينما أجازت المادة/192 مرافعات مصري للخصوم الطلب من المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما في منطوقه من غموض، على أن يُقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى[14]، نجد أنه قد جاء في صدر المادة/10 تنفيذ ما نصه: “للمنفذ العدل أن يستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم عما ورد فيه من غموض..”، وهذا يعني أن المشرع العراقي قد خَصَّ المنفذ العدل –دون الخصوم- بحق طلب تفسير ما قد يعتري الحكم القضائي المدني من غموض بناءً على اقتناعه هو –وليس الخصوم- بوجود غموض في الحكم المنفذ، وقَصَّرَ تحريك طلب التفسير على المفاتحة عبر المراسلات الرسمية بين المنفذ العدل والمحكمة التي أصدرت الحكم موضوع الغموض. كما ويفهم من النص المذكور بأن تحريك طلب تفسير الحكم القضائي مُقَيَّد بسبق إيداع ذلك الحكم لدى دائرة التنفيذ والشروع فعلياً بإجراءات تنفيذه، وباقتناع المنفذ العدل بوجود غموض في الحكم المنفذ. وحيث أن ثمة الكثير من الأحكام القضائية المدنية لا تُودع لدى دوائر التنفيذ أما لأنها أحكاماً غير ملزمة يتعذر تنفيذها جبراً كالحكم بثبوت الرابطة الزوجية بين رجل وامرأة، أو كالحكم بفسخ عقد أيجار لعقار معين قبل إشغاله من قبل المحكوم عليه، وسواها من الأحكام التي لا تتضمن إلزام المحكوم عليه بعمل أو تسليم أو ترك شيء معين، وإما لأن الاختصاص بتنفيذ مضامين بعض الأحكام القضائية هو من أعمال دوائر أخرى غير دوائر التنفيذ، كالحكم الصادر بثبوت نسب حيث تختص به دائرة الأحوال المدنية، أو كالحكم الصادر بتسجيل عقار حيث تختص بتسجيله دائرة التسجيل العقاري، وكالحكم الصادر بإلغاء عقوبة موظف حيث تختص بتنفيذه دائرة الموظف، لذا فأن هذا القيد يُقَلَّص من نطاق شمول إجراء تفسير الغموض الوارد على الأحكام القضائية المدنية ليستوعب كافة الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم المدنية ليحصره فقط في المودع من تلك الأحكام لدى الدوائر التنفيذية، وبالتالي يَحدّ من فعالية هذا الإجراء من خلال مصادرته لحق الخصوم في سلوك هذا الإجراء لضمان تلافي ما يمكن أن يُخل بتنفيذ الأحكام المعنيين بها على الوجه الصحيح متوافقاُ مع مقاصدها، مما يدعو لمطالبة المشرّع العراقي بتقنين تفسير غموض الحكم القضائي المدني ضمن قانون المرافعات المدنية النافذ لضمان شمول أحكامه كافة الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم المدنية وبغض النظر عن الجهة المناط بها تنفيذ تلك الأحكام.
ثانياً: المحكمة المختصة بنظر طلب التفسير.
تُصَرَّح المادة/10 تنفيذ بأن المحكمة التي أصدرت الحكم موضوع الغموض هي ذاتها المحكمة المختصة بنظر طلب تفسيره. لذا فأن المنفذ العدل ملزم بمفاتحة المحكمة التي أصدرت الحكم المنفذ لدى دائرته للاستيضاح منها عما يجده في منطوق ذلك الحكم من غموض.
أما في مصر فوفقاً لنص المادة/192 مرافعات مصري تختص المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تفسيره بنظر دعوى تفسيره سواء كانت هذه المحكمة من محاكم الدرجة الأولى أو الثانية. ولا يشترط نظر هذه الدعوى من ذات القاضي أو الهيئة القضائية التي أصدرت الحكم المطلوب تفسيره، لأن المقصود بتفسير الحكم –كما تقدم بنا- ليس البحث في إرادة القاضي الذي أصدره، وإنما تحديد ما تضمنه ذلك الحكم من تقدير للعناصر الموضوعية المكونة له[15].
ثالثاً: أن يكون الحكم غامضاً
ويشترط في الحكم المطلوب تفسيره أن يكون منطوقه مشوباً بالغموض أو الإبهام في جميع كلماته وعباراته أو في جزء منها، مما يستعصي معه التثبت من حقيقة ما قصدته المحكمة بذلك الحكم. فإن خلا الحكم من شائبة الغموض أو الإبهام فعلى المحكمة المعنية بالتفسير رَدّ طلب تفسيره. ويرى جانب من الفقه القانوني قبول طلب تفسير الحكم إذا شاب الغموض ما يرتبط بمنطوقه من الأسباب والحيثيات[16]. ويجب أن ينصب طلب التفسير على الفقرة الحكمية الغامضة فقط، فلا يجوز أن يتضمن أي مطلب صريح أو ضمني، مباشر أو غير مباشر، لتعديل الحكم المطلوب تفسيره.
ويستخلص من نص المادة/10 تنفيذ بأن تقدير وجود غموض في الحكم القضائي من عدمه معقود ابتداءً بالمنفذ العدل وحده دون الخصوم. وبرغم أن القضاء العراقي قد أستقر على أن تقدير المنفذ العدل بوجود غموض في الحكم القضائي المودع لدى دائرته يلزمه –وفقاً لنص المادة/10 تنفيذ- بمفاتحة المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم للاستيضاح منها عما يكتنفه من غموض، فلا يسوغ له –بكل الأحوال- الاجتهاد بتفسير الفقرة الحكمية الغامضة أو الخوض بتفسيرها بناءً على فهمه لها أو لحيثيات الحكم وأسبابه، كون ذلك ليس من اختصاصه الوظيفي[17]، وهو ما يعني بأن الفصل بمسألة وجود غموض في الحكم المنفذ من عدمه سيبقى معقوداً بالنهاية بالمحكمة التي أصدرت ذلك الحكم..، غير أن إناطة تقدير وجود غموض في الحكم المنفذ ابتداءً بالمنفذ العدل وحده دون الخصوم يُعد مسلكاً منتقداً لكونه يلغي أي رأي للخصوم بهكذا تقدير عندما لا يقتنع المنفذ العدل بوجود غموض في الحكم المنفذ، ويحرمهم بالتالي من فرصة تقييم محكمة الموضوع لما قدروه والنظر فيه والبت بأمره، مع أنهم هم وحدهم المعنيين بما فصل فيه الحكم المنفذ من حقوق، وبضرورة تنفيذ ما قضى به على الوجه الصحيح، لذا لابد من تدخل المشرّع العراقي لتغيير هذا المسلك والنص على منح الخصوم الحق بالطلب من المحكمة التي أصدرت الحكم أزلة ما يعتريه من الغموض وتفسيره وفقاً لمستندات الدعوى وحيثياته.
رابعاً: أن يكون الحكم قطعياً
الحكم القطعي هو القرار الصادر عن محكمة الموضوع الذي تنتهي به الدعوى ويخرج النزاع بصدوره عن ولاية هذه المحكمة، فهو حكم فاصل في النزاع المعروض على المحكمة لكنه ليس حكماً حاسماً للنزاع لكونه يقبل الطعن بطرق الطعن القانونية المقررة له. أما الحكم الحاسم للنزاع فهو الحكم البات الذي لا يُقبل الطعن به (إلا بطريق إعادة المحاكمة)[18]، ويكتسب حجية الأمر المقضي به فلا يجوز قبول أي دليل ينقض حجيته[19].
وقد ذهب بعض شراح القانون العراقي والباحثين فيه إلى اشتراط اكتساب الحكم درجة البتات لقبول تفسيره؛ بمعنى أن يكون الحكم قد استنفذ كافة طرق الطعن المقررة له قانوناً. ويعللون ذلك بأن تفسير الأحكام غير الباتة إنما يكون من خلال الطعن فيها بالطريق القانوني المتاح للطعن فيها قانوناً[20]. ونرى أن هذا الاشتراط لا سند له في القانون، حيث أن القانون العراقي لا يتضمن نصاً صريحاً أو ضمنياً يشترط اكتساب الحكم القضائي المدني درجة البتات لإمكان قبول تفسيره. علاوة على ذلك فأن هذا الاشتراط مغالى فيه لعموميته، إذ أن القانون العراقي لا يجيز تأخير تنفيذ جميع الأحكام القضائية المدنية عند الطعن بها، وإنما قَصَرَ تأخير التنفيذ عند الطعن بالحكم القضائي الغيابي بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي، أو عند الطعن فيه بطريق الاستئناف، ما لم يكن ذلك الحكم مشمولاً بالنفاذ المعجل، فأن كان مشمولاً بالنفاذ المعجل فلا يؤخر تنفيذه بنص القانون. أما الطعن بطريق التمييز فلا يؤخر تنفيذ الحكم إلا إذا كان الحكم متعلقاً بحيازة عقار أو حق عقاري[21]. وأخيراً –وبقدر اطلاعنا- فأننا لم نجد في قرارات الهيئات القضائية التمييزية ما يؤيد اعتمادها هذا الاشتراط.
أما القضاء والفقه المصريان فيشترطان لقبول دعوى تفسير الحكم أن يكون ذلك الحكم قطعياً، سواء أكان حكماً موضوعياً فاصلاً في نزاع معروض على المحكمة المختصة، أو كان حكماً وقتياً صادراً من القضاء المستعجل يخص موضوعاً لنزاع ولا يتعرض لأصله[22]. ويرى جانب من الفقه الإجرائي في مصر جواز طلب تفسير القرارات الوقتية التي يصدرها القاضي أثناء السير في الدعوى باعتبارها أحكاماً غير قطعية كما لو قررت المحكمة ندب خبير دون أن تحدد مهمته تحديدا دقيقا خلافا لنص المادة/135 إثبات مصري[23]. وقد رُدَّ على هذا الرأي بأن القرارات التي تتخذها المحكمة خلال السير في الدعوى ذات صفة وقتية وليست أحكاماً قطعية، وبالتالي فان إزالة ما يمسها من الغموض أو الإبهام إنما يتم خلال نظر ذات الدعوى دونما حاجة إلى تحريك دعوى مستقلة بذلك[24].
الفرع الثاني: إجراءات تفسير غموض الحكم القضائي المدني
خولت المادة/10 تنفيذ المنفذ العدل مفاتحة المحكمة التي أصدرت الحكم المودع لدى دائرته للاستيضاح منها عما يجده من غموض في منطوق الحكم. وتتم المفاتحة بكتاب رسمي يوجه إلى المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم.
ويلاحظ بأن نص المادة/10 تنفيذ لم يتضمن تحديد سقف زمني للمنفذ العدل لرفع طلب الاستيضاح عن الحكم القضائي المشوب بالغموض إلى المحكمة التي أصدرته، بالنظر لأن الغموض في الحكم المنفذ قد يدركه المنفذ العدل ابتداءً عند الشروع بتنفيذه، وقد لا يدركه إلا بعد قطع شوط في إجراءات التنفيذ، لذا يجيز له القانون تحريك هذا الإجراء ما دامت المعاملة التنفيذية للحكم المنفذ قيد الانجاز.
ولحين ورود إجابة المحكمة يتوجب على المنفذ العدل تأخير تنفيذ الحكم المنفذ إذا كان الغموض يعتري فقرته الحكمية بالكامل بحيث لا يمكن تنفيذ أي جزء منها قبل إزالته. أما إذا كان الغموض يشوب جزء من الفقرة الحكمية مع وضوح وجلاء أجزائها الأخرى فيؤخر تنفيذ الجزء الغامض فقط مع الاستمرار بتنفيذ بقية فقرات الحكم موضوع التنفيذ. فأن جاءت إجابة المحكمة وافية بإزالة الغموض استمر المنفذ العدل بتنفيذ الحكم من النقطة التي توقف فيها، أما إذا لم يلتمس المنفذ العدل في الإجابة ما يرفع الغموض كلياً عن ما استوضحه عن الفقرة الحكمية فعندئذٍ عليه تكليف الخصوم بمراجعة المحكمة لإستحصال قرار منها يزيل ما يعتري منطوق الحكم المنفذ من غموض إتباعاً للشطر الأخير من المادة/10 تنفيذ الذي جاء فيه: “وإذا اقتضى الأمر صدور قرار منها (أي المحكمة) أفهم ذوو العلاقة بمراجعتها…”.
ولما كان القانون العراقي لا يجيز للمحكمة التي أصدرت حكماً في دعوى قبول طلب النظر فيها ثانية وإصدار حكم جديد فيها إلا في واحدة من حالات ثلاثة محددة حصراً بنص القانون هي: الطعن بالحكم بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي[25]، والطعن بالحكم بطريق إعادة المحاكمة[26]، ونقض الحكم المطعون به تمييزاً من محكمة الطعن وإعادة الدعوى لمحكمة الموضوع للنظر فيها مجدداً وفقاً لتوجيه محكمة الطعن[27]، وليس من بين هذه الحالات الحصرية حالة غموض الحكم القضائي، لذا فأن استحصال أي من الخصوم على قرار بإزالة ما يعتري الحكم المنفذ من غموض لن يكون بطريق إقامة دعوى بهذا الشأن لدى المحكمة التي أصدرت الحكم، فمثل هذه الدعوى – لو أقيمت- ستكون حَريةٌ بالرَدِّ استناداً لنص المادة/ 160 ف3 مرافعات مدنية[28]. عليه فأن مراجعة الخصوم لمحكمة الموضوع ستكون عَبرَ تقديم طلب لها لتفسير ما يكتنف الحكم المنفذ من غموض، وأن المحكمة ستلجأ حينها إلى جمع الخصوم والنظر بهذا الطلب دون مرافعة، ومن ثم البت فيه أما رفضاً عند تقديرها وضوح الفقرة الحكمية وعدم وجود أي غموض فيها، وإما قبولاً عندما تجد أن ثمة غموض يعتري الفقرة الحكمية، فتعمد إلى تفسيرها وإزالة غموضها لإمكان تنفيذها على الوجه الصحيح. وقد استقر العمل في المحاكم العراقية على إدراج مضمون التفسير قراراً يُلحق كحاشية بأصل الحكم المطلوب تفسيره، ويزود الخصوم بنسخة من الحكم بالحاشية لإيداعها لدى دائرة التنفيذ المعنية للاستمرار بتنفيذ ذلك الحكم من النقطة التي توقف فيها التنفيذ.
أن هذه السلسلة من الإجراءات تثير عدة إشكاليات، الإشكالية الأولى: عن ماهية الطبيعة القانونية لطلب التفسير والقرار الصادر بشأنه. فمن المعلوم أن الطلبات المرفوعة للمحاكم المدنية أما أن تتضمن عرض نزاع معين وطلب البت فيه من خلال المرافعة وهذه هي الدعاوى (القضاء العادي)، وإما أن تتضمن عرض أمر معين وطلب إصدار قرار ملزم بشأنه دون مرافعة وهذه هي الأوامر على العرائض (القضاء الولائي). وحيث أن المشرع العراقي لم يأخذ بمسلك تفسير غموض الحكم القضائي المدني عبر المطالبة القضائية المعتادة؛ أي من خلال دعوى، فأن الطلبات المرفوعة إلى محكمة الموضوع من المنفذ العدل أو الخصوم لتفسير ما يكتنف حكمها المنفذ من غموض إنما تقع ضمن نطاق القضاء الولائي، وأن القرارات الصادرة بشأن هذه الطلبات هي في حقيقتها أوامر على عرائض، فهي من حيث طبيعتها القانونية قرارات إدارية تحفظية مؤقتة، لا تمس أصل الحق، وهي ليست أحكاما[29]. فكيف لهذه القرارات بصفتها هذه أن تتناول بالتفسير حكماً قضائياً وتمس منطوقه الذي يتعلق بأصل الحق في النزاع المطروح؟. وفي معرض البحث في هذه الإشكالية، انتهى أحد الباحثين إلى اعتبار القرار الصادر بالتفسير تفسيراً قضائياً للحكم الأصلي كونه جاء حلاً لنزاع ناشئ عن غموض ذلك الحكم معروض على القضاء، لذا فأن هذا القرار له أثر نسبي يقتصر على أطراف النزاع في الحكم الأصلي[30]. وبفرض سلامة هذا الاجتهاد، فهو لا يعدو عن كونه وصفاً لنتيجة، اعني لقرار المحكمة الصادر بالتفسير، وليس تكييفاً لطبيعة ذلك القرار القانونية من خلال البحث في ماهيته، ثم أن هذا الاجتهاد ينصب على القرار الصادر بالتفسير دون طلب التفسير السابق عليه، مما يُبقي على هذه الإشكالية قائمة.
الإشكالية الثانية: وترتبط بالإشكالية السابقة، وهي عن مدى خضوع قرار المحكمة بقبول أو رفض طلب التفسير والقرار الصادر بالتفسير للطعن من عدمه، حيث قضت المادة/216 مرافعات مدنية بجواز الطعن تمييزاً بقرارات القاضي برفض طلبات الأوامر على العرائض، والقرارات الصادرة فيها، لدى محكمة استئناف المنطقة بصفتها التمييزية أو محكمة التمييز الاتحادية[31]، بعد التظلم منها لدى المحكمة التي أصدرتها من قبل ذوي العلاقة[32]. غير أن إعمال هذا النص سيثير إشكالية أمكانية اختصاص محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية بنظر القرار الصادر بتفسير غموض حكم بدائي تم تصديقه من محكمة التمييز الاتحادية على الرغم من كونها محكمة أدنى منها درجة. هذا علاوة على أن إعمال هذا النص سيمنح الخصوم –إلى جانب المنفذ العدل- الحق بالطعن في قرار القاضي بشأن طلب التفسير (الاستيضاح) المقدم من المنفذ العدل، ويشركهم في صيرورة ذلك الطلب وفي نفاذ القرار الصادر بشأنه من عدمه، مما يُجَرَّد المنفذ العدل من حقه الحصري بطلب التفسير الذي قضت به المادة/10 تنفيذ، وبالتالي يُشَكَّل تناقضاً بيناً لحكم هذه المادة.
الإشكالية الثالثة: يلاحظ أن تكليف المنفذ العدل للخصوم بمراجعة المحكمة التي أصدرت الحكم موضوع الغموض يتم بعد ورود إجابة المحكمة على طلب استيضاحه منها عما يكتنف الحكم من غموض، وفقط في حالتي رفض طلبه أو كون تلك الإجابة غير وافية في توضيح ما استوضح عنه، مما لا يُفيد بحال في استئناف تنفيذ ذلك الحكم. أذن فما هي الجدوى من تكليف الخصوم بمراجعة المحكمة وتكرار ذات الطلب منها مرة ثانية؟.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى ثمة رأي في الفقه الإجرائي العراقي يذهب إلى جواز مراجعة الخصوم ابتداءً للمحكمة التي أصدرت الحكم وتقديم طلب إليها لتفسير ما يجدونه غامضا في منطوقه حتى قبل إيداع ذلك الحكم للتنفيذ[33]. ونرى أن ثمة اعتراضات تواجه هذا الرأي، أولها: أن نص المادة/10 تنفيذ قاطع الدلالة في حَصَرَ حق طلب التفسير أو الاستيضاح بالمنفذ العدل وحده دون أن يُشرك معه الخصوم في هذه المطالبة. وثانيها: أن تراتبية منطوق نص المادة/10 تنفيذ تُفيد بأن إفهام ذوي العلاقة (الخصوم) بمراجعة المحكمة يتم من قِبَل المنفذ العدل وذلك بعد أن يأتيه رَدّ من المحكمة على طلبه، وليس قبل ذلك، وهذا هو الاتجاه الذي استقر عليه القضاء العراقي أيضاً[34]. وثالثها: في إجراء إزالة غموض الحكم القضائي المدني لا يصح القياس على أحكام إجراء تصحيح الخطأ المادي -الحسابي أو الكتابي- في الحكم القضائي الواردة في المادة/167 مرافعات مدنية والتي أجازت –كما مر بنا- لطرفي الحكم تقديم طلب بذلك للمحكمة المعنية، لأن المشرع العراقي عالج كل إجراء من هاذين الإجراءين ضمن نص قانوني خاص به وضمن أحكام قانونين إجرائيين مختلفين في أهدافهما ووسائلهما.
أما في القانون المصري فأن طلب تفسير غموض الحكم القضائي يُقدم من الخصوم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى. ولم يشترط القانون المصري ميعاداً محدداً لرفع دعوى تفسير الحكم، لذا يجوز رفعها في أي وقت ما لم يسقط الحكم المطلوب تفسيره، وذلك لأن الحكم الصادر في دعوى التفسير يعتبر مكملاً من كل الوجوه للحكم المُفَسَر (بفتح الفاء). غير أنه يجب رفع دعوى التفسير لحكم صادر عن محكمة درجة أولى قبل الطعن به استئنافا، لأن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المُستأنف إلى محكمة الاستئناف لتنظر فيها وتصدر قرارها إما بتأييد الحكم المستأنف أو بفسخه تعديلاً أو الغاءً، وفي جميع هذه الحالات سيسقط الحكم المستأنف ويحل الحكم الصادر بالاستئناف محله، ويكون هذا الحكم الأخير محلاً لطلب التفسير من الخصوم إذا ما اكتنفه غموض أو إبهام، وتختص محكمة الاستئناف حينها بنظر هذه الطلب[35]. أما إذا قضت محكمة الاستئناف بِرَدِ استئناف الحكم المطلوب تفسيره شكلاً، مما يترتب عليه اعتبار الاستئناف كأن لم يكن، واستقر الحكم الابتدائي، فأن سلطة نظر دعوى التفسير تعود إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تفسيره. وإذا طعن بالنقض في الحكم المطلوب تفسيره، فهناك رأي يقول: أن دعوى تفسير ذلك الحكم تنظر من قبل المحكمة التي أصدرته، بالنظر لأن الطعن بالنقض لا ينقل الخصومة إلى محكمة النقض كما هو الحال مع الطعن بالاستئناف. ويقابل هذا الرأي رأي آخر يقول: أن محكمة النقض تختص بنظر طلب تفسير الحكم المطعون به باعتبارها صاحبة الولاية عليه[36]. ونرى أن الرأي الأول أرجح قانوناً فعلاوة على ما يستند إليه هذا الرأي من قاعدة قانونية مستقرة[37] فان القرار الصادر عن محكمة النقض بالطعن أن كان نقضاً للحكم المطعون به ستعاد الدعوى لمحكمتها للنظر فيها وفق القرار الصادر بها وحينها ستنظر المحكمة في طلب التفسير باعتباره دعوى حادثة أو منظمة إلى الدعوى الأصلية، أما إذا قضت محكمة النقض بتصديق الحكم المطعون فيه فان طلب تفسير ذلك الحكم سيعود أيضا للمحكمة التي أصدرته كونها المحكمة التي قدرت ما في الحكم من عناصر موضوعية وقضت بها وفقا للقانون.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على القرار الصادر بتفسير الحكم القضائي المدني
سبق البيان بأن العمل في المحاكم العراقية قد استقر على إدراج القرار المتضمن تفسير الفقرة الحكمية الغامضة حاشية ملحقة بالحكم الأصلي، فهو ليس حكماً جديداً في الدعوى. لذا ذهب الفقه الإجرائي في العراق إلى اعتبار هذا القرار متمماً للحكم موضوع التفسير من كل الوجوه. فمن حيث الشكل والمضمون يعتبر منطوق القرار مكملاً لمنطوق الحكم الأصلي وجزء لا يتجزأ منه. ومن حيث الزمان يعتبر القرار بالتفسير صادراً بتاريخ صدور الحكم الأصلي، لذا يطعن به بالطعن في ذلك الحكم وليس مستقلاً عنه[38].
ومع غياب نص قانوني صريح، فأن ما ذهب إليه الفقه الإجرائي في العراق من اعتبار قرار المحكمة بالتفسير متمماُ للحكم الأصلي من جميع الوجوه يثير إشكاليتين قانونيتين على قدر كبير من الأهمية: الإشكالية الأولى: خروجه على قاعدة قانونية تتعلق بالنظام العام وهي مبدأ حُجِّيَّة الأحكام القضائية وعدم رجعيتها على الماضي. فهل ثمة ما يبرر قانوناً اعتبار تفسير ما يكتنف الأحكام القضائية من غموض استثناءً من ذلك المبدأ؟. ثم أن هذا الخروج لا شك يتيح للخصم المتضرر من ذلك القرار أمكانية الطعن به والتمسك بحجية الحكم الأصلي عملاً بأحكام المادتين/105و106 من قانون الإثبات رقم (107)لسنة 1979[39]. وهكذا يمكن لهذا الأمر أن يبقى ضمن دائرة مغلقة غير منتجة لأي أثر بإعمال القرار الصادر بالتفسير، مع الإبقاء على تأخير تنفيذ الحكم موضوع الغموض وتعليق استيفاء طالب التنفيذ لحقوقه المشروعة لأجلٍ غير معلوم. الإشكالية الثانية: أن ربط الطعن بالقرار الصادر بالتفسير زمانياً بالطعن بالحكم الأصلي يعد خروجاً على قاعدة قانونية إجرائية مستقرة تقضي بأن سريان المدد القانونية للطعن تبدأ من اليوم التالي للتبليغ بالحكم أو اعتباره مبلغاً. وهذا لا يشكل مصادرة لحق الخصم القانوني بالطعن وحسب، وإنما يُخل بضمان تصحيح الأحكام القضائية الصادرة بحق الخصوم مما يمكن أن يشوبها من عيوب أو أخطاء وإكمال ما فيها من نواقص تحقيقاُ للعدالة. علاوة على أنه يعيق تحقيق الرقابة القضائية من المحاكم الأعلى درجة على أعمال المحاكم الأدنى منها درجة بما يضمن التطبيق السليم لأحكام القانون.
هذا فيما استقر القضاء المصري على أن رفع دعوى التفسير لا يوقف مواعيد الطعن في الحكم المطلوب تفسيره. أما الحكم الصادر في دعوى التفسير فيعتبر متمماً من كل الوجوه للحكم المطلوب تفسيره، لذا تسري عليه ذات أحكام الطعن التي تسري على الحكم المطلوب تفسيره من حيث طرق الطعن ومواعيدها. فإذا كان الحكم المطلوب تفسيره يقبل الطعن به استئنافاً، فأن الحكم المُفَسِر له يقبل الطعن به استئنافاً أيضاً وضمن ذات السقف الزمني المقرر لهذا الطعن. وتترتب على الطعن بالحكم التفسيري الآثار القانونية المقررة لنتيجة الطعن، فلو قضت محكمة الاستئناف بإلغائه عند الطعن به بالاستئناف، أو قضت محكمة النقض بنقضه عند الطعن به بالنقض، فأن ذلك الحكم ينتهي وتلغى كل آثاره، ويصبح الحكم الذي طلب تفسيره حجة بذات منطوقه الصادر عن المحكمة ابتداءاً. هذا مع الإشارة إلى أن قبول الحكم المشوب بغموض أو إبهام من أي من الخصوم لا يمنعه من طلب تفسيره، لأن القول الفصل في قبول طلب التفسير يعود للمحكمة المختصة بنظره.
الخاتمة:
فيما تقدم استعرضنا التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي، مع التطرق لما يقابله في القانون المصري، وقد توصلنا من خلال البحث إلى جملة من الاستنتاجات والتوصيات المتعلقة بموضوع البحث، نستعرض كلاً منها بقرة مستقلة.
أولاً: الاستنتاجات
- ينصب تفسير الحكم القضائي على إزالة ما قد يعتري منطوق الحكم من غموض أو إبهام، وبما يُمَكَّن من تنفيذه على الوجه الصحيح.
- عالج المشرّع العراقي مسألة تفسير غموض الحكم القضائي المدني في المادة/10 من قانون التنفيذ، متبعاً مسلك المراسلات الرسمية، حيث خَصَ المنفذ العدل بصلاحية مفاتحة المحكمة التي أصدرت الحكم المنفذ لدى دائرته للاستيضاح منها عما يكتنف منطوقه من غموض.
- يفتقر نص المادة/10 تنفيذ لبيان وافٍ عن شروط وضوابط طلب الاستيضاح، ويخلو قانون المرافعات المدنية من أي ذكر لشروط قبوله وإجراءات تعامل المحكمة معه، أو للآثار القانونية المترتبة على القرار الصادر بشأنه، لذا أجتهد الفقه الإجرائي لسد بعض الثغرات في تنظيم هذا الإجراء.
- وتختص المحكمة التي أصدرت الحكم بالبت في طلب تفسير ما يكتنفه من غموض، ويشترط لقبولها الطلب أن يشوب الغموض منطوق الحكم جزئياً أو كلياً، وأن ينصب الطلب على تفسير ذلك الغموض فلا يتجاوزه، وأن يكون الحكم قطعياً. ويُسَجَّل قرار المحكمة بالتفسير حاشية للحكم الأصلي، ويعتبر مكملاً له من كل الوجوه.
- شَخَصَّ البحث العديد من الإشكاليات التي يعاني منها التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي، والتي تشكل خللاً بنيوياً في هذا التنظيم، وبما يوجب تدخل المشرّع العراقي لتصحيحه من خلال تقنين أحكامه وضوابطه، وبما يكفل حق الخصوم كونهم الطرف الأصيل المعني مباشرة بالحكم موضوع التفسير.
- ولقد أتضح مما تم استعراضه من أحكام وضوابط التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي في القانون المصري (القانون محل المقارنة في هذه الدراسة) أن هذا التنظيم يخلو من الإشكاليات التي يعاني منها مثيله في العراق، علاوة على أنه يمتاز بوضوح مسلك إجراءاته وفعاليتها، وجلاء الآثار القانونية المترتبة على القرار الصادر بالتفسير.
ثانياً: التوصيات
أن اصلاح الخلل البنيوي في التنظيم القانوني لتفسير غموض الحكم القضائي المدني في القانون العراقي يقتضي تدخل المشرّع العراقي لإعادة تقنينه وصياغة أحكامه باعتماد مسلك المطالبة القضائية المعتادة للخصوم (الدعوى) بديلاً عن المسلك الراهن. ونقترح لذلك ما يلي:-
- تقنين أحكام هذا التنظيم ضمن الفصل الخامس من الباب الأول (الأحكام) من الكتاب الثاني (الأحكام وطرق الطعن فيها) من قانون المرافعات المدنية النافذ، وأن تستبدل تسمية الفصل من ((تصحيح الأحكام)) إلى ((تصحيح الأحكام وتفسيرها)).
- أن تُجمَع الأحكام المتعلقة بالتفسير تحت عنوان (المادة/167 مكرر) وفق الصيغة المقترحة التالية:-
((1- يجوز للخصوم أن يطلبوا من المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما يكتنف منطوقه من غموض، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى، ويجب أن ينصب الطلب على مكمن الغموض في الحكم.
2- يعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً للحكم الذي يفسره، وتسري عليه ما تسري على هذا الحكم من طرق الطعن ومددها.
3- لا يقبل الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي بالقرارات التمييزية الصادرة بالتفسير.))
- تعديل نص المادة/10 تنفيذ ليقرأ كالآتي:-
- ((للمنفذ العدل أن يستفسر من المحكمة التي أصدرت الحكم المنفذ عما ورد فيه من غموض إذا لم يتصادق ذوو العلاقة عليه، على أن يؤخر تنفيذ ما هو غامض من الحكم لحين ورود إجابة المحكمة)).
مراجع البحث
المراجع بعد القرآن الكريم
أولاً: المعاجم اللغوية
- إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، ج1، ط2، دار المعارف، مصر، بلا تاريخ.
- إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، طبعة دار الحديث، القاهرة، 2009.
- جبران مسعود، معجم الرائد، ط7، دار العلم للملايين، بيروت، 1992.
- محمد ابن منظور، لسان العرب، مج2، مج6، مج7، مج9، طبعة دار الحديث، القاهرة، 2003.
- محمد بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، طبعة دار المعاجم، بيروت، 1986.
- محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005.
- محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس، ج8، دار صادر، بيروت، 1966.
ثانياً: الكتب القانونية
- أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، ط3، منشأة المعارف ، الإسكندرية، 1977.
- أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2017.
- أحمد السيد الصاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الكتب الجامعية، الإسكندرية، 2010.
- آدم وهيب النداوي ، أحكام قانون التنفيذ، ط1، جامعة بغداد، 1984.
- آدم وهيب النداوي، المرافعات المدنية، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة.
- سعيد عبد الكريم مبارك، أحكام قانون التنفيذ، ط2، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2007.
- ضياء شيت خطاب، بحوث ودراسات في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، القاهرة، 1970.
- ضياء شيت خطاب، الوجيز في شرح قانون المرافعات، مطبعة العاني، بغداد،1973.
- عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2016.
- عز الدين الديناصوري و حامد عكاز، التعليق على قانون المرافعات، ج4، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2015.
- عصمت عبد المجيد بكر، أصول المرافعات المدنية، ط1، منشورات جامعة جيهان الخاصة، اربيل- العراق، 2013.
- عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام قانون التنفيذ، دار السنهوري، بيروت، 2019
- فتحي والي، المبسوط في قانون القضاء المدني، ج2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017.
- مدحت المحمود، شرح قانون التنفيذ، ط2، المكتبة القانونية، بغداد، 2011.
- منير القاضي، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ط1، مطبعة العاني، بغداد، 1957.
ثالثاً: البحوث والمقالات
- بيرك فارس حسين و لؤي عبد الحق إسماعيل، إزالة غموض الحكم القضائي المدني عند التنفيذ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، س8، مج4، ع29، آذار 2016.
- عواد حسين ياسين العبيدي، تنفيذ الأحكام القضائية الغامضة وإشكالاته العملية، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، مج (2)، ع (8)، 2001.
رابعاً: القوانين
- ، قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980.
- قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979
- قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
- قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968.
خامساً: المواقع الالكترونية
- الموقع الالكتروني قاعدة التشريعات العراقية hjc.iq
[1]ينظر: محمد ابن منظور،لسان العرب، مج7، طبعة دار الحديث، القاهرة، 2003، ص101؛ إسماعيل بن حماد الجوهري، الصحاح، طبعة دار الحديث، القاهرة، 2009، ص888؛ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005، ص456.
[2] سورة الفرقان، الآية:33.
[3]ينظر: محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج6، ص677 وما بعدها؛ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مرجع سابق، ص649؛ إسماعيل بن حماد الجوهري، مرجع سابق، ص؛859؛ محمد بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، طبعة دار المعاجم، بيروت، 1986، ص201؛ جبران مسعود، معجم الرائد، ط7، دار العلم للملايين، بيروت، 1992، ص584.
[4]ينظر: محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج2، ص539 وما بعدها؛ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مرجع سابق، ص1095؛ إسماعيل بن حماد الجوهري، مرجع سابق، ص270؛ محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس، ج8، دار صادر، بيروت، 1966، ص252 وما بعدها؛ إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، ج1، ط2، دار المعارف، مصر، ص190.
[5] سورة النساء: الآية58.
[6] ينظر: محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج7، ص405 وما بعدها؛ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مرجع سابق، ص1325؛ إسماعيل بن حماد الجوهري، مرجع سابق، ص949؛ جبران مسعود، مرجع سابق، ص636.
[7] سورة الإسراء: الآية 23.
[8] ينظر: ضياء شيت خطاب، بحوث ودراسات في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969، معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، القاهرة، 1970، ص270؛ آدم وهيب النداوي ، أحكام قانون التنفيذ، ط1، جامعة بغداد، 1984، ص20؛ مدحت المحمود، شرح قانون التنفيذ، ط2، المكتبة القانونية، بغداد، 2011، ص24؛ عصمت عبد المجيد بكر، أصول المرافعات المدنية، ط1، منشورات جامعة جيهان الخاصة، اربيل- العراق، 2013، ص693؛ سعيد عبد الكريم مبارك، أحكام قانون التنفيذ، ط2، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2007، ص111؛ عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2016، ص449؛ أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، ط3، منشأة المعارف ، الإسكندرية، 1977، ص754؛ فتحي والي، المبسوط في قانون القضاء المدني، ج2، دار النهضة العربية، القاهرة، 2017، ص429.
[9]في العراق تختص مديريات التنفيذ بتنفيذ الأحكام القضائية والمحررات التنفيذية، ويتولى إدارتها موظف يسمى منفذ عدل حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون وله خبرة قضائية أو قانونية لا تقل عن ثلاث سنوات، وعند عدم وجوده يُنَسَّب قاضي البداءة الأول منفذاً عدلاً فيها( الماد/6 أولاً ورابعاً وخامساً من قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980). أما في مصر فُيسنَّد تنفيذ الأحكام والمستندات التنفيذية إلى إدارة التنفيذ في المحكمة الابتدائية حيث يشرف قاضي التنفيذ إشرافاً فعلياً مباشراً على كافة إجراءات التنفيذ ويفصل بجميع المنازعات المتعلقة به (المواد/274و275 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 المعدل).
[10] ينظر : محمد ابن منظور، مرجع سابق، مج9، ص328؛ إسماعيل بن حماد الجوهري، مرجع سابق، ص1251.
[11]ينظر: فتحي والي، مرجع سابق، ص429؛ أحمد السيد الصاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الكتب الجامعية، الإسكندرية، 2010، ص872.
[12] جاء في هذه المادة: “1- يجوز الطعن بطريق التمييز في… قرار رد طلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم أو قبوله… 2- يكون الطعن تمييزاً في القرارات المذكورة في الفقرة (1) من هذه المادة لدى محكمة استئناف المنطقة سواء كانت صادرة من محكمة البداءة أو محكمة الأحوال الشخصية أو محكمة المواد الشخصية ، ويكون الطعن فيها تمييزاً أمام محكمة التمييز الاتحادية إذا كانت صادرة من محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية ويكون القرار الصادر بنتيجة الطعن باتاً”.
[13] نصت المادة: “للمنفذ العدل أن يستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم عما ورد فيه من غموض، وإذا اقتضى الأمر صدور قرار منها أفهم ذوو العلاقة بمراجعتها دون الإخلال بتنفيذ ما هو واضح من الحكم الواجب التنفيذ”.
[14] نصت المادة: “يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى. ويعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً من كل الوجوه للحكم الذي يفسره. ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية”.
[15]ينظر: فتحي والي، مرجع سابق، ص429.
[16] ينظر: عز الدين الديناصوري و حامد عكاز، التعليق على قانون المرافعات، ج4، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2015، ص900؛ أحمد السيد الصاوي، مرجع سابق، ص874.
[17]بهذا الصدد جاء في قرار محكمة استئناف المثنى الاتحادية بصفتها التمييزية رقم 74/ت/2012 في 11/9/2012 :”كان الأحرى بالمنفذ العدل وقبل الخوض في التفاصيل أن يعرض الأمر برمته على المحكمة التي أصدرت القرارين والاستيضاح منها عن الأمور التي حصلت في مرحلة تنفيذ الحكمين والغموض الذي يشابهما وعما إذا يوجب الأمر صدور قرار منها عملاً بنص المادة (10) من قانون التنفيذ وأن لا يخوض في مسائل خارجة عن اختصاصه.. لذا قرر نقض القرار المميز”. القرار ملحق بنص المادة (10) المنشور على الموقع الالكتروني قاعدة التشريعات العراقية iraqld.hjc.iq
[18] ينظر: عباس العبودي، مرجع سابق، ص427 وما بعدها؛ عصمت عبد المجيد بكر، مرجع سابق، ص655 وما بعدها.
[19] جاء في المادة/105 من قانون الإثبات العراقي رقم (107) لسنة 1979: “الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حُجَّة بما فصلت فيه من الحقوق ..”.
[20]ينظر: آدم وهيب النداوي، المرافعات المدنية، شركة العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، ص371؛ عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام قانون التنفيذ، دار السنهوري، بيروت، 2019، ص284؛ عواد حسين ياسين العبيدي، تنفيذ الأحكام القضائية الغامضة وإشكالاته العملية، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية، مج (2)، ع (8)، 2001، ص86.
[21]جاء في المادة/183 ف1 مرافعات مدنية: ” الاعتراض يؤخر تنفيذ الحكم الغيابي إلا إذا كان مشمولاً بالنفاذ المعجل..”. وجاء في المادة/194 ف1 مرافعات مدنية: ” استئناف الحكم يؤخر تنفيذه إلا إذا كان مشمولا بالنفاذ المعجل..”. وجاء في المادة/208 ف1 مرافعات مدنية: ” الطعن بطريق التمييز يؤخر تنفيذ الحكم المميز إذا كان متعلقاً بحيازة عقار أو حق عيني عقاري، وفيما عدا ذلك يجوز للمحكمة المختصة بنظر الطعن أن تصدر قراراً بوقف التنفيذ إلى أن يفصل في نتيجة الطعن…”. وجاء في المادة/201 ف1 مرافعات مدنية: “إذا كان طلب إعادة المحاكمة مبنياً على سبب من الأسباب القانونية المبينة في المادة (196)، قررت المحكمة قبوله وإيقاف تنفيذ الحكم المطلوب إعادة المحاكمة بشأنه..”
[22] ينظر: أحمد أبو الوفا، مرجع سابق، ص753 وما بعدها؛ فتحي والي، مرجع سابق، ص429 وما بعدها؛ عز الدين الديناصوري وحامد عكاز، مرجع سابق، ص900 وما بعدها؛ أحمد السيد الصاوي، مرجع سابق، ص873 وما بعدها؛ أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية، 2017، ص807 وما بعدها. ويرى جانب من الفقه القانوني الإجرائي في مصر جواز طلب تفسير القرارات الوقتية التي يصدرها القاضي أثناء السير في الدعوى باعتبارها أحكاماً غير قطعية كما لو قررت المحكمة ندب خبير دون أن تحدد مهمته تحديدا دقيقا خلافا لنص المادة/135 إثبات مصري. (ينظر: أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، مرجع سابق، ص753)، وقد رُدَّ على هذا الرأي بأن القرارات التي تتخذها المحكمة خلال السير في الدعوى ذات صفة وقتية وليست أحكاماً قطعية، وبالتالي فان إزالة ما يمسها من الغموض أو الإبهام إنما يتم خلال نظر ذات الدعوى دونما حاجة إلى تحريك دعوى مستقلة بذلك. (ينظر: عز الدين الديناصوري وحامد عكاز، مرجع سابق، ص901).
[23] ينظر: أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، مرجع سابق، ص753
[24] ينظر: عز الدين الديناصوري وحامد عكاز، مرجع سابق، ص901.
[25] جاء في المادة/177ف1مرافعات مدنية: “يجوز للمحكوم عليه الاعتراض على الحكم الصادر عليه غياباً من محكمة البداءة أو محكمة الأحوال الشخصية وذلك في غير المواد المستعجلة خلال عشرة أيام”.
[26] جاء في المادة/199 مرافعات مدنية: ” يكون الطعن بطريق إعادة المحاكمة بعريضة تقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أو المحكمة التي حلت محلها..”.
[27] جاء في المادة/212 مرافعات مدنية: “إذا نقض الحكم لغير ذلك من الأسباب تعاد القضية إلى المحكمة التي أصدرته لتفصل فيها مجددا..”
[28] نصت المادة على: “الحكم الذي يصدر من المحكمة يبقى مرعياً ومعتبراً ما لم يبطل أو يُعَدَّل من قبل المحكمة نفسها ، أو يفسخ أو ينقض من محكمة أعلى منها وفق الطرق القانونية”.
[29] ينظر: آدم وهيب النداوي، مرجع سابق، ص335 وما بعدها؛ عباس العبودي، مرجع سابق، ص381؛ عصمت عبد المجيد بكر، أصول المرافعات المدنية مرجع سابق، ص579.
[30]ينظر: عواد حسين ياسين العبيدي، مرجع سابق، ص89.
[31] جاء في المادة/216 مرافعات مدنية: ” 1- يجوز الطعن بطريق التمييز .. والقرارات الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض … وتكون مدة الطعن في هذه القرارات سبعة أيام من اليوم التالي لبليغ القرار أو اعتباره مبلغا. 2- يكون الطعن تمييزا في القرارات المذكورة في الفقرة (1) من هذه المادة لدى محكمة استئناف المنطقة سواء كانت صادرة من محكمة البداءة أو محكمة الأحوال الشخصية أو محكمة المواد الشخصية، ويكون الطعن فيها تمييزاً أمام محكمة التمييز الاتحادية إذا كانت صادرة من محكمة الاستئناف بصفتها الاستئنافية ويكون القرار الصادر بنتيجة الطعن باتاً. 3- لا يقبل تمييز الأوامر على العرائض إلا بعد التظلم منها أمام من أصدرها..”
[32] جاء في المادة/153 ف1 مرافعات مدنية: “لمن يصدر الأمر ضده وللطالب عند رفض طلبه أن يتظلم لدى المحكمة التي أصدرته خلال ثلاثة أيام من تاريخ إصدار الأمر أو من تاريخ تبلغه..”
[33]ينظر: عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام قانون التنفيذ، مرجع سابق، ص284. وكذلك لنفس المؤلف، تنفيذ الأحكام والمحررات، ط1، منشورات جامعة جيهان الأهلية، اربيل- العراق، 2012، ص227 (نقلاً عن بيرك فارس حسين و لؤي عبد الحق إسماعيل، إزالة غموض الحكم القضائي المدني عند التنفيذ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق، س8، مج4، ع29، آذار 2016، ص135). عواد حسين ياسين العبيدي، مرجع سابق، ص 86.
[34]جاء في قرار لمحكمة استئناف كركوك الاتحادية بصفتها التمييزية رقم 12/تنفيذية/2014 في 12/2/2014 : “بأن المنفذ العدل اصدر قراره (بتكليف المدين بمراجعة المحكمة المختصة) قبل أن يستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم عما ورد فيه من غموض عملاً بأحكام المادة/10 من قانون التنفيذ لذا قرر نقض القرار”. القرار ملحق بنص المادة المنشور على الموقع الالكتروني قاعدة التشريعات العراقية iraqld.hjc.iq
[35]ويرى الدكتور أحمد أبو الوفا أنه ما دام المشرع يجيز تنفيذ الحكم المطعون به استئنافا، لذا فلا مبرر لمنع طلب تفسير الحكم عند الطعن به استئنافا خصوصا مع قيام مصلحة عاجلة للتفسير لتنفيذ ذلك الحكم أو بالنظر لصدوره بالنفاذ المعجل، على أن ينظر طلب التفسير من محكمة الاستئناف.(ينظر: أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، مرجع سابق، ص756؛ أحمد أبو الوفا، التعليق على قانون المرافعات، مرجع سابق، ص809).
[36]ينظر: أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام في قانون المرافعات، مرجع سابق، ص759.
[37] محكمة التمييز أو النقض هي محكمة قانون وليست محكمة نزاع أو درجة من درجات التقاضي، بمعنى أن الطعن بالتمييز ينقل الدعوى إلى هذه المحكمة ولا ينقل النزاع إليها، لأن الفصل في النزاع من اختصاص محكمة الموضوع. لذا فأن مهمة محكمة التمييز تقتصر على تدقيق أوراق الدعوى والتحقق من موافقة الحكم الصادر فيها للقانون، فأن كان كذلك قضت بتصديقه، وأن لم يكن كذلك قضت بنقضه وأعادت الدعوى إلى محكمة الموضوع للفصل فيها مجددا وفقاً للقانون. ينظر: عباس العبودي، مرجع سابق، ص488 وما بعدها.
[38] ينظر: منير القاضي، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ط1، مطبعة العاني، بغداد، 1957، ص212؛ ضياء شيت خطاب، الوجيز في شرح قانون المرافعات، مطبعة العاني، بغداد،1973، ص277؛ آدم وهيب النداوي، مرجع سابق، ص371؛ عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام قانون التنفيذ، مرجع سابق، ص285.
[39] نصت المادة/105 من قانون الإثبات على: “الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق إذا اتحدت أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً” . ونصت المادة/106 من ذات القانون على: ” لا يجوز قَبول دليل ينقض حجية الأحكام الباتة”.