“مجلس الرقابة” على الشركة ذات المسؤولية المحدودة.. هل يَحظَى بهيبة إشرافٍ حقيقيةٍ؟ (دراسة في قانون الشركات الكويتي رقم 1/2016)
“Supervisory Board” On The Limited Liability Company Does it Have the Prestige of Real Supervision? (The Case of Kuwaiti Company Law No. 1/2016)
أ. هشام عماد العبيدان (كلية القانون الكويتية العالمية KILAW
Hesham Emad Al-Obaidan (The Kuwait International College of Law – KILAW).
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 52 الصفحة 11.
Abstract
We can summarize the topic of this research by mention to what the Kuwaiti legislator called: “Supervisory Board”, which is a body that exercises oversight powers over the management of the limited liability company.
As this company needs a special control in view of the limited liability of the partners for the company’s debts.
However, the problem lies in the fact that Kuwait Company Law No. 1/2016 has organized the Supervisory Board quickly and superficially, especially in terms of concept, formation criterion, and roles, which has made the board lose much of its prestige.
Accordingly, this research comes with the aim of shedding light on the defects and deficiencies in the rules of company law, then clarifying the typical image of the supervisory board so that it performs its roles as it should, and give it the supervisory prestige that entitles it to perform these roles.
Keywords: Limited Liability Company, Company Management, Limited Lability, Supervisory Board, Governance.
الملخص
يتلخَّص موضوع البحث في التعمق بما أسمَاهُ المشرع الكويتي: “مجلس الرقابة”؛ وهو عبارة عن جهة تمارس صلاحيات رقابية على إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
حيث إنَّ هذه الشركة تَحتَاجُ إلى رقابةٍ خاصَّةٍ بالنظر إلى محدودية المسؤولية المُلقَاةِ على الشركاء عن ديون الشركة؛ خوفاً من استغلالها أو الاستهتار بحقوق الدائنين.
لكن تكمن الإشكالية في أنَّ قانون الشركات الكويت رقم 1/2016 قد نظَّم هذا المجلس بشكلٍ سريعٍ وسطحيٍّ، الأمر الذي أفقد هذا المجلس الكثير من هيبته داخل أروقة إدارة الشركات المحدودة؛ خاصَّةً على صعيد المفهوم، ومعيار التشكيل، والأدوار.
بناءً عليه، يأتي هذا البحث بهدف تسليط الضوء على العيوب والنواقص في قواعد قانون الشركات، ثم توضيح الصورة النموذجية لمجلس الرقابة حتى يقوم بأدواره كما يجب؛ وحتى يحصل على الهيبة الرقابية التي تخوله القيام بهذه الأدوار.
الكلمات المفتاحية: الشركة ذات المسؤولية المحدودة، إدارة الشركة، المسؤولية المحدودة، مجلس الرقابة، الحوكمة.
المُقدِّمة
قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ صدق الله العظيم[1].
تتمتَّع الشركة ذات المسؤولية المحدودة بأهميةٍ كبيرةٍ في الواقع العملي لاستثمار رأس المال، وبشكلٍ خاصٍّ بين فئات المجتمع المتوسِّطة ومنهم أصحاب المهن؛ مثل الأطباء، والمحامين، والمحاسبين، حيث إنَّ هؤلاء يرغبون بتشغيل أموالهم، وعدم إيداعها في البنوك حتى لا تتآكل قيمتها مع انخفاض بسبب التضخُّم[2].
لكن التخوُّف الذي قد يُعرقِل طموح أصحاب رؤوس الأموال، هو إمكانية الحجز على أموالهم في كامل ذِمَمِهِم المالية إذا خسرت الشركة أو أفلست؛ أي أنَّ المستثمرين الصغار يخشون دائماً من المسؤولية غير المحدودة للشركاء تجاه ديون الشركة.
لذلك، فقد أتاح المشرع الكويتي إنشاء شركةٍ ذات مسؤولية محدودة على الشركاء؛ حيث تكون مسؤولية كلِّ شريكٍ محدودةً في إطار حصَّته ضمن رأس المال، فلا يكون لدائِنِي الشركة الرجوع على الشركاء في كامل ذمَمِهِم المالية، بل على حصصهم فقط[3].
لكن الإشكالية القانونية التي نشأت عن الفكرة الاستثنائية لهذه الشركة، هي أنَّ إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة قد تقوم بمخاطراتٍ ماليةٍ كبيرةٍ بالنظر إلى عدم خشيتها من ديون الشركة، فالدائنون في النهاية قد لا يجدوا ما يحجزون عليه إذا أفلست الشركة، وليس لهم الرجوع على ذمم الشركاء، وهو ما قد ينتقل من مجرَّد إفلاس شركةٍ إلى أزمةٍ في قطاعٍ ماليٍّ مُعيَّنٍ[4].
ولا يكفي إقرار مسؤولية إدارة الشركة عن أخطائها تجاه الغير لضمان عدم حدوث مثل هذه الحالات؛ لأنَّ إثبات خطأ الإدارة يُعتَبَر مهمَّةً قانونيةً شاقَّةً في ظلِّ الصلاحيات الكبيرة لها بِغَرَض إدارة رأس المال.
بناءً عليه، فقد ابتكر المشرع الكويتي مجلساً رقابياً خاصَّاً بالشركة ذات المسؤولية المحدودة؛ بهدف تحقيق ضمانٍ إضافيٍّ لجودة الإدارة في هذا النوع الاستثنائي من الشركات، وبغاية توفير مستوى الحوكمة المطلوب فيها[5]، وفي إطار إعادة ابتكار رؤيةٍ نموذجيةٍ جديدةٍ لتنظيم هذه الشركة[6].
لكن نتساءل من خلال هذا البحث:
هل حقَّق المشرع الكويتي ما هو مطلوب منه على صعيد تحديد المفهوم النموذجي لمجلس الرقابة؟ وهل وَضَعَ معياراً مُنضَبطَاً لإنشائه؟ وهل يمكن اعتبار القواعد التي نظَّمت أدوارَهُ قادرةً على فرض هالةٍ من الهيبة الرقابية في الشركة؟ تلك الهيبة المطلوبة لتحقيق الغرض من إنشاء المجلس.
أهداف البحث
- تحديد الماهية القانونية لمجلس الرقابة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
- تقييم معيار إنشاء مجلس الرقابة في هذه الشركة كما فَرَضَه قانون الشركات الكويتي.
- نقد أدوار مجلس الرقابة الواردة في هذا القانون، والتي تَحرِمُ المجلس من هَيبَتِهِ التي يحتاجها لتحقيق الغاية من تأسيسه.
- اقتراح صورةٍ نموذجيةٍ لكلٍّ مِن مفهوم ومعيار وأدوار مجلس الرقابة، ذلك بما يضمن الوصول بالشركة ذات المسؤولية المحدودة إلى أجود مستوى إداريٍّ ممكنٍ.
أهمية البحث
تظهر أهمية البحث من الدور الجوهري الذي يلعبه مجلس الرقابة في إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة؛ حيث إنَّ وجود قواعدٍ قانونيةٍ قادرةٍ على ضبط عمله والارتقاء بمستوى أدائه، سيعني فرض الهيبة الرقابية المطلوبة في الشركة، وهو ما سيؤدِّي إلى انضباط إدارة الشركة ضمن نشاطها المُرخَّص وفي إطار السلوك المهني والأخلاقي النموذجي.
منهج البحث
- المنهج الوصفي التحليلي النقدي؛ بغرض تحديد المعنى العميق للمفاهيم المرتبطة بمجلس الرقابة بالنظر إلى طبيعة الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ثم تقييم قواعد قانون الشركات التي نظَّمت مجلس الرقابة.
- المنهج الاستقرائي؛ بغرض الوصول إلى نتيجةٍ واحدةٍ من مجموع تفاصيل البحث؛ وهي ما إذا كانت قواعد قانون الشركات تُتِيحُ لمجلس الرقابة الوصول إلى الهيبة الرقابية التي يَحتَاجُهَا لأداء عمله من عدمه.
- المنهج الاستنتاجي؛ بغرض استنتاج الصورة المثالية لمجلس الرقابة بالقياس على العيوب والفراغات القانونية التي اكتشفناها في قانون الشركات.
إشكالية البحث
“ما هي الصورة المثالية لمجلس الرقابة على الشركة ذات المسؤولية المحدودة والتي تَكفَلُ له الهيبة الرقابية؟”
مصطلحات البحث (كما وردت في متن البحث)
الشركة: الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
الإدارة: إدارة الشركة سواءً أكانت من مديرٍ منفردٍ أم مجموعة مديرين.
المجلس: مجلس الرقابة على الشركة.
مُخطَّط البحث
المبحث الأول: الصورة القائمة لمجلس الرقابة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
المطلب الأول: عيوب معيار إنشاء مجلس الرقابة
المطلب الثاني: تمييز المشرع لمجلس الرقابة
المبحث الثاني: الصورة النموذجية لتفعيل دور مجلس الرقابة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
المطلب الأول: تحديد المعيار النموذجي لإنشاء مجلس الرقابة
المطلب الثاني: المميزات المنضبطة المطلوبة لمجلس الرقابة
المبحث الأول: الصورة القائمة لمجلس الرقابة
في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
سنرى كيف ابتكر المشرع الكويتي مجلس الرقابة من خلال البحث في عيوب معيار إنشاء مجلس الرقابة (المطلب الأول)، ثم مُميِّزات هذا المجلس (المطلب الثاني).
المطلب الأول: عيوب معيار إنشاء مجلس الرقابة
نبدأ من خلال هذا المطلب بتحليل القواعد التي تُمهِّد لتشكيل مجلس الرقابة، ألا وهي معايير إنشاء المجلس.
حيث إنَّ قانون الشركات الكويتي لم يفرضْ تشكيل المجلس هذا في جميع الشركات ذات المسؤولية المحدودة، بل إنَّه اختصَّ فئةً معينةً من هذه الشركات فقط[7].
هذه الفئة هي التي يتجاوز فيها عدد الشركاء 7 شركاء[8]، بعدها يكون إنشاء مجلس الرقابة وجوبياً في الشركة.
لكن ما هي عيوب معيار عدد الشركاء هذا، من حيث اختلال التوازن الحسابي واختلال المَنْطِق الواقعي؟
أولاً: اختلال التوازن الحسابي في معيار عدد الشركاء وعدد الرُّقباء
المشكلة الأساسية في معيار عدد الشركاء أنَّه يَعتَمِدُ على عنصرٍ عدديٍّ يبدأ بعد بلوغ عدد 7؛ فإذا بلغ عدد الشركاء 8 شركاء، فهنا يجب أن ينشأ مجلس رقابة على الشركة.
لكن نتساءل هنا:
كيف سيكون شكل هذا المجلس؟
سيتأسَّس من مجموعةٍ من الشركاء[9]، الذين تُصبِحُ عليهم مسؤولية الرقابة.
لكن، على فَرَضَ أنَّ عدد الشركاء هو 8 شركاء، وعلى اعتبار أنَّ مجلس الرقابة يتكوَّن من 3 أشخاص كحدٍّ أدنى[10]، فإنَّ مجلس الرقابة وفق المثال سيكون عبارةً عن 3 أشخاص يراقبون عمل الإدارة[11].
وإذا رجعنا إلى قواعد الإدارة سنجد أنَّ إدارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة تتألَّف من مديرٍ واحدٍ أو مديرين، لكن ليس من مجلس إدارة.
بالتالي إذا كان عدد المديرين في الشركة وفق المثال 3، ولدينا في المقابل 3 شركاء في مجلس الرقابة؛ فهذا يعني أنَّ الجمعية العامة المستقلة عن المهام الإدارية والرقابية ستتكوَّن من شريكَيْن فقط!
أي سيكون معظم الشركاء إمَّا ضمن كادر الإدارة أو الرقابة، فيما تُشكِّل الجمعية العامة -التي يُفتَرَضُ أن تُراقِبَ أعمالهم- أقليةً في الشركة؛ وهذا سيؤدِّي إلى اختلال في توازن هذه الجمعية.
والسبب في اختلال التوازن هذا هو معيار عدد الشركاء؛ لأنَّ هذا المعيار ينطلق بعد تجاوز عدد 7 شركاء، في الوقت الذي يوجد حدٌّ أدنى لمجلس الرقابة مقداره 3 شركاء؛ أي أنَّ المشرع أغفل مشكلة اختلال التوازن بين العدد الكلي للمُديرين والمراقبين بالمقارنة مع العدد الكلِّي للشركاء.
وفي المقابل، فإنَّ العدد الأقصى للشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة هو 50 شريكاً[12]، فإذا وصل عدد الشركاء في الشركة إلى هذا الرقم، فيمكن أن يتمَّ الاتفاق على تعيين 10 شركاء في مجلس الرقابة مثلاً.
ففي هذه الحالة، كيف سكون اتخاذ القرار بين أعضاء مجلس الرقابة بالنظر إلى العدد الزوجي له؟ فقد يصوت 5 شركاء لصالح القرار، و5 شركاء آخرين ضد هذا القرار، فلمِنَ تكون الغَلَبَة في هذا التصويت المتساوي؟
الأمر الآخر أنَّ عضوية مجلس الرقابة تكون لـ3 سنوات قابلة للتجديد[13]، فلو افترضنا أن الشركة لا تُريد أن تُجدِّد للمجلس القائم فهنا نكون أمام فرضيَّتين:
- إمَّا وجود عددٍ كافٍ من الأعضاء من بين الشركاء لتجديد مجلس الرقابة؛ كأن يكون عدد الشركاء 10، فيتمُّ عدم التجديد لأعضاء مجلس الرقابة الـ3، وتعيين غيرهم.
أو
- لا يكون من بين الشركاء عددٌ كافٍ لتداول عضوية مجلس الرقابة؛ كأن تتكوَّن الشركة من 8 شركاء، 3 منهم مديرين، و3 منهم مجلس رقابة، فإذا لم يتمَّ التجديد لأعضاء مجلس الرقابة القائم، فمَن الذي سيحلُّ محلَّهم إذا كان العدد الباقي هم 3 مديرين، وشريكٌ مُتفرِّغٌ واحدٌ؟ في حين أنَّ عدد أعضاء المجلس يجب ألاَّ يقلَّ عن 3 أعضاء، ولا يُجوز طبعاً أن يكون المديرين هم أنفسهم أعضاء مجلس الرقابة.
كلُّ هذه الإشكاليات ظهرت بسبب عدم انضباط القواعد العددية لتأسيس مجلس الرقابة ومعيار تشكيله الذي اعتمد على عدد الشركاء، وحدَّد حدَّاً أدنى لأعضاء مجلس الرقابة دون وضع حدٍّ أعلى له؛ وهذه الإشكاليات تؤثِّر سلباً بشكلٍ مباشرٍ في هبية مجلس الرقابة، وقد تجعل منه سلطةً رقابيةً مشلولةً عن اتخاذ القرار في مواجهة إدارة الشركة.
ثانياً: اختلال المَنْطِق الواقعي في معيار عدد الشركاء
بغضِّ النظر عن العيوب الحسابية لمعيار عدد الشركاء، فإنَّ هذا المعيار تشوبه الكثير من العيوب المنطقية التي تَرتَبِطُ بالواقع، وليس بالأرقام[14].
نطرح الاحتمالات التالية التي تُوضِّح العيوب المنطقية لهذا المعيار:
- ألا يجوز أن يكون عدد الشركاء عدداً وهمياً؛ أي لا يُشيرُ إلى أهمية الشركة بل يمكن أن يكون كبيراً نتيجة تقسيم رأس المال إلى حصصٍ متساويةٍ كثيرةٍ؟ كل ذلك بالنظر إلى أنَّ الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركة حصصية[15] وليست مساهمة، فلا يمكن تحديد رأسمالها من القيمة الاسمية للسهم، بل من قيمة الحصص[16]، والتي تختلف من شركة إلى أخرى.
ففي قانون الشركات، لم يشترطْ المشرع في رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة سوى عدد حصصٍ متساوٍ غير قابلٍ للتجزئة، وأن تَبْلُغَ كلَّ حصَّة 100 دينار كويتي (د.ك) على الأقل[17].
وهنا، لنفترض بأنَّ عدد الشركاء في شركة ذات مسؤولية محدودة قد بلغ 50 شريكاً حصَّة كلٍّ منهم 500 د.ك، بالتالي سيبلغ رأس المال 10.000 آلاف د.ك؛ أي ما يساوي تقريباً 35.000 دولار أمريكي، وهو مبلغٌ بسيطٌ لا يعكس قيمةً سوقيةً جديرةً بأن يكون للشركة مجلس رقابة، وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ على الشركة تأسيس مجلس رقابة لأنَّ عدد الشركاء قد تجاوز 7 شركاء وفق معيار عدد الشركاء[18].
بينما إذا كانت حصَّة كلِّ شريكٍ في الشركة تبلغ مليون د.ك، وكان عدد الشركاء 5 شركاء، أي أنَّ رأس المال سيبلغ 5 ملايين د.ك، وهو ما يُعادِلُ تقريباً 17.500.000 دولار أمريكي؛ ففي هذه الحالة سيكون للشركة وزنٌ سوقيٌّ كبيرٌ قادرٌ على التأثير في العرض والطلب، وفي نفس الوقت قد لا يتمُّ تأسيس مجلس رقابة فيها؛ لأنَّ المعيار العددي الذي اعتمده المشرع غيرُ متوافرٍ في هذه الشركة، بالنظر لعدد الشركاء الذي لم يتجاوزْ 7 شركاء.
- كلُّ هذه العيوب المنطقية الواقعية في معيار عدد الشركاء، تُضافُ إليها احتمالاتٌ واقعيةٌ أخرى، حيث إنَّ عدد الشركاء هو حدٌّ جزافيٌّ قاصرٌ، فإذا زاد الشركاء واحداً أو نقص آخر، فلن تتغيَّر أهمية الشركة وتأثيرها.
- كما أنَّ عدد الشركاء قد يكون غيرَ حقيقيٍّ بالنظر لوجود شركاءٍ من الباطن؛ فقد يتَّفق الشركاء البالغ عددهم 10 على تأسيس شركةٍ من 5 شركاء ظاهرين وإخفاء شراكة الـ5 الباقين بغاية التهرُّب من قاعدة إنشاء مجلس رقابة.
- الأمر الآخر أنَّ عدد الشركاء القليل قد لا يعني ضَعْفَ أهمية الشركة، ليس بالنظر إلى قيمة رأس المال فقط، بل بالنظر إلى علاقات الشركاء مع الشركات العملاقة التي قد تَربِطُهَا مصالحٌ مُؤثِّرةٌ مع الشركة؛ كأن تكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة وكيلاً تجارياً حصرياً لشركة إنتاج سياراتٍ عالميةٍ.
بالمحصِّلة، فإنَّ معيار عدد الشركاء هو أحد العيوب الجوهرية في النظام القانوني لمجلس الرقابة، وهو من الأسباب التي تَفرِضُ وجود هذا المجلس في الشركات التي لا تحتاجه، وتحرم الشركات التي تحتاجه منه.
المطلب الثاني: تمييز المشرع لمجلس الرقابة
مَيَّزَ المشرع مجلس الرقابة من خلال محورَيْن؛ طبيعة أعضائه أولاً، ومسؤولياتهم ثانياً.
أولاً: طبيعة أعضاء مجلس الرقابة
حصر قانون الشركات عضوية مجلس الرقابة في الشركاء فقط؛ وهذا يعني أنَّ الإدارة التي قد تتكوَّن من الشركاء أو الغير[19] ستكون تحت رقابة مجلسٍ مؤلِّفٍ حصراً من الشركاء.
والغاية التشريعية من هذه القاعدة واضحةٌ؛ وهي أنَّ مجلس الرقابة يجب أن يكون مُميَّزاً في صفة القائمين عليه، لأنَّ المفترض فيهم الحرص على مصلحة الشركة والشركاء، حتى لا تذهب إدارة الشركة بعيداً عن الغاية من إنشائها[20].
أمّا إذا سمح المشرع بعضوية الغير في المجلس، فيكون -وفق جهة النظر هذه- قد خاطر بإمكانية وجود أعضاءٍ لا يُهمُّهم مصلحة الشركة بالقدر المطلوب؛ كونهم مُجرَّد موظَّفين فيها.
لكن هذا الفكر الإداري قديمٌ وعاجزٌ في آن معاً، للأسباب التالية:
- إنَّ اعتبار الشريك أكثر حرصاً من الموظف، فيه تجاهلٌ لحالات استغلال بعض الشركاء من الأقلية لشخصية شركتهم في مواجهة افتراض سوء النية أو الإهمال في المديرين.
- هذه الصورة القديمة مرتبطةٌ بأفكارٍ مثل؛ تركُّز القرار الإداري في رأس المال، وربط الإدارة بالملكية، والمركزية، وهي أفكار باتت غير قادرةٍ على مواكبة العلوم الإدارية الحديثة التي تحتاجها الشركة من كفاءاتٍ خبيرةٍ، ليس من الضرورة أن تكون جزءاً من رأس المال.
- كما أنَّ الاعتماد المطلق على الشركاء في عضوية مجلس الرقابة يعني افتراض الخبرة فيهم للقيام بمهامٍ تحتاج إلى تخصُّصِ علميٍّ في مجال المراجعة والمحاسبة، وهو أمرٌ لا يمكن ضمانه.
بناءً عليه، فإنَّ قانون الشركات قد أخطأ في منح مجلس الرقابة صفة التميُّز على إدارة الشركة من باب حصرية العضوية في الشركاء فقط؛ لأنَّ الشركة ستكون تحت رحمة ضمير الشركاء الأعضاء في المجلس، الذين سيعملون بما يُتَاحُ لهم من خبرةٍ في مجال الرقابة، التي قد تكون متواضعةً.
ثانياً: مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة
نصَّ قانون الشركات الكويتي على أنَّ أعضاء مجلس الرقابة يكونون غير مسؤولين عن أخطاء الإدارة، إلاَّ بعد ثبوت علمهم بالخطأ وإغفالهم له في التقرير الذي يتوجَّب عليهم تقديمه للجمعية العامة[21].
وهو ما يندرج ضمن الإهمال الجسيم؛ فتقوم المسؤولية حتى وإن لم يَثبُتْ الاشتراك في الخطأ، فإذا ثَبَتَ هذا الإهمال تكون المسؤولية قد تجاوزت حدودها بالنسبة لأعضاء مجلس الرقابة[22].
لكن بالمقابل، تعني هذه القاعدة؛ أنَّه دون إثبات العلم والإغفال، تبقى مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة محدودةً تجاه دائِنِي الشركة[23]، وتبقى ذمة الشركة منفصلةً عن ذمم أعضاء مجلس الرقابة[24]؛ كونها شخصٌ اعتباريٌّ مستقلٌّ عنهم[25].
وعلى الرغم ممَّا توحيه هذه القاعدة من استثناء، فإنَّ الواقع يقول باعتبار أعضاء مجلس الرقابة مسؤولين عن أخطاء الإدارة[26] حتى يثبت العكس[27].
والسبب في ذلك، هو أنَّ أعضاء مجلس الرقابة سيقومون بأدوارهم الرقابية من خلال محضرٍ يُشيرونَ فيه إلى قيامِهِم بمراجعة دفاتر الشركة مثلاً، هذا المحضر هو دليلٌ كتابيٌّ يُقِيمُ على مجلس الرقابة قرينةً على علمهم بما تحتويه دفاتر الشركة من نقصٍ حتى يثبت العكس.
وإذا أغفل أعضاء مجلس الرقابة بعدها، الإشارة إلى هذا النقص في تقريرهم المُرسَل إلى الجمعية العامة، فإنَّهم سيكونون مسؤولين بشكلٍ غير محدودٍ في جميع ذِمَمِهِم المالية بالتضامن عمَّا ينشأ من أضرار بسبب خطأ الإدارة تجاه الغير والشركة والشركاء.
وإذا أردنا تقييم هذه القاعدة بشكلٍ سطحيٍّ، سنقول بأنَّها صارمةٌ ورادعةٌ لكلِّ المديرين والرقباء بغرض منعهم من القيام بأية مخالفاتٍ أو استغلالٍ لشخصية الشركة أو تفضيلٍ مصالحهم الشخصية عليها.
لكن الواقع يقول بأنَّ أعضاء مجلس الرقابة قد يكونون من غير المختصِّين بعلوم المراجعة والمحاسبة، وبالتالي يمكن أن تمرَّ عليهم الكثير من التجاوزات والأخطاء التي يرتكبها المديرين، ودون أن يلاحظوها.
ورغم ذلك ستنشأ مسؤوليتهم عن هذه الأخطاء؛ لأنَّ قرينة علمهم بها قائمة بمجرَّد اطِّلاعهم على مستندات الشركة، وعدم الإشارة إلى هذه الأخطاء في تقريرهم المُوجَّه إلى الجمعية العامة.
بناءً عليه، فإنَّ عضو مجلس الرقابة قد يتحاشى القيام بمهامه ومسؤولياته خوفاً من وقوع المسؤولية عليه عن أخطاء المديرين، وهذا ما يمكن أن يجعله مجلساً شكلياً لا هيبةً له تجاه الإدارة.
وعليه لن يكون للمجلس في الواقع سلطة رقابةٍ قائمةٍ على معاييرٍ مهنيةٍ وميدانيةٍ تَخدِمُ مصلحة الشركة.
المبحث الثاني: الصورة النموذجية لتفعيل دور مجلس الرقابة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إذا أردنا أن نضع صورة نموذجية لمجلس الرقابة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، فيجب أن نبدأ باختيار معيار تشكيل هذا المجلس (المطلب الأول)، ثم تحديد المُميِّزات المطلوبة في هذا المجلس من حيث الطبيعة والمسؤولية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحديد المعيار النموذجي لإنشاء مجلس الرقابة
يتأسَّس هذا المطلب على فكرة مفادها عدم ضرورة الوجود الدائم لمجلس الرقابة في جميع الشركة ذات المسؤولية المحدودة، بل أن يكون وجودها مُقتصراً على الشركات المحدودة التي يَرتَفِعُ فيها مستوى مسؤوليات إدارة الشركة وتصبح عملياتها أكثر تعقيداً؛ بحيث يُضحِي من الضروري وجود مجلس رقابة على العمليات الإدارية، حِرصاً على مصلحة الشركة والشركاء.
وعلى اعتبار أنَّنا قد انتقدنا معيار عدد الشركاء في المبحث الأول، فيتوجَّب علينا في هذا المبحث طرح فكرة معيارٍ نموذجيٍّ لإنشاء مجلس الرقابة، وينقسم هذا المعيار إلى محورَيْن أساسيَّيْن، هما: رأس المال أولاً، وطبيعة نشاط الشركة ثانياً.
أولاً: الحد الأدنى لرأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة
إذا أردنا أن نضمن ارتفاع مستوى الشركة من حيث وزنها السوقي وقدرتها على التأثير في العرض والطلب الخاص بسوقها، فإنَّ المعيار الأبسط لهذه الأمور التي تُبرِّر وجود مجلس رقابة، هو مقدار رأس المال.
حيث إنَّ وضع حدٍّ أدنى لرأس المال يضمن وزن الشركة المالي بشكلٍ نظريٍّ أساسيٍّ.
لكن الأساس الذي يجب النظر إليه في الشركة هو رأس مالها، ولنفرض أنَّ الحد الأدنى لرأس المال هذا يجب أن يكون 10.000 آلاف د.ك؛ فمثلاً إذا كان رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة 12.000 ألف د.ك مُوزَّعةً على 6 حصصٍ على 6 شركاء كل حصَّة قيمتها ألفَيْن د.ك؛ فهنا وفق معيار عدد الشركاء، فلن يكون من الضرورة إنشاء مجلس رقابة لأنَّ عدد الشركاء يقلُّ عن 7 شركاء.
أمَّا وفق معيار الحد الأدنى لرأس المال المفترض -بما يساوي 10.000 آلاف د.ك-، فإنَّ الشركة التي تحتوي على 6 شركاء فقط يجب أن يكون فيها مجلس رقابة لأنَّ رأس مالها البالغ 12.000 ألف د.ك يتجاوز الحدَّ الأدنى البالغ 10 يساوي 10.000 آلاف د.ك كما افترضنا.
ويمكن تطعيم هذا المعيار الأساسي بمعاييرٍ فرعيةٍ؛ مثل مقدار التدفُّقات النقدية في الشركة من إيرادات ونفقات، أو قيمة الأصول المادية وغير المادية، وغيرها من المعايير الفرعية، التي تضمن عدم جمود معيار رأس المال.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتمَّ اشتراط تدفُّق ما نسبته 60% من قيمة رأس المال خلال السنة المالية الواحدة بعد التأسيس، حتى يتوجَّب على الشركة ذات المسؤولية المحدودة -أياً كانت قيمة رأس مالها- تأسيس مجلس للرقابة عليها.
كما يمكن فرض وجود مجلس الرقابة على الشركة إذا كانت قيمة الأصول المعنوية -مثل براءات الاختراع- تتجاوز ما نسبته 50% من رأسمالها؛ حيث تكون شركة ذات وزنٍ في سوق الابتكار.
وفق هذه المعايير، يستطيع المشرع ضمان وزن الشركة المالي ومستوى تشغيل رأس مالها وصعوبة إدارتها، حتى يكون وجود مجلس الرقابة عليها ضرورياً؛ كما أنَّ هذه المعايير متغيرةٌ ومتنوعةٌ لا تقتصر على مبلغٍ جزافيٍّ أو احتمالٍ رقميٍّ واحدٍ كما كان عليه الأمر في معيار عدد الشركاء[28].
بالتالي، فإنَّ معيار رأس المال وتوابعه من المعايير المالية تضمن ظهور مجلس الرقابة في الشركات التي تحتاجه فيها، وهو ما يَكفَلُ استمرار هيبته الرقابية؛ لأنَّ دوره يبقى مُهمَّاً وجوهرياً في استمرار الشركة على مستوى جودةٍ إداريةٍ مُتقدِّمٍ.
ثانياً: طبيعة نشاط الشركة ذات المسؤولية المحدودة
تلعب طبيعة نشاط الشركة دوراً جوهرياً في تحديد وزنها وأهميتها وتعقيد إدارتها؛ حيث نرى الشركات المهينة في مستوى صعب من حيث صعوبة إدارتها بالنظر إلى تخصُّصها واستقلال الشركاء فيها[29]، ذلك بالنظر إلى شركات التسويق أو مبيعات التجزئة البسيطة.
بناءً عليه، يجب تصنيف الشركات وفق قدرتها على التأثير في قطاعها وصعوبة إدارتها بالنظر إلى تعقيد عملياتها التشغيلية، وليس بالنظر فقط إلى رأس مالها أو تدفُّقاتها النقدية أو طبيعة رأس مالها.
وهذا يعني أنَّ على وزارة التجارة والصناعة الكويتية أن تَضَعَ لائحةً بالنشاطات التي يَغلِبُ على إدارتها التعقيد؛ الأمر الذي يوجب وجود مجالس للرقابة عليها.
ويمكن اقتراح بعض النشاطات التالية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة التي يجب أن يكون فيها مجلس رقابة:
- الشركات المهنية.
- شركات الاستيراد والتصدير.
- شركات الأوراق المالية.
- شركات التكنولوجيا.
- الشركات العقارية.
بهذه الطريقة، يمكن أن نرى المعيار المطلوب لتأسيس مجلس الرقابة من بعيد بأنَّه معيارٌ مزدوجٌ، يبدأ بالمعيار الأول وهو رأس المال كأساسٍ ويتفرَّع في البيانات المالية للشركة، فيا يتمُّ فرض المجلس على مجموعةٍ من الشركات التي تُمارِسُ نشاطاتٍ معينةٍ حتى وإن لم يتحقَّقْ المعيار الأول.
بهذه الطريقة، يكون مجلس الرقابة في مكانه الصحيح، ويحظى بدورٍ جوهريٍّ في ظلِّ ثقل وزن الشركة أو تعقيد أعمالها[30]؛ ممَّا يمنحه الهيبة الرقابة التي يحتاجها.
المطلب الثاني: المُميِّزات المطلوبة لمجلس الرقابة من حيث الطبيعة والمسؤولية
أولاً: طبيعة أعضاء مجلس الرقابة
على اعتبار أنَّ اختيار أعضاء مجلس الرقابة من الشركاء حصراً وفق قانون الشركات يتعارض بين المفاهيم الحديثة للإدارة من حيث اللامركزية والتخصص وفصل الإدارة عن الملكية؛ فقد كان لا بدَّ في الصورة النموذجية لطبيعة هذا المجلس ألاَّ تكون عضويته محصورةً فيما بين الشركاء.
لكن الأمور لا تكون بهذه البساطة؛ فالعضوية في مجلس الرقابة تعتبر مركزاً حسَّاساً على عمل الشركة، بالنظر إلى سلطة المجلس الرقابية الصريحة على الإدارة؛ فهنا:
- كيف يمكن لمدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن يتقبَّل سلطةً رقابيةً عليه من غير الشركاء[31]؟
النقطة الأساسية في هذا الموضوع، هي نقطةٌ ثقافيةٌ؛ حيث يتوجَّب أن يكون لدى الإدارة ثقافة قبول السلطة الرقابية طالما كانت خبيرةً ومتخصِّصةً في مجال المراجعة والمحاسبة.
وهنا يظهر ضرورة اشتراط مؤهلاتٍ وخبراتٍ مُحدَّدةٍ في عضو مجلس الرقابة، حتى يستحقَّ موقعه الرقابي على الإدارة.
ومن جهة أخرى، فقد تكون إمكانية الشركة غير متلائمةٍ مع فكرة تعيين متخصِّصين في مجلس الرقابة أو أن تنتهي ولاية المجلس السابق ويكون هناك فراغٌ في العضوية إلى حين إيجاد أعضاءٍ متخصِّصين آخرين أو لأية ظروفٍ استثنائيةٍ أخرى؛ ففي مثل هذه الحالات، يمكن أن تَسمَحَ الجمعية العامة للشركاء غير المتخصِّصين بتبوُّء مركز العضوية في المجلس بشكلٍ مؤقِّتٍ إلى حين تعيين الأعضاء المتخصِّصين.
- ومن جهة أخرى، كيف يجب أن تكون قواعد تعيين أعضاء مجلس الرقابة من غير الشركاء؟
يجب في هذا المجال ضمان الاستقلال في عضو المجلس؛ أي عدم وجود أية مصالحٍ له في الشركة أو مع الجهات التي تَرتَبِطُ في أعمالها مع الشركة أو التي تتعارض مصالحها معها[32].
وهو أمرٌ في غاية الأهمية في ظلِّ تشابك المصالح الذي يحظى به مجتمع الأعمال.
فحتى المحاسبين والمراجعين المتخصِّصين باتوا يستطيعون ممارسة مهنَتَهٌم ضمن شركة محاسبةٍ مهنيةٍ؛ وإذا افترضنا استعانة الشركة ذات المسؤولية المحدودة بهذه الشركة المهنية أو بأحد الشركاء فيها، فقد يكون لدى الشركة عملاء تتعارض مصلحتهم مع مصلحة الشركة، الأمر الذي يجعل عضو مجلس الرقابة في مركز الشكِّ.
لذا، يجب النص على عدم وجود أية مصلحةٍ لعضو مجلس الرقابة تتعلَّق بالشركة أو الجهات المرتبطة بها، وألاَّ يكون مُرتبطاً مع أية جهةٍ ذات علاقةٍ مع الشركة بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ.
بهذه الطريقة، يبقى لمجلس الرقابة هيبته رغم توسُّع نطاق عضويَّته إلى خارج نطاق الشركاء، طالما كان هؤلاء الأعضاء من غير الشركاء جَدِيرِيْنَ بمَرَاكِزِهِم، ومُستَقِلِّين في مصالِحِهِم.
ثانياً: مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة
المشكلة الحقيقة في قواعد المسؤولية الخاصَّة بمجلس الرقابة وفق قانون الشركات، كانت تتمثَّل في اعتبار مسؤوليته استثنائية نظرياً عن أخطاء الإدارة[33]، في حين أنَّ القرينة التي تتشكَّل بعد الكشف على مستندات الشركة تجعل من هذه المسؤولية غير المحدودة هي القاعدة[34].
بناءً عليه، نحن أمام اعتبارَيْن:
- إما أنَّ يتم استثناء أعضاء مجلس الرقابة من المسؤولية عن أخطاء الشركاء، باستثناء ثبوت حالة الاشتراك الإيجابي في الخطأ؛ وبهذه الطريقة لا يؤخذ العضو بخطأ المدير إذا لم ينتبهْ له، بل يجب إثبات الاشتراك وسوء النية في هذه الحالة.
- أو أن يتمَّ فرض المسؤولية على أعضاء المجلس بمجرَّد العلم بخطأ المدير وعدم إعلام الجمعية العامة به، وهي قاعدةٌ تعني فرض المسؤولية غير المحدودة على هؤلاء الأعضاء بشكلٍ دائمٍ بما يرفع حالة الردع من القيام بأية تجاوزاتٍ إداريةٍ أو ممارسات استغلالٍ غير مشروعةٍ لذمة الشركة[35].
وفي الحقيقة، إذا كان أعضاء مجلس الرقابة من الشركاء بغضِّ النظر عن تخصُّصهم، فإنَّ فرض المسؤولية عليهم لمجرَّد العلم ليست بالقاعدة العادلة؛ لأنَّ العلم سيَثْبُتُ بمجرَّد الاطلاع على المستند الذي يحتوي على الخطأ كما قلنا.
أمَّا إذا تمَّ السماح بتعيين أعضاء مجلس الرقابة من المتخصِّصين بعلوم المراجعة والمحاسبة، فهنا تكون قاعدة المسؤولية المقترنة بالعلم بالخطأ وإغفاله من التقارير، قاعدةً عادلةً؛ والسبب أنَّ المتخصِّص في المراجعة يُفترض فيه أنه رجلٌ حريصٌ وخبيرٌ لا تمرُّ عليه أخطاء الإدارة وتجاوزَاتِهَا، لذا تكون قرينة العلم بمجرَّد الاطلاع قرينة عادلةً على الرقيب المتخصِّص.
وعلى اعتبار أنَّ الصورة النموذجية التي اقترحناها تسمح بعضوية المتخصصين من غير الشركاء في مجلس الرقابة، فإنَّ قاعدة قيام مسؤولية هؤلاء يجب أن تنشأ بمجرَّد الاطلاع على المستندات والبيانات والدفاتر.
أي أنَّ مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة يجب أن تكون غير محدودةٍ طالما ذكرت تقارير المجلس الاطلاع على المستند الذي يحتوي الخطأ، ثم إغفال ذكر هذا الخطأ في تقارير المجلس الموجهة إلى الجمعية العامة، أمَّا فيما يخصُّ الأعضاء المؤقَّتين من الشركاء غير المتخصِّصين إذا تمَّ تكليفهم بشكلٍ مؤقَّتٍ كما أشرنا في الفقرة السابقة، فلا يَجدُرُ إقامة مسؤوليتَّهم إلاَّ في حالة ثبوت اشتراكِهِم مع الإدارة في الخطأ.
بهذه الطريقة، تُصبح مسؤولية مجلس الرقابة أعلى[36]، ونتيجةً لذلك، سيزيد حرصه على التدقيق والمراجعة بشكلٍ أوسَع وأعمَق ممَّا إذا كان مسؤوليته سهلة النفي، وبالمحصِّلة، فإنَّ هذه القاعدة ستزيد من أهمية دور المجلس ومن هيبته الرقابية.
الخاتمة
تُعتَبَر الشركة ذات المسؤولية المحدودة نوعاً مُميَّزاً من الشركات الحصصية الصغيرة؛ فهي قادرة على استقطاب كمياتٍ هائلةٍ من رؤوس الأموال الراكدة بالنظر إلى محدودية المسؤولية عن ديونها بالنسبة للشركاء، لكنها بالمقابل قد تشكُّل بيئةً للمخالفات القانونية بالنظر إلى إمكانية المخاطرة في رأسمالها وعدم الخوف من المسؤولية غير المحدودة.
وهنا بالضبط يأتي دور مجلس الرقابة في فرض هيبة الإشراف على الإدارة، لكن هذه الهيبة لم تكنْ مصانةً كما يجب في قانون الشركات، والسبب يكمن في أنَّ القانون لم يفرضْ المعيار المُنضَبِطَ لتشكيل هذا المجلس من جهةٍ، ولم يضعْ قواعد تشكيله ومسؤوليته بالشكل المُفصَّل المرن من جهةٍ أخرى.
النتائج
- يُعتَبَر معيار عدد الشركاء معياراً قاصراً عن تحديد الشركة التي تحتاج إلى مجلس رقباء؛ لأنَّه قد يؤدِّي إلى اختلال في توازن فئات الشركاء بين شريكٍ، ومديرٍ، ورقيبٍ.
- عدم وضع حدٍّ أعلى لأعضاء مجلس الرقابة قد يؤدِّي إلى تأسيس مجلس بعددٍ زوجيٍّ، فيُصبِحُ من الصعب الخروج بقرارٍ إذا تساوت الأصوات بين مؤيدٍ ومعارضٍ.
- حصر عضوية مجلس الرقابة في الشركاء، فيه تعارض مع الأفكار الإدارية الحديثة التي تنادي بفصل الإدارة عن الملكية، وباللامركزية الإدارية، وبالتخصُّص الإداري.
- إقامة مسؤولية أعضاء مجلس الرقابة عن أخطاء المديرين بشكلٍ صارمٍ دون التأكد من علمِهِم بهذه الأخطاء، يمكن أن تدفعهم إلى التهرُّب من مسؤوليَّاتِهِم.
- الصورة النموذجية لمعيار إنشاء مجلس الرقابة يجب أن تَرتَبِطَ بقيمة رأس المال كمعيارٍ أساسيٍّ، وبمجموعةٍ من المعايير المالية الفرعية، وبطبيعة نشاط الشركة؛ كلُّ ذلك بغرض ضمان فرض مجلس الرقابة في فئات الشركات التي تحتاج هذا المجلس من حيث وزنها المالي وصعوبة إدارتها.
- يجب السماح لغير الشركاء من المتخصِّصين بعضوية مجلس الرقابة، لكن لا يجوز السماح بعضوية المجلس لأيِّ شخصٍ له مصلحةٍ في أعمال الشركة أو المنافسين؛ خوفاً من التأثير في موضوعية عمله.
- مسؤولية مجلس الرقابة يجب أن تَرتَبِطَ بمجرَّد العلم بخطأ الإدارة بعد أن يتمَّ اشتراط التخصُّص في عضوية هذا المجلس.
- تؤدِّي النقاط السلبية والثغرات في قانون الشركات إلى نفورٍ جزءٍ كبيرٍ من رأس المال الوطني من تأسيس الشركات المحلية، والسبب أنَّ ثقافة المستثمرين تميل باتجاه الشركات محدودة المسؤولية كويتياً وعربياً.
التوصيات
- إلغاء نص المادة 107 من قانون الشركات الكويتي، والنص على ما يلي:
“يتوجَّب على الشركة ذات المسؤولية المحدودة تعيين مجلس للرقابة إذا:
- بَلَغَ رأس مالها ما قيمته 10.000 آلاف د.ك لدى تأسيسها، أو
- بَلَغَت نسبة تدفُّقاتها النقدية ما نسبته 60% من رأس المال في أية سنةٍ ماليةٍ تاليةٍ للتأسيس مهما كانت قيمة رأسمالها، أو
- بَلغَت قيمة الحقوق المعنوية المُرتَبِطَة بالابتكار فيها ما نسبته 60% من رأس المال في أية سنةٍ ماليةٍ تاليةٍ للتأسيس مهما كانت قيمة رأسمالها، أو
- كان نشاطها خاصَّاً بالأمور التالية:
- شركات الاستيراد والتصدير.
- شركات الأوراق المالية.
- شركات التكنولوجيا.
- الشركات العقارية.
وأية نشاطاتٍ أخرى تُحدِّدها وزارة التجارة والصناعة”.
- استحداث فقرة جديدة في المادة 107 من قانون الشركات، تنص على ما يلي:
- “تكون عضوية مجلس الرقابة للأشخاص المتخصِّصين بمهنة المراجعة والمحاسبة سواءً أكانوا من الشركاء أم الغير، ويمكن للشركاء من غير المتخصِّصين تبوُّء هذه العضوية بشكلٍ مؤقَّتٍ إلى حين تعيين أعضاء متخصِّصين، ويكون ذلك بقرارٍ من الجمعية العامة.
- لكن لا يجوز أن تكون لعضو مجلس الرقابة أية مصلحةٍ تتعلَّق بالشركة أو الجهات المُرتَبِطَة بها، ولا يجوز له أن يكون مُرتَبِطَاً مع أية جهةٍ ذات علاقةٍ مع الشركة سواءً بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ”.
- إلغاء نص المادة 108 من قانون الشركات، واعتماد النص التالي:
- “إذا كان عضو مجلس الرقابة من المتخصِّصين في علوم المراجعة والمحاسبة، فيُسألُ عن أيِّ خطأٍ ترتكبه الإدارة خلال فترة عضويَّته مسؤوليةً غير محدودةً، بمجرَّد اطِّلاعه على محتوى الخطأ في الشركة وعدم إبلاغ الجمعية العامة عنه.
- أمَّا إذا كان عضو مجلس الرقابة عضواً مؤقَّتاً من الشركاء غير المتخصِّصين، فلا يُسألُ عن خطأ الإدارة إلاَّ إذا ثبت اشتراكُهُ بالخطأ”.
- دعم ثقافة المستثمرين لإنشاء شركات مساهمة مقفلة بدلاً عن الشركات محدودة المسؤولية.
قائمة المراجع
أولاً: المراجع باللغة العربية
– ابن عجيبة، سعد، مسلك الإدارة ومنهج الرقابة في الشركات التجارية: أية علاقة؟، مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، المغرب، العدد 4-5، عام 2018.
– أبو عقيل، لبيب، وحليمة، منشورات، خصوصية الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون الجزائري: دراسة مقارنة مع القانون الأردني والمصري، مجلة دراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح، الأردن، المجلد 2، العدد 17، سبتمبر 2019.
– الحقيل، مساعد، المسؤولية المحدودة في الشركات: دراسة تأصيلية تطبيقية، مجلة وزارة العدل، المملكة العربية السعودية، المجلد 16، العدد 65، يوليو 2014.
– الحيان، عبد الله، وصادق، عبد الوهاب، مسؤولية مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد 72، يونيو 2020.
– الراشدي، غادة، انقضاء الشركة المحدودة المسؤولية وفق القانون العماني: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير في الحقوق، جامعة السلطان قابوس، نوقشت عام 2014.
– الرشيدي، جديع، تجديد مدة الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون الكويتي: تعليق على حكم محكمة التمييز الكويتية الصادر عن الدائرة التجارية الثالثة بتاريخ 18 / 12 / 2004 م، في الطعنين المقيدين في الجدول برقمي 637، 667 / 2002 م تجاري (3)، مجلة الحقوق – جامعة الكويت، المجلد 31، العدد 4، ديسمبر 2007.
– علاوي، عبد اللطيف، الرقابة المزدوجة على نشاط الشركات المختلطة، المجلة المتوسطية للقانون والاقتصاد، جامعة تلمسان، الجزائر، المجلد 5، العدد 2، عام 2020.
– المحروقي، هلال، مسؤولية المدير في الشركة المحدودة المسؤولية: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير في الحقوق، جامعة السلطان قابوس، نوقشت عام 2009.
– الوسمي، محمد، والشريعان، فاطمة، شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة وماهية ضمانات دائني الشركة وفقاً لقانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016: دراسة قانونية مقارنة، مجلة الحقوق – جامعة الكويت، المجلد 42، العدد 4، ديسمبر 2018.
ثانياً: المراجع باللغة الإنجليزية
– Akey, Pat, and Ian Appel. “The limits of limited liability: Evidence from industrial pollution.” The Journal of Finance 76, no. 1 (2021).
– Arena, Matteo P. “Corporate litigation and debt.” Journal of Banking & Finance 87 (2018).
– Easterbrook, Frank H., and Daniel R. Fischel. “Limited liability and the corporation.” The University of Chicago Law Review 52, no. 1 (1985).
– Halpern, Paul, Michael Trebilcock, and Stuart Turnbull. “An economic analysis of limited liability in corporation law.” U. Toronto LJ 30 (1980).
– Ireland, Paddy. “The rise of the limited liability company.” International Journal of the Sociology of Law 12, no. 3 (1984).
– Januarita, Ratna. “The Newly Sole Proprietorship as Limited Liability Company in Recent Indonesian Company Law.” MIMBAR: Jurnal Sosial dan Pembangunan 37, no. 1 (2021).
– Kalemli-Özcan, Ṣebnem, Luc Laeven, and David Moreno. Debt overhang, rollover risk, and corporate investment: Evidence from the european crisis. No. w24555. National Bureau of Economic Research, 2018.
– Macey, Jonathan R. “The limited liability company: lessons for corporate law.” Wash. ULQ 73 (1995).
– Marjanski, Vladimir, and Attila Dudás. “Some Current Problems with the Regulation of Limited Liability Companies in Serbia.” Central European Journal of Comparative Law 1, no. 1 (2020).
– Ribstein, Larry E. “Limited liability and theories of the corporation.” Md. L. Rev. 50 (1991).
– Tricker, Bob. “Re‐inventing the Limited Liability Company.” Corporate Governance: An International Review 19, no. 4 (2011).
– Woodward, Susan E. “Limited Liability in the Theory of the Firm.” Zeitschrift für die gesamte Staatswissenschaft/Journal of Institutional and Theoretical Economics H. 4 (1985).
ثالثاً: الأحكام القضائية
1- محكمة التمييز الكويتية
– طعن تجاري، رقم 1053 لسنة 2004 بتاريخ 11-6-2005.
– طعن تجاري، رقم 33 لسنة 2012 بتاريخ 7-5-2013.
طعن تجاري، رقم 1341 لسنة 2012 بتاريخ 27-4-2015.
– طعن تجاري، رقم 1286 لسنة 2010 بتاريخ 19-5-2015.
– طعن تجاري، رقم 340 لسنة 2012 بتاريخ 19-5-2015.
2- الأحكام الأمريكية
– Purchasing Power, LLC v. BLUESTEM BRANDS, United States Court of Appeals, Eleventh Circuit, March 20, 2017.
– Bristol-Myers Squibb v. Superior Ct. of CA, Supreme Court of United States, June 19, 2017.
– Curci Investments, LLC v. Baldwin, Court of Appeals of California, Fourth District, Division Three, August 10, 2017.
[1] القرآن الكريم، سورة النحل، آية 78.
[2] راجع في الجذور الفكرية لهذا النوع الاستثنائي من الشركات، لدى المرجِعَيْن التالِيَيْن:
Easterbrook, Frank H., and Daniel R. Fischel. “Limited liability and the corporation.” The University of Chicago Law Review 52, no. 1 (1985), page 89.
Ribstein, Larry E. “Limited liability and theories of the corporation.” Md. L. Rev. 50 (1991), page 80.
[3] وهذا نتيجة انفصال الذمة المالية للشركة عن ذِمَمِ الشركاء. ينظر:
حكم محكمة التمييز الكويتية، طعن تجاري رقم 1053 لسنة 2004 بتاريخ، 11-6-2005.
[4] راجع:
Kalemli-Özcan, Ṣebnem, Luc Laeven, and David Moreno. Debt overhang, rollover risk, and corporate investment: Evidence from the european crisis. No. w24555. National Bureau of Economic Research, 2018.
[5] “… تعتبر (هيئات الإدارة والرقابة في الشركة) بمثابة مضخات قوية لحوكمة الشركات تعمل على إخراجها من حالة الجمود إلى حالة النشاط، ومن حالة الانعدام إلى حالة الوجود”. ينظر:
ابن عجيبة، سعد، مسلك الإدارة ومنهج الرقابة في الشركات التجارية: أية علاقة؟، مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، المغرب، العدد 4-5، عام 2018، الصفحة 45.
[6] راجع:
Tricker, Bob. “Re‐inventing the Limited Liability Company.” Corporate Governance: An International Review 19, no. 4 (2011), page 384.
[7] وهو ما يزيد من خصوصية هذه الشركة. للتعمُّق في هذا الموضوع، راجع:
أبو عقيل، لبيب، و حليمة، مشوات، خصوصية الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون الجزائري: دراسة مقارنة مع القانون الأردني والمصري، مجلة دراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مركز البحث وتطوير الموارد البشرية – رماح، الأردن، المجلد 2، العدد 17، سبتمبر 2019، الصفحة 210.
[8] المادة 107، قانون الشركات الكويتي رقم 1/2016.
[9] نفس المادة.
[10] نفس المادة.
[11] قد تدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة رأس مال هام على الصعيد العائلي في الاقتصاد الكويتي والعربي.
للاطلاع على التجربة الغربية، راجع:
Ireland, Paddy. “The rise of the limited liability company.” International Journal of the Sociology of Law 12, no. 3 (1984), page 239.
[12] المادة 92، قانون الشركات الكويتي.
[13] المادة 107، قانون الشركات الكويتي.
[14] ومن هذه العيوب المنطقية؛ إمكانية تأسيس شركة شخصٍ واحدٍ محدودة المسؤولية؛ ففي هذه الحالة كيف سيتمُّ ضمان حقوق الدائنين؟ والأهمُّ أنَّ مجلس الرقابة لن ينشأ في هذه الشركة التي يمكن أن تؤسَّس بغرض الممارسات غير المشروعة؛ مثل النصب أو غسل الأموال.
للتعمُّق في هذه الشركة المزدوجة، راجع:
الوسمي، محمد، والشريعان، فاطمة، شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة وماهية ضمانات دائني الشركة وفقاً لقانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016: دراسة قانونية مقارنة، مجلة الحقوق – جامعة الكويت، المجلد 42، العدد 4، ديسمبر 2018، الصفحة 49.
[15] يوجد خصائصٌ كثيرةٌ مُرتَبِطَةٌ بكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركةٌ حصصيةٌ بما يُميِّزُها عن الشركات المساهمة، ومنها تجديد مدة الشركة وانسحاب الشركاء. ينظر في تعليق على استقرار محكمة التمييز على حق الشريك بالانسحاب، لدى:
الرشيدي، جديع، تجديد مدة الشركة ذات المسؤولية المحدودة في القانون الكويتي: تعليق على حكم محكمة التمييز الكويتية الصادر عن الدائرة التجارية الثالثة بتاريخ 18 / 12 / 2004 م، في الطعنَيْن المقيدَيْن في الجدول برقَمَيْ 637، 667 / 2002 م تجاري (3)، مجلة الحقوق – جامعة الكويت، المجلد 31، العدد 4، ديسمبر 2007، الصفحة 457.
[16] راجع في سوابق محكمة التمييز:
طعن تجاري، رقم 1341 لسنة 2012 بتاريخ 27-4-2015.
[17] المادة 98، قانون الشركات الكويتي.
[18] المادة 107، قانون الشركات الكويتي.
[19] المادة 103، قانون الشركات الكويتي.
[20] علاوي، عبد اللطيف، الرقابة المزدوجة على نشاط الشركات المختلطة، المجلة المتوسطية للقانون والاقتصاد، جامعة تلمسان، الجزائر، المجلد 5، العدد 2، عام 2020، الصفحة 135.
[21] المادة 108، قانون الشركات الكويتي.
[22] ينظر في حدود المسؤولية المحدودة، لدى:
Akey, Pat, and Ian Appel. “The limits of limited liability: Evidence from industrial pollution.” The Journal of Finance 76, no. 1 (2021), page 5.
[23] للتوسع في فكر المسؤولية المحدودة للشركاء، راجع:
Woodward, Susan E. “Limited Liability in the Theory of the Firm.” Zeitschrift für die gesamte Staatswissenschaft/Journal of Institutional and Theoretical Economics H. 4 (1985), page 601.
[24] حكم محكمة التمييز الكويتية، طعن تجاري، رقم 340 لسنة 2012 بتاريخ 19-5-2015.
[25] راجع في القضاء الأمريكي:
“Ordinarily a corporation is considered a separate legal entity, distinct from its stockholders, officers and directors, with separate and distinct liabilities and obligations”. See:
Curci Investments, LLC v. Baldwin, Court of Appeals of California, Fourth District, Division Three, August 10, 2017.
[26] كأن يَنتُجُ عن إهمال الإدارة في توجيه خط الإنتاج، صناعة بضاعةٍ دون المواصفات. ينظر في القضاء الأمريكي:
Bristol-Myers Squibb v. Superior Ct. of CA, Supreme Court of United States, June 19, 2017.
[27] للمزيد عن هذا الموضوع، راجع:
الحيان، عبد الله، وصادق، عبد الوهاب، مسؤولية مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، العدد 72، يونيو 2020، الصفحة 982.
[28] وهنا يتداخل قانون الشركات مع المحاسبة. راجع في شركة المسؤولية المحدودة:
Macey, Jonathan R. “The limited liability company: lessons for corporate law.” Wash. ULQ 73 (1995), page 433.
[29] على سبيل المثال، استقلال الشركاء المحامين في شركة المحاماة وفق لائحة وزارة التجارة والصناعة الخاصة بهذا النوع من الشركات المهنية. ينظر:
المادتان 13، و14، من القرار الوزاري رقم 161/2020 بشأن إصدار لائحة تنظيم الشركات المهنية للمحاماة، الصادرة بتاريخ 22 أكتوبر 2020.
[30] وفي هذا المجال يتداخل التحليل الاقتصادي مع قانون الشركات. راجع:
Halpern, Paul, Michael Trebilcock, and Stuart Turnbull. “An economic analysis of limited liability in corporation law.” U. Toronto LJ 30 (1980), page 117.
[31] في الوقت الذي يتمُّ تعيين المدير في عقد الشركة. ينظر: المادة 96-7، قانون الشركات الكويتي.
راجع في سوابق محكمة التمييز:
طعن تجاري، رقم 33 لسنة 2012 بتاريخ 7-5-2013.
[32] ينظر في تجربة دولة صربيا، لدى:
Marjanski, Vladimir, and Attila Dudás. “Some Current Problems with the Regulation of Limited Liability Companies in Serbia.” Central European Journal of Comparative Law 1, no. 1 (2020), page 131.
[33] المحروقي، هلال، مسؤولية المدير في الشركة المحدودة المسؤولية: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير في الحقوق، جامعة السلطان قابوس، نوقشت عام 2009.
[34] بينما يجب اعتبار أنَّ القاعدة هي استقلال ذمة الشركة عن أعضاء مجلس الرقابة. للتوسُّع في موضوع الذمة المالية للشركة ذات المسؤولية المحدودة، راجع:
حكم محكمة التمييز الكويتية، طعن تجاري رقم 1286 لسنة 2010 بتاريخ 19-5-2015.
وهذا نتيجة وجود الشخصية الاعتبارية المستقلة لهذه الشركة، والتي تَمنَحُهَا الحقَّ في الجنسية أيضاً. راجع في القضاء الأمريكي:
Purchasing Power, LLC v. BLUESTEM BRANDS, United States Court of Appeals, Eleventh Circuit, March 20, 2017.
للاطلاع على تجربة إندونيسيا، راجع:
Januarita, Ratna. “The Newly Sole Proprietorship as Limited Liability Company in Recent Indonesian Company Law.” MIMBAR: Jurnal Sosial dan Pembangunan 37, no. 1 (2021), page 221.
[35] للتوسُّع في فكرة المسؤولية عن ديون الشركة ذات المسؤولية المحدودة، راجع:
الحقيل، مساعد، المسؤولية المحدودة في الشركات: دراسة تأصيلية تطبيقية، مجلة وزارة العدل، المملكة العربية السعودية، المجلد 16، العدد 65، يوليو 2014، الصفحة 325.
[36] وهذا يَمنَحُ دائِنِي الشركة ضماناً أكبر حتى في حالة انقضائها. راجع:
الراشدي، غادة، انقضاء الشركة المحدودة المسؤولية وفق القانون العماني: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير في الحقوق، جامعة السلطان قابوس، نوقشت عام 2014.
راجع أيضاً: Arena, Matteo P. “Corporate litigation and debt.” Journal of Banking & Finance 87 (2018), page 202.