تدريس علم السياسة بالمغرب: بين الإطار النظري والتطبيقي
Teaching political Sciences in Morocco : between the theoretical framework and application.
الطيب كزرار (دكتور في القانون العام و العلوم السياسية، المملكة المغربية) | Tayeb Kzrar, Morocco |
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 32 الصفحة 91.
Abstract
This scientific article focus on the subject of teaching political Sciences in Morocco between the theoretical framework and application. For decades, intellectuals have been interested in the research of political sciences because this science is linked to a set of social sciences and an extension to the different fields of knowledge. On the one hand, the researcher finds himself sticking to sociology and focused on his theories and his means of analysis within the framework of political sociology.
On the other hand, the researcher is so close to constitutional law and other laws, to wander in its abstractions and its debates legal jurisprudence, to found himself isolated in conferences, seminars, symposia and their annual condensed bulletins, despites of the fact that it is being a science whose beauty cannot be hidden and its “art” is hidden in all the political events and phenomena that are repeated every time.
This radical impact affects not only the social and political structure of society, but also on the different levels of authority, as well as the process of the social and human sciences, which, in turn, have become hostage to laws and decisions and decrees of a political nature in origin, which are taken by the authority in order to harness it for its interests and to approve with its legitimacy.
Thereby, sociological, political and constitutional issues are motivating the defenders of political science to search for a special and independent field of “politics” among the “other political sciences”. It was presented by some sciences, especially political geography, political economy, political history, even if the special content of political science has been lost, and in a specific way, some have prompted to describe it as the science of the state or power.
Therefore, this article focusses on the problematic of teaching political sciences in the universities and its importance on the education system, likewise, the impact of its outputs on political life in general and political management in particular.
ملخص:تهتم هاته المقالة العلمية بموضوع تدريس علم السياسة بالمغرببين الإطار النظري والتطبيقي، هذا العلم الذي شغل على مدى عقود من السنين، اهتمام الباحثين و المفكرين، باعتباره علما مرتبط بالعديد من العلوم الاجتماعية و امتداد منها الى مختلف الحقول المعرفية، فتارة يجد الباحث انه ملتصق بالسوسيولوجيا وتأسره تنظيرات مفكريها وأساليبها التحليلية ضمن إطار السوسيولوجيا السياسية([1])، وتارة أخرى يرتبط بالقرب من مدرسة القانون الدستوري وباقي القوانين، ليضيع في تجريداتها ونقاشاتها الفقهية-القانونية، ليجد نفسه مرة أخرى منزويا في الحلقات النقاشية والمؤتمرات والندوات ونشرياتها السنوية والموجزة على الرغم من كونه العلم الذي لا يمكن حجبه وإخفاء “فن” جماله وبريقه في كل الأحداث والظواهر السياسية التي تتكرر كل يوم، حيث إن تأثيراتها الجذرية لا تحدث فقط على التركيبة الاجتماعية والسياسية للمجتمع وإنما على مستوى السلطة وهيكلتها، وكذلك على مسيرة العلوم الاجتماعية والإنسانية التي هي الأخرى أضحت رهينة القوانين، القرارات، والمراسيم ذات الطبيعة السياسية في الأصل، والتي تتخذها السلطة بغية تسخيرها لمصالحها والإقرار بشرعيتها([2]).ومن هنا فإن ما طرحته المشكلات السوسيولوجية القانونية والدستورية دفعت من حمل لواء إنقاذ علم السياسة والمدافعين عنه إلى البحث عن مجال خاص ومستقل لعلم “السياسة” بين “العلوم السياسية الأخرى” التي ادعتها بعض العلوم وخصوصا الجغرافية السياسية، الاقتصاد السياسي، التاريخ السياسي، حتى وإن ضاع المضمون الخاص لعلم السياسة وبشكل محدد دفع البعض إلى أن يصفه بعلم الدولة أو السلطة([3]). بناء على ما تقدم تسلط المقالة الضوء على إشكالية تدريس علم السياسة في الجامعات وأهميته في المنظومة التعليمة وكدلك تأثير مخرجاته في الحياة السياسية بشكل عام و التدبير السياسي بشكل خاص.
تقديم:
دخل علم السياسة عهده العلمي المعاصر منذ نهاية القرن التاسع عشر، وأصبحت الجامعات والحكومات تعترف به منذ ذلك الحين كعلم قائم بذاته، وتكرس هذا الاعتراف بإنشاء المدرسة الحرة للعلوم السياسية في باريس وإنشاء مدرسة لندن للاقتصاد وعلم السياسة([4])، كما تكرس باعتماد علم السياسة كمادة مستقلة للتدريس في الجامعات، حيث تظافرت عدة عوامل لتوفير الجو الملائم لتطور هذا العلم كالحرية الفكرية وتقدم العلوم الاجتماعية بصفة عامة، والشعور بالحاجة إلى علم السياسة لتكوين قادة سياسيين وإداريين جدد أو في سبيل تثقيف المواطن([5])، واقترن هذا بتزايد الاهتمام بالدراسة الاستقرائية لمختلف الظواهر السياسية كالأحزاب السياسية والرأي العام والجماعات الضاغطة.
إن علم السياسة منذ ما يسمى بـ”التقاليد الأرسطية الإغريقية القديمة” يعكس رؤية معرفية متمركزة حول الذات الأوروبية والغربية، وحتى عندما احتضنت المدرسة الأمريكية علم السياسة المعاصر خلال القرن العشرين أصبح هذا العلم أكثر ارتباطا بواقع المجتمع الأمريكي والغربي عموما، وهو ما أثر على التحولات التي شهدها علم السياسة منذ ذلك الوقت حيث لم يعد الحديث عن علم السياسة بل عن العلوم السياسية([6]). وبالانتقال إلى العالم العربي، فإن الحديث عن موضوع العلوم السياسية يبقى حديث العهد في المدارس العربية على الرغم من أن الحديث عن السياسة يعد موضوعا قديما تم تداوله في التراث السياسي الإسلامي من خلال تناول الأمور المتعلقة بالحكم وفحوى “دولة الخلافة” وعلاقة الحاكم والمحكومين وغيرها من المواضيع التي أثارها الفقهاء والفلاسفة العرب والمسلمين.
تجدر الإشارة إلى أن تواصل العرب عموما والمغاربة على وجه الخصوص مع علم السياسة الأوروبي الحديث بمفاهيمه ونظرياته المتعارف عليها لم يحدث إلا في بدايات القرن العشرين، عندما ترجم أول كتاب في علم السياسة إلى اللغة العربية سنة 1915([7])، وبعد ذلك من خلال ما خلفته السوسيولوجيا الكولونيالية، أما قبل هذا التاريخ فقد كان هناك حقل دراسي للسياسة، ولكنه كان مختلفا في أبعاد عمله سواء في تعريف مفهوم ممارسة “السياسة” أو تحديد الوحدة الأساسية للتحليل أو تقسيم الموضوعات أو منهجية الاقتراب([8]).
لقد ارتبط تدريس العلوم السياسية في كليات الحقوق بالمغرب بتأسيس الجامعة في السنوات الأولى للاستقلال (1958)، وإن كانت بداية تدرسيه بمعهد الدراسات السياسية قبل أن يتم إدماجه بكلية الحقوق بالرباط، ولاشك أن بدايات تدريس العلوم السياسية[9] لم تكن سهلة، فقد ساهمت عوامل عديدة في بناء الملامح الأولى للدرس السياسي الجامعي بوسائل بشرية ومادية محدودة، كما مرت حتى الآن أزيد من خمسين سنة على تأسيس الدرس السياسي في الجامعة المغربية، وقد لا تكون لخمسة عقود أهمية كبرى في مجال قياس درجة التمرس في مجالي الفكر والبحث السياسي، ولكن مع ذلك يمكن النظر إلى المراحل الكبرى المؤطرة لهذا الدرس من أكثر من زاوية: من زاوية البرامج والمقررات، وزاوية التأطير العلمي أو التربوي أو من زاوية شروط ومقومات الدرس السياسي، وكذا الدور الثقافي التاريخي الموصول بتطور الذهنيات.
- الكلمات المفاتيح:
تسعى المقالة تفكيك مجموعة من الكلمات المفاتيح وفق مقاربة تحليلية مبنية على جملة من الكلمات كمفاتيح الدراسة والتحليل، ويتعلق الأمر:علم السياسية؛ الحقوق؛ السوسيولوجيا السياسية؛ الإطار البيداغوجي؛ الفكر السياسي
- مناهج البحث العلمي:
تستعين المقالة على مناهج البحث العلمي، منهج تحليل المضمون لقراءة الإطار العلمي والأكاديمي لتدريس العلوم السياسية بالمغرب، كما تستند إلى المنهج النسقي الذي يوفر أدوات لتفسير آليات وأدوات اعتماد علم السياسة في المنظومة التعليمية بالجامعة، والتكيُّف مع بيئتها الداخلية والخارجية بناءً على طبيعة بنية نسقها، عبر ما يطرحه من مخرجات علمية استجابة للديناميات المجتمعية المفرزة.
- الإشكالية الرئيسية للموضوع:
إلى أي مدى يتم اعتماد تدريس العلوم السياسـية بالجامعات وأي تحديات تواجه هاته العلـوم في المنظومة التعليمية؟
- التصميم المعتمد:
لتفكيك الإشكالية الرئيسية و محاولة الإجابة عنها سنعملفي هذه المقالة العلمية على تقسيم الموضوع وفق التصميم التالي:
- الـمـحور الأول: قراءة تحليلية في الإطار النظري لتدريس علم السياسية بالجامعات المغربية
- أولا: معهد الدراسات السياسية
- ثانيا: الدرس السياسي بكليات الحقوق بالمغرب
- المحور الثاني: اكراهات تدريس عـلــم السـيــاســة على المستوى التطبيقي و سبل تجاوزها
الـمـحور الأول: قراءة تحليلية في الإطار النظري لتدريس علم السياسية بالجامعات المغربية
إن تدريس العلوم السياسية بكليات الحقوق بالمغرب في بنياته العامة، وخاصة برامجه وتوجهاته، مرتبط بشكل عام بالمستوى الذي بلغته الجامعة الفرنسية والعلوم السياسية فيها، ومطبوع بالمرحلة التي تأسست فيها. فأغلب الأساتذة في تخصص العلوم السياسية كانوا مبرزين في القانون العام، ويعتبرون من بين طليعة الباحثين الفرنسيين النشيطين، وبل من أفضل العناصر التي قامت بالتدريس بكليات الحقوق بالمملكة خاصة بكلية الحقوق بالرباط.
ويمكن القول بأن بداية تدريس العلوم السياسية بالمغرب ترجع إلى سنة 1961 مـع إحداث معهد الدراسات السياسية الذي أوكل له تحضير وإعداد الإجازة في العلوم السياسـية، ولكن ومع صدور مرسوم 11 يونيو 1962 سيصبح هذا المعهد عمليا مجرد شعبة للعـلوم السيـاسية داخل كلية الحقوق إلى جانب القانون الخاص والعلوم الاقتصادية، ومع مجـيء الإصـلاح الجامعي لسنة 1978، ستحذف نهائيا هذه التسمية وتصبح مجرد شعبة للقانـون العام، وهكذا فقد أصبح تدريس العلوم السياسية يتم بكليات الحقوق بالمغرب، حيث أثرت العديد من العناصر والعوامل على مضمون التكوين وطبيعة الدرس السياسي وعلى الغاية والهدف الأسمى منه، وكذا على مستوى البحث العلمي وعلى إنتاج معرفة سياسية قادرة على خدمة تنمية الدولة والمجتمع.
وبناء عليه، سيتم الحديث عن تجربة معهد الدراسات السياسية (الفرع الأول)، والدرس السياسي بكليات الحقوق بالمغرب (الفرع الثاني).
عملت الدولة في السنوات الأولى للاستقلال في مجال التكوين الجامعي خاصة الحقوقي على وضع تصور واضح ومتميز، حيث أوكل المشرع لكلية الحقوق تحضير شهادة الإجازة (الليسانس) في الحقوق والاقتصاد، أما الإجازة في تخصص العلوم السياسية فيتم إعدادها بمعهد الدراسات السياسية التي تأسست في ماي سنة 1961([10])، وكان الهدف من وراء إحداث معهد الدراسات السياسية ليس فقط القيام بمهمة التكوين، بل وتقديم خدمات لجميع مؤسسات الدولة والمجتمع، وذلك من خلال إنعاش البحث في العلوم السياسية. لكن تجربة هذا المعهد لم تدم طويلا حيث تم دمجه فيما بعد بكلية الحقوق وأصبح مجرد شعبة للعلوم السياسية داخلها.
إن تصور الدولة في مجال التكوين الجامعي الحقوقي و السياسي كان متميزا وواضحا في البداية، فكلية الحقوق أوكل لها المشرع تحضير الليسانس (الإجازة) في الحقوق والاقتصاد، أما الليسانس في العلوم السياسية فيتم تحضيره وإعداده بمعهد الدراسات السياسية، وهي مؤسسة مستقلة أسست في ماي سنة 1961([11]).وهدفت الدولة من ورائها إلى تحقيق أهداف كبرى تتكامل مع باقي أدوار المؤسسات الشبيهة والقريبة منها وجعلت من مهامه الأساسية ليس التكوين فقط، بل وتقديم خدمات ضرورية ومهمة لجميع مؤسسات الدولة والمجتمع([12])، بحيث نص قانونها الأساسي على إنعاش البحث والقيام بأبحاث في العلوم السياسية لفائدة الدولة والخواص، وإعدادها للنشر وتكوين أساتذة باحثين وأطر عليا([13]).
بإمكاننا، في هذا الصدد، وصف حالة المعهد باعتباره “مرحلة تمهيدية” أو “علمية” لحالة العلوم السياسية، وهكذا فإن التحويل والإدماج بـ “كلية الحقوق” هو بمثابة تجاوز الانتقالي والمرحلي لصالح المستمر والمتوازن والعلمي، فالمعهد أعد تكوينا يتماشى وهدف إنعاش البحث، حيث تضمنت برامج التكوين الجمع بين التعليم النظري والتطبيقي مقسما إياه بين سنة تحضيرية وسنتين تخصصيتين([14])، كما أولى مكانة مركزية للغات الأجنبية، ورغبة في توسيع إشعاع المعهد وفتح الجسور بين هذا الأخير وعدد من المؤسسات الأخرى كمعهد السوسيولوجيا وكلية الحقوق ومعهد الاقتصاد التطبيقي، أتاح إمكانية الحضور للراغبين غير الرسميين بحيث تسلم لهم شهادة الحضور([15]).
لكن هذه الصورة المثالية التي تجسدت في تأسيس معهد من هذا العيار، لم تدم إلا شهورا قليلة، حتى بدأت ملامح “التعثر”، انطلاقا من تعديلات قانونية تروم إعادة تنظيم برامجه وتوحيد التكوين داخله([16])، أصبحت معه برامج التكوين تسير في اتجاه قانوني أكثر منه سياسي، مبتعدة شيئا فشيئا عن العلم السياسي ومقتربة أكثر من العلوم القانونية، مكرسة تحول طبيعة هذا المعهد وتذويبه في كلية الحقوق لاحقا، نتيجة لمرسوم 11 يونيو 1962 الذي يفيد بأن معهد الدراسات السياسية أصبح من تلك السنة فصاعدا يتولى تحضير الإجازة ودبلوم الدراسات العليا والدكتوراه في العلوم السياسية لفائدة كلية الحقوق، وهكذا أصبح هذا المعهد عمليا مجرد شعبة للعلوم السياسية داخل كلية الحقوق إلى جانب شعبتي القانون الخاص والعلوم الاجتماعية، ومع مجيء الإصلاح الجامعي لسنة 1975 ستحذف نهائيا هذه التسمية وتصبح مجرد شعبة للقانون العام([17]).
الواقع أن هذا القرار كانت له انعكاسات على عملية تطوير البحث العلمي في مجال العلوم السياسية في المغرب، جعلت هاته العلوم تعاني تهميشا على مستوى البحث أو على مستوى التكوين، على الرغم من ارتفاع عدد الخريجين وتزايد عدد الأطروحات المناقشة فإن ذلك لا يعني أن البحث العلمي في هذا المجال قد تطور وتقدم.
إن الاهتمام تركز منذ حصول المغرب على الاستقلال، ومنذ إنشاء أول جامعة مغربية على علم السياسة دون العلوم السياسية، ويظهر ذلك من مختلف البحوث والأطروحات الجامعية، التي انحصرت بشكل عام في الدراسات القانونية والدستورية. وإذا كان الأمر كذلك فإن البحث في مجال العلوم السياسية بالجامعات قد عرف في نظرنا مرحلتين أساسيتين تعكس مدى اهتمام الجامعيين وتوجههم نحو البحث في المجال السياسي.
- المرحلة الأولى: مرحلة النشأة تبتدئ من سنة 1968 إلى حدود 1980.
- المرحلة الثانية: مرحلة البناء تبتدئ من هذا التاريخ (1980)، وتمتد إلى الوقت الراهن.
ففي المرحلة الأولى لم توجد في المغرب إلا كتابات ضئيلة تتناول موضوعا من مواضيع العلوم السياسية خلفها الباحثون المغاربة، على الرغم من أن الكتابات الأجنبية كانت مهمة في هذه المرحلة، غير أن المرحلة الثانية التي تواكب بداية الثمانينيات وتمتد إلى الوقت الراهن قد شهدت تطورا كميا في مجال البحث في محال العلوم السياسية سواء على مستوى الكتابات السياسية غير الأكاديمية أو الأطروحات والرسائل الجامعية، لكن مع ذلك فإن الجامعات المغربية وكليات الحقوق عرفت تفاوتا في الإنتاج العلمي والبحث في مجال العلوم السياسية، وذلك راجع لظروفها التاريخية وتباين فاعلية وحيوية أساتذتها.
إذا كانت العلوم السياسية تدرس ضمن برامج الإجازة في الحقوق منذ إدماج معهد الدراسات السياسية بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، وبعد إنشاء العديد من الجامعات على صعيد التراب الوطني منذ سنة 1975، إلى أن عرف المغرب في الوقت الحاضر 15 جامعة، فإن التساؤل في هذا الإطار يبقى مشروعا عن حالة تدريس هذه العلوم، وفي سبيل الإجابة عن هذا التساؤل سيتم التطرق للسياق العام الذي تبلور فيه الدرس السياسي ثم إلى التكوين الجامعي في مجال العلوم السياسية.
إن كلية الحقوق في بنياتها العامة وخاصة برامجها وتوجهاتها مرتبطة بالمستوى الذي بلغته الجامعة الفرنسية والعلوم السياسية فيها ومطبوعة بالمرحلة التي تأسست فيها، فأغلب الأساتذة الذين قاموا بتدريس مواد العلوم السياسية في البداية كانوا مبرزين في القانون العام مختصين في القانون الدستوري أو القانون الإداري أو العلاقات الدولية، وكانوا يعتبرون من بين طليعة الباحثين الفرنسيين النشيطين، وبل من أفضل العناصر التي قامت بالتدريس بكليات الحقوق بالمملكة خاصة بكلية الحقوق بالرباط، وقد كانت لهذه الوضعية آثارا حاسمة على اتجاه البحث العلمي وتكوين وتخصص الرعيل الأول من الأساتذة الباحثين المغاربة([18])، وليس من الصدفة أن تكون أولى الإصدارات حول المغرب في هذه الفترة في موضوع القانون الإداري والقانون الدستوري وأن يتغلب هذين الاتجاهين لاحقا، و سيعرف البحث العلمي في مجال العلوم السياسية بالمغرب انطلاقة جديدة وتوجها واضحا ومتميزا مع منتصف السبعينات (1974)، عندما سينشر بلازولي (Palazzoli) الأستاذ بكلية الحقوق بالرباط والدار البيضاء كتابه “المغرب السياسي من الاستقلال إلى سنة 1973″([19])، والذي سيعطي دفعة جديدة قوية للبحث السياسي، وسيزكي جهود الباحثين المغاربة ويدفعهم للاهتمام أكثر بالحياة السياسية المغربية وبديناميكيتها، وسوف يتعزز هذا التوجه بمناقشة أطروحة ريمي لوفو (R-Leveau) بجامعة باريس الأولى حول “النخب السياسية المحلية بالمغرب المستقل”([20])، والتي اعتبرها النقاد أهم إسهام أكاديمي فرنسي حول المغرب منذ الاستقلال.
في نفس الفترة ستصدر الترجمة الفرنسية لكتاب “أمير المؤمنين” للباحث الأمريكي جون واثربوري([21])، الذي اعتبر إلى جانب المؤلفين السابقين من أهم الاجتهادات العلمية حول دراسة النظام السياسي المغربي، إن هذه الأعمال([22]) وغيرها ساهمت في إثارة شهية الباحثين في العلوم السياسية وفي الاقتصاد([23]) والتاريخ([24]) والفلسفة([25])والانتربولوجيا([26])والسوسيولوجيا([27])، بالإضافة إلى الدور الذي قام به معهد السوسيولوجيا إلى حدود إغلاقه رسميا في أواخر الستينات حيث لم يعمر طويلا([28]).
رغم كل هذا الزخم من الكتابات فقد لوحظ خلال فترة معينة توجه الإطار الأكاديمي والبحث إلى التركيز على مجال العلاقات الدولية، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها الهروب من المسائل الداخلية والخوف من التورط وصعوبة معرفة تفاصيل الوضع الداخلي من جراء غياب أو استحالة الحصول على المعلومات والمعطيات الضرورية، وهذا ما يلاحظ في عدد الرسائل والأطروحات التي ينجزها الطلبة المغاربة، ويبقى هناك تفسير آخر موضوعي مرتبط بالمجتمع وتطور وبروز مكانة الفرد ووعيه بأن مجموعة من القرارات ليس محكوما عليها أن تبقى في الظل([29]).
بالإضافة إلى ذلك هناك تفسير آخر يرتبط بتقلص موجة الدراسات وتراجعها بشكل سريع وذلك ابتداء من منتصف الثمانينيات، حيث لوحظ اندثار أهم المنابر الثقافية([30]) وتجميد عدد من الجمعيات([31])، كما يمكن الإشارة إلى توقف مشاريع وبرامج عدد من الباحثين الجادين الذين كانوا نشيطين جدا في السبعينات وبداية الثمانينات والذين تميزوا في الساحة العلمية بأفكارهم وإنتاجاهم الوطنية، وقد كان لهذه العوامل وغيرها تأثيرا على مستوى التكوين العلمي المتخصص في مجال العلوم السياسية، حيث يلاحظ غياب برامج وعدم إنجاز إصلاحي جامعي يرتبط بمشروع متكامل يحدد وضعية الباحث ويضع قانونا إطارا للبحث العلمي([32]).
- التكوين في مجال العلوم السياسية.
إن جميع العناصر المذكورة سابقا أثرت بشكل كبير على مضمون التكوين وطبيعة الدرس السياسي بالجامعات المغربية وعلى الغاية والهدف الأسمى منه، فتصور الدرس كان في البداية دقيقا ومركزا، في إطار معهد الدراسات السياسية، وكان من المفترض أن يفضي لولا “التراجعات” المسجلة إلى تحقيق نتائج في غاية الأهمية، إلا أنه ربما تبين آنذاك رغم الإرادة السياسية الطموحة أن تطبيق النصوص ومجاراتها تتطلب إمكانيات ووسائل لم تكن متوفرة، ولم تكن ممكنة لأسباب موضوعية وذاتية([33])، كما أن عملية تخطيط وبرمجة التكوين بمعهد الدراسات السياسية العليا كانت محكومة بالازدواجية منذ البداية. فالتكوين العلمي للأستاذة والخبراء الفرنسيين وعقيدتهم المعرفية القانونية حكمت على صياغة وتوجه محدد للدرس السياسي وحـتى القانوني خاصة بالقسم الفرنسي، فمثلا العميد “دانيال فو” (Daniel Veaux) أول عـميد لكلية الحقوق بالمغرب كان أستاذا مبرزا في القانون المدني، والأستـاذ كرانيـون(J.Garagnon) المشرف على معهد الدراسات السياسية في بدايته كان أستـاذا للقانون الإداري، كما أن الأساتذة الفرنسيين المعنيين كان جلهم مبرزين في القانون العام ولم يكن التبريز في العلوم السياسية قد أحدث بعد بفرنسا.
هذا، و أما بالنسبة للقسم العربي فكان التأطير نسبيا ضعيفا حيث كان الأساتذة العرب (المصريون، السوريون والعراقيين) إضافة إلى بعض المغاربة يتوافدون على التدريس بشعبة العلوم السياسية في البداية حسب فترات متقطعة، فلم يكن التكوين منسجما ولا مستمرا على فترات طويلة، بحيث كان محكوما بمرجعية هؤلاء الأساتذة الأكاديمية وخلفيتهم النظرية وتجربتهم العلمية، التي كانت متوسطة في بعض المواد، في حالة إذا ما قارناها مع نظيرتها بالقسم الفرنسي الذي كان أحسن حظا وأكثر استعدادا وإمكانيات نظرا لريادته وتأطيره للجامعة المغربية الفتية وانعدام الأطر المغربية([34]).هذه الوضعية انعكست على طبيعة التكوين الملقن بشعبة العلوم السياسية في المرحلة الأولى، إذ اتسمت بانعدام التوازن بين الثلاث سنوات([35])، ومن حيث المضمون يلاحظ نوع من الجمع بين مواد الشعب الثلاثة بالكلية، وحتى في مجال التخصص ليس هناك مادة واحدة مبرمجة مثل علم السياسة أو السوسيولوجيا السياسية، بل إن السنة الثالثة يميل فيها التكوين نحو القانون الخاص([36]).
رغم الإصلاحات التي تم إدخالها على نظام التعليم العالي([37])، قبل أجرأة مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين وخاصة تطبيق القانون رقم 01.00، بقي نفس التفكير والتوجه حاضرا، وذلك أن المواد التي تشكل نواة التخصص في السنة الأخيرة من الإجازة من النظام قبل إصلاحه مع تطبيق القانون السابق الذكر، تنحصر في ثلاثة إلا أنها رغم ذلك فهي غير ذات جدوى، لأنه تم تحديد حصتها في ساعة ونصف أسبوعيا فقط، بينما هناك مواد خصص لها حجم زمني مضاعف([38])، وهذه مفارقة لا تبررها إلا اختيار توجه القانون العام في عموميته التقليدية، خاصة وأن الدرس السياسي كان بالإمكان أن يتبلور في هذه المرحلة بالذات بعد تخرج أفواج من الأساتذة الجامعيين المغاربة ومغربة أطر الجامعة والبحث العلمي، خاصة لو أعيد النظر في المشاريع الأولى للمعهد الذي أصبح الآن مشروعا ممكنا وضروريا في آن واحد.
المحور الثاني: اكراهات تدريس عـلــم السـيــاســة على المستوى التطبيقي وسبل تجاوزها
ان اهتمام الباحثين بموضوع الدولة وإشكالية السلطة، لم يقتصر فقط على المشتغلين بالعلوم السياسية بل تعداهم إلى الباحثين في ميادين أخرى كالاقتصاد والتاريخ والفلسفة والأنتروبولوجيا والسوسيولوجيا، “فقد لوحظ ابتداء من منتصف الثمانينات تقلص موجة الأبحاث وتراجعها بشكل سريع في وقت يعرف فيه الواقع المدروس –الدولة والمجتمع- تغيرات هائلة تشكل معطيات خاصة ونادرة بمقدورها، أكثر من أي وقت مضى أن تثير كثير من الإشكاليات العامة التي سبق طرحها، وتؤكد أو تنفي كثير من الفرضيات وتثبت فعالية أو لا ملائمة المناهج المتبناة. وكأن الأمر يتعلق بعلاقة طردية، تصاعد الاهتمام بالدولة في وقت انغلاقها وخبوه وغيابه أمام انفتاحها”([39]).وبقدر ما يؤكد أغلب الباحثين على “ضعف”، بل وحتى غياب علم السياسة، بقدر ما يلاحظ الحضور الصريح أو الضمني للسياسة في العديد من الكتابات بحيث لا يقابل غياب “العلم” إلا تشظي “السياسة” في مجالات معرفية مختلفة، وهي مفارقة تستدعي توضيح مظاهر “ضعف علم السياسة” وصعوبات تحليل المشهد السياسي المغربي([40])، فحسب أحد الباحثين “فلا وجود لهذا العلم إذن بمعناه المؤسساتي، إن لم نقل تحديد موضوع خاص به وإبستمية خاصة به شيء صعب، بل ولا معنى له، والحال هذه ليس أمرا غريبا أن يكون علم السياسة بالمغرب علما “مهاجرا” ليس فقط بالمعنى المكاني، بل وعلى الخصوص نحو مجالات معرفية أخرى”([41]).
رغم الإصلاحات البيداغوجية التي تمت بالجامعة على مستوى السلك الثالث خاصة إصلاح سنة 1997 وإحداث وحدات التكوين والبحث (U.F.R)، فإن الأمر بقي على حاله. فالمتتبع للشأن الجامعي يلحظ منذ سنوات تصاعد الحديث عن “أزمة” وإذا كانت الجامعة تعاني أزمة، فإنـه تبعا لذلك فإن الشعب والتكوينات التي تدرس فيها تعاني هي الأخرى مشاكلها الخاصة، ومنها تخصص علم السياسة والقانون الدستـوري، ومن العوامل الكامنة وراء هذه الوضعية، هناك عوائق عامة مرتبطة بمكانة علم السياسة في الجامعة المغربية (اولا)، وكذا بالثقافة السياسية السائدة والمحيط الاجتماعي (ثانيا).
انقضى ما يربو عن خمسة عقود على إدخال مادة أو درس أو تخصص علم السياسة في الجامعات المغربية، لكنه ما زال يبحث عن موطئ قدم لترسيخ نظرياته ومناهجه وفلسفته العلمية، حيث أنه ولسنوات طويلة كان التركيز ينصب في تدريس مادة علم السياسة بكليات الحقوق على المبادئ والنظريات الأساسية لهذا العلم، وقليلا ما يتم الاهتمام بدراسة النظام والفكر السياسيين المغربيين كمواد مستقلة، وحتى في إطار نظام الدراسات العليا سواء في النظام السابق أو في نظام الدراسات العليا المعمقة، أو حتى الماستر فإن الأمر لم يتغير بل ظل كما هو، ومع مجيء الإصلاح الجامعي الحالي الذي جاء بأجرأة مضامين الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بدأ الاهتمام بتوسيع مجالات مواد علم السياسة. وعموما فإن الوضعية التي كان يوجد عليها علم السياسة بالمغرب لم تكن عارضة بقدر ما هي مرتبطة بالسياق العام الذي تبلور فيه الدرس السياسي بالجامعة المغربية.
وعلى هذا الأساس سيتم تناول أسباب الوضعية التي يوجد عليها علم السياسة في الجامعة من خلال علاقة الدولة بالعلوم الاجتماعية (1)، ورؤية الجامعات لدور العلوم السياسية (2).
لقد أثارت إشكالية علاقة السلطة بالعلوم الاجتماعية خاصة السياسية منها اهتمام الباحثين والدارسين وخاصة فيما يتعلق بالخدمات التي يؤديها العقل السياسي([42]) أو علاقة المعرفة السياسية بالسلطة([43]) والسياسي([44]) .
إن العلاقة بين السلطة/الدولة والعلوم الاجتماعية تظهر أكثر عندما تطرح على الفاعـل السيـاسي أسئلة ملحة تمس دوره وهويته وعمقه التاريخي والنفسي تحتاج إلى إجابة لتقويـة الانتمـاء والهوية داخل المجتمع. لذلك فإن الأمر يتطلب إجراء أبحاث علمية تتناول معطيـات الواقـع المتعين بكل تفاصيلها، وقد تظل هذه الأبحاث دون ما يتمناه هذا الفاعل السياسـي أو ذلك من توفير معرفة متينة لا يخالطها غموض وشك. إن سلطة الدولة ترتاح إلى وضعـها وتطمئن إلى شرعيتها إذا وجدت لدى العقل السياسي والمعرفة السياسية الدعامة النظرية المطلوبة([45]).وقيام العقل السياسي والمعرفة السياسية بهذا الدور عملية ذات وجوه عديدة، فهي علمية وصفية تفسيرية بقدر ما تتناول النظام القائم، وهي عملية نقدية معيارية بقدر ما تتطرق لقيمة هذا النظام بالنسبة إلى المجتمع الذي أقامه، وهي عملية جدلية تاريخية بقدر ما تتناول الحركية التاريخية التي ولد هذا النظام فيها، وهي أيضا عملية انتمائية توسيعية بقدر ما تتناول النظام الجديد الممكن، وهنا يلتقي العقل مع الخيال ويشكلان معا قوة عظيمة للإدارة السياسية الساعية إلى تجاوز الواقع القائم([46])، ويشكل الباحث/الخبير خير تمثيل لشكل التعاون بين السلطة السياسية والسلطة العقلية، فالباحث هو بامتياز حامل المعرفة العلمية المتخصصة التي تحتاج إليها السلطة السياسية في مواجهة المشكلات المختلفة التي يتعين عليها حلها.
لكن دور الباحث ليس محددا بدقة مانعة لكل التباس بينه وبين دور صاحب الـسلطة السياسية. والسؤال المطروح إذا كان الباحث هو الذي يقوم بتحليل المشاكل المطروحة علـى السياسي، ويقدم الحل وبدائل الحل ويتابع التنفيذ ويدرس مدى النجاح في معالجة المشـكلة، فلماذا لا يعتبر شريكا في القرار السياسي؟ ولماذا لا تعتبر المشكلات السياسية مشكـلات تقنية؟ وإذا انتقلنا للحديث عن علاقة الدولة بالعلوم الاجتماعية بالمغرب، فنجد أن هناك تناقضا، ففي الوقت الذي نجد فيه أن الدولة هي المستفيد الأول من خدمات وإنتاجات الباحثين والمثقفين([47])، فنجدها بالمقابل تأخرت في الاهتمام بتطوير البحث العلمي، حيث لم يتم ذلك إلا في عقد التسعينيات([48])، وقد ظهر ذلك بجلاء من خلال غياب سياسة وطنية للبحث العلمي مدة تزيد عن أربعين سنة، حتى إنشاء كتابة الدولة للبحث العلمي سنة 1998 وحذفها سنة 2004، رغم وجود معاهد وطنية وجامعية تعنى بالبحث العلمي والتنصيص في مجموعة من القوانين (مرسوم 1975 المنظم للجامعات) على أهمية هاته المؤسسات في البحث العلمي، كما كان لموقف السلطة من الجامعة دور في عدم انتعاش العلوم الاجتماعية والسياسية في فترة من الفترات (السبعينيات والثمانينيات)، حيث اتسم الخطاب الرسمي حول الجامعة بطابع الضبط والمراقبة، وتحكمت فيه “عقلية التسييس” منذ صدور أول إصلاح جامعي، وذلك راجع لكون المعارضة آنذاك كانت تجعل من الجامعة خلال هاته الفترة فضاء لإبراز مواقفها وتأطير مناضليها الذي كانوا يدرسون فيها([49]).
الواقع أن ما يسميه البعض بـ”عقدة الحذر من الجامعة” تعود إلى كون هذه الأخيرة –أي الجامعة- إحدى المجالات الاجتماعية التي يمارس فيها نقد السلطة سواء من طرف هيئات الأساتذة، أو من طرف الهيئات الطلابية([50])، وعموما ورغم هذه العلاقة الجدلية، فإن هناك تعاونا متبادلا بين المؤسسـات العمومية والسلطات وبين الجامعة المغربية من خلال الاستفادة من خبرة خيـرة أساتذتـها وخريجيها. فمنذ الاستقلال إلى اليوم، فإن التفكير وطرق وساطة المعرفة مـا فتئت تتطور([51]).
يرجع تاريخ الاهتمام بالخبرة العلمية الجامعية والاستشارة إلى سنوات الثمانينيات، حيث تم انطلاقا من هذا التاريخ الاستثمار في مواضيع تكتسي أهمية كبرى بالنسبة لمستقبل المغرب من قبيل (برنامج التقويم الهيكلي) وتكريس وتجسيد علاقة التعاون بين الأوساط الأكاديمية والحكومية، كما إن الطلب على المعرفة السياسية لحل المشاكل السوسيو اقتصادية من قبل (التيقنوقراط) والعمل على انخراط الباحثين والأساتذة في اتخاذ القرارات خلص إلى بناء وإرساء شراكة مهمة بين الباحثين.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تزايدا للطلب على الخبرة العلمية([52]) للباحثين في مجال العلوم السياسية والاجتماعية بشكل عام([53])، وقد أعطى هذا التزايد دفعة قوية للباحثين خصوصا بعد مشاركة العديد من هؤلاء في إصدار تقرير الخمسينية (المغرب الممكن 2006)، حيث أنه ومنذ ذلك التاريخ سجل انتشار لممارسات الخبرة العلمية، لكنها مع ذلك تبقى محدودة في إنتاج معارف تتمحور فقط حول إعادة بناء واقع بدون محاولة إظهار ميكانيزمات العمل، وفي هذا الصدد يشير أحد الباحثين إلى ما أسماه بخدمة ” أجندة الدولة ” باعتبارها تحيل على علاقة خاصة للمعرفة بالسلطة كزاوية للمعالجة([54]).
إذا كان علم السياسة في الغرب لم يربح رهان المأسسة والاستقلالية إلا بعد نجاحه في قطع الحبل السري الذي يربطه بالطلب المؤسساتي، فإن التطورات التي شهدها علم السياسة بالمنطقة المغاربية أبرزت انخراطه في مسار معكوس، حيث اقترنت مأسسته بمسلسل توج برسوه في حضن المؤسسات([55]). فبينما تزامن تطابق وضعية خدمة علم السياسة للدولة في فرنسا وألمانيا مع مرحلة ابتدائية تعطي لعلم السياسة وضع علم ملحق في خدمة الدولة، انطبعت المراحل الأولى لهذا العلم في الدول المغاربية باقتحام مرحلة معرفية خلال الفترة ما بين 1950 و1975، التي شكلت عصرا ذهبيا تميز بخصوبة استكشافية للنظريات الكبرى ( الانقسامية والباترمونيالية الجديدة) والتي صاغها باحثون غربيون اتخذوا منطقة شمال إفريقيا موضوعا تجريبيا كإيفانس بريتشارد (Evans Prichard) وإرنستغيلنر (Ernest Gelner) وبيير بورديو (Pierre Bourdieu) وكليفوردغيرتز (CliffordGeertz)، بعدها لاح طيف مرحلة جديدة “نقدية” امتدت ما بين 1975 و1990.
لقد تلقف الباحثون المحليون تراث الأجانب واتخذوه في الغالب بديلا عن الاقتصادوية الماركسية، كما صوب هؤلاء الباحثون في مجال علم السياسة، على قلتهم، سهام اهتمامهم نحو العلوم “الاستعمارية” والممارسات المحلية للسلطة، غير أن خيبة أمل العلوم الاجتماعية الناتجة عن مآزق الماركسية وبزوغ عمليات الدمقرطة والتعطش للحكامة وللسياسات العمومية، كانت بمثابة عوامل شرعت المجال أمام فتح أو إعادة فتح “مرحلة خدمة علم السياسة للدولة”([56]).
هذا ويشير الباحثون إلى صعوبة التقاط المؤشرات الداعمة لفرضية “الاستجابة لأجندة الدولة” (caméralisation) التي تسمح بالتأكيد الوثوقي لفكرة وجود أو انتفاء علم السياسة في المنطقة المغاربية وفي المغرب خاصة([57])، فالدراسات حول هوية علم السياسة بالمغرب غير كافية، فهي لا ترصد أو تتعقب نشأة المعرفة العلمية حول السياسة في بلد كالمغرب ولا تولي الاهتمام بالشروط التي تمارس فيها تلك المعرفة.
إن دراسة متأنية للتاريخ الحقيقي لهذا الحقل وللشعب الملحقة به ومراعاة التراكم الحاصل وتحاشي الانطباعية ورواية النوادر (anecdotisme) التي تسم بعض التحاليل، هي السبيل لمعرفة مدى وجود انفصال بين فضاءات التكوين المتخصص والخريجين([58]).
ويمكن القول عموما بأن هناك اعتراف ضمني بعلم السياسة، وهو أمر واقع. فالباحث اليوم أكثر اعتراف به من قبل الدولة والفاعلين السياسيين والاجتماعيين، فهناك تكثيف لطلب الخبرة العلمية([59])، يرافقه تنوع في طرق التمويل. وفي هذا السياق يمكن القول بأن العلوم السياسية حازت على ثلاث أنواع من الشرعية([60])، العلمية الأكاديمية والاجتماعية، وذلك على اعتبار أن هاته العلوم تشكل بالنسبة للفاعلين خطابا علميا حول المجتمع. ورغم هذا الطلب المتزايد على المعرفة السياسية فإن الإنتاج السياسي بعيد من أن يفرز في المستقبل القريب مسلسلا لاستقلالية تخصص علم السياسة، فلحد الساعة فإن عمل الخبرة، وإن كانت ساهمت في تعزيز المعرفة السياسية، فإنها لم تنتج علما مستقلا بذاته. وفي هذا الإطار يطرح تساؤل حول تحديد التخصص والبحث عن آليات مأسسته خاصة وأن أسس ومحتوى وضعية السياسة في الإطار الاجتماعي المغربي كانت دائما مبهمة فضلا عن أن المعرفة السياسية بالمغرب تبقى إلى يومنا هذا مطبـوعة وتتميز بهيمنة الإطار المؤسساتي وضعف الآليات النظرية، فعلم السياسة مازال “شابا” وتطبعه “الهشاشة” و”الضبابية” و”بدون استقلالية حقيقة”([61]).
حسب الأستاذ محمد الطوزي فإن هناك غياب لعلم السياسة باعتباره “حقلا مهيكلا” على الرغم من وجود مهنة أستاذ علم السياسة، حيث من الصعب القول بوجود موضوع خاص به([62]). كما إن الحاجة إلى علم السياسة وإلى العلوم الاجتماعية بوجه عام تتأكد يوميا وتزداد الحاجة إليها مع تعقد الظواهر السياسية، وتفاقمها في المشهد المجتمعي، وبالنسبة للعلوم السياسية كمعرفة تسعف في قراءة تضاريس المجتمع، وتقدم خلاصات نظرية وتطبيقية بصدد حالاته وانفتاحاته([63]).فهناك حاجة قصوى إليها، ليس فقط من أجل ضمان استمرار شرطها العلمـي، ولكن من أجل تبديد غموض الأسئلة الشقية التي تثيرها فينفـس المتخصص في هذا المجال تخريجات الواقع العام، وعليه فهناك دائما حاجة إلى السياسـة والعلم.
يتعين الوعي أولا أن العلوم السياسية كانت ولا زالت معرفة تمتهن الشغب والشقاء، وترتكن دائما إلى النقد والمساءلة، ومع ذلك يلاحظ دائما حتى في تخطيط السياسات التنموية أن هناك أهمية خاصة للموقف السياسي([64]).
إن طرح إشكالية العلوم الاجتماعية والسياسية والتساؤل عن دورها في الجامعة وفي المجتمع تمليها التحولات والتوجهات التي أصبحت تعرفها الجامعة في العالم وفي المغرب كما يمليها التساؤل عن طبيعة التكوين الذي يستهدف الطالب الذي يعيش في القرن الواحد والعشرين، وعن طبيعة المعرفة التي ستسخر لفهم وحل مشاكل العالم المعاصر. فأي دور للعلوم السياسية في الجامعة المغربية وفي المجتمع؟
سؤال لابد من طرحه والجامعة المغربية تعيش على إيقاع عدد من الإصلاحات الجامعية، وذلك قصد تصحيح التوجه الذي هيمن على التكوين في الجامعة منذ عقود، والذي أصبح موضع تساؤل بفعل التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي وبفعل التحولات السريعة التي تعرفها المعرفة في عصر العولمة وكذا بفعل تنافس الجامعات والنظم الجامعية على الامتياز والجودة والفعالية([65]).وإذا كنا نتساءل اليوم عن دور العلوم الاجتماعية والسياسية في الجامعة فلكي نعيد النظر في التوجيه الذي قاد التكوين وإنتاج المعرفة في جامعتنا، ذلك التكوين الذي أعطى ثماره لا محالة خلال فترة عقود ما بعد الاستقلال، والذي أصبح اليوم يدعو لإعادة التفكير في أهدافه لكي يتجاوب مع ما يطرحه العصر من إشكالات، وما يطرحه المجتمع من حاجيات، كالجودة في التكوين وفي تزويد الخريج بالمواصفات الملائمة للاندماج في سوق الشغل والجودة في إنتاج المعرفة([66]).
لو أردنا توصيف الوضع القائم للعلوم السياسية في الجامعات المغربية لقلنا أن السمة الغالبة على هذا الوضع هو تدني مكانة هذه العلوم بالمقارنة مع العلوم الطبيعية والرياضية، وداخل الدراسات القانونية والحقوقية، فضلا عن العلوم التي تكفل المعارف التقنية. ولقد كانت الكليات المختصة بعلوم الطب والهندسة وتقنية المعلومات تحظى دائما بالمكانة المرموقة وتولي لها الجامعة الاهتمام الأكبر، وتقيد شروط وضوابط الالتحاق بها وتحظى البحوث فيها بحيز مهم من الدعم([67]). إن هذه الوضعية التفضيلية ترجع إلى نظرة الجامعة الذاتية لمفهوم العلم ودوره في خدمة المجتمع، فالعلم الجدير باسم العلم هو ذلك الذي ينتفع به، مع فهم الانتفاع هنا بالمعنى المادي البحث، أي بالمعنى الذي يكون به العلم ملبيا لحاجيات عملية مباشرة للمجتمع، ويكفل القدر من المعرفة الذي يكفي لتخريج موظفين (من أطباء ومهندسين وتقنيين) يطبقون ما تعلموه في مجالاتهم المهنية، وهذا ما يطلق عليه اصطلاح (Vocation Education).
إن التكوين الجامعي الذي نتوخاه عبر العلوم السياسية والاجتماعية مرتبط بطبيعة المشروع المجتمعي الذي نسعى إليه، وللعلوم الاجتماعية دور أساسي في بناء ذلك المشروع ولنأخذ العبرة من تاريخ العلوم، فالتحولات الكبرى التي عرفتها الإنسانية، مهد لها وواكبها التأطير الفكري والفلسفي والنظري ولعبت فيها العلوم الاجتماعية دورا حاسما([68])، ولكي تلعب كليات الحقوق دورا رياديا في إنجاز المشروع المجتمعي لابد من إعادة التفكير في طرق التدريس وفي محتواه في هاته الكليات خاصة في شعب القانون العام والعلوم السياسية، مع تحديد أهداف التكوين والبحث العلمي في هذا التخصص العلمي، وأن يتم في هذا الصدد اقتراح مواد حديثة تحاكي الواقع ومتطلباته وبهذه الخطوة فقط نستطيع أن نعيد الحيوية لهذا التخصص العلمي([69]).
الفرع الثاني: إكراهات الثقافة السياسية والمحيط السوسيوسياسي
تفيد الثقافة السياسية بصورة عامة الأوجه السياسية للثقافة الأكثر شيوعا في المجتمع التي تحدد قيمة الفعل السياسي في حد ذاته ودرجة القبول به أو استبعاده، كما تتضمن أشكال التفكير والشعور من خلال التصورات السائدة حول أنماط القيادة والحكم وتسيير الشأن العام المحلي والوطـني، والتمثلات المرتبطة بالسلطة والعلاقة بهـا، وهـي عوامل تتشكل بواسطة الأدوار ونماذج السلوك الصادرة عن الجماعة التـي يفترض فيها أن تكون منسجمة مع منظومة القيم والمعايير والأعراف والمعتقـدات المكتوبة والشفهية([70]).
ويلاحظ أن الثقافة السياسية السائدة في المجتمعات العربية تعاني من نوع من التضخم في جانبها الفكري التحليل النقدي([71]).
وإذا شئنا الربط بين الماضي والحاضر، فعلينا أن نلاحظ أن هذه الثقافة السياسية العربية تستمد جذورها من تراث سياسي- فكري وتاريخي، يمكن القول عنه بأنه أكثر جوانب التراث العربي إشكالا وتأزما، وربما كان أكثر تلك الجوانب التباسا وضعفا واضطرابا وأقلها ثراء وعطاء وتبلورا في مجاله([72]).
إن السياسة كشأن عام في عرف المجتمعات البشرية ومفكريها منذ تجربة الدولة الحديثة لم تتحول في التقليد العربي إلى موضوع عام مفتوح للبحث والنظر والتحاور والتنظير العقلاني الهادئ المؤدي إلى بلورة مفاهيمها البنائية والطبيعية التي هي الغائب الأكبر في مفهوم العرب للسياسة([73]).
وقد ورث الفكر العربي المعاصر بصفة عامة ظاهرة حكمت الفكر الإصلاحي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وما زالت آثارها بادية لحد الآن، وهي ظاهرة هيمنة وطغيان المسألة السياسية فيه، غير أن هذا الطلب على السياسة يخفي وراءه مفارقة تكمن في أنه فيما حصل هناك تضخم مفرط في الاحتفال بالمسألة السياسية من قبل تيارات الفكر العربي المعاصر المختلفة، كان ثمة بموازاة مع ذلك فقر فكري مدقع في مجال إنتاج معرفة نظرية بالمسألة السياسية (الدولة، السلطة، المجال السياسي…)([74]).
إن الفكر السياسي يفقد مضمونه المعرفي والنظري ويتحول إلى أدبيات سياسية، بل إن السمة الغالبة على هذا الفكر اليوم ليست هي الإنتاج (المعرفي) بل إعادة الإنتاج، إعادة إنتاج منظومات ومعارف مغلقة([75])،كما استولى على كثير من المثقفين شعور بأن المعرفة غير ذات رسالة إلا خدمة نفسها ([76]).
في ميدان تحليل تاريخ الأفكار وكما ينبه إلى ذلك ميشال فوكو Michel Foucault تتحول ثنائية المثقف والمجتمع إلى محور أساسي في تحليل النظام المعرفي اللاشعوري الذي يتحكم في حقبة تاريخية معينة، هو هذا النظام الذي يملي الحدود بين المفكر فيه واللامفكر فيه ويؤطر لا شعوريا تفكير المثقف بحكم انه يحدد له الممكن الثقافي الذي يتعين عليه التفكير فيه.
والأكيد أن هذا المثقف، وكما يرى الأستاذ عبد الله العروي، يتحرك في”وضع ثقافي”([77]) يحدد له خصوصية قوله التاريخي والإيديولوجي، ولفهم نسقه يتعين وضع أعماله في نسق وفي نفس الوقت التشبع بروحه كمثقف وإدخاله في منطقه الخاص دون الانسياق إلى حد التعامي عن مركز فكره الضمني([78]).
والواضح أن المثقف محكوم بنسق ثقافي يحدد له بصيغة أو أخرى وظيفة ويمهر المعنى الذي يمنحه إياه كعامل مفوض بما يسميه العروي “الإشكالية الاجتماعية”([79]).
قد نكتشف أن التحليلات أو الثقافة السياسية المنتجة لحد الآن حول البنيات السياسية القائمة والوسائل التي يعتمدها الفاعلون السياسيون والاجتماعيون والاقتصاديون بالمغرب لضمان التوازنات الأساسية ومن ضمنها شرعيتها هي جزء أو خلفية من خلفيات “الإحباط” الملاحظ على صعيد النظرية والممارسة السياسيتين([80]).
ويمكن تسجيل أهمية التطورات التي حدثت من خلال المرحلة الأخيرة في هذا الحقل المعرفي والتي تكاد تشكل ما يشبه القطيعة المنهجية مع ما كان سائدا من ضيق أفق ومسلمات ومحرمات ومسكوت عنه، لكن مع تسجيل بوادر هذه القطيعة لابد من ملاحظة ظاهرة أخرى مع بعض الباحثين لا تقل خطورة في سلبياتها عن سابقاتها، تكمن في النزعة التجريدية للفكر والتي تتجلى في صعوبة التقييم الموضوعي لتجارب تاريخية طويلة أو الإدلاء بأجوبة حول قضايا عامة لها طابع تركيبي شديد التعقيد.
والواقع أن هناك أزمة في العلاقة مع الواقع الملموس وعدم القدرة على تحمل عنـاء الخوض في هذا الواقع في صيرورته اللامنطقية وفي شبكة تجلياته الدقيقة والمعقدة، وبالتالي فإن هذا التوجه يساهم من حيث لا يدري في تضبيب الرؤية عوض أن يعمل على استجلاء الواقع وعقلنته.
وقد تولد عن هذه الثقافة عائق سيكولوجي يكمن في وجود إفراط في الرقابة الذاتية في العـمل والخطاب السياسيين([81]).
وفي الواقع فرغم أن الحقبة المعاصرة تشهد اعترافا علنيا أكبر بدور العقل والعلم في حياة الإنسان وبقدرته على تغيير المعطيات، إلا أن هذا الاعتراف العلني ما زالت وسائط الثقافة العامة وكذلك أنظمة التعليم ومؤسساته تعمل على طمسه، وإضعاف قوته من حين لآخر والتشكيك فيه.
لذا، ففي الوقت الذي يحاول فيه الباحثون السياسيون رصد وتفسير الظواهر السياسية، ينظر المجتمع والنخب السياسية لهذه الرؤى بشكل متناقض، فالمجتمع يصنف تلك الرؤى على أنها مواقف تبريرية للحكومات، أما السياسيون فيعتبرون تلك الأفكار اتجاهات مناهضة أو معارضة لسياستهم، وهنا يقع الباحثون في معضلة سوء الفهم الأمر الذي يدفع أحيانا لانزواء نخب مميزة من علماء السياسة عن التفاعل مع قضايا الأمة والاكتفاء بدورهم الأكاديمي في مدرجات الجامعات أو في الأبحاث النظرية.
إن الدولة كما يقول أحد الباحثين الفرنسيين تغطي الواقع الاجتماعي بطبقة من الإسمنـت([82])، إذ تقيم ترسانات وتحصينات عتيدة حولها، فكيف يمكن دراسة واقع سياسـة غير موجودة رسميا، زيادة على أن الباحث في مجال العلوم السياسية يجد نفسه محكوم بإطـار ثقافي واجتماعي ومناخ نفسي لا يسمح له بملاحظة إلا ما يراد له أو ما هو مسموح بـه رسميا واجتماعيا، الأمر الذي يحول الإنتاجات العلمية إلى خطاب حول خطاب وليس خطـاب حول الواقع([83]).
ويمكن القول أن هناك شبه طلاق بين المعرفة السياسية والمحيط الاجتماعي، وذلك راجع إلى نقط ضعف علم السياسة كما هو ممارس في المغرب، وكذلك إلى الفهم المتذبذب للسياسة وقضاياها من طرف المجتمع (الدولة، الأحزاب…) لهاته العلوم، كما يضاف إلى ذلك وجود فقر في مجال التنظير من حيث عدم ظهور نظريات متباينة للسياسة بالمغرب([84]).
أضف إلى ذلك أن علماء السياسة في المغرب مارسوا السياسة في الجامعة عوض أن ينظروا إليها، لقد كانت لهم نظرة تكون بمقتضاها الجامعة فقط مؤسسة من مؤسسات الدولة ويجب التموقع والفعل فيها، هذا التركيز على الممارسة جعل عملية التنظير لصيقة بقضايا سياسة آنية، في الستينيات والسبعينيات حيث لم تكن هناك نظريات للسياسة في المغرب، ولكن إرهاصات نظرية لقضايا ممارسة العمل السياسي من خلال مدرج الجامعة والنقابة والاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
هذا فيما يخص التنظير، أما فيما يخص علم السياسة كتخصص علمي، فنلاحظ غياب التأسيس لتقليد علمي لفهم الظواهر السياسية والمؤسسات والسلوكات وتتبعها بناء على معطيات موضوعية كمية ونوعية، قليلا ما ينشغل علماء السياسة عندنا بالقضايا من وجهة نظر إحصائية ورصد تطورها عبر الزمن ومن محطة إلى أخرى، وذلك من أجل وضع أنماط وسياقات تاريخية تحاول من خلالها تفسير السلوكات السياسية والتنبؤ بها ووضع سيناريوهات لتطورها.
وفي هذا السياق تساءل ميشال كامي (Michel Camau) عن اكتمال تشكل علم السياسة في البلاد المغاربية، باعتباره حقلا مستقلا أم لا؟، حيث شكك في ذلك سواء من الناحية الابستمولوجية أو المؤسساتية، مستندا في حكمه على مؤشر رصيد دول هذه المنطقة من المجلات([85]).
فباستثناء مجلة مغربية مستقلة وغير منتظمة الصدور([86])أضحت علامة علم السياسة ملحقة بمجلات يهيمن عليها رجال القانون ولا تترك إلا حيزا ضيقا لعلماء السياسة([87]).
ويرى كامي أن الوضع آخذ في التدهور مع مر العقود، إن العجز الذي أصاب علم السياسة في المنطقة المغاربية، من حيث المهننة والمأسسة لم ينظر إليه كمؤشر قصور أو كمشكلة إلا ابتداء من نهاية الثمانينات([88]).
إن مشكلة علم السياسة ليست سوى مظهرا لمشكلة أوسع أصابت مجمل العلوم الاجتماعية، فالعجز الذي أصاب هذا العلم على صعيد المأسسة والمهننة، ليس إلا نتيجة طبيعية لهيمنة “المبدأ السياسي” داخل حقل العلوم الاجتماعية([89]).
إن بزوغ علم سياسة مستقل لم يكن شأن التيار السوسيولوجي الذي ظهر في بداية ستينيات القرن الماضي والذي استطاع تجاوز الانتماءات التخصصية والتقطيعات الأكاديمية، ومع ذلك، بدا هذا التيار، كتيار علم سياسة (politologique)، لأكثر من سبب، حيث بلور أدوات لتحليل علاقات السلطة وشكل بؤرة لتكوين جيل من الباحثين في علم السياسة وساهم في أن يكون للعلوم الاجتماعية موقع متميز داخل فضاء عمومي يشكو من ضغوطات عدة، وذلك من خلال مجلة لاماليف (Lamalif).
لقد تزامن اختفاء المجلة، التي تشكل همزة الوصل بين البحث في العلوم الاجتماعية وجمهور مثقف، مع مرحلة الجزر التي عرفها ذلك البحث، فالرقابة السياسية كانت ضاغطة، كما بدأت علاقة قوى جديدة ترتسم في الحقل العلمي عقب موت الباحث بول باسكون في 1985.
إن الإجابة عن سؤال وجود أو غياب علم سياسة ترتهن بالإجابة عن سؤال مرتبط بتمثل مفهوم “علم السياسة” وبنوعية الاختيارات المنهجية والمواضيع التي ينبغي استثمارها([90]).
فبعد أن تم تصويب سهام البحث بعد الاستقلال، صوب فئات جلية وبسيطة وإعادة تركياباته وتداخلاته، اغتنت بفضل النقاش الذي خاضه باحثون أجانب، تم التركيز على مواضيع “السياسي” و”النظام” و”النسق” و”السلطة” وكانت الجهود الرامية لاستيعاب أو إدراك”الحقل السياسي”، تتمحور، لعقود، حول الحكومة ومعارضاتها، فإن الخصائص أضحت أكثر فأكثر متباينة وهامة، كما أمست التراكمات الموضوعاتية ضاغطة.
ويبدو أن الخطوط الفاصلة بين المجالات العلمية لمختلف الفضاءات ما تزال غير واضحة بشكل كبير في الحقل العلمي المغربي([91])، وسواء كانت الاتجاهات مشككة في وجود علم سياسة بالمغرب أو مقرة بذلك الوجود، فإن الاعتراف بهذا العلم أضحى أمرا واقعا، كما أصبح الباحث مطلوبا من قبل الدولة والفاعلين السياسيين والاجتماعيين.
فثمة تكثيف للطلب على خبرة الباحث في مجال علم السياسة، واكبه تنويع للتمويلات المنتظمة والموجهة لأهداف دقيقة، هناك إقبال على تلك الخبرة أيضا من لدن الأحزاب ووسائل الإعلام والجهات الأجنبية.
بيد أن هذا الطلب والإنتاج المرتبط به، ما زالا بعيدين عن بلوغ درجة كثافة بالشكل الذي يسمح بمسلسل استقلالية هذا الحقل المعرفي. إن الأمر لا يتعلق، في نظر الباحثين، بتجنب الخوض في المواضيع التي يعتقد أن الحاكم يوثرها، ولكن بالاشتغال على مواضيع الانتخابات والتعبئات والنضالية أو الحزب السياسي وإعادة بناءها وفق مقاس الاستفهامات الخاصة بعلماء السياسة([92]).
ومن أجل رصد واقع علم السياسة و تاريخه الاجتماعي وإعادة تشكيل الإكراهات الداخلية والخارجية التي تبدو هامة لتفسير تأخر استقلالية حقل علم السياسة، يقترح بعض الباحثين تصويب التفكير نحو زاويتين للتحليل. أولا، كشف الممارسات المعرفية والمنهجية والتنظيمية المبنية لإنتاج المعرفة في مجال علم السياسة في المنطقة المغاربية([93]).
إن هذه الزاوية من الفهم، تفضل الاستفهامات حول الهوية التخصص لعلم السياسـة من منظور العلوم الاجتماعية الأخرى التي يقترض منها عدته المعرفية وأنماط تساؤلاتـه، أمـا الزاوية الثانية فتركز أكثر على استعمالات علماء السياسة العملية لإنتاج المعرفة العلميـة السياسية.
كما أن البحث في العلوم السياسية أضحى، أكثر فأكثر، خاضعا للتمويل من طرف المؤسسات العامة التي تطلب المشورة والخبرة في مواضيع تطبيقية محددة، وهذا لا يخدم المعرفة السياسية الحقيقية.
وتأسيسا على هذه الإكراهات، فإن وضعية العلوم السياسية، حسب الباحث بلعربي، غامضة وما يزال ينظر إليها كعلوم “مساعدة”، ولا تعدو أن تكون منتوجا فرعيا للقانون العام، وبالتالي غير “ممهنن”، مباح أن يمتهنه الصحافي والدبلوماسي والأستاذ.
وعليه، لم تستطع العلوم السياسية خلال العقدين الأخيرين خلق “فرضيات حقيقية” و”أطروحات” و”تيارات” و”اتجاهات” وكذا “صراع مدارس”. فهذه الوضعية، تجعل جزءا كبيرا منها في مستوى لا يؤهلها لتحليل التحولات الاجتماعية والسياسية التي يعرفها المغرب، مثل الفوارق الاجتماعية والبطالة والفقر وقضايا الأمن.
بالإضافة إلى ذلك ساد حول تخصص العلوم السياسية تصور ضبابي طال عدة فئات وشرائح طلبة وآباء، (حيرة أو تذبذب في اختيار التخصص داخل شعبة القانون العام خاصة في النظام السابق قبل مجيء إصلاح سنة 1997)، وهذه الضبابية لا تحيط بهاته العلوم لوحدها، بل هي تطال مجموعة من العلوم الإنسانية والاجتماعية كالفلسفة وعلم الاجتماع، فالعلوم السياسية من هذه الزاوية الموضوعية لا تتميز عن غيرها، ولو أن خاصيتها تسعى إلى معرفة السياسي واستكشاف تجلياته في مجتمعنا عبر مختلف المجالات كالسياسة العادية والمؤسسات والسلطة الاقتصادية والسلطة الثقافية…إلخ، ولهذا فهي تتطرق لهذه المواضيع بطريقة مباشرة أكثر من التخصصات الأخرى([94]).
أضف إلى ذلك أن هذه المجالات في طور التغير والتطور في بلادنا، والبعض من هذه القضايا لم يحسم بعد، كالانتقال الديمقراطي، والاختيارات الاقتصادية،…إلخ. كل هذه القضايا لم تعرف طريق الحسم وهي قضايا حساسة جدا، لكنها حساسة دون أن يعني ذلك أن هناك رقابة من الأعلى، بل غالبا ما نجد أن هناك رقابة ذاتية هي التي تمنع البحث من التقدم في مجال العلوم السياسية([95]).
الخاتمة
وكخلاصة يمكن القول أن معركة إثبات وجود العلوم السياسية قد حسمت منذ أكثر من خمسة عقود من الزمان وجرى تأكيدها في العقدين الأخيرين من خلال الإصلاحات التي همت التعليم العالي، حيث تم الإقرار على تدريسها ووجودها، فارتفع بذلك عدد الباحثين والأبحاث المنجزة والمنشورة، وعدد وحدات التكوين والبحث ومراكز البحث قد تضاعف بشكل محسوس مع التحفظ بخصوص إيجاد ميكانيزمات التقييم، حيث مازال لكل واحد الحرية للإدلاء بوجهة نظره حول الجودة والقيمة لهذه المساهمات.
ولكن الوجود شيء وموقع وفعالية هذا الوجود شيء آخر، فرغم الاعتراف المؤسساتي بهذا التخصص العلمي، إلا أن ما أنتج من معرفة أكاديمية قد جعل هذا الوجود هامشيا وجعل فاعليته في التأثير والمساهمة في بلورة سياسات عمومية محدودا إن لم يكن معدوما، وذلك نظرا للعوائق والصعوبات التي واجهت مساره.
إن الحاجة إلى علم السياسة وإلى العلوم الاجتماعية بوجه عام تتأكد يوميا وتزداد مع تعقد الظواهر السياسية، وتفاقمها في المشهد المجتمعي.
يتعين الوعي أولا أن العلوم السياسية كانت ولا زالت معرفة تمتهن الشغب والشقاء، وترتكن دائما إلى النقد والمساءلة، ومع ذلك يلاحظ دائما حتى في تخطيط السياسات التنموية أن هناك أهمية خاصة للموقف السياسي.
قائمة الهوامش:
– John Cockly : «Dans l’organisation de la science politique, la dimension internationale», Revue internationale des sciences sociales, 2004/1, N°179.
– Décret n° 046.60.2, 15 Mai 1961, portant création de l’institut des études politiques, B.O, n° 1962.
– أحمد بوجداد(تنسيق): المعرفة والسلطة بالمغرب: قضايا راهنة، (الجامعة المغربية وحصيلة البحث العلمي السياسي رصد حالة)، الطبعة الأولى، أبريل 2005.
– أحمد بوجداد: الملكية والتناوب، مقاربة لاستراتيجية تحديث الدولة وإعادة إنتاج النظام السياسي بالمغرب، الطبعة الأولى، 2000.
– مرسوم رقم 278-62-2، يغير بموجبه المرسوم، رقم 046-60-2، الصادر في 15 مايو 1961، المتعلق بإحداث معهد الدراسات السياسية، يلغي الفصول 2، 5، 7 و8 من المرسوم السابق، ويؤكد أن المعهد يكون لفائدة كلية الحقوق.
– Palazzoli (C.):«Le Maroc politique de l’indépendance à 1973», Sindibad, Paris, 1974,.
– Waterbury (J.): «Le commandeur des croyants, la Monarchie et son élite politique», PUF, Paris, 1975.
– SAAF (A): « Politique et savoir au Maroc », éd. SMER 1991.
– SAAF (A): « Images politiques du Maroc », éd. Okad, 1987.
– عبد الله ساعف: أحاديث في السياسة المغربية، منشورات الزمن، كتاب الجيب، 2002، ص: 36-37.
– Jamil SALMI: « Crise de l’enseignement et reproduction sociale au Maroc », DES, Faculté Hassan II des S.C.J.E.S, Casablanca, 1985.
– حسين اجواوين: إشكالية الانفتاح بين الجامعة المغربية والمجتمع الإداري، أطروحة دكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط، 2000/2001.
– الحاج شكرة: الجامعة المغربية بين محاولات الإصلاح وضرورة التغيير، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 60، يناير-فبراير 2005.
– عز الدين العلام: المغرب كموضوع سياسي، المجلة المغربية لعلم السياسة، العدد الأول، نونبر 2010.
– SAAF (A.) : « Politique et savoir au Maroc », S.M.E.R., 1991.
– SAAF (A.) : « De la science politique », AL Assas, 90, Décembre 1988, Janvier 1989,.
– محمد نور الدين أفاية: البقاء –الإصلاح- عن العمل السياسي في زمن العولمة، منشورات رمسيس، ماي 1999، المعرفة للجميع، العدد 6.
– ناصيف نصار: منطق السلطة مدخل إلى فلسفة الأمر، دار الأمواج، طبعة أولى، 1995.
– SAAF (A.), EL MASLOUHI (A.) : « Une science politique camérale : pratiques et contraintes du champ politologique au Maghreb », 10ème congrès du FSP, Grenoble, 7-9 septembre 2009.
– (P) WEINGART : « Expertise Scientifique et responsabilité politique : les paradoxes de la science en politique », Bénédicte Zimmermann (sous/dir), les sciences sociales à l’épreuve de l’action, le savant, le politique et l’Europe, éds. De Maison des Sciences de l’Homme, 2004.
– SAAF (A) ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires et syndrome caméral, Revue Marocaine de science politique, N°1, novembre 2010.
– Toyz Mohammed : « La science politique à l’écoute des discours et de la rue, les illusions de regard », in Michel CAMAU (Dir), sciences sociales, sciences morales, itinéraires et pratiques de recherche, collection recherche sur le Maghreb contemporain, ALIF, édition de la méditerranéen, Tunis, 1995.
– عبد الله ساعف: الحاجة إلى المجلة المغربية لعلم السياسة، المجلة المغربية لعلم السياسة، العدد الأول نونبر 2010.
– رحمة بورقية: العلوم الإنسانية والاجتماعية ومتطلبات التنمية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المحمدية، سلسلة ندوات رقم 8، 1998.
– أحمد منصور مصطفى: نحو تركيز مهني للعلوم السياسية والإدارة العلمية في الجامعات العربية: دراسة نظرية، مجلة العلوم الاجتماعية، مجلد 37، عدد 2، 2009.
– محمد جابر الأنصاري: العرب والسياسة، أين الخلل؟ جذور العطل العميق”، دار الساقي، الطبعة الأولى، 1998.
– Abdellah Laroui : « Islamisme, modernisme, libéralisme », éd. Centre Culturel Arabe, Casablanca, 1997.
– عبد الإله بلقزيز، رضوان السيد: أزمة الفكر السياسي العربي، دار الفكر العرب المعاصر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، أكتوبر 2000.
– عمر ابراهيم الخطيب: الجوانب الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية في الفكر العربي، مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، مجلد 12، عدد 4، شتاء 1984.
– عبد الإله بلقزيز: في البدء كانت الثقافة، نحو وعي عربي متجدد بالمسألة الثقافية، إفريقيا الشرق، 1998.
– عبد الله العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة، صياغة جديدة، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1999.
– عبد اللطيف اللعبي: الرهان الثقافي، المسألة الثقافية، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1983.
-امحمد طلابي: تقرير في نقد العقل السياسي المغربي الرسمي والمعارض، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 2002.
– ابراهيم بدران: حول مفاهيم العلم في العقلية العربية، مجلة المستقبل العربي، العدد 116، 1988.
– كليس أ. : بؤس علم السياسة، (مترجم) في مجلة أبحاث، عددي 11 و12، 1986.
– لحسن حداد: علم السياسة والأحزاب السياسية، نفور متبادل، صحيفة الحركة، العدد 6251، السبت والأحد 5-6 أبريل 2008.
– M’hammed Belarabi : « La sciences politique au Maroc, autonomie VS syndrome caméral », Revue Marocaine de science politique, novembre 2010.
[1]– Ariel Colonomos : « Sociologie et science politique, les réseaux, théories et objets d’études », R.F.S.P. Vol. 45, N°1, p.p : 165-178.
[2]– حول تطور تنظيم العلم السياسي ينظر بهذا الخصوص:
– John Cookly : «Evolution dans l’organisation de la science politique, la dimension internationale», Revue internationale des sciences sociales, 2004, N°179, pp : 189-203.
– جان ماري دانكان: علم السياسة، ترجمة: محمد عرب صاصيلا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1997.
[3]– بطرس غالي، محمد خيري عيسى: المدخل في علم السياسة، الطبعة 8، القاهرة، مكتبة الأنجلو- المصرية، 1987، ص: 9.
[4]– ينظر بهذا الخصوص:
– Raymond Aron : «La science politique en France», in UNESCO, la science politique contemporaine, contribution à la recherche, la méthode et l’enseignement, Paris, 1950.
[5]– محمد فرحان الهياجنة: مبادئ العلوم السياسة، مكتبة عبد الحميد شومان العامة، الطبعة الأولى، 2000، ص: 29.
[6]– للمزيد من التفصيل، ينظر: – EricDarras et Olivier Philippe : «La science politique une et multiple», L’harmattan, 2004.
[7]– ليكوك: “مبادئ علم السياسة”، ترجمة: سليم عبد الأحد، القاهرة، مطبعة الهلال بالفجالة، 1965.
[8]– نصر محمد عارف: في مصادر التراث السياسي الإسلامي، دراسة في إشكالية التعميم قبل الاستقراء والتأصيل، واشنطن، المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1994، ص: 16-17.
[9]تجب الإشارة إلى أن هذه العلوم لم يكن يتم تدريسها في إطار شعبة متخصصة جامعة بل كانت مجالاته مدرجة في المنهج الدراسي للقانون العام، وهذا يرجع إلى التقاليد الجامعية الموروثة عن النظام الفرنسي الذي يقحم ويدمج مواد العلوم السياسية مع القانون الدستوري والعلاقات الدولية، بالإضافة إلى أن هاته العلوم كانت مؤطرة من قبل أساتذة أجانب خاصة الفرنسيين.
[10]– كانت للمعهد فروع في فاس والدار البيضاء.
[11]– Décret n° 046.60.2, 15 Mai 1961, portant création de l’institut des études politiques, B.O, n° 1962.
– تجدر الإشارة إلى أن النص المحدث باللغة العربية لم نعثر عليه بالجريدة الرسمية. (الملحق رقم: 2)
[12]– أحمد بوجداد: الجامعة المغربية…، مرجع سابق، ص: 209.
[13]– المادة (9) من النص المؤسس، وبعد أقل من شهرين من تأسيس المعهد، سيصدر قرار وزاري ينظم الدروس والامتحانات تشمل الليسانس ودبلوم الدراسات العليا والدكتوراه. ينظر:
– قرار وزير التربية الوطنية، رقم 60-989، بتاريخ 06/07/1961، بشأن ضبط نظام الدروس والامتحانات، قصد الحصول على الليسانس في العلوم السياسية، الجريدة الرسمية، عدد 2553، سنة 1961، ص: 2506.
[14]– كان هناك في البداية تخصصين يختار بينهما الطالب بالمعهد، وهي العلوم الإدارية والعلاقات الدولية، ينظر النص المحدث للمعهد في قائمة الملاحق.
[15]– نشير إلى أن هاته المقتضيات والبرامج تم استلهامها من التجربة الفرنسية التي كانت مطبقة في تلك الفترة.
[16]– مرسوم رقم 278-62-2، يغير بموجبه المرسوم، رقم 046-60-2، الصادر في 15 مايو 1961، المتعلق بإحداث معهد الدراسات السياسية، يلغي الفصول 2، 5، 7 و8 من المرسوم السابق، ويؤكد أن المعهد يكون لفائدة كلية الحقوق.
[17]– سيصدر ظهير بتنظيم الجامعات، بتاريخ 25/10/1975، يلغي ظهير إحداث جامعة الرباط (1959)، وجامعة القرويين (06/02/1963)، ينظر النص في الجريدة الرسمية، عدد 3252، بتاريخ 26/02/1975، ص: 721.
[18]– إن الرعيل الأول من الباحثين المغاربة في مجال العلوم السياسية لم يبرز إلا مع منتصف السبعينات من خلال ما خلفوه من أبحاث وأطروحات جامعية ومقالات التي شكلت معالم مهمة في ذلك الوقت إلى جانب الكتابات الأجنبية، فنجد من طلائع هؤلاء:
– محمد بوزيدي، ينظر دراسته: التغيير السياسي بمجلة كلية الحقوق بالرباط، العدد 2، سنة 1977، ص: 131، وعبد اللطيف المنوني:
– MenouniA.:«Le mouvement syndical ouvrier l’UNCM», DES, Facultés de Droit, Rabat.
– وكتاب عبد الله ساعف: تصورات عن السياسي بالمغرب: المجتمع والسلطة، دار الكلام.
– بالإضافة إلى مجموعة من الدراسات أنتجها حول الدولة والنخب والطبقات والأفكار السياسية، نشرت مجموعة على التوالي في كتاب: l’espérance de l’Etat moderne au Maroc.
– ومحمد الطوزي: حول المجال السياسي والمجال الديني تقاطع أو تراتبية؟ عالبيضاء 1979 (بالفرنسية)، كما أن هناك جيل جديد من الباحثين المغاربة يعملون كأساتذة باحثين بشعب القانون العام والعلوم السياسية بكليات الحقوق.
– Toyz Mohammed :« Champ politique et champ religieux au Maroc croisement ou hiérarchisation », DES, Casablanca, 1979.
[19]– Palazzoli (C.):«Le Maroc politique de l’indépendance à 1973», Sindibad, Paris, 1974, p: 485.
[20]– سيضع لها المؤلف عنوان آخر عندما سيقوم بنشرها وهو “الفلاح المغربي المدافع عن العرش”، ناقشها سنة 1973، وهي في 513 صفحة، والملاحق:
– Leveau (R.) : « Le Fellah Marocain défenseur du trône », Paris, F.N.S.P1973..
– ويعتبر هذا الباحث من أبرز المتخصصين في الحياة السياسية المغربية المعاصرة، وكان في فترة من الفترات من عمله بوزارة الداخلية المغربية أو بالجامعات الفرنسية يكتب حول المغرب باسم مستعار هو Octave Marais خاصة في حوليات شمال إفريقيا (Annuaire du Nord Afrique ANN).
[21]– Waterbury (J.): «Le commandeur des croyants, la Monarchie et son élite politique», PUF, Paris, 1975.
[22]– أشاعت هذه الأعمال عن النظام السياسي المغربي عدد من التأويلات تنطوي على قناعة الإحاطة بطبيعته في حركاتها وسكانها، فالحياة السياسية المغربية تجزئية–توازنية نظرا لتنافس المجموعات المتعددة وإقدامها على التنازل والتوازن في نفس الوقت رغم اختلافات المذهب والانتساب السياسي، ينظر بهذا الخصوص: SAAF (A): « Politique et savoir au Maroc », éd. SMER 1991, p: 138.
[23]– لقد ساهم التحليل الاقتصادي على يد اقتصاديين مغاربة أمثال (المالكي، ولعلو وبلال) في عملية اختزال النظام السياسي المغربي وذلك في فترة ازدهار النظرية التبعية عن دول العالم الثالث ينظر بهذا الخصوص:
– SAAF (A): « Images politiques du Maroc », éd. Okad, 1987, p: 60.
– وبخصوص كتابات بعض المغاربة ذات التوجه السياسي في مجال الاقتصاد نجد على سبيل المثال أعمال محمد الحبابي وإدريس بنعلي وغيرهم.
[24]– أعمال عبد الله العروي ومن بينها كتبه حول “مفهوم الدولة” و”مفهوم الحرية”، وكذا جرمان عياش: حول الوظيفة التحكيمية للمخزن.
– G. Ayache : « La fonction d’arbitrage du Makhzen », in BESM, n° 138-139, 1971.
[25]– في الإطار نذكر محمد عابد الجابري: المغرب المعاصر 1982، ومشروع قراءة جديدة لفلسفة الفارابي السياسية والدينية في كتابه: رؤية تقدمية، دار النشر المغربية 1977، وكذا عليأومليل خاصة كتابه: السلطة السياسية والسلطة الثقافية، مركز دار الوحدة، بيروت، 1998.
[26]– وفي الأنتربولوجيا هناك عبد الله حمودي: الانقسامية والتراتبية الاجتماعية والسلطة السياسية والقداسة، مجلة كلية الآداب، الرباط، عدد 11، سنة 1985.
[27]– وفي السوسيولوجيا نجد أعلام مثل: عبد الكبير الخطيبي، محمد جسوس وبول باسكون.
[28]– كان يرأس هذا المعهد عبد الكبير الخطيبي، وكان يصدر مجلة علمية محكمة، ضمت إسهامات علمية تصب كلها في محاولة نشر معرفة علمية حول المجتمع المغربي.
[29]– عبد الله ساعف: أحاديث في السياسة المغربية، منشورات الزمن، كتاب الجيب، 2002، ص: 36-37.
[30]– لوحظ مباشرة بعد أحداث 1984 اختفاء مجموعة من المجلات التي كانت تشكل واجهة ثقافية مهمة وفاعلة، منها على سبيل المثال، مجلة “أقلام” و”الثقافة الجديدة”، ولاماليف (lamalif)، و”الأساس” (ALASAS).
[31]– خاصة الجمعية المغربية للعلوم السياسية التي كان يرأسها محمد البوزيدي والتي أسست سنة 1977 (يناير)، وكان يتكون مكتبها أيضا من محمد بناني نائب الرئيس، ومحمد بن عزوز كاتبا عاما وامحمدالداسر أمين المال وعضوية عبد القادر القادري وعبد القادر باينة والملوكي محمدي، إحالة على أحمد بوجداد: الملكية والتناوب، مرجع سابق، ص: 21.
[32]– أحمد بوجداد: الملكية والتناوب، مرجع سابق، ص: 25.
[33]– أحمد بوجداد: مرجع نفسه، ص: 211.
[34]– أحمد بوجداد: المرجع السابق، ص: 212.
[35]– ينظر الفصل 9 من مرسوم رقم 2.82.314، صادر في 16 ربيع الآخر (1403) الموافق 31 يناير 1983 القاضي بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.78.452 الصادر في 29 شوال 1398 (2 أكتوبر 1972) المتعلق بإصلاح نظام الدراسات والامتحانات لنيل الإجازة في الحقوق.
[36]– حتى مع دخول النظام الجديد حيز التطبيق، قانون رقم 01.00، المتعلق بتنظيم التعليم العالي، الظهير الشريف رقم 01.00.199، الصادر في 19 ماي 2000، ج.ر، عدد 4798، بتاريخ 25 ماي 2000، فإن الأمر لم يتغير كثيرا حتى وإن تم تقسيم الشعب إلى ثلاث بما فيها شعبة العلوم السياسية، وخاصة من حيث برامج التخصص.
[37]– للاطلاع على الإصلاحات المتعلقة بالموضوع، ينظر على الخصوص:
– M. Marrouni: «Le problème de la réforme dans le système éducatif marocain», éd. Okad, Rabat 1993.
– مرسوم رقم 2.96.796 الصادر بتاريخ 11 شوال 1417 (19 فبراير 1997)، مرجع سابق.
– عبد الكريم غريب وآخرون: الميثاق الوطني للتربية والتكوين: قراءة تحليلية، منشورات عالم التربية، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2006.
[38]– في حالة إذا ما اختار الطالب تخصص “علم السياسة”، فإن مواد التخصص هي:
– 1. العلوم السياسية (1,30 ساعة)، 2. علم الاجتماع الحضري والقروي (2.س)، 3. منهج العلوم الاجتماعية (1,30 س)، بينما المواد الأخرى مثل المرافق العامة الكبرى، فخصص لها المشرع (3 ساعات) وتاريخ الفكر السياسي (3 ساعات)، وتاريخ العلاقات الدولية (3 ساعات) (النظام القديم).
[39]– أحمد بوجداد: الملكية والتناوب، مرجع سابق، ص: 22.
[40]– عز الدين العلام: المغرب كموضوع سياسي، المجلة المغربية لعلم السياسة، العدد الأول، نونبر 2010، ص: 40.
[41]– نفس المرجع والصفحة.
[42]– حول مفهوم العقل السياسي، ينظر بهذا الخصوص:
– الجابري محمد عابد: العقل السياسي العربي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة 5، دار النشر المغربية، 2000.
– ريجيسدوبري: نقد العقل السياسي، ترجمة: عفيف دمشقية، دار الآداب، بيروت، الطبعة الأولى، 1986.
[43]– نشير هنا إلى إسهامات الأستاذ عبد الله ساعف خاصة كتابه السلطة والمعرفة بالمغرب.
– SAAF (A.) : « Politique et savoir au Maroc », S.M.E.R., 1991.
– SAAF (A.) : « De la science politique », AL Assas, 90, Décembre 1988, Janvier 1989, p : 90.
[44]– حول علاقة العالم والسياسي ينظر:
– Max Weber (1959), Le savant et le politique, Paris, Plon.
– Patrick Gaboriau (2008), le chercheur et la politique. L’ombre de nouveaux inquisiteurs, Aux lieux d’être, Paris.
[45]– ناصيف نصار: منطق السلطة مدخل إلى فلسفة الأمر، دار الأمواج، طبعة أولى، 1995، ص: 328.
– للمزيد ينظر:
– LhouariAddi (2003): « Pluralisme politique et autoritarisme dans le monde arabe : approche anthropologique des systèmes politiques des pays arabes » (conférence prononcée le 04/02/2003 au Mershon Center at the Ohio State University, Ohio, USA.
– Hassan Nafaa (1991), « la spécificité de la culture arabo-musulmane et ses répercussions sur la science politique dans le monde arabe », in Etudes politiques du monde arabe. Approches globales et approches spécifiques, Dossier du CEDEJ, Le Caire, (Actes du deuxième colloque franco-égyptien de politologie, Paris, 3-5 juillet 1989).
[46]– ناصيف نصار: نفس المرجع، ص: 330-331.
[47]– يتمثل استفادة الدولة من المثقفين والباحثين في توظيفهم في دواليب الدولة سواء كمستشارين أو خبراء أو مدراء بعض المؤسسات العمومية.
يعتبر سارتر أن المثقف السلطوي له دورين: فالسلطة تجعل منه دارسا للتقاليد وثانيا وكما يقول غرامشي: تهيئته ليكون موظفا في البنى الفوقية، وفي نفس الاتجاه يقول بولانتزاس: أن الدولة تقلص من وضع المثقفين إلى مستوى الموظفين البسطاء أو حتى إلى ما هو أسوء من ذلك.
[48]– للمزيد حول هذه النقطة، ينظر:
– مصطفى التبر: المثقف وتهميش البحث العلمي في الوطن العربي، مجلة الفكر العربي، عدد 53، أكتوبر 1998، ص: 113 وما بعدها.
[49]– نشير هنا إلى العلاقة المشحونة والمواجهة التي كانت تقع بين الطلبة خاصة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وبين الدولة، حيث شهدت السنوات الأولى لعقد السبعينيات اضطرابات بين الدولة والطلبة انتهت باحتواء هؤلاء في الوظيفة العمومية، وسيطرت الدولة على الجامعة، كما تبعته إغلاق معهد علم الاجتماع والفلسفة. ينظر بهذا الخصوص:
– جون واثربوري: أمير المؤمنين، الملكية والنخبة السياسية، المرجع السابق، ص: 283.
[50]– إبراهيم اسعيدي: مشكلة التعليم بالمغرب، مرجع سابق، ص: 69.
[51]– SAAF (A.), EL MASLOUHI (A.) : « Une science politique camérale : pratiques et contraintes du champ politologique au Maghreb », 10ème congrès du FSP, Grenoble, 7-9 septembre 2009, p: 3.
[52]– (P) WEINGART : « Expertise Scientifique et responsabilité politique : les paradoxes de la science en politique », Bénédicte Zimmermann (sous/dir), les sciences sociales à l’épreuve de l’action, le savant, le politique et l’Europe, éds. De Maison des Sciences de l’Homme, 2004, p : 114.
[53]– للمزيد حول الطلب على الخبرة العلمية ينظر:
– Nicolas Defaud, Vincent Guidar : « Discipliner les sciences sociales et les usages sociaux des frontières scientifiques », l’Harmattan, 2002, p : 28.
– Bénédicte Zimmermann (Sous/dir), 2004, Les sciences sociales à l’épreuve de l’action. Le savant, le politique et l’Europe, Editions de la Maison des sciences de l’homme.
[54]– SAAF (A) ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires et syndrome caméral, Revue Marocaine de science politique, N°1, novembre 2010, p : 7.
– حول مسألة العلوم في خدمة أجمدة الدولة ينظر:
– Pascale La Borier (dir) : Les sciences camérales : actions pratiques et dispositifs publics, Paris, PUF, 2005.
[55]– SAAF (A) ELMASLOUHI(A) : La science politique au Maghreb trajectoires.., opcit, p : 8.
[56]– SAAF (A), ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires, op.cit, p : 8.
[57]-Ibid, p : 11.
[58]– SAAF (A), ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires, op.cit, p : 11.
[59]– كان آخرها تشكيل اللجنة الاستشارية للجهوية تضم ضمن أعضائها عددا من الأساتذة الجامعيين.
[60]– Victor Karady : « Stratégies de réussite et modes de faire–savoir de la sociologie chez les durkheimiens », in revue français de sociologie, année 1979, Vol. 20, n°1, p : 49-82.
[61]– M’hammed Belarabi : « La sciences politique au Maroc, autonomie VS syndrome caméral », 10ème congrès, AFSP, 2009, (section thématiques 49), Grenoble, 7-9 septembre 2009, p : 1.
[62]– Toyz Mohammed : « La science politique à l’écoute des discours et de la rue, les illusions de regard », in Michel CAMAU (Dir), sciences sociales, sciences morales, itinéraires et pratiques de recherche, collection recherche sur le Maghreb contemporain, ALIF, édition de la méditerranéen, Tunis, 1995, p : 105.
3- عبد الله ساعف: الحاجة إلى المجلة المغربية لعلم السياسة، المجلة المغربية لعلم السياسة المرجع السابق ص 5.
[64]– AddiLahouari : Peut – il exister une sociologie politique en Algérie ? Peuples méditerranés, (sciences sociales –sociétés arabes), N°54-55, janvier-juin, p : 221-227.
[65]– رحمة بورقية: العلوم الإنسانية والاجتماعية ومتطلبات التنمية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المحمدية، سلسلة ندوات رقم 8، 1998، ص: 9.
[66]– أحمد منصور مصطفى: نحو تركيز مهني للعلوم السياسية والإدارة العلمية في الجامعات العربية: دراسة نظرية، مجلة العلوم الاجتماعية، مجلد 37، عدد 2، 2009، ص: 100.
[67]– ينظر في هذا الخصوص: البحوث المدعمة في إطار برنامج “Paged”.
[68]– رحمة بورقية، المرجع السابق، ص: 11.
[69]– خالد وليد محمود: تخصص العلوم السياسية: هل من مستقبل؟، جريدة الغد الأردنية، عدد 14/06/2007، الموقع الإلكتروني للجريدة: www.alghad.jo.
– وأيضا: محمود محمد ربيع: تطوير التعليم في حقل العلوم السياسية كأداة للتنمية، مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، مجلد 13، عدد 2، صيف 1985.
[70]– ينظر في هذا الخصوص:
– موريس ديفيرجي: السوسيولوجيا السياسية، ترجمة: هشام دياب، دمشق، 1970، ص: 109.
– وحول مفهوم الثقافة بشكل عام، ينظر: – Guy Rocher : « L’action sociale introduction à la sociologie générale », Paris, H.M.H., 1968, p: 140.
– محمد عابد الجابري: الثقافة في معترك السياسي زمن الإيديولوجيا، مجلة مواقف، العدد 11، ص: 76.
[71]– محمد جابر الأنصاري: العرب والسياسة، أين الخلل؟ جذور العطل العميق”، دار الساقي، الطبعة الأولى، 1998، ص: 68.
[72]– المرجع نفسه، ص: 70.
[73]– Abdellah Laroui : « Islamisme, modernisme, libéralisme », éd. Centre Culturel Arabe, Casablanca, 1997, p : 15.
[74]– عبد الإله بلقزيز، رضوان السيد: أزمة الفكر السياسي العربي، دار الفكر العرب المعاصر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، أكتوبر 2000، ص: 83.
[75]– عمر ابراهيم الخطيب: الجوانب الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية في الفكر العربي، مجلة العلوم الاجتماعية، الكويت، مجلد 12، عدد 4، شتاء 1984، ص: 8.
[76]– عبد الإله بلقزيز: في البدء كانت الثقافة، نحو وعي عربي متجدد بالمسألة الثقافية، إفريقيا الشرق، 1998، ص: 20-21.
[77]– ينظر بهذا الخصوص:
– Abderrahim El Maslouhi (2006), « Culture de sujétion et patronage autoritaire au Maroc. Sur une anthropologie de la servitude volontaire », in RFSP, vol 56, n° 4, 2006.
– Michel Foucault : Les mots et les choses, pour une archéologie du Savoir, Gallimard, 1966.
[78]– عبد الله العروي: الإيديولوجيا العربية المعاصرة، صياغة جديدة، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 1999، ص: 23.
[79]– المرجع نفسه، ص27-28.
[80]– عبد اللطيف اللعبي: الرهان الثقافي، المسألة الثقافية، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1983، ص: 59.
[81]– امحمد طلابي: تقرير في نقد العقل السياسي المغربي الرسمي والمعارض، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 2002، ص: 65.
[82]– كليس أ. : بؤس علم السياسة، (مترجم) في مجلة أبحاث، عددي 11 و12، 1986، ص: 34.
[83]– تشير الأدبيات في علم النفس الاجتماعي أن القيم أو الإطار الثقافي هي التي تشكل سلوك الأفراد، فإن كانت هذه القيم تدعو إلى الإنجاز وتحث عليه فمن الطبيعي أن يقبلوا على تحقيق الإنجاز العلمي.
[84]– لحسن حداد: المرجع نفسه.
[85]– Michel CAMAU : configurations politique et science politique au Maghreb, Revue Marocaine de science politique, p : 19.
[86]– يتعلق الأمر هنا بالمجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي.
[87]– من أمثلتها المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية التي تصدرها كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بالجزائر، والمجلة القانونية والسياسية والاقتصادية التي تصدرها كلية الحقوق بجامعة محمد الخامس أكدال الرباط.
[88]– Michel CAMAU : configurations politique et science politique au Maghreb, op cit, p : 19.
[89]– Ibid, p : 20.
[90]– SAAF (A), ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires, op.cit, p : 8.
[91]– Idem.
[92]– SAAF (A), ELMASLOUHI (A) : La science politique au Maghreb trajectoires, op.cit, p : 11.
[93]– M’hammedBelarabi : « La sciences politique au Maroc, autonomie VS syndrome caméral », Revue Marocaine de science politique, op.cit, p : 85.
[94]– عبد الله ساعف: أحاديث في السياسة، مرجع سابق، ص: 42.
[95]– عبد الله ساعف: المرجع السابق، ص: 43.