الضوابط القانونية التي تحكم عمليات التعامل ببطاقات الائتمان في فلسطين (دراسة تحليلية) Legal Controls Governing Credit Card Transactions in Palestine (An Analytical Study) معتز يعقوب سعيد حسين، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين Mutaz Yacoup Saied Hussien, An- Najah Nationalis Universitates بحث منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 51 الصفحة 79.
Abstract Credit cards contribute to the creation and completion of business transactions, as well as the acceleration of the economy, as they become more widespread and widely used. They can be found in all commercial and global markets. These credit cards increase commercial traffic by attracting customers while lowering the risk of carrying and moving money. Particularly in legal terms. The purpose of this research is to study the legal regulations that govern the transactions by credit cards in Palestine. The Palestinian Monetary Authority (PMA) attempted to issue instructions that regulate the use of credit cards transactions as Instructions No. 4 of 2012, Instructions No. 5 of 2008 which protect credit card parties’ rights and obligations. In addition, a number of Palestinian banks have devised and included credit card terms and usage criteria in their applicable agreements. The concept of issuing credit cards begins with a bank offering a credit card to a consumer who has requested it, within a pre-prepared agreement by the bank. This agreement produces several legal relations: Legal relationship between bank and cardholder and dealer. These relationships have legal implications for all three parties in terms of their obligations and rights. Keywords: Credit Cards, Banking Transactions, Legal Limitations, Credit Card in Palestine, Dealing with Credit Cards.
ملخص تساهم بطاقات الائتمان في تطوير واتمام المعاملات التجارية وفي زيادة وتيرة عجلة الإقتصاد خاصة مع كثرة انتشارها وتوسع دائرة استخدامها، حيث أصبحت متاحة في كافة الأسواق التجارية والأسواق العالمية، كما وتعمل على تنشيط الحركة التجارية من خلال جذب الزبائن وتقلل من خطر حمل النقود والتنقل بها، وعليه فإن هذه الدراسة خصصت للبحث عن الأحكام والضوابط القانونية المُتبعة في فلسطين والتي تنظم استخدام بطاقات الائتمان.
وبناءً على ذلك، أصدرت سلطة النقد الفلسطينية تعليمات تنظم عمل بطاقات الائتمان وطريقة استخدامها منها تعليمات رقم (4) لسنة 2012 ، وتعليمات رقم (5) لسنة 2008 وغيرها ، والتي بدورها تحفظ حقوق الأطراف المتعاملين ببطاقات الائتمان وتبين ما عليهم من التزامات وواجبات. إضافة إلى قيام العديد من البنوك الفلسطينية بصياغة وادراج شروط وأحكام للتعامل ببطاقات الائتمان ضمن اتفاقياتها المبرمة بهذا الخصوص.
حيث تتبلور فكرة بطاقات الائتمان من خلال اصدار المصرف بطاقة ائتمان للعميل بناءً على طلبه وذلك ضمن اتفاقية مُعَدَّة مسبقاً من قبل المصرف مُصدِر البطاقة، وينتج عن هذه الاتفاقية المبرمة عدة روابط قانونية بين كل من المصرف وحامل البطاقة والتاجر، و تُرَتِب هذه الروابط آثاراً قانونية على كل طرف من هذه الأطراف الثلاثة كالالتزامات والواجبات الملقاة على عاتقهم.
الكلمات المفتاحية: بطاقات الائتمان، المعاملات المصرفية، ضوابط قانونية، بطاقات الائتمان في فلسطين، التعامل بالبطاقات الائتمانية
المقدمة لقد أدت التطورات التكنولوجية وثورة المعلومات في العصر الحديث إلى حدوث تغييرات جوهرية ومتسارعة في كافة مناحي الحياة، ولا سيما في الحياة الاقتصادية، ومع تسارع نطاق التجارة الإلكترونية نتيجة لظهور العديد من الوسائل الإلكترونية الحديثة، كان لا بد للمؤسسات المالية ولا سيما القطاع المصرفي من مواكبة هذا التسارع، واستغلال الفرص في المحافظة على بقائه وديمومته من خلال بلورة الإبتكارات التكنولوجية الحديثة في تقديم خدمات مصرفية الكترونية، ومن أبرز الخدمات الإلكترونية الحديثة التي عُني القطاع المصرفي بتبنيها هي خدمة الدفع الإلكتروني والمتمثلة باستخدام البطاقات الائتمانية.
ظهرت فكرة بطاقات الائتمان منذ مطلع القرن العشرين، حيث تعتبر بطاقات الائتمان أو كما تُعرف ببطاقات الدفع الإلكتروني، وسيلة جديدة من وسائل الوفاء بالالتزامات وحفظ النقود، والتي تم اختراعها من قبل المحامي الأمريكي ” ورالف سيندر”، ورجل الأعمال ” روبرت ماكنمارا ” ، وتزايد انتشارها لتلبية حاجة المجتمع الأمريكي بالتوسع في ثقافته الاستهلاكية، لتصبح فيما بعد جزءاً لا يتجزأ من ثقافة النظام الاقتصادي المعاصر في العالم أجمع، وكانت أول مبادرة لاصدار بطاقات الدفع المؤجل في الولايات المتحدة الأمريكية عندما أصدرت شركة وسترن يونيون سنة 1914 بطاقة معدنية لصالح عملائها المميزين، ومن ثم تبعتها المحلات والشركات الكبرى فأصدرت بطاقات ائتمانية خاصة بها لتسهيل عملية التعامل مع العملاء ولكسب وفائهم، وكان هنالك محاولات من قبل شركات البترول لاصدار بطاقات ائتمان لغايات تسهيل عملية دفع المشتريات خاصة لغير المحليين، إلا أن هذه المبادرة لاقت فشلاً وتسببت بخسائر كبيرة للعديد من الشركات مما أدى إلى اختفائها في ظهورها الأول، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت موجة ثانية لاصدار بطاقات الائتمان ونجحت في انتشارها في العالم الغربي لتدخل لاحقاً بين أوساط الأسواق العربية.
إن تنامي دور القطاع المصرفي في تقديم القروض، والتسهيلات الائتمانية المتنوعة، ضمن أسس وقواعد واضحة يعتبر دعامة أساسية للدفع بعجلة الاقتصاد نحو النمو والاستقرار. وكان لمصارف الدول العربية نصيبها في الإنخراط بهذه الوسيلة الإلكترونية المستحدثة، باعتبارها جزءاً من الاقتصاد العالمي ومرتبطة به ارتباطاً وثيقاً. فقد حظيت الدول العربية على المرتبة الخامسة في العالم من حيث اصدار بطاقات الائتمان؛ لاحتوائها على 69 بنك يصدر بطاقات الائتمان. ويرى العديد من الباحثين أن الاختلاف بين دول العالم في تبنيها لإستخدام تكنولوجيا البطاقات الائتمانية في العمليات المصرفية، ما هو إلا نتيجة لعوامل ذات صلة بالبيئة المالية والتكنولوجية والتسويقية لهذه الدول.
لذا؛ فقد ¬¬أصبح من الضروري الإلمام بالمبادىء والقواعد التي تحكم التعامل بالبطاقات الائتمانية، بالإضافة إلى فهم التكييف القانوني لها، لإزالة الغموض القانوني عنها لدى مختلف المتعاملين بها، ومن هنا تنبع مشكلة البحث.
أهداف البحث يهدف البحث إلى تقييم الوضع القانوني لبطاقات الائتمان في فلسطين من منظور القوانين المعمول بها داخل فلسطين والتعليمات الصادرة عن سلطة النقد الفلسطينية، وكذلك ابراز الأحكام الصادرة عن البنوك في الاتفاقيات المبرمة بهذا الخصوص وأثر كل ذلك على الروابط القانونية الناتجة عن التعامل ببطاقات الائتمان.
أهمية البحث تكمن أهمية دراسة الضوابط القانونية التي تحكم عمليات التعامل ببطاقات الائتمان في فلسطين، من منطلق أن العمليات التي تتم على بطاقات الائتمان في ازدياد وتتطلب اطاراً قانونياً واضحاً يكفل للروابط التي تنتج بين المتعاملين بها الحماية الكافية لحقوقهم، وذلك على النحو الآتي: 1. الأهمية القانونية: تتبلور في بحث ودراسة التنظيم القانوني لعمل بطاقات الائتمان وفقاً للقوانين المعمول بها في فلسطين، والتعليمات الصادرة عن سلطة النقد الفلسطينية وكذلك الاتفاقيات المبرمة لدى البنوك الفلسطينية بهذا الخصوص، وذلك للوصول إلى الاستنتاجات والتوصيات التي من شأنها أن تساعد الباحثين والقانونيين في التعرف على التنظيم القانوني الذي يحكم عمليات التعامل ببطاقات الائتمان. 2. الأهمية العملية: تتجلى في الطرح الجديد لبطاقات الائتمان وتنظيمها القانوني، وذلك لما لبطاقات الائتمان من دور هام في العمليات المصرفية كون ضبطها قانونياً يضعها في صورة واضحة أمام المتعاملين بها ويساهم في جذب عملاء جدد، كذلك يساعد في زيادة ثقتهم بالتعامل بها، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على أداء المصارف بشكل خاص وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام.
منهجية البحث يعتمد هذا البحث على استخدام المنهج الوصفي التحليلي والمتمثل في وصف وتحليل الضوابط القانونية التي تنظم التعامل ببطاقات الائتمان في فلسطين، وذلك من خلال دراسة النصوص القانونية المنظمة لموضوع البحث والعمل على تحليلها، كما تم عرض مختلف الآراء الفقهية وأدلة كل رأي وتوضيح نقاط الالتقاء والاختلاف، ومن ثم الترجيح بين هذه الآراء، ومن ثم العمل على نقدها والوصول إلى استنتاج الباحث حول ذلك. حيث اتبع الباحث في استخدام هذا المنهج الخطوات التالية: • الاستعانة بالعديد من الكتب لجمع المادة العلمية التي تناقش هذا الموضوع مع التركيز على جمع الحديث منها. • الاعتماد على أبحاث الباحثين والدراسات السابقة التي تحدثت عن بطاقات الائتمان. • جمع معلومات وبيانات من بعض البنوك الفلسطينية عن طبيعة التعامل ببطاقات الائتمان من خلال المقابلات. • مناقشة الموضوع وطرح آراء الفقهاء المختلفة بموضوعية تامة دون تحيز لرأي معين، مع ابداء رأي الباحث في المسائل التي تتطلب ذلك.
إشكالية البحث في ظل غموض الوصف القانوني الذي يحكم العلاقة التي تنشأ بين المتعاملين في البطاقات الائتمانية، خاصة مع الانتشار الواسع وانخراط الكثير من الأفراد في استخدامها يأتي هذا البحث للإجابة على الإشكالية التي تتمثل في الآتي: ما هي الضوابط القانونية التي تحكم عمليات التعامل ببطاقات الائتمان في فلسطين؟
مخطط البحث في ضوء ما تقدم، تم تقسيم البحث إلى مبحثين: يهدف المبحث الأول إلى توضيح النظام القانوني لعمل بطاقات الائتمان وذلك في مطلبين؛ يخصص المطلب الأول لدراسة الروابط القانونية لأطراف بطاقات الائتمان، بينما يخصص المطلب الثاني لتناول ضوابط وشروط استخدام بطاقات الائتمان. أما المبحث الثاني فيناقش التكييف القانوني لبطاقات الائتمان والالتزامات القانونية المترتبة على استخدامها؛ حيث يتناول المطلب الأول التكييف القانوني لبطاقات الائتمان، ويتناول المطلب الثاني الالتزامات القانونية المترتبة على استخدامها.
المبحث الأول: مبدأ عمل بطاقات الائتمان لا بد للباحث من توضيح الوسط القانوني الذي يدور حول بطاقات الائتمان باعتباره الأساس الذي يحكم وينظم التعامل بها. الأمر الذي استدعى من الباحث الوقوف هنا جلياً للإحاطة بمبدأ عمل بطاقات الائتمان، ولتدشين ذلك يستوجب على الباحث تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين: بحيث يُخَصَص المطلب الأول: لدراسة الروابط القانونية لأطراف بطاقات الائتمان، والمطلب الثاني: يتناول ضوابط وشروط استخدام بطاقات الائتمان. المطلب الأول: الروابط القانونية لأطراف بطاقات الائتمان إن بطاقات الائتمان تضم في ثناياها عدة روابط قانونية أساسية، لتشكل في التحامها نظام الدفع الذي ترتكز عليه بطاقات الائتمان، حيث تتمثل هذه الروابط القانونية بالأطراف الرئيسة المكونة لعقد بطاقات الائتمان والتي تتمثل في؛ مُصدر البطاقة، حامل البطاقة، التاجر، المركز العالمي للبطاقة، المصرف المُحَصِل، مصرف التسوية الدولي. أولاً: مُصدِر البطاقة والمركز العالمي لها: مُصدِر البطاقة هي مؤسسة مالية أو تجارية تُصدِر البطاقة بعد حصولها على ترخيص لذلك مِن قِبل المنظمة العالمية وعادةً ما تكون بنك. فبعد أن يبدي العميل رغبته في اقتناء هذه البطاقة وبعد دفعِه لرسوم اشتراك سنوي لقاء ذلك، تقوم الجهة المُصدِرة للبطاقة باصدارها له لتكون سارية المفعول لمدة معينة بحث تتجدد صلاحيتها بشكل تلقائي ما لم يطالب العميل بعكس ذلك. وكذلك تقوم الجهة المُصدِرة بعقد اتفاق مع التجار المحليين للموافقة على عمليات البيع التي تتم باستخدام هذه البطاقة. أما المركز العالمي للبطاقة فهو عبارة عن المنظمة أو الهيئة الدولية الراعية للبطاقة والتي تمنح الترخيص للبنوك في جميع أنحاء العالم على اصدار هذه البطاقة، ومن أمثلتها Master Card و Visa Card، ومن مهامها الأساسية؛ التأكد من مصداقية بيانات البطاقة، ضمان توافر السقف الكافي لعملية السحب النقدي و دفع أثمان المشتريات، والمقاصة بين البنوك، وتقسيم العمولات المُستحقة لكل منها. وفي هذا الصدد نشير إلى المادة (13/1/ب) من قرار بقانون بشأن المصارف رقم (9) لسنة (2010)، والتي نصت على جوازية قيام البنوك بالعمليات الائتمانية والتي من ضمنها بطاقات الائتمان حيث يرى الباحث أن هذا النص لا يحصر اصدار بطاقات الائتمان وذلك لأن النص جاء على سبيل الجوازية وليس على سبيل الحصر للبنوك فقط، ويرى الباحث أن المشرع لم يكن موفقاً في هذا النص فقد كان الأولى به ايراد نص أن العمليات الائتمانية بشكل عام تتم من خلال البنوك فقط وإذا أراد السماح لبعض المؤسسات بالقيام ببعض العمليات الائتمانية يكون السماح لها على سبيل الاستثناء وبتحديد نوع العملية الائتمانية كمؤسسات الإقراض التي يسمح لها فقط بالإقراض ومؤسسات التأجير التمويلي التي يسمح لها بعملية التأجير التمويلي فقط. ثانياً: حامل البطاقة: قد يكون شخص طبيعي حيث تَصْدُر البطاقة باسمه ويُطلق عليه حامل البطاقة، وقد يكون شخص اعتباري يُخَوَلْ باستخدام البطاقة ويُطلق عليه مُسْتَخدِم البطاقة. حَيثُ تَصدُر له البطاقة بعد دراسة الجهة المُصدِرة لطلبه والموافقة على منحه البطاقة. ثالثاً: بنك التاجر ومصرف التسوية الدولي: بنك التاجر هو المصرِف المُحَصِل لأنه يعمل على تحصيل قيمة مبيعات التاجر نيابة عنه من المَصرِف المُصدِر للبطاقة، ويعمل على إدارة مجموعة التجار الذين قد تعاقد معهم لقبول البطاقة وكذلك على تزويدهم باحتياجاتهم من معلومات وأجهزة. ويُعتَبَر هو البنك المخول بتسويق بطاقات الائتمان. كما يُعَد مصرف التسوية الدولي هو الجهة التي تتولى تسوية الحسابات بين مُصدِر البطاقة ومصرف التاجر وصاحب العلامة التجارية. يرى الباحث أن الأطراف المتعاملة ببطاقة الائتمان والتي تشمل كل من مُصدِر البطاقة، وحامل البطاقة، والتاجر، هي اللُبُنة الأساسية التي تنتج منها العلاقات التعاقدية لبطاقات الائتمان والتي تشكل في نهايتها عقد بطاقة الائتمان، وبالتالي فإن الطبيعة القانونية لعقد بطاقة الائتمان ما هي إلا نتاج لوجود هذه الأطراف الثلاثة، فبدون الأطراف الثلاثة لا يمكن أن يتشكل هذا العقد ولا يمكن إضفاء الطابع القانوني عليه والتعرف على ماهيته ونوعه وما يرتبط به.
المطلب الثاني: ضوابط وشروط استخدام بطاقات الائتمان لكل شيءٍ ضوابطه حتى يتم احكامه واتقانه على الوجه الصحيح، فلما اُبْتُدِعَتْ بطاقات الائتمان؛ كان لا بد من تحقيق مجموعة من الضوابط حتى يقع الحكم صحيحاً وحتى لا يختلط الأمر بغيره وذلك عن طريق تطبيق بعض الإجراءات والوسائل، وهنا يأتي هذا المطلب لتوضيح الضوابط والشروط الرقابية لبطاقات الائتمان ليتم تفسيرها بالشكل القانوني المعهود.
أولاً: الضوابط الرقابية بالنسبة للمُصدِر: يجري البنك قبل اصدار البطاقة دراسة ائتمانية حول العميل للتأكد من مقدرته المالية على الوفاء بالإلتزامات ويقوم بالتحري حول سُمعته المالية. ثم يتم التأكد من استكمال جميع البيانات المتعلقة بالعميل، وكذلك التأكد من وجود توقيع العميل على نموذج الحصول على البطاقة، ويقوم البنك بالتأكد من شخصية العميل نفسه وذلك من خلال المطابقة مع الصور، ويتم بعد ذلك اثبات طلب العميل ضمن سجلات متابعة طلبات الإصدار في قسم التسهيلات الائتمانية، حيث يقوم قسم التسهيلات الائتمانية المتواجد داخل البنك بطلب بعض الضمانات ليجري على أساسها منح البطاقة للعميل وتحديد السقف الائتماني لها، ثم يَشْرَع البنك لتنفيذ عملية انتقائية دقيقة لأولئك التجار الذين يقومون بتقديم السلع والخدمات لتلبية حاجات حامل البطاقة.
ثانياً: الضوابط الرقابية بالنسبة لحامل البطاقة: يتوجب على الحامل المحافظة على البطاقة من الضياع، وفي حال فقدها يتوجب الإبلاغ عن ذلك بشكل فوري هاتفياً ومن ثم تعزيزه بخطاب مكتوب، كذلك الإلتزام باستخدام البطاقة ضمن الأغراض المخصصة لها، وضمن الحد الأقصى المسموح لها، وابلاغ البنك المُصدِر للبطاقة عن التجار الذين يرفضون التعامل بالبطاقة والذين يبيعون بسعر أعلى بموجبها، يتوجب عليه عدم استخدام البطاقة التي يُصدِرها بنوك اسلامية في معاملات محرمة، وإذا تم مخالفة ذلك فإن البنك لن يتكفل بسداد قيمتها، كما يجب الاحتفاظ بصور القسائم التي من خلالها يقوم بعملية الشراء، ليتم مراجعتها على كشف الحساب الذي يرد إليه من البنك، وعند قيام التاجر بتسجيل بيانات البطاقة على الإشعار يتوجب على الحامل الإنتباه جيداً، وكذلك عند كتابته للمبلغ قبل التوقيع عليه، كذلك سرعة الرد على البنك المُصدِر، والعمل على تغطية الحساب بشكل فوري في حال وصوله إلى الحد الأدنى، والإلتزام بسداد المطلوب منه.
ثالثاً: الضوابط الرقابية بالنسبة للتاجر يتوجب على التاجر التأكد من صحة البطاقة وعدم وجود أي تزوير فيها، فيقوم بالتدقيق في أرقام البطاقة، وتاريخ انتهائها، وكذلك اسم حامل البطاقة وتكون الحروف بارزة وبنفس المستوى، وتواجد توقيع حامل البطاقة في المكان الخاص بذلك ومقارنة التوقيع المتواجد على البطاقة بالتوقيع على الأصل للتأكد من عدم وجود أي تلاعب. وفي حال تجاوزت قيمة المبيعات المبلغ المُحدد لها، يطلب التاجر من البنك المُصدر منحه إذن البيع بها، وعند موافقة البنك المُصدِر يتم تزويد التاجر برقم خاص ليُسجله على السند في المكان المخصص لذلك، وفي حال عدم موافقة البنك المُصدِر منح التاجر صلاحية البيع يقوم البنك بتزويد التاجر بالتعليمات والإجراءات التي ينبغي التعامل بها.
ومن الضوابط العامة لإصدار بطاقات الائتمان: 1. لقاء قيام البنك بمنح العميل بطاقة ائتمانية فإن الأخير يقوم بدفع رسوماً للحصول عليها أو لتجديدها، وتأتي هذه الرسوم لتغطية تكاليف طباعة البطاقة واصدارها من قِبل البنك، وفي بعض الأحيان لا يُحَمِلْ البنك عملائه هذه الرسوم لهدف الترويج للبطاقة، أو في بعض الأحيان إذا كان العملاء من الشخصيات المرموقة.
2. يُمكِن لحامل البطاقة الحصول على بطاقات إضافية لزوجته أو أبنائه ويتم التعامل مع هذه البطاقات الإضافية بالأسلوب المماثل للبطاقة الأصلية، وقد أكدت على ذلك المادة (10) من الشروط والأحكام المرفقة لطلبات بطاقات الائتمان لدى بنك فلسطين والتي نصت على ” للبنك – بمحض اختياره – أن يصدر بطاقة أو بطاقات إضافية، بناء على طلبي لغايات استعمالها من قبل زوجتي و/أو أولادي، وأنني أعتبر نفسي مسؤلاً وملتزماً بكافة المبالغ المسحوبة بموجبها وتغطية أي سحوبات مستحقة عليها “. 3. إذا اتضح للبنك سوء استخدام البطاقة من قِبل حاملها وعدم الوفاء بالتزاماته؛ للبنك مُصدِر البطاقة الحق في ايقافها أو الغائها ويتم إبلاغ كافة التجار بذلك، وفي حال تعامل أحد التجار ببطاقة موقوفة فإن البنك غير ملزم بدفع المبالغ المستحقة، ويستطيع حامل البطاقة طلب الغائها في أي وقت. 4. يستوفي البنك المبالغ المُستحقة التي دفعها للتجار من حامل البطاقة عن طريق الخصم من الحساب الجاري، أو من خلال ارسال كشف مطالبة في نهاية كل شهر بالمبلغ المُستحق عليه، وفي حال تخلف عن السداد يفرض عليه دفع فوائد حسب العقد المبرم.
كما أن هنالك شروط معينة تُفرَض على حامل البطاقة الائتمانية عند استخدامها تتفق العقود جميعها عليها وتنص على ذلك بشكل صريح، تتمحور هذه الشروط حول اقتصار استخدام البطاقة على حاملها، وخلال فترة صلاحيتها وضمن الحدود الائتمانية المُتفق عليها، ولأن استخدامها مقصورٌ على حاملها فإنه يتحتم وجود توقيعه على البطاقة الائتمانية وبموجب ذلك يتحقق التاجر من المطابقة بين توقيع حامل البطاقة عليها وتوقيعه على الفواتير، وبذلك يلتزم حاملها باستخدامها لصالحه هو وذويه، دون أن يستخدمها لصالح الغير؛ لأن استخدامها لحاجات الغير يؤدي إلى ازدياد حجم العمليات المتعلقة بالبطاقة وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة المخاطر التي تتعرض لها الجهة المُصدِرة بالإضافة إلى زيادة الأعباء الإدارية والمالية الناتجة عن ادارة هذه العمليات، وهذا قد يستدعي الجهة المُصدرة إلى سحب البطاقة أو الغائها قبل انتهاء فترة صلاحيتها في بعض الأحيان. كما يتوجب على حامل البطاقة إعادة البطاقة إلى الجهة المُصدِرة في حال انتهاء فترة صلاحيتها، وكذلك في حال حصوله على إخطار الالغاء وإلا يُعتبر مسؤولاً عن تعويض الجهة المُصدِرة عما أصاب البطاقة من ضرر نتيجة سوء استخدامها، علاوةً على تعرضه للمسؤولية الجنائية، وذلك على اعتبار أن البطاقة تعتبر ملكاً للبنك، فإن إعادتها جاء على سبيل إعادة شيء ما مملوك لجهة معينة وذلك بإعادته لهذه الجهة المالكة له، وإن عدم إعادته يتسبب بفرض رسوم على حامل البطاقة وهذا ما أكدت عليه المادة (8) في الشروط والأحكام الواردة في اتفاقية الإنضمام لبطاقة الائتمان لدى البنك الإسلامي الفلسطيني، وكذلك المادة (11) في شروط الإنضمام لبطاقة الائتمان لدى بنك فلسطين.
وكذلك يتوجب على حامل البطاقة أن يستخدمها ضمن إمكانياته المالية وضمن الائتمان الممنوح له مِن قِبَل الجهة المُصدِرة، أما فيما يتعلق بالجهة المُصدِرة فإنها لا تضمن للتاجر بمُقتضى العقد سوى سداد مبلغ معين من المبيعات والمتفق عليه ضمن بنود العقد، وفي حال تجاوز التاجر هذا المبلغ فإنها غير ملزمة على ضمان المبلغ الإضافي إلا في حال وجود موافقة مسبقة تمنحها للتاجر بخصوص ذلك.
يرى الباحث أنه في إطار سعي مُصدِر البطاقة (البنك) نحو تطوير خدماته المالية عن طريق تقديم خدمات الدفع الإلكتروني باستخدام البطاقات الائتمانية، يتطلب ذلك ضرورة تحديد ضوابط خاصة بآلية التعامل ببطاقات الائتمان التي من شأنها أن تضمن حقوق أطراف المتعاملين بها وتبين ما عليهم من التزامات. بالإضافة لمعرفة الاجراءات التي من شأنها أن تحد من وقوع جرائم بطاقات الائتمان، ومعرفة طرق علاجها في حال وقوعها. كما ويرى الباحث بأن صياغة هذه الضوابط والشروط لا بد أن يتم بشكل واضح وصريح من قبل سلطة النقد الفلسطينية- باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم عمليات البنوك، وذلك لكثرة انتشار التعامل ببطاقات الائتمان ولتشعب مستخدميها.
المبحث الثاني: التكييف القانوني لبطاقات الائتمان والالتزامات القانونية المترتبة على استخدامها تعتبر الروابط القانونية التي تجمع بين أطراف عقد بطاقة الائتمان هي الركيزة التي تشكل في مجموعها العملية الائتمانية، كونها تُرَتِب التزامات في ذمم المتعاقدين. لذلك، سيقوم الباحث في هذا المبحث بتسليط الضوء على طبيعة التكييف القانوني لعقد بطاقة الائتمان وذلك في المطلب الأول، وستكون التزامات أطراف عقد بطاقة الائتمان هي محطة الدراسة في المطلب الثاني.
المطلب الأول: التكييف القانوني لبطاقات الائتمان
يُعزى تعدد وجهات النظر حول الطبيعة والأساس القانوني لنظام بطاقات الائتمان إلى تعدد الأطراف المرتبطة بالنظام القانوني لبطاقات الائتمان، بينما أعزاه البعض إلى تشابك وتداخل العلاقات القانونية التي تجمع بين أطراف هذا النظام على الرغم من استقلال كل علاقة على حدة. بَيْدَ أن تحديد النظام القانوني لبطاقات الائتمان يتطلب منا البحث في اتجاهين اثنين وهما إما إرساء هذا النظام إلى نظام قانوني قائم كعقد القرض أو إرسائه إلى نظام قانوني حديث خاص ببطاقات الائتمان يحكمها ويضبطها وينظم العلاقات الناجمة عنها، وقبل الخوض في ذلك لا بد من الأخذ بالإعتبار السمات الأساسية لنظام بطاقات الائتمان، حيث أن التزام الجهة المُصدِرة بالسداد للتاجر هو التزام مستقل وقائم بذاته وكذلك بالنسبة لإلتزام الحامل تجاه الجهة المُصدِرة والتزام التاجر تجاه حامل البطاقة، لذلك سيقوم الباحث في هذا المطلب بعرض أهم الإتجاهات الفقهية التي وردت حول تحديد الطبيعة القانونية لبطاقات الائتمان، مع تبيان نقاط الإلتقاء والإختلاف فيما بينها ومن ثم عرض لرأي الباحث بهذا الخصوص.
أولاً: القرض وبطاقات الائتمان يأخذ عقد القرض شكل التزام متبادل بين طرفين بهدف دفع الطرف الأول (الدائن) مبلغ محدد من المال للطرف الثاني (المدين) على أن يقوم بسداده بعد أجل معين يتم الإتفاق عليه، ويكون أساس الإقراض وجود الثقة بين الأفراد. والقروض البنكية أو الائتمانية عبارة عن نوع من الثقة يمنحها البنك لعميله بحيث يضع تحت تصرف العميل مبلغاً محدداً من المال ليتم استخدامه لغرض معين ضمن فترة محددة، وذلك لقاء أن يحصل البنك على فائدة يتم الإتفاق على نسبتها فيما بينهم ويقوم المقترض بتقديم مجموعة من الضمانات للبنك حتى يتمكن من استرداد أمواله في حال تخلف العميل المقترض عن السداد.
يميل جانب من الفقهاء إلى أن العلاقة التي تنشأ بين الجهة المُصدِرة للبطاقة وبين حاملها هي علاقة عقد قرض حيث أن الجهة المُصدِرة تقوم بإقراض حامل البطاقة مبلغاً معيناً من المال حتى يستطيع استخدامه في الحصول على السلع والخدمات التي يرغب بها من التاجر. حينها فإن للجهة المُصدِرة صلاحية مراقبة طريقة استخدام هذا المال، وفي حال الإخلال بالعقد فإن قدرة حامل البطاقة على السداد قد تتزعزع وبالتالي فإن للجهة المُصدرة الحق بمطالبة القرض وفسخ العقد. وكيفها بعضهم على أنها علاقة عقد قرض سواء استلم حامل البطاقة القرض بعينه كما في حالة السحب النقدي، أو كان قرضاً لحامل البطاقة يستحقه طرف ثالث لقاء ثمن السلع والخدمات التي قدمها لحامل البطاقة ضمن سقف معين وبناءً على اتفاق مسبق بينهما.
ويرى جانب آخر أن حامل البطاقة ومُصدِرها يتعاقدان على أساس أن يقدم مُصدر البطاقة لحاملها قرضاً نقدياً حسب الشروط الواردة في العقد ويوافق عليها الطرفين، حيث أن المبلغ الذي يقدمه مُصدر البطاقة لحاملها يُعتبر هو الغرض في هذا العقد والذي يمكن حامل البطاقة من الحصول على احتياجاته على شكل قرض مفتوح حتى يبلغ نهايته، فإذا قام حامل البطاقة بتسديد المبلغ كاملاً أو مقسطاً أثناء فترة صلاحية البطاقة منح حامل البطاقة قرضاً جديداً، ويعد للمقرض حق فسخ العقد وطلب القرض فوراً في حال مخالفة المقترض لغرض العقد.
إلا أن هنالك العديد من الانتقادات التي وجهت للقول سابق الذكر، والذهاب بعدم إمكانية اعتبار هذه العلاقة من قبيل علاقة عقد القرض، ومن أهم الإنتقادات التي وجهت له: 1. إن عقد القرض يوجب أن يستلم المقترض مبلغ القرض وهو ما لا يتواجد في عقد بطاقة الائتمان، لا سيما عند استخدام حامل البطاقة لبطاقته في شراء السلع والخدمات. وقد أشار جمهور الفقهاء إلى أن القرض يُملك بالقبض. 2. في عقد بطاقة الائتمان يقوم المقرض (الجهة المصدرة للبطاقة) بدفع المال عن المقترض (حامل البطاقة) إلى التاجر لأنه مديناً للتاجر بقيمة السلع والخدمات التي حصل عليها منه. وبدوره يعمل التاجر على تدوين هذه القيم ضمن البيانات الخاصة بحامل البطاقة ولاحقاً يقوم باستيفائها من الجهة المُصدرة للبطاقة. 3. إن مفهوم الائتمان أشمل وأوسع من القرض، فالأخير لا يعد أساساً لبطاقة الائتمان ولا يرقى لأن يكون الطابع الأساسي لها. علاوة على ذلك، فإن عقد القرض قائم على علاقة ثنائية الأطراف بين المقرض والمقترض فقط وعلاقتهما منفصلة عن الغير، ومنذ تاريخ توقيع العقد ينشأ الوفاء بالقرض وفقاً لشروط العقد. بالمقابل، فإن بطاقة الائتمان قائمة على علاقة ثلاثية بين الجهة المُصدرة للبطاقة والعميل سواء كان حامل البطاقة أو التاجر. بالإضافة إلى أن التسهيل الائتماني الممنوح لحامل البطاقة لا يتم اعتباره قرضاً حقيقياً من الجهة المُصدرة للبطاقة وإنما وسيلة للوفاء بالائتمان، حيث يقوم الأخير بتبرير الوفاء السابق على الإتفاق. 4. لا يمتلك عقد القرض صفة التجديد، فبمجرد استنفاذه من قبل المقترض لا بد من عقد جديد، في حين أن حامل البطاقة لا يقوم بتجديد الاتفاق مع الجهة المُصدرة للبطاقة وإنما يقوم بتمديد العقد لمدة سنة ويتجدد تلقائياً في حال عدم اعتراض أحد الأطراف عليه. بعد دراسة وجهة النظر التي ترى بتطابق عقد القرض مع عقد بطاقة الائتمان وفي اختلافهما عن بعضهما البعض، يرى الباحث أن عقد القرض مختلف تماماً عن عقد بطاقة الائتمان فعقد القرض هو عبارة عن عقد بمبلغ محدد لمرة واحدة لا يتم تجديده إلا بعقد جديد وهو مُبرم بين المُقرِض والمُقترِض، بينما عقد بطاقة الائتمان قائم على منح الثقة الائتمانية المتجددة التي طالما التزم حامل البطاقة بشروطها تبقى مستمرة بينهم وهو قائم على عدة عقود كما أسلفنا سابقاً، فهو قائم على عقد ما بين المُصدِر والحامل، وعقد ما بين الحامل والتاجر، وعقد ما بين التاجر والمُصدِر وهنا جوهر الاختلاف فيما بين العقدين فالمصرف يقوم بالسداد للتاجر عند استخدام البطاقة أو بعد استخدام البطاقة وفقاً للعقد المُبرم بينه وبين التاجر بينما في عقد القرض فإن البنك المُقرِض يقوم بإقراض المقترض فقط ولا يدخل في علاقات مع أطراف أخرى حتى وإن قام بالدفع لطرف ثالث على سبيل الوفاة فإن السداد هنا يكون وفقاً لعقد القرض المُبرم فيما بين المُقرض والمُقترض. كما أن اصدار بطاقة الائتمان نكون من قبل البنوك والمؤسسات المصرفية فقط، إلا أنه وبعد الرجوع إلى الأحكام العامة لعقد القرض فإنه من الممكن أن يكون عقد القرض مُبرم بين شخصين مُقرِض ومُقترِض دون الحاجة لمؤسسة مصرفية. وعليه، يرى الباحث أن عقد بطاقة الائتمان هو عقد مستقل بذاته يختلف عن عقد القرض لا يمكن إدماج عقد القرض ضمنه ولا يُمكن مطابقتهما مع بعضهما البعض فعقد بطاقة الائتمان هو عقد من نوع خاص حديث العهد. ثانياً: فتح الاعتماد وبطاقات الائتمان لقد عرفت التشريعات عقد فتح الإعتماد بأنه ” عقد يلتزم البنك بمقتضاه بأن يضع تحت تصرف العميل مبلغاً معيناً من النقود ويكون للعميل حق صرفه دفعةً واحدة أو على دفعات ولقاء فتح الاعتماد يلتزم العميل بأداء العمولة المتفق عليها “. ذَهَبَ بعض الفقهاء إلى أن العلاقة التي تربط مُصدر البطاقة بحاملها تمثل عقد فتح اعتماد على اعتبار أن عقد فتح الإعتماد يتطابق مع عقد حامل البطاقة حيث يتعهد مُصدر البطاقة بأن يضع تحت تصرف حاملها أداة من أدوات الائتمان والتي تتمثل ببطاقة الائتمان وذلك ضمن سقف معين مسموح به يُمَكِن الحامل من القيام بعمليات الشراء خلاله. وبالتالي فإن هذا النوع من العقود يتيح لحامل البطاقة أن يستفيد من الإعتماد الممنوح له وفقاً للشروط المتفق عليها ويتعهد مُصدر البطاقة وفقاً للعقد المبرم بينه وبين حامل البطاقة. كذلك يرى آخرون بأن عقد فتح الإعتماد ينطبق على حامل البطاقة من خلال صورتين؛ الأولى: عند قيام حامل البطاقة بالشراء من التاجر فإنه يتمتع بمهلة للسداد للجهة المُصدرة للبطاقة ما بين استخدامه للبطاقة وتاريخ إعداد البيان الشهري. أما الصورة الثانية: عند قيام حامل البطاقة بفتح حساب جاري دائن لدى الجهة المُصدرة للبطاقة. لكن إذا لم يتم تغذية الحساب بمبلغ كافٍ يتوجب على العميل دفع غرامة بنسبة معينة يتم الإتفاق عليها في العقد الموقع بين العميل والمُصدر البطاقة. على الرغم من وجهة الرأي التي وجدت بأن العلاقة التي تربط الجهة المُصدرة للبطاقة بحاملها هي عقد فتح اعتماد لم تسلم أيضاً من الانتقادات التي وجهت لها، وكان من أبرزها: 1. تُعد الجهة المُصدِرة للبطاقة مديناً مباشراً للتاجر وليس طرفاً ثالثاً يضع تحت تصرف المدين مبلغاً من المال لتسديد ديونه لذلك يتعارض عقد فتح الاعتماد مع علاقة مُصدر البطاقة بحاملها، ولا يصح القول بأن عقد فتح الإعتماد أساس قانوني لعقد بطاقة الائتمان. 2. عقد فتح الإعتماد هو عقد رضائي، فبمجرد اتفاق الطرفين ينعقد هذا النوع من العقود ولا يستلزم الأمر شكلاً لإنعقاده. بينما عقد بطاقة الائتمان المبرم بين الجهة المُصدرة وحامل البطاقة يتطلب من الشخص توقيع نموذج مسبقاً يسمى طلب الإنضمام وذلك وفقاً للأعراف المصرفية حتى وإن كان عقداً رضائياً. 3. يحتوي عقد بطاقة الائتمان نصوصاً تلزم حامل البطاقة بالتأكد من وجود رصيد كافٍ وقابل للتصرف عند قيد المديونية وبجانبه نتيجة استعماله لبطاقته في تنفيذ مشترياته، بالمقابل فإن هذا لا يشترط في عقد فتح الإعتماد المالي، لأن البنك هو من يغذي حساب العميل وليس كما يفعل الحامل في بطاقة الدفع. بعد مطابقة عقد فتح الاعتماد مع عقد بطاقة الائتمان نجد أن هناك رأيان، أحدهما يرى أن عقد فتح الاعتماد هو عقد بطاقة الائتمان والآخر يرى أن العقدان يختلفان عن بعضهما البعض. وعليه يرى الباحث أن عقد فتح الاعتماد وعقد بطاقة الائتمان هما عقدان مختلفان حتى وإن حصل بعض التشابه بينهما، فعقد فتح الاعتماد لا يستلزم تغذية الحساب من قِبل المستفيد (العميل) بل يقوم المصرف بذلك، كما أن عقد فتح الاعتماد يتم إبرامه مباشرة عند الإتفاق، كما أنه في عقد فتح الاعتماد يقوم المصرف بوضع مبلغاً من المال تحت تصرف المدين ليسدد بها ديونه، أما عقد بطاقة الائتمان فإن المصرف يكون مدين للتاجر وبشكل مباشر بعد استخدام البطاقة وذلك بموجب العقد المبرم ما بينه وبين التاجر، كما أن عقد بطاقة الائتمان يحتاج إلى طلب انضمام للعملية الائتمانية وبذلك هو مختلف عن عقد فتح الاعتماد فهو عقد من نوع خاص استحدثه العرف المصرفي الدولي ولا يمكن تطبيق أحكام عقد فتح الاعتماد عليه فهو له شروطه وطرق التعامل به والأنظمة الخاصة به وفقاً للعرف المصرفي. وآنفاً لما تم ذكره في مُسْتَهَل هذا المطلب، فقد اختلفت الآراء حول صور التكييف القانوني لبطاقات الائتمان. فكان من بينها أنه قد تم تكييفها على أنها عقد توريد، أو عقد تزويد، أو عقد انضمام، أو اشتراط لمصلحة الغير، أو النقود الالكترونية. إلا أن الباحث قد تناول أبرز وأهم صور التكييف القانوني لهذا العقد كون هذه الصور من العقود هي الأكثر استخداماً بين الأفراد. على الرغم من تشعب الآراء التي قيلت بشأن الطبيعة القانونية لعقد بطاقة الإئتمان، إلا أن خلاصة القول تكمن في أن جميع العقود سالفة الذكر قد عجزت عن تحديد هذه الطبيعة القانونية، ونتيجة لذلك فإن الباحث يرى بعدم نسبتها إلى أي من هذه العقود، وأنه يمكن القول بأن عقد بطاقات الإئتمان ذو طبيعة قانونية خاصة به، يختلف عما سواه، حيث أن بطاقات الائتمان هي في الأصل من عمليات البنوك التي استحدثها العرف المصرفي والمؤسسات المصرفية الدولية. وعليه، فإنه من الصعب أن يتم رده إلى أحد عقود القانون المعروفة، وذلك نظراً لتطور وحداثة عقد بطاقة الإئتمان الأمر الذي من شأنه أن نسنده كغيره من عمليات المصارف إلى الأعراف المصرفية. وتعزيزاً لرأي الباحث، ما قضت به محكمة بداية حقوق عمان، في القضية رقم 3381 لسنة 2007 بأن قواعد القانون المدني هي قواعد قديمة وجامدة وغير متطورة، وهذا إن دَلَّ على شيء فإنما يَدُلُ على عدم تنظيم عقد بطاقات الائتمان في قانون التجارة الأردني وعدم الإشارة إليه. كما وأنها لم تقصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد في القانون المدني الأردني بل يجب مراعاة أسس وقواعد العرف المصرفي كونها أكثر مرونةً وتطوراً.
المطلب الثاني: الالتزامات القانونية المترتبة على استخدام بطاقات الائتمان أدى اتساع الحياة الاقتصادية إلى نشوء العديد من المعاملات المالية اليومية بين الأفراد وبالتالي كان هنالك تزايد في التزاماتهم تجاه بعضهم البعض حيث يُعد الالتزام واجباً قانونياً يجب احترامه، وهنا يأتي دور هذا المطلب بغية تسليط الضوء على الالتزامات المترتبة على كل من مُصدِر البطاقة والحامل والتاجر من الناحية القانونية.
أولاً: التزامات البنك مُصدِر البطاقة يُطلق على العلاقة التي تربط مُصدِر البطاقة وحاملها بعقد انضمام. كما يُعد هذا العقد بالنسبة لحامل البطاقة عقداً من عقود الإذعان، وبالرجوع إلى النماذج المُعدة من طرف بنك فلسطين والمتضمنة للشروط والأحكام المرفقة لطلبات الحصول على بطاقات الائتمان تبين في الشرط الأول أن الحامل أو المقدم لطلب الإنضمام يوقع على الشرط الأول والذي جاء فيه ما يلي (أنا/نحن، الموقع/الموقعون أدناه والمشار إليه فيما بعد حامل البطاقة أؤكد/نؤكد لكم موافقتنا على الشروط المبينة أدناه لاستخدام بطاقة الائتمان الأساسية أو التابعة المشار إليها فيما بعد بالبطاقة الصادرة عنكم).
يرى الباحث مما ورد أعلاه أن البنك المُصدِر هنا يعتبر هو الطرف المُذعِن في عقد بطاقة الائتمان (أي الطرف الذي يملي شروط العقد) وذلك بإجبار المنضم “حامل البطاقة” على القبول بكافة الشروط المُعدة سلفاً من قبل البنك مُصدِر البطاقة، لذلك كله يتوجب على حامل البطاقة قبول الشروط التي يحددها البنك المُصدر للبطاقة دون امتلاكه القدرة على مناقشة بنود العقد وأحكامه. وتتمثل التزامات البنك المُصدر للبطاقة تجاه حاملها بقيام البنك بفتح اعتماد واصدار البطاقة، حيث إن بداية بطاقة الائتمان كانت عبارة عن أداة وفاة أو بطاقة خصم إلا أن تطوير البطاقات البنكية أدى إلى جعلها بطاقة ائتمانية وذلك عن طريق دمج اصدار البطاقة بعملية فتح الاعتماد، فبدون فتح الاعتماد لدى المصرف مُصدِر البطاقة باسم الحامل لن تكون هناك عملية ائتمانية وبالتالي حتى تتحقق العملية الائتمانية يجب أن يقوم البنك باصدار بطاقة مصاحباً ذلك فتح اعتماد لدى المصرف للحامل نفسه، أما بالنسبة لفتح الاعتماد فإنه وبالرجوع إلى المادة (118) من قانون التجارة الأردني فقد عرفت الاعتماد المالي على أنه عقد يلتزم بمقتضاه المصرف (فاتح الاعتماد) أن يضع تحت تصرف المعتمد له مبلغاً من المال يحق للمعتمد له سحبه إما على دفعة واحدة أو عدة دفعات، وبتطبيق عقد بطاقة الائتمان على نص المادة المذكورة أعلاه يرى الباحث أن نص المادة قد رَتَبَ التزاماً في ذمة مُصدِر البطاقة ألا وهو فاتح الاعتماد، هذا الالتزام يتضمن وضع مبلغاً من النقود تحت تصرف حامل البطاقة (المعتمد له) وذلك عند تسليمه بطاقة الائتمان ليتسنى لحامل البطاقة سحب هذا المبلغ أو الشراء به سواء بدفعة واحدة أو دفعات كما ويتضمن فتح الاعتماد بهذه الصورة تحديد السقف السعري للاعتماد وطريقة سحبه.
كذلك التزام البنك بالوفاء بدين حامل البطاقة فبموجب هذا الالتزام يكون البنك مُصدِر البطاقة ملتزم بدفع مديونيات حامل البطاقة وفواتيره نتيجة استخدامه لبطاقة الائتمان، ففي حالة السداد قام الفقه بفصل الديون المترتبة على استخدام بطاقة الائتمان إلى نوعين؛ ديون يكون المُصدِر ضامناً لها في مواجهة التجار، وذلك عند استخدام الحامل للبطاقة في حدود السقف المسموح له ائتمانياً، أما الاستخدامات التي تتجاوز الحدود المسموح بها ائتمانياً فإن البنك يكون مسؤلاً عن هذه الديون بصفته وكيلاً عن الحامل بالسداد وأن الحامل ملزماً بالسداد للمصرف المُصدِر للبطاقة مضافاً إليها العمولات والفوائد المترتبة عليها.
ويرى الباحث خطأ هذه النظرية، فبطاقات الائتمان لا تسمح أساساً لحاملها بالسحب والاستخدام بالشكل الذي يتجاوز السقف الائتماني المسموح، وأحد أهم خصائص بطاقات الائتمان أن التزام البنك تجاه التاجر هو التزام أصيل، وبالتالي لا علاقة للتاجر بالسقف الممنوح للحامل فبمجرد مطابقة التاجر للفواتير المُقدمة من قبله للبنك المُصدِر ومطابقة صحتها فإن البنك المُصدِر للبطاقة ملزم بالسداد للتاجر.
كما وأن من أهم الالتزامات المترتبة على مُصدِر البطاقة والمرتبطة بالتزامٍ آخر يقع على عاتق حامل البطاقة هي وقف التعامل بالبطاقة فورَ تلقي بلاغ بسرقة البطاقة أو فقدانها، إذن فإن البنك مُلزم وبموجب البلاغ الوارد له من قبل الحامل وبأي وقتٍ يحدث ذلك بوقف عمل وابطال مفعول هذه البطاقة وبالتالي تصبح غير صالحة للاستعمال أو السحب أو ما شابه ذلك من أشكال استخدامها المتعددة. أما بالنسبة لقيمة فواتير السلع والخدمات المقدمة بعد الإبلاغ عن واقعة السرقة أو الضياع فإن البنك أو الجهة المُصدِرة تتحمل المسؤولية عن هذه المبالغ فور تلقيها الإبلاغ، وذلك لأنه من المفترض أن تقوم الجهة المُصدِرة بمطابقة التواقيع وتحري الدقة بها حتى وإن كانت الفواتير تحمل تاريخ سابق للإبلاغ، وذلك لأنه من السهل على المزورين تزوير التاريخ أما التوقيع فمن الصعب تزويره لذلك كان يتوجب على الجهة المُصدِرة توخي الدقة عند مضاهاة ومطابقة الفواتير، وبذلك فإن الجهة المُصدِرة ملزمة بسداد الفواتير المقدمة إليها بعد واقعة الإبلاغ والسرقة.
وبالرجوع إلى العقود المُبرمة فيما بين حامل البطاقة والبنوك وبالتحديد العقود الصادرة في النماذج المُعدَّة من قِبَل بنك فلسطين فإننا نجد أن الشرط الثالث والذي يتطلب توقيع حامل البطاقة عليه عند تقديمه طلب الانضمام، نجده ينص على ( إنني التزم كحامل للبطاقة في حال فقدانها و/أو سرقتها ابلاغ البنك أو أي مكتب لشركة ماستركارد/ فيزا في الخارج فوراً هاتفياً وتعزيز ذلك بكتاب خطي بفقدان أو سرقة البطاقة مع بقاء التزامي تجاه البنك بكافة المبالغ المترتبة على استعمال البطاقة حتى يوم العمل التالي من تاريخ الابلاغ بالفقدان أو السرقة كما أنني أتعهد بإبلاغ البنك خطياً فور العثور على البطاقة )،
يرى الباحث مما ورد أعلاه في الشروط أن البنك أو مُصدِر البطاقة ملتزم بتحمل الفواتير المُقدمة بعد واقعة السرقة أو الفقدان ولكنه أدرج شرطاً يُعفيه من المسؤولية في المدة الواقعة ما بين أيام العمل الرسمي والإبلاغ عن واقعة الفقدان أو السرقة فقد يكون الحامل قد أبلغ بالسرقة أو الفقدان في الساعة الرابعة بعد انتهاء الدوام الرسمي للمُصدِر يوم الخميس وتكون أيام الجمعة والسبت عطلة رسمية وأن يوم الأحد هو يوم الدوام الرسمي فإن أي عملية إبلاغ تتم بعد الساعة الرابعة مساء الخميس وحتى الثامنة صباح الأحد فإن البنك يعفي نفسه من المسؤولية ويضعها على عاتق حامل البطاقة فور وقوع حادثة السرقة وبذلك يُعد شرطاً تعسفياً من الشروط التي ترد على بطاقات الائتمان.
ويختلف البنك الإسلامي الفلسطيني في ذلك عن بنك فلسطين ففي الشرط الثالث قد نص على أنه ( يلتزم العميل في حال فقدان و/أو سرقة بطاقته و/ أو نسخها إبلاغ الجهة المسؤولة في البنك على الأرقام المسجلة خلف البطاقة فوراً وهاتفياً، وتعزيز ذلك بكتاب خطي بفقدان أو سرقة البطاقة، مع بقاء التزام العميل للبنك بكافة المبالغ المترتبة على استعمال البطاقة لحين ابلاغ البنك بالفقدان أو السرقة أو الاختراق، كما يلتزم العميل بإبلاغ البنك خطياً فور العثور على البطاقة )، حيث يُستنتج منه أن العميل مُعفى من أية عمليات تحدث فور الإبلاغ عن البطاقة وليس التزام العميل بالسداد عن المبالغ المستخدمة في العمليات المنفذة على البطاقة في الفترة الواقعة ما بين الإبلاغ وأول أيام الدوام الرسمي، فالعميل لدى بنك فلسطين تبقى مسؤوليته قائمة بعد الإبلاغ وحتى أول أيام الدوام الرسمي لدى البنك، أما العميل لدى البنك الإسلامي الفلسطيني فإن مسؤوليته تنتهي فور الإبلاغ. كما يلتزم أيضاً البنك مُصدِر البطاقة بالمحافظة على سرية بيانات حامل البطاقة.
أما فيما يتعلق بالعقد الذي ينظم العلاقة بين البنك مُصدِر البطاقة والتاجر يسمى بعقد المورد، حيث يتم إبرام هذا العقد بين البنك المُصدِر للبطاقة وبين التاجر الذي يعلن عن قبوله للتعامل ببطاقة الائتمان، فيلتزم البنك بالوفاء بقيمة مشتريات حامل البطاقة للتاجر حيث يُعد هذا الإلتزام أحد أهم الإلتزامات في ذمة البنك المُصدِر تجاه التاجر، وهو الهدف الأساسي من نظام الائتمان، حيث يلتزم بموجبه بسداد أثمان السلع والخدمات التي حصل عليها حامل البطاقة، ويعتبر هذا الإلتزام مستقلاً بذاته ومَصْدَرُهُ العقد المبرم فيما بين البنك والتاجر فلا يمكن للبنك المُصدِر الإمتناع عن الوفاء لأسباب تعزى إلى علاقته بالحامل كإعسار الأخير أو اخلاله بأحكام العقد.
ثانياً: التزامات حامل البطاقة كما سبق ذكره في مستهل هذا المطلب فإن عقد الإنضمام هو الذي يجمع بين حامل البطاقة ومُصدِرها وهو من العقود التي تَتَطَلْب توافر عنصري الإيجاب والقبول، وهو عقد مكتوب مُلْزِم للطرفين، والكتابة هنا وسيلة للإثبات لا للإنعقاد، وبالتالي يترتب عليه التزام حامل البطاقة بتقديم البيانات المطلوبة منه حيث يقوم هذا الالتزام على افصاح حامل البطاقة بكافة البيانات والمعلومات المطلوبة منه سواء البيانات الشخصية أو البيانات اللازمة لتنفيذ عقد الإنضمام فغالباً ما تقوم البنوك على منح الحامل سقف ائتماني معين بناءً على هذه المعلومات التي تحدد مدى ملائته المالية وبالتالي فإن هذه البيانات لها دور كبير في تحديد حجم السقف الائتماني ومدى التعاقد أساساً كما أن لهذه المعلومات والبيانات أهمية حتى بعد إبرام عقد الإنضمام للبطاقة وذلك من خلال استخدامها في تنفيذ العمليات الائتمانية وضمان حسن التنفيذ مثل ارسال كشوفات الفواتير وكشوفات استخدام بطاقة الائتمان إلى العنوان الصحيح وما شابه ذلك من عمليات.
وبالرجوع إلى الاتفاقيات المُبرمة فيما يخص البطاقات الائتمانية في النماذج الصادرة عن البنوك وبالتحديد من بنك فلسطين يرى الباحث أن البنوك تشترط أن يقر العميل بأن يقدم كافة المعلومات التي يطلبها البنك للإنضمام لبطاقة الائتمان واقرار منه بصحة هذه المعلومات ويوقع العميل على تفويض وذلك بمنح البنك الحق في التأكد من أي معلومات والبحث عن أي معلومات والاستفسار من أي جهة حول العميل. وبالنظر إلى ما نصت عليه الشروط الواردة في اتفاقيات البنوك نجد أن البنك قد ملك نفسه الحق في البحث والتحري حول العميل وذلك للتأكد من وضعه المالي والتأكد من المعلومات والبيانات المقدمة من قِبل العميل ومطابقة مدى صحتها، ويرى الباحث أن تفويض البنك نفسه هذا الشرط يعتبر تعسفاً بحق العميل كون البنك قد يتدخل في البيانات والمعلومات الخاصة بالعميل متجاوزاً الأهداف التي اشترط الحق في البحث والتحري لأجلها وهنا نحن أمام اساءة استخدام الصلاحية كون البنك يملك الصلاحية بالبحث والتحري حول العميل كيفما يشاء وبموجب اقرار العميل.
يلتزم حامل البطاقة أيضاً بالإستخدام الشخصي لها حيث يتسم عقد بطاقة الائتمان بالطابع الشخصي كون مُصدِر البطاقة يقوم بمنح البطاقة للحامل بناءً على الاعتبار الشخصي. كما يقوم مُصدِر البطاقة بإبلاغ حامل البطاقة بشكل فردي حول الرقم السري الخاص به والذي يلجأ إليه عند استخدام البطاقة للسحب أو الوفاء بالمال. أما في حال قيام مُصدِر البطاقة باصدار بطاقة الائتمان لشخص معنوي، ففي هذه الحالة يستطيع مديرها أو الشخص المفوض بحمل البطاقة القيام بكافة العمليات التي تتم بواسطة البطاقة، وعند اخلال حامل البطاقة بالتزامه كقيامه بإعارة البطاقة لشخص آخر يترتب عليه حق المُصدِر بسحب البطاقة كون الحامل أخل في شروط العقد والمسؤولية الملقاة على عاتقه، وبذلك يترتب الحق للمُصدِر في المطالبة بالتعويض عن أي ضرر يسببه استخدام البطاقة من الغير.
وبالرجوع إلى اتفاقيات البنوك بشأن البطاقات الائتمانية وبالتحديد اتفاقية بنك فلسطين، نجد أن البنك أو مُصدِر البطاقة يملك الحق في اصدار بطاقة أو عدة بطاقات لعدة أشخاص من أفراد أسرة الحامل بناءً على طلبه وأن الحامل للبطاقة يُعتبر مسؤولاً عن هذه العمليات التي تتم على البطاقات الائتمانية وبالرجوع إلى ما ذكر أعلاه نجد أن استخدام البطاقة من قبل أشخاص آخرون قد يكون مشرعاً وذلك بعلم البنك وطلب الحامل عن طريق اصدار عدة نسخ من البطاقة ذاتها، ويرى الباحث أنه وفي ظل التطور الحاصل لبطاقات الائتمان يستطيع أشخاص آخرون استخدامها بمجرد الحصول على البطاقة والرقم السري الخاص بها كون استخدام البطاقة لم يعد بحاجة إلى توقيع الحامل وضرورة مضاهاة التواقيع، فمن الممكن سحب النقود من أجهزة الصراف الآلي بمجرد إدخال البطاقة والرقم السري دون التأكد من شخصية حامل البطاقة كما يستطيع شراء السلع والخدمات بمجرد إظهارها متبوعة بالرقم السري لدى نقاط البيع المنتشرة دون الحاجة للتأكد من هوية الحامل، هذا التطور كله سمح باستخدام بطاقة الائتمان من قبل أشخاص آخرون ولكن كل هذه الاستخدامات تترتب في ذمة الحامل الأصلي للبطاقة طالما لم يكن هناك تبليغ بالسرقة أو الفقدان للبطاقة.
كما يلتزم الحامل بالمحافظة على الرقم السري للبطاقة والذي يلجأ إليه عند استخدام البطاقة لعمليات سحب المال من الأجهزة الآلية وكذلك عند تقديمها للتجار لشراء السلع والخدمات، فعند إلتزام حامل البطاقة بالمحافظة على الرقم السري يساعد ذلك في تقليل حالات الاستعمال غير المشروع للبطاقة في حال فقدانها أو سرقتها، كما أنه يقع على عاتق حامل البطاقة مسؤولية ضياع الرقم السري بجميع الأحوال.
وبالرجوع إلى الشروط والأحكام المتعلقة ببطاقات الائتمان والواردة في اتفاقية بنك فلسطين، نجد أن البنك قد اشترط وبشكل صريح بضرورة التزام حامل البطاقة بالمحافظة على الرقم السري واتخاذ كافة الاجراءات والاحتياطات اللازمة للمحافظة عليه وعلى أهمية سريته. لذلك، نجد بأن كل هذه الشروط تؤكد على مسؤولية الحامل والتزاماته تجاه المصرف مُصدِر البطاقة في المحافظة على الرقم السري وأن فقدان الرقم السري أو حصول أشخاص آخرون عليه يكون تحت مسؤولية حامل البطاقة، فإن أي استخدام يتم على البطاقة يرتب التزاماً في ذمة الحامل ويكون على نفقته، إضافة إلى التزامه بالإبلاغ الفوري للمُصدِر حول ضياع البطاقة أو سرقتها.
كما يلتزم حامل البطاقة بسداد جميع المبالغ التي نَجَمَتْ عن استخدامه لبطاقة الائتمان والتي تتمثل في؛ المسحوبات النقدية التي سحبها بشكل مباشر من خلال البطاقة وكذلك في الرسوم والمصاريف الإدارية المتعلقة بإصدار البطاقة وتجديدها، ويتم السداد وفقاً لبنود العقد التي تم الإتفاق عليها، وفي حال التأخر عن السداد يترتب على حامل البطاقة دفع فائدة على ذلك.
أما فيما يخص العلاقة بين حامل البطاقة والتاجر فإنها تنشأ نتيجة علاقتين؛ الأولى تلك التي تربط بين مُصدِر البطاقة والحامل والثانية تلك العلاقة التي تربط بين مُصدِر البطاقة والتاجر، ولا يوجد عقد أو اتفاق مكتوب بشكل مسبق بين حامل البطاقة والتاجر، وعليه يُعتبر عقد البيع أو عقد تقديم الخدمة هو العقد الذي ينظم العلاقة بين حامل البطاقة والتاجر. وبذلك يستطيع الحامل استخدام البطاقة لشراء السلع والخدمات من التاجر دون الحاجة إلى الوفاء نقداً بقيمة المشتريات ويُعَدْ هذا العنصر هو حلقة الوصل الذي يربط هذه العلاقة بالنظام القانوني لبطاقة الائتمان. ونتيجةً لذلك يلتزم حامل البطاقة تجاه التاجر ويبقى هذا الإلتزام مستمراً ولا يزول بمجرد توقيع الحامل على الفاتورة أو بالتوقيع الالكتروني أو بإدخال الرقم السري على الآلة، وإنما يستمر لحين السداد الفعلي مِن قِبَل مُصدِر البطاقة وإلا يعتبر من حق التاجر الرجوع مباشرة على حامل البطاقة وفقاً للعقد المبرم بينهما.
ثالثاً: إلتزامات التاجر تباعاً لما تم إيضاحه في بداية المطلب فإن عقد التوريد هو العقد الذي يحكم العلاقة بين التاجر ومُصدِر البطاقة، يُعْتَبَر هذا العقد من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي فللبنك أو مُصدِر البطاقة حرية في أن يتعاقد مع التاجر أم لا، وما يدل على أن هذا العقد قائم على الاعتبار الشخصي هو انتهاء العقد بمجرد إفلاس التاجر أو وفاته ولا ينتقل العقد لغيره من الورثة، كما أن هذا العقد يُعد من عقود الإذعان كون البنك أو الجهة المُصدِرة للبطاقة هي الطرف المُذعِن في وضع الشروط فمن المعروف أن مُصدِر البطاقة يقوم بإعداد العقود للتعاقد مع التجار ويقوم بوضع الشروط التي يراها مناسبة له وعند طلب التاجر للتعاقد مع المُصدِر يقوم التاجر فقط بالتوقيع على العقد المُعد من قبل المصرف دون مناقشة بنود العقد، ويُعد من العقود الملزمة للطرفين، ويلتزم التاجر بموجبه بقبول الوفاء بالبطاقة حيث من أهم ما يترتب على تعاقد التاجر مع المُصدِر هو التزام التاجر بقبول الوفاء بالبطاقة الائتمانية أي أنه وبمجرد التعاقد وعند استخدام العميل للبطاقة الائتمانية فإنه يجب على التاجر قبول استيفاء ثمن السلع والخدمات من خلال بطاقة الائتمان.
كما يلتزم التاجر بإعلام الجمهور حول قبوله للتعامل ببطاقة الائتمان كأداة وفاء عند شرائهم للسلع والخدمات. كما يتوجب عليه التحقق من شخصية حامل البطاقة وسلامتها، ولكن تنوعت آراء الفقهاء فيما يتعلق بمدى التزام التاجر في التأكد من الحامل ومعلوماته هل التزامه بتحقيق نتيجة وبالتالي يتحمل المسؤولية جراء حدوث أي خلل أم التزامه ببذل عناية وبالتالي تحمله المسؤولية إذا قصر في بذل عناية الرجل المعتاد فقط. حيث يرى جانب من الفقه أن التزام التاجر هو التزام ببذل عناية الرجل المعتاد بحيث يقوم بالتأكد من شخصية الحامل وتوقيعه وشرعية استخدام البطاقة وبذلك يحقق التاجر الالتزام المطلوب منه، كما ويرى جانب آخر من الفقه أن مسؤولية التاجر بتحقيق نتيجة كونه يُعد متعاقداً يملك الخبرة الكافية من التعامل ببطاقة الائتمان بحيث يستطيع التأكد بصورة سليمة وأن أي خطأ يتحمله هو.
يرى الباحث أن التزام التاجر يتحقق طالما بذل العناية في التأكد من شرعية استخدام البطاقة من حيث التوقيع ومن حيث شخصية الحامل وكذلك تأكده من انضمام البطاقة للشبكة المتعامل بها، فالتزوير قد يكون على درجة عالية من الدقة فقد لا يستطيع التاجر المحترف أو الشخص ذو الخبرة التأكد من حدوث التزوير وبالتالي هناك حاجة إلى أجهزة خاصة حتى يتم التأكد من أي عملية التزوير قد تحدث. إن الأساس القانوني للعلاقة التعاقدية التي تنشأ بين التاجر وحامل البطاقة سواء كانت علاقة بيع سلع أو علاقة تقديم خدمات، هو العقد المبرم بين كل من التاجر ومُصدِر البطاقة، وبالتالي فإن مَصْدَر التزام التاجر تجاه الحامل هو العقد المبرم بينه وبين مُصدِر البطاقة. وبذلك يلتزم التاجر بالمحافظة على سرية بيانات البطاقة ومعلومات حاملها وعدم افشائها، ففي حال أخلَّ التاجر بذلك وثبت الضرر على حامل البطاقة فإنه يَتَعَرض للمسؤولية وللحامل حق مطالبته بالتعويض. كما يلتزم بتسليم البضاعة المُتَفَق عليها بشكل كامل دون عيب أو نقص إلى حامل البطاقة وفي حال مخالفة التاجر لذلك، يَحِق لحامل البطاقة رفضها واسترداد ثمن البضاعة ومطالبة التاجر بالتعويض عن الضرر.
يرى الباحث بأن نتيجة انعقاد العلاقة بين الأطراف الثلاثة مُصدِر البطاقة، وحامل البطاقة، والتاجر، فإنها ترتب التزامات وحقوق متبادلة ما بين الأطراف بحيث يقع على كل طرف مسؤولية أداء التزاماته حسب مبدأ حسن النية ووفقاً لإرادة الأطراف بما لا يخل بالنظام العام والآداب العامة وفي حال الإخلال بذلك فإنه يرتب المسؤولية القانونية على عاتق المخل والمخالف لهذه الالتزامات.
وفي نهاية هذا البحث لا بد من الإشارة إلى ما يتعلق بمستقبل نظام عمل بطاقات الائتمان في ظل التكنولوجيا المالية حيث أن التكنولوجيا قد لعبت دوراً مهماً في الآونة الأخيرة فقد أثرت على شتى المجالات منها مجال التمويل، فقد شاع ما يسمى بالتكنولوجيا المالية أو (Fintech ) والتي تعني اندماج المهارات التكنولوجية بالمعرفة المالية في تقديم الخدمات المالية وفي تحسين جودة خدمات المؤسسات المالية. كما أدت التطورات التكنولوجية إلى تغيير طرق عمل القطاع المالي. وعليه، فإن البنوك والشركات المالية تحاول توظيف المهارات التكنولوجية في تقديم خدماتها المالية من أجل المنافسة وجذب أكبر عدد ممكن من العملاء. ونتيجة لذلك، فإن العميل ينتظر أفضل وأسهل الوسائل التي تلبي احتياجاته في وقت وجهد أقل حيث أصبحت الخدمات التقليدية التي تقدمها البنوك تشكل عائقاً في المحافظة على عملائها، ولزيادة الثقة بالعملاء وزيادة عددهم فقد عملت البنوك على تطوير خدماتها في ظل استخدام أمثل للتكنولوجيا حيث أصدرت بطاقات الائتمان والتي تعد إحدى طرق الدفع الحديثة القائمة على استخدام التكنولوجيا، ويرى الباحث في ظل هذه المعطيات بأن الشركات العالمية الخاصة باصدار بطاقات الائتمان كشركة فيزا وكارد وغيرها، ستعمل على تطوير نظام عمل بطاقات الائتمان لينافس تلك التطبيقات الجديدة التي جلبتها التكنولوجيا المالية مثل البلوكتشين وغيرها وسيكون هنالك قبولاً أوسع بين الأفراد لاستخدام البطاقات الائتمانية ولا سيما في دول العالم الثالث.
الخاتمة: يدور موضوع البحث حول بطاقات الائتمان باعتبارها عملية مصرفية وقانونية حديثة العهد ونظراً لما تشكله من أهمية اقتصادية نتيجة الانتشار الواسع لاستخدامها حيث تُعد وسيلة لخلق وجذب زبائن جدد للمؤسسات والبنوك المصرفية المتعاملة بها، فإن هذا البحث يتمحور على وجه الخصوص حول الجانب القانوني لبطاقات الائتمان في فلسطين. يقوم عقد بطاقات الائتمان على عدة روابط فرعية تربط بين الأطراف المتعاملين بهذه البطاقات وهم؛ الجهة المُصدِرة للبطاقة والتي ترغب بإصدار البطاقات الائتمانية وعادةً ما تكون بنك، وحامل البطاقة الذي يرغب في امتلاك البطاقة الائتمانية، والتاجر أو المحال التجارية.
يُعد موضوع بطاقات الائتمان من العقود المصرفية المُستحدثة ونظراً لذلك لم يقم المُشَرَع بتنظيم بطاقات الائتمان في تقنين قانوني مُعين على وجه التحديد بل تركها لمن ابتكرها، فبطاقات الائتمان هي نتاج وابتكار المؤسسات المصرفية العالمية، والعرف المصرفي الدولي، والاتفاقيات المصرفية الدولية. وما يؤكد على ذلك عدم وجود قانون في فلسطين ينظم عمل بطاقات الائتمان وإنما وجدت قوانين أشارت إليها لمجرد الإشارة فقط كأحد وسائل الدفع الإلكتروني دون الدخول في حيثياتها، بل ما وجد هو تعليمات وأنظمة صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية كونها الجهة المخولة بالرقابة والإشراف والمتابعة على عمل المصارف في فلسطين، حيث يأتي دور هذه الأنظمة لتنظيم عمل البنوك فيما يتعلق بالبطاقات الائتمانية ومراقبة اصدارها وطرق استخدامها والعقود المُبرمة في سبيل اصدارها، وأن هذه الأنظمة والتعليمات يتم تطويرها بشكل مستمر لتتناسب مع الأعراف المصرفية الدولية.
وبالاستناد إلى طبيعة وأهمية بطاقات الائتمان ومناقشة ما سبق ذكره من النصوص القانونية ذات العلاقة ببطاقات الائتمان، وتعليمات سلطة النقد الفلسطينية واتفاقيات البنوك، والأحكام القضائية ذات العلاقة توصل الباحث إلى عدة نتائج وتوصيات تمثلت بالآتي: النتائج 1. بعد دراسة التنظيم القانوني لبطاقات الائتمان تبين أن بطاقات الائتمان لم يتم تنظيمها داخل تقنين قانوني معين، وإنما تركت للعرف المصرفي والعرف الدولي السائد الخاص ببطاقات الائتمان. 2. لا يمكن اسقاط عقد بطاقة الائتمان على عقد القرض، أو عقد فتح الاعتماد، أو غيرها من العقود وذلك نظراً لاختلافه عن هذه العقود واختلاف عناصره وأطرافه. وبالتالي، فهو عقد من نوعٍ خاص له أطرافه وشروطه وخصائصه وعملياته يسمى بعقد بطاقة الائتمان. 3. إن عقد بطاقة الائتمان هو من عقود الإذعان، وأن الجهة المُصدِرة للبطاقة هي الطرف المذعِن في هذا العقد على الطرفين الأُخريين وهما حامل البطاقة والتاجر الذي يتم السداد له من خلال البطاقة، بحيث تقوم الجهة المُصدِرة بوضع الشروط المناسبة لها والتي تحقق مصالحها ويقوم حامل البطاقة عند الإنضمام بالتوقيع على هذه الشروط دون التعديل في النماذج المُعدة مُسبقاً وما عليه إلا القبول بها. 4. إن لبطاقات الائتمان العديد من الأنواع إلا أن تعليمات سلطة النقد كانت قاصرة عن تفصيل وتحديد هذه الأنواع وتوضيح طريقة عملها والتعامل بها وكذلك تفصيل أنظمة عملها، وإنما اكتفت فقط بمجرد ذكر وجود أنواع لبطاقات الائتمان، باستثناء بطاقة الصراف الآلي فقد تم ذكرها على سبيل الذكر فقط في عدة تعليمات صادرة عن سلطة النقد. 5. إن بطاقات الائتمان يتم اصدارها من قبل البنوك فقط وهذا ما هو متعارف عليه، إلا أن التعليمات واللوائح الصادرة عن سلطة النقد لم توضح بشكل صريح حصر اصدار البطاقات الائتمانية على البنوك فقط، كما أن المادة (13/1/ب) في القرار بقانون بشأن المصارف رقم (9) لسنة (2010) قد تركت مسؤولية القيام بالعمليات الائتمانية مبهماً فهي لم تحصر القيام به على البنوك ولم تُشِر إلى أن المؤسسات المالية مشاركة للبنوك في القيام بهذه العمليات. 6. إن الجهة المُصدِرة للبطاقة قد أعفت نفسها من تحمل المسؤولية في المدة الواقعة ما بين الإبلاغ عن واقعة السرقة وبين أيام العمل الرسمي للمبالغ المالية التي يتم السطو عليها واستعمالها أثناء حدوث السرقة، ذلك وفقاً للعقود المُبرمة فيما بين حامل البطاقة والبنوك وبالتحديد العقود الصادرة في النماذج المُعدَّة من قِبَل بنك فلسطين. 7. إن تفويض الجهة المُصدِرة للبطاقة نفسها الحق في البحث والتحري حول العميل للتأكد من وضعه المالي والتأكد من المعلومات والبيانات المقدمة من قِبل العميل يعتبر تعسفاً بحق العميل كون الجهة المُصدِرة قد تتدخل في البيانات والمعلومات الخاصة بالعميل متجاوزةً الأهداف التي اشترط الحق في البحث والتحري لأجلها. 8. إن الجهة المُصدِرة للبطاقة تملك الحق في إصدار بطاقة أو عدة بطاقات لعدة أشخاص من أفراد أسرة الحامل بناءً على طلبه ويعتبر الحامل للبطاقة مسؤولاً عن هذه العمليات التي تتم على البطاقات الائتمانية إلا أن ذلك ولا سيما في ظل التطور الحاصل لبطاقات الائتمان قد يؤدي إلى حدوث خطر السطو والتزوير. 9. إن التزام التاجر في التأكد من شخصية حامل البطاقة يتحقق طالما بذل العناية في التأكد من شرعية استخدام البطاقة من حيث التوقيع ومن حيث شخصية الحامل وكذلك تأكده من انضمام البطاقة للشبكة المتعامل بها.
التوصيات: 1. ضرورة الإبقاء على بطاقات الائتمان من ناحية التنظيم القانوني بالشكل الحالي وذلك لأن بطاقات الائتمان هي نتاج العرف المصرفي المرن والمتطور وأن بطاقات الائتمان كعملية مصرفية هي عملية مرنة وحديثة وقابلة للتطور باستمرار وإن تنظيمها يؤدي إلى جمودها وتقييدها ضمن نصوص قانونية جامدة لأن النصوص القانونية قليلة التعديل. 2. ضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية بالرقابة على عمليات البنوك المتعلقة باصدار بطاقات الائتمان، وذلك من خلال اصدار تعليمات للموازنة بين مصالح أطراف عقد بطاقة الائتمان وكذلك للتخفيف من الشروط التي تضعها البنوك عند طلب العميل للحصول على بطاقة الائتمان، وكذلك ضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية بالتأكد من قيام البنوك بإرسال الكشوفات والفواتير للحامل. 3. ضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية باصدار تعليمات خاصة بأنواع بطاقات الائتمان، ووجوب وجود نص صريح يوضح طريقة عمل أنواع بطاقات الائتمان والتعامل بها وكذلك تفصيل نظام عمل كل نوع، وشروط المنح لكل نوع، والضوابط التي تنظم هذه الأنواع، بحيث لا يتم منح هذه الأنواع من بطاقات الائتمان بشكل عشوائي. 4. بما أن سلطة النقد الفلسطينية هي الجهة المخولة بالرقابة على البنوك وأن بطاقات الائتمان لم يرد تنظيمها قانونياً وإنما تركت للعرف المصرفي والتعليمات والأنظمة الصادرة عن سلطة النقد، فإنه من الضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية باصدار تعميم واضح وصريح ينص على حصر القيام بالعمليات الائتمانية ومن ضمنها العمليات الخاصة ببطاقات الائتمان على البنوك فقط وأن تنفرد هي في اصدار البطاقات الائتمانية، كما ويوصي الباحث سلطة النقد الفلسطينية بضرورة اصدار تعليمات خاصة للمؤسسات التي تعمل ببعض العمليات الائتمانية كي تقوم بهذه العمليات على سبيل التحديد والاستثناء فقط كمؤسسات الإقراض يسمح لها القيام بالإقراض فقط. 5. ضرورة التزام البنك أو الجهة المُصدِرة للبطاقة بتحمل الفواتير المُقدمة إليه بعد واقعة السرقة أو الفقدان حتى لو كان ذلك خلال المدة الواقعة ما بين الإبلاغ عن واقعة السرقة وبين أيام العمل الرسمي للبنك، وألا يضع هذه المسؤولية على عاتق حامل البطاقة، وضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية بتغريم البنوك التي تُعفي نفسها من هذه المسؤولية. 6. ضرورة قيام سلطة النقد الفلسطينية باصدار تعليمات تمنع البنوك من إصدار عدة بطاقات من بطاقة الحامل كاصدار عدة بطاقات لأفراد أسرته، وذلك حمايةً للبطاقة من خطر السرقة والتزوير، فعملية اصدار عدة بطاقات من بطاقة الحامل يؤدي إلى سهولة اختراق البطاقة والسطو على المبالغ المتواجدة في حساب الحامل.
قائمة المصادر والمراجع: – البنك الإسلامي الفلسطيني. الشروط والأحكام الخاصة ببطاقة الخصم المباشر. نموذج طلب الحصول على بطاقة الخصم المباشر. فلسطين. 2020. – بنك فلسطين. الشروط والأحكام المرفقة لطلبات بطاقات الائتمان. نموذج طلب الحصول على بطاقة ائتمان. فلسطين. 2020. – تعليمات سلطة النقد الفلسطينية رقم (4) لسنة (2012). – تعليمات سلطة النقد الفلسطينية رقم (5) لسنة (2008). – قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة (1966)، المنشور بالجريدة الرسمية. بتاريخ 30 مارس 1966. رقم (1910)، صفحة (472). – القرار بقانون بشأن المصارف رقم (9) لسنة (2010)، المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية. بتاريخ 27 نوفمبر 2010. عدد ممتاز (4)، صفحة (5). – القرار بقانون بشأن تسوية المدفوعات الوطني رقم (17) لسنة 2012، المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية في العدد ممتاز رقم (8)، بتاريخ 9/12/2021. – القرار بقانون رقم 15 لسنة 2017 بشأن المعاملات الالكترونية المنشور في جريدة الوقائع الفلسطينية عدد (0) بتاريخ 9/7/2017، صفحة (2).
المراجع العربية: – باتوبارة، نواف، ” منافع والتزامات ومخاطر بطاقة الائتمان”، المجلة العربية للدراسات الأمنية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، مج13، ع25، 1998. – إبراهيم سيد أحمد، الحماية التشريعية المدنية والجنائية لبطاقات الدفع الإلكتروني (بطاقات الائتمان)، دون ط، الدار الجامعية، الإسكندرية، 2005. – أحمد السعد، ” أحكام التعامل ببطاقة الائتمان في الشريعة الإسلامية “، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، جامعة مؤتة، مج20، ع5، 2005. – أحمد اليوسف، ” تربح البنك من بطاقة العميل الائتمانية “، مجلة العلوم الإنسانية والإدارية، جامعة القصيم، مج، ع7، 2015. – أحمد ربعي، “القروض المتعثرة في مؤسسات الإقراض في فلسطين: أسبابها وسبل معالجتها”، المجلة الإلكترونية الشاملة متعددة المعرفة لنشر الأبحاث العلمية والتربوية (MECSI)، جامعة الخليل، ع10،. 2019. – أحمد محمد، الطبيعة القانونية لبطاقة الائتمان المصرفية، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة النيلين، السودان، 2017. – أسماء سرار، الحماية القانونية لبطاقة الائتمان الالكتروني، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة العربي بن مهيدي- أم البواقي، الجزائر، 2016. – أنس العلبي، النظام القانوني لبطاقات الاعتماد، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2005. – أوجاني جمال، النظام القانوني لبطاقة الائتمان، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة8 ماي 45- قالمة. الجزائر. 2016. – إياد خطيب، النظام القانوني لبطاقة الائتمان، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة محمد بوضياف، الجزائر، 2016. – إيهاب فوزي السقا، الحماية الجنائية والأمنية لبطاقات الائتمان، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2007. – بدر العليوي، “بطاقة الائتمان دراسة اقتصادية فقهية تطبيقية “، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، جامعة الأزهر، ج3، ع18، 2016. – جلال عايد الشورة، “وسائل الدفع الإلكتروني”، دار المنظومة، جامعة عمان العربية، الأردن، 2005، ص21. – جليد نور الدين وأمينة بركان، “بطاقة الائتمان وإدارة مخاطر استعمالها كوسيلة دفع في ظل التجارة الالكترونية”. الملتقى العلمي الدولي الرابع- موسوعة الاقتصاد والتمويل الإسلامي، المركز الجامعي خميس مليانة- معهد العلوم الاقتصادية. 2011. – جميل الصغير، الحماية الجنائية والمدنية لبطاقات الائتمان الممغنطة دراسة تطبيقية في القضاء الفرنسي والمصري، دون ط، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003. – حمود الحمادة، العلاقات التعاقدية الناشئة عن بطاقات الدفع الإلكتروني، ط1، المركز العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2018. – الرضي عبد الله، الإطار القانوني لوسائل الدفع الإلكتروني، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الخرطوم. السودان. 2006. – رفاف لخضر،” الطبيعة القانونية لبطاقة الائتمان “، مجلة آفاق للعلوم، جامعة زيان عاشور الجلفة، ع8، 2017. – رفاف لخضر،” الطبيعة القانونية لبطاقة الائتمان”، مجلة آفاق للعلوم، جامعة زيان عاشور الجلفة،ع8، 2017. – سارة تجوري، عقد القرض في القانون الجزائري، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة العربي بن مهيدي- أم البواقي، الجزائر، 2018. – سارة عبد الباقي، بطاقات الائتمان المصرفية من الوجهة القانونية، (دراسة ماجستير منشورة)، جامعة النيلين، الخرطوم، 2018. – سيف الدين فريجات، بطاقات الائتمان وتطبيقاتها المصرفية في بنك البركة الجزائري دراسة تطبيقية، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الشهيد حمه لخضر- الوادي، الجزائر، 2018. – صليحة، مرباح: النظام القانوني لبطاقة الائتمان، (رسالة ماجستير منشورة) جامعة الجزائر- بن يوسف بن خدة. الجزائر، 2006. – عامر بلال وبوقجار سفيان، إلتزامات التاجر في إطار إستخدام بطاقة الائتمان، جامعة محمد بوضياف المسيلة. الجزائر. 2017. – عبد الحميد البعلي، بطاقات الائتمان المصرفية: التصوير الفني والتخريج الفقهي دراسة تحليلية مقارنة، مكتبة وهبة للنشر، القاهرة، 2004. – عبد العظيم أبو زيد، ” بطاقات الائتمان قضايا اقتصادية وشرعية معاصر”، مجلة جامعة الملك عبد العزيز- الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، مج28، ع3، 2015. – عبده السويدي، ” الحماية الجنائية والأمنية لبطاقات الائتمان “، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الأندلس للعلوم التقنية، مج15، ع14، 2017. – عذبة الجادر، العلاقات التعاقدية المنبثقة عن استخدام بطاقات الائتمان، (رسالة ماجستير منشورة)، جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا. الأردن، 2008. – علي جمال الدين عوض، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دون ط، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981. – عمر عبابنة، الدفع بالتقسيط عن طريق البطاقات الائتمانية، دون ط، جامعة آل البيت. الأردن. 2006. – فتحي عرفات، بطاقات الائتمان البنكية في الفقه الإسلامي، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2007. – كميت البغدادي، المسؤولية القانونية عن الإستخدام غير المشروع لبطاقة الائتمان، (رسالة ماجستير منشورة)، الجامعة الأردنية، الأردن. 2006. – ماجد عمار، الوسيط في عقود التجارة الدولية، دون ط، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014. – مأمون سلامة، جرائم النصب المستحدثة: الإنترنت، بطاقات الائتمان، الدعاية التجارية الكاذبة، دار الكتب القانونية ودار شتات للنشر والبرمجيات، مصر، 2008. – محمود علي الطيب، ” بطاقة الائتمان المصرفية الإسلامية “، مجلة المال والاقتصاد، بنك فيصل الإسلامي السوداني، ع64، 2010. – مريم عبد طارش ” المسؤولية العقدية الناشئة عن استخدام بطاقات الائتمان”، مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، مركز جيل البحث العلمي، 2018. – معتز المهدي، الطبيعة القانونية لبطاقات الائتمان الإلكترونية والمسئولية المدنية الناشئة عنها، دون ط، دار النهضة العربية، مصر، 2006. – نهى عيسى، “الأحكام القانونية الخاصة ببطاقة الائتمان الالكترونية”، مجلة الكلية الاسلامية الجامعة، الجامعة الإسلامية- العراق، ع22، 2013. – ياسر الدوسري، البطاقة الائتمانية دراسة فقهية، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة الملك سعود. السعودية. 2010.
المراجع الأجنبية: – Goldstein, I., Jiang, W., & Karolyi, G. A. (2019). To FinTech and beyond. The Review of Financial Studies, 32(5), 1647-1661. – Kaur, P., Krishan, K., Sharma, S. K., & Kanchan, T. (2019). ATM card cloning and ethical considerations. Science and engineering ethics, 25(5), 1311-1320. – Wulan, V. R. (2017). Financial technology (fintech) a new transaction in future. Journal Electrical Engineering and Computer Sciences, 2(1), 177-182.
الأحكام القضائية والمواقع الإلكترونية: – (Springer) https://www.springer.com/gp – دار المنظومة http://mandumah.com/ – سلطة النقد الفلسطينية http://www.pma.ps/ar-eg/home.aspx – قسطاس. التشريعات والأحكام القضائية للدول العربية https://qistas.com/ – مقام. موسوعة القوانين وأحكام المحاكم الفلسطينية https://maqam.najah.edu/ – المقتفي. منظومة القضاء والتشريع في فلسطين http://muqtafi.birzeit.edu/ – المنهل https://www.almanhal.com/ar