التعليم عن بعد في المغرب في ظل الاستمرارية البيداغوجية: قراءة في التجربة المغربية
Distance education in Morocco under the pedagogical continuity, Reading in the Moroccan experience
د.محمد شرقي/المركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بمراكش، المغرب
Dr. Mohammed Cherké, CRMEF/Marrakech- Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 81 الصفحة 133.
ملخص:نروم من خلال هذه الدراسة تقديم تجربة عشناها في ظل هذه الجائحة الكونية جائحة كورونا، وهي تجربة غنية بدروسها، فقد لمسنا بعض ايجابياتها ووقفنا في نفس الوقت على بعض حدودها، سواء من خلال تجربتنا كمدرسين بمعية طلبتنا أو كآباء من خلال متابعتنا اليومية لكيفية تمدرس أبنائنا وطريقة تفاعل المدرسين معهم، كل وفق إمكانياته وطريقته الخاصة في التكيف مع هذا الطارئ، و حيث وقفنا على إمكانات هذا النموذج التعليمي و في نفس الآن على الصعوبات المرتبطة به، وكذا ما يتوجب فعله لضمان نجاح هذا النموذج الذي لا يمكن، على أية حال، أن يعوض حضور المدرس و تفاعله المباشر مع المتعلمين ووجود جماعة القسم كشرط ضروري لبناء المشترك و العمومي ومن ثم صنع مواطن الغد وفق مواصفات المنهاج المدرسي و محدداته. وكان لابد، وفي إطار قراءة نقدية لهذه التجربة، استحضار، من جهة جملة معطيات ووقائع مرتبطة بالتجربة المغربية كما عايناها ثم وضع التجربة في سياقها النظري العام والذي ينهل من علوم التربية للتأمل في هذه التجربة- تجربة التعليم عن بعد- ، والى أي حد تتجاوب ولا تناقض بعض الثوابت البيداغوجية المرتبطة بوظيفة المدرسة ورسالتها الدمجية و التنويرية وكذا شروط التعلم ودور المدرس و جماعة القسم فيه.
الكلمات المفتاحية : التعليم عن بعد – الثورة الرقمية –المشترك- العمومي -التفاعل البيداغوجي – القيم – المواطن.Abstract:
Through this study, we intend to present an experience we lived in light of this global pandemic, the Corona pandemic. It is an experience rich in its lessons, as we touched some of its positives and stood at the same time on some of its limits, whether through our experience as teachers with our students or as parents through our daily follow-up of how our children study and the way teachers interact with them, each according to his own capabilities and way of adapting to this emergency, and where We looked at the potential of this educational model and at the same time on the difficulties associated with it, as well as what must be done to ensure the success of this model, which cannot, in any case, compensate for the presence of the teacher and his direct interaction with the learners. And the presence of the department group as a necessary condition for building the common and public, and then making tomorrow’s citizens according to the specifications and determinants of the school curriculum.
Key words: Distance education – digital revolution – Common – public – The Citizen.
تقديم:لقد كان من الأجدى، بل من الضروري ترك مسافة زمنية فاصلة لتقييم تجربة التعليم عن بعد، و تأمل آثارها على العملية التعليمية التعلمية ككل منظورا إليها من مختلف مكوناتها، و من ثم تقييمها، إن هذا المنحى في البحث و النظر إلى الأمور تفترضه المعالجة السوسيولوجية و التناول الموضوعي للوقائع و الأحداث و التي تفترض نوعا من التأني و ترك مسافة زمنية معقولة و ترك الظواهر تتشكل من أجل تأملها و استيعابها و فهمها، و ترك المسافة الضرورية كذلك، بين عالم الإحساسات و المشاعرle pressenti و عالم الوقائع les faits.
إن التسرع في تناول بعض الظواهر و هي في طور التشكل و في غياب معطيات دقيقة قد يؤدي بالباحث إلى إصدار أحكام قبلية، و في أن يبقى أسير انفعالاته و انطباعاته الذاتية. فما بالك بتناول حادث جديد: التعليم عن بعد، الذي فرضته جائحة”كورونا” و التي غزت، و بسرعة فائقة و بدون سابق إنذار، العالم كله. لقد أصبح من الممكن الآن، و بعد أن مرت قرابة السنتين على هذه التجربة و بعد أن تشكلت معطياتها و أصبحت ظاهرة: نتائج المتعلمين في مختلف الأسلاك التعليمية ومعدلاتهم، نسب الهدر المدرسي، التقارير الرسمية و تقويمات الفاعلين التربويين لهذه التجربة…، أصبح ممكنا دراستها، وان كنا قد ركزنا اهتمامنا بشكل كبير، و نحن ندرس هذه التجربة على الجانب البيداغوجي والى أي حد يمكن للتعليم عن بعد أن يكون مقبولا و مستساغا على هذا المستوى؟ و إلى أي حد يمكنه كذلك أن يعوض التعليم الحضوري و أن يحل محله؟
للإجابة عن هذه التساؤلات حاولنا في مقدمة هذه الدراسة استحضار التجربة المغربية و كيف تم اعتماد التعليم عن بعد و الشروط و الحيثيات المرتبطة بذلك، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى مناقشة هذه التجربة في مستواها العام، أي باعتبارها ظاهرة كونية اعتمدتها جل الدول خلال الجائحة، وفي نهاية المقال حاولنا الانفتاح على آراء و مواقف ذوي الاختصاص من علماء التربية و البيداغوجيين لنخلص في الأخير إلى أن التعليم عن بعد لا يمكنه، بأية حال، تعويض التعليم الحضوري باعتباره مناسبة للتفاعل بين الذوات و تبادلا للتجارب و الخبرات.
تجربة التعليم عن بعد في المغرب وقائع و مواقف:
وجدت الدولة المغربية نفسها مثلها مثل باقي البلدان منذ منتصف شهر مارس الماضي، مرغمة على اعتماد التعليم عن بعد ضمانا لما سمي آنذاك بـ”الاستمرارية البيداغوجية ” تفاديا لسنة بيضاء لم يكن أحد يرغب في حدوثها. وبدون مقدمات سيدخل الجميع مدرسين، متعلمين و أباء هذه التجربة الجديدة وباستعدادات ومواقف متنوعة: فالتلاميذ تخلصوا من روتينية الفصل الدراسي ورحلات الذهاب و الإياب إلى المدرسة كل يوم، وهناك منهم من احتفل بالحدث كما عاينا ذلك و شاهدناه من خلال بعض المواقع الالكترونية المحلية و التي تناقلت مجموعة من المقاطع الاحتفالية في شوارع بعض المدن المغربية و هي مشاهد لها أكثر من معنى، و تترجم بحق علاقة التلميذ المغربي مع المؤسسة المدرسية و مواقفه منها.
سيحاول الأساتذة هم أنفسهم التكيف مع هذا الوضع الجديد و غير المعتاد، و بتجارب و إمكانيات معرفية، مادية و لوجيستيكية مختلفة، متنوعة وغير متكافئة. و نفس الوضع سنعاينه لدى جل الآباء و الأمهات. وهكذا وفي ظل هذه الشروط المادية و النفسية، ستنطلق مرحلة التجريب باعتماد كل الإمكانيات المتاحة بدءا من خلق قنوات تلفزية تعليمية و بث دروس مسجلة و هي عملية همت بالخصوص المستويات التعليمية الإشهادية: السادس ابتدائي، الثالثة إعدادي و الأولى و الثانية بكالوريا، وكذلك بعض المحاضرات الموجهة لمختلف الشعب بالنسبة للتعليم العالي، إلى اعتماد تطبيقات مثل “الواتساب” whatsAppو أخرى أكثر تطورا مثل “ادمودو” Edmodo، “ميكروسوفت تيمز”. Microsoft teams..الخ ، و بدا أغلب الناس متفائلا بهذا الوضع، بل هناك من وقع في “امبريقية سعيدة” طبعها الانبهار بالتعليم عن بعد واعتباره مخرجا لأزمة عمرت طويلا، و هكذا انخرط الجميع (مسؤولين تربويين، آباء و أولياء التلاميذ) عن وعي أو عن غير وعي، في الحديث عن التجربة وأهميتها مع استثناءات قليلة حاولت أن تنبه إلى المشاكل التي يمكن أن تترتب عن هذا النموذج البيداغوجي خصوصا على المستوى الاجتماعي بالنسبة للأزواج العاملين حيث أدركوا مكانة المدرسة و وقفوا على ضرورتها، ليس فقط كمجال للتعلم، بل كذلك باعتبارها مكانا آمنا للتكفل بأبنائهم أثناء غيابهم طيلة اليوم، و مع مرور الوقت بدأت تثار مسالة لا تكافؤ الحظوظ في الاستفادة من التحصيل بالنسبة لكل المتمدرسين خصوصا أبناء الفئات الفقيرة وأبناء القرى و البوادي حيث صعوبة الولوج إلى التقنيات الحديثة و خدمات الشبكة العنكبوتية و تكلفة ذلك التي ليست في تناول جل الأسر المغربية.
في الإطار نفسه و في نفس الوضع سيجد بعض الأساتذة نفسهم، خصوصا المتقدمين منهم في السن أو من هم على مشارف إنهاء الخدمة و التقاعد، عاجزين عن العمل وفق هذا النموذج، إما لانعدام أو ضعف تكوينهم في مجال المعلوميات أو عدم قدرتهم على تجاوز العوائق السيكو ثقافية التي حالت دون ذلك، ومع ذلك فقد حرصوا على الإبقاء على التواصل مع متعلميهم وتزويدهم بدروس على قدر المستطاع. وهناك أساتذة آخرين رغم تحمسهم للتجربة لاحظوا ضعف الدافعية لدى متعلميهم باستثناء تلاميذ السنوات الإشهادية الذين كانوا يعرفون مسبقا هم وذويهم أنهم مطالبون بامتحانات في نهاية السنة الدراسية. أما بالنسبة للوزارة الوصية فما فتئت و على امتداد هذه التجربة تحث الجميع وعبر كل الوسائل المتاحة: تلفزة، مراسلات، مذكرات تنظيمية…، على المثابرة والاستمرارية البيداغوجية مذكرة أن التعليم عن بعد و ان كان لا يعوض التعليم الحضوري فانه من الممكن الاستفادة منه خصوصا في هذه الظرفية الصعبة، و استنفرت لذلك كما مر بنا كل قواها لكي تنجح العملية حيث وظفت بعض القنوات التلفزية (الرابعة، الرياضية، قناة العيون، القناة الأمازيغية، السادسة.. لتقديم دروس مصورة بالإضافة إلى منصات تعليمية متخصصة. و خلال إحدى الجلسات البرلمانية سيقدم وزير التربية الوطنية الحصيلة التالية في شبه تقويم للعملية، و بحماس كبير، يوحي بنجاحها بل و تميزها: فعلى امتداد شهرين تم إعداد ما يقارب 3000 مورد رقمي كما أن عدد التلاميذ الذين تابعوا دروسهم عبر منصات التعليم عن بعد يقدر بـ 600 ألف تلميذ (و نسجل هنا أن العدد قليل منظورا إلى العدد الإجمالي للمتمدرسين في مختلف الأسلاك التعليمية حوالي 10 ملايين) واستفادة ما يقرب من 23290 من المتدربين من أطر الأكاديميات و أطر الإدارة التربوية عبر بوابة خاصة لذلك بوابة e-takwine و ليعلن في مقام أخر أن التجربة نجحت بنسبة 79 بالمائة و أن عدد الأقسام الافتراضية المحدثة بالتعليم العمومي عبر بوابة “مسار” تجاوز 72 ألف قسم بنسبة تغطية بلغت 96 بالمائة، و بالتعليم الخصوصي، بنسبة 70 بالمائة ليصل بذلك مجموع المستعملين إلى 85 ألف أستاذ و 300 ألف تلميذ[1] .إلا أن المندوبية السامية للتخطيط ستطالعنا في نهاية السنة الدراسية بأرقام و معطيات أخرى حيث تبين أن نسبة انتظام متابعة الدروس عن بعد من طرف تلاميذ المؤسسات التعليمية المغربية خلال فترة الحجر الصحي لم تتجاوز 48 في المائة بالنسبة للسلك الابتدائي و 51 بالمائة بالنسبة للسلك الإعدادي و 69 في المائة بالنسبة للسلك الثانوي و تقول لنا أن ما يقارب 84 في المائة من أبناء المغاربة المتمدرسين لم يستفيدوا من التعليم عن بعد، خصوصا أبناء البوادي و الأحياء الهامشية.[2]
وبغض النظر عن ما تقوله الأرقام و عن مصدرها فان جل الملاحظات التي تم تسجيلها طوال مدة الحجر الصحي خلال أكثر من ثلاثة أشهر و الصادرة عن الفاعلين التربويين أو عن النقابات التعليمية، تبين أن عملية التعليم عن بعد لم تكن موفقة، و أن نجاحها كان محدودا بالرغم مما بذل من مجهود في هذا الشأن. و ذلك راجع إلى عوامل شتى لعل من أهمها ضعف التكوين في مجال المعلوميات “فالتكوينات التي سبق أن استفادت منها الأطر التربوية من إداريين و أساتذة ممارسين داخل الفصول الدراسية في إطار مشروع “جيني” لم تتجاوز بضع حصص تم التركيز فيها على تعلم حزمة البرامج المكتبية ( الوورد word، الاكسيل excel، البوير بوانت power point) زد على ذلك أن هذه التكوينات لم تكن إلزامية. ومن ثم فان نسبة كبيرة من المدرسين ليست لهم دراية بالمعلوميات و هو الأمر الذي حال دون انخراطهم في التعليم عن بعد .كما أن التكوينات التي استفادوا منها لم تكن لتؤهلهم لإعداد دروس في المستوى المطلوب. كما أن مسطحة ميكروسوفت تيم التي أعلن عنها، أواخر شهر مارس، كمنصة تفاعلية مفتوحة للمدرسين و المتعلمين بكل الأسلاك التعليمية و التي كانت تقدم عبرها دروس تفاعلية بالصوت و الصورة، في أقسام افتراضية، لم تؤد دورها المأمول بالرغم من أن عدد مستعملي هذه الخدمة من التلاميذ إلى غاية فاتح أبريل2020، بلغ 100 ألف مستعمل نشيط حسب الوزارة المكلفة بتدبير القطاع .
كان علينا، إذن انتظار السنة الدراسية المقبلة لملاحظة، وعبر تقويمات حضورية فعلا، مدى تحقق الكفايات المسطرة في المنهاج والخاصة بكل مرحلة تعليمية على حدة و مدى صدق التصريحات الرسمية. وعلى العموم فالكفايات، وكما يعرف أهل الاختصاص، وبناؤها لدى المتعلم يحتاج لتدريب وإرساء موارد على شكل معارف و قدرات ومواقف والتأكد من مدى قدرة المتعلم على استثمارها عند مواجهة وضعيات معقدة. ولنفترض أننا نجحنا خلال هذه المرحلة في نقل و تقديم معارف بطريقة سمعية أو سمعية بصرية إلى المتعلم، فما الذي نقوله بخصوص المكونيين الآخرين: القدرات والمواقف ؟ ألم يؤدي بنا تبني هذا النموذج البيداغوجي وبالشكل الذي تم اعتماده إلى الانزياح والتراجع عن الاستراتيجية المعتمدة أو المتبناة رسميا في التدريس ببلادنا : بيداغوجيا الكفايات، لان ما كنا نقوم به، وبغض النظر عن نوايانا و تكويننا، لم يعد في كونه تقديما لمعارف موحدة standardisés موجهة لمتلقين نفترض توفرهم على نفس قدرات الاستقبال ولهم نفس الدافعية و نفس الإيقاعات و الاستراتيجيات التعلمية و كذا نفس الوضعيات السوسيو اقتصادية..ومن ثم فإنه، كان علينا أن نحترز و نتأنى في إصدار أحكام وتقييم التجربة و الحكم عليها . ” فتناول العديد من المرضى فجأة لنفس الدواء لا يعني بالضرورة أن هذا الدواء مضمون” [3]. بغض النظر إذن عن الحصيلة المفترضة و التي في اعتقادنا لم تتعد بعض الرساميل المعرفية التي تم إرسالها ، عبر هذه القناة أو تلك، لمتعلم مفترض، من الصعب التأكد من حضوره و مدى دافعيته و استعداداته لتلقي تلك الرساميل المعرفية بشكل إيجابي، فإن الأمر أخطر من ذلك وبتصريح المسؤولين الجدد عن القطاع أنفسهم حيث ارتفعت نسبة الهدر المدرسي فقد كان معدل الهدر و منذ سنوات يقدر بحوالي 250000تلميذا يغادرون المدرسة سنويا ليصل خلال هذه السنة الدراسية 20220/2021 إلى أكثر من ذلك بكثير حيث جاء على لسان الوزير الجديد المسؤول عن القطاع في تصريح صحفي أن أكثر من نصف تلامذة الابتدائي غادروا المدرسة هذه السنة، و أن 77 بالمائة من تلامذة الابتدائي لم تتحقق لديهم الكفايات الأساس (أي القدرة على القراءة و الكتابة و التعبير بشكل سليم و الحساب) التي كان من المفترض أن يحققوها خلال السنوات الأربع الأولى من مسارهم التعليمي).
إن هذه الخلاصات كذلك ليست نتيجة تأمل نظري صرف بل هي نتيجة أيضا لتجربة عشناها مع أبنائنا المتمدرسين و طلبتنا الأساتذة المتدربين. ففيما يخص أبناءنا سجلنا تضحيات و التزام زملائنا في التعليم العمومي ومواكبتهم طيلة هذه الفترة لأبنائنا و حرصهم على إنهاء المقررات. لكن التجربة كما أشرت فوق لم تعد سوى نقل لمعارف و تطبيقات لها في بعض المواد و تواصل عبر تطبيق واحد تطبيق: الواتساب مع ما كان يصاحب العملية من توتر و انفعال وردود أفعال غير بيداغوجية في كثير من الأحيان، كما أن المواكبين للعملية لم يتجاوزوا 30بالمائاة من المتعلمين، خصوصا عندما علم تلاميذ الأقسام غير الاشهادية أن انتقالهم إلى المستوى الموالي مرتبط بالمعدل المحصل عليه في الفترة الحضورية أي قبل 14 من شهر مارس، و الأمر نفسه بالنسبة لتلاميذ الأقسام الإشهادية عندما علموا أن مواضيع الامتحانات الموحدة ستكون فيما قرئ حضوريا أي قبل اعتماد التعليم عن بعد.
أضف إلى ذلك أن الأغلبية الساحقة من التلاميذ كانوا يعتمدون في متابعة دروسهم عن بعد على وسيلتين اثنتين تمثلتا في القنوات التلفزية الوطنية و شبكات التواصل الاجتماعي و ذلك بنسبة 79،2 بالمائة للسلك الابتدائي و 72،6 بالمائة بالنسبة للإعدادي، و بنسبة أقل في التعليم الثانوي التأهيلي57،1 بالمائة، و هما وسيلتين أقل أهمية و فعالية من المنصات الرقمية و التفاعلية، ومن ثم تخلص المندوبية السامية للتخطيط إلى أن سبع أسر من بين عشرة أي 70 بالمائة غير راضين على الإطلاق أو راضون بشكل متوسط على هذا النموذج البيداغوجي الذي تم اعتماده خلال هذه الظرفية الوبائية: التعليم عن بعد[4]
أما بخصوص تجربتنا مع الأساتذة المتدربين في المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين فإنها لم تحد عما سبق قوله: نقل معارف وتقاسم مراجع و ملفات وصعوبات في التواصل نظرا لضعف صبيب الانترنيت في غالب الأحيان، بل ولغياب هواتف ذكية وصعوبة بعض التطبيقات، بالإضافة إلى صعوبة التتبع و التأكد من مدى حضور المعنيين بالأمر و مواكبتهم للتكوين و درجة الاستعداد و الدافعية لديهم.
و بشكل عام فتجربة التعليم عن بعد، كما عايناها ومن خلال متابعة ما كتب حولها، لا تعدو أن تكون سوى ترقيع بالمعنى الانتروبولوجي للكلمة أي بالمعنى الإيجابي لها، فضمان استمرارية بيداغوجية بهذا الشكل و بهذا المنتوج أحسن من ترك المتعلمين و ذويهم تائهين، إلا أنه “علينا أن نعي أن إشاعة أن التعليم عن بعد هو الحل ما هو إلا وهم قد ينضاف إلى أوهام متعددة عاشتها منظومتنا التربوية، والحال أنه قد يكون ضرورة أو إجراء استثنائيا لمرحلة استثنائية.[5] و لعل من أهم حسنات هذه التجربة في نظرنا هو تأثيرها على مستوى ثقافي حيث لاحظنا حدوث مجموعة من التغيرات لدى الساكنة و التخلي التدريجي عن مجموعة من التمثلات السلبية و الخاطئة في بعض الأحيان عن التلفاز و الهاتف النقال و ما إلى ذلك، فالتلفاز مثلا لم يعد فقط مجالا للفرجة و اللعب بل يمكن أن يصبح مصدرا للمعرفة فلم نعد نسمع عبارة “بعد من داك المشقوف و قرا كواغطك” بل أصبحنا نجد الآباء يستفسرون عن القنوات التلفزية الناقلة للدروس و موعد تقديم برامجها و يوصون أبناءهم بذلك، و بدأ التلميذ نفسه يدرك أن هاتفه و حاسوبه ليسا فقط مصدرا للمتعة واللعب بل يمكن أن يكونا كذلك مصدرا للتواصل المعرفي و البحث عن المعلومة و تناقلها. وقد مثلت هذه المناسبة كذلك فرصة للمتعلم لكي يطلع على مجموعة من المنصات التعليمية telmid tice…الخ. على هذا المستوى يمكن المراهنة على إمكانية الاستمرار على هذا النهج و استغلال ذلك في التعلم الذاتي من طرف المتعلم، فليس من الضروري التعويل فقط على الأستاذ و على الدرس الذي يتلقاه التلميذ بشكل مباشر بل يمكن أن يستفيد من خدمات وسائل أخرى كاليوتوب youtube و بعض المواقع التعليمية الأخرى.. ومن حسنات هذه التجربة كذلك اقتناع المدرسين أنفسهم أن التعليم عن بعد أصبح ضرورة و لم يعد اختيارا، و بالتالي ضرورة الانخراط في هذه “الثورة الرقمية”، ومن جهة أخرى لمسنا كذلك حرص الآباء و الأمهات على تمدرس أبنائهم وتم كذلك إدراك مكانة المدرسة وأدوار المدرسين و تثمين تلك الأدوار التي ربما لم يكن الكثير من الآباء و الأمهات يعيرونها الاهتمام اللازم، وهذه كلها مكتسبات نعتقد أنها قد تفيد في تطوير المدرسة المغربية في المستقبل إذا ما تم استثمارها في الاتجاه الصحيح.
إلا أنه، وعلى الرغم من أن التعليم عن بعد قد أصبح حاليا ضرورة، لا شك في ذلك، مثله مثل التسوق الآلي و غيره من السلوكات التي أصبحت متجذرة في حياتنا اليومية في هذا العصر: عصر الرقمنة، فان تبنيه و اعتماده بدون استعداد و مساءلة، و فرضه في مجتمع كمجتمعنا من أهم سماته التركيب و اللاتجانس الاجتماعي، قد يؤدي إلى نتائج عكسية والى تعميق اللاتكافؤ بين المتعلمين، بل و إلى إقصاء عدد كبير منهم وليس من الضروري التذكير هنا بالكم الهائل من المغادرين للمدرسة كل سنة، يلزم في اعتقادنا لإنجاح هذه التجربة الاستفادة من أخطاء التجربة و معالجة مجموعة من الاختلالات و ذلك عبر توفير مجموعة من المستلزمات المادية و البيداغوجية نذكر منها :
- لوجيستيكيا، ضرورة توفر أدوات: حواسب، هواتف ذكية و سهولة الولوج للشبكة العنكبوتية و صبيب بجودة عالية، وهو مطلب نعتقد أنه بعيد المنال في ظل بنيات مدرسية مهترئة و لا تتوفر على الحد الأدنى من شروط التعلم، قاعات، سبورات طاولات و كراسي وسائل تعليمية و مستلزمات أخرى…الخ ويمكن تجاوز ذلك في نظرنا، خصوصا على مستوى العالم القروي المتضرر أكثر من هذا الوضع، عبر الاستمرار في خلق مدارس جماعاتية. إنها في نظرنا الحل الوحيد و الأوحد لتجاوز معضلة الهدر المدرسي خصوصا لدى الإناث و يمكن أن نتجاوز، عبرها كذلك، مشكلة الولوج للشبكة العنكبوتية و الاستفادة حقا من التعليم الرقمي و الحد و لو بشكل نسبي من لا تكافؤ الحظوظ، السمة الغالبة بل والمتأصلة في تعليمنا.
- التعليم عن بعد يفترض الإلمام بالمعلوميات و لو في الحدود الدنيا(البرامج المكتبية: الوورد، الاكسيل البويبوانت…الخ) وهنا يمكن التساؤل هل يتوفر كل المدرسين على هذه الإمكانيات دون أن نتحدث عن المتعلمين؟ و إلى أي حد يمكن للأغلبية منهم تجاوز بعض العوائق السيكولوجية والثقافية التي تحول دون ذلك؟، دون أن نتحدث عن العوائق المادية المرتبطة بإمكانية اقتناء هذه الآليات التي أصبحت الآن وسائل تعليمية ضرورية، إذن من اللازم التفكير في حلول معقولة بمقتضاها يمكن لهذه التجهيزات أن تصبح في متناول الجميع أساتذة و متعلمين مع حملات توجيهية للمتعلمين في أفق استعمالها بشكل إيجابي و وظيفي يخدم التعلم و التحصيل وليسل نشر التفاهات و تناقلها.
- ضرورة التفكير في برمجة مادة الإعلاميات منذ مرحلة التعليم الأساسي وتدريسها بشكل يؤهل المتعلم مستقبلا للتعامل مع هذا العالم الرقمي. فحضور هذه المادة التعليمية داخل البرامج التعليمية مازال حضورا محتشما جدا و لا يتجاوز بعض الحصص القليلة التي تكتفي بالتعريف بالمعلوميات و مكونات الحاسوب و في المرحلة الثانوية لا تتجاوز البرامج المكتبية و بعض التقنيات البسيطة. يتعين أن يكون تعليم هذه المادة تعليما وظيفيا حيث نزود المتعلم بما يحتاجه مستقبلا و لكي يصبح مستقلا بذاته على هذا المستوى متمكنا من كل المعارف و القدرات التي تسهل عليه عملية البحث و الولوج إلى هذا العالم الرقمي مع توجيهه عبر التنسيق مع أساتذة المواد التعليمية الأخرى لمعرفة المواقع التعليمية التي يمكنه الاستفادة منها و ترشيد استعماله لهذه التقنيات و ذلك يستوجب في اعتقادنا إعادة الاعتبار لهذه المادة التعليمية و توفير كل شروط تعلمها و ما يتطلبه الأمر من أساتذة متخصصين، قاعات متخصصة، حواسب، مكاتب…، كذلك حصص زمنية معقولة لأجرأة هذه الأهداف، وليس فقط الاكتفاء، كما هو الأمر، حاليا على تأثيث البرنامج الدراسي للتلميذ بحصص قليلة و شكلية لا يستفيد منها الشيء الكثير.
- التفكير في تكوين مستمر للأساتذة الممارسين في المعلوميات وطرق استغلالها في التدريس، و ذلك عبر إرساء تعلمات تتجاوز المعرفة التقنية الصرفة إلى معرفة تنفتح على علوم التربية و البيداغوجيا و الديداكتيك لارساء تكنولوجيا معلوميات تكون مناسبة ويتعلم من خلالها مدرس المستقبل كيف يستخدم المعلوميات و تقنياتها في تحضير دروسه و تقديمها للمتعلمين و كيفية التواصل معهم بشكل فعال و كيف يقوم تلك التعلمات.
- التفكير في تكوين بيداغوجي مؤهل للتعامل عن بعد خصوصا مع الأطفال و كذلك التعامل مع آباء و الأمهات مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف السياقات التي تتم فيها العملية، ويمكن لسوسيولوجيا التربية وسوسيولوجيا المجتمع المغربي أن تقدم الكثير في هذا الإطار، على الأقل في القطع مع معرفة وهمية وجملة تمثلات تكونت لدينا عن المجتمع المغربي والتي حالت دون إدراكه على حقيقته كمجتمع مختلف و متعدد البنيات.
- إدراك أن التعليم عن بعد ليس، كما يعتقد البعض مجرد عملية تقنية تفترض وجود مدرس و متعلم و موارد تعليمية و يملك كل منهما هاتفا ذكيا و يسهل عليهما التواصل عن بعد.
تلكم بشكل عام مجموعة ملاحظات تبلورت لدينا من خلال التأمل في هذه التجربة المغربية والتي مازلنا نفتقد الكثير من المعطيات حولها و التي تفترض في نظرنا نوعا من اليقظة الابستيمولوجية على مستوى المقاربة. وهي يقظة تستحضر بالضرورة خصوصية المجتمع المغربي:بنياته الاجتماعية، معدل الأمية فيه، نسبة البطالة، الدخل الفردي، طبيعة الخدمات العمومية، الوسط العائلي، المحيط السوسيوثقافي…إلى غير ذلك من المتغيرات، وفي إطار هذه اليقظة لا بأس من الانفتاح على تجارب مجتمعات أخرى ربما قطعت أشواطا متقدمة في هذا الإطار لنستأنس بما يقوله مفكروها خصوصا البيداغوجيون و المهتون بحقل التربية و التكوين.
التعليم الرقمي من منظور علوم التربية:
يتفق جل المتدخلين في هذا الإطار على أن التعليم عن بعد لا يمكن، بحال من الأحوال، أن يعوض التعليم الحضوري دون أن نتحدث عن تبعاته على مستوى اللاتكافؤ في التحصيل بين المتعلمين وتعميق الهوة بينهم، و دون أن نتحدث عن مدى تحقق الغايات الكبرى من التربية و عن الوظيفة التحريرية و التربوية للمدرسة كمجال للتأسيس للمشترك ولبنائه، ومن ثم استمرارية المجتمعات وضمان تأبيد القيم الإنسانية المشتركة، إن هذا التلاقي اليومي للأفراد داخل مجال المدرسة من اجل تكوين المشترك هو ما يمثل صلبها، كما أنه لا ينبغي تصور المدرس فقط باعتباره موزعا و مصححا لدروس و تمارين إنه أكثر من ذلك، شخص يجمع المعلومات و الوقائع داخل الفصل الدراسي، يلاحظ، يكيف و يضبط . انه يستعمل أدوات و يحولها بشكل تدريجي وهو قادر على خلق التعاون بين المتعلمين وخلق التفاعل و التشارك أي انه قادر على إثارة المشترك le commun و بنائه. “إن المدرسة ليست فقط مجالا للتعلم، ولكنها مجال للتعلم كمجموعة وكلمة “مجموعة”ensemble هي نفسها أهم من كلمة “تعلم “apprendre.”[6] يكتب فيليب ميريو Philippe Meirieu الخبير في التربية في هذا الإطار ” اليوم نتحدث عن التضامن على طول الطريق، و نكتشف أن مصيرنا بسبب هذا الفيروس مصير مشترك. لكن السؤال الذي يتعين طرحه هو ما إذا كانت المدرسة قادرة على الاستمرار في خلق شيء مشترك أم أن دورها سيقتصر على وضع الطلاب قبالة أجهزة الكمبيوتر”[7]؟ يكتب في ها الإطار:” المدرسة التي أدعو إليها هي مدرسة التضامن…آمل أن يكون هذا هو الاتجاه الذي نسير فيه… ولكن لا شيء مؤكد اليوم، على العكس، هناك خطر محتمل من اختيار مسار تفاقم الفردانية و تزايد الرغبة في الوصولية الفردية”[8]. و بمعنى أخر إلى أي حد يسمح هذا النموذج البيداغوجي (التعليم الرقمي)،الذي تسرب إلى المؤسسة المدرسية مع هذا الوباء و الحجر الصحي الذي صاحبه والذي بدأ يفرض نفسه بشكل تدريجي على حساب الطابع الجمعي أو المشترك الذي من أجله تأسست المدرسة و به تتحدد ماهيتها، للأطفال، اكتشاف أن الصالح العام ليس حاصل الجمع بين المصالح الفردية؟ فثمة صعوبات كثيرة اعترت هذا النموذج التعليمي مست أقطاب المثلث الديداكتيكي كاملة: المدرس و التلميذ و المادة المعرفية. كما مست أيضا أسر التلاميذ، بشكل يجعل منه آلية غير قابلة لتعويض الدراسة الحضورية، فهو يحرم المتعلمين من دفء التواصل المباشر و التفاعل الحي سواء مع أساتذتهم أو مع بعضهم البعض، و يطوقهم بجدار الوحدة، و يجعلهم ينزعون إلى العزلة و الانطواء. و لا يخفى ما يتولد عن ذلك من شعور بالذاتية و الأنانية و الاغتراب الاجتماعي، و ما ينشأ عنه من فتور في علاقتهم بوالديهم[9].
خلافا لما سبق، و ضدا على هذا” الكسر الرقمي”، يذكر فيليب ميريو بالدور الرئيسي للمؤسسة المدرسية في تطور و نمو المتعلمين باعتبارها المجال الضروري للجماعة و التضامن و خلق المشترك.
إن التعليم عن بعد عبر التكنولوجيا الرقمية سيزيد، لا شك في ذلك، في عدم المساواة بين المتعلمين ودون إثارة مسألة قدرة الجميع على الوصول إلى الرقمي أو عدم القدرة على ذلك، فانه سيضاعف من اللاتكافؤات بين المتعلمين: فالرقمي مهم بالنسبة للمتعلمين الأذكياء و الذين لديهم رغبة و دافعية للتعلم. أما بالنسبة للذين يكونوا أقل موهبة، أي هؤلاء الذين لا تكون لديهم دافعية للعمل و الذين لا يعرفون كيف ينظمون أنفسهم والذين لا يستطيعون التمييز بين ما هو أكثر فائدة أو نفعا لهم و ما هو أكثر سهولة فاهم لا يستفيدون أي شيء .ذلك أن ميزة التلميذ ” الجيد”أنه دائما يبدأ من الأكثر صعوبة لأنه يعرف التمييز بين المفيد و السهل ومن ثم فهو يركز على الصعب و يترك السهل لأنه يعرف كيف يقوم به. في الوقت الذي نجد فيه التلميذ الذي لديه صعوبات في التعلم يبدأ بما هو أكثر يسرا وما يعرف القيام به ولا يحاول مع هو أصعب أو يظهر له أنه كذلك. ومن هنا نلاحظ أن تقديم تعلمات أو تمارين موحدة لكل المتعلمين دون استثناء يفاقم في اللاتكافؤ بينهم .يتعين إذن “التوقف عن “تقديس” الرقمي، لأنه في الواقع، لا يحل مشاكل إلا بالنسبة لهؤلاء الذين لا مشاكل لديهم أصلا، أي هؤلاء الذين توجد لديهم مسبقا الرغبة في التعلم و يتمتعون بالاستقلالية الذاتية ولهم محيط عائلي مناسب ماديا وتربويا. أما بالنسبة للآخرين فلا يمكن كما يؤكد ذلك “فيليب ميريو” أن ندخل بصددهم في منافسة مع ألعاب الفيديو ومسلسلات نيتفليكس Netflix [10]لأننا أكيدا سننهزم.
نفس الإطار تدعونا الباحثة شارلوط فيلول Charlotte Fillol إلى توخي الحذر، و تذكرنا بأن التعليم هو قبل كل شيء تجربة اجتماعية و ليس تجربة افتراضية [11]. ولكي يكون هناك تعلم لابد من وجود علاقة جد معقدة بين المعلم والمتعلم واتل بدونها لا يمكن أن نتحدث عن تعلم بالمعنى الحقيقي للكلمة. إن التعلم هو قبل كل شيء فعل اجتماعي. إنه نتيجة المواجهة و التبادل داخل جماعة القسم . ولكي يوجد التعليم لابد أن تكون هناك علاقة و رابط بين الشخص الذي يعلم والمتعلم وأولئك الذين يتعلمون.[12] أضف إلى ذلك ما أثبتته مجموعة من الدراسات في مجال علم النفس الاجتماعي التي بينت أن الفرد لا يمكن أن يتعلم بمفرده فهو أمام الآخرين يبذل مجهودا أكثر و تزيد درجة انتباهه بل و يفهم أكثر.[13] نخلص مما سبق إلى أن التعليم عن بعد، و إن كانت قد فرضته ظروف محددة لم تكن متوقعة، ظروف وباء كورونا و أن اعتماده في جل البلدان كان ضروريا للخروج بأقل الخسارات الممكنة، فانه في الأيام العادية لا يمكن بأية حال أن يعوض التعليم الحضوري . إن للتعلم شروطه التي يحددها المختصون في الانتباه و الاستعداد النفسي و الرغبة و التفاعل ..وكلها عمليات لا يمكن أن نتأكد من حضورها و توفرها لدى المتعلم وهو بعيد عنا بالإضافة إلى أن فعل التربية لا يتوقف فقط عند مرحلة إرسال المعارف و نقلها للمتعلمين بل أساسه هو بناء القدرات وإرساء القيم و المواقف و الاتجاهات فالمعارف وحدها لا تكفي و هي ما يمكن، في أقصى الحالات، أن ننقله للمتعلم عن بعد. أضف إلى ذلك صعوبة توفر شروط التعلم عن بعد بالنسبة لكل الآسر خصوصا في البلدان الفقيرة و المناطق الهشة و هو ما يوسع الهوة بين المجتمعات و يؤبد اللامساواة و لا تكافؤ الحظوظ. ومن ثم فإذا ما أريد لهذا النموذج التعليمي أن يعتمد داخل مجتمعاتنا فانه يلزم التفكير في تحقيق كل الشروط التي يمكن لها أن تضمن نجاحه و تهيء كل الفاعلين لاعتماده تلاميذ، أسر و أساتذة. و بشكل خاص أن تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجتمعات و تجنب عرس نماذج جاهزة قد تكون ناجحة في مجتمعات أخرى و لكن ليس بالضرورة تكون ناجحة عندنا .
قائمة المراجع:
- مؤلف جماعي، جائحة كورونا و المجتمع المغربي فعالية التدخلات و سؤال المآلات، تنسيق ميلود الرحالي،منشورات المركز المغربي للأبحاث و تحليل السياسات،2020.
- مجلة علوم التربية، العدد 73، عدد خاص عن التعتيم عن بعد، أكتوبر 2020.
- Philippe Meirieu, Arrêtons de totémiser le numérique, entretien paru dans l’HEBDO,n° 1601,29 Avril2020.
- -Charlotte Fillol, Pourquoi l’éducation en ligne n’est pas l’avenir de l’école?, publié le 9 Avril 2020 à 13.57.
- -Ewa Drezda –Senkowska,Peychologie sociale nous sommes donc je suis,les grands dossiers des sciences humaines,n°59, juin-juillet-aout 2020.
5-Ewa Drezda –Senkowska,Peychologie sociale nous sommes donc je suis,les grands dossiers des sciences humaines,n°59, juin-juillet-aout 2020.
[1] – جلسة الأسلة الشفوية الموجهة لوزير التربية الوطنية و التعليم العالي بمجلس المستشارين، الثلاثاء12 مايو 2020.
[2] – الحسن حمو الهروتي، التعليم عن بعد في زمن كوفيد 19/ التجربة المغربية، مجلة علوم التربية، العدد73، أكتوبر 2020، ص 103.
[3] -Charlotte Fillol, Pourquoi l’éducation en ligne n’est pas l’avenir de l’école?, publié le 9 Avril 2020 à 13.57.
[4] – انظر جريدة أخبار اليوم، عدد 3191،يوم 1 مايو 2020.
[5] – مصطفى شكري، التعليم عن بعد في زمن كورونا، حقائق الواقع و آمال المستقبل، مؤلف جماعي، جائحة كورونا و المجتمع المغربي فعالية التدخلات و سؤال المآلات، تنسيق ميلود الرحالي، منشورات المركز المغربي للأبحاث و تحليل لسياسات 2020، ص 140.
[6] -Philippe Meirieu, Arrêtons de totémiser le numérique, entretien paru dans l’HEBDO,n° 1601,29 Avril2020
[7] -Pilippe Meirieu ,op.cité.
[8] – فليب ميريو، الحوار المتمدن،عدد 66 بتاريخ 16 ماي 2020 .
[9] – حياة شتواني، التعليم عن بعد زمن الكورونا: الواقع و الآفاق،مجلة علوم التربية، العدد 73،أكتوبر 2020، ص 167.
[10] -Philippe Meirieu,op cité.
[11] -Charlotte Fillol,op.cité.
[12] -Charlotte Fillol,op.cité.
[13] -Ewa Drezda –Senkowska,Peychologie sociale nous sommes donc je suis,les grands dossiers des sciences humaines,n°59, juin-juillet-aout 2020,p.39.