الاتجاهات النظرية في سوسيولوجيا التنمية
Theoretical directions in development sociology
ط.د.معاذ النجاري/جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس، المغرب
Research Student Mouad Ennejjari /University of Sidi Mohamed Ibn Abdullah Fez ,Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 81 الصفحة 117.
ملخص:إن المتأمل في مختلف الاتجاهات النظرية في سوسيولوجيا التنمية في كثير من الأحيان إلا دعوة مقنعة للاقتداء بالغرب، لقبول ما يقترحه علينا من إديولوجيات، من مناهج ومن حلول، وبديهي أن ما يتوخاه من وراء ذلك هو أساسا الحفاظ على امتيازاته. وقد تبين أن نقل التكنولوجيا وتقنيات الغرب، وحده، لا يمثل حلا بالنسبة لمشكل التخلف هذا بالإضافة إلى أن نقل التكنولوجيا يؤدي إلى نتائج إيديولوجية خصوصا في ظهور نخبة تعتمد على التكنولوجيا للتحكم في المجتمع وتسييره هذه النخبة غالبا ما تكون مفصولة عن الجماهير ومرتبطة بالمركز الرأسمالي
الكلمات المفتاحية: السوسيولوجيا، التنمية، الإيديولوجيا، الغرب، النظرية.Abstract:
The one who contemplates the various theoretical trends in the sociology of development is often a convincing invitation to follow the example of the west, to accept what he proposes to us in terms of ideologies, approaches and solutions,and it is evident that what he seeks from behind this is mainly to preserve its privileges.it has been shown that the transfer of technology and the techniques of the west, alone, does not represent a solution to this problem of back wardness, in addition to that the transfer of technology leads to ideological results, especially in the emergence of an elite that depends on technology to control and run society. this elite is often separated from the masses and linked to the capitalist center.
Keywords: sociology, development, ideology, the western, theory.
مقدمة:
يرى Yves Goussault أن سوسيولوجيا التنمية هي سوسيولوجية التناقضات الكبرى والصراعات الحادة، المرتبطة بشكل لصيق بالحركات الاجتماعية([1]).
إن سوسيولوجيا التنمية هي سوسيولوجيا التدخل، فهي بالأساس مرتبطة بالتغيرات المجتمعية الناتجة عن تدخلات الرأسمال والدول في مختلف القطاعات الاجتماعية كالبنيات الشمولية للمجتمع، بهذا المعنى هناك سوسيولوجيا الاستراتيجيات والتدخلات لا يمكن فصلها عن الحركات والصراعات التي تعززها أو التي تستجيب لها. إن هذا المفهوم لسوسيولوجيا التنمية يضيئ بعض الملاحظات عن أهمية النشاطات المطبقة (مواكبة المشاريع) ([2]).
ويرى Rojer Bastide أن سوسيولوجيا التنمية تركز على التغيرات الاقتصادية التي ينبغي أن تفرز تغيرات البنية الاجتماعية ثم وعبرها تغيرات العقليات، وقد أعطى لهذه السوسيولوجيا وظيفة تحديد معايير التخلف والتي قد تكون اقتصادية وديموغرافية واجتماعية([3]).
أما Jacques Lombard فيرى بأن سوسيولوجيا التنمية تقترح على نفسها تحليل المعايير وشروط التغير الاجتماعي الناتج بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر عن مبادرة الفاعل الاجتماعي([4]).
فسوسيولوجيا التنمية هي تحليل التغير الذي يعرفه مجتمع ما قبل صناعي لبناء مجتمع جديد ([5]).
وبناء على هذا الأساس،نتناول سوسيولوجيا التنمية انطلاقا من التساؤلات الآتية ماهي الإتجاهات النظرية الرئيسية التي تبلورت داخلها ؟ وماهي بالتحديد المهام الراهنة والمستقبلية المنوطة بها؟.
أولا: إشكالية التنمية من منظور سوسيولوجيا مرحلة التأسيس
لقد تأثر علم الاجتماع المعاصر تأثرا كبيرا بمفاهيم ونظريات علم الاجتماع القرن التاسع عشر الذي يمثل فترة من أهم فترات تشكل المفاهيم و النظريات السوسيولوجية والذي كان استجابة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي مرت بها المجتمعات الأوربية وقتئذ وأهمها الثورة الصناعية والثورة الفرنسية. إلا أن التحولات الحاسمة التي طرأت على المجتمع الدولي المعاصر في القرن العشرين وضعت علم الاجتماع الغربي الكلاسيكي في مأزق حرج،إذ بدا وكأنه عاجز عن تفسير التحولات الجديدة. والواقع أنه إذا كانت مفاهيم ونظريات رواد علم الاجتماع الغربي تنطبق بشكل عميق على واقع ومشكلات المجتمعات الأوربية التي تشكلت في ضوء خبرات الثورتين الصناعية والبورجوازية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فإنها لاتنطبق بنفس العمق على واقع ومشكلات المجتمعات غير الأوربية التقليدية والمعاصرة، ويبدو أنها لاتنطبق كذلك حتى على تطور المجتمعات الأوربية المعاصرة نفسها.
لذلك فإن الإيمان المطلق بما ذهب إليه الرعيل الأول من علماء الاجتماع (أوجست كونت، وهربرت سبنسر، وماكس فيبر،ودوركايم) لن يمكننا من فهم عميق للقضايا والمشكلات التي تميز المرحلة الراهنة من تطور المجتمع المعاصر كقضايا التخلف والتنمية والتضخم السكاني والاستعمار والتبعية والعولمة الاقتصادية والصراع الإثني- السلالي والثقافي والعنصري والحضاري والتلوث والحروب البيولوجية والكيميائية والعنف الداخلي والإرهاب الدولي والجريمة المنظمة واقتصاد التهريب وثورة الاتصالات والعلمو التكنولوجيا والتفاوت بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، تلك القضايا التي ترتبط ارتباطا وثيقا بظاهرة المجتمع الدولي المعاصر باعتبارها إحدى ظواهر القرن العشرين([6]).
وبالرغم من أن علم الاجتماع القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين لن يمكننا من فهم عميق لإشكالية التنمية، إلا أنه لا ينبغي مع ذلك تجاهل الموقع الذي تحتله أفكار كل من كارل ماركس وماكس فيبر في ما يتعلق بفهم التنمية وخاصة التنمية الرأسمالية في المجتمع الأوربي. ورغم أن ماركس (الذي كان عالم اقتصاد لكن نظريته تضمنت معطيات سوسيولوجية خالصة هامة بالنسبة لعلم الاجتماع) وفيبر قدما نظريتين متعارضتين في معالجة نشأة الرأسمالية وطبيعتها، إلا أنهما تبنيا وجهة نظر تاريخية بنائية في تحليل التغيرات الأساسية التي أدت إلى ظهور النظام الرأسمالي باعتباره أسلوب التنمية الأساسي الذي حققت من خلاله الدول الرأسمالية الصناعية تنميتها([7]) .
ويمكن القول بأن ماركس وفيبر قد أسهما في دراسة عملية التنمية وإن كان من الصعوبة عزل وجهتي نظرهما في التنمية عن السياق النظري العام لأفكارهما.
لقد تناول ماركس التنمية من خلال معالجته لتحول المجتمع الإقطاعي (التقليدي) إلى مجتمع رأسمالي (حديث).وهكذا فالتنمية (أو التحديث) تنشأ من خلال ما أطلق عليه ماركس التراكم الأولي لرأس المال الذي أدى عبر سلسلة من التغيرات الاقتصادية إلى تفكك المجتمع الإقطاعي وظهور النظام الرأسمالي الصناعي. غير أن التنمية عند ماركس ليست عملية اقتصادية بحتة، ولكنها أيضا عملية اجتماعية ،فقد استندت التنمية الرأسمالية إلى القوة الدافعة التي تميزت بها الطبقة البورجوازية والتي مكنتها من التجديد والتطوير. وهكذا فالبورجوازية تعتبر في نظر ماركس الأداة الاجتماعية التي من خلالها تحققت عملية التنمية. وهكذا فالبورجوازية تعتبر في نظر ماركس الأداة الاجتماعية التي من خلالها تحققت عملية التنمية. ويؤكد ماركس السمة العالمية للتنمية الرأسمالية فرغم أنها نشأت في أوربا إلا أن آثارها عمت مناطق مختلفة من العالم بما في ذلك العالم المتخلف. وهنا يؤكد ماركس الدور الثوري الذي لعبته الامبريالية البريطانية في الهند باعتبارها كانت تمثل ثورة في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للهند وآسيا بوجه عام([8]).
ويذهب ماركس وإنجلز إلى أنه من خلال المرحلة المتقدمة من النمو الرأسمالي يصبح المجتمع أكثر تقدما وتحديثا، وحينئذ يميل نحو الاستقطاب المتمثل في الصراع بين البورجوازية (التي تصبح طبقة محافظة) والبروليتاريا (التي تسعى إلى التغيير وتقلد مقاليد السلطة) وتلك هي الأوضاع التي تفضي إلى مرحلة المجتمع الشيوعي الذي يهدف إلى تحرير الإنسان من القيود وإلى تكامله مع نفسه ومع الطبيعة. ومن الركائز الهامة التي يقوم عليها فهم ماركس للتنمية أنها عملية ثورية تشمل تحولات أساسية على مستوى الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وأنها شأن أي تغيير جذري لابد أن تنتج صراعا بين القوى الاجتماعية التي تسعى إلى التغيير وتلك التي تعارضه.
ورغم أهمية نظرية ماركس للتنمية إلا أنها لا تخلو من نقط ضعف واضحة مثل تأكيدها قدرة الأسلوب الرأسمالي في التنمية على مساعدة المجتمعات المتخلفة على تجاوز تخلفها الأمر الذي يدحضه تطور الدولي المعاصر. كما بالغت هذه النظرية في تقدير الدور الثوري للبورجوازية التي فقدت في أغلب الدول المتخلفة خصائص الإنجاز والفعالية والمبادرة وأحجمت عن تقديم الإسهام المطلوب في التنمية.
أما ماكس فيبر فقد انصب اهتمامه – شأنه شأن ماركس- على معالجة نشأة النظام الرأسمالي باعتباره نمط التنمية الأساسي في المجتمع الأوربي، إلا أنه سعى إلى البحث في طبيعة العلاقة بين الأفكار الدينية والاتجاه نحو النشاط و التنظيم الاقتصادي. فقد أوضح أن الرأسمالية الغربية ظاهرة فريدة، وهي ترتكز على مجموعة من العمليات الاقتصادية القائمة على الترشيد والعمل والإنتاج من أجل السوق والفعالية المهنية والإبداع، وتلك هي خصائص الرأسمالية الغربية التي تميزها عن أنواع الرأسمالية الأخرى التي عرفت في بعض المجتمعات خلال مراحل سابقة([9]). وعندما عمد فيبر إلى تحليل الخصائص السلوكية أو السيكولوجية لشعوب المجتمعات الرأسمالية الغربية وجد أن الرأسمالية الحديثة نشأت من خلال العقيدة البروتستانتية وأخلاقياتها الاقتصادية وذلك لما ترتكز عليه هذه العقيدة البروتستانتية وأخلاقياتها الاقتصادية، من مبادئ كتقديس العمل وجمع المال وأهمية العقل …إلخ، وهي نفس المبادئ التي يستند عيها تنظيم الاقتصاد الرأسمالي. وهكذا فإن نشأة الرأسمالية في نظر فيبر لا ينبغي أن تدرس من خلال تحليل التناقضات بين تطور القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج كما فعل ماركس، وإنما ينبغي أن تدرس من خلال البحث في الاتجاهات السيكولوجية التي تشكلت منها عقلية النظام الاقتصادي الإقطاعي. وهكذا بالغ فيبر في إرجاع أصول الرأسمالية إلى روح العقيدة البروتستانتية. ويمثل هذا جانبا أساسيا من النقد الذي يمكن توجيهه إليه، خاصة أن فيبر قد أهمل عوامل هامة كالامبريالية والاستعمار والتجارة والثورة التكنولوجية، وهي كلها عناصر لا ينبغي تجاهلها عند محاولة تفسير شامل لنشأة وسيرورة التنمية الرأسمالية باعتبارها أسلوب التنمية الأساسي في المجتمع الغربي.
ثانيا: الاتجاهات النظرية الحديثة في سوسيولوجيا التنمية
أ- اتجاه النماذج أو المؤشرات
إن هذا النموذج من التنظيم –الذي صممه علماء اجتماع واقتصاد غربيون- هو عبارة عن استخلاص السمات والخصائص الأساسية للمجتمعات الغربية – بصفتها مجتمعات العالم الثالث المتخلفة.([10])
هذا الاتجاه هو أكثر الاتجاهات النظرية شيوعا في دراسة الدول النامية، ويتخد هذا الاتجاه شكلين أساسيين: الأول كمي والثاني كيفي ويتأسس على:
أولا: تحديد ما يعد الخصائص العامة للمجتمع المتقدم بوصفها مؤشرات “نماذج مثالية”.
ثانيا: تحديد ما يعد أو يعتقد بأنه الخصائص العامة للمجتمع المتخلف وعملية التنمية (أوالتغير الاجتماعي – الاقتصادي) المراد إحداثها أو التي تحدث بالفعل.
ثالثا: صياغة نموذج يعبر عن تحول المجتمع من حالة التخلف إلى حالة التقدم.([11])
ولقد لخص kind leberger الإجراءات التي يتبعها هذا الاتجاه بقوله:”يمكننا عزل السمات النموذجية المثالية المعبرة عن التخلف عن تلك المعبرة عن التقدم، بحيث تتبقى لنا السمات التي هي بحاجة إلى تنمية والتي من أجلها يجب أن تخطط المشروعات”([12]).
والتنمية من هذا المنطلق هي عملية تحول من نموذج الى آخر.
وقد أشار بيرت هوسيلتز Hoselitz باعتباره أحد أبرز ممثلي هذا الاتجاه- الى أن هناك ثلاث متغيرات يمكن أن تنطوي على أهمية بالغة في دراسة التخلف والتنمية، فالمجتمعات المتقدمة تشهد متغيرات :العمومية والأداء والتخصص، في حين تشهد الدول المتخلفة المتغيرات المقابلة وهي :الخصوصية، والنوعية، والانتشار. وفي اعتقاده ،يمكن للدول المتخلفة أن تحقق تنميتها عن طريق التخلي عن متغيرات النمط( النموذج )السائدة فيها وتبني أو اكتساب واستيعاب متغيرات النمط النموذج السائدة في الدول المتقدمة([13]).
ب- الاتجاه التطوري المحدث
تركزت مختلف الجهود المبكرة لمفكري القرن التاسع عشر حول محاولة فهم تلك العملية التطورية التاريخية، التي قادت أوربا إلى مرحلة الاقتصاد الصناعي، وقد ساعد ذلك الاهتمام على ظهور نظريات كثيرة ومختلفة للتطور الاجتماعي ،استعار بعضها فروضه ومفهوماته من العلوم البيولوجية، وطبقها على التطور في المجالات الإنسانية، كما فعل لويس مورجان، وهربرت سبنسر…إلخ من وراء هذا الاتجاه.
واتجهت النظرية التطورية في تفسيرها لحركة المجتمعات البشرية، وجهة شمولية كلية، عن طريق تحويل الفروض الأساسية فيها إلى ما يشبه النماذج المثالية التي تنطبق بالضرورة على كل الحالات، وعلى كل المجتمعات، ونلاحظ ذلك بوضوح في فكرة الثنائيات التي تميزت بها تلك النظريات ،والتي ماتزال حتى الآن تستخدم كمحكات أساسية للتفريق بين التقدم و التخلف ،سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ومن تلك الثنائيات، ثنائية فرديناند تونيز F.Toennies في كتابه الشهير الجماعة المحلية والمجتمع (1887) والذي فسر فيه تغير أنماط العلاقات الاجتماعية وتحولها من مرحلة إلى مرحلة من خلال استخدام مصطلحين أساسيين هما([14]): الإرادة الإنسانية الرئيسية وهي ذات صفة عضوية غريزية في الإنسان ثم الإرادة التحكمية وتمثل الجانب الواعي والمقصود للإرادة الإنسانية.
أما ماكس فيبر فإنه هو الآخر قد كرس كل جهوده للبحث عن تفسير لحركة الترشيد المتصلة للحياة الاجتماعية، وكتاباته لا تخلو من مثل ذلك النسق الثنائي في تفسير تطور المجتمعات وتحليل النظم الاجتماعية المختلفة.
وعلى ضوء هذا التقسيم لمراحل التطور، نجد علماء أكثر معاصرة يستخدمون نفس الطريقة في دراساتهم للمجتمعات الحديثة ،كروبرت ردفيلد Redfield الذي يفرق بين النمطين من النظم الاجتماعية باستخدام مصطلحي الثقافة الشعبية والثقافة الحضرية. ومثله فعل ليرنرlerner في استخدامه مصطلحي الحداثة والتقليدية([15]) .
ومثلهم فعل تالكوت بارسونز Talcot Parsons الذي طور تلك الثنائيات الى عدد كبير من المتغيرات لتحليل التخلف والتنمية، أطلق عليها اسم متغيرات النمط ،وأشهرها مايلي ([16]) :
1-الوجدانية في مقابل الحياد الوجداني.
2-المصلحة الذاتية في مقابل المصلحة الجمعية.
3-العمومية في مقابل الخصوصية.
4-الأداء في مقابل النوعية.
5-التخصص في مقابل الانتشار.
وتمثل هذه المتغيرات النمطية، على حد تعبير هوسيلتز منهجا تحليليا للتعرف على الملامح الاجتماعية للنمو الاقتصادي أو درجة التقدم في أي مجتمع من المجتمعات. فكلما كان المجتمع متقدما مالت فيه الأدوار نحو الأداء، والعمومية، والتخصص وتغليب المصلحة العامة ،وكلما كان متخلفا اتسمت الأدوار فيه بتغليب المصلحة الذاتية والانتشار، والخصوصية والنوعية.
والواقع لو أمعنا النظر في المفاهيم الذي قدمها بارسونز وغيره من التطوريون استطعنا القول بأن هذه المفاهيم قد استحدثت من أجل تقديم وصف غامض لمراحل تطورية تحكمية قد تم تحديدها تحديدا تعسفيا، هم إذا كما يقول جيرتز Geertz لا يقدمون لنا أكثر من شيء واحد هو: »أن ما حدث كان يجب أن يحدث« .([17])
أما والت روستو Rostow فقد قدم نظريته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وصفها بالشمول والشمول والواقعية والوضوح. وتمثل هذه النظرية –كما يقول روستو-بديلا عن نظرية ماركس في تطور المجتمعات ولقد ذهب إلى أن المجتمعات تمر –أو يجب أن تمر – بمراحل خمس أساسية:
المرحلة الأولى: المجتمع التقليدي.
المرحلة الثانية: المجتمع الانتقالي أو التهيؤ للانطلاق.
المرحلة الثالثة: مرحلة الانطلاق أو مرحلة الثورة الصناعية.
المرحلة الرابعة: مرحلة النضج أو الاتجاه نحو النضج.
المرحلة الخامسة: مرحلة الاستهلاك الوفير ومرحلة الاستهلاك الشعبي العالي.
المرحلة الأولى: المجتمع التقليدي
يتميز المجتمع التقليدي بإنتاج محدود يرتكز على وسائل إنتاجية متخلفة تعتمد على علم وتكنولوجيا بدائية تعود إلى عصر ما قبل نيوتن([18]) وبالرغم من ذلك فإن المجتمع التقليدي لا يعتبر مجتمعا جامدا، فهو لا يستثني الزيادات في الإنتاج والمساحة المزروعة يمكن أن تتوسع وتنشأ بعض الابتكارات التي تدخل في الميدان الصناعي والزراعي والتجاري، كما وأنها تدخل في أعمال الري مما يؤدي إلى اكتشاف وانتشار محصول زراعي جديد([19]) .
لكن الحقيقة الأساسية في المجتمع التقليدي هي وجود حد أو سقف لما يمكن أن يبلغه إنتاج الفرد الواحد لقد نتج هذا السقف من أن الاحتمالات التي تأتي من العلوم والتكنولوجيا الحديثة كانت أم مفقودة أولم تكن مطبقة بشكل منظم، وبسبب التقصير والقيود المفروضة على الإنتاجية كان على هذه المجتمعات أن تخصص نسبة عالية من مواردها للزراعة. وبفعل هذا النظام الزراعي تكون بناء اجتماعي هرمي، لقد لعبت العلاقات القبلية والعائلية دورا كبيرا في التنظيم الاجتماعي، القوة السياسية تتركز في أيدي الذين يمتلكون الأرض، فسيد الأرض المدعوم من حاشيته يمارس تأثيرا كبيرا على الأوضاع السياسية.
المرحلة الثانية: المجتمع الانتقالي أو التهيؤ للانطلاق.
تتميز بحدوث تغيرات كبيرة في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة كما تظهر أفكار واتجاهات عديدة وجديدة تصاحب التغيرات الاقتصادية.([20])
وقد اتضحت الظروف المهيأة للانطلاق في دول أوربا الغربية في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، عندما بدأت هذه الدول استخدام العلوم الحديثة لأداء وظائف إنتاجية في الحقلين الزراعي والصناعي، وعند ذلك ظهر شيء من التوسع في الأسواق العالمية واشتد التنافس من أجلها، وقد كانت انجلترا من أول الدول الغربية التي دخلت هذه المرحلة في الربع الأخير من القرن السابع عشر، فموقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية واستقرارها النسبي في الشؤون السياسية هيآت لها كل مقومات الانطلاق. وليس معنى ذلك أن الظروف المهيأة للانطلاق ينبغي أن تنبعث من الداخل كما كان الحال في انجلترا في ذلك الوقت، وإنما قد يحدث العكس بالنسبة لبعض الدول المتخلفة اليوم حين تتهيأ لها هذه الظروف من تدخل منظم واقتباس علمي خارجي من جانب دول أو مجتمعات أكثر تقدما، وفي هذه المرحلة تتسم التجارة الخارجية بازدياد حجم الاستيراد الذي يتمول من عائدات الموارد الطبيعية وتصدير مواد الخام، وفي هذه الحالة يحدث تطوير في وسائل النقل لأن مصلحة الدول المستوردة للخام تتطلب تطوير وسائل النقل وتخفيض كلفة تصديره.([21])
ويؤكد روستو أن التقدم الاقتصادي في هذه المرحلة ليس ممكنا فحسب بل إنه شرط لازم لغرض آخر، هو خلق الكرامة الوطنية وتوفير الربح الخاص والرفاهية العامة وتحقيق ظروف أفضل للجيل الجديد. وبالنسبة للتعليم فإنه يخضع لتطور يتلاءم مع التطور الذي يجري في المجال الاقتصادي، وتبرز النوازع للادخارات من أجل الحصول على الربح .
المرحلة الثالثة: مرحلة الانطلاق أو مرحلة الثورة الصناعية
تركز هذه المرحلة في القضاء على معوقات النمو الاقتصادي وإحداث تغييرات جذرية في أدوات الإنتاج بواسطة الوسائل التكنولوجية وتشجيع العاملين والابتكارات.([22])
كما تعرف هذه المرحلة توسعا في سرعة الصناعات الجديدة خلال مرحلة الإقلاع، معطية أرباحا بنسبة ضخمة، يعاد استثمارها في مصنع جديد، وتحت تلك الصناعات بدورها، من خلال الطلب السريع المتسع على عمال المصانع على توفير الخدمات، والسلع المصنعة الأخرى، تحدث عملية التوسع كلها في القطاع الحديث زيادة في الدخل الذي بين يدي المدخرين بمعدلات عالية وهم يضعون مدخراتهم أيضا تحت تصرف أولئك المنخرطين في نشاطات القطاع الحديث.([23])
المرحلة الرابعة: مرحلة النضج أو الاتجاه نحو النضج.
مرحلة النضج أو «الاتجاه نحو النضج” ليس من السهل الوصول إلى مرحلة النضج، لأن ذلك يتطلب مرحلة انتقالية تتراوح مدتها حسب روستو ما بين 50و60 سنة “ويرى روستو بأن انجلترا مرت بهذه المرحلة سنة 1850 وأمريكا في 1900وألمانيا وفرنسا في سنة 1910 واليابان سنة 1940،أما الاتحاد السوفياتي ،فقد مر من هذه المرحلة سنة 1950“([24]) ويتميز المجتمع في إطار هذه المرحلة بعدة مظاهر كانتشار الطرق ووسائل الإنتاج الحديثة، والاستثمار وتصدير الفائض من الإنتاج الصناعي وانخفاض نسبة العاملين في الزراعة وانتقال القيادة من الأشخاص الذين كونوا ثروات عن طريق ملكيتهم للمصنع إلى أشخاص أكفاء وتغير الأفكار والتطلعات لدى الأفراد.
المرحلة الخامسة: مرحلة الاستهلاك الوفير ومرحلة الاستهلاك الشعبي العالي.
تتميز هذه المرحلة بارتفاع متوسط دخول الأفراد وتزايد معدلات الاستهلاك وتظهر الرفاهية في المجتمع وبما أن الأساس التقني موجود ،ينشأ مجتمع الرفاه نتيجة شيوع بضائع تساعد على ذلك ،كاستعمال السيارات والثلاجات والغسالات الكهربائية وأجهزة الراديو والتلفزيون وغيرها كثير وبالطبع يشهد متوسط الدخل الفردي تطورا ويقول روستو “إن الولايات المتحدة الأمريكية أول من دخل هذه المرحلة، تلتها بلدان أوربا الغربية فاليابان أما الاتحاد السوفياتي ،فيقف على عتبة هذه المرحلة ويؤكد روستو أن وصول الاتحاد السوفياتي إلى مستوى الاستهلاك العالي سيؤدي إلى انحلال وسقوط الاشتراكية“([25]) وفي نظر روستو،تتم هذه المرحلة بثلاثة أمور هامة: أولاها اتساع القوة الخارجية للدولة وتخصيص اعتمادات عسكرية هائلة ،ثانيهما تحقيق أهداف إنسانية بفرض ضرائب تصاعدية لتقليص الفوارق الطبقية وثالثهما التوسع في مستويات الاستهلاك.
إلا أن النظرية التطورية تعرضت لمجموعة من الانتقادات الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
*الخطأ في تحديد العوامل المساعدة والمعوقة للتنمية ويرجع ذلك إلى سبب أساسي هو تباين الأسس المعرفية لتلك النظريات الأمر الذي يصعب معه تبني إحداها دون الأخرى ،برغم أنها جميعا تتعامل مع ظواهر التقدم والتخلف بصورة نمطية واضحة.
*أخدها لمسألة تقدم الدول الصناعية كمسلمة مطلقة وبالتالي فكل ما عداها متخلف بالضرورة، وهذا الحكم ليس من السهل التسليم به، إذ أن نماذج التنمية والتخلف تتطلب تحديدات دقيقة نسبيا على ضوء دراسات إمبريقية عميقة طويلة.
*تقيد هذه النظريات بأنماط تاريخية، واجتماعية في إصدار تلك التعميمات حول التقدم والتخلف، كالدراسات التي كان يقوم بها بعض الأنتروبولوجيين وعلماء الاجتماع لمناطق متفرقة من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وانطلاقا من تلك الحالات المحددة صاغت تلك النظريات –خاصة المحدثة منها- مقولاتها الأساسية.
*إغفال موضوع السيطرة الخارجية من قبل الدول الغنية على نظيرتها الفقيرة، ويقوم هذا الإغفال على سبب أساسي هو اعتبار النظريات التطورية للحركة التاريخية ميكانيزما وحيدا وحرا في الانتقال بالمجتمعات من مرحلة إلى أخرى وبصورة حتمية([26]).
ج- الاتجاه الانتشاري
يعتبر أصحاب هذا الاتجاه أن التنمية شكل من أشكال التغير الاجتماعي تتم بواسطة الانتشار الثقافي أو الحضاري من نقطة مركزية، وهذه النقطة المرجعية الإشعاعية –في نظرهم- في القرن العشرين، هي الغرب، وبالتالي، فإن هذا النوع من التغير الاجتماعي يتم بالقدر الذي ينقل فيه الغرب إلى المجتمعات المتخلفة مقومات التقدم وهي: المعرفة العلمية والتقنية ورأس المال والمهارات والقيم الغربية.([27])
ويتم كذلك بالقدر الذي تكون فيه هذه المجتمعات المتخلفة مستعدة لتقبل واستيعاب هذه المقومات المادية وغير المادية للتقدم.
وهكذا وبمرور الوقت واستمرار عملية الانتشار هذه تتحول المجتمعات المتخلفة تدريجيا إلى مجتمعات ذات هياكل ومؤسسات وعلاقات مماثلة لما هو سائد في مجتمعات ذات هياكل ومؤسسات وعلاقات مماثلة لما هو سائد في مجتمعات غرب أوربا وأمريكا الشمالية، وستحل القيم والعلاقات الحديثة محل القيم والعلاقات التقليدية وسيحل اقتصاد السوق والصناعة محل اقتصاد الكفاف والزراعة المتخلفة وستحل التكنولوجيا العلمية محل التكنولوجيا البدائية.([28])
فالتنمية حسب هذا الاتجاه تتمثل أساسا في نقل رؤوس الأموال والتكنولوجيا، والقيم، والنظم من دول العالم الغربي إلى دول العالم الثالث، وأنه إذا ما أرادت الدول الأخيرة أن تحقق تنميتها فما عليها إلا أن تخلق صورا آسيوية أو إفريقية وأمريكا اللاتينية من الحضارة الغربية.([29])
وباختصار شديد يدعو هذا الاتجاه مجتمعات العالم الثالث إلى استقبال الليبرالية الرأسمالية بمختلف فروعها بصدر رحب .
لعل أول اعتراض يتبادر إلى الذهن هو أن كل النظريات التي تدخل في إطار هذا الاتجاه الانتشاري مضللة وسطحية وساذجة، فهل من المعقول أن نطلب من مجتمعات نبذ ثقافتها الأصلية لصالح ثقافة غازية، مع العلم أن هذه العملية التي يصعب اعتبارها بتنموية لا تقدم ضمانات كافية تثبت نجاحها وقدرتها على مساعدة المجتمعات الفقيرة على أن تتحول إلى مجتمعات غنية؟ ألم ينتبه أصحاب هذا الاتجاه إلى المخاطر المترتبة عن ذلك، كالاجتثاث أو الاستدمار الثقافي وحرمان هذه الشعوب من هويتها الثقافية والحضارية الأصلية؟ أليست الانتشارية مجرد إيديولوجيا تبريرية هدفها الأسمى إثبات تفوق الثقافة الأوروبية والأمريكية، وبالتالي سيطرتها المطلقة على سائر مرافق الحياة داخل مجتمعات العالم الثالث.([30])
ولاشك أن معالجات أصحاب هذا الاتجاه لقضية تنمية الدول المتخلفة تنطوي على تضليل بالغ، إذ أنهم يغفلون تاريخ الدول المتخلفة والمتقدمة على السواء، فالمؤكد أن الاستعمار قد لعب دورا خطيرا في كبح نشاط المنظمين الوطنيين إضافة إلى تركيز تحليلات هؤلاء على أن القيم “التقليدية” السائدة في دول العالم الثالث تمثل مصدرا للفساد داخل هذه البلدان.([31])
د- الاتجاه السيكولوجي أو السلوكي
يركز هذا الاتجاه على أن عملية التنمية رهن بتغيير أفراد المجتمع على مستوى القيم والحوافز والسلوكات ،فهم يلاحظون أن المجتمعات التي حققت تنمية في الماضي، أو التي تحققها في الحاضر، كانت محظوظة بوجود عدد كبير من الأفراد الذين يتصفون بالطموح والرغبة العارمة في الإنجاز، والقدرة على التقمص، والتصور لأدوار وإمكانيات مستقبلية. وهؤلاء الأفراد هم الذين يحملون على أكتافهم عبء نقل مجتمعهم من إطاراته التقليدية المتخلفة المحدودة، إلى إطارات حديثة متقدمة ذات دفع تنموي دائم، وهؤلاء طموحهم أوحاجتهم للانجاز.([32])
فإذا كان المجتمع لا يضم هذا النوع من الأفراد بأعداد كافية، فعليه أن يزيد من أعدادهم بوسائل مختلفة من أهمها قصص الأطفال التي تمجد صفات البطولات الفردية الطموحة، ومن أهم منظري هذا الاتجاه في السنوات الأخيرة هم دافيد ماكليلاندDavid Maclellandالذي ركز في بحثه على الدوافع المحركة للتاريخ والتنمية ويلخصها بشكل رئيسي في الدافع إلى الإنجاز لدى الأشخاص والذي يمثل خاصية عقلية. فالأمم التي لديها درجة أعلى على مقياس الحاجة للإنجاز (كما يكشف عن ذلك الأدب الشعبي وكتب الأطفال…إلخ) تتطور وتنمو بشكل أسرع، والنتيجة التي يمكن استخلاصها من ذلك هي أن رفع مستوى الحاجة إلى الإنجاز مطلب أساسي لتحقيق التنمية غير أن ماكليلاند أوضح بعد ذلك أن الحاجة إلى الإنجاز ليست كافية بذاتها وأن العامل الأساسي الآخر المحدد للتنمية هو “الاهتمام بشؤون الآخرين”،والإستراتيجية التي يقترحها ماكليلاند لإحداث التنمية هي حشد مصادر الانجاز العالي السائدة في المجتمعات المتقدمة (كالولايات المتحدة الأمريكية) لكي تعمل هذه المصادر جنبا إلى جنب المصادر “النادرة” للحاجة إلى الإنجاز السائدة في الدول المتخلفة، ومن ذلك يبدو واضحا أن ماكليلاند قد وصف الدول المتخلفة
“بالكسل” كما أنه قد تجاهل علاقات القوة (التاريخية والمعاصرة) بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، كذلك يذهب ماكليلاند إلى أنه حالما تبدأ التنمية يتكون لدى الناس حاجة متزايدة إلى الإنجاز.([33])
أما هيجن Hagen فقد ذهب إلى أن الشخصية النمطية التي توجد في المجتمعات التقليدية هي شخصية “غير خلاقة” و”تسلطية”، وأنها تتصف بهاتين الخاصيتين بسبب وجود خصائص المجتمع “التقليدي” الذي تسيطر عليه التقاليد والبناء الاجتماعي المستند إلى المكانات المكتسبة.([34])
ويتفق هيجن مع ماكليلاند في نقطة أساسية هي: أن المستوى العالي من الإبداع والخلق هو الشرط الأساسي لإحداث التنمية الاقتصادية، ذلك أن الشخصية “الإبداعية” تتميز بتوافر الحاجة الشديدة إلى الإنجاز، والقوة، والاستقلال والنظام والانتظام.
فإلى أي حد تستطيع المتطلبات السلوكية الضرورية لعملية التنمية الاقتصادية أن تشكل بمفردها نظرية شاملة للتنمية؟ وماهي درجة صدقها الإمبريقي وملاءمتها النظرية وفعاليتها الإجرائية؟ هل المسألة سهلة وبسيطة للغاية؟ ماهي صلاحية المقاربة السيكولوجية للتنمية الاقتصادية والتغير الثقافي؟ وهل يجرؤ المرء على تجاهل العلاقة الوطيدة القائمة بين إشكالية التنمية وإشكالية الاختيارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية سواء على المستوى العالمي أو على المستوى الوطني؟ لقد صدق اندري جوندر فرانك حين قال بأن” تطبيق دول العالم الثالث لما ذهب إليه ممثلوا هذا الاتجاه لن يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة هي: التخلف”.فماكليلاند يقترح على هذه الدول أن “تزيد من درجة دافعية الأفراد” ثم ينصحها بعد ذلك ب”زيادة الاهتمام بالبروتستانتية “و”رفع نسبة التعليم” ويدعم ماكليلاند وجهة نظره بالاستشهاد بما ذهب إليه بعض الكتاب أمثال سبنسر “أبو الداروينية الاجتماعية” وتوينبي (زعيمالتوماسية المحدثة) وفرويد(صاحب نظرية التحليل النفسي) فهؤلاء الكتاب في رأي ماكليلاند، لم يكونوا تقدميين بدرجة كافية، لأنهم لم يفطنوا إلى حقيقة أساسية هي أن شدة دافعية الأفراد يمكن أن تؤدي إلى تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع .ولسنا هنا بحاجة إلى توضيح سذاجة ماذهب إليه ماكليلاند. كما أننا لسنا بحاجة إلى الكشف عن الاستخفاف الذي أظهره هيجن حينما ذهب إلى أن المسائل التي تعين على تحقيق التنمية الاقتصادية اهتمام الآباء بتزويد أطفالهم بقصص بطولية توضح الدور الذي يلعبه الإنسان في تغيير البيئة المحيطة به([35]).
ه- الاتجاه الماركسي المحدث أو اتجاه التبعية
اكتسبت المدرسة الماركسية المحدثة مكانة متميزة داخل تراث العلوم الاجتماعية خلال عقد السبعينات على وجه الخصوص ولقد ظهرت تلك المدرسة من خلال الجدل الذي ثار في أمريكا اللاثينية خلال الأربعينات حول مشكلات وقضايا التخلف، خاصة في ظل العجز الذي منيت به نظريات التحديث وفشلها في تفسير مظاهر
التخلف التي تعاني منها شعوب العالم الثالث نظرا لتمركزها حول المجتمعات الغربية وإهمالها للبعد التاريخي لعملية التنمية فضلا عن اتسامها بالثبات والسكون.
لذا فقد حاول منظري الماركسية المحدثة طرح منظور فكري بديل نابع من العالم الثالث، ويشكل في الوقت ذاته نظرية تنموية بديلة عن الفكر التنموي الغربي وبالطبع فلقد وجدت المدرسة الماركسية المحدثة من مجال العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع –كما يقول سويدبرج-نقطة انطلاقها الأساسية لمحاولة تغيير الكثير من الأفكار التقليدية للماركسية بما يتلاءم مع طبيعة وتطورات العصر الحديث ،وظروف المجتمعات المتغيرات في العالم الثالث.([36])
وتجدر الإشارة هنا إلى نشأة هذا النمط من الفكر الماركسي الجديد أتى استجابة لوجود تجارب ناجحة لتطبيق الماركسية في الدول النامية، وبصفة خاصة بعد ظهور زعماء مثل “ما وتسي تونغ” استطاعوا أن يغيروا واقع مجتمعاتهم.
يعد بول باران Paul Baranمن أبرز المؤسسين لهذه المدرسة خاصة في كتابه “الاقتصاد السياسي والتنمية” الذي نشر عام 1957،حيث يمثل علاقة تحول بارزة في النظرية الماركسية سواء في مضمونه النظري أو بالنسبة للمسائل التي تناولها، ولهذا أدان رأسمال الاحتكاري باعتباره سببا للكساد والركود في كل من الدول المتقدمة والدول المتخلفة، كما يعتبر باران أول منظر ماركسي يتناول الدول المتخلفة كشيء يستحق الدراسة في حد ذاته كما تميز” باران” عن سابقيه بصفة أساسية في أنه قد نظر إلى تطور الرأسمالية في الدول المتخلفة باعتبارها عملية تختلف عن تلك التي مرت بها الدول المتقدمة في فترة سابقة من التاريخ وقد صار هذا المدخل أساسيا بعد ذلك في الفكر الماركسي حول عملية التخلف.([37]) كما يؤكد بول باران على دور الاستعمار في تخلف المجتمعات النامية باعتباره المسؤول الأول عن وجود اقتصاد متخلف في هذه المجتمعات، ووضعه لأسس النظام السياسي الذي لا يتلاءم مع نوعية البناءات الاجتماعية والثقافية فيها، وزيادة نوعية الامتيازات الممنوحة إلى الطبقات الغنية والفقيرة، وتأثيرها على عمليات الاستهلاك، وعدم تكوين رأس المال اللازم للاستثمار، علاوة على خلق طبقة عمالية غير منتجة ،وطبيعة الأجهزة الإدارية والتنظيمات غير العقلانية، وارتباط الإنتاج بطبيعة حجم البطالة وغيرها من المشكلات الأخرى ،وعلى هذا ركز “باران” على أهمية تحليل مشكلة التنمية الاقتصادية في المجتمعات النامية، ووضع بعض الحلول لمشكلة التخلف الاقتصادي في هذه المجتمعات، ومنها ضرورة تبني خطط التنمية الشاملة حتى لا تعطي مجالا أكثر للقطاع الخاص ويحقق مكاسب كبيرة، وتؤدي وظيفتها لتحسين مستوى وفاعلية الاقتصاد العام، علاوة على تأييده لفكرة الإصلاح الزراعي للحد من تأثير القوى الاقتصادية وارتباطها بالنظام السياسي، وزيادة الاستهلاك بواسطة صغار الفلاحين إلا أنه في نفس الوقت، يؤكد أهمية للمشروعات الزراعية كبيرة الحجم، كما اتهم الشركات العالمية باستغلال العالم الثالث ومحاولة زيادة نفوذها واستغلالها بواسطة الرأسمالية الغربية.([38])
أما سمير أمين، فقد قدم بدوره إسهامات متميزة في هذا المجال. ونخص بالذكر”التراكم على الصعيد الرأسمالي، نقد نظرية التخلف”، و”التطور اللامتكافئ: دراسة في التشكيلات الاجتماعية للرأسمالية المحيطية”. تعتبر نظرية التراكم على الصعيد العالمي محاولة نقدية جادة سعت إلى دمج عناصر التجربة الخاصة لدى الباحث مع بعض المساهمات النظرية المتقدمة التي قام بها آخرون، راهنت على النقد والانفتاح وإثارة أكبر عدد ممكن من الأسئلة وأقل عدد ممكن من الأجوبة بحيث تصبح كل الأجوبة أسئلة جديدة على غرار العمل الفلسفي. وتمتاز كذلك بتحليل السياق الواحد الذي هو في نفس الوقت سياق النمو في المركز وسياق التخلف في الأطراف أو على الأصح نمو التخلف على حد تعبير فرانك.دققت في محتوى مفاهيم مختلفة: التعاظم، النمو، ومفهوم التعاظم بلا نمو، التحديث الذي يشكل العالم الثالث حاليا موضوعا له بامتياز. وما يثير الانتباه هو رفض سمير أمين لمختلف التحليلات الشائعة للتخلف لأنها عبارة عن محاولات نظرية مدقعة([39]) . وحدد التخلف انطلاقا من الخصائص البنيوية الآتية:
1-تفاوت الإنتاجية في القطاعات.
2-تضعضع أو عدم تمفصل البنيان الاقتصادي.
3-السيطرة الخارجية.
وتطرق سمير أمين لكل هذه الأسباب بإسهاب ودقة في صفحات عديدة من بحثه حول نظرية التراكم على الصعيد العالمي. وانتهى إلى أن التبعية للخارج (تبعية مالية، تبعية تجارية) هي مصدر الوضع المتخلف ونتيجة في آن واحد. “فظاهرة التبعية هي واحدة من مميزات عصرنا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكلما تقدم التعاظم الاقتصادي، كلما ازدادت حدة كل واحدة من هذه الخصائص التي تتحدد بها بنية الأطراف، لا العكس. في حين أن التعاظم في المركز هو نمو، أي أن له فعلا دمجيا تكامليا (يدمج الاقتصاد حتى يصبح كلا متماسكا)،نجد أن التعاظم في الأطراف ليس نموا، لأنه يضعضع (يضعضع البنية الاقتصادية عوضا عن رصها). تعاظم الأطراف المبني على الانخراط في السوق العالمية هو بالمعنى الحقيقي نمو التخلف”([40]). ولم يلبث سمير أمين أن تساءل عن شروط النمو في الأطراف، فأجاب بأن القضاء على سياسة التثميروسياسة التعاظم بلا نمو تستلزم بالضرورة وضع سياسة إنمائية ذاتية المركز، تتضمن ثلاث مراحل منطقية متكاملة:
1-تحديد استراتيجية شاملة للإنماء.
2-صياغة الأهداف القطاعية المتماسكة مع الاستراتيجية الشاملة.
3-اختيار المشاريع على المستوى الميكرواقتصادي البسيط وتحديد سياسات جزئية (للأجور، للضرائب، للتمويل، للأسعار الخ) متماسكة مع الأهداف القطاعية.([41])
إلا أن اعتماد سياسة تفترض حسب سمير أمين فك الارتباط بالسوق العالمية. حيث يقول: «إن القطيعة مع السوق العالمية هي الشرط الأول للنمو. وكل سياسة إنماء تقع ضمن إطار الانخراط في هذه السوق ينبغي أن تكون فشلا، لأنها عاجزة عن أن تكون أكثر من “أمنيات طيبة” حول” المساعدة الخارجية الضرورية”. فالإطار الذي تتجلى ضمنه هذه السياسة، ليس، والحالة هذه، في أحسن أحواله إلا رسما كاريكاتوريا للمشروع المطروح، لأن زمام السيطرة على العلاقات الجوهرية يفلت من يد المخطط المحلي، وعندما يحيق اليأس بالتكنوقراطي الذي يقع ضحية الإيديولوجية الاقتصادية فإنه يرضى، والحالة هذه، بمساومات جديدة، قوامها الانعكاف نحو”الواقعية” أي القبول، بين أمور أخرى، بتحليل المشاريع ضمن الإطار المعمول به إطار الإيرادية على الصعيد الذي تفرضه المنظومة العالمية…إن فشل التخطيط في العالم الثالث-فشلا لا مراء فيه لأن الفارق مازال يتعاظم بين هذا العالم والمركز-ليس له من منشأ جوهري سوى رفض هذه القطيعة مع السوق العالمية. إن نظريات الإنماء التي يصيغها الاقتصاديون الليبراليون في الغرب (البنك الدولي للإنماء والتعمير Bird،منظمة التعاون والإنماء الاقتصاديين OCDE)
والاقتصاديون في المدرسة الروسية، تلتقي جميعا عند هذه النقطة الجوهرية، رفض القطيعة مع السوق العالمية([42]) .وعلى هذا الأساس نجد، في واقع الأمر بأن نمو الرأسمالية الطرفية يعبر، بحق عن نمو حالة التخلف التي يعززها التخصص الدولي غير المتكافئ. ومن جديد، تناول سمير أمين إشكالية التخلف وإشكالية التبعية في بحث آخر يحمل عنوان: التطور اللامتكافئ، دراسة في التشكيلات الاجتماعية للرأسمالية المحيطية. حيث يرى بأن تحليل أصول وتطور التخلف يرتبط أوثق الارتباط بالتمحيص الدقيق والملموس للعناصر التالية:
1-نظرية الانتقال إلى الرأسمالية المحيطية.
2-تخارج الاقتصادات المتخلفة Extraversion d’économies sous développées.
3-التهميش.
4-التبعية بمختلف أشكالها: التجارية والمالية والتكنولوجية.
5-طريق الانتقال المسدود.([43])
فالتبعية نتاج طبيعي وحتمي للتخصص الدولي الذي فرضه المركز وأحد العوامل المسؤولة عن عدم الانسجام في العلاقات الدولية. ولم يلبث سمير أمين –بعد تشخيصه للتشكيلات الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية المحيطية – أن أبرز الدور المتميز الذي يلعبه المحيط في آلية التراكم على الصعيد العالمي([44]).
خاتمة:
لقد تطرقنا لأهم الاتجاهات النظرية الحديثة سوسيولوجيا التنمية، في فهمها لظاهرتي التنمية والتخلف، تؤكد أولا أن التنمية تعني من ضمن ما تعنيه التقدم نحو أهداف معينة محددة بوضوح، أهداف مشتقة من واقع الدول المتقدمة. ثانيا أن الدول المتخلفة سوف تتقدم أو تتجه نحو نموذج الدول المتقدمة، عندما تتمكن من التغلب على عقبات اجتماعية و سياسية وثقافية، ثالثا إن هناك عمليات اقتصادية وسياسية وسيكولوجية يمكن تحديدها وحصرها. ومن شأن ذلك معاونة دول العالم الثالث على تحقيق حشد شامل لمواردها القومية. رابعا وأخيرا ضرورة التنسيق بين القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة(داخل المجتمع) من أجل تدعيم سياسة التنمية وتحديد الأساس الإيديولوجي الذي يمكن من خلاله تحديد علاقة الدول المتخلفة بدول العالم الأخرى فيما يتعلق بمهام أو واجبات التنمية.
قائمة المراجع:
- السيد محمد الحسيني: التنمية والتخلف، دراسة تاريخية بنائية، دار الكتاب للتوزيع، القاهرة، مصر، ط1،
- محمد عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف الدار العربية للكتاب، دار المعارف بمصر، ط3 ،1977.
- نيقولا تيماشيف: نظرية علم الاجتماع ،طبيعتها تطورها، ترجمة محمود عودة وآخرون، دار المعارف بمصر.
- عبد الملك المقرمي: الاتجاهات النظرية لثراث التنمية والتخلف في نهاية القرن العشرين، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط،1 1991.
- تيمونز روبرتس، ايمي هايت: من الحداثة إلى العولمة، ترجمة سمر الشيشكلي، مراجعة: أ. محمود ماجد عمر، سلسة عالم المعرفة ،عدد:309،2004.
- جمال حلاوة، علي صالح: مدخل إلى علم التنمية، دار الشروق للنشر والتوزيع، الأردن، ط1،
- بوبوف : نقد علم الاجتماع البورجوازي المعاصر ،ترجمة نزار عيون السود، دار دمشق للطباعة والنشر، 1994.
- عبد السلام فراعي: التربية والتنمية في مغرب ما بعد الاستقلال، أطروحة نيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس،1994.
- محمد ياسر الخواجة: علم الاجتماع الاقتصادي، بين النظرية والتطبيق،ط1،الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع،1998.
- سمير أمين: التراكم على الصعيد العالمي، نقد نظرية التخلف، ترجمة حسن قبيسي، دار ابن خلدون للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.
- سمير أمين: التطور اللامتكافئ، دراسة في التشكيلات الاجتماعية للرأسمالية المحيطية، ترجمة برهان غليون، دار الطليعة، بيروت،1974.
- Yves Goussaulet: “ou En est la sociologie du développement”, revue tiers monde, N°90, Avril, – Juin 1982.
- Jacques Lombard :”la sociologie et le développement, pluridisciplinarité ou spécificité”, Revue tiers monde, n° 90, Avril- Juin, 1982, p :
- Richard Iroka: Sociology of development www.sociology of development.com.
[1]-Yves Goussaulet: “ou En est la sociologie du développement”, revue tiers monde, N°90, Avril, – Juin 1982, p: 242.
[2]-Ibid, p 242.
[3]-Jacques Lombard:”la sociologie et le développement, pluridisciplinarité ou spécificité”, Revue tiers monde, n° 90, Avril- Juin, 1982, p :247.
[4]-Ibid, p :255.
[5]-Richard Iroka:Sociology of development www.sociology of development.com.
[6]-السيد محمد الحسيني: التنميةوالتخلف، دراسة تاريخية بنائية، دار الكتاب للتوزيع، القاهرة، مصر،ط1، 1980ص:11-14-15.
[7]– نفس المرجع السابق،ص:22.
[8]– نفس المرجع،ص:22.
[9]– السيد محمد الحسيني: التنمية والتخلف، دراسة تاريخية بنائية، مرجع سابق،ص:43-44.
[10]– محمد عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف الدار العربية للكتاب، دار المعارف بمصر، ط3،1977،ص:52.
[11]-السيد محمد الحسيني، وآخرون: دراسات في التنمية الاجتماعية، دار المعارف بمصر،1977، ص:52.
[12]– السيد محمد الحسيني، وآخرون: دراسات في التنمية الاجتماعية، مرجع سابق ، ص:52.
[13]– نفس المرجع السابق، ص:58.
[14]-نيقولا تيماشيف: نظرية علم الاجتماع، طبيعتها تطورها، ترجمة محمود عودة وآخرون دار المعارف بمصر،ط4،ص:361.
15- عبد الملك المقرمي: الاتجاهات النظرية لثراث التنمية والتخلف في نهاية القرن العشرين، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط1 1991،ص:34.
[16]– نيقولا تيماشيف: نظرية علم الاجتماع، نفس المرجع السابق،ص:155.
17– طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث في المنهج، دار الطليعة، بيروت، 1983،ص:125.
[18]– تيمونز روبرتس،ايمي هايت :من الحداثة إلى العولمة، ترجمة سمر الشيشكلي، مراجعة: أ.محمود ماجد عمر، سلسة عالم المعرفة ،عدد:309،2004،ص:154.
[19]– طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث في المنهج، مرجع سابق،ص:125.
[20]-جمال حلاوة، عليصالح: مدخل إلى علم التنمية دار الشروق للنشر والتوزيع، الأردن ،ط،20091،،ص:54.
[21]– طلال البابا: قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث في المنهج، مرجعسابق، ص:126.
[22]– جمال حلاوة، علي صالح: مدخل إلى علم التنمية، مرجع سابق، ص:154.
[23]– تيمونز روبرتس، ايميهايت: من الحداثة إلى العولمة، ترجمة سمر الشيشكلي، مرجع سابق،ص:158.
[24]– بوبوف: نقد علم الاجتماع البورجوازي المعاصر، ترجمة نزار عيون السود دار دمشق للطباعة والنشر، 1994، ص:77.
[25]– نفس المرجع السابق ،ص:77.
26–عبد الملك المقرمي: الاتجاهات النظرية لثراث التنمية والتخلف في نهاية القرن العشرين، مرحع سابق ،ص:36-37.
[27]-محمود عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف، الدار العربية للكتاب،ط2،ص:82.
28– محمود عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف، دار العربية للكتاب، بمصر، مرجع سابق ،ص:82.
[29]-السيد محمد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية، دار المعارف،بمصر،ط،3،1977، ص:76.
[30]– عبد السلام فراعي :التربية والتنمية في مغرب ما بعد الاستقلال ،مرجع سابق ،ص:106.
31– السيد محمد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية مرجعسابق، ص:84.
[32]-محمود عبد المولى: العالم الثالث ونمو التخلف، مرجع سابق، ص:83.
[33]– السيد محمد الحسيني: دراسات في التنمية الاجتماعية مرجع سابق،ص:95.
[34]-نفس المرجع السابق، ص:95.
35-عبد السلام فراعي:التربية والتنمية في مغرب ما بعد الاستقلال، أطروحة نيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس،1994،ص:113.
36-محمد ياسر الخواجة: علم الاجتماع الاقتصادي، بين النظرية والتطبيق، ط1، الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع،1998، ص:97.
[38]– محمد ياسر الخواجة :علم الاجتماع الاقتصادي، بين النظرية والتطبيق، مرجع سابق،ص:100.
[39]– سمير أمين: التراكم على الصعيد العالمي، نقد نظرية التخلف، ترجمة حسن قبيسي،دار ابن خلدون للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان،ص:69-70.
[40]– نفس المرجع،ص:44.
[41]– نفس المرجع، ص:57.
[42]-سمير أمين: التراكم على الصعيد العالمي، نقد نظرية التخلف، مرجع سابق، ص:61.
[43]-سمير أمين التطور اللا متكافئ، دراسة في التشكيلات الاجتماعية للرأسمالية المحيطية، ترجمة برهان غليون، دار الطليعة،بيروت،1974،ط1 ،ص:155-225.
[44]-نفس المرجع ،ص:215-221.