نشأة الطبيعة القضائية العسكرية من الثورة إلى الاستقلال
Article Title: The Genesis of the Military Judicial Nature from Revolution to Independence
د/ عائشة عبد الميد جامعة الشادلي بن جديد الطارف – الجزائر
Dr Aicha Abdelhamid University of Chadli Benjdid Etarf
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 31 الصفحة 91.
الملخص:
المخابرات أو الاستخبارات، هي جهاز ومؤسسة من مؤسسات الدولة تختص بجمع المعلومات وتحليلها، عادة مما تعمل على تنفيذ سياسات الحكومة، المخابرات أحدهما يعتني بجمع المعلومات عن البلدان والمؤسسات الأجنبية ويقومها.
والثاني يدافع عن الأمة ضد التجسس، والأعمال الأخرى التي تستهدف إضعاف البلاد، وهذا النوع من المخابرات يتمثل في وكالات مكافحة المخابرات أو وكالة مكافحة التجسس، وتشارك بعض الوكالات مكافحة المخابرات في عمليات سرية أي أن تتولى بشكل سري أنشطة سياسية مصممة للتأثير في مجرى بلدان أجنبية وهي تحتاج لقدرات فائقة وعالية من الذكاء.
الكلمات المفتاحية: جهاز المخابرات العامة؛ وزارة التسليح؛ الثورة التحريرية؛ الاستقلال؛ الجوسسة.
Abstract:
Intelligence or intelligence is an apparatus and an institution of the state that collects and analyzes information, usually from which it works to implement government policies. Intelligence is one of them that takes care of collecting information about foreign countries and institutions and establishes it.
The second defends the nation against espionage and other actions aimed at weakening the country, and this type of intelligence is represented by the anti-intelligence agencies or the anti-espionage agency, and some anti-intelligence agencies participate in secret operations, that is, they covertly undertake political activities designed to influence the course of foreign countries, namely You need super abilities and high intelligence.
Key Words: General Intelligence Agency; The Ministry of Armament; The editorial revolution; Independence; Spy.
مقدمة:
لقد تكون هذا الجهاز الحساس منذ 1960 أي أثناء الثورة التحريرية ليستمر بعد الاستقلال ضمن ما يسمى بالمديرية المركزية لأمن الجيش.
ولذلك سوف نقوم بطرح الإشكالية التالية:
- كيف تكون جهاز المخابرات العامة الجزائري، ومن أهم أفراد الضبطية العسكرية طبقا لقانون القضاء العسكري الجزائري؟؟؟
- نتناول هذه النقاط في:
- أولا: تكوين جهاز المخابرات الجزائرية أثناء الثورة ؛
- ثانيا: جهاز الأمن العسكري بعد الاستقلال .
أولا: تكوين جهاز المخابرات الجزائرية أثناء الثورة
اعتمدت فرنسا منذ اندلاع الثورة التحريرية عدة خطط واستراتيجيات لضربها والقضاء عليها، ومن بين هذه الاستراتيجيات “الجوسسة” وبالمقابل سعت الثورة التحريرية بصفة عامة والولاية الخامسة بصفة خاصة إلى إنشاء جهاز الاستخبارات والاستعمالات ثم إلى تأسيس وزارة التسليح والاتصالات (M.A.L.G) سنة 1960 كرد فعل على جوسسة الاستعمار.
لقد تأسست الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958، وقد كانت على ثلاث مراحل، بالنسبة للتشكيلة الأولى من 1960-1958 كانت بقيادة فرحات عباس وقد تولى عبد الحفيظ بو الصرف وزارة الاتصالات العامة والمواصلات.
وقد تحولت في التشكيلة الثانية للحكومة من 1960 إلى 1960، برئاسة فرحات عباس، حيث تولى عبد الحفيظ بو الصرف، وزارة التسليح والاتصالات العامة.
- تشكيل وزارة التسليح والاتصالات العامة(M.A.L.G) 1962-1960:
نتيجة لتدهور الأوضاع بعد تشكيل الحكومة المؤقتة وخاصة مطلع 1959 السنة التي فقدت فيها
الثورة نصف قادة ولايتها الستة في داخل الجزائر حيث استشهد العقيد عميروش والعقيد سي الحواس يوم 29 مارس 1959، ثم الشهيد محمد بوقرة يوم 05 ماي 1959، فقد حاول قادة الثورة في الداخل أن ينقذوا الثورة ويواجهوا العدو الفرنسي[1]، فقاموا بعقد عدة اجتماعات في الفترة الممتدة من 06 إلى 12 ديسمبر 1958، توصلوا إلى تبني ضرورة توحيد الصف في الداخل ومطالبة وزراء الحكومة المؤقتة بالعودة إلى داخل التراب الوطني، والإبقاء على بعض الممثلين للحكومة في خارج، كما ندد المجتمعون للطريقة التي تأسست بها الحكومة المؤقتة، كما عابوا على قادة الثورة بالخارج تهاونهم في تقديم العون الكافي للثورة في الداخل، وانحرافهم عن المسار الصحيح للثورة، مع التوصيات والقرارات المتخذة رفقة محاضر الجلسات التي كلف بنقلها الرائد عمر أو صديق إلى الحكومة المؤقتة بتونس.[2]
ونتيجة لذلك قرر مجلس الوزراء للحكومة المؤقتة بعقد عدة اجتماعات بالقاهرة لدراسة هذه الأوضاع، وإيجاد حلول لهذه المشاكل… لذلك تقرر تشكيل لجنة من القادة العسكريين، فتم عقد اجتماع خاص بالعقداء دام 110 يوم الذي وصل فيه المجتمعون إلى إعادة تركيبة المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي أصبح يتشكل من قادة عسكريين وممثلين من فيدرالية فرنسا وممثلين لجبهة التحرير في تونس والمغرب.
كما تقرر في إطار إعطاء هذه القرارات مصداقية وشرعية دعوة المجلس الوطني للثورة الجديد لعقد مؤتمر له لدراسة أوضاع الثورة، وتجسيد توصيات اجتماع العقداء العشرة الذي أخذ على عاتقه تعديل مؤسسات الثورة دون الرجوع إلى هيئات المخولة لذلك، فعقد هذا المجلس اجتماعا له من 06 ديسمبر 1959 إلى غاية 18 جانفي 1960 بمدينة طرابلس، ومن جملة المحاور الرئيسية التي أقرها هذا الاجتماع: إعادة تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية… وتقرر كذلك بهذا المؤتمر تقليص عدد الوزارات في الحكومة، وذلك من خلال ضم كا من وزارة التسليح والتموين العام إلى وزارة الاتصالات العامة والمواصلات، لتكون وزارة واحدة تحمل اسم وزارة التسليح والمواصلات العامة… ويرجع هذا الضم إلى حرص قادة الثورة على إيجاد مخرج لمشكل التسليح.
أصبح العقيد عبد الحفيظ بوصرف على رأس هذه الوزارة التي كانت تحرص باستمرار على تطوير المهام الثلاث الرئيسية لها والمتمثلة في: اللوجستيك، المواصلات العامة والاتصالات، الاستعلامات والمخابرات والمخابرات المضادة، وكانت هذه المصالح تهتم بالاطلاع وجمع كل ما يتعلق بأخبار الاستعمار الفرنسي في مختلف المجالات: الاقتصادية، العسكرية، السياسية، الدبلوماسية.
وقد تألفت وزارة التسليح والمواصلات العامة من المصالح التالية:
- الأمانة العامة: تشرف على عملية التنسيق بين جميع المديريات ومصالح الوزارة المتمثلة في:
- المديرية الوطنية للمواصلات (D.N.T).
- المديرية الوطنية للرموز والشيفرة (D.N.C.H).
- المديرية الوطنية للوثائق والبحث (D.D.R).
- المديرية الوطنية لليقظة ومضادة الجوسسة (D.V.C.R).
- المديرية الوطنية للاتصالات (D.N.L).
- المديرية الشرقية للسوفيات والتسليح (D.L.E).
- المديرية الغربية للسوفيات والتسليح (D.L.O).[3]
زيادة على هذه المديريات التي كانت عبارة عن مصالح خاصة وتقنية، تشرف كذلك على عملية ترحيل عسكر اللفيف الأجنبي، التي تم تخصيص مصلحة خاصة لها تتكفل بجميع الإجراءات المتبعة في إنجاز هذه العملية.
وتشرف هذه الوزارة كذلك من الناحية التقنية على إذاعة السرية الجزائرية (R.D.A) التي كان يطلق عليها من طرف مصالح المواصلات “إذاعة البث الجزائرية” (Radio Diffusion Algérienne) وكالة الأنباء الجزائرية (A.P.S) فيما بعد التي تولت عملية تأسيسها هذه الوزارة.
- انعكاسات أعمالها على الثورة الجزائرية:
إن وزارة بوصوف كانت تمتلك ستة مخازن للأسلحة والعتاد في تونس وخمسة في المغرب الأقصى إلى جانب قاعدة طرابلس، كما توفرت على مراكز اتصالات عديدة في المدن المغربية والتونسية التي كانت بها قواعد جيش الحدود.[4]
… كما تمكنت الوزارة من عقد اتفاق بين مالي وغينيا والجزائر حصل من خلالها جيش التحرير على ترخيص بإمكانية الانتشار على الحدود الجزائرية المالية، وتنصيب شبكة المواصلات اللاسلكية بالصحراء، فأرسل العقيد بوصيف في نوفمبر 1960 إلى “أكرا” وفدا متكونا من خمسة أشخاص: ثلاثة من وزارة التسليح والمواصلات العامة، وهم: عبد الله بوزيد (المدعو أبو الفتح)، و ابن ناصف (المدعو العربي)، صدار سنوسي (المدعو سي موسى)، بالإضافة إلى إثنين من جيش الحدود المتواجد على الحدود الجزائرية التونسية والليبية وهما: فرحات حميدة (المدعو زكريا)، و علي بلخضر (المدعو الترقي).
كلفت بمهمة تنصيب محطة لجيش التحرير منتشرى بنواحي “قاو” “كيدال”، “تساليس”، من أجل فتح “جبهة مالي” التي تم تكليف “عبد العزيز بوتفليقة” (المدعو عبد القادر) بقيادتها بمساعدة كل من أحمد دراية وعبد الله بلهوشات ومحمد الشريف مساعديه، وبذلك تمكن رجال وزارة التسليح والمواصلات العامة من ربط الاتصال بهذه المراكز بالحدود المالية، والحكومة المؤقتة وقيادة الأركان العامة بغار الدماء بالحدود التونسية من أجل ضرب المصالح الفرنسية الاستراتيجية بالمنطقة.[5]
وقد لعبت وزارة التسليح والاتصالات العامة دورا هاما سمح لقيادة الثورة في الخارج بالاحتفاظ بقدر كبير من الانسجام والاستقلالية، لأنها جنبتها مخاطرة اللجوء إلى الاستعانة بالمصريين والمغاربة في المسائل المتعلقة بالاتصالات والاستعلامات التي كان بإمكانها إحداث ثغرة كبيرة للتداخل في الشؤون الداخلية لها، كما أنها ساهمت بقسط وفير في كسر عزلة الولايات عن القيادة الخارجية لأن جهود بوصوف أتاحت هامشا كبيرا للمحافظة على قنوات اتصال مستمرة في أغلب الأحيان بين الهيئات السياسية والعسكرية مع ولايات الداخل، وقد أكسبت الإنجازات التقنية والعملية لهذه الوزارة بوصيف سمعة ومكانة مرموقة في أعلى مراتب قيادة الثورة في سنوات 1960-1957.
كانت هذه الوزارة قد وضعت شبكات للجوسسة وخاصة في باريس، حيث جندت صحفيا ورئيس التحرير لجريدة باريسية مشهورة، كان مناضلا مخلصا في سبيل القضية الجزائرية، ولعل أهم ما زود به الثورة هو الملف الذي يحتوي المشروع الفرنسي المعد خصيصا للمفاوضات مع الحكومة المؤقتة الجزائرية، وكان هذا الملف يحتوي على خمس أجزاء يمثل كل واحد منها مرحلة تتعلق باستراتيجية المفاوضات، وقد سلم بوصوف نسخة من هذا الملف الهام إلى سعد دحلب وزير الشؤون الخارجية للحكومة المؤقتة، وعضو شمن جبهة التحرير في المفاوضات مع الحكومة الفرنسية، لكن هذا الأخير بم يأخذ الملف بجدية واعتبره مجرد تأملات صحفية ألفتها هذه المصلحة (المخابرات الجزائرية) ولكن وبمجرد افتتاح الجلسة الأولى الرسمية، غير سعد دحلب رأيه وأدرك أهمية هذا الملف، فاقترح على كريم بلقاسم بتوقيف الجلسة لمدة أسبوع، حيث درس هذا الملف جيدا وأعيد تنظيم أوراق الوفد الجزائري المفاوض لتنجح المفاوضات في الأخير.
لقد آثر بوصيف الحياد تجاه الأزمة التي عصفت بالجزائر غداة الاستقلال، وقام بإمضاء منشور وزاري يأمر فيه مصالحه إلى التحلي بالحياد وعدم التدخل في الأمور التي ليست لها علاقة بالمهام الموكلة إليهم، وهذا يدل على أن بوصيف كان يريد المحافظة عل استقرار البلاد والعمل على حقن دماء الجزائريين.
وبعد فترة وجيزة من الاستقلال انسحب بوصيف من الحياة السياسية وتفرغ للأعمال الحرة إلى أن توفي يوم 31 ديسمبر 1980 عن عمر يناهز أربعة وخمسين سنة (54) على إثر سكتة قلبية بإحدى مستشفيات باريس، ولينقل جثمانه إلى أرض الوطن حيث كان في استقباله رابح بيطاط ومحمد الشريف مساعديه والعقيد علاق.[6]
ثانيا: جهاز الأمن العسكري بعد الاستقلال
ثم إن جهاز الأمن العسكري أو ما يسمى بالشرطة العسكرية هو جهاز داخل الجيش الوطني الشعبي وتمثل إحدى مديريات وزارة الدفاع الوطني في الجزائر التابعة لقيادة الأركان العامة حيث يمارس الأمن العسكري اختصاصا عاما لا خاصا لا يحدده مجال إقليمي بل هو اختصاص وطني مطلق طبقا للمرسوم الرئاسي رقم 52-08 المؤرخ في 09 فيفري 2008 المتعلق بإحداث مصلحة مركزية للشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن التابعة لوزارة الدفاع الوطني والمحدد مهامها، حيث نصت المادة 3 منه: ” تضطلع المصلحة بمهام معاينة الجرائم المقررة في قانون العقوبات وقانون القضاء العسكري، وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما لم يفتح تحقيق قضائي بشأنها ” كما أضافت المادة 04 من نفس القانون على ما يلي: ” عندما يفتح تحقيق قضائي ، فإن المصلحة تتفقد تفويضات جهات التحقيق وتلبي طلباتها ”.
وعليه يكون اختصاص ضباط الأمن العسكري في الجرائم المرتكبة المقررة في قانون العقوبات والقضاء العسكري وهي الجرائم المالية بأمن الدولة ونظامها بوجه عام أو مما يعرف بالجرائم العسكرية المختلفة.[7]
- من أهم ضباط الأمن العسكري:
أو ما يطلق عليهم: مستخدمو مصالح الأمن العسكري، حيث يضيف القانون صفة الضبطة القضائية إلى بعض قطاعات الجيش الوطني الشعبي وهم صنف مستخدمي مصالح الأمن العسكري من الضباط وضباط الصف التي تضيف عليهم صفة ضابط الشرطة القضائية ويكون ذلك بناءً على قرار مشترك بين وزيري العدل والدفاع الوطني، وذلك بتوافر شرط أن يكون المرشح من ضباط مصالح الأمن العسكري أو ضباط الصف وإصدار القرار المشترك. [8]
حيث يعتبرون من فئة الضباط المعينة بناءً على قرار وزاري مشترك، هؤلاء لا يكتسبون صفة الضابط بقوة القانون مباشرة مثل سابقتها، بل يجب أن ترشح لذلك وتعين بناءً على قرار وزاري مشترك بين وزيري الدفاع ووزير العدل.
ويقصد بهم صف الجيش الوطني الشعبي فيشترط فيهم شرطان:
- أن يكون المترشح من مصالح الأمن العسكري أو ضباط الصف.
- أن يعين بموجب قرار مشترك بين الوزيرين المختصين لمنح صفة الضابط.[9]
وقد عدل قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بموجب القانون رقم 10-19 المؤرخ في 11 ديسمبر 2019، صلاحيات ومهام ضباط الشرطة القضائية التابعين للأمن العسكري من خلال إلغاء المادة 15 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي حصرت مهام المصالح العسكرية للأمن في جرائم المساس بأمن الدولة، مما أثر سلبا على السير الحسن للتحريات والتحقيقات في قضايا القانون العام وعلى رأسها الجرائم الضارة بالاقتصاد الوطني.
2- مقارنة المادة 45 من قانون القضاء العسكري بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية:
عددت المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية ضباط الشرطة القضائية والأشخاص المتمتعون بصفة ضباط الشرطة القضائية ما يهمنا فقط هي الفقرة 6 من المادة 15 أعلاه والتي تنص على ما يلي: ” ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع الوطني ووزير العدل ، يحدد تكوين اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة وتسييرها بموجب مرسوم ”[10] (*)
لكن بالرجوع لقانون القضاء العسكري وتحديدا للمادة 45 منه نصت على ضباط الشرطة القضائية العسكرية وهم:
- كل العسكريين التابعين للدرك الوطني والحائزين لصفة ضباط الشرطة القضائية حسب التعريف الوارد في قانون الإجراءات الجزائية، وبالإحالة لقانون الإجراءات القانونية الفقرة 4 من المادة 15 والتي تنص على ضباط الشرطة القضائية من فئة الدرك الوطني بقولها: ” ذووا الرتب في الدرك ورجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني 3 سنوات على الأقل والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني، بعد موافقة لجنة خاصة ”
وطبقا للفقرة 02 من المادة 45 [11] (*) من قانون القضاء العسكري تنص على:
- كل ضباط للقطع العسكرية أو المصلحة والمعنيين خصيصا لهذا الفرص بموجب قرار وزير الدفاع الوطني. حيث يتبعون سلميا لسلطة وكيل الدولة العسكري والذي يكون بدوره خاضعا لسلطة وزير الدفاع الوطني، مع ذكر أن ضباط الشرطة القضائية العسكرية يتصرفون طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية.
تجدر الإشارة إلى أنه حسب قانون الإجراءات الجزائية الجزائري تنص على ضباط الأمن العسكري كضباط للشرطة القضائية في القسم الثاني المادة 15 فقرة 6: على ضباط الشرطة القضائية، وعلى القسم الثالث في المادة 19 من قانون الإجراءات العسكرية يتعلق بأعوان الضبط القضائي بقولها: ” يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة وذووا الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك ومستخدمو مصالح الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية ”.
- اختصاص ضباط وضباط الصف التابعين لمصالح الأمن العسكري:
هل هو اختصاص نوعي عام أو اختصاص نوعي خاص:
لم يحدد المشرع الجزائري الاختصاص النوعي لمستخدمي المصالح العسكرية للأمن طبقا للمادة 15 فقرة 6 والمادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية في حيث وسع من اختصاصهم المكاني ليكون وطنيا.
حيث يختص ضباط الشرطة القضائية العسكرية بجرائمهم وهي:
- الجرائم العسكرية.
- الجرائم الماسة بأمن الدولة والنظام.
- الجرائم العسكرية: وهي الجرائم العسكرية الصرفة أو البحتة التي يرتكبها العسكريون [12] وهي الجرائم التي نص عليها القانون والقضاء العسكري [13] والتي نص عليها بموجب الباب الثاني وهي 3 أنواع:
- الجرائم الرامية إلى إفلات مرتكبها من التزاماته العسكرية: مثل العصيان، الفرار داخل البلاد، الفرار خارج البلاد، الفرار مع عصابة مسلحة، الفرار إلى العدو أو أمام العدو، التحريض على الفرار وإخفاء الفارين، التشويه المتعمد.
- جرائم الإخلال بالشرف أو الواجب وهي: الاستسلام، الخيانة، التجسس، المؤامرة، النهب، التدمير، التزوير، الغش، الاختلاس، إهانة العلم أو الجيش، انتحال البدل العسكرية والأوسمة، التحريض على ارتكاب أعمال مخالفة للواجب والنظام.
- الجرائم المرتكبة ضد النظام العسكري وهي: التمرد العسكري، التمرد، رفض الطاعة، أعمال العنف أو إهانة الرؤساء، أعمال العنف المرتكبة بحق الخفير أو الحارس، رفض أداء الخدمة الواجبة قانونا، أعمال العنف بحق المرؤوسين وإهانتهم، سوء إستعمال حق المصادرة، مخالفة التعليمات العسكرية [14] (*)
وهذه الجرائم لا يرتكبها إلا أفراد الجيش ولا مقابل لها على القانون العام.
- لجرائم الماسة بأمن الدولة والنظام: [15] وهي جرائم مزدوجة الصفة، فهي جريمة عسكرية طبقا لقانون القضاء العسكري وهي أيضا جريمة عادية، في قانون العقوبات أو ما يسمى بالجرائم المختلطة وهي الجرائم التي وقع تجريمها في قانون القضاء العسكري مع وجود نص آخر له في قانون العقوبات وهي الجرائم التي ورد نص عليها في المواد من 61 إلى 90 من قانون العقوبات الجزائري وهي:
- جرائم الخيانة والتجسس نص عليها قانون القضاء العسكري بموجب المواد 277 إلى 282 من ق ق ع. تقابلها المواد 61 إلى 64 من قانون العقوبات.
- جرائم التعدي الأخرى على الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني بموجب المواد 65 إلى 76 من قانون العقوبات ويقابلها المواد 286 إلى 297 من قانون القضاء العسكري.
- الاعتداءات والمؤامرات والجرائم الأخرى ضد سلطة الدولة وسلامة أرض الوطن بموجب المواد 77 إلى 83 من قانون العقوبات ويقابلها المواد 283 إلى 285 من قانون القضاء العسكري.
هنالك جرائم عسكرية كثيرة تتشابه من حيث المصطلح مع جرائم القانون العام دون تشابهها في المضمون ونذكر:
- الخيانة والتجسس: المادة 277 من قانون القضاء العسكري وتقابلها المادة 61 من قانون العقوبات.
- العصيان: المواد 254-137-304 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 183 من قانون العقوبات.
- الفرار أو الهروب: بموجب المادة 258 وما يليها من قانون القضاء العسكري ويقابلها 188 وما يليها من قانون العقوبات.
- التزوير والغش: المادة 293 وما يليها من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 197 وما يليها من قانون العقوبات.
- الاختلاس: المادة 295 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 29 من قانون رقم 01-06 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
- إهانة العلم أو الجيش: المادة 300 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 160 مكرر و 146 من قانون العقوبات.
- العنف: المادة 310 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 264 وما يليها من قانون العقوبات.
- النهب والتدمير: المادتين 286 و 288 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 411 من قانون العقوبات.
- انتحال البذلة العسكرية والأوسمة والشارات: المواد 298 و 299 من قانون القضاء العسكري ويقابلها المادة 244 من قانون العقوبات.
أما بقية الجرائم فهي جرائم لا نظير لها في قانون العقوبات فهي جرائم عسكرية صرفة مثل:
- التمرد: المادة 305 من قانون القضاء العسكري، بينما نجذ قانون العقوبات تنص عليها في المادة 88 وما يليها على جرائم المساهمة في حركات التمرد.
- التمرد العسكري: المادة 302 من قانون القضاء العسكري.
- رفض الطاعة: المادة 307 وما يليها من قانون القضاء العسكري بمخالفة التعليمات العسكرية، المادة 324 وما يليها من قانون القضاء العسكري.
- التشويه المتعمد: المادة 273 وما يليها من قانون القضاء العسكري.
- جرائم الإخلال بالواجب والشرف: المادتين 275 و 276 من قانون القضاء العسكري.
- جنايات التقتيل والتخريب المخلة بالدولة: بموجب المواد 84 إلى 87 من قانون العقوبات.
- الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية: بموجب المواد 87 مكرر إلى 87 مكرر من قانون العقوبات.
- جنايات المساهمة في حركات التمرد: بموجب المواد 88 إلى 90 من قانون العقوبات.
وبذلك يكون مهام الأمن العسكري : الحفاظ على الانضباط العسكري داخل المؤسسة العسكرية.
- السيطرة على أي تحرك عسكري مشبوه في السلم أو الحرب.
- القيام بالتحريات والتحقيق الأمني (الشرطة القضائية العسكرية) في حالة وقوع أي جنح، جنايات، مخالفات قانونية داخل الجيش.
- متابعة القضايا المتصلة بالأمن القومي من الناحية العسكرية (الاستطلاع – جمع المعلومات عن حركات العدو الميدانية – التنسيق مع المخابرات)
- التأكد من انضباط أفراد الجيش (ضباط وصف ضباط و جنود)
- تأمين الثكنات والمديريات والمراكز التابعة للمؤسسة العسكرية.
وتجدر الإشارة إلى أن اختصاص الضبطية القضائية العسكرية وضباط الأمن العسكري يكون في حالة الجرائم العسكرية الصرفة أو عندما تكون أمام الجرائم الماسة بأمن الدولة عندما يرتكبها عسكريون لأن هذا النوع من الجرائم هي جرائم مختلطة أي يمكن أن يقوم بها عسكريون أو يقوم بها مدنيون وقد سلك المشرع العسكري مسلكا خاصا عند توقيع العقوبة على شخص عسكري لتحقيق أهداف معينة منها تشديد العقوبة المقدرة للجريمة.
وتجدر الإشارة إلى أن المادة 32 من قانون القضاء العسكري تعطي اختصاصا عاما في زمن الحرب بالنسبة لجرائم أمن الدولة سواء كانت جنايات أو جنح.[16]
الخاتمة:
يعتبر قانون القضاء العسكري ذو خاصية منفردة وذاتية خاصة، ثم إن النصوص الواردة لافيه والتي تحيل إلى قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجزائية لا تعني تبعيته لقانون معين، ولكن المقصود به هو تكملة قواعد وأحكام القضاء العسكري، لأن قانون القضاء العسكري يخاطب أفراد معنيين بذواتهم وهذا راجع لخصوصية القضاء العسكري طالما أن المحاكم العسكرية هي محاكم أحادية الدرجة، وأحكامها نهائية غير قابلة للاستئناف وذلك فالأحكام العسكرية لا تصدر أحكاما ابتدائية لأن القضاء العسكري يطبق على الجرائم العسكرية التي تتسم بقدر من الخطورة ما يجعلها مجالا لتطبيق الصرامة والتعجيل وهدم هدر الوقت، لأنها تمت بالمصلحة العسكرية للجماعة وهذا ما يعني استقرار وأمن المجتمع والدولة.
وعليه نخلص إلى النتائج التالية:
- وسع قانون القضاء العسكري الجزائري من دائرة ضباط المصالح العسكرية كما وسع الضباط مهامهم.
- حيازة صفة الضبطية القضائية العسكرية بموجب قانون الإجراءات الجزائية وقانون القضاء العسكري.
- اختصاصهم على مجال الجرائم العسكرية وكذلك جرائم المساس بالنظام العام.
ونتوصل إلى ما يلي:
- إن الجذور التاريخية لجهاز الأمن العسكري في الجزائر يجعله جهازا مخولا بأشد الجرائم خطورة.
- لقد كان لهذا الجهاز المشابه دورا لا يستهان به أثناء مرحلة العشرية السوداء.
- ضرورة التكامل بين قانون الإجراءات الجزائية وقانون القضاء العسكري.
قائمة المصادر والمراجع:
- الأمر رقم 02-15 المؤرخ في 23 يوليو 2015، المعدل لقانون الإجراءات الجزائية الجزائري بموجب الأمر رقم 155-66.
- الأمر رقم 156-66 المؤرخ في 8 يونيو 1966، المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم.
- بكرادة جازية، قيادة عبد الحفيظ بوالصوف للولاية الخاصة، مذكرة ماستر، قسم تاريخ، جامعة تلمسان، 2012، 2013.
- صلاح الدين جبار، اختصاص القضاء العسكري، المجلة الجزائرية، عدد1، 2010.
- صلاح الدين جبار، طرق وإجراءات الطعن في أحكام المحاكم العسكرية وفقا للتشريع الجزائري، دار هومة، 2016.
- عبد الله أوهابية، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، التحري والتحقيق، دار هومة، الجزائر، 2004.
- عبد الله أوهابية، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، دار هومة، الجزائر، 2018.
- عثمان بن الطاهر، الجزائر تودع فقيد الثورة عبد الحفيظ بوصوف، مجلة أول نوفمبر، (ع،47)، 1980
- عمار بوحوش، التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية 1962، ط1 دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1997.
- القانون رقم 14-18، المؤرخ في 29 يوليو 2018، المتضمن قانون القضاء العسكري.
- نبيل صقر، فراح محمد الصالح، التشريعات العسكرية نصا وتطبيقا، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 2008.
- نجاة بية، المصالح الخاصة والتقنية لجبهة التحرير الوطنية، 1962-1954، ط1، منشورات الخبر، الجزائر، 2010.
- نصر الدين هنوني، دارين يقدح، الضبطية القضائية في القانون الجزائري، دار هومة، 2009.