السياسة السكنية بالمغرب وسؤال التنمية الحضرية؛ نحو فهم أبعاد العلاقة
The housing policy and the issue of urban development; To understand the dimensions of relationship between them
ط.د. مينة البوركي/جامعة القاضي عياض، المغرب
Phd Student .Mina EL Bourki/University Cadi Ayyad, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 80 الصفحة 59.
ملخص:
تهدف الدولة من خلال سياستها السكنية إلى محاربة كافة الاختلالات والأزمات التي تعرفها المدن على هذا المستوى السكن، عبر تبني مقاربة شمولية هادفة للنهوض بالمجال الحضري وتنميته. وقد جاءت هذه الورقة البحثية كمحاولة للإطلاع على بعض تدخلات الدولة في قطاع السكن، وخصوصا الجانب المرتبط بالقضاء على كافة أشكال السكن الغير اللائق، وتوفير أخر للفئات المحدودة الدخل والمتوسطة في إطار ما يسمى بـ “السكن الاجتماعي” وكيف أنه ساهم في تحقيق التنمية الحضرية.
وبما أن السياسة السكنية حققت نتائج مهمة في التقليص من حدة بعض الظواهر الاجتماعية كالفقر والبطالة وتوفير سكن لفئات متعددة، لكنها في المقابل أغفلت مجموعة من جوانبكتلك المرتبطة بالأبعاد الاجتماعية والثقافية للسكن. وهذا ما سنوضحه من خلال هذا المقال عبر تبني مقاربة سوسيولوجية لمعالجته.
الكلمات المفتاحية: السياسية السكنية، التنمية الحضرية، العلاقات الاجتماعية، العشوائيات، السكن الاجتماعي.
Abstract:
The Moroccan government, through its housing policy, aims to combat all the imbalances and the crises that many cities face, by adopting a holistic approach that works toward the development of the urban spaces.
This research paper came as an attempt to look at some of the state’s interventions in the housing sector, especially the aspect related to eliminating all forms of inappropriate housing and providing adequate lodging for low- and middle-income groups through the program called “social housing”. It will also show how this social housing contributes to achieving urban development.
Although the housing policy has achieved important results in reducing some social phenomena such as poverty and unemployment and providing a home for multiple groups, it has neglected other aspects that are fundamentally related to the social and cultural dimensions of the housing.
This is what we will explore through this article by adopting a sociological approach to explain it.
Keywords: Housing policy, Urban development,social relation, slums, social housing.
مقدمة:
يعتبر السكن من المواضيع التي حظيت باهتمام السوسيولوجيا الحضرية الفرنسية، حيث أولت العناية منذ ظهورها لمجموعة من المشاكل والأزمات التي كانت سائدة بعد الحرب العالمية الثانية، والمرتبطة بشكل أساسي بفشل المشاريع المتعلقة بالتصميم الحضري، وعجز المهتمين بالتعمير والتهيئة عن معالجة المشاكل الاجتماعية الناتجة عن التضخم الحضري، كما أن مشاريع التعمير ولاسيما المرتبطة بإنشاء المجمعات السكنية لمواجهة أزمة السكن لم تساهم إلا في بروز مشاكل اجتماعية جديدة ذات بعد ثقافي. إن الاهتمام بمثل هذه المواضيع كان له تأثير بالغ على جيل الستينات والسبعينات الشيء الذي ساهم في بروز السوسيولوجيا الحضرية النقدية مع ثلة من الباحثين أمثال Henri Lefebvre و Manuel Castells الذين اعتبرا المدينة بمثابة نظام اجتماعي وسياسي مفروض من قبل الدولة ومجال لتنفيذ سياستها، كما تبنت نقدا صارما للتعمير والتخطيط الحضري باعتبارهما أداتين تتدخل عبرهما الدولة في المدينة لجعلها سوقا مهيمنا عليه من طرفها. لهذا يرى أصحاب هذه المقاربة أن حقيقة المدينة لا تكمن في المدينة نفسها، وإنما في الآليات البنيوية والتاريخية التي يتعين الكشف عنها، بمعنى أخر لا يمكن إدراك الحقيقة الخفية للمدينة إلا بتحليل السياسة الحضرية المعتمدة من طرف الدولة الرأسمالية.
وفي ظل التحولات التي تعرفها المدن المغربية اليوم والمرتبطة بزيادة النمو الديموغرافي وارتفاع وتيرة الهجرة الداخلية، وانتشار السكن غير اللائق ، تعزز دور الدولة كفاعل رئيسي بشراكة مع القطاع الخاص لتبني برامج سكنية تروم حل الأزمة الداخلية للمدن وتحقيق تنميتها، على اعتبار أن السكن يحظى بأولوية هامة ضمن سياساتها كوسيط بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها، فبقدر ما يكون السكن لائقا ومريحا بقدر ما يحمي الإنسان من مخالب الظلم والتهميش والإقصاء الاجتماعي، أما إذا انعدمت فيه شروط العيش من مرافق وخدمات وبنى تحتية أو وجد في محيط هامشي فإنه يؤثر على العلاقة التي تربط الإنسان مع محيطه، الشيء الذي يمكن اعتباره مؤشر دالا على فشل السياسة السكنية واهتمامها بما هو مستعجل وآني، والرغبة في تحقيق الربح السريع، وتقيصرها في الاهتمام بجوانب أبعد من توفير “المأوى “على اعتبار أن توفير السكن اللائق والملائم يعد من أهم المقومات التي تساهم في تحقيق التنمية الاجتماعية التي تعد كأساس للتنمية الحضرية باعتبارها عملية متكاملة لا تقبل الانشطار والتجزئة.
إن الانفتاح على السوسيولوجيا الحضرية النقدية في هذا الصدد سيكمننا من فهم ما إذا كانت السياسة السكنية التي نهجتها الدولة في إطار محاربة السكن غير اللائق وتوفير سكن اجتماعي للفئات المتوسطة والمحدودة الدخل قد ساهمت فعلا في تحقيق تنمية حضرية شاملة ومتكاملة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تدخلا قطاعيا ذو نظرة تكنوقراطية يروم فقط تحقيق الربح السريع وتشجيع الاستثمار؟
- المفاهيم الأساسية:
- مفهوم السكن
يعتبر السكن من المفاهيم التي حظيت باهتمام العلوم الانسانية دراسة وتحليلا لارتباطه المباشر بالإنسان كمجال للممارسة الأنشطة اليومية. وتتعدد مسمياته بين الفضاء السكني، السكن، المسكن لكن المعنى واحد؛ فهو يشير إلى الإطار المادي الذي يشبع فيه الإنسان احتياجاته المادية والروحية والعاطفية والثقافية؛ أي تجسيد للحالة تشعر معها الذات أنها تعيش تناغما بينها وبين مجالها، كما يشغل مهمة الإيواء والحماية.
إن الأهمية التي يحظى بها السكن تتجسد في أعمال غاستون باشلار الذي اعتبر المسكن بمثابة تلك “الزاوية وذلك الركن من العالم إنه عالمنا الأول وفضائنا”[1] أي أنه يشكل الفضاء الوحيد الذي يعتبره الإنسان ملكه؛ مجالا للممارسة اليومي بكل حرية ” هو جسد وروح وعالم الإنسان الأول.”[2]فهو بذلك يشكل المجال المعاش والمتمثل. إن الفضاء السكني عبارة عن بناء یجسد الحیاة الاجتماعية والیومیة للأفراد، ويتميز بعدة خصائص أولها؛ الملجأ الذي يُشعر الفرد بالأمن الجسدي والأمان النفسي. ثانيها؛ المكان الذي یستطیع أن يمارس فيه مختلف أنشطته وأن یحقق ذاته، كما أنه يحميه من الضغوط الخارجیة ويمنحه الشعور بالانتماء.
لكن السكن لا يمكن اختزاله فقط في كونه يلبي الحاجات الضرورية أي “إطار نسكنه”، فبالإضافة إلى كون الحاجة للمسكن مرتبطة بما هو نفسي وفيزيولوجي، فإنه يرتبط أيضا بما هو ثقافي؛ أي القدرة على تملك الفضاء حسب نماذج اجتماعية وثقافية، لكي لا تتحول العلاقة مع المسكن إلى علاقة صراع، فهو يفهم حسب François Choay و Pierre Perlin “كوحدة كاملة مخصصة للسكن، وحدة وظيفية تتوافق مع المعايير الثقافية لعصر معين وتتوافق أيضا مع الهيكل الاجتماعي والاقتصادي.”[3]فهو عنصر أساسي في الربط بين الأسرة و الفرد والوسط الاجتماعي، ويربط الصلة أيضا بالإطار التاريخي والجمالي والوظيفي للمجال.
ولقد استخدم Henri Chombart de Lauwe مفهوم المسكن كحاجة ملحة تخص الفرد والأسرة للحفاظ على استمرارية حياتهم، وقد حدد ما تحتاجه الأسرة لتستقر وتنمو في؛ “الحاجة إلى امتلاك المجال، الحاجة إلى الشعور بالاستقلالية داخل المسكن، الحاجة إلى الراحة النفسية والجسدية وكذا إلى وجود علاقات خارج محيط المسكن.”[4] كما أشار إلى أنه لا يَكمُن فقط في توفير المجال الداخلي، وإنما من خلال المجال الخارجي، إن اهتمامه كان مركزا حول الطبقة العاملة التي تعيش وتعمل داخل المدن، ويقطنون منازل محددة، في حين أن المجتمع الفرنسي ينحو نحو تبني نموذج جديد للسكن.
- مفهوم التنمية الحضرية:
يعد مفهوم التنمية من المواضيع التي انصب عليها علم الاجتماع بالدراسة والفحص والتحليل لما لها من دور في بناء المجتمعات وتطويرها وتغييرها بشكل إيجابي وذلك من أجل اللحاق بركب التقدم والرفاهية والازدهار.
ويرتبط مفهوم التنمية “بعملية التغيير التي يقوم بها الإنسان للانتقال من المجتمع التقليدي الزراعي إلى مجتمع متقدم صناعيا بما يتفق مع احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وذلك بالاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية و البشرية.”[5] وهي “عملية واعية ومخطط لها، أي أنها تتطلب تنظيما من قبل الدولة من خلال تدخلها بواسطة تبني سياسات تنموية قد تكون قطاعية أو جزئية كما قد تكون شاملة، وتوظف كافة الإمكانيات المتاحة لتحقيق الأهداف المسطرة، وبالتالي فهي توجه المجتمع دون أن تتركه ينمو بشكل تلقائي أي أنها؛ “عملية رفع للمجتمع ونظامه الاجتماعي نحو حياة أفضل.”[6]أي تلبية المتطلبات وتحقيق العدالة في توزيع ووفرة الخدمات لكل مواطن، كما تعني “دعم العلاقات الإنسانية، باعتبار أن التنمية هي تنمية الإنسان في علاقاته المتبادلة لنشر روح التعاون بين جميع في العمل القائم على الحاجات المتبادلة بين الأفراد.”[7]وقد صاحب ظهور مفهوم التنمية مفاهيم متنوعة كالتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية الجهوية والتنمية الحضرية، وهي مفاهيم لا تخرج عن الحقل الدلالي لمفهوم التنمية كمفهوم شامل ومتعدد الأبعاد والدلالة.
وما يهمنا بشكل أساسي هو التنمية الحضرية باعتبارها”مجموع العمليات الديناميكية المتكاملة والمقصودة التي تحدث في المجال الحضري من خلال تضافر كل الجهود باعتماد أساليب ديموقراطية، وفق سياسة اجتماعية محددة وخطة واقعية مرسومة، تتجسد مظاهرها في سلسلة من التغيرات البنائية والوظيفية التي تصيب كافة مكونات البناء الاجتماعي للمجتمع الحضري، وفي تزويد الحضريين بقدر من المشاريع الاقتصادية والتكنولوجية والخدمات الاجتماعية، وتعتمد هذه العمليات على موارد المجتمع المادية والطبيعية والبشرية المتاحة، للوصول إلى أقصى استغلال ممكن وفي أقصر وقت مستطاع وذلك بقصد الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لكل الحضريين، وإدماج المجتمع المحلي المتخلف في الحياة العامة، وتمكينه من المساهمة بأقصى قدر مستطاع في التنمية الحضرية الشاملة.” [8]
إذا يمكن القول أيضا التنمية الحضرية هي عملية تسعى بالأساس إلى تطوير المدن عبر تزويدها بمختلف الخدمات المرفقية الأساسية ( النقل، الطرق، الماء، الكهرباء، السكن ومختلف البنيات التحتية…)، أو بعبارة أخرى فهي الرؤية المستقبلية لتطوير العمران ومواجهة كافة التحديات الاقتصادية والسكانية والبيئية، فهي مجموع العمليات التي تسعى إلى إحداث التغيير في بنية المدينة عبر تأهيلها وتوفير كل الخدمات الأساسية والبنى التحتية التي تحتاجها، الشيء الذي يؤدي إلى الحد من حدة المشاكل والاختلالات التي تعرفها المدن.
- مقومات السياسة السكنية وأهم ما جاءت به
- السياسة السكنية خلال فترة الحماية
شكلت المرحلة الاستعمارية لحظة مهمة في تاريخ المغرب، إذ أحدثت تغييرا على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية – وهذا ما يهمنا بشكل أساسي – حيث عملت على ترسيخ الأسس الحضرية الأولى على اعتبار أنه لا يمكن الحديث اليوم عن البنية الحضرية دون الانفتاح على هذه الفترة، فمن خلالها ظهرت مدن جديدة، وتنظيم مؤسساتي يشمل إحداث هياكل إدارية وقوانين جديدة؛ منها قانون التعمير الذي جعل المغرب من بين أوائل الدول التي تتوفر على مثل هذه الترسانة القانونية التي تسعى إلى التحكم في المجال المغربي وبشكل خاص المجالات الضاحوية المحيطة بالمدن.
إن الحديث عن هذه المرحلة يحيلنا إلى لحظتين مهمتين، تأسست من خلالهما اللبنات الأولى لسياسة تعميرية ترسخت بعض عناصرها حتى بعد حصول المغرب على الاستقلال.
- المرحلة الأولى: 1912-1926
إن ما ميز هذه المرحلة هو اتخاذ مجموعة من الاجراءات الهادفة إلى تطبيق سياسة عمرانية حاملة لأهداف تخدم بشكل أساسي مصالح المعمرين الجدد. وتتجسد في تهيئة المدن باعتماد آلية التخطيط الحضري بغية إنشاء مدن حديثة على يد المهندس المعماري هنري بروست الذي أحدث مجموعة من التصاميم لتهيئة المجال الحضري لأهم المدن المغربية (الرباط، الدار البيضاء، صفرو، مراكش، تازة، آكادير).
ومن بين أهم الإجراءات التي تم اتخاذها هي إقامة مدن جديدة تستجيب لمتطلبات وتطلعات المعمرين، وإتباع سياسة الفصل بين الأوروبيين والمغاربة؛ أي إقامة حدود وفوارق مجالية غير مرئية بين المجال السكني الخاص بالمغاربة والمدينة الرسمية التي تم تخصيصها للأوروبيين. كما عرفت هذه الفترة إصدار مجموعة من القوانين منها؛ “ظهير 15 أبريل 1914 يعتبر أول قانون يهم التعمير بالمغرب ويتعلق بتصنيف الأبنية والتصاميم الموضوعة لتهيئة المدن، وتوسع نطاقها، والجبايات المفروضة على الطرق، وظهير 31 غشت 1914 والمتعلق بنزع الملكية والاحتلال المؤقت للملك العمومي، إذ يسمح للدولة بنزع ملكية الخواص لتشييد أبنية تابعة للدولة. ثم ظهير 10 نونبر 1917 المتعلق بالجمعيات النقابية للملاكين الحضريين وهدفه تسهيل عملية التجميع العقلاني والمنظم للأراضي التابعة لمختلف الملاكين الموجودة في المناطق التي ستشملها عملية التهيئة.” [9]
فخلال هذه الفترة كانت المهام المرتبطة بإعداد وثائق التعمير مكلف بها قسم الأشغال العمومية، كما أنه في سنة 1920 تم تشكيل هياكل أخرى بغاية مساعدة المديرية العامة للأشغال العمومية في هذه المهام، إذ تضمنت مديرية الشؤون المدنية المنظمة بظهير 23 أكتوبر 1920 قسما مكلفا بإعداد وإنجاز مخططات تهيئة المدن.
- المرحلة الثانية: 1926-1946
عرفت هذه المرحلة ارتفاع هجرة السكان من البوادي نحو المدن الشيء الذي صاحبه ظهور مجموعة من المشاكل على المستوى المدن، وتتجلى أساسا في ظهور أحياء الصفيح، والأحياء الهامشية، كما شهدت المدن العتيقة تدهورا في ظروف السكن وتحول عميق في طبيعة ساكنتها.
كان تركيز مشيل إيكوشار في هذه الفترة منصبا حول الاهتمام بالمعمار التقليدي وبالبوادي كمحاولة للحد من الهجرة وخلق توازن بين القرى والمدن، وكذلك الاهتمام بالسكن الاقتصادي الموجه لأصحاب الدخل المحدود والهدف منه هو تهيئة الأحياء الفقيرة، ومحاولة استيعاب الكثافة السكانية في الأحياء المكتظة.
كان لمشيل إيكوشار تأثير كبير في النسيج العمراني للمدن المغربية من خلال تشبعه بالنزعة الإنسانية والمبادئ المعمارية المستوحاة من ميثاق أثينا، إذ جاء بتصورات جديدة للسكن ترتكز على احترام الثقافات المحلية، وتتمثل الخصوصية الثقافية بالنسبة إليه أن المغاربة المسلمين لا يمكنهم العيش في العمارات أو ما يصطلح عليه بـ”السكن الجماعي” ولا يحبذون النوافذ التي تطل على الخارج، لهذا استحدث مشيل إيكوشار السكن العمودي بالنسبة للأوروبيين والمغاربة اليهود، والسكن الأفقي بلا نوافذ ومن طابق أرضي واحد لفائدة المغاربة المسلمين، والذي يعتبر كنموذج للتكيف مع تقاليد الأسر المغربية المسلمة، فلا يوجد في الأحياء سوى مساكن فردية تحتوي على طابق أرضي. “واعتمد التنظيم الاجتماعي للمجال على “وحدة الجوار” التي تؤوي حوالي 9000 نسمة تتوفر على مرافق الإدارية، والاجتماعية والثقافية ” مدرستان على الأقل، ومسجد ومراكز تجارية داخل كل وحدة سكنية، ويكون الحي مقصورا على الراجلين وتؤدي الأزقة إلى شبكات الطرق حيث تجري حركة مرور السيارات على هوامش الوحدات السكنية. والجديد في هذه التصورات هو محاولة تحرير المدينة العصرية من طغيان الشوراع المنتشرة بين الأحياء، وإبعاد حركة مرور السيارات إلى خارج المجال الخاص بالسكن، وهو ما أضفى على الحي نوع من الحميمية، ومحاولة بناء الرابط الاجتماعي من خلال إنجاز وحدات سكنية للجوار مدعمة بمرافق اجتماعية ورياضية وثقافية.”[10]
عموما يمكن القول أن الهدف من خلق هذا النوع من السكن هو إعادة إيواء الأسر الفقيرة التي تعيش بالأحياء الصفيحية، والذي ” يعتبر بالنسبة لإيكوشار مرحلة أولى ضرورية للتكيف مع الحياة الحضرية للأسر المغربية ذات الأصول والتقاليد الريفية، هذا التكيف الحضري سيمكن في مرحلة ثانية من إيواء الساكنة في مساكن جديدة تتوفر إضافة إلى الغرف والمرافق الصحية على فئات تحترم العادات والتقاليد، وأخيرا تمكين الساكنة من السكن الجماعي “المباني المتعددة الطوابق ” كمرحلة أخيرة للإدماج الحضري.”[11]
أما على المستوى المؤسساتي فقد عرفت هذه المرحلة إحداث مجموعة من الهياكل الإدارية وإصدار مجموعة من التشريعات، وتتجلى أساسا في ظهير 27 يناير 1931 الذي يرخص لإنجاز تصاميم التهيئة لمراكز وضواحي المدن، وظهير 30 يوليوز 1952 المتعلق بالتعمير والذي عوض ظهير 15 أبريل 1914، حيث تم إدخال تعديلات جزئية على مقتضياته لأنها لم تعد تتلائم مع المعطيات الجديدة في ميدان التعمير بفعل التغيرات الديموغرافية والاقتصادية التي أصبحت تعرفها المدن الكبرى.[12] ثم إصدار ظهير 30 شتنبر 1953 المتعلق بالتجزئات وتقسيم العقارات، مشيرا إلى أنواع التجزئات السكنية والترفيهية والتجارية والصناعية، كما بين بعض التقسيمات التي لا تعتبر تجزئة.
- السياسة السكنية بعد حصول المغرب على الاستقلال
بعد حصول المغرب على الاستقلال وجد نفسه أمام وضعية عمرانية يشوبها نوع من التعقيد[13]، حيث تركزت جهود الدولة على النهوض بقطاع الإسكان، من خلال تبني مجموعة من البرامج التنموية والإصلاحات الإدارية والمخططات الاقتصادية، ومن بينها مخطط 1958-1959 الذي ركز على حل مشكل السكن عبر نهج سياسة “السكن للأكثرية”، والمخطط الخماسي 1960- 1964 الذي خصص مبلغ 54 مليون كميزانية للإسكان، حيث تم بناء وتمويل 300.000 مسكن، تكمن من استقبال حوالي 100.000 أسرة من ذوي السكن الغير اللائق. ولمراقبة وضبظ هذه السياسة تم تأسيس الشركة العقارية سنة 1960 كمؤسسة عمومية متخصصة في الإنعاش العقاري، كما تم إصدار مرسوم حول السكن الاقتصادي سنة 1964.وينضاف إلى ذلك مخطط 1973-1977 إذ انبنى في جزء منه على وضع خطة لتجاوز الخصاص في مجال الإسكان وتشجيع وتعميم البناء الذاتي المدعوم من طرف الدولة، ثم تشجيع الوداديات السكنية تسهيلا لعمليتي الاقتراض وإنجاز المساكن. كذلك الشأن بالنسبة للمخطط الثلاثي 1978-1980 الذي عمل على استكمال المشاريع التي عرفت تعثرا على مستوى السكن القليل التكلفة والتركيز على محاربة أحياء الصفيح، والمخطط الخماسي 1981-1985 الذي ركز على التخطيط العمراني ومكافحة أحياء الصفيح ودعم وتشجيع البرامج السكنية من صنف السكن المنخفض التكلفة.
ففي ظل سنوات 1985-1998 عرفت المدن توسعا سريعا وغير منظم للمدن صاحبه تزايد مستمر للخصاص في مجال السكن والتجهيزات والمرافق العمومية، مما حدا بالدولة إلى رسم مجموعة من الأهداف تتمثل في مكافحة كافة أنواع السكن الغير اللائق، وتشجيع البناء الذاتي. أما ما بعد سنة 1998 فقد تم إعداد قانون تأهيل العمران ومن أهم مبادئه التطلع إلى تنمية مستدامة تقوم على ثلاث أبعاد؛ تنظيم المجال، وتحقيق النمو الاقتصادي، والمحافظة على البيئة، والعمل على حماية المواطنين من الأضرار والأخطار وضمان حسن السير والمرونة من أجل ضمان إحداث تنمية عمرانية سليمة. كما تمت إعادة النظر في سياسة السكن وذلك عبر صياغة مشاريع قوانين تهدف إلى تنظيم مجال السكن الاقتصادي ومحاربة السكن الغير اللائق والغير القانوني باعتماد مجموعة من الأساليب منها: المخططات المحلية للإسكان والتنمية الحضرية، ثم مناطق التهيئة المتدرجة.
وتجسدت هذه الخطوط بكل واضح في مشروع الوزارة 2000-2004 على مستويات مختلفة ومنها السكن، حيث تركزت جهود الدولة في الاستمرار في محاربة السكن الغير اللائق، وكذا الحد من انتشار السكن العشوائي عبر “تطوير أساليب جديدة للتدخل وتعزيز وتأطير وتفعيل قطاع الإنعاش العقاري بتدعيم وتشجيع قدرات إنتاج القطاع الخاص وتقويم دور المؤسسات العمومية.”[14]
- مقاربة سوسيولوجية لفهم أبعاد العلاقة بين التنمية والسياسة السكنية؛
تكرست جهود الدولة منذ حصولها على الاستقلال وإلى حدود الفترة الراهنة على النهوض بقطاع السكن لما له من دور إيجابي في تعزيز تنمية المجال الحضري والنهوض به، ورغم كل ذلك فإن وضعية القطاع مازالت تعاني من المشاكل والأزمات على مستويين؛ على ” المستوى القانوني على اعتبار أن القوانين المعتمدة تخضع لمقاربة تنظيمية متحجرة حول التعمير، حالت دون قدرة الحواضر على التكيف مع متطلبات التنمية الاقتصادية والتحولات الاجتماعية. أما المستوى الثاني فمرتبط بالجانب العمراني، حيث أن المدينة المغربية تتسم بنوع من الضخامة، وتتميز بمجال مكتظ ومليء بالدور السكنية، وبتجهيزات وخدمات عمومية غير كافية وقليلة الجدوى”[15] الشيء الذي جعل الدولة تضاعف جهودها وتطور أساليب تدخلها عبر تبني مجموعة من المشاريع والبرامج التي ميزت حظيرة الإسكان، وسأخص بالذكر برنامج السكن الاجتماعي، وبرنامج محاربة السكن العشوائي. على اعتبار أن الانفتاح على هذين النموذجين يعدان بمثابة نقطة مركزية لفهم أبعاد العلاقة بين السياسة السكنية والتنمية الحضرية.
- أشكال تدخل الدولة ونتائج التفعيل
- النهوض بقطاع السكن الاجتماعي
في ظل الوضعية التي يعرفها قطاع الإسكان والمرتبطة بمجموعة من العوامل منها النمو الديموغرافي المتزايد، الهجرة ثم نقص في حظيرة المساكن، فهذه العناصر مجتمعة أدت إلى انتشار السكن العشوائي، الشيء الذي عزز تدخل الدولة من جديد واستمرار جهودها في محاربة هذا النوع من السكن، سعيا منها إلى إعادة التوازن للمجال الحضري وتنميته.
وفي هذا الإطار شكل إنتاج السكن الاجتماعي مبادرة و رهانا أساسيا لامتصاص النقص الذي يعرفه السكن بالمغرب، والذي سيسمح للفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط من الحصول على سكن لائق ومنخفض التكلفة. وتعتبر شركة العمران مسؤولا رئيسيا عن تنفيذ مشاريع السكن الاجتماعي بشراكة مع مقاولات البناء الخاصة من أجل تطوير الوحدات السكنية.
- السكن المنخفض التكلفة 140.000 درهم
انطلق هذا المشروع سنة 2008 من طرف وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ويعرف على أنه كل وحدة سكنية تتراوح مساحتها ما بين 50 و 60 متر مربع، ولا تتجاوز قيمتها المالية 140.000 درهم. ويشترط في المستفيد أو المشتري أن لا يتجاوز دخله الحد الأدنى للأجور، كما يجب عليه أن يستخدم المنزل كمسكن رئيسي، وأن لا يكون مالكا لسكن أخر في نفس المجال الجغرافي.
ويهدف بالأساس إلى بناء 130.000 وحدة سكنية بسعر 140.000، حيث تم التوقيع على 68 اتفاقية لبناء 36173 وحدة سكنية، كما أتاح هذا النوع من السكن دعم توفير السكن للأسر ذات الدخل المحدود بإنتاج ما يقارب 41131 وحدة سكنية خلال الفترة الممتدة من 2010-2019، و1664 وحدة سكنية كانت في طور الإنجاز.
- السكن الاجتماعي بقيمة 250.000 درهم
يعرف هذا النوع من السكن على أنه كل وحدة سكنية تتراوح مساحتها مابين 50 و 80 متر مربع، وتقدر قيمتها المالية بـ 250.000 درهم باستثناء الضرائب، حيث تم تطبيق هذا السعر على جميع مناطق المملكة رغم الاختلافات الموجودة بين الجهات وكذا تكلفة البناء ومستوى عيش الأسر، ويشترط في المستفيد أن لا يوظف المسكن لأي غرض خارج إطار السكن ، وأن لا يكون مالكا لأي سكن أخر.
امتد هذا البرنامج في الفترة ما بين 2010 و 2020، حيث كان يرمي إلى امتصاص العجز بقطاع السكن، حيث تم توقيع 1154 اتفاقية من أجل بناء 1.713.905 وحدة سكنية، ومن النتائج التي حققها هي تشييد حوالي 414040 وحدة سكنية و36300 وحدة كانت في طور الإنجاز سنة 2019.
كما أنه وفي أفق سنة 2030 سيزداد الطلب على هذا النوع من السكن ( السكن الاجتماعي بقيمة 25 ألف درهم، وبقيمة 14 ألف درهم) فحسب تقرير الإسكان لسنة 2012 تبين أن %63 من احتياجات السكن في أفق 2030 يتعين تلبيتها عن طريق السكن الاجتماعي بقيمة 250000 درهم، وبشكل خاص السكن الذي لا تقل قيمته عن 140000 درهم حيث من المتوقع أن يلبي %49 من الاحتياجات المستقبلية.
- السكن الموجه للطبقة المتوسطة
في إطار السياسة الرامية إلى تلبية الطلب على السكن لمختلف الطبقات الاجتماعية ودعم الطبقة المتوسطة، قامت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة سنة 2013 بوضع برنامج يمكن الأسر ذات الدخل المتوسط الذي لا يتجاوز 20.000 درهم من الحصول على سكن ملائم. وقد حددت لهذا المنتوج خصائصه التقنية والتجارية والتي تتجلى في ” مساحة تتراوح ما بين 80 إلى 150 متر مربع وثمن بيع المتر مربع لا يتعدى 7200 درهم مع احساب القيمة المضافة، وإعفاء المستفيد من رسوم التسجيل والتحفيظ، ومنذ انطلاقته وإلى حدود شهر دجنبر 2018، ثم التوقيع على 30 اتفاقية من أجل إنجاز 9326.”[16]
- محاربة السكن العشوائي
- إعادة هيكلة الأحياء الغير قانونية
في إطار محاربة كل أشكال الهشاشة الاجتماعية والتهميش، وتحقيق تنمية حضرية مندمجة عملت السلطات العمومية على حث السلطات المحلية على وضع برامج متعددة السنوات على أساس إشراك مختلف المؤسسات (القطاعات الوزارية، الجماعات المحلية، والمؤسسات العمومية) عن طريق عقد مجموعة من الاتفاقيات. على اعتبار أن هذه البرامج تهدف إلى تحسين جودة المجالات الحضرية داخل المدن، وتعميم الاستفادة من مختلف المرافق الأساسية ولاسيما في الأحياء الغير التنظيمية.
- برنامج تأهيل المباني الآيلة للسقوط
تهدف البرامج المتعلقة بالسكن الآيل للسقوط والأنسجة القديمة إلى تأمين وتحسين ظروف عيش الأسر والأشخاص المتضررين من الكوراث الطبيعية عن طريق إعادة التأهيل أو اعادة الإسكان بالنسبة للأسر المتواجدة في مساكن غير قابلة للاسترداد، والتي تعرف حالة متقدمة من التدهور. وقد ظهرت ضخامة المباني الآيلة للسقوط بداية سنة 2000، حيث كشف الإحصاء الذي أجري سنة 2004 عن وجود 43697 بناية آيلة للسقوط على الصعيد الوطني.
- البرنامج الوطني مدن بدون صفيح
يشكل القضاء عل العشوائيات رهانا بالنسبة للدولة وذلك في إطار تحقيق التنمية الاجتماعية ومحاربة الفقر والإقصاء داخل المجال الحضري. حيث تم الإعلان عن هذا البرنامج سنة 2004 ويهدف إلى “القضاء على دور الصفيح المتواجدة بـ 85 مدينة وجماعة حضرية. ويهم 471.259 أسرة، فمنذ انطلاقته وحتى حدود 2018 تمكن هذا البرنامج من إنجاز %65.4 من أهدافه، حيث تم إعلان عن 59 مدينة بدون صفيح وتتراوح نسبة تقدمه في باقي المدن ما بين % 50 و % 80.”[17]
59 مدينة تم الإعلان عنها كمدن بدون صفيح، وتحسين ظروف عيش حوالي 301914 |
70 مدينة |
85 مدينة |
المصدر: وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة |
- أوجه قصور سياسة السكن كعائق أمام سيرورة التنمية
رغم كل النتائج الايجابية التي حققتها سياسة الإسكان عبر استراتجياتها وآلياتها، والتي ساهمت لامحالة في تحقيق تنمية حضرية عبر توفير سكن اجتماعي موجه لشرائح اجتماعية مختلفة، وكذلك تركيز الجهود لمحاربة كل أشكال السكن العشوائي الذي تعج به مختلف مدن المملكة، إلا أنه في إطار تفعيل هذه البرامج على أرض الواقع وبمرور السنوات بدأت تظهر بعض أوجه القصور. فبالعودة لنتائج التي أجراها مكتب العمران سنة 2010 حول تقييم التأثير الاجتماعي لبرنامج تمويل السكن غير اللائق والسكن الصفيحي[18] والدراسة التي أجراها المرصد الوطني للتنمية البشرية سنة 2009 والمتعلقة بتقييم مساهمة برامج محاربة السكن العشوائي في الحد من الإقصاء الاجتماعي في المناطق الحضرية،[19] تبين أن العديد من الأسر المستفيدة وجدت صعوبة الاندماج في المجال الجديد بسبب عدم كفاية المعدات والخدمات الاجتماعية الجماعية. وتتفاقم هذه الصعوبات في الحالة التي لا يتم فيها تطوير مواقع السكن إلا في وقت متأخر وبشكل لا يتزامن مع السنوات الأولى من إقامة الأسر، الشيء الذي يساهم في تغذية الشعور بالنقص وبالتهميش. وينضاف إلى ذلك عدم قدرة بعض الأسر على تغطية المصاريف الإضافية الناتجة عن انتقالها، حيث أن%20 منهم لا يستطيعون أداء فواتير الماء والكهرباء، حيث تضطر الأسرة إلى عملية الاستدانة وتبني صورة استهلاكية أكثر توجها نحو تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية، فالزيادة في تكلفة المعيشة التي يشعر بها ثلث أرباب الأسر جعلت بعضهم يفكر في ترك بيئته الجديدة، في حين جعلت البعض الأخر يلجأ إلى دفع أحد الأبناء القاصرين إلى سوق الشغل، كما تطرح أيضا مشكلة الاندماج الاجتماعي بين القاطنين القادمين من أحياء الصفيح الذين يتعرضون للوصم، ويتم رفضهم من قبل القاطنين الذين غالبا ما ينتمون إلى مجموعات مختلفة من حيت الثقافة والمعايير، كما يجد العديد من القاطنين صعوبات في التنقل بين مواقع إقامتهم ومركز المدينة.
فبين النتائج المتحققة وأوجه القصور التي تم رصدها على مستوى هاتين الدراستين، تعززت فكرة مؤداها أن السياسة السكنية مازالت محكومة بهاجس الضبط الأمني الأحادي البعد، واعتماد مقاربة تقنية تروم فقط توفير بنايات جاهزة للسكن دون مراعاة أبعاده الاجتماعية والثقافية.
إن مسألة توفير السكن هي عملية معقدة تستدعي التوفيق بين الاستراتيجيات الحضرية والاجتماعية الشيء الذي يحيل إلى رؤية أوسع وأشمل تتجاوز قضية السكن للوصول إلى الإسكان باعتباره النقطة المحورية التي تدور حولها جميع العناصر التي تضمن العيش الكريم والمتوازن من حيث الخدمات والمرافق والبنيات التحتية، بالتالي يعيش الإنسان في عالمه الصغير وفي نفس الوقت مندمجا في محيطه الاجتماعي. وفي سياق الحديث عن السكن والإسكان تناولت الباحثة Louisa Plouchant سؤال العلاقة بينهما في إطار دراسة أعدتها حول فهم المجمعات السكنية الكبرى، حيث طرحت مجموعة من التساؤلات حول: كيف ينتج السكان علاقتهم بالمكان؟ ما هي التطلعات والممارسات و التمثلات حول المجمعات السكنية الكبرى؟ وتحددت معالم الإجابة لديها في رضا السكان وعدم رضاهم، وكذلك من خلال العلاقات الاجتماعية وعلاقات الجوار وغياب الأمن، بالإضافة إلى الاختلالات بين الصورة الحقيقية لهذه الأحياء و التمثلات التي يحملها السكان حولها.
فالعديد من الأسر المستفيدة من السكن الاجتماعي يشعرون بتدهور ظروف معيشهم مقارنة بالوضع الذي كانوا عليه، حيث ترسخ لديهم شعور” بأن الحياة أقل سهولة من ذي قبل” وأنهم يعيشون في عزلة. فرغم شعور الرضى الذي ينتابهم لامتلاكهم للسكن، إلا أنهم بحاجة إلى بناء الروابط الاجتماعية وتنظيم حياة يومية جديدة. وفي سياق الحديث عن التأثير الذي يصاحب الانتقال من وضع إلى آخر والذي ينعكس بشكل جلي على حياة الأسر في جوانبها المتعددة نستحضر الدراسة التي أجراها Chombart de Lauwe حول المرض الاجتماعي والاكتظاظ السكاني، حيث انتهى من خلال دراسة ميدانية عن “سكن العمال” من خلال قياس الاكتظاظ السكاني بالاعتماد على مؤشر عدد السكان، ومؤشر عدد الأمتار المربعة المتوفرة لكل فرد في كل خلية سكنية إلى ترابطات دالة ” فما إن يصبح عدد الأمتار المتوفرة لكل فرد أقل من 8 أمتار إلى 10 أمتار مربعة، حتى نجد أن الحالات المرضية تتضاعف، فالمرض والإجرام والاكتظاظ تبدو متغيرات مرتبطة بشكل لا جدال فيه. وعندما يتجاوز عدد الأمتار المربعة لكل فرد 14 متراً مربعا فإن المؤشرات المرضية تبقى مرتفعة، لكن بشكل أقل مقارنة مع الفئة الأولى.”[20]فـ Chombart de Lauwe حاول أن يوضح التأثير الذي تحدثه المساحة السكنية على سلوك الأفراد وعلى صحتهم الجسدية والنفسية، وكيف تساهم أيضا في انتشار العديد من الأمراض الاجتماعية التي تعوق مسلسل التنمية والنهوض بالمجتمع وتقدمه، والأمر نفسه ينطبق اليوم على شقق السكن الاجتماعي، التي تترواح مساحتها مابين 50 و 60 متر مربع والتي قد لا تلائم إلا الأسر النووية بسبب ضيق مساحتها، الشيء الذي يصاحبه غياب الحرية والاستقلالية، كما تساهم لا محالة في ظهور العديد من الأمراض الاجتماعية والعضوية. وينضاف إلى ذلك عنصر أخر لا يقل أهمية عن سابقيه يتجلى في تفكيك جزء كبير من الحياة الاجتماعية للأسرب سبب نقص الاستثمار في الخدمات الاجتماعية، باعتبارها من العناصر التي تؤثر على جودة الحياة ، حيث لا يمكن استبعاد التفاوتات السوسيومجالية والشعور بالإقصاء والعزلة والإنطواء على الذات والسلوك المنحرف في بعض المواقع، إذا لم يتم التدخل لتحسين الوضع. حيث أنه ليس المهم هو توفير “صندوق للعيش” بعدد قليل من الأمتار المربعة، بل لابد من الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات في كليتها، وقد أشار Chombar de Lauweإلى نوعين من الاحتياجات؛ “الاحتياجات – الواجبات” والاحتياجات – التطلعات، فالأولى تعبر عن الحاجات الضرورية الحيوية للفرد، في حين أن الثانية تشكل جزء من الأجهزة المادية أو غير المادية التي يمكن للمجموعات الاجتماعية من خلالها الحفاظ على نفسها كمجموعة، وبالإضافة إلى ما سبق ذكره يضيف عبد الرحمن رشيق الذي لا ينكر هو الأخر التحسن الجلي في ما يتعلق بالمؤشرات المرتبطة بظروف عيش الأسر المستفيدة من برنامج مدن بدون صفيح، سواء على مستوى التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وتراجع في معدل الفقر الذي انتقل من% 48.7 من الأسر في مدن الصفيح سابقا إلى% 28.3، وانخفاض محسوس في معدل البطالة الذي انتقل من% 27.3 إلى% 23.5. إلا أن هناك جانب تم إغفاله والمرتبط بالتهميش المجالي وغياب الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية، فالوضع الجديد نتج عنه قيم جديدة مرتبطة بظهور الفرد والمنافسة المادية ومن تم خلق علاقات اجتماعية جديدة تطبعها الحيطة والحذر؛ فلم يعد الدرب ذلك الفضاء الذي يترجم نوع من الجماعة؛ أي وحدة ترابية تعرف من خلال الروابط الاجتماعية المتينة.
ويقول في هذا أن “المدينة لا تختزل ببناء السكن والطرقات والمرافق الاجتماعية والاقتصادية فحسب وإنما هي كذلك بناء العلاقات الاجتماعية بين السكان. فظواهر التحضر تمثل تغيرا جذريا في النمط الكلي للحياة الاجتماعية، فكلما زاد عدد السكان، ارتفعت معدلات كثافتهم، وعظم تباينهم وعدم تجانسهم، ويفسر ذلك باختفاء هيمنة الروابط القرابية وضعف الجوار وانهيار الأسس التقليدية للتماسك الاجتماعي وتصبح العلاقات الاجتماعية علاقات غير شخصية.”[21]كما توصل لخلاصة مفادها أن “إشكالية الرابط الاجتماعي غير موجودة في أدبيات الأحزاب السياسية، ولا يوجد لها أثر في النقاش العمومي، ولا بين المهندسين المعماريين ولا داخل وزارة الإسكان أو السلطات المحلية ولا في وسائل الإعلام، فالاهتمام الرئيسي للحكومة يتمثل بإنجاز وبناء السكن الاقتصادي والقضاء على جميع أحياء الصفيح في معظم المدن المغربية بدون الأخذ بعين الاعتبار النتائج الاجتماعية والسياسية لتدخلاتها وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تؤسس لها في هذه المناطق الهامشية الجديدة.”[22]
- خلاصة تركيبية:
إن الحديث عن السياسة السكنية في علاقتها بالتنمية الحضرية يحيل بالضرورة إلى استحضار مفهوم الحق في المدينة بتعبير Henri Lefebvre، حيث يتقاسم المواطنون بالتساوي والإنصاف الحق في المدينة؛ أي الحق امتلاك مركز المدينة واستفادة من خدماتها وبناها التحتية، وتهيئة المجال باعتباره مجالا للممارسة الحياة اليومية بأبعادها الاجتماعية أي؛ الأخذ بعين الاعتبار مختلف الاستخدامات لأولئك الذين يعيشون فيه، وليس مجالا لإنتاج بنيات متراصة ومكتظة تضم ” صناديق للعيش” تغيب فيها شروط وأساسيات العيش الصحي والمتوازن، كما لا تستجيب لتطلعات السكان ولا تأخد بعين الاعتبار الأبعاد السوسيوثقافية للسكن، فسياسة التهيئة التي تم اعتمادها بالعديد من المدن المغربية تحيل إلى مقاربة تجزيئية تعتمد بشكل أساسي على الاستهلاك والربح، ويسيطر فيها منطق العقلانية الصناعية ويغيب فيها منطق العقلانية الحضرية، فخلال “سنوات الثمانينات والتسعينات شرع القطاع الخاص المغرب بإنتاج تجمعات سكنية لا تتلاءم مع الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لشريحة كبيرة من السكان، وتتمثل في ظهور مجموعة من الأحياء السكنية من فئة السكن الاقتصادي ذات أحجام صغيرة تقتفر إلى المساحات الخضراء والمرافق الترفيهية.”[23] بالإضافة إلى مجموعة من العيوب والنقائص التي تظهر على مستوى الشقة من الداخل، والتي تكلف الساكن ماديا من خلال تحمل تبعات إعادة تهيئتها. الشيء الذي يجعلنا أمام ما سماهLefebvreHenri التخطيط التكنوقراطي الذي يعيد إنتاج الانقسامات الاجتماعية عبر خيارات يتم فرضها من الأعلى لا تأخد بعين الاعتبار مصالح فئات واسعة وحقها في المدينة.
فليس المهم هو الإنتاج الكمي للوحدات السكنية، بل لابد من إيلاء الأهمية للبعد الكيفي؛ أي استحضار أن ما يتم إنتاجه موجه إلى فئة اجتماعية لديها قيم ثقافية، وتحمل تصورات وتطلعات يجب أخذها بعين الاعتبار عند التخطيط للسكن، حيت يجب تجاوز النظرة التقنية المرتبطة بقواعد السوق العقارية، إلى تصور يدمج رؤية أنتروبولوجية للإنسان، تتناوله في كليته وفي احتياجاته وفي ترابط أبعاد حياته، فحسب Chombart de Lauweأن ما ينقص مخططي المدن حسبه هو “الأنتروبولوجيا” التي من خلالها يمكن تحديد تطلعات الأفراد في ارتباطها بالمستقبل الذي سينخرطون فيه وفي ارتباطها كذلك بالقيم والعادات والرموز التي توجه تفكيرهم.”[24] حتى لا يتم إنتاج سكن مختزلا لوظائف الإنسان في بعض الأفعال القاعدية ( أكل، نوم، تكاثر…) وإغفال جوانب أهم مرتبطة بشروط تمس السكن من الداخل (المساحة، عدد الغرف، التهوية والتشميس…)ومن الخارج (الموقع، القرب من المرافق والخدمات، الفضاءات الخضراء والحدائق…) وبالتالي الخروج من دائرة إطار العيش إلى دائرة أوسع تتناول السكن في شموليته. وفي هذا الصدد يقول ابن خلدون؛ “أن الحفاظ على مراكز المدن بتاريخها الحضاري وبسجلها العمراني وتركيبتها الاجتماعية لا تكتب لها النجاح ولن يتحقق ما لم تأخذ البعد الاجتماعي خطاً ومساراً لها ” وكأنه يشير إلى أن لا تنمية حضرية إذا لم تراعى خصوصية البيئة الاجتماعية للمدينة المراد تنميتها، فالمدينة ليست مجرد مجال جامد وجد فقط للسكن والإنتاج والتصنيع، بل هي أبعد من ذلك إذ تشكل هوية وذاكرة وقيم إنسانية، الشيء الذي يحيل إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني عند معالجة الإشكالات التنموية المرتبطة بتحديد الرغبات والتطلعات وتقدير الحاجيات، فالتنمية الحضرية لا يمكن اختزالها في مجرد الحصول على سكن ولا في اقتراحات أو تصاميم هندسية جاهزة للبناء والسكن والإقامة؛ أي خلق تجمعات من الإسمنت دون روح، ولا تستجيب لتطلعات الإنسان في خلق ذاته وخلق روابط حقيقية مع الأخرين، بل ينبغي الاهتمام بالجانب المعيشي والثقافي في حياة الأفراد، الشيء الذي يؤدي لا محالة إلى إثراء سياسة حضرية قائمة على رؤية المدينة كمجال للحياة وكمجال اجتماعي للتقاسم الهوية والانتماء من أجل تحقيق تنمية حضرية شاملة لكل ما يتعلق بتحسين إطار العيش وجودة الحياة للمواطنين من أمن وسكينة وخدمات في مجال النقل والنظافة والتطبيب والتعليم والثقافة وتحقيق الانسجام بين القطاعات السكنية والوحدات الإنتاجية للمدينة. وحتى لا نكون أمام مدن يسيرها حسب DavidHarvey المنطق الرأسمالي الذي يعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية ولا يأخذ بعين الاعتبار حق فئات عريضة من الأفراد في نشوء مدينة تقوم على مقاسهم وأهوائهم؛ أي الحق في تشكيل “”مدينة على هوى قلوبنا”. والمطالبة بهذا الحق عبارة عن تصد للنظام الرأسمالي الذي يعد أصل كل المشاكل الاجتماعية، وهذا ما يجعل المدينة والحركات الحضرية وليس الحركات العمالية حسب هارفي بمثابة بصيص الأمل الوحيد للقضاء على الاستيلاب والاستغلال الذي تمارسه الرأسمالية.
خاتمة:
إجمالا يمكن القول أن السياسة السكنية ملزمة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتجاوز النظرة القطاعية، والعمران الاستعجالي الذي يروم فقط معالجة الاختلالات التي تعرفها المدن والتي تتجسد في مواجهة كل أشكال السكن غير اللائق، وملاحقة التزايد الديموغرافي عبر التسريع من وتيرة إنتاج الوحدات السكنية في أسرع مدة ممكنة تحقيقا للربح وتشجيعا للاستثمار، الشيء الذي لا يستجيب لمتطلبات المدينة باعتبارها كيان اجتماعي، وتبني مقاربة تنموية شمولية ترتكز على سياسة التهيئة الحضرية على مبادئ التخطيط السليم والمتوازن والذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار متطلبات التعمير والتدبير العقلاني على أساس تكافؤ الفرص بين المواطنين في مجال التجهيزات الضرورية والبنى التحتية وتوفير سكن ملائم باعتباره يشكل رهانا للتنمية الحضرية، التي تضع بين أهدافها؛ تحسن إطار عيش الأفراد وتوفير شروط الحياة الكريمة من أمن وسكينة وكافة الخدمات والبنيات التحتية الضرورية واللازمة. وبالتالي الخروج من الدائرة الضيقة للسكن إلى دائرة أوسع وهي الإسكان باعتباره يشمل السكن والمحيط، الشيء الذي يؤدي إلى استقرار الفرد داخل مجاله انطلاقا من مجموعة من المؤشرات منها التوفر على اطار معيشي حامل لمجموعة من القيم الثقافية والاجتماعية، ثم التهيئة الشاملة والمندمجة التي تساهم في تحقيق رفاهيته، وكذا القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية والتفاعل الايجابي داخل المحيط.
قائمة المراجع:
- التقرير الوطني”السكان والتنمية في المغرب؛ خمسة وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة 1994″ تم إنجازه بتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أكتوبر 2019.
- جميل الحمداوي، من أجل تنمية مستديمة، الطبعة الأولى، 2017.
- الحسين نجمي، ” الدار البيضاء(1900-2000) أي مشروع حضري واجتماعي للمدينة، قراءة في وثائق التعمير، مجلة المجال الجغرافي والمجتمع المغربي، العدد 41/42، نونبر 2020.
- كمال التابعي، تغريب العالم الثالث؛ دراسة نقدية لمفهوم علم اجتماع التنمية.
- عايش حسيبة، “التخطيط الحضري و دوره في تحقيق أهداف التنمية الحضرية”، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 12، العدد 3، 2020.
6- عبد الرحمن رشيق، “الإيكولوجيا العمرانية وعلاقات الجوار والهاجس الأمني: مدينة الدار البيضاء نموذجا”، مقال منشور على موقع السفير العربي، الإيكولوجيا العمرانية وعلاقات الجوار والهاجس الأمني: مدينة الدار البيضاء نموذجاً | عبد الرحمان رشيق | السفير العربي (assafirarabi.com).
7- عبد الرحمن رشيق، “السياسات العمرانية والعلاقات الاجتماعية في المغرب”، مجلة العمران، العدد 8، 2016.
8- عبد الرحمن المالكي، الثقافة والمجال؛ دراسة في سوسيولوجيا الهجرة والتحضر بالمغرب، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية، فاس، الطبعة الأولى، 2015.
9- عبد الصمد سكال، العمران في الوطن العربي بين التخطيط والتشريع والإدارة، منشورات المعهد الوطني للتهيئة والتعمير، مطبعة عكاظ،2005.
- – يوسف ايتخدجو، عبد الغني الدباغي، محمد ميوسي، “سياق التمدين والتخطيط الحضري بالمغرب”، مجلة التخطيط العمراني والمجالي، العدد الخامس، شتنبر 2020.
- – عبد العزيز رشدي، “إشكالية التنمية الحضرية بالمغرب”المركز المغربي للتنمية الفكرية، 28 فبراير 2014.
- – التقرير الوطني”السكان والتنمية في المغرب؛ خمسة وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة 1994″ تم إنجازه بتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أكتوبر 2019.
- – تقرير الخمسينية ” المغرب الممكن؛ إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك”، مطبعة دار النشر المغربية، 2006.
- Sébastien Jolis, Lucia Katz, « Habiter un espace, aménagement, appropriation et représentation », In Hypothèses, Numéro 10, éditions de la Sorbonne, 2013.
- Sabrina Bresson, Du plan au vécu ; analyse sociologique des expérimentations de la Corbusier et de JeanRenaudie pour l’habitation social, Thèse de doctorat en sociologie, université fronçais Rabelais de tours, Paris, 2010.
- Olivier Toutain, « Evaluation de l’impact social du programme d’appui à la résorption de l’habitat insalubre et des bidonvilles » Séminaire sur la problématique de l’inclusion par le logement des populations pauvres et vulnérables, 15 décembre 2015.
- Michael Todaro, Stephen Smith, Economic development, Addison Wesley, seventh Ed, 2000.
- IkbalSayah, « Intégration urbaine et sociale des ménages bénéficiaires des programmes de résorption des bidonvilles », Séminaire sur la problématique de l’inclusion par le logement des populations pauvres et vulnérables, 15 décembre 2015.
- Gaston Bachelard, La poétique de l’espace, Les Presses universitaires de France, 3e édition, Paris, 1961.
- Erik Le Breton, « Paul Henri Chombart de Lauwe, sociologue urbain, chrétien, intellectuel et expert ; Elément d’un portrait », In ; chrétiens et sociétés, numéro 21, 2014.
[1]Gaston Bachelard, La poétique de l’espace, Les Presses universitaires de France, 3e édition, Paris, 1961.
[2]Ibid
[3]Sébastien Jolis, Lucia Katz, « Habiter un espace, aménagement, appropriation et représentation », In Hypothèses, Numéro 10, éditions de la Sorbonne, 2013, P 14.
[4]Sabrina Bresson, « Du plan au vécu ; analyse sociologique des expérimentations de la Corbusier et de Jean Renaudie pour l’habitation social », Thèse de doctorat en sociologie, université fronçais Rabelais de tours, Paris, 2010, PP 99-100.
[5] جميل الحمداوي، ” من أجل تنمية مستديمة”، الطبعة الأولى 20140، ص 13.
[6]Michael Todaro, Stephen Smith, Economic development, Addison Wesley, seventh Ed, 2000, p 16.
[7]كمال التابعي، تغريب العالم الثالث؛ دراسة نقدية لمفهوم علم اجتماع التنمية، ص 18.
[8]عايش حسيبة، “التخطيط الحضري و دوره في تحقيق أهداف التنمية الحضرية”، مجلة الباحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 12، العدد 3، 2020، ص 247.
[9]يوسف ايتخدجو، عبد الغني الدباغي، محمد ميوسي، “سياق التمدين والتخطيط الحضري بالمغرب”، مجلة التخطيط العمراني والمجالي، العدد الخامس، شتنبر 2020، ص58/59.
[10]عبد الرحمن رشيق، “السياسات العمرانية والعلاقات الاجتماعية في المغرب”، مجلة العمران، العدد 8، 2016، ص 18.
[11]الحسين نجمي، ” الدار البيضاء(1900-2000) أي مشروع حضري واجتماعي للمدينة، قراءة في وثائق التعمير، مجلة المجال الجغرافي والمجتمع المغربي”، العدد 41/42، نونبر 2020، ص 329.
[12] ومن المقتصيات الجديدة التي جاء بها ظهير 1952 نذكر: إلزامية رخصة البناء، مساهمة السكان المجاورين للطرق في بناء وإصلاح شبكة الطرق العمومية، توسيع نطاق المناطق التي يشملها التخطيط الحضري، إذ منح للإدارة سلطة توقيف رخص البناء خلال فترة إعداد مشروع تصميم التهيئة، لتجنب كل ما من شأنه أن يعرقل تنفيذ تصميم التهيئة. كما نص في فصله 8 على ضرورة إنجاز العديد من المرافق والتجهيزات؛ كالملاعب والطرق والمناطق الخضراء والمساجد والحمامات والساحات العمومية، وذلك من اجل تحسين الطابع المعماري للمدينة.
[13] ارتفاع معدل النمو الحضري، هجرة قروية كثيفة، 26% من سكان المدن يقطنون في أحياء الصفيح.
[14]عبد الصمد سكال، العمران في الوطن العربي بين التخطيط والتشريع والإدارة، مرجع سابق، ص 237.
[15]تقرير الخمسينية ” المغرب الممكن؛ إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك”، مطبعة دار النشر المغربية، 2006، ص 209.
[16] التقرير الوطني”السكان والتنمية في المغرب؛ خمسة وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة 1994″ تم إنجازه بتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، أكتوبر 2019، ص81.
[17]التقرير الوطني “السكان والتنمية في المغرب؛ خمسة وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة 1994” المرجع نفسه، ص 81.
[18]Olivier Toutain, « Evaluation de l’impact social du programme d’appui à la résorption de l’habitat insalubre et des bidonvilles », séminaire sur la problématique de l’inclusion par le logement des populations pauvres et vulnérables, 15 décembre 2015, P 41.
[19]IkbalSayah, « Intégration urbaine et sociale des ménages bénéficiaires des programmes de résorption des bidonvilles », Séminaire sur la problématique de l’inclusion par le logement des populations pauvres et vulnérables, 15 décembre 2015, p 38.
[20] عبد الرحمن المالكي، الثقافة والمجال؛ دراسة في سوسيولوجيا الهجرة والتحضر بالمغرب، منشورات مختبر سوسيولوجيا التنمية الاجتماعية، فاس، الطبعة الأولى، 2015، ص 63.
[21]عبد الرحمن رشيق، “الإيكولوجيا العمرانية وعلاقات الجوار والهاجس الأمني: مدينة الدار البيضاء نموذجا”، مقال منشور على موقع السفير العربي، الإيكولوجيا العمرانية وعلاقات الجوار والهاجس الأمني: مدينة الدار البيضاء نموذجاً | عبد الرحمان رشيق | السفير العربي (assafirarabi.com)، اطلع عليه بتاريخ 19/09/2021.
[22]عبد الرحمن رشيق، “الإيكولوجيا العمرانية وعلاقات الجوار والهاجس الامني: مدينة الدار البيضاء نموذجا”، مرجع سابق.
[23]عبد العزيز رشدي، “إشكالية التنمية الحضرية بالمغرب”المركز المغربي للتنمية الفكرية، 28 فبراير 2014.
[24]Erik Le Breton, « Paul Henri Chombart de Lauwe, sociologue urbain, chrétien, intellectuel et expert ; Elément d’un portrait », In ; chrétiens et sociétés, numéro 21, 2014, P 7.