تراجع الموارد المائية ووقعها السوسيومجالي بحوض جرسيف(الجهة الشرقية – المغرب)
Regression of water resources and their socio-spatial impact in the Guercif basin
(Eastern Region – Morocco)
مزوز الحسين•جناتي الإدريسي عبد الحميد/جامعة سيدي محمّد بن عبد الله، المغرب
Mazoz Lhoussaine• Janati Idrissi Abdelhamid/Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 80 الصفحة 9.
ملخص:
تعد الموارد المائية من أهم ركائز التنمية الترابية، فتدبير وحسن ترشيد الثروة المائية لأغراض الشرب والسقي وغيرها، يتطلب فعلا العمل على القيام بدراسات وأبحاث تهدف إلى الحفاظ واستغلال هذا المورد المائي كمنتوج طبيعي يخضع لتقلبات وتغيرات مناخية وتدخلات بشرية سواء على المدى القصير والمتوسط أو البعيد، إن الاهتمام بالمناطق الجافة وشبه الجافة يعتبر من الأولويات نظرا لما تعرفه من ندرة في التساقطات وتوزيعها المتباين زمانيا ومجاليا، فتنمية هذه المجالات القاحلة مرهون بمدى التحكم في الموارد المائية وتخزينها.
ففي سياق بحثنا هذا حول تراجع الموارد المائية بحوض جرسيف رغم ما يميز هذا المجال من مؤهلات طبيعية فلاحية وكثافة سكانية متوسطة، بحكم أنه مطبوع بمناخ صعب يجعل منه مجالا خصبا لدينامية تدهور الموارد الطبيعية وتضافر مجموعة من العوامل الأخرى المتمثلة في هشاشة التكوينات الصخرية والترابية، والاستقرار البشري، وتطور أنماط استغلال المجال، وسوء استعمال للموارد الطبيعية.
الكلمات المفتاحية: الموارد المائية، الدينامية، تغيرات مناخية، المجالات القاحلة، حوض جرسيف، المغرب.
Abstract:
Water resources are considered one of the most important pillars of soil development. Managing and improving the rationalization of water resources for drinking, watering, and others requires action to carry out studies and research aimed at preserving and exploiting this water resource as a natural product subject to fluctuations, climate changes and human interventions, whether in the short, medium or long term. The interest in arid and semi-arid regions is one of the priorities, given the scarcity of precipitation and its differentiated distribution in time and space. The development of these arid areas depends on the extent of control and storage of water resources.
In the context of our research on the retreat of water resources in the Guercif Basin, despite what distinguishes this field from natural agricultural qualifications, and average population density, by virtue of it being printed in a difficult climate that makes it a fertile field for the dynamism of the deterioration of natural resources and the concert of a host of other factors represented in the fragility of rock and dirt formations, and human stability Development of patterns of field exploitation and misuse of natural resources.
Keywords:Water resources, dynamic, climatic changes, arid zones, Guercif Basin, Morocco.
تمهيد:
ينتمي حوض جرسيف إلى الجهة الشرقية للمغرب، ويتكون من منخفض شاسع تحده شمالا سلسلة جبال بني يوياحي وبني زناسن، وفي الجهة الجنوبية الغربية جبال الأطلس المتوسط (بويبلان)، بينما في الجنوب الشرقي نجد سلسلة دبدو، وفي السهول الوسطى يصل معدل ارتفاعاتها إلى 500متر في حين تتجاوز المرتفعات الهامشية 1000متر، حيث تصل أعلى قمة فيها إلى 1500متر “شكل رقم1”.
شكل رقم 01: موقع حوض جرسيف بالجهة الشرقية -المغرب
يتكون هذا الحوض من أربعة سهول وهي: سهل(معروف) في الجنوب يغطي مساحة تقدر بـ 150كلم2 ومتوسط الارتفاع يصل إلى 700متر، وإلى الشرق نجد سهل (تافرطة) ويغطي مساحة تقدر بـ 500 كلم2 ومتوسط الارتفاع يصل إلى 500متر، وفي الشمال سهل (سانكلو) بمساحة تقدر بـ 200 كلم2 ومتوسط الارتفاع يصل إلى 300متر،بينما في الوسط جهة الغرب نجد سهل جيل بمساحة تقدر بـ 650 كلم2 ومتوسط الارتفاع يصل إلى 350متر. كما تحده ثلاث أودية أهمها واد ملوية من الجهة الشرقية، ذو اتجاه جنوب غربي – شمال شرقي، ثم واد مللو من الجهة الجنوبية ذو اتجاه جنوب غربي شمال شرقي، وواد مسون من الجهة الشمالية ذو اتجاه شمال غربي – جنوب شرقي ويصب هذان الأخيران في واد ملوية[1].
- المنهجية المعتمدة
لمحاولة تشخيص إشكالية تراجع الموارد المائية بفعل التغيرات المناخية و التقلبات الجوية والتدخل البشري، سنعمل على تقديم نتائج مقاربات علمية مختلفة استنادا إلى البيانات الإحصائية التي توفرها المحطات القياسية المطرية ودراسة مختلف الطقوس الوافدة على المنطقة، وإجراء مسح تاريخي لتأثير الأخطار الطبيعية وأرشيف الصور الفضائية والذي حدث في السنوات السابقة بالاعتماد على نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد والعمل الميداني، وذلك لقياس درجة الخطورة، لتوجيه عمليات التهيئة بهذا الوسط الهش طبيعيا وبشريا، وذلك عبر التخطيط الاستشرافي وبرمجة المشاريع الرامية إلى تعبئة الموارد المائية من أجل تلبية الحاجيات المائية على المدى المتوسط والبعيد، بالإضافة إلى بلورة وتفعيل برامج للاقتصاد في الماء خاصة مجال السقي.
- عرض النتائج وتحليلها
1.2: المناخ وأثاره السلبي على المجال
يعد تغير المناخ مشكلة عالمية طويلة المدى، ويمثل تهديدا هائلا للتنمية المستدامة ويعيق جهودها، فعلى الرغم من أن المغرب هو من بين الدول الأقل مساهمة في أسباب تغير المناخ[2]، فقد أثر هذا الأخير بالفعل على مجموعة من مناطق الجهة حيث بلغ معدل الفقر في مجال الدراسة استنادا إلى إحصاء 2014 حوالي 15.5% في المجالات الحضرية، وفي القرى تجاوزت 34.7%، ونسبة معدل الهشاشة حوالي 25.1% في المجالات الحضرية، وفي القرى حوالي 23.8%، وهو معدل يفوق المعدل العام المسجل بجهات المملكة حيث نسبة معدل الفقر وصل إلى 30%، والهشاشة حوالي 28.1%، وبالتالي يكون المجال فعلا أكثر تضررا ويكون عرضة لأثار سلبية تؤثر على مختلف القطاعات الحيوية. فالزيادة الطفيفة في درجات الحرارة وتوالي سنوات الجفاف أدى إلى انخفاض في إنتاجية المحاصيل بشكل كبير، زاد في استغلال الموارد الطبيعية بطريقة غير رشيدة في الوقت الحالي، وبتوالي موجات الجفاف عمد أغلب المزارعون إلى سياسة استعمال آلات ضخ الماء من الأودية وعبر الآبار مما أدى إلى استنزاف الفرشة المائية بالمنطقة.
1.1.2: تساقطات مطرية متباينة مجاليا وزمانيا
عرفت التساقطات المطرية السنوية تباينا مجاليا وزمنيا ملحوظا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وزاد من حدة هذا التراجع توالي سنوات الجفاف التي شهدتها المنطقة منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي. يتضح هذا التراجع في كمية التساقطات من خلال دراستنا لبعض المحطات القياسية المطرية المتواجدة بالحوض (شكل رقم 02).
شكل رقم 02: المعدل السنوي للتساقطات المطرية خلال الفترة الممتدة بين1963 و2011 بالمحطات القياسية المتواجدة بالحوض
إن المناخ السائد عموما، مناخ قاحل، حيث التساقطات ضعيفة، وتزداد ندرتها في اتجاه المنخفضات إذ تشكل المرتفعات حاجزا أمام الكتل الهوائية الرطبة القادمة من المحيط الأطلسي[3]، حيث يصل معدل التساقطات السنوية في وسط الحوض بمحطة بني مطهر إلى 187.4ملم خلال الفترة الممتدة من سنة 1970إلى 2008 (مبيان رقم1).
مبيان رقم 1: تساقطات مطرية سنوية من سنة |
سجل بمحطة جرسيف على واد مللو(مبيان رقم2) خلال الفترة الممتدة من سنة 1931 إلى سنة 2011 معدل التساقطات حوالي 158.9ملم، ويظهر خط التراجع في المبيانين أعلاه تراجعا ملحوظا في نسبة التساقطات السنوية.
2.1.2: التباينات الحرارية الفصلية
تعرف المنطقة تباينا فصليا، حيث يتميز بالبرودة خلال فصل الشتاء وقد تصل درجة الحرارة الدنيا إلى أقل من12°c-، ودرجة الحرارة القصوى تفوق أحيانا40°c خلال فصل الصيف، وتعرف المنطقة اضطرابات جوية استثنائية بفعل هذه التباينات الحرارية تطول مدتها إلى خمسة أشهر من شهر يونيو من كل سنة[4]، مما ينتج عنه عواصف رعدية تحدث تساقطات عنيفة مصحوبة (بالبرد) والتي تؤدي إلى خسائر مادية كبيرة.
مبيان رقم 3: مؤشر كوسن خلال الفترة الممتدة من سنة 1970 إلى غاية 2008 | مبيان رقم 4: تغايرية الحرارية(°c) خلال الفترة الممتدة من سنة 1970 إلى غاية 2008 |
ويعتبر فصل الربيع الأكثر تساقطات مطرية بالمقارنة مع باقي الفصول الأخرى، ويسجل شهر أبريل تساقطات أعلى تصل إلى 26.2ملم.بينما التساقطات المطرية الدنيا سجلت خلال شهر يوليوز بقيمة لا تتجاوز 1.8ملم، مما جعل معدل الأيام المطيرة خلال السنة حوالي 30 إلى 45 يوم مطير خلال السنة.
2-2: مختلف الطقوس الجوية الأكثر وفودا على المنطقة
إن توزيع التساقطات في المنطقة مرتبط أساسا بمختلف التيارات الهوائية التي تحيط بالمنطقة بالنظر إلى وضع المغرب الذي يتواجد خارج مسار الاضطرابات الأطلسية. فأنواع الطقوس المتعاقبة على المنطقة لا تختلف عن الحالات التي تهم الشمال الشرقي والغربي للمغرب. فالضغط المرتفع الآصوري الديناميكي يشكل المحور الأساسي للدورة الهوائية، ذلك أن التراقص الفصلي الذي يقوم به خلال السنة والناتج عن الحركة الظاهرية للشمس، حيث يؤدي تراجعه نحو الجنوب إلى فسح المجال أمام المنخفضات المحيطية لتنشط حيث يكون الجو باردا وممطرا وبالتالي نكون في فترة فصل الشتاء، ونزوحه نحو الشمال يصبح حاجزا منيعا أمام التأثيرات القطبية الباردة ويفسح المجال للمنخفض الصحراوي لبلوغ المجال المتوسطي-الأطلسي وبالتالي نعيش فصلا صيفيا حارا وجافا. ما بين هذين الحالتين المناخيتين يتمركز فصلين انتقاليين وهما الخريف والربيع تتقاطع بينهما تأثيرات اضطرابية حارة وباردة، بيد أن هذا التوزيع الفصلي يبقى مرتبطا أساسا بموقع الضغط الآصوري وأهمية امتداده.
1.2.2: حالة الكتل الهوائية الشمالية الشرقية الباردة
يتكون الطقس المستقر الشمالي الشرقي عند امتداد وحدات ضد إعصارية طولية متخذة اتجاها شماليا شرقيا-جنوبيا غربيا، وينتج عنها انتقال هواء قاري بارد مصدره آت من شمال شرق ووسط أوروبا حيث يمر عبر جنوبها، وقد يساعد تواجد منخفض جوي بالبحر الأبيض المتوسط في جذب هذا الهواء ليصل إلى المغرب، وعادة فإن الامتداد الطولي للعناصر ضد إعصارية يرجع إلى تلاحم المرتفع الحراري السيبيري الذي يتشكل فوق ووسط أوروبا بالمرتفع الآصوري الديناميكي الحركي. وإجمالا فإن المغرب يعرف طبقتين هوائيتين مختلفتين من حيث الحرارة، الأولى تتشكل في المجال التربوسفير الأدنى وتكون الأجواء باردة (شكل رقم 03)، والثانية تتشكل بين المستوى الأوسط والأعلى للتربوسفير حيث يتميز بوجود هواء مداري دافئ متهدل في السفح الجنوبي الشرقي الذي يمكن معاينته عند مستوى 500 هكتوباسكال، واعتبارا لهذه الحالة الجوية بلغت نسبة ترددها حوالي 7.4%.
شكل رقم 03: الوضعية الايزوبارية في الارتفاع 500 هكتوباسكال وعلى مستوى السطح بتاريخ 27 فبراير 1995 بتوقيت 12(UTC).
2.2.2: حالة الكتل الهوائية الشرقية الحارة
يتعرض المغرب لتأثير كتل هوائية حارة عندما يمثل نقطة وصل ما بين الضغط الآصوري الديناميكي والمنخفض الصحراوي القشري الذي يشغل جزءا هاما من الجنوب المغربي، حيث تعمل الحافة الانضغاطية التي ترافقه على انتقال الهواء المداري القاري الحار من الشرق والجنوب الشرقي، وتزيد من ارتفاع درجة الحرارة ظاهرة الفوهن خاصة في السفوح المعاكسة للسفوح الغربية[5].
شكل رقم 04: الوضعية الايزوبارية على مستوى 500هكتوباسكال وعلى مستوى السطح بتاريخ 29 شتنبر 2004 بتوقيت 12UTC
النموذج(شكل رقم 4) يبين مدى تراجع التيار النفاث نحو الشمال فاسحا المجال أمام الاستقرار الجوي المرافق للهواء المداري البحري الدافئ على جل أرجاء المحيط الأطلسي وأوروبا وشمال إفريقيا، يرتفع الضغط بوجود عرْف ساخن يبين هيمنة الهواء المداري. لكن في الجنوب الغربي للمغرب جهة أكادير وجود قطرة باردة ضعيفة الأهمية (15.5-° (كان لها تأثير على عدم استقرار المنخفض الصحراوي في هذا المجال.
3.2: عجز ملحوظ ميز الأنظمة الهيدرولوجية بالحوض
يتميز حوض جرسيف بوجود ثلاث أودية أساسية، أهمها واد ملوية بمعدل صبيب مهم يقدر بحوالي 28متر مكعب في الثانية حسب القياسات المنجزة بمحطة دار القايد بجرسيف.
1.3.2: تحليل كرنولوجي لصبيب الفرشة المائية
يمكن تقسيم مجال الدراسة إلى ثلاث فرشات أساسية (فرشة بسهل معروف، سهل تافرطة وسهل جيل):
- في تحليل لفرشة سهل معروف أنجزت على ثلاث مراحل حسب المخطط المديري لتهيئة الموارد المائية بحوض ملوية، حيث بينت النتائج أن هناك استقرارا للفرشة المائية خلال الفترة الممتدة بين سنة 1971 و1983، لتليها مرحلة تراجع طفيف ومنتظم بحوالي 3 إلى 4 أمتار بين سنة 1984 و2000، وبعدها سجل تراجع كبير للفرشة المائية[6].
- بالنسبة للفرشة المائية شبه السطحية لسهل تافرطة، رغم وجود ثغرات في غياب تتبع قياسات اليومية إلا أنه تبين أن هناك تراجعا خلال الفترة الممتدة من سنة 1971 إلى سنة 1983 قدر انخفاضه بحوالي مترين لمستوى الفرشة، وما بين سنة 1998 و2006 وصل هذا الانخفاض إلى سبعة (7) أمتار.
- بالنسبة للفرشة المائية بسهل جيل، هناك تراجع خفيف بين سنة 1988 وسنة 1993 ليزداد حجم الفرشة خلال التسعينات، ثم تقلص وتراجعت الفرشة المائية بين سنة 2000 و2006 بحوالي أربعة (4) أمتار.
ويمكن تفسير هذا التراجع، بالتزايد الملحوظ في المساحات المزروعة خلال السنين الأخيرة وكذا تفعيل استراتيجية مخطط المغرب الأخضر منذ سنة 2008، والذي يهدف إلى جعل الفلاحة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية للبلاد، وأداة فعالة لمحاربة الفقر عبر الرفع من مدخول ومستوى عيش الساكنة القروية. وبفعل توالي سنوات الجفاف المناخي خلال السنين الأخيرة لجأت هذه الساكنة إلى استخراج المياهبالمليون متر مكعب سنويا من الآبار الجوفية دون وجود روافد تغطي هذا الضخ، وقد تفوق نسبة الاستخراج 100 بالمائة من المستوى المستدام في الحالات القصوى.
2.3.2: مشروع السقي وبنية التربة ساهمتا في الاستقرار البشري وتطور استغلال أنماط المجال
تتميز التربة في المجال المدروس بخصوبتها، وهي معروفة لدى المزارعين حسب أصنافها، حيث تتجلى أهميتها في تنوعها، إذ نجد في مقدمتها تربة البياضة والتربة الحمراء بنسبة 80% تليها التربة الرملية بنسبة 10% وتربة الترس والحرشة بنسبة 10%. فتربة البياضة والحمراء تشكلت فوق التكوينات الرباعي الحديث، استغل جزء كبير منها لغرس أشجار الورديات أغلبها شجر الزيتون، عكس التربة الرملية التي تتشكل من جزيئات الحصى وهي نسبيا خفيفة وتتميز بالعمق عكس التربة (الحرشة) فهي غير عميقة وضعيفة الملوحة يغلب عليها الطابع الصخري (caillouteux). ثم نجد تربة الترس التي تتمركز بشكل كبير في الجهة الشمالية.
إن مشروع السقي في الحوض يعتبر من بين الركائز الأساسية لاقتصاد المنطقة، حيث تبنى عليه كل الأنشطة الزراعية والفلاحية. واعتمادا على الخريطة أسفله (شكل رقم 05)، يتبين التزايد الكبير في المجالات الزراعية، والذي واكبه استقرار بشري مهم، حيث تسجل الإحصائيات الأخيرة (بين سنة 2004 و2014) زيادة معدل النمو بنسبة 1.61%.
شكل رقم 05: خريطة لاستغلال الأراضي بالمجال المدروس والاستقرار البشري
ففي المجالات الحضرية، في سنة 2004 عدد السكان وصل إلى66466 وخلال سنة 2014 بلغ حوالي 90880 أي بنسبة معدل النمو بلغت حوالي 3.18%، بينما في المناطق القروية وصل عدد السكان خلال سنة 2004 حوالي 118221 وخلال سنة 2014 وصل إلى 125837 أي بنسبة نمو لا تتجاوز 0.63%.
تتوزع المزروعات في المجال بشكل متفاوت حسب خصوصية وملائمة التربة لنوع المزروعات، نجد شجر الزيتون في مقدمتها حيث تصل المساحة المزروعة حوالي 80%، عكس المزروعات العلفية حيث لا تتجاوز 28% من المساحة الإجمالية. أما الزراعات البورية فهي تتشكل من الشعير والذرة والقمح بنسبة 5% من المساحة الإجمالية، وتبقى المزروعات المعيشية ضعيفة نسبيا لا تتجاوز 1% من المساحة الإجمالية. ويبقى شجر الزيتون هو المورد الأساسي في النسيج السوسيو اقتصادي في إنتاج زيت الزيتون وفي عملية التصبير، حيث يتم تصديره إلى الخارج ويساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني.
- استراتيجية الدولة الموجهة للتهيئة الهيدروفلاحية ووقعها السوسيومجالي
3-1: تفعيل مخططات التنمية الهيدروفلاحية
إن الجفاف المناخي، وعدم انتظام التساقطات المطرية الموسمية والسنوية، وكذلك توالي سنوات الجفاف والبنية الجيولوجية الكلسية والغرينية (التربة الملحية)، كلها عوامل تؤثر على الإنتاج الزراعي وتمثل العامل الرئيسي حاليا في نقص المياه، إذا أخدنا بعين الاعتبار العامل المناخي والذي يجعل السقي إلزاميًا ويوفر إمكانية تطوير مجموعة واسعة من المحاصيل على الرغم من عجز المياه. وفي هذا السياق، يعد الري حتمية اجتماعية واقتصادية لا يمكن تجنبها، ويعتبر قاطرة للتنمية الزراعية. اليوم، في مواجهة ندرة المياه وزيادة الاستهلاك، لا سيما من خلال الزراعة التي تتطلب موارد مائية (80 ٪ أو90 ٪ منها)، شجعت الحكومة المغربية المزارعين على تحديث تقنيات الري من خلال تقديم إعانات مالية كافية لمكافحة عجز المياه، إما عن طريق التدبير لاستخدام المياه أو عن طريق استخدام تقنيات الري المناسبة[7].
في هذا الإطار أنجز مشروع تهيئة الأحواض الصغيرة والمتوسطة بالحوض (موضوع الدراسة) بإشراف من وزارة الفلاحة والزراعة والصيد البحري. هذه الدراسات هي جزء من الإطار الإنمائي للمقاطعات الشمالية وإدارة الموارد المائية بها. وتم تمويل هذه الدراسات عن طريق قرض من التعاون الألماني[8].
في هذه الدراسة استفاد حوض جرسيف بإعداد حوالي 10 مجالات سقوية بمساحة تقدر بحوالي 3540 هكتار، كان للجماعة القروية هوارة أولاد رحو نصيب مهم منها إذ بلغ المجال المسقي 2445هكتار من واد مللو موزعة على منطقتين:
- المجالات المهيئة على طول واد مللو (أولاد حموسة) بمساحة تقدّر بــ 1325هكتار.
- المجالات المهيئة على مستوى (جيل مسعودة) بمساحة تصل إلى 1120هكتار.
تم إنشاء سواقي للماء في الوادي لهذا الغرض لري المحيط مع صبيب خلال الصيف يقدر ب 1.1 م3 / ثانية، حيث القوانين المعمول بها من العالية نحو السافلة ترتبط بتذبذب صبيب الواد. بين يونيو وشتنبر، صبيب الوادي ينخفض ولا يتجاوز 0.3م3 / وبالتالي لا يسمح بالري المتوازي لهذه المناطق.
صورة رقم 1: قناة لإيصال المياه إلى المزارع صورة رقم 2: صهريج لتوزيع المياه على القنوات
يقدر عدد السكان المستفيدين من مشروع التنمية المائية الزراعية بـ 500 12نسمة يعيشون في مدينة جرسيف و1137 يعتبرون أنفسهم مشغلين لمياه الري.
شكل رقم 06: توزيع الشبكة المائية السقوية على واد مللو
حسب الخريطة أعلاه، يعتبر واد مللو من بين الأودية غير المهددة بخطر الفيضانات نظرا لطبوغرافية السطح وضعف الانحدار، وحسب مديرية الحوض النهري بملوية تم تحديد نسبي لخطر الفيضان على واد مللو في النقطة 44، بحيث نسبة الخطر على الإنسان والفلاحة ضعيفة جدا ومتوسطة على مستوى البنية التحتية والاقتصاد ونسبة الخطر على البيئة تبقى مهملة[9].
2.3: الوقع السوسيو مجالي بالحوض
إن الوقع الإيجابي لدى هذا التدخل الاستراتيجي للدولة، هو تلبية حاجيات المزروعات من الموارد المائية، في مواجهة كل التأثيرات المناخية القاسية وارتفاع نسبة التبخر الفعلي الذي يزيد من حدة الجفاف، ويبقى معرفة حاجيات المزروعات للماء من الضروريات الأساسية لتثمين الماء السقوي والتدبير الأمثل للموارد المائية. وفي هذا الشأن قامت المديرية الإقليمية للفلاحة بتازة خلال سنة 2008 بمقارنة لحاجيات الماء بين مختلف المزروعات من بينها أشجار الزيتون والزراعات العلفية قبل وبعد إنجاز مشروع التهيئة (مبيان رقم 05).
مبيان رقم 05: مقارنة الحاجيات من المياه بين مختلف المزروعات قبل وبعد إنجاز المشروع
المرجع: (المديرية الإقليمية للفلاحة بتازة)
من خلال المقارنة التالية، أظهر أن استهلاك الماء قبل إنجاز المشروع مرتفع لا سيما خلال فصل الصيف حيث تصل مداها إلى أزيد من 1200 متر3/س. إذا الحاجة للماء تختلف من زراعة لأخرى، قدرت حوالي 19464 مليون متر3/س بالنسبة لشجر الزيتون و179 مليون متر3/س بالنسبة للذرة مثلا. الملاحظ أن الفترة بين شهر أكتوبر إلى شهر يونيو تكون حالة الاستهلاك للماء مرتفعة، بينما الفترة ما بين شهر يوليوز وشهر نونبر ضعيفة جدا ويرجع إلى قلة التساقطات خلال فصل الصيف وجفاف الواد ثم مرحلة الاستراحة النباتية (reposvégétative)، ويعتبر فصل الصيف الموسم الأكثر موسما في استغلال الماء بنسبة 56%، متبوعا بموسم الخريف بنسبة 29%، لتنخفض هذه النسبة خلال موسمي الشتاء والربيع بنسبة 15%. وتأتي الآثار السلبية بفعل ارتفاع نسبة الملوحة في الماء مما يشكل عائقا فعليا للماء السقوي الذي يستخرج من الفرشة شبه السطحية عبر الآبار وبالجهة الشمالية الشرقية لواد مسون، بالإضافة إلى تدهور التربة بفعل فقدان خصوبتها الناتج من جهة عن الاستغلال المتوالي والمفرط للأرض دون استراحتها، ثم ثانيا بفعل عامل التعرية والذي يعتبر نسبيا ضعيفا.
صورة رقم 4.3: ترسبات طينية بفعل التعرية الناتجة عن الجريان المائي
من خلال الخرجات الميدانية، يتبين أن شدة التعرية بوسط الحوض جد ضعيفة إلى منعدمة في بعض الأجزاء وذلك لضعف قيمة الانحدار وللتكاثف النباتي الناتج عن الزراعة، ثم إنشاء حواجز حفرية على الشجيرات تساهم في تثبيت التربة بشكل كبير ضد كل أنواع التعرية.
خاتمة:
بينت نتائج الدراسة أن هناك فعلا تراجعا على مستوى الموارد المائية، وذلك بتداخل مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية. وهو ما يستلزم مزيدا من التدبير المعقلن والمحكم للحفاظ على الثروة المائية، باعتبارها المورد الأساسي للمنطقة ورافعة للنمو السوسيو اقتصادي والاجتماعي. وتأتي هذه الدراسة لإغناء السيناريوهات الوطنية لإنجاح وتوجيه استراتيجيات التخطيط لتجويد الخدمات والتهيئة المندمجة لتجاوز الاختلالات السابقة.
قائمة المراجع:
- باحو عبد العزيز (2002). الجفاف المناخي بالمغرب: خصائصه وعلاقاته بآليات الدورة الهوائية وأثره على زراعة الحبوب الرئيسية. أطروحة دكتوراه الدولة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية.
- MOUHDI A. « Contributionà l’étude Pluvio-hydrologique du bassin versant d’Oued Melloulou (Maroc Orientale) » Thèse de doctorat. Université des Science et Technologie de Lille U.F.R de géographie et d’aménagement spatial N°PP 205.
- Mazoz E. 2015. « Régimes Pluvio-Hydrologiques du Haut Sebou (Maroc) et incidences des situations climatiques à risques dans le bassin », Thèse de doctorat, université sidi Mohamed ben Abdellah, Faculté Fès-Sais.
- MINISTER DE L’EQUIPEMENT. « Études hydrogéologique de bassin de Guercif » Direction Provinciale de l’Équipement Service Eau à Taza, N°PP.5-20.
- LAHAZMIR H., 2003. « Gestion des eaux d’irrigation dans la province de Taza » Exposé de Ministre de l’Agriculture de Taza, N°PP.1-15.
- MINISTRE DE L’AGRICULTURE,2003. « Projet d’exécution des PMH dans la Province de Taza, périmètre de Guercif » Direction Provinciale de l’Agriculture de Taza, N°PP 1-43.
- Études du plan directeur d’aménagement intégré des ressources en eau des ressources en eau du bassin de la Moulouya (PDAIRE), sous mission I. 2a « Hydrologie ».
[1]الحوض الهيدرولوجي بملوية خريطة رقم 02 صفحة 259.
[2]باحو عبد العزيز (2002): الجفاف المناخي بالمغرب: خصائصه وعلاقاته بآليات الدورة الهوائية وأثره على زراعة الحبوب الرئيسية.
[3]A. Sghir. 2016 « la sècheresse climatique et le risque de la désertification dans les secteurs centraux de la Moulouya ; Page : 33-37
[4]A. Sghir. 2016 « la sècheresse climatique et le risque de la désertification dans les secteurs centraux de la Moulouya ; Page : 43-47.
[5] Référence : www.wetter3.de
[6] Y. Mabrouki, A. Fouzi et A. Berrahou. 2017 : l’évolution spatiotemporelle de la qualité des eaux courantes de l’oued Melloulou (Maroc) ; Revue des sciences de l’eau, 2017 page 215-216.
[7]المخطط الفلاحي الجهوي لموسم 2016/2017 ثم برنامج التنمية الفلاحية برسم 2017-2019
Þ[8]KFW (Kreditanstalt Fur Wiederaufbaua).
[9] Groupement team Maroc-Montmasson /étude d’impact sur l’environnement du projet de renforcement de l’AEP de la région Guercif – Debdou Page : 77-80.