دسترة البيئة: دراسة مقارنة بين المغرب وتونس
The constitutionalisation of the environment: a comparative study between Morocco and Tunisia
محمد نبو كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، ماستر الإدارة، الديمقراطية، حقوق الإنسان، إبن زهر، أكادير. المغرب
NEBBOU MOHAMED – Faculté des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales. MASTER « ADHD » Agadir. Maroc.
مقال منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 49 الصفحة 43.
ملخص:
هذه المقالة تعالج موضوع المضمون البيئي لدستور2011 من خلال تقصي حضور قضايا البيئة في المتن الدستور اعتمادا على منهج استنباطي ومقارن. واستهدفت توضيح السياقات الخارجية والداخلية التي حكمت إدراج البعد البيئي في هذا الدستور وإبراز المكانة التي احتلتها قضايا البيئة فيه في بعديها الكمي والكيفي وفي ضوء التجربة التونسية. وتوصلت إلى أن المضمون البيئي لدستور 2011 يعد من المستجدات التي جاءت بها تعديلات دستور 1996 وأن دسترة البيئة حاضرة كميا ونوعيا وأن ذلك مترتب عن سياقات خارجية وأخرى داخلية استوجبت الارتقاء بالبيئة والتنمية المستدامة إلى مرتبة قواعد دستورية.
الكلمات المفاتيح: الدستور، البيئة، التنمية المستدامة، مقارن، المغرب، تونس.
Abstact:
This article addresses the environmental content of constitution 2011 by investigating the presence of environmental issues in the constitutional body based on a deductive and comparative approach. It found that the environmental content of the 2011 Constitution was one of the new developments in the amendments to the1996 Constitution, that the Constitution of the environment was present in quantitative and qualitative terms, and that, as a result of external and internal contexts, the environment and sustainable development had to be elevated to constitutional status.
Keywords: Constitution, Environment, Sustainable Development, Comparative, Morocco, Tunisia.
مقدمة:
حظيت البيئة باعتبارها إطارا للعيش وقاعدة للأنشطة البشرية والاقتصادية باهتمام الإنسان منذ القدم وتزايد الاهتمام بها من قبل البشرية مع توالي السنوات .
وتعرف البيئة “عند البيئيين على أنها البعد الخارجي وإطار حياة الإنسان الذي يعرف تطورا وتأثيرا لمختلف مكوناته بما فيها النشاط الإنساني”[1]،كما توصف عبارة “بيئة” بأنها كل ما يحيط بنا. مجموع الظروف الطبيعية والثقافية التي تعيش فيها الأحياء وتنمو”[2].
وتحدد أيضا بكونها “مجموع أحوال الطبيعة والأحوال الثقافية والاجتماعية التي تشكل الإطار الحاضن للإنسان، من حيث هو جسم يتعرض لتأثيرات فيزيائية وكيمائية وإحيائية من جهة، وفاعلية نشيطة في وسعها أن تخلق أنشطة بشرية متنوعة من جهة أخرى”[3].
وشكل عقد السبعينات منعطفا نوعيا في تعاطي الدول والمنظمات مع قضايا البيئة جراء تنامي الأخطار المحدقة بها بسبب الأنشطة البشرية المضرة بعناصر البيئة وبالنظم الإيكولوجية حيث ترتب عن ذلك عقد مؤتمرات واستصدار إعلانات واتفاقيات ورفع توصيات وتقارير من أجل لفت عناية المنتظم الدولي والمجتمعات الإنسانية إلى العناية بالبيئة والتخفيف من الإضرار بها عبر مراعاة البرامج والسياسات الاقتصادية للبعد البيئي والعمل على نشر الوعي البيئي وتعزيز الإطار المؤسساتي والقانوني الكفيل بحماية البيئة وفرض احترام حرمتها والنهوض بها وتجريم الأنشطة المضرة بها.
ولقد واكبت هذه الدينامية العالمية الرامية إلى إرساء قواعد قانون دولي لحماية البيئة جهود داخلية على مستوى كل دولة على حدى لترجمة التزامات الدول الأطراف في مجال الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة من خلال إرساء قوانين وإحداث مؤسسات حمائية للبيئة وصياغة سياسات وبرامج واستراتيجيات لنفس الغرض.
ويعتبر المغرب وتونس من الدول التي واكبت وساهمت في هذه الدينامية العالمية إذ شرعتا أوائل النصف الثاني من القرن الماضي وبشكل خاص مطلع السبعينيات منه في إرساء دعائم نظام قانوني ومؤسساتي لحماية منظومتيهما البيئية من جهة[4] والمساهمة في الصيرورة العالمية للتخفيف من الانعكاسات السلبية للتطور الاقتصادي والضغط الديمغرافي على الموارد البيئية والنظم الإيكولوجية عبر العالم ومواجهة التحديات المتواصلة بشأن حماية كوكب الأرض عبر المشاركة في المؤتمرات المتعلقة بحماية البيئة أو التصديق والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الرامية إلى ذلك أو المساهمة في صياغة التوصيات وتبنيها من جهة ثانية[5].
غير أنه، بالرغم من الانخراط الدولي في حماية كوكب الأرض وسن قواعد قانونية داخلية على مستوى البلدين، فقد ظلت قضايا البيئة غائبة في على مستوى القواعد الدستورية ولم نجد لها حضور حقيقيا إلا مع التعديلات التي جاء بها كل من الدستور المغربي لسنة 2011 ودستور الجمهورية التونسية لسنة [6]2014 حيث تم الارتقاء بقضايا البيئة إلى مصاف قواعد ومبادئ دستورية.
وانطلاقا من هذا المنظور يتولد السؤال الإشكالي لهذه المقالة، وهو: أي مكانة لقضايا البيئة في الدستور المغربي لسنة 2011 والدستور التونسي لسنة 2014 ؟
وسنعتمد في استجماع عناصر الإجابة عن إشكالية هذه المقالة المنهج الاستنباطي والمقارن إلى جانب اعتماد المقتربين الكمي والكيفي.
وتهدف هذه المقالة إلى قياس نطاق المقتضيات البيئية في دستور 2011بالمغرب و دستور 2014 بتونس كما وكيفا، وذلك من خلال :
– توضيح السياقات الخارجية والداخلية التي حكمت إدراج البعد البيئي في دستوري البلدين ؛
– إبراز المكانة التي احتلتها قضايا البيئة في الدستور المغربي لسنة 2011 والتونسي لسنة 2014 في بعديها الكمي والكيفي.
ولقد اقتضى تناول إشكالية هذه المقالة أن نستعرض الملامح البيئية العامة في الدستورين والسياقات التي ساهمت في إدماج قضايا البيئة في ذلك أولا (المبحث الأول) ورسم نطاق دسترتها وفق مضامين الدستورين المغربي والتونسي ثانيا ( المبحث الثاني).
المبحث الأول: دسترة قضايا البيئة من مستجدات دستور 2011 بالمغرب ودستور 2014 بتونس
يجسد المضمون البيئي للدستورين جانبا من المستجدات التي جاء بها المشرعين الدستوريين لسنة 2011 بالمغرب ولسنة 2014 بتونس، ومن التعديلات التي طالت دستور 1996 بالمغرب و دستور 2008 بتونس ( المطلب الثاني) وذلك انسجاما مع ما تتطلبه التزاماته الدولية في مجال حماية البيئة والنهوض بها وتفاعلا مع الديناميكيات المجتمعية والتحديات البيئية بالبلدين (المطلب الأول).
المطلب الأول: الالتزامات الدولية للمغرب وتونس في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة
شكلت عملية إدماج مقتضيات البيئة والتنمية المستدامة مظهرا من ترجمة المغرب وتونس لالتزاماتهما الدولية في مجال حماية البيئة وتبني نهج التنمية المستدامة ( الفقرة الأولى) وتفاعلا مع مطالب المجتمع المدني والسياسي في الرقي بالشأن البيئي إلى مستوى قواعد دستورية ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دسترة الشأن البيئي مدخل لملاءمة التشريعات الداخلية مع الالتزامات البيئية الدولية بالبلدين
تشكل ملاءمة الدول لتشريعاتها الوطنية مع القواعد الدولية والاقليمية مدخلا لتفعيل التزاماتها على الصعيد الدولي والاقليمي حيث عبر هذه التقنية يتم ترحيل القواعد الدولية الملتزم بها إلى متون التشريعات الوطنية، وانطلاقا من فحص هذه الملاءمة ونطاقها يتم تقييم مدى احترام الدول والحكومات لتعهداتها الدولية والاقليمية.
وتمثل الدساتير البوابة الأولى في عملية الملاءمة باعتبارها تأتي على رأس هرم المنظومة القانونية للدول، ومنها تتفرع باقي القواعد القانونية الأدنى وتخضع لها عملا بمبدأي التراتبية والدستورية.
وانطلاقا من تعهداتهما الدولية المتعددة الأطراف أو الثنائية في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها والانخراط في جهود مواجهة التحديات البيئية على الصعيد الدولي والإقليمي، وكذا تقريب تشريعاته الوطنية مع المنظومة القانونية لشركائه فقد عمل المغرب وتونس على تحديث ترسانته القانونية البيئية وتعزيزها خلال العشرين سنة الأخيرة.
وتعتبر عملية الارتقاء بقضايا البيئة والتنمية المستدامة إلى مراتب قواعد دستورية سنة 2011 بالمغرب من خلال مجموعة من الفصول التي نصت على مقتضيات بيئية بمثابة محطة نوعية ضمن مسلسل بدأ منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي[7]هم تعزيز وتوطيد الترسانة التشريعية البيئية وملاءمتها مع التزاماته الدولية والاقليمية في المجال البيئي وبشكل أقوى منذ 2003[8]، واستهدف هذا المسلسل أساسا إرساء القواعد القانونية الدنيا حيث تم الإقدام على مراجعة العديد من القوانين وإصدار قوانين جديدة بالإضافة إلى سياسات وبرامج واستراتيجيات ذات صلة بالبيئة[9].
ومن خلال العودة إلى هذه الالتزامات البيئية التي استدعت ملاءمة المنظومة القانونية المغربية، وضمنها الدستور، فقد بلغ عدد الاتفاقات البيئية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها أو وقع عليها أو قبل بها 61 اتفاقا حتى حدود2014 [10]. كما أن هذه الاتفاقيات متعددة الأطراف منها الدولي والاقليمي والثنائي، و متنوعة المواضيع ومن هذه الاتفاقيات نجد اتفاقية حماية طبقة الأوزون، اتفاقية الحفاظ على التنوع البيولوجي، اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن التغير المناخي، إعلان ريو ديجانيرو، الاتفاقية المتعلقة بالمحافظة على الحياة الحيوانية والوسط الطبيعي لأوروبا، اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة التصحر، اتفاقية حماية الوسط البحري والساحل بالمنطقة المتوسطية.
كما أن رهانات المغرب الاقتصادية والجيوسياسية على المستوى المتوسطي، خاصة الاستفادة من نظام الوضع المتقدم في ظل اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حتمت القيام بإجراءات وتدابير ترمي إلى تقريب التشريع المغربي مع نظيره الأوروبي بما في ذلك المنظومة التشريعية البيئية[11]، إلى جانب كسب رهان فرص التمويل من قبل المؤسسات الدولية وبرامج التعاون الدولية[12] وما تتطلبه الاستفادة منها من اشتراطية متعلقة باتخاذ إجراءات لتحسين البيئة القانونية والمؤسساتية للبلد وتوطيدها في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ولا يختلف مسار التجربة التونسية عن التجربة المغربية بحيث يعود اهتمام الدولة التونسية بالشأن البيئي إلى ستينات القرن الماضي من خلال برامج احياء وتدبير الموارد الطبيعية[13]، غير أن فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثالثة تشكل الفترة البارزة في تاريخ التشريع البيئي التونسي، فقد أحدث وزارة البيئة سن 1990 التي خضعت لتطورات متعددة فيما بعد ثم وكالات متخصصة في حماية البيئة والنهوض بها وقبلهما أحدثت سنة 1988 الوكالة الوطنية لحماية البيئة[14]،كما صدرت العديد من النصوص القانونية الرامية إلى حماية وتدبير الموارد البيئية ونشير في هذا الصدد إلى القانون 95.13 بشأن الملك العمومي البحري بتاريخ 24 يوليوز 1995 والقانون 95-70 المتعلق بحماية المياه والتربة الصادر بتاريخ 17 يوليوز 1995 ثم القانون 96-41 بتاريخ 10 يونيو 1996 المتعلق بتدبير النفايات . وكذا قانون مراقبة جودة الهواء 2007-34 الصادر بتاريخ 4 يونيو 2007 وغيرها [15].
ويعود هذا الاهتمام المكثف بالشأن البيئي التونسي إلى أمرين :
أولهما: التحديات البيئية الداخلية التي بدأت تعرفها البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي المترتبة عن تلوث المياه، والنفايات ومخلفات الصناعة والتطور الحضري والنشاط السياحي الشيء الذي تطلب حماية للموارد والاتجاه نحو أنشطة غير ملوثة ونهج سياسات وتشريعات لحمايتها[16]، فضلا عن الحاجة إلى حماية الموارد الطبيعية المتسمة بالهشاشة البيئية[17].
ثانيهما: ما يتطلبه مصادقتها على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الرامية لحماية البيئية والنهوض بها من جهود تشريعية وتنظيمية ومؤسساتية سواء بإحداث مؤسسات أو إصدار قوانين أو ملاءمة ما هو موجود، بحيث صادقت تونس على أزيد من 70 اتفاقية دولية وجهوية شملت حماية الطبيعة والأصناف النباتية و والوسط البحري والطاقة والمناخ…[18].
الفقرة الثانية: الحماية الدستورية للبيئة تفاعل مع مطالب الديناميكيات المجتمعية ومدخل لرفع التحديات البيئية بالمغرب وتونس
لقد كان للسياق الداخلي، إلى جانب السياق الخارجي، دور في تضمين مقتضيات بيئية في الدستورين حيث شكلت لحظة تعديل الدستورين فرصة لمختلف الفاعلين الداخليين من أحزاب ونقابات وجمعيات ومنظمات غير حكومية للمطالبة بإدراج مقترحاتها وتصوراتها الخاصة بالشأن البيئي إلى جانب باقي القضايا[19]،باعتبار الإشكالات البيئية أصبحت تشكل تحديا حقيقيا أمام رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب[20] نتيجة الظروف الطبيعية والمناخية المتسمة بالهشاشة البنيوية من جهة، وبسبب ضعف الحكامة البيئية ومنظور الاستدامة وحماية البيئة في البرامج والسياسات العمومية والقطاعية من جهة ثانية. وجراء التطورات المناخية العالمية وانعكاساتها على الدول من جهة ثالثة. كما كانت مطلب دسترة الشأن البيئي جزء من خطاب الملك بتاريخ 9 مارس 2011 حول التعديل الدستوري، حيث أكد على أن أحد المرتكزات السبعة للتعديل الشامل للدستور هو “ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية والبيئية…”.
ويظهر من خلال الاطلاع على المذكرات التي تقدمت بها العديد من الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية[21] أن موضوع البيئة حظي باهتمام في هذه المذكرات إلى جانب بقية القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. حيث شكلت دسترة قضايا البيئة مطلبا لجل المذكرات مع اختلاف في المساحة التي شغلتها داخلها بين مذكرات تناولتها باقتضاب في فقرة أو بند[22] وأخرى مسهبة في فقرات مطولة[23]، ونوعية القضايا التي طالبت بدسترتها بين من أدرجتها بشكل عام[24]، ومن عددت وفصلت في القضايا البيئة التي ينبغي دسترتها[25]،وطبيعة الدسترة حيث تناولتها بعض المذكرات بمنظور الحقوق[26] والبعض بمنظور الإجراءات أو المقاربات أو السياسات[27].
وقد كان أيضا للتحديات البيئية بتونس سواء تلك المتعلقة بطبيعة خصائصها الطبيعية المتسمة بالهشاشة والأخطار الطبيعية[28]أو الناجمة عن التطور الديمغرافي والعمراني والاقتصادي والضغط على الموارد وما نجم عن ذلك من إشكالات التلوث والاستنزاف وغيرها[29]دور في ارتقاء المشرع التونسي بقضايا البيئة والتنمية المستدامة إلى قواعد دستورية من أجل تكريس حمايتها وضمان استدامتها.
كما ساهم المجتمع المدني التونسي المهتم بالشأن البيئي في هذه الدينامية الدستورية المكرسة لحماية البيئة ،بحيث باتت الجمعيات البيئية التي تعرف تصاعدا متواصلا كميا ونوعيا[30] تشكل لوبي ضغط لحماية البيئية والنهوض بها من خلال مبادراتها المواطنة لاسيما ما بعد 2011[31].
المطلب الثاني: دسترة حماية البيئة والأخذ بنهج التنمية المستدامة من مستجدات دستور 2011 بالمغرب و 2014 بتونس
طالت دستور 1996 بالمغرب ودستور 2008 بتونس العديد من التعديلات من أبرزها المقتضيات الدستورية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة (الفقرة الأولى) ويتضح من قراءة إحصائية الأهمية النوعية والكمية التي شغلتها في دستور 2011 (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التنصيص على مقتضيات بيئية من مستجدات دستور البلدين
يستخلص من المقارنة بين أحكام ومقتضيات دستور2011 ودستور1996 بالمغرب وأحكام دستور 2008 و 2014 بتونس أن من المستجدات النوعية التي تضمنتها الوثيقة الدستورية لسنة2011 و2014 هي إدماج المنظومة المفاهيمية للبيئة والتنمية المستدامة.
إن الباحث في هذا الموضوع يخلص إلى أنه لم ترد في دستور 1996 المغربي أي عبارة بيئية أو ذات صلة بالبيئة باستثناء واحدة جاءت في الفصل الثامن عشر من الباب الأول منه الموسوم ب”أحكام عامة- المبادئ الأساسية”، وهي عبارة ” الكوارث” التي وردت بصيغة عامة.
وقد نص هذا الفصل أن “على الجميع أن يتحملوا متضامنين التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البلاد.” بالمقابل شغلت هذه المفاهيم في دستور 2011 حيزا أوسع وحضورا أكثر كثافة وتنوعا مقارنة بدستور 1996 حيث ورد في تسعة فصول موزعة على سبعة أبواب من ضمنها التعديل الذي طرأ على الفصل 18 من دستور 1996 الذي عدل بالفصل 40 في دستور2011، حيث أصبح مضمونه ” على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد.”، كما تم تغيير موقعه في الهندسة الدستورية حيث انتقل من الباب الأول في دستور 1996 إلى الباب الثاني الخاص بالحريات والحقوق الأساسية في دستور 2011.
أما الفصول الأخرى من دستور 1996 التي طرأت عليها تعديلات وأضيفت إليها مقتضيات بيئية إلى جانب الفصل الثامن عشر، فنجد الفصل الخامس عشر ضمن نفس الباب الذي عدل بالفصل الخامس والثلاثين من دستور 2011 الوارد ضمن باب الحريات والحقوق الأساسية حيث تمت إضافة فقرة ذات مضمون بيئي[32]، وكذا الفصل السادس والأربعون الذي عدل بالفصل الواحد والسبعين ضمن الباب الرابع الخاص بسلطات البرلمان من دستور 2011 وتمت إضافة مقتضيات بيئية من خلال مضمون البندين 26 و 27 من الفقرة الأولى ثم الفقرة الأخيرة منه.
كما تتضح هذه المستجدات المتعلقة بإدماج البعد البيئي في التشريع الدستوري من خلال التعديل الذي لحق الباب التاسع من دستور 1996 وفصوله الثلاثة وعوض بالباب الحادي عشر في الدستور الحالي وأضيفت له مقتضيات بيئية على مستوى عنوان الباب وأحكام ومقتضيات فصوله[33].
وإلى جانب هذه التعديلات التي همت دستور 1996 بإدخال مفاهيم وألفاظ بيئية، فإن دستور 2011 ضمن ذلك أيضا في مقتضيات دستورية جديدة كما هو وارد في الفصل 19 والفصل 31 ثم الفصل 136 بالإضافة إلى العنوانين الفرعيين في الباب الثاني عشر المتعلق بالحكامة الجيدة بحيث يلاحظ استعمال مفهوم “التنمية المستدامة”[34] لكن دون أن ترد أية لفظة أو عبارة في أحكام ومقتضيات فصول هذا الباب ذات صلة بالبيئة أو التنمية المستدامة[35]، كما لاوجود لأي هيئة أو مؤسسة أوكل لها الاختصاص في مجال التنمية المستدامة وقضايا البيئة بعبارة صريحة أو حملت في تسميتها الدستورية هذه العبارات[36]، مقابل ذلك في التجربة التونسية نجد مثلا “هيئة التنمية المستدامة وحماية حقوق الأجيال القادمة” في القسم الرابع من الدستور، وإن كان هذا لا يمنع من استنتاج أن تكون قضايا البيئة والتنمية المستدامة من صلب اهتمامات المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره الجهة التي خول لها الدستور النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات[37]، التي تعد الحقوق البيئية والحق في التنمية المستدامة من مشمولاتها كما نصت على ذلك مقتضيات الفصل 31 من الدستور .
ولعل ما يرجح صحة هذا الاستنتاج هو تضمين المجلس فقرات حول وضعية الحقوق البيئية في تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019[38]، وهي المرة الأولى التي تتضمن وثيقة من وثائق هذه المؤسسة مقتضيات بيئية حسب ما اطلعنا عليه في هذا الباب ما بعد إصدار هذا الدستور.
وعلى ضوء ما سبق، فإن المشرع الدستوري المغربي عمل سنة 2011 على التنصيص على عدة مفاهيمية تهم البيئة بصيغ متعددة إما في شكل ألفاظ أو توصيفات توحي إلى مكون من مكونات البيئة أو حالة البيئة ( الماء، الغابات، الصيد، الكوارث الطبيعية…) أو مصطلحات أو مفاهيم تحيل على نهج تدبير تنموي ( البيئة، الثروات الطبيعية، التنمية المستدامة، تدبير وحماية الموارد البيئية) غير أن العديد من المفاهيم والألفاظ التي تنتمي لحقل البيئة والتنمية المستدامة لم تتم الإشارة إليها من قبيل مثلا “المناخ والتلوث” اللذان وردا في الدستور التونسي أو أخرى من قبيل: التنوع البيولوجي أو النبات أو الساحل أو الجبل أو التغير المناخي أو الأنظمة الإيكولوجية …وغيرها.
كما يتضح أن المغرب رغم تعهداته السابقة عن 1996 في شأن تبني قضايا البيئة والتنمية المستدامة، خاصة تلك التعهدات المترتبة عن الالتزام بإعلان قمة الأرض في ريوديجانيرو سنة 1992، فإن ذلك لم ينعكس على ترسانته الدستورية وبقي الأمر كذلك حتى سنة 2011 على الرغم من الاهتمام المبكر بالشأن البيئي في المغرب كما يتضح ذلك من خلال التطور المؤسساتي والاداري الخاص بالبيئة الذي يعود إلى سنة 1972 حيث أحدث قسم للبيئة بوزارة السكنى وإعداد التراب والسياحة، وفي 1985 سيتبع هذا القطاع لوزارة الداخلية من خلال قسم خاص بالبيئة وسيتم الارتقاء به إلى كتابة دولة مكلفة بالبيئة تابعة لوزارة الداخلية سنة 1992 ثم وزارة للبيئة سنة 1995، وكتابة دولة مكلفة بالبيئة تابعة لوزارة الفلاحة والبنيات والبيئة مرة أخرى سنة 1997 وتحويلها بنفس الاسم تحت وصاية وزارة التخطيط والبيئة والتهيئة الحضرية والإسكان عام 1998، وفي 2002 ستصبح هذه الكتابة تابعة لوزارة إعداد التراب والماء والبيئة ثم تعود إلى مجرد مصلحة تابعة لنفس الوزارة سنة 2004 ويرتقى بها من جديد سنة 2007 إلى كتابة دولة مكلفة بالماء والبيئة تابعة لوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة[39]. كما يتجلى في الترسانة القانونية المتعددة بشأن البيئة في عموميتها أو مكوناتها خاصة ما بعد 2002 حيث تزيد عن 13 نصا قانونيا بيئيا إلى جانب المخططات والمؤسسات المعنية بتنمية وحماية المنظومة البيئية والنهوض بها[40]، ونذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: التشريع المتعلق بالماء[41]، وحماية البيئة والمحافظة عليها والتنمية المستدامة[42]، وبالتلوث الهوائي[43]…وغيرها من التشريعات البيئية الصادرة قبل دستور 2011.
وعلى غرار التجربة الدستورية المغربية، فإن التجربة التونسية هي الأخرى شهدت نقلة نوعية بخصوص دسترة البيئة حيث من خلال مقارنة بين دستور 2008 ودستور 2014 يتضح الانتقال الملموس في المضمون البيئي لهذا الأخير بحيث لم يكن دستور2008 [44]يتضمن أي مقتضى دستوري في هذا الشأن باستثناء عبارة ” استخدام ثروة البلد لفائدة الشعب” في الديباجة، في حين نجد حيزا هاما شغلته قضايا البيئة في متن دستور 2014حيث وردت عبارات بيئية في 7 فصول من أصل 149 فصلا المشكلة للدستور إلى جانب ورودها في الديباجة.
الفقرة الثانية: حماية البيئة وتبني نهج التنمية المستدامة في دستوري البلدين مقاربة إحصائية
تمكننا الاستعانة بالمقترب الكمي والنوعي في قراءة المعجم البيئي في الدستور المغربي من تقدير حجم الاهتمام الذي أعطي للبيئة والتنمية المستدامة من قبل المشرع الدستوري لحظة التعديل الدستوري سنة2011 [45].
لقد ضمن المشرع الدستوري العدة المفاهيمية الجديدة في النص الدستوري من خلال مقتضيات وأحكام واردة في عشرة فصول نصت بصريح العبارة على هذه المفاهيم التي تقوم عليها التنمية المستدامة أو تهدف إليه أو تشكل جزءا من مدلولها أي ما يعادل 5.55 بالمئة من إجمالي فصول الدستور[46]، وبالمقاربة مع الدستور التونسي لسنة 2014 فإن تضمين مفاهيم البيئة والتنمية المستدامة تبقى أقل، إذ لم يتجاوز سبعة فصول من مجموع 149 فصلا على الرغم من التقارب الكبير من حيث النسبة التي تشكلها هذه الفصول من إجمالي مقتضيات الدستور التونسي التي تصل إلى 4.69 بالمئة[47].
ويتضح أن هذه النسبة الواردة في دستور2011 من خلال مقاربة إحصائية موزعة حسب تكرارها كما يلي :
- عبارة “البيئية” تكررت ثلاثة مرات في الدستور[48]؛
- وعبارة “البيئة” أو”بيئة” ذكرت مرتين[49] ؛
- وعبارة “البيئي” أو”بيئي” ذكرت أربعة مرات[50]؛
- فيما عبارة “مستدامة” تكررت سبعة مرات في متن الدستور[51]؛
- أما عبارة ” الطبيعية ” فقدت تكررت ثلاثة مرات أقرنت في الأولى بعبارة “الثروات”[52]وفي الثانية ربطت بعبارتي “الآفات والكوارث”[53] وفي الثالثة أضيفت إلى عبارة “الموارد”[54]، كما وردت عبارة “حقوق الأجيال القادمة”[55] مرة واحدة وعبارة “الماء/المياه” مرتين[56] وعبارة ” الغابات” مرة واحدة و”الصيد” مرة واحدة أيضا[57].
ونجد أن هذه المنظومة المفاهيمية للتنمية المستدامة والبيئة على مستوى الهندسة الدستورية جاء ذكرها في بعض من مقتضيات ستة أبواب هي: الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية [58]، والباب الرابع الخاص بالسلطة التشريعية[59]، والباب الخامس الخاص بالسلطة التنفيذية[60]، وفي الباب التاسع الخاص بالجهات والجماعات الترابية الأخرى[61]، وفي الباب الحادي عشر الخاص بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي[62] ثم في الباب الثاني عشر الخاص بالحكامة الجيدة[63].
غير أن حضور هذه المنظومة المفاهيمية على مستوى هذه الأبواب ليس بنفس الدرجة بل يتضح اختلاف بين باب وأخر، فقد وردت في الباب الحادي عشر وتكررت ستة مرات وعلى مستوى جميع فصوله فيما لم يتجاوز عدد المرات التي ذكرت فيها مرة واحدة في الباب العاشر من الدستور ويتأرجح حضورها في بقية الأبواب الأخرى مابين هاتين القيمتين.
وبالمقارنة مع التجربة التونسية في إدماج هذه المفاهيم ذات الصلة بالبيئة والتنمية المستدامة، فإن المشرع الدستوري التونسي لسنة 2014 نص عليها بالإضافة إلى ديباجة/توطئة الدستور التي تعد جزء لا يتجزأ منه[64] في الباب الأولى الموسوم ب “المبادئ العامة”[65]، والباب الثاني المخصص للحقوق والحريات[66]، والباب الثالث الخاص باختصاصات السلطة التشريعية[67]، وفي القسم الرابع من الباب السادس المتعلق بالهيئات الدستورية[68] ثم في الباب السابع من الدستور الذي أفرد للسلطة المحلية واختصاصاتها[69]، ويلاحظ على هذه التجربة كما التجربة المغربية التفاوت في الحضور بين باب وأخر حيث تسجل حضورا مهما في باب الحقوق والحريات متبوعا بالديباجة وتبقى أقل في بقية الأبواب.
وتتفرد التجربة الدستورية التونسية في هذا الدمج المفاهيمي بالتركز بشكل عام حيث لا تتعدى خمسة أبواب في مقابل سبعة أبواب في الدستور المغربي، وبالتركز بشكل أكبر في باب الحقوق والحريات فيما التجربة المغربية نجد هذا التركز في باب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي(هيئة استشارية)، وتتفرد عنها أيضا بالتنوع والتعدد والغنى اللفظي والاصطلاحي عكس التجربة المغربية التي تتسم بالضعف ومحدودية العبارات المستعملة كما يوضح الجدول(1).
الجدول(1): الحقل المفاهيمي للبيئة والتنمية المستدامة في الدستورين المغربي 2011 و التونسي 2014.
الحقل المفاهيمي الخاص بالبيئة والتنمية المستدامة في الدستور المغربي 2011 | الحقل المفاهيمي الخاص بالبيئة والتنمية المستدامة في الدستور التونسي 2014 |
البيئية، الحق في الحصول على الماء، العيش في بيئة سليمة، التنمية المستدامة، مستدامة، الحفاظ ، الثروات الطبيعية، حقوق الأجيال القادمة، الآفات، الكوارث الطبيعية، تدبير البيئة، حماية الموارد الطبيعية، البيئي، المياه، الغابات، الصيد. | سلامة المناخ، الحفاظ، البيئة سليمة، استدامة، موارد، الطبيعية، استمرارية، الآمنة ،الأجيال القادمة، التنمية المستدامة، الاستغلال الرشيد، الثروات، الحق في الماء، المحافظة على الماء، ترشيد استغلاله، الحق في بيئة سليمة، متوازنة، القضاء على، التلوث البيئي، البيئية، هيئة التنمية المستدامة، حماية حقوق الأجيال القادمة، الثروات الطبيعية. |
المصدر: إنجاز شخصي 2021
إن الملاحظ انطلاقا مما سلف، هو أن المشرع الدستوري لسنة 2011 تناول المقتضيات البيئية التي أدمجها في الدستور من زوايا متعددة، حيث نجد أنه تارة يوردها في صيغة حق أو مبدأ دستوري أو غاية دستورية أو قيمة دستورية وتارة ثانية في صورة اختصاص أو موضوع لإعمال أحكام دستورية أخرى وتارة ثالثة في شكل نهج أو اختيار تدبيري وتنموي، وهو ما انعكس على مواقع حضورها في الهندسة الدستورية، إذ نجدها في باب الحريات والحقوق الأساسية وفي باب السلطة التشريعية، كما نجدها في باب الحكامة والهيئات الاستشارية وباب الجهات والجماعات الترابية.
المبحث الثاني : نطاق دسترة حماية البيئة وتبني نهج التنمية المستدامة في دستور 2011 المغربي ودستور 2014 التونسي
امتد نطاق دسترة قضايا البيئة والتنمية المستدامة في الدستورين من التنصيص عليها كحقوق وغايات دستورية ( المطلب الأول) إلى مجالات للتشريع والاستشارة العمومية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: حماية البيئة والمحافظة عليها واعتماد التنمية المستدامة بمثابة حقوق وغايات دستورية بالمغرب وتونس
الفقرة الأولى: السمو بالبيئة والتنمية المستدامة إلى مرتبة حقوق دستورية في الدستورين
بوأ المشرع الدستوري خلال سنة 2011 البيئة وكذا التنمية المستدامة مكانة حقوق دستورية بعدما ظلت دون ذلك في الدساتير السابقة وسلك المشرع الدستوري التونسي لسنة 2014 نفس الاتجاه.
ولقد انتقل بها المشرع عبر هذه الخطوة من وضعية خدمات ومرافق ومقاربات وتصورات عمل وتدبير… كما ظلت ترد من ذي قبل في التشريعات والمخططات والبرامج السابقة عن دستور 2011 إلى مرتبة حقوق مضمونة ومحمية في أسمى وثيقة في الهرم القانوني المغربي التي تتفرع عنها باقي القواعد القانونية والتي يترتب عن مخالفتها انتهاك لمبدأ دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها[70] ويستدعي الدفع بعدم دستوريته أمام المحكمة الدستورية للجهات والأطراف المخول لها ذلك بمقتضى الدستور[71] وإلى غايات وقيم دستورية وميادين تشريع واستشارة أيضا.
وعلى ضوء ذلك، فإن “التنمية المستدامة “وفق الدستور ليست فقط نهج أو مقاربة في التدبير يتعين اتباعها لتحقيق فعالية ونجاعة السياسات والبرامج الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وأن البيئة أيضا ليست إطارا للعيش فقط كما ظل ينظر إليهما من ذي قبل بل يعدان من الحقوق الدستورية كبقية الحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في هذا الدستور. فيما نجد مثلا أن التنمية المستدامة في الدستور التونسي تم التنصيص عليها كغاية دستورية فقط ومن الأدلة على ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 12 منه، إذ ورد فيها أن ” على الدولة أن تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة”.
ويتضح هذا الانتقال بالتنمية المستدامة والبيئة إلى مرتبة حقوق يتعين التمتع بهما من قبل المواطنات والمواطنين من خلال البندين التاسع والعاشر من الفصل 31 من الدستور حيث جاء فيه ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في : …
وبالاستناد إلى هذا الفصل، فإن السهر على الولوج إلى هذه الحقوق وتحقيق تمتع المواطنات والمواطنين بها يقع على أطراف ثلاثة وهي الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية حيث تترتب المسؤوليات والالتزامات تبعا للطبيعة القانونية لكل طرف والإطار القانوني المحدد لاختصاصاته وصلاحياته ويمكن الوقوف على طبيعة ونطاق هذه الالتزامات بالنسبة لكل طرف من خلال فصول الدستور سواء تلك المحددة لاختصاصات وصلاحيات المؤسسة الملكية في الباب الثالث من الدستور أو السلطة التنفيذية في الباب الخامس أو التشريعية في الباب الرابع أو الجماعات الترابية في الباب التاسع… وغيرها، وكذا القوانين التنظيمية للجماعات الترابية[75]والمراسيم المنظمة لعمل الحكومة واختصاصات القطاعات الوزارية ومصالحها الترابية، والقوانين التنظيمية أو العادية المحدثة للمؤسسات العمومية والمحددة لصلاحياتها واختصاصاتها .
كما أن الفصل ذاته ينص على مبدآ المساواة في الاستفادة من هذه الحقوق ودون تمييز وهذا ما تم التنصيص عليه أيضا في الفصل 19 بخصوص احترام هذا المبدأ في إعمال الحقوق والحريات الواردة في الدستور بما فيها الحقوق البيئية.
غير أنه، وعلى الرغم من هذا السمو الدستوري الذي حظيت بها هذه الحقوق من خلال منطوق هذا الفصل، فإن المشرع حصر مسؤولية الأطراف في تيسير أسباب الاستفادة منها فقط. وهو ما يعني الالتزام ببذل عناية من قبل الأطراف المشار إليها في تمتع المواطن بهذه الحقوق وليس الالتزام بنتيجة، ومقارنة بالتجربة التونسية نجد المشرع الدستوري التونسي يحمي هذه الحقوق بشكل أكبر ويلتزم بتحقيق نتيجة وليس فقط بذل عناية، إذ ينص على أن الحق في الماء مضمون، وأن المحافظة عليه وترشيد استغلاله من واجبات الدولة إلى جانب المجتمع[76]، كما أن الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة وتساهم في سلامة المناخ وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي[77].
كما أن المقارنة بالتجربة التونسية بهذا الخصوص تبين أن الدستور التونسي حصر مسؤولية ضمان هذه الحقوق والسهر على تحقيق التمتع بها على عاتق الدولة فقط دون غيرها عكس المشرع الدستوري المغربي الذي جعلها مقسمة بين أطراف ثلاثة كما أسلفنا الإشارة إلى ذلك.
ويستفاد من الوقوف على البند التاسع من الفصل 31 أيضا أن المشرع الدستوري المغربي جمع بين الحق في الماء والحق في بيئة سليمة وحصر التمتع بهما للمواطنين والمواطنات دون غيرهم خلافا للمشرع الدستوري التونسي الذي جعلهما منفصلين حيث أفرد الفصل 44 للحق في الماء والفصل 45 للحق في بيئة سليمة ولم يربطهما بشرط المواطنة.
وإلى جانب ما تضمنه الفصلان 31 و19 من أحكام، فإن الدارس للمقتضيات الدستورية البيئية سيجد كذلك الفصل 35 وبشكل خاص الفقرة الثانية منه التي نصت على أن من مسؤولية الدولة العمل على “تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة” حيث يتضح من خلالها أيضا إلزام الدولة بالحرص على حماية الحقوق البيئية للأجيال القادمة كما الحالية عبر مدخل تبني التنمية المستدامة والسهر على الحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية من الاستنزاف والاستغلال غير المعقلن. كما أن المشرع في هذا الفصل أناط بالدولة الحرص على تحقيق التوازن الضروري بين ضمان حرية المبادرة الفردية والتنافس الحر من جهة وضمان عدم المساس بالحقوق البيئية للمواطنات والمواطنين من جهة أخرى. وهو ما يعني أن هذه الحرية ليست مطلقة بل يتحدد نطاقها عند مستوى الشروع في الإضرار بالبيئة كملك عام وحق مكتسب للجميع حيث يستوجب معه تدخل الدولة انسجاما مع مسؤولياتها الثلاث في الحماية والاحترام والإعمال في مجال حقوق الإنسان بل يبدو أن عملية المناظرة بينهما تفيد بأن المرتبة الدستورية للحقوق البيئية وحقوق الأجيال القادمة سابقة من حيث الحماية عن حرية المبادرة والمقاولة والتنافس لكون انتفاء الأول سيجعل من الثانية في عداد العدم ،فلا مبادرة حرة إذا ما انتفت الثروات التي على أساسها يمكن أن تتشكل المبادرة والتنافس والمقاولة.
يتقاطع الدستور المغربي والدستور التونسي في الحرص على أولوية الحماية للحقوق البيئية وحقوق الأجيال القادمة من خلال ما تضمنته ديباجته التي جاء فيها ” ووعيا منا بضرورة المساهمة في سلامة المناخ والحفاظ على البيئة سليمة بما يضمن استدامة مواردنا الطبيعية واستمرار الحياة الآمنة للأجيال القادمة”، وكذا الفقرة الثانية من الفصل 12 التي نصت على أنه ” تعمل الدولة على الاستغلال الرشيد للثروات الوطنية” فيما يختلفان في أن المشرع الدستوري المغربي قعد لذلك في الباب المتعلق بالحريات والحقوق فيما نص المشرع التونسي على ذلك في باب المبادئ العامة كما أن الدستور التونسي عزز من حماية هذه الثروات الطبيعية كضمانة لتمتع الأجيال القادمة بما أورده من أحكام في الفصل الثالث عشر الذي جاء فيه ” الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي، تمارس الدولة السيادة عليها باسمه. تُعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة بمجلس نواب الشعب. وتُعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة”.
الفقرة الثانية: المحافظة على البيئة وعلى حقوق الأجيال القادمة بمثابة غايات وقيم دستورية في ضوء الدستورين
أوكل المشرع الدستوري لسنة 2011 إلى الدولة مهمة السهر على حماية البيئة بالحفاظ على الثروات الوطنية وضمان حقوق الأجيال القادمة من خلال عملها على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، ويعد هذا من التعديلات التي مست الفصل 15 من دستور 1996 .
وقد جعل الدستور في مقابل ضمان الدولة لحرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر ،عملها –الدولة-على الحفاظ على الثروات الطبيعية وحمايتها من الاستنزاف بالسهر على ترشيد استعمالها مما يضمن العدالة بين الأجيال كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من الفصل 35 من الدستور وذلك عبر اعتماد نهج تنموي قائم على منظور استدامي وتنمية عادلة في توزيع المنافع بين فئات المجتمع وأجياله[78]ويعني ذلك تبني المشرع الدستوري لأبعاد التنمية المستدامة حيث بجانب البعد الاقتصادي المبني على النمو والأرباح هناك البعد الاجتماعي المستحضر للعدالة الاجتماعية في توزيع المنافع والخيرات الاقتصادية ثم البعد البيئي الحريص على حماية البيئة وضمان استدامة الموارد البيئية وتوازنها وضمان استفادة الأجيال القادمة منها.
ويتضح من خلال هذه الفقرة أيضا، أن المشرع الدستوري جعل من وظائف الدولة إلى جانب وظيفة السهر على حماية المصالح الاجتماعية والاقتصادية …وغيرها وظيفة حماية البيئة والمحافظة على الثروات الطبيعية من الاستغلال المفرط وغير الرشيد من قبل الأغيار باعتبارها حق مشترك بين مختلف فئات المجتمع وحق مكفول الانتفاع به للأجيال المتعاقبة وجب صيانته وملك عام يتطلب الحماية من قبلها بمقتضى الدستور.
كما يستفاد، كذلك من قراءة في هذا الفصل، أن المشرع الدستوري جعل من حرص الدولة على تحقيق التنمية المستدامة والعمل على حماية الثروات الطبيعية مدخلا لتحقيق غاية دستورية تلك الماثلة في العدالة فيما بين الأجيال في التمتع بالحقوق البيئية كما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مراعاة لمبدأ ترابط الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة.
وإلى جانب أحكام الفصل 35 من الدستور الذي يبرز اهتمام المشرع الدستوري بالبيئة والتنمية المستدامة من منطلق الغايات الدستورية، نجد الفصل 40 الذي يجعل من التضامن في رفع الأعباء الناجمة عن الظواهر الطبيعية الضارة التي تصيب البلاد إلى جانب التضامن في تحمل التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد قيمة دستورية حيث نص على أنه على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد.
ويبدو أن الأحكام الواردة في هذا الفصل حول التضامن في مواجهة أعباء المخاطر الطبيعية كقيمة دستورية تنسجم مع ما أعلن في ديباجة الدستور، التي تعد جزء لا يتجزأ منه، من أن إرساء دعائم مجتمع متضامن يشكل غاية دستورية إلى جانب غايات أخرى من أجل توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، حيث نصت على “أن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه،…تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها … وإرساء دعائم مجتمع متضامن…” كما نجد هذا المنظور الغائي في التقعيد الدستوري للشأن البيئي والتنمية المستدامة في الفصل 136 الذي جعل من التنمية المستدامة على الصعيد الترابي غاية تستدعي تأمين مشاركة السكان والرفع من مساهمتهم في تحقيقها.
ومن خلال المقارنة بين التجربتين الدستوريتين المغربية والتونسية بخصوص التقعيد للبيئة والتنمية المستدامة كقيم وغايات دستورية، فالملاحظ أن التجربة التونسية هي الأخرى ضمنت أحكاما في هذا الاتجاه، حيث نجد ذلك في ديباجة الدستور التي تجعل من الحفاظ على البيئة والمساهمة في سلامة المناخ ضرورة من أجل استدامة الموارد الطبيعية واستمرارية الحياة الآمنة للأجيال القادمة كما نجد استعمال عبارة ” تسعى” الدولة إلى تحقيق التنمية المستدامة في الفصل 12 من الدستور، وهو ما يحيل على التناول بمنظور الغاية.
كما نجد إضفاء صبغة الغاية الدستورية على المقتضيات الدستورية ذات المضمون البيئي في عنوان القسم الرابع الذي يتحدث عن التنصيص على هيئة غايتها حماية حقوق الأجيال القادمة. وبخصوص النظر إليها من منظور إرساء القيم، فإننا نجد مقتضيات الفصل 136 التي تجعل من المداخيل المستخلصة من استغلال الثروات الطبيعية وسيلة للنهوض بالتنمية الجهوية في إطار التضامن المجالي حيث نصت الفقرة الثالثة منه على أنه ” يمكن تخصيص نسبة من المداخيل الواردة من استغلال الثروات الطبيعية للنهوض بالتنمية الجهوية على المستوى الوطني.”
إن المقارنة بين الأحكام الدستورية البيئية التي تؤسس للمقتضيات البيئية كغايات وقيم دستورية في التجربتين تفيد بأن التجربة المغربية رسخت لهذه القيم والغايات من منظور رفع تحدي المخاطر الطبيعية وأعبائها، فيما نجد التجربة التونسية غلبت منظور التمتع بالمنافع الطبيعية في تعزيز قيمة التضامن.
كما أن إعمال هذه القيم والغايات والحرص على الالتزام بها جعله المشرع الدستوري المغربي مشتركا في بعض الأحيان، فهو على عاتق الدولة والمواطنين، فيما حصره المشرع الدستوري التونسي في نطاق مسؤوليات الدولة.
المطلب الثاني: حماية البيئة والتنمية المستدامة من المجالات الجديدة للسلطة التشريعية والهيئات الاستشارية بدستوري البلدين، وسع المشرع الدستوري من وعاء السلطة التشريعية حيث أناطها بمهمة التشريع في المجال البيئي (الفقرة الأولى)، كما جعل من قضايا البيئة والتنمية المستدامة موضوع للاستشارة العمومية إلى جانب القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دستوري تونس والمغرب يجعلان السلطة التشريعية معنية بالسهر على حماية البيئة والتنمية المستدامة
تعتبر قضايا البيئة والتنمية المستدامة من الميادين الجديدة التي أناط فيها المشرع الدستوري المغربي سلطة التشريع إلى البرلمان بشكل صريح، إذ نجد أن من التعديلات التي طرأت على الفصل السادس والأربعين من دستور 1996 هو إدخال قضايا البيئة والتنمية المستدامة كميادين جديدة يختص البرلمان بالتشريع فيها حيث نص الفصل 71 من دستور 2011 على أن “القانون يختص، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في الميادين التالية: ….
-القواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة؛
– نظام المياه والغابات والصيد؛ ..” .
كما أضاف في الفقرة الأخيرة من نفس الفصل أن ” للبرلمان، بالإضافة إلى الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة صلاحية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة، في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.”.
ويتضح من خلال مقتضيات الفصل المذكور أن المشرع الدستوري أناط بالبرلمان مسؤولية السهر على حماية البيئة والتنمية المستدامة من خلال سلطتين هما :
- التشريع ؛
- التصويت.
كما نجد هذه المسؤولية الموكولة إليه في تنظيم الشأن البيئي والتنمية المستدامة من الفصل 19 الذي ينص على أن القانون يعد من ركائز نطاق التمتع بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور وفي باقي مقتضياته وفي الاتفاقيات الدولية والمواثيق كما صادق عليها المغرب التي من ضمنها البيئية إلى جانب أحكام الدستور وثوابت المملكة.
إن البرلمان إذن، ومن خلال سلطتي التشريع والتصويت أو المصادقة المخولتين له بمقتضى الدستور يعمل على تنظيم الشؤون والقضايا المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة من أجل حمايتها وتنميتها وتجريم المساس بها ووضع الشروط والكيفيات وتسطير العقوبات… وغير ذلك مما تقتضيه المكانة الدستورية التي أعطيت لها سواء كحقوق أو غايات وقيم أو مبادئ … وغيرها باعتماد سلطة التشريع من خلال آلية مقترح قانون المخول له بمقتضى الفصل 79 من الدستور.
كما يسهر البرلمان على احترام هذه المكانة الدستورية التي أعطيت له حين النظر في القوانين والسياسات والبرامج والمخططات التي تتقدم بها الحكومة أمامه من خلال استثمار آلية المصادقة عند عرض مشاريع القوانين والقوانين التنظيمية من قبل السلطة التنفيذية.
وإلى جانب التشريع والتصويت الذي يجعل البرلمان معنيا بالشؤون والقضايا ذات الطابع البيئي، فإن ذلك يتحقق أيضا من خلال عملية الرقابة على العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية[79] بما في ذلك المرتبطة بحماية البيئة والتنمية المستدامة، وهو مدخل آخر يمكن البرلمان من القيام بمسؤولياته في الحرص على احترام المقتضيات البيئية الواردة في الدستور من قبل السلطة التنفيذية إلى جانب مدخلي التشريع والتصويت أو المصادقة.
غير أنه، وعلى الرغم من هذه المكانة الدستورية التي أعطاها المشرع الدستوري للبرلمان في مجال التشريع بما في ذلك قضايا البيئة والتنمية المستدامة في إطار التخفيف من العقلنة البرلمانية التي جاء بها دستور2011 [80]، فإنه جعل سلطته محصورة في مجال ضيق حدد في 30 مجالا وترك ما دون ذلك للسلطة التنفيذية بما في ذلك ،طبعا، أمور تتعلق بالبيئة والتنمية المستدامة الشيء الذي جعل من الحكومة مشرعا أصليا والبرلمان القيم على السلطة التشريعية مجرد مشرعا ثانويا[81] مما نسجل معه أن الحكومة هي الأخرى معنية بالعمل على تنظيم الشأن البيئي ،قيد دراستنا، والسهر على حماية البيئة وتنميتها فيما ينسجم والموقع الدستوري الذي أصبحت تحتله مع دستور 2011، ومن ذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من الفصل 88 منه في أن يتقدم رئيس الحكومة بعد تعيينها من قبل الملك أمام البرلمان ببرنامج الحكومة الذي يجب أن يتضمن الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية.
الفقرة الثانية: الدستوران يجعلان من قضايا البيئة والتنمية المستدامة مجالات جديدة لعمل الهيئات الاستشارية مع بعض الفروقات.
نجم عن التعديلات الدستورية التي همت تعزيز البعد البيئي في دستور 2011 توسيع نطاق الدور الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي تم التنصيص عليه منذ دستور 1992 واحتفظ به في تعديل دستور 1996 باعتباره مؤسسة استشارية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وفضاء للحوار والإنصات العمومي والتعددي حيث انضاف إلى هذه المجالات المجال البيئي والتنمية المستدامة. وهو ما يتضح بشكل جلي في التسمية الجديدة حيث انتقل من مجلس اقتصادي واجتماعي إلى مجلس اقتصادي واجتماعي و بيئي [82] وكذا في الصلاحيات إذ أصبح بفضل هذه التعديلات هيئة استشارية في قضايا البيئة لفائدة الحكومة والبرلمان بغرفتيه إلى جانب القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي ظل يستشار بشأنها سابقا[83]، كما بات من صلاحياته الجديدة الإدلاء برأيه في التنمية المستدامة فضلا عن التوجهات العامة للاقتصاد الوطني كصلاحية سابقة.
وقد انعكس هذا الوضع الدستوري الجديد للمجلس القاضي بضم مجالات البيئة والتنمية المستدامة إلى نطاقه الاستشاري على مقتضيات وأحكام القانون التنظيمي المنظم له كما يلاحظ ذلك من خلال التعديلات التي جاءت في القانون التنظيمي 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي[84] المعدل للقانون التنظيمي 60.09[85]. خاصة المرتبطة بصلاحيات المجلس[86] وتأليفه[87].
وقد كان لهذه المستجدات الدستورية وقع على الممارسة العملية للمجلس كما تعكس ذلك الوثائق المنجزة ما بعد 2011 سواء المتعلقة بآرائه الاستشارية في مجال البيئة والتنمية المستدامة المنجزة في إطار طلب من البرلمان أو الحكومة[88] أو الآراء المعدة في إطار الإحالة الذاتية[89] وكذا في مضامين التقارير السنوية التي يصدرها حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئة للبلاد والأبحاث والدراسات المرتبطة بصلاحياته[90].
ويلاحظ من عقد مقارنة بين الدستورين المغربي والتونسي بهذا الخصوص، أنه، وإن كانا معا تضمنا هيئات تعنى بقضايا البيئة والتنمية المستدامة وإدراجها على نفس المستوى داخل الهندسة الدستورية في التجربتين معا حيث جاءت المقتضيات الخاصة بهذه الهيئة في الدستور المغربي في الباب الحادي عشر قبل باب الحكامة الجيدة وقبل القسم المخصص للحكامة الرشيدة ومكافحة الفساد في التجربة التونسية، إلا أن هذه الأخيرة تختلف عن التجربة المغربية على عدة مستويات وهي:
- أولا: المشرع التونسي جعل المؤسسة المعنية بقضايا البيئة والتنمية المستدامة في الباب المتعلق بالهيئات الدستورية حيث نصت المقتضيات الخاصة بها في القسم الرابع بصيغة : هيئة التنمية المستدامة وحماية حقوق الأجيال القادمة؛
- ثانيا: في التسمية بين مجلس اقتصادي واجتماعي وبيئي في التجربة المغربية وهيئة للتنمية المستدامة وحماية حقوق الأجيال القادمة في التجربة التونسية؛
- ثالثا: في الوقت الذي خصص المشرع الدستوري المغربي ثلاثة فصول للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي اكتفى المشرع التونسي بفصل واحد فقط؛
- رابعا: الدستور المغربي جعل من استشارة الحكومة والبرلمان للمجلس في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية أمرا اختياريا[91]، في المقابل جعل المشرع الدستوري التونسي من استشارة الهيئة في مشاريع القوانين المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وفي مخططات التنمية أمرا إلزاميا [92]؛
- خامسا: الدستور المغربي أحال على قانون تنظيمي بخصوص تأليف المجلس وتنظيمه وصلاحياته وكيفية تسييره[93] في المقابل الدستور التونسي سكت عن ذلك واكتفى فقط بالتنصيص على بعض الشروط اللازمة في أعضاء هذه الهيئة ومدة انتذابهم[94].
خلاصة:
في محصلة هذه الدراسة يستخلص أن إدماج مقتضيات بيئية يعد من أوجه مستجدات دستوري المغرب وتنوس، كما تعكس هذه المستجدات المكانة التي احتلتها قضايا البيئة والتنمية المستدامة في السياقات الداخلية والخارجية التي رافقت زمن التعديل الدستوري في البلدين.
وتفيد مقارنة الدستور البيئي لسنة 2011مع دستور 1996 النقلة النوعية والكمية التي جاء بها الأول مقارنة بالثاني، غير أنها تبقى متواضعة في ضوء التجربة التونسية لسنة 2014 التي أعطت للشأن البيئي مكانة مهمة سواء كميا أو نوعيا الذي هو الأخر سجل نقلة مهمة مقارنة بدستور 2008 .
وإذا كان المشرع الدستوري المغربي والتونسي خطى خطوة مهمة في اتجاه حماية واحترام وتنمية البيئة من خلال الارتقاء بها إلى قواعد دستورية باعتبارها إطارا للعيش، وحقا من حقوق الإنسان، وقاعدة لخلق الثروة، وتحديا جديدا ينبغي مراعاته في صنع السياسات والبرامج، فإن تفعيل هذه القواعد وفق روح الدستورين يشكل اللبنة التي تعطي معنى لهذه الدسترة، مما يتولد معه التساؤل حول مدى مطابقة التشريعات والسياسات والاستراتيجيات والبرامج والممارسات البيئية، لما بعد اللحظة الدستورية بالبلدين لهذه المكانة الجديدة التي بوأها الدستوران للشأن البيئي.
المراجع:
- باللغة العربية:
- الكتب
- أنسة اكحل العيون، الأمن على اختلاف أبعاده، الغذائي، البيئي، الإنساني، أفريقيا الشرق، 2012.الدار البيضاء.
- كريم لحرش ، الدستور الجديد للمملكة المغربية –شرح وتحليل- ،سلسلة العمل التشريعي والاجتهادات القضائية، العدد 3، 2012.
- المقالات :
- أمين السعيد، البرلمان في ظل الدساتير المغربية( من دستور 14 دجنبر 1962 إلى دستور 29 يوليوز 2011)، المجلة المغربية للسياسات العمومية، تنسيق حسن طارق، أحمد مفيد، غفور دهشور، العدد 13 خريف 2014.
- عبد الفتاح الزين، البيئة والإيكولوجيا: أسئلة المعرفة وهندسة التدبير مقاربة سوسيولوجية، البيئة والتنمية المستدامة : أدوار جديدة وآفاق واعدة للعلوم الاجتماعية، تنسيق محمد الدريوش وجمال فزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية و مؤسسة فكر الطبعة الأولى ، دار أبي رقراق للطباعة والنشر – الرباط.20.21
- محمد جاج ، سوسيولوجيا البيئة والتنمية مشكلات معاصرة، البيئة والتنمية المستدامة : أدوار جديدة وآفاق واعدة للعلوم الاجتماعية، تنسيق محمد الدريوش و جمال فزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية و مؤسسة فكر الطبعة الأولى ، دار أبي رقراق للطباعة والنشر – الرباط. 2021.
- أطروحات:
- شفيق بوكرين، علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي نظام الوضع المتقدم في ظل اتفاقية الشراكة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 122 ،ط.1 سنة 2018.
- عبد العزيز لعروسي، التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ملائمات قانونية ودستورية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،2014.
- قوانين وطنية
- الظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.
- الظهير الشريف رقم 1.10.28 صادر في 5 مارس 2011 ، بتنفيذ القانون التنظيمي 60.09 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5820 بتاريخ 11 مارس 2010 ص ص 942-946.
- الظهير الشريف رقم 1.14.124 الصادر في 3 شوال 1435 الموافق ل 31 يوليوز 2014 بتنفيذ القانون التنظيمي 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الجريدة الرسمية عدد 6282 بتاريخ 14 غشت 2014 ص ص 6370-6374.
- دستور الجمهورية التونسية الصادر في 27 يناير 2014 ، الرائد الرسمي 10.02.2014.
- مواثيق دولية:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966، دخل حيز النفاذ 1976.
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979.
- اتفاقية حقوق الطفل، اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، تاريخ بدء النفاذ: 2 أيلول/سبتمبر
- اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة دخلت حيز النفاذ ماي 2008
- أهداف التنمية المستدامة 2030.
- التعليق العام رقم( 15) على المادة 11 و 12 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية2002.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية 2006.
- إعلان استكهولم سنة 1972.
- الميثاق العالمي للطبيعة 1982
- ميثاق الأرض، مؤثمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية ريو 1992.
- المبادئ الإطارية ال16 بشأن حقوق الإنسان والبيئة الواردة في تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة الصادر سنة 2018.
- تقارير ودراسات
- المغرب الممكن، 50 سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2025.
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان: التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 : فعلية حقوق الإنسان نموذج ناشئ للحريات، مارس 2020.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2011.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2012.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2013.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2014.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2015.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2016.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2017.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2018.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : التقرير السنوي حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2019.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: دراسة حول النموذج التنموي الجديد للمغرب 2019.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : دراسة حول تقييم فعلية الحقوق الإنسانية بالأقاليم الجنوبية مارس 2018.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي :دراسة حول النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية أكتوبر 2013.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب 2014.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي : تسريع الانتقال الطاقي لوضع المغرب على مسار الاقتصاد الأخضر 2020.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي :إدماج مقتضيات التغيرات المناخية في السياسات العمومية 2015.
- المواقع الالكترونية:
- https://ruralmaroc.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a3%d9%84%d8%a9%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%a6%d9%8a%d8%a9%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%b1%d8%a8%d8%b9%d9%84%d9%89%d8%b6%d9%88%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a7/.
- http://bnm.bnrm.ma:86/Arabe/Reforme_de_la_constitution.aspx.
- https://legislation-securite.tn/ar/node/44137.
- المراجع باللغة الفرنسية:
- Les Rapports :
- COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014
- MINISTÈRE DÉLÉGUÉ AUPRÉS DU MINISTRE DE L’ENERGIE DES MINES, DE L’EAU ET DE L’ENVIRONNEMENT, CHARGÉ DE L’ENVIRONNEMENT; OBSERVATOIRE NATIONAL DE L’ENVIRONNEMENT ET DU DÉVELOPPEMENT DURABLE DU MAROC; 3éme Rapport sur l’Etat de l’Environnement du Maroc ;2015.
- Département Eau ; Environnement ;Développement social et rural ; Région du Moyen Orient et l’Afrique du Nord;Tunisie Analyse de la Performance environnementale Rapport Final ; report No TN-25966. ; Avril 2004.
- Halle Birgit ; Allali Abdelkader ; Staatsem Philippe ; Profil Environnemental de la Tunisie .2012.
[1] عبد الفتاح الزين، البيئة والإيكولوجيا: أسئلة المعرفة وهندسة التدبير مقاربة سوسيولوجية، البيئة والتنمية المستدامة : أدوار جديدة وآفاق واعدة للعلوم الاجتماعية، تنسيق محمد الدريوش و جمال فزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية و مؤسسة فكر الطبعة الأولى 2021، دار أبي رقراق للطباعة والنشر – الرباط، ص40.
[2] المملكة المغربية، كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة: مصطلحات البيئة والتنمية المستدامة معجم عربي- فرنسي، 2006، ص 5.
[3] محمد جاج ، سوسيولوجيا البيئة والتنمية مشكلات معاصرة، البيئة والتنمية المستدامة : أدوار جديدة وآفاق واعدة للعلوم الاجتماعية، تنسيق محمد الدريوش و جمال فزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية و مؤسسة فكر الطبعة الأولى 2021، دار أبي رقراق للطباعة والنشر – الرباط، ص75.
[4] Voir :
- COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014.
- Halle Birgit ; Allali Abdelkader ; Staatsem Philippe ; Profil Environnemental de la Tunisie .2012. p77
[5]Voir :
- COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014.
- Halle Birgit ; Allali Abdelkader ; Staatsem Philippe ; Profil Environnemental de la Tunisie .2012. p84
[6] دستور الجمهورية التونسية الصادر في 24 يناير 2014 أطلع عليه على الموقع : https://legislation-securite.tn/ar/node/44137 آخر زيارة 23.03.2021.
[7] نشير إلى أن هناك قوانين ذات صلة بالبيئة قبل هذا التاريخ ومنها من يعود إلى الفترة الاستعمارية مثل ظهير 1914.
خلال النصف الثاني من عقد التسعينات صدرت 5 قوانين همت أساسا حماية الماء والمحافظة عليه منها القانون 10.95 المتعلق بالماء
[8] COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014 ; p11.
[9] يتوفر المغرب حاليا على العشرات من القوانين والنصوص التنظيمية التي تهدف إلى حماية البيئة عامة أو أحد عناصرها، كما يتوفر على عشرات البرامج والاستراتيجيات الخاصة بحماية البيئة والمحافظة عليها وتنميتها.
[10] COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014 ; p225.
[11] شفيق بوكرين، علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي نظام الوضع المتقدم في ظل اتفاقية الشراكة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 122 ،ط.1،2018 ص 366.
[12] COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014 ; p98.
[13]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P37
[14]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P38
[15]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P36
[16]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P37
[17]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P12
[18] Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P84
[19] يمكن الاطلاع على هذه المذكرات في الموقع : http://bnm.bnrm.ma:86/Arabe/Reforme_de_la_constitution.aspx أخر زيارة 22.03.2021 الساعة 15.54.
[20]المغرب الممكن : التقرير الخمسينية ص 23 .
[21] للاطلاع على هذه المذكرات يمكن زيارة الموقع : http://bnm.bnrm.ma:86/Arabe/Reforme_de_la_constitution.aspx أخر زيارة 22.03.2021 الساعة 15.54.
[22]على سبيل المثال:
– مذكرة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، 19 أبريل 2011 ، ص13.
– مذكرة حزب الاستقلال، 3 أبريل 2011، ص6.
– مذكرة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي 12 أبريل 2011،ص4.
[23] على سبيل المثال: مذكرة حزب اليسار الأخضر المغربي، 5 أبريل 2011 ص 5.
[24]على سبيل المثال مذكرة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي 12 أبريل 2011،ص4.
[25] على سبيل المثال:
- مذكرة حزب اليسار الأخضر المغربي، 5 أبريل 2011 ص 5.
- مذكرة الشبكة المغربية الأورومتوسطية للمنظمات غير الحكومية،20 أبريل 2011ص 7.
[26] على سبيل المثال:
- مذكرة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان 11 أبريل 2011
- مذكرة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، 19 أبريل 2011
[27] على سبيل المثال مذكرة حزب الأصالة والمعاصرة 4 أبريل 2011.
[28]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P12
[29]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P12
[30] تتجاوز 600 جمعية بيئية وتمثل 2.52 بالمئة من النسيج الجمعوي بتونس حسب إحصائيات 2021.
[31]Birgit Hielle ;Abdelkader Allali ;Philippe Staaten ; Profil Environnement de la Tunis ; Euronet Constortum ; P42
[32] نقصد بذلك الفقرة الثانية من الفصل 35 من دستور 2011 التي جاء فيها … كما تعمل ( أي الدولة) على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة..”.
[33] يتعلق الأمر بالتعديلات التي طالت الفصول 93 و94و95 من دستور 1996 من خلال الفصول 151 و 152 و153 من دستور 2011
[34] نقصد بذلك العنوان الفرعي الذي ورد بعد الفصل 160 والعنوان الفرعي الذي ورد بعد الفصل 167 من الدستور.
[35] نقصد بذلك الفصول من 161 إلى 171 التي تلت هذين العنوانين الفرعيين
[36] المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في هذا الباب تحمل التسميات التالية :
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان
- مؤسسة الوسيط.
- مجلس الجالية المغربية بالخارج.
- الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز.
- الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري.
- مجلس المنافسة .
- الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها .
- المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
- المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.
- المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
[37] الفصل 161 من الدستور
[38] المجلس الوطني لحقوق الإنسان: التقرير السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 : فعلية حقوق الإنسان نموذج ناشئ للحريات، مارس 2020، الفقرات 205 إلى 210، ص 49.
[39]COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’EUROPE COMMISSION ECONOMIQUE DES NATIONS UNIES POUR L’AFRIQUE ; EXAMEN DES PERFORMANCES ENVIRONNEMENTALES ; Série des examens des performances environnementales, No. 38 ; NATIONS UNIES ; New York et Genève, 2014 ; p21.
[40] MINISTÈRE DÉLÉGUÉ AUPRÉS DU MINISTRE DE L’ENERGIE DES MINES, DE L’EAU ET DE L’ENVIRONNEMENT, CHARGÉ DE L’ENVIRONNEMENT ; OBSERVATOIRE NATIONAL DE L’ENVIRONNEMENT ET DU DÉVELOPPEMENT DURABLE DU MAROC ; 3éme Rapport sur l’Etat de l’Environnement du Maroc ;2015 ; p 38.
[41] ظهير شريف رقم 1.16.113 بتاريخ 25 غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء، جريدة رسمية رقم 6494 ص 6305.
[42]ظهير شريف رقم 1.03.59 صادر في 10 ربيع الأول 1424 (12 ماي 2003) بتنفيذ القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، الجريدة الرسمية عدد 5118 بتاريخ 19/06/2003 الصفحة 1900.
[43] قانون رقم 13.03 المتعلق بمحاربة تلوث الهواء.
[44] علق العمل بهذا الدستور سنة 2011 وتم تعويضه مؤقتا بقانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية إلى أن تمت المصادقة على دستور 2014.
[45] إن اقتصارنا على المقترب المعجمي في تحليل المضمون البيئي للدستور في هذه الفقرة لا يعني عدم استحضارنا لإمكانية وجود مقتضيات تحيل ضمنيا على قضايا البيئة والتنمية المستدامة في الدستور.
[46] يتعلق الأمر بالفصول : 19،31،35،40،71،136،151،152،153،180.
[47] يتعلق الأمر بالفصول: 12،13،44،45،65،129،136.
[48] في الفصول 19،71،88.
[49] في الفصلين 31 و 71. من الدستور المغربي
[50] في الفصول 151،152،153 من الدستور المغربي
[51] في الفصول 31،35،71،136،152،153 من الدستور المغربي
[52] في الفصل 35 من الدستور المغربي
[53] في الفصل 40 من الدستور المغربي
[54] في الفصل 71 من الدستور المغربي
[55] في الفصل 35 من الدستور المغربي
[56] في الفصلين 31 و 71 من الدستور المغربي
[57] في الفصل 71 من الدستور المغربي
[58] ورد في أربعة فصول من من أصل واحد وعشرون فصلا المكونة للباب.
[59] ورد في واحد من أصل واحد وعشرين فصلا المشكلة للباب.
[60] وردت في فصل واحد من أصل ثمانية فصول بهذا الباب
[61] ورد في واحد من أصل 11 فصل من هذا الباب.
[62] وردت على مستوى جميع فصول الباب
[63] وردت في العنوان الفرعي الثاني من الباب فقط.
[64] الفصل 145 من الدستور التونسي لسنة 2014
[65] ورد في فصلين من أصل عشرين فصلا بهذا الباب.
[66] ورد في فصلين من أصل ثمانية وعشرين فصلا بهذا الباب.
[67] ورد في فصل واحد من أصل عشرين فصلا في هذا الباب.
[68] ورد في فصل واحد من أصل فصل واحد من القسم.
[69] ورد في فصل واحد من أصل اثني عشر فصلا بهذا الباب.
[70] حسب منطوق الفقرة الأولى من الفصل السادس من الدستور
[71] الباب الثامن من الدستور
[72] للاطلاع على نطاق هذا الحق وأساسه في المرجعية الدولية يمكن العودة على سبيل المثال إلى :
- المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي دخل حيز النفاذ سنة 1976.
- المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
- المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل 1989.
- المادة 28 من اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة
- الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة 2030.
- التعليق العام رقم( 15) للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية 2006، ص 4
[73] للاطلاع على أساس هذا الحق ونطاقه في المرجعية الدولية يمكن الرجوع إلى :
- إعلان استكهولم سنة 1972.
- الميثاق العالمي للطبيعة 1982
- ميثاق الأرض، مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية ريو 1992.
- الهدف السادس والخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030.
- المبادئ الإطارية ال16 بشأن حقوق الإنسان والبيئة الواردة في تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة الصادر سنة 2018.
[74] للاستزادة حول موضوع التنمية المستدامة يمكن الرجوع إلى : خطة التنمية المستدامة 2030 على الرابط : https://sdgs.un.org/2030agenda آخر زيارة 23.03.2021.
[75] للاستزادة حول المضامين البيئية للقانون التنظيمي للجماعات 113.14، والقانون التنظيمي للعمالات والاقاليم 112.14 والقانون التنظيمي للجهات 111.14 ،يمكن الاطلاع على مقالنا الموسوم ب” المسألة البيئية بالمغرب على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية” بالموقع … https://ruralmaroc.com/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a3%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b6%d9%88%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a7/ أخر زيارة 22.03.2021
[76] الفصل 44 من الدستور التونسي
[77] الفصل 45 من الدستور التونسي
[78] جاء فيها ” …تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة، والتنافس الحر. كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية، وعلى حقوق الأجيال القادمة..”.
[79] الفقرة الثانية من الفصل 78 من الدستور
[80] أمين السعيد، البرلمان في ظل الدساتير المغربية( من دستور 14 دجنبر 1962 إلى دستور 29 يوليوز 2011)، المجلة المغربية للسياسات العمومية، تنسيق حسن طارق، أحمد مفيد، غفور دهشور، العدد 13 خريف 2014، ص 55.
[81] كريم لحرش ، الدستور الجديد للمملكة المغربية –شرح وتحليل- ،سلسلة العمل التشريعي والاجتهادات القضائية، العدد 3، 2012، ص 95.
[82] الباب الحادي عشر من الدستور المغربي .
[83] الفقرة الأولى من الفصل 152 من الدستور المغربي .
[84] الظهير الشريف رقم 1.14.124 الصادر في 3 شوال 1435 الموافق ل 31 يوليوز 2014 بتنفيذ القانون التنظيمي 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6282 بتاريخ 14 غشت 2014 ص ص 6370-6374.
[85] الظهير الشريف رقم 1.10.28 صادر في 5 مارس 2011 ، بتنفيذ القانون التنظيمي 60.09 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5820 بتاريخ 11 مارس 2010 ص ص 942-946.
[86] الباب الثاني من القانون التنظيمي 128.12
[87] الباب الثالث من القانون التنظيمي 128.12
[88] على سبيل المثال: الإحالة المتعلقة ب : مشروع القانون الإطار 99.12 بمثابة ميثاق للبيئة والتنمية المستدامة بالمغرب
[89] على سبيل المثال:
- الحكامة عن طريق التدبير المندمج للموارد المائية في المغرب 2014.
- تسريع الانتقال الطاقي لوضع المغرب على مسار الاقتصاد الأخضر 2020.
- إدماج مقتضيات التغيرات المناخية في السياسات العمومية 2015.
[90]نشير على سبيل المثال إلى:
- التقارير السنوية حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمغرب 2011 إلى 2019.
- دراسة حول النموذج التنموي الجديد للمغرب 2019.
- دراسة حول تقييم فعلية الحقوق الإنسانية بالأقاليم الجنوبية مارس 2018.
- دراسة حول النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية أكتوبر 2013.
[91] الفقرة الأولى من الفصل 152 من الدستور المغربي
[92] الفقرة الأولى من الفصل 129 من الدستور التونسي
[93] الفصل 153 من الدستور المغربي
[94] الفقرة الثانية من الفصل 129 من الدستور التونسي