التأريخ من خلال كتب النّوازل الفقهية:”المعيار المعرب” للونشريسي نموذجًا
History through The books of Nawazil doctrines “AL Miayar Al Mouarib“ for Al-Wancharisi Model
د.العربي بنرمضان العياط/جامعة سيدي مـحمد بن عبد الله، المغرب
Dr. Larbi Ben Ramdan Layat/University Sidi Mohamed Ben Abellah/Morocco
مقال منشور في 78مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 78 الصفحة 103.
abstract:
Nawazil books are usually viewed as a special material for studying the jurisprudential aspects, but in fact, the books of nawazil are a fertile cultural and civilizational heritage that can be exploited in the interpretation of many important historical events witnessed by the Islamic West during the medieval era. It is considered one of the important historical evidence that a researcher in the history of the Islamic West can cite, as it contains a set of historical data that a study of the history of the Islamic West cannot dispense with, in order to unveil a set of historical events specific to this western part of the Islamic world.
And our choice of the Nawazil Encyclopedia “The Expressed Standard” for one of the pillars of the Maliki jurists during the medieval era, Abi Al-Abbas Ahmed bin Yahya Al-Wonsharisi, as a subject of study, falls within the framework of elucidating some of the issues raised, whether political, economic or social, through jurisprudential calamities, and thus bypassing the classical understanding of the mechanisms of the Islamic West during the studied period.
Keywords: the Islamic West – jurisprudential calamities – the Arabized standard – Al-Wancharisi.
ملخص:
عادة ما ينظر إلى كتب النوازل على أنها مادة خاصة لدراسة الجوانب الفقهية، لكن في حقيقة الأمر، تعتبر كتب النوازل موروثا ثقافيا وحضاريا خصبا يمكن استغلاله في تفسير العديد من الأحداث التاريخية الهامة التي شهدها الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط. فهي تعتبر من الشواهد التاريخية الهامة التي يمكن للباحث في تاريخ الغرب الإسلامي الاستشهاد بها، كونها تحوي جملة من المعطيات التاريخية التي لا يمكن لدارس تاريخ الغرب الإسلامي الاستغناء عنها، لإماطة اللثام عن مجموعة من الأحداث التاريخية الخاصة بهذا الجزء الغربي من العالم الإسلامي.
واختيارنا للموسوعة النوازلية “المعيار المعرب” لأحد أعمدة فقهاء المالكية خلال العصر الوسيط، أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي كموضوع للدراسة، يدخل في إطار استجلاء بعض القضايا المطروحة سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية من خلال النوازل الفقهية، وبالتالي تجاوز الفهم الكلاسيكي لآليات الغرب الإسلامي خلال الفترة المدروسة.
الكلمات المفتاحية: الغرب الإسلامي-النوازل الفقهية-المعيار المعرب-الونشريسي.
مقدمة:
لا يمكن للباحث في تاريخ الغرب الإسلامي أن يستغني عن ما يسمى بالمصادر الدفينة أو المصادر اللاإرادية كما أطلق عليها أحد الدارسين المحدثين([1])، فكتب النوازل الفقهية تعتبر من المصادر الهامة التي لا يمكن تجاوزها إلى جانب المصادر الكلاسيكية للتأريخ للعالم الإسلامي خاصة في جزئه الغربي. فعلى الرغم من أن هذا النوع من المصادر يتطرق إلى الأحداث والحياة اليومية للناس في جانبها الفقهي الديني المحض، غير أن البحث في ثناياها لا يخل من العثور على معطيات تاريخية قد تساعد الباحث أو المؤرخ على ملء البياضات التي أغفلتها المصادر التقليدية. وتأتي أهمية النوازل في التأريخ مع ظهور الاتجاهات الحديثة لكتابة التاريخ التي دعت إلى عدم الاقتصار على الأحداث السياسية وتعاقب الحكام والدول، وتوجيه الاهتمام إلى دراسة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات. كما تأتي أهمية النوازل الفقهية بالنسبة للغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، تبعا للأحداث المختلفة والمتسارعة التي شهدها هذا المجال الجغرافي من العالم الإسلامي، وما كثرة النوازل الفقهية خلال هذه الفترة إلا دليلا على ذلك، وبالتالي فالمخزون المعرفي لهذه الأخيرة وما تختزنه من معطيات يساعد على دراسة مختلف المعاملات والأحداث التاريخية، الشيء الذي يفرض على المؤرخ الرجوع إليها والنهل منها في أبحاثه التاريخية الخاصة بالغرب الإسلامي. وهنا تبرز أهمية أخرى على مستوى الجانب المنهجي، ذلك أن الفقهاء في فتاويهم لا يعيرون أي اهتمام للبعد التاريخي، كما أن الباحثون والمؤرخون ليس لديهم تكوينا فقهيا، وبالتالي أصبح من الضرورة ظهور جانب منهجي يجمع بين الجانبين حتى يتمكن الباحث في النوازل الفقهية من التوصل إلى الحقائق التاريخية التي تنفرد بها هذه الأخيرة.
أولا: التعريف بالكتاب وصاحبه:
1- التعريف بمؤلف الكتاب:
لا يجادل أحد في كون الفقيه أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، يعد أحد أعمدة المدرسة المالكية بالغرب الإسلامي، يتضح ذلك جليا من خلال مؤلفاته العديدة في مجال الفقه الإسلامي في مقدمتها الموسوعة النوازلية “المعيار المعرب”، فإلى جانب فقهاء المالكية الذين اشتهروا خلال ق9ه/مطلع ق10ه، شكل الونشريسي علما من أعلام مالكية هذا القرن. فقد شهد الغرب الإسلامي خلال هذه الفترة مجموعة من الأحداث السياسية والوقائع المرتبطة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي تزامنت مع فترة حكم الدولة المرينية بالمغرب الأقصى التي شهدت صراعات سياسية داخلية خطيرة وعدم استقرار في السلطة، كما تعرضت الدولة لسلسلة من الهجمات الصليبية على المستوى الخارجي، ناهيك عما ساد في أوساط المجتمع من تصرفات مرتبطة بالغش والتدليس شكلت مثار أسئلة عديدة استفتي فيها الفقيه أحمد بن يحيى الونشريسي. فمن هو الفقيه الونشريسي؟
اسمه أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي، جزائري الأصل، ولد بجبال ونشريس وهي سلسلة جبلية تعتبر الأكثر ارتفاعا في غرب الجزائر([2])، ولا يعرف على وجه التحديد تاريخ مولده، وقد رجحه العلماء في سنة 834ه انطلاقا من تاريخ وفاته سنة 914ه/1508م، عن عمر ناهز الثمانين سنة([3]).نشأ ودرس بمدينة تلمسان دار العلم والعلماء والفقهاء و تتلمذ على يد مجموعة من علماء المالكية المرموقين في مقدمتهم أبو عبد الله محمد بن العباس كما يشهد بذلك الونشريسي نفسه، حيث ينعته بشيخ المفسرين والنحاة العالم على الإطلاق شيخ شيوخنا أبو عبد الله بن العباس([4]). ولا يمكن للباحث في حياة هذا الهرم المالكي أن يلم بجميع تفاصيل حياته حيث يلف الغموض الكثير من جوانبها. ويبدو من خلال المصادر التي تعرضت لحياة الونشريسي أن شخصيته أثرت بشكل كبير على مجريات حياته، ذلك لما بلغ أشده هاجر إلى مدينة فاس واستوطنها، وقد جاء هذا الانتقال إلى مدينة فاس نتيجة هجرة قسرية بسبب النهب الذي تعرضت له دار فقيهنا الونشريسي وأصبح مهددا في حياته من طرف خدام أحد سلاطين بني عبد الواد الذين كانوا يحكمون تلمسان آنذاك، إذ شهدت في عهدهم الدولة فسادا اقتصاديا وصراعا كبيرا على السلطة انتقده الونشريسي بشدة مما عرضه لنقمة أعوان السلطة الحاكمة. وإن سكتت المصادر التي ترجمت لفقيهنا الونشريسي قديمها وحديثها عن الإشارة إلى السلطان الذي وقعت في عهده المحنة، فإن محمد حجي عند ترجمته للمؤلف في مقدمة الكتاب الذي أخذناه نموذجا للدراسة، يشير إلى كون الواقعة حدثت في عهد السلطان أبي ثابت الزياني([5]). ولربما عند كل نقمة نعمة، فقد كان هذا الحادث المؤلم فرصة مناسبة للفقيه الونشريسي للقاء أحد الفقهاء المالكيين الذائع الصيت أبي عبد الله محمد بن عبد الله اليفرني المكناسي([6]) فازداد تبحرا في مجال الفتوى والتدريس والتأليف بمدينة فاس. ومما يدل على مكانته العلمية والفقهية الإشارة الفريدة التي أوردها ابن عسكر الشفشاوني([7])، وهي عبارة عن شهادة لأحد معاصريه من العلماء، وهو الشيخ ابن غازي الذي أكد على تبحره وكثرة اطلاعه وحفظه وإتقانه([8])، وكذلك العالم أحمد المنجور الذي قال فيه«وكان الونشريسي مشاركا في فنون العلم… لكنه أكب على تدريس الفقه فقط»([9]). والدليل على ذلك هو حمل كرسي المدونة لاسمه بفاس، ولشهرته وذيوع صوته لقب بالإمام الحافظ وحافظ الإسلام وبعالم المغرب وحافظ المغرب([10]).
من أهم أعماله في الفقه المالكي أصوله وفروعه “الأسئلة والأجوبة” والأجوبة المشهورة ب “المسائل القلعية” و”إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك”، لكن يعتبر كتاب “المعيار المعرب” أهم وأكبر موسوعة نوازلية ألفها الونشريسي وشهدها تاريخ الغرب الإسلامي.
2- التعريف بكتاب “المعيار المعرب”:
يعتبر كتاب “المعيار المعرب والجامع المغرب في فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب” للونشريسي من أهم ما كتب في النوازل الفقهية في الجهة الغربية من العالم الإسلامي، إذ يشكل وعاء مهما لكثير من علماء المذهب المالكي وآثارهم، فضلا عن قيمته العلمية والفقهية والتاريخية والحضارية، لذلك يعد في نظر العديد من المهتمين([11])مصدرا مهما لا يمكن الاستغناء عنه لسد الفراغات الموجودة في تاريخ المغرب الوسيط. أما مؤلفه فقد عرفه في مقدمة الكتاب بقوله: «فهذا كتاب سميته بالمعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب، جمعت فيه من أجوبة متأخريهم ومتقدميهم، ما يعسر الوقوف على أكثره في أماكنه»([12]). من خلال هذا التعريف يعتبر المعيار كتابا جامعا لأهم فتاوي علماء المغرب الأقصى والأوسط والأندلس وإفريقية، فقد جاء الإمام الونشريسي بفتاوي علماء أقطار الغرب الإسلامي من رحلته إلى فاس واستفادته من المكتبة المهمة لآل الغرديسي بنفس المدينة، خاصة النوازل الفقهية الخاصة بأهل فاس والأندلس، كما استفاد أيضا من خلال اطلاعه على ما كتبه علماء المغربين الأوسط والأدنى من نوازل، كنوازل أبي القاسم البرزلي القيرواني([13])ونوازل يحيى بن عمران المغيلي([14]).
وقد كان الغرض من تأليف المعيار كما جاء على لسان صاحبه، هو تجميع أكبر عدد من فتاوي علماء الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، بل أكثر من ذلك عمل الفقيه الونشريسي على تصنيفها والتعليق عليها…، وهو ما جعل المعيار ذو قيمة مرجعية كبرى كانت سندا لفقهاء المالكية المغاربة سواء على المستوى العلمي أو القضائي نظرا للحضور الفعلي والمعنوي القوي للفقهاء في مجالات عديدة.
بقي أن نشير في إطار التعريف بالمؤلف إلى كونه شكل محط اهتمام العديد من الجهات سواء كانوا أشخاص أو مؤسسات، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة وأهمية كتاب “المعيار المعرب” لصاحبه الونشريسي.
3- منهجية الونشريسي في المعيار:
لقد سلك أحمد بن يحيى الونشريسي منهجية تجمع بين الجمع والاستقراء والتكرار، حيث جمع مسائله في شكل أبواب فقهية لتفادي التناثر الذي تعرفه بعض المسائل والتقريب فيما بينها بطريقة موجزة وميسرة خاصة في بعض القضايا الاجتماعية، كما اعتمد في أجوبته على أصول وقواعد المذهب المالكي التي تستمد أجوبة المسائل الفقهية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والقياس وإجماع علماء المسلمين.
ومن الخصائص المميزة لكتاب المعيار ما اشتمل عليه من كثرة المسائل التي تدل على كثرة الأحداث التي شهدها الجناح الغربي من العالم الإسلامي وطبعت بطابع محلي متأثرة بالمؤثرات الوقتية، الشيء الذي فرض باب الاجتهاد لاستنباط الأحكام الشرعية من خلال استقراء النصوص الفقهية ومقارنتها وتأويلها([15]). فالمطلع على كتاب المعيار يكتشف أن فقيهنا الونشريسي يثبت أسماء المفتين ونصوص المسائل المطروحة إلا في حالات قليلة، دليلنا في ذلك وجود العديد من العبارات والمفردات التي ترتبط بالعامية المتداولة بين أفراد المجتمع دون تدخل أو تصرف من طرف الفقيه حفاظا على الأمانة العلمية.
وتعتبر خاصية تكرار الفتاوي من خصائص منهج الونشريسي في عرضه للمسائل، وذلك لاعتبارات عديدة قد تتعلق بالفتوى المكررة لاشتمالها على مسائل تهم جوانب فقهية متعددة، كما قد يتعلق الأمر بعدم انتباه المؤلف إلى إثباتها في مناسبة سابقة نظرا لكثرة المسائل وتعدد مصادرها وجنوح المؤلف إلى التعليق ومنهج المقارنة حيث يشير في كثير من المسائل إلى مؤلفاته أو مؤلفات غيره من الفقهاء المتقدمين.
وقصارى القول يعتبر الونشريسي أحد فقهاء المالكية الأفذاذ الذي نظر إلى المسائل المطروحة بعين ناقدة وبتبصر كبير، يتدخل فيقبل ويرد ويرجح ويضعف.
ثانيا: أهمية كتاب المعيار المعرب للونشريسي:
- من الناحية التاريخية:
يعتبر علم التاريخ من العلوم الإنسانية الأساسية لدراسة المجتمعات من الناحية التاريخية والسياسية والاجتماعية، ومن هنا جاءت أهمية الكتب التاريخية نظرا لارتباطها بشكل مباشر بالأبعاد الثلاثة الأساسية لعلم التاريخ. وإذا كانت هذه الاستغرافيا التقليدية تجعل من تسلسل الأحداث وتعاقب الدول والملوك محورا للتاريخ([16])، فإنها تترك بياضات في جوانب عديدة من الحياة العامة للمجتمعات. لذا وجب على الباحث في التاريخ العودة إلى مكنونات كتب النوازل لاستخراج المعلومات التي غفلت عنها المؤلفات الكلاسيكية، ولا محيد للباحث في تاريخ الغرب الإسلامي خلال العصور الوسطى عن كتب النوازل لأن هذه الفترة شهدت طفرة نوعية من التأليف في هذا المجال. ويعتبر كتاب المعيار المعرب للونشريسي نموذجا معبرا عن هذه الأصناف من التآليف، حيث يوفر للباحث في التاريخ مشتلا مهما يسمح بالبحث في مواضيع جديدة تتجاوز مواضع التاريخ الكلاسيكي إلى دراسة البنيات العامة للمجتمع. فالمسائل من الناحية التاريخية تقدم صورة عامة عن الوضعية التي عاشتها مجتمعات الغرب الإسلامي خلال العصور الوسطى سواء من الناحية الأمنية أو البنيات الاقتصادية أو الاجتماعية… وعلى سبيل المثال لا الحصر، جاء في المعيار للونشريسي سقوط فريضة الحج خوفا من أخطار الطريق مما يدل على غياب الأمن وانعدام الاستقرار خلال المرحلة التي عاش فيها الفقيه الونشريسي([17])، الشيء الذي دفع بفقهاء المالكية إلى الإفتاء بسقوط فريضة الحج خوفا على النفس والمال. كما تشير هذه المسائل أيضا إلى ظاهرة الرباطات التي انتشرت بشكل واسع في هذه الفترة ولعبت أدوارا متعددة، كالعمل الإحساني الذي تمثل في تقديم الإعانة وإيواء المحتاجين، ناهيك عن دورها وأهميتها في فض النزاعات، فضلا عن دورها الجهادي.
2- من الناحية السياسية:
تعطي النوازل الفقهية للونشريسي صورة واضحة لمجموعة من الجوانب السياسية التي شهدها الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، ومن بينها طبيعة العلاقات الدولية التي ميزت هذا العصر والتي شهدت نوعا من التوتر بين دول العالم الإسلامي والدول المجاورة. كما تقدم المسائل صورة واضحة عن ظلم الحكام وتعسفاتهم ضد من خالفهم الرأي. ويعتبر الفقيه الونشريسي مثالا واضحا في هذا المضمار، حيث تعرض لتعسف حكام بني زيان([18]) إلى درجة هدم منزله مما دفعه إلى الهجرة نحو مدينة فاس. كما يمكن التقاط بعض الإشارات السياسية من الملاحظات التي وردت في مؤلف الونشريسي والمتعلقة بالوضعية السياسية المضطربة التي شهدتها بعض الجهات من الغرب الإسلامي.
فقد أشار الونشريسي إلى حادثة التمرد التي قادها “عمر بن حفصون”([19]) والتي تعتبر أول تمرد على الدولة الأموية بالأندلس، مستندا في ذلك على الإشارات التاريخية التي وردت في العديد من المصادر التاريخية([20]). فبالرجوع إلى بعض هذه المصادر يتضح جليا أن بلاد الأندلس عاشت خلال هذه الفترة أوضاعا لا تبعث على الارتياح، إذ وصف ابن الخطيب دولة الأمويين غداة الثورة التي قادها ابن حفصون قائلا: «والثوار في دول بني أمية متعددون، شقيث بهم الملوك وتنغصت بهم الخلفاء واضطروا إلى مسالمتهم تارة ومحاربتهم تارة أخرى»([21]). وقد ربط ذلك بأسباب عديدة ساهمت في تمديد عمر هذه الثورات والاستقلالات، منها ما هو طبيعي كمنعة البلاد وحصانة المعاقل، ومنها ما هو بشري مرتبط بقوة وبأس وتحالف العرب والمغاربة والمولدين مع النصارى، ومنها ما هو اقتصادي مرتبط بتردي الوضعية الاقتصادية لبلاد الأندلس خلال فترة منتصف ق 3ه/9مخاصة فترة حكم الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط(238ه-273ه/852م-886م)، حيث شهدت البلاد فترات من القحط والمجاعة ترتب عنها هلاك الكثير من السكان وهجرة نفر كبير منهم لمساكنهم([22])،فاستغل عمر بن حفصون الوضعية الاقتصادية المتأزمة للمولدين وما تعرضوا له من تعسف وتعصب من طرف الحكام، وهو ما يعكسه خطاب عمر بن حفصون للمولدين بقوله «طالما عنف عليكم السلطان وانتزع أموالكم، وحملكم فوق طاقتكم، وأذلكم العرب واستبعدتكم، وأنا أريد أن أقوم بثأركم وإخراجكم من عبوديتكم»([23]).كل هذه العوامل وغيرها هيأت الأوضاع للثورة على الدولة الأموية بالأندلس.
كما أوردت النوازل الفقهية للونشريسي بعض الإشارات حول عصر الطوائف، فبالعودة إلى المصادر الكلاسيكية للغرب الإسلامي يتضح جليا أن بلاد الأندلس شهدت نوعا من الفرقة والانقسام بعد اختلال دعوة بني أمية. فقد أشار المراكشي في معجبه إلى أن بلاد الأندلس عاشت تشرذما سياسيا خطيرا حيث استقل كل متغلب على جهة معينة من بلاد الأندلس وتحكم فيها وتقاسموا ألقاب الخلافة فيما بينهم، وقد استمر ذلك إلى حدود ظهور الدولة([24]) المرابطية على الساحة السياسية خلال ق 5ه/11م([25]).
3– من الناحية الاقتصادية:
يعتبر كتاب “المعيار المعرب” للونشريسي معين لا ينضب، فبالإضافة إلى غناه من حيث الإشارات التاريخية والسياسية يعتبر وثيقة تاريخية مهمة يمكن من خلالها الاطلاع على الوضعية الاقتصادية، من حيث نوع الإنتاج وطرق ووسائل الاستغلال بالغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط. فمن حيث الإنتاج الفلاحي تطلعنا بعض المسائل بالمعيار عن أنواع المنتوجات الرائجة آنذاك وفي مقدمتها القمح الذي كان من المواد الأساسية للعيش، إضافة إلى مجموعة من المواد الأخرى كالزيتون والتمر والبقل. كما تشير المسائل إلى بعض أنواع الصناعات التي شكلت عصب الحياة ولعبت دورا مهما في اقتصاد الأهالي كصناعة الجلود وصناعة الذهب وصناعة الخمور والحرير([26]).
وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه الأنشطة الاقتصادية كانت تقليدية بسيطة تعتمد على العمالة المحلية، كما كانت تنتج لما يكفي من حاجة مجتمع الغرب الإسلامي آنذاك. أما على مستوى التداول، تقدم لنا المسائل “بالمعيار المعرب” العديد من الصور عن بعض القضايا التجارية المتعلقة بالبيع والشراء من قبيل شروط البيع وتوثيقه بحضور اختصاصيين والعيوب في المادة المباعة، كما تشير المسائل أيضا إلى مجموعة من صور التعامل مع الحوانيت المكتراة وأجورها، كما يستشف من هذه النوازل معلومات هامة تخص النقود والعملة التي كانت متداولة بين أهل المنطقة كالدرهم والدينار ونصف الدينار، وتلفت هذه النوازل الانتباه إلى وجود عملة الذهب المرابطية والعبادية، وأن هذه الأخيرة (العملة العبادية) كانت أدنى في العيار وأقل في الوزن. كما تضمنت هذه النوازل الفقهية أيضا العديد من أسماء الأوزان كالمثقال والعيار والمكيال([27]).
إضافة إلى ذلك تضمنت المسائل جملة من الصور والأشكال المتعلقة بالتوزيع، كالشركة مثلا والمتمثلة في العديد من المسائل كشراء دار مثلا بين شريكين أحدهما حاضرا والآخر غائبا، كما تقدم لنا المسائل نماذج من توزيع إنتاج رأس المال، فالرأسمال إما أمن يكون نقدا كالدرهم والدولار ونحوهما وإما أن يكون وسائل إنتاج من معامل وسيارات ونحوهما. وتبرز لنا نوازل الونشريسي نماذج أخرى من توزيع الإنتاج وهو ما يعرف بالإجارة. كما تطرقت النوازل أيضا إلى جانب ذي أهمية كبرى ويتعلق الأمر بالجانب المعماري ومساهمته في انتعاش الاقتصاد الإسلامي، حيث تعطينا فكرة عن المواد المستعملة فيه آنذاك كالآجر والحصى ومواد أخرى.
4- من الناحية الاجتماعية:
يعتبر مجال التربية والتعليم من المجالات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمجتمع، لذلك أولي اهتماما كبيرا من طرف القائمين عليه ومن تم تطلب إصدار مجموعة من الفتاوي التي أطرت العملية التعليمية التعلمية برمتها، فتحولت تلك النوازل إلى تراث نوازلي مهم في الغرب الإسلامي يعالج كل القضايا والجوانب المتعلقة بالتربية والتعليم من خلال مقاصد الشريعة الإسلامية أولا، ثم من خلال العرف السائد في مجتمع الغرب الإسلامي ثانيا. لقد شهد الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط العديد من الأحداث المتسارعة المتعلقة بمجال التربية والتعليم، فجاءت النوازل الفقهية انعكاسا طبيعيا لهذه الحركية لتعالج مختلف القضايا المتعلقة بحنطة أو صنعة التربية كما سماها الغزالي “مهنة التعليم صنعة، وهي أشرف الصناعات، لأن المعلم متصرف في عقول البشر ونفوسهم، وأشرف ما في الإنسان عقله ونفسه”([28]). ونظرا لهذه الأهمية كانت مختلف الوقائع والأحداث المستجدة في ميدان التربية والتعليم محط اهتمام الاجتهاد الفقهي الذي تعرض لمختف الركائز التي ينبني عليها مجال التربية والتعليم مستندا على الأصول الأساسية للتشريع الإسلامي الكتاب والسنة.
ولأهمية التعليم ومكانته في المجتمع حث الفقه الإسلامي على إلزامية التعليم والحق في التعلم ورغب فيه، فقد أورد الونشريسي في معياره جوابا لابن سحنون حول تعليم الصغار ودرجة منزلته التي تضاهي منزلة الحج والجهاد والرباط بل أعظم درجة من ذلك في الأجر، وذلك بغية حث الأولياء على تعليم الأبناء ولو كانوا في حالة عسرة([29]). وقد استند الفقه المالكي في حكمه على أحاديث نبوية شريفة تحث على التعليم والتعلم، ولم تقتصر الدعوة عل تعليم الصغار الذكور فقط بل تعدى ذلك ليشمل الإناث أيضا، وقد حدد الفقه الإسلامي في ذلك مجموعة من الشروط منها أن يكون المعلم ممن يؤمن جانبه من عفة وطهارة نفس وحسن السمعة وأن يكون متزوجا([30]).
ومن أهم الركائز الأساسية التي تناولها الفقه الإسلامي بالدرس والتحليل:
المعلم، حيث تعرض الاجتهاد الفقهي لمجموعة من الجوانب المتعلقة بالمعلم، كقضية أخذ الأجرة على تعليم القرآن والتي اعتمد فيها المالكية على إجماع أهل المدينة الذين أفتوا بجواز الإجارة على تعليم القرآن، معللين ذلك بقلة الوازع الديني مما قل معه الورع والتقوى، كما أفتوا أيضا بجواز التبرعات والهدايا الموجهة للمعلم من طرف الآباء إن كان القصد منها التبرك بحملة القرآن. ولم يغفل الجانب الفقهي ما يتعلق بالتزامات المعلم أثناء ممارسته لعملية التدريس خاصة فيما يتعلق بالجانب التأديبي حيث وقعت نوازل في بعض أخطاء التأديب فاجتهد الفقهاء لبيان الحكم الشرعي فيها، خاصة الأخطاء التأديبية المؤدية إلى عاهة معينة فكان جواب الفقه
«الأدب غير مصور، وليس كل الصبيان سواء من القوة والضعف، فمنهم من يخاف فيرده أقل الضرب، ومنهم من جرمه أشد من غيره، فيكون أشد، فحال الصبيان مختلفة، فيوقع به من العقوبة ما يستحقه مما لا يخاف معه موت ولا مرض، فإن قدر موته فلا قود، فتحسن الدية على العاقلة، وإن أصاب عينه فعليه ديتها»([31]).فالاتجاه العام في قضايا التأديب كان هو الميل نحو الرفق واللين بدل النزوع نحو القوة والشدة.
كما تناول الفقه المالكي أيضا المتدخلين في ميدان التربية والتعليم، فبالرجوع إلى نوازل الفقيه الونشريسي المتعلقة بالتربية والتعليم نعثر على إشارات عديدة تسلط الضوء على أهم المؤسسات التعليمية آنذاك، كما تشير بشكل ضمني إلى أهم المتدخلين في الشأن التربوي والتعليمي وما يتعلق بها ومنها:
المسجد: ويعتبر من أهم المؤسسات التعليمية في العصر الوسيط إلى جانب المدرسة، لذلك تناولت بعض النوازل الفقهية هذه المؤسسة وميزت بين دورها التعليمي ووظيفتها العباداتية. فقد سئل الفقيه محمد بن سحنون(ت519ه) عن مساجد بلدة اتخذها قوم لتعليم الصبيان لدرجة أن بعض المساجد لم تعد تؤدي وظيفتها على الوجه الأكمل بسبب ارتفاع عدد الصبيان، وما قد يترتب عنهم من نجاسة للمكان فأجاب «لم يجعل الله المساجد ليكتسب فيها الأرزاق، والذي سألت عنه ووصفته، الواجب على تلك البلدة أن يمنعوا مساجدهم من مثل هذا…ولا يضروا بالمسلمين فإن كان المعلم أبى فلينزع الصبيان من عنده آباؤهم»([32]). كما نهى ابن عبدون عن ذلك بقوله: «ويجب أن لا يؤدب فيها الصبيان، فإنهم لا يتحضون من النجاسات بأرجلهم ولا من ثيابهم، فإن كان ولا بد ففي السقائف»([33]).
المدرسة: وتعتبر من أهم المؤسسات في ميدان التربية والتعليم لذا أولاها المجتمع الإسلامي أهمية كبرى، ومما يدل على ذلك هو وقف الأملاك بمختلف على أنواعها على المدارس التعليمية، فقد أورد البرزلي في نوازله مسألة تتعلق بتحبيس الكتب واشترط صاحبها أن يمنح الطالب المستفيد كتابا بعد كتاب، إلا إذا كان الطالب ممن يؤمن جانبه([34]). ومما يدل على أهمية ومكانة المدرسة باعتبارها مؤسسة لتربية الناشئة وتعليمها ما جاء في إحدى النوازل الفقهية التي تعرضت لمسألة إصلاح المدرسة وتعارضها مع مصلحة الطلاب، حيث تم تقديم مصلحة المدرسة على مرتبات الطلبة. فقد أورد الونشريسي «أن مدرسة احتاجت إلى إصلاح، وكذلك الريع المحبسة عليها، فلم تف مداخيل الأملاك المحبسة على المدرسة من حمام وحوانيت وأرحى وغير ذلك بإصلاح المدرسة وصرف مرتبات المقرئين والطلبة والقائمين عليها” فأراد غير الطلبة أن يكون الإصلاح على كاهل الطلبة وحدهم ويستوفي غيرهم مرتباتهم، وقد وجه السؤال إلى أعيان فقهاء فاس وتلمسان فأجابوا بأجوبة تتفق على “أن يقدم الإصلاح على المرتبات، وأن الطلبة أحق بالتفضيل إن كان»([35]).
كما أولى الفقه الإسلامي أهمية كبرى لمختلف المتدخلين في ميدان التربية والتعليم آنذاك، حيث نعتر في المعيار على مجموعة من النوازل التي تؤكد على الدور الفعال للمعنيين بقطاع التربية والتعليم ومنها:
الأسرة: لقد انخرطت الأسرة في التدبير العام للشأن التعليمي منذ القديم، ويتجلى ذلك من خلال الانخراط في استئجار معلم للصبيان خاصة في المراحل الأولى من مراحل التعليم، حيث كان من المفروض على أولياء الأمور البحث عن معلم يعقدون معه اتفاقا على الأجرة مقابل تعليم عدد من المتعلمين(35). ومن هنا اعتبرت الأسرة طرفا رئيسيا للنهوض بالعملية التعليمية التعلمية وشريكا أساسيا لتدبير الشأن التعليمي بالغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط. وعلى هذا الأساس لا يمكن النهوض بقطاع التربية والتعليم في مجتمعاتنا المعاصرة دون إشراك آباء وأولياء طلاب العلم.
كما عالجت النوازل الفقهية مجموعة من القضايا التي طرحت بالمجتمع والتي احتاجت إلى فتوى من طرف الفقهاء، ومنها استغلال المؤسسات التعليمية من طرف غير طلاب العلم لأغراض شخصية. فجاءت أجوبة الفقهاء دقيقة ومحددة وهو منع من كان بهذه الصفة ووضعوا شروطا لاستغلال المؤسسات التعليمية، منها شرط السن وهو عشرون سنة فما فوق، وشرط طلب العلم والمواظبة عليه إلا لضرورة المرض أو ما شابه ذلك من الأعذار، كما حددوا عدد السنين لمستغلي المدارس في عشر سنوات «فان لم تظهر نجابته وجب طرده، كما لا يجوز سكنى المدرسة من انقطع للعبادة لأنها لم تحبس لذلك، وإنما حبست لمن يتعبد بقراءة العلم، أو بقراءة العلم مع عبادة لا تشغله عن القيام بما قصده المحبس عن العكوف على دراسة العلم وشبهها من حضور مجالس العلم، كما أن ربط المريدين لا يسكنها من يشتغل بمدارسة العلم، إلا أن يكون ذلك في أصل التحبيس والله الموفق»([36]).
كما سمحت النوازل الفقهية بالتعرف على المنشآت الحبسية والدور الفعال الذي لعبته في مجال التربية والتعليم. وهنا نشير إلى أن الوقف شكل ركيزة أساسية خلال العصر الإسلامي الوسيط في شتى المجالات، خاصة فيما يتعلق بالوقف على التعليم والمؤسسات المنتمية إليه. ونظرا لأهميته فقد أولاه الفقه الإسلامي أهمية كبيرة فأكدوا على عدم اتخاذ هذه المؤسسات لغير طلب العلم، كما أكدوا على ضرورة الحفاظ على مقاصد الواقفين. ومن هذا المنظور يعتبر فقه النوازل فقها للحياة يعكس صورة المجتمع المغربي بخصوصياته التربوية التعليمية والاجتماعية، بل يمكن استغلال هذه النوازل الفقهية خاصة نوازل الونشريسي في إغناء الدراسات المتعلقة بالجوانب التربوية والاجتماعية.
خاتمة:
خلاصة القول تعتبر النوازل الفقهية من الشواهد التاريخية الهامة التي لا يمكن تجاوزها لدراسة مجتمع الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، حيث عالجت مجموعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي طرحت بالمجتمع آنذاك، حيث تجند فقهاء المالكية لإيجاد الأجوبة الملائمة للمسائل المطروحة، مستنبطين ذلك من تنوع الأصول التشريعية ومراعين في ذلك أعراف وتقاليد المجتمع الإسلامي، فجاءت كل الأحكام الفقهية ملائمة لواقع المجتمع آنذاك، بل يمكن استغلال العديد منها في معالجة بعض القضايا المعاصرة الآن خاصة فيما يتعلق بجانب التربية والتعليم. ونظرا لواقعية الأحكام الفقهية وارتباطها بقضايا المجتمع فقد ازدهر ميدان التأليف الفقهي النوازلي من طرف فقهاء المالكية، مما أهلهم لاحتلال مركز ذي أهمية قصوى ضمن النسيج الاجتماعي لمجتمع الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط. كما ساهمت غزارة التأليف في تثبيت الفقه المالكي بمجال الغرب الإسلامي، ومن ثمّة أصبحت مهمة الإفتاء من الخطط الدينية المهمة التي تنبني عليها الدول إلى جانب خطة القضاء، مما ساهم في ظهور العديد من المفتين في أهم وأكبر حواضر الغرب الإسلامي. والاطلاع على المعيار المعرب للونشريسي يسمح بالتعرف على العديد من مظاهر الحياة الدينية والاقتصادية والاجتماعية للغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، كما يسمح بالتعرف على الدور الكبير الذي لعبه فقهاء المالكية في مجال تأطير المجتمع.
قائمة المصادر والمراجع:
- أحمد بن يحيى الونشريسي، وفيات الونشريسي ضمن مجموع ألف سنة من الوفيات، تحقيق محمد حجي، الرباط، 1976.
- أحمد بن يحيى الونشريسي، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام أبي عبد الله مالك، تحقيق: الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، دار ابن حزم، بيروت، 2006.
- أحمد المنجور، فهرسة، تحقيق محمد حجي، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 1976.
- ابن عبدون، رسالة في القضاء والحسبة، ضمن ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب، تحقيق ليفي بروفنسال، مطبعة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1955.
- أحمد بن خالد الناصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق: جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954.
- أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، تحقيق مكتب الدراسات والبحث العلمي دار المنهاج، جدة، ط1، 1432، ج1.
- عبد الواحد المراكشي، المغرب في تلخيص أخبار المغرب، تقديم الدكتور ممدوح حقي، دار الكتاب، الدار البيضاء، ط7، 1978.
- محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني، دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، ط2، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، سنة 1976.
- محمد فتحة، النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي (من ق6 – 9ه/ ق 12-15م)، منشورات كلية الآداب، الدار البيضاء، ط1، 1999.
- المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، 1988.
- محمد المنوني، المصادر العربية لتاريخ المغرب من الفتح إلى نهاية العصر الحديث، منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، الرباط، 1993.
- محمد ابن سحنون، آداب المعلمين، ط2، تونس، 1972.
- ابن الخطيب لسان الدين، أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، تحقيق ليفي بروفنسال، مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 2004.
- ابن حيان أبو مروان، المقتبس في تاريخ الأندلس، تحقيق اسماعيل العربي، دار الآفاق الجديدة، الدار البيضاء، 1411ه/1990م.
[1]– محمد المنوني، المصادر العربية لتاريخ المغرب من الفتح إلى نهاية العصر الحديث، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1993، ص: 128-129.
[2]– ترجمت له العديد من الأسماء، على سبيل المثال لا الحصر:
أحمد المنجور، فهرسة، تحقيق محمد حجي، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 1976، 50-55.
المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، دار صادر، 1988، ج5، ص:207.
أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق: جعفر الناصري ومحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1954، ج4، ص:165.
[3]– أحمد بن يحيى الونشريسي، إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام أبي عبد الله مالك، تحقيق: الصادق بن عبد الرحمن الغرياني، دار ابن حزم، بيروت، 2006، ص:9.
[4]– الونشريسي، وفيات الونشريسي ضمن مجموع ألف سنة من الوفيات، تحقيق محمد حجي، الرباط، 1976، ص :178.
[5]– يقصد به السلطان الزياني أبو ثابت محمد المتوكل، من حكام الدولة الزيانية خلال النصف الثاني من ق 9ه، تميز عهده بكثرة الاضطرابات السياسية والتدخلات الخارجية، مما أدى إلى خلق معارضة قوية من طرف العلماء، ومن بينهم الونشريسي الذي تعرض لتعسفه ومن تم فراره إلى فاس.
[6]– محمد بن عبد الله بن محمد اليفرني المكناسي، مجالس الحكام والقضاة، دار ابن حزم، بيروت، 2015، 585 ص.
[7]-محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني، دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق محمد حجي، ط2، سنة 1976، دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر، ص: 45-46.
[8]-ابن عسكر، ن.م.س، ص:47.
[9]– أحمد المنجور: فهرسه، تحقيق محمد حجي، دار المغرب، الرباط، 1976، ص: 50.
[10]– نفسه.
[11]– محمد المنوني، ن.م.س. ص: 98.
[12]– الونشريسي، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقيا والأندلس والمغرب، تحقيق محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1981، ج1.
[13]– أبو القاسم بن أحمد البَلَوي القيرواني الشهير بالبُرْزُلِي: يعتبر من أبرز فقهاء الفقه المالكي توفي سنة 841ه، يعد كتابه من الفتاوى الكبيرة، ظل مصدرا من المصادر المعتمدة للكثير من كتب الفقه والفتاوى ، فهو موسوعة فقهية بمعنى الكلمة ، وهي مسائل اختصرها كما جاء على لسانه في مقدمة كتابه، من نوازل ابن رشد ، وابن الحاج ، والحاوي لمحمد بن عبد النور التونسي ، وغيرهم ، إضافة إلى ما جمعه عن أئمة مغاربة وإفريقيين ممن أدركهم وأخذ عنهم ، أو ممن نقل عنهم، مع حرصه الشديد على ذكر المصادر التي نقل عنها “جامع منازل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام، أو نوازل البرزلي”، تحقيق محمد الحبيب الهيلة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 2002.
[14]– أبو عمران المغيلي، يعد من العلماء الأفذاذ الذين استطاعوا أن يحتلوا مكانة عالية في أوساط العلماء وأيضا في الفكر الإسلامي العربي والإفريقي على حد السواء، من خلال ما ألّفه من مؤلفات مست جوانب عديدة من المعارف، التي منها علوم اللغة، علوم التفسير، علم المنطق، الفقه والتصوف، من أهم مؤلفاته “الدرر المكنونة في نوازل مازونة”.
[15]– ينظر مقدمة كتاب “المعيار المعرب“، ج1، ن.م.س.
[16]– محمد فتحة، النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي (من ق6 – 9ه/ ق 12-15م)، منشورات كلية الآداب، الدار البيضاء، ط1، 1999، ص: 20.
[17]– الونشريسي، المعيار المعرب، ج1، ص:433-434.
[18]– خاصة في عهد الحاكم الزياني الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط الذي حكم ما بين 238ه-273ه/852م-886م. للمزيد من التفاصيل يرجع لـ:ابن حيان ابو مروان، المقتبس في تاريخ الأندلس، تحقيق اسماعيل العربي، دار الآفاق الجديدة، الدار البيضاء، 1411ه/1990م، ص: 343.
[19]– ينحدر من أسرة قرطبية امتهنت الزراعة بالقرب من مالقة بجنوب البلاد، سافر إلى المغرب ورجع إلى الأندلس ستة 270ه، تزعم الثورة على الأمويين بالأندلس بمعية مجموعة من الساخطين على بني أمية، وتمكن من هزيمة عاملها عامر بن عامر على مدينة رية.
ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب، ج2، ص:148-173.
[20]– كابن الخطيب وابن القوطية وابن حيان والمراكشي.
[21]– ابن الخطيب لسان الدين، أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، تحقيق ليفي بروفنسال، مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 2004، ص :35-36.
[22]-ابن حيان، ن.م.س. ص:76.
[23]– نفسه.
[24]-عبد الواحد المراكشي، المعجب في تلخيص أخبار المغرب، تقديم الدكتور ممدوح حقي، دار الكتاب، الدار البيضاء، ط7، 1978، ص:105-106.
[25]– المعيار المعرب للونشريسي، ن.م.س. ج6، ج9، ص :201. ص: 552-554.
[26]– نفسه.
[27]– أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، تحقيق مكتب الدراسات والبحث العلمي دار المنهاج، جدة، ط1، 1432، ج1، ص :96.
[28]-محمد ابن سحنون، آداب المعلمين، ط2، تونس، 1972، ص : 114.
[29]–المعيار، ن.م.س.ج8، ص :251.
[30]–المعيار، ن.م.س.ج2، ص :267-268.
[31]– المعيار المعرب للونشريسي، ن.م.س.ج7، ص:36-37.
[32]– ابن عبدون، رسالة في القضاء والحسبة، ضمن ثلاث رسائل أندلسية في آداب الحسبة والمحتسب، تحقيق ليفي بروفنسال، مطبعة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة، 1955، ص: 24.
[33]– البرزلي، ن.م.س.ص: 419.
[34]– الونشريسي، المعيار، ن.م.س. ج7، ص: 237.
[35]– الونشريسي، ن.م.س، ج2، ص :8.
[36]– الونشريسي، ن.م.س.ص :262-266.