أزمة حقوق المتعاقدين في ظل جائحة كوفيد 19 : عقد الإيجار التجاري أنموذجا
Contractors’ rights crisis in light of the Covid-19 pandemic: the commercial lease contract as a model
أ.د. نوارة حسين (جامعة مولود معمري، الجزائر)
Nouara Hocine (Mouloud Maamari University, Algeria)
بحث منشور في كتاب أعمال مؤتمر أزمة حقوق الإنسان في ظل جائحة كوفيد-19 ص 69.
ملخص:
تسببت جائحة كوفيد -19المستجد في خلق أزمة صحية واقتصادية عالمية، أفرزت آثار سلبية على حقوق الانسان، لا سيما حقوق المتعاقدين الذين تعذر عليهم الوفاء بالتزاماتهم أو استحال عليهم القيام بذلك، فعقد الإيجار التجاري في مرحلة الحجر الصحي التي تميّزت بغلق المحلات التجارية والمصانع وشل كل النشاطات التجارية والصناعية من بين العقود التي تضرر أطرافها من الجائحة.
وقد تطلبت مسألة معالجة الواقع القانوني الذي فرضه كوفيد 19 فيما يخص اشكالية استحالة تنفيذ الالتزامات في مرحلة الحجر الصحي تأسيس الباحثين حلولهم على نظرية رئيسية في القانون وهي نظرية القوة القاهرة التي تطبق لرفع الإرهاق على الطرف المدين بالتنفيذ.
الكلمات المفتاحية: جائحة كوفيد 19- القوة القاهرة – عقد الايجار التجاري.
Summary:
The outbreak of the Covid-19 virus as a global epidemic has created a global health and economic crisis, which has resulted in a real crisis in human rights, especially the rights of contractors who were unable or impossible to fulfill their obligations during the quarantine phase, which was characterized by the closure of shops, factories, airports, ports and Shell All commercial and industrial activities, as the issue of addressing the legal reality imposed by Covid 19 required researchers to establish their solutions regarding the problem of non-implementation of contractual obligations in light of the pandemic on a major theory in the law, which is the theory of force majeure that applies to rebalancing the contractual balance and lifting fatigue on the debtor party.
Keywords : Covid-19 pandemic, force majeure, commercial lease contract
مقدمة:
لقد أدى تفشي فيروس كوفيد -19 باعتباره وباء عالمي إلى دفع الكثير من الدول ومن بينها الجزائر إلى اتخاذ الكثير من القرارات والتدابير الاحترازية في إطار استراتيجية عامة لمنع انتشاره الفيروس، وقد كان تدبير الحجر الصحي من أهم الإجراءات المتخذة للتصدي للأزمة الصحية.
حيث كان إجراء مناسب لضمان وقف انتشار الفيروس لحماية السلامة العامة ودرء انتشار العدوى مفاده التباعد الاجتماعي وعزل المصابين وحتى الاشخاص المشتبه في إصابتهم، أي وقف الحركة في شكلها العام، وإن أثبتت دراسات كثيرة سابقة لما قد يسببه الحجر الصحي من تداعيات على الجانب الاقتصادي تتعلق بنتائج وآثار الوباء وما بعد الوباء على الصحة النفسية([1]) وعلى تنفيذ العقود التجارية والاقتصادية الوطنية والدولية، بسبب قرار الحجر الصحي الذي يتعلق بغلق المحلات التجارية وغلق المصانع وشل كل النشاطات التجارية والصناعية ووقف حركية نقل السلع والبضائع المستورد والمصدرة بشكل عام([2])، وذلك لفترة طويلة أدت الى زعزعة اقتصاديات الدول بسبب وقف النشاط التجاري الداخلي والدولي.
أدت هذه الوضعية إلى إفراز نتائج خطيرة، كما أدت الجائحة وبشكل عنيف إلى عدم القدرة على تنفيذ الالتزامات القانونية، بحيث ترتب عن تقرير الحجر الصحي صعوبة تنفيذها أو استحالتها، كما ترتب عنها مشكلات قانونية، ارتأينا من خلال هذه المداخلة الوقوف أمامها ومعرفة الآثار القانونية المترتبة عن عدم تنفيذها، بسبب الأوضاع القانونية التي جاءت عقب إصدار الحكومات قراراها المتعلق بالحجر الصحي وفرض حالات الطوارئ ([3]).
وعليه، أفرزت جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) آثاراَ سلبية على حقوق المتعاقدين الذي تعذر عليهم الوفاء بالتزاماتهم، بحيث تطلبت مسألة معالجة الواقع القانوني الذي فرضه كوفيد 19 على الباحثين تأسيس حلولهم فيما يخص اشكالية عدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية في ظل الجائحة على نظرية رئيسية في القانون وهي نظرية القوة القاهرة. حيث بالنظر في شروط وآثار تطبيقها على الجائحة نتساءل عن: ما مدى اعتبار فيروس كورونا مانعا قانونيا لتنفيذ الالتزامات العقدية في عقد الإيجار التجاري وهل هو سببا كافيا لتبرير الارهاق في التنفيذ أو استحالته أصلا لحماية المتعاقدين([4])؟
وللتفصيل في الموضوع وللإجابة على الإشكالية التي طرحناها يلزمنا التطرق لمظاهر تأثُر عقد الإيجار التجاري في مرحلة الحجر الصحي ومدى صعوبة تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم( أولا). ثم للتكييف القانوني لآثار الجائحة كظرف يسمح بتعديل الالتزامات العقدية في عقود الايجار التجاري ومدى تمتع القاضي بسلطة تقديرية في رفع الإرهاق عن المستأجر(ثانيا).
أولا- مظاهر تأثُر عقد الإيجار التجاري بكورونا وصعوبة تنفيذ الالتزامات
فرضت جائحة كوفيد-19 تحديات غير مسبوقة أمام كافة الشركات والمؤسسات التجارية على مستوى العالم، باعتبارها من أبرز المتضررين بتداعيات هذه الأزمة بحكم تأثير الجائحة على الاقتصاد والتجارة بشكل عام. فالجائحة التي عاشها العالم بأسره تعد من أبرز الكوارث العالمية التي مست كافة الدول، لاسيما وأن آثارها لا تقتصر على الجانب الصحي فحسب، وإنما تمتد تأثيراتها الخطيرة إلى الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وكذا تأثيرها القانوني على تنفيذ العقود التي يكون فيها فاصل بين إبرام العقد وتنفيذه، مثل عقود المقاولات وعقود التوريد وعقود البيع بأثمان مؤجلة، وعقود النقل وعقود الإيجار([5]).
حيث أثبتت نتائج الكثير من الدراسات الميدانية التي أجراها عدد من الخبراء ومن الهيئات الدولية مثل المنظمة العالمية للصحة وكذا اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالتدخل لحل الأزمات وحالات الطوارئ، أن حكومات كثيرة على غرار الحكومة الجزائرية فشلت بالمطلق في مواكبة تداعيات الجائحة في الجانب الاقتصادي، وهو ما تترجمه وتيرة تزايد حالات الارهاق في تنفيذ الالتزامات لا سيما فيما بين المؤجر والمستأجر للمحل التجاري الذي تم غلقه في مرحلة الحجر.
فالخوض في آثار جائحة كورونا التي سببت الخسائر الاقتصادية للكثير من الشركات التجارية بسبب عدم تنفيذ عقودها يتطلب النظر في مدى امكانية تعديل العقود أو حتى فسخها عند قبول تكييفها بالقوة القاهرة لتوافر كل شروط القوة القاهرة فيها حسب ما ورد في القانون المدني. ([6])
وعليه نتطرق لتعريف عقد الإيجار التجاري وطبيعة التزامات أطرافه لتبيان حجم المخاطر التي تعرض لها المتعاقدين بسبب تقرير الحجر الصحي الذي أدى إلى غلق المحلات التجارية التي كانت قاعدتها مستأجرة.
1- تعريف عقد الإيجار التجاري وطبيعة التزامات أطرافه:
يعرف القانون المدني عقد الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكّن المستأجر من الانتفاع بشيء معين لمدة معينة لقاء أجر معلوم حسب المادة 498 من القانون المدني الجزائري، وهو عقد مسمى يرد على المنفعة أي الانتفاع بالشيء المؤجر ولا يخول المستأجر أي حق على الشيء نفسه يمكنه من التصرف فيه لأنه ليس حق عيني على الشيء وإنما هو حق للمستأجر بمقتضاه الزم المؤجر بتمكينه من الانتفاع بالمال محل الإيجار وهو لا يرد إلا على الاشياء غير القابلة للاستهلاك لأن المؤجر يلتزم برد الشيء بعينه بعد مدة معينة. وهو عقد معاوضة فالمؤجر ينشئ للمستأجر حق الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل الأجرة، وهنا تجدر الإشارة أن القانون يُرتب على اعتباره عقداً ملزماً للجانبين ان تطبق فيه أحكام الفسخ والدفع بعدم التنفيذ([7]).
كذلك يجدر بنا أن نذكر أنّ عقد الإيجار من عقود المدة التي يعتبر الزمن فيها عنصرا جوهريا، يرتبط بكل من المنفعة والأجرة فالتزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة والتزام المستأجر بالوفاء بالأجرة لا يمكن تحديد قيمة كل منهما إلا مقيساً بالزمن، فالمنفعة تقل أو تكثر بحسب ما إذا قصر أمد الإيجار أو طال والأجرة تحسب نظير المنفعة التي تتحقق في مدة معينة([8]). وعليه وبالنظر في الوضع الذي مرت به المحلات التجارية المستأجرة في مرحلة الحجر الصحي نجد أنّها كانت مغلقة فلم يتمكن المستأجر من استغلالها ولا الاسترزاق منها، بمعنى أن التجار لم يمارسوا نشاطهم التجارية ولم يتمكنوا من تحقيق الربح المنتظرة والمتوقعة بل وضاعت عليهم فرص ربح كثيرة جدا بسبب الغلق المطول في فترة الحجر الصحي وهو السبب ذاته الذي جعل المستأجر غير قادر على إتمام التزامه بدفع الأجرة للمؤجر، لأسباب لم يكن يتوقعها بتاتا وهو انتشار الفيروس ولم يكن باستطاعته دفعها بالإطلاق، وأنها ظروف استحال عليه أن يجد لها حلا لأنها قوة قاهرة أرهقته ومنعته من ممارسة نشاطه والالتزام بواجباته أمام المؤجر.
2- آثار استحالة تنفيذ التزامات عقد الإيجار في مرحلة الحجر الصحي:
بعد تقرير سلطات الدولة فرض اجراءات الحجر الصحي الكلي والتباعد الاجتماعي، غُلقت كل المحلات التجارية المستأجرة فلم يتم استغلالها من المستأجرين وإن كان السبب في ذلك خارج عن ارادة المؤجر لكن فيما يخص المستأجر أصبحت التزاماته مرهقة، فبسبب عدم العمل استحال عليه دفع الأجرة، وهو الوضع الذي عمّ في مرحلة تفشي فيروس كورونا.
ومن الأمور المؤكدة حاليا هو أنّ جائحة فيروس كورونا من أهم الأسباب المؤثرة على الالتزامات العقدية([9])، والتي تُظهر تأثيرا مباشرا على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين([10])، وهو المبدأ الذي يعد من الأسس الثابتة فقها وقانوناً والمتوافق مع قيم العدالة، إلا أنّ قوة الإلزام التي منحتها هذه القاعدة للعقد ليست مطلقة، فالعدالة في منحها قوة الإلزام هي التي تسمح بفرض وقبول استثناءات عليها. لذا عندما يحدث أمر طارئ غير متوقع يجعل من تنفيذ أحد الأطراف لالتزاماته أمرا صعبا، أو تحل قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلًا، تتدخل التشريعات وتضع الآليات القانونية لرد الالتزامات إلى حالتها المتعادلة وتحقيق التوازن الاقتصادي للعقد. ([11])
وعليه من أهم الآثار التي ترتبت عن عدم تنفيذ الالتزامات هي خلق أزمة في حقوق الأطراف المتعاقدة المؤجر والمستأجر في الوقت نفسه، اضطرتهم للجوء إلى القضاء الذي ينظر في الوضع ويحاول إعادة توازن العقد، وان كان الوضع متأزم والسبب قوة قاهرة تضطرهم في الأخير إلى فسخ العقد.
ثانيا- تكييف الجائحة وعلاقتها بعدم تنفيذ التزامات عقد الإيجار التجاري:
يعالج القانون التجاري القضايا التعاقدية وكل المسائل المتعلقة بتنفيذ الالتزامات، ويضع حلولا لحالات إرهاق المدين بسبب القوة القاهرة وكل أسباب الفشل في أداء المهام التعاقدية، وعقوبات خرق الضمانات والتعهدات. ومثلما أبرزت الجائحة العالمية مواطن الضعف في أنظمتنا الصحية والاقتصادية والتعليمية، فإنها تسلط الضوء على الفجوات والأخطاء وأوجه الضعف في إدارة المالية العامة وفي مواجهة أزمة حقوق الانسان عموما وحقوق المتعاقدين خصوصا. وبما أن عقود الإيجار من العقود الملزمة للجانبين فإنه يتحمل إثر إبرامه المتعاقدين المؤجر والمستأجر التزامات متبادلة. لذلك نتطرق لمدى اعتبار جائحة كوفيد قوة قاهرة أرهقت المدين ومنعته من تنفيذ التزامه تجاه المؤجر ونبحث عن الحلول لتلك الوضعية.
1- تكييف تأثير كوفيد على تنفيذ الالتزامات في عقود الإيجار بقوة قاهرة :
تعد القوة القاهرة سبًبا عاما من أسباب دفع المسؤولیة كقاعدة عامة في كل القوانين([12])، لاسيما في القانون الجزائري حيث تنص المادة 127من القانون المدني على أنه: “إذا أثبت الشخص أنّ الضرر قد نشأ عن سبب لا ید له فیه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة كان غیر ملزم بتعویض هذا الضرر ما لم يوجد نص قانوني أو اتفاق يخالف ذلك” ([13])، كما وردت أحكام أخرى تفيد بتأكيد رفع الإرهاق على المدين الذي استحال عليه تنفيذ التزاماته لسبب خارج عن نطاقه لاسيما نص المادة 176 من القانون المدني المتعلقة بالمسؤولية العقدية والتي تنص على أنه:” إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يد له فيه.” وكذا المادة 307 من القانون المدني التي تنص على أنه:”ينقضي الالتزام إذا اثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي عن إرادته.” وبما أنّ القانون التجاري الجزائري لم يقرر أحكاما خاصة بالظروف الاستثنائية التي ترهق المتعاقدين فالمواد المذكورة أعلاه هي التي تطبق.
فالقوة القاهرة([14]) هي كل حدث لا یمكن توقعه، ولا دفعه أو تلافیه، یترتب علیه استحالة التنفیذ ولا یكون للمستأجر دخل فی وقوعه([15]). تأسیسًا على ذلك یجب توافر شروط أربعة حتى یعتد بالحادث كقوة قاهرة وهي:
-1استحالة التوقع :تعتبر الواقعة قوة قاهرة إذا استحال توقعها من قبل المستأجر
2-استحالة الدفع: تعتبر الواقعة قوة قاهرة ان لم يتمكن المستأجر دفعها، بالرغم مّن ما يتخذه من عنایة وحیطة وتدابیر من أجل تفادي وقوع الضرر إلا أنه سیقع لا محالة. وتكون الاستحالة حقیقیة مطلقة تمنع تنفیذ التزامه بدفع الأجرة.
-3 استحالة تنفیذ الالتزام: يعني أن تكون قوة تمنع تنفيذ الالتزام محل العقد وتجعله مستحیلا، لكن على الناقل إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات.
4- أن یكون الحدث خارج عن إرادة المستأجر:بمعنى أن لا تتدخل إرادة الطرفين في حدوث الظرف أو الحدث، بحیث لم یكن لسلوكهما السلبي أو الإیجابي أي دخل في وقوعه، فحتى یأخذ الظرف صفة القوة القاهرة لابد أن تكون حدثا خارجًیا عن نشاط المستأجر ولا ید له فیه مع انعدام أي خطأ من جانبه([16]).
وبإسقاط هذه الشروط المتعلقة بالقوة القاهرة أو بتطبيقها على جائحة كوفيد 19 ([17]) كظرف استحال توقعه من طرف المتعاقدين، واستحالة التكهن بصدور قرار الحجر الصحي الكلي وغلق المحلات التجارية، وباعتباره واقعة مادیة خارجة عن إرادة طرفي العلاقة التعاقدیة وغیر متوقعة ومستحیلة الدفع مع انعدام أي إهمال أو تقصیر من طرف المستأجر فإن الجائحة تم تكييفها بالقوة القاهرة([18]).
في دول أخرى مثل تونس تدخّل المجلس الأعلى للقضاء بمذكرة مؤرخة في 15/03/2020 اعتبر فيها أن الوضع الصحي الاستثنائي الذي تمر به البلاد بسبب فيروس كورونا يدعو إلى اعتبار هذا الوضع الصحي العام من قبيل القوة القاهرة.([19])
ثانيا- نتائج الإخلال بالالتزامات العقدية في عقود الإيجار بسبب جائحة كوفيد:
بحكم انتشار وباء الكوفيد-19 وتكييفه حدث استثنائي عام لا يقتصر على دولة معينة، وبتكييفه كذلك من الناحية القانونية من الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة الحدوث وقت إبرام التعاقدات والمستحيلة الدفع والتي انصرف أثرها إلى عدد كبير من المستأجرين، بحيث ترتب عليها خسارة فادحة أدت إلى إرهاقهم في تنفيذ التزاماتهم، فيجوز لهم القيام برفع دعوى قضائية لاستحالت تنفيذ الالتزام التعاقدي كلياً، لأنها قوة قاهرة يجوز بسببها طلب فسخ العقد وانقضاء الالتزام تلقائياً وانتفاء المسؤولية العقدية، بشرط إثبات أنّ الإرهاق تم بعد تفشي الفيروس والعقد تم إبرامه قبل ذلك، وفي ذلك سلطة تقديرية للقاضي الذي يتأكد من العلاقة السببية بين الجائحة وقرار الحجر الكلي والإرهاق في التنفيذ([20]).
حيث يكون لقاضى الموضوع حق تقدير عمومية تأثير الحجر الصحي على تنفيذ الالتزامات وتقدير توقعه وقت التعاقد، ومدى الإرهاق الذي يصيب المدين نتيجة ذلك الحادث الاستثنائي والبحث في مدى وجود العلاقة السببية بين الحجر والإرهاق، وذلك إذا استحال رد الالتزام إلى الحد المعقول، بأن يضيّق في مداه أو يزيد في مقابله، مع مراعاة أن القضاء استقر على ضرورة أن تكون الخسارة التي تصيب المدين بسبب الحجر الصحي خسارة فادحة، أما الخسارة المألوفة في نطاق العقود فلا تكفي لإعمال حكم الأحداث الاستثنائية أو القوة القاهرة . ([21]) كذلك تتوقف مسألة قبول ربط الإرهاق واستحالة تنفيذ الالتزامات بالكوفيد والإعفاء من المسؤولية وفسخ العقد يبقى ذوا علاقة بمكان تنفيذ العقد أي هل هو مكان معلن عنه ببؤرة وباء أي مكان انتشار الوباء ومعني بالحجر الصحي وبالغلق الكلي.
وفي هذا الصدد تجدر بنا الإشارة على سبيل المثال إلى الحكم الصادر عن لجنة فض منازعات الإيجار بدولة القطر وما قررته مؤخرا بخصوص فسخ عقد إيجار لأحد المطاعم بمنطقة الريان([22]) وإلزام المؤجر برد الشيكات التي حصل عليها من المستأجر، بعد قيام المستأجر بإخلاء المطعم نتيجة تضرره بسبب جائحة كورونا والتي أثرت بالسلب على المستأجر وجعلته غير قادر على الوفاء بالتزاماته التعاقدية.وبررت اللجنة خلال حيثيات حكمها: “إن المستأجر طلب فسخ عقد الإيجار بسبب جائحة كورونا التي تمر بها الدولة، وحيث نصت المادة «188» من القانون المدني “أنه في العقود الملزمة للجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام أحد المتعاقدين مستحيلا لسبب أجنبي لا يد له فيه، انقضى هذا الالتزام وانقضت معه الالتزامات المقابلة له، وانفسخ العقد من تلقاء نفسه”. كما أن المادة 187 من القانون المدني رقم 22 لسنة 2004 نصت على «في العقود الملزمة لجانب واحد اذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا لسبب أجنبي لا يد للمدين به انسخ العقد من تلقاء نفسه» وحيث انه بتطبيق القانون على الشكوى نجد أن العقد محل الواقعة هو عقد ملزم للطرفين وأن الغاية من عقد الإيجار هي الانتفاع من العين المؤجرة، فإذا تعذر الانتفاع من العين المؤجرة لسبب أجنبي لا يد للمستأجر فيه بسبب الظروف الطارئة وهي جائحة كورونا كوفيد 19، ومن ثم يكون الالتزام مستحيلا بسبب عدم تمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وهي المطعم والتي تعد من الأنشطة التي تضررت بسبب انتشار الجائحة. وأنه من المستقر عليه أن الوباء يعتبر إحدى صور القوة القاهرة وحادث لا يمكن تصوره جعل الالتزام مرهقا للطالب وقد استحال معه تنفيذ الالتزام، حيث اشترط القضاء للقوة القاهرة شرطين ألا وهما عدم إمكانية التوقع واستحالة التنفيذ…”. ([23])
كما قضى مركز فض المنازعات الإيجارية في الإمارات، الجهة القضائية التابعة لدائرة الأراضي والأملاك في دبي كنماذج لأحكام قضائية، بفسخ عقد إيجار سكني بقيمة إجمالية بلغت 75.66 مليون درهم، وإرجاع الشيكات نظراً لتأثر العلاقة الاقتصادية في العقد المبرم بين الطرفين (المؤجر والمستأجر) بانتشار جائحة فيروس “كورونا”. حيث نص حكم القضية رقم 02/04865/2020 على فسخ عقد الإيجار سند الدعوى اعتباراً من تاريخ تسليم المدعية للمأجور للمدعى عليها خال من الشواغل والأشخاص، وإلزام المدعى عليها برد الأجرة التي استلمتها للمدعية (نقداً أو بشيك) عن الفترة التالية لتاريخ تسليم الأجور، وفقا لما نقلته “الخليج”. ويستند سبب الدعوى للعقد المبرم بين الطرفين (المؤجر والمستأجر) للفترة التي تمتد من الأول من أبريل 2018 حتى الـ30 من يونيو 2024 على إلزام المدعى عليها بفسخ العلاقة الإيجارية قبل انتهاء المدة، بسبب انتشار جائحة “كورونا”، حيث قررت دولة الإمارات تعليق السفر، ما أدى إلى منع السياحة الذي أثر على الوضع الاقتصادي للمدعية ولم يبق أمامها إلا خيار إنهاء العقد. ([24])
خاتمة:
في الأخير نقول أنه مع تكييف فيروس كوفيد 19 بالجائحة فإن مسألة معالجة الآثار المباشرة لهذه الجائحة – بإعادة النظر في القوانين التي تحكم العقود التجارية لما سببته من تأثير على تنفيذ الالتزامات العقدية أصبحت من المسائل المستعجلة. فعقب تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد- 19) وإعلان منظمة الصحة العالمية أنها جائحة عالمية عابرة للحدود أخذت الدول تباعًا تفرض حالة الطوارئ بحيث أدى ذلك إلى تعطل الحياة في مختلف دول العالم، وترتب عليه عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية، فلم يكن سبب عدم تنفيذ الالتزامات راجعا للجائحة في حدّ ذاتها ولكن للحجر الصحي.
وباستقراء الحالات المشابهة من الظروف القاهرة التي أرهقت تنفيذ العقود الدولية التي حصلت في الماضي يمكن أن نتكهن بما ستؤول إليه الأمور من اختلال في تنفيذ الالتزامات العقدية الدولية والوطنية، فالاضطرابات المالية هي نتيجة طبيعية لمثل هذه الجائحة الدولية، هذا مع العلم أن الكثير من الشركات التجارية ستحاول التهرب من تنفيذ التزاماتها العقدية باحثة عن حجج قانونية مثل القوة القاهرة والظرف الطارئ([25])، لكن الأمر ليس بهذه السهولة خاصة أمام قضاء أرسى مبادى خاصة في كيفية التعامل مع هذه الحالات والنظريات المطبقة عليها.
إن الفصل في مسألة تكييف جائحة فيروس كورونا ومدى النظر في احتمال فسخ العقد أو التخفيف من الالتزامات العقدية كانت الحجر الاساس لتسوية وضعية الاطراف المدينة بتنفيذ العقود التجارية وتخفيف العبء عن الأطراف المرهقة بسبب الجائحة التي لم تكن هي المسبب في النتائج ولكن بسبب التدابير الصحية التي كانت الزامية لمواجهة الازمة الصحية وتفشي الوباء لاسيما تدبير الحجر الصحي الذي استلزم الغلق الكلي على المستوى الدولي وشل حركية النشاطات التجارية والاقتصادية في فترة ليست بالصغيرة، وغلق كل المحلات التجارية.
كما أن جائحة «كورونا» وفقا للمنظور القانوني تعتبر أمرًا خارجًا عن إرادة المتعاقدين، بحيث لا يمكن توقعها ولا دفعها. تؤثر في المسؤولية العقدية سواء بتخفيفها أو بالإعفاء منها، فجائحة كورونا تم تكييفها بالقوة القاهرة ليست ناتجة عن خطأ أو إهمال من جانب المتعاقدين، وينتج عن ذلك أنه يمكن اعتبارها مسوغاً قانونياً يمكن أن يؤدي إلى انهيار القوة الملزمة للعقد. فهي صورة من صور السبب الأجنبي الذي ينفي المسؤولية العقدية. لذا تستطيع الشركات أو التجار الخواص التمسك بظرف القوة القاهرة، شريطة أن يثبتوا أمام القضاء أن تنفيذ العقد كان مستحيلا في ظل هذه الجائحة التي يترتب عليها فسخ العقد([26]) . وكتوصية مكملة للنتائج التي توصلنا إليها:
التوصيات:
نوصي المشرع الجزائري الذي لم يتدخل بوضوح تماشيا مع الوضع الصحي العام الذي شهدته بلادنا والعالم ككل بسبب تفشي فيروس كورونا على عكس تشريعات مقارنة أخرى، بأخذ العبرة وتكييف القوانين لتكون مناسبة للتصدي لأحداث مشابهة مستقبلا، وسنّ مواد قانونية واضحة من شأنها أن تنصّ صراحة على حالة القوة القاهرة الناتجة عن تفشي أي وباء خطير سهل الانتشار لتسهيل التعامل مع آثارها المعقدة بعيدا عن كل تأويلات أو اجتهادات. والتطرق لكل الجزئيات التي تشكل حاليا اشكالات قانونية مرتبطة بآثار الوباء.
قائمة المراجع:
أولا- الكتب:
1-حمد صبري السعدي، شرح القانون المدني الجزائري، النظرية العامة للالتزامات، دار الهدى،الجزائر،2004.
ثانيا- المقالات:
- حسين بن سالم الذهب، نظرية وضع الجائحات في الفقه الإسلامي، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية، عدد 8، 2011.
- خلادي إيمان، بسعید مراد، مدى اعتبار جائحة كوفید 19 قوة قاهرة لإبراء الناقل البحري من المسؤولیة، مجلة حولیات جامعة الجزائر1، عدد خاص :القانون وجائحة كوفید 19،المجلد34.
- ياسر عبد الحميد الافتيحات، جائحة فيروس كورونا وأثرها على تنفيذ الالتزامات العقدية، مجلة الكويت العالمية ، العدد6، جويلية 2020.
ثالثا-المداخلات:
- نوارة حسين، الأثر النفسي للحجر الصحي في ظل جائحة كورونا، مداخلة ملقاة في المؤتمر الدولي المحكم حول: الحجر الصحي: التداعيات والحلول، في إطار مركز جيل البحث العلمي، طرابلس لبنان يومي3-4 ماي2021.
- نوارة حسين، آثار جائحة كوفيد 19 على الالتزامات التعاقدية، عقد النقل البحري للبضائع- أنموذجا، مداخلة ملقاة في الندوة الوطنية حول تنفيذ الالتزامات التعاقدية في مواجهة جائحة كوفيد19 المنعقدة بكلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة مولود معمري- تيزي وزو، يوم 27 ماي 2021.
خامسا- مقالات الانترنت:
- فسخ عقد إيجار بالإمارات بـ75.6 مليون لهذا السبب، مقال على موقع مجلة العربية، منشور بتاريخ 13/08/2020، ومطلع عليه يوم 20/06/2021، على الرابطhttps://www.alarabiya.net/aswaq
- محمد أبو حجر،كورونا “قوة قاهرة”، مقال منشور على يومية الوطن، بتاريخ10جانفي 2021، مطلع عليه 12/06/2021، 10سا، على الرابط: https://www.al-watan.com
- ميد صبحي، تأثير «كورونا» على الالتزام بالعقود وفقا للقانون، مقال منشور على موقع مؤسسة الأهرام، مطلع عليه يوم 10/06/2021، على 11سا، على الرابط: https://gate.ahram.org.eg/daily
- تعريف عقد الايجار وخصائصه وتمييزه عن غيره من العقود، مقال منشور على موقع كنوز ، مطلع عليه 14/06/2021، 17سا، على الرابط: https://konouz.com/ar
- ناجى احمد الصديق الهادي، أثر فيروس الكورونا على الالتزامات التعاقدية، منشور يوم 30/03/2020، مطلع عليه بتاريخ 2021/5/19، على الموقع https://pulpit.alwatanvoice.com/articles
- وسام السعايدة، الالتزامات التعاقدية خلال «الجائحة» تخضع لنظريتي القوة القاهرة والظروف الطارئة، مقال منشور على موقع جريدة لوسيل، منشور بتاريخ26 أبريل 2020 على سا3:00 ، مطلع عليه بتاريخ 09/06/2021، 13سا، على الرابط: https://lusailnews.net/article/
سادسا- النصوص القانونية:
- أمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، يتضمن القانون المدني،(معدل ومتمم)، ج ر عدد 78، صادر في 30 سبتمبر 1975 .
[1]– نوارة حسين، الأثر النفسي للحجر الصحي في ظل جائحة كورونا، مداخلة ملقاة في المؤتمر الدولي المحكم حول: الحجر الصحي: التداعيات والحلول، في إطار مركز جيل البحث العلمي، طرابلس لبنان يومي3-4 ماي2021، ص1.
[2]– نوارة حسين، آثار جائحة كوفيد 19 على الالتزامات التعاقدية، عقد النقل البحري للبضائع- أنموذجا، مداخلة ملقاة في الندوة الوطنية حول تنفيذ الالتزامات التعاقدية في مواجهة جائحة كوفيد19 المنعقدة بكلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة مولود معمري- تيزي وزو، يوم 27 ماي 2021، ص1.
[3] -ناجى احمد الصديق الهادي، أثر فيروس الكورونا على الالتزامات التعاقدية، منشور يوم 30/03/2020، مطلع عليه بتاريخ 2021/5/19، على الموقع https://pulpit.alwatanvoice.com/articles
[4] -نفس الاشكالية تطرح نفسها في كل أنواع العقود، وكنموذج عقد النقل البحري للبضائع، نوارة حسين، آثار جائحة كوفيد 19 على الالتزامات التعاقدية، مرجع سابق، ص 3.
[5] – يقول المستشار الدكتور إسلام إحسان نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية المصرية:” إنه إذا طرأت بعد إبرام العقد ظروف أو حوادث استثنائية عامة، لم يكن في الحسبان توقعها عند إبرام العقد ، وترتب على حدوثها إن صار تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد مرهقاً للمدين، وليس مستحيلاً، بحيث يهدده بخسارة فادحة، وهنا يجوز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول.“
نقلا عن: ميد صبحي، تأثير «كورونا» على الالتزام بالعقود وفقا للقانون، مقال منشور على موقع مؤسسة الأهرام، مطلع عليه يوم 10/06/2021، على 11سا، على الرابط: https://gate.ahram.org.eg/daily
[6] -د ياسر عبد الحميد الافتيحات، جائحة فيروس كورونا وأثرها على تنفيذ الالتزامات العقدية، مجلة الكويت العالمية ، العدد6، جويلية 2020، ص 769.
[7]– تعريف عقد الايجار وخصائصه وتمييزه عن غيره من العقود، مقال منشور على موقع كنوز ، مطلع عليه 14/06/2021، 17سا، على الرابط: https://konouz.com/ar
[8]– تعريف عقد الايجار وخصائصه وتمييزه عن غيره من العقود، المرجع السابق، منشور على موقع كنوز.
[9] – فيروس كورونا وباء له تأثيرات خطيرة مثله مثل الاوبئة التي سبقته، للمزيد حول أنواع الجائحات انظر: حسين بن سالم الذهب، نظرية وضع الجائحات في الفقه الإسلامي، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية، عدد 8، 2011، ص ص 98-99.
[10] – حمد صبري السعدي، شرح القانون المدني الجزائري، النظرية العامة للالتزامات، دار الهدى،الجزائر،2004، ص 319.
[11] – وسام السعايدة، الالتزامات التعاقدية خلال «الجائحة» تخضع لنظريتي القوة القاهرة والظروف الطارئة، مقال منشور على موقع جريدة لوسيل، منشور بتاريخ26 أبريل 2020 على سا3:00 ، مطلع عليه بتاريخ 09/06/2021، 13سا، على الرابط: https://lusailnews.net/article/knowledgegate
[12]– عرفت محكمة استئناف مصر القوة القاهرة في 28/03/1948 على أنها: ” الأمر الذي لم يكن ممكنا توقعه ولا تلافيه ويجعل الوفاء بالتعهد مستحيلا “.
[13]-أمر رقم 75-58 مؤرخ في 26 سبتمبر 1975، يتضمن القانون المدني،(معدل ومتمم)، ج ر عدد 78، صادر في 30 سبتمبر 1975 .
[14]– عرف القضاء الجزائري مفهوم للقوة القاهرة في القرار الصادر عن المحكمة العلیا بتاریخ 02 جوان 1991 الذّي قضى بأّنه حتى يعُتد بالقوة القاهرة كحالة لإعفاء الناقل من المسؤولیة علیه أن یثبت عدم القدرة على التوقع وعدم القدرة على التغلب علیها ومقاومتها .
[15] – خلادي إيمان، بسعید مراد، مدى إعتبار جائحة كوفید 19 قوة قاهرة لإبراء الناقل البحري من المسؤولیة، مجلة حولیات جامعة الجزائر1، عدد خاص :القانون وجائحة كوفید 19،المجلد34، ص.3
[16] -خلادي إيمان، بسعید مراد، مرجع سابق، ص4.
[17] -وقد قضت به محكمة الاستئناف كولمار الفرنسیة في قرارها رقم 20/01098 الصادر بتاریخ 12 مارس 2020 ، أنّ فیروس كوفيد19 ظرف لا یمكن توقعه یتضمن خطر العدوى التّي كانت سببا في انتشاره الواسع والسریع في أنحاء العالم ما أدى بمنظمة الصحة العالمیة إلى اعتباره جائحة عالمیة، كما أنّ عدم وجود لقاح إلى یومنا هذا هو ما یجعل من هذه الجائحة قوة قاهرة.
نقلا عن: خلادي إيمان، بسعید مراد، مرجع سابق، ص 6.
[18]– في هذا الصدد يجدر بنا الاشارة الى أننا تطرقنا لتكييف الوباء على أنه قوة قاهرة واستبعدنا الظرف الطارئ لان دراستنا مرتبطة بفترة الحجر الكلي الذي استحال فيه التنقل والعمل والخروج والتجارة وغيره، وقد حاول الاستاذ عبد الرشيــد طبّي الرئيس الاول للمحكمة العليا بالجزائر التطرق لإشكالية تطابق نظرية القوة القاهرة على آثار جائحة كورونا – كوفيد 19- و أثر ذلك على التشريع والقضاء. حيث يقول: “إنّ كل هذه التدابير تجعلنا أمام وضع استثنائي غير مألوف وهذا ما يجعلنا نتساءل: هـــــــل يعتبر فيروس كورونا – كوفيـــــــد 19- قـــــــوّة قاهــــــــرة ؟، اقرأ المزيد في:
عبـد الرشيــد طبّـــي، القوّة القاهرة وأثرها على التّشريع والقضــــاء، فيروس كوفــيــد 19 – نـمــوذج -المحكمة العليا–المرجع السابق، ص2
[19]– عبـد الرشيــد طبّـــي، القوّة القاهرة وأثرها على التّشريع والقضــــاء، المرجع نفسه.
[20]– “ … يجب على صاحب الطلب إثبات القوة القاهرة أمام رئيس الجهة القضائية المختص بمختلف الوسائل المتاحة، وفي حالة فيروس كورونا، يمكن للطالب تقديم شهادة طبية تثبت إصابته بالوباء مثلا، أو الاستناد لمراسيم الحجر المنزلي الصحي الصادرة عن الحكومة أو إرفاق القرارات الصادرة عن الإدارة الرامية لاتخاذ التدابير الوقائية بسبب هذا الفيـــــــروس. وعلى رئيس الجهة القضائية المختص دراسة الوضعيات المعروضة عليه حالة بحالة وتقدير مدى مطابقة القوة القاهرة على كل حالة لإقرار عدم سقوط حق الطالب أو عدم سقوط حقه في الطعن أو رفض الطلب إذا لم تتوفر الشروط المطلوبة كتقاعس الطالب…”
عبـد الرشيــد طبّـــي، القوّة القاهرة وأثرها على التّشريع والقضــــاء، فيروس كوفــيــد 19 – نـمــوذج -المحكمة العليا–المرجع السابق، ص3.
[21] – نقلا عن: ميد صبحى، مرجع سابق.
[22] – محمد أبو حجر، كورونا “قوة قاهرة”، مقال منشور على يومية الوطن، بتاريخ10جانفي 2021، مطلع عليه 12/06/2021، 10سا، على الرابط: https://www.al-watan.com
[23] – محمد أبو حجر، كورونا “قوة قاهرة”، مرجع سابق
[24] – فسخ عقد إيجار بالإمارات بـ75.6 مليون لهذا السبب، مقال على موقع مجلة العربية، منشور بتاريخ 13/08/2020، ومطلع عليه يوم 20/06/2021، على الرابطhttps://www.alarabiya.net/aswaq
[25] – ياسر عبد الحميد الافتيحات، مرجع سابق، ص 769.
[26] – قالت المحامية غادة كربون إنه ظهر التساؤل في الآونة الأخيرة حول مدى أثر الإجراءات المتخذة من جانب الدولة للحد من انتشار هذا الفيروس داخل المجتمع على الالتزامات التعاقدية بين كافة أطياف المجتمع سواء كانت تعاقدات تجارية أو تعاقدات فردية وهو ما تناوله الكثيرون حول فكرة القوة القاهرة ونظرية الظروف الطارئة وأي منهما سوف يطبق، فذهب البعض إلى أن الحالة الراهنة هي حالة قوة قاهرة وذهب البعض الآخر إلى أنها حالة تخضع لنظرية الظروف الطارئة. وفي الواقع فهناك فرق بين الأمرين فالقوة القاهرة تؤدي إلى انقضاء الالتزام التعاقدي أما الظروف الطارئة فهي تؤدي إلى إعادة التوازن المالي للعقد. وأضافت «إن الأصل العام هو أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق أطراف العقد أو للأسباب التي يقررها القانون، ولكن هناك استثناء لهذه القاعدة، مضمونه أنه وفي الحالات التي تظهر فيها حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً يجاوز سعة المدين، ويهدده بخسارة فادحة، جاز عرض الأمر على المحكمة ليتدخل القاضي موازناً بين مصلحة الطرفين، وله سلطة تقديرية لرد الالتزام المرهق للحد المعقول، متى اقتضت العدالة ذلك. على الرابط: https://lusailnews.net/article/