انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م
Violation of the principle of protection of cultural property during the American invasion of Iraq in 2003
الباحث عمر عبدالله محمد الكروش، جامعة الجنان في لبنان.
OMAR ABDULLAH MOHAMMED ALKAROSH, JINAN University of Lebanon.
مقال مستل من بحث التخرج لمرحلة الماجيستير من جامعة الجنان في لبنان، تحت عنوان: انـــــــتهــاك مبـــدأ حــــماية الأعــــيان الثـــقافــــــــــية أثناء الحرب على العراق عام 2003م، تحت إشراف أ.د. سعيد مجذوب (Pr. Said Majzoub)، قسم حقوق الإنسان في 2012م / 1433 هـ..
منشور في مجلة جيل حقوق الانسان العدد 40 الصفحة 113.
Summary:
Throughout the ages, wars have been characterized by various features between violence, destruction, killing and damage to money and property without distinguishing between what is military and civil, and what was left by these wars and armed conflicts was a catastrophic impact on humanity in all its aspects, as its scourge affected not only civilian lives, but extended to their history and thought their culture and their material and moral possessions.
Historic monuments and cultural property are the cultural and intellectual heritage of peoples, as the latter allows them to display the course of humanity. Therefore, preserving them is not only a national issue, but an international responsibility as well, as the phenomena of war and occupation have grown, resulting in the seizure and theft of cultural property of peoples in order to falsify history and cancel culture The occupied country is separated from its past, heritage and identity.
Through this study, we will try to shed light on the violation of the principle of protecting cultural objects in Iraq in 2003 by the American occupation forces and their allies.
المستخلص:
تميزت الحروب على مرّ العصور بسمات مختلفة ما بين العنف والتدمير والقتل وإلحاق الضرر بالأموال والممتلكات دونما تمييز بين ما هو عسكري ومدني، وما خلفته الحروب والنزاعات المسلحة هذه كان أثرها كارثيا على الإنسانية من كل جوانبه حيث طالت ويلاتها ليس الأرواح المدنية فحسب وإنما امتدت إلى تأريخهم وفكرهم وثقافتهم وممتلكاتهم المادية والمعنوية.
تعدّ الآثار التأريخية والممتلكات الثقافية الميراث الثقافي والفكري للشعوب إذ تسمح هذه الأخيرة بعرض مسار الإنسانية، ولهذا فالحفاظ عليها لا يعدّ قضية وطنية فحسب بل هو مسؤولية دولية كذلك، حيث تنامت ظاهرتي الحرب والاحتلال ونجم عن ذلك استيلاء وسرقة الممتلكات الثقافية للشعوب من أجل تزييف التأريخ وإلغاء ثقافة البلد المحتل وفصله عن ماضيه وتراثه وهويته.
سنحاول من خلال هذه الدراسة أن نسلط الضوء على انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية في العراق في عام 2003م من قبل قوات الاحتلال الأمريكي وحلفائها.
مقدمة:
لعل أكبر خسارة لحقت بالعراق وأضيفت إلى مجمل الخسارات هي سرقة المتحف العراقي بعد سقوط بغداد عام 2003م، فبسرقة هذا المتحف يكون العراق قد خسر أكبر وأضخم وأغلى وأنفس الكنوز التأريخية التي لا تقدر بثمن، الكنوز والآثار التي نعتبرها خير دليل وبرهان للأجيال القادمة على حضارة وتأريخ بلدهم العراق، بعد سقوط النظام واحتلال بغداد بيد المحتل الأمريكي تعرضت أغلب الدوائر الحكومية ومنها المتحف العراقي الكائن في منطقة العلاوي ببغداد إلى أكبر عملية سلب ونهب من قبل شبكات إجرامية منظمة ومختصة بسرقة المتاحف والمتاجرة بالتحف الأثرية، فمعظم التحف الأثرية والمفقودة من المتحف العراقي وباقي المتاحف العراقية الأخرى وكل ما يتعلق بحضارة وادي الرافدين نجد أغلبها معروض في متاحف العالم وفي دور المزادات العالمية المنتشرة في أوروبا وأمريكا.
وأوضحت عمليات الإبادة المنظمة للتراث الحضاري الإنساني بمهد الحضارات، ومصدر اكتشاف الكتابة، وأول مدن التشريع القانوني أهداف الغزو والاحتلال الصهيوني- الأمريكي الثقافية واللاإنسانية، وكشفت أساليب التخريب المتعمد في المؤسسات الفكرية والحضارية والثقافية للبلد[1]، وعلى الرغم من سعي بعض دول العالم المهتمة بالحضارة الإنسانية وبالشأن الأثري ومنظمات حماية الآثار وحتى الإنتربول على إعادة القطع النفيسة التي لا تقدر بثمن، والمسروقة من المتحف العراقي، ظلت هذه الجهات عاجزة حتى الآن عن استرداد أخف وأغلى القطع الأثرية حتى أن أحد علماء الآثار العالميين كان قد أكد أن بعض القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن قد اختفت من دون رجعة.
وهناك جملة من الاسباب تقف وراء سرقة المتاحف العراقية منها:
- حالة الإنفلات الأمني التي دبت في الشارع العراقي بعد سقوط النظام، والتي من خلالها باتت الحدود العراقية مع أغلب دول الجوار مفتوحه دون رقيب أو حسيب.
- تفعيل نشاط شبكات التهريب المختصة بتهريب الآثار إلى دول الخارج وبيعها بأبخس الاثمان دون معرفة القيم الحضارية والإنسانية للآثار العراقية.
- اللامبالاة وعدم الاهتمام الواضح من قبل القوات الأمريكية بالمواقع الأثرية العراقية فالقوات الأمريكية أبدت اهتماماً واضحاً في كل ما يتعلق بالنفط العراقي، بينما أهملت كل ما يخص الإرث العراقي ومنها المواقع الأثرية والمتاحف التي تضم آثار الحضارة العريقة حضارة وادي الرافدين.
والآثار العراقية التي كانت موجودة في المتحف العراقي تعرضت لنوعين من السرقة والتخريب:
الأول: كان هدفاً فرديا تحقق من قبل أشخاص أو عصابات مختصة بسرقة وتهريب الآثار، والحصول على مبالغ مالية مقابل كل قطعة تباع أو تهرب إلى خارج العراق.
الثاني: فقد كان هدفاً خطيراً تحقق من قبل جماعات مجهولة، وهو طمس كل ما يتعلق بحضارة وادي الرافدين، وهذا الطمس يكون إما ببيع الآثار وتهريبها أو تخريبها لأغراض سياسية أو دينية، مما جعل عملية إعادة وترميم القطع الأثرية المسروقة عملية صعبة وشاقة.
ويتحدث تقرير بعثة دولية مختصة بالآثار العراقية من ضمنها منظمة اليونسكو أن هناك آثاراً كانت موجودة في المتحف العراقي تعود لفترات زمنية طويلة جدا تقدر بـ 10,000 سنة، تعرضت لعمليات السرقة والضياع والتي لايزال البحث جارياً عنها فهي عبارة عن قيثارة فضية عمرها أربعة آلاف عام تعود إلى حضارة أور، وفأس عمره خمسة آلاف عام، وتمثال برونزي عملاق، بالإضافة إلى العديد من المخطوطات التي توضح تطور مراحل الكتابة في العهد السومري والبابلي والآشوري، وعلى الرغم من تشكيل عدة حكومات عراقية بعد الاحتلال ومنها الحكومة الحالية، إلا أنها لم تستطع حتى الآن وقف عمليات السرقة والتهريب التي تتعرض لها الآثار العراقية فيومياً نسمع أن قوات الشرطة وقوات الأمن العراقية ألقت القبض على عصابة مختصة قامت بتهريب مجموعة من الآثار، ولم نسمع أي محاكمة أجريت لهؤلاء أو عن اي عقوبات أنزلت بهم[2].
ومما سبق تدور الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة حول معرفة الكيفية التي تم بها انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية خلال الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003م والتي يتفرع عنها مجموعة من الإشكاليات:
ماهي الأهمية المميزة للإرث الثقافي العراقي؟ ما هو الوضع القانوني للأعيان الثقافية العراقية قبل الغزو الأمريكي ؟ وأخيرا ماهي صور انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية في العراق خلال الغزو الأمريكي ؟
واستخدمت الدراسة المناهج العملية التالية: المنهج التأريخي لمعرفة هوية هذه الممتلكات وجذورها وأهميتها التأريخية والمعنوية للشعب العراقي، ومن ثم المنهج التحليلي بالوقوف على الجوانب القانونية التي تميز وتعرف بأهمية حماية هذه الحقوق وتأصيلها من خلال الحديث على ثلاث نقاط موزعة على ثلاث مباحث كالآتي:
المبحث الأول: الأهمية المميزة للإرث الثقافي العراقي.
المبحث الثاني: الوضع القانوني للأعيان الثقافية العراقية قبل الغزو الأمريكي.
المبحث الثالث: صور انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية في العراق خلال الغزو الأمريكي.
***
المبحث الأول:
الأهمية المميزة للإرث الثقافي العراقي
حظي العراق باهتمام واسع منذ القدم، فاقتبست كثير من الأمم والشعوب من حضارته، وأفادت من ابداعاته، وذكرت حواضره (بابل- بغداد- نينوى) في تأريخ البشرية وإذا كانت الحرية أساس ازدهار الإنسان في العراق، فإنها كانت أيضا باباً يلج منه الغزاة قديماً وحديثاً.
فسمعنا عن تأريخه معلومات تفوق ما جاء عن تأريخ أمم أخرى، من حضارة وعلم وثقافة ورقيّ، فقد أولى أهل العراق اهتماما بماضيهم الذي صنعوه وشيدوه بكدّهم وعرقهم ودمهم، وفاق أهل العراق أي حضارة أخرى في مقدار ما دوّنوه من أحداث عن أوضاعهم، وإذا كان الأكثر مما دوّن قد ضاع واندثر، فإن ما بقي يكفي لأن يكون الأول في ميدانه من تقديم صورة واضحة وكاملة لهذا الوطن وتأريخ شعبه وحضارته وازدهاره[3].
وفي هذه الأيام من زماننا، أصبح من الضروري الوقوف على تأريخ أمة وشعب، لكي نتعرف على حضارتهم وآثارهم، ولخاصيّة العراق وموقعه من بين الأمم، وجب علينا أن نتطلع إلى قراءة أهميته التأريخية والعلمية والثقافية.
امتزجت حضارة العراق فيها مواريث حضارية من موقعها في بلاد ما بين النهرين، أو إنجازات وافدة من الجوار وبالتفاعل مع أقوام آخرين، لذلك تختلف الحال فيها عن بقية الحضارات[4]. ولحضارة العراق جذور متعمقة في القدم تمتد إلى أيام الكهوف وما يعرف بمرحلة القوت التي سبقت الزراعة، والتي عثر فيها على أقدم أثر لاستيطان الإنسان في تأريخ البشرية الذي سمي إنسان شانيدر[5].
إن ما يميز الحضارة العراقية هو التدوين، والتدوين على ألواح الطين لتوافره في محيط نهري دجلة والفرات، والتميز هنا ليس منفردا عن العالم بحرفيته ولكن بشموليته ودقة استخدامه، وطريقة استخدام الخط المسماري ليعكس أهمية التوثيق والتدوير في حفظ الإنجازات الحضارية، وقدم البابليون للعالم كله عطاءً نادرا غير مسبوق كان أبرزه شريعة حمورابي: وهي أول قانون مدوّن مدني عرفته الأمم، وقدمت أيضاً إبداعات تعد الأولى من نوعها في الفلك والحساب والتقاويم ونظام العمارة، وشق القنوات وبناء خزانات المياه، والمحراث المتطور[6].
وعلى الرغم من أن العراق كان ولا يزال من أهم المراكز الحضارية القديمة في العالم، نظرا إلى كثرة وتنوع الثقافات والحضارات التي ازدهرت في ربوع واديه الخصيب، فإن فكرة إنشاء متحف يضم بين أجنحته تراث الأقوام والشعوب الغابرة، جاءت متأخرة نسبيا، لأن العراق كان خاضعا للحكم العثماني، فكانت حصته من الآثار الناتجة عن حفريات البعثات الأجنبية في أراضيه تأخذ طريقها إلى اسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية لتعرض في متاحفها[7]. وهذا مما حرم العراق من مجموعات كبيرة ومهمة من آثاره التي كانت آنذاك نهبا مقسما بين البعثات الأجنبية والباب العالي في الاستانة.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918م، وخروج العراق من الخلافة العثمانية، وتأسيس الحكم الوطني فيه، بات من المحتم والضروري جدا إنشاء متحف وطني تعرض فيه حصته من الآثار الناجمة عن تنقيبات البعثات الأجنبية، فأنشأت مديرية للآثار القديمة كما شرع قانون الآثار القديمة، والقانون النافذ الآن هو القانون رقم 59 لسنة 1936م، الذي نظم العلاقة بين البعثات الأجنبية العاملة في حقل التنقيب الأثري في العراق وبين الحكومة العراقية (مديرية الآثار العامة) وبموجبه أصبح من حق العراق الحصول على معظم بل وأهم الآثار التي تعثر عليها البعثة الأجنبية، أما حصة تلك البعثة من الآثار فتعتبر هبة من الحكومة العراقية مقابل ما تبذله البعثة من أموال وجهود علمية في التنقيب عن الآثار والنشر عنها.
ثم تطور الحال فأخذت مديرية الآثار على عاتقها مسؤولية التنقيب عن الآثار، وذلك بعد أن توفرت لديها عناصر الاختصاص بعلم الآثار، ودخلت الميدان بشكل ناجح، مما جعل العراق يقف على قدم المساواة مع بقية الدول العاملة في حقل التنقيب عن الآثار أو النشر عنها، وبذلك أضيفت مجموعات كبيرة من الآثار العربية والقديمة إلى المتاحف العراقية، وعلى الأخص المتحف العراقي الذي يعتبر بحق من أهم المتاحف في العالم، لأهمية الكنوز الأثرية التي يحتويها[8].
لقد تم في غضون الثلاثين سنة الأخيرة إنشاء تلك المتاحف، وقد روعي في إنشاء تلك المتاحف أهمية الأماكن والمدن من الناحية السياحية وشهرتها التأريخية، ومنها متاحف بغداد وأهمها: المتحف العراقي، متحف القصر العباسي، دار الآثار العربية في خان مرجان، متحف الأسلحة في الباب الوسطاني، متحف الفن العراقي الحديث،
أما المتاحف خارج بغداد وأهمها: متحف الموصل، متحف باب نرجال، متحف بابل، متحف عقرقوف، متحف السليمانية، متحف سامراء.
كما تم إنشاء عدد آخر من المتاحف في بعض المواقع الأثرية الثابتة ذات التاريخ المميز ، كالحضر وأور قرب مدينة الناصرية، بابل، أشور، أور، الموصل، نمرود، عقرقوف.
وسنتناول فيما يلي أهم هذه المتاحف وموجز عن محتوياتها:
1- المتحف العراقي:
أنشئ هذا المتحف عام 1923م، أسسه المرحوم العلامة ساطع الحصري، وشارك في تطويره الدكتور ناجي الأصيل[9]، وكان في أول الأمر عبارة عن قاعة بسيطة متواضعة من غرف بناية سراي الحكومة المعروفة اليوم بالقشلة.
وبزيادة عدد الآثار وتنوعها أصبح من الضروري نقله إلى بناية أوسع، فتم نقله إلى بنايته الحالية في شارع المأمون، والمتحف العراقي الحالي على حداثة عهده غني بالآثار الرائعة والعاديات النفيسة، وله مركزه وأهميته بين متاحف العالم.
وتتألف بناية المتحف من طابقين يحتويان على (12) قاعة، سبع منها في الطابق العلوي وخمس في الطابق الأرضي، وكانت الآثار المعروضة في قاعات هذا المتحف بصورة غير منتظمة، وفي عام 1943م أعيد تنظيم قاعاته حيث عرضت الآثار فيها وفق أحدث أساليب العرض المتبعة في أرقى متاحف العالم وقد روعي في ذلك التسلسل الزمني أو التأريخي، ليسهل على الدارسين وزائري المتحف تتبع تطور الحضارة في العراق منذ أقدم الأزمنة، كالعصور الحجرية القديمة حتى العصر الساساني الذي انتهى بانتصار العرب في معركة القادسية سنة 636م.
وإضافة إلى الآثار المعروضة في الخزانات أو على الأرض، هناك العديد من وسائل الإيضاح كالمصورات والخرائط والرسوم تزين جدران قاعات المتحف[10].
ونشاهد بقية الآثار من عصر نبوخذ نصر وبعدها نأتي إلى آثار العصر البابلي القديم (الألف الثاني ق.م) وأهم الآثار تلك المكتشفة في تل حرمل قرب تل محمد، مثل رقم الطين المدوّنة بصنوف المعرفة كالرياضيات والمفردات اللغوية والنصوص الأدبية وغير ذلك، ومنها اللوح الرياضي الذي يحتوي على نظرية تشابه نظرية إقليدس وأسبق منها بـ1700 سنة مما يدل على رقيّ القوم وتقدمهم في مختلف المضامير العلمية والأدبية.
وبعض الآثار التي كشفت عنها بعثات التنقيب العراقية التي أوفدتها مديرية الآثار العامة في خلال العشرين سنة الأخيرة، مثل آثار تل حسونة في لواء الموصل 5000 ق. م وآثار تل العقير قرب مشروع المسيب الكبير 3500 ق. م، والآثار المكتشفة في عقرقوف (دور – كوريك الزو القديمة) (القرن الرابع عشر ق. م) وآثار تل حرمل وكذلك الآثار المكتشفة في المواقع الأثرية في حوض دوكان قبل ان تغمره مياه السد. ثم نأتي إلى العصر الآشوري بآثاره الرائعة ومنحوتاته الضخمة، وأبرزها الروائع المصنوعة من العاج المكتشفة في نمرود من القرن الثامن قبل الميلاد، والمنحوتات الضخمة كالثور المجنح، والألواح المرمرية التي كانت تزين القصور الآشورية، كتلك الألواح المكتشفة في العاصمة الآشورية دور – شروكين، يلي ذلك مجموعات نفيسة كبيرة من الآثار من عصور فجر السلالات السومرية (3000 – 2500ق.م) عثر عليها في المقبرة الملكية في أور، أو المواقع الأثرية الأخرى كالوركاء ونفر في جنوبي العراق، وتل أسمر وخفاجي واشجالي في منطقة ديإلى[11].
ويمثل عصر فجر السلالات بأدواره الثلاثة طور الحضارة الناضجة، حيث توصل العراقي القديم إلى عدد من الاختراعات، مثل تطوير وسائل النقل، وتطور الزراعة والتعدين، وإنشاء المباني العامة كالمعابد والقصور، وإنشاء المدافن الملوكية التي كانت تضم أنفس الآثار وأغلاها كالحلي والقيثارات والأختام الاسطوانية والأسلحة وقطع الأثاث. وأهم آثار هذه القاعة الكنوز المكتشفة في المقبرة الملوكية في أور الواقعة قرب الناصرية. وبعد آثار عصر فجر السلالات السومرية نشاهد آثار العصر الأكدي (2550- 2350 ق.م) عرضت في القاعة، وهناك آثار في غاية الأهمية تعود إلى هذا العصر، كالرأس النحاسي المصنوع بمهارة فائقة، الذي اكتشف في نينوى ويمثل شخصية إما سرجون الأكدي أو حفيده نرام سن، هذا إلى مجموعات أخرى من المنحوتات والأختام الاسطوانية، وبعد ذلك نشاهد آثار السلالات الحاكمة المتأخرة، كسلالة أور الثالثة (2275- 1701ق.م) ومن أبرز آثار هذا العصر تماثيل النحاس المكتشفة في نفر، التي تمثل الملك (أور- نمو، وشولكي) وتمثل أرقى ما وصل إليه فن سباكة النحاس[12].
وقد نقلت هذه الألواح فيما بعد إلى بناية المتحف الجديد في الصالحية، فيما بعد ذلك يشاهد الزائر بعض الآثار الجميلة التي تعود إلى العصر الكلداني (612- 531 ق. م) أو دولة بابل الجديدة، وأبرز آثارها أفاريز الحيوانات الناتئة التي كانت تزين عصور نبوخذ نصر وباب عشتار وشارع المواكب في عاصمة ملكة بابل. ثم نأتي إلى آثار العصر الهلينستي، ومن أبرز آثاره تلك الآثار المكتشفة في مدينة الحضر، التي تعتبر من أهم المراكز الحضارية العربية قبل الإسلام، وتشغل آثار مدينة الحضر ثلاث قاعات من الطابق الأرضي، والقاعة (12) تضم آثار العصور الأخيرة التي سبقت العهد العربي الإسلامي وهي: العصر الأخميني 531- 331 ق. م، وعهد الاسكندر الكبير الذي أعقبه حكم القائد سلوقس الذي بنى مدينة سلوقية قبالة طيسفون على الجانب الايمن من دجلة من عام 331 ق. م حتى 129 ق. م، ثم العصر الفرثي (الأشكاني) من سنة 247 ق. م حتى عام 226م، وأخيراً الساساني (226- 636م) الذي انتهى بانتصار المسلمين في معركة القادسية الحاسمة، وسقوط عاصمة الأكاسرة المدائن (طيسفون) بقيادة القائد المسلم سعد بن ابي وقاص عام 636م[13].
هذا مجمل ما يحتويه المتحف العراقي من نفائس أثرية وعاديات جميلة.
2- دار المخطوطات:
وقد أسسها الأستاذ الخبير أسامة النقشبندي، وتحتوي على عدد كبير جداً من نسخ القرآن الكريم بخط أشهر الخطاطين، أمثال ابن مقلة الوزير العباسي الذي وضع قواعد خطي الثلث والنسخ، ويحتوي على عدد كبير من الرقع الخطية واللوحات لأشهر الخطاطين أمثال علي التبريزي، ومن ثم الرقم واللوحات المزخرفة والمذهبة، ويمكن القول بأن الدار قد جمعت خطوطا لجميع خطاطي الفن.وتحتوي الدار على عشرات الألوف من المخطوطات الأصلية لأنفس الكتب والموسوعات الإسلامية واليونانية لأشهر الفلاسفة والعلماء[14].
3- دار الوثائق:
نشأت في الستينيات بإشراف وجهود العلامة سالم الآلوسي، وتضم هذه الدار وثائق رسمية وغير رسمية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1879م على يد مدحت باشا، ومن أهم ما تحويه هذه الدار وثائق ثورة العشرين وما جرى من مكاتبات ومراسلات بين العراقيين في مدينة بغداد والنجف وكربلاء والمدن الأخرى، واشتملت أيضاً على خطب وبيانات قيادة الثورة والمشتركين فيها، إلى جانب وثائق الاتفاقات بين الشخصيات العراقية حول مقاومة الاحتلال وتحقيق أهداف الشعب في الاستقلال والحرية، وغيرها من الوثائق المهمة لما حدث في ذلك الوقت كوقائع مؤتمر كربلاء ومؤتمر حيدر خانة في بغداد[15].
وهناك من الدور والمكتبات والمواقع الأخرى التي تزخر بتأريخ وتراث الأمة وليس فقط العراق والتي مستها نار الاحتلال وحقد الأوغاد ويد النهاب. إن تأريخ العراق وميزته الثقافية والعلمية وتقدمه على بقية الحضارات تشهد له هذه التحف والآثار والمواقع الأثرية.
المبحث الثاني:
الوضع القانوني للأعيان الثقافية العراقية قبل الغزو الأمريكي
يمتلك العراق ما يقرب من 12 ألف موقع أثري، ما تزال أطلالها ماثلة إلى يومنا هذا، إلا أن ما مرّ بأرض الرافدين من ظروف غير اعتيادية، خلال عقود طوال، كان لها تأثيرها الواضح على هذه الآثار الموغلة في أعماق التاريخ البشري، ومن ثم على مستوى التقييم العالمي لها.
من هنا، فإن هناك الكثير من الآثار العراقية غير مسجلة في لائحة التراث العالمي لأسباب عديدة منها ما عزاه مسؤولون وخبراء “لما تعرضت له هذه المواقع، من جراء التقلبات السياسية التي مرت بالبلاد، أو ما طالها من تغييرات وتشويه على مر السنين”.
وإذا ما رجعنا إلى الوضع القانوني لهذه الآثار فنجد أن العراق التحق باليونسكو في 21 تشرين الأول 1948م، وبتأريخ 21/3/1968م، وقع العراق على اتفاقية لاهاي عام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاعات المسلحة وبروتوكولها الأول، وبتأريخ 12/5/1973م، وقع العراق على اتفاقية 1970م بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع ووقف استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بصورة غير مشروعة[16].
وبهذه الاتفاقيات والمعاهدات تصبح معالم والآثار العراقية تحت سقف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وعلى ضوء هذه الاتفاقيات انضمت ثلاثة مواقع عراقية إلى قائمة التراث العالمي هي:
- مدينة الحضر التأريخية، الكبيرة والمحصنة، وقد أدرجت على القائمة عام 1985م.
- آثار مدينة آشور القديمة، عاصمة الإمبراطورية الآشورية على ضفاف نهر دجلة، أدرجت عام 2003م، وهي على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر.
- وأحدث المواقع المضافة، مدينة سامراء الأثرية، إحدى عواصم العباسيين، وفيها مسجد يعود إلى القرن التاسع للميلاد بمنارته الملوية الشهيرة. وقد أدرجت عام 2007م على قائمة التراث العالمي وقائمة التراث العالمي المهدد بالخطر[17].
ويقع التراث الثقافي العراقي تحت حماية القوانين المحلية التالية:
- قانون منع تهريب الآثار رقم 40 لعام 1926م.
- قانون الآثار رقم 59 لعام 1936م وتعديلاه (رقم 120 لعام 1974م ورقم 164 لعام 1975م).
- القانون رقم 6 لعام 1942م: الأنظمة الخاصة بتسجيل المخطوطات القديمة.
- قانون الآثار والتراث رقم 55 لعام 2002م والذي ما زال ساري المفعول إلى يوم اعدادنا لهذا البحث وتجري مناقشات بشأنه لتعديله أو اعتماد أغلب نصوصه في حماية وصيانة الآثار العراقية[18].
ونذكر من هذا القانون بعض مواده:
المادة 1:
يهدف القانون إلى ما يأتي :
أولا – الحفاظ على الآثار والتراث في جمهورية العراق باعتبارهما من أهم الثروات الوطنية.
ثانيا – الكشف عن الآثار والتراث وتعريف المواطنين والمجتمع الدولي بهما إبرازا للدور المتميز لحضارة العراق في بناء الحضارة الإنسانية.
المادة 17:
أولا – يحظر على الأشخاص الطبيعية والمعنوية حيازة الآثار المنقولة.
ثانيا – على من لديه آثار منقولة تسليمها إلى السلطة الآثارية خلال 30 يوما من تأريخ نفاذ هذا القانون.
ثالثا – يستثنى من حكم البند أولا من هذه المادة ما يأتي :
ا – الآثار المنقولة الموجودة في الأماكن المبينة في المادة 10 من هذا القانون.
ب – المخطوطات والمسكوكات الأثرية المسجلة لدى السلطة الآثارية المرخص بحيازتها.
رابعا – يلتزم المالك أو الحائز أو المتولي على الآثار والمواد المنصوص عليها في البند ثانيا من هذه المادة بما يأتي :
ا – تسجيلها لدى السلطة الآثارية خلال 180 يوما من تأريخ نفاذ هذا القانون أو تأريخ تملكه إياها.
ب – المحافظة عليها واخطار السلطة الآثارية تحريريا عن كل ما يمكن أن يعرضها إلى الضياع أو التلف لاتخاذ ما يلزم للمحافظة عليها.
هذه بعض المواد التي من خلالها حاول العراق حماية وصيانة ممتلكاته الثقافية .
غير أنه ومع كل ما تقدم بيانه من الأهمية التي تتمتع بها الآثار فإنها لم تحظ بما ينبغي من رعاية إلا في وقت متأخر نتيجة الجهل بقيمة الآثار التأريخية والعلمية والفنية. فعلى الرغم من أن أول قانون للآثار صدر في العراق كان في عام 1924م غير أن القانون المذكور لم يوفر للآثار الحد الأدنى من الحماية، فقد صدر قانون الآثار لسنة 1924 بإرادة استعمارية، إذ كان العراق آنذاك واقعا تحت الانتداب البريطاني. وإذا كانت السلطة الاستعمارية هي التي وضعت أو أوحت بذلك القانون فقد فتحت أبواب النهب على مصراعيها، وفتحت أبواب التجارة على أوسع نطاق، وبذلك أصبحت الآثار تتداول في الأسواق وفي المحلات الخاصة ببيع التحف. فقد نظم القانون المذكور عملية تداول الآثار بالبيع والشراء وأجاز المتاجرة بها، كما اجاز للأشخاص تصدير الآثار بشرط الحصول على رخصة من السلطات المختصة بذلك.
غير أن هذا القانون (قانون الآثار 1924م) قد ألغي وأعقبه قانون الآثار رقم (59) لسنة 1936م النافذ حاليا، والذي صدر بعد حصول العراق على استقلاله في عام 1932م، بقبوله عضوا في عصبة الأمم، غير أن هذا القانون كسابقه لم يوفر الحماية اللازمة للآثار وذلك لوجود ثغرات عديدة، أولها السماح للبعثات الآثارية بقسمة الآثار المستخرجة، وبذلك خسر بلدنا الكثير من الآثار نتيجة لتلك العملية.وأما الثغرة الثانية فهي إجازته المتاجرة في الآثار، ولا يخفى ما تسببه تلك العملية من خسارة فادحة أيضا. إلا أنه ومع ازدياد الوعي بقيمة الآثار، أخذت الآثار تحظى بأهمية بالغة ورعاية فائقة فصدر قانون التعديل الأول (رقم (120) لسنة 1974م) لقانون الآثار رقم( 59 ) لسنة 1936م ليعالج ما تضمنه قانون الآثار من ثغرات فقد قضى قانون التعديل الأول ابتداءً أن تكون الآثار التي يكتشفها المنقبون ملكاً للدولة، وعلى أن يعطى المنقب مكافأة على أتعابه وبذلك ألغى نظام القسمة (اقتسام الآثار المكتشفة بين دائرة الآثار والتراث ولجان التنقيب) المعمول به سابقا. والذي يلحق بإرثنا الحضاري خسارة فادحة، كما تضمن قانون التعديل المذكور النص على إلغـاء فصل المتاجرة في الآثار، وبهذا أصبحت عملية المتاجرة في الآثار محظورة بشكل قاطع.
ونظرا إلى الظروف السياسية والأمنية التي شهدتها العراق فإن اليونسكو تعمل بشكل مركّز على حماية وصون الممتلكات الثقافية للعراق بالتعاون الوثيق مع السلطات العراقية والدولية المختصة.
المبحث الثالث:
صور انتهاك مبدأ حماية الأعيان الثقافية في العراق خلال الغزو الأمريكي
لاشك أن المهتمين بالتاريخ من علماء واختصاصيين وأكاديميين لن ينسوا أبدا، ولن تمحى من ذاكرتهم رؤية الدبابة الأمريكية وهي تقتحم بوابة المتحف العراقي لتعلن بداية عصر نهب التاريخ مرة ثانية في العصر الحديث.
فبعد أن احتلت القوات الأمريكية العراق في نهاية آذار من عام 2003 ودخولها الأراضي العراقية وسيطرتها على الأرض من الشمال إلى الجنوب، وحدث ما لم يحمد عقباه، وكان مفاجأة كبرى للمختصين بألاثار وللشعب العراقي والعالم بأن يتعرض المتحف العراقي الوطني في بغداد إلى أكبر عملية سرقة في التاريخ، وقيام أشخاص منهم من أهل البلد ومنهم من خارج البلد بدخول المتحف وسرقة ما يمكن سرقته، وتكسير وتهشيم ما لا يستطيعون سرقته، وهذا كله حدث على مرأى ومسمع من القوات الأمريكية التي كانت قريبة من المتحف، حيث تمركزت قطعات من الجيش الأمريكي في ساحة المتحف المنطقة المقابلة للمتحف العراقي ولم يمنعوا اللصوص من دخول المتحف، وشهود العيان رأوا سراقا ً عرباً وجنسيات غربية مختلفة تشارك بعمليات سرقة المتحف، وبعضهم لديه الدراية ماذا يسرق وماذا يترك، أما القوات الأمريكية فكانت تشاهد كل ما يحدث وكأنها خططت له مسبقا في إحدى غرف البيت الأبيض وهي ترى ما يسعدها ويشفي الغليل لديها.
وعموما فلقد تم الاعتداء في العراق على الأعيان الثابتة والمنقولة:
- الاعتداءات على الأعيان الثابتة:
يتميز العراق بكثرة الأماكن الأثرية والتأريخية فيه، نظراً لما تكلمنا عنه في المبحث الأول من الميزة التأريخية للإرث الثقافي، وموقع العراق الجغرافي وحضارته الإنسانية وموقعه بين الأمم.
ويبلغ عدد المواقع الأثرية فيه أكثر من 12000 موقع، تضم آثاراً تعود إلى حقب تأريخية مختلفة، ومعظم هذه المواقع لا توجد فيها الحماية الكاملة من قبل السلطات العراقية قبل الاحتلال وبعده، وإن كانت هناك تقارير تتحدث عن وجود 4000 فرد لحماية هذه المواقع، إلا أنهم لا يتمتعون بالخبرة الكافية، وغير مجهزين بالعدة اللازمة لحماية وصيانة هذه الممتلكات، وغير مؤهلين علمياً وثقافياً بحسب شروط اتفاقية لاهاي لعام 1954م، مما جعل هذه الأماكن عرضة للتدمير والسلب والنهب والسرقة إلى يومنا هذا.
ولم تكن الجريمة تقتصر على سرقة المتحف العراقي فقط بل كانت أشد وأدهى، وأكثر مرارة وتدمير لحضارة وادي الرافدين، حيث تعرض ما يقارب من خمسة عشر ألف موقع أثري للسرقة والنبش، ونهب أهم وأغنى آثاره، واستمر هذا النهب المنظم والسرقات الكبيرة لأكثر من ستة أشهر على الرغم من أن القوات الأمريكية تجوب العراق في كل مكان، وتحمي المؤسسات النفطية والأمنية، إلا المواقع والمدن الأثرية بقيت بلا حماية، فهي خارج اهتمامهم وربما كان الأمر مقصودا؟[19].
تنص المواثيق الدولية على أن سلامة وأمن المواقع الأثرية والتراثية والدينية والثقافية في أثناء الحروب والصراع المسلح كونها مؤسسات ثقافية تقع على عاتق الدول المحتلة والحكومات، وهي ملزمة بتوفير الحماية الكافية وحسب المواثيق والقوانين الدولية كونها ثروة وطنية وعالمية وإنسانية.
غير أن المواقع الأثرية والتراثية تعاني من تجاوزات كبيرة بل وخطيرة جداً من قبل القوات متعددة الجنسيات، بل إنها في كثير من الأحيان تعبث بها وتتعامل معها بمنطق اللامبالاة، وربما تنظر إلى الآثار والتراث العراقي كشيء ثانوي.
ولابد لنا من القول بأن الواجب على تلك القوات احترام هذا الإرث الحضاري وحمايته، غير أن تلك القوات اتخذت من المواقع الأثرية معسكرات لها، وضمت مدن أثرية إلى قواعدها العسكرية، كالذي حدث في موقع مدينة أور وتل أبو عبيّة في منطقة النهروان، بل إن العديد من المواقع والمدن الأثرية صارت ساحة للعمليات العسكرية، كما حدث لتل خنزيرات وتل أبو صخير في منطقة الدورة ومدينة سامراء الأثرية، ليس هذا فحسب بل تعرضت المواقع الأثرية الشاخصة للاهتزازات بسبب تفجير قوات الاحتلال للأعتدة والأسلحة قرب تلك المباني، كما حدث عند تفجير الأسلحة والصواريخ قرب خان الربع في كربلاء مما أدى إلى انهيار المبنى بالكامل على الأرض، فضلاً عن التفجيرات التي أحدثتها قوات الاحتلال قرب مدينة الحضر الأثرية في محافظة نينوى … إلخ.
تلك الخروقات وغيرها استمرت منذ عام 2003م ولحد يوم انجاز هذه الدراسة. وكانت المتاحف والمواقع الأثرية والمكتبات والجامعات والمختبرات ومراكز التوثيق أكثر ما استهدفته تلك الزمر والعصابات العابثة بتأريخ العراق، فأضرمت النيران فيها وبقيت ألسنة اللهب مشتعلة فيها تلتهم المباني وما تحتويه، دون وجود أية محاولة لإطفائها والتقليل من مخاطرها من قبل القوات الغازية التي بقيت تتفرج عن قرب على هذه الكارثة الإنسانية، وكأنها تنفذ مخططاً مرسوماً لها وتنفيذاً دقيقاً يصل حتى التفاصيل الصغيرة[20].
وعموما تزخر العراق بمواقع أثرية من الأعيان الثابتة ذات الأهمية الكبيرة والتأريخية للشعب العراقي، والتي تحتوي على كنوز وآثار ثمينة مهددة بالسرقة والتدمير.
وتضم هذه المواقع الأثرية أكثر من 150 مدينة وبلدة سومرية قديمة، بالإضافة إلى العواصم الكبرى مثل أور ، سامراء، آشور، بابل ونمرود ونينوى التي أعقبتها زمنيا، وهناك ما مجموعه نحو 12,000 موقع في البلاد، وقد بين الأكاديميون في وقتها لقوات الاحتلال أن النهب يدمر سجل الأثري الذي يشكل أساس فهمنا لتأريخ البشرية، ولا يمكن فهم السجل من دون التنقيب المتأني وحفظ السجل الأثري بواسطة علماء الآثار المهنيين[21].
وبالإضافة إلى هذه المواقع الأثرية القديمة دمرت قوات الاحتلال الأمريكي وحلفائها العديد من المتاحف العراقية ذات الصيت العالمي ونهبت القطع الأثرية المصنفة، مثل المتحف العراقي في بغداد الشرقية(الرصافة)، متحف الموصل، متحف مدينة بابل الأثرية ومتحف تكريت بمحافظة صلاح الدين.
- الاعتداءات على الأعيان المنقولة:
إن الكوارث التي تكون من صنع الإنسان، يمكن أن تكون أكثر خطورة من الكوارث الطبيعية إضراراً بذاكرة الجماعة البشرية الماضية والحاضرة والمستقبلية، ومن هذه الكوارث التي هي من صنع الإنسان هي الحروب والاضطرابات المدنية، والتخريب والإهمال، والسلب والنهب التي تكون متعمدة في تهديد تراثنا وقيمنا الإنسانية، ومن الصعوبة في زماننا حل النزاعات المسلحة الدولية والداخلية، وهذه النزاعات تثير قلق الباحثين والمهتمين والاختصاصين في شتى الميادين، مما تشكله هذه النزاعات من خطر على مستقبل وتاريخ الإنسانية، لأنها ـــ أي النزاعات ـــ تمتد يدها لتطال كل مقوّمات البشرية.
ومثال هذه النزاعات التي طالت ماضي البشرية وتراثهم، سيطرة قوات الاحتلال على الآثار العراقية، ودمرت وطمست عمداً محفوظات ووثائق وآثار كجزء من التطهير الثقافي والعرقي.
وقد تميز العقد الأخير من القرن العشرين بتدمير التراث كجزء أساسي من الحروب، وذلك لفرض ثقافة دولة على أخرى. وحقيقة أن هناك حقائق وطرق يمكننا أن نعزز هذه الصفة لهذه الحروب، وهو ما حدث في العراق وفي فلسطين وأفغانستان وباعتراف قادة الاحتلال بأنها حرب فكرية وثقافية. ويورد معدو تقرير “إنه موت التأريخ” في صحيفة الإندبندنت البريطانية، مقتطفات من تقرير آخر أعدته خبيرة الآثار اللبنانية جوان فرشخ، جاء فيه: “لقد دمروا ما تبقى من هذه الحضارة طمعاً في الحصول على قطع أثرية يمكن بيعها، لقد دمروا مدناً قديمةً تمتد على مدى 20 كلم، كان يمكن لو جرى التنقيب فيها بشكل جيد أن تعطينا كماً هائلاً من المعلومات عن تطور الجنس البشري”[22].
ولوضع الصورة الواضحة لهذه النزاعات، نسطر بعض الممتلكات الثقافية والتأريخية والأثرية المنهوبة والمدمرة في العراق أثناء الاحتلال الأمريكي في متحف بغداد أولا ومن ثم متحف الموصل اللذان يحويان أنفس الآثار العراقية وأهمها:
- متحف بغداد: هاجم اللصوص المتحف الوطني ثلاث مرات بين 10 و12 نيسان 2003 ولم تفعل قوات الاحتلال شيئا، ونهبوا ما بين 14 إلى 15 ألف قطعة، بما فيها القطع النقدية، والتماثيل والسيراميك والمشغولات المعدنية، والقطع المعمارية، والألواح المسمارية، ومعظم مجموعة المتحف من أختام الأسطوانية السومرية القيمة، وقد اختفى التمثال المرمري الشهير بالسيدة ورقاء، الذي يعود تأريخه إلى عام 3100 قبل الميلاد، إضافة إلى أربعين قطعة أثرية شهيرة أخرى[23].
- متحف الموصل: أما متحف الموصل فقد سرقت منه مئات القطع الأثرية، ومن ضمنها 16 اطار باب برونزي من بوابة مدينة بلوات (القرن التاسع قبل الميلاد) والألواح المسمارية من مواقع مهمة مثل نينوى ونمرود.[24] بحيث تعرض لما لا يقل خطورة عما تعرض له المتحف العراقي في بغداد، فقد انتزعت خلالها المئات من القطع الأثرية الفريدة من نوعها بما في ذلك اللوحات الجدارية والرقم الطينية والتي بعضها لم يقرأ بعد[25].
وعموما هذه بعض الممتلكات المنقولة التي تم سرقتها من مختلف متاحف العراق:
- رأس تمثال أسد نمرود المصنوع من الحجر الجيري ويرجع إلى العصر البابلي.
- تمثالان من البرونز لثورين يعودان إلى 2500 ق.م.
- تمثال باسيتكي، ووجه من الرخام لامرأة سومرية.
- تمثالان ورأس تمثال تعود إلى الفترة الرومانية من مدينة الحضر.
- تسعة أحجار مختومة بأسماء الملوك والمعابد السومرية.
- تمثال هرمس من نينوى.
- تمثال نحاسي لرجل جالس يعود إلى فترة الملك ناران- سن الأكدي من عام 2250 ق.م.
وبحسب بعض التقارير، التي كتبها اختصاصيون، فإن هناك ما يقرب من 170 ألف قطعة أثرية أصبحت في حكم المفقود، بينها 15 ألف قطعة مسجلة ضمن مقتنيات المتحف العراقي، منها ما يشكل أهم أرشيف في تأريخ البشرية على الإطلاق، كالإناء النذري الذي يمثل الفلسفة السومرية في مسألتي الحياة والموت، ورأس الفتاة السومرية الذي اشتهر بكونه «موناليزا العراق»، وكذلك رأس سرجون الأكادي، والثيران المجنحة، وغيرها[26].
كما تعرضت المكتبات هي الأخرى إلى السلب والنهب والحرق، ومنها أقدم المكتبات البشرية المنظمة والمنسقة على أسس علمية في مدينة نينوى في مدينة الموصل والتي لا تختلف عن نظام المكتبات الوطنية المعاصرة والتي تعود إلى الملك الآشوري (آشوربانيبال) في القرن السابع ق.م. وكان من أبرز مكتبات الآثار التي سرقت مكتبة متحف الموصل، التي لا تقل شأناً عن مكتبة المتحف العراقي في بغداد، وكذلك حلت الكارثة بمكتبة اللغات القديمة التابعة للهيئة العامة للآثار والتراث في مدينة الموصل[27].
خاتمة:
يضم العراق تراثا أثريا فريدا ومتميزا في عدة متاحف وخاصة متحف بغداد للآثار، الذي يضم آلاف القطع الأثرية من الحضارة السومرية والبابلية والآشورية، وقد أسفرت الحرب على العراق تدمير العديد من المواقع التأريخية ونهب الممتلكات الثقافية ضاربة بالقوانين الدولية عرض الحائط.
وسرقة آثار العراق مسألة قديمة كانت ترعاها العديد من الدول، من بينها ما يعود إلى مرحلة الانتدابين البريطاني والفرنسي للمنطقة العربية، ومعظم تلك الآثار المسروقة موجودة حاليا في أشهر متاحف أوروبا. ونتيجة لسرقات تمت في مراحل مختلفة، بذلت هيئة الآثار العراقية قبل مرحلة الاحتلال بالتعاون مع وزارة الخارجية، جهودا حثيثة ومتابعة دائمة لاستعادة الآثار العراقية المسروقة في مختلف دول العالم.
وقد سهّل العدوان على العراق سنة عمليات سرقة آلاف القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن، فضلا عن تعرض متاحف بغداد والموصل الغنية بالآثار للنهب والسرقة.
إن مسروقات المتحف العراقي تقدر بـ( 15000) قطعة أثرية تم استعادة الربع منها تقريبًا، ولدى العراق آثار محفوظة لدى الدول المجاورة (الكويت والسعودية والأردن وسوريا) وبعض الدول الأوروبية (إيطاليا وهولندا واسبانيا) وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وهي موثقة لدى العراق ولدى الانتربول.
وأفادت عدة تقارير بوقوع انتهاكات عديدة للحماية المقررة للممتلكات الثقافية العراقية من جانب قوات الاحتلال، حين قامت بضرب وتدمير بعض هذه الممتلكات، لاسيما القصف الجوي والصاروخي للمواقع الأثرية واستخدام بعضها كمواقع عسكرية وقواعد لهبوط وإقلاع الطائرات العمودية، كما قامت قوات الاحتلال بواسطة آلياتها العسكرية بإلحاق أضرار بأرصفة وتماثيل محفورة.
تتمثل الأجهزة الدولية المعنية بحماية الممتلكات الثقافية في منظمة اليونسكو والشرطة الجنائية آلية لتنفيذ الاتفاقيات الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية، لذا وجه المدير العام لمنظمة اليونسكو دعوة إلى كل من المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، والمنظمة الدولية للجمارك ومنظمات أخرى للتعاون مع اليونسكو في حملة لاسترجاع الممتلكات الثقافية المسروقة من العراق.
أما المحكمة الجنائية الدولية فهي الآلية الدولية المخول لها محاكمة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في حق هذه الممتلكات.
النتائج
اعتمادا على ما سبق ذكره نخلص إلى جملة من النتائج أهمها:
– رغم الجهود الدولية المتمثلة في وضع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية، وتعهد الدول الأطراف بتنفيذ هذه الاتفاقيات، إلا أن الممارسات الدولية على أرض الواقع تثبت إخلال قوات الاحتلال بالتزاماتها الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية للبلد المحتل.
– كانت عملية استرجاع القطع الاثارية عن طريق جهود دولية واتفاقيات، وليس عن طريق محكمة جنائية دولية أو طرق قضائية تتهم الدول التي قامت بالانتهاك عن تحمل مسؤولياتها تجاه هذه الممتلكات وعدم الحفاظ عليها من السلب والنهب.
– لم نرَ أو نسمع عن إدانة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بانتهاك حقوق الانسان والحقوق الانسانية، ليس فقط في قضية الممتلكات الثقافية وحسب وإنما على صعيد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
وانطلاقا مما سبق نوصي:
* دعم الجهود الرامية إلى استعادة وتحديث المتاحف العراقية وحماية المواقع الأثرية.
* اقتراح سن القوانين وتطوير الموارد البشرية، التي تكفل احترام التراث الثقافي العراقي بصورة أكثر حزم.
* تعزيز حماية المواقع الأثرية: كما هو الحال بالنسبة للمتاحف، سيكون من المهم تخصيص موارد أكثر لحماية وإعادة تنشيط الآلاف من المواقع الأثرية التي يتباهى بها العراق.
* ايجاد آلية قانونية دولية ملزمة لجميع الدول في احترام وحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة وعلى منظمة اليونسكو إدراج المزيد من المواقع العراقية ضمن قائمة التراث العالمي.
* استرجاع القطع الأثرية المفقودة وذلك عبر إيجاد لجنة دولية قادرة فعليا على اعادة الممتلكات المنهوبة تستمد قوتها وقانونيتها من المجتمع الدولي من خلال اتفاقية تبرم لذلك وهذا يشمل توفير قاعدة بيانات موثوقة وشاملة للقطع الأثرية المفقودة.
* ضرورة إقرار المسؤولية الدولية ومحاكمة المنتهكين لمبدأ حماية الأعيان الثقافية وفرض التعويض ورد الممتلكات الثقافية .
* ضرورة تفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية لفرض عقوبات على الدول والأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على الأعيان الثقافية العراقية خاصة وأن القانون الدولي يعتبر هذه الاعتداءات جرائم من جرائم الحرب .
قائمة المصادر والمراجع:
أولا: الكتب
-آن تالبوت، العراق الغزو الاحتلال المقاومة، شهادات من خارج الوطن العربي، مجموعة من الباحثين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت الطبعة الأولى،2003م.
-جورمان وسيدني، إدارة المحافظة على الأرشيفات والمكتبات والمتاحف، فاسيت للنشر، لندن، 2006م.
-جيمس بول، وسيلين ناهوري، الحرب والاحتلال في العراق، تقرير للمنظمات غير حكومية، مركز دراسات الوحدة العربية واللجنة العربية لحقوق الإنسان، ترجمة مجد الشرع، مراجعة هيثم مناع وعمر الايوبي، بيروت، الطبعة الأولى 2007.
-حمد سهيل طقوش وآخرون، موسوعة الحضارات القديمة (الميسرة)، دار النفائس، لبنان، الطبعة الأولى، 2011م.
– سهيل قاشا، اليهود وعقدة بابل، دار الرافدين للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2008م، ص287.
-سلامة صالح الرهايفة، حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمّان، الطبعة الأولى، 2012.
– صالح زهر الدين، الحرب الأميركية على العراق .. البعد التراثي والحضاري، موسوعة الإمبراطورية الأمريكية، المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2004م.
-عامر عبد الرزاق الزبيدي، باحث آثاري. دور قوات الاحتلال الأمريكي في دمار آثار العراق kaldaya.net/2012/Articles/02/13_Feb06_AmirAlzaydi.html
-عمر جسام العزاوي: علم الآثار في العراق نشأته وتطوره، دار الكتب العلمية، بيروت 1971م.
-فاضل عبدالواحد علي، من سومر إلى التوراة، سينا للنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 1996م.
-كاظم الموسوي، لا للاحتلال.. إسقاط التمثال وسقوط المثال العراقي، التكوين للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى، 2005م.
-مجموعة من الباحثين، العراق في التاريخ، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1983م.
– ياسين خير الله الخطيب العمري، منية الأدباء في تاريخ الموصل الحدباء، تحقيق سعيد الديوهجي.
ثانيا: الكتب الأجنبية
-Saad eskander, the tale of Iraq cemetery of books, information today,vol,12.no21 December 2004
ثالثا: الرسائل الجامعية
– أركان علي النصراوي، تأثير الفكر الغربي على عناصر النظام العمراني، رسالة ماجستير (غير منشورة)، المعهد العالي للتخطيط الحضري والإقليمي جامعة بغداد، 2004.
– نغم عبد الحسين داغر الكتابي، الحماية القانونية الدولية للآثار، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة النهرين، 2008م.
رابعا: المجلات العلمية
-مجلة الإنساني، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، العدد 47، 2009-2010.
-مجلة الموروث، العدد 38، 2011،على الموقع التالي: www.iraqnla.org/fp/journal38/12.htm.
خامسا: التقارير
1-التقرير الخاص بتقييم أضرار بابل، مجموعة من المختصين في منظمة اليونيسكو، 2005م.
سادسا: المواقع الإلكترونية
– عامر عبد الرزاق الزبيدي، باحث آثاري. دور قوات الاحتلال الأمريكي في دمار آثار العراق، بحث منشور على الموقع التالي .kaldaya.net/2012/Articles/02/13_Feb06_AmirAlzaydi.html
– فرج بصمة، كنوز المتحف العراقي، منشورات وزارة الإعلام، مديرية الآثار والمتاحف، كتاب منشور على الموقع الألكتروني uruk-warka.dk/news/2017-05/farajbasmati.pdf
– موقع بغداد تايم: www.baghdadtimes.net/Arabic/portal/printpage.php?
– موقع : www.daraddustour.com
– الموسوعة الحرة – يكيبيديا، ar.wikipedia.org/wiki
– موقع أرشيف المتحف: archives.icom.museum/redlist/irak/arabe/legislation.html
– موقع اليونسكو: www.unesco.org/new/ar/iraq-office/culture/iraqi-world-heritage/
– موقع اوبزيرفم: observerme.com
– موقع شبكو ماكو: www.shakwmakw.com
– موقع السريان : www.assyrian4all.net
– موقع نساء العراق: siraqiwomensleague.com/mod.php
– موقع النبأ : sannabaa.org/nbanews/64/223.htm
– البيان الذي أصدره العديد من العلماء البارزين في ورشة العمل حول تهديد التراث الثقافي العراقي المنعقد في المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو في 23 تموز 2005م، وقد نشر على الرابط التالي: oi.uchicago.edu/oi/iraq/ws_statement.html
– موقع النجف نيوز: www.alnajafnews.net/najafnews/news
– نبيهة الأمين، قناة الجزيرة، ما وراء الأحداث، 12-1-2003.
– موقع الجزيرة 15/1/2005م، www.aljazeera.net/news/archive/archive.
– موقع: pat56.free.fr/athar.htm.
– موقع الأوسط : www.aawsat.com.
– موقع أوبي: swww.upi.com/Defense-News/2003/03/27
– موقع الجزيرة ، 3/10/2004م www.aljazeera.net/specialfiles
– موقع الاتحاد الديمقراطي العراقي، www.idu.net/portal
– موقع الجزيرة نت 13/6/2010م،www.aljazeera.net
– موقع الجزيرة 18/11/2007، www.aljazeera.net/news/archive.
– موقع الجزيرة نت، 7/6/2003، www.aljazeera.net/News/archive.
– موقع الجزيرة نت، 18/11/2007، www.aljazeera.net/news/archive.
– موقع الجزيرة نت، 5/3/2004م، www.aljazeera.net/news/archive.
– موقع شبكة النبأ المعلوماتية، 23/11/2008م، www.annabaa.org.
– موقع: www.nala4u.com/2012/01/08
– موقع عراقي: www.iraqiforum.net.
– موقع الجزيرة نت،21/9/2010 www.aljazeera.net.
– موقع العربية،www.arabiyat.com/forums.
– موقع المنارة 09-03-2012، www.almannarah.com.
– موقع الجزيرة نت 18/11/2007، www.aljazeera.net/news/archive/archive
– موقع الجزيرة نت 17/12/2009، www.aljazeera.net.
– موقع الجزيرة نت 28/4/2005، www.aljazeera.net
[1] كاظم الموسوي، لا للاحتلال.. إسقاط التمثال وسقوط المثال العراقي، التكوين للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى، 2005م، ص22. [2] للمزيد ينظر الموقع التالي: http://www.baghdadtimes.net/Arabic/portal/printpage.php?subject=printsubject&sid=22877 [3] مجموعة من الباحثين، العراق في التاريخ، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1983م، ص10-11. [4] محمد سهيل طقوش وآخرون، موسوعة الحضارات القديمة (الميسرة)، دار النفائس، لبنان، الطبعة الأولى، 2011م، ص92. [5] فاضل عبدالواحد علي، من سومر إلى التوراة، سينا للنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 1996م، ص15. [6] محمد سهيل طقوش، مرجع سابق، ص92. [7] للمزيد ينظر الموقع التالي: http://www.daraddustour.com/ [8] أركان علي النصراوي، تأثير الفكر الغربي على عناصر النظام العمراني، رسالة ماجستير (غير منشورة)، المعهد العالي للتخطيط الحضري والإقليمي جامعة بغداد، 2004، ص34. [9] صالح زهر الدين، الحرب الأميركية على العراق .. البعد التراثي والحضاري، موسوعة الإمبراطورية الأمريكية، المركز الثقافي اللبناني للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2004، ص57. [10] للمزيد ينظر الموسوعة الحرة – يكيبيديا، http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85% [11] محمد سهيل طقوش، مرجع سابق، ص31-42. [12] محمد سهيل طقوش، مرجع سابق، ص59-66. [13] فرج بصمة، كنوز المتحف العراقي، منشورات وزارة الإعلام، مديرية الآثار والمتاحف، كتاب منشور على الموقع الألكتروني http://uruk-warka.dk/news/2017-05/farajbasmati.pdf [14] صالح زهر الدين، مرجع سابق، ص61-62. [15] صالح زهر الدين، مرجع سابق، ص63. [16] للمزيد ينظر الموقع التالي: http://archives.icom.museum/redlist/irak/arabe/legislation.html [17] للمزيد ينظر موقع اليونسكو: http://www.unesco.org/new/ar/iraq-office/culture/iraqi-world-heritage/ [18] للمزيد يرجى زيارة الموقع التالي: https://annabaa.org/nbanews/64/223.htm [19] عامر عبد الرزاق الزبيدي، باحث آثاري. دور قوات الاحتلال الأمريكي في دمار آثار العراق، بحث منشور على الموقع التالي .http://kaldaya.net/2012/Articles/02/13_Feb06_AmirAlzaydi.html [20] صالح زهر الدين، مرجع سابق، ص57. [21] ينظر البيان الذي أصدره العديد من العلماء البارزين في ورشة العمل حول تهديد التراث الثقافي العراقي المنعقد في المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو في 23 تموز 2005م، وقد نشر على الرابط التالي: http://oi.uchicago.edu/oi/iraq/ws_statement.html [22]للمزيد ينظر موقع الاتحاد الديمقراطي العراقي، http://www.idu.net/portal/modules.php?name=News&file=article&sid=7652 [23] جيمس بول، وسيلين ناهوري، الحرب والاحتلال في العراق، تقرير للمنظمات غير حكومية، مركز دراسات الوحدة العربية واللجنة العربية لحقوق الإنسان، ترجمة مجد الشرع، مراجعة هيثم مناع وعمر الايوبي، بيروت، الطبعة الأولى 2007، ص47. [24] جيمس بول، مرجع سابق، ص47. [25] مجلة الموروث، العدد 38، 2011،على الموقع التالي: http://www.iraqnla.org/fp/journal38/12.htm. [26] للمزيد ينظر الموقع التالي: http://www.iraqiforum.net/vb/329.html [27] سهيل قاشا، مرجع سابق، ص283.