مجتمع “ المخاطر- فوبيا “: تحضر المخاطر
The “risk-phobic society”: The urbanism of risks
الحسن ايت الحسن/جامعة الحسن الثاني، المغرب
Mr.LAHCEN AIT LAHCEN/University Hassan II, Mohammedia, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 75 الصفحة 51.
ملخص :
يعتبر هذا المقال جزءا من دراسة أنجزتها[1] حول «الاقامات السكنية المحروسة »بمدينة المحمدية المغربية التي تقع على المحيط الأطلسي بين مدينتي الرباط والدار البيضاء، يتمحور مضمونه حول «تحضر المخاطر» الذي أضحى من سمات مجتمع «المخاطر-فوبيا»، للحماية من مخاطر المدينة التي غدت رأس مال تستثمره سوق الأمن (المنعشين العقاريين، الشركات الأمنية، شركات التأمين،…).
الكلمات المفتاحية: تحضر المخاطر- مخاطر المدينة- رأسمال – سوق الأمن –الإقامات السكنية المحروسة- مدينة المحمدية.
Abstract:
This article is part of a study that I have completed on “guarded residential residencies” in the Moroccan city of Mohammedia, which is located on the Atlantic Ocean between the cities of Rabat and Casablanca. Its content revolves around the “urbanization of risks” that has become a feature of the “risk-phobia” community, to protect against the dangers of the city that has become the head Money invested in the security market (real estate developers, security companies, insurance companies…).
Key words: urbanism of risks –city risks-capital-Security market-guarded residential residences – city of Mohammedia.
تمهيد
أضحى خطاب المخاطر يغزو اليومي للأفراد في الشمال كما في الجنوب؛ مخاطر العنف، مخاطر الإرهاب، مخاطر المهاجرين، مخاطر الفيروسات[2]، مخاطر فقدان العمل، مخاطر المنحرفين… المخاطر تكبر وتزداد كل يوم وتغزو مجالنا الخاص والعمومي، تغزو كل مكان وفي أي وقت؛ فهي يمكن أن تحدث في أقصى مدن الشمال ويتأثر بها سكان مدن أقصى الجنوب إنها «عولمة المخاطر”. يقع الحدث الصغير في مكان ما فيغزو العالم في ثوان نتيجة «المجتمع الشبكي»la»société en réseaux» لـ«مانويل كاستلز» (Manuel Castells)[3].
وكأمثلة على ذلك أحداث 11 شتنبر 2001، فالكل شعر أنه يمكن أن يكون ذلك الشخص المتواجد في البرجين أو في الطائرات التي استعملت، كما شعر كل شخص أنه يمكن أن يكون فوق مائدته ذلك الطبق الذي يحتوي على لحم البقر المجنون، أو لحم الطائر المصاب بـ«أنفلونزا» الطيور، أو ذاك الشخص الذي ستقذفه أمواج «التسونامي» في مدينة ساحلية ما في العالم أو ذلك الشخص الذي ستصيبه عدوى فيروس «كورونا»، أو ذاك الشخص الذي يمكن أن يسكن بجانبه «إرهابي» يمكن أن يفجر نفسه في أية لحظة، أو ذاك الشخص الذي يمكن أن يتعرض للسرقة أو شكل من أشكال العنف الحضري «la violence urbaine ».
إن هذا الخطاب المتداول عالميا حول المخاطر ولد ثقافة عدم الثقة والخوف من مخاطر المدينة مما أدى إلى ظهور ما يمكن تسميته ب «تحضر المخاطر» «urbanisme durisques» الذي يعتمد على بناء تجمعات سكنية مغلقة ومراقبة، تقطنها فئات اجتماعية تهرب من مخاطر المدينة، هذه المخاطر التي غدت رأس مال تستثمره سوق الأمن (مقاولات البناء، الشركات الأمنية، شركات التأمين، المصارف…).
المعلومات الميدانية للمقال جزء من الدراسة الشاملة لظاهرة «الإقامات المحروسة»[4] بالمدينة التي اعتمدت فيها على تقنية المقابلة مع مجموعة من قاطني بعضا من هذه التجمعات السكنية المغلقة بمدينة المحمدية، وكذا زيارة المواقع الإلكترونية لبعض المنعشين العقاريين المختصين في بناء السكن المغلق بالمدينة.
- تحضر المخاطر
لقد غير خطاب المخاطر «العابر للقارات» من سلوكيات الأفراد الذين أقنعوا بأن المستقبل أصبح غير واضح ومليء بالمخاطر والمخاوف؛ سواء تلك المخاطر الطبيعية؛ زلازل، مد بحري، التغير المناخي، أو المخاطر الجسدية كالمرض و التسمم بالأغذية أو الفيروسات، أو تلك المخاطر التي تأتي من العدوان البشري الذي غدا مخيفا لأخيه الإنسان، أو كما أسماه «روجي سو»(RogerSue)بـ«زمن الهوبسي» «[5] moment Hobbesien » نسبة إلى الفيلسوف الإنجليزي «توماس هوبس»؛ زمن «حرب الكل ضد الكل»، زمن كون «الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان». زمن الكوارث أو زمن نهاية العالم حيث ارتفع مؤشر حساسية المخاطر إلى الدرجة القصوى، «حينما يظهر أن مؤشر المخاطر قد توقف حتى ينتقل إلى درجة أخرى لم تكن موجودة»[6]، لقد انتشر الخوف في كل مكان أو ما أطلق علية «زيجمنتباومان» ب«سيولة الخوف» الذي يعني «أنه لا يمكن أن نشعر بالأمن طوال الوقت[7]».
لقد احتل الخطاب الأمني موقعا متميزا في جميع المجالات السياسية وحتى اليومي للأشخاص حيث أصبح المجتمع يعيش نوعا من الخوف والقلق من «مخاطر المدينة»، إنه «المجتمع الهش» (société vulnérable) حسب «جاك تيز وجون لويسفابياني»(JacquesTheys et Jean- louis Fabiani). إنها كلها أوصاف اتفق هؤلاء الكتاب عليها لوصف المجتمعات الحديثة والهاجس الأمني الذي يقلقها.
أدى هذا الوضع إلى تنامي خصخصة مجال السكن ومحيطه (المجال العام) ومحاولة «تنظيفه» من كل ما يمكنه أن يشكل خطرا على السكان القاطنين ومحاولة «حبس» أنفسهم داخل الأسوار، وتركيب كاميرات المراقبة في مداخل وساحات التجمعات السكنية، وتشغيل حراس أمنيين يسهرون على أمنهم وأمن ممتلكاتهم وأطفالهم.
تنتشر في مدينة المحمدية المغربية، الواقعة على الساحل الأطلنطي بين العاصمة الإدارية الرباط والعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، مجموعة من الإقامات السكنية المغلقة والمحروسة، (هذه الظاهرة تدعى عالميا ب gated communities نسبة الى أصلها الأمريكي)، خاصة على طول شاطئ البحر وعلى جنبات أهم الشوارع (شارع الحسن الثاني، شارع محمد السادس…)، تقطنها فئات اجتماعية يمكن نعتها بالطبقة المتوسطة اختارت العيش داخل الأسوار.
يعد توفير مجال آمن للأطفال هاجس أغلب هؤلاء السكان؛ هذا المجال يمكنهم من اللعب في فضاء مغلق ومحروس وآمن من الغرباء كما يحميهم من حوادث السير التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال في باقي الأحياء التي تكون الملجأ الوحيد للعب في غياب أماكن خاصة للعب «أولادي يلعبون بكل أمان داخل الإقامة» يقول محمد مهندس يقطن إحدى الإقامات السكنية بالمحمدية، «سكنت في مكان شعبي منذ 2007، ولكن عندما أنجبت بنتين أصبحت أخاف عليهما، لهذا اقتنيت شقة بإقامة مغلقة من أجل أن تعيشا في مكان نقي وآمن» (س. 36سنة، أستاذة).
يبدو أن هم الفاعلين غدا هو تأمين أطفالهم وممتلكاتهم والحفاظ على سلامة أبدانهم، «الشارع يخيف» يقول أحد الساكنة، إنه الطلب الاجتماعي على الأمن؛ «أصبح كل شخص يرغب في تركيب كاميرا في السيارة، في منزله بل حتى في جسده» يعبر أحد التقنيين المتخصص في تركيب كاميرات المراقبة، أو كما عبر أحد سكان إقامة مغلقة «الأمن يراقب البلاد وأنت راقب نفسك».
«وهكذا صارت مخاوفنا تستمد استمراريتها من نفسها، وقوتها من نفسها، ووجودها من نفسها»[8]، لقد صار الشعور بعدم الأمن والخوف هاجس المجتمعات المعاصرة، أو كما سماه «اولريش بيك»(Ulrich Beck)ب«مجتمع المخاطرة العالمي» حيث تحولت المجتمعات الحديثة إلى مجتمعات مخاطرة بفعل توقع الكوارث الناتجة عن نجاحات التمدن والحضارة أو ما دعاه «فرنسوا امانويل بوشر» وآخرون((François-Emmanuel Boucher et al « بالرعب» « la terreur » ؛ وهي الفكرة التي تفيد أننا أصبحنا في كل مكان مهددين ويجب التدخل واستباق أسباب الرعب (خلايا إرهابية، مجموعات منحرفة، «ذئاب معزولة»، فيروسات معلوماتية أو بكتيرية، المهاجرين السريين أو النظاميين…)[9]، إنها كلها أسباب أدت إلى تبني استراتيجيات أمنية أهمها اعتماد مراقبة الشوارع الرئيسة للمدن وأماكن السكن والترفيه والتسوق حيث تنتشر كاميرات المراقبة التي أضحت منظرا مألوفا في الأماكن العامة، وحتى في الدكاكين الصغرى. أوضحت دراسة حديثة لموقع (comparitech.com) بأن حوالي 770 مليون كاميرا مراقبة مستخدمة في العالم ويتوقع بحلول عام 2021 تركيب أكثر من مليار كاميرا[10]، كما أوضحت الدراسة أن مدينة الدار البيضاء المغربية تحتل المرتبة الثانية عربيا، بعد بغداد، باحتوائها عل 2850 كاميرا مراقبة.
خلص بحث أجراه «المرصد العالمي لنمط العيش الحضري »[11](observatoire mondial des modes de vie urbains )في نهاية سنة 2007 على سكان 14 مدينة من مختلف القارات، إلى أن مسألة الأمن والمخاطر البيئية تعد من أهم المشاكل التي تقلق سكان المدن رغم اختلاف النسب من مدينة إلى أخرى حسب البيان أسفله والذي يتضح من خلاله أن الهاجس الأمني مسالة تؤرق سكان المدن في جميع أنحاء العالم.
تعد أولى الإرهاصات المتعلقة بالمسألة الأمنية ارتباطا بتهيئة المدن أو ما يسمى ب«التمدن أو التحضر الآمن» تلك المستوحاة من كتابات الأمريكية « Jane-Jacobs » في كتابها (déclin et survie des grandes villes américains) حيث أبرزت الباحثة أن الأحياء المهيأة على شكل عمارات ضخمة وعالية في الولايات المتحدة الأمريكية في سبعينات القرن الماضي يبقى مجالها العمومي، الخاص أساسا بالساكنة، خارج المراقبة البصرية للساكنة «أعين الحي» نتيجة طول البنايات وعدم تمكن الساكنة من «المراقبة الطبيعية» للمجال مما يجعله مرتعا للجريمة والانحرافات. يفيد هذا المبدأ أن الساكنة هي التي تتكلف بمراقبة المجال السكني.
هذا المبدأ استوحى منه «اوسمان نيومان» (Osman Newman) فكرة «المجال المدافع عنه»« espace défendable » وهو « مجال سكني ذو خاصيات فيزيائية تسمح فيه وضعية البنايات وتصميم المجال السكني للسكان بلعب دور فعال في ضمان أمنهم الخاص»[13]، مجال تسمح تهيئته للسكان بمراقبته والدفاع عنه، وتحسين ضبطه، وتطوير مراقبته اللانظامية« surveillance informelle » مما يسمح بخفض ومنع وقوع انحرافات أو جرائم.
سمح مبدأي كل من« جون جاكوب» و«اوسمان نيومان» بظهور خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وكذا في أوروبا بما يسمى بـ (Crime PreventionThroughEnvironmental Design)[14] اختصارا (CPTED)الذي يعني أن التعمير أو البناء يجب أن يمكن من مراقبة المجال المحيط بالسكن من أزقة وممرات والمداخل المؤدية إلى التجمع السكني وجميع الفضاءات الملحقة بالسكن. يعتمد هذا المفهوم على أربعة مبادئ:
- المراقبة الطبيعية أو اللانظامية للمجال حيث تسمح هندسة السكن من رؤية واضحة لجميع المرافق المجاورة من خلال النوافذ كما يجب أن يكون مستوى الإضاءة جيدا في الساحات ومواقف السيارات لرؤية أي تحرك مشبوه فيه.
- تقوية حس تملك المجال: يسمح بتقوية حس الانتماء والتملك الجيد لمجال السكن مما يمكن السكان من الدفاع عنه.
- المراقبة الطبيعية للمداخل: تهدف هذه المراقبة إلى إحداث إحساس لدى المنحرف المحتمل بالمراقبة وتقليل فرص دخوله إلى المجال السكني.
- الصيانة والتزيين: يسمح هذا المبدأ بالصيانة الدائمة للمرافق الملحقة بالسكن مما يجعلها لا تتعرض للتلف حسب مبدأ «النوافذ المكسرة»«les fenêtres cassées» والذي يفيد أن الأحياء السكنية التي يهمل سكانها صيانة مرافقها تتعرض شيئا فشيئا للتخريب مما يسمح بظهور الانحرافات داخلها.
أصبحت بعض جمعيات السكان في مدينة المحمدية تعتمد هذه المبادئ في الأحياء والأزقة، بل إن بعضها أصبح شبه منغلق لا يمكن الولوج إليها. حيث عمد السكان إلى إغلاقها بالسياج للتحكم في مداخلها وذلك بعدم السماح لغير القاطنين بالدخول. هذه العملية تجعل سكان «الزنقة» يحترمون مجالهم العمومي/ الخاص ويؤثثونه بالنباتات، ويتعهدونه بالنظافة، كما تسمح هذه العملية بخلق مجال يتقاسمه الكل ويتحمل مسؤوليته اتجاهه، كما أن بعض «الاقامات السكنية» التي كانت في الأصل غير مغلقة وغير محروسة قام سكانها بإغلاقها وتوفير الحراسة وتركيب كاميرات المراقبة مثل إقامة الزهور بشارع فلسطين، وإقامة ابن خلدون بجانب إقامة 3مارس.
هذه الظاهرة أي غلق بعض الأزقة وبعض التجمعات السكنية ظهرت في فرنسا في تسعينات القرن الماضي وتدعى ب « la résidentialisation » والتي من خلالها يقوم سكان (HLM)[15] بتحويل مجموعة من مساكنهم الاجتماعية إلى« إقامة» مغلقة، مما يمكنهم من التحكم في مداخلها و كذا وسيلة «لتحسين العيش الجماعي بين السكان»، كما أن هذه العملية تجعل الساكن يتمثل أنه يعيش في إقامة خاصة ومحروسة[16]، كما ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية ثمانينات القرن الماضي ما يسمى ب«التحضر الجديد» [17]« NEW URBANISM » لحل مشاكل المدن وتمكين ساكنة الأحياء من عيش حياة سعيدة وآمنة، يعتمد هذا المبدأ على أن تهيئ المجال وتوفير ظروف جيدة وآمنة سيخلق ظروفا اجتماعية ملائمة للسكان.
- المخاطر: رأس مال
يعد الهم الأمني من طرف السكان (سرقة المنزل أو السيارة، أمن الأطفال) هي كلها مجموعة من السيناريوهات التي يتبناها ويتوهما الساكنة، هي كلها أسباب أدت إلى تبني إشكالية الأمن من لدن المنعشين العقاريين، كما أن العديد من الدول وعت بقصور أنظمة الأمن لديها على المستوى الفعالية في معالجة المسألة الأمنية، لهذا فتح الباب أمام الأنظمة غير النظامية، كما أن بعض المجموعات الاجتماعية أصبحت لا تثق في فعالية التدخل الأمني في حال السرقات أو بعض حالات العنف. «لقد أصبحت الدول تكتفي فقط بالأمور الإدارية وتركت المسألة الأمنية للقطاع الخاص «اقتصاد السوق» حيث لم يعد الخيار أمامها إلا أن تفسح المجال أمام سوق الأمن والتأمين الذي أضحى أهم وأبرز الفاعلين في محاربة عدم الأمن»[18] ، وحسب «بيغزبيدرو»(Pirez Pedro) فإن الشعور بعدم الثقة من لدن الطبقات المتوسطة والعليا في قدرة الدولة في توفير خدمات اجتماعية وترفيهية، وكذا توفير الأمن يبقى من أهم الأسباب في انتشار هذا النوع من السكن[19].
لا شك أن المخاطر بشتى أنواعها أضحت تتغذى من بعضها البعض وتغزو حياتنا اليومية، ولابد أن نبحث عن طرق للوقاية منها لتجنبها أو التعويض عن أضرارها التي قد تصيب أجسادنا أو ممتلكاتنا أو أمننا. يعد قطاع التأمين بما في ذلك قطاع المصارف الأول اقتصاديا في العالم[20]، إنها القطاعات التي لا تخشى الكساد فهي تتغذى من الخوف المستمر فكل شيء أضحى مؤمنا؛ السكن، معظم الأنشطة الاقتصادية، السيارة ،الصحة، التقاعد، حوادث الشغل، حوادث السير…لقد غدا الشعور بالمخاطر استثمارا مربحا ف«مصائب قوم عند قوم فوائد» كما يقال، وهذا ليس فقط بالنسبة لشركات التأمين بل كذلك لشركات العقار التي تستثمر في بناء التجمعات السكنية المغلقة وتغري زبائنها بتوفير، زيادة على السكن، مجموعة من الخدمات من بينها توفير الأمن ومحاولة «تنظيف» محيط السكن من كل ما يمكنه أن يشكل خطرا على السكان القاطنين ومحاولة «حبس» أنفسهم داخل الأسوار وتركيب كاميرات المراقبة في مداخل وساحات التجمعات السكنية، و تشغيل حراس أمنيين يسهرون على أمنهم وأمن ممتلكاتهم وهذا ما يتبين من خلال إعلاناتهم الإشهارية:
« Résidence Fleur de Lys Appartements haut standing a vendre, de 90 a 150 m2. – Résidence fermé et sécurisé 24/24… »[21]
« Vivre dans une résidence verdoyante, sécurisée en étant proche de tous commerces… »[22]
كما أن شركات المراقبة الأمنية (حراس أمنيين وكاميرات المراقبة…) التي تسهر على مراقبة مداخل التجمعات السكنية المغلقة والمحروسة، ومداخل المؤسسات، وأماكن الترفيه والتسوق ناهيك عن مقاولات صناعة الأسلحة التي ازدهرت على حساب الخطاب المتداول حول الإرهاب[23].
الخوف كذلك صار من الأخبار التي تروج وتتخذ كمادة إعلامية دسمة تخدم وسائل الأعلام خاصة التقليدية التي أضحت تعيش أزمة في ظل تنامي وسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم بدور كبير في نقل أخبار الخوف والعنف وعدم الأمن والإرهاب التي غدت مشهدا يؤثث تمثلاتنا ووعينا نتيجة تكرارها يوميا «الرنين الإعلامي» في المشهد الإعلامي التقليدي والحديث[24]. المخاوف كذلك أصبحت ورقة يسخرها السياسيون لربح الأصوات وقطع الوعود لجعل المستقبل خال من المخاوف والقلق والدفاع عن أمن البلاد ضد الإرهاب والتطرف[25] لقد أصبح الخوف بتعبير «روجي سو» (Roger Sue) من بين «الأجهزة الأيديولوجية» للدولة التي لم يذكرها «لويس التوسير» (Louis Althusser)، إنها «الأيديولوجية الأمنية» التي تستعملها الدول للدفاع عن مشروعيتها و«تخدير» الفاعلين الاجتماعيين وتبرير استعمالها للعنف أو خوض حروب، إنها الدولة البوليسية مقابل الدولة الراعية التي تشير مجموعة من المؤشرات إلى نهايتها وتولي اقتصاد السوق ذلك (شركات التأمين، شركات العقار)[26]:
«إن أكبر التحديات التي نواجه اليوم هو تخلي دولة المراقبة عن وظيفة الأمن وتركها للمواطن، فيجد نفسه مجبرا على فعل أمرين:
- تحمل عبء تركيب أجهزة الإنذار…
- تأييد الإجراءات المتطرفة بما في ذلك التجسس على الناس» وسجن البعض…»
أضحت المجتمعات المعاصرة تخشى المخاطر وقلقة من المستقبل وتطلب أكثر فأكثر مزيدا من الموارد للتصدي لمصادر الخطر؛ فأكثر من ثلث موارد الدول المتقدمة يخصص للوقاية من المخاطر زد على ذلك المصارف الخاصة ومصاريف الدفاع الوطني التي تتعدى خمسي الناتج الوطني الخام للدول[27]،فهل صرنا نعيش في مجتمعات تهددها المخاطر أكثر فأكثر؟
خلاصة :
أفرز هاجس المخاطر لدى الفاعلين الاجتماعيين تمدنا يمكن نعته ب«تحضر المخاطر» الذي تجسده «الاقامات السكنية المحروسة والمغلقة»، وكذلك غلق وتسييج بعض أزقة المدينة من طرف السكان ومنع الدخول أو التجول فيها، هذا الخوف من مخاطر المدينة المتزايد أضحى رأسمال يستثمره اقتصاد السوق حيث استغل المنعش العقاري وشركات الأمن هذا الهاجس في بناء إقامات تحيطها أسوار مع توفير مراقبة وحراسة أمنية تتمثل في توفير كاميرات مراقبة وحراس أمنيين يسهرون على أمن الساكنة.
قائمة المراجع :
- زيجمنتباومان: الخوف السائل، ترجمة حجاج أبو جابر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2017.
- زيجمنتباومان»: الحياة السائلة، ترجمة حجاج أبو جابر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت، 2016.
- Roger Sue:« l’ombre du Léviathan », in: gouverner par la peur, Fayard, paris .
- Roger Sue :la société contre elle-même, Fayard, Paris.
- Robert Castel Cité par : Bertrand VIDAL : « L’immobilier au risque de l’insécurité et de l’obsession sécuritaire : le cas des GatedCommunities », Sciences et actions sociales [en ligne], N°7 | année 2017, mis en ligne le 3 mai 2017, URL : ≤http://www.sas-revue.org/index.php/n-conception/41-n-7/dossiers-n-7/actes-n7/115-l-immobilier-au-risque-de-l-insecurite-et-de-l-obsession-securitaire-le-cas-des-gated-communities≥
- François-Emmanuel BOUCHER, Sylvain DAVID et Maxime Prévost : [en ligne] http://www.etudes-litteraires.ulaval.ca/wp-content/uploads/2017/03/0-Pre%CC%81sentation.pdf
- François BELLANGER : « fragments d’un monde urbain en devenir », in : vivre en ville, sous-direction de Julien Damon, PUF,Paris, 2008.
- Jacques TELLER : « Développement de l’entre-soi communautaire dans les espaces résidentiels périurbains », Déviance et Société, 2009/4 (Vol. 33), p. 547-556. DOI : 10.3917/ds.334.0547. URL : https://www.cairn.info/revue-deviance-et-societe-2009-4-page-547.htm
- Gérald BILLARD, jaque CHEVALIER et François MADORḔ: ville fermée, ville surveillée, PUR, Rennes ,2005.
- Christine Lelévrier et Brigitte Guigou : « les incertitudes de la résidentialisation. Transformation des espaces et régulation des usages », in la société des voisins, (dir) de Bernard Haumont et Alain Morel, paris : la maison des sciences de l’homme, p.51-52.
- Congress for the New Urbanism : https://www.cnu.org/
- Mucchielli LAURENT. Sébastian ROCHḔ: Sociologie politique de l’insécurité. Violences urbaines, inégalités et globalisation.In : Revue française de sociologie, 1999, 40-1. Fluidité et hiérarchie. L’évolution de la stratification sociale en France. pp. 187-190. [En ligne] : ≤persee.fr/doc/rfsoc_0035-2969_1999_num_40_1_5159≥.
- Séguin, A : Les quartiers résidentiels fermés : une forme ségrégative qui menace la cohésion sociale à l’échelle locale dans les villes latino-américaines ? Cahiers de géographie du Québec, 47(131), 179–199. doi :10.7202/007571ar.
- Jacques Attali : le sens des choses, Edition Robert Laffont, Paris ,2009.
- Valérie Peugeot : Faire peur à la peur, in : gouverner par la peur, Fayard, Paris, 2007.
- Denis Kessler :« assurance de demain », in le sens des choses, Edition Robert Laffont, Paris, 2009.
- Paul Bischoff: surveillance camera statistics : whichcities have the most CCTV camera ?, https://www.comparitech.com/vpn-privacy/the-worlds-most-surveilled-cities/
- http://www.roukia2-mohammedia.com/
- https://www.soukimmobilier.com/mohammedia/appartement/05797892
[1]في مقال آخر سأدرس بالتفصيل ظاهرة الإقامات المحروسة بمدينة المحمدية.
.[2] يعيش العالم وأنا اكتب هذا المقال هلعا شديدا؛ أغلقت الدول حدودها وشلت الحركة في أغلب بلدان العالم نتيجة تفشي فيروس كورنا المستجد والذي انطلق من الصين لينتشر في أقصى بقاع العالم محدثا خسائر بشرية واقتصادية مهمة بل وينذر بأزمة اقتصادية أشد من أزمة 2008 حسب الخبراء.
[3] Voir : Chauchefoin Pascal : La société en réseaux. L’ère de l’information (Manuel Castells), [en ligne] https://www.persee.fr/doc/flux_1154-2721_2000_num_16_39_1702.
[4]الاسم التجاري للتجمعات السكنية المغلقة والمحروسة
[5]Roger Sue : « l’ombre du Léviathan », in: gouverner par la peur, Fayard, paris, 2007, p.22.
[6]Robert Castel Cité par : Bertrand VIDAL : « L’immobilier au risque de l’insécurité et de l’obsession sécuritaire : le cas des Gated Communities », Sciences et actions sociales [en ligne], N°7 | année 2017, mis en ligne le 3 mai 2017, URL : ≤http://www.sas-revue.org/index.php/n-conception/41-n-7/dossiers-n-7/actes-n7/115-l-immobilier-au-risque-de-l-insecurite-et-de-l-obsession-securitaire-le-cas-des-gated-communities≥
[7]زيجمنتباومان: الخوف السائل، (ترجمة حجاج أبو جابر (، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت،2017، ص 19.
[8]زيجمنتباومان، الحياة السائلة، (ترجمة حجاج أبو جابر)، الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت، 2016، ص 100.
[9] Voir : François-Emmanuel Boucher, Sylvain David et Maxime Prévost : [en ligne] https://www.erudit.org/fr/revues/etudlitt/1969-v2-n1-etudlitt03019/1039377ar/
[10]Paul Bischoff: surveillance camera statistics: which cities have the most CCTV camera ?, https://www.comparitech.com/vpn-privacy/the-worlds-most-surveilled-cities/
[11] François BELLANGER : « fragments d’un monde urbain en devenir », in : vivre en ville, sous-direction de Julien Damon, PUF, Paris, 2008, p.213-234.
.[12]البيان من انجازي حسب معطيات الدراسة.
[13]Cité par : Jacques TELLER : « Développement de l’entre-soi communautaire dans les espaces résidentiels périurbains », Déviance et Société, 2009/4 (Vol. 33), p. 547-556. DOI: 10.3917/ds.334.0547. URL: https://www.cairn.info/revue-deviance-et-societe-2009-4-page-547.htm
[14]Gérald BILLARD, jaque CHEVALIER et François MADORḔ : ville fermée, ville surveillée, PUR, Rennes, 2005, p.147-148.
[15]Habitation à Loyer Modéré.
[16]Christine Lelévrier et Brigitte Guigou :« les incertitudes de la résidentialisation. Transformation des espaces et régulation des usages », in la société des voisins, (dir) de Bernard Haumont et Alain Morel, paris : la maison des sciences de l’homme, p.51-52.
[17]Voir : Congress for the New Urbanism : https://www.cnu.org/.
[18]Mucchielli LAURENT. Sébastian ROCHḔ : « Sociologie politique de l’insécurité. Violences urbaines, inégalités et globalisation ».In: Revue française de sociologie, 1999, 40-1. Fluidité et hiérarchie. L’évolution de la stratification sociale en France. pp. 187-190. [En ligne] : ≤www.persee.fr/doc/rfsoc_0035-2969_1999_num_40_1_5159≥.
[19]Cité par : Séguin, A. (2003) : Les quartiers résidentiels fermés : une forme ségrégative qui menace la cohésion sociale à l’échelle locale dans les villes latino-américaines ? Cahiers de géographie du Québec, 47(131), 179–199. doi :10.7202/007571ar.
[20]Jacques Attali : le sens des choses, Edition Robert Laffont, Paris,2009, p.283.
[21]Voir : https://www.soukimmobilier.com/mohammedia/appartement/05797892
[22]Voir : http://www.roukia2-mohammedia.com/
[23]Valérie Peugeot, Faire peur à la peur, in : gouverner par la peur, Paris : Fayard, 2007, p.9.
[24]Roger Sue : la société contre elle-même, Fayard, Paris ,2005, p.18.
[25]انظر مجموعة من خطابات السياسيين من مثل (امانويل ماكرون) في خطاب يوم 10 ابريل 2017 وخطاب (دونالد ترامب) يوم2 نونبر 2018 والأمثلة كثيرة على ذلك.
[26]زيجمونتباومن: المرجع نفسه، ص 20.
[27]Denis Kessler :« assurance de demain », in le sens des choses, EditionRobert, Laffont, Paris, 2009, p.282.