الفنادق ودورها في التواصل التجاري بين الجاليات الأوروبية والمدن المغربية: نموذج فنادق مدينة سلا خلال العصر الوسيط
The fandouks and their commercial communication role between European communities and Moroccan cities: Middle Age fandouks in Sale as a model.
د.خالد عبوبي/جامعة الحسن الثاني، المغرب Pr. Khalid ABOUBI /Hassan II University, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 75 الصفحة 9.
ملخص:
يعد الفَنْدَق (بفتح الفاء)، إحدى المكونات المعمارية لنسيج المدينة بالفضاء المغربي، ارتبط بالوظيفة التجارية التي لعبتها بعض المدن خلال العصر الوسيط، ونظرا لحيوية هذه الأدوار التي تجاوزت المعاملات التجارية، فقد أخذت هذه الفنادق موقعا متميزا ضمن الفضاء المعماري للمدينة، لنجده حاضرا ضمن المعاهدات التجارية التي عقدها التجار الأوروبية مع المدن المغاربية، حيث ضمت في أغلبها فنادق خاصة بالجنويين والبندقيين والقطلانيين وغيرهم من التجار الأوربيين.
لذلك يسعى هذا المقال لتلمس هذا الحضور التجاري الأوربي، من خلال نموذج فنادق مدينة سلا المغربية ومقارنته بغيرها من المدن المغاربية.
الكلمات المفاتيح: الفندق-مدينة سلا-التجار الأوروبيون-المدن المغاربية.
Abstract:
The Fondouk is one of the architectural components of the urban fabric of Moroccan cities. It was associated to commercial services that some cities witnessed during the Middle Age. Due to the crucial roles that overtook mere business transactions, the Fondouk was granted a privileged position within the architectural space of the city. It was made a part of the commerce treaties that the Europeans held with Moroccan cities. Most of them included fondouks designed for Genoese, venetian, Catalanians and other European merchants.
Thus, this article seeks to examine the European commerce presence through the survey of fondouks of Sale, and set up comparison with other Maghrebi cities.
Key words : fondouks – Sale – European merchants – Maghrebi cities.
مقدمة:غدت الفنادق خلال العصر الوسيط مرافقا خدمية لا يمكن الاستغناء عنها، نظرا لمحوريتها في العمليات التجارية التي احتضنتها المجالات المدينية في الغرب الإسلامي، ومن تم فقد شكلت هذه المؤسسات فضاء للتبادل الحضاري بين التجار الوافدين وبين الساكنة المحلية، فلم يكن الفندق ذا بعد وظيفي محدود، يقتصر على الوظائف التجارية المعهودة كإسكان الغرباء عن أوطانهم، وإنما كان مؤسسة تجارية معقدة التنظيم يؤمها المسؤول الرسمي، ويأوي إليها ابن السبيل، والمتصوف العابد، ويقيم بها التاجر الباحث عن الربح وجمع المال، كما أن هذه المؤسسات أصبحت موضوع تشريع، وتنظيم، ومراقبة، من قبل ذوي السلطة والنفوذ على اختلاف مواقعهم، وعاش بها القناصل والمشرفون على الجاليات الأوروبية، ومن جهة أخرى استقر بها أهل اللهو، والمجون، والبغاء، وسجِن بها من كان خارجا عن الطاعة في بعض الأحيان.
فكيف ساهمت هذه الفنادق في تحقيق التبادل الحضاري بين هذه الجاليات الأوروبية الوافدة، وبين المجالات الحضرية المغربية؟
تأسيسا على هذه الرؤية تأتي هذه الورقة البحثية، لتقارب موضوع فنادق مدينة سلا من الناحية الوظيفية، في محاولة لاستنطاق المعطيات المصدرية المتنوعة؛ وذلك بغية الوقوف جوانب من هذه العمائر الخدماتية، خاصة فيما يتعلق باستقبالها لوفود التجار الأوروبيين.
أولا: الدينامية التجارية لمدينة سلا.
تميزت مدينة سلا الوسيطية برواجها التجاري، حسب ما هو مسجل في مرويات المصادر التاريخية، وذلك بالنظر إلى الموقع الساحلي للمدينة، مما أهلها لتلعب دورا محوريا في الدينامية التجارية لحوض أبي رقراق، سواء تعلق الأمر بالتجارة الخارجية أو التجارة الداخلية، مستفيدة من هذه المساحلة للمحيط الأطلسي ومن موقع الوسط الذي يربط بين شمال المغرب وجنوبه، بالإضافة إلى ما تميز به أهل سلا من حذقهم وبراعتهم في عدة أنواع من الحرف التي شكلت سلعا قابلة للرواج الخارجي حيث كانت تلك البضائع والمنتوجات المتنوعة قد تجاوزت شهرتها حوض البحر الأبيض المتوسط لتصل إلى الأسواق الأوروبية.
يقول في هذا الصدد محمد بن علي الدكالي: “ولأهلها تجارة وعمل في الكتان ويصنع بها الأمشاط الكثيرة، وهي أعظم حرفها، ويقصدها مراكب الجهات البحرية من جنوة والبندقية بأنواع الثياب الفاخرة من الملف والحرير فيربح معهم تجار أهل البلد ربحا كثيرا” ويعلق الدكالي على هذا الإيراد بقوله” والحاصل أن كل ما يحتاج إليه في المدن الكبار موجود بهذه المدينة والخيرات بها كثيرة، وكان يقصدها مراكب اشبيلية وبرشلونة ومرسية بالزيت والزعفران”[1].
وهي شهادة كما يبدو من عباراتها أن مدينة سلا كانت في عداد المدن ذات الرواج التجاري المتحرك، وغير خفي أن مدينة بهذه المواصفات قد احتوت على مرافق متعددة ومنها الفنادق، هذه الأخيرة التي ستحتاجها الوفود القادمة من أغلب البلدان من التجار والباعة الذين يسعون إلى ممارسة النشاط التجاري بالمدينة.
وهو الأمر الذي استنتجه الوزان أثناء زيارته لسلا بعد أن حدد موقعها وعراقتها في التاريخ واصفا بيوتها بأنها” مبنية على طريقة القدماء، مزينة كثيرا بالفسيفساء وأعمدة الرخام، ومساجدها في منتهى الجمال والزخرفة. وتنطبق هذه الأوصاف أيضا على الدكاكين الواقعة تحت أروقة كبيرة جميلة. وعندما يمر المرء أمام عدة دكاكين، يجد قوسا مبنيا على ما يقال ليفصل بين حرفة وأخرى” قائلا “أستنتج من ذلك أن سلا تملك من الترف والبذخ ما يضفي عليها طابع مدينة عريقة في الحضارة“. بل إننا سنجد الوزان يستشهد بقوة الرواج التجاري للمدينة والذي ستلعب فيه فنادقها دورا رئيسيا في توفير أماكن الإقامة والاستراحة لكل الوفود القادمة إلى المدينة.
وسنجد الارتباط المشار إليه بين فنادق المدينة وتجارتها الخارجية[2]، غير مقتصر على تلك المبادلات، بل إن ذلك ينصرف حتى إلى التعاملات الداخلية.
ثانيا: أهمية موقع سلا في الطرق التجارية
لا يمكن للباحث على مستوى التاريخ الاقتصادي والتاريخ الاجتماعي، أن يتجاهل دور الطرق التجارية (الخاصة بتجارة القوافل)، في تأثيث الفضاءات الاقتصادية للمجال المغربي، وهنا يبرز دور المدن المحطات إذا جاز لنا تسميتها بذلك، فمدينة سلا يذكرها الإدريسي ضمن (الطريق الرابط بين فاس وسلا) قائلا : ” بين مدينة فاس ومكناسة أربعين ميلا، وفي جهة الغرب ومكناسة مدائن عدة، وهي في طريق سلا والطريق إليها من فاس إلى مدينة مغيلة، ومغيلة كانت قبل هذا الوقت متحضرة متصلة العمارات وهي فحص أفيح كثير الأعشاب والخضر والأشجار والثمار….“[3]. وتقدر المسافة بين فاس ومكناسة بمسيرة يوم تام، ثم يستمر الطريق بين مكناسة إلى أن يصل إلى سلا على ساحل المحيط الأطلسي، وطول هذا الطريق أربعة مراحل. وإلى جانب هذه الطريق يذكر الإدريسي طريقا أخرى تربط بين مدينة مراكش وسلا حيث يصفه قائلا: “ومن مدينة مراكش إلى مدينة سلا على ساحل البحر تسع مراحل أولها نونين وقد وصفها بأنها قرية على أول فحص أفيح لا عوج به ولا أمت وطول هذا الفحص مرحلتان ويسكنه قبائل البربر لمطة وصدراته“[4]، ويبين الإدريسي في وصفه لهذا الطريق على أنه يمر من عدة قرى كقرى إيحيسل وأنقال ومكول إلى أن يصل إلى قرية ايكسيس ومنها إلى مدينة سلا.
يتضح من هذه الإشارة المصدرية ما كان يتمتع به موقع مدينة سلا من خصائص استراتيجية، جعلتها بحق ملتقى للطرق السهلية والجبلية في المغرب الأقصى. مما أهلها للعب أدوار طلائعية في الربط بين جنوب البلاد وشمالها وقد تحدثت المصادر عن تلك الدرجة التي بلغتها مدينة سلا بمينائها من استقبال السفن المختلفة وفي مقدمتها السفن الأندلسية، يقول في هذا الصدد الإدريسي : “ومراكب أهل إشبيلية وسائر المدن الساحلية من الأندلس يقلعون عنها (أي عن ميناء سلا) ويحطون بها بضروب من البضائع وأهل إشبيلية يقصدونها بالزيت الكثير وهو بضاعتهم ويتجهزون منها بالطعام إلى سائر بلاد الأندلس“[5]ن ويستمر الإدريسي واصفا هذا الانتعاش التجاري للمدينة قائلا: ” والمراكب الواردة عليها لا ترسى منها شيء من البحر لأن مرساها مكشوف وإنما ترسى المراكب بها في الوادي وتجوز المراكب على فمه بدليل لأن في فم الوادي أحجار وتروش تنكسر عليها المراكب وفيه أعطاف لا يدخلها إلا من يعرفها وهذا الوادي يدخله المد والجزر في كل يوم مرتين، وإذا كان المد دخلت به المراكب إلى داخل الوادي وكذلك تخرج وقت خروجها“[6].
ثالثا: العلاقات التجارية بين مدينة سلا والجاليات التجارية الأوروبية
إن أهمية الموقع الساحلي البارز للمدينة المشار إليها آنفا، جعلها مطروقة من طرف البحريات التجارية الأوروبية ومقرا للتبادل الملاحي من القرن 12م إلى القرن 16، ولم يقتصر الأمر على جهة محددة بل تعدد الحضور الأوروبي وشمل عدة أجناس أوروبية توافدت على المدينة.
1-العلاقات التجارية لمدينة سلا مع جمهورية جنوة
غدت جنوة خلال القرن 13م إحدى المدن الإيطالية التي تحكمت في التجارة البحرية بالحوض الغربي للمتوسط، حتى اعتبر بعض الباحثين المعاصرين، التجارة المتوسطية بمثابة الرئتين اللتين كانت جنوة تتنفس منهما. فوضعها الطبوغرافي والجغرافي ضمن مجال فلاحي ضيق تحاصره جبال ليغوريا، استوجب حسب ” هيرس”، أن تدير وجهها نحو البحر إن هي أرادت الحياة.[7] ومما يؤشر على تزايد أهمية ممارسة التجارة البحرية لدى الجنويين، اقتناعهم بحيوية هذا النشاط لديهم، وهو ما تجسد في معادلة ذائعة تنسب إلى مؤلف مجهول، والتي تقول: “أنا جنوي، إذن أنا تاجر” وباللغة الإيطالية ” Genuensis ergo mercator”.
لقد حظيت العلاقات التجارية مع هذه الجمهورية بعناية مبكرة، تجلت في عقدها مع السلطان الموحدي أبي يعقوب يوسف، اتفاقية تجارية تسمح بدخول كافة مراسي الإمبراطورية المفتوحة للتجار الجنويين لقاء تسديد %10، وتمثل هذه الاتفاقية بحق أول أثر للعلاقات المنتظمة بين المغرب وأوروبا.
وطيلة العصر الوسيط شكلت سلا مقر تبادل تجاري يتعاظم بدون توقف مع التجار المسيحيين خاصة منهم الجنويين الذين حافظوا على احتكار التجارة لما يقارب أربعة قرون.
نسجل بروز اسم سلا كمرسى للمبادلات التجارية ومطروقة بانتظام من طرف السفن الأوروبية، حين أدرج عقد رسمي أبرم بجنوة سنة 557هـ/1162م[8] كتب باللغة اللاتينية ويمثل عقد شراكة بين تاجرين جنويين للتجارة بمراسي إفريقيا، يقر فيه أحد الطرفين بتلقيه قيمة 100 ليرة من الآخر في صيغة طلاء وكبريت وزعفران إلخ، ويلتزم فيه بنقله في التو وبيعه.
وفي القرن السادس الهجري/ 12م، تعرضت تجارة بيزا المنهارة للتلاشي أكثر فأكثر من تجارة جنوة التي نجحت بفضل تحالفاتها القوية في تخريب منافستها، وكان الجنويون الذي تعاظم تأثيرهم حينذاك بالمغرب يستوردون من سلا الجلود، والأقمشة المكونة من وبر الماعز، والشمع والعسل، ويجلبون إليها كميات كبيرة من المعادن، ولاسيما النحاس الذي كان لايزال مجهولا في المغرب.
ولاحقا سيرتاد البنادقة بدورهم تلك المرسى، إلى جانب الكاطالانيين والأرغوانيين الذين بوساطة إشبيلية وبلنسية وبرشلونة كانوا يوجهون صوب تلك المرسى كميات هائلة من زيوت الزعفران المطلوبة بشدة في المغرب. وكان التجار المسيحيون يصدرون إلى سلا أيضا الأغطية الخفيفة فاقعة الألوان، والأقمشة الإيطالية، والمنسوجات الحريرية، والخشب المعالج والقصدير، والذهب والفضة سبائك أوعملات، ويستوردون منها الكتان، والنيلة، والقطن والحبوب، والثمار الجافة…[9].
ونتيجة للامتيازات التي منحت للتجار الجنويين مع بلاد المغرب، اتسع حجم التبادل التجاري مع موانئ المغرب الأقصى ولا سيما مع مدينة سلا، حتى قيل إن الجنويين فكروا في غزو سلا والاستيلاء عليها[10].
ورغم أن التواجد الجنوي بالمغرب استأثرت به مدينة سبتة خاصة في القرن 12م/6هـ، فإن سلا هي الأخرى حظيت بنصيبها من هذا التواجد، خاصة إذا علمنا ما كان يربط حواضر المغرب من تبادل تجاري، فالمدينتان عرفتا أشكالا متنوعة من التبادل فسبتة بموقعها المتميز المطل على العالم الأوربي شكلت منطقة جذب لتجار العالم المتوسطي، مما جعلها ترتبط بجل الحواضر المنتعشة اقتصاديا باعتبارها روافد هامة لنشاطها التجاري، ولعلنا نتساءل عن سبب تخصيص باب من أبواب سلا باسم المدينة باب سبتة. هل مرد ذلك إلى كونه المعبر الوحيد لمن يرغب في الاتجاه لمدينة سبتة؟
أم أن للتسمية أسباب أخرى؟ وأيا كان السبب فإن التسمية تؤشر على الصلات التجارية القديمة التي ربطت بين المدينتين، وسنسجل نفس الملاحظة في علاقة مدينة سلا بمدينة فاس، من خلال تخصيص باب فاس بهذا الاسم أيضا.[11]
لم تقتصر هذه العلاقات التجارية على جنوة دون غيرها من الواجهات التجارية الأوروبية، بل تعدتها، لنجد أنه انطلاقا من القرن الثامن الهجري/ 14م، سيرد اسم سلا عند البرتغاليين، وفي تلك الفترة لم تكن المدينة قد توقفت عن التعاظم من حيث أهميتها، وأضحت المركز التجاري الأول للمغرب الأقصى، وكان ارتيادها من أجل التبادل مع عموم أجزاء البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا الشرقية، وقد خلف لنا بن الخطيب وصفا لازدهار سلا في تلك الحقبة قائلا: ” معدن القطن والكتان والعصير العظيم الشان، والأسواق الممتازة برقيق الحبشان“[12]. ولعل إشارته إلى بيع العبيد بقوله ” الأسواق الممتازة برقيق الحبشان“، تجعلنا نتساءل عن طبيعة هذه التجارة؟ وإلى أي حد استمرت داخل الوسط السلاوي؟
لا شك أن الحقبة التي زار فيها بن الخطيب المدينة خلال القرن الثامن الهجري، شكلت فترة زاهية بالنسبة لسلا، وكانت تجارتها رائجة، ولكن نتساءل هل عرفت المدينة فندقا خاصا ببيع العبيد على نحو ما اشتهر على مدينة فاس، من وجود فندق يسمى بفندق البركة الكائن بحي القطانين، بقلب المدينة؟ وحسب إفادة وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، فإن “بناية الفندق أخذت ابتداء من القرن العاشر الهجري/ 16م، اسم فندق البركة [13] حيث أصبحت تخصص كل مساء، وإلى غاية سنة1912م لبيع العبيد، فأدى الرق والتخلي عن استغلال الفندق إلى تدهوره“[14]، بالنسبة لحالة مدينة سلا، ليس هناك ما يفيد وجود فندق على غرار فندق البركة، ولكن هناك وثيقة تعود لسنة 1316هـ/1898م، تظهر أن الرقيق وإن كان بيعه غير محرم، إذ اختص به سوق محدد بالقرب من سوق الغزل، فإنه كان يسمسر بالأزقة والأسواق، وأن صداق كثير من بنات الأسر الغنية كان يتضمن التزاما بتوفير رقيق الخدمة[15]، حيث أتبث الأخوان طارو خلال زيارتهما للمدينة بحثهما عن فندق متخصص في بيع العبيد، لكنهما لم يتوفقا في الوصول إليه، وهي إشارة تؤكد مما يعني استمرار الظاهرة إلى حدود القرن 19[16].
رغم عدم وجود تفاصيل عن تجارة سلا خلال القرن 15م، غير أنه في مطلع القرن 16م، ستطالعنا شهادة الوزان التي تصف ميناء المدينة بكونه مهبط التجار المسيحيين من مختلف الجنسيات، من جنويين وبندقيين، وانجليزيين وفلامانديين، لأنه كان يستعمل كميناء لكل مملكة فاس[17].
كانت سلا تستورد من أوروبا بحسب الكاتب ذاته أغطية إنجلتر، وأصواف الفلاندر وأقمشتها، وسكر الأندلس، والأصباغ، فضلا عن الدروع اللومباردية والألمانية، وكانت تنتج الأقمشة القطنية وتوفر لها مساحات زراعية هامة، حيث معظم سكان المدينة حائكون يصنعون ثيابا من القطن في غاية الرقة والجمال[18].
إن هذه الدينامية التي طبعت المجال التجاري للمدينة، وجعلتها قبلة لوفود متعددة من العالم الأوروبي، تفرض علينا تساؤلا ملحا، استوجبته الملاحظة التي سجلناها ونحن نقلب بين ثنايا هذه الشهادات المصدرية المتعددة، وهي عدم وجود فندق خاص أو حارة مفتوحة مثلما وجد في مدن مغاربية متعددة، بل كان المسيحيون يعيشون فيها دون تمييز لأصولهم.
فما هي أسباب انعدام هذه المؤسسة الفندقية بالأوصاف التي أشرنا إليها؟ رغم ما وقفنا عليه من الرواج المتبادل بين المدينة والضفة الأوروبية.
رابعا: الفندق مؤسسة تجارية في الفضاء المغاربي
يفرض علينا التساؤل الذي طرحناه الرجوع إلى المجال المديني المغاربي، بغاية المقارنة بين حواضر هذا الفضاء مع مجال مدينة سلا. وذلك من أجل محاولة الوقوف على أسباب هذا الانعدام الفندقي المتخصص.
لقد أدى تنامي التجارة الدولية عبر مسافات بعيدة في المتوسط ودخول التجار المسيحيين الغربيين بوفرة مجال المدن الإسلامية، سواء في الشرق أو في الغرب، إلى إعادة النظر في المؤسسات المحلية المعهودة الخاصة بالتجار الأجانب وبالمسافرين. فالتجار الأجانب يحتاجون إلى أماكن آمنة للإقامة وتخزين السلع، كما يحتاجون إلى أماكن لممارسة شعائرهم الدينية وإلى تجهيزات للطبخ والاستحمام وأسواق للبيع والشراء، وخاصة اللاتينيين المسيحيين.[19]
لقد لعب الفندق دورا بارزا في هذا الصدد وأضحى منذ القرن السادس الهجري / 12م يمثل مركزا للتجارة المسيحية الغربية، يسهل وينظم نشاط الجاليات التجارية الأوروبية[20]، وهو ما لم تسجله المصادر بالنسبة لمدينة سلا رغم التوافد الكبير لهذه الجاليات على المدينة في الفترة المشار إليها. عكس ما ألمحت إليه بالنسبة لكثير من حواضر الغرب الإسلامي.
فمن المدن المرفئية الشبيهة بحالة سلا نجد مدينة الإسكندرية التي كانت تمتلك فيها كل دولة مسيحية بحرية فندقها سنة 723هـ/1323م، فهناك فندق للجنويين وآخر للبنادقة وآخر لسكان مرسيليا وآخر للقطلانيين وغيرهم. وعلى كل تاجر أن يتجه بنفسه مع كل ما لديه من بضائع نحو الفندق المخصص لأهل بلده أو جهته باتفاق مع توجيهات قنصله. وهو رأس المؤسسة والمشرف على كل المقيمين فيها[21].
وسنجد الوضع نفسه بالنسبة للمدن الحفصية بتونس، حيث لعبت الفنادق تلك الأدوار التجارية، بل كانت نصوص المعاهدات حافلة بإشارات تفصيلية لمؤسسة الفندق وأدوارها الوظيفية الخاصة بالجاليات التجارية الأوروبية، حيث أكدت على أن الهدف الأساسي من هذه الفنادق هو توفير مقرات دائمة ولائقة لكل الدول الصديقة التي أبرمت معها اتفاقيات للتبادل التجاري والتمثيل القنصلي لتباشر منها إدارة مصالحها السياسية والاقتصادية. لقد برهنت الفنادق على تواصل العلاقات التجارية واستمراريتها. والحقيقة أن دورها تجاوز المجال التجاري لتصبح منشأة متعددة الصلاحيات، تضم بداخلها عدة هياكل وأجنحة نفعية، منها جناح سكني لإقامة التجار، وجناح لتخزين السلع، ومكاتب لتسيير الفندق ولقضاء شؤون ومصالح أفراد الجالية. وهي المهمة التي كان يقوم بها القنصل في أغلب الأحيان، وكنيسة لتأدية العبادات والشعائر الدينية ولإقامة الاحتفالات في الأعياد والمناسبات الدينية وكذلك مدافن لدفن الموتى.[22]
بل إن كثيرا من الفنادق الحفصية احتضنت سجنا بداخلها أو بالأحرى مكانا مناسبا لتنفيذ العقوبات التي كان يصدرها القنصل من حين لآخر ضد بعض التجار أو أعوانهم إذا ما ارتكبوا أي خطأ أو قاموا بأي اعتداء، على أي كان من المقيمين في الفندق مما يستدعي نوعا من العقوبات الزجرية.
ولعل هذه الامتيازات التي وفرتها المؤسسات الفندقية وهي تؤدي وظائفها التجارية في الفضاء المغاربي، تجعلها مليئة بالاصطدامات بين التجار بعضهم البعض من جهة، وبين ساكني المدينة ممن لهم احتكاك مباشر بهم من جهة أخرى. وعموما فالفندق في هذه المدن وفر للأجانب، قدرا من الاستقلالية، وجعل علاقة التجار المسيحيين محدودة بالمحيط الخارجي، وكأن الفندق مثل وحدة سكنية منفصلة ولو جزئيا عن المدينة بما احتواه من خدمات متعددة[23]، فهل يمكن أن نتصور مؤسسة الفندق في مدينة سلا بهذه الأدوار المتقدمة، مع ما نعرفه من طبيعة المجتمع السلاوي المحافظ والحذر تجاه الوافد على مجال المدينة أو “البراني” بلسان أهل سلا؟ وهل يؤيد انعدام احتضان مدينة سلا لفنادق خاصة بهذه الجاليات الأوروبية، نظرة المؤرخين الفرنسيين الذين كتبوا مونوغرافيات، خاصة بالمدن المغربية واعتبروا أن كلا من فاس وسلا، تمثلان أكثر المدن المغربية تعصبا من الناحية الدينية؟[24].
هل يمكن أن تكون المدن الحفصية أكثر تسامحا من مدينة سلا، فالفنادق الحفصية أعطت الحق للتجار الإيطاليين امتلاك فندق في كل مدينة، مع إمكانية بناء كنيسة ومقبرة[25]، وهو ما لم نستطيع الوقوف عليه بالنسبة للفنادق السلاوية، كما أن كثرة الفنادق المخصصة لهذه الجاليات تؤشر على ما تمتعوا به من حضور لافت، لم يقتصر فقط على العنصر الذكوري، بل تعداه لتسجل الشهادات التاريخية تعاطي النساء الجنويات للتجارة مع المغرب مند القرن السادس الهجري/ 12م. حيث تكشف عقود الموثق “باتفليو” عن حضورهن بتونس، وهذه الشهادة تنفي ما زعمه برانشفيك من تحريم وجودهن بالفنادق، حيث يسوق مصطفى النشاط مثالا للدلالة على ذلك وهي شهادة لجنويين” Ugo ” و” Alberto” بفندق الكطلانيين بتونس، على أن ” كطلنينا” ابنة ” فرسرريو” قدمت شكوى ضد مواطنها ” بوبيو” باعتبارها حاملة منه في شهرها الثالث، والتزمت بأن تسلم المولود إلى والده، سواء أكان ذكرا أو أنثى[26].
ولم يقتصر هذا السخاء على الإيطاليين وحدهم، بل تعداه لغيرهم كأهل مرسيليا الذين كانوا يترددون باستمرار على موانئ إفريقية، حيث أنه في 626هـ/ 1229م حدد القانون الأساسي لمدينة مرسيليا نظام بيع الخمر في المراكز التجارية بتونس وبجاية وهل يمكن أن يقع نفس الصنيع بالنسبة لمدينة سلا؟ ثم نتساءل مرة أخرى، لماذا لم توفر مدينة سلا هذا الفضاء الفندقي للتجار الأجانب رغم تأكيد المعاهدات المبرمة معهم على حقهم في امتلاك فنادق خاصة بهم، لممارسة أنشطتهم التجارية التي كانت تستدعي، -لزاما-المكوث لأيام أو شهور حتى، بمدينة سلا؟
وحتى نتلمس قيمة الفنادق ودرها التجاري البارز، نورد فيما يلي جدولا يبين الحضور اللافت لهذه المؤسسات في نصوص معاهدات السلم والتجارة التي أبرمت في القرنين الثاني عشر والرابع عشر على الصعيد المتوسطي.
جدول الفنادق ضمن نصوص المعاهدات التجارية
الأطراف الموقعة على الاتفاقية | تاريخ الاتفاقية | نص الاتفاقية | المصدر |
السلطان أبي عنان المريني وحكومة بيشة | 28ربيع الثاني 759 الموافق 9أبريل 1359م | ومنها الفصل التاسع مما طلبوه أنهم حيثما حلوا ببلادنا فيسكنون في فندق خاص بهم أو دار إن لم يكن بالبلد فندق منحازين دون غيرهم من طوائف الروم، فعملنا لهم ذلك | [عقد سلام وتجارة بين أبي عنان وحكومة بيشة 28ربيع الثاني 759] أحمد العزاوي، العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصر الوسيط من خلال نصوص للمراسلات واتفاقيات السلم والتجارة، ص، 1/50. 2011م مطبعة الرباط |
تونس وأركون | 25صفر 761 الموافق لـ 15 يناير 1360م | وأن تبنى لهم فنادقهم المعروفة لسكناهم بالحضرة العلية المذكورة وتصلح بيوتها ومخازنها، ولا يسكن معهم فيها من غير صنفهم إلا برضاهم وأن يكون لهم قناصلة بالحضرة العلية | اتفاقية سلم وتجارة بين تونس وأركون 25صفر. أحمد العزاوي، العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصر الوسيط من خلال نصوص للمراسلات واتفاقيات السلم والتجارة، ص، 135/1. 2011م مطبعة الرباط 761 |
بيشة وتونس | 21جمادى 713 الموافق لـ 12 سبتنمبر 1313م | وأن يكون لهم ببونة حرسها الله فندق يختصون بنزولهم فيه لا يشاركهم فيه غيرهم من النصارى وأن يجروا فيه على عوائدهم في حضرة تونس حرسها الله وكذلك في قابس وصفاقس وطرابلس. | اتفاقية سلام وتجارة مع بيشة وتونس أحمد العزاوي، العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصر الوسيط من خلال نصوص للمراسلات واتفاقيات السلم والتجارة، ص، 144/1. 2011م مطبعة الرباط |
تونس وبيشة | 11 ربيع الثاني 754. الموافق لـ 15 ماي 1353م | – وعلى هذا أن يكون لهم في كل بلد من البلاد الافريقية الساحلية المعلومة بنزولهم فيها للتجارة فندق يختصون به لتجارتهم لا يشاركهم في سكناه غيرهم، ويمكنوا في كل فندق من الكنيسة التي فيه ومن مدفن لموتاهم ومن فرن يختصون به على جري العادة المتقدمة وأن لهم دخول حمام يختصون به يوما في الجمعة | اتفاقية سلام وتجارة بين تونس وبيشة أحمد العزاوي، العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصر الوسيط من خلال نصوص للمراسلات واتفاقيات السلم والتجارة، ص، 149/1. 2011م مطبعة الرباط |
أول ما يلاحظ على نصوص هذه الاتفاقيات، هو تخصيص مؤسسة الفندق بفصول خاصة، مما يبرز الأهمية المشار إليها سابقا، ونستشف منها أيضا أن بعضا من هذه الامتيازات التي نصت عليه هذه الاتفاقيات، لم تخص مجالا محدودا وضيقا بل كان امتيازا يشمل كافة المدن التي يمارس بها هؤلاء التجار القادمين من ضفة المتوسط الأخرى. فالاتفاقية الأولى الواردة في الجدول أعلاه نصت على هذا الشمول من خلال عبارتها ” ومنها الفصل التاسع مما طلبوه أنهم حيثنا حلوا من بلادنا حاطها الله تعالى فيسكنون في فندق خاص بهم“.
رغم تسجيل ماس لا تري توفر بيزا وجنوة على مراكز تجارية بكل من صفاقس وقابس وسلا مند قـ12 م لكن قليلا ما كانت تبلغ المعاهدات أهدافها[27].
لكن المصادر تسكت عن وجود هذه الفنادق بمدينة سلا، قد تكون فعلا تلك المعاهدات غير كافية لتفعيل هذا الأجراء كما كان الحال بباقي المدن المغاربية الأخرى التي شهدت هذا التقارب التجاري الإيطالي المغربي.
لقد كان التجار ومواطنو الدولة التي بينها وبين العاهل المغربي اتفاقية، يتمتعون بالحماية وكذا أولئك الذين خول لهم السلطان امتيازات، وتشمل هذه الضمانات حق الإقامة في المدن والأسفار عبر البحار، لقد كانت الاتفاقيات تؤكد هذه الوضعية، “الجدول أعلاه”، حيث كانت بعض السفن الإسلامية تخول لمواطني القوة الحليفة التسهيلات الكاملة سواء أبحروا على سفنهم أو على سفن أخرى. لقد كانوا بذلك تحت الرعاية الكاملة للسلطان، وكان القانون صارما في معاقبة كل من أساء للمسحيين، كما أن رجال الجمارك يتابعون المتهم إلى أن يصلح الخطأ ويعوض الضرر. تحت رعاية مدير الجمارك أو الوالي أو القاضي. ولا شك أن هذه الحظوة التي نالها التجار الأجانب، شملت أمن الفنادق وسلامة مرتاديها[28].
خامسا: مقارنة فنادق سلا بفنادق سبتة الوسيطية
خصصت الأستاذة زليخة برمضان في بحثها المستفيض حول تاريخ مدينة سبتة، والذي سلط –جزءا منه– الضوء على العلاقات التجارية للمدينة مع نظيراتها الإيطالية، وخلصت فيه إلى تأكيد هذه الصلات التجارية خاصة في القرن السادس الهجري / ق12م،[29]من جهة وإلى دور الفنادق السبتية في الدينامية التجارية للمدينة من جهة أخرى، بسبب ما وفرته من امتيازات متعددة كنظيرتها في المدن الحفصية. وهي استنتاجات تؤكدها الشهادات المصدرية التي أحصت مكونات النسيج الحضري لمدينة القاضي عياض اليحصبي.
فالوصف الذي تركه أحد أبناء سبتة محمد بن القاسم الأنصاري، وهو يؤرخ للمدينة في كتابه (اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار)، يدل على أن المدينة – حتى أوائل القرن التاسع الهجري الموافق للقرن 15م – كانت تنعم بالرخاء والازدهار والعمران، فالأنصاري يحدثنا عن أسواق المدينة وحوانيتها وتربيعاتها وفنادقها، فيقول إن عدد الأسواق أربعة وسبعون ومائة سوقا ” ومن أشرفها قدرا وأجملها مرأى سوق العطارين الأعظم… والسوق الكبير ….” إلى أن يأتي على ذكر فنادق المدينة، حيث يحصي أن تعدادها يصل إلى ستون وثلاثمائة فندقا، ” أعظمها بناء وأوسعها ساحة الفندق الكبير المعد لاختزان القمح، وهذا الفندق من بناء محمد العزفي… يحتوي على اثنين وخمسين مخزنا ما بين هري وبيت“[30] وقد بين المؤرخ السبتي عظم هذا الفندق وما احتواه من رواج تجاري يتعجب من الرائي، ويليه من الفنادق المعدة لسكنى التجار وغيرهم فندق غانم، ولعلنا حين نورد هذه المعطيات لمقارنتها بفنادق مدينة سلا ذات الرواج التجاري الموافق زمنيا لنظيرتها مدينة سبتة وإن اختلفت المدينتان في حجم هذا الرواج. نسجل أن أرقام الأنصاري لا تخلو من مبالغة تبررها رغبة المؤلف في إظهار عظمة المدينة.
إن ما يعنينا من هذه المقارنة هو محاولة الإجابة على التساؤل الخاص بانعدام فنادق خاصة بالأوروبيين على غيرها من الأمثلة التي سبق إيرادها، فالأنصاري يتحدث عن ديار الإشراف المالي، فيقول إنها أربعة: دار الإشراف على عمالة الديوان[31] أمام فنادق تجار النصارى –وفنادقهم سبعة-أربعة على صف واحد وثلاثة مفترقة.[32] ولعل هذا الحضور الوازن للفنادق بمدينة سبتة، المخصصة للتجار الأجانب، يجعلنا نفترض إمكانية اختيارهم لهاته المدينة من أجل المبيت والاستقرار، ومباشرة أنشطتهم التجارية من هذه المدينة في اتجاه باقي مدن المغرب ومنها مدينة سلا، ويتعزز هذا الافتراض، إذا علمنا وجود وكلاء ينوبون عن أرباب هذه المبادلات التجارية، ويسهرون على السير العادي لها، وتيسير السبل لتحقيق أهدافها الربحية.
فلماذا نجد هذا النموذج الفندقي في مدينة سبتة؟ بينما يغيب في حالة فنادق سلا، رغم أن المدينة ستلعب خلال القرن السادس الهجري/ 12م، دورا تجاريا بالغا، لا يقل عن الدور التجاري السبتي، فخلال الفترة التي عرفت توطيد السلطة الموحدية برزت مدينتا سبتة وسلا، وحققتا أرقاما هامة في المعاملات التجارية.
جدول حجم المبادلات التجارية لمدينتي سلا وسبتة ومقارنتهما بموانئ إفريقية ما بين 1160م و1164م
المدينة | قيمة المبادلات التجارية بالليرة |
– بجاية – تونس – طرابلس سبتة – سلا | – 1166 – 353 – 70 – 1683 – 390 |
الشريف (محمد)، سبتة الإسلامية دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، منشورات جمعية تطاون أسمير،1996، ص 74-75
ألا تبدو هذه المعطيات الرقمية، كافية للدلالة على وجود فنادق بمدينة سلا خاصة بالتجار الأجانب لا يرتادها غيرهم؟ خاصة وأننا نلاحظ أن مدينة سلا لم تكن أقل حجما من حيث قيمة هذه المبادلات التجارية مقارنة مع المدن التي وجدت بها هذه البنايات ذات الوظيفة التجارية الأجنبية. على أننا وقفنا على تأكيد ماس لاتري بخصوص المدن التي لم تتواجد بها فنادق خاصة بتلك الجاليات، اقتصارها على وكالات تجارية بمثابة مؤسسات بديلة عن الفنادق تؤدي بعض وظائف هذه الأخيرة، كمدينة سلا.[33]
وبالرغم من شهادة الحسن الوزان المتأخرة بثلاثة قرون عن القرن السادس الهجري/ 12م، والتي تعطينا لمحة عن النشاط الأوروبي بالمدينة، تظل غير كافية للخروج باستنتاجات موسعة فيما يخص الامتيازات التجارية الأوروبية بمدينة سلا ومكانة المؤسسة الفندقية ضمن هذه الامتيازات. حيث أن زيارته للمدينة عام 914هـ/1508م، أي في العهد الوطاسي وهي السنة التي حاصر فيها الوطاسيون مدينة أصيلة المحتلة من طرف البرتغاليين[34].
حيث يقول: ” يعيش الناس الآن في سلا عيشة طيبة جدا إذ يوجد فيها حاكم و قاض و عدد من الموظفين الآخرين أمثال موظفي الجمارك و ضرائب المعاملات التجارية لأن عددا كثيرا من التجار الجنويين يأتون إليها و يعقدون فيها صفقات هامة، و يلقون من الملك عناية خاصة لأن تجارتهم تحقق له أرباحا ضخمة و لهؤلاء التجار مخازن سواء في فاس أو في سلا و يتعاونون عند شحن بضائعهم فيعمل الواحد منهم لحساب الآخر، و لقد رأيتهم في معاملاتهم مخلصين و مهدبين جدا و ينفقون أموالا عظيمة لاكتساب صداقة الأمراء و رجال الحاشية و لا يفعلون ذلك جشعا و استغلالا لهم بل ليتمكنوا من العيش اللائق في تلك البلاد الغريبة و كان بسلا في عهد شبابي وجيه جنوي معظَّم بصفة خاصة يدعى طوماس دي مرينو ( Thommass Di Marino ) وهو رجل عاقل خبير حقا، و غني جدا، يقدره الملك، و يحبه كثيرا، عاش في فاس ثلاثين سنة، و لما وافته المنية أمر الملك بنقل جثثه إلى جنوة تنفيذا لوصيته و قد خلف هذا الرجل عددا من الأولاد كلهم أغنياء متمتعون بالحظوة عند الملك و حاشيته كافة “.[35]
تؤكد هذه الشهادة ما سبق الوقوف عليه من التعامل التجاري و الاستثماري الجنوي، من خلال حالة التاجر الجنويطوماس دي مرينو ( Thommass Di Marino ) الموصوف من قبل الوزان بالرجل العاقل والخبير والغني جدا. ويحظى بتقدير السلطان وهو التقدير الذي استمر في عقبه، كما نستشف هذا الحضور الجنوي من خلال العبارة (لأن عددا من التجار الجنويين يأتون إليها ويعقدون في فاس أو في سلا ويتعاونون عند شحن بضائعهم فيعمل الواحد لحساب الآخر)، ولا شك أن هذه البضائع كانت بحاجة إلى فنادق لخزنها من جهة ولعقد الصفقات التجارية مع باقي التجار المحليين من جهة أخرى.
ومما ينبغي لفت الانتباه إليه، هو إشارة طوبونيمية أحياء مدينة سلا، إلى درب الجنويين الذي صار يدعى الآن درب معنانة، فهذا الدرب كانت به أملاك الحاج سعيد أجنوي، هذا الأخير الذي شغل أمين سر الأمير عبد الله الدلائي عامل العدوتين سنة 1054هـ/ 1644م، وفي سنة 1061هـ/1651م صار نائبا عنه وقائد سلا وحاكم العدوتين، واستمر كذلك إلى حين وفاته سنة 1065هـ/1655م.[36] مما يعني أن اثر الوجود الجنوي لازال محفوظا في ذاكرة المدينة ، خاصة وأن بعض المصادر تشير إلى أن أسرة أجنوي متأصلة من مدينة جنوة، وأنه أسلم بعد أن كان من رؤساء البحر، وأبلى البلاء الحسن في الدفاع عن المغرب. على أن أحداث أخرى سجلت ضمن حوليات المدينة سنة 658هـ الموافق لـ 1260م، وثقت للاحتكاك العسكري بين المدينة والجنويين من جهة، وبين القشتاليين من جهة أخرى، فقد استنجد يعقوب بن عبد الحق بالمسحيين، من أجل السيطرة على سلا[37]، ورغم نسبة هذا الهجوم إلى الجنويين من طرف جملة من المتأخرين[38]، فإن القشتاليين هم من تزعموه، بينما شارك الجنويون –بعد عشر سنوات-في أكبر حملة صليبية استهدفت المغرب بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع[39].
ولا يجب أن نتصور أن دخول سلا في خضم هذا الاحتكاك، خاصة خلال مرحلة الجهاد البحري في الفترة الحديثة لا يوثق سوى لمشاهد الأسرى والقتل وما شابه، فإن التابث أن التجارة السلاوية نمت وشهدت رواجا ملحوظا بفضل عائدات هذا النشاط البحري، حيث تسجل شهادة قنصل فرنسي ورود غنائم وبضائع متعددة على المدينة، يتم الاستيلاء عليها من أيدي الهولنديين والإنجليز، كما حصل التجار التجار السلاويون سنة 1618-1628م على 5ملايين جنيه فرنسي، وكان من فوائد هذا الرواج استيراد مجموعة من المواد كالحديد و الأثواب والتبغ والتوابل إلى جانب الأسلحة في حين كان يصدر السلاويون خلال تلك الفترة 1720-1727م الجلد والصوف والشمع والنحاس[…][40]
ولعلنا نتساءل عن دور فنادق المدينة خلال هذه الفترة التي عرفت دخول أعداد كبيرة من أسرى الجهاد البحري، هل خصص لهم فندق خاص لإيوائهم، على غرار ما وتقته مشاهدات الأسير المويط، خلال أسره بالرباط، -يذكرها باسم سلا على طريقة الأوروبيين آنذاك-، فقد ذكر وجود فندقين بالمدينة خصصا لسجن الأسرى داخل مطامير وفي وضعية سيئة؟
لا نتوفر على مادة مصدرية أو شواهد أركيولوجية، تبث أو تنفي هذه الفرضية ولكننا لا نشك في وجود فنادق في المدينة، احتضنت النشاط الجنوي ولعبت أدوارا بارزة على نحو ما تمت الإشارة إليه، ولئن أردنا أن نتصور إحداها فلن نجد أفضل من فندق الزيت بباب احساين، قبل أن يتحول إلى وظائف أخرى كما سبق بيانه، وقد لقد أوردت رواية جارات أبي موسى – والتي نوردها استئناسا- مشهدا روائيا يصور لنا ما كان يحدث داخل هذا الفندق بمدينة سلا من الرواج المشار إليه آنفا، حيث تذكر أنه كان محطة تجارية، معروفة لتجار البلدان قبل التاريخ بقرون، فبناياته لا تمتد إلا على بضع مئات من الأمتار، وساحته تتسع لثلاثة موازين كبرى، وحوانيت إقامة التجار وخزن السلع يزيد عددها عن أربعين حانوتا، ولكن هذا الفندق هو مركز مكاس تجارة سلا، والبناية قلب منطقة تجارية حوله مليئة بالمخازن والمطاعم وحوانيت لعرض الصفقات، ورواد هذه الساحة من مختلف الأديان والأجناس، يتفاهمون بلغات مختلفة ويتعاملون مع الصحراء والسودان وقبائل الجبال ومدن الداخل وآفاق ما وراء البحر[41].
لا شك أننا في حقل الدراسات التاريخية لا يمكننا الاعتماد على الروايات الأدبية لتأسيس تاريخ مدينة ما، ولكننا وجدناه مشهدا يجسد ما أثبته الوزان خلال مشاهداته لمدينة سلا. وعموما إن كان ثمة فندق من فنادق مدينة سلا، يمكنه أن يلعب هذا الدور فلا شك أنه سيكون فندق الزيت الذي سيسمى لاحقا بفندق أسكور قبل أن يتحول إلى دار القاضي.
وختاما فإن الفنادق لعبت دورا بارزا في سيرورة المبادلات التجارية بين حواضر المغرب والجاليات التجارية الأوروبية، وإن كان المقال قدم جوانب من فنادق مدينة سلا، فإن الأمر كما وقفنا عليه يعتبر عاما على حواضر الغرب الإسلامي، مما يؤكد ما حيوية هذه المرافق خاصة خلال العصر الوسيط.
– قائمة المراجع:
- الشريف الإدريسي محمد بن عبد الله،نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1989.
- بلير (ميشو)، الرباط وجهتها، الرباط وجهتها، ترجمة عبد الرزاق العسري وحسن أميلي، دار أبي رقراق، الرباط، 2019.
- محمد ابن علي الدكالي،الإتحاف الوجيز بأخبار العدوتين، تحقيق، مصطفى بوشعراء، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، مطبعة المعارف الجديدة، سلا، 1996.
- ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق د.س كولان وليفي بروفانسال، دار الثقافة، بيروت، 1418 / 1998.
- لسان الدين بن الخطيب، معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار، تحقيق، محمد كمال شبانة، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2002.
- الحسن الوزان، ترجمة، محمد حجي، محمد الأخضر، وصف إفريقيا، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، 1983.
- حمدي عبد المنعم محمد حسين، مدينة سلا في العصر الإسلامي دراسة في التاريخ السياسي والحضاري، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، 1993،
- مصطفى بوشعراء، لمحة من تاريخ سلا، ملحق بالإتحاف الوجيز بأخبار العدوتين، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، مطبعة المعارف الجديدة، سلا، 1996.
- عبد ابن عبد الله، سلا أولى حاضرتي أبي رقراق، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، سلا، 1989.
- مصطفى (نشاط)، جنوة وبلاد المغرب من سنة 609هـ/1212م إلى سنة 759هـ/ 1358م، مطابع الرباط نت، 2014.
- أوليفيا كونستابل ريمي، إسكان الغريب في العالم المتوسطي، محمد ياسين تعريب المنصوري، دار المدار الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2013.
- روبير برانشفيك، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن 13 إلى نهاية القرن 15م، ترجمة، حمادي الساحلي، دار الغرب الإسلامي، 1988.
- شارل أندريه جليان، تاريخ إفريقيا الشمالية، تعريب، محمد مزالي، البشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر، 1962
- أحمد العزاوي، العلاقات بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصر الوسيط من خلال نصوص للمراسلات واتفاقيات السلم والتجارة، ص، 1/50. 2011م مطبعة الرباط
- عبد الهادي التازي، التاريخ الدبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم، منشورات أكاديمية المملكة المغربية، 1987.
- محمد الشريف، سبتة الإسلامية دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، منشورات جمعية تطاون أسمير،1996.
- محمد بن القاسم الأنصاري السبتي، اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار، تحقيق، عبد الوهاب بن منصور، الرباط، 1983.
- كواندرو (روجي)، قراصنة سلا، نشر المعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس، 1991.
- أحمد التوفيق، جارات أبي موسى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000.
- أصداء التحافي عبد الحميد، الخصائص الشكلية لمخططات الخانات في العمارة الإسلامية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية، المجلد الثامن والعشرون، العدد الأول، 2012.
- ناصر جبار، فنادق التجار المسيحيين في الدولة الحفصية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، الجزائر، 2010.
- -MAS latrie،«Traités de paix et de commerce et documents divers concernant les relations des chrétiens avec les Arabes de l’Afrique septentrionale au moyen-âge، recueillis par ordre de l’empereur et publiés avec une introduction historique» Paris، Plon, 1866
- ZOULIKHA Benramadane. « CEUTA du XIII au XIV : Siècles des lumières d’une ville marocaine ». Publications de la faculté des lettres. Mohammedia. 2003.
- MAZIANE Leila، «Places portuaires marocaines entre Méditerranée et Atlantique (XVII-XVIII siècles)، La loge et le fondouk. Les dimensions spatiales des pratiques marchandes en Méditerranée (Moyen Age-Epoque moderne) », Ouvrage commun sous la direction de Wolfgang Kaiser, Editions, Karthala, Paris, 2014.P.190-198.
- THARAUD Jérôme et Jean، «1912-1922 Rabat-Salé، un après-midi à Salé»، La Renaissance du Maroc: Dix ans de Protectorat, 1912-1922, Rabat.
[1]مصطفى بوشعراء ، لمحة من تاريخ سلا، ملحق بالإتحاف الوجيز بأخبار العدوتين، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، مطبعة المعارف الجديدة، سلا، 1996. ص 166.
[2]عبد العزيز بن عبد الله، سلا أولى حاضرتي أبي رقراق، منشورات الخزانة العلمية الصبيحية، سلا1989، ص 27.
[3]الشريف الإدريسي محمد بن عبد الله،نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1989. ص 94.
[4] الإدريسي، نفسه، ص 87.
[6]الإدريسي، نفسه، ص 73.
[7]مصطفى النشاط، جنوة وبلاد المغرب من سنة 609هـ/1212م إلى سنة 759هـ/ 1358م، مطابع الرباط نت، 2014. ص 7.
[8]MAS LATRIE (M.L.de), Traités de paix et de commerce et documents divers concernant les relations des chrétiens avec les Arabes de l’Afrique septentrionale au moyen-âge, recueillis par ordre de l’empereur et publiés avec une introduction historique, Paris, H. Plon, 1866, p 106.
[9]بلير ميشو، الرباط وجهتها، ترجمة عبد الرزاق العسري وحسن أميلي، دار أبي رقراق، الرباط، 2019. ص 116-117.
[10] حمدي عبد المنعم محمد حسين، مدينة سلا في العصر الإسلامي دراسة في التاريخ السياسي والحضاري، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، 1993، ص64.
[11] على أن العلاقات بين سلا وفاس متجدرة في التاريخ يكفي أن نعلم أن كثيرا من أسر فاس أصلها سلاوي، لأن هذه الأسر حينما تضطر لهجرة المدينة تحت ظرف طارئ (سياسي، مثلا….)، لا تسبدلها بأقل منها فكان اتجاههم ييمم صوب فاس، ابن علي الدكالي، مصدر سابق، ص 51.
[12]لسان الدين بن الخطيب، معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار، تحقيق، محمد كمال شبانة، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2002، ص 152.
[13] يقصد بالبركة، بلسان الدارجة المغربية الجلسة، وحسب الرواية الشفوية الخاصة بالفندق المذكور، فإن العبيد أثناء بيعهم بالمزاد العلني، واتظار دورهم يؤمرون بالجلوس، وبالدارجة نقول “ابرك ” أي اجلس.
[14]رشيد الكويتري، فندق البركة سوق لبيع العبيد في المزاد العلني بفاس العتيقة، مجلة هسبريس الالكترونية، 28 يناير، 2020.
[15] “جدير بالذكر أنه بالرغم من الاستمرار امتلاك الأعيان للرقيق فإن بعضهم كانوا ينصون في وصاياهم، حين يدنو أجلهم، على عتق بعض مملوكيهم احتسابا لله تعالى” محمد السعديين، جوانب من تاريخ المجتمع السلاوي 1822/1968، رسالة دكتوراه، مرقونة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2004 -2005. ص 198.
[16]THARAUD (Jérôme et Jean), « 1912-1922 Rabat-Salé, un après-midi à Salé », In. La Renaissance du Maroc : Dix ans de Protectorat, 1912-1922, Rabat.p. 60-61.
[17]الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ترجمة، محمد حجي، محمد الأخضر، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، دار الغرب الإسلامي، 1983. ص، 208
[18] ميشو بلير، مصدر سابق، ص 118.
[19]أوليفيا كونستابل، إسكان الغريب في العالم المتوسطي، محمد ياسين تعريب المنصوري، دار المدار الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2013. ص 170.
[20]Mas latrie. op. cit.p.87.
[21] شهادة أوردتها أوليفيا كونستابل للحاج الإرالندي سيمون سيميونس الذي مر بالإسكندرية سنة 1323م، المصدر السابق، ص 174.
[22]ناصر جبار، فنادق التجار المسيحيين في الدولة الحفصية، جامعة الأمير عبد القادر، قسنطينة، الجزائر، 2010،. ص 82.
[23]Ibid., p.195.
[24] ” كتب إدمون دوتي، الباحث الإيثنولوجي، أن سلا هي أكثر المدن تعصبا وحقدا على المسيحي، وفي المقارنة التي وضعها بين الرباط وفاس قال إن المدينة الأولى تتوفر على حي ينزل به المسيحيون وأن سكانها يعاملونهم بأدب ولطف، وأن علماءها أكثر تفتحا من علماء فاس وأسهل منالا، فهؤلاء الأخيرون، على حد قوله، شديدو الغزو والتعصب الديني” G.Deverdun ; «Marrakech des origines a 1912» Rabat ; éd. Nord- Africaines. 1959. p .60
[25]روبير برانشفيك، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي من القرن 13 إلى نهاية القرن 15م، ترجمة، حمادي الساحلي، دار الغرب الإسلامي، 1988، ص 55. شارل أندريه جليان، تاريخ إفريقيا الشمالية، تعريب، محمد مزالي، البشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر، 1962، 2/190.
[26]مصطفى النشاط، جنوة وبلاد المغرب من سنة 609هـ/1212م إلى سنة 759هـ/ 1358م، مصدر سابق، ص 251-252.
[27] ” لم يكن من الضروري إقامة فنادق في المدن الثانوية التي يتاجر بها المسيحيون. وكان بالإمكان الاكتفاء بمحل متميز عن المتاجر المسيحية الأخرى حيث يودعون بضائعهم في أمان، وكان ملك المغرب عام 1358م/759هـ يضع تحت تصرفهم منزلا في حالة تعدر وجود فندق بالمدينة، وكان هذا الحق مخولا للمسحيين الذين منحهم السلطان امتيازات تجارية”، عبد الهادي التازي، التاريخ الدبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم، منشورات أكاديمية المملكة المغربية، 1987. ج 5، ص 233.
[28]عبد الهادي التازي، نفسه، ج 5، 228.
[29]Zoulikha Benramadane. CEUTA du XIII au XIV : Siècles des lumières d’une ville marocaine. Publications de la faculté des lettres. Mohammedia. 2003. P. 220.221.
[30]محمد بن القاسم الأنصاري السبتي، اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار، تحقيق، عبد الوهاب بن منصور، الرباط، 1983، ص، 38، 39
[31] ” الديوان: مكان تسجيل المكوس والأعشار وأدائها” هامش اختصار الأخبار عما كان بثغر سبتة من سني الآثار، نفسه، ص 41.
[32] الأنصاري، نفسه، ص 41-42.
[33]Mas latrie. Op. cit.p. 92.
[34]الحسن الوزان، مصدر سابق، ص ج 1، ص 3.
[35] نفسه، ج 1، ص 209.
[36]مصطفى بوشعراء، أعلام سلوين من القرن السادس إلى القرن الرابع، مصدر سابق، ص 174؛ كواندرو (روجي)، قراصنة سلا، نشر المعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس، 1991، ص 46.
[37]ابن عذاري المراكشي، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق د.س كولان وليفي بروفانسال، دار الثقافة، بيروت، 1418 / 1998.ص 417-418.
[38] مصطفى النشاط، مرجع سابق، ص 73-74.
[39] نفسه، ص 74.
[40]MAZIANE Leila, op, cit, p. 193-203.
[41] أحمد التوفيق، جارات أبي موسى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000، ص 61.