دبلوماسيون فرنسيون في الدولة العثمانية خلال القرنين 18 و 19
French diplomats in the Ottoman Empire during the 18th and 19th centuries
د.محمد العواد/ جامعة ابن زهر، المغرب
Pr. Mohamed EL OUAD/ University Ibn Zohr / Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 72 الصفحة 63.
ملخص:
ينم وجود السفارات الدائمة في إستانبول منذ بداية القرن 16م، عن المكانة التي أولها العثمانيون للدبلوماسية مع الغرب، خصوصا الجهاز الدبلوماسي الفرنسي، حيث كان للسفير الفرنسي أسبقية على غيره من السفراء. رغم بعض التوتر الذي شاب علاقة الدبلوماسيين الفرنسيين بالدولة العثمانية، إلا أن الصداقة دامت إلى حدود أواخر القرن 18م. لقد نتج عن تدهور الدولة العثمانية وازدياد أطماع الفرنسيين بالمنطقة، صعود قوة الجهاز الدبلوماسي الفرنسي بإستانبول، فأصبح الدبلوماسيون والسفراء، هم من يقدم المشورة للسلاطين العثمانيين في جل الميادين خصوصا في علاقاتهم الخارجية، مما مكن فرنسا من الحفاظ على امتيازاتها بالشرق، زمن توتر العلاقات الأوربية في إطار تداعيات المسألة الشرقية.
الكلمات المفتاحية: الدبلوماسية – السفراء- دبلوماسيون فرنسيون – الدولة العثمانية – فرنسا .
Abstract :
The presence of the permanent embassies in Istanbul since the beginning of the 16th century, indicates the position the Ottomans attached to diplomacy with the West, especially the French diplomatic apparatus, where the French ambassador took precedence over other ambassadors. Despite some tension that marred the relationship of French diplomats with the Ottoman Empire, the friendship lasted until the end of the 18th century.The deterioration of the Ottoman Empire, and the increasing ambitions of the French in the region, resulted in the rise of the strength of the French diplomatic apparatus in Istanbul, so that the diplomats and ambassadors, became the ones who advised the Ottoman Sultans in most fields, especially in their foreign relations, which enabled France to preserve its privileges in the Levant, the time of the strained European relations in The implications of the Eastern Question.
Keywords: Diplomacy – Ambassadors – French diplomats – Ottoman Empire – France.
مقدمة:
فرضت قوة العثمانيين قدوم دبلوماسيين وسفراء إلى إستانبول من مختلف الدول الأوربية، الأمر الذي يبرز أن الدولة العثمانية كانت من الناحية الدبلوماسية جزءا من أوربا، ولم يعامل الدبلوماسيون والسفراء معاملة الأجانب من قبل الباب العالي، بل كانوا يؤدون أدوارا محورية سواء داخل العاصمة، أو في إطار علاقات الدولة العثمانية الخارجية.
لكن سرعان ما انعكس تدهور الدولة العثمانية على صعود قوة الدبلوماسيين الأجانب في إستانبول، فأصبح الصدور العظام يستشيرون السفراء الفرنسيين على الخصوص، وكان هؤلاء يمنحون الحماية للأقليات، مما أسهم في إضعاف سلطة السلطان على رعاياه، بل أصبح سلاطين آل عثمان يواجهون غطرسة بعض الدبلوماسيين والسفراء، الذين كان بعضهم يرفض الإذعان للمراسيم العثمانية.
تسعى هذه المساهمة العلمية إلى معرفة الحضور الدبلوماسي في الدولة العثمانية قبل الفترة المدروسة، وكيف برز دور بعض الدبلوماسيين الفرنسيين بالأستانة خلال القرنين 18 و 19م، ثم ما هي أهم الأدوار التي لعبها هؤلاء الدبلوماسيين بغية تنزيل السياسة الفرنسية بالشرق العثماني؟
أولا: مسار إعداد دبلوماسيي فرنسا المبعوثين إلى الشرق العثماني.
كان لفرنسا سفراء ترسلهم إلى الدول الإسلامية، امتلكوا على عهد لويس الرابع عشر (1715-1643) فريقا من المترجمين في مدرسة ” شباب اللغة في القسطنطينية”، ثم كان لديها العسكريين وهناك التجار والرحالة، كل هؤلاء إضافة إلى العلماء، قد وضعوا رهن إشارة فرنسا وثائق مهمة حول الشرق[1]. كانت فرنسا غالبا ما تعين سفرائها من أوساط الشخصيات التي تنتمي بأفكارها إلى فرنسا “القديمة” L’ancienne France، أكثر من اختيارها لهؤلاء من بورجوازي فرنسا، كما يتم تعيينهم من الأرستوقراطيين، وذلك راجع إلى كون هؤلاء يمتلكون ثروة خاصة، قد يوظفونها لأن أجور السفراء الفرنسيين غالبا ما كانت لاتكفي[2].
إن شخصية السفير، وكذا المسؤول الوزاري غالبا ما تؤثر في الاستراتيجية الدبلوماسية، حيث تكون السياسة الدبلوماسية أكثر نجاعة، عندما يكون هناك تفاهم بين الساسة الفرنسيين وسفرائهم. من الأمثلة على ذلك الوزير “ديلكاسييه” (Delcassé ) (1905-1898)، الذي كان على تفاهم تام مع سفرائه “كامبون” (Cambon)، و “باريير” (Barrère)، و ” بامباغ”) (Bompard[3].
كان اتخاذ قرار على مستوى السياسة الخارجية، في الفترة الممتدة ما بين (1914-1871)، يصدر عن مجموعة صغيرة من الموظفين المدنيين والعسكريين. إلى حدود 1915 لم يكن لمجلس الشيوخ الفرنسي لجنة الشؤون الخارجية، حيث كانت الاتفاقيات تدرس من طرف لجان الجمارك أو لجان المستعمرات[4].
لقد أسس “بوطمي” (E.Boutmy) المدرسة الحرة للعلوم السياسية سنة 1872، والتي تكفلت بإعداد الدبلوماسيين وتلقينهم كل المعارف، حتى يكونوا على دراية بالمهام المنوطة بهم خاصة بالعالم الإسلامي. تم تحديد دور العسكريين أيضا في الميدان الدبلوماسي، فمساهمة هؤلاء لم تقتصر على التعرف على أسلحة الدولة الموجودين بها، بل يمكن لهم أيضا أن يلعبوا دورا دبلوماسيا، ويمكن أن يعين بعضهم سفيرا[5].
يعد الجهاز الدبلوماسي بمعناه العام، حجر الزاوية في السياسة الفرنسية تجاه الدولة العثمانية، فقد لعب الدبلوماسيون أدوارا مهمة في إمداد فرنسا بالتقارير الكفيلة برصد مكامن القوة والضعف بالشرق العثماني.
ثانيا: الحضور الدبلوماسي الفرنسي في الدولة العثمانية قبل القرنين 18 و19م
لاشك أن الحضور الدبلوماسي في الدولة العثمانية خلال القرنين 16و17م، قد استفاد مما أنعمه الباب العالي على فرنسا من امتيازات، كما كان لهذا الحضور الدبلوماسي، أهدافا غير تلك التي كانت له خلال القرنين 18و19م.
لقد كان الدبلوماسيون الفرنسيون يعملون وفق الأحداث التي كان يعيشها العالم العثماني، حيث كان هؤلاء يكيفون تحركاتهم تبعا لقوة أو ضعف الدولة العثمانية. هذه الأخيرة التي لم تعد تمثل في ذهنية الفرنسيين تلك الدولة الغازية المحاربة، بل أصبح ساستها رهينة لدسائس الحريم السلطاني[6].
إن السفراء الفرنسيين بالقسطنطينية خلال هذه الفترة، لم يكونوا يمثلون فقط المصالح السياسية أو الدينية أو التجارية لفرنسا، بل كانوا يقومون أيضا بدور المراكز الثقافية التي توجه البعثات العلمية والدينية بالشرق العثماني. فقد لعب السفراء والقناصل دورا محوريا من أجل تسهيل مهام الرحالة الفرنسيين بالشرق[7]. وارتباطا بنوعية العلاقات التي كانت تربط فرنسا بالأستانة، كان عدد الجهاز الدبلوماسي يتزايد أو ينقص بالمجالات العثمانية. وعلى العموم خلال هذه الفترة، استفاد هذا الجهاز من الوضعية المتميزة لفرنسا لدى الدولة العثمانية.
كان الهم الشاغل للدبلوماسية الفرنسية، هو الحصول على الامتيازات أو تجديدها، وذلك بطرق كانت أقرب للسلم منها للحرب. فقد تمكن مثلا السفير “جان دو لا فوري” (Jean de la Forét)، من انتزاع معاهدة الامتيازات الشهيرة لسنة 1535[8]، كما استطاع العديد من السفراء والدبلوماسيين، من تجديد هذه الامتيازات وتوسيعها، مثل السفير (Jacques Germigny)، الذي عين سفيرا لدى الباب العالي سنة 1579، فكان أهم ما حققه هو وضع السلطان العثماني لأسطوله الذي يتكون من 200 سفينة، رهن إشارة فرنسا، وذلك لصد العدو المشترك والمتمثل في النمسا وإسبانيا[9].
وبفضل حنكة السفير”سفري دو برييف” (Savary de Brèves)، تم تجديد الامتيازات سنة 1607، ومن أبرز ما حصلت عليه فرنسا، هو الاعتراف لها بريادتها على الأراضي المقدسة، وبأن كل الحجاج ورجال الدين الكاثوليك القادمين للقدس، تم اعتبارهم تحت حماية ملك فرنسا[10].
لم يكن دائما دور السفراء الفرنسيين بالودي تجاه الباب العالي، فلجوء هؤلاء السفراء للسياسة السلمية، كان مرجعه إلى قوة الدولة العثمانية، وعدم قدرة فرنسا على فتح العديد من الجبهات. في النصف الثاني من القرن 17م، قام السفير الفرنسي في القسطنطينية “فونتلاي”M.de la Haye Vantelay، بإخبار البنادقة عن خطط العثمانيين الحربية، الأمر الذي أزّم العلاقات الفرنسية العثمانية، حيث سجن ابن السفير إلى حدود 1660. ولكي يتفادى الفرنسيون تأزم علاقاتهم مع الدولة العثمانية، تم إرسال المبعوث “بلانديل ماريشال” M.de Blondel Maréchal، برسالة من الملك الذي يطلب الصفح من السلطان العثماني، لكن هذه المهمة باءت بالفشل[11].
لقد تم تعويض السفير la Haye Vantelay بالسفير “نوانتل” Le Marquis de Nointel، الذي وصل إلى القسطنطينية سنة 1670، من أجل تجديد الامتيازات، وقد حمل معه مطالب من قبيل؛ تخفيض الرسوم الجمركية من 5% إلى 3 % ، والاعتراف بملك فرنسا بصفته الحامي الوحيد لكاثوليك الشرق، وأخيرا ضمان حرية مرور السلع الفرنسية القادمة من الهند عبر البحر الأحمر ومصر[12].
إن الدور الدبلوماسي الفرنسي ارتكز أيضا على بث البعثات المسيحية بالشرق، والتي استعملت الامتيازات مطية لها؛ ففي سنة 1624 تلقى الأب “جوزيف” Joseph de Paris الأمر بتأسيس بعثات للآباء “الكبوسيين” بالشرق وقبل ذلك بالقسطنطينية. وشجع الملك لويس الثالث عشر (1643-1610) مبادرة الكبوسيين هاته، وذلك بإعطاء أوامر لسفرائه وقناصلته بالأستانة لكي يحموا ويدافعوا عن هؤلاء[13]، ومن بين السفراء الذين اشتهروا بالدفاع وحماية الكبوسيين، السفير “فيليب دو هارلاي” Philippe de Harlay Comte de Césy، الذي لعب دورا كبيرا في تثبيت بعثات الكبوسيين على التراب العثماني[14].
إن الهم الشاغل الذي كان يدور في خلد الدبلوماسيين الفرنسيين خلال هذه الفترة، هو الحصول على الامتيازات وتزكيتها، ورغم بعض القوة التي شابت قرارات بعض هؤلاء، تبقى السمة الغالبة على الآلية الدبلوماسية الفرنسية ما قبل القرنين 18و19م، هي سمة المهادنة والسلم، ولعل ما يفسر ذلك هو كون الباب العالي، كان لا يزال يستطيع أن يسير أموره الداخلية بكل حزم، ومن جهة أخرى، فإن فرنسا كانت لا تزال تتقدم كل الأمم الأوربية بالشرق العثماني، فلا حاجة لأن يقوم الساسة الفرنسيون بتوتير الأوضاع طالما هم المستفيدون من كل الامتيازات. نلاحظ أيضا بأن الهاجس الديني، لم يغب خلال هذه الفترة عن أذهان الدبلوماسيين الفرنسيين، خصوصا خلال القرن 17م، الذي شهد إعدادا وتنظيرا لعدة حروب صليبية تجاه الشرق العثماني[15].
إن هذه التحركات، رغم طابعها السلمي والدبلوماسي، هي التي أحاطت بالدولة العثمانية إحاطة السوار بالمعصم، حيث منح الباب العالي امتيازات مبالغ فيها للساسة الفرنسيين زمن السلم، تم توظيفها خلال فترات لاحت فيها رياح الحرب، في وقت لم يعد الباب العالي يواجه فرنسا فقط بل عدة قوى أوربية.
وفي إطار الآلية الدبلوماسية التي سلكتها فرنسا لتحقيق مآربها بالشرق العثماني، وفي سبيل التمهيد لاحتلال مناطق من العالم العثماني دون إثارة القلاقل، توصل “ريشليو” (Richelieu) سنة 1626، بمذكرة تؤكد على أنه من اللائق والمناسب للتجارة الفرنسية، أن تؤمن طرق الهند عن طريق هرمز والسويس[16].
يعد “كولبير” (Colbert) من المساهمين في رسم السياسة الفرنسية تجاه العالم العثماني بطرق سلمية، فقد تقلد وزارة المالية على عهد لويس الرابع عشر، وذلك من أجل إحياء تجارة فرنسا بالشرق، فقام سنة 1671 بتأسيس شركة تعنى بالتجارة في المجالات العثمانية، وأرسل سفيرا جديدا للأستانة وهو Le Marquis de Nointel الذي بفضل حنكته، وقّع مع الدولة العثمانية معاهدة الامتيازات لسنة 1673[17].
لقد كان هؤلاء السفراء يطبقون سياسة فرنسا[18]، رغم أنه هناك من كانت لهم هواجس اقتصادية، ومنهم من كانت له هواجس دينية، لكن تبقى أهم مهام هؤلاء، هي الحفاظ على مصالح فرنسا الاقتصادية بالشرق، في وقت أصبح البساط يسحب ببطء من تحت أرجل الساسة الفرنسيين بالمنطقة.
إن الأصل في ترسانة السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين الفرنسيين إلى الشرق العثماني، هو الحفاظ على الامتيازات التي حصلت عليها فرنسا فيما قبل، فقد كانت تحافظ عليها بالدبلوماسية زمن قوة الدولة العثمانية، لكن عندما ضعفت، أجهزت عليها فرنسا عسكريا، وفي هذا الصدد كتب محمد فريد بك قائلا:“…حيث كان توارد السفراء على بابه العالي (مراد الثالث) للسعي في إبرام معاهدات تجارية تكون ذريعة في المستقبل للتدخل الفعلي”[19]. وبالفعل، أصبحت الامتيازات حق دافع عنه الساسة الفرنسيون بكل شراسة، خصوصا عندما نافست القوى الأجنبية الوجود الفرنسي بالمنطقة خلال القرنين 18و19م.
ثالثا: الدبلوماسيون الفرنسيون بالأستانة خلال القرنين 18 و19م.
برزت مكانة ملك فرنسا بالشرق، من خلال مكانة سفرائه، هؤلاء الذين كانوا يعتبرون نواب الإمبراطور، أي ملك فرنسا بالشرق، وكان لا ينازعهم هذه السيادة بالمنطقة أي مبعوث آخر، من أي دولة أوربية أخرى. فخلال هذه الفترة أيضا، احتلت التجارة مكانة مهمة ضمن اهتمامات حكومة لويس الرابع عشر ولويس السادس عشر (1792-1774)، هذا الاهتمام بتجارة الشرق دعمه كل المتدخلين في الشأن السياسي الفرنسي، من وزراء وسفراء وغرفة تجارة بمرسيليا وقناصل وتجار[20].
لقد انتصرت التجارة الفرنسية خلال القرن 18م، واستطاعت أن تخرج من المنافسة الهولندية والانجليزية خلال القرن 17م، وحققت فرنسا كل هذا بفضل حنكة “فيل نوف” Marquis de Villeneuve، الذي لعب دورا مهما من أجل إعادة الأمل للاقتصاد الفرنسي خلال القرن 18م، إذ بفضله تمكن الفرنسيون من تجديد الامتيازات سنة 1740، مع إضافة 42 بندا جديدا، تمنح لفرنسا امتيازات أخرى[21].
رغم تركز الدبلوماسية الفرنسية بالشرق، في مناطق كسوريا ومصر، وفي الجانب الأوربي من الدولة العثمانية، إلا أنها أصبحت تعاني من تزايد وجود القوى الأجنبية الأخرى، في الوقت الذي أصبحت تعاني منه الدبلوماسية الفرنسية من ضعف دعمها من طرف الساسة الفرنسيين.
لم تعد فرنسا ترسم طريق سياستها لوحدها تجاه الباب العالي، بل أصبح لزاما عليها – في إطار تداعيات المسألة الشرقية-، أن تضرب حسابا لباقي القوى المنافسة لها في المنطقة. فإذا كانت روسيا تؤيد مسألة تقسيم الدولة العثمانية، فإن فرنسا كانت مصالحها ترتبط بالحفاظ على تماسك الباب العالي، الأمر الذي عبرت عنه الحكومة الفرنسية لسنة 1897[22]. فمنذ أواخر القرن 19م، لم تعد فرنسا ترتبط بأوربا، ولم تجعل الحفاظ على علاقاتها مع الأمم الأوربية من الأولويات، بل أصبحت توجه كل اهتمامها للحفاظ على مصالحها والدفاع عنها بكل قوة.
قبل الحديث عن أعضاء الجهاز الدبلوماسي، وأهم المهام التي أنيط بهم إنجازها، لا بأس من الإشارة إلى التأثيرات الفرنسية، التي وصل صداها إلى الشرق العثماني، والتي جعلت مهام الدبلوماسيين الفرنسيين أكثر سهولة. فقد أنشأ لويس الخامس عشر (1774-1715) منذ 1745، دبلوماسية سرية معقدة جدا، عرفت باسم “سر الملك”، وجعلها أداة سياسته الشخصية، ويعمل هذا الجهاز بصورة موازية للدبلوماسية الرسمية التي يوجهها وزرائه الخاصون[23].
كانت التأثيرات الأوربية عامة والفرنسية خاصة، قد انتشرت بالدولة العثمانية قبل اعتلاء سليم الثالث الحكم (1807-1789)، وقد دخلت هذه التأثيرات الفكرية إلى استانبول، عن طريق السفراء والخبراء وأغلبهم من الفرنسيين. لقد أوفد سليم الثالث مبعوثا إلى لويس السادس عشر قبل توليه العرش وذلك سنة 1786، وحمل المبعوث “إسحاق بك”، الذي كان يحسن التحدث باللغة الفرنسية، رسالة من السلطان المقبل إلى ملك فرنسا، كان قد ساهم في صياغتها السفير “غوفييه” (Gouffier) نفسه، وكان هدف سليم هو التأكيد على روابط الود والصداقة التي تجمع بين الدولتين، طالبا المساعدة العسكرية إن دعت الحاجة إلى ذلك[24].
لم يقتصر الأمر على هذا فقط، بل تم تكوين سفراء عثمانيين في باريس قبل أن يلتحقوا بأي دولة أخرى، ومن هؤلاء الذين أرسلوا للتكوين في باريس Mustafa ReŞid Bey، الذي أصبح فيما بعد وزير الشؤون الخارجية، وصدرا أعظما وكذا ملهم الإصلاحات العثمانية “التنظيمات”. وهناك أيضا Ahmed Vafik الذي تابع لمدة ثلاث سنوات دروسه في ثانوية Saint-Louis[25].
حضّرت إذن الدبلوماسية الفرنسية لنفسها المجال، وهيأت أطرا من أجل أن تتعامل معهم داخل الأستانة، حتى يقوم هؤلاء بالضغط على السلطان العثماني ورعاية مصالح فرنسا بالشرق، خصوصا وأنهم قد تقلدوا مناصب حساسة داخل الإدارة المركزية العثمانية.
كان من بين مهام السفراء الفرنسيين بالشرق، كسب ود الباب العالي وتحريضه ضد أعداء فرنسا، مثل ما وقع في علاقة فرنسا العدائية بالنمسا. فقد عملت فرنسا عن طريق سفيرها “دو بونيفال” Le Comte de Bonneval، على استنهاض السلطان العثماني ضد النمسا، وبالفعل فقد عمل السفير على إحياء السياسة الفرنسية وإعادتها لسابق عهدها خصوصا على عهد فرانسوا الأول (1547-1515)، فأرسل إلى بلاده مشروع تحالف دفاعي بين فرنسا والدولة العثمانية ضد النمسا[26].
لم تعد فرنسا الدولة الأكثر رعاية لدى الباب العالي، فقد تحولت مجريات الأحداث في إطار المسألة الشرقية، الأمر الذي أفقدها ريادتها بالتدريج خصوصا أواخر القرن 18م وبدايات القرن 19م، مما جعلها تغير سياستها السلمية تجاه الدولة العثمانية. لم تحافظ فرنسا على امتياز حماية مسيحيي الشرق، الامتياز الذي أصبح لروسيا وبروسيا أيضا، ونفس الأمر فيما يخص احتكار التعامل التجاري مع الباب العالي، وبهذا تلقت السياسة الخارجية الفرنسية والتأثير الفرنسي بالأستانة ضربة قاضية. من هم إذن أهم الدبلوماسيين الفرنسيين الذين سعوا إلى تمرير السياسة الفرنسية خلال تلك الفترات الحرجة؟
1– Le Marquis de Villeneuve
يعد هذا السفير من أبرز السفراء الفرنسيين في الشرق العثماني، فقد كان هو الموجه والمنسق لكل المفاوضات التي باشرتها فرنسا مع الدولة العثمانية خلال تلك الفترة، وفي هذا الإطار قال M.Alfred Rambaud بأن الدبلوماسية الفرنسية خلال هذه الفترة، كانت أكثر فعالية ويخشى جانبها أكثر من أسلحة النمسا وروسيا[27].
يمكن فعلا لـ Villeneuve أن يقتسم مع Colbert شرف إحياء التجارة الفرنسية بالشرق، فمنذ الوهلة الأولى، كان هذا السفير مقتنعا بأن أي تطور اقتصادي فرنسي بالمنطقة، يرتبط ارتباطا وثيقا بتجديد الامتيازات. وبالفعل فقد كان له ما أراد، واستطاع أن يجدد الامتيازات الفرنسية، وأن يضيف لها بنودا أخرى وذلك سنة 1740، في وقت حمي فيه الوطيس وأصبح الباب العالي تنازعه عدة قوى أجنبية بالمنطقة[28].
لقد أصبح السفير Villeneuve المبعوث من طرف لويس الخامس عشر، مستشارا للسلطان محمود الأول (1754-1730) في الشؤون والعلاقات الخارجية، بل لقد أقنع السفير الصدر الأعظم العثماني، بأن يدخل في حرب ضد روسيا أفضل من أن يقبل سلما مذلا. وبالفعل هاجم العثمانيون النمساويين والروس، الأمر الذي منح للسفير الفرنسي فرصة أخرى، من أجل إرغام العثمانيين على عقد معاهدة دفاع مشتركة بين الدولة العثمانية والسويد ضد روسيا، فكانت مكافئة السفير هو تجديد الامتيازات كما مر ذكره[29].
يبدو بأن الفرنسيين هم الناصحين الفعليين في الشؤون الخارجية للدولة العثمانية، إلى حد التدخل في مسألة إعلان الحرب من عدمها. فإلى حدود هذه الفترة يبقى دافع المصلحة الاقتصادية هو المحرك الأساس للساسة الفرنسيين، والمتمثل على الخصوص في تجديد الامتيازات.
لقد أعلن السلطان مصطفى الثالث (1757-1774) الحرب ضد روسيا، لكن هذه الأخيرة لم تستغل انتصارها على الباب العالي، الذي مكنها من فتح الجهة الشرقية من المتوسط، الأمر الذي أعطى فرصة للبارون “دي توت” لكي يحصن الدردنيل[30]. إن فرنسا كانت تحارب بجانب الباب العالي، لصد روسيا وحماية امتيازاتها بالمنطقة.
وعلى العموم، كانت السياسة التي تبنتها فرنسا في شخص Villeneuve، هي الحفاظ على امتيازاتها وكسب ود الباب العالي، الأمر الذي تجلى في رفض هذا الأخير الانضمام سنة 1792 للحلف الأوربي ضد الدولة العثمانية.
2 – Choiseul Gouffier
يعد هذا السفير من أهم من عرف الشرق العثماني، فقبل أن يتلقى مهامه كدبلوماسي كان قد زار الشرق في بعثة علمية سنة 1776. يعد “شوازول غوفيه” أركيولوجيا، ومن الذين بعثوا وأحيوا الدراسات الإغريقية بفرنسا، ويعد أيضا من المستشرقين الكلاسيكيين[31].
لقد كان هذا السفير مهتما بكل ما هو علمي ثقافي، لذلك كان غير فعال في أمور السياسة والدبلوماسية. تجلى هذا الأمر في عدم تبصره وإدراكه لحقيقة صراع القوى بالشرق العثماني، حيث غفل عن الحلف الذي عقد بين روسيا والنمسا، والذي أدى إلى إشعال نار حرب جديدة، كلفت الدولة العثمانية معاهدة مجحفة وهي معاهدة D’ayassy سنة1792[32]. لكن حتى وإن لم يكن “شوازول غوفييه” دبلوماسيا حقيقيا، فإنه يبقى مستشرقا مهما استطاع أن يؤسس بالقسطنطينية، مركزا مهما للدراسات الأدبية والأركيولوجية لصالح فرنسا.
3 – Baron de Tott [33]
كان “دو توت” يطمح إلى القيام بأعمال ترفع من شأنه، الأمر الذي بدا قريب التحقق عندما أصبح “شوازول” مسؤولا عن الشؤون الخارجية سنة 1766، فكانت هذه هي البداية التي وجد فيها “دو توت” موقعا ضمن السياسة العالمية لفرنسا[34]. لقد عينه “شوازول” رسميا في مهمة للقرم سنة 1767 وفي سنة 1769، بعد أول مشاركته في حروب الدولة العثمانية، تم استدعائه إلى القسطنطينية، حيث تم تكليفه بإعادة تنظيم سلاح البحرية، بل أصبح يقوم بدور المستشار التقني والمكلف بتحديث الجيش العثماني[35].
وفي سنة 1776 قام “دو توت” برحلة بحرية، اكتشف من خلالها موانئ الشرق سواء في مصر أو شمال إفريقيا، وقد انتهت جولته هاته التي امتدت 17 شهرا وعاد إلى فرنسا سنة 1778[36]. لم يكتف البارون “دو توت” بزيارة المجالات العثمانية فقط، بل شارك في الأحداث التي كانت تعرفها الدولة العثمانية خلال النصف الثاني من القرن 18م، وترك وثائق تاريخية تتحدث عن الحالة السياسية للدولة العثمانية[37].
إن تحرك “دو توت” هذا، جاء في إطار بعثة سرية من أجل دراسة أوضاع المجالات العثمانية، ومعرفة طبيعة الوجود الإنجليزي بالمنطقة، وذلك في سياق التمهيد للحملة على مصر، وبالفعل خلص “دو توت” إلى أن الإنجليز موجودين بكل قواهم خاصة بجوار قناة السويس ومصر[38].
لقد جعلت هذه التطورات سفير فرنسا بالقسطنطينية M.de Saint-Priest، يؤكد على ضرورة اتخاذ موقف صريح وسريع لفرنسا من الدولة العثمانية، وبأن مصر يجب أن تكون لصالح فرنسا. لكن الثورة الفرنسية أزاحت اهتمام -ليس فرنسا فقط بمصر-، بل كل القوى المنافسة لها.
4 – Sebastiani
لم تتوان فرنسا عن الاستمرار في تنفيذ حلمها الشرقي، وحصد المزيد من الامتيازات، إذ تم تعيين الجنرال Sebastiani من طرف نابليون بونابارت سفيرا لفرنسا بالقسطنطينية. فقد طلب من هذا السفير، عقد اتفاق تساعد بموجبه الدولة العثمانية فرنسا بجيش يرسل إلى نهر الدانوب، واستطاع سباستياني أن يدفع العثمانيين إلى إعلان الحرب على روسيا، وقد نجح بالفعل السفير الفرنسي في تحقيق كل ما طلب منه في هذه المهمة السياسية العظيمة[39].
فمع وصول “سباستياني” إلى إستانبول سنة 1806، بلغ الدور الفرنسي دروته، فبعد إعلان الحرب على روسيا، هددت بريطانيا بقصف استانبول إذا لم يطرد السفير الفرنسي، مما أوقع السلطان وأعضاء ديوانه في الفزع لرؤية الأسطول الإنجليزي يصل إلى العاصمة، لكن “سباستياني” عرف كيف يستغل الوضع، فأشرف بنفسه على تنظيم الدفاعات على إستانبول مما اضطر الإنجليز إلى سحب أسطولهم[40].
إن عمل هؤلاء الدبلوماسيين والسفراء بالمجالات العثمانية، ما هو إلا صدى لساسة كبار بفرنسا، عمل كل واحد منهم على تبني سياسة معينة تجاه الشرق العثماني، ومن هؤلاء Delcassé الذي شغل منصب وزير الشؤون الخارجية ما بين )1905-1898(. كان “ديلكاسيه” من مؤيدي الاستعمار Pro-coloniel، لقد استندت دبلوماسيته على ثلاث اتجاهات؛ أولها ضمان روابط متينة مع روسيا (اتفاقية 9غشت 1899)، وعزل إيطاليا عن الحلف الثلاثي، وأخيرا ضمان ود بريطانيا (الاتفاق الودي 1904)[41].
ونورد في سياق هذا الحضور الدبلوماسي الفرنسي بالمجالات العثمانية، دور بعض الرحالة في تعبئة الطريق للسياسة الفرنسية، ومن هؤلاء دور الرحالة “فولني” Volney، وهو عضو الأكاديمية الفرنسية ولد في 3 فبراير 1757، وصل إلى مصر وقضى 8 أشهر لتعلم اللغة العربية، كما مكث بضعة أشهر في القاهرة يلاحظ عادات وتقاليد الشرق الغريبة بالنسبة له[42].
وبعد أربعة أشهر عاد إلى فرنسا، ونشر العديد من أعماله التي دونها حول الشرق العثماني، والتي لاشك أنها لم تذهب سدى، وفرنسا على أبواب قيادة حملتها على مصر. فمن بين هذه الأعمال؛ « Voyage en Egypte et en Syrie » ونشر سنة 1780 « Les considérations sur la guerre des Turcs et la Russe » وفي سنة 1791 نشر كتابه « Les ruines ou méditations sur les révolutions des empires ». وللإشارة ففي سنة 1792 وخلال إقامته بكورسيكا تعرف Volney على نابليون بونابارت، الذي لازال آنذاك قائدا للمدفعية الفرنسية[43].
لا يفوتنا في آخر هذه النقطة، التي أفردناها للحديث عن أعضاء الجهاز الدبلوماسي ودورهم في تفعيل السياسة الفرنسية بالمجالات العثمانية، أن نشير أيضا إلى الآلية الثقافية، لأنها لم تخرج عن هذا الإطار فهي ذات صبغة دبلوماسية، هيئت المجال للساسة الفرنسيين.
ففي سنة 1795 أرسل Louis Allier مدير المطبعة الوطنية بباريس، مطبعة لإلحاقها بسفارة فرنسا في استانبول، من أجل تعزيز الدعاية الفرنسية ضمن الخطة المعتمدة من طرف حكومة باريس. فطبعت نشرة دورية كانت تصدر مرة في الشهر بعنوان “المجلة الفرنسية في استانبول”، كما تأسست أيضا نشرة أخرى بعنوان ” نشرة مفوضية الجمهورية الفرنسية لدى الباب العالي”، أضف إلى ذلك ما نشرته المطبعة التابعة للسفارة الفرنسية من وثائق وبيانات مثل “دستور الجمهورية”، وإعلان حقوق الإنسان[44]. لقد كان الهدف من هذا النشاط الدعائي مزدوجا، فمن ناحية إبقاء الصلة مع الفرنسيين العاملين والمقيمين في أراضي الدولة العثمانية، ومن ناحية أخرى نشر الدعاية بين العثمانيين أنفسهم.
لقد ساهم الفرنسيون المقيمون في استانبول، في نشر الأفكار الفرنسية من خلال تشكيلهم للنوادي والجمعيات، وأهم هذه الجمعيات تلك التي أسسها Des Corches سنة 1793 باسم “الجمعية الجمهورية لأصدقاء الحرية والمساواة”، ثم الجمعية التي أسسها Henin في نفس السنة باسم “الجمعية الشعبية الجمهورية” [45].
ومن بين ما قامت به السفارة الفرنسية أيضا، هو ترجمة الوثائق إلى لغات متعددة، مثل اليونانية والعربية والأرمينية والتركية لتوزع في الولايات العثمانية. لقد توجهت الدعاية بشكل خاص إلى رعايا الدولة العثمانية المسيحيين في اليونان وأوربا الشرقية، الذين كانوا أكثر تقبلا للأفكار الجديدة، إلى درجة أثارت مخاوف وغضب بعض رجال الإدارة العثمانية[46].
ومن جهة أخرى، فإن الفرنسيين أظهروا أنفسهم كأعداء للكاثوليكية والبابوية، محاولين كسب ود المسلمين، فقد ورد في إحدى التقارير الفرنسية بهذا الصدد: “… إن مبعوثي الحكومة الثورية نجحوا في خلق التعاطف حتى داخل الديوان، فقد ألحوا على سبيل المثال حول النقطة التالية، إن فرنسا منذ أن تبنت ديانة العقل لم تعد في تناقض ديني مع المسلمين، وقد صار للمبعوثين أصدقاء في إستانبول“[47].
وفي إطار ما هو دبلوماسي دائما، نشر بيان لم تخف حقيقته، وزع باللغتين العربية والعثمانية سنة 1807،صدر عن جهة رسمية باسم “المؤذن العثماني”، يدعو المسلمين إلى دعم سياسة نابليون ضد روسيا، ومن بعض ما يقوله البيان “…ولا يخفيكم يا إخواني أن مملكة فرنسا كانت متحسرة مما وقعت فيه من البلاء والعناء، وأن جميع بلدان الإفرنج كانت متعصبة عليها، وكذلك أهلها كانوا غير متحدين مع بعضهم البعض، فسلمت أمرها إلى نابليون الذي اختاره الله سبحانه فخلصها من كل شر أحوالها“[48].
لم تكتف الدبلوماسية الفرنسية بكل هذا، بل بتت شبكة من المدارس والمعاهد التابعة لها تعد الشباب العثماني، وتهيئ النخبة التي تعاملت معها فيما بعد. فقد تم تشييد مؤسسة في القسطنطينية سنة 1804، لإعطاء التلاميذ الفرنسيين تربية دينية، كما تم فتح مدرسة خاصة بإزمير سنة 1829، تسمى “المدرسة الخاصة للتجارة” يسيرها الفرنسي Simon Roux[49].
كما شهدت الدولة العثمانية، ميلاد العديد من الجرائد الفرنسية، منها “جريدة القسطنطينية” التي أنشأت سنة 1841، وكانت تسير بواسطة M. Edwards ، وجريدة La Courier de Constantinople و Le Commerce de Constantinople ثم La Gazette Médicale[50].
خاتمة:
أصبح الشرق العثماني خلال القرنين 18 و19م عبارة عن حلبة لتصارع القوى الأجنبية، التي وظفت مختلف الوسائل لحماية مصالحها. ففي خضم هذه الظروف قدم الجهاز الدبلوماسي الفرنسي، دورا فعالا من أجل حماية المصالح الفرنسية بالمنطقة، تارة بالدبلوماسية وتارة باستعمال القوة.
من المؤكد أن بقاء الساسة الفرنسيين بجانب الباب العالي أمر مصلحي ومؤقت، وذلك من أجل التأثير على قرارات السلاطين العثمانيين، ومنع تقدم روسيا نحو القسطنطينية، والتضييق على المصالح الإنجليزية بالمنطقة. فعندما بدا لهؤلاء الساسة أن زمن الدبلوماسية قد ولى، فإنهم هم من بارك احتلال مصر، وفي مرحلة أخرى احتلال الجزائر والتدخل في الشام.
ولم يكن في وسع هؤلاء الدبلوماسيين إنجاز مهامهم، لولا مساعدة الجواسيس والمترجمين والأطباء والتجار، الذين كانوا يعيشون بإستانبول. رغم كل هذا اعتبرت عاصمة الدولة العثمانية من أخطر المراكز الدبلوماسية، حيث كان السفراء بمثابة رهائن مسؤولين أمام الباب العالي عن سلوك ملوكهم الذين أرسلوهم، فلم تكن هناك حصانة دبلوماسية في إستانبول، فإذا ساءت علاقة السلطان مع أي دول أوربية، فإن سفيرها يمكن أن يجد نفسه في السجن.
قائمة المراجع:
- حاطوم نور الدين، تاريخ القرن 18 في أوربا والعالم، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط1، ج2، 1995.
- الخيلي عبد الحي، النخبة والإصلاح نماذج من الفكر الإصلاحي العثماني، بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر الميلاديين، منشورات كلية الآداب، الرباط، الطبعة الأولى، 2014.
- زيادة خالد، اكتشاف التقدم الأوربي، دراسة في المؤثرات الأوربية على العثمانيين في القرن18م، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، 1981.
- فريمو جاك، فرنسا والإسلام من نابليون إلى ميتران، ترجمة هاشم صالح، شركة الأرض للنشر، قبرص، 1991.
- المحامي محمد فريد بك، تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق إحسان حقي، دار النفائس، ط 8، 1998.
- El ghachi Mustapha, L’image de l’Empire Ottoman à travers les récits de voyages Français aux XVII et XVIIIème siècles « Vision portée sur la société Musulmane », Thèse de 3ème siècle, Université de Pau, France, 1993.
- Girault René, Diplomatie européenne et impérialismes, Masson, Paris, 1979.
- Kuneralp Sinan, “Diplomaties et Consuls Ottomans en France au 19s “, In : L’empire Ottoman la république de Turquie et la France, Editions ISIS, Istanbul, 1er Edition, 1986.
- Laurens Henrey, Les origines intellectuelles de l’expédition d’Egypte, L’orientalisme, Islamisant en France 1698 -1798, Editions ISIS, Istanbul, 1er Edition, 1987.
- Pingaud Léonce, Choiseul – Gouffier, la France en orient sous Louis XVI, Alphonse Picard Libraire, Paris, 1887.
- Roche Max, « L’éducation et la culture Française à Constantinople et à Smyrne dans la première moitié du 19 siècle » in : L’empire Ottoman la république de Turquie et la France, Editions ISIS, Istanbul, 1er Edition, 1986.
- Saintoyant (J), La colonisation Française pendant la révolution (1789-1799), T2, La Renaissance du Livre, Paris, 1930.
- Ternon Yves, Empire ottoman, le déclin, la chute l’effacement, Ed, du Félin, Michel de Maule, Paris, 2002.
- Tongas Gérard, Les relations de la France avec L’empire ottoman durant la premier moitié du XVII Siècle et l’ambassade à Constantinople de Philippe de Harlay, Comte de Césy (1619-1640), Toulouse Imprimerie F. Boisseau, 1942.
[1]– جاك فريمو، فرنسا والإسلام من نابليون إلى ميتران، ترجمة هاشم صالح، شركة الأرض للنشر، قبرص، 1991، ص. 22.
[2]– René Girault, Diplomatie européenne et impérialismes, Masson, Paris, 1979, pp. 13-14.
[3]– René Girault, Diplomatie, Op.cit., p.16.
[4]– Ibid., p.18.
[5]– Ibid., pp.20-21.
[6]-Mustapha El ghachi, L’image de l’Empire ottoman à travers les récits de voyages Français Aux XVII et XVIIIème siècles « Vision portée sur la société musulmane », Thèse de 3ème siècle, université de Pau, France, 1993, p.6.
ينظر بخصوص خضوع الدولة العثمانية لتأثير الحريم: عبد الحي الخيلي، النخبة والإصلاح نماذج من الفكر الإصلاحي العثماني، بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر الميلاديين، منشورات كلية الآداب، الرباط، الطبعة الأولى، 2014، ص ص. 172-176.
[7]– Mustapha El ghachi, L’image, Op.cit., p.10.
[8]– للمزيد من المعلومات عن ظروف عقد هذه المعاهدة وما تضمنته من امتيازات، ينظر: محمد فريد بك، تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق إحسان حقي، دار النفائس، ط 8، 1998، ص ص. 224- 229.
[9]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., p.15.
[10]– Ibid., P.17.
[11]– Ibid., p.18.
[12]– Ibid., p.19.
[13]– Ibid., p.20.
[14]– Gérard Tongas, Les relations de la France avec l’Empire ottoman durant la premier moitié du XVII siècle et l’ambassade à Constantinople de Philippe de Harlay, comte de Césy (1619-1640), Toulouse Imprimerie F. Boisseau, 1942, p.79.
[15]– للاطلاع على مشاريع الحروب الصليبية تجاه الشرق العثماني خلال القرن 17م، ينظر:
Gérard Tongas, Les Relations, Op.cit.
[16]– J.Saintoyant, La colonisation Française pendant la révolution (1789-1799), T2, La Renaissance du Livre, Paris, 1930, p.348.
[17]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit, p.44.
[18]– من بين أشهر السفراء الذين حملوا مشعل السياسة الفرنسية بالشرق قبل القرنين 18و19م هناك:
François Savary(Comte de Brèves) (1591-1606)
Jean Content-Biron, Seigneur de Salignac (1606-1600)
Achille Harlay-Sancy, Boron de la Mole (1611-1618)
Philippe de Harlay Comte de Césy (1619-1631)
Henri de Gournay, Comte de Marcheville (1631-1634)
Jean de la Haye Ventelay (1640-1660)
ينظر: Gérard Tongas, Les relations, Op.cit., p.16.
[19]– محمد فريد بك، تاريخ الدولة العلية…، ص. 260.
[20]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., P.36.
[21]– Ibid., P.46.
[22]– René Girault, Diplomatie, Op.cit., pp.167-168.
[23]– نور الدين حاطوم، تاريخ القرن 18 في أوربا والعالم، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، ط1، 1995، ج 2، ص. 230.
[24]– وللإشارة فخلال هذه الفترة طالبت حكومة الإدارة في باريس، بسفارة عثمانية دائمة في باريس مقابل السفارة الفرنسية في إستانبول. ينظر: خالد زيادة، اكتشاف التقدم الأوربي، دراسة في المؤثرات الأوربية على العثمانيين في القرن18م، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط 1، 1981، ص ص. 50-53.
[25]– Sinan Kuneralp, “Diplomaties et consuls ottomans en France au 19s “, In L’empire ottoman la république de Turquie et la France, Editions ISIS, Istanbul / Paris, 1er Edition, 1986, pp.306-308.
[26]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., P.33.
[27]– Ibid., p.34.
[28]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., p.37.
[29]– Yves Ternon, Empire ottoman, le déclin, la chute l’effacement, Ed, du Félin, Michel de Maule, Paris, 2002, pp.78-79.
[30]– يتلخص مشروع روسيا في إنشاء إمبراطورية إغريقية جديدة أورثوذكسية عاصمتها القسطنطينية.
Yves Ternon, Empire, Op.cit., pp.82-83.
[31] – Léonce Pingaud, Choiseul – Gouffier, la France en Orient sous Louis XVI, Alphonse Picard, Libraire, Paris, 1887, pp. 27-73.
[32]– Yves Ternon, Empire, Op.cit., p.46.
[33] – بدأ البارون دو توت مسيرته بمهام دبلوماسية لصالح فرنسا، ثم أصبح مستشارا تقنيا وعسكريا للسلاطين العثمانيين منذ سنة 1769 إلى حدود إنهائه لهذه المهمة سنة 1778.
[34] – Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., p.61
[35]– Ibid., p.61.
[36]– Ibid., p.61.
[37]– Ibid., p.69.
[38]– J.Saintayant, La colonisation, Op.cit., p.351.
[39]– آمال السبكي، أوربا خلال القرن 19م…، ص. 103.
[40]– خالد زيادة، اكتشاف…، ص. 56.
[41]– René Girault, Diplomatie, Op.cit., p.194.
[42]– Mustapha Elghachi, L’image, Op.cit., p.63.
[43]– Henrey Laurens, Les origines intellectuelles de l’expédition d’Egypte, l’orientalisme, islamisant en France 1698 -1798, Editions ISIS, Istanbul/ Paris, 1er Edition, 1987, pp.189-190.
[44]– خالد زيادة، اكتشاف…، ص. 57.
[45]– المرجع نفسه، ص. 58.
[46]– فقد طالب خالد أفندي السفير بباريس بوضع حد للدعاية الفرنسية في الجزر الشرقية واليونان وذهب إلى حد المطالبة بإجراء تحقيق وإصدار أوامر من الكنسية اليونانية لمنع المسيحيين في الأقاليم العثمانية من قراءة هذه البيانات.
خالد زيادة، اكتشاف…، ص. 59.
[47]– المرجع نفسه، ص. 59.
[48]– المرجع نفسه، ص. 60.
[49]– Max Roche, « L’éducation et la culture Française à Constantinople et à Smyrne dans la première moitié du 19 siècle » in : L’empire Ottoman La République de Turquie et La France, Editions ISIS, Istanbul, 1er Edition, 1986, , pp.234-235.
[50]– Ibid., p.245.