الدعوى المدنية الناشئة عن السلوك الإجرامي في التشريع الفلسطيني والعماني دراسة تحليلية مقارنة
Civil action arising from criminal conduct in Palestinian and Omani legislation Comparative analytical study
د. نزار حمدي قشطة، جامعة الشرقية، سلطنة عمان Dr. Nizar Hamdi Qeshta, A’SHARQIYAH UNIVERSITY | د. تامر القاضي، الجامعة الإسلامية، فلسطين Dr. Tamer Al-Qadi, Islamic University, Palestine |
منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 46 الصفحة 11.
Abstract:
The jurisdiction rules dictate that the field of consideration of the criminal case is the criminal judiciary and the civil case before the civil judiciary. But the legislator excluded from these rules the subordinate civil suit, in Article (195) and Article (20) of the Palestinian and Omani Criminal Procedures Law, respectively. The victim was granted the right to claim reparation in front of the public prosecution or before the criminal court.
From here, the practical importance of the research appears as it brings benefits to the affected person in saving effort and time, as well as preventing a contradiction between the rulings issued by the various ruling bodies. What the research aims to clarify the limits set by the legislator when using this right. Which leads us to ask whether the legislator requires the plaintiff of damage to submit a prior request to the criminal court to accept him claiming the civil right, or is the legislator satisfied with the original request in the civil case. The results of the research showed that the Omani legislator according to the regulation of the procedure of conducting the ancillary civil lawsuit in terms of wording in Article (20) QA, which affirmed the subjectivity of the civil case, unlike the Palestinian legislator, whose wording of Article (194) QC created practical problems about the necessity Submitting a preliminary request before the plaintiff submits a list of his lawsuit. Accordingly, the researcher recommended Palestinian and Omani legislators to amend Article (22) and Article (20), respectively, of the Criminal Procedure Law, to allow the possibility of accepting the civil right claim before the judicial control officer.
Key words: The civil case, the criminal case, the ancillary civil lawsuit, the right of choice, the authority of the criminal judgment
الملخص:تفرض قواعد الاختصاص أن يكون مجال نظر الدعوى الجزائية هو القضاء الجزائي، والدعوى المدنية أمام القضاء المدني، إلا أن المشرع استثنى من تلك القواعد الدعوى المدنية التابعة، حيث مُنح المتضرر من الجريمة حق الخيار ما بين اللجوء إلى القضاء المدني أو القضاء الجزائي للمطالبة بحقه بالتعويض، من هنا تظهر أهمية البحث العملية حيث يحقق فوائد للمتضرر في توفير الجهد والوقت، كما تمنع حصول تناقض بين الأحكام الصادرة من جهات الحكم المختلفة، وما يهدف اليه البحث توضيح الحدود التي وضعها المشرع عند استعمال هذا الحق.
مما دفعنا للتساؤل هل يوجب المشرع على مدعي الضرر أن يتقدم لدى المحكمة الجنائية بطلب مسبق لقبوله مدعياً بالحق المدني أم أن المشرع يكتفي بالطلب الأصلي في الدعوى المدنية.
وقد أظهرت نتائج البحث أن المشرع العماني وفق في ضبط إجراء مباشرة الدعوى المدنية التبعية من حيث الصياغة في المادة (20) ق إ ج الذي أكد على ذاتية الدعوى المدنية، بخلاف المشرع الفلسطيني الذي أحدثت صياغة المادة (194) ق إ ج اشكاليات تطبيقية حول ضرورة تقديم طلب تمهيدي قبل تقدم المدعي بلائحة دعواه,
وبناء عليه أوصى الباحث المشرعين الفلسطيني والعماني بتعديل المادة (22) والمادة (20) على التوالي من قانون الإجراءات الجزائية، ليسمحا بإمكانية قبول المطالبة بالحق المدني أمام مأمور الضبط القضائي.
الكلمات المفتاحية: الدعوى المدنية، الدعوى الجزائية، الدعوى المدنية التابعة، حق الخيار، حجية الحكم الجزائي
مقدمة
الثابت أن الجريمة قد تفضي إلى نتائج خطيرة على حياة الإنسان أو حريته أو شرفه أو ماله، ناهيك عن ضررها الذي يوصف بالعدواني على مصلحة محمية بالقانون، الأمر الذي يؤسس لحق المضرور بأن يجبر ضرره بالتعويض العيني أو النقدي عما لحقه من ضرر أو خسارة، وما فاته من كسب أو لحق بسمعته وشرفه ضرر.
وقد حدد القانون للمدعي بالحق المدني الوسيلة لجبر الضرر الناتج عن الجريمة، عبر سلوك الدعوى المدنية، التي منح القانون لصاحبها حق الخيار في إقامتها أمام القضاء الجزائي أو المدني وفق الإجراءات القانونية المتبعة في قانون الإجراءات الجزائية، حيث نصت المادة (195/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” يجوز إقامة دعوى الحق المدني تبعاً للدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة، كما تجوز إقامتها على حدى لدى القضاء المدني، وفي هذه الحالة يوقف النظر في الدعوى المدنية إلى أن يفصل في الدعوى الجزائية بحكم بات، ما لم يكن الفصل في الدعوى الجزائية قد أوقف لجنون المتهم “، كما أكد على نفس الأمر المشرع العماني في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية بالقول ” لكل من أصابه ضرر شخصي مباشر بسبب الجريمة أن يرفع دعوى بحقه المدني أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية في أية حالة كانت عليها إلى أن يقفل باب المرافعة بوصفه مدعياً منضماً في الدعوى العمومية…”[1].
من هذا المنطلق يتضح أن موقف المشرعين الفلسطيني والعماني متوافق حول إمكانية لجوء المتضرر من الجريمة إلى القضاء الجزائي للمطالبة بالتعويض عن الضرر عن طريق الدعوى المدنية التابعة، مع السماح له بحق الخيار ما بين اللجوء إلى القضاء الجزائي أو القضاء المدني.
لكنهما يختلفان في أن المشرع الفلسطيني سمح من خلال نص المادة (195) بإقامة الدعوى المدنية لدى القضاء المدني، وفي حالة حدوث ذلك يتوجب تطبيق قاعدة “الجنائي يعقل المدني”، والتي تجبر المحكمة المدنية أن توقف النظر في الدعوى المدنية إلى حين الفصل في الدعوى الجزائية، في حين أن المشرع العماني تطرق للدعوى المدنية التابعة المرفوعة أمام المحكمة الجزائية، ونظم قاعدة “الجنائي يعقل المدني” في المادة (155) من قانون الإجراءات الجزائية[2]، كما كان تنظيم المشرع العماني أكثر وضوحاً للحالة التي يسمح فيها للمدعي بالحق المدني أن يطالب بحقه أثناء التحقيق الابتدائي بطلب يقدمه لعضو الادعاء العام، وهو ما لم يتطرق له المشرع الفلسطيني في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية.
وتماشياً مع ما تم ذكره يعد استثناء من قواعد الاختصاص إجازة رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية من قبل المتضرر من الجريمة، إلا أن هذه الإجازة لا تلغي حق المتضرر من الجريمة في رفع دعواه المدنية أمام المحاكم المدنية، لكن هذا لا يعني أن حق الخيار حق مطلق، فإقامة ومباشرة الدعوى المدنية التابعة تخضع لبعض القيود والإجراءات.
أهمية البحث:
إن الدعوى المدنية التابعة وسيلة يلجأ إليها المتضرر من الجريمة للمطالبة بالتعويض عن طريق الادعاء المدني أمام المحكمة الجزائية، مما يعود بفوائد عملية، منها ما هو للصالح الخاص للمتضرر حيث أنها توفر الوقت و الجهد و المصاريف، ومنها ما هو للصالح العام حيث أنها تخفف العبء عن الادعاء العام من ناحية الإثبات، كما تمنع حصول تناقض بين الأحكام الصادرة من جهات الحكم المختلفة، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من البحث والتعمق في موضوع بحثنا.
إشكالية البحث:
تتمحور الإشكالية الرئيسية للبحث حول تساؤل رئيسي مفاده، أن دعوى جبر الضرر تعتبر من الدعاوى المدنية القائمة على تعويض المجني عليه أو المتضرر الذي أصابه ضرر الجريمة المقترفة، ولعل امتداد هذا الاختصاص وتنظيمه في القانون الإجرائي الجنائي، ما هو إلا امتداد تبرره قواعد العدالة، التي تمنح القاضي المباشر والأقدر على فهم الواقعة للنظر فيها، وإن كان الغموض يكتنف مباشرة هذه الدعوى حول ما إذا كان يوجب المشرع على مدعي الضرر أن يتقدم لدى المحكمة الجزائية بطلب مسبق لقبوله مدعياً بالحق المدني أم أن المشرع لا يقصد في المادة (194) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني تقديم طلب تمهيدي، بل المقصود هو الطلب الأصلي أي الدعوى المدنية دون أن يسبقها طلب عارض، وما يتطلب ذلك البحث عن موقف المشرع العماني ونظيرهما المصري من هذه الإشكالية.
وتتمحور حول هذه الإشكالية عده تساؤلات فرعية تتمثل في:
- لماذا أباح المشرع للمحكمة الجزائية التصدي للدعوى المدنية خارج حدود اختصاصها الأصيل.
- ما هي الحدود التي وضعها المشرع للمتضرر عند استخدامه حق الخيار، وهل وضع المشرع حدود للقاضي الجزائي حين ممارسة الاختصاص على الدعوى المدنية التابعة ؟
- كيف للمتضرر استعمال حقه في مباشرة الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية أو المحكمة المدنية؟
- ما هي الشروط التي يجب احترامها وتواجدها لكي تكون المباشرة في استعمال حق الخيار صحيحة؟
أهداف البحث
يهدف البحث إلى تحقيق العديد من الأهداف أهمها:
- تبيان التنظيم القانوني للدعوى المدنية التابعة في القانون الفلسطيني والقانون العماني.
- يوضح الحدود التي يجب احترامها عند اللجوء إلى حق الخيار من قبل المتضرر.
- توضيح مدى الحاجة إلى ضرورة تقديم طلب عرضي لقبول الدعوى المدنية التابعة، أم يكتفي بالطلب الأصلي.
المنهج المتبع:
المنهجية المتبعة تعتمد على المنهج التحليلي المقارن، حيث لزم المنهج التحليلي للضوابط الإجرائية لمباشرة الدعوى المدنية التبعية في قانون الإجراءات الجزائية، إلى جانب بيان موقف الفقه والقضاء من هذه النصوص، سيما المنهج المقارن القائم على مطالعة موقف المشرع العماني من هذه الضوابط مع الاطلالة كلما اقتضت الحاجة على التشريع المصري.
خطة البحث
في ضوء ما تقدم سوف نتناول شرح إجراءات مباشرة الدعوى المدنية المتعلقة بالتعويض عن ضرر الجريمة، وفق ما منحه القانون للمدعي من حق الخيار في مباشرتها امام القضاء الجنائي أو المدني وذلك في المبحث الأول، وفي المبحث الثاني نتحدث عن مباشرتها أمام القضاء الجنائي، وفي المبحث الثالث نتناول سلوكها وفق الطريق المعتاد لها أمام القضاء المدني، وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للادعاء بالحق المدني
المبحث الثاني: إقامة الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجزائية
المبحث الثالث: مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء المدني
المبحث الأول الإطار المفاهيمي للادعاء بالحق المدني
سبق القول أن القانون أجاز للمدعي بالحق المدني حق الخيار في ولوج باب القضاء الجنائي أو المدني، للمطالبة بجبر ضرر الجريمة عبر إقامة الدعوى المدنية، ولما كان اختصاص القضاء الجنائي الأصيل إجراء المحاكمات في الدعاوى الجزائية، فقد تقرر له استثناء يتمثل في جواز نظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجزائية، وسبب هذا الاستثناء هو أن أساس نشأة كل من الدعوتين واحد وهو الفعل الضار.
ونجد أن نظر الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية له عدة مبررات أهمها، أن فصل القاضي الجزائي في الدعوى المدنية، يحول دون تضارب الأحكام فيما يتعلق بنقاط النزاع المشتركة في الدعويين، كما أن النظر في الدعويين من محكمة واحدة يؤدي إلى تبسيط إجراءات التقاضي[3].
بناء على ما سبق سوف نتناول أحكام حق الخيار الممنوح للمدعي بالحق المدني في إقامة دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي أو المدني في المطالب الآتية:
المطلب الأول ماهية الادعاء بالحق المدني
سوف نتطرف في هذا المطلب إلى مناقشة مفهوم الادعاء بالحق المدني في الفرع الأول، ثم نناقش شروط ممارسة حق الخيار في الفرع الثاني.
الفرع الأول: مفهوم الادعاء بالحق المدني
الدعوى المدنية له معنى واسع بحيث يشمل كل الدعاوي التي تقام أمام المحاكم المدنية، ومعنى ضيق يشمل الدعوى التي يرفعها المتضرر من الجريمة للحصول على تعويض ضرر ناتج عن الجريمة، ويطلق عليها الدعوى المدنية التابعة، وهذه الدعوى هي المقصودة في هذا المقام[4].
والمدعي بالحق المدني كما بينته الجملة الأولى من المادة (20) من الإجراءات الجزائية العماني، والمادة ( 194) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني[5]، بأنه كل من أصابه ضرر من الجريمة، وبالتالي لا يقبل الادعاء بالحق المدني من شخص عن ضرر أصاب غيره، حتى لو كانت بينهم صله قرابة معينة.
كما أن الشائع أن يجتمع في شخص المدعي بالحق المدني صفة المتضرر من الجريمة وصفة المجني عليه في آن واحد، كمن وقعت عليه جريمة الضرب، لكن يمكن أن يكون المتضرر من الجريمة غير المجني عليه، لذلك لا يشترط أن يكون هناك تلازم بين الصفتين[6].
كما أنه قد يكون المدعي بالحق المدني شخص طبيعي ويمكن أن يكون شخص معنوي، باعتباره أن الشخص المعنوي يتمتع بشخصية قانونية، سواء كان شخص معنوي عام كالبلدية، أو خاص كالشركات، ففي حالة وقعت عليها جريمة من جرائم الأموال كإساءة الأمانة مثلا، يحق لها الادعاء بالحق المدني أمام القضاء الجزائي.
الفرع الثاني: الشروط الواجب توافرها لمباشرة حق الخيار
يشترط لممارسة الحق في الخيار بين الطريق المدني والجزائي أن يكون الطريقان متاحين أمام المدعي المدني صاحب الحق في الخيار، وهذا يقتضي من ناحية أن تكون محكمة الموضوع الجنائية مما يجوز الادعاء المدني أمامها، فإذا كانت الدعوى الجزائية منظورة أمام محكمة عسكرية أو استثنائية أو محكمة أحداث، فلا مجال للخيار أمامها([7]).
أضف إلى ما تقدم لكي يقبل الادعاء بالحق المدني أمام القضاء الجزائي لا بد أن تحرك الدعوى الجزائية عن طريق النيابة العامة أو بالادعاء المباشر، وما دون ذلك لا يكون أمام المدعي بالحق المدني سوى طرق باب القضاء المدني، فضلاً عن ذلك يجب ألا تكون الدعوى الجزائية قد انقضت لأي سبب من أسباب الانقضاء([8])، أو ألا تكون الدعوى الجزائية معلقة على شكوى أو طلب أو إذن، أو لوجود مانع من موانع العقاب, فإن المدعي المدني لا يستطيع رفع دعواه إلا أمام المحكمة المدنية المختصة([9]).
ومن الشروط الواجب توافرها لمباشرة المدعي بالحق المدني، حقه في الخيار لرفع دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي أو المدني، أن يكون هناك ضرر مباشر أصاب المدعي بالحق المدني من وراء الجريمة، وأن تقدم الدعوى المدنية أمام محكمة أول درجة، فلا يجوز لزوجة المجني عليه في جناية القتل أن تتقدم بدعواها المدنية أمام محكمة الاستئناف للمطالبة بالتعويض[10]، ويكمن هذا الشرط في مبررين، أولهما حتى لا يفوت على المتهم فرصة التقاضي على درجتين، والثانية هي تقييد محكمة الاستئناف في نظرها للدعاوي المطروحة عليها بما تضمنه تقرير الطعن بالاستئناف[11]، ومن البديهي أن حق الخيار يشترط أن يكون الطريق الجزائي مفتوحاً، وبناء على ذلك لا يكون للمتضرر من الجريمة حق الخيار إذا لم تكن دعوى جزائية منظورة أمام المحكمة الجزائية.
المطلب الثاني ماهية حق الخيار في الادعاء بالحق المدني
من آثار تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية أجاز المشرع استثناء من قواعد الاختصاص رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية بمقتضى حق الخيار.
والثابت أن قاعدة الحق في الخيار التي منحها القانون للمدعي بالحق المدني غايتها أن صاحب الدعوى المدنية إما أن يُقدر مدى تحقق مصلحته في طرح دعواه أمام القضاء الجنائي، الذي يبحر في وقائع الجريمة التي هي سبب في الضرر الحاصل له، وإما أن يختار ولوج باب القضاء المدني لقناعته، بأن الأخير سيحقق له مطلبه في التعويض، وفي كل الأحوال لا يجوز للمدعي بالحق المدني إذا اختار طريق أن يعدل عليه ويرفع دعواه من جديد أمام القضاء الآخر، وإن كان ذلك ليس على اطلاقه بل مقيد بقاعدتين وهما:-
القاعدة الأولى: إذا كان المدعي بالحق المدني قد أقام دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي، ثم رغب في العدول عنها بنظرها أمام القضاء المدني، فلا تضار العدالة بشيء من تصرفه؛ نظراً لأن القضاء المدني هو صاحب الاختصاص الأصيل للفصل في الدعاوى المدنية أياً كان سببها، وهذا ما أكدت عليه الفقرة الثانية من المادة (23) قانون الإجراءات الجزائية العماني[12].
القاعدة الثانية: إذا كان المدعي بالحق المدني قد أقام دعواه المدنية أمام القضاء المدني، ثم رغب في العدول عنها بنظرها أمام القضاء الجنائي، فلا يجوز له شروع ذلك إلا بعد أن يسقط دعواه المدنية أمام القضاء المدني عملاً بنص المادة (195/2) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، وما يقابلها المادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العماني بنصها على ” إذا رفع المدعي بالحق المدني دعواه أمام المحكمة المدنية ثم رفعت الدعوى العمومية كان له إذا ترك دعواه أن يرفعها أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية”.
وقد ذهب الفقه([13])، في سياق شرحه للقاعدة الثانية التفرقة بين حالتين وهما:-
أولاً: إذا رفعت الدعوى المدنية أمام القضاء المدني قبل إحالة الدعوى الجزائية، ففي هذه الحالة لا يكون أمام المدعي بالحق المدني إلا البقاء على طريق القضاء المدني، وهنا يثار تساؤل حول تحديد وقت رفع الدعوى الجزائية؟
في حقيقة الأمر إن رفع الدعوى الجزائية يتحقق بدخولها في حوزة المحكمة المختصة، أما قبل ذلك فلا يحرم المتضرر من حق ترك المحكمة المدنية واللجوء إلى القضاء الجزائي، وهو ما تؤكده الصياغة المستخدمة في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.
أما إذا رفعت الدعوى الجزائية بعد ذلك من السلطة المختصة، فمن حقه أن يترك دعواه أمام المحكمة المدنية، ويرفعها أمام القضاء الجنائي بالتبعية للدعوى الجزائية.
ثانياً: إذا رفعت الدعوى المدنية أمام القضاء المدني بعد إحالة الدعوى الجزائية للمحكمة المختصة، ففي هذه الحالة لا يكون أمام المدعي بالحق المدني إلا البقاء على طريق القضاء المدني، ولا يجوز له العدول عنه باللجوء إلى القضاء الجنائي، وهذا ما تؤكده الفقرة الثالثة من المادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العماني التي تشير بشكل واضح إلى أن قبول الدعوى المدنية المرفوعة ابتداءً إلى القضاء المدني، أمام القضاء الجزائي مشروط بأن تكون الدعوى الجزائية قد رفعت أمام المحكمة الجزائية بعد رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية.
وأخيراً يمكن القول أن حق الخيار يبقى مفتوحاً بطرح الدعوى المدنية من القضاء الجنائي للقضاء المدني في حال كانت الدعوى الجزائية قد حركت بالادعاء المباشر، لأن الأخير يبقى وسيلة من وسائل تحريك الدعاوى الجزائية والدعوى المدنية تبقى متعلقة بموضوعها المدني, الذي ينظر من قبل القضاء المدني أصلاً.
وفيما يتعلق بسقوط حق المضرور في اختيار الطريق الجنائي لسبق رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، فلا يعد من النظام العام، بل هو مرتبط بمصلحة الخصوم، لانقطاع الصلة بينه وبين اختصاص المحكمة الجزائية، وبالتالي لا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ويجب على من يتمسك به أن يثيره أمام محكمة أول درجة قبل الدخول في الموضوع([14]).
المبحث الثاني إقامة الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجزائية
أجاز القانون للمتضرر من الجريمة إقامة دعواه المدنية أمام القضاء الجنائي للفصل فيها مع الدعوى الجزائية المرفوعة على المتهم، وقد حدد المشرع الإجراءات الواجب توافرها لمباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي، سوف نبين ملامحها في هذا المبحث عبر تقسيمه إلى عدة مطالب على النحو التالي:-
المطلب الأول: تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية.
المطلب الثاني: وقت تقديم الادعاء المدني
المطلب الثالث: الآثار المترتبة على قبول الادعاء المدني أمام القضاء الجزائي.
المطلب الأول تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية
يقصد بتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية، أن دعوى الحق الشخصي تتبع دعوى الحق العام من حيث اختصاص الهيئة الحاكمة لنظرها، والفصل فيها مع الدعوى الجزائية بحكم واحد وبإجراءات واحدة، لذا تبعية الدعوى الجزائية للدعوى المدنية لها شروط لا بد من توافرها وفق ما سوف نبينه في الفرع الأول، على أن يتبعه بيان الاستثناءات المقررة على مبدأ التبعية في الفرع الثاني على النحو التالي:-
يشترط لمباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي تبعيتها للدعوى الجزائية، وحيث أن الأخيرة لا تتوافر إلا بالشروط التالية:-
- تكون الدعوى الجزائية مقبولة أمام القضاء الجنائي، فإذا لم تقبل الدعوى الجزائية لمخالفتها الإجراءات القانونية، يترتب على ذلك عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها، وتطبيقاً لذلك لا تقبل الدعوى المدنية من الزوجة، إذا كانت الدعوى الجزائية المتعلقة بجريمة عدم دفع الزوج نفقة زوجته قد حركت دون شكوى منها[15]، والمستقر قضاءً أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية، يترتب عليه عدم قبول الأولى إذا لم تقبل الثانية([16]).
كما أقرت المحكمة العليا العمانية بذات النهج حيث تقول ” لما كانت الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجزائية هي دعوى تابعة للدعوى الجزائية أمامها، والقضاء بعدم قبول الدعوى الجزائية بالنسبة لواقعة ما، يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية الناشئة عنها، ومن ثم إذا كنت الدعوى الجزائية غير مقبولة تعين القضاء بعدم قبول الدعوى المدنية أيضاً”[17].
- توافر الصلاحية القانونية لتحريك الدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة بها، فإذا كانت الدعوى قد انقضت لأي سبب من الأسباب، أو حركت أمام محكمة غير مختصة بها، فالأخيرة تقضي بعدم قبول الدعوى المدنية لانقضاء الدعوى أن
- الجزائية في الحالة الأولى، وبعدم الاختصاص في الحالة الثانية.
ويترتب على رابطة التبعية نتيجة مهمة مفادها أن الدعوى المدنية تتأثر بكل ما يعتري الدعوى الجزائية من ظروف، فإذا شاب مثلا البطلان إجراءات رفع الدعوى الجزائية تعين على المحكمة الحكم بعدم قبولها، والذي يمتد إلى الدعوى المدنية التابعة حتى وإن رفعت بإجراءات صحيحة، كما تخضع الدعوى المدنية التابعة إجرائياً أمام القضاء الجزائي لقواعد قانون الإجراءات الجزائية[18].
الفرع الثاني الاستثناءات الواردة على مبدأ التبعية
الثابت أن تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية وفق الشروط القائمة تقضي بوجوب الفصل في الدعويين بحكم واحد، غير أن هناك عدة استثناءات واردة على مبدأ التبعية تجعل مصير الدعوى المدنية بعيد عن مصير الدعوى الجزائية، والتي تتمثل فيما يلي:
- استمرار نظر الدعوى المدنية رغم انقضاء الدعوى الجزائية، بحيث لو تم تحريك الدعوى الجزائية وأقيمت الدعوى المدنية بالتبعية لها، ثم سقطت الدعوى الجزائية بانقضائها لأي سبب من الأسباب كوفاة المتهم أو العفو الشامل، فلا يعقل أن يتضرر المدعي بالحق المدني من سقوط الدعوى الجزائية، وبالتالي على المحكمة الجزائية المثابرة في نظر الدعوى المدنية رقم انقضاء الدعوى الجزائية، وهذا ما أكدت عليه المادة (26) من قانون الإجراءات الجزائية العماني[19].
وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة العليا العمانية بأنه ” إذا انقضت الدعوى المدنية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم أو العفو عنه أو التنازل عن الشكوى، فلا يكون لذلك تأثير على الدعوى المدنية وتستمر المحكمة في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها”[20].
أما إذا لم ترفع الدعوى الجزائية للمحكمة لأي سبب من أسبابها، فلا يجوز رفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي، حيث يبقى الاختصاص الأصيل للقضاء المدني عملاً بنص المادة (11) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” يبقى الادعاء بالحق المدني من اختصاص المحكمة المنظور أمامها الدعوى الجزائية، وإذا كانت الدعوى الجزائية لم ترفع يكون الاختصاص بالدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة “.
- حالة الطعن بالحكم في الشق المدني, وهي تتمثل في أن الأصل وفق مبدأ التبعية أن يفصل القضاء الجزائي في الدعوى المدنية والجزائية بحكم واحد، وهو الحكم الذي يقبل الطعن فيه وفق الطرق المقررة قانوناً لذلك، فلو تصورنا أن الحكم لم يتم الطعن فيه من قبل المدان أو النيابة العامة، بل قدم الطعن من المدعي بالحق المدني أو المسؤول عن الحق المدني، ففي هذا الحالة تنظر المحكمة الجزائية في الشق المدني فقط دون النظر إلى الشق الجزائي, حيث نصت المادة (325) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” يجوز استئناف الأحكام الصادرة في دعاوى الحق المدني إذا كانت مما يجوز استئنافه كما لو أنها كانت صادرة من المحاكم المدنية، ويقتصر الاستئناف على الجزء المتعلق بدعوى الحق المدني”[21].
- حالة مطالبة المتهم بالتعويض من المدعي المدني: جاءت الفقرة الثانية من المادة (24) من قانون الإجراءات الجزائية العماني[22]، لتؤكد على هذا الاستثناء، وهو اختصاص المحكمة الجزائية بالفصل في طلب المتهم بتعويض الضرر الذي لحقه من الادعاء المدني عليه، وهذه الحالة تتطلب خطأ المدعي المدني مما يستوجب التعويض وفقاً لقواعد المسؤولية المدنية.
كما أكد على ذلك المشرع الفلسطيني في المادة (196) والتي سمح فيها للمدعي بالحق المدني المطالبة به في جميع مراحل الدعوى الجزائية[23]، كما له الحق في إقامة دعوى الحق المدني أمام القضاء الجزائي وذلك وفقاً للمادة (195) قانون الإجراءات الجزائية[24].
المطلب الثاني وقت تقديم الادعاء المدني
الثابت أن الجريمة تُعد حدث اجتماعي يلحق الضرر والخطر بالمجني عليه والمجتمع؛ نتيجة اقتراف السلوك المخالف للقانون، وإن هناك من الجرائم التي قد تسفر نتائجها عن أضرار تصيب المجني عليه أو غيره تؤسس لهم حق المطالبة القضائية لجبر ضررهم بالتعويض المدني، عبر سلوك طريق الدعوى المدنية، التي أجاز القانون سلوكها في كافة مراحل الدعوى الجزائية, وسوف نبين ذلك في الفروع الآتية:-
الفرع الأول إقامة الادعاء المدني في مرحلة التحقيق الابتدائي
تعد مرحلة جمع الاستدلال اللبنة الأولى للدعوى الجزائية، حيث تباشر الضابطة القضائية مهامها في التحري واتخاذ الإجراءات القانونية للكشف عن مقترف الجريمة وجمع الدلائل حول الواقعة الجرمية، حيث ذهب البعض([25])، بالقول أن المشرع الفلسطيني أجاز للمتضرر من الجريمة إقامة الدعوى المدنية بطلب يقدم لجهة جمع الاستدلال عند تقدمه بالبلاغ حول وقوع الجريمة, وعلى الأخيرة عرض الأمر على النيابة العامة دون تأخير عملاً بنص المادة (26/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” وفقاً لأحكام القانون على مأموري الضبط القيام بما يلي: 1- قبول البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وعرضها دون تأخير على النيابة العامة “.
وفي ذات السياق ذهب رأي آخر من الفقه([26])، – وبحق – أن النص المشار إليه يتعلق بواجبات مأمور الضبط القضائي بقبول البلاغات والشكاوى عند وقوع الجريمة، ولا علاقة له بالادعاء المدني لا من قريب ولا بعيد.
ولعل هذا القول يتماشى مع طبيعة مأمور الضبط القضائي في البحث والتحري وجمع الاستدلال وعدم قدرته غلى فهم نصوص قانون الإجراءات بطريق مباشر لاتخاذ هذا الإجراء, ولو كان المشرع الفلسطيني يرغب في مكنة المدعي بالحق المدني التقدم بطلب الادعاء أمام مأمور الضبط القضائي لنص على ذلك صراحة في المادة (22) من قانون الإجراءات أسوة بالمشرع المصري الذي نص على ذلك في المادة (27) من قانون الإجراءات الجنائية بقولها ” لكل من يدعي حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية في الشكوى التي يقدمها إلى النيابة العامة، أو أحد مأموري الضبط القضائي, وفى هذه الحالة الأخيرة يقوم المأمور المذكور بتحويل الشكوى إلى النيابة العامة في المحضر الذي يحرره “.
أما عن موقف المشرع العماني فقد جاء نص المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية بجواز المطالبة بالحق المدني أثناء التحقيق الابتدائي وأمام المحكمة ما لم يقفل باب المرافعة، ولم يرد النص على جواز ذلك أمام مأموري الضبط القضائي.
أضف إلى ما تقدم يمكن للمتضرر من الجريمة إقامة الدعوى المدنية بطلب يقدم أمام النيابة العامة عملاً بنص المادة (194/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بطلب إلى وكيل النيابة العامة أو إلى المحكمة، التي تنظر الدعوى يتخذ فيه صراحة صفة الادعاء بالحق المدني للتعويض عن الضرر الذي لحق به من الجريمة “، وفي هذه الحالة لا بد أن يكون الطلب معللا تعليلاً كافياً، وله ما يبرره من البيانات والأدلة وفق ما تطلبه القانون في الفقرة الثانية من ذات النص،
وكذلك الحال في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، والتي أجازت لمن أصابه ضرر شخصي مباشر بسبب الجريمة أن يطالب بحقه أثناء التحقيق الابتدائي بطلب يقدمه للادعاء العام، والمتضمن ما يريده المتضرر، ولا يشترط حسب بعض الفقه[27]، أن يكون الطلب مكتوباً وإنما يكفي أن يكون شفهياً، فما دام أن هناك ما يفصح عن إرادة المتضرر من الجريمة بشكل واضح للحصول على ما يجبر ضرره، فإنه يكون كافياً لاعتباره مدعياً بالحق المدني.
وقرار الادعاء العام برفض قبول الادعاء المدني أو رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية، لا يقيد المحكمة الأخيرة بقبول الادعاء مدنياً أمامها بعد إحالة الدعوى العمومية إليها، باعتبار أن محاضر التحقيق السابقة عن المحاكمة ليس لها حجية في الإثبات أمام المحكمة،[28] وبالتالي يحق للمدعي بالحق المدني أن يرفع دعواه المدنية أمام المحكمة الجزائية عند إحالة الدعوى الجزائية إليها رغم القرار الصادر من الادعاء العام برفض قبول الادعاء المدني[29].
والثابت أن سلطة النيابة العامة في التصرف في الدعوى الجزائية يتمثل في إصدار قرار بحفظها أو إحالتها للمحكمة المختصة، وعليه يثار التساؤل حول ماهية الأثر ذلك على الادعاء بالحق المدني المقدم أمام النيابة العامة؟
الحقيقة أن النيابة العامة لها سلطة التصرف بالدعوى الجزائية بحفظها لسبب من الأسباب الواردة في نص المادة (149) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني, والمادة (121) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، وحينها لا يكون أمام المدعى بالحق المدني إلا التظلم من القرار الصادر بحفظ الدعوى بطلب يقدم منه إلى النائب العام، وعلى الأخير أن يفصل في طلب التظلم بموجب قرار نهائي منه، وهو القرار الذي يجوز للمدعي بالحق المدني استئنافه أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى ويكون حكمها نهائيا، فإذا ألغت المحكمة القرار تعين نظر موضوع الدعوى أمام هيئة أخرى([30])، وإذا لم يلغى قرار الحفظ لم يبقى للمدعي بالحق المدني طريقاً لجبر ضرره، إلا برفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المختصة بها في القضاء المدني.
أما إذا انتهت النيابة العامة بقرار إحالة الدعوى الجزائية للمحكمة المختصة، فإن قرارها يشمل أيضاً إحالتها للادعاء المدني.
الفرع الثاني الادعاء المدني في مرحلة المحاكمة
انتهت الفقرة السابقة بالقول إذا كانت النيابة العامة قدر أصدرت قرارها بإحالة الدعوى الجزائية للمحكمة المختصة، فإن قرارها يشمل أيضاً إحالتها للادعاء المدني وإذا لم يقبل الادعاء أمام النيابة العامة أو تم إحالة الدعوى الجزائية دون أن يكون المتضرر قد تقدم بدعوى الحق الشخصي، فله الحق في إقامتها بتبعية للدعوى الجزائية أمام المحكمة التي تمت الإحالة لها.
يثار التساؤل في هذا المقام حول ما إذ كان المشرع الفلسطيني قد تطلب لمباشرة إجراء رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي التقدم بطلب استدعاء للقبول بالادعاء المدني، أم يمكنه إيداع قلم المحكمة لائحة الدعوى التبعية مباشرة دون طلب مسبق؟
بتتبع نص المادة (194/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بطلب إلى وكيل النيابة العامة أو إلى المحكمة التي تنظر الدعوى يتخذ فيه صراحة صفة الادعاء بالحق المدني للتعويض عن الضرر الذي لحق به من الجريمة “, يظهر أن المشرع الفلسطيني قد استلزم من المدعي بالحق المدني التقدم بطلب مسبق لقبوله مدعياً بالحق المدني.
تعقيباً على هذا النص يمكن القول أن المشرع الفلسطيني لم يوفق في استخدام كلمة ” طلب ” وكان من الصواب أن يستخدم كلمة ” بالادعاء “, ونبرر ذلك وفق تقديرنا فيما يلي:-
- من حيث اللفظ استقر المشرع في المادة الرابعة من قانون الإجراءات الجزائية أن كلمة الطلب لدلالة على قيد من قيود الدعوى، وبالتالي بهذا اللفظ يكون المشرع قد خلط بين إجراءين بذات المصطلح الواحد مع اختلاف المضمون.
- من حيث الموضوع يمكن القول أن الادعاء بالحق المدني ما هو إلا دعوى مدنية موضوعها جبر الضرر المترتب عن الجريمة شأنها شأن أي دعوى تعويض، والمستقر في القضايا المدنية أن المدعي يودع لائحة دعواه لدى قلم المحكمة دون أي قيد.
- من حيث الفرض لو كان المشرع يرغب في تقديم طلب للمحكمة قبل رفع الدعوى المدنية التبعية، لكان قد رتب إجراءات في حال رفضه، على غرار مثلاً قرار حفظ الدعوى الذي حدد له طريق للطعن به.
- من حيث المنطق ندلل بأن المشرع قد يكون استخدم مصطلح الطلب للدلالة على لائحة الدعوى المدنية باعتبارها طلب أصلي، وهذا لا يعني أن الادعاء المدني التبعي يشترط لمباشرته التقدم بطلب مسبق.
- من حيث الواقع لا بد من قراءة النصوص الإجرائية المنظمة للدعوى المدنية التبعية في قانون الإجراءات الجزائية جملة واحدة, حيث يلاحظ أن المشرع الفلسطيني لم يستخدم مصطلح الطلب في المواد التالية للمادة (194) من قانون الإجراءات الجزائية، بل استقر على مصطلح الادعاء بدلالة المادة (195/1) من ذات القانون بقولها ” يجوز إقامة دعوى الحق المدني تبعاً للدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة، كما تجوز إقامتها على حدة لدى القضاء المدني “، وما تبع هذا النص من نصوص بذات الدلالة، وبالتالي المقصود هنا إيداع لائحة الدعوى المدنية التبعية دون شرط التقدم بطلب مسبق.
- من حيث التاريخ، الثابت أن قانون الإجراءات الجنائية المصري يعتبر المصدر التاريخي لقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، سيما أن أحكام الدعوى المدنية التبعية في التشريع الفلسطيني تتوافق تماماً مع خطة المشرع المصري، والأخير لم يستلزم لرفع الدعوى المدنية التبعية شرط التقدم بطلب لقبول الادعاء، حيث نصت المادة (220) من قانون الإجراءات الجنائية المصري بقولها ” يجوز رفع الدعوى المدنية، مهما بلغت قيمتها، بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية “.
في ضوء ما تقدم وإعمالاً لمنهج المقارنة نرى أن المشرع العماني قد وفق في صياغة نص المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية حينما عبر عن دعوى جبر الضرر بأنها دعوى وليس طلب، سيما أن صياغته تؤكد الحجج التي تقدمنا بها في أن المقصود بكلمة الطلب الواردة في المادة (194) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني هي الطلب الأصلي ” الدعوى ” ولا يعني ذلك الطلب التمهيدي.
تجدر الإشارة أن مباشرة إجراء رفع الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجنائي يتم وفق الضوابط الإجرائية الآتية:-
- أن تقام الدعوى المدنية التبعية أمام محكمة أول درجة حين نظرها للدعوى الجزائية لأول مرة, حيث نصت المادة (196) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” يجوز الادعاء بالحق المدني أمام محكمة الدرجة الأولى في جميع مراحل الدعوى الجزائية، وحتى إقفال باب المرافعة “، وبالتالي لا يجوز الادعاء المدني أمام محكمة الاستئناف أو النقض.
وكذلك الأمر في القانون العماني، فعندما أجازت المادة(20) من قانون الإجراءات الجزائية لمن أصابه ضرر شخصي ومباشر بسبب الجريمة أن يرفع دعوى مدنية أمام المحكمة الجزائية، نجد أنها لم تجز له ذلك أمام المحكمة الأعلى درجة التي تنظر الطعون بقراراتها حيث تضمنت القول (ولا يقبل منه ذلك أمام محكمة الطعن).
وفي ذات السياق ذهب البعض([31])، إلى عدم جواز قبول الادعاء بالحق المدني عند نظر المحكمة طلب المعارضة في الحكم الغيابي، حيث أن سلطتها القانونية تجاه ذلك يتمثل في قبول طلب المعارضة من عدمه، سيما أن القول بقبول الادعاء المدني فيه ضرر بمركز المعارض، والثابت أن المعارض لا يضار من معارضته، وهو الاتجاه الذي ذهب إليه المشرع الفلسطيني بعدم جواز الادعاء المدني أمام المحكمة إذا أعيد لها سلطة نظر الدعوى الجزائية عملاً بنص (196/2) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ” لا يجوز الادعاء بالحق المدني إذا أعيدت القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لأي سبب من الأسباب “.
ويرى البعض الأخر[32]، وبحق أنه يجوز للمتضرر أن يدعي بحقه المدني عند إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة التي أصدرت الحكم، لأنها تعتبر في هذه الحالة محكمة أول درجة، وعندها لا يحرم المحكوم عليه من إحدى درجات التقاضي، إلا أنه في الحالة التي لم يحضر فيها المعارض الجلسة المحددة لنظرها، واعتبار المعارضة نتيجة لذلك كأن لم تكن حسب المادة (230) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، فإن الحكم الغيابي الصادر من المحكمة سابقاً يبقى كما هو، مما يترتب عليه عدم إمكانية الادعاء بالحق المدني أمام المحكمة الأعلى درجة[33].
- أن يتم الادعاء المدني أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجزائية في أي حالة كانت عليها قبل إقفال باب المرافعة؛ عملاً بنص المادة (196/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، والفقرة الثانية من المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، حيث أن حق المطالبة بالحق المدني أمام المحكمة الجزائية محدد بفترة معينة وهي التي تكون ممتدة إلى ما قبل قفل باب المرافعة.
- ألا يترتب على نظر الدعوى المدنية تأخير الفصل في الدعوى الجزائية؛ عملاً بنص المادة (196/3) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ” لا يجوز أن يترتب على الادعاء بالحق المدني تأخير الفصل في الدعوى الجزائية وإلا قررت المحكمة عدم قبول الادعاء “، وكذلك الفقر الثانية من المادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.
- دفع الرسوم المقررة قانوناً، حيث لا يقبل الادعاء بالحق المدني من المتضرر من الجريمة إن لم يقم بدفع الرسوم المقررة على الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجزائية، والتي سوف لن تنظر في الدعوى المدنية، بدون أن يكون لعدم النظر هذا علاقة بصحة إجراءات المحاكمة أو بطلانها[34]، وهذا ما أكدت عليه المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.
وكذلك الأمر في القانون الفلسطيني حيث التزم المدعي بالحق المدني بأداء الرسوم والمصاريف القضائية اللازمة للدعوى، ما لم تقرر المحكمة إعفاءه منها أو تأجيل دفعها؛ عملاً بنص المادة (198) من قانون الإجراءات الجزائية، وإذا قررت النيابة العامة حفظ التهمة أو قررت المحكمة براءة المتهم، فيمكن إعفاء المدعي بالحق المدني من الرسوم والمصاريف، أو استردادها عملاً بنص المادة (199) من ذات القانون.
المطلب الثالث الآثار المترتبة على قبول الادعاء المدني أمام القضاء الجزائي
تبقى الدعوى المدنية محتفظة بموضوعها أمام القضاء الجزائي المتمثل في جبر ضرر الجريمة، ولما كان القانون قد منح المتضرر حق الخيار له في نظر دعواه أمام القضاء الجزائي، فإن قبول ادعائه يترتب عليه عدة آثار تتمثل فيما يلي:-
- يصبح المدعي بالحق المدني خصماً في الدعوى المدنية التبعية، ويكون له ما لبقيه الخصوم من حقوق، ويجب عليه أن يتخذ له مقراً في دائرة اختصاص المحكمة المرفوع أمامها دعواه، إذا لم يكن مقيماً فيه؛ لكي يتم تبليغه بالإجراءات اللازمة فيه([35])، وبالتالي له الحق في حضور جلسات المحاكمة ومناقشة الشهود وتفنيد الأدلة, وتقديم ما يلزم من بينات للحكم في دعواه المدنية، وممارسة المدعي بالحق المدني لتلك الحقوق يكون في نطاق دعواه المدنية فقط
- قبول الادعاء المدني أمام القضاء الجزائي لا يصادر حق المتهم في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية عملاً بنص المادة (204) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” يجوز للمتهم أن يعترض أثناء جلسة المحاكمة على قبول المدعى بالحقوق المدنية إذا كانت الدعوى المدنية غير جائزة أو غير مقبولة “.
- تطبيق قواعد الإجراءات الجزائية على الدعوى المدنية التبعية، وهذا يعني أن تلك الدعوى تأخذ حكم الدعوى الجزائية فيما يخص إجراءات التقاضي المتعلقة بسير المحاكمة وصدور الأحكام وطرق الطعن فيها، وبالتالي لا تخضع لقواعد قانون الإجراءات المدنية والتجارية، حتى ولو انحصرت الخصومة في الدعوى المدنية وحدها، بين المدعي بالحق المدني والمتهم، باعتبار أن القاعدة هي أن الإجراءات تتبع الاختصاص[36]، حيث نصت المادة (210/2) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” تتبع في نظر دعوى الحق المدني من حيث الإجراءات القواعد التي يقررها هذا القانون “، وذلك في كل الأحوال التي تكون فيها الدعوى المدنية مطروحة على القضاء الجزائي, سواء كانت بالتبعية أو كانت منظورة بمفردها في حالات انقضاء الدعوى الجزائية أو الطعن في الشق المدني منها, وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بقولها “الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكم الدعوى الجنائية في سير المحاكمة والأحكام والعطن فيها من حيث الإجراءات والمواعيد، ولا تخضع في شيء من ذلك لأحكام قانون المرافعات المدنية حتى ولو انحصرت الخصومة – بسبب عدم استئناف النيابة لحكم البراءة – في الدعوى المدنية وحدها بين المتهم والمدعي بالحق المدني “([37]).
كما قضت المحكمة العمانية العليا بأنه” الدعاوي المدنية التابعة تخضع أمام القضاء الجزائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجزائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في قانون الإجراءات الجزائية نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون الإجراءات المدنية والتجارية”[38].
أما فيما يتعلق بقواعد الإثبات في الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء الجزائي فلا تضار العدالة في تقديم البينات وفق أصول قانون البينات في المواد المدنية والتجارية عملاً بنص المادة (210/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” تلتزم المحكمة بتطبيق أحكام قانون البينات في المواد المدنية والتجارية على دعوى الحق المدني التي تنظر فيها تبعاً للدعوى الجزائية “، وهذا أمر تفرضه طبيعة هذه القواعد، فهي لا تنظم إلا من قبل القانون المدني ذاته، كما أن تنفيذ الأحكام الجزائية بالحق المدني يكون طبقاً لقواعد التنفيذ المتعلقة بالدعوى المدنية المقررة في قانون الإجراءات المدنية والتجارية، حيث قضت المحكمة العمانية العليا بأنه ” المدعي بالحق المدني بطلب تنفيذ الحكم وفق مقتضيات المادة (340) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية”[39].
- يجوز للمحكمة المختصة بناءً على طلب النيابة العامة أن تعين وكيلاً للمتضرر فاقد الأهلية أو ناقصها إذا لم يكن له من يمثله قانوناً ليدعي بالحق المدني بالنيابة عنه، ولا يترتب على ذلك إلزامه بالمصاريف القضائية عملاً بنص المادة (201) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
- الحكم في الدعوى الجزائية والمدنية بحكم واحد يفصل في الدعوى الجزائية إما بالإدانة أو البراءة، وفي الدعوى المدنية التبعية يجب أن يتضمن الحكم الفصل في مسألة حق المدعي بالتعويض من عدمه، وقد ورد النص على الفصل بين الدعويين معاً في ذات الحكم الصادر من المحكمة الجزائية في الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، والتي جاء فيها ” تفصل المحكمة في ذات الحكم الذي تصدره في الدعوى العمومية في طلبات التعويض المقدمة لها من الخصوم”.
وبالتالي لا يجوز للمحكمة الجزائية أن تصدر حكمها في الدعوى الجزائية دون المدنية، وإن حصل ذلك فلا يؤثر على سلامة الحكم من الناحية الجزائية، ويبقى قابلاً للطعن فيه لعدم فصله في الشق المدني([40]).
- الثابت أن القانون منح المتضرر من الجريمة حق الادعاء المباشر, والذي به تحرك الدعوى الجزائية, كذلك في الأحوال التي تحال الدعوى الجزائية والدعوى المدنية لقضاء الحكم إذا صدر قرار بحفظ الدعوى أو براءة المتهم, فيمكن أن يكون ادعاء المتضرر بمثابة جريمة البلاغ الكاذب التي بموجبها يسأل المدعي جزائياً, سيما أنها تخول المدعى عليه (المتهم) حق المطالبة بالتعويض عملاً بنص المادة (200) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” إذا صدر قرار بحفظ التهمة أو صدر حكم بالبراءة، فللمتهم أن يطالب المدعي بالحق المدني بالتعويض أمام المحكمة المختصة إلا إذا كان الأخير حسن النية “.
- يجوز للمدعي بالحق المدني التنازل عن الدعوى المدنية بالتبعية أمام القضاء الجزائي، دون أن يؤثر ذلك على سير الدعوى الجزائية، حيث نصت المادة (197) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني بقولها ” للمدعي بالحق المدني التنازل عن ادعائه في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولا يكون لهذا التنازل تأثير على الدعوى الجزائية “, وكذلك في المادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العمانية[41]، وفي الجرائم التي علق القانون تحريكها على شكوى المجني عليه، إذا ترك المدعي دعواه المدنية فلا يؤدي ذلك إلى انقضاء الدعوى الجزائية إلا إذا تنازل عن شكواه بجانب الترك([42])، ويبقى التارك ملزم بأداء المصاريف القضائية وفق ما قررته المادة (199) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، وحق المتهم مكفول في تعويضه إذا كان لذلك وجه وفق ما قررته المادة (200) من ذات القانون.
وكذلك الأمر في القانون العماني حيث جاء في المادة (26) من قانون الإجراءات ” تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة قانوناً، ومع ذلك إذا انقضت الدعوى العمومية بعد رفعها لأي سبب من الأسباب الخاصة بها فلا يؤثر ذلك في سير الدعوى المدنية المتعلقة بها”، كما قضت المحكمة العمانية العليا بالقول ” إذا انقضت الدعوى العمومية لسبب من الأسباب الخاصة كموت المتهم أو العفو عنه أو التنازل عن الشكوى فلا يكون لذلك تأثير على الدعوى المدنية، وتستمر المحكمة في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها”[43].
المبحث الثالث مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء المدني
الدعوى المدنية هي دعوى الحق الشخصي التي كفل القانون لكل من لحقه ضرر، أو مصلحة قائمة، أو محتملة أن يقيمها أمام القضاء المختص بنظرها لنيل طلبه وتحقيق هدفه منها، ولا شك أن الجريمة وما يترتب عليها من نتائج ضارة تخول المتضرر حق جبر ضرره عبر سلوك الادعاء المدني، سواء أمام القضاء الجزائي أو المدني، ولعل الأخير هو القضاء الأساسي لنظر المنازعات المدنية، لذا فمن الطبيعي أن يسلك المتضرر من الجريمة رفع دعواه المدنية أمام القضاء المدني.
وعلى الرغم من استقلال القضاء المدني عن القضاء الجزائي، وتطبيقه لقانون الإجراءات المدنية والتجارية أثناء النظر بالدعوى المدنية، إلا أنه مع ذلك يبقى للقضاء الجزائي أثرة على الدعوى المدنية التي كان بالإمكان رفعها أمامه، تطبيقاً لقاعدة تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجزائية التي منشأها وحدة السبب والمتمثل بالجريمة.
وتفترض إجراءات مباشرة الدعوى المدنية أن تكون الدعوى الجزائية قد أقيمت من قبل، فيتقدم المتضرر بطلب للتدخل عن طريق لائحة ادعاء بالحق المدني، ينصب نفسه مدعياً بهذا الحق يكون موضوعها المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر، وهنا لا يجوز للمدعي بالحق المدني ترك دعواه المدنية أمام القضاء المدني واللجوء إلى القضاء الجزائي لسقوط حقه في ذلك وفقاً للمادة (23) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، والتي تشير بوضوح إلى أن قبول الدعوى المدنية المرفوعة ابتداءً إلى المحكمة المدنية أمام القضاء الجزائي مشروط بأن تكون الدعوى الجزائية قد رفعت أمام المحكمة الجزائية بعد رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية[44].
بينما سمح له المشرع الفلسطيني برفع الدعوى المدنية أمام القضاء الجزائي بعد أن كانت مرفوعة أمام القضاء المدني، بشرط اسقاط دعواه المدنية المقامة أمام القضاء المدني، وذلك وفقاً للفقرة الثانية من المادة (195) من قانون الإجراءات الجزائية والتي جاء فيها “.. إذا أقام المدعي المدني دعواه لدى القضاء المدني فلا يجوز له بعد ذلك إقامتها لدى القضاء الجزائي ما لم يكن قد أسقط دعواه أمام المحكمة المدنية”، ونرى أن موقف المشرع العماني كان أكثر دقة ومحققاً مصلحة المدعي بالحق المدني وذلك بسبب أن الطريق المدني أسهل للمتهم وأصلح له[45]، في حين أن الرجوع إلى الطرق الجزائي فيه مشقة عليه لأنه يضعه في مركز أكثر سوءا[46].
تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن دراسة مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، يقتضي الإطلالة على أثر نظر الدعوى الجزائية على الدعوى المدنية، سيما حجية الحكم الجنائي على الدعوى المدنية المنظورة امام القضاء المدني، وهذا ما نوضحه في مطلبين على النحو التالي:-
المطلب الأول: أثر رفع الدعوى الجزائية على الدعوى المدنية.
المطلب الثاني: حجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية.
المطلب الأول أثر رفع الدعوى الجزائية على الدعوى المدنية ” الجزائي يعقل المدني “
قد يسلك المتضرر من الجريمة سلوك رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر، وما فاته من كسب, نتيجة وقوع الجريمة من قبل المدعى عليه أو المسئول عن الحق المدني, في ظل نظر القضاء الجزائي للدعوى الجزائية، وفي هذا الحالة يجب على القضاء المدني أن يوقف النظر في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجزائية بحكم بات تطبيقاً لقاعدة ” الجزائي يوقف المدني “؛ وعملاً بنص المادة (195/1) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ” يجوز إقامة دعوى الحق المدني تبعاً للدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة، كما تجوز إقامتها على حدة لدى القضاء المدني، وفي هذه الحالة يوقف النظر في الدعوى المدنية إلى أن يفصل في الدعوى الجزائية بحكم بات، ما لم يكن الفصل في الدعوى الجزائية قد أوقف لجنون المتهم “.
كما تبنى المبدأ ذاته المشرع العماني في المادة (155) من قانون الإجراءات الجزائية، لتحقيق الضمان بعدم صدور أحكام متناقضة في واقعة واحدة من قبل القضائيين المدني والجزائي[47].
ويرجع السبب وفق الفقه في تطبيق قاعدة الجزائي يعقل المدني أي يوقفه ريثما يفصل في الدعوى الجزائية بحكم بات تفادياً لتشتيت الإجراءات واحتمال تضارب الأحكام([48])، سيما أن القاضي المدني لا يملك الوسائل التي تمكنه من كشف الحقيقة والوقوف على حقيقة الوقائع أكثر ما يملكه القاضي الجزائي, بالإضافة إلى أن ما يضعه القاضي المدني نصب عينيه يختلف عما يضعه القاضي الجنائي، فالأول يهدف إلى تحقيق مصالح خاصة لأطراف الدعوى، أما الثاني فيهدف إلى تحقيق مصالح عامة على الأغلب([49]).
- شروط إعمال قاعدة الجزائي يوقف المدني:
- وحدة السبب في الدعويين، ويعني ذلك أن تكون الدعويان ناشئتين عن الفعل المكون للجريمة, فتنشأ عنه حق المجتمع في الدعوى الجزائية، وحق المضرور في التعويض عن الضرر([50]), تطبيقاً لذلك يتوافر وحدة السبب في واقعة حرق المتهم للمحصولات الزراعية للمجني عليه, فيحق للأخير رفع دعواه المدنية للمطالبة بالتعويض عن ضرر الحريق والخسارة التي لحقت به، وإن كانت العدالة تقتضي وقف نظره دعواه، لحين إثبات القاضي الجنائي التهمة على المتهم من عدمه في جريمة الحريق بحكم بات.
- أن تكون الدعوى الجزائية قد حركت قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها، وفق ما ذهب له غالبية الفقه([51])، في حين ذهب البعض الآخر([52])، بالقول إن إعمال قاعدة الجزائي يوقف المدني يبدأ من الوقت الذي تحال فيه الدعوى الجزائية لقضاء الحكم, حيث لا يعقل أن تبقى الدعوى المدنية موقوفة طوال فترات التحقيق الابتدائي والنهائي، وهي بطبيعة الفعل طويلة.
وقد تبنى المشرع العماني الموقف الفقهي الراجح ونص على هذا الشرط صراحة في المادة (155) من قانون الإجراءات الجزائية، والمستفاد منها أنه إذا لم ترفع الدعوى العمومية إلى المحكمة الجزائية قبل رفع الدعوى المدنية، أو أثناء السير فيها، فإن المحكمة المدنية تكون غير ملزمة في وقف نظرها للدعوى المدنية.
- الاستثناء المقرر على قاعدة الجزائي يوقف المدني:
باستقراء نص المادة (195/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، والمادة (155) من قانون الإجراءات الجزائية العماني
يتضح أن المشرعين قد أجازا المثابرة في نظر الدعوى المدنية، إذا كانت الدعوى الجزائية قد أوقفت بسبب جنون المتهم, إذ لا يعقل أن تبقى الدعوى المدنية موقوفة لحين شفاء المدعى عليه من الجنون، وإذا كان المشرعان قد وفقا في هذا الاستثناء إلا أنه لا يكفى لوحده فلا يعقل أن تبقى الدعوى المدنية موقوفة، كذلك إذا صدر قرار من النيابة العامة بحفظ الدعوى الجزائية, لذلك ذهب بعض الفقه([53])، – وبحق – ضرورة وضع استثناء أخر يتقرر بموجبه السير في الدعوى المدنية الموقوفة إذا صدر قرار النيابة العامة بحفظ الدعوى الجزائية، فلا يعقل أن تبقى الدعوى الجزائية موقوفة إلى مالا نهاية ما دام قرار الحفظ ساري.
ويثار تساؤل حول مدة إيقاف الفصل في الدعوى المدنية، لأن المدة مرتبطة بإكمال الإجراءات اللازمة للفصل فيها من قبل المحكمة الجزائية، والتي قد تطول أو تقصر، وبالتالي تكون مدة الإيقاف غير محددة، ولكن يمكن الاعتماد على معيار لمعرفة الحالة التي تنتهي فيها تلك المدة، وهي لحظة صدور حكم نهائي في الدعوى الجزائية[54]، ولكن الفقه التفت إلى حالة وجد فيها أنه من الأفضل أن يسمح للمحكمة المدنية النظر في الدعوى المدنية، بالرغم من عدم صدور حكم نهائي في الدعوى الجزائية وهي حالة صدور حكم غيابي في جناية، باعتباره حكم معلق وليس حكم نهائي، يسقط بمجرد حضور المتهم أو إلقاء القبض عليه[55].
المطلب الثاني حجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية
إذا أقيمت الدعوى المدنية أمام القضاء المدني كان شأنها شأن أي دعوى أخرى أقيمت أمام هذا القضاء، حيث يعمل في نظرها بموجب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وإذا صدر الحكم عن القضاء المدني، فلا يكون له حجية على القضاء الجزائي أو قوة على الدعوى الجزائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها([56]), لذلك لا يعقل أن تقرر المحاكم المدنية المسؤولية الجزائية على الشخص المدعى عليه من عدمها([57])، وهذا ما أكده المشرع الفلسطيني في نص المادة (391) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ” لا تكون للأحكام الصادرة من المحاكم المدنية قوة الأمر المقضي به أمام المحاكم الجزائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها “، وكذلك في المادة (281) من قانون الإجراءات العماني الذي أكد على نفس المبدأ[58].
وفي هذا تقول المحكمة العليا العمانية ” إن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية لا تحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة الجزائية، فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، كما تقضي بذلك المادة 281 من قانون الإجراءات الجزائية”[59].
وتطبيقاً لذلك إذا عرض على المحكمة المدنية مستند مزور، وطعن بتزويره، وحكمت المحكمة بصحته، فلا يمنع أن تنظر المحكمة الجزائية في دعوى التزوير والحكم بتزوير ذات المستند لأن ” المدني لا يعقل الجزائي”.
والحقيقة أن الأساس القانوني المؤكد لحجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية مصدره نص المادة (390/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني[60]، والمادة (280) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، بقولها ” يكون للحكم الجزائي الصادر في موضوع الدعوى العمومية بالبراءة أو بالإدانة قوة تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون”
تجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن حجية الحكم الجزائي البات على الدعوى المدنية يتعلق بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز لمن تقرر لمصلحته التمسك بذلك أن يتنازل عنها، أو الاتفاق على ما يخالفها، كما أن المحكمة المدنية تتقيد بها من تلقاء نفسها، ويمكن الدفع بها في أي حالة كانت عليها الدعوى([61]).
- شروط إعمال قوة الحكم الجزائي على الدعوى المدنية:
- أن يصدر في الدعوى الجزائية حكم بات فاصل في الموضوع إما بالبراءة، أو الإدانة من محكمة مختصة بنظر الدعوى، وبناءً على ذلك لا حجية للأحكام غير الفاصلة في الموضوع مثل الأحكام التحضرية والتمهيدية([62]).
- الحكم بالمسائل التي لا يعد الفصل فيها ضرورياً، مثال ذلك في حالة صدور حكم جزائية بإدانة متهم بجريمة سرقة، ويتضمن في ذات الوقت تحديد الشخص مالك المال المسروق، فهذا التحديد الأخير لا حجية له أمام المحكمة المدنية، لأن الحكم الجزائي يعتبر صحيح بمجرد إثبات أن المال مملوك للغير أي لشخص غير المتهم[63].
- عدم صدور حكم نهائي في الدعوى المدنية المنظورة أمام القضاء المدني، والحكمة من هذا الشرط أنه بصدور الحكم النهائي تخرج الدعوى المدنية عن ولاية القاضي المدني، على النحو الذي لا يمكن أن يعود إليها مرة أخرى، فضلاً عن أن استقرار المراكز القانونية لأطراف الدعوى يستدعي عدم العودة إليها حتى ولو كان هناك تناقض بين الحكمين المدني والجزائي([64]).
- نطاق حجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية:
الحقيقة أن المشرعين العماني و الفلسطيني قد حددا نطاق حجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية من خلال التفرقة بين الحكم الصادر في الدعوى الجزائية بالبراءة، أو الإدانة ونبين ذلك في النقاط الآتية:-
- إذا كان الحكم الفاصل في الدعوى الجزائية بالإدانة، لقد حدد المشرع موضوعات الأحكام الجزائية التي لها الحجية فيما قضت فيه أمام المحكمة المدنية وهي:
- وقوع الجريمة ونسبته إلى فاعله، إذا كان الحكم مؤسس على إثبات التهمة بحق المتهم والتأكيد على أنه هو من ارتكب الواقعة، فلا يجوز للقاضي المدني تجاهل ذلك في الدعوى المدنية، وبالتالي لا يجوز له أن يقضي برفض الدعوى المدنية، لعدم وقوع الفعل أو نسبته إلى فاعله([65])، سيما أن القاضي المدني يلتزم بالتكييف القانوني الذي يسبغه الحكم الجزائي على الواقعة, فلا يجوز للقاضي المدني أن يقرر اعتبار الواقعة التي تؤسس للتعويض بأنها قتل غير مقصود، في حين يكون الحكم الجزائي قد أكد على أن الواقعة هي القتل قصداً([66]).
وكذلك إذا قرر الحكم الجزائي نسبة الجريمة إلى من أتهم بارتكابها، فلا يجوز للمحكمة المدنية أن تحكم بما يتناقض مع ذلك الحكم، وبالتالي إذا قضت المحكمة الجزائية بأن جريمة الضرب هي بفعل من أدانته، فإن المحكمة المدنية تتقيد بهذا الحكم وتفصل في طلبات المتضرر.[67]
ويثار تساؤل هنا وهو هل تتقيد المحكمة المدنية إذا عيَن الحكم الجزائي المجني عليه الذي وقع عليه الضرر؟
تختلف الإجابة هنا حسب ما إذا كان هذا التعيين مؤثر في الحكم الجزائي أم لا، فإذا كان مؤثراً تتقيد المحكمة المدنية به، أما إذا لم يكن مؤثر فلا تتقيد به، وتطبيقاً لذلك لو أثبتت المحكمة الجزائية أن السرقة وقعت على أحد الأقارب المحددين في المادة (355) من قانون الجزاء العماني، هنا يجب على المحكمة المدنية التقيد بذلك، وإلا لأدى إلى وجود تعارض مؤثر على الحكم[68]، أما حكم المحكمة الجزائية بجسامة الضرر فلا تقيد المحكمة المدنية به، إلا إذا كانت جسامة الخطأ ضرورية لقيام الحكم الجزائي[69].
- الوصف القانوني للجريمة: تتقيد المحكمة المدنية بالوصف القانوني الذي تصبغه المحكمة الجزائية على الفعل الاجرامي، فإذا وصفت المحكمة الجزائية الواقعة بأنها إساءة أمانة، فلا يجوز للمحكمة المدنية أن توصف الفعل بأنه سرقة[70].
- أما إذا كان الحكم الصادر عن القضاء الجزائي بالبراءة, فقد أوضح المشرع بأن لهذا الحكم قوة الأمر المقضي به على الدعوى المدنية، إذا كانت البراءة مؤسسة على انتفاء التهمة، أو على عدم كفاية الأدلة عملاً بنص المادة (390/2) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، والمادة (280) من قانون الإجراءات الجزائية العماني, إذ أن عدم كفاية الأدلة يؤدي إلى وجود الشك في ارتكاب المتهم للجريمة، والتي يجب أن تفسر لمصلحة المتهم، باعتبار أن الاحكام تبنى على الجزم واليقين وليس على الشك والريبة.
بالمقابل لا يكون للحكم بالبراءة هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون، عملاً بذات النصوص المشار إليها سابقاً، وتبرير ذلك أنه إذا لم تكن الواقعة معاقب عليها جزائياً، فمن الممكن أن تكون معاقب عليها مدنياً بناء على سبب آخر، كالمسؤولية العقدية مثلاً، مما يتطلب أن تكون محلا للتقاضي ومن ثم تعويض من قبل المحكمة المدنية[71].
الخاتمة
إن الدعوى المدنية التابعة هي دعوى يرفعها المتضرر من الجريمة أمام المحكمة الجزائية للمطالبة بالتعويض وجبر الضرر، بحكم أن مصدرهما واحد وهو وقوع الفعل الجرمي، ويتم بموجبها صدور حكم واحد صادر من المحكمة الجزائية في الشقين الجزائي والمدني، ووضع المشرع شروط وقيود عند ممارسة المتضرر حقه في الخيار، كما وضع شروط عند مباشرة الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية، و جعل للحكم الجزائي حجية على الدعوى المدنية بشروط محددة.
وتوصلنا إلى العديد من النتائج أهمها:
- لقد سمح المشرعان الفلسطيني والعماني للمتضرر من الجريمة بحق الخيار ما بين رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية أو أمام المحكمة المدنية.
- يشترط لممارسة الحق في الخيار أن يكون الطريقان متاحين أمام المدعي المدني.
- لم يشير المشرعان الفلسطيني والعماني بشكل صريح على امكانية المتضرر من الجريمة إقامة الدعوى المدنية بطلب يقدم لجهة جمع الاستدلال.
- وفق المشرع العماني في ضبط إجراء مباشرة الدعوى المدنية التبعية من حيث الصياغة في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية الذي أكد على أن ذاتيه الدعوى المدنية بأنها تقدم بموجب لائحة دعوى تتضمن طلبات المدعي، بخلاف المشرع الفلسطيني الذي أحدثت صياغة المادة (194) من قانون الإجراءات الجزائية اشكاليات تطبيقية حول ضرورة تقديم طلب تمهيدي قبل تقدم المدعي بلائحة دعواه، مع أن مقاصد التشريع عبرت في المادة عن الطلب بالطلب الأصلي وليس التمهيدي.
- مدة إيقاف الفصل في الدعوى المدنية، في حالة تطبيق قاعدة ” الجنائي يعقل المدني، غير محددة، لكن يمكن الاعتماد على معيار لمعرفة الحالة التي تنتهي فيها تلك المدة، وهي لحظة صدور حكم نهائي في الدعوى الجزائية.
- في حالة اتجه المتضرر من الجريمة رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني؛ في ظل نظر القضاء الجزائي للدعوى الجزائية، يجب على القضاء المدني أن يوقف النظر في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجزائية بحكم بات تطبيقاً لقاعدة ” الجزائي يوقف المدني”.
- إن الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية لا تحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة الجزائية، فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، سواء كان الأمر في القانون الفلسطيني أو القانون العماني.
ولقد توصلنا للعديد من التوصيات نوردها على الشكل التالي:
- نوصي المشرعين الفلسطيني والعماني بتعديل المادة (22) والمادة (20) على التوالي من قانون الإجراءات الجزائية، ليسمحا بإمكانية قبول المطالبة بالحق المدني أمام مأمور الضبط القضائي، والذي بدوره يدون الطلب دون أن يفصل فيه ويحيله للادعاء العام.
- نوصي المشرع الفلسطيني بتعديل نص المادة (194/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني التي جاء فيها ” لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بطلب إلى وكيل النيابة العامة أو إلى المحكمة التي تنظر الدعوى …”، لتصبح” لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بالادعاء إلى وكيل النيابة أو ….” وذلك للأسباب التي أشرنا إليها في متن البحث، وذلك على غرار ما جاء به المشرع العماني في المادة (20) من قانون الإجراءات الجزائية.
- نوصي بضرورة وضع استثناء يتقرر بموجبه السير في الدعوى المدنية الموقوفة إذا صدر قرار النيابة العامة بحفظ الدعوى الجزائية، فلا يعقل أن تبقى الدعوى الجزائية موقوفة إلى مالا نهاية ما دام قرار الحفظ ساري.
- نوصي مجلس القضاء الفلسطيني إلى إصدار التعليمات للسادة القضاء ورؤساء أقلام المحاكم بقبول الدعوى المدنية التبعية بموجب لائحة الدعوى مباشرة بعد ترسيمها حسب الأصول، وتعين لها جلسة وفق الجدول المحدد مسبقاً لنظر الدعوى الجزائية، دون الحاجة إلى التقدم بطلب تمهيدي.
قائمة المراجع:
- أحمد يوسف الزواهرة، حجية الحكم الجزائي أمام القضاء المدني، دار الثقافة، 2012.
- رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية، الطبعة 17، دار الجيل للطباعة، 1989.
- سليمان عبد المنعم، أصول الإجراءات الجزائية في التشريع والقضاء والفقه، الطبعة الثانية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت, 1999م.
- ساهر الوليد، شرح قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، الطبعة الأولى، مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع، القاهرة, 2015م.
- ساهر الوليد، التصرف في التحقيق الابتدائي بحفظ الدعوى الجزائية، دار النهضة العربية، القاهرة, 2008.
- طارق زغلول، شرح قانون الإجراءات الجزائية العماني، الجزء الأول، دار الكتاب الجامعي، 2015.
- عمر السعيد رمضان، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1988.
- عمر السعيد رمضان، قانون الإجراءات الجزائية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، دون وضوح سنة النشر.
- علي القهوجي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دراسة مقارنة، الكتاب الأول، منشورات الحلبي، 2002..
- عبد القادر صابر جرادة، موسوعة الإجراءات الجزائية في التشريع الفلسطيني، المجلد الأول، عدد بئر السبع، مكتبة افاق، غزة,
- كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان, 2008م,
- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، القاهرة, 1988م,
- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجزائيةـ دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، 1998.
- محمد أبو العلا عقيدة، – شرح قانون الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة,
- مزهر جعفر، الوسيط في شرح قانون الإجراءات الجزائية العماني، الجزء الأول، دار الثقافة للنشر، 2016.
- محمد زكي أبو عامر، الإجراءات الجنائية، الطبعة الثانية، منشأة المعارف، الاسكندرية, 1994م,
- محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الثانية عشر, 1988م,
- نزار حمدي قشطة، أحمد البرواني، الوجيز في شرح قانون الجزاء العماني، جرائم الاعتداء على الأشخاص وجرائم الاعتداء على الأموال، الأجيال، 2020.
[1]– كما نصت المادة (155) من قانون الإجراءات الجزائية العماني على ” إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى العمومية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها، على أنه إذا أوقف الفصل في الدعوى العمومية لجنون المتهم يفصل في الدعوى المدنية”
[2] – التي جاء فيها ” إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى العمومية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها، على أنه إذا أوقف الفصل في الدعوى العمومية لجنون المتهم يفصل في الدعوى المدنية”.
[3] – عمر السعيد رمضان، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1988، ص: 209.
[4] – كامل السعيد، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار الثقافة، 2010، ص: 211.
[5] – التي جاء فيها ” اتخاذ صفة الادعاء بالحق المدني 1- لكل من تضرر من الجريمة أن يتقدم بطلب إلى وكيل النيابة العامة أو إلى المحكمة التي تنظر الدعوى يتخذ فيه صراحة صفة الادعاء بالحق المدني للتعويض عن الضرر الذي لحق به من الجريمة…..”
[6] – مزهر جعفر، الوسيط في شرح قانون الإجراءات الجزائية العماني، دار الثقافة، 2015، ص: 320.
([7]) محمود نجيب حسني, شرح قانون الإجراءات الجنائية, الطبعة الثانية, دار النهضة العربية, القاهرة, 1988م, ص300.، وهذا ما أكدت عليه المادة (36) من قانون مسائلة الأحداث الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 30 لسنة 2008 على أنه ” لا تقبل الدعوى المدنية أمام محاكم الأحداث، وكذلك المادة (17) من قانون القضاء العسكري الفلسطيني رقم (4) للعام 2008، والذي جاء فيه” لا يقبل الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية، إلا أنها تقضي بالرد والمصادرة وفقا لأحكام القانون.
([8]) محمد أبو العلا عقيدة, – شرح قانون الإجراءات الجنائية, الجزء الأول, دار النهضة العربية, القاهرة, ص235.
([9]) ساهر الوليد, شرح قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني, الطبعة الأولى, مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع, القاهرة, 2015م, ص228.
[10]– وذلك بناء على المادة (196) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني التي جاء فيها” يجوز الادعاء بالحق المدني أمام محكمة الدرجة الأولى في جميع مراحل الدعوى الجزائية حتى إقفال باب المرافعة “,
[11]– طارق زغلول، شرح قانون الإجراءات الجزائية العماني، الجزء الأول، دار الكتاب الجامعي، 2015، ص: 256.
[12]– التي جاء فيها ” …ويجوز للمدعي بالحق المدني أن يتنازل عن دعواه أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية ويقيمها أمام المحكمة المدنية المختصة ولا يؤثر ذلك على سير الدعوى العمومية”، مع التأكيد على أن بعض التشريعات المقارنة استخدمت مصطلح الترك وليس التنازل، وهو ما جاءت به المادة (260) من قانون الإجراءات الجزائية المصري، والمادة (262) من قانون المسطرة الجنائية المغربي.
([13]) محمود نجيب حسني, المرجع السابق, ص304, محمد أبو العلا عقيدة, المرجع السابق, ص235, ساهر الوليد, المرجع السابق, ص230.
([14]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 14/5/1957م, مجموعة أحكام النقض, س(8), رقم (136), كذلك حكمها الصادر بتاريخ 29/6/1959م, مجموعة أحكام النقض, س(10), ص694، وكذلك القضية رقم 131/2020 المنعقدة في محكمة النقض الفلسطينية بتاريخ 2020-09-23.،
منشور على الموقع الإلكتروني: https://maqam.najah.edu/legislation/20/item/3334/
[15] – وهذا ما نصت عليه المادة (280) من قانون الجزاء العماني التي جاء فيها “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة أيام، ولا تزيد على سنة كل من صدر ضده حكم نهائي بأداء نفقة أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الأداء في الميعاد المقرر، وتنقضي الدعوى أو يوقف تنفيذ الحكم بالوفاء أو بالتنازل.”
([16]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 11/1/1955م, مجموعة أحكام النقض, س(6), رقم (135), ص49.
[17] – طعن رقم 122/2007 جزائي عليا، جلسة الثلاثاء 22/5/2007، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا، 2007، ص: 860.
[18]– طارق زغلول، مرجع سابق، ص: 256.
[19]– التي جاء فيها ” تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة قانوناً، ومع ذلك إذا انقضت الدعوى العمومية بعد رفعها لأي سبب من الأسباب الخاصة بها فلا يؤثر ذلك في سير الدعوى المدنية المتعلقة بها”.
[20] – طعن رقم 9/2007، جزائي عليا، جلسة 13/2/2007، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا، 2007، ص:696.
[21] – والمادة (235) من قانون الإجراءات الجزائية العمانية التي أكدت على نفس المبدأ.
[22]– نصت المادة (24) من قانون الإجراءات الجزائية العماني بقولها ” للمتهم أن يطالب المدعي بالحق المدني أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب رفع الدعوى للمدنية عليه إذا كان لذلك وجه”.
[23] – التي جاء فيها ” الادعاء بالحق المدني في جميع مراحل الدعوى
1- يجوز الادعاء بالحق المدني أمام محكمة الدرجة الأولى في جميع مراحل الدعوى الجزائية وحتى إقفال باب المرافعة…”
[24] – حيث نصت في الفقرة الأولى منها على ” إقامة دعوى الحق المدني 1- يجوز إقامة دعوى الحق المدني تبعاً للدعوى الجزائية أمام المحكمة المختصة،….”
([25]) ساهر الوليد, المرجع السابق, ص232.
([26]) عبد القادر صابر جرادة, موسوعة الإجراءات الجزائية في التشريع الفلسطيني, المجلد الأول, عدد بئر السبع, مكتبة افاق, غزة, 2009م, ص1154.
[27] – مزهر جعفر، الوسيط في شرح قانون الإجراءات الجزائية العماني، الجزء الأول، دار الثقافة للنشر، 2016، ص: 340.
[28]– بناء على المادة (186) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.
[29] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 341.
([30]) المادة (153) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
([31]) ساهر الوليد, المرجع السابق, ص234.
[32]– محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجزائيةـ دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، 1998، ص: 317.
[33] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 343.
[34]– وقد جاء في قرار رقم 109 في الطعنين رقم 80/2004 و81/2004 جلسة الثلاثاء الموافق 27/4/2004، لتؤكد على ذلك بالقول ” وأما عدم سداد المجني عليه لرسوم الدعوى، فإن هذا الاجراء لا يحول دون سماع الدعوى ولا يبطل إجراءاتها لإمكان تحصيل الرسوم المستحق منها في أي وقت لاحق حتى بعد صدور الحكم، لكون الرسم في هذه الحالة يصبح ديناً على المدعي في الدعوى المدنية”، مجموعة الأحكام الصادرة عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ المستخلصة منها لعام 2004، ص: 200.
([35]) المادة (202) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
[36]– علي القهوجي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دراسة مقارنة، الكتاب الأول، منشورات الحلبي، 2002.، ص: 471.،
([37]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 22/11/1937م, مجموعة القواعد القانونية, ج(4), رقم (117), ص101, كذلك الحكم الصادر بتاريخ 7/5/1972م, مجموعة أحكام النقض, س(23), رقم (144), ص4646.
[38] – قرار رقم 289 في طعن رقم 260/2004، جلسة الثلاثاء الموافق 7/12/2004، مجموعة الاحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية والمبادئ المستخلصة منها لسنة 2004، ص: 492.
[39] – قرار رقم 167 في كعن رقم 140/2004، جلسة الثلاثاء، 29/6/2004ـ، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية لسنة 2004، ص: 287.
([40]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 9/1/1992م, مجموعة أحكام النقض, س(43), رقم (12099), ص110.
[41] – التي جاء فيها ” يجوز للمدعي بالحق المدني أن يتنازل عن دعواه أمام المحكمة التي تنظر الدعوى العمومية ويقيمها أمام المحكمة المدنية المختصة، ولا يؤثر ذلك على سير الدعوى العمومية”.
([42]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 29/3/1976م, مجموعة أحكام النقض, س(27), رقم (79), ص269.
[43]– طعن رقم 9/2007 جزائي عليا، 13/2/2007، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا والمبادئ المستخلصة منها لعام 2007، ص: 696.
[44] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 336.
[45] – رؤوف عبيد، مرجع سابق، ص: 227.
[46] – محمد الفاضل، الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية، الجزء الأول، مطبعة الاحسان، 1977، ص: 270.
[47]– مزهر جعفر، مرجع سابق، ص 356.
([48]) سليمان عبد المنعم, أصول الإجراءات الجزائية في التشريع والقضاء والفقه, الطبعة الثانية, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت, 1999م, ص419.
([49]) محمود نجيب حسنى, المرجع السابق, ص311, كامل السعيد, شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية, الطبعة الأولى, دار الثقافة للنشر والتوزيع, عمان, 2008م, ص317, .
([50]) عمر السعيد رمضان, قانون الإجراءات الجزائية, الجزء الأول, دار النهضة العربية, القاهرة, ص215, محمد زكي أبو عامر, الإجراءات الجنائية, الطبعة الثانية, منشأة المعارف, الاسكندرية, 1994م, ص551, محمود محمود مصطفى, شرح قانون الإجراءات الجنائية, الطبعة الثانية عشر, 1988م, ص199, حسن المرصفاوي, أصول الإجراءات الجنائية, 1996م, 246.
([51]) ساهر الوليد, المرجع السابق, ص234.
([52]) محمود نجيب حسني الوليد, المرجع السابق, ص330.
([53]) ينظر محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، 1988، ص: 203، د. رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية، الطبعة 17، دار الجيل للطباعة، 1989، ص: 264. د ساهر الوليد, التصرف في التحقيق الابتدائي بحفظ الدعوى الجزائية, دار النهضة العربية, القاهرة, 2008, ص218،
[54] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 358.
[55] – محمود نجيب حسني، مرجع سابق، ص: 330.
([56]) محمد صبحي نجم, المرجع السابق, ص172.
([57]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 30/3/1975م, مجموعة أحكام النقض, س(26), رقم (66), ص285.
[58] – التي جاء فيها ” لا تكون للأحكام الصادرة في المواد المدنية قوة أمام المحاكم التي تنظر الدعوى العمومية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها”
[59] – قرار رقم 265 في الطعن رقم 234/2003، 16/12/2003، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية والمبادئ المستخلصة منها لعام 2003، ص: 265.
[60] – التي جاء فيها ” 1- يكون للحكم الجزائي الصادر من المحكمة المختصة في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الأمر المقضي به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها.
2- ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني عليها انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة.
3- لا يكون للحكم بالبراءة هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون”
([61]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 23/5/1947م, مجموعة القواعد القانونية, ج(7), رقم (357), ص335.
([62]) حكم محكمة النقض المصرية الصادر بتاريخ 2/6/1968م, مجموعة أحكام النقض, س(19), ص47.
[63] محمود نجيب حسني، مرجع سابق، ص: 342.
([64]) محمد أبو العلا عقيدة, المرجع السابق, ص259.
([65]) سليمان عبد المنعم, المرجع السابق, ص:423.
([66]) كامل السعيد, المرجع السابق, ص:331.
[67] – للمزيد حول موضوع حجية الحكم الجزائي أمام القضاء المدني، لطفاً ينظر أ أحمد يوسف الزواهرة، حجية الحكم الجزائي أمام القضاء المدني، دار الثقافة، 2012.
[68] – للمزيد لطفاً ينظر نزار حمدي قشطة، الوجيز في شرح قانون الجزاء العماني، جرائم الاعتداء على الأشخاص وجرائم الاعتداء على الأموال، الأجيال، 2020، ص: 245.
[69] – كامل السعيد، مرجع سابق، ص: 334.
[70] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 361.
[71] – مزهر جعفر، مرجع سابق، ص: 362.