المساهمات الأندلسية في حركة التفسير بالمغرب الأوسط من بداية القرن السابع إلى نهاية القرن التاسع
Andalusian contributions to the interpretation movement in the Middle Maghreb
From the beginning of the 7th cent to the end of the 9th cent
ط.د. عبديش براهيم/جامعة غرداية، الجزائر
Abdiche Brahim/ Ghardaia University, Algeria
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 71 الصفحة 111.
ملخص :
شهدت حركة التفسير بالمغرب الأوسط ابتداء من القرن السابع الهجري نشاطا لا مثيل له بفضل الوافد الجديد المتمثµل في هجرة أعلام الأندلس واستقرار أغلبهم بحاضرتي : تلمسان وبجاية بسبب ما لاقوه من حفاوة وتكريم من سلاطينها ، فعكفوا على تفسير القرآن الكريم انطلاقا من مؤلّفات تفسيرية أندلسيّة نالت شهرة واسعة ، فأَثْرَوا درس التفسير بمباحث برعوا فيها ، من أوجهٍ بلاغية وقراءاتٍ وأحكامٍ وتصوّف ، فأثمرت جهودهم انتعاش التفسير في المساجد والمدارس وبحضرة الملوك والسلاطين ، وبرز أعلام جزائريون تركوا بصمتهم في هذا الميدان .
الكلمات المفتاحية : الهجرة الأندلسية ، حركة التفسير ، المغرب الأوسط ، تلمسان ، بجاية .
Abstract:
The interpretation (Tafsir ) movement in the Middle Maghreb, witnessed by the inauguration of the seventh century, an exceptional goings-on due to the newcomer represented by the emigration of the leaders of Andalusia and the constancy of most of them in: Tlemcen and Bejaia because of the hospitality and respect they acknowledged from its sultans, so they worked on the interpretation of the Noble Qur’an based on the famous Andalusian exegetical literature. They enriched the study of exegesis with investigations in which they excelled in rhetorical aspects, readings, rulings and mysticism. Their efforts resulted in the revival of interpretation in mosques and schools and in the presence of kings and sultans, and the emergence of Algerian scholars who left their mark in this field.
Key words: Andalusian immigration , The movement of interpretation , Middle Maghreb, Tlemcen , Bejaia.
مقدمة :
عرف المغرب الأوسط ابتداء من القرن السابع الهجري حركة علمية متميّزة ، ويعود الفضل في ذلك بدرجة كبيرة إلى هجرة الأندلسيّين واستيطان الكثير منهم حاضرتي : تلمسان الزيانية ، وبجاية الحفصية آنذاك ، فتلمسان اختاروها لما وجدوا فيها من ترحيب من سلاطينها ، ويتجلّى ذلك خصوصا في الظهير السلطاني الذي أصدره السلطان يغمراسن بن زيّان بشأن الأندلسيّين والتكفّل بهم ومنحهم أعلى المراتب كالقضاء والكتابة والخطابة والتدريس الذي جاء فيه : “هذا ظهير عناية مديدة الظلال وكرامة رحيبة المجال ، وحماية لا يُخشى على عقدها المبرم وعهدها المحكم من الانحلال والاختيال ، أمر به فلان أنجد الله أمره وأيّد عصره ، لجميع أهل الأندلس المستوطنين بحضرة تلمسان حرسها الله ، أحلّهم به من رعيه الجميل أكنافا ، وبوّأهم من اهتمامه الكريم وإنعامه العميم جنّات ألفافا ، ووطّأ لهم جَنَاب احترامه تأنيسا لقلوبهم المنحاشة إلى جانب العلي واستيلافا ، وأشاد بماله فيهم من المقاصد الكرام ، وأضفى عليهم من جُنَن حمايته ما يدفع عنهم طوارق الاضطهاد والاهتضام ، حين اختبر خدمتهم ، فشكر عمّا تولّوا فيها من الجدّ والاجتهاد ، واطّلع على أغراضهم السديدة في اختيار حضرته السعيدة للسكنى على سائر البلاد ، فلحظ لهم هذه النيّة واعتبرها ، وأظهر عليهم مزايا ما لهم من هذه المناحي الحميدة … “[1]
وسجّل المقرّي في نفح الطيب كثافة هذه الهجرة الأندلسيّة إلى تلمسان بقوله : ” …فخرجت ألوف بفاس وألوف أخر بتلمسان من وهران …”[2] ، واستقبل أبو العباس أحمد الزيّاني ( 834ه ـ 862ه) المهاجرين بحفاوة ووجّههم حسب طبقاتهم وحِرفهم ، فأنزل العلماء عاصمته مدينة تلمسان [3]
أما بجاية فيكفي الاطّلاع على كتاب ” عنوان الدراية فيمن عُرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية” لأبي العباس الغبريني لمعرفة كثرة الشخصيات الأندلسية التي استوطنت بجاية ، وساهمت في ازدهار الحركة العلمية بها ، لموقعها الجغرافي وساحلها المطلّ على عدوة الأندلس ، سجّل البكري هذا بقوله : ” مدينة بجاية آهلة عامرة بأهل الأندلس “.[4]
فاحتكر أعلام الأندلس في الحاضرتين ميدان التعليم وفرضوا طرائقهم فيه ، ونقلوا طريقتهم الخاصّة بهم إليهما ، كعدم الاقتصار في تعليم الأطفال على حفظ القرآن كما كان الحال قبلهم ، بل أضافوا إليه تعليم الحديث والقواعد العامّة لمختلف العلوم وتدارس بعضها ، كما علّموا روايات القرآن وأنواع قراءاته ، ونشر الأندلسيون خَطّهم حتى ساد على خطّ المغرب العربي ، أمّا التعليم العالي فقد كان يُعطى في المساجد والزوايا ودُور العلماء ومجالس المناظرة ، وكان يُعهد به إلى كبار العلماء ، وبالإضافة إلى هذه الأماكن العامة ،كانت السلطة تعيّن للمدارس كبار العلماء الأندلسيّين وغيرهم وتُجري عليهم المرتبات “.[5]
الإشكالية : إلى أيّ مدى ساهم أعلام الأندلس في ازدهار حركة التفسير في المغرب الأوسط ؟ وفيم تمثلت أشكال هذه المساهمة ؟ وما نتائجها ؟
الفرضيات : لا شكّ أن حُلول هؤلاء الأعلام أرض المغرب الأوسط سينعكس بالإيجاب على حركة التفسير ، وسيعرف الدرس التفسيري تطوّرا وازدهارا من ناحية الشكل والمضمون ، وسيبرع أعلام جزائريون تتلمذوا في حلقات أعلام الأندلس في التفسير .
أهداف البحث : تهدف هذه الدراسة إلى وصل سند مدرسة التفسير الجزائرية بمدرسة عريقة في هذا الفن هي مدرسة الأندلس ، ولا أدلّ على ذلك من أن التفاسير الأندلسية إلى اليوم تلقى القبول والرواج ، إضافة إلى ردّ مقولة من يقول : أنّ أهل المغرب لم يُصنِّفوا في التفسير ولم يعرفوه .
منهجية البحث : هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال باستقراء جملة من المصادر والمراجع التي ترجمت لهؤلاء الأعلام وسجّلت حضور التفسير في نشاطهم العلمي في كلّ من : تلمسان وبجاية .
1 ـ أعلام التفسير الأندلسيون بالمغرب الأوسط : وطئ المغرب الأوسط ( بجاية وتلمسان ) عدد من أعلام التفسير الأندلسيّين ذوي مشاركات واسعة في الدّرس التفسيري ، نذكر بعضهم مع الإشارة إلى ما يدلّ على اهتمامهم بالتفسير واشتغالهم به :
ـ أبو الحسن ابن عصفور (ت 669ه)[6] : الذي ذكر الغبريني أنّه كان قد أخذ في تفسير القرآن الكريم فقال : ” وأخبرني بعض أصحابنا أنّه شرح جزءا من كتاب الله العزيز ، وسلك فيه مسلكا لم يُسبق إليه من الإيراد والإصدار والأعذار ، بما يتعلّق بالألفاظ ثمّ بالمعاني ثمّ بإيراد الأسئلة الأدبية على أنحاء مُستحسنة “[7]
وهو ممّن أخذ عنه الغبريني تفسير الكشف والبيان عن تفسير القرآن لأبي إسحاق الثعلبي عن طريق المقرئ أبي العباس أحمد بن محمد بن خضر الصدفي الشاطبي [8]
وأشار صاحب نفح الطّيب إلى شيء من كلامه في التفسير بقوله : قال الشاطبي : كان ابن الفخّار يأمرنا بالوقف على قوله تعالى من سورة البقرة : ” قالوا الآن ” ( البقرة : 71 ) ونبتدئ : “جئت بالحق “، وكان يفسّر لنا معنى ذلك : قولهم : الآن أي : فهمنا وحصل البيان ، ثمّ قيل : جئت بالحقّ ، يعني : في كلّ مرّة ، وكان رحمه الله يرى هذا الوجه أولى من تفسير ابن عصفور له من أنّه على حذف الصفة ، أي : بالحق البين “[9].
ـ أبو عثمان سعيد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن زاهر البلنسي ( ت 654ه ) : من أهل إشبيلية قال عنه الغبريني : ” لم يكن له عمل ولا حرفة ولا خلطة للناس سوى الاشتغال بإقراء القرآن رواية وتفهيما وبسطا وتعليما “.[10]
ـ أبو إسحاق بن إبراهيم بن حَكم السَّلَوي (ت 737ه ) : من شيوخ المقرّي الجدّ ، وقد كان بارعا في التفسير خاصّة ما يتعلّق بالبلاغة والأسلوب ، ورد في نفح الطّيب أنّه سُئل عن تكرار ـ من ـ في قوله تعالى : ” سواءً منكم منْ أَسَرّ القول ومنْ جهر به ” ( الرعد : 10 ) دون ما بعدها فقال : لولا تكرّرها أوّلا لتُوهِّم التضادّ بتوهّم اتّحاد الزمان ، فارتفع بتكرار الموضوع ، أمّا الآخر فقد تكرّر الزمان ، فارتفع توهّم التضادّ ، فلم يُحتج إلى زائد على ذلك .[11]
ـ أبو العيش بن عبد الرحيم الخزرجي : إشبيلي الأصل ” وكان رحمه الله أديبا بارع الكتابة ، شاعرا مجيدا ، رائق الخطّ ، ذا مشاركات في فنون العلم ، مؤلِّفا متقنا ، فسَّر الكتاب العزيز …”[12]
ـ أبو اسحاق ابراهيم بن يسول الإشبيلي : نزل تلمسان ومات بها ، أخذ القراءات عن شريح بن محمد بن شريح الرعيني ، وأقرأ القرآن بتلمسان محتسبا لله دون أجرة عليه …”[13]
ـ أبو الحسن الشهير بالقلَصادي (ت 891 ه ) : لما تكلّم على شيوخه ذكر أخْذَه التفسير عنهم ، ترجم لشيخه علي اللّخمي فوصفه بأنّه : ” …الضارب في التفسير والحديث والأصول والطبّ بسهم مصيب …”[14] ، وذكر سماع التفسير منه فقال : ” وحضرت عليه كثيرا من تفسير الكتاب العزيز “[15]
ـ أبو عبد الله محمد بن أبي العيش الخزرجي : أصله من إشبيلية ، من فقهاء تلمسان وعلمائها الأجلّة له تأليف كبير في الأسماء الحسنى في مجلّدين وفتاوى في المعيار توفي بتلمسان سنة 910ه[16] ، نقل الونشريسي في فتاويه نماذج من كلامه في التفسير منها : جوابه عن معنى قوله تعالى : ” ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ” ( فاطر : 32 ) الذي منه : ” … وكذلك الاصطفاء والفلاح فإنّه في المتّقي أولى ، لكن لا يمنع من وقوعه على المقتصد والظالم ، إنْ جعلنا الضمير في قوله تعالى : فمنهم ظالم لنفسه ، يرجع إلى المصطفين وهو تفسير ابن عباس رضي الله عنه والجمهور …”[17]
ـ أبو عبد الله الشوذي الإشبيلي المعروف بالحلوي : وفَد على تلمسان واستقرّ بها ، وصفه يحيى ابن خلدون بأنّه من كبار العباد العارفين مات بتلمسان ودفن خارج باب علي [18] ، وذكر صاحب البستان المعروف أن الإمام أبا إسحاق إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي المعروف بابن المرأة قرأ عليه القرآن فقال : ” فقرأت بسم الله الرحمن الرحيم فتكلّم في فضلها عشرة أيام “.[19]
ـ أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني (ت 699ه ) : الفقيه النحوي المقرئ الخطيب بالمسجد الأعظم ببجاية من أهل شاطبة ، رحل إلى العدوة واستوطن بجاية [20] ، وهو ممّن سمع منه أبو حيان الأندلسي صاحب تفسير البحر المحيط لما نزل ببجاية [21]، وذكر الغبريني في برنامج مشيخته أنّه حدّثه بكتاب ” الكشّاف عن حقائق التنزيل ” الفقيه أبو عبد الله الكناني عن أبي الحسن بن السراج عن أبي عبيد الله السلفي عن المؤلف [22]
وغيرهم كثير ممّن زخرت بهم كتب التراجم وبرامج الشيوخ وفهارسهم .
2 ـ المساهمات الأندلسية في حركة التفسير بالمغرب الأوسط : تنوّعت أشكال هذه المساهمات بين نقل أشهر مؤلّفات التفسير الأندلسية وشرحها وتدريسها ، والتي أخذت شكل المقرّرات الدراسية في المدارس الزيانية ، وكذا إثراء حلقاته بمباحث بلاغية ولغوية لم تكن معهودة من قبل بالشكل الذي أصبحت عليه ، وزاد الاهتمام بالقراءات القرآنية وتوجيهها ، وآيات الأحكام وتفاصيلها في درس التفسير ، كما اصطبغت بعض الأقوال التفسيرية بالصبغة الصوفية.
1.2 مؤلّفات التفسير الأندلسيّة: اعتمدت حلقات التعليم و التدريس بالمغرب الأوسط على كثير من المؤلّفات الأندلسيّة، حيث أخذ بها أساتذة المدارس التلمسانية وطلّابها ، ولا شك أنّ أعلام الأندلس الذين نزلوا المغرب الأوسط كان لهم سند متّصل إلى هذه المؤلّفات .
ـ تفسير ابن عطيّة ( المحرّر الوجيز ) : فقد كانت حلقات تدريس التفسير تعتمد بالخصوص على المؤلّفات الأندلسية ، لاسيّما تفسير ابن عطيّة الذي ذاع صيته في المشرق والمغرب بشهادة ابن خلدون : ” وجاء أبو محمد بن عطيّة من المتأخّرين بالمغرب ، فلخّص تلك التفاسير كلّها ، وتحرّى ما هو أقرب إلى الصحّة منها ، ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حَسَن المنحى “[23] وذلك لأنّ تفسير ابن عطية يمثّل أهل السنّة ( الأشاعرة ) ، ويلخّص ما تناثر عند المفسّرين القدامى في تفاسيرهم المختلفة .
ـ تفسير عبد بن حُميْد : فقد ذكر ابن الأبّار سَنَدَ تفسير عبد بن حُميْد الذي حدّث به في بجاية عبد الحقّ الإشبيلي إلى مُؤلّفِه .[24]
ـ البحر المحيط : لأبي حيّان مكانة عالية وقَدَم راسخة في التفسير وهو صاحب التأليف فيه ، وقد أجاز المقرّي الجدّ بكلّ مروياته حين لقيه في رحلته إلى الحج بمصر وأخذ عنه حيث قال : ” رويت عنه واستفدت منه “[25].
ـ تفسير ابن أبي زمَنين وأحكام القرآن لابن عربي : ذكر المجاري في برنامجه أنّه قرأ على شيخه البلنسي تفسير ابن أبي زمنين وتفسير أحكام القرآن لابن عربي فقال : ” وتفقّهت عليه في مسائل من بعض الكتب المذكورة ، وسمعت عليه تفقّها بعضا من كلّ كتاب يُذكر بعد ، فمن ذلك تفسير الإمام أبي عبد الله بن أبي زمنين ، … وأحكام القرآن للقاضي أبي بكر بن عربي … وأجاز لي جميع ذلك وحدثني بأسانيده المعلومة له فيها في برنامجي شيخيه أبي القاسم بن جزي وأبي عبد الله بن مرزوق … “[26]
مما يدلّ أنّ لابن مرزوق الخطيب سَنَدٌ لهذين التفسيرين ، وتداولهما في تلمسان بعد ذلك .
ـ تفسير الثعلبي ( الكشف والبيان ) : وقد مرّ معنا أنّ الغبريني أخذ هذا التفسير في بجاية عن ابن عصفور عن طريق المقرئ أبي العباس أحمد بن محمد بن خضر الصدفي الشّاطبي. [27]
- 2 ـ إثراء درس التفسير بمباحث برع فيها الأندلسيون : أثرى أعلام الأندلس الذين حلّوا بالمغرب الأوسط درس التفسير بمباحث البلاغة والقراءات ، إلى جانب إشارات صوفية واستنباطات فقهية برعوا فيها ، وأثَّروا بذلك في تلامذتهم المغاربة فأصبحوا يميلون إلى ذكر تلك المباحث والعناية بها :
أ ـ العناية بعلوم البلاغة : ممّا يلفت المتتبّع لأعلام التفسير بالجزائر بداية من القرن السابع والثامن الهجريين العناية الفائقة بعلوم البلاغة من معاني وبيان وبديع ، وقد أرجع ابن خلدون ظهور هذا النوع من التفسير إلى تطوّر علم اللّسان وتزايد الاهتمام بفنونه ، حتى أصبح تعلّمه صناعة فقال : ” والصنف الآخر من التفسير وهو ما يرجع إلى اللّسان ، من معرفة اللّغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب ، … وإنّما جاء هذا بعد أن صار اللّسان وعلومه صناعة “[28] ، وسجّل تفوّق أهل الأندلس في هذه الصناعة بقوله : ” وأمّا أهل الأندلس فأفادهم التفنّن في التعليم ، وكثرة رواية الشعر والترسّل ، ومدارسة العربية من أول العمر، حصولَ ملَكَة ٍصاروا بها أعرف في اللّسان العربي. “[29]
وأشهر تفسير عُرف بهذه الصناعة : تفسير الزمخشري الذي ألّف الناس على مِنواله ، نقل المقرّي في نفح الطّيب ذلك بقوله :” رأيت لبعض من ألَّف على كتاب الكشّاف للزمخشري فائدة لم أرها لغيره في قوله تعالى : ” والرّاسخون في العلم ” ( آل عمران : 07 ) إذِ النّاس يختلفون في هذا الموضع اختلافا كثيرا ، فقال قوم : الرّاسخون في العلم يعلمون تأويله ، والوقوف عند قوله : والراسخون في العلم ، وقال قوم : أنّ الّراسخون في العلم لا يعلمون تأويله ، وإنما يوقف عند قوله : وما يعلم تأويله إلا الله ، فقال هذا القائل : أنّ الآية من باب الجمع والتفريق والتقسيم من أنواع البيان ، وذلك لأنّ قوله تعالى : ” هو الذي نزَّل عليك الكتاب ” جمع ، وقوله : ” منه آياتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنّ أمُّ الكتاب وأُخَرُ مُتشابهات ” تفريق ، وقوله تعالى : ” فأمّا الذين في قلوبهم زيغ... إلى قوله :” وابتغاء تأويله ” أحَدُ طرفي التقسيم ، قال : وهذا مثل قوله تعالى : ” وإنّا منّا المسلمون ” ( الجن : 14 ـ 15 ) فقوله : وإنّا : جمع ، وقوله : ” منّا المسلمون ومنّا القاسطون ” تفريق ، وقوله : “ فمن أسلم …وأما القاسطون ” تقسيم ، وهو من بديع التفسير “.[30]
ونجد في المعيار للونشريسي عدّة أسئلة وفتاوى تتعلّق بالتفسير البلاغي منها : ما أجاب به أبو يحيى ابن الشريف التلمساني[31] من سأله عن الحكمة من تقديم السمع على البصر في غالب التنزيل ، فأجاب بكلام طويل منه : ” اعلم أن آيات الله ضربان : آيات مَتلوّة ، وآيات مَجلوّة ، ومَدْرَك الأولى السّمع ومَدْرك الثانية البصر ، والمقام ذو الآيات المتلوّة يناسب ذكر السّمع ، …والمقام ذو الآيات المجلوّة يناسب ذكر البصر …وليس بواجب على الجملة أنْ يكون مع كلّ واحد من النّوعين ما يناسبه ، ولكنّه إذا ذُكر فقد يكون ذلك لخصوصية ممكنة أخرى سوى مطلق المناسبة ، وقد يكون لمطلق المناسبة ، وإنْ لم يُذكر فواضح ، وإنْ ذُكر مع أحدهما ما يناسب الآخر فذلك لأنّها بلغت من الوضوح والجلاء ما كأنّها تُرى عيانا ، وفي المجلوّة يَذكر معها السّمع لأنّها بلغت من التحقيق ما كان لها لسانا تنادي به الإقبال عليها وحُسن الإصغاء …” [32]
فالملاحظ أنّ في هذا الجواب بصمةً بلاغية تمثّلت في مناسبة الكلام لمقتضى الحال ، فقد عرف البقاعي علم المناسبات بأنه : ” علم تُعرف منه عِلَلُ ترتيب أجزائه وهو سرّ البلاغة ” .[33]
ب ـ الاهتمام بالقراءات : اشتهر الأندلسيون بعنايتهم بالقرآن الكريم ومزيد اهتمامهم برواياته وقراءاته ، فالأندلس موطنٌ لكبار علماء هذا الفنّ كمجاهد وأبي عمرو الدّاني صاحب كتاب التيسير والشاطبي الذي اختصر ما ورد في التيسير من قواعد في قصيدته ” بحر الأماني ووجه التّهاني ” ممّا سهّل على أهل الأندلس والمغرب استيعاب فنّ القراءات ، سجّل ابن خلدون هذا بقوله وهو يتكلّم على الشاطبية : ” … فاستوعب فيها الفنّ استيعابا حسنا ، وعَنيَ النّاس بحفظها وتلقينها للوِلدان المتعلّمين ، وجرى العمل على ذلك في أمصار المغرب والأندلس”[34] .
ويكفي على هذا دليلا تتبّع كتب تراجم أعلام الأندلس ككتاب الّصلة لابن بشكوال مثلا فمن النّادر أن تجد عَلَمًا لا صلة له بالقرآن رواية أو إقراءً أو تفسيرًا ، وباستقرار البعض منهم بالمغرب الأوسط أعطوا إضافة نوعية في هذا العلم ومنهم : أحمد بن محمد بن حسن بن محمد بن خضر الصدفي الشاطبي الذي برع في علم القراءات وصفه الغبريني بـ:” الشيخ الفقيه المقرئ المحصّل الراوية الضابط المتقن المجوّد ” [35] ، وأبو بكر بن سعادة الإشبيلي الذي نزل تلمسان وعمّر بها وكان مجوّدا للقرآن ، ضابطا مُحدّثا ، نقّادا عالي الرواية …” [36]، هذا التفوّق في القراءات عند الأندلسيّين المهاجرين إلى تلمسان انعكس بصورة واضحة على تفسير القرآن الكريم ، خاصّة ما يتعلّق منه باختلاف الأحكام ، نجد ذلك واضحا في كتب الفتاوى والنوازل منه : ما أورده الشريف التلمساني في كتابه مفتاح الوصول من إشارة إلى أنّ من أسباب الاختلاف في الأحكام اختلاف القراءات ، فمثلا عند ذكره لحكم الصيام في كفّارة اليمين قال : استدلال الحنفية على أنّ المكفِّر إذا حنث فصيام ثلاثة أيام من شرطه أن تكون متتابعة ، فإن فرّقها لم تُجْزِه لقراءة ابن مسعود : فصيام ثلاثة أيام متتابعات … وكذلك احتجّت الحنفية على أنّ الفيئة في الإيلاء إنّما محلّها الأربعة أشهر لا بعدها بقراءة أُبيّ بن كعب : فإنْ فاءو فيهنّ فإنّ الله غفور رحيم “[37]
وفي المعيار لما أجاب ابن مرزوق [38] على مسألة ثبوت الشرف من جهة الأمّ ذكر قوله تعالى : ” هبْ لي من لَدُنْك وليًّا يَرِثُني ” ( مريم : 05 ـ 06 ) قال : الولّي في الآية مطلق لا عامّ ، هذا في قراءة جزم ( يرثْ )… وأمّا على قراءة الرفع في ( يرثُ ) فالتخصيص ظاهر ، إذِ الجملة صفة لوليّ [39]، غير أنّه لم ينسبها لأصحابها حيث قرأ أبو عمرو والكسائي … بالجزم ، وقرأ الباقون بالرفع.[40]
ج ـ التطرّق للأحكام الفقهية : التزم رجال المدرسة الأندلسية في تفاسيرهم المذهب المالكي وقرّروا قواعده ، وبسطوا أصوله ونشروا فروعه ، يظهر ذلك جليّا في أحكام القرآن لابن العربي الذي اعتنى في تفسيره بآيات الأحكام ، حيث يذكر السورة ويُعدّد آيات الأحكام فيها ، ثم ّيأخذ في شرحها آية آية ، مُعدّدا المسائل في كلّ آية مُفصّلا لأحكام كلّ مسألة ، وكذا تفسير القرطبي الذي اهتمّ ببيان آيات الأحكام فأورد لكلّ آية ما تتضمّنه من أحكام ، فإن لم يجد فيها حكما فسّرها إجمالا وسمّاه : الجامع لأحكام القرآن ، وبتتبّع كتب الفتاوى والنوازل خاصّة المعيار والدرر المكنونة نجدْ كثيرا ما يتضمّن الجواب نقل كلام ابن العربي والقرطبي في المسائل المستفتى فيها ، وبهذه المؤلّفات تأثّر أعلام المغرب الأوسط ، وزادت نزعة استنباط المسائل والأحكام الفقهية من الآيات القرآنية في درسهم التفسيري وضمن أجوبتهم وفتاويهم من ذلك :
ما جاء في نوازل المازوني : أنّ أبا عبد الله محمد بن مرزوق ذكر قوله تعالى : ” حُرّمت عليكم الميتة والدّم ” ( المائدة : 03 ) فقال : حرّم الله الدّم في هذه الآية جملة من غير تقييد ، وقيّد ذلك في سورة الأنعام فقال : ” أو دما مسفوحا ” ( الأنعام : 145 ) ، فوجب ردّ المطلق إلى المقيّد … وقد جاء عن عائشة أنّها قالت : لولا قول الله : ” أو دما مسفوحا ” لأُتبع ما في العروق…” [41]
وجاء في المعيار : أنّ ابن مرزوق ذكر عند استدلاله على ثبوت الشرف من جهة الأمّ قوله تعالى : “ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى ” ( الشورى : 23 ) فقال : رُوي أنّ المشركين اجتمعوا فقال بعضهم : أترون محمّدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت ، والمعنى : قل لا أسألكم على القرآن والنبوءة التي أتينا بها أجرا إلاّ أنْ تودّوا أهل قرابتي ، ولا تودّوهم على احتمال هذا الاستثناء الاتصال ، والانقطاع يضيق محلّ الاستيفاء على بيانه وبيان كثير من المهمات التي لا تليق إلّا بالتأليف ، وكفى بتعظيمهم شرفا أن جعلهم الله أجرا للإسلام والهدى والقرآن ، فما أرفعها درجة وأعظمها منزلة ، أماتنا الله على حب آل محمد وحشرنا في زمرتهم بمنّه وفضله ، وقد ورد في تفسير الآية غير هذا مما يطول ذكره [42]
وأورد صاحب المعيار أيضا عدّة رسائل للحسن بن عطية الونشريسي ( ت 788ه ) تحمل بصمة تفسيرية عاليه تُظهر اهتمامه باستنباط الأحكام ، وتدلّ بوضوح على تمكّنه وبراعته في التفسير الفقهي منها مقالة عُنونت بـ : ” رفع الحرج والجناح عمّن أرادت من المراضع النكاح ” تضمّنت عشر مسائل كلّها تندرج تحت آية الرضاع جاء فيها : ” قوله تعالى : “والوالدات يُرضعن أولادهنّ حولين كاملين ” ( البقرة : 233) وقوله تعالى : “وحمله وفِصاله ثلاثون شهرا ” ( الأحقاف : 15 ) ، قال ابن عباس رضي الله عنه : المولود الذي يرضع حولين كاملين هو المولود لستة أشهر ، وإن وُلد لسبعة أشهر فرضاعه ثلاثة وعشرون شهرا ، وإن ولد لثمانية أشهر فرضاعه إثنان وعشرون شهرا … قال القاضي أبو بكر بن العربي : ومن هاتين الآيتين أخذ علي رضي الله عنه أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر … وهذا من بديع الاستنباط ، فإذا بنينا على مقتضى قول علي وهو تفسير ابن عباس ، فقد زال عن المسألة الإشكال والالتباس ، لأنّ غالب حمل النساء إنما هو تسعة أشهر ، فكلام العلماء على أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر إنما هو لدرء حدّ أو إلحاق نسب أو لضرورة تُلجئ إلى ذلك ، وإن بنينا على تفسير غيرهما وهي المسألة الثانية ، نظرنا في تمام رضاع الحولين ، هل يجب أو يجوز الاقتصار على ما دونه ، قال القاضي منذر بن سعيد في تفسيره : إنّما ذكر الله تعالى تمام الحولين في الرضاع من أجل إيجاب الخيار في الفصال ، فكأنّه قال تعالى : والوالدات يُرضعن بالخيار ، إن شئن أن يُكملن لأولادهنّ رضاع حولين ، وإن شئن لم يكملن ذلك على الضرر منهنّ ، فهذا معنى الكلام ، فإرضاع الحولين لا يجب فرضا مُقدّرا إلّا لمن أراد أن يُتمّ الرضاعة باتفاق من الزوجين ، فهما مخيرّان في إتمام الرضاع ، لكلّ واحد من الوالدين أن يَفْصِل الرضيع قبل إتمام الحولين ما لم يكن مُضارّا ، فإذا كان مُضارّا لم يكن له ذلك ، قلت : وكلام منذر هذا كافي في سقوط كلام المفارق ، لأنّا نشدُّه بكلام غيره فنقول : قال بعض المفسّرين : قال قتادة : كان الرضاع واجبا في الحولين ، وكان يحرُم الفطام قبل ذلك ، ثمّ خفّف الله ذلك ، وأباح الرضاع أقلّ من الحولين في قوله تعالى : ” فإن أرادا فصالا” ( البقرة : 233) ، وقال القاضي أبو بكر بن العربي : لو كان هذا حدّا مؤقتا لا تجوز الزيادة عليه ولا تُعتبر إنْ وُجدت لما أوقفه الله على الإرادة كسائر الأعداد المؤقتة في الشرع ، قال : والصحيح : أنّه لا حدّ لأقلّه ، وأنّ أكثره محدود بالحولين مع التراضي “[43]
فقد تناول ما يستنبط من الآية من أحكام مستدلّا على ذلك بأقوال الصحابة والتابعين وأقوال المفسرين .
ثمّ تطرّق إلى حكم الغيلة : وهي مسألة لها حبل وثيق مع آية الرضاع ، حيث ذكر أقوال المفسرين في اللغات الواردة في هذه الكلمة واشتقاقاتها فقال :” وأمّا ضبط الغيلة وهي المسألة الخامسة ، فقال ابن زمنين : الغِيلة بكسر الغين لا يجوز الفتح إلّا بكسر الهاء … وقال القاضي عياض في الإكمال :لو كان هذا صحيحا لكانت من ذوات الواو لقوله تعالى : ” لا فيها غَوْلٌ ولا هُم عنها يُنزَفُون” ( الصافات : 47 ) أي : لا تغتال عقولهم ، فيكون الاسم الغول ، وقد أكثر الناس في اشتقاقها ، ولا غرض لنا في استيفاء كلامهم “[44]
فانظر كيف يذكر الآية ثم يجعل تحتها مسائل مستنبطة منها ، مع الاستدلال عليها بالسنّة وأقوال الصحابة والتابعين ، ونقل كلام المفسّرين خاصّة ابن العربي ، مع إيراد قول مالك في كلّ مسألة ، وهو صنيع مفسّري أحكام القرآن ، وبهذا المثال الأخير يظهر جليّا التأثّر بالمدرسة الأندلسية في تفاسير آيات الأحكام .
د ـ التفسير الصوفي : حلّ بالمغرب الأوسط بداية من القرن السادس الهجري عدّة أعلام أندلسيّين يحملون أفكار التصوّف بنوعيه : السنّي والفلسفي ، فالأوّل يمثّله : أبو مدين شعيب الإشبيلي الأندلسي ( ت 594ه ) الذي استوطن بجاية خمسة عشر عاما ، وحمل إليها كتاب إحياء علوم الدين ودرّس بها الرسالة القشيرية ، وأَطْلَع طلبتها على رعاية المحاسبي [45] ، وتوفي بتلمسان[46] ، إلّا أنّ أثره في نشر التصوّف استمرّ بعد ذلك ، إذْ أصبحت تلمسان بعده مركزا من مراكز نشر ثقافة التصوّف بسبب احتضان تربتها لرُفاته ، وهذا ما جعل ابن خلدون يعدّه من كبار العلماء والصالحين الذين أنجبتهم حاضرة تلمسان [47]
ذكروا من كلامه في التفسير الإشاري أنّه كان يقول في قوله تعالى : “فإذا فرغت فانصب” ( الشرح : 07 ) فإذا فرغت من الأكوان فانصب قلبك لمشاهدة الرحمن ، وإلى ربّك فارغب في الدوام ، وإذا دخلت في عبادة فلا تُحدّث نفسك بالخروج منها وقل : “ يا ليتها كانت القاضية ” ( الحاقة : 27 ) ، وكان يقول : قل الله ثمّ ذرهم وهي مقطع من آية هي قوله تعالى : ” قل الله ثمّ ذرهم في خوضهم يلعبون ” ( الأنعام : 91 ) لكنّها تحمل معاني وإشارات ذكرها ابن عجيبة في شرح الحكم بقوله : “كثيرا ما يستدلّ الصوفية بهذه الآية : ” قل الله ثمّ ذرهم ” على الانقطاع إلى الله والغيبة عمّا سواه ، وهو تفسير إشاري لا تفسير معنى اللفظ ، لأنّها نزلت في الردّ على اليهود [48] .
والثاني يمثّله كلّ من : أبي عبد الله الحلوي الشوذي : ففي سير أعلام النبلاء نقلا عن ابن المرأة ” ثمّ شرع يخبرني بأحوالي كأنّه معي ، وكنت إذا صلّيت يُخيّل لي نور عند قدمي فقال لي : أنت معجب تظنّ نفسك شيئا ؟ لا حتى تقرأ العلوم ، قلت : إنّي أحفظ القرآن بالروايات ، قال : لا حتى تعلم تأويله بالحقيقة فقلت : علّمني ، ثمّ جعل يفسّر لي القرآن تفسيرا عجيبا مُدهشا ويأتي بمعاني فبهرني. “[49]
وأبي العباس أحمد بن أحمد المالقي ( ت 660ه ) : الذي كان يُلقِّن طلبته في بجاية كتاب : الإشارات والتنبيهات لابن سينا وهو كتاب يتضمّن فلسفة التصوّف الإشراقي. [50]
وأبي عبد الله محمد محيي الدين بن عربي ( ت 638 ه ) الذي دخل بجاية مرتين وزار تلمسان [51]، وله : التفسير الكبير الذي بلغ فيه إلى تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى : ” وعلّمناه من لدنّا علما ” ( الكهف : 65 ). [52]
هذه الأفكار والإشارات تركت أثرا واضحا في تلامذتهم بالمغرب الأوسط ، فانعكست على درسهم التفسيري ، وظهرت في أقوالهم وفي أجوبتهم التي تتعلّق بمعاني القرآن نذكر منها :
ـ أورد المقرّي الجدّ في الحقائق والرقائق جملة من نماذج التفسير الصوفي الإشاري ، منها ما هو من كلامه ، ومنها ما نقله عن غيره من المفسّرين : فمن الأوّل: قوله :” الخلوة منزل الفكر ، وفي بيته يُؤتى الحكم ، وباب هذا البيت العلم ” واتوا البيوت من أبوابها ” ( البقرة : 189) [53]، ومن الثاني : ما نقله عن مفاتيح الغيب للرازي عند تفسير قوله تعالى : ” فاخلع نعليك ” ( طه : 12 ) إنّ النعلين اللذين أمر موسى بخلعهما هما المقدمتان اللتان يُتوصّل إلى المعرفة بهما ، فقيل له : إنّك حلَلْت بالوادي المقدّس لسماع :أنا ربّك ، فلا تنصرف عن مقام التحقيق إلى طلب التصديق ، فليس الخبر كالمعاينة. “[54]
وفي كتابه القواعد أيضا بصمة صوفية إشارية ، حيث نجده في القاعدة الخامسة والأربعون بعد المائتين يقول: ” نبّهنا الله عزّ وجلّ في قوله : ” وإنّا إلى ربنا لمنقلبون ” ( الزخرف : 14 ) من ارتقاب الإنسان خطر الركوب أو مسيره محمولا على المركوب، على تذكّر أمور الآخرة بما يُومئ إليها من أحوال الدنيا ، فيتذكّر بالركوب على الأنعام والفلك ركوب النّعش ، وبحرّ الحمّام حرّ النّار ، وبالتلذّذ بالجماع وغيره لذّة النّعيم …”[55]
ولأبي يحيى الشريف التلمساني أيضا كلام في التفسير يمكن تصنيفه في هذا الاتجاه ، لِما يحمله من إشارات صوفية ، ففي أحد أجوبته في المعيار يُورِد قوله تعالى : ” إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه ” ( فاطر : 10 ) فيقول : ” يعني بذلك أنّ الكلم الطيّب يصعد على معارج العوالم حتى ينتهي إلى عالم القلب ، والعمل الصالح جمال لذلك ، ويريد بالعمل الصالح التصرّف الروحي ، والقلب المتّصف بهذه الصفة جدير بدخول الجنان ورؤية الرحمن “.[56]
وكلها نماذج تفسيرية تصب في خانة التفسير الصوفي السنّي المحمود الذي لا يتعارض مع ظواهر الآيات القرآنية ، ولا يُلغيها، مما يؤكّد بأنّه الغالب والمهيمن في المغرب الأوسط خلال تلك الفترة وبعدها وإلى اليوم .
خاتمة :
وفي الختام يمكن تسجيل بعض النتائج المتوصل إليها والمتمثلة في :
أنّ من الميادين التي كان لأعلام الأندلس المهاجرين فيها السبق والريادة والمهارة ميدان تفسير القرآن الكريم ، فانعكس ذلك على الدرس التفسيري بالمغرب الأوسط ( الجزائر ) بالاهتمام والإثراء وأصبح يتغذّى من رافدين : رافد المشرق ورافد المغرب ، وسطع في الأفق أعلام جزائريون تركوا بصمتهم الخالدة في التفسير سواء على مستوى التدريس أو التأليف .
تجلّت إسهامات هؤلاء الأعلام في إخراج الدرس التفسيري من النمطية التي كانت سائدة والمتمثلة في الاقتصار على بيان معاني آيات القرآن بالروايات والأخبار والآثار إلى بسط أنواع من الموضوعات التي تتناولها الآيات من أحكام وقراءات ولطائف وإشارات .
وبفضل هؤلاء الأعلام أيضا اطّلع طلبة المغرب الأوسط بسهولة ودون عناء على المؤلفات الأندلسية في التفسير وبالتالي أصبح لهم سند إلى هذه المدرسة العريقة في التفسير .
قائمة المصادر والمراجع :
القرآن الكريم
- إدريس العلوي البلغيثي : فصل الخطاب في ترسيل الفقيه أبي بكر بن الخطاب ، مجلة دعوة الحق ، العدد 249 ، المملكة المغربية 1985 .
- المقري : شهاب الدين أحمد بن محمد التلمساني ، ( 1997م ) ، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ، ت : إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، لبنان ، ط 1 .
- البكري : أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي ( 1992م ) ، المسالك والممالك ، دار الغرب الإسلامي .
- أبو القاسم سعد الله : ( 2007م ) ، تاريخ الجزائر الثقافي ، دار البصائر ، الجزائر ، طبعة خاصة .
- الغبريني : أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد ، ( 1979م ) ، عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية ، ت : عادل نويهض ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط 2 .
- ابن مخلوف : ( 1424ه ـ 2003م ) ، شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ، دار الكتب العلمية ، لبنان ، ط 1 .
- يحيى ابن خلدون : أبو زكرياء ، ( 2011م ) ، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد ، ت : عبد الحميد حاجيات ، عالم المعرفة للنشر والتوزيع ، الجزائر ، طبعة خاصة .
- ابن الزيات : أبو يعقوب يوسف بن يحيى التادلي، ( 1997م ) ، التشوف إلى رجال التصوف ، ت : احمد التوفيق ، ط 2 .
- القلصادي: أبو الحسن علي الأندلسي ، رحلة القلصادي ، ت : محمد أبو الأجفان ، الشركة التونسية للتوزيع ، تونس .
- التنبكتي: أبو العباس احمد بابا بن أحمد ، ( 2000م ) ، نيل الابتهاج بتطريز الديباج ، دار الكاتب ، طرابلس ، ليبيا ، ط 2 .
- ابن مريم : أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الشريف المليتي المديوني ، ( 1326ه ـ 1908م ) ، البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ، ت : محمد بن أبي شنب ، المطبعة الثعالبية ، الجزائر .
- الونشريسي : أبو العباس أحمد بن يحيى ، ( 1401ه ـ 1981م ) ، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية .
- ابن بشكوال : ( 134ه ـ 1955م ) ، الصلة في تاريخ أئمة الأندلس ، ت : عزت العطار الحسيني ، مكتبة الخانجي ، ط 2 .
- أبو حيان : محمد بن يوسف بن علي بن يوسف ، ( 1420ه ) ، تفسير البحر المحيط ، ت : محمد صدقي جميل ، دار الفكر بيروت .
- ابن خلدون : أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد ( 1408ه ـ 1988م ) ، ديوان المبتدأ والخبر ، ت : خليل شحادة ، دار الفكر ، بيروت ، ط 2 .
- ابن الأبار: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي ، ( 1420ه ـ 2000م ) ، المعجم في أصحاب القاضي الإمام أبي علي الصدفي ، مكتبة الثقافة الدينية ، الظاهر .
- المقري : شهاب الدين أحمد بن محمد ، ( 1400ه ـ 1980م ) ، أزهار الرياض في أخبار عياض ، ت : سعيد أحمد أعراب ، عبد السلام الهراس ، مطبعة فضالة ، المحمدية ، المغرب .
- المجاري : أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن عبد الواحد ، ( 1400ه ـ 1980م ) ، برنامج المجاري ، ت : محمد أبو الأجفان ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط 1 .
- ابن خلدون : مقدمة ابن خلدون ، دار إحياء التراث العربي ، ط 3 .
- البقاعي : إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر ، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة .
- الشريف التلمساني : أبو عبد الله محمد بن أحمد ، ( 1419ه ـ 1998م) ، مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ، ت : محمد على فركوس ، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع ، ط1 .
- ابن فرحون : الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ، ت : محمد الأحمدي أبو النور ، دار التراث ، القاهرة ـ ـ ابن حجر العسقلاني : ( 1392ه ـ 192م ) ، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، ت : محمد عبد المعيد ضان ، مجلس دائرة المعارف العثمانية ، الهند ، ط 2 .
- النيسابوري : أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران ، المبسوط في القراءات العشر ، ت : سبيع حمزة حاكيمي ، مجمع اللغة العربية ، دمشق ، د.ط 1981م ،ج 1 ص 287
- المازوني : أبو زكريا يحيى بن موسى بن عيسى بن يحيى المغيلي ، الدرر المكنونة في نوازل مازونة ، مذكرة ماجستير في التاريخ الإسلامي الوسيط ، الطالب : بركات اسماعيل ، جامعة منتوري ، قسنطينة ، السنة الجامعية : 2009 ـ 2010 ) .
- الطاهر بونابي : ( 2004م ) ، التصوف في الجزائر خلال القرنين 6 و 7 ، دار الهدى ، عين مليلة ، د.ط .
- ابن عجيبة : أحمد بن محمد الحسني ، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم ، دار المعارف ، القاهرة .
- الذهبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان ، ( 1405ه ـ 1985م ) ، سير أعلام النبلاء ، ت : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط 3 .
- المقري : أبو عبد الله محمد بن محمد ، الحقائق والرقائق ، ت : عمرو سيد شوكت ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان
- المقري : أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد ، القواعد ، ت : أحمد بن عبد الله بن حميد ، مركز إحياء التراث الإسلامي، م.ع . س ، مكة المكرمة .
[1] إدريس العلوي البلغيثي : فصل الخطاب في ترسيل الفقيه أبي بكر بن الخطاب ، مجلة دعوة الحق ، العدد 249 ، المملكة المغربية 1985 ، ص 94.
[2] المقري : شهاب الدين أحمد بن محمد التلمساني ، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب ، ت : إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، لبنان ، ط 1 1997م ، ج 4 ص 528.
[3] المرجع السابق ص 94.
[4] البكري : أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز الأندلسي ، المسالك والممالك ، دار الغرب الإسلامي ، (د . ط) 1992م ، ج 2 ص 797.
[5] أبو القاسم سعد الله : تاريخ الجزائر الثقافي ، دار البصائر ، الجزائر ، طبعة خاصة 2007م ، ج 1 ص 47.
[6] هو أبو الحسن علي بن موسى الحضرمي الإشبيلي المعروف بابن عصفور الفقيه النحوي رحل من العدوة واستوطن بجاية ثم تونس وتوفي بها سنة 669ه ينظر : الغبريني : أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد ، عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية ، ت : عادل نويهض ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط 2 ، 1979م ، ص 318 ـ 319 ، ابن مخلوف : شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ، دار الكتب العلمية ، لبنان ، ط 1 ( 1424ه ـ 2003م ) ، ج 1 ص 282.
[7] عنوان الدراية : ص 318.
[8] المصدر نفسه ص 360.
[9] نفح الطيب ج 5 ص 382.
[10] عنوان الدراية : ص 290.
[11] نفح الطيب ج 5 ص 227.
[12] يحيى ابن خلدون : أبو زكرياء ، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد ، ت : عبد الحميد حاجيات ، عالم المعرفة للنشر والتوزيع ، الجزائر ، طبعة خاصة 2011م ، ج 1 ص 139.
[13] ابن الزيات : أبو يعقوب يوسف بن يحيى التادلي ، التشوف إلى رجال التصوف ، ت : احمد التوفيق ، ط 2 (1997م) ص 294.
[14] القلصادي : أبو الحسن علي الأندلسي ، رحلة القلصادي ، ت : محمد أبو الأجفان ، الشركة التونسية للتوزيع ، تونس ، ص 87.
[15] المرجع نفسه : ص 88.
[16] ينظر : التنبكتي : أبو العباس احمد بابا بن أحمد ، نيل الابتهاج بتطريز الديباج ، دار الكاتب ، طرابلس ، ليبيا ، ط 2 ، 2000م ، ص 579 ، ابن مريم : أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الشريف المليتي المديوني ، البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ، ت : محمد بن أبي شنب ، المطبعة الثعالبية ، الجزائر ، ( د . ط ) ، ( 1326ه ـ 1908م ) ،ص 252 ، بغية الرواد ج 1 ص 165
[17] الونشريسي : أبو العباس أحمد بن يحيى ، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، المملكة المغربية ، د.ط ( 1401ه ـ 1981م )ج 11 ص 310 ـ 309 .
[18] ينظر : بغية الرواد ج 1 ص 127 ـ 128.
[19] البستان : ص 68 ـ 69.
[20] ينظر : عنوان الدراية ص 79 ، ابن بشكوال : الصلة في تاريخ أئمة الأندلس ، ت : عزت العطار الحسيني ، مكتبة الخانجي ، ط 2 ( 134ه ـ 1955م )، ج 3 ص 307.
[21] أبو حيان : محمد بن يوسف بن علي بن يوسف ، تفسير البحر المحيط ، ت : محمد صدقي جميل ، دار الفكر بيروت ، د.ط ( 1420ه ) ج 1 ص 37.
[22] عنوان الدراية ص 364.
[23] ابن خلدون : أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد ديوان المبتدأ والخبر ، ت : خليل شحادة ، دار الفكر ، بيروت ، ط 2 ( 1408ه ـ 1988م )، ج 1 ص 555.
[24] ابن الأبار : أبو عبد الله محمد بن أبي بكر القضاعي ، المعجم في أصحاب القاضي الإمام أبي علي الصدفي ، مكتبة الثقافة الدينية ، الظاهر ، ط 1 ( 1420ه ـ 2000م ) ،ص139 .
[25] المقري : شهاب الدين أحمد بن محمد ، أزهار الرياض في أخبار عياض ، ت : سعيد أحمد أعراب ، عبد السلام الهراس ، مطبعة فضالة ، المحمدية ، المغرب ، د.ط ( 1400ه ـ 1980م ) ، ج 5 ص 74.
[26] المجاري : أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن عبد الواحد ، برنامج المجاري ، ت : محمد أبو الأجفان ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ط 1 ( 1400ه ـ 1980م ) ، ص 112.
[27] عنوان الدراية : ص 360.
[28] تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 555.
[29] ابن خلدون : مقدمة ابن خلدون ، دار إحياء التراث العربي ، ط 3 ، د . ت ، ص 539.
[30] نفح الطيب ج 1 ص 269.
[31] هو أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي الحسني التلمساني الإمام المحقق العالم بالتفسير آخر المفسرين من علماء الظاهر والباطن ، ومن أكابر فقهاء المالكية أخذ عن أبيه الشريف التلمساني وغيره ولد بتلمسان سنة 757ه وتوفي بها سنة 826 ينظر : البستان 127 ، شجرة النور ج 1ص 362.
[32] المعيار ج 12 ص 327.
[33] البقاعي : إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر ، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة ، د.ط ، د. ت ،ج 1 ص 6.
[34] تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 553.
[35] عنوان الدراية : ص 85.
[36] بغية الرواد :ج 1 ص 168.
[37] الشريف التلمساني : أبو عبد الله محمد بن أحمد ، مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ، ت : محمد على فركوس ، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع ، ط1 ( 1419ه ـ 1998م) ، ص 304 ـ 305.
[38] هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر ابن مرزوق العجيسي التلمساني المشارك في الفنون من أصول وفروع وتفسير ولد بتلمسان سنة 711ه رحل مع أبيه إلى المشرق وحج وجاور ثم رجع إلى المغرب فولاه السلطان أبي الحسن الخطابة ثم اجتذبه سلطان الأندلس فقلده الخطبة بمسجده توفي بعد 870ه ينظر : ابن فرحون : الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ، ت : محمد الأحمدي أبو النور ، دار التراث ، القاهرة ، د.ط ، د.ت ،ج 2 ص 290 ـ ابن حجر العسقلاني :الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، ت : محمد عبد المعيد ضان ، مجلس دائرة المعارف العثمانية ، الهند ، ط 2 ( 1392ه ـ 192م ) ، ج 5 ص 93 .
[39] المعيار : ج 12 ص 201.
[40] النيسابوري : أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران ، المبسوط في القراءات العشر ، ت : سبيع حمزة حاكيمي ، مجمع اللغة العربية ، دمشق ، د.ط 1981م ،ج 1 ص 287.
[41] المازوني : أبو زكريا يحيى بن موسى بن عيسى بن يحيى المغيلي ، الدرر المكنونة في نوازل مازونة ، مذكرة ماجستير في التاريخ الإسلامي الوسيط ، الطالب : بركات اسماعيل ، جامعة منتوري ، قسنطينة ، السنة الجامعية : 2009 ـ 2010 ) ، ص 242.
[42] المعيار ج 12 ص 204.
[43] المعيار ج 3 ص 31 ـ 32 .
[44] المصدر نفسه ج 3 ص 33.
[45] الطاهر بونابي : التصوف في الجزائر خلال القرنين 6 و 7 ، دار الهدى ، عين مليلة ، د.ط ، 2004م ،ص 71 ـ 72 .
[46] نفح الطيب ج 7 ص 141 ، عنوان الدراية : ص 28.
[47] بغية الرواد ج 1 ص 125.
[48] ابن عجيبة : أحمد بن محمد الحسني ، إيقاظ الهمم شرح متن الحكم ، دار المعارف ، القاهرة ، د.ط ، د.ت ، ص 579.
[49] الذهبي : أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان ، سير أعلام النبلاء ، ت : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط 3 ( 1405ه ـ 1985م ) ، ج 23 ص 316.
[50] ينظر : عنوان الدراية : ص 190 ، التصوف في الجزائر خلال القرنين 6 و 7 ص75.
[51] التصوف في الجزائر خلال القرنين 6 و 7 ، ص 76.
[52] نفح الطيب ج 2 ص 177.
[53] المقري : أبو عبد الله محمد بن محمد ، الحقائق والرقائق ، ت : عمرو سيد شوكت ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، (د.ط ) ، ( د. ت ) ، ص 151.
[54] المرجع نفسه ص 163 .
[55] ـ المقري : أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد ، القواعد ، ت : أحمد بن عبد الله بن حميد ، مركز إحياء التراث الإسلامي ، م.ع . س ، مكة المكرمة ، ج 2 ص 488.
[56] المعيار ج 12 ص 245.