جـــــهــــود الـــنُّـــقَّـــادِ فـــي الــــمـُـوازنـــــــــــةِ بــــــــيــــــنَ الـــشُّــــعــــــراءِ فـــــــــي الــــــــعــــــصـــــرِ الــــعُـــثْـمــــانـــــي
The Efforts of Critics in Balancing the Poets in the Ottoman Era
دعد يونس السَّالم- ماجستير في اللُّغة العربيَّة وآدابها – (نقد قديم)- جامعة البعث
Daad Yunis Al Salem, Al Baath University
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 66 الصفحة 47.
الملخَّص :
عُنيَ نقَّادُ هذا العصرِ، بإبرازِ جوانبِ القوَّةِ والإبداعِ في الإنتاجِ الشّعريّ ، وبالمقابلِ أشاروا إلى جوانبِ الضَّعْفِّ والرَّداءةِ فيهِ ، وكانَتْ إحدى وسائلهمْ في ذلكَ، الموازنةُ بينَ شاعرٍ وآخرَ ، وما يترتَّبُ على تلكَ الموازنةِ منْ إعلاءِ مرتبةِ الشَّاعرِ، الذي استطاعَ تحقيقَ مقاييسِ الإجادةِ ، والتَّقليلِ منْ إبداعِ الشَّاعرِ، الَّذي أخلَّ ببعضِها. لذا كانَ هدفُنا منَ البحثِ، تتبُّعَ جهودِ بعضِ نقَّادِ هذا العصرِ، في قضيةِ الموازنةِ بينَ الشُّعراءِ ، مُتلمّسينَ بعضَ المقاييسِ النَّقديَّةِ، التَّي وازنوا على أساسِها ، ومُشيرينَ إلى ارتباطهمْ بالجهودِ النَّقديَّةِ القديمةِ في هذا المجالِ.
كلمات مفتاحية: الموازنة ، الإبداع ، الإنتاج الشّعري ، الإجادة ، المقاييس النَّقديَّة.
Summary:
Critics of this Era have concerned on highlighting the strengths and creativity in the poetic production. In return, they pointed to the weaknesses and badness therein. One of their means was the balance between one poet and another, the consequence of that balance of elevating the rank of the poet who was able to achieve the standards of mastery and reduce the creativity of the poet, who violated some of the same. Therefore, our goal of research was to track the efforts of some of this Era’s critics, in the issue of the balance between poets, finding some critical measures against which they were weighed and pointing out their association with the old critical efforts in this filed.
Key words: balance, creativity, poetic production, mastery, critical measures.
تـــمــهــيــد:
وُلد النَّقدُ العربيُّ ملازماً للأدب، وكان في بدايته بسيطاً قائماً على أحكام موجزة وسريعة، تخلو في معظمها من التعليل، لكنَّه تطوَّر عبر العصور ليصبح أكثر نضجاً، وينهض على جهود نقدية يحكمها التفسير والتعليل، إلى جانب الأحكام التأثرية. وقد استمرَّ ذلك عبر العصور وصولاً إلى العصر العثماني، الذي اتصف بكثرة الإنتاج الأدبي، ومن ثم بغزارة الوقفات النقدية، التي تراوحت بين الأحكام الموجزة، والأخرى القائمة على التعليل والشرح؛ ونجد تلك الجهودَ النقديةَ متناثرةً في ثنايا مصادره المختلفة، ومنها:
- المصادر التاريخية : ويندرج تحتها كتبُ التراجم؛ مثل: (ريحانة الألبَّا وزهرة الحياة الدنيا) لشهاب الدين الخفاجي(ت1069ه)و(سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) للمرادي(ت1206ه).
- المصادر الأدبية: ويندرج تحتها شروحُ الدواوين؛ مثل: (شرح ديوان ابن الفارض) للبوريني (ت1024ه)، مضموماً إليه شرح الديوان نفسه للنابلسي (ت1143ه). وكتب الرحلات؛ مثل: (النفحة المسْكيَّة في الرحلة القدسيَّة) للسُّويدي (ت1174ه) و (سلوة الغريب وأسوة الأريب) لابن معصوم المدني(ت 1120ه) و(تحفة الأدباء وسلوة الغرباء) للخياري (ت1083ه)
- مصادر النقد والبلاغة : مثل:(الصبح المنبي عن حيثية المتنبي)،و(هبة الأيام فيما يتعلق بأبي تمام)، و(أوج التحرّي عن حيثية أبي العلاء المعري). وكلُّها للبديعي (1073ه). و(معاهد التنصيص على شواهد التلخيص)، لمؤلفه عبد الرحيم العباسي (ت963ه).
- المصادر اللغوية: وأهمها (خزانة الأدب) للبغدادي (ت1093ه)، و(شرح درَّة الغواص) للشهاب الخفاجي. إلى غير ذلك من المصادر الأخرى. وقد تضمنت تلك المصادر قضايا نقدية متنوعة، ومتصلة بما هي عليه في النقد القديم، وكان من أهمها قضية الموازنة بين الشعراء. وهي أحد مقاييس النقد الأساسية، ترمي إلى المفاضلة أو المقايسة بين شعر وآخر. وتُعَدُّ جهداً نقديّاً، يتطلَّب من صاحبه ثقافةً أدبيّةً ونقدية واسعة، قائمةً على معرفة نظريات النقد. إنَّ الجانب الأكثر أهمية في أدوات الموازنة، هو ضرورة امتلاك الناقد حسَّاً فنيّاً مثقَّفاً، وذوقاً أدبياً متمرِّساً، يُعيْنه على تمييز الجيد من الرديء ؛ إذ إنَّ هناك أحوالاً في الشعر، لا تنفع معها أحياناً أدوات عمود الشعر، وعندئذ يكون دور الحاسَّة الفنية المتمرّسة، أساسياً في تقدير الإنتاج الأدبي، وفي تفضيل شاعر على آخر ؛ ((فالنقد الذوقي، نقد مشروع وحقيقة واقعة))[1].
إن قضية الموازنة بين الشعراء قضية قديمة ، وُلدت بولادة النقد ، وتطورت معه ، إلى أن أُلِّفَتْ كتبٌ نقدية تحمل عنوان (الموازنة) ؛ ولاسيما كتاب الموازنة الشهير للآمدي (ت 370ه) . لقد احتلت الموازنة بين شاعرين أو أكثر، حيزاً واسعاً في النقد القديم، وكان أكثرها يقوم على المعاني المجتزأة من أبيات القصيدة [2]، وهي في أساسها تقوم على وجود معنى مشترك، تعددت صياغاته وقوالبه ؛ فمنه الجيد ومنه الأقل جودة ، وهنا يكمن العمل الأساسي للناقد، في تمييز مستوى الإجادة ، والمفاضلة بين الشاعر السابق والشاعر اللاحق، في إطار قضية الاتباع والاختراع.[3] ويمكن التأكيد أن الموازنات بين الشعراء في النقد القديم، نهضت على معايير ومقاييس لخصتها صحيفة بشر بن المعتمر، ووصية أبي تمام للبحتري، وعناصر عمود الشعر التي أصل لها القاضي الجرجاني.[4]
ولدى تتبع هذا الجانب في نقد العصر العثماني ، نجد أن َّكثيراً منه كان قائماً على الموازنات، التي نراها متناثرة في تعليقات الناقد على الشعر المذكور، في مصادر النقد المختلفة، والمشار إليها منذ قليل. وكان الناقد في هذا العصر ، ينطلق في موازناته من معايير ومقاييس نقدية، مرتبطة بالنقد القديم، تعينه على توضيح أحكامه وتفسيرها ، ومن تلك المقاييس: حسن الاتباع والاختراع، والمبالغة المقبولة، وجودة الألفاظ والمعاني والتراكيب، والجودة في النوع البديعي، وقضية القديم والمحدث، والدين والأخلاق .
أولاً: الموازنة وفق مقياس حسن الاتباع والاختراع
يورد البوريني (ت1024ه) بيت ابن الفارض: إبائي أبى إلَّا خلافيَ ناصحاً يحاول منّي شيمةً غيرَ شيمتي وبعد إعرابه يقول:(( واعلم أنَّ المصراع الثاني، قد ضمَّنه الشيخُ من كلام البحتري، من قصيدة مطلعها:
بنا أنتِ من مَـجْفوَّة لم تعتَبِ ومعذورةٍ في هجرهِ لم تُؤنَّب ))[5]
ثم يذكر عدداً من أبيات قصيدة البحتري، ومن ضمنها البيت المقصود وهو:
تحاولُ منّي شيمةً غيرَ شيمتي وتطلبُ منّي مذهباً غيرَ مذهبي
بعد ذلك يعلّق على هذا التضمين لمصراع بيت البحتري قائلا:((ولكن لا يخفى أنَّ وقوع المصراع في شعر الشيخ الأستاذ، أحسنُ موقعاً منه في بيت البحتري، وأجود سبكاً ، مع ما فيه من زيادة التجنيس في مصراعه الأول، وارتباطه بالأول غريب؛ فإنّه جعله صفةً لكلمةٍ فيه، فصار كأنه جزء منه في الأصل، وهذا من محاسن التضمين))[6]. لقد أقام البوريني موازنته السابقة بين البحتري وابن الفارض، على نوع من أنواع الاتباع وهو (التضمين)؛ فابن الفارض استعار مصراعاً من بين البحتري وضمَّنه في بيت له، لكنّه فاق البحتريَّ في طريقة سبْكه لهذا المصراع؛ وأسباب تفوقه هي:
1-جمال تموضع مصراع البحتري في بيت ابن الفارض.
2-جودة سبكه مع الشطر الآخر من بيت ابن الفارض.
3-زيادة التجنيس في المصراع الأصلي لبيت ابن الفارض .
4-براعة ابن الفارض في خلق المواءمة والارتباط القوي، بين مصراع بيته الأصلي والمصراع الذي استعاره من البحتري.
ويذكر صاحب (الصبح المنبي) (ت 1073ه) ، أمثلةً كثيرة على تفوق شاعر على آخر في صياغة المعنى الواحد، لحصول زيادةٍ ما، في شعر هذا الشاعر ،لم تكن في شعر الآخر، وذلك في أثناء توضيحه الضربَ الثامنَ من ضروب السرق الشعري؛وقد حكم عليه أنه لا يكون إلَّا حسناً؛ومن ذلك قول جرير:
غرائبَ ألّافاً إذا حانَ وِردُها أخذْنَ طريقاً للقصائد مَعْلَمَا
أخذه أبو تمام فقال: غرائبُ لاقَتْ في فنائكَ أنْسَها
من المجدِ فهْيَ الآنَ غيرُ غرائبِ ثم يعلق قائلاً: ((فهذا أحسن من قول جرير للزيادة التي فيه….)).[7]
وينقل صاحب (خلاصة الأثر) (ت1111ه) عن الشهاب الخفاجي صاحب (ريحانة الألبا)، أنه أنشد لأبي الطيّب الغزّي، شعراً يأخذ بمجامع القلوب وهو:
صادفْتُه والحسْنُ حِليتُه كالريـمِ لا رعـــثاً ولا قلـــبا
والــعيــدُ للألحــاظِ أبـــــرزهُ والبدرُ أيسرُ منه لي قربا
أهوى لتهنئتي ومدَّ يداً وفْقَ الهوى وتناول القلبا
ثم ينقل تعليق الشهاب الخفاجي(ت1069ه) على هذا الشعر: ((ومدُّ اليد المعتاد للمصافحة في الأعياد مسنون لإظهار القرب والاتحاد، فجعْلُها لأخذ الفؤاد معنىً بديع، ومثله ما قلته في مدّ اليد المأمور به في الدعاء، وهو مـمّا لم أُسْبق إليه؛ فإنَّ أمر السائل بمدّ اليد بمعنى:خذ ما طلبت وأزيد، وهو:
دعوناكَ من بعدِ قولِ ادعُني فكــيــف نــردُّ وكــنّا دُعِـيْـنا
ومـــَنْ ذا يــردُّ يــدَيْ ســــــــائــلٍ ليملأها أكـرمُ الأكرمينا)) .[8]
أقام الشهاب الخفاجي موازنته السابقة على نوع آخر من أنواع الاتباع وهو: (النقل من غرض لآخر) وكان الشهابُ نفسُه هو الطرف الآخر في عملية الموازنة؛ إذ أتى بشعر له في معنى شعر المترجَم (أبي الطيّب الغزّي)، بعد أن نقل معنى مدّ اليد، من المصافحة إلى أخذ النوال والعطايا من الممدوح ، وجعل الشهاب معناه مخترعاً لم يسبق إليه، ولا تخفى النزعة الذاتية والذوق الشخصي للناقد في هذه الموازنة.
ثانياً: الموازنة وفق مقياس المبالغة المقبولة
ومن ذلك ما ذكره صاحب (ريحانة الألبا)، في أثناء كلامه عن مذاهب علماء البديع في قضية الغلوّ والمبالغة؛ إذ أورد بيتَي أبي نواس المشهورين وهما:
لقد اتَّــــقيـتَ الـلَّهَ حـــــقَّ تـقاتــهِ وجهدْتَ نفسَك فوقَ جُهْد المتّقي
وأخفْتَ أهلَ الشّرْكِ حتّى إنّـه لَتــــخـافُـكَ النُّــــطَـفُ الّـتي لـم تـُـخْلــــَقِ
ثم يعلق (صاحب الريحانة)،بأنّه على فرض اعترض أحدهم قائلاً :كيف أنكروا على أبي نواس هذا، بينما استحسنوا قوله في عشق بعض أولاد الخليفة:
إنـّــيَ صَــبّ ولا أقــول بــمــَنْ أخاف مَــنْ لا يـــــــخافُ مِــنْ أحـــــدِ
إذا تــفكّــَرْتُ فــي هــوايَ لهُ أحسُّ رأسيَ هلْ طارَ عن جسدي
مع أنّه مثله في المبالغة والإغراق، فكيف يخشى ما خطر في باله، وهو ما زال في البال؟ فلا فرق بين هذا وذاك. ويجيب صاحب الريحانة على هذا السؤال المفترض قائلاً:((قلت: الفرق مثل الصبح ظاهر، لمن نوّر الله منه البصر والبصائر ؛ فإن النطفة لا إدراك لها أصلاً ، وهي قبل خلقها أبْعدُ عقلاً، فركاكته أظْهرُ من الشمس وأبعد من أمس ؛ أمَّا ما في فكره من الأمر المهول، فقد تهتدي إليه العقول لشدَّة اضطرابه، وقد يظهر على سحنته آثار أوْصَابِهِ، وقد تدرك الفراسة ما ينطق به لسان الحال، و ربما نـمَّ عليه [9] لسان المقال ))[10]. لقد أقام صاحب الريحانة موازنة، بين شعرين مختلفين في المعنى للشاعر نفسه، لكنْ كلاهما قائم على المبالغة والإغراق؛ فكان هذا الجانب هو المقياس الذي اعتمده الناقد، لتفضيل أحد الشعرين على الآخر، مقيماً كلامَه على حجج عقلية؛ فالشعر الأول: (وأخفت أهل الشرك…البيت…) ركيك لعدم إدراك النطفة أصلاً ، وهي قبل خلقها أبعد عقلاً، بينما الشعر الثاني: (إذا تفكرت في هواي له…البيت…) أقرب للقبول وممكن الحصول، ويمكن رؤية مظاهره على الإنسان واضحةً. ولم يكتف صاحب الريحانة بهذه المفاضلة بين الشعرين، حتى أتى بشعر له نفسه في معنى الشعر الأول لأبي نواس ، وحكم عليه بأنه أحسن منه وهو قوله:
صارَ الأعادي من مهابةِ بطْشِهِ عَـقْمَى بلا نـسْلٍ ولا أعقابِ
فكأنّـَما النُّطَفُ الَّتي مرَّتْ ثوَتْ من خوفِها بـمَفازةِ الأصْلابِ
ثم يعقب بالقول معلقاً على الشعر الثاني لأبي نواس، الذي كان قد استحسنه سابقاً :((وقد تلطَّف وأغرب في قوله : أحسُّ رأسي هل طار عن جسدي، لجعله ما يترقبه واقعاً به، حتى فتَّش عن رأسه وجسّها بيده ليعلم هل قُطِعت أو لا، وهذا نوع من البديع بديع ،كقول المنازي في وصف نهر:
يروعُ حصاه حاليةَ العَذارى فتلمسُ جانبَ العقدِ النّظيمِ)).[11]
نلمس في الموازنة السابقة التي أنجزها صاحب الريحانة نقداً ناضجاً قائماً على أساس موضوعي، برز ذلك من خلال تعليل أحكامه وتفسيرها ،ودعمها بأمثلة شعرية من الموروث، مستخدماً أسلوب المقايسة على ما قاله المنازي في بيته السابق. ومن أمثلة الموازنة وفق مقياس المبالغة المقبولة ما أورده صاحب (نفحة الريحانة)(ت1111ه)؛ إذ ذكر لصاحب الترجمة محمد بن محمد البخشي قصيدة في مدح الشريف أحمد وأخيه سعد ابني زيد، وهما بدار الخلافة، ومنها:
خَليليَّ إيهٍ عن حديثِ صبا نجْدِ وإنْ حـرَّكَتْ داءً قديماً من الوجْدِ
فآهاً على ذاك الــنَّســيــمِ تأسُّــــفاً وآهٌ عــلى آهٍ تــــــــــروّحُ أو تُــجـْــــدي
إلى أن يقول في أحد أبياتها: وتَسْري الصَّبَا منهُ فتُمْسي وبينَنا
من البَوْنِ ما بينَ السَّماوةِ والسِّندِ
ثم يشير صاحبُ النفحة إلى أن ما ورد في البيت الأخير هنا هو من المبالغة، معقباً بذكر قول ابن عنين:
سامـحْتُ كتْبَكَ في القطيعةِ عالماً أنَّ الصَّحيفةَ لم تجدْ مِنْ حاملِ
وعذرْتُ طـيفَكَ في الوصولِ لأنَّه يـغـدو فـيـصــبـحُ دونَـــنا بـمـراحــــلِ
ويعلق قائلاً : ((ولا أقول ما قال ابنُ بسّام : لقد شنَّع وبشَّع أبو زيد في الكذب حيث قال:
وشِـمـْـتَ سيوفَكَ في جِـلّـقٍ فــشـامَـتْ خـراسانُ مـنها الحـيـا
وبعَّد وبدّع مهلهلُ حيث قال:
ولولا الـرّيـحُ أُسْـمِعَ مَنْ بـِـحجْرٍ صلـيـلُ الـبِــيْضِ تُــقْـرَع ُبالـذّكورِ
لأنَّ الصَّبا قد تتخلّف لهبوب غيرها أياماً، فبيتُ ابنِ عُنين كذِبُه واضحٌ، وللعذر فاضح، والبيت الذي نحن فيه، مُنْشيه موصوف بصدق المقال، ومنشده مستريحٌ من حمْل الأثقال)).[12]
لقد فاضل صاحب النفحة بين قول ابن عنين (سامحت كتبك…البيتان…)، وقول صاحب الترجمة (وتسري الصَّبا منه فتمسي…البيت…) ؛ فكلاهما قائمٌ على المبالغة، لكنَّ قولَ صاحبِ الترجمةِ قائم ٌعلى مبالغةٍ تقبلُها النّفسُ ، ولا يستهجنُها العقلُ؛ فهي مبنيةٌ على الصّدق ، بينما بيتُ ابنِ عُنَين مبنيٌّ على الكذب الذي لا مبرّر له، والمبالغة التي لا يستحسنُها المتلقّي.
ثالثاً: الموازنة وفق مقياس جودة الألفاظ والمعاني والتراكيب
إنَّ جودة الإنتاج الأدبي وقبول النفس له، يصدران من طبيعة اللفظ والمعنى اللَّذين هما ركنا العمل الأدبي، فتلك الجودةُ مرتبطةٌ بتحقيق التناسب بينهما، والبعد بهما عن كلّ ما يشين ويضعف بناءهما، ولذا كان الأديب مطالباً بالتأني في إبداعه، والتنقيح والتهذيب لإنتاجه الفتي قبل ذيوعه؛ فتكون الألفاظ لطيفةً سهلةً وفيها جزالة ورقّة وسلاسة، وتكون المعاني واضحة قائمة على عُرف الشعراء وعادتهم في الاستعمال، بعيدة عن التكلّف والتعقيد، موصوفة بالانسجام وجودة السّبك. وقد كان ناقد هذا العصر مدركاً أهميةَ تلك السمات في الألفاظ والمعاني، ومن هنا سعى لإبرازها في الشعر الذي يتناوله ، وبالمقابل إبراز ما يناقضها، وكانت إحدى وسائله في ذلك الموازنة بين شاعر وآخر .
يورد صاحب (ذيل النفحة)(ت1111ه) مقطعاتٍ شعريةً لصاحب الترجمة أحمد بن محمد الكواكبي، ومن ذلك قوله في إحدى قصائده:
يا رَشــادي وأيــنَ منّـي رَشــادي غابَ عنّــي مُــذْ غابَ عنّــي فــــؤادي 1- إلى أن يقول:
وابكيا لي بيْنَ الطّـلول بدمعٍ فـدموعي قـدْ آذنَـتْ بنـفَـادِ
علّ ذاتَ الحِمى ترقّ لصبٍّ قـدْ خـــفِـيْ رقّــــةً عـن العُــوَّادِ
ثم يعلق على معنى البيت الأخير:((أبلغ ما قيل في معناه قول أبي بكر الخالدي :
مُـهَدَّدٌ خانَه التــفريــقُ فــي أملِهْ أضناهُ سيّدُهُ ظلماً بمرتَحَلِهْ
فرقَّ حتّى لوَ انَّ الدّهرَ قادَ لهُ حيْناً لما أبْصَرَتْه مُقلتا أجَلِهْ
وأغربُ منه قول أبي الطيب المتنبي:
ولو قلمٌ أُلْقِيْتُ في شقِّ رأسِه مِنَ السّقْمِ ما غيَّرْتُ مِن خطِّ كاتبِ
وقوله:
روحٌ تَــردَّدُ في مـثلِ الخــيالِ إذا أطارتِ الريحُ عنهُ الثَّوبَ لم يبنِ
كفى بجسمي نحولاً أنني رجل لولا مــخاطــبـتــي إيــاك لم تــــرنــــي
وألطف منه قول التمَّار الواسطي:
قدْ كانَ لي فيما مـضى خاتمٌ والآنَ لو شئْتُ تـمَنْطَقْتُ بهْ
وذُبْتُ حتّى صرْتُ لو زُجَّ بي في مُــــقــْلــةِ الــــنــَّائِــمِ لمْ يــنـْـتـَـبـــِهْ))[13]
إنَّ المعنى المشترك بين شعر صاحب الترجمة وبين أشعار الشعراء الثلاثة السابقين، هو شدة النحول وضعف الجسد ؛ حتى إنَّ الشاعر لا يكاد يُرى، وقد أطلق الناقدُ ثلاثة أحكام نقدية مختلفة، وازن وفاضل على أساسها بين الأشعار الأربعة، وهي: البلاغة واللطافة والغرابة ؛ فأبلغ الأقوال في هذا المعنى هو قول الخالدي، وأغرب من قول صاحب الترجمة هما قولا المتنبي، وألطف من قول صاحب الترجمة هو قول التمّار الواسطي، دون أن يفصل الناقد القول في هذه الأحكام التي أطلقها، فكانت أحكاماً موجزة ألصق ما تكون بالذوق الفني للناقد. وقد تكون الموازنة قائمة على أساس جودة التركيب وصحة المعنى والبعد عن التكلف؛ فصاحب(خلاصة الأثر) يورد قول الصلاح الصفدي في تشبيه الأغصان ببنت مليك خلف شباكها ناظرة:
كأنـَّما الأغصانُ لـمَّا انـثـنَتْ أمامَ بدرِ التـَّمِّ في غيْهَبِهْ
بـنْتُ مَــليْكٍ خـلْفَ شبَّاكِها تـفرَّجَتْ منْهُ على موكبِهْ
وقوله أيضاً في التَّشبيه نفسِه:
كأنـَّما الأغصانُ في روضِها والبدرُ في أثـنــائـِها مُــسْــفِـرُ
بنت مليك سار في موكب قـامـت إلى شباكها تـنـظر
ثم يذكر قول النواجي في هذين المقطوعين: ((قال النواجي: لا يخفى ما في هذين المقطوعين من ضعف التركيب وكثرة الحشو وقلب المعنى ؛ وذلك أنه جعل الأغصان مبتدأ، وأخبر عنه ببنت المليك ، وهو فاسد ، وإن كان قصده تشبيه المجموع بالمجموع إلا أن الإعراب لم يساعده)).[14] ثم يورد قول النواجي أيضاً بأن الصلاح الصفدي لم يخترع المعنى السابق،بل سبقه إليه القاضي محيي الدين بن قرناص إذ قال:
وحـديــقةٍ غــنَّاءَ يـــنـتــظمُ النَّـدى بـفروعِـها كالــــدّرِّ في الأسلاكِ
والبدرُ من خلَلِ الغصون كأنَّه وجْــهُ الـمليحـةِ طلَّ منْ شـبَّاكِ
وينقل نقدَ النواجي للبيتين السابقين ، بطريقة الموازنة بينهما وبين مقطوعي الصفدي المذكورين سابقاً، إذ يقول:((فانظر إلى حشْمة هذا التركيب وانسجامه ، وعدم التكلف والحشو ، واستيفاء المعنى في البيت الثاني فَحَسْب، والصفدي لم يستوفِ إلّا في بيتين ، على مافيهما)).[15]
إنَّ المعنى المشترك بين الشاعرين هو تشبيه الأغصان وضياء البدر يتخلَّلها، ببنت مليك تطلُّ من شباكها، لكنَّ صاحبَ الخلاصة من خلال نقله لنقد النواجي وموازنته بين الشعرين ، يفضّل الشعرَ الثانيَ على الأوَّل ؛ لقيامه على صفات الجودة والحسن في المعنى والتراكيب، ولأنه أكثر اختصاراً من الأول؛ إذ حصر المعنى في بيت واحد، بينما في الشعر الأول احتاج إلى بيتين، وبناءً على ذلك كان الشعر الثاني قائماً على:
- حشمة التركيب وانسجامه
- البعد عن التكلف والحشو 3- استيفاء المعنى في بيت واحد.
بينما كان الشعر الأول قائماً على
- ضعف التركيب
- كثرة الحشو، ما أدّى لاحتياج الشاعر إلى بيتين معاً لاستيفاء المعنى نفسه
- فساد المعنى . وقد تكون الموازنة على أساس رقة اللفظ وكمال المعنى ودقته ،ومن ذلك أن صاحب(نفحة الريحانة) يورد قصائدَ ومقطَّعاتٍ شعريةً لصاحب الترجمة: (الحسين بن عبد القادر بن الناصر) ومن ذلك قوله من قصيدة:
ظالـمٌ مَأواهُ في قَـلـبـي ومَا لذَوي الظّـلمِ منَ النّــيـران بَرْحُ
ثم يعلق صاحبُ النفحة قائلاً: ((وقوله: “ظالم مأواه في قلبي”…البيت. هو كقول ابن نباتة:
شــديدُ الظّــلمِ مسْــكنــُه بـقـلبـي كذاكَ الظــلمُ يـُـوقــِعُ في السَّــعيــرِ
إلا أن بيت صاحب الترجمة أكمل معنىً وأرقُّ لفظاً وأصحُّ مبنىً)).[16]
كلا الشاعرين أقام معناه على أن حبيبه ظالم، ويسكن في قلبه، ولا بدَّ أن تناله نيرانُ القلب الذي يسكن فيه، ولكن الناقد رأى أن بيت صاحب الترجمة(الحسين بن الناصر) ،كان موفقاً أكثر من بيت ابن نباتة من حيث: 1-كمال المعنى – 2- رقة اللفظ -3- صحة المبنى.
ويوازن البوريني(ت1024ه) بين بيت لابن الفارض وبيت في معناه للمتنبي، مفضلاً بيتَ ابن الفارض. وبيت ابن الفارض هو:
وأبـيـْتُ ســهراناً أُمــَثّــلُ طـيـْفَهُ للــطَّرفِ كـي ألـقى خـَـيالَ خــيالِه
يقول البوريني: ((وللمتنبي في هذا المعنى قوله:
إنَّ الـمعيدَ لـنا الــمنامَ خــياله كانــتْ إعـادتُـه خــيالَ خــيالِـه
ولكنَّ بيت الشيخ رضي الله عنه أبلغ، لأنه لم ينظر في منام، فكان تمثيله في حالة السهر، وأما المتنبي فإنه نام فشبه في منامه ما كان قد رآه في المنام أيضاً ،وفي بيت المتنبي تعقيد في التركيب ،بخلاف بيت الشيخ؛ فإنَّ ألفاظه الدرُّ المنظوم ،كما يظهر لأرباب الفهوم)).[17]
لقد رأى البوريني أن بيت ابن الفارض أبلغ من بيت المتنبي، وكلاهما في معنى واحد، من حيث سلامة المعنى، ومن حيث وضوح الألفاظ والتراكيب؛ فالتركيب في بيت المتنبي قائم على التعقيد، بينما اعتنى ابن الفارض بانتقاء ألفاظه.
رابعاً: الموازنة وفْقَ الجودة والحسن في النَّوع البديعي
من ذلك الموازنة في التورية. يذكر صاحب(تحفة الأدباء)(ت1083ه) أشعاراً مختلفة في معنى واحد هو التغنّي بمصر وجمال طبيعتها وبنهر النيل، ومن ذلك قول ابن جابر:
مازلْتُ أسْندُ من محاسنِ أرضِها خبراً صحيحاً ليس بالمقطوعِ
كم مرسَـلٍ من نيلِها ومُسلسَلٍ ومدبَّجٍ من هضــبِها الـمرفوعِ
ثم يعلق صاحب التحفة قائلاً: ((قلتُ: وعلى ذكر المرفوع فلم أسمع من مستعمل الألقاب النحوية مورياً بها، مستعملاً كل لفظ ورّى به، متصفاً بذلك الموري به، أحسن من قول العلامة التلعفري، قوله من قصيدة:
وإذا الثــــنــيــَّـــةُ أشــــرقَــتْ وشــمـــمْتُ مـــن أرجـــائِــــها أرَجـــاً كـــــــــنَـــــشْــــر عــبــيــرِ
سـلْ هضْــبَهَا المنْصوبَ أينَ حديـثُـه الــ ـــمرفوعُ مِنْ ذيـلِ الصّـبا الـمجـرورِ)).[18]
كلا الشاعرين أقام المعنى على التورية بمصطلحات نحوية: (المرفوع المجرور المنصوب) لكن الناقد رأى أن التورية بهذه المصطلحات في شعر التّلعفري، هي أحسن مما هي عليه في شعر ابن جابر.
ومنه الموازنة في براعة المطلع. يورد النابلسي(ت1143ه) في أثناء شرحه هذا الفنَّ البديعيَّ، الكثيرَ من شواهده ؛ ومن ذلك قوله: ((وللشيخ جمال الدين بن نباتة وهو من أحلى ما سمعته في هذا الباب:
في الـرّيــْـقِ سُكْرٌ وفي الأصْداغِ تجــْعيـدُ هــذي الــمُدامُ وهــاتــيــكَ الــعــنــاقــــيــدُ ودونَه قولُ القاضي كمال الدين بن النبيه:
بــينَ الــبَــــنَانِ وصَدْغِــهِ الــمَعْــقـودِ خــمـرانِ مِنْ كأسٍ ومنْ عــنــقـــودِ
هذي تــُدارُ لـنا بأبـــــيـضَ ناعمٍ تــَــرِفٍ وتــلكَ تُــــدارُ فــي تـــــــوريــد)).[19]
إنَّ المعنى المشترك بين الشاعرين هو وصف محاسن الغلام ساقي الخمرة، الذي حمل خمرَين معاً؛ أحدهما صدغه المجعد الذي كأنه العنقود، لكنْ كلُّ شاعرٍ سكب معناه في قالب مختلف عن الآخر؛ فرأى النابلسيُّ أن مطلع ابن نباتة هو الأحلى بين جميع ما سمعه من مطالع، مستدعياً مطلعاً للشاعر ابن النبيه وقد حكم عليه بأنه أقل مرتبةً من مطلع الأول. ومن ذلك الموازنة في (التشبيه).يترجم صاحب (نفحة الريحانة) عليَّاً بنَ خلف بن عبد المطلب الموسوي الحويزي، ويورد له مقطعاتٍ شعريةً، منها قوله في صفة جواد أغرّ:
ومــطَـــــــــهَّــمٍ كالــلَّـــيــــلِ حـــــيـنَ ركــبْــــتـُـــه فكـأنَّ بــدراً فــوقَ لــيــلٍ أسْــفــعِ
جاءَ الــصَّــبــاحُ يــريــدُ مــسْــحَ جَــبــيــنِـه فــي كــفِّه فـهفَا ومسَّ بـإصْـــــبَـعِ
ثم يعلق قائلاً: ((هذا عند التأمل أوضحُ في التشبيه من قول ابن نباتة: وكأنما لطمَ الصباحُ
جبينه)).[20]
لقد حكم الناقد بأفضلية التشبيه في بيت صاحب الترجمة والواقع في قوله:
جاء الصباح يريد مسح جبينه…البيت..، على التشبيه في قول ابن نباتة ،وهما تشبيهان مشتركان في معنى صفة البياض في مقدمة الفرس، وكأن الصباح أشرق عليها ،فكان صاحب الترجمة هو الأكثر توضيحاً لهذا التشبيه كما رأى صاحب النفحة. ومن أمثلة الموازنة القائمة على التشبيه ما ذكره صاحب (ريحانة الألبا) حول ما قيل في المفاضلة بين شعرين قائمين على معنى واحد هو(وصف الفتك بالأعداء والافتخار بالشجاعة والإقدام)؛ الشعر الأول لابن نباتة إذ يقول:
رَضِــيْــنا ولـمْ ترضَ السّــيــوفُ الــقَــواضــبُ نــــجــاذبـُـها عــن هــامِــهــم وتــُجــاذبُ
والشعر الثاني لأبي إسحاق إبراهيم الغزّي إذ يقول:
خَـــلقْــنَا لهمْ في كــلِّ عــيْــنٍ وحــاجــبٍ بِســُمْــر الــقـَـنا والــبِــيــْضِ عَــــيـْــناً وحـَـاجِــــبَا
فهناك من فضّل بيت الغزي وقال إنه الأبدع ؛ لاحتوائه على أنواع بديعية، لكن صاحب الريحانة فضّل شعر النّباتيّ، إذ يقول: ((..فإن الفضل للمتقدم، وبيت النباتي أحلى لما فيه من التشبيه البديع بجعل أثر الطعنة المستديرة من الرمح عيناً، وشطبة السيف فوقها حاجباً ،والإغراب بجعل الظّهر محل العين والحاجب)).[21]
نرى في موقف صاحب الريحانة حكماً نقدياً متأثراً بفكرة السبق الزمني؛ فشعر النباتي كان هو الأحلى لقيامه على تشبيه بديع فيه إغراب، ويعلل ذلك كما رأينا، وهو لا يكتفي بذلك حتى يأتي بشعر لنفسه، نحا فيه نَحـْـوَ ابن نباتة بعينه وحاجبه وهو:
وتـَنــْظــرُهُ فــي قلبــيَ الصَّــبِّ أعــيــُنٌ عــلـيْــهَا لــِمــَحــْنـِـيّ الضّــلوعِ حَــواجــبُ [22]
خامساً: الموازنة وفق قضيّة القديم والمحدث:
لقد شغلت هذه القضية النقاد منذ القديم؛ فاختلفوا ما بين متعصب للقديم ومنصف للشعر المحدث ومعترف له ببعض الفضل، واستمرت هذه القضية في نقد العصر العثماني، وإن كانت أقلَّ حِدَّةٍ مما كانت عليه في النقد القديم، وغدت مُتْكأً يعتمده الناقد للموازنة بين شعرين قائمين على معنى واحد . فمن ذلك ما قاله صاحب(ريحانة الألبا) مؤكداً فضلَ الشاعر المتأخر: ((واعلم أن المتأخرين وإن تأخر زمانهم عن المتقدمين، فقد زاحموهم بالركب، وكادوا أن يرقَوا إلى أعلى الرتب ،لاسيما شعراء المغرب،
فقد أتوا بمعان بديعة، وارتقوا إلى مرتبة رفيعة…)).[23] وهو يدعم كلامه السابق بما قاله الشاعر يزيد ابن خالد الإشبيلي في وصف السفن، فأتى بمعان لم يُسبق إليها ،كما يرى صاحب الريحانة، إذ يقول:
إذا نُــشِـــــــرَتْ فـي الجــــــــــوّ أجــنــحــةٌ لـها رأيْــتَ بــها روضَــاً ونَــــــــــوْراً مُــكـــمـَّــما
وإنْ لـم تــهـجْــهُ الــريــْحُ جـاءَ مُـصافـحاً فــمــدّ لــهُ كــفَّــاً خَــضـــــــيْـــــباً ومِــــعْــــصَــمَا
مــــجاديـــفُ كالحــيَّاتِ مَـــدَّتْ رؤوسَها على وَجَلٍ في الماءِ كي تَرْوي الظـَّـــمَا
كمَا أسْــرَعَـــتْ عَــــــــــدَّاً أنــاملُ حاسبٍ بِقبْضٍ وبَسْطٍ يـــقبِضُ العـــــــيــنَ والفمَا هيَ الهُدْبُ في أجفانِ أكْحَلَ أوطَفٍ فهلْ صُبِغَتْ مِنْ عَنْدمٍ أو بَكَتْ دمَا [24]
ويترجم صاحب(خلاصة الأثر)الشاعرَ أحمدَ بن شاهين المعروف بالشاهيني، ويستحضر له مختارات من إبداعاته الشعرية قائلاً عنه: ((وإذا قرنْتَ بدائعَ نظمه ونثره بكلام كل متقدم من شعراء الشام إلى عصره، كانوا المذانب وهو البحر، والكواكب وهو البدر…))[25]
لقد رأى الناقدُ في المترجَم مبدعاً لا يجارى في الشعر والنثر؛ فقد فاق الشعراءَ المتقدمين من أبناء الشام، ويذكر له الناقدُ شعراً يدل على تميزه، ومن ذلك قوله في أبيه:
أقولُ لرَكْبٍ منْ مَعيْنَ وهُمْ على جَـناحِ رَحــيْـــلٍ دائمِ الخـــفَــقَانِ
أمَــا أنَّــــــــــه لـــــــولا فـــــراقُ بـــكــــــــورِنا يَـثِـبـْنَ إلى ردّي بـجذْبِ عِنَاني
ولولا أبي شاهين قصَّ قوادمي لكانَ جَـناحِي وافــرَ الــطَّيـــــرانِ
وقوله:
لـمَّا رأيْتُ العيشَ مِنْ ثمَرِ الصِّبَا وعلمْتُ أنَّ العفْوَ حظُّ الـجـَاني
أدركْتُ مَا لا سَــــوَّلَــتْــهُ شَـبـيــــــبتي وفعــلْتُ مَا لا ظــنَّـــهُ شيْــــطـانـــي [26]
ولا يخفى أن الحكم الذي أطلقه صاحبُ الخلاصة على شعر المترجَم ونثره ،كان قائماً على الإيجاز والانطباعية، بعيداً عن الموضوعية، فقد جعل المترجَمَ يفوقُ كلَّ شاعرٍ متقدّم من شعراء الشام دون استثناء، ولم يذكر أيَّ شعرٍ لشاعر متقدم، مقابل شعر المترجَم، لتكون الموازنة بينهما واضحةً.
ويتّصل بذلك ، الموقفُ الذي اتخذه صاحبُ(سلافة العصر) من الشاعر المتأخر، فلا دور لتأخُّر زمنه في تقييم شعره. ويقول صاحب السلافة إنه كان مولعاً بجمع المنظوم والمنثور، لاسيّما ما للمعاصرين ومَنْ تقدم عصرَهم قليلاً، من أزاهير النظم والنثر التي هبَّ عليها نسيم القبول؛ ((وإذا كان لكلّ زمان رجالٌ ولكلّ حلبةٍ مضمارٌ ومجال، فغير بدع أنْ برزتْ الأواخرُ بالبديع الفاخر، وأزجَتْ فلكها المفاخر في بحر الفضل الزاخر:
إنَّ ذاكَ القَديمَ كانَ حَديثاً وسَيبْقى هذا الحديثُ قَديما
على أنّ تأخُّرَ الزمان لا ينافي التقدمَ في الإحسان، فقد يتأخَّر الهاطلُ عن الرعد، والنائلُ عن الوعد، ومراتبُ الأعداد تترقّى بتأخير رقمتِها وتزدادُ :
تأخَّر عَصْراً فاسْتزادَ مِنَ العُلا كمَا زادَ بالتّأخيرِ مَا يرقمُ الهندُ
وهذا أمر مفرغ من بيان حجّته وتمهيد محجّته )).[27]
ويخبر صاحب السلافة في موضع آخر أنه ترجم في كتابه للمغاربة، وأفرد لهم باباً جعله في آخر قسم من الكتاب:((القسم الخامس في محاسن أهل المغرب، وإثبات شيء من بديع نظمهم المطرب، والعذرُ في تأخير قِسْمِهِمْ عن سائر الأقسام، رعايةُ النّكتةِ في المغرب للختام، وإلا فلهُمْ السّبْقُ والبدايةُ، ولا غرو إنْ انتهتْ إليهم الغايةُ))[28] .
سادساً: الموازنة وفق مقياس الدين والأخلاق:
وأوضح مثال على ذلك ما أورده صاحب (ريحانة الألبا)عندما ذكر أبياتاً للثعالبي منها:
إنْـــــســَـانــــةٌ فَــــــتــَّــــــانــــــــــةٌ بدرُ الدُّجَى منْها خَجِلْ
إذا زنَتْ عـيْـنـِي بـها فـبــالــــــــدّمــــــوعِ تَــغْــــــــتَسِــــــلْ
ثم يستحضر في المعنى ذاته بيتين لابن هندو:
يقولُون لي مَابالُ عيْنِكَ مذْ رأتْ مَـحَاسِنَ هذا الظَّبـْي أدْمُعُهَا هُطْلُ
فـقلْتُ زنَتْ عَــيْنـِي بطــَلعةِ وجْهِه فكَانَ لها مِنْ صَوْبِ أدْمُعِهَا غَسْلُ
ثمَّ ينقل عن أبي علي الفارسي أنه ذكر بيتاً للمتنبي في المعنى نفسه، واصفاً الحمَّى:
إذا مـا فارقـــتْـنـِي غَـسَّـلَتْــنــِي كأنــَّا عَــاكِـــفَـــانِ عَـــلـى حَـــرَامِ
ويعلق على هذا البيت، موازناً بينه وبين شعرَيْ الثعالبي وابن هندو: ((وقد سلم من شناعة ذكر الزنا وما في قبح لفظه من الخنا؛ فمعناه أصحُّ لأنه ذكر في هذا الشعر من نفسه وزائرته ذكراً وأنثى، جرى بينهما ما يقتضي الغسل. وإن قيل: إن قوله “عاكفان على حرام” من لغو الكلام، وهما ذكرا زنى بين اثنين، ولو قال:
زنى ناظري أو لحظي كان أحسن، قلْتُ: هذا كله كلام ناءٍ عن حسْن الأدب، وهو سخفٌ، ولكنْ أيُّ الرجال المهذَّب؟ ومع ذلك فقد وقع هذا في كلام مَنْ تقدَّمهم، ومعناه أصحُّ، وديباجته ألطف وأوضح)).[29]
لقد فاضل الناقدُ بين الأشعار الثلاثة السابقة: بين شعر المتنبي من جهة، وشعرَي الثعالبي وابن هندو من جهة ثانية، وحكم بشرف المعنى وصحته في بيت المتنبي، الذي سلم من ذكر الزنى وكل ما هو قبيح، وإن كان نظر إلى الثلاثة، على أنهم استخدموا كلاماً بعيداً عن حسن الأدب، لكنه برَّر لهم جميعاً بقوله: (أيّ الرجال المهذب)، ومع ذلك فبيت المتنبي هو الأفضل .
ومن ذلك ما علَّق به صاحب(الحقيقة والمجاز) على أبيات للشاب الظريف منها:
وأزورُ حاناتِ الـمُـدامِ ولا أرى غــــيـْـرَ الّذي قــضَــتِ الـخلاعــةُ مذْهــبَا
لـم يـخلقِ الرَّحـمنُ شيئاً عابـثاً فالـخــمْـــرُ ما خُــلِــقَــتْ بأنْ تــُــــتــَجـــنَّــبــا
إذ يقول، مُقَايساً هذين البيتين على معاني كلام أبيه (التلمساني): (( وينبغي أن يحمل كلامه في الخمرة هنا، عند كلّ كاملٍ نبيلٍ نبيهٍ ، على الكناية عن الخمرة الإلهية، موافقةً لمعاني كلام أبيه ؛ فإنّ أباه عفيف الدين التلمساني ، صاحب الديوان المشهور في حقائق المعاني، كان فارس ميدان المعارف الإلهية، وترجمان حضرات الحقائق الربانية))[30] .
ينطلق الناقد في تعليقه السابق ، من مبدأ راسخ لديه، في أخذ تلك المعاني على مرامٍ صوفية ؛ ولاسيما أنها صادرة عن شاعر معروف ، بسيرته الأخلاقية القويمة.
ولا يكتفي الناقد بذلك ، حتى يقيس معاني الشاب الظريف، على معاني والده التلمساني، الذي عُرف بهذا المذهب في شعره ، قبل ولده، فيؤكد بذلك مذهب الابن في المعنى السابق .
أهـــمُّ الــنَّــتــائــــج:
مما سبق نخلص إلى القول: لقد كان الناقد في العصر العثماني مدركاً أهميةَ قيام الشعر على سمات الحسن، والجودة والانسجام في عناصره الفنية جميعها، انطلاقاً مما أصَّل له النقد القديم، ولاسيما في عمود الشعر وصحيفة بشر بن المعتمر، ومن هنا سعى لإبراز هذه السمات في نقده التطبيقي على الشعر الذي كان يستحضره لشاعر ما، في معرض التراجم وشروح الدواوين والرحلات، وقد كان أسلوب الموازنة بين شاعرين أو أكثر في المعنى الواحد، أهم وسيلة من وسائل تمييز جيد الشعر من رديئه، وهي وسيلة ينفذ الناقد من خلالها إلى إبراز مرتبة الشاعر، وقيمة إنتاجه الفني بين شعراء آخرين.
إن اعتماد أسلوب الموازنة والأساس الذي تقوم عليه، وهو وجود معنى مشترك بين شاعرين أو أكثر، يؤدي بالناقد إلى تتبع طرق صياغة المعنى الواحد من قبل عدة شعراء، ثم الإشارة إلى الصياغة الأجود في ألفاظها ومعانيها وصورها الفنية، وفي الوقت نفسه فإن أسلوب الموازنة، يرينا تعلق الشعراء بالموروث الشعري، من خلال تكرارهم المعاني القديمة ذاتها بقوالب جديدة، وهذا ما كان يتتبّعه النقاد في القديم وفي هذا العصر، لتمييز القوالب الجيدة المستحسنة من القوالب الضعيفة. وما يجب تأكيده هنا، هو أن نقاد هذا العصر ،كما رأينا، لم يقيموا موازناتهم بين الشعراء على الارتجال والعشوائية في الحكم النقدي؛ بل كانوا ينطلقون من معايير وأسس نقدية مرتبطة بقواعد النقد القديم، وكانت أحكامهم النقدية تتراوح بين الحكم النقدي المعلل القائم على التوضيح والتفسير، والحكم النقدي التأثري القائم على الإيجاز، والنوع الثاني هو الغالب كما الأمر في النقد القديم، وهو نقد لا يدل على ضعف، بل إنه نقد أساسي لا بدَّ من وجوده في كل عصر أدبي، وإن كان لا ينهض على منهج ولا يخضع لقاعدة فهو نقد تأثري يمدُّ المتلقي، ويروي إحساسه بروعة العمل الفني وجماله.
قائمة المصادر والمراجع:
أولاً: الدواوين الشعرية
– البحتري، أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي- ديوانه- ط3- تح: حسن كامل الصيرفي- دار المعارف- مصر- د.ت
– أبو تمام، حبيب بن أوس الطائي- ديوانه بشرح الخطيب التبريزي- ط5- تح: محمد عبده عزام- دار المعارف- القاهرة- 1951م.
– جرير بن عطية الخطفي- ديوانه- الناشر: دار بيروت للطباعة والنشر- 1986م.
– ابن عنين الأنصاري الدمشقي- ديوانه- ط2- تح: خليل مردم بك- دار صادر بيروت- 1959م.
المتنبي، أحمد بن الحسين- ديوانه بشرح عبد الرحمن البرقوقي- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- 1986م .
– ابن نباتة المصري- ديوانه- الناشر: دار إحياء التراث العربي- د.ت.
– أبو نواس، الحسن بن هانئ- ديوانه- دار صادر- بيروت- د.ت.
ثانياً: كــتــب الــتــراث
– الآمدي- الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري-ط2-تح:السيدأحمدصقر-دار المعارف بمصر- 1972م .
– البديعي، يوسف-الصبح المنبي عن حيثية المتنبي مطبعة الاعتدال-الناشر: مكتبة عرفة، بدمشق 1350ه.
– البغدادي ، عبد القادر- خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب- ط1- تح: عبد السلام محمد هارون- الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة- 1986م.
– البوريني- شرح ديوان ابن الفارض- ط1-جمعه: رُشَيْد بن غالب اللبناني- ضبطه وصححه محمد عبد الكريم النمري- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- 2003م.
– تراجم الأعيان من أبناء الزمان-تح: د.صلاح الدين المنجد- المجمع العلمي العربي دمشق- 1963م.
– الخياري، إبراهيم بن عبد الرحمن- تحفة الأدباء وسلوة الغرباء- تح: د. رجاء محمود السامرائي- د. ت.
-ابن رشيق القيرواني- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده- ط1- تح: محمد محيي الدين عبد الحميد- دار الطلائع للنشر والتوزيع- القاهرة- 2006م.
– الشهاب الخفاجي- ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا- ط1- تح: عبد الفتاح محمد الحلو- مطبعة عيسى البابي الحلبي- 1967م .
– الطالوي ، درويش محمد بن أحمد- سانحات دمى القصر في مطارحات بني العصر- ط1- تح: د. محمد مرسي الخولي- عالم الكتب- بيروت- 1983م .
– القاضي الجرجاني- الوساطة بين المتنبي وخصومه- تح: محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي- دار القلم- بيروت- لبنان- 1966م.
– المحبي ، محمد أمين- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر- دار صادر- بيروت- د.ت
– نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة- تح: عبد الفتاح الحلو- دار إحياء الكتب العربية- عيسى الحلبي.
-ذيل نفحة الريحانة- ط1- تح: عبد الفتاح الحلو- 1971م
– المرزباني- الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء- ط1- تح: محمد حسين شمس الدين- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- 1995م
– ابن معصوم- سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر- د.ت
– سلوة الغريب وأسوة الأريب- ط1- تح: شاكر هادي شكر- عالم الكتب- مكتبة النهضة العربية- بيروت- 1988م.
– المقري- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب- تح: د. إحسان عباس- دار صادر- بيروت- 1968م.
النابلسي، عبد الغني- الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز- ط1- تح: رياض مراد- دار المعرفة- دمشق- 1989م.
-كشف السر الغامض في شرح ديوان ابن الفارض- تح: محمد أبو الفضل –إبراهيم- الناشر: مؤسسة الحلبي- القاهرة- مصر- 1972م .
ـــــــــ نفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار- الناشر: عالم الكتب- بيروت- مكتبة المتنبي- القاهرة- 1299ه .
– ابن وكيع التنيسي، الحسن بن علي- المنصف للسارق والمسروق منه في إظهار سرقات أبي الطيب المتنبي- ط1- تح: محمد يوسف نجم- دار صادر- بيروت- 1992م.
ثالثاً: الــمــراجــع
– مندور، محمد- النقد المنهجي عند العرب ومنهج البحث في الأدب واللغة- دار نهضة مصر للطبع والنشر- الفجالة- القاهرة- د.ت.
[1] ــ محمد مندور- النقد المنهجي عند العرب ومنهج البحث في الأدب واللغة- دار نهضة مصر للطبع والنشر- الفجالة- القاهرة- ص 16
[2] ــ انظر: الآمدي- الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري – ط2 – تح: السيد أحمد صقر- دار المعارف بمصر- 1972م-ص 410-430 وما بعدها- والمرزباني- الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء- ط1-تح :محمد حسين شمس الدين- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- 1995م- ص 145-301
[3] ــ انظر: القاضي الجرجاني- الوساطة بين المتنبي وخصومه- تح: محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي- دار القلم- بيروت- لبنان- دار القلم- بيروت- لبنان- 1966م- ص 332-333 – وابن وكيع التنيسي- المنصف للسارق والمسروق منه- ط1-تح: محمد يوسف نجم- دار صادر- بيروت- 1992م- ص 266-423
[4] ــ انظر كتاب الوساطة- ص 33-34- وابن رشيق القيرواني- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده- ط1- تح: محمد محيي الدين عبد الحميد- دار الطلائع- القاهرة- 2006م- 1/177 حتى 179
[5] ــ البوريني والنابلسي- شرح ديوان ابن الفارض- ط1- جمعه :رُشَيْد بن غالب اللبناني- ضبطه وصححه: محمد عبد الكريم النمري – دار الكتب العلمية – بيروت- لبنان- 2003م-1/257 وانظر بيت البحتري في ديوانه- ط3- تح:: حسن كامل الصيرفي- الناشر دار المعارف بمصر- ص190
[6]ــ المصدر السابق- والصفحة نفسها
[7] ــ البديعي- الصبح المنبي عن حيثية المتنبي- مطبعة الاعتدال- عنيت بنشره مكتبة عرفة بدمشق-1350ه- ص 114م وانظر: البغدادي- خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب – ط1- تح: عبد السلام محمد هارون- الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة-1986م- 2/54 – وانظر بيت جرير في ديوانه- الناشر: دار بيروت للطباعة والنشر- سنة النشر: 1986م- ص446 وبيت أبي تمام في ديوانه بشرح الخطيب التبريزي- ط5- تح :محمد عبده عزام- دار المعارف بمصر-1951م- مج1/214
[8] ــ المحبي- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر- دار صادر- بيروت- د.ت- 1/136 وانظر: النابلسي- كشف السر الغامض في شرح ديوان ابن الفارض- تح: محمد أبو الفضل إبراهيم- الناشر: مؤسسة الحلبي- القاهرة- مصر- 1972م- ص62-63
[9] ــ المحبي- خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر- دار صادر- بيروت- د.ت- 1/136 وانظر: النابلسي- كشف السر الغامض في شرح ديوان ابن الفارض- تح: محمد أبو الفضل إبراهيم- الناشر: مؤسسة الحلبي- القاهرة- مصر- 1972م- ص62-63
[10] ــ الشهاب الخفاجي- ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا- ط1- تح: عبد الفتاح الحلو- طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه- 2/496
وانظر بيتي أبي نواس في ديوانه- دار صادر- بيروت- ص 452-217
[11] ــ ريحانة الألبا- 2/497
[12] ــ المحبي- نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة – تح: عبد الفتاح الحلو- دار إحياء الكتب العربية – مطبعة عيسى البابي الحلبي-2/647-648 وانظر بيتي ابن عنين في ديوانه- ط2- تح: خليل مردم بك- دار صادر- بيروت- 1959م- ص86
[13] ــ المحبي- ذيل نفحة الريحانة- ط1- تح: عبد الفتاح الحلو- 1971م- ص342-343-وانظر ص 313منه ونفحة الريحانة 2/148-121-4/612 وانظر بيت المتنبي (ولو قلم ألقيت…) في ديوانه بشرح عبد الرحمن البرقوقي- دار الكتاب العربي-بيروت- لبنان- 1986م-1/276 وبيتيه (روح تردد في مثل…) في ديوانه السابق- 4/318-319
[14] ــ المحبي- خلاصة الأثر- 3/164- وانظر: 4/248 منه
[15]ــ المصدر السابق- 3/165 –وانظر: ابن معصوم- سلافة العصر في محاسن الشعراء بكلّ مصر- د.ت- ص 60-61 والبوريني – تراجم الأعيان من أبناء الزمان- تح :د.صلاح الدين المنجد- المجمع العلمي العربي بدمشق- 1963م-2/100-101
[16]ــــ نفحة الريحانة- 3/313 وانظر:3/316منه وخلاصة الأثر-3/21-22
[17] ــ البوريني – شرح ديوان ابن الفارض- 2/8 وانظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي- 3/180
[18] ــ الخياري- تحفة الأدباء وسلوة الغرباء- تح: د. رجاء السامرائي- د.ت- ص81-82 وانظر في نفحة الريحانة- 3/311-313-314- وابن معصوم في سلوة الغريب وأسوة الأريب- ط1- تح: شاكر هادي شكر- عالم الكتب- مكتبة النهضة العربية- بيروت- 1968م- ص116-117
وانظر: النابلسي- نفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبي المختار- الناشر: عالم الكتب-
[19]ــ النابلسي- نفحات الأزهار- ص6- وانظر: ص37منه- وبيت ابن نباتة في ديوانه- ص152
[20] ــ نفحة الريحانة- 3/169-170 وتتمة بيت ابن نباتة: فاقتصّ منه فخاض في أحشائه ولم أجده في ديوانه
[21] ــ الشهاب الخفاجي- ريحانة الألبا- 1/265 وانظر:2/253منه
[22]ــ المصدر السابق- 1/266
[23]ــ المصدر السابق- 2/469
[24] – المصدر السابق- 2/469
[25] ــ خلاصة الأثر- 1/217-وانظر: ابن معصوم- سلوة الغريب- ص54-55
[26] ــ المصدر السابق 1/212
[27] – ابن معصوم- سلافة العصر- ص 3-4
[28] ــ المصدر السابق- ص6 وانظر: المقّري- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب- تح: د. إحسان عباس- دار صادر بيروت- 1968م- 1/499 والطالوي- سانحات دمى القصر في مطارحات بني العصر- ط1- تح: د. محمد مرسي الخولي- عالم الكتب- بيروت- 1983م- 1/82
[29] ــ الشهاب الخفاجي- ريحانة الألبا- 1/25-26 – وانظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي- 4/ 276