
تطبيقات المنهج التطوري على التراث الإسلامي من المستشرقين إلى القراء الحداثيين
(دراسة تحليلية نقدية)
Applications of the evolutionary method to the Islamic heritage from orientalists to modern readers (a critical analytical study)
الباحثة بن السايح خديجة – أ.د ميلود حميدات/جامعة الأغواط، الجزائر
D:Khedidja Bensayeh P: Miloud Hamidat /University of Laghouat
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 65 الصفحة 69.
Abstract:
The article deals with the application of the evolutionary materialist method by Orientalists to issues of Islamic thought, even if the subjects are religious; it is not subject to material interpretation. We have explained the nature and origin of this approach, and how it is applied arbitrarily and subjectively. We explained how orientalists managed to influence some Arab thinkers in the name of modernity, which led them to adopt the evolutionary approach to reading Arab-Islamic heritage. As the title of the scientific method and objectivity, without realizing that this is a fall in intellectual dependency, and confirmation of the tendency centrality of western civilisation adopted by Orientalist.
Key words: evolutionary method, Islamic heritage, Orientalism, modernist readings.
ملخص:
يعالج المقال تطبيق المنهج المادي التطوري من طرف المستشرقين على قضايا الفكر الإسلامي، حتى ولو كانت الموضوعات دينية، ولا تخضع للتفسير المادي، وقد بيّنا طبيعة وأصل هذا المنهج، وكيف يطبق بتعسف وذاتية، ووضحنا كيف استطاع المستشرقون التأثير في بعض المفكرين العرب باسم الحداثة، مما جعلهم يتبنون المنهج التطوري في قراءة التراث العربي الإسلامي، كعنوان للمنهج العلمي والموضوعية، دون أن يدركوا أن ذلك سقوط في التبعية الفكرية، وتأكيد للنزعة المركزية الأوربية للحضارة الغربية التي يتبناها الاستشراق.
الكلمات المفتاحية: المنهج التطوري، التراث الإسلامي، الاستشراق، القراءات الحداثية.
مقدمة:
شكلت قراءة التراث الإسلامي نقطة محورية لدى الحداثيين العرب، من أجل الولوج لصرح الحداثة عن طريق بناء مشاريع نهضوية، مستهدفين التخلص من التأخر الحضاري الذي يعانيه العالم الإسلامي لقرون. وعليه تم العمل على إعادة هيكلة المنظومة الإسلامية وتطويرها باعتبارها قاعدة أساسية لتشكيل الوعي العربي الاسلامي. وذلك من خلال الاعتماد على مناهج غربية حديثة، غير مكترثين بنوعية وطبيعة الأساليب والمناهج المستخدمة في ذلك، ولا بالنتائج المترتبة عنها. كون تلك المناهج نابعة من الفكر الغربي، وهي جزء من أعمال الاستشراق، الذي لم يتوان في تطبيق مناهجه على الفكر الإسلامي، ومن بين تلك المناهج المنهج التطوري الذي استعاره الحداثيون العرب من المناهج الغربية، كمنهج حيوي وفعال لتجديد الفكر الإسلامي، وفي مقالنا هذا نحاول تحليل هذا المنهج، وتعريفه وتحديده، ثم مقاربة استخداماته مع تراثنا، لنبين الاختلالات في ذلك.
الفصل الأول: مفهوم المنهج التطوري ومرتكزاته:
- تعريف المنهج التطوري:
يرجع المنهج التطوري إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر الذي شهد تحولات فكرية في مجال البيولوجيا التي لايزال تأثيرها جليا حتى الان من خلال نظرية عالم الأحياء الإنجليزي (تشارلز داروين)، القائمة على مبدا التطور حيث اشتهرت باعتبارها نظرية مادية تؤسس لفكرة مفادها أن الكائنات الحية تطورت، وأنها خضعت لطفرات بيولوجية جعلتها تتطور وترتقي وفق تطور الأزمنة.[1]ا
أما بالنسبة لمفهوم التطور فيرى جميل صليبيا أن التطور Evolution بمعنى الطور او الحال وجمعه أطوار لقوله تعالى (وقد خلقناكم أطوارا) أي ضروبا واحوالا مختلفة، وقيل الناس أطوار أي حالات شتى.[2] فالتطور عبارة عن نمط من التغير، بطيء متدرج يؤدي إلى تحولات منظمة ومتلاحقة تمر بمراحل مختلفة تؤذن سابقها بلاحقها كتطور الأفكار والأخلاق والعادات.[3] ولم يقتصر التطور في العصور الأخيرة كونه مذهبا علميا مختصا بتعليل نشوء الأنواع الحية، وفق قانون تنازع البقاء وقانون الانتخاب الطبيعي لداروين فحسب، بل أصبح التطور قانونا كليا لتفسير مجمل الظواهر الطبيعية، والكونية والكيميائية والوظائف العضوية إلى جانب الملكات العقلية والمؤسسات الاجتماعية.[4] وهكذا توسع مفهوم التطور حتى شمل جميع المجلات البيولوجية، والعضوية والإنسانية والاجتماعية، على اعتبار أن التطور نتيجة حتمية للكون.. وما يحتويه من ظواهر طبيعية وعضوية وإنسانية. كما يأخذ مصطلح التطور مسما أخر هو الدارونية Darwinism الذي ينطوي على معنيين، فالدارونية بالمعنى الضيق تعبر عن النظرية العلمية في التطور العلمي، التي قدمها (تشارلز داروين) خلال القرن التاسع عشر. أما المعنى الثاني الواسع فيتضمن معظم الأفكار الفلسفية اللاهوتية والاجتماعية والعلمية، التي حددت عليها ودعمتها النظرية.[5] والتي عممت مبدأ التطور على مجمل الموجودات، حتى الأفكار الاجتماعية الدينية هي الأخرى لم تسلم من مبدأ التطور.
يرى البعض أن نظرية التطور لدوراين لم تكن إبداعا خاصا به، بل ترجع أصول النظرية لكهنة بابل وأشور حيث كانت تدور أفكارهم حول الخلق وبدء التكوين الإنساني، وفق فكرة مفادها أن السبب في الخلق، هو كتلة لزجة لا شكل لها ولا صورة إلا نفخة من خالق، ثم انتقلت تلك الكتلة بفعل الطبيعة إلى مراحل متعددة حتى وصلت إلى الشكل النهائي الذي يبدو عليه الإنسان.[6] وتجددت فكرة التطور مع داروين من خلال كتاب أصل الأنواع الذي أخرجه سنة 1859م. وعليه أصبح منهجا فكريا قائما بذاته يأخذ صبغة علمية تؤكد أن التطور منهج، أو بالأحرى حقيقة تقضي بأن الطبيعة لا تعرف الثبات والاستقرار، وان جميع الموجودات خاضعة لحتمية التغير والتبدل. وهكذا أصبح التطور مبدأ ومنهجا أخلاقيا، ومبدأ دينيا على اعتبار أن المنهج التطوري يقوم على ديناميكية متواصلة للطبيعة والإنسان والأفكار[7]. ومنه صارت البنيات الاجتماعية والثقافية وحتى المنظومة الأخلاقية، والمبادئ الدينية ليست بمعزل عن عملية التطور، كونه منهجا يعمل على إعادة صياغة المبادئ العامة، وإعادة هيكلة أفكار الأمم والشعوب، على حسب المستجدات الطارئة أو المراحل التي تمر بها لتكون مناسبة للمرحلة الحالية.
إذ يعمل المنهج التطوري على تفسير الظواهر وفق تطور وارتقاء كل الظواهر الإنسانية بما فيها الدين، فالدين الأول الذي عرفته البشرية في بدايتها كان في أدنى صورة متجسدة في الوثنية.[8] ومع تقدم الأزمنة وتطور الفكر الإنساني تغير مفهوم الدين ومبادئه لصورة تتناسب مع الوعي الإنساني والتقدم الحضاري.
وهكذا أصبح التطور عبارة عن منهج علمي لا يقتصر على تفسير مجال العلوم الطبيعية (البيولوجية). بل تعداه ليضم العلوم الإنسانية والاجتماعية، وحتى الدينية فيما يخص (القراءات الحداثية للنص الديني)، حيث ازداد العمل بالمنهج التطوري في القرن 19 على يد مجموعة من المفكرين والعلماء الذي اعتبروا التطور أساسا لنظرياتهم وتوجهاتهم الفكرية ومن بين هؤلاء نجد:
1-1) أوجست كونت:
كان المنهج التطوري حاضرا بقوة في أعمال (أوجست كونت)، حينما عالج مسألة تطور الفكر الإنساني، من خلال نظرية (قانون الحالات الثلاثة) التي تبين من خلالها تطور الفكر الإنساني وفق ثلاث مراحل هي:
– المرحلة الأولى: هي المرحلة اللاهوتية التي يسودها التفكير الأسطوري الخرافي، حيث تم تفسير الظواهر على أساس القوى اللاهوتية والتفكير الغيبي والأرواح.
– المرحلة الثانية: هي مرحلة التفكير الميتافزيقي التي تعتبر أكثر تطورا وتقدما من الأولى حيث تم تفسير الظواهر وفق قوى غيبية خارقة، موجودة في الظواهر ذاتها.
– المرحلة الثالثة: هي المرحلة الوضعية التي تم فيها تطور الفكر الإنساني، في هذه المرحلة حيث توصل إلى التفكير العلمي والمنطقي المبني على القانون العلمي، الذي يعتمد على تفسير الظواهر بالظواهر، وإمكانية التنبؤ بها.[9]
1-2) هربرت سبينسر:
يعتبر أحد علماء الاجتماع الأكثر تأثرا بالنظرية التطورية والمنهج التطوري، حيث أكد على تفسير الظواهر الاجتماعية والتطور الاجتماعي الإنساني، من خلال العوامل الداخلية والخارجية للمجتمع، كما يرجع له الفضل الكبير في انتشار مصطلح التطور عن طريق نظريته القائمة على التطور الاجتماعي، القائلة: ” بأن المجتمع الإنساني كائن حي ينمو ويتطور، وفي تطوره ينتقل من حالة التجانس إلى حالة اللاتجانس”[10].
1-3) كارل ماركس:
يعتبر ماركس أحد أبرز رواد المنهج التطوري، الذي كان بمثابة القاعدة الأساسية لبناء نظريته الاقتصادية والاجتماعية، معتمدا على المادية التاريخية للكشف عن القوانين العامة والنوعية للتطور الاجتماعي.[11] حيث يرى ماركس أن تاريخ البشرية مرّ في عملية تطوره بخمس مراحل هي: مرحلة الإنتاج البدائي التي اعتمدت على الزراعة والصيد، واتسمت فيها العلاقات بين الأفراد بالتعاون والتبادل، تليها مرحلة الرق القائمة على العمال وأدوات الإنتاج، ثم مرحلة الإقطاع التي تميزت بالملكية الاقتصادية لوسائل الإنتاج، فالمرحلة الرأسمالية التي اشتهرت بالانقسام المجتمعي إلى الطبقة البرجوازية وطبقة البروليتاريا، وأخر المرحلة هي المرحلة الاشتراكية المبنية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج[12].
1-4) سان سيمون:
يعتبر من علماء الاجتماع الذين أكدوا على المنهج التطوري، في تفسير الحركة التاريخية للمجتمعات البشرية، حيث يرى أن المجتمع الإنساني يتسم بصفة التطور الذي يمر من مرحلة إلى مرحلة أخرى أكثر تطورا قائلا: ” أن مسيرة التاريخ البشري تمر بثلاث مراحل هي المرحلة اللاهوتية التي تسيطر فيها الأنظمة الدينية ثم المرحلة الميتافزيقية التي تمتزج فيها اللاهوت بالإقطاع، وأخيرا المرحلة الوضعية التي يسيطر فيها العلم”[13].
1-5) فريدريك نيتشه:
اعتمد نيتشه على المنهج التطوري من أجل تغيير المنظومة الأخلاقية، وتطورها من مرحلة أخلاق العبيد كما أطلق عليها، إلى مرحلة أكثر تطورا هي أخلاق ” السوبرمان أو الانسان الأعلى”، على اعتبار هذا الصنف من الأخلاق يعبر عن تطور واضح في مجال الأخلاق. ذلك أن أخلاق السوبرمان هو مصدر السيطرة والقوة فالإنسان الحالي تطور وتخلص من أخلاق العبيد.[14] التي تمتد جذورها إلى اليهودية والمسيحية اللذان يعتمدان على الطاعة والانصياع، فهي تتجلى في مظاهر الضعف والانحطاط، التي قدمها القساوسة على شكل قيم فاضلة للحفاظ على نفوذهم على الضعفاء.[15] ومع تطور الفكر البشري وجب عليه التخلص من قيم الإنسان الضعيف، ليلج قيم أخرى تتمثل في أخلاق الإنسان القوي، وفق إرادة قوية هذا الأمر الذي فرضه مبدأ التطور الحيوي،[16] العامل على بناء الإنسان الراهن.
1-6) وليام جيمس:
تبنى وليام جيمس المنهج التطوري في طرح أفكاره بداية من كتابه (مبادئ علم النفس) الذي كشف من خلاله عن تطور السلوك الإنساني، من المراحل الحيوانية الغريزية إلى مرحلة السلوك العاقل، حيث أحصى جيمس أكثر من 30 نوعا للغرائز الحيوانية التي تميز بها السلوك الإنساني، كما اعتبر أن العقل الإنساني ما هو إلا وجه من أوجه التطور الذي وصله الإنسان[17] من خلال تطور الكائن الحي، كما عبر وليام جيمس عن المنهج التطوري عن طريق البرجماتية التي عبرت عن إبستيمولوجية تطورية، المقصود منها كيفية اختيار أفضل الأفكار وأصلحها والعمل على إيجاد معيار الصدق لاختيار الأفكار، إذ لا بد من تطور الأفكار لتحقيق النتائج المرجوة، وعليه يبقى صراع الأفكار قائما من أجل بقاء الفكرة الأنفع[18] والأكثر تطورا وفاعلية.
1-7) سيغموند فرويد:
اعتبر فرويد التطور الدارويني بداية جديدة لإحداث تغيرات جذرية في علم النفس، على اعتبار أن مفهوم التطور لا ينطبق على البيولوجيا فحسب، بل ينطبق أيضا على الجانب النفسي، وعليه أصبح التطور منهجا فكريا، حيث أسس فرويد نظرية في التحليل النفسي معتبرا أن الحياة النفسية قائمة على “الليبيدو” والذي يمثل مجمل الغرائز والرغبات الجنسية التي وسمها “بالهو” الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من اللاشعور، وهكذا يعمل الأنا على قمع بعض رغبات الهو الذي قد يتطور ويتسامى بعضها فيتحول من أهداف جنسية ورغبات غريزية، إلى فن أو شعر أو غيره من الفنون السامية، ومنه يتحقق التطور على مستوى الرغبات الحيوانية إلى أفعال سامية تتناسب مع مقتضيات الأنا الأعلى (المجتمع.)[19] حيث أصبح الإنسان أكثر وعيا بوقائع بيئته ومحيطه وأكثر إدراكا لها.
2) مرتكزات المنهج التطوري:
2-1) الوضعية:
تعتبر الوضعية مرحلة متقدمة من مراحل التفكير الإنساني، حيث ساد فيها التفسير العلمي لمختلف الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وأصبح العلم الصفة الطاغية على الفكر البشري، فالوضعية هي تعبير عن المعرفة الصحيحة، “وهي نظرية مبنية على الواقع والتجربة، وأن العلوم التجريبية هي التي تحقق المثل الأعلى لليقين، وأن الفكر البشري لا يستطيع تجنب الغلط والخطأ من العلم والفلسفة، إلا إذا اتصل بالتجربة وأعرض عن كل قبلية.”[20] حيث يتأسس التفكير الوضعي على التفسيرات العلمية المادية، من خلال قوانين رياضية وفيزيائية غايتها اكتشاف القوانين المتحكمة في العالم (الظواهر الطبيعية والإنسانية)، فيقول أوجيست كونت:” إننا ما دمنا نفكر بمنطق وضعي في مادة علم الفلك أو الفيزياء، لم يعد بإمكاننا أن نفكر بطريقة مغايرة في مادة السياسة أو الدين. فالمنهج الوضعي الذي نجح في العلوم الطبيعية غير العضوية يجب أن يمتد لكل أبعاد التفكير.”[21] وهكذا أصبح التوجه الوضعي هو الغالب على التفكير الغيبي، خصوصا في أوربا خلال القرن 19 الذي قام على يد أوجيست كونت متأثرا بالنزعة العلمية السائدة، خصوصا بما قدمه نيوتن في مجال الجاذبية، الذي رأى فيه نموذجا لقيام الفكر الوضعي.[22] وعليه أصبحت النزعة الوضعية واضحة المعالم في مختلف المسائل والمواضيع، فلا شيء يعلو عن الفكر الوضعي والنزعة العلمية، حتى المنظومة الدينية أصبحت تحت وطأة الفكر الوضعي، وفق تطبيق دراسات علمية تجريبية عليها من خلال إنكار المسائل الغيبية والميتافزيقية.[23] وهكذا تم قطع الطريق أمام الفكر الديني، جراء إرساء المبادئ التجريبية الحسية التي تقوم عليها الوضعية المتعارضة مع الدين.
2-2) التاريخية (التاريخانية):
يقوم المنهج التطوري على فكرة محورية مفادها أن كل ما هو موجود في الطبيعة يتطور مع مرور الأزمنة، فالحقب التاريخية التي مرت بها البشرية أثبت أن الكون برمته خاضع لمبدأ الضرورة التاريخية حتى مستوى الأفكار والآراء والمعتقدات، حيث” تعتبر التاريخية منهجا فكريا يلتزم بعرض المفاهيم العلمية، من حيث تطورها عبر التاريخ، فالتاريخية مرتبطة بالتطور التاريخي للمفاهيم دون سواها…”[24] فالتاريخية مذهب فكري يعمل على الحكم على الأفكار والحوادث، من خلال نسبتها إلى الزمن والوسط التاريخي، الذي حدثت فيه وعليه يصبح تفسيرها يتماشى مع الفترة التاريخية التي وقعت فيها، ويظهر الحكم عليها منطقيا فالحوادث التاريخية خاضعة لسيرورة التاريخ، وفق تسلسل زمني للأحداث والحوادث ضمن إطار مكاني وزماني محدد[25].
أما التاريخانية فهي لا تختلف كثيرا عن التاريخية، فكل منهما عبارة عن منهج فكري قائم على فكرة التطور والصيرورة التاريخية للحوادث، غير أن التاريخانية ارتبطت بنجاح الفلسفة الوضعية في أوربا خلال القرن 19 فعرفها أركون على أنها،” العقيدة التي تقول بأن كل شيء وكل حقيقة تتطور مع التاريخ، وهي تهتم كذلك بدراسة الأشياء والأحداث بارتباطها بالظروف التاريخية.”[26] أما بالنسبة لتعريفه للتاريخية فيقول:” التاريخية عبارة عن مرحلة متقدمة من البحث التاريخي الحديث المتحرر من كل الأفكار المسبقة، وهكذا تعتبر الحفر الأركيولوجي في أحداث ووقائع الماضي دون اي اعتبار لقداسة الأمور، حتى وإن كان متعلقا بالنصوص التأسيسية للفكر الإسلامي.”[27] فلا يمكن أن تستمر أفكار ومعتقدات الماضي لزمن حاضر فالكل محكوم بتاريخ زمكاني محدد، وينطبق الأمر ذاته على معتقدات الفكر الديني، الذي لا يخل من أبعاد التاريخية الممتدة للفترة الراهنة، وهذا يتنافى مع المذهب التاريخي أو التاريخاني.
2-3) الماركسية:
شهد القرن التاسع عشر ظهور إيديولوجيات جديدة تقوم على التقدم العلمي والمادي للمجتمعات، التي تعمل على فهم حركة تطور المجتمع الإنساني خلال الحركة التاريخية حيث ظهرت الماركسية كتوجه فكري أكدت تغلب الإيديولوجيا المادية الجدلية على مجمل المفاهيم الغيبية، فالعلم الحديث أكد تطور الكائنات الحية في مجال المادة الحية والمادة الجامدة، ذلك أن الوعي الإنساني خاضع لمبدأ التطور هو الأخر.[28] لأن الكون كله يقع تحت وطأة سيرورة النمو والتبدل، والحركة المستمرة في الطبيعة والمجتمع والفكر البشري. “فالماركسية تمثل نظاما متسقا من وجهات النظر عن العلم ككل، وعن قوانين تطوره حيث تعمل على تقديم التطور متكامل الماهية للعالم، وكيفية تطوره ومكانة الإنسان في هذا العالم”[29]. إن الكلام عن الماركسية هو كلام عن المادة (الفلسفة المادية)، حيث تقوم الماركسية على أساس مادي تاريخي، وهو ما يعرف بالمادية التاريخية نتيجة تطبيق المنطق الجدلي، الذي يفسر التطور التاريخي للمجتمعات الإنسانية، حيث تقوم بتفسير عملية تطور القوانين الاجتماعية، كما تعتبر الماركسية نظرية اجتماعية اعتمدها ماركس في دراسة المجتمع من جانبه المادي الاقتصادي، وعلى أساس ” أن المادة أو الوجود هما أصل ظهور الوعي أو الفكر.”[30] فالمادية التاريخية امتداد للفلسفة الأوربية، التي تؤكد أن العالم المادي هو وحده العالم الحقيقي الجدير بالتأمل والاهتمام، حتى العقل مادي كونه نتاجا لعضو مادي هو الدماغ[31]، وعليه قام ماركس بإضافة المنهج الجدلي للمفهوم المادي لكي يكون قادرا على بناء تصور صحيح، عن حركة التطور والديناميكية للمجتمع الإنساني.
وعليه يمكننا أن نستنتج أن المنهج التطوري منهجا نشأ في أحضان الفلسفة الغربية، وتحت تأثير الواقع الاجتماعي للحضارة الغربية، وبناء على التطورات السياسية والاقتصادية، والدينية والثقافية التي عرفتها المجتمعات الغربية. وتطبيقه على الفكر والتراث العربي الاسلامي لا يحترم متطلبات المنهج التاريخي، وخصوصيات تطور المجتمع العربي الاسلامي، ومع ذلك أصر المستشرقون على دراسة العالم العربي الاسلامي، بنفس الأدوات والمناهج التي طبقت على الفكر الغربي.
الفصل الثاني: المنهج التطوري في الفكر الاستشراقي:
كان للفكر الاستشراقي الدور الفعال في بعث فكرة تجديد الإسلام، عن طريق اقتراح اساليب مستحدثة للبحث، والنظر فيه من اجل تطوير احكامه وتشريعاته، ليكون متناسبا مع الظروف الانية، حيث اقدم بعض المستشرقين على تطبيق نظرية التطور في دراسة الأديان وخصوصا على الفكر الإسلامي، على اعتبار أن الأفكار تتغير وتتطور كباقي الأمور الأخرى، فظهرت كتابات بعض المستشرقين في علم الحديث خصوصا متأثرة بنظرية التطور (Evolution theory) التي أحدثت ضجة علمية واسعة، الأمر الذي جعلها عمادا للكثير من المذاهب الفكرية والنظريات المنهجية في الغرب الأوربي، في شتى المجالات حتى المجال الديني، حيث تقوم هذه النظرية على إنكار مبدأ الثبات فالكل خاضع لمبدأ التجدد والصيرورة عن طريق تجدد صفاته الاساسية[32]، ذلك ان الكون برمته خاضع لمبدا التطور وعلى هذا الأساس ظهرت عدة أعمال استشراقية قائمة على هذا المنهج، حيث بدأت تظهر الإرهاصات الأولى لفكرة عصرنة الإسلام مع القسيس هارولد سميث “Harold Smith” الذي يقول:” إن وجهتي في هذا المقال أن أستعرض بعض الاتجاهات الحديثة، وان اقترح طرقا لدراسة النظرية الإسلامية المهمة للإنسان…ولا شك ان القيام بهذه الدراسة على وجهها الكامل أمر متروك للعلماء المسلمين أنفسهم.”[33] وهي دعوة صريحة لإعادة تجديد الإسلام وتطويره من طرف القسس والمستشرقين، وقد تم تصدير هذه الفكرة لأبناء المسلمين عن طريق المبشرين والحملات التبشيرية، التي تعد وجها سافرا من أوجه الاستشراق المتآمر على التراث الإسلامي. حيث أهتم المبشرون الغرب بمسألة تجديد الإسلام وتطوير مكنزماته فيقول (هاري درومان)(Harry Dorman): ” نتوقع من المبشرين في الأقطار العربية الإسلامية في ظرف عدة أعوام، أن تثمر جهودهم في تجديد الإسلام وتطويره أكثر من تطوير عقلية المسلمين وتغييرهم، ومما شك فيه أن هذا المجال واسع ومفتوح للعمل، ولا يغفل عنه في أي حال.”[34] إذن هي دعوات صريحة من قبل المبشرين المستشرقين لتحديث الإسلام، والتي أصبحت ضرورة ملحة بالنسبة لهم للتشكيك في قضايا التراث الإسلامي، خصوصا بعد حملات التشويه الواسعة التي قام بها المستشرقون طيلة سنين ضد الإسلام، ومبادئه (القرآن والسنة). في حين اظهر المستشرقون حماسا كبيرا اتجاه بعض الحركات الإصلاحية الدينية من قبل المسلمين، كحركة أحمد خان في الهند التي تبنت بعض الطروحات الغربية، حيث تعمل على تقريب الهوة بين الشرق والغرب،[35] والجمع بين الفكر الأوربي وتعاليم المسيحية وتعاليم الإسلام، والتي بدأت تتماهي مع الفكر الغربي، حيث عبّر عن ذلك المستشرق المجري (جولد زيهر) مهتما بمسألة تجديد الإسلام من خلال كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام)، الذي تحدث فيه عن التطور الذي شهده الإسلام في الهند فيقول:” إن الاتصال الوثيق بالمدنية الغربية، وخضوع الملايين الفقيرة منهم لدول غير إسلامية، وذلك بسبب ما قام به الأوروبيون من الفتح والاستعمار…كل هذه العوامل أحدثت أثرا عميقا في الطبقات الإسلامية المستنيرة، وعلاقتها بما ورثته من نظريات وتقاليد دينية، وكانت هذه النظريات والتقاليد حاجة شديدة وملحة إلى التقريب والملائمة بينها وبين الظروف الجديدة.”[36] إذ لابد أن تكون هناك مرونة للدين الإسلامي لكي يتعاطى مع المدنية والحضارة، والتخلي عن الجمود والعادات والتقاليد التي أقرها الإسلام، خصوصا الإسلام الأول كما ينعته المستشرقون. ومن بين السبل والآليات التي أقترحها (جولد زيهر) لتجديد الإسلام هي إحداث ثغرة في السنة لكي يتمكن المسلمون من التخلص من التشدد والجمود، باعتبار السنة لا تمثل المنهج الوحيد للقانون الإسلامي[37]، وبذلك يصبح الإسلام قابلا للتجديد والتحديث وفق معطيات العصر الجديد، وهذا تشويه واضح للتراث الإسلامي في مجال السنة النبوية الشريفة والتشريع الإسلامي، كما اظهرت كتابات (جولد زيهر) في مجال الحديث في القسم الثاني من كتاب (دراسات محمدية) تأكيدا على أن الحديث ما هو إلا تطور تاريخي للفكر الديني الإسلامي خلال القرنين الأول والثاني. فالحديث في نظره لم يكن موجودا خلال الفترة المبكرة للإسلام، وهكذا اعتبر: ” الحديث النبوي أثرا من آثار الجهود التي ظهرت في المجتمع الإسلامي في العصور اللاحقة.”[38] حيث زعم (جولد زيهر) أن بعض الأحاديث مزيفة نسبت الى الرسول لارتباطها ببعض الأفكار والآراء التي ظهرت في القرن الأول، ومن أمثلة ذلك فقد شكك (جولد زيهر) في صحة قوله صلى الله عليه وسلم: “ما يزال عبدي يتقرب إلي حتى أحبه” بحجة أن فكرة هذا الحديث تتناسب مع الفكر الصوفي المتأخر.[39] وعدم مناسبته تماما مع الحقبة الأولى التي ظهر فيها الإسلام، كما أكد ان الحديث النبوي قد تطور عبر مرور الزمن حتى صار مناسبا للواقع السياسي والاجتماعي، حيث يقول: ” وهكذا صار الحديث في إطار الأبعاد الدينية والخلقية في الإسلام وتطوراته…وفيه تطورت المبادئ الأخلاقية التي وجدت أسسها في القرآن، ففيه نرى ان هذه الحركات الخلقية السهلة واللطيفة، لم يكن الإسلام الأول مستعدا لها.”[40] وعليه تعرض التراث الإسلامي للتغير والتطور تماهيا مع الظروف الراهنة، زاعما ان الفقه قد تطور هو الاخر عبر العصور، بناء على ما تنم به الحاجة او الضرورة في الحياة عامة، بداية من وفاة النبي حتى الأجيال المتأخرة، زاعما ان الأحاديث الموضوعة تم سردها نسبة لمتطلبات الحياة ومقتضياتها، فتمت صياغة عدة أحاديث تتلاءم مع فترات معينة متقدمة وفق صيغة محكمة. وهكذا أصبحت الأحاديث الموضوعة تخدم مجمل الأفكار، والتوجهات والنظريات والأحزاب والمذاهب.[41] بغرض دعم توجهاتهم الفكرية والمذهبية والطائفية، من خلال سرد الأحاديث التي تتوافق مع توجهاتهم. كما طبق المستشرق (جوزيف شاخت) المنهج التطوري على مجال الفقه الإسلامي، حيث يرى أن الأحاديث الفقهية خضعت لتطور ملفت خاصة (بتطور الأسانيد) زاعما أن الأسانيد تطورت عبر الزمن بطريقة عشوائية، ووصلت إلى الكمال خلال النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وعبر عن ذلك قائلا:” ولهذا فمن الصعب علينا أن نشارك علماء المسلمين في ثقتهم في الأسانيد…فبعض الأسانيد التي يشك فيها المحدثون هي في الواقع نتيجة الانتشار الواسع للوضع في الجيل السابق للإمام مالك.”[42] ولكن لا خلاف في أن بعض الأحاديث موضوعة، وهذا ما أقره علماء الحديث المسلمون، بتطبيقهم لمنهج الاسانيد والجرح والتعديل في علم الحديث، ولكن رفض السنة جملة وتفصيلا، والتشكيك في صحة الأحاديث ككل، كما يرى المستشرقون هو طعن واضح في صحة الأحاديث النبوية، وفي قواعدها الأساسية، وضرب للمصدر الثاني للتشريع في الإسلام.
تواصلت الأصوات الاستشراقية الداعية لتطوير المنظومة الإسلامية وبلورة الفكر التجديدي الإصلاحي، في عقول المسلمين إذ نجد المستشرق الانجليزي (جب) قد كتب مؤلفا بعنوان (الاتجاهات الحديثة في الإسلام)، حيث ناقش عبر فصوله موضوع التجديد في الإسلام إلى جانب “تشالز أدمز Charles. Adams” الذي ألف (الإسلام والتجديد في مصر) كما نجد “ولفرد كانتول W.C.smith” من خلال كتابه (الإسلام المعاصر في الهند) الذي تحدث فيه عن تيارات التجديد في الإسلام، وعبر عن إعجابه بها، ورحّب بحركة محمد عبده ومحمد بن عبد الوهاب والأفغاني وسيد أحمد خان، [43] داعيا الى تدعيمها وتشجيعها أكثر للتخلص من السلطة الدينية التقليدية، التي أصبحت لا تتماشى مع الواقع الحضاري. والدفع بالمسلمين أكثر فأكثر لاقتفاء خطوات المجتمع الغربي الذي مر بنفس التجربة من قبل، والتي أتت اكلها بالفعل على المجتمع الأوربي الذي مر بحركة الإصلاح الديني، وإعادة بعثه من جديد على اعتبار ان مواكبة العصرنة تقتضي تطور الأفكار والمبادئ والقناعات. حتى وان كانت دينية وعليه تمكن الغرب من ولوج مرحلة الحداثة وما بعدها، وهكذا قرر المستشرقون حث العرب المسلمين على تطبيق نفس الخطوات التي خطاها الغرب، لأنها سوف تنجح في الشرق الإسلامي تماما كما حدث في الغرب المسيحي.[44] خصوصا مع انتشار الفكر الغربي والتعليم العلماني في البلدان العربية خلال المئة سنة الأخيرة، وكلها شكلت حافزا مهما لأبناء المسلمين للاقتداء بالغرب حيث تشبع المفكرون العرب برؤى التجديد، ودعاوي المستشرقين، وتبنى كثير من الحداثيين تلك الأفكار بدعوى التقدم والتطور والحداثة.
4) المنهج التطوري في القراءات الحداثية للنص الديني:
بعد الهجمة الشرسة للاستشراق على الشرق الإسلامي، ومحاولة تغريبه فكريا وحضاريا من خلال ضرب الوحدة الفكرية للمفكرين المسلمين، التي أدت إلى إضعاف ثقتهم في تراثهم الإسلامي، واعتباره أهم الأسباب التي أدخلت العالم الإسلامي في غياهب التخلف والتقهقر الحضاري المادي والمعنوي. كان ذلك كله بمثابة دوافع أدت إلى ترسيخ فكرة التجديد كضرورة لخروج العرب المسلمين من أزمتهم ونكبتهم الحضارية، عن طريق تجديد الدين وبعثه من جديد كخطوة أساسية للتمدن والتحضر، لكن من الواضح أن الحداثيين العرب يحذون حذو المستشرقين، والتقليد الأعمى للغرب الاستشراقي، خاصة الذين أسسوا للفكر المادي العلمي التجريبي كمقياس أولي للنظر للأمور والحكم عليها، بما فيها القضايا الدينية التي لم تكن بمعزل عن المادية العلمية التي جسدها الغرب في تعاطيه مع الكتاب المقدس، فالحداثيون العرب لم يبدعوا رؤية خاصة ببيئتهم، بل اعتمدوا على أطروحات الغرب من خلال تبنيهم للفكر المادي(العلمي التجريبي) إزاء الفكر الإسلامي من خلال النقد التاريخي للنصوص، ومقاربتها بالمناهج الحديثة الغربية والمعاصرة، عن طريق تحييد القداسة عنها[45] واعتبارها مجرد نصوص تاريخية. وعليه تم التعامل معها وفق المنهج التطوري الذي فرضه الحداثيون العرب على حقل الدراسات الدينية، باعتبار النص الديني الخاضع للحتمية التطورية لمواكبة تطورات العصر، وهذه الرؤية هي التي أسسها الفكر الاستشراقي كما أشرنا إليها سلفا.
وهكذا أقدم المفكرون العرب على تطبيق المنهج التطوري على التراث الإسلامي، داعين إلى بناء مشاريع نهضوية من شأنها التجديد والنهوض بالمجتمعات العربية. وكانت البداية من تطوير وتجديد الفهم الديني، لكي يكون متماشيا مع ما تفرضه الساحة العالمية من تحديات حضارية وفكرية وعلمية، في ظل إفرازات الحضارة الغربية التي نهل منها الحداثيون العرب منها الإيديولوجيات والمناهج، ووسائل البحث في مجال الدارسات الدينية واعتبروها النموذج المثالي الذي يحتذي به في هذا التوجه، فاصطبغ الفكر العربي بالفكر الغربي واتجهوا إلى تجديد قراءة النصوص الدينية منتهجين جل الإيديولوجيات والاساليب الغربية والاستشراقية عليها بما فيها المنهج التطوري، حيث يرى مثلا (محمد أركون) أن كل الأشياء تخضع للتطور مع التاريخ، حتى الحقائق الدينية لم تستثن هي الأخرى من الخضوع تحت وطأة التطور، على اعتبار أن التقدم التاريخي يفضى لترسيخ مفهوم التطور الذي يسرى على الكل.[46] بما فيه مقدسات الدين، فالعقائد والأفكار الأكثر رسوخا وتأصلا كمسائل العقائد الدينية وقضايا الإيمان بالله، شأنها شأن الأمور الأخرى الخاضعة للتطور، فهي ليست بمنأى عن التحول والتغير التاريخي.[47] كما يؤكد (نصر حامد أبو زيد) على ان مجمل الظواهر الاجتماعية تابعة لحيثياتها الزمانية والمكانية، وشروطها المادية والدنيوية، بما فيها البني والمؤسسات والمفاهيم هي الأخرى.[48] التي تتبع الصيرورة التاريخية التي تجعلها تتطور عبر الأزمنة، كل ذلك يتم من خلال خلفية الرؤية التاريخية (التاريخانية) المادية للتراث الإسلامي من طرف الحداثيين العرب. حيث صرح (عبد الله العروي) أن ” التاريخانية تدل على عقيدة معينة تقضي بتطور العلاقة مع التاريخ.”[49] فالعروي لا ينطلق من التاريخ العربي الواقعي وخصائص تطوره، بل ما يفترضه أن يكون في هذا التاريخ قياسا على خصائص تطور تاريخ الغرب، وتطور حداثته كمعيار للتاريخ الكوني.”[50] وعليه وجب التوجه الى تطبيق المنهج التطوري على التراث الإسلامي، وفق ما تقتضيه الحداثة الغربية من ظروف وتطورات، وهذا تقليد أعمى للفكر الغربي دون مراعاة خصوصية المجتمعات الإسلامية.
كما أكد (حسن حنفي) على البعد المادي للوحي على اعتبار أنه نابع من التجربة الإنسانية القابلة للتطور والتقدم، على حسب ما تقتضيه الخبرات البشرية قائلا: “…هو مجموعة من الحلول لبعض المشكلات اليومية، التي تزخر بها حياة الفرد والجماعة وكثيرا من هذه الحلول تغيرت وتبدلت حسب التجربة، على مقدار الانسان وقدرته على التحمل، وكثيرا من هذه الحلول لم تكن كذلك في بادئ الأمر معطاة من الوحي. بل كانت مقترحات من الفرد والجماعة ثم أيدها الوحي وفرضها.”[51] وعليه وجب التخلي عن الفكرة الكلاسيكية الستاتيكية القائلة بأن الوحي القرآني ليس هو ذلك الكلام المعجز، الزاخر بالقوانين المقيدة للفكر الإنساني، بل الهدف منه هو مساعدته على الانماء والازدهار والتطور. [52] من خلال التخلي عن قواعد التحليل والتحريم التي أضحت لا تتناسب مع تقدمية التاريخ وتحديات الظروف الراهنة وتداعياتها، التي تخول له هذه الخاصية، ونفس الموقف يتخذه (الطيب تيزيني) الذي دعى إلى تطبيق المنهج التطوري على القرآن الكريم، حيث انطلق من نفس مبدأ المعتزلة القائلة بمسألة خلق القرآن، التي تفرض عليه مبدأ التطور والتغير عبر الأزمنة والتطور الفكري البشري حيث يقول (الطيب تيزيني):” كانت الأهمية الملفتة للتيار الاعتزالي في ذلك المجتمع النظر في كلام النص القرآني على أنه مخلوق، لأن مثل هذا النظر يتيح للباحث والفقيه والمؤمن العادي، جميعا وكل من موقعه في ضوء إملاءاته الاجتماعية والثقافية وغيرها، أن يتصرفوا بالكلام المذكور بمثابة بنية تاريخية مفتوحة، لا تخضع للاتجاهات والتغير والتبدل التي تطرأ على الوضعيات الاجتماعية المشخصة.”[53] وهذا تصريح واضح منه بضرورة تطور النظر في مجال الحقل القرآني، فالحتمية التاريخية اوجبت التخلي عن قدسيته وثبات تشريعاته التي بدأت تتقادم مع مرور الأزمنة، التي فرضتها التطورية الداروينية التي دعى إليها (محمد شحرور) بشكل صريح حينما نادى بضرورة توظيف علوم العصر على النص القرآني بما فيها التطورية الدارونية قائلا:”…فالقرآن حقيقة موضوعية مطلقة في وجودها خارج الوعي الإنساني وفهم هذه الحقيقة لا يخضع إلا لقواعد البحث العلمي الموضوعي، على رأسها الفلسفة والعلوم الموضوعية من كوسمولوجيا وفيزياء وكيمياء وأصل الأنواع وأصل الكون والبيولوجيا وسائر العلوم الطبيعية…لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(العلماء ورثة الأنبياء) وعليه فإن العلماء ليس علماء الشريعة والفقه وحدهم…إن الفلاسفة وعلماء الطبيعة وفلسفة التاريخ وأصل الأنواع والكونيات والإلكترونيات هم ورثة الأنبياء.”[54] حيث يرى شحرور انه ليس بالضرورة على المسلمين الالتزام بما طبقه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حياته من أفعال وتصرفات في الوقت الحالي، فالمسلم المعاصر هو في حل من تلك الالتزامات التي لا داعي لها.[55] على اعتبار أن العصر الحالي فندها، فقد أصبحت غير مناسبة لمقتضيات الراهن ومستلزماته، فالمادية التاريخية تفرض التطور والديناميكية على المبادئ الدينية، لمواكبة التقدم الفكري والحضاري لبعث اسلام معاصر متجدد ليس بالضرورة ان يكون مطابقا للإسلام الأول، نظرا الى تباين الحيثيات الفكرية والزمانية والحضارية، فالمسلمات المعاصرات مثلا ليس عليهن الالتزام باللباس الذي التزمت به النسوة في تلك الحقبة الزمنية (زمن النبي)، وعليه تسقط فريضة الحجاب، وعدة فرائض أخرى في زمننا الحاضر وفقا للتطور الدارويني، والرؤية الاستشراقية التي تهدف الى إفراغ الإسلام من أحكامه، والتشكيك في صلاحيته لمجتمعاتنا، وعملوا على تحقيق ذلك بمختلف الطرق والمناهج والاساليب.
5) نتائج تطبيق المنهج التطوري على القراءات القرآنية:
لقد نتجت عدة اعتبارات من خلال تطبيق المنهج التطوري على القرآن، نجملها كعناصر كالآتي:
5-1) تجاوز أحكام وتشريعات النص القرآني: من خلال ضرب شموليته وصلاحيته عبر الأزمنة، فالمنهج التطوري ألغى فكرة صلاحية أحكام القرآن وتشريعاته، بحجة عدم مناسبتها للواقع الحالي، وعليه يتعين تجاوزها واهمالها.[56] والعمل على إيجاد قوانين وأحكام وضعية نابعة من إحداثيات المرحلة الحالية. حيث تحدث (الجابري) عن تجاوز التشريعات القرآنية الخاصة بهذه المسائل التي لا تتلاءم مع الحاضر، وفقا لما فرضته تطورات الحياة الاجتماعية والثقافية، مثل تجاوز قضية الميراث، فالمرأة اليوم أصبحت تشتغل وتشارك في نفقة البيت والأولاد، وعليه تم تجاوز الأية: (للذكر مثل حظ الانثيين) سورة النساء الآية 176، إلى جانب تطور المفاهيم والثقافة الداعية للمساواة بين المرأة والرجل في قضية الميراث.[57]
5-2) ترسيخ فكرة تاريخية القرآن الكريم: عن طريق إخضاعه لحتمية الزمان والمكان الذي يؤدي إلى التخلص من سلطة النص.[58] والتنصل من قواعده ومبادئه بحجة تجاوز حدودها الزمانية والمكانية، والدعوة إلى تطوير الفهم في مجال علوم القرآن والسنة كالتفسير والفقه وغيرها[59]، وتطويعها لخدمة البشرية وفق تجدد احوالها الفكرية والاجتماعية والثقافية، فخاصية التغير تقتضي تبدل الأحكام والتشريعات التي فقدت جدواها في الحاضر وفق ما تفرضه الحتمية التاريخية التطورية.
5-3) التأكيد على البعد المادي للقرآن الكريم: عن طريق إنكار المفاهيم الغيبية المتعلقة بقضايا (الوحي، الاله، المعجزات…الخ)، والاحتكام لكل ما هو مادي حسي تجريبي حيث قدم (الجابري) تفسيرا لحادثة الإسراء والمعراج كونها لا تخرج عن إطار رؤية منامية للنبي قائلا:”…والذي نختاره أن الإسراء والمعراج حدث على صورة منامية.” [60] وهذا ينطبق مع المادية التطورية والرؤيا الاستشراقية التي صنعت في كل ما يتعلق بالأمور الخاصة بالنبوة، فالتفسير المادي للنص القرآني أفقده مكانته وقدسيته، وأضحى القرآن مجرد نص ضمن المورث الثقافي لبيئة تجاوزها الزمن.
5-4) ترسيخ النزعة التقدمية: من خلال تجاوز القراءات الكلاسيكية الأصولية، والنزوع نحو رؤية جديدة تعبر عن التقدم والتطور المجتمعي الحالي. وعليه وجب اهمال ركائز الفكر الإسلامي، ومقولاته الأساسية بحجة التطور الذي يعمل على تجاوز القديم منها، والاستغناء عنها، فما كان معمولا به في السابق هو نابع من احتياجات المسلم في مرحلة مبكرة للإسلام،[61] بعيدا كل البعد عن احتياجات الزمن الحاضر.
5-5) نزع القداسة عن النص القرآني: واعتباره مجرد نص تاريخي عادي منوط بزمن ماضي فقد سلطته وصلاحيته منذ زمن. لذا وجب تجديده وتحديثه تماشيا مع مستجدات العصر، حيث يقول (علي حرب):” كيف نقرأ النصوص قراءة نقدية تاريخية ونزعم أننا لا ننزع عنها صفة التعالي والقداسة؟ فلا مجال إذن للمداولة والالتفاف بل بالأحرى والأولى مجابهة المشكلة بدلا من الدوران حولها.” [62]
خاتمة:
ان مجمل ما طرحه الحداثيون العرب في مسالة تطوير الإسلام وعصرنته، ما هو الا محاكاة للمقولات الغربية الاستشراقية، التي رسخت فكرة ضرورة تجديد الإسلام وتطويره، استنادا على أساليب ومناهج العلوم التجريبية الغربية التي لا تتناسب مع القضايا الدينية عموما، والإسلام خصوصا. فالمنهج التطوري القائم على المادية والوضعية والتاريخية والماركسية، جلها ايديولوجيات تبناها المفكرون العرب كخلفية فكرية للقراءات القرآنية المعاصرة. فالنزعة التطورية القائمة على انكار الغيبيات، كانت ولاتزال الركيزة الأساسية في انتشار الفكر الالحادي في الغرب الأوربي. وعلى الرغم من ذلك عمد النهضويون العرب إلى تطبيقه على التراث الإسلامي اقتداء بالمستشرقين، الامر الذي أدى الى التوصل الى النتائج ذاتها التي تتجلى في ضرب قواعد المنظومة الإسلامية ككل، وتفريغها من مضمونها، عن طريق الطعن في شمولية مبادئها وتشريعاتها، وتشويهها وتمييعها من اجل التماهي مع النموذج الغربي.
قائمة المصادر والمراجع:
- أحمد إدريس الطعان: العلمانيون والقرآن الكريم، ط1، دار بن حزم، الرياض 2007م.
- بسطامي محمد سعيد: مفهوم تجديد الدين، ط 2، مركز التأهيل للدراسات والبحوث المملكة العربية السعودية، 2012م.
- بوشنسكى (إ.م): الفلسفة المعاصرة في أوروبا، تر: عزت قرني، المجلس الوطني للفنون والثقافة والآداب، الكويت، 1992م.
- حسن حنفي: التراث والتجديد موقفنا من التراث القديم، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، (د، ت).
- ….: من العقيدة إلى الثورة المقدسات النظرية، دار التنوير للنشر والطباعة والمركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، لبنان، 1988م.
- حمادي ذويب: السنة بين الأصول والتاريخ، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2013م.
- درياز أنوف: محاضرات في تاريخ الماركسية، تر: جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، 1970م.
- صلاح عثمان: الدارونية والإنسان نظرية التطور من العلم إلى العولمة، منشأ المعارف، الإسكندرية 2001م
- طيب تيزني: النص القرآني أمام البنية والقراءة، دار الينابيع للنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 1997م.
- ….، محمد سعيد رمضان البوطي: الإسلام والعصر تحديات وأفاق، ط2، دار الفكر، دمشق، 1999م.
- عبد الباسط عبد المعطي: اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998م.
- عبد الله العروي: ثقافتنا في ضوء التاريخ، ط 4، المركز الثقافي العربي، 1997م.
- علي حرب: نقد النص، ط4، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 2005م.
- غازي الصوراني: مدخل إلى الفلسفة الماركسية، ط1 غزة، 2018م.
- غولد زيهر: العقيدة والشريعة، دار الرائد العربي، بيروت لبنان، (د، ت).
- فتح الدين أبو الفتح البيانوني: مدخل الى الاستشراق المعاصر وعلم الحديث، مكتب الملك فهد الوطنية، الرياض، 1433ه.
- فلاديمير لنين: سيرة مختصرة وعرض للماركسية، ط1، تونس، (د، ت).
- كمال التابعي: تغريب العالم الثالث، ط2، دار النصر، القاهرة، 1995م.
- محمد أركون: الفكر الإسلامي قراءة علمية، تر: هاشم صالح، ط2، مركز الإنماء القوي، بيروت، 1996م.
- محمد شحرور: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، الأهالي للطباعة للنشر والتوزيع، دمشق سوريا، (د،ت).
- ………: نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، ط1، دار الأهالي، دمشق، 2000م.
- محمد عابد الجابري: القرآن والحداثة، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، 1982م.
- ………: مدخل إلى الفلسفة العلوم والنصوص في الأبستمولوجيا المعاصرة، ج2، ط2 دار الطليعة، بيروت، 1982م.
- ……..: مدخل إلى القرآن الكريم في التعريف بالقران الكريم، ط1، ج1، دار الدراسات الوحدة العربية بيروت، 2006م.
- محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، (د،ت).
- محمد عمارة: الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، دار الشروق، القاهرة، 2003م.
- محمد محمد حسن: الإسلام والحضارة الغربية، دار الفرقان، القاهرة، (د، ت) ص 137.
- نصر حامد أبو زيد: نقد الخطاب الديني، ط2، سينا للنشر، القاهرة، 1994.
- هادي المدرسي: عن الإنسان والمادية الدارونية، دار التعاون، (د، ت).
2/المعاجم والقواميس:
- إبراهيم مدكور: المعجم الفلسفي، البيئة العامة لشؤون المطابع، مديرية مصر، 1983م.
- جميل صليبيا: المعجم الفلسفي، ج1، دار الكتاب اللبناني، لبنان، 1982م.
- مراد وهبي: المعجم الفلسفي، دار قباء، مصر 2007م.
3/المجلات والدوريات:
- حسن غالي: إشكالية المنهج في علوم الإنسان بين الأصل والعصر، المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 07، ديسمبر 2018م.
4/الاطروحات الجامعية:
1.حسن بشاتي: الحداثة في الفكر العربي المعاصر وإشكالية الخصوصية والعالمية دراسة تحليلية نقدية، إشراف عبد الرحمان بوقاف، أطروحة دكتوراه، جامعة الجزائر، (2005م -2006م).
[1] هادي المدرسي: عن الإنسان والمادية الدارونية، دار التعاون، (د ت)، ص .12
[2] جميل صليبيا: المعجم الفلسفي، ج1، دار الكتاب اللبناني، لبنان، 1982م، ص 293.
[3] إبراهيم مدكور: المعجم الفلسفي، البيئة العامة لشؤون المطابع، مديرية مصر، 1983م، ص 47.
[4] جميل صليبيا: المعجم الفلسفي، ص 295.
[5] صلاح عثمان: الدارونية والإنسان نظرية التطور من العلم إلى العولمة، منشأ المعارف، الإسكندرية 2001م، ص ص 33-34.
[6] هادي المدرسي: عن الإنسان والمادية الداروينية، ص 12.
[7] صلاح عثمان: الدارونية والإنسان، ص 193.
[8] محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، (د،ت)، ص 15.
[9] عبد الباسط عبد المعطي: اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998م، ص 62.
[10] كمال التابعي: تغريب العالم الثالث، ط2، دار النصر، القاهرة، 1995م، ص 65.
[11] المرجع نفسه: ص.73
[12] المرجع نفسه: ص ص 77-79.
[13] المرجع نفسه، ص 62.
[14] صلاح عثمان: الداروينية والإنسان، ص 122.
[15] المرجع نفسه: ص 123.
[16] المرجع نفسه والموضع نفسه.
[17] المرجع نفسه: ص 127.
[18] المرجع السابق: ص ص 126-127.
[19] المرجع نفسه: ص ص 124-125.
[20] جميل صليبيا: المعجم الفلسفي، ص 579.
[21] حسن غالي: إشكالية المنهج في علوم الإنسان بيب الأصل والعصر، المجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد السابع، ديسمبر 2018م، ص 60.
[22] محمد عابد الجابري: مدخل إلى الفلسفة العلوم والنصوص في الأبستمولوجيا المعاصرة، ج2، ط2 دار الطليعة، بيروت، 1982م، ص 48.
[23] حسن غالي: إشكالية المنهج في العلوم الإنسانية، ص 07.
[24] مراد وهبي: المعجم الفلسفي، دار قباء، مصر 2007م، ص 156.
[25] جميل صليبيا: المعجم الفلسفي، ص 229.
[26] محمد أركون: الفكر الإسلامي قراءة علمية، تر هاشم صالح، ط2، مركز الإنماء القوي، بيروت، 1996م، ص 139.
[27] المرجع نفسه، ص 139.
[28] غازي الصوراني: مدخل إلى الفلسفة الماركسية، ط1 غزة، 2018م، ص 32.
[29] فلاد يمير لنين: سيرة مختصرة وعرض للماركسية، ط1، تونس، (د،ت)، ص 12.
[30] درياز أنوف: محاضرات في تاريخ الماركسية، تر جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، 1970م، ص 4.
[31] بوشنسكى (إ.م): الفلسفة المعاصرة في أوروبا، تر عزت قرني، المجلس الوطني للفنون والثقافة والآداب، الكويت، 1992 م، ص 92.
فتح الدين أبو الفتح البيانوني: مدخل الى الاستشراق المعاصر وعلم الحديث، مكتب الملك فهد الوطنية، الرياض، 1433ه، ص 90.[32]
محمد محمد حسن: الإسلام والحضارة الغربية، دار الفرقان، القاهرة، (د ت)، ص 137. [33]
[34] بسطامي محمد سعيد: مفهوم تجديد الدين، ط 2، مركز التأهيل للدراسات والبحوث المملكة العربية السعودية، 2012، ص 181.
[35] المرجع نفسه، ص 181.
[36] المرجع نفسه، ص 182.
[37] المرجع السابق، ص 183، 184.
ص 91. فتح الدين أبو الفتح البيانوني: مدخل الى الاستشراق المعاصر وعلم الحديث،[38]
غولد زيهر: العقيدة والشريعة، دار الرائد العربي، بيروت لبنان، (د ت)، ص 43.[40]
فتح الدين أبو الفتح البيانوني: مدخل الى الاستشراق المعاصر وعلم الحديث، ص93.[42]
[43] بسطامي محمد سعيد: مفهوم تجديد الدين، ص 184.
[44] المرجع نفسه، ص 185.
[45] حمادي ذويب: السنة بين الأصول والتاريخ، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2013م، ص 307.
[46] محمد أركون: الفكر الإسلامي قراءة علمية، ص 139.
[47] المرجع نفسه: ص 137.
[48] نصر حامد أبو زيد: نقد الخطاب الديني، ط2، سينا للنشر، القاهرة، 1994، ص 95.
[49] عبد الله العروي: ثقافتنا في ضوء التاريخ، ط 4، المركز الثقافي العربي، 1997م، ص 16.
[50]حسن بشاتي: الحداثة في الفكر العربي المعاصر وإشكالية الخصوصية والعالمية دراسة تحليلية نقدية، إشراف عبد الرحمان بوقاف، أطروحة دكتوراه، جامعة الجزائر، 2005م -2006م، ص 265.
[51] حسن حنفي: التراث والتجديد موقفنا من التراث القديم، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، (د،ت)، ص ص 135-136.
[52] حسن حنفي: من العقيدة إلى الثورة المقدسات النظرية، دار التنوير للنشر والطباعة والمركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، لبنان، 1988م، ص 71.
[53] طيب تيزني: النص القرآني أمام البنية والقراءة، دار الينابيع للنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 1997م، ص ص 298-299.
[54] محمد شحرور: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، الأهالي للطباعة للنشر والتوزيع، دمشق سوريا، (د،ت)، ص ص 103-104.
[55] المرجع نفسه: ص 473.
[56] محمد عمارة: الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، دار الشروق، 2003م، ص 60.
[57] محمد عابد الجابري: القرآن والحداثة، المركز الثقافي العربي، ط1، الدار البيضاء، 1982م، ص ص 54-55.
[58] أجمد إدريس الطعان: العلمانيون والقرآن الكريم، ط1، دار بن حزم، الرياض 2007م، ص 33.
[59] محمد شحرور: نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي، ط1، دار الأهالي، دمشق، 2000م، ص 125.
[60] محمد عابد الجابري: مدخل إلى القرآن الكريم في التعريف بالقران، ط1،ج1، دار دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006، ص 190.
[61] طيب تيزيني، محمد سعيد رمضان البوطي: الإسلام والعصر تحديات وأفاق، ط2، دار الفكر، دمشق، 1999م، ص ص 114-116.
[62] علي حرب: نقد النص، ط4، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 2005م، ص77.