
ملامح الحداثة السياسية في فلسفة جون جاك روسو:من الحياة العارية إلى بناء المُجتمع السياسي
الباحث محمد الجلالي/جامعة الحسن الثاني، المغرب
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 50 الصفحة 9.
ملخص:
يهدف هذا المقال مقاربة موضوع الحداثة السياسية عند جون جاك روسو، من خلال الوقوف على أبرز ما ورد في كتابه العقد الاجتماعي، الذي يعتبر حسب العديد من الباحثين بمثابة إنجيل للثورة الفرنسية ، إذ جسد جان جاك روسو من خلال أعماله الرائدة مثالا للفيلسوف المهموم بإشكالات عصره والمنخرط بشكل فعال في المناقشات السياسية المتجددة التي تُعرض على الفضاء العمومي، من خلال التنظير للرهانات التي تسعى الحكومات الحديثة إلى تحقيقها ؛ حيث وجه نقدا لاذعا للأوضاع المتدهورة التي كانت تشهدها فرنسا وأوروبا إبان الثورة الفرنسية، الأمر الذي أضفى على كتاباته صفتي المعيارية والراهنية.
.الكلمات المفتاحية: السياسة، الحداثة، العقد الاجتماعي.
Abstract
This article aims to approach the issue of political modernity as put forth by Jean Jacques Rousseau through highlighting the most important thoughts in his book”The Social Contract”, which, according to many researchers, is tantamount to a bible of the French Revolution. Through hispioneeringwork, Jean-Jacques Rousseau set the example of the committed philosopher who had always been concerned with the problems of his time and fullyinvolved in the political debates thattook place in the public space by propoundingpracticalparadigmssought by modern governments. On top of that, hesharplycriticized the deteriorating conditions that France and Europe had been witnessingduring the French Revolution. Accordingly, this has strongly provedthathis insights are stillenjoyingmomentum.
Key words: politics, Modernity, Social Contract
مقدمة.إن مُساءلة الفكر الحداثي انطلاقا من استحضار المساهمات الفلسفية التي أثثت سياق ومجال اشتغاله تفرض علينا بالضرورة الوقوف على محطة أساسية من تاريخ الفلسفة السياسية الحديثة، يتعلق الأمر بجون جاك روسو، الذي يعتبر من أبرز ممثلي فلسفة الأنوار والاتجاه المساواتي إلى جانب ثلة من الباحثين والفلاسفة أمثال فولتير، مونتيسكيو، ديدروود الامبير…بحيث قدم جان جاك روسو من خلال أعماله الرائدة مثالا للفيلسوف المهموم بإشكالات عصره والمنخرط بشكل فعال في المناقشات السياسية المتجددة التي تُعرض على الفضاء العمومي،من خلال التنظير للرهانات التي تسعى الحكومات الحديثة إلى تحقيقها ؛ حيث وجه نقدا لاذعا للأوضاع المتدهورة التي كانت تشهدها فرنسا وأوروبا إبان الثورة الفرنسية، الأمر الذي أضفى على كتاباته صفتي المعيارية والراهنية، بحيث تحضر الروح الفلسفية لجون جاك روسو في التحليل السياسي للفلسفة المعاصرة مع جون راولزJean RawlsويورغنهابرماسJurgen Habermas وقبل ذلك مع فيلسوف “الواجب”إيمانويل كانطEmanuel Kant ،الذي اعترف في مناسبات عديدة بفضل جون جاك روسو على تفكيره السياسي والتربوي بحيث قال:” مر زمن كنت أعتقد فيه أن البحث عن الحقيقة وحده كاف لأن يكون شرف الإنسانية؛ وكنت أحتقر الإنسان العادي الذي لا يُدرك شيئا؛ وقد دفعني روسو إلى الطريق الصحيح؛ لقد تلاشى هذا الحكم الأعمى وتعلمت احترام الطبيعة الإنسانية، ولقد اعتبرت نفسي أقل فائدة بكثير من العامل البسيط، إذ لم أعتبر أن فلسفتي من الممكن أن تُساعد البشر على إثبات حقوقه الإنسانية”[1].لقد كان كانط قارئا متحمسا لروسو الذي علمه كيفية التعاطف مع عامة الناس، واحترامه لحق كل إنسان في أن يعامل بوصفه غاية في ذاته، وتفضيله للنظام الجمهوري الديمقراطي على نظام الحكومة الملكية[2].
وإذا علمنا بأن بداية التنوير كانت فرنسية الروح استطعنا معرفة مدى التأثير الذي مارسه روسو إلى جانب العديد من المفكرين،الذين راهنوا على نشر الأفكار الرامية إلى نشر قيم الحرية والتقدم والمساواة والإخاء محدثين بذلك قطيعة أخلاقية وسياسية مع الماضي، تجسدت بشكل فعلي في حدث الثورة الفرنسية التي ناهضت القهر والاستبداد والعنف ورسمت المعالم الأولى لرحلة الدفاع عن كرامة الإنسان.
مسعى هذا العمل هو مُقاربة إشكالية الحداثة السياسية عند جون جاك روسو، كما تبلورت في كتابه حول العقد الاجتماعيDu contrat social الذي يعتبر الوصفة المثالية لبناء المجتمع الحديث في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية كذلك.
تدفعنا المعطيات السالفة إلى إثارة إشكالات عدة هي من صميم اهتمام الفكر الفلسفي بمسألة الحداثة السياسية عند روسو من قبيل: ما هي أبرز ملامح الحداثة السياسية عند فيلسوف الإرادة العامة ؟ وما هيالإضافة التي قدمتها نظرية جان جاك روسو حول العقد الاجتماعي بالمقارنة مع ما كان رائجا في عصره؟ وما هو الأثر الذي تركته النظرية الروسوية في السياسة والمجتمع على الفلسفة الحديثة والمعاصرة ؟
أولا : جان جاك روسو: التاريخ والسياق (1712-1778).
هناك تعود فكرة للفيلسوف الألماني كارل ماركس Karl Marx تقول بأن الفلسفة هي الخلاصة الروحية لعصرها وأن “الفلاسفة لا يخرجون من الأرض كالفطر بل إنهم ثمرة عصرهم وبيئتهم”[3]،وهذا يعني بأن فلسفة أي فيلسوف ما هي إلا انعكاس لحياته وبيئته ونوع ثقافته، وإذا كان من غير الممكن التسليم بهذا الرأي دون المحاججة عليه ، فإنه لدينا على الأقل في جان جاك روسو وفلسفته دليلا واضحا يُدعم رأي كارل ماركس إلى حد كبير، حيث أن دراسة الظروف والحيثيات المرتبطة بحياة هذا الفيلسوف وخصائص البيئة التي ترعرع فيها وأنواع المعارف والعلوم التي شكلت ثقافته، تُبين بدون شك العديد من الجوانب المهمة في تفكيره، وتكشف النقاب عن ماهية نظرته للممارسة السياسية في المجتمعات الحديثة.
ولد جان جاك روسو في مدينة جنيف سنة 1712من أسرة يهودية برجوازية ذات أصول فرنسية، وقد كان لمكان ولادته تأثير كبير على نظريته السياسية، فخلال القرن الثامن عشر، كانت جنيف مدينة-جمهورية صغيرة يقطنها نحو 25000 نسمة- نوعا من المدينة-الدولة Polis اليونانية لكن دون عبيد[4].
انخرط روسو مبكرا في مشاكل الحياة ، حيث توجه بإيعاز من أبيه إلى تعلم الصناعة في سن الثالثة عشرة لدى رب عمل قاس وشديد، فغادر روسو المدينة هربا منه وهو في السادسة عشرة من عمره، فأخذ يمنهن شتى الحرف في سويسرا وإيطاليا، وبعد ثمان سنوات تعرف في (سافوي) على سيدة ثرية وفرت له قدرا من الاستقرار المادي، فاستطاع تكوين نفسه، حيث تعلم الموسيقى والألسنة وقرأ كتب الفلاسفة[5] وبعد خمس سنين قصد باريس ثم غادرها إلى البندقية، وعاد إلى باريس وهو في الثالثة والثلاثين؛ وأخذ يتردد على العديد من المفكرين خاصة ديدرو[6].
دشن روسو انطلاق مشروعه الفلسفي بالمشاركة في مسابقة نظمتها صحيفةMercure de France حول أفضل مقالة تٌقارب موضوع تقدم العلم بين تهذيب الأخلاق وإفسادها، حيث صاغت المجلة الإشكالية في السؤال التالي: هل ساهم التقدم العلمي في فساد الأخلاق أم في تهذيبها؟[7].
كتب جون جاك روسو المقالة داعما طرحه عن حالة الفساد الأخلاقي بحجج دامغة تؤكد على أن التقدم البشري في مجال الثقافة والفنون والعلوم والتمدن مؤشر على فساد طبيعة الإنسان طالما أنه يبعده عن طبيعته الأصلية وعن ثقافة الجسد ومهاراته التي كانت المرتكز الأساسي للحياة داخل حالة الطبيعة التي تسبق الحالة المدنية. بحيث أدى التزايد المتتالي للحاجات إلى انحلال المجتمع وإلى فقدان بوصلة التوجه الأخلاقي. وهي الفكرة التي سيبقى روسو متشبثا بها في معظم مؤلفاته.
وخلال رحلته الفكرية الخالدة قدم جان جاك روسو للإنسانية العديد من المؤلفات، اتفقت على أن الشرور التي يُعاني منها الإنسان هي نتيجة حتمية للحضارة المصطنعة التي شيدها، لذلك أثنى في مقالاته المبكرة- مقالات عن العلوم والفنون سنة 1750 ومقالات عن أصل وأسس التفاوت بين البشر سنة 1753- على حياة الإنسان الطبيعي، حيث كان الجميع متساويين، قبل أن يحُط ظهور الملكية الخاصة من وضع بعض الناس إلى حالة من الفقر والعبودية، ويُفسد آخرين عن طريق حياة مُصطنعة من الترف والتكاسل[8]. وكل ما كتبه روسوكان تعبير عن فكر فرد من الشعب عرف لون البؤس وضنك الحياة قبل أن يعرف القراءة والكتابة، حتى أن أفكاره بدت وكأنها ثورة ضد قيم مجُتمع مُتبرج ومُنحط لا يهتم إلا بملذاته، وربما كان هذا هو السبب في أنه أصبح مفكر ثورة[9]، كما تؤكد الأدبيات المهتمة بعلاقة الفلسفة بالثورة.
ثانيا : منزلة جون جاك روسو في فلسفة الأنوار.
لا تنفصل فلسفة جان جاك روسو وأفكاره السياسية عن السياق التاريخي للقرن الثامن عشر؛ فقد شكل إلى جانب ثُلة من المفكرين تيارا فلسفيا يُعنى بإحلال المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية أمام جبروت الحكم المطلق وأمام الوصاية التي تفرضها الكنيسة على الإنسان[10]؛ إذ أن الخيط الناظم الذي يوحد بين أدبيات فلسفة عصر الأنوار هو التنظير للفكر البرجوازي ولنظامه الذي بدأ يتشكل شيئا فشيئا، بحيث انطلق مُعظم فلاسفة العصر الحديث من نقد وتقويض دعائم النظام الإقطاعي الذي هيمن على الحياة العامة في جميع مستوياتها الاجتماعية الاقتصادية والسياسية[11]. هذا النظام المُضاد للصواب إذا ما وُجد، والمخالف لمبادئ الحقوق الطبعية ولكل سياسة صالحة[12].
وتتمظهر هذه النزعة التقويضية في خُصوصية الأعمال التي خلفها مفكرو الأنوار، وكذا الإشكالات التي أثاروها في هذا السياق، والتي ألحت على ضرورة توجيه الإنتاجات الفكرية والأدبية إلى الاهتمام بنقد النظام الإقطاعي وما يرتبط به من تنظيمات سياسية ودينية واقتصادية استعبدت الإنسان، وشلت حركته، وقيدت حريته. فعندما يُشير جون جاك روسوفي مؤلفاته إلى أن الحالة الطبيعية هي مرحلة ذهبية في حياة الإنسان -بما تُمثله من إقبال على الحياة، وتمتع بالحرية والمساواة، وبساطة العيش_يُعبر عن موقفه الرافض والمتشائممن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية التي وسمت المجتمع الفرنسي والمجتمعات الأوروبية خلال القرن 18.
ساهمت هذه الأوضاع المزرية والموجهة بتأثير هيمنة الحكم المطلق وسيطرة الفكر الكنسي الوثوقي/الدوغمائي· في بروز العديد من ردود الفعل، دفعت مفكرو عصر الأنوار على اختلاف اهتماماتهم إلى توجيه سهامهم النقدية للأوضاع القائمة التي تتميز بالركود والرتابة؛ الأمر الذي سيجد تعبيرها لأصيل وتجسيده الواقعي في نهاية المطاف مع اندلاع الثورة الفرنسية سنة1789.[13] فبين الشعارات التي رفعها فلاسفة الأنوار وحدث الثورة مسافة زمنية كانت كفيلة بإنتاج مُشترك فكري ونضالي أضحى في ما بعد خطاب لُغوي ومطلب حُقوقي يُلائم تطلعات الإنسان على المستوى الكوني.
تكمن أهمية الفلسفة السياسية عند روسو إذن في كونها فلسفة فاعلة ومُنفتحة على تناقضات المجتمع وأزماته.وعلى الرغم من أن العديد من المفكرين يُضفون على نظريته السياسية نوعا من “المثالية” والرومانسية·. إلا أنها على المستوى الفلسفي تعتبر نظرية غنية بالمشاريع وحُبلى بالمواقف السياسية مثل الديموقراطية·، والاقتراع العام…إذ جسد كتاب العقد الاجتماعي Du contrat Socialبإجماع الفلاسفة والمفكرين المثل السياسي الأعلى في صياغة بنود الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان والمواطن الصادر عن الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1789غداة قيام الثورة الفرنسية[14]،هذه الوثيقة التي مثلت قطيعة مع الأنظمة القديمة، وساهمت في تطوير مفهوم المواطنة نحو ممارسة سياسية تقوم أساسا على توسيع المشاركة في تدبير الشأن العام وتقييد السلطات[15].
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم تباين الاهتمامات الفكرية لفلاسفة إلا أنهم يتكاملون على المستوى التطبيقي العملي في سعيهم لتحرير الإنسان من قيود الاستبداد السياسي والديني، ورفعهم لشعار مركزية الإنسان في الكون، تلك الصرخة التي أطلقها ديكارت منذ فجر الحداثة.
ثالثا : الإرهاصات الأولى لفكرة المجتمع المدني في فلسفة جون جاك روسو.
يعتبر كتاب جون جاك روسو “أصل التفاوت بين البشر” المدخل الأساسي لاستيعاب نظريته الاجتماعية والسياسية؛ ذلك أنه لا يمكن أن نفهم أفكار العقد الاجتماعي إلا إذ وقفنا بتمعن على القضايا التي أثارها الكتاب السابق، فالمعطيات الواردة فيه هي وحدها الكفيلة بتفكيك شفرات نظرية جون جاك روسو في الاجتماع والسياسة على حد سواء.
يبني جون جاك روسو فلسفته السياسية على أطروحة الحالة الطبيعية- كما هو الشأن بالنسبة لهوبس ولوك-السابقة لظهور القوانين والدولة، وهو يُصرح منذ البداية على أن مرحلة الطبيعة هي فكرة افتراضية فقط؛ على اعتبار أنها لا يمكن أن تكون حقيقية أو خيالية بشكل مُطلق، لأن الشواهد والوثائق التاريخية، لم تكشف على وجود مرحلة تاريخية بهذه التسمية ” حالة الطبيعة”. لكن على الرغم من ذلك فإن الانطلاق منها يبقى ضروريا لإبراز كيفية الانتقال من وضعية إلى أخرى، حيث يقول: ” أنه يجب أن لا نعد البحوث التي قد نخوض فيها حول هذا الموضوع حقائق تاريخية ولكن قياسات افتراضية· مُعلقة على شروط من شأنها أن توضح طبيعة الأشياء أكثر مما تهدي إلى أصلها الحقيقي، أما وموضوعي يسترعي اهتمام الإنسان بوجه عام، فإني سأجتهد أن يكون أسلوب تعبيري ملائما لجميع الأمم بل إني إذا أتناسى الأزمنة والأمكنة، بحيث لا أفكر إلا بالناس الذين أخاطبهم، سأفترض نفسي في مدرسة أثينا أعيد تلاوة دروس معلمي متخذا أمثال أفلاطون وكسينوقراط قُضاة والجنس البشري مستمعا”[16].
يرى جون جاك روسو” إن البشر في حالة الطبيعة ليسوا لا صالحين ولا أشرارا، إذ لا تجمع بينهم أية علاقة أخلاقية أو واجبات مشتركة”[17]، وهنا يتعارض مع هوبس Tomas hobbes[18] الذي يعتقد بأن الإنسان الطبيعي شرير بطبعه لأنه لا يمتلك أي فكرة عن الخير والشر،فهو مجبول على تحقيق رغباته وتلبية شهواته[19]. وفي المقابل يعتقد جون جاك روسو أن الإنسان بطبيعته خير يحب ذاته ويدافع عن مصالحه، وفي نفس الوقت يتعاطف مع الآخرين، فالإنسان شعوريا ووجدانيا، يسعى للاجتماع بغيره من الناس، لأن الناس في حالة الطبيعة خيرون لا يوجد فيهم المكر والخداع وروح العدوان والغدر الذي تحدث عنه توماس هوبس، حيث كان الناس في حياة الطبيعة محكومين بالطبيعة البشرية التي هي ضد الشرور وضد تسلط أحد على أحد، أما الشرور والمفاسد فهي لا تنتمي إلى الطبيعة البشرية بل هي من فعل المدنية والتقدم، وبفضل ظهور الملكية الخاصة[20].
كان الإنسان في مرحلة الطبيعة يتصف بالحرية التي تُتيح له إمكانية تحقيق كل أهدافه بدون قيد أو شرط يحد من إرادته، حيث أتبث روسو في كتابه أصل التفاوت بين البشر، على أن أفراد المجتمع قد عاشوا أحرارا وصالحين وخيرين طالما رضوا بكوخهم البسيط، واكتفوا بلباس الجلود ثيابا وبالريش زينة ؛ أي طالما لم يهتموا إلا بالأعمال التي في مقدور فرد واحد القيام بها، لكن ما أن راودت الإنسان حاجة إلى أن يؤازره أخر حتى اختفت المساواة وظهرت الملكية وغدا العمل ضروريا. ذلك أن بروز الملكية الخاصة كان بمثابة الخُطوة الأولى نحو الحالة المدنية، فقد أدى ظهور الصناعة والزراعة إلى تمدن الإنسان وتقسيم الأراضي وبالتالي ظهور التمايز بين الغني والفقير[21].
يعصف الاجتماع البشري إذن في نظر روسو بالحياة الخيرة للإنسان ويدخلها في متاهة التدهور والانحطاط ، وفي هذه المرحلة يبرز التفاوت والاستغلال بين الناس، على اعتبار أن الاجتماع الإنساني يتأسس على مفهوم المصلحة الخاصة وليس على المصلحة العامة، وبالتالي فإن تداخل المصالح وتضاربها من شأنه أن يِؤدي إلى الصراع والفوضى على شاكلة حالة الحرب المُزية التي تحدث عنها توماس هوبس في كتابه “اللفياتان”.
أدى ظهور الملكية الفردية إلى اكتشاف المجتمع المدني وموازاة مع ذلك تدهور الجنس البشري وفقد فضائله الخيرة التي كان يعرفها في مرحلة الطبيعة؛ إذ أن : ” أول من سور قطعة من الأرض وقال هذه لي ووجد حوله أناسا بلغت سذاجتهم درجة تصديقه كان هو المؤسس الحقيقي للمجتمع المدني، وكم جريمة وحرب وقتل وبؤس وهول كان الممكن أن يوفرها على البشر ذلك الشخص الذي كان يستطيع أن يخلع الأوتاد ويرفع الحواجز ويملأ حفرة الحدود ويهيب بالناس قائلا احترسوا من الإصغاء إلى هذا الدجال واحذروا أن تصدقوا مزاعمه الباطلة، إنكم تظلون أيما ظلال إذا نسيتم أن الثمرات كلها للجميع وأن الأرض ليست ملكا لأحد”[22]. فالملكية الفردية -حسب روسو- عامل سلبي في تاريخ الإنسانية،لأنها تُنتج اللامساواة وتؤدي إلى تداخل المصالح وإلى الاستغلال والعبودية،إذ أن ” إن تكوين جميع الشرور كان أولى نتائج التملك”.[23]
والحقيقة أن هذا الكتاب ” أصل التفاوت بين البشر” قد ألهم مجموعة من الباحثين والمفكرين الماركسيين للاشتغال على أصل التفاوت والتمايز الطبقي ذلك أن روسو يعترف بشكل ضمني بالقيمة الاجتماعية والسياسية للملكية الجماعية للأرض التي لا ينبغي تقسيمها على شكل ملكيات خاصة ،ذلك أن التقسيم هو السبب الأساسي في حدوث التفاوت بين البشر. الأمر الذي يؤدي إلى حدوث نوع من التقارب بين روسو والماركسية على مستوى المبادئ العامة ، وذلك في سياق النظر إلى الملكية الفردية ولوسائل الإنتاج من منظور سياسي تاريخي له تأثير كبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد.
ولعل أفضل تعبير عن الأفكار السياسية لجون جاك روسو هو كتابه ” في العقد الاجتماعي du contrat social ” الذي اهتم فيه بالبحث عن مبادئ الحق السياسي وبتوضيحها على ضوء المعلومات المتوفرة والتي تصب أساسا في التنظير لمجتمع متماسك سياسيا بفعل قوة البنود التي يحتوي عليها الميثاق الاجتماعي. لم يكن جان جاك روسو يسعى إلى تفكيك الأشكال والتنظيمات السياسية التي أفرزها التاريخ لكن ما يؤطر توجهه العام هو البحث في ما يجب أن يُوجد فعلا؛ حيث اتسم فكره السياسي بالبناء المتواصل. يقول روسو في هذا السياق :“ إنني أستهل كلامي في موضوعي دون البرهان على أهميته. وإذا ما سألني أحدهم أأنا أمير أم مشرع حتى أكتب في السياسة؟ لأجبت بأنني لا هذا ولا ذاك ومن أجل ذلك أكتب في السياسة. ولو كنت أميرا أو مشرعا لما أضعت وقتي في قول ما يجب فعله. كنت أفعله أو كنت أسكت“[24]
ولقد تمت الإشارة إلى أن روسو قد وجه انتقادات حادة للعلاقات الاجتماعية القائمة في مقالته حول اللامساواة، لكن يمكن القول إن موقفه السياسي بقي في النهاية واحدا. ويُمكن أن نستشف هذا المُعطى إذا ما قارننا بين مضامين مؤلفاته. فعلى سبيل المثال يفتتح روسو الفصل الأول من كتابه العقد الاجتماعيDu Contrat social بالحديث عن الأغلال والقيود المحيطة بالإنسان حيث يقول:”يُولد الإنسان حرا، لكنه يُكبل بالأصفاد في كل مكان، وهو يظن أنه سيد الآخرين “[25]،ويختم كتابه أصل التفاوت بين البشر بإقامة معارضة بين العقد الاجتماعي وقوانين اللامساواة القائمة فعلا. وهذا يؤكد بأن روسو ظل حريصا على الاهتمام بالإنسان من خلال البحث عن السبيل الكفيلة لتطوير حياته في مُعظم كتاباته.
يتأسس الحق على الحرية،إذ أن النظام الاجتماعي ليس هبة من الطبيعة للإنسان-كما يرى روسو- فالحرية المنبثقة من الطبيعة البشرية لابد أن تُصبح من مميزات الحالة الاجتماعية، لذلك لا ينبغي لأي حكم أن يـتأسس على حق الأقوى؛ ذلك أن القوة لا تصنع الحق، وإننا لا يُفرض علينا الخضوع إلا للسلطات الشرعية[26]التي يتم التوافق حولها بالاحتكام إلى بنود الميثاق الاجتماعي. فعبر هذا الاتفاق ينشأ المجتمع المدني ، الذي تكون فيه السُلطة مُشتركة.هكذا يُصبح العقد الاجتماعي المنبع الأساسي لكل سلطة تدعي امتلاك الشرعية، وهذا يدل على أن التطور التاريخي للإنسان وانتقاله من حالة الطبيعة إلى المجتمع المدني· يُقيد حريته المطلقة لكن يُحقق له في المقابل العديد من المكاسب:” إن ما يخسره الإنسان من جراء العقد الاجتماعي، هو الحرية التي كان يتمتع بها في الطبيعة والحق اللامحدود…وما يربحه بالمقابل هو الحرية المدنية، فيكتسب بذلك الحرية الأخلاقية ،ذلك إن الخضوع للشهوة عبودية،والانصياع للقانون الذي ألزمنا أنفسنا به حرية”[27] إذ أن “انتقال الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية، يؤدي إلى تغير هام فيوضعه، يتمثل في تبديل الغريزة بالعدالة وإخضاع التصرفات للمبادئ القانونية. وبذلك سيعلو صوت الواجب على الأهواء، والحق على الأطماع ؛ بحيث لن يخضع الإنسان إلا للمبادئ العقلية التي وضعها بنفسه ؛ فالحرية الأخلاقية التي تجعل الإنسان سيد نفسه، هي من مكتسبات الحالة المدنية، وسيكون الخضوع للقانون الذي وضعه هذا الإنسان/ بمثابة الحرية”[28].فكيف يتم الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى مرحلة المدنية؟
يتلخص مضمون العقد الاجتماعي على النحو التالي:” يضع كل واحد منا شخصه وكامل طاقاته تحت الإمرة العُليا للإرادة العامة، ويُعامل كل عضو على أنه جزء لا يتجزأ من الكل”[29]؛ بحيث يجد الفرد نفسه مُلزما على أن يتنازل عن حريته الطبيعية، وأن يتفق مع باقي أفراد المجتمع، أي يستبدل حُريته الطبيعية بالحرية المدنية ؛ لأن غاية العقد الاجتماعي هي السهر على الحفاظ على حياة المتعاقدين والدفاع عن حقوقهم أمام بطش وعُنف الغير. فكل “قانون لم يُصادق عليه الشعب شخصيا هو بحكم اللاغي وما هو بقانون”[30]،فالقانون تجسيد لروح الجماعة التي منحت جُزء من حرياتها للسيد لتجاوز محنة الصراع والعنف.ومن ثمة فكل قانون لا يأخذ هذه الفكرة بعين الاعتبار هو قانون جائر وظالم و لا يلائم حقيقة المُجتمع السياسي الذي ينشده الإنسان.فالإرادة العامة مُستقيمة ولا تهدف إلا إلى تحقيق المنفعة العامة والصالح العام[31]؛ فهي الهيئة التي يتنازل لها الفرد عن جزء من حُقوقه المكتسبة في حالة الطبيعة ليحفظ الجزء الأكبر منها في مرحلة المجتمع المدني وهي نتاج للاتفاق بين أفراد المجتمع.
يرفض روسو بنزعته الفردية نظام الأحزاب،ذلك أن صراع المصالح الخاصة لا يُولد في رأيه القوة التي تُحدد الإرادة العامة، فالأحزاب كهيئة تمثيلية لا تُساهم في نسج صورة الإرادة العامة،وانما على العكس، تساهم في عدمتجليها،والملاحظ أن هذا النقد التي يوجهه روسو يستند على تصور مثالي للممارسة السياسية.أما السلطة السيادية في نظره واحدة لا تتجزأ فهي ملك للشعب الذي لا سيادة لأحد سواه، والحرية والمساواة هما المبدآن الموجهان للإرادة العامة. فقد تصور روسو، في الجوهر، أفراد الشعب في الدولة على أنهم أسياد؛ لذلك فهم ينظرون مجتمعين وبحرية في ما يشكل أفضل المصالح للمجتمع ليقروها؛ أي أن الناس هم مواطنون ومتابعون على التوالي: مواطنون حين يصوغون الإرادة العامة، وتابعون في طاعتهم لتبعات هذه القرارات. لكنهم في كلتا الصفتين أحرارا حقيقيون متحررون من أية سلطة اعتباطية متوقفة على الأهواء والنزوات الشخصية.والمقصود هنا بحرية المواطنين هو أنه بموجب العقد الموقع بينهم تندرج الإرادة الفردية الخاصة بكل منهم تحت الإرادة العامة وتمتزج بها مما يجعل الفرد والهيئة السياسية كيانا واحدا. ومن ثم فقد حول العقد الاجتماعي الفرد الذي يعد كيانا كاملا منفردا إلى جزء من كيان كلي كبير يتلقى منه هذا الفرد ما يشكل حياته وكينونته. ” من هنا يمكن القول إن العقد قد حقق التماثل والتماهي بين الفرد والهيئة السياسية. وانضمام كل واحد إلى الجمع لا ينفي تبعيته لذاته ذلك أنه وفقا للعقد الاجتماعي ينتمي إراديا للهيئة السياسية. في الحالتين السياسية والاجتماعية يخضع الفرد بكامل إرادته للجمع. فالامتثال للقانون الذي ارتضاه لنفسه يحول الخضوع للقانون إلى تعبير عن الحرية. فالإنسان يكون حرا لا لكونه مستقلا وإنما لأن القانون يعبر عن إرادته الخاصة. من هنا نُدرك أن حرية الفرد تختلط باحترام سيادة الشعب الذي يعد هو نفسه جزء منها. وبالتالي تصبح الإرادة العامة مبدأ ومحل التماهي لكل الإرادات الخاصة”[32].
و ينتقد روسو في هذا السياق نظرية مونتسكيوMontesquieu في تقسيم السلط.إذ لا يمكن الحديث عن شرعية السلطة إلا إذا استندت على رضى وإرادة الأفراد الذين يجمع بينهم العقد؛ وهذا يعني أن الإرادة العامة هي التي تبث في القرارات ذات الأثر العام وتُساهم في صياغة القوانين. فهي تعبير عن إرادة الشعب غير القابلة للحد أو التنازل أو الانقسام[33].وتتحدد وظيفة السلطة التنفيذية في كونها المتصرفة بالقوة العامة، وهي التي تتولى مهمة تنفيذ القوانين؛ إذ أن كل عقد يحد من السُلطة المطلقة للشعب يُقوض أساس العقد الاجتماعي.فروسو يضع كامل ثقته في الأفراد الذين لا توجههمسوى المصلحة المشتركة، ومن الواضح هنا أن روسو يتحدث عن دولة مثالية لا أساس لها في الواقع الُمعاش.لقد شيد روسو منهجه العقلاني الصرف حول النظام السياسي بشكل يوتوبي مثالي يتناقض إلى حد كبير مع طبيعة الأنظمة السياسية التي كانت موجودة في عصره.ولقد تعرضت أراء روسو السياسية إلى الانتقاد من طرف مجموعة من المفكرين تمحور حول هذا الجانب بالذات-الجانب اليوتوبي-بالإضافة إلى جوانب أخرى مُرتبطة بمدى مشروعية هذه النظرية في تحقيق دولة الحق والقانون، أي هل يمكن بناء نظرية للحق من خلال مبدأ الإرادة العامة التي لا تحمل في طياتها أية ضمانات قانونية.
على سبيل الختام: امتدادات فكر جون روسو في الفلسفة الحديثة والمعاصرة.
تبرز قيمة وراهنيه أعمال جون جاك روسو في كونها فتحت أفقا جديدا للتفكير في الشؤون السياسية للمجتمعات المعاصرة التي تسعى إلى الاستفادة من البنود الإيجابية التي يحققها العقد الاجتماعي على مستوى الاجتماع و الأخلاق والسياسة، ولعل هذا الأمر هو ما جعل الفكر الكانطي في جوانب كثيرة منه متشبع بالروح الروسوية؛إذ يحدد كانط في كتابه أسس ميتافيزيقا الأخلاق مجموعة من القواعد الأخلاقية المؤسسة للفعل السياسي والقانوني والتي أجملها في ثلاثة صيغ:
- تصرف كما لو أنه يتعين على القاعدة التي تحكم سلوكك أن تنصب من طرف إرادتك كقانون كوني للطبيعى[34](…)
- تصرف بطريقة تجعلك تعامل الإنسانية في شخصك كما في الأشخاص الآخرين دوما وفي نفس الوقت كغاية في ذاتها وليس كمجرد وسيلة[35](…)
- تصرف دوما بحيث يمكنك أن تعتبر نفسك بمثابة مشرع وبمثابة ذات فاعلة في مملكة الغايات التي تجعلها حرية الإرادة أمرا ممكنا”[36]
هذه القواعد بمثابة قانون أخلاقي كوني لتحقيق الاستقلالية على مستويات متعددة تُضفي نوعا من الشرعية على الأخلاق الإنسانية، لكن سواء كانت هذه الأخلاق مستقلة عن ظروف التطبيق أو وفق ما يعبر عنه كانط ذات بعد كلي كوني صالح للجميع، فإنه مما لا شك فيه أن تقرير هذا القانون على أساس قاعدة الكلية يبدو وثيقا بهذا المبدأ، وكأنه تطبيق للفكرة التي دافع عنها روسو في الاستدلال على مبدأ العدالة في العقد الاجتماعي[37]. فإيمانويل كانط الذي تشبع كثيرا بأفكار مونتسكيو حول “فصل السُلط” وروسو في “العقد الاجتماعي”، شدد على استقلالية الفرد كأساس لبناء دولة المواطنة، وحصرت الصفات الأساسية للمواطنة في الحرية والمساواة والاستقلال الذاتي[38]. فمن حق الفرد في ظل الدستور المدني أن يتنفس الحرية في الفكر والفعل، ومن واجب الحكومة المدنية الفعلية أن تضمن حرية الفرد وتحميها وتُساهم في استقلاليتها. إذ ” أن النظام (السياسي)الذي يسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الحرية الإنسانية وفق قوانين تسمح لحرية كل فرد بأن تقوم وتنمو بالتوافق مع حرية الآخرين…تشكل فكرة ضرورية ينبغي أن نتخذها كأساس ليس فقط لتصوراتنا الأولية التي نقيمها عن النظام السياسي، بل أيضا كأساس لكل القوانين. وعلينا أن نغض الطرف، ونحن نتصور هذه الفكرة، عن كل المعيقات الفعلية التي قد تكون ناتجة لا محالة عن احتقارنا للأفكار الحقيقية في مجال التشريع أكثر مما هي ناتجة عن الطبيعة البشرية”[39].
نفس الفكرة يُعبر عنها الفيلسوف الأمريكي جون راولزJean Rawls في حديثه عن نظرية العدالة، بحيث يرى أن قيمة العدالة ترتبطبما تحققه ائتلاف بين مؤسسات المجتمع الإنساني؛ فالناس لا يمكن إلا أن يجتمعوا، لأن في اجتماعهم تحقيق النفع الفردي والعمومي كذلك، إذ ” ينبغي أن يتم توزيع الامتيازات واقتسامها بطريقة تضمن التعاون الإرادي لكل أفراد المجتمع، بمن فيهم أولئك الذين هم أقل حظ. يرتبط تحقيق الرخاء بتعاون الجميع، وبدون هذا التعاون لن يستفيد أي أحد من الرخاء”[40]،وراولز يفترض في هذا الإطار وجود حالة مثالية وفطرية قُصوى ينعتها بالوضعية الأصلية·، التي “لا أحد فيها يعرف مُسبقا مكانته في المُجتمع، ولا وضعه الطبقي…إن هؤلاء الشركاء لا يملكون تصورا للخير، كما لا يعرفون ميولاتهم النفسية”[41].إنهم فاعلون مفترضون حياديون ونزيهون هدفهم تأسيس مجتمع يسهرعلى الجمع بين أفراد يعترفونبقيمة العيش الجماعي. وهذا الاعتراف هو الحالة التي سيكون عليهاالمجتمع الضامن لحقوق الفرد المواطن. يتضح أن جون راولز يرى أن المواطنة تجسد مفهوما للشخص الذي يمتلك قوة أخلاقية، ليس فقط للسعي نحو تأييد وقبول الأفكار والآراء حول الحياة الخيرة ولكن أيضا لإعادة النظر فيها وتمحيصها كلما استدعى الأمر ذلك بوصفه شخصا حرا، ويطالب بحقوق يرى نفسه من خلالها الشخص المستقل غير التابع أو المنقاد إلى تصور خاص عن الخير أو أي خطة لغايات خاصة[42].
قائمة المراجع :
المراجع باللغة العربية.
- إبراهيم أبراش؛ تاريخ الفكر السياسي من حكم ملوك الآلهة إلى نهاية عصر النهضة؛ شركة بابل للطباعة والنشر الطبعة الثانية 1998.
- جان جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس، ترجمة بوليس غانم، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع بيروت1972.
- دريك هيتر، تاريخ موجز للمواطنية، ترجمة آصف ناصر ومكرم خليل، دار الساقي بالاشتراك مع مركز البابطين للترجمة، بيروت الطبعة الأولى2007.
- دومينيك شنابر و كريستيان باشولييه، ما المواطنة، ترجمة سونيا محمود نجا، المركز القومي للترجمة الطبعة الأولى 2016.
- يوسف كرم؛ تاريخ الفلسفة الحديثة، دار آفاق للنشر والتوزيع، القاهرة 2016.
- وليم كيلي رايت، تاريخ الفلسفة الحديثة، ترجمة محمود، تقديم ومراجعة عبد الفتاح إمام، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، بيروت الطبعة الأولى 2010.
- كارل ماركس، الأعمال الكاملة، القسم الأول المجلد الخامس.
- كرين برينتون؛ تشكيل العقل الحديث، ترجمة شوقي جلال مراجعة صدقي حطاب، عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت1984.
- عبد الجليل أبو المجد، مفهوم المواطنة في الفكر العربي الإسلامي،دار إفريقيا الشرق2010.
- محمد عبد الله عنان؛ المذاهب الاجتماعية الحديثة، عناصرها السياسية والاقتصادية والدستورية، مطبعة لجنة التأليف للترجمة والنشر القاهرة1959 الطبعة الرابعة.
- محمد تحزيمة، المواطنة عند جون جاك روسو، مجلة عالم الفكر، العدد 170 أكتوبر- دجنبر 2016
- مصطفى حنفي ؛ من كانط الى جان راولز؛ جدل الأخلاقي والسياسي في نظريةالعدالة, ضمن فلسفة الحق كانط والفلسفة المعاصرة منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، منشورات كلية الأداب والعلوم الإنسانية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2007.
- مصطفى حنفي، النزعة الإنسانية وإرث الأنوار، تطوان 2007.
المراجع باللغة الفرنسية.
- J.Rousseau, du contrat social, éditions les classiques universels, espace Art et Culture .
- Daniel roche « la grande révolutions du XIII eme siècle est routière et postale » ; in les textes fondamentaux de la pensée de lumières ;le point hors-série ;n. mars-avril 2010.
- P .Hassner ; la philosophie de kant(ouvrage collectifs)ed PUF ;Paris 196.
- jean Rawls , Théorie de la Justice, Tra Catherine Audard, éditions seuil, 1987.
- Gérard Raulet , Kant et citoyenneté, éditions PUF,1996 .
- Emanuel Kant, critique de la raison pure, trad . J.L Delamare et Français Marty à partir de la traduction de Jules Barni, in :œuvres philosophiques, Tome 1 , paris, Gallimard, 1980.
- Kant, Fondements de la métaphysique des mœurs.
[1]-P .Hassner ;la philosophie de Kant(ouvrage collectifs)Ed PUF ;Paris 1962p89 .
[2]– وليم كيلي رايت، تاريخ الفلسفة الحديثة، ترجمة محمود، تقديم ومراجعة عبد الفتاح إمام، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، بيروت الطبعة الأولى 2010 ص 287.
[3]– كارل ماركس، الأعمال الكاملة، القسم الأول المجلد الخامس – يقول ماركس في هذا السياق :” إن الفلسفة ليست خارجة عن الواقع. وبما أن كل فلسفة حقيقة هي عُصارة زمانها فلا بد أن يحين الوقت الذي يكون فيه للفلسفة اتصال بواقع عصرها، وعلاقات متبادلة بينها وبين هذا الواقع، لا من الداخل فقط من حيث محتواها ، بل وأيضا من الخارج من حيث مظاهرها “.
[4]– دريك هيتر، تاريخ موجز للمواطنية، ترجمة آصف ناصر ومكرم خليل، دار الساقي بالاشتراك مع مركز البابطين للترجمة، بيروت الطبعة الأولى2007 ص 104.
[5]– يوسف كرم؛ تاريخ الفلسفة الحديثة، دار آفاق للنشر والتوزيع بيروت، الطبعة الأولى، ال2016 ص182.
[6]– نفس المرجع، نفس الصفحة.
[7]– ديريك هيتر، تاريخ موجز للمواطنية، مرجع سابق .ص 105
[8]– وليم كيلي رايت، تاريخ الفلسفة الحديثة…مرجع سابق ص238.
[9]– إبراهيم أبراش؛ تاريخ الفكر السياسي من حكم ملوك الآلهة إلى نهاية عصر النهضة؛ شركة بابل للطباعة والنشر الطبعة الثانية 1998 ص271.
[10]– مصطفى حنفي؛ النزعة الإنسانية وإرث الأنوار، تطوان 2007 ص49 .
[11]-كرين برينتون؛ تشكيل العقل الحديث، ترجمة شوقي جلال مراجعة صدقي حطاب، عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون الكويت1984ص196.
[12]-J.J.Rousseau, du contrat social, éditions les classiques universels, espace Art et Culture. P.17.
[13]-Daniel roche « la grande révolutionsdu XIIIemesiècle est routière et postale » ; in les textes fondamentaux de la pensée de lumières ;le point hors-série ;n. mars-avril 2010 p32
- – يقول وليم كلي رايت عن ارتباط فلسفة جون جاك روسو بالنزعة الرومانسية ما يلي :” أما من حيث هو فيلسوف، فإن كثيرا من أفكاره التي وضعها في صورة مجردة، تختلف اختلافا كثيرا عن أفكار كتاب آخرين من عصر التنوير. ومع ذلك كانت روحه العامة وموقفه، مختلفين حتى إنه احتل مكانا بنفسه، وكثيرا ما يُصنف على أنه كان مُبشرا بالحركة الرومانسية في أوائل القرن التاسع عشر، أكثر من يكون رجل من عصر التنوير”. أنظر تاريخ الفلسفة الحديثة…مرجع سابق ص238.
- – تجدر الإشارة إلى أن روسو قد قام بتقسيم أنواع الحكم إلى ثلاثة أشكال: الملكية والأرستقراطية والديمقراطية، لكنه امتنع في نفس الوقت عن الدعوة لاختيار شكل من أشكال الحكم الثلاثة، إذ يمكن لأفضلها أن يتحول إلى الأسوء عندما تتغير الظروف، لذلك يعتقد أن شكل الحكومة يرتبط بالأوضاع المحلية الخاصة. فرغم قيمة النظام الديمقراطي مثلا إلا أنه يتسم بطابع المثالية لدرجة أنه لا يناسب حياة البشر. يقول روسو في هذا السياق: “
s’il y avait un peuple de dieu, il se gouvernerait démocratiquement, un gouvernement si parfait ne convient pas à des hommes ” voir : du contrat social, éditions les classiques universels, espace Art et Culture. P.87.
[14]– يقول ديريك هيتر في كتابه تاريخ موجز للمواطنية : ” لم تبق أفكار تلقين الفضيلة المدنية للمواطنين، وترسيخ الانضباط، في طاعة الإرادة العامة، في النطاق النظري، مجردة على صفحات العقد الاجتماعي. بل ألهمت روبسبيير بأن يحاول تطبيقها أثناء الثورة الفرنسية” ص 110.
[15]-عبد الجليل أبو المجد، مفهوم المواطنة في الفكر العربي الإسلامي،دار إفريقيا الشرق2010 ص 33.
- – نفس الفكرة نجدها حاضرة في كتاب نظرية العدالة لجون راولز، الذي استوحى مشروعه الفلسفي من نظريات العقد الاجتماعي . يقول جون راولز :” تُقابل حالة المساواة الأصلية بين الناس، في نظرية العدالة بوصفها إنصافا، حالة الطبيعة في النظرية التقليدية للعقد الاجتماعي، ولا تُعتبر هذه الحالة حالة تاريخية فعلية، ولا شكل بدائيا للثقافة، بل ينبغي فهمها بوصفها حالة افتراضية تقودنا إلى تكوين تصور محدد لعدالة”.
Voir, jean Rawls ,Théorie de la Justice, Tra Catherine Audard, éditions seuil, 1987 p 37 .
[16]– جان جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس، ترجمة بوليس غانم، اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع بيروت، 1972 ص 36.
[17]– جان جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس، مر جع سابق ص 63 .
[18]– توماس هوبس(1588-1679) فيلسوف ومفكر إنجليزي كتب عدة مقالات فلسفية وسياسية واجتماعية ومنها كتابه Léviathan الذي ظهر سنة1651 وأعتبر مرجع العلوم السياسية في عصره.
[19]– محمد عبد الله عنان؛ المذاهب الاجتماعية الحديثة، عناصرها السياسية والاقتصادية والدستورية، مطبعة لجنة التأليف للترجمة والنشر القاهرة1959 الطبعة الرابعة ص14
[20]– إبراهيم أبراش، مرجع سابق ص272.
[21]– محمد تحزيمة، المواطنة عند جون جاك روسو، مجلة عالم الفكر، العدد 170 أكتوبر- دجنبر 2016 ص189.
[22]– جون جاك روسو، أصل التفاوت بين الناس مرجع سابق ص 79.
[23]– نفس المصدر ص 93.
[24]-J.J.Rousseau, Du Contrat social, édition les Classiques Universels, Espace Art et Culture p.10.
[25]-ibid P.10.
[26]-ibid. p 14.
- – المُجتمع المدني: هو المجتمع التعاقدي المنظم وفق القانون في مُقابل المجتمع الطبيعي القائم على الأهواء والنزعات الفطرية الخاصة بكل فرد.
[27]-J.J.Rousseau, Du Contrat social, op.cit. p.22.
[28]-ibid p.22.
[29]-ibid. p.23.
[30] – ibid, p. 48.
[31] – ibid, p. 34.
[32]– دومينيك شنابر و كريستيان باشولييه، ما المواطنة، ترجمة سونيا محمود نجا، المركز القومي للترجمة الطبعة الأولى 2016 ص 53.
[33]– نفس المرجع، ص 53.
[34]-E. Kant, Fondements de la métaphysique des mœurs p 159.
[35] – Ibid. p. 159.
[36]– Ibid. p. 159.
[37]– مصطفى حنفي ؛ من كانط الى جان راولز؛ جدل الأخلاقي والسياسي في نظريةالعدالة, ضمن فلسفة الحق كانط والفلسفة المعاصرة منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2007ص 33,
[38]– Gérard Raulet , Kant et citoyenneté, éditions PUF,1996 P.220.
[39]– Emanuel Kant, critique de la raison pure, trad . J.L Delamare et Français Marty à partir de la traduction de Jules Barni, in :œuvres philosophiques, Tome 1 , paris, Gallimard, 1980, p.1028-1029.
[40]-Jean Rawls, théorie de la justice, op.cit. p 40.
- – يقول جون راولز :” انطلاقا من هذه من هذه الوضعية يقوم الشركاء باختيار مبادئ العدالة وراء ستار الجهل، مما يضمن أن لا أحد يستطيع إذن الدفاع عن مبادئ تُزكي وضعيته وتُدعمها، وتكون مبادئ العدالة، في هذه الحالة ناتجة عن اتفاق أو تفاوض عادل ومنصف”. نفس المرجع ص 38.
[41]-ibid , P 38.
[42]– Rawls, J, Justice as Fainess : Poltical Not Metapysical , P 241.