
إسـتراتيجية الـتدريب وعـلاقتها بتعزيز إدارة الجودة الـشاملة (TQM)
دراسة ميدانية بمؤسسة ORCIM للصناعة الميكانيكية- واد رهيو-
قـصير بن عـودة/جامعة وهران2، الجزائر مختار يـوب /جامعة وهران2، الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 43 الصفحة 9.
مـلخـص :تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على طبيعة العلاقة بين إستراتيجية التدريب وإدارة الجودة الشاملة، في المؤسسة الإنتاجية ORCIM بولاية غليزان، حيث كانت العينة 200 عاملاً، اختيرت بالطريقة العشوائية البسيطة، وقد توصلت الدراسة إلى أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة ذات دلالة إحصائية بين إستراتيجية التدريب وكافة أبعاد إدارة الجودة الشاملة المتمثلة في(التخطيط للجودة، والرقابة على الجودة، والتحسين المستمر)، كما أظهرت الدراسة أن هناك اهتمام كبير من قبل المؤسسة محل الدراسة بتطبيق أبعاد إدارة الجودة الشاملة، والحرص على رفع مستوى الأداء العمال من خلال الاهتمام بعملية التدريب.
الكلمات المفتاحية: التدريب، إدارة الجودة الشاملة (TQM)، التخطيط للجودة، الرقابة على الجودة، التحسين المستمر. مقدمة:تعتبر الموارد البشرية المؤهلة والدربة مورداً من أهم الموارد التي تعتمد عليها المنظمة، باعتبارها مصدراً أساسياً في تحقيق أهدافها والوصول إلى بغيتها ومراميها، فقد أصبح ينظر إلى الموارد البشرية في هذا العصر على أنها من الموارد الرئيسية التي تزخر بها المؤسسات، بعد أن كانت مجرد يد عاملة منفذة ومنتجة لا علاقة لها برسالة المنظمة وأهدافها، كما كانت تستبعد من عملية اتخاذ القرارات الخاصة بالمنظمة، فلا نكون مبالغين إذا قلنا أن الذي يشغل اليوم بال المفكرين والباحثين في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية هو البحث عن كيفية تدريب تطوير المهارات والكفاءات، واستثمار هذه الموارد استثماراً فعالاً بما يحقق مستوى عالي ورفيع من التنمية والتطوير.
كما لا يمكن تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد البشرية التي تزخر بها المؤسسة دون وجود إدارة فعالة ومؤهلة تتبنى إستراتيجية التدريب كآلية تسعى من خلالها إلى تحقيق أهدافها ورسالتها، وعلى رأس هذه الأهداف التي تسعى إليها إدارة الموارد البشرية هو تحقيق الجودة الشاملة في جميع المجالات التي تنشط فيها المنظمة، هذه الأخيرة التي أصبحت في هذا العصر تحتل صدارة الاهتمام إدارة الموارد البشرية، حتى قيل أن الجودة الشاملة هي المحك الأساسي على فعالية إدارة الموارد البشرية، فتبني استراتيجيات فعالة من طرف إدارة الموارد البشرية لها النفس الأهداف مع تبني إدارة الجودة الشاملة(TQM)، باعتبار كلاهما يسعيان إلى تحقيق التميز ورضا العميل.
1- إشكالية الدراسة:
إنّ إدارة الجودة الشاملة (TQM) نظام متكامل، تسعى المؤسسات من خلاله للوصل إلى تحقيق التطور والتنمية والتميز في جميع المجالات، ولا يتأتى ذلك إلاّ بوجود إدارة فعالة تحتوي على موارد بشرية لها من الخبرة والكفاءة ما يؤلها إلى تحقيق الأهداف المنشودة، فمن هذا المنطلق يفترض أن عملية التدريب تمت بصلة بإدارة الجودة الشاملة، و بناء عليه يمكن طرح الإشكالية الآتية:
– هل توجد علاقة ارتباطية بين التدريب وإدارة الجودة الشاملة ؟
2 – التساؤلات الفرعية : وتندرج تحت هذه الإشكالية ثلاثة أسئلة فرعية استقاها الباحث من ثلاثية الجودة الشاملة(التخطيط، الرقابة، التحسين)للعالم الأمريكي “جوزيف جوران” Juranمؤسس المعهد العالمي للجودة 1979 وهي كالآتي :
- هل توجد علاقة ارتباطية بين التدريب والتخطيط للجودة الشاملة ؟
- هل توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و الرقابة على الجودة الشاملة ؟
- هل توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و التحسين المستمر للجودة الشاملة ؟
3 – فرضيات الدراسة :
3-1 الفرضية الرئيسية : توجد علاقة ارتباطية بين التدريب وإدارة الجودة الشاملة
3-2 الفرضيات الفرعية : في محاولة للإجابة على التساؤلات المطروحة قمنا بصياغة الفرضيات البديلة التالية:
- توجد علاقة ارتباطية بين التدريب والتخطيط للجودة الشاملة .
- توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و الرقابة على الجودة الشاملة .
- توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و التحسين المستمر للجودة الشاملة .
4 – الهدف من الدراسة: بناء على إشكالية والأهمية التي تكتسبها هذه الدراسة، فإن الهدف لا يخرج عن كونه محاولة لتحقيق أغراض التالية:
- تحديد مستوى العلاقة بين عملية التدريب و إدارة الجودة الشاملة.
- التعرف على إستراتيجية ، وما موقعها من المنظمة .
- التعرف على الموارد البشرية، وأثرها ،وما هو دورها في نجاح المنظمات.
- التعرف على إدارة الجودة الشاملة وكيفية تعزيزها وتطبيقاتها .
- الخروج بتوصيات مهمة في ضوء النتائج المتوصل إليها في الواقع الميداني.
ثانياً : الدراسة النظرية :
1 – إستراتيجية التدريب :
تعمل إستراتيجية التدريب على إضافة ميزة تنافسية للمنظمات، فهي تسعى إلى رفع أداء الفرد والمؤسسة على حد سواء، ومن هذا المنطلق اختلف المتخصصون في تحديد مفهوم التدريب، فمنهم من يرى أنه يندرج تحت عملية التعلم، ومنهم من يرى أنه إكساب المهارات والخبرات المتنوعة والمتعلقة بمجال مهني معين.
1-1 تعريف التدريب: Training
إنّ تدريب الأفراد يعتبر استثمار يتيح للمنظمات رفع المهارات وإنتاجية القوى العملة، مع تحسين جودة منتجاتها وخدماتها[1].
و يعرّف التدريب بأنه عملية مستمرة ومخططة تهدف إلى مساعدة الفرد في دراسة وتعلم كيف يؤدي الأعمال التي يقوم بها بكفاءة وفاعلية[2].
ويــرى غيات[3] “أن التدريب هو تنمية المنظمة وتحسين للاتجاهات والمعرفة والمهارات ونماذج السلوكات المتطلبة في مواقف العمل المختلفة، من أجل قيام الأفراد بمهامهم المهنية أحسن قيام”.
1-2 أهداف التدريب:
يهدف التدريب إلى تحقيق أمور جوهرية تسعى إليها جُل المنظمات ومن أهمها:
- يهدف التدريب إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وتم ذلك من خلال زيادة لإنتاجية العمل نتيجة الارتفاع بمعدل الأداء وتحسين نوعية القوة العاملة.
- مساعدة الشخص على أداء عمله بطريقة أفضل وتقوية المسؤولية لدى العامل نحو موقع العمل ونحو المجتمع الذي يعيش فيه.
- يعمل التدريب على إعداد العامل للأعمال الفنية الصعبة والدقيقة، كما يُنمي لدى القادة والمشرفين المهارات الأفضل.
- تنمية الشعور بالرضا لدى العاملين، حيث تزداد الثقة بالنفس نتيجة تحسين الأداء الناجم عن التدريب العلمي المنظم كما يقلل الإحساس بالتعب والملل.
- التدريب الجيد يمكن أن يساعد في الكشف عن الاستعدادات والمهارات الكامنة لدى العاملين.
- التدريب الجيد يؤدي لارتفاع مستوى الأداء وزيادة الإنتاج كماً وكيفاً، وانخفاض التكاليف والنفقات مع قلة الزمن وبساطة المجهود وقلة الخسائر[4].
وكإجمال لأهداف التدريب يؤكد (Sekiou) أن نجاح المنظمات أو المجتمع ككل، مرتبط بالضرورة بعملية تدريب الأفراد فالتدريب يعتبر وسيلة لتطوير الاقتصاد والازدهار الاجتماعي، والتأمين ضد البطالة والشيخوخة وفقدان التوظيف وعدم ملائمة الفرد لعمله[5].
1-3 تحديد احتياجات التدريب :
يقصد باحتياجات التدريب أنها عبارة عن معلومات أو اتجاهات أو مهارات أو قدرات معينة فنية أو سلوكية يراد تنميتها أو تغييرها أو تعديلها إما بسبب تغيرات تنظيمية أو تكنولوجية أو إنسانية أو بسبب ترقيات أو بسبب ترقيات أو تنقلات أو لمقابلة توسعات ونواحي تطوير معينة، أو حل مشكلات متوقعة[6].
وتعرف احتياجات التدريب على أنها” عبــارة عن وجود تناقص أو اختلاف حالي أو مستقبلي بين وضع قائم وبين وضع مرغوب فيه في أداء منظمة، أو أفراد، في أي من المعارف أو المهارات أو الاتجاهات”[7]
وتتضمن عملية تحديد الاحتياجات ثلاث مراحل هي :
أ- التحليل التنظيمي: ويعد التحليل الأداة الأساسية لتقدير الاحتياجات الكمية والنوعية من الموارد البشرية وهي العملية التي يستند إليها بشكل دقيق وصف الوظيفة وأنشطتها التي تعد النواة الرئيسية في تركيبة المنظمة، كذلك تحديد صفات شاغل تلك الوظيفة من خلال ما توفره من معلومات متعلقة بالمؤهلات والمهارات التي يتمتع بها الفرد، كما يعد تحليل المنظمة الوسيلة التي يمكن أن تحقق أهداف المنظمة بوصفه وظيفة مركزية لإدارة الموارد البشرية[8].
وبإمكان المنظمة وهي بصدد تحليل المتغيرات المنظمة الاستعانة بعدة مؤشرات كمعدلات الإنتاجية، وتكلفة العمال ، والغياب والتأخير ، ودوران العمل ، والحوادث ، والمناخ التنظيمي ، ومعنوية العاملين، وهكذا …. حتى تلقى هذه المؤشرات ضوءاً على احتياجات التدريب كما أن هذا التحليل يساعد في تحديد الإطار العام لمحتوى واتجاهات وأسبقيات ومواقع التدريب[9].
ب- تحليل الأفراد: إن تحليل الأفراد يساعد في تحديد الموظفين الذين يحتاجون إلى التدريب، وهذا يتضمن التحديد فيما إذا كان الأداء الخالي أو الأداء المتوقع يشير إلى وجود حاجة للتدريب.
ج – تحليل المهمة : نتائج تحليل المهمة المهام في وصف نشاطات العمل تتضمن المهام المنجزة من قبل العاملين والذين يملكون المعرفةـ، والمهارات، والقدرات المطلوبة لإتمام المهام[10].
1-4 أساليب التدريب :
يقصد بأساليب التدريب هي الطريقة (الكيفية) التي يتم من خلالها عرض المادة التدريبية، وتنقسم أساليب التدريب إلى ثلاثة أنواع:
1-4-1 أساليب العرض: لعملية العرض أسلوبين هما :
أ – المحاضرة: في الغالب يستعان بالمحاضرات كوسيلة للتدريب من أجل نقل المعلومات النظرية للمتدربين، والمحاضر أو المدرب هنا يتولى مهمة إعداد المادة العلمية وعرضها وتفسيرها للمشاركين في البرنامج التدريبي الذي يخصص لعدد كبير من العمال، بالإضافة إلى المؤتمرات والندوات التي تدخل ضمن إطار المحاضرات، إلا أنها تعتمد على المشاركة والمساهمة بين جميع الأعضاء في المناقشات[11].
ب العرض الإيضـاحـي: العرض الإيضاحي هو أسلوب يتم استخدامه لتقديم طريقة أو مهارة معينة تحت ظروف حقيقية مماثلة للواقع. والعرض الإيضاحي شأنه شأن المحاضرة يهدف إلى تزويد المتدربين بمعارف ومهارات معينة.
1-4-2 أساليب المشاركة: التدريب بهذا الأسلوب له عدة طرق وهي :
أ – المنـــاقشات: هو أسلوب تدريبي حيث يتم فيه طرح موضوع ما من قبل المدرب، وتتم مناقشته بشكل تشاركي مع المشاركين والوصول إلى استنتاجات ومقترحات تغني هذا الموضوع.
ب – دراسة الحالة : دراسة الحالة تتضمن اختباراً تفصيلياً لوضع محدد، هذا الوضع قد يكون حقيقياً أو افتراضياً لكن بالضرورة أن يتم اختياره بعناية ليتضح ويرتبط بشكل مباشر بالإطار العام للبرنامج التدريبي.
ج – لعب الأدوار :يستخدم هذا الأسلوب في مجالات التدريب على العلاقات الإنسانية مثلا التفاوض، صنع القرارات، القيادة، إدارة الاجتماعات[12] .
د- العصـف الذهني : هذا الأسلوب يستخدم بكثرة في توليد الأفكار والتشجيع على الابتكار حيث يتم تقديم موضوع أو مشكلة للمتدربين،” ويعرف “نبهان” العصف الذهني بأنه توليد وإنتاج أفكار وأراء إبداعية من الأفراد والمجموعات لحل مشكلة معينة”[13].
ه – مجموعة المناقشة: هذا الأسلوب تم تحويره من أسلوب العصف الذهني وهو يهدف إلى توليد نقاشات تقود إلى أفكار جديدة، تضم في العادة (5- 6) أشخاص وقد يطلب من المجموعة إنتاج أفكار حول موضوع محدد أو مفتوح باختيار شخص منها ليقوم بعرض نتائج عملها على الآخرين.
و – الدراما الاجتماعية : هي أحد الأساليب ذات الأهمية الكبيرة في التدريب في مجال الاتجاهات والسلوك، إلا أن هذا الأسلوب يحتاج إلى الكثير من العمل والإعداد المسبق.
ز- الألعاب والتمارين: الألعاب واحدة من الأساليب ذات السمات الخاصة في التدريب حيث أنها تختلف عن كل الأساليب الأخرى من حيث أنها لا تتطلب الكثير من الموارد، إضافة إلى خلق أو إيداع فكرة من خلال اللعبة.
ح – القصة غير الكاملة: القيام بسرد قصة غير مكتملة ويترك المتدربين يتصورون الحل، وهي من الأساليب المحببة في التدريب، وترسخ المفاهيم والأفكار بشكل قوي في أذهان المتدرب وتقوي ملكة الابتكار والخيال لديه، إلا أنها تتطلب إعداداً جيداً وإلا صار هناك لبس وعدم فهم للمغزى الحقيقي منها.
1-5 مبادئ إستراتيجية التدريب : لعملية التدريب مبادئ أساسية تتمثل في مجملها :
- الاستمرار: بأن التدريب عملية مستمرة.
- الإمكانية : أي أن كــل شيء قابل للتعليم.
- الـذاتية : بمعنى أن التنمية عملية ذاتية.
- التفاعــل: التفاعل بين المدرب والمتدرب وقدرة كلا الطرفين على الإفادة والاستفادة.
- التكامل: النواحي الفنية تكمل الجوانب السلوكية وهذه الأخيرة تكمل الجوانب العقلية وهكذا.
- العمومية: يستفيد المتدرب من النتائج في الأنشطة المختلفة، الشخصية و والإدارية والفنية والمالية..
- الإيجابية: التدريب نشــاط إيجابي.
- الشــمول : عملية التدريب تشمل العاملين جميعاً على كافة المستويات الإدارية.
- المسؤولية :التدريب مسؤولية كل مدير.
- العمق : يعمل التدريب على تغيير القناعات والاتجاهات[14].
ثالثاً: إدارة الجودة الشاملة :(TQM)
إنَّ مصطلح إدارة الجودة الشاملة أو النوعية الشاملة كما أورده (خضير،2000) غدا في يومنا هذا من المصطلحات الشائعة ولا سيما في عالم التجارة، وهو مصطلح مبني على مسلمة باتت تستحوذ على أذهان المنتجين بشكل عام ومؤداها أن نجاح أيّ عمل على المدى البعيد غدا مرهونا بالجودة في الإنتاج والمنتوج والقيادة المشرفة عليه، ولم تعد الجودة الشاملة في اقتصادنا المعاصر تعني ببساطة القدرة على إنتاج سلعة أو خدمة أفضل من نظيراتها المتاحة بالأسواق.
و تعتبر إدارة الجودة الشاملة فلسفة إدارية تكافح لوضع الاستعمال الأفضل لجميع الموارد والفرص المتاحة من خلال طرائق تحسين معينة، ولهذا السبب تشكل إدارة الجودة الشاملة الإستراتيجية الأساسية لتحسين الأعمال، ومن المتوقع أن تصبح مسألةً ومعجزة إدارية في المستقبل بسبب أهميتها للكفاءة والتنافسية معا[15].
حيث أكد “جوران”في كتابه الشهير(Quality Handbook) أن الجودة تعني تلك الميزات الخاصة بالمنتجات والتي تلبي احتياجات العملاء وبالتالي توفير رضا العملاء. وفي هذا المعنى، تكون الجودة موجه إلى الدخل[16].
ويرى (عبد الرحمان توفيق)[17] ” أن إدارة الجودة الشاملة ” تشتمل على ستة مبادئ رئيسية هي:
- التركيز على العميل.
- التركيز على العمليات.
- الوقاية من الأخطاء مقابل الفحص.
- حشد خبرات القوى العاملة.
- اتخاذ القرارات بناء على الحقائق.
- إرجــاع الأثر : (Feedback).
1 – ممارسات إدارة الجودة الشاملة : يرى “جوران” أن إدارة الجودة الشاملة تركز على ثلاثة ممارسات أساسية تتمثل في التخطيط للجودة، والرقابة عليها، والتحسين المستمر.
1-1 – التخطيط للجودة الشاملة : (Planing TQM)
يقصد بالتخطيط لإدارة الجودة الشاملة أو ما يسمى بهندسة الجودة ” عملية وضع أهداف رئيسية للحصول على جودة طويلة الأجل، إضافة إلى القيام بخطوات رئيسية لتحقيق تلك الأهداف، وأبرزَ “جوران” أن التخطيط يتم من خلال بناء برنامج لمستوى الجودة، يمكن من خلاله متابعة عملية الجودة، وأن الهدف من التخطيط هو المنتجات أو الخدمات أو الأنظمة أو العمليات التي تسهل على المنظمة معرفة توقعات المستفيد.
1-2 – الرقابة على الجودة :( Quality control) تعرّف الرقابة على الجودة أنها مجموعة من الخطوات المحددة مسبقا والتي تهدف إلى التأكد من الإنتاج المتحقق هل هو متطابـق مع المواصفات والخصائـص الأساسيـة الموضوعة للمنتج، فالرقابة هي إحدى الوظائف التي يمارسها المديرون في جميع المنظمات وفي كل المستويات الإدارية بغرض التثبيت من أن ما تم تنفيذه مطابق لما هو مخطط له،وتعتبر مراقبة الجودة تقييم الأداء مقارنة بالتوقعات وتحديد الفجوات والعمل على معالجة أي قصور[18].
وللرقابة مبادئ أساسية لا يمكن الحياد عنها ومن أهم هذه المبادئ :
- يجب أن تتميز الرقابة بالمرونة مما يمكنها من مواجهة التغيرات في الظروف غير المتوقعة.
- يجب أن يتميز النظام الرقابي بالوضوح والسهولة والاستيعاب من جانب القائمين عليه.
- يجب أن تشتمل الرقابة على مجموعة من نظم الإنذار التي ترشد على الانحرافات فور وقوعها.
- يجب أن تركز العملية الرقابية على مجموعة من المقاييس الموضوعية والكمية بقدر الإمكان.
- يجب أن لا تزيد تكلفة النظام الرقابي على الوفورات التي يحققها[19].
- 1-3 – التحسين المستمر:(Continual Improvement) يعتبر التحسين المستمر للعمليات هو أحد مبادئ إدارة الجودة الشاملة، حيث يشترك جميع العاملين في تحسين العمليات الداخلية للمنشأة عبر فرق التحسين من خلال منهجية تطبيقية محددة، وتبين الدراسات العلمية أن أي فشل وإخفاق في تحقيق النتائج المطلوبة للأعمال يعود سببه بنسبة 80% على الأقل إلى العمليات والنظم المطلوبة و %20بسبب أخطاء الأشخاص، لذلك ولتجاوز أي إخفاق وإصلاح أي عيب أو خلل إصلاحاً جذرياً ينبغي تحسين جودة العمليات التي أدت إلى هذا الإخفاق برفع فعاليتها وكفاءتها في تحقيق النتائج المرغوبة.
2 – أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة :
تعتبر أدوات تطبيق الجودة الشاملة الأساليب والمناهج العلمية والعملية التي تُطبَق على كافة الأنشطة بغرض تطويرها وتحسينها، وتتنوع أدوات الجودة على حسب طبعية الأنشطة والمهام، وعلى حسب الأهداف المرجوة من الجودة، ومن أهمها وأشهرها :
2-1 مخطط عظم السمكة (السبب والنتيجة) Fish Bone : يعرف مخطط السبب والنتيجة كذلك بمسمى مخطط” إيشيكاوا ” نسبة للعالم الياباني إيشيكاوا الذي قام بتطوير هذه التقنية في عام1943 ، حيث عرفها جابر بأنها “إستراتيجية تدريسية تتضمن عدة خطوات إجرائية متتابعة، تركز على التفاعل بين الطالب والمعلم، والمادة العلمية، لاكتساب المعرفة الجديدة وتكاملها، واتساقها مع المعرفة القائمة لدى الطلبة للوصول إلى نهايات ونتائج جديدة”[20].
2-2 مخطط باريتو 80/20Pareto Chart
ويسمى أيضاً المجالات القليلة الحاكمة، يعد مبدأ “باريتو” من أقوى الأدوات التي ابتكرها الإنسان، ولهذا نجد أن تحديد20 ٪ أو العوامل القليلة الحاكمة يؤدي إلى توفير جهد كبير، ولكن يجب أن تؤخذ هذه العوامل في الحسبان في ضوء القضايا لأشمل[21].
ويضيف “جيمس وبايتس” في كتابهما (الكتاب الصغير لنظريات الإدارة الكبيرة) :مبدأ “باريتو” ربما يكون النظرية الوحيدة الأكثر فائدة التي يمكن للمديرين أن يعرفوها لماذا ؟ لأنه يمكن استخدامه لتقليل أعباء العمل التي يشعر بها المدير ويمكن تطبيقه على نطاق واسع من الظروف(جمس وبايتس،2015،ص234).
2-3 العصف الذهني:(إثارة الأفكار)(Brain Storming) : العصف الذهني هو إستراتيجية تستخدم كأسلوب لتحفيز التفكير والإبداع لحل المشاكل المستعصية سواء العملية أو العلمية أو الحياتية، ويعرفه عبد الرحمان توفيق في كتابه الماتع (إدارة الجودة الشاملة على أنه”استخدام العقل في التصدي النشط للمشكلة”[22].
2-4 خريطة التدفق: (Flow Cshrt): هي عبارة عن تمثيل بياني يعتمد على الرسم لتوضيح ترتيب العمليات اللازمة لحل المشكلة، الهدف منها المساعدة في إلقاء الضوء على تتابع العمليات المتعلقة بنقاط اتخاذ القرار الرئيسية.
2-5 منهجية ستة سيجمـا (σ6) ( (Six Sigma : تعتبر “الستة سيجما” أو ما يسمى “النظام الرشيق” من أهم الابتكارات الإحصائية في فظاء الجودة الشاملة، لاسيما في العصر الحديث، وهي من أهم وأبر المبادرات التي قدمتها شركة الاتصالات العامية متورولا(Motorola) لتقليل نسبة الهدر وتحقيق الكمال، وذلك عام 1980.
ويشير منهج Six Sigma إلى العملية التي لا ينتج عنها أكثر من 3.4 عيوب في ملون فرصة، لأن هذا المعدل من العيوب منخفض جداً، ويرتبط مصطلح الستة سيجما أحياناً مع مصطلح انعدام العيوب[23].
ومن الناحية التطبيقية تعد “الستة سيجما” أحد أكثر برامج استراتيجيات الإدارة فاعليةً في العصر الحاضر فيما يتعلق بالتغيير في كل الثقافة والعملية الإنتاجية[24].
رابعاً: منهجية الدراسة :
1- منهج الدراسة:
استخدم الباحث في إطار إعداده لهذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، الذي يقف عند حدود وصف الظاهرة وتحليلها بغية الكشف عن حيثياتها وتأكيد درجة وجودها ومستوى الارتباط بين متغيراتها.
2- حدود الدراسة: شملت هذه الدراسة الحدود التالية:
2-1 الحدود المكانية: اقتصر مجتمع الدراسة على مؤسسة صناعية ORSIM للصناعات الميكانيكية بغرب الجزائر.
2-2 الحدود الزمنية: استغرقت الدراسة الأساسية من (2016 إلى غاية مارس 2017).
2-3 الحدود البشرية: اقتصرت الدراسة على عينة متكونة من 200 عامل من مؤسسة ORSIM، قد تم اختيارها بالطريقة القصدية باعتبارها الأنسب لمثل هذه الدراسة ولأنها تمثل مجتمع الدراسة.
3 – أداة الدراسة: تماشياً مع طبيعة الموضوع فقد تمَّ الاعتماد في هذه الدراسة على الاستبيان، باعتباره أداةً رئيسية في البحث العلمي، وقد قام الباحث بتصميمه بعد الإطلاع على أدبيات الموضوع، والنظر في الدراسات السابقة، والزيارات الاستطلاعية لميدان الدراسة، القسم الأول منه متعلق بمتغير التدريب، واشتمل على 11فقرة، والمتغير الثاني المتعلق بإدارة الجودة و اشتمل على 42 فقرة.
4- الخصائص السيكومترية للأداة:
- الصدق: اعتمد الباحث على نوعين من الصدق بالاعتماد على برنامج Spss وهما:
أ – الصدق الظاهري (صدق المحكمين): وقدرت نسبة الصدق الظاهري للأداة بــــ 89% .
ب – صدق الاتساق الداخلي: اتصفت الأداة باتساق داخلي في كل فقرات الاستبيان، وقد تم ذلك على مرحلتين:
– الاتساق كل عبارات مع محورها و مع الدرجة الكلية الاستبيان.
– صدق البنــائي للمحاور: (مصفوفة معاملات الارتباط البينية).
4-2 الثبات: بعد انتهاء الباحث من التأكد من صدق أداة الدراسة من خلال اعتماد معامل الارتباط (بيرسون)،والاستعانة ببرنامج Spss كان لا بد من التأكد من ثباتها، حيث استخدم في ذلك حساب التجزئة النصفية، وحساب معامل الثبات (ألفاكرونباخ) على العينة الاستطلاعية.
أ – التجزئة النصفية:
المتغيرات | العبارات | معامل التجزئة النصفية | تصحيح (سبيرمن) |
التدريب | 11 | 0,936 | 0,938 |
إدارة الجودة الشاملة | 42 | 0,951 | 0,952 |
ب- ألفا كرونباخ : استخدم الباحث طريقة ” الفا كرونباخ” لقياس ثبات الاستبيان، وكانت النتائج كما هي ظاهرة في الجدول التالي:
معامل الثبات ألفاكرونباخ | عدد العبارات | المتغيرات |
0.920 | 11 | التدريب |
0.965 | 42 | إدارة الجودة الشاملة |
5- عرض النتائج : بعد الانتهاء من الدراسة الأساسية واستفراغ البيانات وحسابها إحصائياً مستعيناً ببرنامج الحزمة الإحصائية SPSS توصل الباحث إلى ما يلي:
جدول رقم03 يبين نتائج معامل الارتباط بين التدريب و متغيرات إدارة الجودة الشاملة.
الـتـدريـب | العينة | |||
R | الدلالة | SIG | ||
التخطيط للجودة الشاملة | ,4340 | 0,01 | 0,000 | 200 |
الرقابة على الجودة | ,4320 | 0,01 | 0,000 | |
التحسين المستمر | 0,462 | 0,01 | 0,000 |
من خلال الجدول رقم03 عرض النتائج يتبين لنا أنه توجد علاقة ارتباطية قوية بين التدريب و متغيرات إدارة الجودة الشاملة، فالتخطيط للجودة الشاملة ،يقدر معامل الارتباط R بـــ ,4340، والرقابة تقدر بـ ,4320 والتحسين قدر بــ 0,462، وهي علاقة موجة طردية، أي أنه كلما ارتفع مستوى إستراتيجية التدريب في إدارة الموارد البشرية ارتفع مستوى التخطيط لإدارة الجودة الشاملة، حيث قدرت الدرجة المعنوية SIG بـــ 0,000 أي أن العلاقة دالة عند مستوى الدلالة α= 0,01 ما يعادل نسبة خطأ واحد في 100 وبتالي نرفض الفرض الصفري ونقبل الفرض البديل القائل : توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائيا بين التدريب و إدارة الجودة الشاملة.
6– تفسير مناقشة النتائج :
6-1 الفرضية الأولى: توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و التخطيط للجودة الشاملة .
لقد أظهرت نتائج اختبار الفرضية الأولى وجود علاقة ارتباطية منخفضة قليلاً عن المتوسط بين استراتيجية التدريب والتخطيط للجودة الشاملة، تقدر بـــ ,4340 كما هو مبين في الجدول، حيث قدرت الدرجة المعنوية SIG بـــ 0,000 أي أن العلاقة دالة عند مستوى الدلالة α= 0,01 ما يعادل نسبة خطأ واحد في100، ويعلل الباحث نتائج هذه العلاقة، بأن إستراتيجية التدريب بكل مكوناتها تدعم عملية التخطيط لإدارة الجودة الشاملة بطريقة غير مباشرة، كون عملية التدريب تنصب على تحسين وتطوير إدارة الموارد البشرية بطريقة تختلف عن تحسين وتطوير إدارة الجودة، فكلاهما له نمط خاص والتحسين والتطوير والتدريب ، فعملية التدريب داخل المؤسسة بطريقة فعالة وشاملة تؤثر إيجاباً على عملية التخطيط للجودة الشاملة.
وهذا ما ضمنته دراسة (ليث،وعبد الجبار،2005)[25]، في دراستهما لأثر إستراتيجيات إدارة الموارد البشرية HRM على الجودة الشاملة في القطاع الحكومي، على أنه ينبغي في أي منظمة وجدود تدريب وتطوير مستمر وناجح ومنسجم مع أهداف إدارة الجودة الشاملة، وهذا يعني وجوب تطوير إستراتيجية التدريب وفق لحاجة المنظمة أولاً ووفقاً لتطورات البيئة التي تؤثر على أعمال المنظمة.
وهذا يتوافق مع ما أكده “بن عيشى” من جامعة قالمة، في بحثه (مدى فاعلية التدريب في تحقيق الجودة الشاملة)على أن” التدريب في إدارة الجودة الشاملة ليس مجرد عملية مرحلية ابتدائية تقوم بها المنظمة عند شروعها في تنفيذ برامج الجودة الشاملة بل هو عملية متزامنة ومرتبطة بالتحسين المستمر في الأداء.
وجاءت دارسة (حريق،2011) أيضاً موافقة لهذا الطرح تحت عنوان “إستراتيجية التدريب في ظل إدارة الجودة الشاملة” دراسة ميدانية لفي مؤسسة سونلغاز سعيدة، على أن التدريب له أهمية كبيرة في تحقيق مبادئ الجودة الشاملة بكل أبعادها: التخطيط والرقابة والتحسين.
وعلى حسب (باري كشاوي،2005) “أن التدريب وتطوير الموظفين لا تحدث بمعزل عن كل جوانب إدارة الموارد البشرية، كما يفيد أن عملية التدريب هي تأهيل العاملين حتى يتمكنوا من تنفيذ المسؤوليات الموكلة إليهم في الوظيفة الحالية والالتزام بالمقاييس المطلوبة”[26] ومن أكبر المسؤوليات الموكلة للعاملين الذين تحصلوا على هذا التأهيل هو التخطيط للجودة الشاملة، والذي بموجبه تحقق المنظمة جل أهدافها.
وإذا نظرنا إلى وظيفة التخطيط للجودة الشاملة والتي تعني التحديد المسبق للأهداف المراد الوصول إليها- كما مرَّ معنا في الفصل الثالث- فهذه المهمة الكبرى لا تقع على عاتق عمال ليس لهم كفاءة كافية تؤهلهم للتخطيط المسبق، بل تناط هذه المسؤوليات لمن لهم خبرة عالية تحصلوا عليها من خلال عملية التدريب التطوير المستمر.
وهذا ما ذكره (عبد الفتاح،2012) في كتابه إدارة الجودة الشاملة فكر وفلسفة، على أن ” التخطيط للجودة الشاملة يساعد على تنمية المهارات وقدرات المديرين عن طريق ما يقومون به من وضع للخطط والبرامج”.
ونخلُص من نتائج هذه الفرضية، وما سبق معنا من أراء الخبراء في إدارة الجودة الشاملة، إلى أن إستراتيجية التدريب في جورها تساعد على تطبيق إدارة الجودة الشاملة وعلى رأس هذه المبادئ عملية التخطيط للجودة.
6-2 الفرضية الثانية: توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و الرقابة على الجودة الشاملة .
من خلال النتائج الظاهرة في الجدول يتبين لنا أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين التدريب والرقابة على الجودة الشاملة ،تقدر بـــ ,4320، وهي علاقة موجة طردية، حيث قدرت الدرجة المعنوية SIG بـــ 0,000 أي أن العلاقة دالة عند مستوى الدلالة α= 0,01 ما يعادل نسبة خطأ واحد في 100.
الرقابة على الجودة الشاملة لها علاقة كبيرة بإستراتيجية التدريب، فالرقابة هي وظيفة أساسية تأتي لتكمل الحلقة العلمية لمبادئ إدارة الجودة الشاملة، وهي تتمثل وتتجسد في الزوايا الثلاث المدخلات، ومعالجة العمليات، والمخرجات، والهدف منها تصحيح مسار الأداء وتحقيق التحسين المستمر في العمليات الإدارة، والتدريب ما هو إلاّ عملية؛الهدف الأساسي منها هو تحسين الأداء وتطويره، فهنا تكمن العلاقة الجوهرية بين الرقابة والتدريب، فكلاهما يسعى إلى تصحيح المسار وتحسين الأداء.
ترى نسبة عالية من المستجبين في مؤسسة (ORSIM) بلغت 85% بأن المؤسسة توفر نظام تدقيق في المعايير المعتمدة في الجودة، كما جاءت النتائج مرتفعة حول عنصر( رضا العاملين على عملية الرقابة على الجودة)، كما كانت النتائج قوية أيضاً حول عنصر (مصادر الرقابة تتحلى بالمصداقية وتخلو من الذاتية).هذا ما يؤكد أن الرقابة على الجودة الشاملة لا تشكل عند العاملين مشكلة أو عقبة تعطل مساره المهني كما تقوم به عمليات الرقابة في إدارة الموارد البشرية .
حيث أكسبت عملية الرقابة على الجودة الشاملة العمالين نوع من تحمل المسؤولية والتدريب على العمليات من خلال دقة المراقبة، فلولا عملية الرقابة على الجودة من أجل ضمانها لما اكتسب العمال تلك التجربة، ومن تم تحصل التغذية الراجعة بينهما، فالتدريب يساعد ويسهل عملية المراقبة على الجودة، والعملية الرقابة تكسب العمل خبرة ومهارة في مجال عمله.
ويعتبر إرجاع الأثر في رأي (عبد الرحمان توفيق) من المبادئ الستة الرئيسية لإدارة الجودة الشاملة، وهي: التركيز على العميل، التركيز على العمليات، والوقاية من الأخطار، وحشد الخبرات، واتخاذ القرارات بناء على الحقائق، وإرجاع الأثر[27].
ويشير (باري كشاوي،2005) على أن عملية التدريب هي تأهيل العاملين حتى يتمكنوا من تنفيذ المسؤوليات الموكلة إليهم في الوظيفة الحالية والالتزام بالمقاييس المطلوبة”.
و دارسة (حريق،2011) المتضمن لمتغير التدريب جاءت مؤكدة لما توصلنا إليه من علاقة التدريب بالرقابة على الجودة وكانت دراسته حول “إستراتيجية التدريب في ظل إدارة الجودة الشاملة” دراسة ميدانية لفي مؤسسة سونلغاز سعيدة، أكد في دراسته على أن التدريب له أهمية كبيرة في تحقيق مبادئ الجودة الشاملة بكل أبعادها: التخطيط والرقابة والتحسين.
وهذا ما نادى به العالم “جوران” الذي يعتبر رائداً من رواد الجودة الشاملة، وهو صاحب ثلاثية الجودة (التخطيط، الرقابة، التحسين) ، فقد حدد جوران عشرة خطوات لتحسين الجودة الشاملة من بينها (تقديم التدريب في مجال الجودة الشاملة)[28].
و على العموم يمكن القول من خلال نتائج هذه الفرضية مقارنة بنتائج دراسات سابقة أخرى، أن إستراتيجية التدريب، لها علاقة قوية وطردية بمتغير الرقابة على الجودة الشاملة.
6-3 الفرضية الثالثة: توجد علاقة ارتباطية بين التدريب و التحسين المستمر للجودة الشاملة.
من خلال الجدول يتبين لنا أنه توجد علاقة ارتباطية قوية بين التدريب و التحسين المستمر ،تقدر بـــ 0,462، وهي علاقة موجة طردية، حيث قدرت الدرجة المعنوية SIG بـــ 0,000 أي أن العلاقة دالة عند مستوى الدلالة α= 0,01 ما يعادل نسبة خطأ واحد في 100.
تعتبر عملية التحسين المستمر أحد الركائز التي تعتمد عليها المنظمة في تطوير أدائها وتعزيز موقفها في إدارة الجودة الشاملة، ومن أهم التقنيات المستعملة في هذه العملية العمل الجماعي المدرب والمؤهل للعمل ضمن فريق متكامل ومتفاعل في أداء العمليات الإدارية والإنتاجية، فهنا تكمن العلاقة الموجبة بين التدريب كوسيلة إدارية وإستراتيجية من إستراتيجيات إدارة الموارد البشرية، والتحسين المستمر كعنصر أساسيي ومبدأ فعال من مبادئ إدارة الجودة الشاملة، وقد جاء في إحدى مبادئ “جوزاف جوران” للجودة الشاملة ( تقديم التدريب في مجال الجودة).
وهذا ما ورد في دراسة (علاء،2014)[29]، الذي اهتم بدراسة استعمال تقنية التحسين المستمر في تطوير أداء المنظمات، أن التدريب والانضباط يعتبر من أهم وأصعب عناصر في تحقيق التحسين المستمر، لأنه مرتبط بالتدريب للقوى العاملة على تحقيق عناصر التحسين المتمثلة في ((5Sوهي (التصفية، والتنظيم،والتنظيف، والتقييم، والتدريب)، وأكد أن عملية التدريب تجعل هذه العناصر جزء من سلوكها، ومن فوائده المحافظة على قدرة العمل بكفاءة ورفع مستوى المهارات والمحافظة على الجودة.
ودراسة (ليث،2005)[30] مطابقة وموافقة لهذه الفرضية، حيث سلط الضوء على دور التدريب في التحسين المستمر لأداء العاملين في إطار إدارة الجودة الشاملة، وشملت الدراسة عينة من المدراء في بعض المنظمات الصناعية في نينوى بالعراق، وتوصلت الدراسة إلى أن عملية التدريب في المنظمة له أهمية كبيرة في تحسين أداء العملين، وكانت من نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية بين متغيرات التدريب والتحسين المستمر، وتراوحت درجة المعنوية من 50 % إلى 60 % .
فالتدريب له علاقة قوية وطردية بالتحسين المستمر، بحيث يزيد أحدهما بزيادة الآخر وينقص بنقصانه، وهما يكونان نسقاً مغلقاً، ويشكلان بهذا النسق التغذية الراجعة، فعملية التدريب إذا رجعنا إلى الفصول النظرية نجدها تهدف كما أكد ذلك (Sekiou,1990)[31] أن نجاح المنظمات أو المجتمع ككل، مرتبط بالضرورة بعملية تدريب الأفراد، فالتدريب يعتبر وسيلة لتطوير الاقتصاد والازدهار الاجتماعي، والتأمين ضد البطالة والشيخوخة وفقدان التوظيف وعدم ملائمة الفرد لعمله.
ويوضح أيضاً في هذا السياق(حمدي، وعسكر)[32]، أن التدريب الجيد يؤدي لارتفاع مستوى الأداء وزيادة الإنتاج كماً وكيفاً، وانخفاض التكاليف والنفقات مع قلة الزمن وبساطة المجهود وقلة الخسائر.
وهذا هو عين ما تسعى إليه عملية التحسين المستمر كما أورد (علاء،2014) من أن التحسين المستمر يهدف إلى إجراء التحسينات الصغيرة بشكل متزايد لفترات طويلة لتحقيق مستويات أداء أفضل والتخلص من أوجه الضياع والإسراف في موارد المنظمة المادية والبشرية والمالية.
فهذه المقاربة بين إستراتيجية التدريب وعملية التحسين المستمر، والتي من شأنها رفع مستوى أداء المنظمات وتحقيق أهدافها، يجعلنا نتأكد من وجود علاقة ارتباطية موجبة وقوية بينهما، وعلى الرغم من أن مؤشر العلاقة المتحصل عليه في الدراسة كان يدل على وجود علاقة منخفضة تقدر بــ 0,462 إلاّ أن العلاقة بين المتغيرين قوية في جوهرها ومدلولها، ولا يمكن لأحد أن يتجاهلها.
التوصيات:
بناء على النتائج التي توصلت إليها الدراسة فإنه يمكن تقديم التوصيات الآتية:
- ضرورة الاهتمام بتطبيق أبعاد إدارة الجودة الشاملة والتركيز على إستراتيجية التدريب باعتباره الوسيلة الأساسية لنجاح إدارة الجودة الشاملة في أي مؤسسة.
- من الأهمية بمكان أن توضح الإدارة العليا في أي منظمة أهمية التدريب وطرقه ومناهجه الحديثة وكيفية التعامل مع ممارسات إدارة الجودة الشاملة.
- العمل على زيادة الدورات التدريبية في مجال الجودة الشاملة لجميع العمال وتوعيتهم بأهميتها في تحسين مستوى الأداء ورفع الإنتاج وتعريفهم برواد الجودة وبرامجهم التطويرية أمثال : “ديمنغ” و “جوران” و “إيشيكاوا”و “جانبلوسكي”وغيرهم …
- ننصح المؤسسات التي ترغب في تطبيق إدارة الجودة الشاملة بأن تبدأ أولاً وكتمهيد في تطبيق معايير ومتطلبات نظام الأيزو 9001 باعتبارها أول عتبة لتطبيق الجودة، وعندئذ تكون قد أسست نظاماً قائماً على منهجية إدارة الجودة الشاملة التي لا سقف للتطوير والتحسين المستمر فيها .
- ضرورة الانفتاح على التجارب العالمية في مجال الجودة في الدول المتقدمة عموماً والعربية خصوصاً لاستفادة من تطبيقها ومن أبرزها جوائز الجودة العالمية (جائزة ديمنغ ، جائزة مالكوم بالدريج، جائزة دبي للأداء المتميز، جائزة تركية لجودة الأداء…)، وفي نفس السياق يقول: مارك إتـش[33] “لا أعتقد أنه توجد شركة لا يمكنها تطبيق الالتزام بالجودة…فهذا يساعد المنظمة على تقليل القرارات السيئة إلى حد الأدنى، وزيادة القرارات الجيدة في المستقبل.
- ضرورة اهتمام المنظمات الجزائري في جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية بضرورة العودة إلى القيم السامية والأخلاق الرفيعة التي جاء بها الإسلام والنهل من معانيه الصافية في مجال العمل، فالإسلام أول من رفع شعار الجودة في جميع مناحي الحياة وهو أول من ركز على الإتقان وتحسين الأعمال ﴿ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾.[34]
قائمة المراجع :
المراجع باللغة العربية:
– أبوشندي، سعد عامر، إدارة الموارد البشرية في المؤسسات التعليمية، عمان:دار أسامة للنشر،(2011).
– العساف، حمد صالح، المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، الرياض: شركة العبيكان للطباعة والنشر، (1995).
– أسماء، عزيز عبد الكريم، وحبيتر،إقبال كاضم، الاحتياجات التدريبية اللازمة لمعلمي اللغة العربية، مجلة أدب الكوفة،العدد 21، (2015)
– إتش مارك، ماكورماك، ما لا يدرسونك إياه في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، الإمارات : مكتبة جرير، مترجم، (2015).
– ياسين، حمدي، وعسكر، علي، والموسوي، حسن، علم النفس الصناعي والتنظيمي: بين النظرية والتطبيق،القاهرة: دار الكتاب الحديث(ب ت).
– حسين، فايز، سيكولوجيا الإدارة العامة، عمان: دار أسامة للنشر، (2008).
– هالة، مويسي،و هبول وسيلة، دور التدريب في تطوير أداء العاملين في المؤسسة، رسالة ماستر (غير منشورة):جامعة البويرة،(2015).
– سعيد بن حمود، الزهراني، سيجما ستة، مجلة عالم الجودة،العدد الأول،(2010).
– عبد الزبيدي،ناضم جواد، ومحم،جابر، التوافق المهني للعاملين في إطار تحليل الوظيفة وتصميمها، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، العدد 22، (2016).
– شتاتحة، عائشة، أهمية تدريب الموارد البشرية ودوره في تحقيق الميزة التنافسية: دراسة حالة مديرية الصيانة لسوناطراك الأغواط، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)،كلية العلوم الاقتصادية جامعة الجزائر 3،(2011).
– رعد، حسن الصرف، كيف تتعلم أسرار الجودة الشاملة،سورية، دار علاء الدين للنشر والتوزيع،(2001) .
– باري، كشاوي، إدارة الموارد البشرية، ط 2، القاهرة: دار الفاروق،(2006).
– محمود، عبد الفتاح رضوان، إدارة الجودة الشاملة: فكر وفلسفة قبل أن يكون تطبيق، القاهرة : الناشر المجموعة العربية للتدريب والنشر(2012).
– محمد، الصيرفي، تنمية المهارات الإدارية والسلوكية للعاملين الجدد، الإسكندرية، مصر: دار حورس الدولية،(2009).
– جيمس ماكريث، بوب بايتس، الكتاب الصغير لنظريات الإدارة الكبيرة وكيفية استخدامها،ترجمة مكتبة جرير، السعودية: دار جرير للنشر والتوزيع، (2015).
– جابر، عبد الحميد جابر، الذكاءات المتعددة والفهم: تنمية وتعميق، القاهرة: دار الفكر العربي، (2003).
– غيات، بوفلجة، مبادئ التسيير البشري، الجزائر:دار الغرب للطباعة والنشر(ب ت).
– السالم، مؤيد سعيد، وصالح، عادل حرحوش، إدارة الموارد البشرية: مدخل استراتيجي،ط2، الأردن: دار جدارا للكتاب العالمي، (2009).
– عبد الجبار، ألاء،وحسين، ليث سعد الله، العلاقة بين استراتيجيات إدارة الموارد البشرية ومدخل الجودة الشاملة: في القطاع العام، مجلة تنمية الرافدين، العدد 28 ، (2005).
المراجع باللغة الأجنبية :
- Christian ,D , La Qualité, itcic édition, Blida, Alger, (2013).
- Juran,M,J , Quality control handbookco-editor-in-chief,Blanton Godfrey, (1998).
- Park, Sung H, Six Sigma for Quality and Promotion, Asian Productivity Organization, (2003).
- Sekoiu et autre, Gestion de ressources humanes ,2 édition. Bruxelles, (2001).
- Bin Abdullah, M, And Juan ,Taríb,The Influence of Soft and Hard Quality Management Practices on Performance. Asia Pacific Management Review. 17(2) ,(2012).
- Loan,T, Nguyen, Improving performance IT and TQM in Vitanamese organisations, Phd thesis ,University of Fribourg,(2006). Switzerland .
- Benhardt Robert, publishing Pacific Grove ,Californie,(1991).
- Haddad,s .Makhlouf, f, Guide pratique pour la Gestion des Ressources Humaines, Alger : Pages Bleues(2013).
[1] -Haddad,s Makhlouf, f :Guide pratique pour la Gestion des Ressources Humaines, Alger, Pages Bleues,2113,page 110.
[2] – أبوشندي، سعد عامر، إدارة الموارد البشرية في المؤسسات التعليمية، عمان:دار أسامة للنشر،2011،ص36.
– غيات، بوفلجة، مبادئ التسيير البشري، الجزائر:دار الغرب للطباعة والنشر،ص67. [3]
[4] – ياسين، حمدي، وعسكر، علي، والموسوي، علم النفس الصناعي والتنظيمي: بين النظرية والتطبيق،القاهرة، دار الكتاب الحديث،ص216.
[5]– Sekoiu et autre ,Gestion de ressources humanes, 2 édition, Bruxelles, 2001,page 293 .
[6] – حسين، فايز،سيكولوجيا الإدارة العامة، عمان: دار أسامة للنشر، 2008، ص 66.
[7] – كاضم وآخرون،الاحتياجات التدريبية اللازمة لمعلمي اللغة العربية، مجلة أدب الكوفة،العدد 21، 2015،ص، 445.
[8] – ناضم جواد وآخرون،التوافق المهني للعاملين في إطار تحليل الوظيفة وتصميمها، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، العدد 22،2016 ص 94.
[9] – السالم، مؤيد سعيد،وآخرون،إدارة الموارد البشرية: مدخل استراتيجي،ط2، الأردن: دار جدارا للكتاب العالمي،2009،ص136.
[10] – حسين، فايز،سيكولوجيا الإدارة العامة، عمان: دار أسامة للنشر، 2008، ص 84.
[11] – شتاتحة، عائشة، أهمية تدريب الموارد البشرية ودوره في تحقيق الميزة التنافسية: دراسة حالة مديرية الصيانة لسوناطراك الأغواط، أطروحة دكتوراه (غير منشورة)،كلية العلوم الاقتصادية جامعة الجزائر،2011،ص 146.
[13] – نبهان، يحيي محمد،العصف الذهني وحل المشكلات، ط2، عمان: دار اليازوري، 2015،ص 19.
[14] – هالة، مويسي،و هبول وسيلة، دور التدريب في تطوير أداء العاملين في المؤسسة، رسالة ماستر (غير منشورة):جامعة البويرة،2015، 06.
[15] – رعد، حسن الصرف،كيف تتعلم أسرار الجودة الشاملة،سورية، دار علاء الدين للنشر والتوزيع،2001،ص37 .
[16] – Juran,M,J :Quality control handbookco-editor-in-chief,Blanton Godfrey,1998 .
[17] – عبد الرحمان، توفيق، الجودة الشاملة: الدليل المتكامل للمفاهيم والأدوات، مصر، مركز الخبرات المهنية للإدارة، إصدار بيمك، 2011، ص 40.
[18] – جيمس ماكريث، بوب بايتس، الكتاب الصغير لنظريات الإدارة الكبيرة وكيفية استخدامها،ترجمة مكتبة جرير، السعودية: دار جرير للنشر والتوزيع،2015،ص 196.
[19]– محمد، الصيرفي، تنمية المهارات الإدارية والسلوكية للعاملين الجدد، الإسكندرية، مصر: دار حورس الدولية،2009،ص 101.
[20] – جابر، عبد الحميد جابر،الذكاءات المتعددة والفهم: تنمية وتعميق، القاهرة: دار الفكر العربي،2003، ص62.
[21] – عبد الرحمان، توفيق، الجودة الشاملة: الدليل المتكامل للمفاهيم والأدوات، مصر، مركز الخبرات المهنية للإدارة، إصدار بيمك، 2011، ص 386.
[22] – محمود، عبد الفتاح رضوان، إدارة الجودة الشاملة: فكر وفلسفة قبل أن يكون تطبيق، القاهرة : الناشر المجموعة العربية للتدريب والنشر،2012،ص54.
[23] -Park, Sung H: Six Sigma for Quality and Promotion, Asian Productivity Organization,2003,page2.
[24] – سعيد بن حمود، الزهراني، سيجما ستة، مجلة عالم الجودة،العدد الأول،2010 ص40.
[25] – عبد الجبار، ألاء، وحسين، ليث سعد الله، العلاقة بين استراتيجيات إدارة الموارد البشرية ومدخل الجودة الشاملة: في القطاع العام، مجلة تنمية الرافدين، العدد28، 2005، ص91.
[26] – باري، كشاوي، إدارة الموارد البشرية، ط 2، القاهرة: دار الفاروق،2006 .
[27] – عبد الرحمان، توفيق، الجودة الشاملة: الدليل المتكامل للمفاهيم والأدوات، مصر، مركز الخبرات المهنية للإدارة، إصدار بيمك، 2011، ص 40.
[28] – بن علي القرني، عوض، مبادئ الجودة لدى روادها، سلسلة ثقافة الجودة، العدد الأول،1431،ص 5.
[29] – علاء، جاسم سليمان، استعمال تقنية التحسين المستمر في تطوير أداء المنظمة: بالتطبيق على بنك سبا الإسلامي، مجلة العلوم الاقتصادية، بغداد، العدد41،2014.
[30] – عبد الجبار، ألاء، وحسين، ليث سعد الله، العلاقة بين استراتيجيات إدارة الموارد البشرية ومدخل الجودة الشاملة: في القطاع العام، مجلة تنمية الرافدين، العدد28، 2005.
[31]– Sekoiu et autre ,Gestion de ressources humanes, 2 édition, Bruxelles, 2001,page 293 .
[32] – ياسين، حمدي، وعسكر، علي، والموسوي، علم النفس الصناعي والتنظيمي: بين النظرية والتطبيق،القاهرة، دار الكتاب الحديث،ص121.
[33] – إتش مارك، ماكورماك، ما لا يدرسونك إياه في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد،الإمارات : مكتبة جرير،مترجم، 2015،ص 187.
[34] – سورة النمــل رقم 88.