
ماهية التاريخ والعلوم المساعدة لدراسته
د.محمود محمد السيد خلف/جامعة الأزهر، القاهرة، مصر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 42 الصفحة 27.
ملخّص:هذا البحث يلقي الضوء على أهمية دراسة علم التاريخ وأهم العلوم المساعدة لدراسته. وقد قسمته إلى فصلين رئيسين وخاتمة. تحدثتُ في الفصل الأول عن: ماهية التاريخ، فذكرتُ تعريف التاريخ لغة واصطلاحًا، وأهمية دراسة التاريخ للإنسان، والأطوار التي مرت بها الكتابة التاريخية، وأهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المؤرخ. وأما الفصل الثاني: فقد خصصته للحديث عن العلوم المساعدة لدراسة علم التاريخ، وقد قسمتها إلى قسمين، أولهما: العلوم الاجتماعية؛ ومنها: علم الإنسان، وعلم الاجتماع، وعلم السكان، وعلم الجغرافيا، وعلم الاقتصاد، والعلوم السياسية، وعلم النفس، وعلم الأدب والفنون. وثانيهما: وهو يتعلق بعلوم الآثار والتراث؛ ومنها: علم المسكوكات، والأختام، والخطوط، والوثائق، والآثار، واللغات، وفقه اللغة، والنقوش. وخاتمة ذكرتُ فيها أهم النتائج التي توصلتُ إليها من خلال هذا البحث.
الكلمات المفتاحية: ماهية التاريخ ـــــ مراحل الكتابة التاريخية ـــــ صفات المؤرخ ـــ العلوم الاجتماعية ــــ علوم الآثار والتراث .
مقدمة :
مَن لا تاريخ له لا حاضر له، هذهِ مقولة نؤمن بها أشد الإيمان، فالتاريخ دومًا هو الحافز والدافع للإنسان أن يتقدم ويُحرز شيئًا، فالتاريخ البشري بشكل عام هو علم تخصص به الدارسون وأفردوا لهُ جانبًا عظيمًا من الاهتمام.
فلا شك أنَّ علم التاريخ كباقي العلوم يستند على حقائق علمية ثابتة من خلال الأدلة المروية عن المكان والإنسان، ومن خلال الأدلة المشاهدة الماثلة للعيان. فعلم التاريخ يقوم بتأصيل الأحداث والوقائع الهامة التي مرت على الأرض قبل الحياة البشرية، والأحداث التي جرَت بسبب الإنسان وهو ما يُعرف بالتاريخ البشري أو التاريخ الإنساني.
فعلم التاريخ ـــ إذًا ـــ يُعطي تصورًا دقيقًا وواضحًا عن العالم القديم، والتجارب التي مرَّ بها الإنسان، وبالتالي تكون هذه الدراسة بابًا من تجنب ما وقعَ بهِ الأقدمون من الأخطاء والتي جرّت عليهم الويلات والدمار. فعلم التاريخ هو دروس ماضية تُفيدنا للتخطيط المستقبلي.
أما عن إشكالية الدراسة، فيأتي في مقدمتها أن علم التاريخ أحد العلوم الإنسانية؛ فهو متعدد الأغراض والمناهج. لذا فمما يجب على الباحث في هذا العلم أن يكون مُلمًا بعدد من العلوم المساعدة لدراسته وفهمه، ومن ثم يستطيع مواصلة البحث للوصل إلى الحقيقة قدر المستطاع. يقول ابن خلدون:” إن فن التاريخ محتاج إلى مآخذ ومعارف متنوعة وحُسن نظر وتثبت يُفيضان بصاحبهما إلى الحق، وينكبان به عن المزلات والمغالط”([1]).
هذا، وقد تخطى النقاش كون التاريخ علمًا أم أدبًا، وتوقف المؤرخون أمام التاريخ كموضوع حيوي لذاته وله أهدافه وموضوعه وأهميته وأسسه وطرائق بحثه. وحتى نبحث في هذه المادة المهمة وتكون الفكرة أكثر وضوحًا، تواجهنا أسئلة متعددة وسنحاول الإجابة عليها قدر المستطاع في هذا البحث الموجز. ومن هذه الأسئلة، ما هو التاريخ؟ وما هو الموضوع الذي يتحدث فيه؟ وماهي أهمية دراسة التاريخ للإنسان؟ وماهي العلوم التي يجب على الباحث في هذا العلم أن يكون مُلمًا بها؟ وماذا تقدم هذه العلوم المساعدة للباحث في التاريخ؟ وما مدى صلتها بعلم التاريخ؟.
من هنا تأتي أهمية هذا البحث الذي يلقي الضوء على أهمية دراسة علم التاريخ وأهم العلوم المساعدة لدراسته. وقد قسمته إلى فصلين رئيسين وخاتمة. تحدثتُ في الفصل الأول عن: ماهية التاريخ، فذكرتُ تعريف التاريخ لغة واصطلاحًا، وناقشتُ قضية هل التاريخ علم أم فن ؟، وما هي أهمية دراسة التاريخ للإنسان، ثم عالجتُ بالتفصيل موضوع علم التاريخ، والأطوار التي مرت بها الكتابة التاريخية باختصار شديد، واختتمتُ الفصل بالحديث عن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المؤرخ.
والفصل الثاني: خصصته للحديث عن العلوم المساعدة لدراسة علم التاريخ، وقد قسمتها إلى قسمين أولهما: العلوم الاجتماعية؛ ومنها: علم الإنسان، وعلم الاجتماع، وعلم السكان، وعلم الجغرافيا، وعلم الاقتصاد، والعلوم السياسية، وعلم النفس، وأخيرًا علم الأدب والفنون. وثانيهما: وهو يتعلق بعلوم الآثار والتراث؛ ومنها: علم المسكوكات، والأختام، والخطوط، والوثائق، والآثار، واللغات، وفقه اللغة، وأخيرًا النقوش.واختتمتُ البحث بخاتمة ذكرتُ فيها أهم النتائج التي توصلتُ إليها من خلال هذا البحث.
الفصل الأول: ماهيةالتاريخ
يعتبر التاريخ المادة الرئيسة والأساسية التي اختص بها عدد كبير من أهل العلم ؛ وذلك لأهمية علم التاريخ في حياة الشعوب. إن التاريخ هو السجل الكامل لمختلف الوقائع التي وقعت على وجه الأرض منذ بدأ الخليقة إلى يومنا هذا، لذا فهو واحد من أهم العلوم التي تدرس باستمرار في مختلف دول العالم.
إن للتاريخ أهمية قصوى في حياة الأمم والشعوب، لذا نجدها قد أولته رعايتها البالغة، وسعت إلى جمعه في شكل مدونات عن سير الأجداد أو عبر المحافظة على الموروثات أو من خلال القصص الشعبي؛ ليؤدي دورًا مهمًا في تعبئة وجدان الناشئة، حتى ينشب الشبل ناسجًا على منوال أجداده، محافظًا على قيم شعبه الموروثة كابرًا عن كابر.
هذا، وقد احتل التاريخ مكانة عظيمة عند المسلمين، وذلك بتوجيه من القرآن الكريم، قال تعالى: ]لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ[([2])، وقال أيضًا : ]فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ[([3]). بل إن الله ــ سبحانه وتعالى ـــ أمر المسلمين أن يطيلوا النظر في مصائر الغابرين من الشعوب السابقة عِظة واعتبارًا، فقال:]أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[([4]). فدراسة التاريخ عند المسلمين ليست للتسلية ولا لإضاعة الوقت وملء الفراغ أو لمجرد المعرفة وحفظ الحكايات، خاصة تاريخ الأمة الإسلامية على مر العصور وكر الدهور؛ وإلا لما ذكر الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ تاريخ السابقين وقصص النبيين في كتابه العظيم.
- معنى التاريخ في اللغة:
التأريخ في اللغة مصدر من أرخ بلغة قيس وهو اللفظ الشائع عند العرب ، وتاريخ كل شيء من حيث اللغة هو غايته ووقته الذي ينتهي إليه ، ولهذا يقال : فلان تاريخ قومه في الجود أي الذي انتهى إليه ذلك.و ربما استعملت الكلمةبمعني تراجم الرجال(الببليوجرافيا)، ومثال ذلك تاريخ البخاري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري( 194 ـــ 256هـ / 810 – 870 م). وقد تستعمل بمعنى أخبار الماضي كعنوان” تاريخ الرسلوالملوك” للإمام محمد بن جريرالطبري (224 – 310 هـ / 839 – 923 م) ([5]). وهناك اختلاف بين العلماء في أصل لفظ ” تاريخ ” هل هو لفظ عربي أم هو لفظ فارسيثم استخدمه العرب([6]).
- معنى التاريخ في الاصطلاح:
أما المعني الاصطلاحي للتاريخ عند أغلب المؤرخين فهو يقتصر على التقصي وطلب الحقائق عن تلك الأحداث التي وقعت في الماضي.
هذا، وقد اختلف المؤرخون في تعريف التاريخ،فعرفه ابن خلدون(المتوفى عام:808هـ/1405م) بقوله :”فنّ التّاريخ من الفنون التي تتداوله الأمم والأجيال وتشدّ إليه الرّكائب والرّحال….. إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيّام والدّول ….. وفي باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيّات الوقائع وأسبابها عميق”([7]).ويقول السَّخَاوي (831 – 902 هـ / 1427 – 1497 م) : “إن التاريخ فن يُبحث عن وقائع الزمان من حيث التعين والتوقيت وموضوعه الإنسان والزمان”([8]). بينما عرفه الكافِيَجي(788 – 879 هـ / 1386 – 1474 م) ، بأنه ” تعيين وقت لينُسب إليه زمان مطلقًا سواء كان مضيًا أو كان حاضرا أو سيأتي”([9]). ويعرفه المؤرخ الإنجليزي هرنشوHearnshaw( 1869 ـــ 1946م) بقوله:” قد تدل كلمة تاريخ على مطلق مجرى الحوادث الفعلي الذي يصنعه الأبطال والشعوب ، والتي وقعت منذ أقدم العصور واستمرت وتطورت في الزمان والمكان حتى الوقت الحاضر”([10]).
هذا، وقد يظن البعض أن التاريخ ما يبحث في أحداث الماضي وحده، وهذا الاعتقاد ليس صحيحًا؛ فالتاريخ يبحث في الماضي والحاضر والمستقبل معًا.وعلى ضوء هذا، فإن كلمة التاريخ ” تعني مجموعة الأحداث التي وقعت في الماضي والتي تقع حاليًا، ثم التنبؤ على هدى ذلك وفي ضوئه بما سوف يقع مستقبلًا”([11]).
- هل التاريخ علم أم فن؟!
هناك اختلاف بين أهل العلم والتاريخ والأدب في وضع التاريخ وإلى أي فرع يُنسب من فروع الإنسانية. فبعض العلماء ومنهم المستشرق ( و.س. جيفونز)، قال: “لايمكن أن يكون التاريخ علمًا لأنه يعجز عن إخضاع الوقائع التاريخية لما يخضعها له العلم من المعاينة والمشاهدة والفحص والاختبار والتجربة ، وبذلك لايمكن في دراسته استخلاص قوانينعلمية يقينية ثابتة، نحو ما هو موجود بالنسبة للعلوم الطبيعية كعلم الكيمياء مثلاً”([12]).وقد أيد هذا الرأي ( كارل بوير ) في كتابة ” عقم المذهب التاريخي ” ومن الأدلة التي أوردها على كذب المذهب التاريخ: إن التاريخ الإنساني يتأثر في سيره بنمو المعرفة الإنسانية وهذا يوضح عدم إمكانية التنبؤ بكيفية نمو معارفنا العلمية، وبالتالي فلا يمكن التنبؤ بمستقبل سير التاريخ الإنساني وهذا يعني أنه يجب أن نرفض إمكان قيام علم تاريخي اجتماعي([13]).
أما بعض رجال الأدب فيرون أنه فن من الفنون : “وإن العلم لا يمكنه أن يعطينا عن الماضي سوى العظام المحروقة اليابسة وأنه لابد من الاستعانةبالخيال لكي تُنشر تلك العظام وتُبعث فيها الحياة، ثم هي بحاجة كذلك إلى براعة الكاتب حتى تبرز في الثوب اللائق بها”([14]).
ويؤيد ابن خلدون هذا الرأي بوصف التاريخ فن من الفنون، ففي مقدمته عرف التاريخ،بقوله:” إن فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال ، وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السّوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأجيال ، ويتسـاوى في فهمه العلمـاء والجهّال”([15]).ويتفق مع هذا الرأي بعض المؤرخين الذين يروون أن التاريخ نوع من الأدب فهو يهتم بالتدوين القصصي للأحداث. والقصة نوع من الإنشاء الأدبي، وهو فن يحتاج إلى براعة الكاتب ليظهر لنا القصص التاريخية بمظهرها المناسب([16]).
ويرى كثير من العلماء والمفكرين القدماء والمحدثين، من أمثال:أفلاطون وهيجل وماركس و أوجست كونت، أن التاريخ علم يبحث في الماضي ويتبع تطور المجتمعات في العصور السابقة. ويخلص المؤرخ الإنجليزي بيوري الموضوع بقوله: ” إن التاريخ علم لا أقل ولا أكثر”([17]).
ويرد هرنشو على مَن قال : إن التاريخ ليس بعلم، بقوله: ” إنه على الرغم من أنه لايمكننا أن نستخلص من دراسة التاريخ قوانين علمية ثابتة على غرار ما هو كائن في العلوم الطبيعية فإن هذا لا يجوز أن يجرده من صفة العلم”([18]).ويرى أنه يكفى في إسناد صفة العلم إلى موضوع ما أن يمضى الباحث في دراسته، مع سعيه إلى توخي الحقيقة وأن يؤسس بحثه على حكم ناقد أطرح منه هوى النفس، وباعد نفسه عن كلافتراض سابق، مع إمكانية التصنيف والتبويب فيه([19]).
ويضيف هرنشو: إن التاريخ ليس علم تجربة واختبار بل هو علم نقد وتحقيق وإن علم الجيولوجيا هو أقرب العلوم الطبيعية إليه، فالمؤرخ والجيولوجي يدرسان آثار الماضي ومخلفاته حتى يستخرج ما يمكن عن الماضي والحاضر على حد سواء، بل عمل المؤرخ يزيد عن عمل الجيولوجي بدراسته وتفسيره العامل البشرى الانفعالي للوصول إلى الحقائق التاريخية قدر المستطاع([20]).
وعلى ذلك، يمكن القول: إن التاريخ مزاجًا من العلم والأدب والفن في آن واحد.
- أهمية دراسة التاريخ:
منذ القدم عرف الإنسان أهمية التاريخ وقيمته لذلك اهتم بدراستهوسارع إلى تدوين أخبار الإنسانية بداية على الذاكرة ثم على المباني والمنشآت والأحجار ثم دونت في الكتب . وذلك لمحاولة فهم أحداث التاريخ وتحليلها، وتفسير الأحداث البارزة، والاستفادة من تجارب التاريخ السابقة([21]).
وعبر عن أهمية التاريخ السياسي الروماني شيشرون ( 106-43 ق.م) بقوله: ” مَن لا يعرف التاريخ يبقي طفلًا أبد الدهر”([22]).
وقد رأى المؤرخون المسلمون أن دارسة التاريخ فيه عبر ومواعظ ودروس وتجارب، تجعل الدارس يتعلم من أخطاء الماضي،ويقف على أسباب سقوط الدول وانهيار الحضارات، كما أنها تدفع بالدارس إلى الاقتداء بالشخصيات التاريخية البارزة كالرسل والقادة والعلماء.يقول ابن الأثير:” إنَّ الْمُلُوكَ وَمَنْ إِلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ إِذَا وَقَفُوا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ سِيرَةِ أَهْلِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوَانِ وَرَآهَا مُدَوَّنَةً فِي الْكُتُبِ يَتَنَاقَلُهَا النَّاسُ فَيَرْوِيهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَنَظَرُوا إِلى مَا أَعْقَبَتْ مِنْ سُوءِ الذِّكْرِ وَقَبِيحِ الْأُحْدُوثَةِ وَخَرَابِ الْبِلَادِ وَهَلَاكِ الْعِبَادِ وَذَهَابِ الْأَمْوَالِ وَفَسَادِ الْأَحْوَالِ اسْتَقْبَحُوهَا وَأَعْرَضُوا عَنْهَا وَاطَّرَحُوهَا. وَإِذَا رَأَوْا سِيرَةَ الْوُلَاةِ الْعَادِلِينَ وَحُسْنَهَا وَمَا يَتْبَعُهُمْ مِنَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ، وَأَنَّ بِلَادَهُمْ وَمَمَالِكَهُمْ عَمَرَتْ وَأَمْوَالُهُمْ دَرَّتِ اسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ وَرَغِبُوا فِيهِ وَثَابَرُوا عَلَيْهِ وَتَرَكُوا مَا يُنَافِيهِ هَذَا سِوَى مَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ الْآرَاءِ الصَّائِبَةِ الَّتِي دَفَعُوا بِهَا مَضَرَّاتِ الْأَعْدَاءِ وَخَلَصُوا بِهَا مِنَ الْمَهَالِكِ وَاسْتَصَانُوا نَفَائِسَ الْمُدُنِ وَعَظِيمَ الْمَمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُ هَذَا لَكَفَى بِهِ فَخْرًا”([23]).
ومما سبق يمكن القول، إن دراسة التاريخ ضرورة لاغني عنها ليس لمعرفة الماضي فقط بل لفهم الحاضر والتخطيط للمستقبل([24]).
ويؤيد هذا الرأي العلامة ابن خلدون بقوله: ” اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا”([25]).
كما بين السخاوى فائدة التاريخ؛ وهي معرفة حقيقة الأمور وكذلك أنه أحد الطرق التي يمكن بها معرفة النسخ في أحد الخبرين المتعارضين المتعذر الجمع بينهما([26]).
ولاشك أن الإنسان لا يستطيع معرفة نفسه وحاضره دون أن يعرف الماضي، ومن خلال فهمه للماضي يستطيع الحصول على خبرات السنين السابقة، والتدبر في حوادث الماضي يجعل الإنسان بعيدًا عن ذاته، فيرى مالا يراه في نفسه بكل سهوله من محاسن الآخرين وعيوبهم، مما يجعله أكثر قدرة على معرفه نفسه وأقدر على حسن التصرف في مواجهة المواقف في الحاضر والمستقبل.
إن ماضي الشعوب والإنسان مليء بالأحداث المختلفة وله مكانته عند الإنسان في كل أدواره ومراحله، سواء كان عصر المجد والقوة والرفاهية، أم عهد النكبات والآلام والمحن، والأقوام الذين لا يعرفون ماضيهم لا يعتبرون من الشعوب المتحضرة ([27]).
صفوة القول، أنه لا غني للإنسان عن دراسة ماضيه باعتباره كتابًا اجتماعيًا، فينبغي عليه أن يعرف تاريخ تطوره وتاريخ أعماله وآثاره ليدرك ما هو حقٌّ وإلى مَن ينتمي.
- موضوع علم التاريخ:
كثير من الباحثين يتسألون عن موضوع علم التاريخ هل هو سير الملوك والأمراء وسير الأبطال الذين قادوا الأمم والشعوب؟! أم هو قصة لحياة طبقة من الطبقات دون غيرها؟! هل التاريخ يعني بدراسة الناحية السياسية فقط أم هو شامل للنواحي الاقتصادية والاجتماعيةوالعقليةوالفنية للحياة الإنسانية؟!
يرى بعض المؤرخين: إن موضوع علم التاريخ هو البحث عن نوع معين من الحقائق، وهو جهود وانجازات الإنسان في الماضي.
بينما يرى فريق آخر: إن التاريخ هو العلم الذي يحاول الإجابة عن الأسئلة التي تتعلق بالجهود التي قامت بها الإنسانية منذ بدايتها سواء في النواحي السياسية أوالاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الفنية.
وعلى كل حال، فإن التاريخ يكشف لنا ثمرات العقل الإنساني من علم وأدب وفن وما مرت به الدول والشعوب من كوارث ومحن وآلام ومصاعب، وما أرتقت إليه من مجد وعظمة.إن التاريخ يبين لنا مراحل تطور الإنسانية السياسي والاجتماعي والفني([28]).يقول السخاوى: “وأما موضوع التاريخ فالإنسان والزمان، ومسائلة أحوالهما المفصلة للجزئيات تحت دائرة الأحوال العارضة الموجودة للإنسان وفي الزمان”([29]).
- أطوار الكتابة التاريخية:
مرت الكتابة التاريخية في أطوار متعددة ، ففي الوقت الذي كان التاريخ مجرد سرد للأحداث أو تدوينها دون نقد أو تمحيص أو محاولة التثبت من صحتها، كان أول صورة دون بها التاريخ كانت في صورة قصصية. حيث ذكرت الأخبار الأولى عن الأحداث التي مرت بالخليقة منذ نشأتها الأولى كقصة خلق الإنسان ، والطوفان …. إلخ. فقد بدأ الإنسان منذ فجر الخليقة يحكي لأبنائه وأحفاده القصص عن الأجداد والسلف. وبالطبع امتزج هذا القصص الحقيقي بالخيال([30])، وبذلك بدأ الإنسان يهتم بأخبار أسلافه السابقين. ولعل الهدف الأساسي هو اتخاذ العظة والعبرة من الماضي ، وتوضيح الحاضر ، والنظر إلى المستقبل في ضوء هذا الماضي بعظاته وعبره([31]).
هذا، وقد مرت الكتابة التاريخية بعدة مراحل، منها: أيام المصريين القدماء([32])، والبابليين([33])،
والإغريق([34])، والرومان([35]). وقد أثرت المسيحية في تقييد الأحداث التاريخية([36]). ثم اتسع مفهوم علم التاريخ عند العرب، فكان منه: القصص والأساطير الشعبية([37])، ثم ظهر مؤرخو المغازيوالسير ومن أشهرهم:موسى بن عقبة (المتوفى عام: 141هـ/ 758م)، ومحمد بن إسحاق (المتوفى عام: 150هـ/ 768م)، ومحمد بن عمر الواقدي (130 – 207 هـ / 747 – 823 م) ، وابن هشام( محمد عبد الملك بن هشام المعافري، المتوفى عام: 213 هـ/ 828 م)، ومحمد بن سعد (168 – 230 هـ / 784 – 845 م)، وغيرهم([38]).
ومنذ أوائل القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، توسع المؤرخون المسلمون في تسجيل الأحداث التاريخية، فقد توفرت لديهم مادة تاريخية من خلال الدواوين؛ ومنها: ديوان الإنشاء ، وديوان الجند، وديوان الخراج ، وديوان البريد …إلخ .بالإضافة إلى اطلاع المؤرخين المسلمين على الكتب التي ترجمت من اللغات الأجنبية كالفارسية والهندية واليونانية والرومانية إلى اللغة العربية([39]).
ثم كانللضعف السياسي في العصرالعباسي الثاني أثره في حركة التدوين التاريخي،فكان لظهور الدويلات المستقلة عن الدولة العباسية أثرٌ على الكتابة التاريخية، فبدأ يظهر ــــ بوضوح ــــ ما يعرف بكتابة التاريخ المحلي ومنها: كتاب”فتوح مصر” لابن عبد الحكم( المتوفى عام: 257هـ / 871م) ، وكتاب” ولاة مصر وقضاتها” للكندي( محمد بن يوسف الكندي، المتوفى عام: 350 هــ/ 961م)، وكتاب”تاريخ مدينة دمشق” لابن عساكر( علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي، المتوفى عام:571هـ/ 1125م)، وكتاب”البيان المغرب في أخبار المغرب” لابن عذارى المراكشي:( المتوفى نحو: 695 هـ / نحو 1295 م) ([40]).
ومع ذلك ، فقد استمرت حركة التدوين في التاريخ العام للمسلمين، مثل :كتاب” تاريخ الرسل والملوك”للطبري( محمد بن جرير بن يزيد بن كثير ، المتوفى عام: 310هـ/922م) ، وكتاب” مروج الذهب ومعادن الجوهر” للمسعودي( على بن الحسين بن على، المتوفى عام: 346هـ/957م) ، وكتاب” تجارب الأمم” لابن مسكويه( أحمد بن محمد بن يعقوب، المتوفى عام: 421هـ/ 1030م)، وكتاب” الكامل في التاريخ” لابن الأثير(على بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، المتوفى عام: 630هـ / 1233م)، وكتاب” المختصر في أخبار البشر” لأبي الفدا( إسماعيل بن علي بن محمود بن عمر بن شاهنشاه، المتوفى عام: 732هـ /1331م)، وكتاب” العبر وديوان المبتدأ والخبر” لابن خلدون(عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المتوفى عام:808هـ/1405م)، والذي ذكر في مقدمته فضل علم التاريخ وتحقيق مذاهبه ، وأشار إلى أخطاء المؤرخين ، فحذر من الوقوع تحت تأثير النقل من الأقدمين ، دون مراعاة لأصول البحث العلمي في النقد([41]).
- من صفات المؤرخ([42]):
البحث التاريخي ليس بالأمر السهل اليسير ، فهو يتطلب أن تتوفر في المؤرخ شروط قد لا يستلزم توفرها في غيره ممن يتعرضون لألوان أخرى من الكتابات الأدبية مثلًا أو البحوث في مجالات أخرى.ولضمان علمية التاريخ يشترط في مَن يتصدى للاشتغال في مجاله أن يكون متصفًا بصفات معينة، منها:
- الصبر والمثابرة : فالبحث في مجال التاريخ يتطلب جهدًا كبيرًا متواصلاً ، في التفتيش عن المادة التاريخية ،المتمثلة في الوثائق المكتوبة والآثار غير المكتوبة ، كما قد يتطلب اللجوء إلى السفر والانتقال إلى مواقع الأحداث التاريخية ، وإلى المكتبات العامة ودور المخطوطات والمحفوظات والمتاحف وغيرها من الأماكن التي يحتمل أن يبحث فيها على بعض ما يحتاجه الباحث من مادة تاريخية لإنجاز بحثه .
- الأمانة : لابد للباحث أن يتصف بصفة الأمانة إذا أراد الوصول إلى نتائج صحيحة. فأمانة الباحث هي التي تحول دونه ودون الكذب والانتحال والتزوير وإخفاء الحقائق التي لا تناسب الرأي العام.
- الشجاعة : وهي صفة على درجة عالية من الأهمية ، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بصفة الأمانة ، إذ تمنح الباحث القدرة على مناصرة الحقيقة والجهر بها مهما كانت ، وتحمّل تبعات إبرازها دون خوف أو وجل .
- الموضوعية وعدم التحيز : إذ لا جدوى من كل الجهود التي يبذلها الباحث مالم يتصف بالموضوعية وعدم التحيز . فجهوده كلها تهدف إلى بلوغ الحقيقة ، فإذا اتصف بعدم الموضوعية وبالتحيز والانسياق وراء هواه وميوله وعواطفه ، فعند ذلك يفسد ثمرة جهوده وينحرف عن الهدف الذي لابد أن تتجه إليه ؛ وهو الوقوف على الحقيقة التاريخية وإبرازها للناس.
- التواضع والعزوف عن الشهرة والزهد في المناصب : وهي صفات ضرورية تحمي الباحث وتقيه من شرور اللهث وراء الأضواء والتكالب على المناصب والحرص على البروز ، لما في ذلك من تبديد لوقته الثمين ، من ناحية ، ولما يمكن أن تفرضه عليه من تنازلات ومن سلوك يتصف بالمحاباة والتزلف والتصنع ، من ناحية أخرى . فيخرج بذلك عن إطار العلم ويعجز عن خدمة التاريخ خدمة منزهة .
- الملكة النقدية : فالتمتع بملكة النقد صفة لازمة للمؤرخ ، الذي لا يتعامل مع موضوع مباشر يستطيع ملاحظته ، بل يتعامل مع حدث مضى من خلال ما روي عنه وما خلفه من آثار ووثائق، قد يلحقها التحوير والتزوير والتشويه والاختلاق . لهذا لابد للباحث من أن يتصف بالقدرة على النقد وتمييز الصحيح من الكاذب .
- العقل المنظم : فالباحث لا يستطيع أن ينجز أي بحث علمي ما لم يكن متمتعًا بعقل منظم ، قادرًا على التمييز بين عناصر البحث وترتيبها وتنسيقها وتحديد العلاقات بينها واستخلاص النتائج المنطقية منها .
- التفهم والإحساس والقدرة على التخيل : فالباحث في مجال التاريخ ، ما لم يكن قادرًا على تفهم مشاعر وأفكار ودوافع صانعي الأحداث التاريخية في العصر الذي يدرسه ، فإن أحكامه عليهم وأفعالهم ستكون أحكامًا قسرية متسمة بعدم الموضوعية .
هذا قليل من كثير من الصفات التي يجب أن يتحلى بها الباحث في مجال التاريخ،فبهذه الصفات ؛ إضافة إلى استخدام المنهج التاريخي استخدامًاسليمًا والتزود بالمهارات والمعارف والعلوم المساعدة لدراسة التاريخ ، تكتسب البحوث في حقل التاريخ صفتها العلمية. ويصبح التاريخ علمًا من العلوم يختلف في منهجه عن مناهج العلوم الطبيعية من بعض الوجوه ويتفق معها من وجوه أخرى، دون أن يلغي اختلافه عنها صفته العلمية التي يكتسبها من كونه يمتلك منهجًا متدرج الخطوات واضح الهدف يبدأ بالتساؤل وينتهي بإعطاء الإجابات العلمية المتسمة بالحياد والموضوعية والمبنية على جهد بحثي منظم .
الفصل الثاني: العلوم المساعدةلدراسة التاريخ
إن المؤرخ أو الدارس للتاريخ عليه أن يعلم إن هذه الدراسة تتطلب منه الجد والاجتهاد والمثابرة والصبر والنصيحة. والتاريخ شأنه شأن بقية العلوم والمعارف؛فالعلوم الإنسانيةمتداخلة ومترابطة فيما بينها، بحيث لا يمكن أن تدرس علمًا مستقلًا عن بقية العلوم والمعارف الأخرى. فعلى سبيل المثال، لا يستطيع الدارس أن يفهم معاني القرآن الكريم دون أن يتقن اللغة العربية، وعلوم القراءات والتجويد… إلخ، وكلما ازدادت معرفته بهذه العلوم ازداد فهمه ومعرفته بمعاني القرآن الكريم.
ونِعْمَذلك المثال بالشبه لدراسة علم التاريخوالتي تحكمها علاقة قوية بمختلف أنواع المعارف الإنسانية،لهذا كان لزامًا على المؤرخ أن يكون واسع الثقافة، عالما بالعلوم المتصلة بدراسة التاريخ وكتابته. فالمؤرخ يحتاج إلى مجموعة من العلوم المساعدة التي تساعده وتعينه على الوصول إلى الحقيقة التاريخية.
ويجدر بيالإشارة هنا إلى أن هذه العلوم تختلف أهميتها بالنسبة للمؤرخ باختلاف العصر أو الموضوع الذي يود دراسته والكتابة عنه. فمثلاً، العلوم المساعدة لدراسة تاريخ مصر القديم تختلف عن العلوم المساعدة لدراسة تاريخ الفتوحات الإسلامية.وهذا يعني أن المؤرخ ممكن أن يستخدم أحد العلوم المساعدة عند دراسته لموضوع معين ولايستخدمه عن دراسة لموضوع آخر([43]).
وعلى ذلك، يمكنتقسيم العلوم المساعدة في دراسة علم التاريخ إلى قسمين:
أولهما: العلوم الاجتماعية. ثانيهما: علوم الأركيولوجيا والتراث.
ولنبدأ بالقسم الأول ، وهو:
العلوم الاجتماعية:
يعتبر علم التاريخ فرعًا من فروع الدراسات الاجتماعية، ولذا فهو على صلة وثيقة بالعلوم الاجتماعية الأخرى([44]) كعلم النفس وعلم الجغرافيا وعلم الاقتصاد وعلم الإنسان. وهذه الصلةتجعل من واجب المؤرخ والباحث في التاريخ أن يكون لديه معرفة بهذه العلوم، إذ بدون هذه المعرفة لا يمكن أن يؤدي رسالته كباحث تاريخي بالصورة المطلوبة.
ومن أهم العلوم الاجتماعية التي يمكن أن يستفيد منها المؤرخ والباحث في التاريخ ، ما يلي:
- علم الإنسان ( الانثروبولوجيا):
إن المؤرخ لابد أن يكون على علم ودراية بأكثر العلوم التي تسانده على الإجادة والإفادة وفي مقدمتها علم الإنسان الذي يعتبر بالنسبة للأجناس البشرية مرآة حياتهم وحضاراتهم، ومن خلاله يستطيع الوصول إلى أفكارهم وعواطفهم الإنسانية([45]).
كما أن علم الإنسان يعتبر أقرب العلوم الاجتماعية ملائمة للتاريخ، لأن المشكلات التي يواجها علماء الإنسان والمؤرخون أغلبها مشتركة، والخط الفاصل بين هذين العلِمين غير واضح.فعلماء الإنسان يعكفون على دراسة ثقافة الإنسان البدائي، أما علماء التاريخ فيدرسون الإنسانالمتحضر. وتتفق مكانة علم الإنسان وعلم التاريخ في باب العلوم الإنسان العملية إذ إن مادتيهما ذات صبغة عامة، وأن علم الإنسان موجود كالميدان الذي يلتقي فيه كل من له اهتمام بالإنسان([46]).
إن علم الأنثروبولوجيا يتعرض إلى المسائل التاريخية عندما يتتبع التطور البشري وانتشار السكان على سطح الأرض، وبداية ظهور الثقافات والحضارات والهجرات والبناء الاجتماعي. ومن هنا أستطيع القول:إن الثقافة تعتبر إحدى المفاهيم الكبرى لعلم الإنسان، كما أن التاريخ يعتبر سلسلة متتابعة من ثقافات متميزة، فكل تاريخ يتولد من ثقافة، كما أن كل ثقافة تتولد من تاريخها([47]).
وفي الحقيقة، إن الثقافات محصلة التاريخ ونتاجه، إلا أن التاريخ يتأثر بطبيعة الإنسان البيولوجي وبيئته المادية. وغالبًا ما يكون هناك اقتران بين المنطقة الثقافية بالعوامل المعينة الأخرى التي تحدد المنطقة جغرافيًا. إن حياة شعب ما لا تنظمها ثقافته فحسب، بل هناك شراكه مع التحديات التي يفرضها الطقس وخصائص المكان والحيوانات والنباتات وغيرها من الموارد الطبيعية والمكان بالنسبة للثقافات الأخرى.
فمن الممكن أن أقول: إن المفاهيم المتصلة بالثقافة والتغير الثقافي تزود المؤرخ بخلاصة العلاقات البشرية وطبيعة الثقافات الإنسانية قبل التاريخ، بالإضافة إلى تحليلها سواءً كانت شفوية أو مدونة ([48]).
يقول هيوج . أتكن: ” إن علماء الإنسان قد جرو من زمن طويل على الاعتراف بأن هناك طقوسًا ذات صبغة عامة كإقامة الجنائز وشعائر الموت” ([49]). ومن هنا نشأت اللغات وتطورت الفنون عند الشعوب فإن المستفيد من ذلك هو المؤرخ عندما يبين حقيقة وأسرار الماضي ويتوصل إلى مؤشرات تاريخية من خلالها يستطيع أن يفسر كثير من العلاقات البشرية في الوقت الحاضر([50]).
خلاصة القول: إن التاريخ هو وعاء الخبرة البشرية، وهو العلم الخاص بالجهود البشرية أو محاولة الحصول على إجابات عن أسئلة تتعلق بجهود البشرية في الزمن الماضي وفيها نتعرف على جهود المستقبل، وبدون شك فإن التاريخ يصبح علمًا له أصوله([51]).
- علم الاجتماع:
هناك علوم انفصلت عن علم التاريخ، وعلوم أخرى اعتمدت على نفسها وسارت في طريقها مثل علم الاجتماع؛ والذي يدرس المجتمع وبنائه ووظائفه وعملياته ويركز على الأفعال والعلاقات الإنسانية.
في الحقيقة،إن البحث التاريخي يعنى بالتغير الاجتماعي، وعلى ذلكفإنه يشمل ميدان علمالاجتماع حسبما يتضح في المنظور الزمني الذي يتخصص فيه الباحث. إن هناك قصور في المواد التاريخية التي يعود إليها المؤرخ وتتبعه لبعض مظاهر التغير الاجتماعي؛ مثل التغير السياسي والديني والعسكري. مما جعل اهتمام المؤرخين يتحول عن الإطارات الاجتماعية للمجتمعات القديمة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن أغلب علماء الاجتماع ركزوا اهتمامهم الأكبر نحو دراسة الأنماط والمعايير التي يهيئها التفاعل الاجتماعي في مجتمعاتهم الحالية([52]).
إن المؤرخين قد يكتسبون أفكارًا ومدركات جديدة عن طريق دراسة ماكتبه علماء النفس وعلماء الاجتماع عن الأسرة والجماعة، فلكل مجتمع من المجتمعات آماله المرجوة ومثله العليا التي توجه أفراده ليعملوا بموجبها، وهذه المعايير الاجتماعية يجب على المؤرخ أن يكون ملمًا وعارفًا بها([53]).
إن من الأمور التي يولي لها المؤرخون وعلماء الاجتماعالاهتمام دراسة ( الطبقات الاجتماعية)، والتي يمكن تعريفها بأنها تجمعات أفراد ليس لهم غالبًا أي مميزات فارقة أصيلة.
ومن المواضيع التي على المؤرخ دراستها دور الوظيفة الاجتماعية، بحيث تشمل هذه الدراسة مختلف الأدوار التي يؤديها الأفراد حين القيام بتلك الوظيفة ، كما أن دراسة الانتقال في المجتمعات الصناعية المتقدمة من مرحلة العرف والعادات والتقاليد الشعبية إلى العادات والتقاليد والأعراف المدنية، توفر للمؤرخين وعلماء الاجتماع فرصة ممتازة للتعاون.فيسهم فيتوسيع مجال الفكر والبحث عند المؤرخين، بل ويساعدهم في عملية تحليل محتوي البحث ومضمونه([54]).
خلاصة القول، إن هناك كثير من الوشائح والصلات بين كل من علمي الاجتماع والتاريخ، فعلم الاجتماع بفروعه المختلفة يساعد المؤرخين في دراسة وتحليل وفهم الأحداث التاريخية التي لا يمكن أن تحدث إلا في مجتمع أو وحدة اجتماعية وتتأثر بالأوضاع السائدة فيه.
- علم السكان:
من العلوم التي ينبغي على المؤرخين الاعتناء بدراستها علم السكان؛ والذي يهتم بدراسة أحوال الشعوب وتكوينها وتوزيعها الجغرافي والمتغيرات التي تحدث فيها؛ مثل:نسبة المواليد والوفيات والهجرات …. إلخ. وغالبًا ما تستخدم بيانات ومعلومات هذا العلم من المصادر الرسمية، إما عن طريق قوائم الإحصاءات السكانية والتي يتم إجراءها في أوقات محددة، أو عن طريقة السجلات الرسمية، مثل: سجلات الزواج وسجلات الوفاة والولادة، وسجلات الهجرة إلى داخل البلاد وخارجها. فعلى الباحث أن يدرس العلاقة القائمة بين السكان والعوامل الأخرى المؤثرة في الدوافع الإنسانية المحركة للأحداث التاريخية([55]).
خلاصة القول، إن علم السكان له صلات وثيقة مع العلوم الاجتماعية وخاصة علم التاريخ، وهذا يعود إلى توسعهفي دراسات علم السكان وتفسيراته في هذا المجال واستعماله لبعض المفاهيم والمفردات([56]).
- علم الجغرافيا:
لا يخفى على دراسي التاريخ أهمية دراسة الجغرافيا عامة؛ وجغرافية الإقليم المطروح للدراسة خاصة. وذلك لأن الجغرافيا – كما يقول الدكتور جمال حمدان – ” قد تكون صماء، ولكن ما أكثر ما كان التاريخ لسانها، فالتاريخ ظل الإنسان على الأرض كما أن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان. فالتاريخ – كما عبر البعض – ما هو إلا جغرافية متحركة، بينما الجغرافيا تاريخ توقف”([57]).
فلا يتصور – مطلقًا- فهم الإنسان، بدون دراسة البيئة الجغرافية التي نشأ وتربى فيها، إذ لا يخفى – على أحدٍ – أن أثر البيئة كبير على الإنسان، أو كما يقول الأستاذ “هنري بر” Henry Berrالمشرف على صدور الموسوعة التاريخية الكبرى ” تطور الإنسانية” في تقديمه للمجلد الرابع منها، وعنوانه: “الأرض والتطور البشري”، يقول: ” لا ريب أن أثر البيئة قوى جدًا على الإنسان؛ فالجفاف، والرطوبة، والرياح، والضوء، والحرارة بل وكهرباء الجو تستطيع أن تُعدل من صفات الكائن الحي تعديلاً دائمًا أو مؤقتًا. سواء كان هذا الكائن حيوانًا أو نباتًا. إن البيئة – بلا شك – تركت أثرها القوي في تكوين الإنسان خَلْقًا وتفننًا”([58]).
لا شك ـــ إذًا ـــ أن هناك علاقة وثيقة بين التاريخ والجغرافيا، فالأرض هي المسرح الذي وقعت عليه الحوادث التاريخية، فبدون الأرض لا يمكن أن تقع الحادثة.
إن طبيعة الأرض ومصادرها وبما تتميز به من صفات، أثرت تأثير كبيرًا في بيئة الإنسان ووجهت ظروفه وحددت ملامح تفكيره. بل إن الظواهر الجغرافية من سهول وجبال وصحاري وأنهار وبحار والثروات الطبيعية والموقع الجغرافي كلها تؤثر في تكوين الإنسان الفسيولوجي والنفسي ونظمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية،بل في سير معاركه وفي حربه وسلامه([59]).
هذا، وقد لعب الموقع الجغرافي الاستراتيجي لبعض الدول دوارًا كبيرًا في تحركها نحو الحضارة والتجارة والتوسع وبناء الإمبراطورية. كما أن الطبيعة الجغرافيةتتدخل أحيانًا تدخلًا حاسمًا في تغير مجرى الأحداث التاريخية([60]).
يضاف إلى ذلك،أن المناخ له دور كبير في حركةالإنسان وتقدمه الحضاري، فعندما يكون المناخ مناسبًا للحياة يكون الاحتكاك الاجتماعي أسرع. فعادةً ما تنشأ الحضارات من الاحتكاك المتمثل في البيع والشراء، بل إن المناخ يتدخل أحيانًا في تغيير مجرى بعض الحوادث التاريخية([61]).
يضاف إلى ذلك، أن للثروة الطبيعية أثرها الكبير في التاريخ، فغالبًا ما تنشأ الحضارات في السهول والوديان حيث المراعي والمزارع؛فوجود نهري دجلة والفرات في العراق مكّن الإنسان منذ القدم من الزراعة والاستقرار وبناء الحضارة. فالدولة الغنية بهذه الموارد الأولية إذا كانت قوية فإنهاتستغل هذه المصادر لتزيد من قوتها. وأما إذا كانت الدولة فقيرة ومتخلفة فإن وجود هذه الموارد الطبيعية على أرضها يكون سببًا رئيسًا للطمع فيها وغزوها([62]).
صفوة القول، أنعلم الجغرافيا ضروري لدارسي التاريخ، ودورها مهم في فهم الأحداث التاريخية، فعلى الباحث في التاريخ ــــ إذًا ـــ أن يتعرف على الأحوال والعوامل الجغرافية المختلفة التي تحيط بالشعب أو بالعصر أو بالناحية التي يدرسها على النحو الذي يزيد من إمكانيته في البحث والدرس والفهم.
- علم الاقتصاد:
هو العلم الذي يعنى بدراسة نشاط الإنسان الاقتصادي وأنظمة الإنتاج التي عرفت عبر التاريخ، وهو يعتبر أحد العلوم المهمة المساعدة على دراسة التاريخ وفهمه بشكل صحيح. وذلك لأن العوامل الاقتصادية ذات أثر فعال على مسار التاريخ الإنساني([63]).
إن الوضع السياسي في أي دولة ـــ عادة ــــ ما يتأثر بالوضع الاقتصادي، فطريقة توزيع الثروات الاقتصادية، سواء المادية أو النقدية، على طبقة أو فئات من المجتمع له تأثيره على السياسة الداخلية، ويحدد علاقة هذه الطبقات والفئات مع بعضها البعض، ويفصح عن نظام الحكم ومستوى المعيشة، وفي مدى التقدم الحضاري الذي يحصل.فالدولة القوية اقتصاديًا ـــ عادة ـــ ما يكون النظام السياسي فيها مستقر والعمران والرخاء مزدهر([64]). كما أن الوضع الاقتصادي له تأثيره في علاقات الدول الخارجية، سواءً العلاقات الاقتصادية أو العسكرية([65]) أو السياسية.
والجدير بالذكر،أن هناك ثلاثة ميادين مهمة من ميادين البحث الاقتصادي تهم المؤرخ، وهي: تحليل دورة العمل، والتقدم الاقتصادي، وتنظيم العمل([66]).
وفي الختام يتضح لنا مما سبق ذكره، أهمية العوامل الاقتصادية في حدوث التغييراتالتاريخية، وعقم أي محاولة لتفسير الحوادث التاريخية دون النظر إلى دراسة علم الاقتصاد دراسة مهمة.
- العلوم السياسية:
لازالت الأحداث السياسية تشكل ملامح التاريخ العام وتلقي الجانب الأكثر من اهتمام من أغلب المؤرخين. إن علم السياسية يهتم في المقام الأول بتكوين الجماعة السياسية المؤثرة، وعلى العوامل التي تقف خلف صناعة القرار وطريق الحكم والسلطة ووضع الدساتير والعقوبات التي تصدرها الحكومات ضد المخالفين لأنظمتها.
ومن أهم اهتمامات علماء السياسة ـــ أيضًا ـــالاهتمام بالعوامل الحاسمة في رسم السياسة العامة للدولة وتنفيذها. ويعنون كذلك بنظم الحكم المقارن، والعوامل الاجتماعية التي تحرك القرارات السياسية وأصولها التاريخية وتحولاتها، والاهتمام بالنظام الذي ينسق المعتقدات السياسية، وهو ما يعرف ” بالأيدولوجية ” والتي تنبع من الفلسفة السياسية والقانونية.فعلى المؤرخ الاهتمام بهذا الجانب لارتباطه بالقرارات السياسية والتي هي بدورها تصبح أحداثها تاريخية. ومن خلال ذلك ممكن معرفة كيف تسير الدولة وكيف تعمل مؤسساتها التشريعية والقضائية، كماأن على المؤرخ المقارنة بينها وبين مؤسسات مشابهة أو مختلفة في بلاد أخرى، ليحقق المؤرخ أهدافه من الكتابة.
ومن أهم الجوانب التي يعني بها علم السياسية؛العلاقات الدولية التي تعرف بالدبلوماسية. ويعتبر هذا الجانب في غاية الأهمية للمؤرخين؛ وذلك لأن العلاقات بين الدول والمعاهدات والاتفاقيات التي تعقدبينها تشكل اتجاه السياسية العالمية، وقيام التحالفات العسكرية والقومية بين الدول، وكذلك قيام الحروب، وعقد المعاهدات. كل ذلك منبعه من علم السياسية من جهة، ومن جهة أخرى فهو المصدر الأول للمعلومات بالنسبة للمؤرخ([67]).
ومن ميادين علم السياسية ــــ أيضًا ــــ تاريخ الفكر السياسي وتطوره وفكرة ظهور الدولة، وهي الوحدة السياسية للمناطق المتحدة. وهذا المجال يهم المؤرخ بل يعتبر من صميم عمله، فالتاريخ يبدأ من نشوء المجتمع الذي نسميه الدولة.
وفي الختام يمكن القول، إن كل ما يضعه علماء السياسية في الوقت الحاضر، أو تاريخ السياسية في الماضي من شروحات وتحليلات بين يدي المؤرخين، سوف تكون أداة مفيدة ونافعة تساعد المؤرخ على الإبداع في كتاباته ومؤلفاته التاريخية([68]).
- علم النفس:
يعتبر علم النفس من أهم العلوم التي يجب على المؤرخ معرفتها والإحاطة بها، وتأتي هذه الأهمية من أن معرفة نفسية الحاكم أو الزعيم وكل مايتعلق بها من عقد ورواسب تكون سببًا في حدوث تغير في مصائر الأمم والشعوب([69]).
ولكي يفهم المؤرخ تاريخ العلوم في بلد معين لابد من دراسة السيكولوجيا الاجتماعية، فبدونها من الصعب فهم التطور المادي في المجتمع. ونعني بالسيكولوجيا الاجتماعية هي العواطف والأفكار إلى تسيطر في زمن ما على طبقة اجتماعية معينة في بلد معين. إن دراسة السيكولوجيا الاجتماعية تساعد المؤرخ على أمرين في غاية الأهمية بالنسبة للبحث التاريخي: أولهما: تشخيص الحقائق التاريخية، وثانيهما: وضع تفسير ومبادئ لتفسير هذه الحقائق.
صفوة القول، إن المؤرخ الذي لايدرك أهمية علم النفس في دراسته لا يستطيع تحليل الوقائع التاريخية التي تنشأ بسبب هذه الأمراض النفسية تحليلًا سليمًا وسيشكل عليه الأمر ولا تستقيم له الأحكام([70]).
- الأدب والفنون:
يعتبر الأدب أحد العلوم المساندة للمؤرخ، حيث أن الأدب هو مرآة لحياة الشعوب، ومن خلاله يعبر الأدباء عن كل مايجول في أفكارهم وأحاسيسهم ومشاعرهم وتفاعلهم مع الأحداث. كما إن الأدب يصور ما بداخل الناس من أحلام وأماني، ويرسم طبيعة الحياة في المدينة أو في الريف أو في الاقتصاد أو في الحرب والسلام([71]).
إن الأدب له أهمية كبرى في دراسة التاريخ، وذلك لاحتوائه على كثير منالمعلومات التي قد لا توجد في بعضالمصادر التاريخيةالأخرى.ففي تراث الشعوب وحضاراتهم القديمة نجد أعمالاً أدبية تذكر حوادث تاريخية متعددة، تصور حياة البشر من نواحي مختلفة. وبالتالي قد تكون مصدر من مصادرالتاريخ التي يُعتمد عليها([72]).
كما توجد في التاريخ العربي أعمال أدبية تساعد المؤرخين على معرفة التاريخ العربي وأهم الأحداث التي وقعت فيه، لذا فقد قيل: إن الشعر الجاهلي “ديوان العرب”.فمن خلال هذا الشعر يمكننا أن نتعرف على كثير من النواحي الاجتماعية والنفسية عند العرب في العصر الجاهلي([73]).
خلاصة القول، إن علم الأدب يقدم خدمات كبيرة للمؤرخين بما يحتوي من معلومات تاريخية متنوعة في كل المجالات، فدراسة الأدب توسع عقل الإنسان وآفاقه وتجعله أقدر على الفهم والاستيعاب من غيره([74]).
أما عن الفنون، فإن معرفة المؤرخ بالفنون المتنوعة من رسم وتصوير ونحت وعمارة، تساعده على فهم تاريخ العصر المراد دراسته.فمن خلال دراسة هذه الفنون يستطيع التعرف على كثير من المناطق التي وجد فيها الإنسان، كما أنها تبين لنا كثيرًا من خفايا حياة الإنسانمن حيث العادات والتقاليد والأخلاق …. إلخ ([75]).
لذا، فإننا نجد كثيرًا من الجامعات والمعاهد في أنحاء العالم قد أدركت أهمية الفنون فجعلت هذا النوع من الثقافة في المناهج الدراسية كما خصصت لها كرسي خاص بالأساتذة([76]).
مما سبق يتضح لنا ، أن الفنون بشتى أشكالها تخدم سائر الدراسات الإنسانية والعلمية والتي يأتي في مقدمتهاعلم التاريخ، كما أن دراسة شيء من هذه الفنون تساعد على فهم هذا العصر ومن ثم براعة الكتابة عنه.
ثانيًا: علوم الآثار والتراث:
علم الآثار([77]) أو الأركيولوجيا : (Archeology) هي فرع من فروع علم الإنسان الذي يركز على المجتمعات والثقافات البشرية الماضية وليس الحاضرة . وتدرس تحديدًا المصنوعات الحرفية كـالأدوات والأبنية والأوعية … إلخ وما بقي منها، والتي استمرت بالتواجد للوقت الحاضر. كما يدرس أيضًا الحفريات الإنسانية والبيئات الماضية لكي يُفهَم مدى تأثير القوى الطبيعية كـ”المناخ والطعام المتواجد” ـــ على سبيل المثال ـــ على تشكيل الثقافة الإنسانية .
هذا، وقد تعددت علوم الأركيولوجيا فأصبح لها أهمية كبيرة في دراسة علم التاريخ ، ويأتي في مقدمة هذه العلوم:
- علم المسكوكات(النميات):
هو العلم الذي يهتم بدراسة النقود والمسكوكات وتطورها عبر العصور. فالمسكوكات تعتبر أحد أهم مصادر دراسة التاريخ المهمة. فالعملة المسكوكة والأنواط بما تحمل من رموز وصور الآلهة وصور الملوك والأمراء وأسمائهم وتاريخ ضربها وذكرى الحوادث التاريخية ونوعية المعادن المسكوكة فيه، تقدم للمؤرخين معلومات تاريخية قيمة عن مختلف نواحي الحياة قديماً([78]).
إن المسكوكات (النقود) القديمة مرآة الاقتصاد في عصرها التي ظهرت فيه، لأن الغرض من سك النقود هو تسهيل النشاط التجاري حيث كان التعامل قبل ظهور النقود بقطع المعادن الثمينة، مثل: الذهب والفضة([79])، ونظرًا لشدة التنافس على الحركة التجارية بين المدن تدخلت حكومة الدويلات ووضعوا أختامهم عليها لضمان نقاوة معادنها ووزنها ([80]).
يقول أحد الباحثين المعاصرين: “إن دراسة العملة علم وفن وتاريخ، علم لأن لها أصول وقواعد، وفن لأن العملة مجال دراسة فنية وتصويرية، وتاريخية لأنه يسهل تصنيفها زمنيًا وحسب الأماكن التي ضربت فيها، فضلاً عن النقوش والتواريخ التي تحملها العملة. ولهذا ساهم علم دراسة النقود مساهمة كبيرة في إثراء المعرفة التاريخية ببلدان العالم القديم والحديث، خاصة عندما تصمت الوثائق أو تعجز عن التعبير أو تكون نادرة”([81]).
- الأختام و الرنوك:
تتصل الأختام بدراسة الوثائق، وهي التي نمهر بها الوثائق المتعلقة بالمكاتبات الرسمية للحكام أو الملوك. وقد استخدم الإنسان الأختام منذ أقدم العصور كوسيلة لإثبات الملكية، أو لتأكيد صحة قرار أو اتفاق أو معاهدة وخاصة من قِبل الملوك والحكام.
هذا، وتتميز الأختام بأشكالها وأنوعها المختلفة، ومن ذلك أختام الشمع الذي شاع استخدامه منذ أزمان بعيدة ولايزال يستخدم في بعض المناطق إلى عصرنا الحالي. كما وجدت أختام من الرصاص استخدمت من قِبل الأمراء والملوك خاصة في أزمنة مختلفة، ووجدت أختام من الذهب في العصور الوسطى واستخدمت عند بعض الأسر الحاكمة إلى زمن قريب.
ومن أشكال الأختام: المستدير، والبيضوي، والمثلث، والقلب، والصليب. وبالتالي، فإن معرفة أنواع الأختام وأشكالها والمواد المصنوعة منها تفيد الباحث بالتاريخ في التثبت من صحة الوثائق التي يقوم بدراستها([82]).
ومن الجدير بالذكر،أن المسلمون والعرب عرفوا الأختام منذ القدم، واعتبر ابن خلدون ” الخاتم من الخطط السلطانية والوظائف الملوكية” كما ذكر في كتابه أنه ثبت في الصحيحين أن الرسول(r) عندما أراد أن يكتب إلى قيصر الروم، فقيل له: إن العجم لا يقبلون كتابًا إلا أن يكون مختومًا، فأخذ خاتمًا من فضة وكتب عليه “محمد رسول الله” في ثلاثة أسطر، بحيث كل كلمة في سطر([83]).
ومما سبق يتضح لنا أن دراسة الأختام شيء ضروري وهام لدراسة تاريخ فترة زمنية معينة، من حيث المادة المصنوعة منها وطريقة صنعه ومن خلال ما يمكن استنتاجه من معلومات من الرسوم والكتابات المنقوشة عليه.
أما الرنوك،فهي: إحدى العلوم المساعدة في دراسة التاريخ، والمقصود بهاالعلامات المميزة الخاصة بالملوك، أو الأمراء أو الأُسر والجماعات أو الأفراد التي تظهر على الأختام أو الدروع أو السيوف أو على ملابس العساكر والنبلاء أو على الأعلام لتمييزهم عن غيرهم والدلالة عليهم ([84]).
ولقد عرفت هذه الرنوك أو العلامات منذ القدم وحتى العصور الوسطى سواءً في أوروبا في الغرب أو عند المسلمين في الشرق([85]).ومن أهم هذه العلامات؛ الكأس والسيف والدواة والنسر والهلال وذيل الحصان والصليب. ثم صار للنبلاء والوزراء والقادة ورجال الكنيسة وطوائف الرهبان وكبار الموظفين رموزًا خاصة بهم([86]).
صفوة القول: إن معرفة المؤرخ بالرنوك والعلامات الخاصة بكل جماعة أو سلطة أو فرد، تجعله قادرًا على إثبات صحة ما يجد من دروع أو أسلحة أو وثائق قديمة ونسبتها بشكل صحيح للعصر الذي تنتمي إليه.
- علم الخطوط القديمة(الباليوجرافيا):
فكما أن لكل عصر لهجته المتميزة فإن لكل عصر خط يتميز به وتُكتب بها لغته، ويتطور هذا الخط عبر الزمان. وبناءً على ذلك، فإن علم الخطوط القديمة يدرس نشأة الخط الذي تكتب به لغة ما وتطورها ورموزها والتغيرات التي طرأت عليها والأدوات التي استعملت فيها ([87]).
إنهناك أنواع مختلفة من الخطوط القديمة تبقى كالطلاسم حتى يتعلمها الباحث ويتدرب على قراءتها. وقد ظهرت أهمية هذا العلم بعد أن استطاع الباحث الفرنسي (شامبليون) من حل أصول اللغة الهيروغليفية القديمة وذلك في عام 1798م، وأثبت أن ما نقشه قدماء المصريين على آثارهم لم تكن للزينة بل هي كتابة للغتهم([88]) التي احتوت على أحداث تاريخهم وأهم أعمالهم([89]).
بناءً على ما تقدم يمكن القول، أن هناك ضرورة لدراسة هذه الخطوط حتى تحفظ للمؤرخ الوقت وتجنبه الوقوع في كثير من الأخطاء ويتمكن من الوصول للفهم الصحيح للوثيقة أو للنص الذي يدرسه.
- الوثائق (الدبلومات) :
يعتبر علم الوثائق من أهم العلوم الأساسية لدراسة التاريخ، وهي: تدل بمعناها العام على كل الأصول التي تحتوي على معلومات تاريخية سواء دُوِّنَ على الورق أو على غيره. أما معناها الذي اصطلح عليه الباحثون في التاريخ، فهي:” الكتابات الرسمية- أو شبه الرسمية – مثل: الأوامر والقرارات والمعاهدات والاتفاقيات والمراسلات السياسية والكتابات التي تتناول مسائل الاقتصاد أو التجارة ، أو عادات الشعوب ، أو نظمهم وتقاليدهم وما يصيبهم من قوة أو ضعف، أو المشروعات أو المقترحات المتنوعة التي تصدر عن المسؤولين في الدولة أو التي تقدم إليهم ، أو المذكرات الشخصية أو البومات”([90]).
فينبغي على الباحث في التاريخ أن يتعلم المصطلحاتالخاصة بالوثيقة ، وأن يعرف نوع الحبر المستعمل في الكتابة والأقلام التي كتب بها وأنواع الورق المستعمل وخصائصه ، وأن يتأكد من صحة الوثيقة من خلال وصفها وتحديد تاريخها ومصدرها وعصرها ومؤلفها ، فإذا تأكد من كل ذلك تكون الوثيقة جاهزة من قِبل المؤرخ.
إن الوثيقة هي مصدر رئيسي يعتمد عليها المؤرخ في دراسته. فمعرفة مصطلحات الوثيقة وكيفية التعامل معها هي الطريقة التي تعين الباحث على الاطلاع على أسرارها، كما يتطلب من الباحث معرفة لغة الوثيقة والخط الذي كتبت به ، وأسلوب الإنشاء الذي كان سائدًا في عصر تدوين الوثيقة والافتتاحات التي كانت تفتتح بها والخواتيم التي كانت تنتهي بها.
كل هذه الأمور ضرورية لدراسة الوثيقة التي تم اكتشافها في أماكن مختلفة وبأشكال متعددة طوال عصور التاريخ. ومن هذه الوثائق ما وصل إلينا بحالة جيدة والآخر في حالة سيئة، ويرجع ذلك إلى أسلوب حفظ الوثيقة والمكان الذي وجدت فيه([91]).
ومن الجدير بالذكر أن الوثائق تنقسم ــــ عادة ــــ إلى وثائق أدبية ووثائق سياسية أو خطابات خاصة؛ وهي التي تتناول أحوال الناس وأوضاعهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية. كما أن هذه الخطابات تتميز بالصدق والحيوية ، لأن مصدرها عامة الناس البسطاء([92]).
- علم الآثار:
هو علم يعنى بدراسة آثار الإنسان ومخلفاته من بيوت وقصور عاش فيها والقبور التي حوت رفاته والمعابد التي تعبد فيها والمنحوتات والأدوات المختلفة الحجرية والمعدنية والفخارية وكل ما يتعلق بحياة الإنسان ونشاطاته في الماضي بكافة عصوره وفتراته الزمنية.
إن الإنسان له تاريخ طويل يمتد إلى ماقبل اختراع الكتابة ودراسة ما قبل ذلك يعتمد على ما يقدمه له دراسة آثار الإنسان المادية التي خلفها في المواقع والأماكن التي استوطنها أو أقام فيها منذ بداية ظهور الإنسان على الأرض([93]). هذا، وتتميز الآثار بأصالتها ومعاصرتها للحدث كما أنها غير قابلة للتحريف بعكس الوثائق المكتوبة فهي توضح كثير من جوانب الحضارات، مثل: الأحوال الاجتماعية والاقتصادية. وهناك كثير من المناطق والعصور يعتمد في التأريخ لها على الآثار أكثر من غيرها.
ورغم أن البحث عن الآثار قديم جدًا إلا أنه كعلم يعتبر تطورًا حديثًا قد لا يزيد عن مائة عام إلا قليلًا، مع ذلك فقد توصلنا معه إلى نتائج مبهرة. فينبغي على المؤرخ أن يشاهد بنفسه آثار العصر الذي يكتب فيه، وأن يقارن بينها وبين غيرها ويزور الأماكن التي اكتشف فيها الآثار ليستنبط ويستخرج منها بعض أحكامه التاريخية. كما عليه أن يبحث عن متعلقات أخرى لتعم الفائدة ولا سيما المخلفات الشخصية ، التي تعين وتساعد المؤرخين([94]) .
صفوة القول :إن علم الآثار يقدم خدمات مفيدة جدًا لعلم التاريخ من خلال الكشف والبحث عن أثار الماضي ودراستها وتحليلها، كما أن الآثار المادية تقدم معلومات قد تعجز عنها الوثائق المكتوبة .
- علم اللغات:
علم اللغات من أهم العلوم المساعدة التي لابد للباحث في التاريخ أن يتزود بها 0فينبغى على المؤرخ من معرفة اللغةالأصليةالمتعلقة بالموضوع التاريخي الذي يرغب الكتابة والبحث عنه . لأن الترجمات ـــــ وإن وجدت ـــــ غير كافيه لتحصيل الثقافةالعامة ، كما أنها غير قادرة على تلبية حاجات البحث ، إضافة إلى إمكانية كونها محرفةأو غير دقيقه .
وكلما كان الباحث مُلمًا بعدد من اللغات الأصلية القديمة أو الحديثة ، اتسع أمامه أفق البحث والاستقصاء ويصبح أكثر قدرة على التعامل مع الموضوع بشكل صحيح واستخراج نتائج منطقيه([95]) .وحتى يكون الباحث في التاريخ على اطلاع دائم بالأبحاث العالمية المتجددة التي تتعلق بمجال بحثه فينبغي عليه أن يلم بلغة أو أكثر من اللغات الأوروبيةالحديثة كالإنجليزية والفرنسية والألمانية . وقد يرى الباحث أن تعلم اللغات – القديمةأو الحديثة – أمرًا صعبًا ولكن برغبة الباحث وجديته في تعلم هذه اللغة والصبر على ذلك تزيل هذه المصاعب .
مما سبق أستطيع القول، إن على الباحث أن يكون حريصًا على دراسة ما يلزمه من اللغات سواء كانت صعبة أو قديمة أو نادرة حتى يستطيع الرجوع إلى الأصول والمصادر التاريخية الأولى. وبدون ذلك لا يمكنه السير قدمًا في سبيل البحث التاريخي ، وحتى يستطيع التعبير كما يريد بشكل سليم ودقيق وواضح([96]).
- فقه اللغة ( الفيلولوجيا ):
هو: دراسة اللغة عبر الوثائق والنصوص التاريخية وكيفية تطورها وانتقالها عبر الزمان والمكان . كما إنه علم يعنى بدراسة ” الكلمات” وتاريخها وتطورها ، وتطور مضمونها ، وكلما بُعد العصر الذي هو موضوع الدراسة والبحث ازدادت الحاجه إلى علم فقه اللغة. إذْ لابد لفهم النصوص التاريخية من معرفة لغة ذلك العصر التاريخي المعين . واللغة عبارة عن كائن حي ينمو ويتغير ويتطور حسب ظروف المكان والزمان وامتزاج الحضارات والثقافات والشعوب. فكلمة ما قد تحمل أكثر من معنى ، وقد تؤدي إلى معنى آخر في مرحله أخرى أو في مكان آخر([97]).
ومما تجدر الإشارة إليه، أن هناك فرق بين علم اللغة وفقه اللغة . فعلم اللغة ندرسه كنشاط إنساني أو وسيله للتعبير ونقل الأفكار ، فهو يبحث في قوانينها وقواعد تطورها . أما فقه اللغة فهو يدرس اللغة باعتبارها وسيلة إلى غاية ، وهي دراسة الثقافة بما تشتمل عليه من عادات وتقاليد وديانات وآداب ، فإن الغاية لفقه اللغة هي دراسة الحضارة([98]) .
بناء على ما تقدم يمكن القول،إن فقه اللغة علم أساسي يساعد الباحث في دراسة التاريخ لفهم مضامين النصوص فهمًادقيقًا ، وإخضاعها للنقد والتثبت من صحتها ، وحتى لا يفسر ما يقرأ على غير الحقيقة المراد منها.
- علم النقوش:
هو: العلم الذي يدرس الكتابات المنقوشة والمنحوتة على الأحجار والمعادن وعلى الأواني الفخارية أو التوابيت على اختلاف أغراضها، فمنها التذكارية أو الدينية أو شواهد القبور أو الكتابات الملكية([99]) .
إن لكل حضارة ـــــ ولكل شعب ـــــ نقوشها الكتابية الخاصة بها ،فمثلًا، هناك نقوش ثمودية ، ونقوش سبئية، ونقوش حميرية ، ونقوش أرمينية، ونقوش فينيقية، وغيرها. وبفضل اكتشافات الأثريين المتزايدة للنقوش فإنها تعتبر مصدرًا مهمًا تعطي المؤرخين الحيوية والتجديد وبدونها تتجمد المعلومات. ولهذا ستظل النقوش تقدم للمؤرخين المصدر والمادة.
يقول الأستاذ وودهيد في كلامه عن النقوش: ” إن المؤرخ عن طريق إلمامه ليس بالنقوش فحسب ، بل بسائرالعلوم المساعدة الضرورية ،تصبح مهمته أشبه بمهمة القائد الأعلى للجيوش في الميدان الذي يحرك فروع القوات المختلفة لصالح المعركة ، ولا يشترط أن يكون دقيق الإلمام والخبرة بطبيعة عمل كل فرع ولا يتدخل فيه تدخلًا دقيقًا”([100]).
نستنتج من هذا القول،أنه لا يجب على المؤرخ أن يصبح عالمًا في النقوش ، بل يكفي معرفته بقراءة النقش وتحليله وكيفية استخدامه . وكلما كان المؤرخ ملمًا بنقوش لغة العصر الذي يدرس فيه كلما كان أقرب إلى المعرفة الأصلية0
إن علم النقوش يحتوي على آلاف القرارات والمعاهدات القديمة التي تم نقشها على الحجر ، وبعض من هذه القرارات ترتب عليها تطورات مهمة حدثت من آلاف السنين ، وهذا يعطي النقوش أصالتها وأهميتها، وبالتالي سيقرأها المؤرخ مباشرة وكأنه يعيش العصر الذي كُتبِت فيه .
وتسهيلا للبحث العلمي فقد لجأت الجامعات والأكاديميات إلى جمع النقوش المتفرقة في مجلدات منظمة، حتى توفر على الباحث مشقة السفر والبحث عن هذه النقوش([101]).
هذه ــــ إذًا ــــ أهم العلوم المساعدة لدراسة علم التاريخ، فعلى الباحث أن يجتهد في تحصيل أكبر قدر ممكن من هذه العلوم حتى يستطيع أن يمضي قُدمًا في مسيرة البحث العلمي، وأن يقدم لأمته وللعالم أجمع مادة علمية جديرة بالبحث والمناقشة، بل إنه من خلال تحصيل هذه العلوم يستطيع أن يترك بصماته العلمية على صفحات التاريخ الإنساني.
الخاتمة وأهم نتائج البحث
خاتمة الدراسة : أُوجزها، وأُركزها في النقاط التالية:
أولًا: إن البحث التاريخي، هو: عملية إنتاج وإبداع وخلق وابتكار ، فهو يحتاج إلى موهبة، وليس بمقدور كل إنسان القيام بها.فينبغي أن يعلم الباحث أن التفوق الدراسي لا يعني التأهيل لهذا العمل. بل قد يكون عكس ذلك. وإذا وجدت الموهبة عند باحث ما فيجب عليه استغلالها وتنميتها والوصول بها إلى المستوى المطلوب والاستفادة منها . إن حب الاستطلاع والرغبة المستمرة في البحث والتقصي، لهوالمفتاح الحقيقيلهذا العمل التاريخي الذي لا يتصور الدخول فيه بدونه، ولذا يجب على الباحث أن يصرف من وقته قدرًا كافيًا للقراءة والاطلاع والفهم والتعمق في موضوعه، وأن يلم بكل ما كُتب في موضوع بحثه وأن يهضمه جيدًا، حتى يتمكن من إصدار نتائج سليمة خالية من التناقض والتعارض .
ثانيًا: إن علم التاريخ فرع من فروع الدراسات الاجتماعية ، علاوة على ارتباطه الوثيق بالعلوم المساعدة الأخرى التي يحرص المؤرخ على الإلمام بها لإكمال الصورة التاريخية قدر الإمكان. فقد تطورت الكتابة التاريخية فلم يعد الأمر يقتصر على مجرد ترديد للقصص أو بسط للوقائع التي كان العالم مسرحًا لها ، لكن أصبح من الضروري على الباحث دراسة العلل المباشرة للأحداث ، ثم بحث العوامل العامة التي كانت ذات أثر في تكوينها زمنًا طويلًا . فحوادث التاريخ لا تقع فجأة لكنها في الحقيقة نتيجة سلسلة طويلة من الوقائع ؛ وإن كانت عللها المباشرة تبدو كأنها هي الأسباب الوحيدة للأحداث . فعلى المؤرخ ـــ إذًا ـــ أن يبحث عن هذه العلل المتعددة الخفية البعيدة في زمنها عن زمن الأحداث ذاتها. ومنها تأتي أهمية معرفة العلوم المساعدة لدراسة علم التاريخ.
ثالثًا ـــ وأخيرًا ــ :من توصيات البحث: على الباحثين المعاصرين في حقل الدراسات التاريخية متابعة كل جديد حول منهجية البحث التاريخي، وضرورة المتابعة المستمرة لكل ما يصدر من كتب ودوريات وبحوث تاريخية قيمة تتعلق بالمنهج العلمي للدراسات التاريخية والحضارية. فلا نكتفي بما كتبه كبار المؤرخين المحدثين بل يجب علينا أن نجتهد نحن الآخرين في تقديم كل ما هو جديد وكل ما هو من شأنه خدمة البحث العلمي، فما زال باب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه لكل باحث مجتهد يقدم للدراسات التاريخية والحضارية علمًا نفعًا تنتفع به الأجيال القادمة.
قائمة المصادر والمراجع:
- ابن الأثير:(أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، المتوفى عام: 630هـــ / 1233م): الكامل في التاريخ، تحقيق: عبد الله القاضي، دار الكتب العلمية،بيروت، ط1،1418هـ ـــ 1998م.
- أحمد أمين: ضحى الإسلام، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 2002م.
- أحمد سيد محمد: ( دكتور): الشخصية المصرية في الأدبين الفاطمي والأيوبي، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1992م.
- أسد رستم: مصطلح التاريخ، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 1423هـ ـــ 2002م،.
- إسماعيل أحمد محمد ياغي:( دكتور): مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، العبيكان، الرياض، ط2، 1424هـ.
- آليان . ج. ويدجري: التاريخ وكيف يفسرونه، ترجمة: عبد العزيز توفيق جاويد، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 1996م.
- بيريل سمالي:( دكتور): المؤرخون في العصور الوسطى، ترجمة: د. قاسم عبده قاسم، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1984م.
- جان تولا: صناعة المؤرخ، ترجمة وتقديم: د. عادل العوا، دار الكلمة، دمشق، ط1، 1999م.
- جمال حمدان: ( دكتور): شخصية مصر– دراسة في عبقرية المكان-، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، ط2 ، 2013م.
- حسن عثمان:( دكتور): منهج البحث التاريخي، دار المعارف، القاهرة، ط11، 1993م.
- حسين فوزي النجار: التاريخ والسير، دار القلم، القاهرة، ط1، 1964م.
- حسين مؤنس:( دكتور): التاريخ والمؤرخون، دار المعارف، القاهرة، ط1، 1984م.
- ابن خلدون: (عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المتوفى عام:808هـ/1405م):المقدمة، تحقيق: د. على عبد الواحد وافي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 2006م.
- روزنثال: علم التاريخ عند المسلمين، ترجمة : د. صالح أحمد العلي، مؤسسة الرسالة ، بيروت، ط2، 1403هـ.
- السخاوي:( علي بن أحمد بن عمر بن خلف الحنفي، المتوفى عام: 902هـ/ 1497م): الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، نشره روزنثال في كتابه: علم التاريخ عند المسلمين، ترجمة: د. أحمد صالح العلي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2،1983م.
- سعد بدير الحلواني: ( دكتور): تأريخ التاريخ، مدخل إلى علم التاريخ ومناهج البحث فيه، ( ب ـــ ن)، القاهرة، ط4، 2002م.
- سيدة إسماعيل سيد كاشف:( دكتورة): مصادر التاريخ الإسلامي ومناهج البحث فيه، دار الرائد العربي، بيروت، ط2، 1983م.
- شاكر مصطفى:( دكتور): التاريخ العربي والمؤرخون، دار العلم للملايين، بيروت، ط3، 1983م.
- شوقي الجمل: ( دكتور): علم التاريخ ، نشأته وتطوره ووضعه بين العلوم الأخرى ومناهج البحث فيه، المكتب المصري للمطبوعات ، القاهرة، ط1، 1997م.
- عادل حسن غنيم: ( دكتور): في منهج البحث التاريخي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ط1، 2015م.
- عبد العزيز الدوري:( دكتور): بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، العبيكان، الرياض، ط2، 1420هـ.
- عبد العليم عبد الرحمن خضر: ( دكتور): المسلمون وكتابة التاريخ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط2، 1995م.
- عطية أحمد محمود القوصي:( دكتور): علم التاريخ ومناهج البحث والتدوين التاريخي عبر العصور، ( ب. ن) ، ط1، 1984م.
- علي إبراهيم حسن: ( دكتور): استخدام المصادر وطرق البحث في التاريخ الإسلامي العام وفي التاريخ المصري الوسيط، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط3، 1980م.
- عيد سعيد مرعي:( دكتور): منهج البحث التاريخي، مكتبة الخبتي، بيشة، ط1، 1426ه.
- قاسم عبده قاسم: فكرة التاريخ عند المسلمين، قراءة في التراث التاريخي العربي، دار عين للدراسات والبحوث، القاهرة، ط1، 2001م.
- هاري إلمربارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة: محمد عبد الرحمن برج، تقديم سعيد عبد الفتاح عاشور، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، ط1، 1987م.
- هيوج . اتكن: دراسة التاريخ وعلاقتها بالعلوم الاجتماعية، ترجمة: محمود زايد، دار العلم للملايين، بيروت، ط1، ( ب ـــ ت).
[1])) ابن خلدون: (عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المتوفى عام:808هـ/1405م): المقدمة، تحقيق: على عبد الواحد وافي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2006م، جـ1، ص 13.
[2]) ) سورة يوسف: آية 111.
[3]) ) سورة الأعراف: آية 176.
[4]) ) سورة الروم: آية 9.
[5])) إسماعيل أحمد محمد ياغي: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، العبيكان، الرياض، 1424هـ، ص 101.
[6])) قاسم عبده قاسم: فكرة التاريخ عند المسلمين، قراءة في التراث التاريخي العربي، دار عين للدراسات والبحوث، القاهرة، 2001م، ص 14 ــ 15.شوقي الجمل: علم التاريخ ، نشأته وتطوره ووضعه بين العلوم الأخرى ومناهج البحث فيه، المكتب المصري للمطبوعات ، القاهرة، 1997م، ص10.
[7])) المقدمة: جـ1، ص 6.
[8]) ) السخاوي:( علي بن أحمد بن عمر بن خلف الحنفي، المتوفى عام: 902هـ/ 1497م): الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، تحقيق: روزنثال، ترجمة: أحمد صالح العلي، مؤسسة الرسالة، بيروت،1983م، ص 19.
[9]) ) روزنثال: علم التاريخ عند المسلمين، ترجمة : صالح أحمد العلي، مؤسسة الرسالة ، بيروت، 1403هـ، ص 326.
[10]) ) نقلاً عن: حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، دار المعارف، القاهرة، 1993م، ص12.
[11]) ) إسماعيل أحمد محمد ياغي: مصادر التاريخ الحديث ، ص104.
[12]) ) حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص16.
[13]) ) شوقي الجمل: علم التاريخ، ص73
[14]) ) حسن عثمان: المرجع السابق، ص16.
[15]) ) المقدمة، جـ1، ص 9-10.
[16]) ) شوقي الجمل: علم التاريخ، ص73.
[17]) ) شوقي الجمل: نفس المرجع، ص74.
[18]) ) عيد سعيد مرعي: منهج البحث التاريخي، مكتبة الخبتي، بيشة، 1426هـ، ص 9.
[19]) ) عيد سعيد مرعي : نفس المرجع، ص 10.
[20]) ) نقلا عن : حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 17.
[21]) ) عادل حسن غنيم : في منهج البحث التاريخي ، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2015م، ص20.
[22]) ) عيد سعيد مرعي : منهج البحث التاريخي، ص 9.
[23])) ابن الأثير:(أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني، المتوفى عام: 630هـــ / 1233م): الكامل في التاريخ، تحقيق: عبد الله القاضي، مراجعة محمد يوسف الدقاق، دار الكتب العلمية، بيروت،1418هـ ـــ 1998م، جـ1، ص 10.
[24]) ) عيد سعيد مرعي: نفس المرجع ، ص9.
[25]) ) المقدمة، جـ1، ص16.
[26]) ) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، ص16.
[27]) ) حسن عثمان: البحث التاريخي، ص13.
[28]) ) إسماعيل أحمد محمد: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص118.
[29]) ) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ، ص19.
[30]) ) عبد العزيز الدوري: بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، العبيكان، الرياض، 1420هـ، ص 147 ـــ 155، شاكر مصطفى: التاريخ العربي والمؤرخون، دار العلم للملايين، بيروت، 1983م، جـ1، ص 57 وما بعدها.
[31]) ) حسين فوزي النجار: التاريخ والسير، دار القلم، القاهرة، 1964م، ص 23.
[32]) ) قام الكاهن (مانيثون) الذي عاصر بطليموس الأول والثاني بوضع تاريخ لمصر القديمة على نظام الحوليات، لكنه فقد ولم يبق منه إلا شذرات قليله. هاري إلمربارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، ترجمة: محمد عبد الرحمن برج، تقديم: سعيد عبد الفتاح عاشور، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1987م، جـ1، 18 ـــ 19.
[33]) ) ألف(بيروسوس) كتاب عن تاريخ بابل( 250 ق. م) لكنه ـــ للأسف ــــ فُقِد فلم يصل إلينا. حسين فوزي النجار: التاريخ والسير، ص 23.
[34]) ) كان من أشهرهم: (هكتيوس ) الذي كتب عن أصل الشعب الإغريقي في القرن السادس قبل الميلاد. و(هيرودوت) الملقب أبي التاريخ ، والذي كتب عن النزاع بين الإغريق و الفرس. و(ثوكوديديس ) الذي اهتم بحرب البلوبونيز بين أثينا وإسبارطه. و( هوميروس) الذي تنسب إليه الإلياذة والأوديسة. هذا، وقد تميزت كتابات الإغريق بالبعد عن الخرافات والأساطير وبمحاولة الوصول إلى تفسير منطقي للأحداث .بارنز: نفس المرجع، نفس الجزء، ص 48.
[35]) )كان منهم: (بوليبيوس )الإغريقي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد وكتب عن المدينة الرومانية ، وفتوح الرومان وأنظمتهم السياسية والاقتصادية، وعن حكم يوليوس قيصر. و( ليفي ) الذي ألف في تاريخ الجمهورية الرومانية. و(تاسيت) الذي تحدث عن الفساد الاجتماعي والتدهور الخلقي في روما .بارنز: نفس المرجع، نفس الجزء، ص 65.بيريل سمالي: المؤرخون في العصور الوسطى، ترجمة: د. قاسم عبده قاسم، دار المعارف، القاهرة، 1984م، ص 21.
[36]) ) بارنز: نفس المرجع، نفس الجزء،، ص 66 وما بعدها. سمالي: نفس المرجع، ص 35.
[37]) ) لمزيد من التفاصيل، انظر: شاكر مصطفى: التاريخ العربي والمؤرخون، جـ1، ص 74 وما بعدها.
[38]) ) أحمد أمين: ضحى الإسلام، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 2002م، جـ2، ص 328 وما بعدها.
[39]) ) أحمد أمين: نفس المصدر، جـ1، ص 182، 247، 271.
[40]) ) قاسم عبد فاسم: فكرة التاريخ عند المسلمين، ص 50.
[41]) ) سيدة إسماعيل سيد كاشف: مصادر التاريخ الإسلامي ومناهج البحث فيه، دار الرائد العربي، بيروت، 1983م، ص 63 وما بعدها.آليان . ج. ويدجري: التاريخ وكيف يفسرونه، ترجمة: عبد العزيز توفيق جاويد، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة، 1996م، جـ1، ص 164 ــــ 165.
[42]) ) السخاوي: الإعلان بالتوبيخ، ص 107 وما بعدها ، أسد رستم: مصطلح التاريخ، المكتبة العصرية، بيروت، 1423هـ/ 2002م، ص 52 وما بعدها، علي إبراهيم حسن: استخدام المصادر وطرق البحث في التاريخ الإسلامي العام وفي التاريخ المصري الوسيط، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1980م، ص 44، حسين مؤنس: التاريخ والمؤرخون، دار المعارف، القاهرة، 1984م، ص 221 وما بعدها، جان تولا: صناعة المؤرخ، ترجمة وتقديم: عادل العوا، دار الكلمة، دمشق، 1999م، ص 39 وما بعدها.
[43]) ) حسن عثمان: البحث التاريخي، ص 25.
[44]) ) لمزيد من التفاصيل، انظر: بارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، جـ1، ص 206 وما بعدها.
[45]) ) عبد العليم عبد الرحمن خضر: المسلمون وكتابة التاريخ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، 1995م، ص42.
[46]) ) هيوج. أتكن: دراسة التاريخ وعلاقتها بالعلوم الاجتماعية، ترجمة: محمود زايد، دار العلم للملايين، بيروت، ( ب ـــ ت)، ص27.
[47]) ) إسماعيل أحمد: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص266.
[48]) ) هيوج. أتكن: المرجع السابق، ص30-33.
[49]) ) نفس المرجع، ص34.
[50]) ) عبد العليم عبد الرحمن خضر: المسلمون وكتابة التاريخ، ص 44.
[51]) )بارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، جـ1، ص 76، عبد العليم عبد الرحمن خضر: نفس المرجع، ص43.
[52]) ) هيوج. أتكن: دراسة التاريخ وعلاقتها بالعلوم الاجتماعية، ص34-36.
[53]) ) هيوج. أتكن: نفس المرجع ، ص41.
[54]) ) إسماعيل أحمد: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص269.
[55]) ) هيوج. أتكن: دراسة التاريخ وعلاقتها بالعلوم الاجتماعية، ص53.
[56]) ) إسماعيل أحمد: المرجع السابق، ص265-266.
([57]) جمال حمدان: شخصية مصر– دراسة في عبقرية المكان-، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة ، 2013م،جـ1، ص7-8.
([58]) نقلاً عن : أحمد سيد محمد: الشخصية المصرية في الأدبين الفاطمي والأيوبي، دار المعارف، القاهرة، 1992م، ص9. ولمزيد من التفاصيل عن أثر البيئة في الإنسان، انظر: ابن خلدون: المقدمة، جـ1، ص392 وما بعدها.
[59]) ) حسن عثمان: منهج البحث التاريخي،ص32-33.بارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، جـ1، 193.
[60]) ) علي سبيل المثال، كان البحر هو العامل الوحيد الذي عاق تيمور لنك عن التقدم والعبور إلى أوروبا وذلك بعد أن انتصر على السلطان العثماني بايزيد الأول في موقعة أنقره عام 1402م.
[61]) ) اسماعيل أحمد محمد : مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص260-261.
[62]) ) من أوضح الأمثلة على ذلك، احتلال الدول الأوروبية لبعض الدول الإفريقية، مثل: جنوب أفريقيا. عيد سعيد مرعي : منهج البحث التاريخي، ص 48.
[63]) ) حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 36.
[64]) ) ومن الأمثلة على تأثير الظروف الاقتصادية في مجري التاريخ، أن ثراء الدولة المملوكية في مصر والشام وجمهورية البندقية في إيطاليا وقوتهما في العصور الوسطي؛ كانت بسبب مرور التجارة العالمية بأراضيهم، وبعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح على يد البرتغاليين في عام 1497ه تدهور وضعهم الاقتصادي وكان سببًا في سقوط دولتهما. اسماعيل أحمد محمد: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص277.
[65]) ) وأبرز مثال على ذلك ، أنه لما حدثت الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر ـــــ نتيجة للاختراعات الحديثة ــــ دفعت بعض الدول الأوربية الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا، إلى البحث عن مصادر المواد الخام الضرورية للصناعة، وعن الأسواق اللازمة لتصريف المنتجات الصناعية، فمن ثم بدأت مرحلة جديدة في العلاقات الدولية وهي ما تعرف بمرحلة الاستعمار الصناعي الحديث. لذا ، فقد فقامت هذه الدول باحتلال أراضي الآخرين بالقوة ، كما حدث في الهند وجنوب شرق آسيا وأفريقيا في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي. عيد سعيد مرعي : منهج البحث التاريخي، ص64.
[66]) ) عبد العليم عبد الرحمن خضر: المسلمون وكتابة التاريخ، ص53-54.
[67]) ) اسماعيل أحمد محمد : مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص 273-276.
[68]) ) إسماعيل أحمد محمد: نفس المرجع، ص 276.
[69]) ) عبد العليم عبد الرحمن خضر: المسلمون كتابة التاريخ، ص55.
[70]) ) إسماعيل أحمد محمد: المرجع السابق، ص271.
[71]) ) حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 38.
[72]) ) ومن أمثلة ذلك، الأعمال الأدبية في بلاد الرافدين، مثل: ” أسطورة خلق الكون ” و ” أسطورة إثانا”، والتي تعطي معلومات عن معتقدات السكان الدينية. عيد سعيد مرعي: منهج البحث التاريخي، ص71-72.
[73]) ) عيد سعيد مرعي : نفس المرجع، ص 73.
[74]) ) حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 40.
[75]) ) ومن أمثلة ذلك، نجد اللوحات الجدارية المنحوتة والتي تغطي جدران القصور الآشورية في نينوى و آشور (900-600ق.م) في دولة العراق فهي تزودنا بمعلومات في غاية الأهمية عن مختلف نواحي الحياة وخصوصًا السياسة والعسكرية. عيد سعيد مرعي: المرجع السابق ، ص 74.
[76]) ) حسن عثمان: المرجع السابق، ص44.
[77]) ) بارنز: تاريخ الكتابة التاريخية، جـ1، ص 15 وما بعدها.
[78]) ) حسن عثمان: نفس المرجع، ص32.
[79]) ) على سبيل المثال: إن اكتشاف عملة رومانية في الهند في العصور القديمة، يدل على وجود نشاط تجاري واسع للرومان في هذه المناطق. عيد سعيد مرعي: المرجع السابق، ص65.
[80]) ) يعتقد بعض علماء المسكوكات أن أول دولة توصلت إلى سك العملة هي مملكة ليديا في آسيا الصغرى ثم انتشرت هذه الفكرة إلى المدن الإفريقية. وفي عام (700ق.م) بدأت النقود الإفريقية بالظهور في مصر وسوريا وشمال إفريقيا، ويدل ذلك على ضخامة التبادل التجاري بين مصر والمدن الإفريقية. ومن الجدير بالذكر، أن أول من أمر بسك النقود في الإسلام هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وذلك في سنة 77ه. إسماعيل أحمد محمد: مصادر التاريخ الحديث ومناهج البحث فيه، ص251-259.
[81]) ) إسماعيل أحمد محمد : نفس المرجع، ص 254
[82]) ) حسن عثمان: منهج البحث العلمي، ص31.
[83]) ) المقدمة، جـ1 ، ص 326.
[84]) ) عيد سعيد : منهج البحث التاريخي، ص 62.
[85]) ) فمثلاً، تم استخدامها من قِبل الأيوبيين والمماليك والعثمانيين والسلاجقة للدلالة على وظائف أرباب السيف. كما تم استخدامها أثناء الحروب الصليبية كوسيلة للتعارف بين الجنود، حتى لا يقع الخلط والاضطراب في صفوفهم. د. حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 31.
[86]) ) حسن عثمان: نفس المرجع ، ص 31.
[87]) ) عيد سعيد : المرجع السابق، ص 57.
[88]) ) عطيه أحمد القوصي: علم التاريخ ومناهج البحث والتدوين التاريخي عبر العصور، ( ب ــــ ن)، 1984م، ص124.
([89]) إن من يرغب في دراسة تاريخ الدولة العثمانية ـــ مثلاً ـــ عليه أن يكون ملمًا بالخطوط المختلفة التي كُتبت بها اللغة العثمانية القديمة، ومن أهمها الخط الديواني الذي كتبت به الأوامر السلطانية، وخط القيرمة الذي استخدم في الشؤون المالية والإدارية في القرن السابع عشر الميلادي، فمن الخطأ الاعتماد على تراجم الآخرين للوثائق العثمانية، لأن بعضها لم يترجم بالشكل الصحيح أو أهمل بعضها بدون ترجمة أو تم تحريفها. د. عادل حسن غنيم: في منهج البحث التاريخي، ص39 .
([90])حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص30 .
([91]) تعد وثائق البردي من أقدم الوثائق المعروفة في العالم القديم ، حيث عرفها المصريون القدماء وكتبت على ورق نبات (البردي) وعنهم عرفها. هذا، وقد وكتبت الوثائق البردية بعدة لغات قديمة ومنها (الديموطيقية) لغة المصريين القديمة ، وبعد فتح الاسكندر لمصر عام (332 ق.م ) ظهرت الوثائق الإغريقية ، وأول وثيقة بردية إغريقية هي عقد زواج تم العثور عليها في أسوان ومؤرخة بعام (311 ق.م)، وبعد الفتح الإسلامي لمصر عام ( 21هـ/ 641م) سادت اللغة العربية. وفي العصور الوسطى تعلم العرب طريقة صناعة الورق من شعب الصين القديم ، فاستخدموه بديلاً عن وثائق البردي ، وعن طريق العرب انتقل إلى أوروبا أيام الحروب الصليبية. د. عطيه أحمد القوصي: علم التاريخ ومناهج البحث والتدوين التاريخي عبر العصور، ص 126.
([92])إسماعيل أحمد: مصادر التاريخ الحديث، ص 242 ــــ 250.
([93])عيد سعيد مرعي: منهج البحث التاريخي، ص 51.
([94])سعد بدير الحلواني: تأريخ التاريخ، مدخل إلى علم التاريخ ومناهج البحث فيه، ( ب ـــ ن)، القاهرة، 2002م، ص 147 ـــ 148.
([95])حسن عثمان: منهج البحث التاريخي، ص 26.
([96])إسماعيل أحمد محمد ياغي: مصادر التاريخ الحديث، ص 234 ــــــ 235.
([97]) على سبيل المثال ، إن كلمة “عامل الخليفة” كانت تعني عند استخدامها في القرون الهجرية الأولى والى الخليفة . أما الآن فكلمة “عامل” تفيد معنى آخر . كما أن كلمة “استعمار” كانت تعني عند استخدامها في مرحلة الكشوف الجغرافية استثمار الأراضي وتعميرها ، ولكنها أصبحت تعني في القرنين الآخرين احتلال بلاد أخرى واستغلال ثرواتها .د. حسن عثمان: المرجع السابق، ص 27.
([98])عادل حسن غنيم: في منهج البحث التاريخي، ص 38.
([99])عيد سعيد مرعي: منهج البحث التاريخي، ص 58 ـــ 59.
([100]) نقلًا عن : إسماعيل أحمد: مصادر التاريخ الحديث، ص 238.