
الأساليب والمبادئ و الطرائق التربوية عند النبي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم
د عارف أسعد جمعة/أكاديمية بشاك شهير للعلوم العربية والإسلامية،اسطنبول،تركيا
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 41 الصفحة 67.
ملخص:تعد التربية منهجاً قويماً في رسالة الأنبياء وحياتهم، ولقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم داعياً إلى الله تعالى وفق منهج تربوي حكيم قائم على أساليب تربوية مثل (اللين والحكمة والموعظة وحسن الخلق…) وطرائق تعليمية (كالحوار وضرب الأمثال والتربية العملية والمناقشة والمشاركة والتعاون …) ولم يخلُ هذا المنهج التربوي من أدوات التعليم ووسائله فقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أدوات ووسائل تعليمية منها الفكرية المعنوية (التأمل والتصور والتخيل…) ومنها الحسية (النماذج و الأشكال و المخططات ..)
ولم يقتصر منهج النبي صلى الله عليه وسلم على التعليم بل شمل المتعلم وخصائصه النمائية والنفسية والعمرية ، مما أعطى التربية تنوعا شمل المراحل العمرية كلها (من الطفولة الأولى مرورا بالرشد حتى الكهولة)
الكلمات المفتاحية: المنهج، الأساليب، الطرائق، التربية ، النبي صلى الله عليه وسلم . مقدمة :إن المتتبع لمسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظ أنه ما ترك شاردة ولا واردة تهم الإنسان وتسعده في دنياه وآخرته إلا بيّنها وقدم فيها دروساً تطبيقية فكان لا يأمر بأمرٍ إلا كان أسبق إليه، ولا ينهى عن شيء إلا كان أشد اجتناباً له. وقد شملت تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم كل مناحي الحياة ((الاجتماعية – الاقتصادية – الأخلاقية – العبادية …)) وإن رسالته لم تخص قوماً بعينهم بل كانت عامة شاملة لجميع الناس قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107] فما من أحد إلا أفاد من النبي صلى الله عليه وسلم واستقى من بحر علمه وجوده ما شاء، ومحمد صلى الله عليه وسلم كان الأول والرائد في البشر في كل علم خصّه الله به، فقد تلقى العلم عن ربه، فنال ما لم ينله بشر من قبله ولا بعده – فمن أراد أن ينهل العلم والتربية فعليه أن يأخذ علمه من المربي الأول الذي كلفه الله U هذا الأمر وخصّه به.
فقال تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾[الجمعة: 2].
فالمهمة الأساسية للنبي صلى الله عليه وسلم هي التعليم والتربية، وهي تكليف من ربه ذي الجلال والإكرام، وأمر منه ليعلم الناس الكتاب والحكمة ويربي أنفسهم ويزكيها.
وروى مسلم عن جابر بن عبد الله t أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً ميسراً »[1]
محمد صلى الله عليه وسلم المربي الأول في البشر :
دلّ على ذلك أمور عدة منها:
1 – تلقيه الأدب والتربية عن الله U، وإن المتعلم يشرف بقدر المعلم والعلم فكيف بمن كان معلمه الله U وعلمه من لدن الله العزيز الحكيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أدبني ربي فأحسن تأديبي »[2].
2 – الإرشاد التربوي الذي قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وخلده القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرته العطرة وتناقله الصحابة ومن بعدهم إلى عصرنا فما زالت تعاليمه وتربيته ساريةً في الأمة ومؤثرة بها – فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم أدباً ولا مبدأً ولا طريقةً ولا تعليماً تربوياً ينفع الناس إلا ذكره وطبقه وعلمه وأمر به، – فلم تبق تعاليمه حبيسة في عقول أصحابه رضوان الله عليهم أو الكتب، بل كانت عامة شاملة تطبيقية أفاد منها الناس جميعاً.
3 – النقلة النوعية للمجتمع الجاهلي الذي كان يُعد من أردى المجتمعات خلقاً وتربيةً. والذي أضحى بالمربي الأول محمد صلى الله عليه وسلم أرقى المجتمعات وخير الأمم مطلقاً ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] فقد نقل النبي صلى الله عليه وسلم بتربيته الحكيمة المجتمع العربي الجاهلي الذي كان لا يؤبه له إلى قمة المجتمعات، والأمثلة كثيرة ويكفي منها مثلاً أن قومه الذين كانوا يلوذون بالفرس والروم والأحباش للحماية في الجاهلية، صاروا سفراء إليهم ودعاة وملوكاً في بلادهم، وأن الحدود التي كانت لهم في الجاهلية لا تتعدى (مضاربهم)، صارت بالإسلام ومربيه الأول البلاد كلها مضارب ومحطاً لهم وترغب إليهم، فاتسعت دائرة مكانهم ومكانتهم لتشمل جزيرة العرب كلها ثم لتمتد إلى أقاصي الشرق والغرب.
وذكر المستشرق إدوارد رمسي: ((أن الإسلام الذي جاء على يد محمد صلى الله عليه وسلم فتح المدينة والحضارة قوة جديدة وشجع العالم على درس العلوم باتساع متناه وهكذا خرجَ إلى الدنيا فلاسفةٌ وخطباء وأطباء ومؤرخون … أمثال الجاحظ والبيروني والطبري وابن سينا وابن رشد والفارابي والغزالي وابن ماجه … والمسلمون بلا نـزاع هم مخترعو الكيمياء ومؤسسوه أما علم الطب والصيدلة فقد حسنوهما تحسيناً عظيماً … وهم مخترعو علم الجبر، ومكتشفو علم الطيران.[3]
4 – الأثر التربوي الذي كان يحدثه في كل من تعلم وتربى في مدرسته فقد كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيتعلم منه الإسلام والحكمة ثم يرجع إلى قومه فيأتي بهم جميعاً مؤمنين.
5 – التغيير التربوي الذي طال كل إنسان بعينه تربى في مدرسته صلى الله عليه وسلم فقد تغير حال كل من تفقه وتربى على يدي النبي صلى الله عليه وسلم في عصره ومن أتى بعده إلى يومنا هذا.
فمثلاً (عمر) ذاك الجاهلي الذي كان لاهياً وسكيراً قبل الإسلام لا يؤبه له – ولا يعرف خارج قومه – صار بالإسلام وعلى يدي المربي محمد صلى الله عليه وسلم عمر العبقري t رجل الدولة العظيم ورمز العدالة والحزم وسعة الأفق والفراسة، وعلى يديه هدمت أركان الظلم في عصره ((الفرس والروم)) وصار مضرب المثل والقدوة للمسلمين في كل أنحاء العالم.
وذاك ابن مسعود راعي الإبل، الممتهن من قريش لوضاعة نسبه والمستصغر في أعين الناس لنحوله وضعف جسده، صار بالإسلام ومربيه الأول محمد صلى الله عليه وسلم رأس الفقه الإسلامي فعلى يديه نشأت مدارس الفقه، وإن أراد الإنسان أن يتتبع حياة جميع من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة لوجد التحول الكبير في حياتهم ولكن المكان لا يتسع للسرد.
وانتقل تأثير تربيته صلى الله عليه وسلم في جميع المجتمع، فذاك المجتمع الذي اتسم بالأمية، والتبعية والتقوقع والخضوع للأوهام والأساطير والخرافات والعادات الجاهلية تحول بمحمد صلى الله عليه وسلم وتربيته العظيمة إلى مجتمع يسوده العلم والمعرفة والاستقلالية والانفتاح على البشرية جمعاء وصار من سماته التقدم والحضارة في جميع ميادين الحياة.
قال القس د. ورني: ((وأخيراً أخذت أدرس حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فأيقنت أن من أعظم الآثام أن نتنكر لذلك الرجل الرباني الذي أقام مملكة لله بين أقوام كانوا من قبل متحاربين لا يحكمهم قانون، يعبدون الوثن ويقترفون كل الأفعال المشينة، فغيّر طريق تفكيرهم لا بل عاداتهم وأخلاقهم، وجمعهم تحت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة واحدة، وأصبحت تلك الأمة التي لم تنجب رجلاً عظيماً واحداً يستحق الذكر منذ عدة قرون أصبحت تحت تأثيره وهديه تنجب ألوفاً من النفوس الكريمة التي انطلقت إلى أقصى أرجاء المعمورة تدعو إلى مبادئ الإسلام وأخلاقه ونظام الحياة الإسلامية وتعلم الناس أمور الدين الجديد[4].
يقول الباحث السويسري ماكس ﭬان برشم: ((إن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي العرب من أكبر مريدي الخير للإنسانية وإن ظهور محمد للعالم أجمع إنما هو أثر عقل عالٍ، وإن افتخرت آسية بأبنائها فيحق لها أن تفتخر بهذا الرجل العظيم)).[5] بل إن تعاليمه صلى الله عليه وسلم سرت في كل عصر وما من أحد تعرّف على نهج وتربية محمد صلى الله عليه وسلم إلا أفاد من ذلك وتبدل حاله إلى حال أفضل، فقصص كثير من الناس في عصرنا وما سبقه بيّنت كيف أفادوا منه صلى الله عليه وسلم وكانت تعاليمه وآدابه سبباً في إسلام الكثيرين، أمثال الفيلسوف الفرنسي “روجيه غارودي” والكاتبة الانكليزية “اللادي ايفلين كوبولد” وَ “هارون ليون” الباحث والبروفسور الانكليزي.
6 – شهادة المنصفين من غير العرب والمسلمين والتي تعد شهادة علمية مقبولة لا مواربة فيها ولا ميل من قريب ولا حليف. وهذه بعض الشهادات التي تدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو المربي والمصلح الأول الذي أفادت منه الإنسانية.
قال موير: ((لم يكن الإصلاح أعسر ولا أبعد منالاً منه وقت ظهور محمد ولا نعلم نجاحاً ولا إصلاحاً تم كالذي تركه عند وفاته)).[6]
وقال يوزرث اسمث: ((إن محمداً بلا نزاع أعظم المصلحين على الإطلاق))[7].
وذكرت دائرة المعارف البريطانية في تعريف للنبي صلى الله عليه وسلم:
((لقد صادف محمد النجاح الذي لم ينل مثله نبي ولا مصلح ديني على الإطلاق)).
ويقول ليون: ((إن من روائع دعوة محمد صلى الله عليه وسلم أنها تحترم العقل وأن الإسلام لا يطالب أتباعه أبداً بإلغاء هذه الملكة الربانية الحيوية)).[8]
يقول ماركس: ((هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي افتتح برسالته عصر العلم والنور والمعرفة لابد أن تدون أقواله وأفعاله على طريقة علمية خاصة، وبما أن هذه التعاليم التي قال بها محمد صلى الله عليه وسلم هي وحي من الله المُنـَزِل ورسالته، فقد كان علمه يمحو ما تراكم على الرسالات السابقة من التبديل والتحوير وما أدخله عليها الجهل من سخافات لا يعول عليها عاقل))[9].
فهذه شهادات من لم يره ولم يؤمن به إنما كان صادقاً في تتبع بعض أحواله، فكيف بمن رآه وعاصره، ومن آمن به ولم يره، وإنما عَطُرَت نفسه وزكت ومن سيرته نهلت وباتباعه شرفت وارتقت.
7 – تربيته صلى الله عليه وسلم الشمولية التي شملت جميع مناحي حياة الإنسان وتنوعت لتستوعب جميع المواقف الحياتية والحاجات البشرية، فأتت مناسبة لكل زمان ومكان وملائمة لنمو الإنسان وحاجاته، فهي تربية تعليمية تهذيبية تبين للإنسان الطرق السليمة التي تضمن سعادتي الدنيا والآخرة.
وهي أيضاً تربية وقائية تمنع وقوع الإنسان في الخطر وتعمل على تجنبه كل ما يوصل للخطأ ويؤول إلى الشقاء الدنيوي والأخروي.
وهي تربية علاجية تهذب الإنسان وتقوم اعوجاجه وتعيده إلى طريق الصواب، فمن خالف أو جرح ذنباً فإن التربية النبوية لا تنبذه ولا تحقره بل تؤمنه بالتوبة وتتوخاه بالنصيحة والإرشاد ليرجع إلى الصواب.
وهي تربية إنسانية تعم البشرية جميعاً فتهتم بدوافع الإنسان وميوله واستثمار طاقاته فتوجهها نحو العمل والاحتراف والإتقان والإخلاص، وتحرر الفكر والعقل من الانحرافات والأوهام وتدفع نحو العلم والتفكر والابتكار والإبداع.
ومع أن التربية النبوية أولت أهمية كبرى لتعامل الإنسان مع أخيه الإنسان، فإنها لم تغفل تعامل الإنسان مع البيئة فنهى صلى الله عليه وسلم عن إهدار مواردها فأوصى معاذاً ألا يُسرف في الماء أثناء الوضوء ولو كان على نهرٍ جارٍ، وأمر كل مسلم أن يبادر لزرع الشجر حتى وإن قامت القيامة حيث قال: « إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها »[10]، وأمر بالنظافة وإماطة الأذى عن الطريق فقال صلى الله عليه وسلم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق » [11](أخرجه الترمذي)، ودعا إلى الإحسان إلى الحيوان وعدم إيذائه فقال صلى الله عليه وسلم: « دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض »[12] ورأى عصفورة تحوم فوق رأس رجل فقال « من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها» [13]
وتروي كتب السيرة النبوية أن محمداً صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة غير مسير الجيش عندما شاهد كلبة ترضع أبناءها الصغار في غار صغير على الطريق خشية أن يفزعها وأولادها.
2- الأساليب التربوية النبوية:
سلك النبي صلى الله عليه وسلم في التربية أساليب عديدة بغية مدّ المعلمين بميسرات تعينهم على التعليم والتطبيق، إضافة إلى أن الأساليب التربوية تدعم الموقف التعليمي وتستدعي انتباه المتعلمين.
وبما أن أساليبه صلى الله عليه وسلم كثيرة يعسر حصرها أو عدها – فسيتم عرض بعضها بعجالة:
استخدام الوسائل التعليمية:
يوصي التربويون باستخدام الوسائل التعليمية لما لها من فوائد عدة منها تحفيز التعلم وشد انتباه المتعلم والمساهمة في تقديم الدرس … الخ.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستخدم الوسائل التعليمة في المواقف التي تستدعي ذلك فمرة خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطاً فقال: « هذا الإنسان وهذا أجله فبينما هو كذلك إذا جاءه الخط الأقرب »[14]
– ومن الوسائل استخدام المجسمات فعن علي بن أبي طالب t قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: « إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم »[15]
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على الوسائل الصنعية التي يصنعها المعلم ليعلم بها الطلبة، بل كان يحول كل ما يمكن في الموقف التعليمي إلى وسيلة تعليمية ومنها هذا المثال « مر النبي صلى الله عليه وسلم بالسوق والناس كنفتيه “على جانبيه” فمر بجدي أسك ميت فتناوله وأخذ بإذنه ثم قال أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم، قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به، ثم قال أتحبون أن يكون لكم؟ قالوا والله لو كان حياً كان عيباً إنه أسك فكيف وهو ميت فقال صلى الله عليه وسلم فو الله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم »[16]
فيظهر الحديث الشريف براعة النبي صلى الله عليه وسلم في تحويل ما ينفر منه الناس إلى وسيلة تعليمية هدفت لتعريف الناس بقدر الدنيا وقيمتها عند الله فكانت هذه الوسيلة مجدية نافعة.
ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم التكرار في اللفظ:
وذلك من أجل توكيد الشيء وبيان أهميته وتثبيته في النفس والحض على القيام به إن كان أمراً، واجتنابه إن كان نهياً.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة t أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه ».[17]
فيظهر التكرار في الحديث أهمية الأمر المراد وهو حرمة الجار وحرمة إيذائه.
وروى البخاري ومسلم عن أبي بكرة نفيع بن الحارث t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً، قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته يسكت»[18].
ومن بديع أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التكرار جعله مقترناً بالحركة فقد غير من هيئته عندما أراد أن يحذر من شهادة الزور فانتبه المستمعون إليه من خلال ملاحظة تغير الحركة وتكرار اللفظ.
وإن كان التربويون قد شرطوا لفاعلية التكرار ارتباطه بالانتباه والملاحظة فكل هذه الشروط وأكثر متحققة في أسلوب التكرار في التربية النبوية.
وعن أنس t « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً »[19] (أخرجه البخاري) ومن فوائد التكرار كطريقة تعليمية ترسيخ الفهم في ذهن المستمعين، وكثيراً ما حملت هذه الفائدة النبي صلى الله عليه وسلم على التكرار.
ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم استخدام المقدمات التمهيدية:
حيث تجعل المقدمات التمهيدية المتعلمين في استعداد للتعلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من استخدامها بغية تهيئة المتعلمين وتحفيزهم، وهناك شواهد كثيرة منها ما رواه أبو هريرة t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وإكثار الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط »[20]
ومن أساليبه التربوية اعتماد التحليل المنطقي وعدم الحكم بالظاهر:
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان إلى أن يتحرى صدق القضية بالدراسة والتأمل قبل إصدار الحكم فعن سهل t مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: « ما تقولون في هذا؟ قالوا حريٌ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يُسمع قال: ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: ما تقولون في هذا قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يُسمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض من هذا »[21]
فالنبي صلى الله عليه وسلم بين الحال الذي يُقاس به المرء ألا وهو حال التقوى والطاعة لله وليس ما يظهر للعيان من حسن المظهر والكفاف في المعيشة.
ومن أساليبه النصح والتوجيه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفق بالناس جميعاً فهو دائم النصح لهم في كل موقفٍ يستدعي ذلك، حيث يأخذهم بالرفق واللين والرحمة إلى فعل ما ينبغي.
ذات يوم دخل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على زوجته عائشة رضي الله عنها، فوجد عندها نسوة وكانت فيهن واحدة كئيبة المحيا، رثة الهيئة.
سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عنها؟
فقالت له عائشة t: إنها زوجة عثمان بن مظعون، وإنها تشكو زوجها عثمان، أنه يصوم نهاره ويقوم ليله كله، إنه مشغول عنها.
فيذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إليه ويقول له: « أما لك فيّ أسوة؟! قال عثمان: بأبي أنت وأمي… وماذا؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أتصوم النهار وتقول الليل؟! قال عثمان إني لأفعل .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « لا تفعل إن لجسدك حقاً … وإن لأهلك حقاً »[22]
ويظهر الحديث عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في تفقد أحوال الناس وتوخيهم بالنصح والإرشاد من دون أن يمس النصح شعورهم أو ينال من إحساسهم وهذا ما ينبغي على المربي أن يتخلق به في تعامله مع الطلبة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد أسلوب القصة:
لما فيها من التشويق والإثارة وبليغ الأثر في النفوس ودافعاً لها لأخذ العبرة وتمثل المواقف الإيجابية واجتناب المواقف السلبية، وكان صلى الله عليه وسلم يحدث عن أخبار الأمم السابقة فيقول «كان فيمن قبلكم». ثم يسرد القصة المناسبة للموقف التعليمي.
وتكثر القصص في التربية النبوية وتتنوع، ففي كل قصة حادثة وشخصيات وتشويق ونتيجة أو حكمة تنفذ إلى القلوب بعد أن تهيأت لها، وليست القصة مقصودة لذاتها إنما مرتبطة بغاياتها لذلك لم يكن من الضروري إغناء الحوادث بتفصيلات حشوية لا حاجة إليها، وإن معظم القصص النبوية لا تتجاوز الصحيفة الواحدة لكن عبرها والدروس المستفاد منها كثيرة.
أسلوب ضرب الأمثلة للتقريب لذهن المستمعين:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الأمثلة التي تتوافق مع بيئة المتعلمين وخبراتهم لما في ذلك من تأثير في المتعلمين وتوجيه لسلوكهم وإيصال المعلومة إليهم.
فعن جابر t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبههن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي » [23]
فهذا المنظر المتكرر في بيئة العرب ثابت في أذهانهم فهم ألفوه في سمرهم وهم يتحلقون حول النيران ويرون كيف تقع الفراشات والجنادب في النار مما يجعل الإسقاط العملي على هذا المثال مؤثراً في نفوس المستمعين وداعياً لهم إلى التفكر والتدبر.
– ومن أساليبه التربوية صلى الله عليه وسلم : مجالسة الصحابة (المتعلمين) والانخراط وتبادل الود والحديث معهم:
ما رواه النسائي عن سماك بن حرب أنه قال لجابر بن سمرة كنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس فيحدث أصحابه، يذكرون حديث الجاهلية، ينشدون الشعر، ويضحكون ويبتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم [24]وفي ذلك فوائد كثيرة منها تعرف أحوال المتعلمين والتفاعل معهم وزرع المودة والمحبة وإزالة الحواجز بين المعلم والمتعلمين، إضافة لما فيه من تواضع المعلم الذي يرغبه كل متعلم.
– ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم إثارة الحماسة والتشويق عند المتلقي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد، ثم أخذ بيدي فلما أراد أن يخرج قلت له:
ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن الذي أوتيته»
ويلاحظ إن الأسلوب التشويقي الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصحابي مهتماً لمعرفة (الخبر) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب ألف حسنة، قال يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه مائة سيئة» (أخرجه أحمد).
– ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم التشويق والإثارة:
عن أبي الدر داء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى: قال ذكر الله تعالى»[25].
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه : «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت بلى يا رسول الله: قال لا حول ولا قوة إلا بالله»[26].
ويظهر الأسلوب النبوي الكريم في التحفيز والتشويق من خلال استدعاء اهتمام المستمعين بأنه سينبئهم عن أمر عظيم ثم يذكر ثمراته وفوائده قبل أن يذكر هذا الأمر وذلك لتحفيزهم ووضعهم في دائرة الإصغاء والاستعداد لتلقي الخبر الهام وحملهم على التطبيق والتنفيذ.
ومن أساليبه التربوية (القدوة الحسنة) أو ما يسمى (التربية النموذجية):
يدعو المربون كل من أنيط به عمل تربوي (تعليم، توجيه، إرشاد…) أن يكون قدوة أمام المتعلمين، فلا يظهر منه خلاف ما يدعو إليه، وأن يكون أسبق إلى التطبيق فيما يدعو إليه، فهو محط أنظارهم وقدوتهم في العمل والسلوك.
قال أبو الأسود الدؤلي مخاطباً المربين:
يا أيها الرجل المعلم غيره | هلا لنفسك كان ذا التعليم | |
ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها | فإذا انتهت عنه فأنت حكيم | |
فهناك يُسمع ما تقول ويشتفى | بالقول منك وينفع التعليم | |
لا تنه عن خلق وتأتي مثله | عارٌ عليك إذا فعلت عظيم |
– وإن خير قدوة تتلقى منه التربية والأخلاق هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أسبق للفعل من الأمر، وأقرب للاجتناب من النهي وكان يؤدي الموقف التعليمي ويطبقه بنفسه ثم يطلب من الصحابة تعلمه وتطبيقه، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم أمام الصحابة ثم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»وأمر الصحابة بأن يتابعوه في نسك الحج ويفعلوا فعله وقال: «خذوا عني مناسككم»[27] .
– واعتلى النبي صلى الله عليه وسلم مرة المنبر على أعين المسلمين فكبر للصلاة والناس ينظرون إليه وكبر الناس لتكبيره وأتم صلاته ما بين المنبر وأصل المنبر حتى رآه جميع المصلين وتعلموا منه الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي»[28]
استدعاء الخيال بضرب المثل :
كان عليه الصلاة والسلام يستعين على توضيح مواعظه بضرب المثل مما يشهده الناس بأم أعينهم ، ويقع تحت حواسهم وفى متناول أيديهم ، ليكون وقع الموعظة فى النفس أشد ، وفى الذهن أرسخ !!..
روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ» [29]
وبذلك تقول اللادي أيفلين كونولد:
(لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم أنموذجاً للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القومية بل مثالاً عاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته).[30]
ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم زرع التفاؤل والترفع عن التشاؤم والإحباط:
حيث يُعدُّ التشاؤم المعيق الأول للتعلم والاستمرار به، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان سيداً للمتفائلين ومبشراً للمهمومين بانفراج الهم وتحقيق المأمول ويكفي من الشواهد على منهجه التربوي في التفاؤل حادثة الخندق التي اجتمع فيها مواقف لا تشير للتفاؤل أبداً ومنها:
– اجتماع عشرة آلاف من المشركين لقتال المسلمين.
– خيانة اليهود في المدينة لعهد النبي صلى الله عليه وسلم وانضمامهم لجيش المشركين.
– تواطؤ المنافقين مع المشركين واليهود، والذين كانوا يندسون بين المسلمين ليثبطوا من عزيمتهم ويزرعوا اليأس والخوف في قلوبهم.
– سيطرة الجوع والفقر على المسلمين.
– الشروع بحفر الخندق في حر الشمس ومجابهتهم للصخور أثناء الحفر للخندق، فهذه المواقف ما اجتمعت على إنسان إلا ثبطت همته وجعلته يستسلم أمامها، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم رائد المربين والمتفائلين حين أخبره الصحابة همهم وأن الصخر يعيق حفر الخندق وأصوات خيول العدو بدأت تسمع -قام النبي صلى الله عليه وسلم مستبشراً وصار يضرب الصخر بمعوله ويكبر ويقول أبشروا سيفتح الله لكم اليمن والشام وبلاد فارس… ففي غمرة الخوف والرعب من عدو قريب يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بفتوح عظيمة وفرج قريب وكبير، فنقل الصحابة من رعب الموقف الحالي إلى عظيم الموقف القادم، نعم إنه علم النفس العسكري الإسلامي الحقيقي الذي جعل نفوس المجاهدين صحيحة لا تشكو رعباً ولا هماً فيرون في الموت حياة وفي القلة كثرة وفي الخوف استئناساً، فصلى الله على محمد معلم الناس الخير.
– ومن أسلوبه صلى الله عليه وسلم التمهل في الحديث والكلام حتى يفهم عنه:
وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث قائلة:
« ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم، ولكنه كان يتكلم بكلام بينٍ وفصلٍ، يحفظه من يجلس إليه » [31].
4- الطرائق التعليمية النبوية
– لقد زخرت التربية النبوية بطرائق تعليمية متنوعة فطن المتأخرون من التربويين المعاصرين لبعض منها، في حين ما زالت طرائق كثيرة تتفرد بها التربية النبوية.
فقد نوّع النبي صلى الله عليه وسلم في طرائق التعليم وذلك بحسب المادة والمكان والزمان والمخاطب من المتعلمين ومن أمثلة الطرائق:
1- الطرائق العرضية:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى طرائق عرضية مثل: الإلقاء والمحاضرة عندما يكون الناس مجتمعين في أيام الجمعة والعيد والحج حيث لا يسمح الموقف التعليمي أن يخص بعضهم دون الآخرين بالخطاب والمحاورة والنقاش، بل كان صلى الله عليه وسلم يوجه الخطاب للجميع ويحفز انتباههم ويثير تساؤلات ويجيب عنها ويعللها ويكرر مرات ومرات ليفهم عنه فلم تكن الطرائق العرضية نمطية تبعد المعلم عن المتعلمين، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل على إيقاظ أذهان المستمعين وينوع في الإلقاء باستخدام أساليب مثل القصة والوسائل التعليمية.
الطريقة التقريرية:
التي تعتمد طرح الحقائق على المستمعين ثم تأكيدها حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى ذلك عندما يوجه حديثه ونصحه للعامة مثل خطب الجمعة وخطبة الحج وخطب الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا إبداع منه صلى الله عليه وسلم في التعامل التربوي مع المواقف التي تستدعي استخدام طرائق مثل الإلقاء والمحاضرة حيث يصعب تطبيق المناقشة والحوار لما في ذلك من الاقتصار على قلة من المستمعين وتجاهل الآخرين، بينما صلى الله عليه وسلم كان يطرح الحقيقة ثم يعيد تأكيدها بنفسه مما يثبت الأمر ويُوقظ الأذهان ويستثيرها للانتباه .
روى البخاري ومسلم عن أبي بكرة t قال: «خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال: أتدرون أي يوم هذا، قلنا الله ورسوله أعلم؟ فسكت حتى ظننا أن سيسميه بغير اسمه قال أليس هو يوم النحر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم؟ فسكت حتى ظننا أن سيسميه بغير اسمه قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا بلى، قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليست البلد الحرام، قلنا: بلى، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم قال: ألا هل بلغت اللهم فاشهد فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»[32].
فقد أثارت أسئلة النبي صلى الله عليه وسلم الانتباه لدى الصحابة وأيقظت أذهانهم من خلال التمهل بعد السؤال حيث أتى الجواب والتقرير للمعلوم ليقدم من خلاله الموضوع الهام الذي ينبغي الالتفات إليه وهو حرمة البلد الحرام وحرمة الدم والمال.
طريقة التعليم المباشر:
هو التعلم الذي يلقى مباشرة إلى المتعلم، ويوضع فيه المتعلم أمام الموقف التعليمي بحيث يستفيد من ذلك الموقف، روى البخاري ومسلم عن عمر بن أبي سلمة t قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك»[33] فعلم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي الصغير آداب الطعام من خلال تصحيح فعله وتوظيف الموقف التعليمي.
2- الطرائق الكشفية:
ولم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم الطرائق الكشفية القائمة على دفع المتعلمين نحو البحث والتفكير والكشف عن الحلول.
مثل طريق عصف الدماغ وحل المشكلات وتعليم المفاهيم والتفكير الجانبي وفيما يلي بعض الأمثلة على استخدام بعض هذه الطرائق.
طرائق تعلم المفاهيم
كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظم العملية التعليمية من أجل تحقيق الهدف والغاية منها، فيعمل النبي صلى الله عليه وسلم على تصحيح المفاهيم عند ورود مفهوم خطأ فيبدأ صلى الله عليه وسلم بطرح السؤال عن المفهوم، ثم يتلقى الإجابات ثم يقوِّمها ويصحِّحها للتوصل إلى المعنى الحقيقي للمفهوم ومثاله روى مسلم عن أبي هريرة t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون من المفلس، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»[34].
فيصحح النبي صلى الله عليه وسلم مفهوم المفلس من خلال طرح السؤال.
ثم تلقي الإجابات من الصحابة ثم يصحح المفاهيم من خلال تبيان مدلولات المفهوم (أمثلته) ثم يتم استنتاج تعريف المفلس من خلال الأمثلة فيكون هو (الخاسر يوم القيامة) أو من غلبت سيئاته حسناته وكان جزاؤه جهنم.
وهذه الطريقة الفريدة في الحديث تجمع بين طرق عدة استخدمها التربويون في تدريس المفاهيم فهي تجمع بين الاستقراء والاستنتاج وكذلك بين طريق تكوين المفاهيم واكتسابها… والاستدلال العقلي لتعلم المفهوم (كما ذكره جانييه).
فاستطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يوصل معنى المفهوم للصحابة بذكر الأمثلة واستنتاج المفهوم من طريق الاستدلال العقلي من خلال تكوين المفهوم والتثبت من حفظه وفهمه عند الآخرين.
– ومن طرائقه صلى الله عليه وسلم استخدام طريقة التفكير الجانبي:
التي تجعل المتعلمين يفكرون في اتجاه معين معتمدين على المقاربة والمقارنة مع شيء لم يسبق لهم التعرف عليه أو تصوره فيطرح عليهم سؤالاً مقارباً (عُلم منه جزءٌ بينما بقي الجزء الآخر مجهولاً) مما يستدعي التفكير باتجاه ما جهله المتعلمون لمعرفته ومثاله ما روى البخاري عن أنس t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فقال الرجل يا رسول الله انصره مظلوماً أرأيت إن كان ظالماً فكيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره».[35]
– طريقة عصف الدماغ (أو ما يسمى قدح الذهن):
حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على إثارة التفكير عند الصحابة فيطرح سؤالاً أو مشكلة ثم يتيح المجال لهم ليتفكروا الحل ثم يجمع أجوبتهم ثم يمدهم بالجواب الصحيح.
أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «عُرضت عليَّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي معه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً الذي يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب» ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله – وذكروا أشياء – فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما الذي تخوضون فيه؟ فأخبروه فقال: «هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: «أنت منهم» ثم قال رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: «سبقك بها عكاشة»[36].
3- الطرائق التفاعلية:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل من المتعلم متفاعلاً مع الموقف التعليمي من خلال إتاحة المجال له السؤال والاستفسار وإبداء الرأي وتعددت وتنوعت الطرائق النبوية التفاعلية منها:
– الطريقة الحوارية:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلجأ إلى تعليم الناس بالحوار من خلال استخدام الأدلة العقلية والمنطقية التي توجه الحوار نحو التوصل إلى النتيجة الصحيحة.
روى البخاري عن أبي هريرة قال: ثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ولد لي غلام أسود فقال هل لك من إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال نعم قال فأنى ذلك قال لعله نزعه عرق قال فلعل ابنك هذا نزعه [37].
ويظهر الحديث الشريف براعة النبي صلى الله عليه وسلم في إدارة الحوار واستخدام الأمثلة لتقريب الفكرة إلى ذهن المحاور كما ويظهر الحديث سبق النبي صلى الله عليه وسلم في علم الوراثة الذي يظهر أن الصفات الوراثية تحمل من الجيل إلى جيل وهذا ما أكده العلم الحديث.
– ومن طرائقه صلى الله عليه وسلم الطريقة الاستقرائية:
ومن الطرائق التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في التربية هي الطريقة الاستقرائية التي تقوم على تتبع الجزئيات للتوصل إلى النتيجة المطلوبة.
«بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل t إلى اليمن ثم سأله كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال أقضي بما في كتاب الله قال: فإن لم يكن في كتاب الله قال بسنة رسول الله فقال فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: اجتهد رأيي ولا آلو.
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله» [38]
ويظهر من الحديث حض النبي صلى الله عليه وسلم على تتبع الحل المناسب حسب تجدد المشكلة للتوصل إلى الحل التام الذي يوافق كل حادثة.
– طريقة المناقشة:
علم القاصي والداني والصديق والعدو براعة النبي صلى الله عليه وسلم في المناقشة وقدرته على الإقناع وإثبات الحجة وكان صلى الله عليه وسلم يميل لاستخدام المناقشة إذا استدعى الأمر ذلك مثل تصحيح السلوك والتوجيه نحو الخير فقد ناقش النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي الذي أنكر ابنه لاختلاف لونه عن والديه وناقش الشاب الذي استأذنه بالزنا فما زال به يناقشه ويحاوره حتى أوصله إلى حرمة الزنا وضرورة اجتنابه.
وفي الختام:
لايسع الباحث إلا أن يعترف بعجزه عن كتابة شيء في التربية يليق بعظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلن يستطيع أحد أن يفي محمداً صلى الله عليه وسلم حقه مهما كتب وصنف وذكر وعدد، ويرجع السبب في ذلك إلى أمور عدة منها:
1- أنها تربية لدنية تلقاها محمد صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلَّ في علاه.
2- أنها تربية كاملة (كمال التشريع) باقية مستمرة بقاء الإنسان، متجددة تجدد الزمان والمكان.
3- أنها تشتمل على دروس وعبر تتناول جميع مناحي الحياة وتتطرق إلى مواقف مختلفة ومهما طال عمر الإنسان فلن يَخبرَ إلا بعضها.
ومن أراد أن يعدد ويحصي ما كتب عن النبي صلى الله عليه وسلم فسيقف عاجزاً عن الإحاطة بكل ما ألف عنه صلى الله عليه وسلم فذكر أحد الباحثين (صلاح الدين المنجد) في كتابه معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي عدّ فيه ما يقارب 3000 مؤلَّف) حتى عام 1982 قال: لم أستطع في مدة أربع سنوات أن أحيط بعُشر العُشر مما كتب عنه صلى الله عليه وسلم وذكر بعض الباحثين أن عدد المؤلفات عن النبي صلى الله عليه وسلم – والتي تعد كلها تربوية – تزيد على (20 ألف مؤلَّف).
ووجد الباحث على صفحات الانترنيت أن عدد الصفحات العربية التي تحدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم (2.701.314) والأجنبية (1.734.165) باللغة الإنكليزية و (947.385) باللغة الفرنسية.
وجميلٌ ومنصفٌ ما قاله مايكل هارت في كتابه مئة رجل في التاريخ: (إن اختياري محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح على المستويين الديني والدنيوي).
وقال الكاتب البريطاني الشهير (برناردشو) الذي كتب مؤلفه (محمد) والذي قامت السلطة البريطانية بإحراقه:(إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات خالداً خلود الأبد وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة).
وصلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اجزي عنّا محمداً صلى الله عليه وسلم خير ما جازيت نبي عن أمته.
المصادر
– القرآن الكريم.
- أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، (1997م)، السنن دار ابن حزم، بيروت.
- أحمد بن حنبل، (1998م) المسند، عالم الكتب، بيروت.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، (د.ت)، الجامع الصحيح، دار العلوم الإنسانية، دمشق.
- الترمذي، محمد بن عيسى (1995م)، الجامع الصحيح، مكتبة الدعوة، طرابلس.
- الحاكم، محمد بن علي النيسابوري (د.ت) المستدرك على الصحيحين، دار المعرفة.
- الديلمي، شيرويه، (1986)، الفردوس بمأثور الخطاب، دار الكتب العلمية، بيروت.
- مالك بن أنس، (1951م) الموطأ، مطبعة عيسى الحلبي.
- مسلم بن الحجاج القشيري، (1951م)، الجامع الصحيح، مطبعة عيسى الحلبي، مصر.
- النسائي، أحمد بن شعيب، (1991م)، سنن النسائي، دار الكتب العلمية، بيروت.
- الهندي، علي بن حسام، (1989م)، كنـز العمال في سنن الأقوال، مؤسسة الرسالة.
- الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر ، مجمع الزاوئد ومنبع الفوائد ، مكتبة القدسي سنة النشر: 1414هـ / 1994م
المراجع
- برنارد شوج، (د.ت)، محمد صلى الله عليه وسلم، لندن.
- سعيد حوى، (2006م)، الرسول صلى الله عليه وسلم، المكتبة الإسلامية.
- صفي الرحمن المباركفوري (2005م)، الرحيق المختوم، دار الرضوان.
- صلاح الدين المنجد، (1982م)، معجم ما ألف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الفكر، دمشق.
- عبد السلام الجقندي، (2006م)، المرشد في طرق التدريس، منشورات، الدعوة، ليبيا.
- عرفات كامل العشي، (1994م)، رجال ونساء أسلموا، المكتبة الإسلامية.
- الليدي أيفليين كونولد، (1984م)، البحث عن الله، كتاب ألِّف عام 1934م، عن (الحج إلى مكة)، لندن.
- ماكس ﭬـان برشم، (د. ت)، العرب في آسية، دار الترجمة.
- مايكل هارت، (1982م)، مائة رجل في التاريخ، خليل سعادة.
- محمد الشريف الشيباني، (1982م)، الرسول في الدراسات الاستشراقية المنصفة، 1982م، دار الفكر.
- محمد عثمان عثمان، (د. ت)، محمد في الآداب العالمية المنصفة، دار التراث العربي.
- منظمة الصحة العالمية، (2008م)، التقرير السنوي حول الإيدز وأمراض الجنس.
[1] صحيح مسلم – كتاب الطلاق – باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية رقم الحديث 1487 .
[2] الجامع الصغير عن ابن مسعود
[3] محمد عثمان عثمان، (د. ت)، محمد في الآداب العالمية المنصفة، دار التراث العربي.ص 107.
[4] محمد الشريف الشيباني، (1982م)، الرسول في الدراسات الاستشراقية المنصفة، 1982م، دار الفكر.، ص183
[5] ماكس ﭬـان برشم، (د. ت)، العرب في آسية، دار الترجمة.ص 57.
[6] سعيد حوى، (2006م)، الرسول صلى الله عليه وسلم، المكتبة الإسلامية.ص 184
[7] المرجع السابق ص 185
[8]عرفات كامل العشي، (1994م)، رجال ونساء أسلموا، المكتبة الإسلامية.1994،ص 6-7
[9] محمد الشريف الشيباني، (1982م)، الرسول في الدراسات الاستشراقية المنصفة، 1982م، دار الفكر.، ص 178.
[10]مسند الإمام أحمد – أنس بن مالك رقم الحديث 12491.
[11] صحيح مسلم – كتاب الإيمان – باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان رقم 35.
[12] صحيح البخاري – كتاب بدء الخلق – باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم رقم الحديث 3140
[13] سنن أبي داود – كتاب الجهاد – باب في كراهية حرق العدو بالنار 2675.
[14] صحيح البخاري –كتاب الرقاق – باب الأمل والحرص رقم الحديث 5269.
[15] سنن ابن ماجه – كتاب اللباس- باب لبس الحرير والذهب للنساء رقم الحديث 3595.
[16] صحيح مسلم – كتاب الزهد والرقائق رقم الحديث 2957.
[17] صحيح البخاري -كتاب الأدب- باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه رقم الحديث 5670.
[18] صحيح مسلم- كتاب الإيمان- باب بيان الكبائر وأكبرها رقم الحديث 87.
[19] صحيح البخاري – كتاب العلم- باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه رقم الحديث 95.
[20] صحيح مسلم -كتاب الطهارة – باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء .
[21] صحيح البخاري – كِتَاب النِّكَاحِ- بَاب الْأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ رقم الحديث 4726.
[22] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد- كتاب النكاح- باب حق المرأة على الزوج رقم الحديث 7610.
[23] صحيح مسلم -كتاب الفضائل – باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم رقم 4355.
[24] السنن الكبرى- كتاب الصلاة- جماع أبواب صفة الصلاة- باب الترغيب في مكث المصلي في مصلاه لإطالة ذكر الله تعالى في نفسه رقم الحديث 2930 .
[25] سنن الترمذي » كتاب الدعوات » باب منه رقم الحديث 3377.
[26][26] صحيح البخاري -كتاب الدعوات- باب الدعاء إذا علا عقبة- حديث رقم 6384.
[27] صحيح مسلمٌ – كتاب الحج – باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا، وبيان قوله صلى الله عليه وسلم: “لتأخذوا مناسككم”، رقم (1297).
[28] السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجُمُعَةِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ وَالْخُطْبَةِ وَمَا يَجِبُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حديث رقم 5317.
[29] صحيح البخاري- كتاب الأطعمة – باب ذكر الطعام- حديث رقم 5427.
[30] الليدي أيفليين كونولد، (1984م)، البحث عن الله، كتاب ألِّف عام 1934م، عن (الحج إلى مكة)، لندن. ص 22.
[31] سنن الترمذي- كتاب المناقب- باب في كلام النبي صلى الله عليه وسلم رقم الحديث 3639.
[32] صحيح البخاري- كتاب الاضاحي- باب من قال الاضحى يوم النحر رقم الحديث 5349.
[33] صحيح البخاري- كتاب الأطعمة / باب التسمية على الطعام والأكل باليمين / حديث رقم 5376
[34] صحيح مسلم-كتاب البر والصلة والآداب- باب تحريم الظلم رقم الحديث 4678.
[35] صحيح البخاري – كتاب المظالم- باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما رقم الحديث 2312 .
[36] صحيح البخاري -كتاب الطب-باب من لم يرق رقم الحديث 5420.
[37] صحيح البخاري- كتاب الطلاق- باب إذا عرض بنفي الولد رقم الحديث 4999.
[38] سنن أبي داود-كتاب الأقضية-باب اجتهاد الرأي في القضاء رقم الحديث 3592