
وضعت السياسة الخارجية للحكومة الأنجولية منذ الاستقلال في المقام الأول كرد فعل على الضغوط المختلفة المحلية والدولية التي تهدد وجودها، وعلى وجه التحديد، تهدف السياسة الخارجية لأنجولا إلى تعزيز قدرة النظام على كسب الحرب الأهلية التي بدأت عشية الاستقلال، ولتحقيق هذا الهدف الأساسي للسياسة الخارجية، سعت أنجولا، أولا وقبل كل شيء، لخلق بيئة إقليمية مواتية.
ويناقش هذا البحث الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية لسياسة أنجولا الخارجية، والتي تستحق الدراسة في محاولة لتحديد أبعاد كثيرة لهذه السياسة، وعلى وجه الخصوص ينبغي النظر في سياسة أنجولا الخارجية وانعكاس الظروف الاستثنائية التي ظهرت في البلاد كدولة مستقلة والخيارات الإستراتيجية التي قدمها النظام الجديد على حصولها على الاستقلال، على الرغم من ظروف أنجولا بعد الاستعمار والتي تطلبت سياسات خارجية لضمان عملية البقاء، حيث تعتبر الحركة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA) هو النظام ، الذي أدي إلي تحقيق أهدافها الداخلية الكبرى، وعلى وجه التحديد، أدت الحرب الأهلية في أنجولا إلي تهديد البلاد بسبب الانهيار الداخلي وعدم الأهمية الدولية.
واستطرادا يوضح هذا البحث السياسة الخارجية لأنجولا منذ الاستقلال، معتمدا على عدة محاور، تتمثل في الآتي:
أولا. المحددات الداخلية للسياسة الخارجية لأنجولا.
ثانيا. المحددات الخارجية للسياسة الخارجية لأنجولا.
ثالثا. توجهات السياسة الخارجية لأنجولا.
رابعا. تحديات السياسة الخارجية الأنجولية.
أولا. المحددات الداخلية للسياسة الخارجية لأنجولا:
- المحددات الجغرافية:
تقع جمهوريـة أنجـولا على الساحل الغـربي لإفريقيــا، جنوبي خط الاستواء. تحدها من الشمال جمهورية الكونغو برازافيل، ومن الشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، ومن الجنوب ناميبيا، ومن الغرب المحيط الأطلسي، وهي خامس بلد في إفريقيا من حيث المساحة، إذ تبلغ مسـاحتها 1.246.700 كيلو متر مربع[1].
وفي عام 2000 كان عدد سكان أنجولا 14.602.000 نسمة، أي بنسبة كثافة إجمالية مقدارها 11.71 نسمة للكيلومتر المربع، وسكان أنجولا في مرحلة الشباب بالأساس، ففي عامي 1995 و2000 كان متوسط عدد السكان الذين هم دون سن الثالثة عشرة 43.1 ٪ من مجموع السكان، وبلغت نسبة الذين هم دون سن السابعة عشرة نحو 52.1 ٪ تقريباً، بينما شكلت الفئة العاملة من السكان في الفترة ذاتها نحو 51 ٪ من مجموع السكان[2].
- المحددات الديموغرافية:
أعلى النموذج
أسفل النموذج
يقدر عدد سكان أنجولا بحوالي 17 مليون نسمة ( وفقا لإحصائيات عام 2010 )، وبها ثلاث مجموعات إثنية رئيسية، يتحدث كلا منها لغة البانتو وهي: أومبوندو Umbundu 37 ٪، وكيمبوندو Kimbundu 25 ٪، وكيكونجو Kikongo 13 ٪، وتشمل المجموعات الأخرى تشوكوي Chokwe، ولوندا Lunda، وجانجيلا Ganguela، ونهانيكا Nhaneca، وهومبي Humbe، وأمبو Ambo، وهيريرو Herero، وإكسيندونجا Xindunga، وبالإضافة إلى ذلك، يبلغ عدد السكان المختلطين (الأوروبيين والأفارقة) حوالي 2 ٪، مع عدد صغير من البيض (1 ٪ )، ومعظمهم من أصل برتغالي، ويشكل البرتغاليون أكبر عدد من السكان غير الأنجوليين، حيث لا يقل عددهم عن 30 ألف نسمة (على الرغم من أن العديد من الأنجوليين الأصليين يمكنهم المطالبة بالجنسية البرتغالية بموجب القانون البرتغالي)، وتكون اللغة البرتغالية هي اللغة الرسمية والسائدة[3].
بالإضافة إلي أنه يتركز شعب كابيندا Cabinda في مقاطعة كابيندا، التي تفصل بين بقية أنجولا عن طريق شريط من الأراضي التابعة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، ويحدها من الشمال الكونغو ومن الغرب المحيط الأطلسي، وبالتالي فإن شعب كابيندا معزول عن غيره من الناس في أنجولا، وتشكل مجموعة الباكونجو Bakongo الإثنية الأغلبية في كابيندا، كما توجد في بقية أنجولا، وتعيش مجموعة مايومبي Mayombeالإثنية في الغابات الجبلية في شرق كابيندا، وهى أقلية صغيرة في المقاطعة، وخلافا لمعظم الأنجوليين، فإن الناس في كابيندا هم في الغالب الروم الكاثوليك[4].أعلى النموذجأسفل النموذج
- 3. المحددات التاريخية:
تعتبر حالة أنجولا داخليا وموقفها الدولي مؤسف، حيث كان من المتوقع أن تحقق البلاد قدرا من الأهمية الدولية منذ أن نالت استقلالها في عام 1975 بعد صراع استمر 14عاما ضد الاستعمار، وفي المقابل تمتلك أنجولا ثروة كبيرة من الموارد الطبيعية، بما في ذلك الاحتياطي الهائل من النفط والماس، وللأسف تحطمت هذه الإمكانيات بعد عملية إنهاء الاستعمار، وقد عجلت هذه العملية عن طريق انقلاب عسكري أطاح بنظام كايتانو مارسيلو Marcelo Caetano في البرتغال يوم 25 أبريل عام 1974، وكان معظم قادة الانقلاب من ضباط الجيش الذين عارضوا سياسات النظام الاستعماري، ولذلك كان أحد أهدافها الرئيسية إنهاء الحروب الاستعمارية المكلفة على وجه السرعة، وهكذا وضعت البرتغال مستعمراتها على المسار السريع للاستقلال السياسي، ومنحت المستعمرات السابقة من غينيا بيساو والرأس الأخضر وساوتومي وبرينسيبي، وموزمبيق الاستقلال دون التوصل إلى مشاكل، وقد ساعد على ذلك الوحدة حركات التحرر، وكان الوضع السائد في أنجولا أكثر تعقيدا بكثير – حيث يوجد ثلاث حركات تحرير مسلحة يمثلون مختلف الدوائر الإثنية والأيديولوجية، ولم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق على نهج مشترك لإنهاء الاستعمار[5]، وتدهورت عملية إنهاء الاستعمار وبشكل سريع في أنجولا بسبب الحرب الأهلية وحركات التحرر الثلاث وهي: الجبهة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA) Popular Movement for the liberation of Angola ، والاتحاد الوطني من أجل الاستقلال التام لأنجولاUnion for the Total Independence of Angola ، والجبهة الوطنية لتحرير أنجولا Popular Movement for the liberation of Angola، الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة – بقوة وبشكل فردي – من السلطات الاستعمارية المغادرة[6].
- المحددات السياسية:
يدور الصراع داخل أنجولا بين طرفين رئيسيين: الجبهة الشعبية لتحرير أنجولا (MPLA) الحاكمة من جهة، والاتحاد الوطني من أجل الاستقلال التام لأنجولا (UNITA) من جهة أخرى، وهو صراع ممتد منذ أوائل الستينات منذ أيام المقاومة ضد الاحتلال البرتغالي، واستفحل منذ استيلاء الجبهة على السلطة عام 1975، وتدخلت فيه حينئذ بشكل سافر قوى دولية وإقليمية عديدة، إلا أن الأوضاع الحالية داخل أنجولا نفسها، وعلى المستوى الإقليمي والدولي أصبحت تعمل على توليد ضغوط كبيرة على طرفي الصراع للإسراع بالتوصل لتسوية سياسية للصراع على أساس الحل الوسط[7].
ويستند الصراع السياسي في أنجولا إلى قواعد اجتماعية محددة، فالجبهة تستند أساسا إلى قبائل الماندو Maundu وإلى الباكونجو Bakongo في حين تنتمي معظم قواعد اليونيتا إلى قبائل أوفيمبوندو Ovimbundu وبدرجة أقل قبائل شوكوى Chokwe وجانجويلا Ganguela أوفامبو Ovambo ، وهى كلها قبائل جنوبية، ويعنى هذا: أ. أن مضمون الصراع ليس مضمونا أيديولوجيا بالأساس وإنما صراع على السلطة والثروة، ب. أنه صراع قابل للامتداد لفترات طويلة حيث يبدو كل طرف مستعد لمواصلة القتال حتى تحقيق مطالبه ومن ثم يكتسب الصراع استمرارية وقدرة على التكيف مع الأوضاع الجديدة طالما لا يتم حسم مضمونه، ج. أن استمرار الصراع لا يهدد سلطة الحكومة المركزية ونفوذها فحسب، وإنما يهدد وحدة وكيان الدولة ككل[8].
وحاولت كل من حركات التحرر الثلاثة (الجبهة الشعبية لتحرير أنجولا، والاتحاد الوطني من أجل الاستقلال التام لأنجولا، والجبهة الوطنية لتحرير أنجولا) الاستيلاء على السلطة بمساعدة الحلفاء الأجانب، وبناء على ذلك، غزت القوات الزائيرية أنجولا من الشمال دعما للجبهة الوطنية لتحرير أنجولا، في حين غزت قوات من جنوب أفريقيا الجنوب لدعم جبهة الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنجولا (يونيتا)، ومع ذلك فإن الحركة الشعبية لتحرير أنجولا – نظرا لأنها معقل الإثنية في جميع أنحاء العاصمة لواندا – نجحت في الاستيلاء على الحكم والحفاظ على نفسها بمساعدة من القوات الكوبية، وكان من المتوقع كنتيجة الصراع الأنجولي أن يكون له آثار جيوستراتيجية كبيرة للجنوب الأفريقي، وسرعان ما أصبحت أنجولا ساحة معركة للحرب الباردة، واستخدمت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق الروابط السابقة مع الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا والحركة الشعبية لتحرير أنجولا خلال الحرب ضد الاستعمار للتدخل في الحرب الأهلية، ومع ذلك كان الدعم الأمريكي لجبهة الوطنية لتحرير أنجولا في أحسن الأحوال غير فعالة، بالمقارنة مع الدعم السوفييتي والكوبي، وفي أعقاب كارثة فيتنام، كانت الولايات المتحدة تعارض التدخلات العسكرية الأجنبية الرئيسية، ومع ذلك واصلت الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، كما هو مبين أدناه متابعة استراتيجيات زعزعة الاستقرار – ونفذت أساسا من خلال يونيتا – والتي تهدف إلى الإطاحة بالنظام الماركسي اللينيني الناشئ الذي استولى على السلطة في أنجولا في الحال عندما رحل البرتغال[9].
ويمكن فهم السياسة الخارجية لأنجولا بشكل أفضل من حيث بقاء استراتيجيات نظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا منذ الوصول إلى السلطة، فعلى سبيل المثال أن خلفيتها الأيديولوجية تميل إلى النظام الجديد للتدخل في حروب التحرر ضد حكم الأقلية المستوطنين في جنوب أفريقيا، ويمكن فهم هذه الصراعات بكونها متصلة مباشرة ببقاء النظام على المدى الطويل، وبعبارة أخرى تشكل دعما لتحرير زيمبابوي، وناميبيا، وجنوب أفريقيا محاولة للتأثير على البيئة الأنجولية في المنطقة من خلال دعم التغيير الثوري في الدول المجاورة التي أظهرت نوايا عدائية / أو الدعم المقدم والملاذ ليونيتا ولجبهة التحرير الوطنية لأنجولا البوليساريو FNLA، وكان من المتوقع أنه بمجرد تحرير هذه البلدان من شأنه أن يوفر ما يلزم من المساعدة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية لتمكين الحركة الشعبية لتحرير أنجولا على حل مشاكلها الداخلية .
ومن المشاكل الداخلية التي عملت على إضعاف نظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا لم تقتصر على المجال العسكري، على الرغم من أن الحرب الأهلية أحبطت مشروع النظام الجديد لبناء الدولة، ولكن أيضا سوء الإدارة الاقتصادية أدى إلى ضعف شديد للدولة الأنجولية، فالنظام الجديد لا يملك الموارد اللازمة لملء الفراغ الإداري الذي ظهر بعد مغادرة المسئولين الاستعماريين، فالرحيل الجماعي لمجتمع المستوطنين أدى أيضا إلى انهيار الاقتصاد الأنجولي، ولذلك ليس من المستغرب أن دولة ما بعد الاستعمار في أنجولا لم تكن حقا قادرة أو لم تكن لديها الكفاءة لممارسة السلطة خارج العاصمة وعواصم المقاطعات أو المحافظات، وفي الآونة الأخيرة، تم تنفيذ معظم المهام المتعلقة بالدولة عن طريق المنظمات الدولية غير الحكومية، ومنظمة الأمم المتحدة، لاسيما في المناطق الريفية المتضررة من الحرب، فكانت الوظائف البيروقراطية البدائية شبه التطوعية لأسباب منها أن الدولة ليست قادرة على توفير الأجر الكامل لموظفيها، وبالتالي لجأ البيروقراطيون إلى استخدام الرشاوى / أو الانضمام إلى القطاع غير الرسمي من أجل البقاء، وقد تزامن انهيار القطاعات الرئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل والاتصالات والخدمات المصرفية مع انهيار سيادة القانون، ونظرا لهذا السياق المحلي، والذي ميزته الحرب وغيرها من أشكال التخلف، كان ينظر للسياسة الخارجية كأداة هامة لمساعدة النظام الجديد لخلق البيئة الأمنية اللازمة لحل عدد لا يحصى من المشاكل الداخلية، وبالنسبة للنظام الأنجولي الجديد، فإن تحسن البيئة الأمنية مترتب على التغييرات الأساسية في جنوب أفريقيا[10].
- المحددات الاقتصادية:
تمتاز أنجولا باقتصاد سريع النمو، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ازدهار كبير في النفط، وبصرف النظر عن ازدهار قطاع النفط والماس، فإنها كانت في حالة من الفوضى الاقتصادية بسبب 27 عاما من الحرب الأهلية، والفساد، وسوء الإدارة الاقتصادية، وعلى الرغم من وفرة الموارد الطبيعية، إلا أن نصيب الفرد من الناتج المحلي يعتبر من أدنى المعدلات في العالم، ويعتمد الغالبية العظمى من السكان علي زراعة الكفاف وعلى المساعدات الغذائية الإنسانية، وعلى النقيض من ذلك، فإن صناعة النفط في أنجولا سريعة التوسع التي تنتج ما يصل إلى 900.000 برميل يوميا، مما يجعلها الدولة الثانية في أفريقيا من حيث إنتاج النفط بعد نيجيريا ، حيث هذه الصناعة تمثل 51.7٪ من الناتج القومي الإجمالي و 89٪ من الصادرات و 90٪ من الإيرادات الحكومية، ولا تزال أنجولا تقوم بإنتاج النفط وتصديره إلي الخارج بنسبة كبيرة، وتوفر مجموعة الصفر Block Zero الواقعة في منطقة كابيندا معظم إنتاج أنجولا من النفط الخام[11].
ويشكل الماس باقي معظم صادرات أنجولا، وعلى الرغم من زيادة ملكية الشركات لحقول الماس، فإن الكثير من الإنتاج موجود في أيدي منقبين على نطاق صغير، وغالبا ما يعملون بصورة غير مشروعة، وتبذل الحكومة جهودا كبيرة للعمل علي تسجيل وترخيص هؤلاء المنقبين، ولا تزال الموارد المعدنية الأخرى، بما فيها الذهب، غير متطورة إلى حد كبير[12].
6.القدرات العسكرية:
تمتلك أنجولا جيش كبير يمكن أن يؤدي دورا كبيرا في تعزيز السلام في القارة الأفريقية، وتتولى القوات المسلحة الأنجولية مسئولية الأمن الخارجي، ولكنها تضطلع أيضا بمسئوليات الأمن الداخلي، بما في ذلك أمن الحدود، وطرد المهاجرين غير الشرعيين، واعتبارا من عام 1989، تم تنظيم قوات الجيش النظامي البالغ عددها 500.91 فرد في أكثر من سبعين فرقة، تضم ما يتراوح بين 750 و 1200 فرد، وتنشر في جميع أنحاء المناطق العسكرية ، والتي تبلغ عشر مناطق[13].
ويمكن القول أن أنجولا تمتلك جيش من أكبر الجيوش في القارة الأفريقية، والتي تعد واحدة من أكبر القوات الجوية، حيث يبلغ إجمالي عدد الجيش الأنجولي 87.000 فرد (30.000 احتياطي)، وعلى الرغم من أن القوات المسلحة الأنجولية كبيرة من الناحية العددية ومجهزة تجهيزا جيدا من الناحية النظرية، إلا إنها تعاني من عدم صيانة المعدات، وهناك أيضا نسبة كبيرة من القوات الجوية الأنجولية Angola’s air force (FAN) في حالة سيئة بسبب نقص الصيانة أو سوء التخزين[14].
وقد أهملت القوات المسلحة الأنجولية البحرية الأنجولية Angolan Navy (MGA)وتجاهلتها كذراع عسكري، ويرجع ذلك أساسا إلى أن أنجولا كافحت ضد حرب العصابات من البرتغاليين وطبيعة الحرب الأهلية، ومنذ أوائل التسعينات وحتى الآن انخفض عدد البحرية الأنجولية في عام 4 200 إلى حوالي 1000 فرد، مما أدى إلى فقدان المهارات والخبرات اللازمة للحفاظ على المعدات، ومن أجل حماية ساحل أنجولا البالغ طوله 1600 كيلو متر، فإن البحرية الأنجولية لا تزال تمر بعملية تحديث، حيث أنها لا تزال تفتقر إلى نواح كثيرة من ناحية التطور في استخدام المعدات البحرية، وتقوم البرتغال بتدريب الأفراد الأنجوليين من خلال برنامجها التعاون العسكري الفني Technical Military Cooperation (CTM)، وتنفق أنجولا حوالي 9 ٪ من ميزانية الحكومة من أجل تحقيق سياستها الداخلية والخارجية لها، والحفاظ علي قوتها فيما يتعلق بعدم الاستقرار في وسط أفريقيا، ولاسيما جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما تحتاج إلى تأمين منشآتها النفطية البحرية[15].
ثانيا. المحددات الخارجية:
1.المحددات الإقليمية:
أ. جنوب أفريقيا:
عند الاستقلال دعمت جهات إقليمية هامة – جنوب أفريقيا وزائير – خصوم الحركة الشعبية لتحرير أنجولا في الداخل، وأدرك النظام الأنجولي الجديد أن قدرته على إقامة دولة قابلة للاستمرار يتوقف إلى حد كبير على قدرته على المساعدة في إنشاء أنظمة صديقة في الدول المجاورة على حد سواء، وفى العقدين القادمين سعى نظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا لتحقيق هذا الهدف من خلال مساعدة فعالة للمعارضين لكل الأنظمة الداخلية، وفي النهاية حققت أنجولا أهداف سياستها الخارجية، وإن كان بتكلفة مدمرة، حيث السياسة الخارجية لأنجولا تجاه الفصل العنصري في جنوب أفريقيا شملت العون غير المشروط والدعم العسكري والدبلوماسي لكلا من المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) والمنظمة الشعبية لجنوب غربي أفريقيا (سوابو).
واستجابت جنوب أفريقيا لهذه السياسة الخارجية العدوانية من قبل الدولة الأنجولية الجديدة في شكل ما يسمى بـ “الإستراتيجية الشاملة” “total strategy”، وهى مجموعة من السياسات التي تهدف إلى ضمان بقاء نظام الفصل العنصري من خلال مجموعة من الإصلاحات والقمع، وبرهن أنصار الإستراتيجية الشاملة أن مصدر عدم الاستقرار والصراع – سواء داخل جنوب أفريقيا والمنطقة – لم يكن الفصل العنصري ولا الاستعمار، ولكن كان نتيجة التدخل الخارجي، ولذلك كان من الضروري لضمان أن تتوقف الدول المجاورة عن دعم نشاط النضال من أجل التحرير المسلح في جنوب أفريقيا وناميبيا، وعدم اكتساب أية قوى “شيوعية” “communist” تكون لها موضع قدم سياسي أو عسكري في المنطقة، وبناء على ذلك أظهرت سياسات أنجولا تهديدا مباشرا لمواجهته، وسعت جنوب أفريقيا لمزيد من أمنها وجهازها العسكري على حد سواء لقمع المعارضة في الداخل وزعزعة استقرار المنطقة، وكعدو رئيسي لجنوب أفريقيا في المنطقة، وذلك بسبب مكانتها باعتبارها ملاذا رئيسيا للمنظمة الشعبية لجنوب غربي أفريقيا وقاعدة مهمة لمؤتمر الوطني الأفريقي ANC، فضلا عن توجهاتها الفكرية والإمكانيات الاقتصادية، عانت أنجولا من وطأة نظام الإستراتيجية الشاملة للفصل العنصري، واستخدمت جنوب أفريقيا أداتين رئيسيتين لتهديد سلامة أراضي أنجولا[16]:
– الغزوات العسكرية المتكررة، والتخطيط لها جيداً في عمق الأراضي الأنجولية.
– الاعتماد على جبهة يونيتا كبديل في سياساتها لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأدت هذه الإستراتيجية إلى دمار كبير، سواء من حيث الأرواح البشرية المفقودة أو تدمير البنية التحتية، وبين عامي 1975 و 1989 شنت جنوب أفريقيا غزوات عسكرية على نطاق واسع من أنجولا سنويا، وهذه الغزوات نفذت تحت ذريعة الرد على هجمات المنظمة الشعبية لجنوب غربي أفريقيا، وزادت المنظمة الشعبية لجنوب غربي أفريقيا في شمال ناميبيا من قواعدها في جنوب أنجولا، وشاركت عادة في قوة الدفاع لجنوب أفريقيا ككتائب المشاة، ووحدات المظلات، وكتائب دبابات، ومجموعات المدفعية بعيدة المدى، وأسراب طائرات عسكرية، وهكذا، وعلى سبيل المثال، فإن بعثات تدمير قواعد المنظمة الشعبية لجنوب غربي أفريقيا لا تأخذ الكثير من الوقت كما يقاتلون إلي جانب يونيتا لمنع التقدم من قبل القوات الحكومية الأنجولية[17].
ونجحت جنوب أفريقيا أيضا في تحويل أو تفويض يونيتا كجيش لتنفيذ إستراتيجية نظام الفصل العنصري، وذلك لزعزعة الاستقرار داخل أنجولا، وعلى الرغم من أن يونيتا دُمِرت تقريبا بواسطة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا والقوات الكوبية في 1975-1976، وأعيد تنظيم الاتحاد الوطني كقوة عسكرية كبيرة بحلول عام 1979، بينما انشغلت حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا والقوات الكوبية ببناء النظم الدفاعية الضخمة لردع العدوان العسكري لجنوب أفريقيا، وبدأت حركة يونيتا شمالا من قواعدها في الجنوب الشرقي لتعزيز أماكن جديدة في وسط أنجولا وعلى طول سكك حديد بنجويلا Benguela، وكان هذا ذات أهمية خاصة لتحقيق إستراتيجية جنوب أفريقيا، لأن الإجراءات العسكرية ليونيتا المقدمة بشكل فعال بأن السكك الحديدية الحيوية – وكواحدة من وسائل النقل الرئيسية في المنطقة من المحيط الأطلسي- غير صالحة للعمل، وعلاوة على ذلك كانت حركة يونيتا تخطط لعمليات عسكرية بعيداً في الشمال بهدف زعزعة استكشاف كل من النفط والماس[18].
ب. جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير)*:
كان يجري تسهيل عمليات يونيتا في شمالي أنجولا عن طريق زائير موبوتو، وكجنوب أفريقيا، وكان دعم زائير ليونيتا ردا على سياسة أنجولا الخارجية العدوانية في المنطقة، ومثل موقفها تجاه جنوب أفريقيا، حيث كانت سياسة أنجولا الخارجية مدفوعة تجاه زائير بهدف حماية سلامة الأراضي للدولة الفتية، وبعد الاستقلال مباشرة، وفي أعقاب الغزو الزائيري ودعما للجبهة الوطنية لتحرير أنجولا، حاول أجوستينو نيتو Agostinho Neto أول رئيس لأنجولا، تطبيع العلاقات مع زائير، وبالنسبة لنيتو كان تطبيع العلاقات مع زائير هدف عملي، وخطوة أولى وأساسية لتعزيز أمن أنجولا نفسها[19]، ولتطبيع العلاقات مع زائير، أعد نيتو لطرد حركة انفصالية من مقاطعة زائير شابا Shaba (كاتانجا السابقة) التي كانت قد نشأت في أنجولا منذ عهد الاستعمار، وفي المقابل وعد موبوتو بطرد الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا من قواعدها في زائير، ووفى الرئيس الزائيري بوعده بإغلاق جميع قواعد الجبهة الوطنية لتحرير أنجولا في زائير، وطرد قادتها للتقليص من أنشطة المتعاطفين الباقين معها في البلاد، ومع ذلك لم يكن نيتو من جانبه قادرا على الوفاء بما وعد، وبدلا من ذلك، وقع توغلان عسكريان رئيسيان داخل زائير من قبل المتمردين الانفصاليين المتمركزين في أنجولا في عام 1977 و 1978[20]، وقد تسبب الغزو الثاني لشابا في تهديد خطير لنظام موبوتو والمصالح الغربية في زائير، وجاء على الفور حلفاء موبوتو – بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا والمغرب – لإنقاذه، وبسرعة دفعت القوات الغازية للعودة إلى أنجولا[21].
وقدم غزو زائير من أنجولا لموبوتو وحلفائه الغربيين الذريعة لاستمرار التدخل في أنجولا، في سياق الحرب الباردة، وإجراءات أنجولا – سواء بموافقة كوبا والسوفييت أو عدم موافقتهم- حيث ينظر إليها على أنها محاولة لتوسيع نطاق النفوذ السوفيتي السابق داخل وسط أفريقيا، ونتيجة لذلك، والذي يمكن التنبؤ به، أنه استجابت الولايات المتحدة وحلفائها بدعم عسكري ضخم لموبوتو Mobutu، والأكثر أهمية لأنجولا فقد سارعت أجهزة المخابرات الغربية من جهودها المبذولة وذلك بتوفير التدريب والأسلحة إلى يونيتا عبر زائير، وتعتبر هذه العلاقة بين الغرب وزائير ويونيتا أدت إلى ضعف شديد للدولة الأنجولية الجديدة، وشكل تهديدا رئيسيا لأمن أراضيها، وجاءت النتائج عكس ما كان ينوي نيتو.
في حين أنه ظلت علاقات أنجولا مع زائير موبوتو في توتر شديد خلال الثمانينات والتسعينيات ولم تكن زائير فقط الطريق المفضل للأسلحة الأمريكية والإمدادات ليونيتا، ولكن كانت أيضا ميناء عبور ملائم ليونيتا لعمليات تهريب الماس، ومع ذلك في التسعينيات، وبعد انتهاء الحرب الباردة، أصبح نظام موبوتو السارق والغير ديمقراطي، مسئولا وعائقاً حرج لمؤيديه الدوليين الأساسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، وبدون الدعم الخارجي ومع المشاكل الداخلية المتصاعدة، تم الإطاحة بموبوتو في مايو 1997، وكان لأنجولا وعدة دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك رواندا وأوغندا، دوراً أساسياً كوسيط في الإطاحة بموبوتو عن طريق تقديم الدعم العسكري المباشر للقوات بقيادة لوران كابيلاLaurent Kabil ، وأخيرا ولأول مرة منذ الاستقلال، أصبح لأنجولا حكومة صديقة في زائير، والتي أعيد تسميتها حاليا بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وفيما يتعلق بالأمن الداخلي لأنجولا، فقد اختفى آخر أثر للحرب الباردة في المنطقة، لكن وكما سيتم مناقشته أدناه، فإن إزالة قيود الحرب الباردة لا يؤدي بالضرورة إلى تحسن كبير في الوضع الأمني في أنجولا، على الرغم من الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، حيث بشرت الحرب الباردة ببساطة لديناميات جديدة من انعدام الأمن في أنجولا[22].
وبدأت الأحداث تتصاعد في منطقة الجنوب الإفريقي منذ أوائل عام 2001 بدرجة مأساوية، ففي الوقت الذي استمرت فيه أعمال العنف الداخلي، من جانب حركة يونيتا المناوئة للحكومة الأنجولية، كانت الأحداث سيئة في الكونغو الديمقراطية المجاورة لأنجولا، فقد انتشرت في البلاد حرب أهلية بين المتمردين والنظام الحاكم، بزعامة لوران كابيلا، ثم ما لبث أن أعلن أن أحد مساعدي كابيلا اغتاله، وفي ذلك الحين أعلنت الحكومة الأنجولية إرسال تعزيزات من قواتها المسلحة إلى المدن الرئيسية في الكونغو الديمقراطية قبل يوم من دفن جثمان الرئيس لوران كابيلا، وكان ذلك بعد يوم واحد من تعهد قطعته كل من أنجولا وزيمبابوي وزامبيا، بمواصلة الدعم العسكري للكنغو، بعد اغتيال رئيسه. وكانت الدول الثلاث قد وقفت إلى جانب الرئيس كابيلا في حرب إقليمية، تدور رحاها على الأراضي الكونغولية منذ عام 1998، ضد متمردين مدعومين من حلفاء كابيلا السابقين، أوغندا ورواندا، للسيطرة على أراضي هذه الدولة، فقد أرسلت أنجولا نحو ألفي جندي من قواتها، تمركزوا في الغالب داخل العاصمة الكونغولية كينشاسا، وذكر مصدر في الجيش الأنجولي، أن لواندا استمرت في تعزيز قواتها في الكونغو الديمقراطية، وذلك في أعقاب مقتل كابيلا، ودعماً لابنه جوزيف، ومواصلة مساندتها للحكومة، ومواجهة للمتمردين في شرق البلاد.
وعلى الرغم من أن أنجولا ذاتها، تعانى من تفاقم الحرب الأهلية على أراضيها، إلا أنها وجدت نفسها أمام ضرورة التضامن مع الدولة المجاورة ـ الكونغو الديمقراطية ـ في محاولة منها لكسب دعمها، ولتأمين حدودها الشرقية، وفي الوقت نفسه حرمان حركة يونيتا المعارضة من أن يكون لها دور في الأحداث الجارية هناك، خصوصاً وأن تعاوناً عسكرياً كان يربط بين القوات المسلحة الأوغندية والرواندية، المتورطتان في الحرب الكونغولية، وحركة يونيتا على أرض الكونغو[23].
ج. زامبيا:
على جانب الحرب الدائرة في أنجولا، فقد اتهمت أنجولا زامبيا، الدولة المجاورة لها، بأنها تقدم دعماً عسكرياً لحركة يونيتا المتمردة، ولكن زامبيا نفت هذه الاتهامات، وعلى كلٍ، فقد كانت زامبيا تستضيف على أراضيها نحو مائتي وخمسين ألف لاجئاً، هربوا من الحروب الإقليمية في المنطقة، منهم نحو مائة وثمانين ألف أنجوليا، وكان رؤساء كل من أنجولا وزامبيا وناميبيا، قد عقدوا قمة ثلاثية مصغرة في العاصمة الأنجولية لواندا، لتعزيز التعاون الحدودي، وبحث الأوضاع في المنطقة، وأقترح الرئيس الأنجولي إدوارد دوس سانتوس أثناء القمة الثلاثية، تعزيز التعاون باحترام الحدود الدولية بين الدول الثلاثة المجاورة، التي تتبادل الاتهامات بانتهاك كل منهما لحدود البلد الآخر، وأضاف دوس سانتوس ضرورة تنسيق الجهود للدفاع، عن سيادة أراضيهم عبر وسائل سياسية وأمنية وعسكرية، وقد ناقش الرؤساء الثلاثة الخلافات القائمة، بين أنجولا وزامبيا حول انتهاكات أطراف الحرب الأهلية الأنجولية للأراضي الزامبية، وكانت زامبيا، التي لها حدود مشتركة مع أنجولا يبلغ طولها ألف ومائتي كيلو متر، قد احتجت عدة مرات على اقتحام قوات متمردي حركة يونيتا والقوات النظامية الأنجولية، لأحد أقاليمها في الشمال الغربي، وتصاعد التوتر في هذه المنطقة، مما اضطر السلطات الزامبية إلي إرسال تعزيزات عسكرية لاحتواء أعمال العنف، وفي المقابل اتهمت أنجولا جارتها زامبيا بتأمين القواعد الخلفية للمتمردين الأنجوليين، لانتهاك الأراضي الأنجولية.
- محددات البيئة الدولية:
أ. الاتحاد السوفيتي وكوبا:
تتولد الضغوط الدولية من جراء التغيرات التي تحدث في النظام الدولي، والتي تتضمن إعادة صياغة العلاقات بين القطبين، والاتجاه نحو تسوية الصراعات الإقليمية في إطار الاتفاق حول مناطق النفوذ وقد تجلت هذه الضغوط في شكل استعداد سوفيتي أكبر للتنازل في مسألة أنجولا، وضغطه على كل من كوبا وأنجولا لإتمام الاتفاق، ويعنى ذلك من ناحية أخرى استعدادا أقل لمواصلة دعم الحكومة الأنجولية في قتالها ضد المتمردين وضغطا مباشرا من أجل التوصل لتسوية سلمية[24].
وعلى الصعيد الدولي، أصبحت أنجولا ساحة معركة للحرب الباردة، وكحليف للسوفييت ولكوبا، حيث اعتبرت أنجولا من قبل معظم القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، كدولة غير صديقة، وتجدر الإشارة إلى أن واحداً من أكبر أهداف السياسة الخارجية الأمريكية خلال الحرب الباردة كان احتواء انتشار الشيوعية في جميع أنحاء العالم، ولأنه لوحظ أن الحكومة الأنجولية حكومة شيوعية، كانت الولايات المتحدة على استعداد لدعم جبهة يونيتا في محاولتها لقلب نظام الحكم[25].
ومن المفارقات سعى أجوستينو نيتو Agostinho Netoللتنقل في الفترة المضطربة من الحرب الباردة من خلال تبني سياسة عدم الانحياز، حتى ولو كان عملياً لا يمكن أن تأمل بأن الحركة الشعبية لتحرير أنجولا واقعياً ستتخلي عن احتضان السوفيت دون تهديد بقائها الفعلي[26]، وكما حدث فلم يعيش نيتو لفترة كافية لتغيير هذه السياسات – سواء في مجالات السياسة الداخلية أو الخارجية – التي يشاع أنه قد توقعه قبل وفاته في سبتمبر عام 1979، بعد أقل من أربع سنوات بعد توليه منصبه، وجاء بعده جوزي إدواردو دوس سانتوس Jose Eduardo dos Santos، وتخلى دوس سانتوس بسرعة عن أية ذريعة لعدم الانحياز لصالح توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفيتي السابق وكوبا بسبب تدهور الوضع الداخلي، وعلى عكس سلفه، تم إعداد دوس سانتوس لإعطاء مساحة أكبر للسوفييت في تحديد المبادئ التوجيهية الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية للدولة الجديدة، ولخيبة أمله من قبل مع نيتو لرفضه عدم الانحياز، رحب الاتحاد السوفيتي السابق بهذا التوجه الجديد للسياسة الخارجية، ولأن أنجولا قدمت كقاعدة هامة في جنوب أفريقيا، والتي تؤثر على التغير خلال فترة عدم الاستقرار الناجم عن كل من ديناميات الحرب الباردة والإقليمية، حيث كان الاتحاد السوفيتي السابق مهتما بشكل خاص بالأحداث المؤثرة في جنوب أفريقيا، وهى الدولة الأغنى والأكثر تطورا في المنطقة فضلا عن أنها تقوم بالدور الإقليمي، وللوفاء به نصبت نفسها على أنها طليعة دور حركات التحرر “العالم الثالث” “third world”، والإشراف على تنفيذ النموذج السوفييتي في التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي[27].
كما قدمت كوبا المزيد من الدعم لدوس سانتوس، على الرغم من مشاكله الخطيرة الخاصة المحلية والدولية، وكانت كوبا على استعداد لتقديم مختلف أنواع المساعدة إلى أنجولا وغيرها من البلدان النامية لتعزيز أهداف خاصة بسياستها الخارجية، وفي المقام الأول، تأكيدا لدورها القيادي في حركة عدم الانحياز (NAM) ، ونظرا لمشاكلهم وقيودهم الخاصة، لم يستطيع الاتحاد السوفيتي السابق ولا كوبا حل المشاكل الداخلية للحركة الشعبية لتحرير أنجولا، فعلى وجه الخصوص لم يستطيعوا حل المشاكل الاقتصادية في أنجولا، ولا منع يونيتا من أن تشكل تهديدا متزايدا لزائير، وجنوب أفريقيا والمساعدة الأمريكية[28].
ب. الولايات المتحدة الأمريكية:
بدأت الولايات المتحدة في وقت مبكر في الثمانينات سياسة واضحة لا لبس فيها لقلب نظام حكم الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ووصول يونيتا إلى السلطة إما عن طريق الاقتراع أو الرصاص، واعتبر مذهب ريجان Reagan إستراتيجية عالمية لتقديم الدعم الأمريكي العلني لحركات حرب العصابات المناهضة للشيوعية في جميع أنحاء العالم، حيث كان له التأثير المباشر والقوي على قيام الحرب الأهلية الأنجولية، لأن يونيتا أصبحت أحد أكبر متلقي للسلاح الأمريكي المتطور، بما في ذلك صواريخ ستينجر Stinger المضادة للطائرات، والتي كانت تتمتع بها حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ، وبناء على ذلك فإن جميع الهجمات العسكرية الكبرى التي نفذتها الحركة الشعبية لتحرير أنجولا والقوات الكوبية والسوفيتية لطرد المتمردين من قواعدهم في جنوب أنجولا انتهت بالفشل، وأخيراً فإن مشاركة قوى خارجية بجانب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا أوجد مأزق عسكري علي أرض الواقع ، الأمر الذي أدي إلي تسهيل البحث عن حلول سياسية للصراع، وفي مايو عام 1991 وقعت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا اتفاق سلام بيسيس Bicesse Peace Accord* لإنهاء الحرب الأهلية، ومع ذلك لم تنتهي الحرب نتيجة الاتفاق، ففي نوفمبر عام 1992، وفي أعقاب عملية انتخابية فاشلة، بدأت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا جولة أخرى من القتال، وهذه المرة باستخدام الموارد المحلية في المقام الأول – النفط والماس – الذي كان تحت سيطرتهما[29].
ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة لا تكف عن التلويح بإمكانيات التعاون الاقتصادي ودفع الاستثمارات الأجنبية لأنجولا، وكذلك تسهيل قبولها عضوا بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن ناحية أخرى فإن دعمها السنوي ليونيتا والمقدر بـ 15 مليون دولار يشكل أداة للضغط على الحكومة لدفعها للتفاوض خاصة وأنها لم تلتزم رسميا بوقف هذا الدعم، كذلك فقد علقت الولايات المتحدة اعترافها بالحكومة الأنجولية على قبولها في الدخول في مفاوضات مع المتمردين من هذه الأوضاع الدولية، والإقليمية، والداخلية تدفع في اتجاه تحقيق تسوية سياسية للصراع الناشب بين الجبهة الشعبية وبين يونيتا، إلا أن توقيت مثل هذه التسوية وشروطها، هو أمر يتوقف على تطور نفس هذه الأوضاع في المستقبل القريب، ويبدو أن إتمام الانسحاب الكوبي من أنجولا وفقا للجدول الزمني، وإتمام عملية إعلان استقلال ناميبيا كان من أهم العوامل التي يمكن أن تقوي هذا الاتجاه .[30]
ويمكن القول أن المحددات المحلية والإقليمية والدولية قيدت بشدة خيارات السياسة الخارجية لأنجولا خلال السبعينيات والثمانينات، ومع ذلك حدثت تغييرات هامة على الصعيدين الدولي والإقليمي – بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا – وكان من المتوقع وجود تحسن في اتجاهات سياسة أنجولا الخارجية، وحاولت أنجولا جني أرباح هامة من خلال الاستفادة من البينة الإقليمية والدولية الجديدة أكثر ملائمة لإعادة توجيه سياستها الخارجية نحو تعزيز قدرة النظام على تحقيق السلام في الداخل، ومن المفارقات أن تحتل جنوب أفريقيا وزائير والولايات المتحدة مكانة بارزة في الجهود الدولية لتحقيق السلام في أنجولا[31].
ثالثا. توجهات السياسة الخارجية الأنجولية:
- فصل القضايا الداخلية عن الإقليمية:
استمرار المشاركة المباشرة من قبل كوبا وجنوب أفريقيا من جانب عملاء كل منهما – والحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا – جعل كل من المقاتلين غير قادرين على تحقيق نصر عسكري حاسم في الثمانينات، وبدلا من ذلك، كان التدخل العسكري من قبل الدول التي طال أمد تدخلها يسبب خسائر لا يمكن تحملها على نحو متزايد على كلا الجانبين، وبناء على ذلك، وبالنظر إلى الحقائق العسكرية على أرض الواقع السياسي، والتغيرات الهائلة التي تحدث على الصعيد الدولي، قبلت كل من كوبا وجنوب أفريقيا حتمية وجود إطار للتفاوض من أجل السلام في المنطقة، ويشمل كلا من انسحاب القوات الكوبية من أنجولا وتنفيذ برنامج الأمم المتحدة (قرار مجلس الأمن 435/78) بشأن استقلال ناميبيا[32].
وفي 22 ديسمبر عام 1988، وقعت حكومات أنجولا وكوبا وجنوب أفريقيا اتفاق نيويورك، الذي قدم جدولاً زمنياً لانسحاب تدريجي لخمسين ألفا من القوات الكوبية من أنجولا خلال فترة 27 شهراً في مقابل تنفيذ خطة الأمم المتحدة لاستقلال ناميبيا، وظاهرياً، كان اتفاق نيويورك انقلاباً دبلوماسياً كبيراً لأنجولا، لأنه أزال التهديد العسكري لجنوب أفريقيا عن ناميبيا، وعلاوة على ذلك، فإن استقلال ناميبيا حرم يونيتا من طرق الإمداد الحيوية في الجنوب، وفي سياق إقليمي أوسع، يمثل هذا خطوة أخرى هامة في تحرير جنوب أفريقيا من حكم الأقلية المستوطنة، وهو تطور كان من المتوقع أن تدفع أرباحه الفورية لأمن أنجولا الداخلي، ومع ذلك بقدر ما يتعلق الأمر بأنجولا، فلاتفاق نيويورك عيوب لأنه استبعد يونيتا، وبدلا من الإسراع في إنهاء الحرب الأهلية في أنجولا، اضطرت يونيتا إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها العسكرية والسياسية، فعلى المستوى العسكري، نقلت يونيتا جزءا كبيرا من عملياتها بعيدا عن قواعدها التقليدية من الجنوب الشرقي إلى الشمال والشمال الشرقي، وهذا وضع يونيتا بالقرب من الحدود الزائيرية والسيطرة على مناطق إنتاج الماس الهامة، وبالتحرك شمالاً تمنت يونيتا تحقيق أهداف سياسية هامة، فهي تستطيع حاليا أن تعمق نضالها ضد النظام في معظم مقاطعات أو محافظات البلاد.
وكان عدم إدراج يونيتا في المحادثات التي أدت إلى اتفاق نيويورك نتيجة لإصرار الحكومة الأنجولية في فصل القضايا الداخلية عن الإقليمية عندما أكدت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا على الترابط بين مأزق الأمن الداخلي والديناميات الإقليمية الكبيرة، وعلى أية حال، أجريت مفاوضات على مسارين، المسار الأول يشمل المفاوضات بشأن سحب القوات الكوبية من أنجولا مقابل انسحاب جنوب أفريقيا من ناميبيا واستقلال هذا البلد، أما المسار الثاني يتتبع مشاورات تهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا، ومن الناحية المثالية سوف تسعى كل منهما في وقت واحد، ومع ذلك، ولأن أطراف التفاوض قد اتفقت في وقت سابق على أن مسألة المصالحة الوطنية في أنجولا مسألة داخلية، فلم يتم أي ضغط على حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا أو يونيتا لتسوية خلافاتهما في إطار المفاوضات.
ولم يؤدى المسار الثاني إلي أية نتيجة، لأنه في ذلك الوقت لم تكن الحكومة الأنجولية مستعدة لإنهاء الحرب من خلال الوسائل السياسية، ولأن هذا يتطلب التفاوض على تقاسم السلطة في إطار شامل مع يونيتا، حيث لا تزال مفاوضات الحركة الشعبية لتحرير أنجولا مع يونيتا تتعارض مع المبادئ الدستورية لـ “جمهورية الشعب” “people’s republic”، كما أوضح الرئيس دوس سانتوس بأن “الدولة الأنجولية هي دولة الحزب الواحد، وبالتالي فإن قبول مثل هذه المنظمة السياسية [يونيتا] هو أمر غير وارد” وبدلا من ذلك كما هو الحال في التصريحات الأخيرة، قال إنه اقترح أن حكومته تسعى إلى “تناسق وطني” “national harmonization”- من خلال سياسة العفو، وإعادة دمج أعضاء يونيتا الأنجولية في المجتمع – وذلك من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى وضع حد للحرب الأهلية، كما اقترح الرئيس أن “الفكرة هي لجعل جميع الأنجوليين معا تحت نفس النشيد والعلم، لدولة واحدة”، ويستند هذا الموقف على افتراض أن يونيتا لا تشكل قوة سياسية شرعية، لأنها كانت حركة مسلحة، وتمول من قوى خارجية[33].
- تحقيق الاستقرار السياسي بين حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا (إنهاء الحرب الأهلية):
كان دوس سانتوس وحكومته يخططان لمعالجة إمكانية إنهاء الحرب الأهلية فقط بعد التوقيع على اتفاق السلام في المنطقة، وهكذا وجهت جهود أنجولا الدبلوماسية الرئيسية لضمان تنفيذ اتفاق نيويورك كاملاً، حيث اعتقدت حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، أنه حتى بدون الدعم الكوبي فإن قواتها المسلحة قد تسحق المتمردين مرة واحدة حال انسحاب قوات دفاع جنوب أفريقيا وناميبيا، وعلى حد قول متحدث باسم الحكومة الأنجولية “إذا كنا نحل هذه المشكلة مع جنوب أفريقيا، فإن عملية السلام الداخلية تتحرك بسرعة جدا فلا مفاوضات ولا أي نوع آخر من الاتفاق مع يونيتا سيكون ضروريا”، ومع وجود خطة سلام إقليمية، كانت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا مقتنعة بأن يونيتا “سوف تزول من الوجود في خلال سنة” من خلال مجموعة من العمليات السياسية والعسكرية، وهذا النهج في حل النزاعات الداخلية، كان معيباً بشكل خطير لأنه قلل وبشدة من قوة يونيتا السياسية والعسكرية حتى قبل التوقيع على اتفاق نيويورك من أجل السلام في الجنوب الأفريقي، حيث رفض جوناس سافيمبي نهج الحكومة الأنجولية لإنهاء الحرب الأهلية من خلال المواءمة والرأفة، معلنا إنذارا مشئوماً، والأسوأ من ذلك أنه “لن يكون هناك سلام في أنجولا دون وجود يونيتا”
ويبدو أن سافيمبي واثقا من فرصه في البقاء، إن لم يكن النصر، لأن جهود حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا الدبلوماسية – وخاصة السلام مع جنوب أفريقيا – ينجح في عزل يونيتا فورا، وفي الواقع فإن دور جنوب أفريقيا كمؤيد أساسي ليونيتا تولته ببساطة الولايات المتحدة من خلال زائير موبوتو، ولأن السلام مع جنوب أفريقيا لم يسفر عن النتيجة المتوقعة من قبل حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، لذا كان أمام دوس سانتوس خيارات قليلة أخرى غير العودة إلى الدبلوماسية لإنهاء الحرب الأهلية هذه المرة، حيث تهدف الجهود الدبلوماسية لأنجولا إلى تأمين مشاركة أفريقية واسعة في سعيها للسلام مع يونيتا[34].
- تعزيز المصالحة الوطنية:
أجبرت التغيرات العميقة على المستوى الدولي لأنجولا على مضاعفة جهودها في البحث عن السلام في إطار قاري أوسع، وتحقيقا لهذه الغاية، دعا الرئيس دوس سانتوس ثمانية دول أفريقية كبرى إلى لواندا Luanda في 16 مايو عام 1989 لمناقشة سبل إنهاء الحرب، وإيجاد إطار للسلام الذي انبثق من هذه القمة، للمرة الأولى منذ أن بدأت الحرب الأهلية، وأقترح تعزيز “المصالحة الوطنية” “National reconciliation” وإمكانية إقامة الحوار المباشر بين الأطراف المتحاربة[35]، ونتيجة لهذه القمة التقى دوس سانتوس وسافيمبي Savimbiلأول مرة في 22 يونيو عام 1989 في جبادوليت Gbadolite، زائير في قمة خاصة من رؤساء الدول الأفريقية بدعوة من موبوتو .[36]Mobutu
وكان هناك تقدم واضح لقمة جبادوليت للسلام، ومع ذلك لم يستمر، وكان للمشاركين – بما في ذلك رؤساء الدول الأفريقية – تفسيرات مختلفة لما اتفقوا عليه، وذكر البيان الختامي أن جميع الأطراف قد توصلت إلى اتفاق بشأن ثلاث نقاط:
أ- الرغبة المتبادلة لإنهاء الحرب، وتفعيل المصالحة الوطنية.
ب- إعلان وقف إطلاق النار اعتبارا من 24 يونيو عام 1989.
ج- إنشاء لجنة مختلطة من يونيتا والحركة الشعبية لتحرير أنجولا تحت وساطة الرئيس موبوتو للتفاوض على المستقبل السياسي لأنجولا.
ومع ذلك يتناقض هذا بشكل مباشر مع تفسير الرئيس موسى تراوري Mousa Traoré للأحداث، حيث زعم تراوري كنائب رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، أن القادة المجتمعين في جبادوليت ناقشوا واتفقوا على ست نقاط:
أ- وضع حد للمعارضة المسلحة.
ب- توفير الأمن لسافيمبي وأتباعه.
ج- الانسحاب الطوعي والمؤقت لسافيمبي.
د- منح وظيفة لسافيمبي.
هـ- دمج عناصر يونيتا.
و- وضع شروط لدمج عناصر يونيتا.
ورفضت يونيتا رفضاً قاطعا هذا التفسير، حيث كان تفسير المتمردين للأحداث أقرب إلى المعبر عنه في البيان الختامي الذي أكده موبوتو، المضيف للقمة، والذي أكد علي أن الاتفاقية تضمنت “شيئا عن المنفى” لسافيمبي وسط تفسيرات متباينة لما أتفق عليه في جبادوليت، وفى المقابل عاد دوس سانتوس للواندا ضعيف بشكل خطير من الناحية السياسية، ويبدو أن الفشل الذريع لجبادوليت يشير إلى عدم جدوى الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع، وكرد فعل لهذا الفشل الدبلوماسي، بدأت الحركة الشعبية لتحرير أنجولا بشن هجوم عسكري كبير ضد أهم إحدى قواعد يونيتا في مافينجا Mavinga في 18 أغسطس عام 1989، ومرة أخرى انتهى هذا الهجوم بالفشل إلى حد ما، بسبب المساعدات العسكرية الأمريكية الفعالة ليونيتا.
وفي محاولة لإنقاذ بعض من روح المصالحة التي طُرِحت في جبادوليت، عُقِدت قمة متابعة للقادة الأفارقة في هراري في 22 أغسطس عام 1989، ولم يُدع سافيمبي إلى حد ما للمشاركة لأن الرئيس موجابي، نظراً لتحالفه مع دوس سانتوس في الصراع الأنجولي، لم يكن على استعداد لإعطاء الزعيم الأنجولي المتمرد الشك في موبوتو، وأكدت قمة هراري في البيان الختامي على إعادة النظر في جبادوليت، وأكدت أيضا على الاتفاق على ثلاث مبادئ إضافية لم يكشف عنها من قبل، والتي تم الاتفاق عليها في مؤتمر القمة السابق:
أ- احترام دستور وقوانين جمهورية أنجولا الشعبية.
ب- دمج يونيتا في مؤسسات الحركة الشعبية لتحرير أنجولا القائمة آنذاك.
ج- قبول سافيمبي لنفى مؤقت وطوعي.
وبمكن القول أن هذا الموقف الأفريقي بشأن سبل إنهاء الصراع الأنجولي يعكس بعض وجهات نظر الحكومة الأنجولية منذ فترة طويلة على كيفية التعامل مع مشاكلها الداخلية، وبهذا المعنى تشكل نتائج مؤتمر قمة هراري انتصار آخر ومهم لدبلوماسية الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، ومع ذلك من خلال تبني نهج الحركة الشعبية لتحرير أنجولا على حل النزاعات، استطاع القادة الأفارقة التركيز فقط على وجه واحد للوضع المعقد، على سبيل المثال، فشلوا في فهم جوهر المسألة، حيث أن من غير المرجح أن يتخلى سافيمبي عن سعيه من أجل السلطة مدى الحياة ووضع مهيمن لحزبه في السياسة الأنجولية، فأي إطار للسلام يشمل تفكك يونيتا والنفي لسافيمبي الذي أمامه فرصة ضئيلة للنجاح.
- 4. مشاركة القوى العظمى في تحديد اتجاهات السياسة الخارجية الأنجولية (سياسة الترغيب والترهيب):
بعد انعقاد قمة هراري Harare جاءت الفرصة الأساسية التالية لإنهاء الحرب الأهلية الأنجولية على حد سواء كنتيجة لجهود لواندا Luanda الدبلوماسية ، وكنتيجة لعلاقة جديدة بعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق ودبلوماسية ما وراء الكواليس التي تشمل مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، وجاء هذا القرار من قبل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق للضغط على حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا لبدء محادثات مباشرة بشأن المصالحة الوطنية في اجتماع بين وزير الخارجية السابق جيمس بيكر James Baker ونظيره السوفييتي إدوارد شيفرنادزه Eduard Shevardnadze أثناء حضورهما احتفالات استقلال ناميبيا في مارس عام 1990، حيث أعطت أنجولا فرصة جيدة لكل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق في نهاية الحرب الباردة، لإعادة التعاون الذي أسرع باستقلال ناميبيا، وتحقيقا لهذه الغاية أشارت القوى العظمى إلى الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا بأن المكافآت الدبلوماسية الكبرى المقبلة ستكون منتهية بنجاح عملية السلام في أنجولا، فعلى سبيل المثال وعدت الحكومة الأمريكية الاعتراف الدبلوماسي السريع بالانتخابات الحرة والديمقراطية التي جرت[37].
ويوجد عامل آخر إيجابي خارجي وهو استعداد البرتغال للمشاركة في مساعدة مستعمرتها السابقة لتسوية الاضطرابات التي أعقبت منحها الاستقلال لسنوات عديدة، حيث نأت البرتغال بنفسها عن الحرب الأهلية التي اندلعت في أعقاب الاستقلال، وتوجد أيضا عوامل عدة – بما في ذلك قدرتها على التواصل مع كلا الجانبين، والرغبة في صفة دبلوماسية أعلى، والشعور بالذنب لترك أنجولا فجأة بدون استعداد لانتقال سلمي- وهذه العوامل ساهمت في دفع البرتغال إلى مركز الصدارة الدبلوماسية في محاولة لتسوية ميراث الحكم الاستعماري الاستيطاني في أنجولا[38].
ثالثا. التحديات التي تواجه السياسية الخارجية الأنجولية:
- جمود المفاوضات بين حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا:
وفي 25 أبريل عام 1990، أعلنت الحكومة الأنجولية أنها سوف تدخل في محادثات مباشرة مع يونيتا بوساطة من قبل الحكومة البرتغالية لـ “إيجاد سبل لتحقيق المصالحة الوطنية في أنجولا” ولكن الاحتكاك والمواجهة ميزت هذه المحادثات، مثل الكثير من العلاقة بين الجانبين، وتم تحديد الحواجز التي تبدو مستعصية للفصل بين الفصائل المتحاربة وهى فقط بسبب التدخل الأمريكي والسوفييتي المباشر، وفي تنسيق للهجوم الدبلوماسي – في نهاية الحرب الباردة – دعا جيمس بيكر وإدوارد شيفرنادزه وجوناس سافيمبي Jonas Savimbiوبيدرو دي كاسترو فان دونيم Pedro de Castro van Dunem إلى واشنطن حيث تم إبلاغ كل منهما بأنه لا توجد مساعدات عسكرية أو مالية إضافية قادمة نظراً لاستمرار الحرب.
وبدلا من توفير الوسائل المالية والعسكرية لإمداد الحرب الأهلية في أنجولا، عززت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق مشاركتها التعاونية في عملية السلام، وفي الواقع فإن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، جنبا إلى جنب مع البرتغال، وضعوا البنود الرئيسية للمفاوضات بين حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ويونيتا، حيث شملت هذه البنود خمس مبادئ سياسية ومسائل فنية وعسكرية أساسية[39]:
أ- تصبح أنجولا دولة ديمقراطية متعددة الأحزاب.
ب- يضمن المجتمع الدولي وقف إطلاق النار.
ج- إقامة انتخابات حرة ونزيهة في أنجولا، ويكون التحقق منها من جانب المجتمع الدولي.
د- يسبق توقيع اتفاق وقف إطلاق النار اتفاق آخر يحتوى على موعد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
هـ- توقف جميع المساعدات العسكرية من الخارج في الحال، بسبب التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار.
وفى المقابل شكلت هذه المبادئ أساسا لاتفاق سلام بيسيس، حيث وُقِع في البرتغال في 31 مايو عام 1991 من قبل الرئيس دوس سانتوس الأنجولي وزعيم يونيتا جوناس سافيمبي، ويبدو هذا الاتفاق من حيث المبدأ اعتبر سلاما جامدا، ومع ذلك يشبه إلى حد كبير تلك الاتفاقيات السابقة، حيث كان الاتفاق مشئوماً من البداية، لأن يونيتا رأت أنه محاولة أخرى من قبل نظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا لإطالة قبضتها على السلطة، وبعبارة أخرى كان هناك القليل من الود على المستوى السياسي المحلي لدعم التوصل إلى تسوية دائمة للحرب الأهلية، على الرغم من أن كلا من حكومة يونيتا وحكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا شاركتا في تنفيذ اتفاق بيسيس الذي لم يكن أكثر من تدريب مأساوي بهدف تلبية مطالب المجتمع الدولي، ولاسيما مصالح الولايات المتحدة، وكما هو متوقع، حيث أن العملية تمت تحت إشراف دولي، وأسفرت عن هزيمة يونيتا في الانتخابات، وأبعد سافيمبي جنرالاته من الجيش الموحد وأرسلهم مرة أخرى إلى الحرب، وأيضا كان الوضع مأساوي لأنجولا، حيث أن المجتمع الدولي – وخاصة الأمم المتحدة والدول الضامنة لعملية السلام (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق والبرتغال)، ليست مستعدة لخوض الخيار العسكري منعا من تجدد الصراع.
- انقسامات الأحزاب السياسية الأنجولية:
وكان نظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا قادراً على تحمل أزمة ما بعد الانتخابات لعام 1992 إلى حد ما، ويرجع ذلك إلى أن المجتمع الدولي لا يزال دبلوماسياً منشغل بحالة أنجولا المعقدة حتى بعد تخلي يونيتا من جانب واحد عن عملية السلام، ونتيجة المشاركة المستمرة للجهود الدبلوماسية المكثفة من قبل الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، أقنعت أخيراً يونيتا بالعودة إلى طاولة المفاوضات في عام 1993، وعقدت محادثات تمهيدية في أديس أبابا قبل استئناف محادثات السلام في لوساكا بوساطة الأمم المتحدة، وبعد أكثر من عام من المفاوضات وقع كلا من الطرفين على اتفاق تقاسم السلطة والمعروف ببروتوكول لوساكا، ولأن هذه الوثيقة تنشئ إطارا جديدا للسلام كان على وشك أن يوقع، فإن القوات الحكومية أبعدت يونيتا من معظم المناطق التي استولت عليها في عام 1992 بما في ذلك المقر الرئيسي للمتمردين في هوامبو Huambo [40]، حيث بعد فشل سافيمبي في الفوز في انتخابات عام 1992، هاجم جميع عواصم المقاطعات، وقد استمر حصار هوامبو لمدة 55 يوما، وبعد قصف مدفعية ثقيلة، وتم أيضا مدينة كيتو Cuito لمدة ثمانية أشهر مع وجود 50000 مدني محاصرين في هذه المدينة، وبحلول منتصف عام 1993، كان 1000 شخص يموتون يوميا في أنجولا[41].
وكما كان متوقع فقد فشل بروتوكول لوساكا مثل المحاولات السابقة لإحلال السلام في أنجولا، لتحقيق ما هو متوقع، وعلى الرغم من احتضان سافيمبي لدوس سانتوس في لوساكا في 6 مايو عام 1995، ووعده في توطيد السلام، لم يعد أبدا إلى لواندا للمشاركة في حكومة مصالحة وطنية على النحو المنصوص عليه بموجب اتفاق لوساكا، وأيضا واصلت يونيتا منع الحكومة الأنجولية من بسط سلطة الدولة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردين، بسبب الغضب من تعنت يونيتا، في حين تبنت الحكومة الأنجولية إستراتيجية ذات شقين لتدمير المتمردين، فعلى الصعيد السياسي، أعلنت الحكومة أنها لم تعد تعترف بسافيمبي كمحاور شرعي، وأيضا حاولت حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا تنفيذ بروتوكول لوساكا بالتعاون مع فصيل متمرد منشق، يونيتا الجديدة بقيادة أوجينيو مانوفاكولا Eugenio Manuvakola وهو الأمين العام السابق ليونيتا الذي فر إلى لواندا في عام 1997، وعلى المستوى العسكري، قامت الحكومة بنجاح بطرد يونيتا من المناطق الإستراتيجية الرئيسية في الهضبة الوسطى، وهكذا في أكتوبر عام 1999 عانى المتمردين بنكسة كبيرة عندما خسرت مقراتها العسكرية في بايلوندو وأندولو .[42]Bailundo and Andulo
- التحديات الإقليمية:
ويبدو أنه بعد 25 عاما من الحرب الأهلية، أن حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا حققت إلى حد ما هدفها الأساسي: وهو إضعاف إن لم يكن تدمير من يهدد أمنها الداخلي – يونيتا في عام 1999 – من خلال المساعدة على تغيير الأنظمة غير الصديقة في المنطقة الإقليمية – زيمبابوي في عام 1980، وناميبيا في عام 1990 ، وجنوب أفريقيا في عام 1994 وزائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا) في عام 1997، والكونغو برازافيل في عام 1998، ومع ذلك، فالشعور بالنشاط الذي يجتاح لواندا ربما يكون سابقا لأوانه وفي غير محله، حيث أثبتت يونيتا قدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة – على حد سواء كالغير مواتية حاليا – ومواصلة التسبب في إحداث متاعب في الداخل في المستقبل المنظور[43]، ومن الجدير بالذكر أن الحرب الأهلية في أنجولا دمرت الطرق، والسكك الحديدية، والجسور التي بنيت خلال الحكم البرتغالي، وأهلكت البنية التحتية الزراعية[44].
وسعيا لتحقيق رؤية أنجولا الغامضة في كثير من الأحيان، اضطرت يونيتا لمواجهة الشدائد، للبقاء كقوة عسكرية، إن لم يكن كحركة سياسية، والاستعداد دائما لقبول التعامل كأداة للقوى الخارجية – من الإداريين الاستعماريين البرتغاليين، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، إلى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وقد أدى هذا الميل إلى تبني مجموعة متنوعة من شراكات غريبة، إلى جانب الانخراط في تكتيك العصابات الضارية في الداخل، وأعطى يونيتا سمعة لا تحسد عليها، على الرغم من وضعها المنبوذ دوليا والنكسات العسكرية الأخيرة في الداخل، وإن يونيتا حاليا أفضل وقادرة على أن تظل وثيقة الصلة محليا حتى من دون الدعم الخارجي المباشر، كما نوقش أعلاه، يونيتا قادرة على تجميع موارد مالية كبيرة من خلال استغلال موارد الماس الكبيرة في أنجولا، وفى الوقت الحالي يمكن استخدام هذه الموارد لتمويل قدرة المتمردين على إدارة حرب عصابات مطولة جنبا إلى جنب مع تعهد تقليدي متقطع لأغراض سياسية أو دعائية[45].
ومن المفارقات أن “استقلال” يونيتا الموجود حديثا يسلط الضوء على الخلل الهام في نهج الحكومة الأنجولية الشاملة لمأزق أمنها، وعلى الرغم من أن حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا محاطة من قبل الدول الصديقة، فإن توفير الأمن للدولة الأنجولية لا يزال بعيدا في الوقت الحالي، كما كان قبل 25 عاما، وبعبارة أخرى، فإن التغييرات الجوهرية على المستوى الإقليمي لا تؤدي إلى تعزيز الأمن للنظام، لماذا؟ فالبيئة المحلية لم تبقى ساكنة مثل الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، على سبيل المثال، فقد كانت يونيتا قادرة على أن تنمي وبسرعة ككونها حكومة ثورية، وهي تسعى في الوقت الحالي إلى البقاء دون ارتباط بالقوى الخارجية، وبنفس القدر من الأهمية قوض ربع قرن من الحرب الأهلية وبشكل خطير من قدرة الدولة الأنجولية لأداء وظائفها الأساسية، وخاصة في مجال الإدارة الاقتصادية وتوفير الخدمات الاجتماعية، وخلاصة القول، بقدر ما يتعلق بالأمن الداخلي، فإن وضع الحركة الشعبية لتحرير أنجولا لا يزال غير مستقر، على الرغم من انهيار الأنظمة غير الصديقة في جنوب ووسط أفريقيا، ولأن التغيرات في المنطقة لم تسفر عن المستوى المتوقع من الأمن لنظام الحركة الشعبية لتحرير أنجولا، وبالنظر إلى السيناريو المرجح بأن يونيتا سوف تزال كمصدر لانعدام الأمن، فالمصالحة والسلام في نهاية المطاف يتطلبان التفاوض المباشر مع المتمردين كأسلوب سياسي جديد لأنجولا يسمح بإعادة توزيع وطني منصف للسلطة والثروة.
ومن المفارقات أيضا أن عملية السلام القادمة لا مفر منها، وربما تؤدي لنتائج أفضل من المحاولات السابقة، لأن كلا من الطرفين المتحاربين لم يعدا يتعرضان لضغوط خارجية كبيرة، وبعبارة أخرى، إنهاء حالة الحرب تبشر بإمكانيات حقيقية لتحقيق السلام في أنجولا، وفي هذه المرحلة الجديدة لا تزال سياسة أنجولا الخارجية تلعب دورا مفيدا، على وجه التحديد يمكن من خلاله أن تسعى إلي مشاركة الدول في المنطقة التي أدارت وبنجاح عمليات المصالحة والسلام – مثل جنوب أفريقيا وموزمبيق – للإلهام، إن لم يكن التيسير[46].
خاتمة:
هيمنت الحرب الأهلية على تاريخ أنجولا بعد الاستعمار، وبالتالي فإن الدولة الأنجولية لم تتم بعد تحقيق إمكاناتها التنموية في الداخل، ناهيك عن لعبها دورا هاما في الخارج، نظرا للجوانب المعقدة الإقليمية والدولية للصراع في أنجولا، وفى المقابل استخدمت حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا السياسة الخارجية كأداة مهمة للمساعدة في تعزيز الأمن الداخلي، وبشكل أكثر تحديدا، فقد ركزت سياسة أنجولا الخارجية منذ استقلالها على المساعدة في سرعة انهيار الأنظمة غير الصديقة في المنطقة – مثل الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وزائير موبوتو – التي وفرت الدعم والملاذ ليونيتا، حيث كانت المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار الداخلي.
ولمزيد من حدوث الإحباط للحركة الشعبية لتحرير أنجولا، فإن التغييرات الأساسية التي ساعدت على إحداثها في المنطقة لم تؤدِ لبدء عصر جديد للسلام في أنجولا، وفي الواقع الصراع العنيف في البلاد لا يبدو له نهاية في الأفق، وأوضح هذا البحث أن حكومة الحركة الشعبية لتحرير أنجولا بالغت في العلاقة بين التغيرات الإقليمية – إلا الأساسية – والأمن الداخلي، على الرغم من أن الأنظمة الصديقة في المنطقة قد توفر لأنجولا بيئة خارجية مواتية لمعالجة مشاكلها الداخلية الصعبة، وهذا ليس شرطا كافيا لتحقيق المصالحة والسلام في الداخل، حيث يتطلب السلام الداخلي أكثر من ذلك، بما في ذلك وجود نظام سياسي شامل مع مساحة أكبر ودور أكبر للمجتمع المدني، وإعادة إرساء سيادة القانون، والاستخدام المسئول للمساءلة على الموارد الطبيعية للبلاد، وخاصة النفط والماس.
في حين أن الخسائر البشرية والمادية التي تكبدتها أنجولا خلال الحرب الأهلية لا تزال تؤثر على حياة الدولة لعدة عقود قادمة، ولذلك لابد من إعادة صياغة سياسة أنجولا الخارجية كأداة لمساعدة الدولة على إعادة هيكلة نفسها، وكخطوة أولى للمشاركة في نهاية المطاف في كل من الشئون الإقليمية والدولية، وبالنسبة لأنجولا فعملية إعادة التشكيل يمكن تحقيقها بشكل أفضل من خلال مشاركة دبلوماسية واقتصادية أكبر على المستوى الإقليمي، وعلى وجه الخصوص، يجب أن تستفيد أنجولا من تجربة البلدان الأخرى في المنطقة – مثل جنوب أفريقيا وموزمبيق – التي وجدت وسائل للتغلب على ميراث سنوات عديدة من الصراع الداخلي.
[1] Angola: Country Facts , ” Angola Geography ” , at:
http://www.factrover.com/geography/Angola_geography.html
[2] Idem.
[3] Country of Origin Information Report ( London : Uk Border Agency , September 2010 ) , p. 44.
[4] Idem.
[5] Assis Malaquias , ” Angola’s Foreign Policy Since Independence: The Search for Domestic Security”, African Security Review ( Canton, New York : Department of Government St Lawrence University, Vol. 9 , No. 3 , 2000 ) p.2.
[6] E. Ike Udogu , Leadership and the Problem of Electoral Democracy in Africa: Case Studies and Theoretical Solutions ( Cambridge : Cambridge Scholars Publishing , 2016 ) p. 164.
[7] عز الدين شكري ، ” انسحاب القوات الكوبية ومستقبل الصراع في أنجولا ” ، الأهرام الرقمي ، علي:
http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=216610&eid=4268
[8] المرجع نفسه.
[9] Malaquias Assis, op. cit. p.2.
[10] Ibid. , pp.2 – 3.
[11] Angola: Country Facts , ” Angola Economy ” , at: http://www.factrover.com/economy/Angola_economy.html
[12] Idem.
[13] Global Security , “Angolan Armed Forces ” , 23 – 8 – 2013 , at:
https://www.globalsecurity.org/military/world/angola/army.htm
[14] Defence Web , “Angolan Armed Forces ” , 5 – 2 – 2013 , at:
[15] Idem.
[16] Ibid. , pp. 3 – 4.
[17] Malaquias Assis, op, cit. , p.3.
; Brian Bissonnette , The Angolan Proxy War: A Study of Foreign Intervention and its Impact on War Fighting , Master These ( Fort Leavenworth, Kansas : ( USA ) , Faculty of the US Arm Command and General Staff , 2008 ) , p. 58.
[18] Malaquias Assis, op, cit. , p.
* جمهورية الكونغو الديمقراطية، كانت تسمى “زائير” بين عامي 1971 و 1997، وهي دولة في وسط أفريقيا، تدعى أحيانا “بالكونغو-كينشاسا” نسبة إلى عاصمتها لتمييزها عن جمهورية الكونغو التي تسمى أحيانا “الكونغو-برازافيل”.
[19] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[20] Assis Malaquias , Angola’s External Outlook: Pragmatism and Dissonance , Working Paper Presented at a Conference on ‘The EU and Africa: Looking for Strategic Partnerships’ , op, cit. , pp. 6 – 7.
[21] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[22] Malaquias Assis, op, cit. , pp. 4 – 5.
[23] مقاتل من الصحراء ، م.س.ذ. ، علي:
http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/War- Angula/sec05.doc_cvt.htm
[24] عز الدين شكري ، م.س.ذ ، علي:
http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=216610&eid=4268
[25] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[26] Sabelo J. Ndlovu-Gatsheni , ” Angola–Zimbabwe Relations: A Study in the Search for Regional Alliances ” , in Stephen Chan and Ranka Primorac ( eds. ) Zimbabwe Since the Unity Government ( New York : Routledge , 2013 ) , p. 35
[27] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[28] Assis Malaquias , Angola’s External Outlook: Pragmatism and Dissonance , Working Paper Presented at a Conference on ‘The EU and Africa: Looking for Strategic Partnerships’ ( Lisboa ( Portugal ) : University NOVA de Lisboa , Instituto Português de Relações Internacionais , November 2007 ) , pp. 5 – 6.
* بيسيس، تقع غي ضواحي لشبونة، حيث من خلالها تم التوقيع على اتفاق السلام.
[29] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[30] عز الدين شكري ، م.س.ذ ، علي:
http://ahramonline.org.eg/articles.aspx?Serial=216610&eid=4268
[31] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[32] C Crocker, High Noon in Southern Africa: Making Peace in a Rough Neighborhood, WW Norton, New York, 1992, pp. , 506-511.
[33] Sean Cleary , Angola – Acase study of private military involvement , in Jakkie Cilliers and Peggy Mason (eds.) , Peace, Profit or Plunder? The Privatisation of Security in War-torn African Societies ( Pretoria : Institute for Security Studies , January 1999 ) , P.
[34] Malaquias Assis, op. cit. , p.
[35] Malaquias Assis, op, cit. , p.
[36] S. Neil MacFarlane , Soviet-Angolan Relations, 1975-1990 , National Council for Soviet and East European Research Occasional Paper ( Berkeley : University of California , Center for Slavic and East European Studies , 1992 ) , p. 30.
[37] Malaquias Assis, op. cit. , p. ; Alan Riding , ” Angola and Rebels Sign Pact Ending 16-Year War ” , 1 – 1 – 1991 , at:
http://www.nytimes.com/1991/06/01/world/angola-and-rebels-sign-pact-ending-16-year-war.html
[38] Malaquias Assis, op. cit. , p.
[39] Malaquias Assis, op. cit. , p.
[40] Malaquias Assis, op. cit. , p.11.
[41] Ann Talbot , ” The Angolan Civil War and US Foreign Policy ” , 13 – 4 – 2002 , at:
https://www.globalpolicy.org/component/content/article/155/25956.html
[42] Malaquias Assis, op. cit. , pp.11 – 12.
[43] Malaquias Assis, op. cit. , pp.11 – 12.
[44] Hanson Stephanie, ” Angola’s Political and Economic Development ” , 21- 7 – 2008 , at:
http://www.cfr.org/economics/angolas-political-economic-development/p16820
[45] Malaquias Assis, op. cit. , p.
[46] Malaquias Assis, op, cit. , p.13.