
تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب
– دراسة ميدانية بمدينة ورقلة-
د. محمدي فوزية/جامعة ورقلة، الجزائر أ.خدة فاطمة الزهراء/جامعة ورقلة، الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 40 الصفحة 47.
ملخص:هدفنا من خلال الدراسة الحالية إلى البحث عن طبيعة تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى عينة من الشباب، وكذا الكشف عن الاختلاف في هذا التأثير تبعا لمتغيري السن والجنس. انتهجنا المنهج الوصفي الاستكشافي واستخدمنا استمارة تم تصميمها لغرض إجراء الدراسة التطبيقية. ومن خلال النتائج المتحصل عليها تبين أن طبيعة تأثير العنف الالكتروني الممارس في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية سلبي، كما تبين أن طبيعة هذا التأثير لا تختلف باختلاف الجنس ولا تختلف باختلاف السن.
الكلمات المفتاحية: العنف الالكتروني، مواقع التواصل الاجتماعي، العلاقات الاجتماعية
مقدمة:
تعد العلاقات الاجتماعية نسيجا ورابطا قويا ومعقدا، إذ يستحيل على البشر العيش في عزلة دون تواصل وعلاقات متبادلة بينهم، وفي كثير من الأحيان تصبح هذه العلاقات معقدة أو سلبية بحيث لا تحقق للأفراد ما يطمحون إليه من ألفة وتعايش ومحبة تنشأ من خلالها، إذ يتأثر هذا النسيج الاجتماعي بعوامل عديدة لعل أخطرها ما أفرزته تكنولوجيا العصر الحديث من وسائل تواصل افتراضية فرضت على الإنسان أن يتفاعل مع الآخر بطرق غير مألوفة، ويجني ثمار هذا التواصل الجديد بإيجابياته وسلبياته. وحينما مست الجريمة هذه المواقع وبدأ العنف بأشكاله يتغلغل فيها أضحت خطورتها واضحة للعيان وخاصة أن أول أضرار هذا العنف لمست جانب العلاقات الاجتماعية رغم أن هذه المواقع هدفها الأساسي بناء وتوطيد واستمرار هذه العلاقات، وبالتالي اختلطت الأهداف مع الواقع المر وأصبحنا في مفترق طرق بين العنف الواقعي والعنف الإلكتروني أو الافتراضي، وبين العلاقات الاجتماعية التي نأمل بنجاحها لكن نصطدم بفشلها جراء التطور التكنولوجي حتى في مجال العنف.
- إشكالية الدراسة وتساؤلاتها:
قـد كانـت جرائم العنف التقليدية لا تترك آثارا اجتماعية سيئة إلى هذه الدرجـة كما هو الحال الآن. ولربما أن الأنماط الحديثة أو الأسـاليب الحديثة بـل والجماعية في ارتكاب بعض جرائم العنف، زيـادة على ثورة الاتصالات والمعلومات وانتشار الفضائيات جعلت أخبار هذه الجرائم تصل بسرعة غير عادية لكل منزل ولكل فرد في وقت وجيز بصورتها الحقيقية. وربما كان عدم توفـر البيانـات والمعلومات والإحصائيات يجعل مثل هـذه الجرائم لا تحظى بالاهتمام الكافي بها. وهنالك مؤشرات على ارتفاع جرائم العنف في الوطن العربي. فإحصائيات الكثيـر مـن الدول رغم ما يمكن أن يشـوبها من قصـور كباقي الإحصائيات في كل العالم تشيـر إلى ارتفاع في جرائم العنف. كما أن الفضائيات ووسـائل الإعلام تشير إلى أنماط متجددة في جرائم العنف حتى ولو في الأسلوب.[1]
وحينما انتقل العنف من الواقع الحقيقي المعاش إلى الواقع الإفتراضي الذي أنتجته العولمة والتكنولوجيا الحديثة، أصبح له ملامح وأساليب أخرى وأنواع جديدة، فرضها هذا الفضاء من خلال خصائصه التي تسمح لمرتكبي العنف بالنفاذ من جرائمهم دون أي عقاب، كما تجعل من ارتكابه عملية سهلة لا تحتوي على خطورة كبيرة.
وقد أفضى التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال الالكتروني في نهاية القرن الآفل وبداية القرن الحالي، إلى إنتاج وسائل الكترونية حديثة في التواصل الاجتماعي عملت على إحداث تغيير في علاقات الناس الاجتماعية وأشكال تفاعلهم وأساليب تواصلهم. وتأتي الانترنت في مقدمة هذه الوسائل دون منافس، إذ عملت أكثر من أي وسيلة من هذه الوسائل على إحداث تغييرات جذرية في بنية العلاقات الاجتماعية بين الناس، لا يعادلها في قوتها سوى تلك التي أحدثها الهاتف في مطلع القرن العشرين، وتلك التي أحدثها التلفزيون في مطلع الخمسينيات والستينيات.[2]
وتعتبر مواقع التواصل الإلكترونية هي الأكثر انتشارا على شبكة الإنترنت لما تمتلكه من خصائص تميزها عن المواقع الإلكترونية الأخرى، مما شجع متصفحي الإنترنت من كافة أنحاء العالم على الإقبال المتزايد عليها بالرغم من الإنتقادات الشديدة التي تتعرض لها الشبكات الاجتماعية على الدوام، من تلك الإنتقادات التأثير السلبي والمباشر على المجتمع الأسري وتفككه. [3] ففي دراسة “ديماغيو” وزملائه عن الدلالات الاجتماعية للانترنت، حيث قام هؤلاء الباحثون بمراجعة مستفيضة للدراسات التي تناولت الانترنت من منظور اجتماعي. وقد تبين لهم من خلال هذه المراجعة أن عدد الدراسات التي توصل أصحابها إلى وجود تأثيرات اجتماعية سلبية للانترنت في حياة الأفراد الاجتماعية أكثر من تلك التي تؤكد التأثير الايجابي له في حياته.[4]
وقد أظهرت نتائج دراسة “ميشيل فانسون” (2010) حول أثر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية، أن أكثر من نصف الأشخاص البالغين الذين يستخدمون مواقع من بينها الفيسبوك وبيبو ويوتيوب، قد اعترفوا بأنهم يقضون وقتا أطول على شبكة الإنترنت من ذلك الوقت الذي يقضونه مع أصدقائهم الحقيقيين أو مع أفراد أسرهم.[5] ولا شك أن العنف الممارس عبر هذه المواقع سواء كان لفظيا أو باستخدام الصور ومقاطع الفيديو أو غيرها إلا ويحمل انعكاسات سلبية على تفاعل الأفراد وارتباطاتهم المتبادلة بسبب ما ينتج عنه من انفعالات سيئة كالقلق وعدم الشعور بالأمن والإحباط. وفي ضوء ما تم التطرق إليه، تسعى هذه الدراسة للكشف عن أثر العنف الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى عينة من الشباب، ولتحقيق هدف الدراسة تم طرح التساؤلات التالية:
- ما طبيعة تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب ؟
- هل يختلف تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف الجنس؟
- هل يختلف تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف السن؟
- فرضيات الدراسة :
- تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب سلبي.
- يختلف تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف الجنس .
- يختلف تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف السن .
- أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى البحث عن طبيعة تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب، والكشف عن الاختلاف في تأثير العنف الالكتروني على الشباب باختلاف الجنس و باختلاف السن.
- أهمية الدراسة :
تكمن أهمية الدراسة في الاهتمام بموضوع العنف الالكتروني، ذلك أن امتلاك الوسائل الالكترونية ومسايرة التكنولوجيا أصبحت محل اهتمام أغلب أفراد المجتمع باختلاف مستواهم التعليمي، وباختلاف أعمارهم من الأطفال، الشباب، الراشدين، النساء والرجال، كل يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي حسب اهتماماته. فالتكنولوجيا حولت العالم إلى قرية صغيرة وأصبحت العلاقات الاجتماعية افتراضية من كل أنحاء العالم وباختلاف القيم، والعادات والتقاليد، فبالرغم من ايجابيات التكنولوجيا الحديثة وسرعة وصول المعلومة، الاطلاع على كل جديد، والتنوع في المعلومات إلا أن لها سلبيات تنعكس على الفرد نفسيا واجتماعيا ومن هذه الظواهر العنف النفسي الالكتروني من طرف أشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي ، وبالتالي فالدراسة الحالية تسلط الضوء على هذه الظاهرة لمعرفة طبيعة تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب .
- التعاريف الإجرائية :
العنف الإلكتروني: أو ما يسمى بالعف التقني أو العنف الرقمي، ويعرف بأنه العنف الذي يمارس من خلال مواقع الصحف الإلكترونية، واستخدام كاميرات الموبايل، والبلوتوث، والتسجيلات الصوتية، بالإضافة لاختراق الخصوصيات عبر مواقع الإنترنت، بهدف إيقاع الأذى بالآخرين.[6]
ونعرفه إجرائيا في الدراسة الحالية بأنه: هو كل إيذاء مادي أو معنوي يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الشباب من سب ، شتم ، تهديد ، صور، فيديو ، تسبب تأثيرات نفسية غير مرغوبة لدى المتلقي.
مواقع التواصل الاجتماعي: منظومة من الشبكات الإلكترونية التي تسمح للمشترك فيها بإنشاء موقع خاص به، ومن ثم ربطه من خلال نظام اجتماعي إلكتروني مع أعضاء آخرين لديهم الاهتمامات والهوايات نفسها أو جمعه مع أصدقاء الجامعة أو الثانوية. [7]
العلاقات الاجتماعية: يعرفها “إبراهيم عثمان” بأنها صورة من صور التفاعل الاجتماعي بين طرفين أو أكثر بحيث تكون لدى كل طرف صورة عن الآخر والتي تؤثر سلبا أو إيجابا على حكم كل منهما للآخر، ومن صور هذه العلاقات الصداقة والروابط الأسرية والقرابة وزمالة العمل والمعارف والأصدقاء.[8]
- حدود الدراسة:
تمثت حدود الدراسة بشريا في عينة من الشباب الجامعي، وزمانيا تم إجراء الدراسة الميدانية خلال السنة الجامعية 2016/2017 ، أما مكانيا فأجريت الدراسة بمدينة ورقلة بالجزائر.
- إجراءات الدراسة الميدانية :
المنهج المستخدم: بغية استكشاف واقع الظاهرة ووصفها وتفسير نتائجها ذلك أن الدراسة تهدف إلى البحث عن طبيعة تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب والاختلاف في هذا التأثير باختلاف الجنس والسن ، إذن تم استخدام المنهج الوصفي الاستكشافي الذي يلائم الدراسة .
عينة الدراسة:
تتمثل العينة في مجموعة من الشباب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تم اختيارهم بطريقة عشوائية بسيطة ويقدر عددهم ب (77) فردا ذوي مستوى تعليمي جامعي ويختلفون من حيث الجنس والسن.
حيث بلغ عدد الذكور (16) طالبا جامعيا، أما عدد الإناث فبلغ (61) طالبة، ومتوسط السن لديهم (22) سنة. حيث بلغ عدد الأفراد الأقل من (22) سنة، (22) طالبا. في حين بلغ عدد ممن هم فوق (22) سنة (55) طالبا.
أداة الدراسة :
تم تصميم أداة للدراسة لقياس تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب تتكون من (13) فقرة مغلقة بدائل الاجابة : نعم _ لا ، أما طريقة تصحيح الاستمارة فقد تم إعطاء الدرجة (02) عندما يجيب الشاب بنعم ، والدرجة (01) عندما يجيب بلا .
الخصائص السيكومترية للأداة:
تم تطبيق الاستمارة على عينة الدراسة الاستطلاعية المتكونة من (30) شابا، وقد قمنا بحساب صدق الاستمارة بطريقة المقارنة الطرفية، أما الثبات فتحصلنا عليه من خلال طريقة التجزئة النصفية وطريقة الاتساق الداخلي وفق معادلة ألفا كرونباخ. والجدول التالي يوضح النتائج المتحصل عليها:
الجدول رقم ( 01) يوضح الخصائص السيكومترية لأداة الدراسة
العينة | صدق المقارنة الطرفية | ثبات التجزئة النصفية | ثبات الفا كرومباخ |
30 | ت = 8،19sig =0،00 دالة | 0،84 | 0،81 |
يلاحظ من خلال الجدول رقم (01) أعلاه أن أداة الدراسة المتمثلة في استبيان تأثير العنف الإلكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب حصلت على قدر جيد من الصدق و الثبات مما يسمح باستخدامها في الدراسة الأساسية.
الأساليب الإحصائية:
استعنا بالحقيبة الإحصائية لتحليل البيانات في العلوم الاجتماعية (spss 19) واستعملنا الوسائل الإحصائية التالية: المتوسط الحسابي، الانحراف المعياري، اختبار “ت” لدلالة الفروق بين العينات المستقلة، معامل ألفا كرونباخ للإتساق الداخلي، التكرارات، النسب المئوية.
عرض وتفسير نتائج الدراسة :
عرض وتفسير نتائج الفرضية الأولى :
نص الفرضية: تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب سلبي.
من خلال إجابة عينة الدراسة المقدر عددهم بـ (77) شابا من الطلبة الجامعيين على فقرات الاستبيان المتمثلة في مظاهر العنف الالكتروني بكل صوره مثل : التعرض للسب من أحد الأصدقاء ، الغضب ، والتوبيخ والتعرض للتهديد، والاستغلال والاستفزاز بالصور الشخصية والتعرض للعنف اللفظي بالسب والشتم، والشجار بين الأصدقاء ، و المشاكل وخسارة الأصدقاء وإرسال الصور التي تخدش الحياء ، التعرض للمخاطر ، وانقطاع العلاقات الاجتماعية لأفراد العائلة والأهل والأصدقاء المقربين هذا مجمل ما احتواه استبيان الدراسة.
لقد تم حساب النسب المئوية لفقرات الأداة من خلال ما يلي:
مجموع تكرار “نعم” لكل فقرة / الحجم الكلي للعينة (77 فرد) x 100
مجموع تكرار “لا” لكل فقرة / الحجم الكلي للعينة (77 فرد) x 100
والنتائج موضحة في الجدول التالي :
الجدول رقم ( 02 ) يوضح طبيعة تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب
الرقم | العبارة | النسبة المئوية | |
نعم | لا | ||
01 | تعرضت للسب من أحد أصدقائك في الفيس بوك | 22،07 % | 77،92% |
02 | غضبت لدرجة قمت بتوبيخ أحد أصدقائك في النت. | 35،06% | 64،93% |
03 | تعرضت لتهديد في الفيس بوك | 12،98% | 87،01% |
04 | تم استغلال صورك في الفيس بوك | 7،79% | 92،20% |
05 | تعرضت لعنف لفظي في الفيس بوك | 18،18% | 81،81% |
06 | صار شجار بينك وبين أحد أصدقائك في الفيس بوك | 48،05% | 51،94% |
07 | خسرت أحد أصدقائك في الفيس بوك | 25،97% | 74،02% |
08 | الفيس بوك سبب لك مشاكل مع أصدقائك أو عائلتك | 16،88% | 83،11% |
09 | وصلتك صور تخدش الحياء في الفيس بوك | 45،45% | 54،54% |
10 | وصلتك صور سب وشتم في الفيس بوك | 24.67% | 75،32% |
11 | تعرضت لمخاطر في فيس بوك | 10،38% | 89،61% |
12 | انقطعت علاقتك بأحد أفراد العائلة والاهل المقربين من جراء الفيس بوك | 7،79% | 92،20% |
13 | انقطعت بعض من صداقتك من جراء الفيس بوك | 15،58% | 84،41% |
نظرا لأن فقرات الاستبيان تعبر عن مظاهر العنف الالكتروني لذلك تم التركيز على نسب القبول والإيجاب للبديل “نعم” ، لأن البديل “لا” يعبر عن عدم وجود العنف الالكتروني. لذلك فإن ترتيب النسب من أكبر نسبة مئوية إلى أصغر نسبة لمجمل العينة الذين أجابوا بنعم كالآتي : إن أكبر نسبة مئوية و الرتبة الأولى للسؤال
” صار شجار بينك وبين أحد أصدقائك في الفيس بوك ” حيث قدرت نسبة ممن أجابوا بنعم 48،05% من العينة . كما هو موضح في الجدول للفقرة رقم 06.
ويمكن تفسير ذلك أن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة اتصال يتم التعارف فيها على أشخاص وأصدقاء افتراضيين ، والمتلقي قد يكون لا يعرف هذا الصديق ، لم يره ، وبعيد عن محيطه ومجتمعه وعاداته وتقاليده ، قد يكون بحساب مزور ، قد ينتحل صفة ، أو حتى اسمه مستعار وبالتالي الاختلاف في وجهات النظر مع القلق وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي وصعوبة وصول هذا المتلقي له أو معرفته لذلك قد يحدث الشجار لأسباب كثيرة وللاختلاف في وجهات النظر أو قد يكون تعبيرا عن ممارسة عنف لفظي.
وبالتالي فإن عبارة ” صار شجار بينك وبين أحد أصدقائك في الفيس بوك ” حصلت على أكبر نسبة مئوية ممن أجابوا بنعم على السؤال أي بنسبة 48،05% من ضمن المجموع الكلي لعينة الدراسة .
الرتبة الثانية لترتيب النسب المئوية للذين أجابوا بنعم كانت للسؤال “وصلتك صور تخدش الحياء في الفيس بوك ” حيث قدرة النسبة المئوية للإجابة بنعم بــ 45،45% لمجمل عينة الدراسة .
حيث يتبادل أصدقاء الفيس بوك صورا باختلاف توجهاتهم ، واهتماماتهم ومستوياتهم العمرية والدراسية ، ولكن قد يحدث أن تكون صور غير لائقة تخدش الحياء ، وهذا ما عبر عنه عينة الدراسة بنسبة 45،45 % ” أنهم وصلتهم صور تخدش الحياء في الفيس بوك ” والذي يعتبر عنف رمزي يتسبب في اشمئزاز المتلقي أو قد يتسبب في الغضب والشجار .
أما الرتبة الثالثة فكانت للسؤال ” غضبت لدرجة قمت بتوبيخ أحد أصدقائك في النت” حيث قدرت النسبة بــ35،06% لمجمل عينة الدراسة.
إن نتيجة الشجار أو وصول صور غير محتشمة هو الغضب وهذا ما يعتبر استجابة وردة فعل للعنف ، لكن في بعض الأحيان قد يكون الغضب والتوبيخ بسبب أسباب نفسية اجتماعية أو ضغوط فيلجأ للغضب والتوبيخ كتنفيس لمشاكل قد يعاني منها الفرد .
أما النسبة المئوية في المرتبة الرابعة كانت للسؤال ” خسرت أحد أصدقائك في الفيس بوك” حيث أجاب ما نسبته 25،97% من العينة بنعم .
قد تكون نتيجة الغضب والتوبيخ هو خسران الأصدقاء ويكون التأثير على العلاقات الاجتماعية سلبي ، ومن بين هذه الآثار السلبية المتمثلة في انقطاع علاقة الصداقة من جراء العنف الالكتروني من شجار وغضب وتوبيخ والذي يعتبر كأشكال للعنف اللفظي .
وتأتي الرتبة الخامسة للسؤال ” وصلتك صور سب وشتم في الفيس بوك ” التي أجاب عنها بنعم ما نسبته 24،67% من مجمل العينة الكلي . العنف اللفظي المتمثل في السب والشتم وتبادل الصور التي تعبر عن ذلك .
الرتبة السادسة ” تعرضت لعنف لفظي في الفيس بوك ” بنسبة مئوية قدرت بــ 18،18% والتي تعبر عن العنف اللفظي الصريح من خلال الدردشة .
مما سبق ذكره من نسب مئوية مرتفعة تعبر عن تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب نستنج أن طبيعة هذا التأثير سلبي.
عرض وتفسير نتائج الفرضية الثانية :
نص الفرضية: يختلف تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف الجنس .
للتحقق من الفرضية قمنا بحساب الفروق بين الذكور والإناث في إجاباتهم على عبارات الاستبيان باستخدام اختبار “ت” لدلالة الفروق بين عينتين مستقلتين والنتائج يوضحها الجدول التالي:
الجدول رقم ( 03 ) يوضح نتائج الفروق في تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف الجنس .
العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | ت المحسوبة | قيمة sig | القرار |
من خلال الجدول رقم (03) أعلاه وبما أن قيمة “ت” المحسوبة تقدر بـ 0،09 وقيمة sig تساوي 0.46 فهي أكبر من 0،05 إذن قيمة “ت” غير دالة ونتيجة الفرضية هي تجانس عينة الدراسة في طبيعة التأثير السلبي للعنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية وأن هذا التأثير السلبي لا يختلف باختلاف الجنس ذكور أو إناث. وبإمكاننا إرجاع هذه النتيجة إلى أن كلا الجنسين يستعملان مواقع التواصل الاجتماعي بنفس الدرجة لما تختص به هذه المواقع من جذب ومن انفعالات ممتعة وشروط استعمال سهلة تجعل أي شخص يقبل عليها. وبالتالي فكلا الجنسين معرضين للعنف الإلكتروني خلال تعاملهم مع هذه المواقع ومن شأن هذا العنف أن يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية.
عرض وتفسير نتائج الفرضية الثالثة :
نص الفرضية: يختلف تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف السن .(أقل أو أكبر من 22 سنة ) المتوسط الحسابي للسن 22.
الجدول رقم ( 04 ) يوضح نتائج الفروق في تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب باختلاف السن.
العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | ت المحسوبة | قيمة sig | القرار |
من خلال الجدول رقم (04) أعلاه وبما أن قيمة “ت” المحسوبة تقدر بـ 1،35 وقيمة sig تساوي 0،17 فهي أكبر من 0،05 إذن قيمة “ت” غير دالة ونتيجة الفرضية هي تجانس عينة الدراسة في طبيعة التأثير السلبي للعنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية وأن هذا التأثير السلبي لا يختلف باختلاف السن أقل من (22) سنة أو أكبر من (22) سنة . ونعزو هذه النتيجة إلى أن السن لا يعد عاملا مهما في تأثير العنف الإلكتروني على العلاقات الاجتماعية لأن هذا التأثير قد يختلف باختلاف عوامل ومتغيرات أخرى غير السن. فالعنف الإلكتروني الممارس من خلال هذه المواقع يحمل نفس الانفعالات السيئة للمراهقين والشباب أو للكبار على حد سواء.
خلاصة واقتراحات:
هدفت الدراسة إلى البحث عن تأثير العنف الالكتروني في مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية لدى الشباب، ومن خلال نتائج الدراسة فإن طبيعة تأثير العنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية سلبي ، وطبيعة هذا التأثير السلبي للعنف الالكتروني على العلاقات الاجتماعية لا تختلف باختلاف جنس الشاب أو سنه . وختاما نقدم الاقتراحات التالية:
_ إرشاد الشباب إلى أن يتحلى بالاحترام وتبادل وجهات النظر بإيجابية، والتحكم في انفعالاته، وتقبل الرأي والرأي الآخر في مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها في الأمور المفيدة.
_ توعية الأولياء بضرورة مراقبة ومتابعة أبناءهم على مواقع التواصل الاجتماعي كإجراء فعال لحمايتهم ووقايتهم من العنف الإلكتروني.
قائمة المراجع:
- حسني عوض (2011)، أثر مواقع التواصل الاجتماعي في تنمية المسؤولية المجتمعية لدى الشباب، جامعة القدس المفتوحة
- حلمي خضر ساري (2008)، تأثير الاتصال عبر الانترنت في العلاقات الاجتماعية ( دراسة ميدانية في المجتمع القطري)، مجلة جامعة دمشق، المجلد 24، العدد الأول والثاني.
- داماني بيجال (2011)، العنف الرقمي: كيف نحمي أبناءنا منه؟ (ترجمة: عمر خليفة)، بوابة مكتب التربية العربي لدول الخليج.
- راضي زاهر (2003)، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، مجلة التربية، عدد 15، جامعة عمان الأهلية، عمان.
- عباس أبو شامة عبد المحمود (2012)، جرائم العنف وأساليب مواجهتها في الدول العربية، الطبعة 1، الرياض، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
- عثمان إبراهيم (2004)، مقدمة علم الاجتماع، عمان، دار الشروق للنشر والتوزيع.
- محمد المنصور (2012)، تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على جمهور المتلقين دراسة مقارنة للمواقع الاجتماعية والمواقع الالكترونية، رسالة ماجستير غير منشورة، الأكاديمية العربية المفتوحة، الدانمارك.
[1] عباس أبو شامة عبد المحمود (2012)، جرائم العنف وأساليب مواجهتها في الدول العربية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، مركز الدراسات والبحوث، الطبعة 1، الرياض، ص 11-12
[2] حلمي خضر ساري (2008)، تأثير الاتصال عبر الانترنت في العلاقات الاجتماعية ( دراسة ميدانية في المجتمع القطري)، مجلة جامعة دمشق، المجلد 24، العدد الأول والثاني، ص 297
[3] محمد المنصور (2012)، تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على جمهور المتلقين دراسة مقارنة للمواقع الاجتماعية والمواقع الالكترونية، رسالة ماجستير غير منشورة، الأكاديمية العربية المفتوحة، الدانمارك، ص 22-23
حلمي خضر ساري، مرجع سبق ذكره، ص 302[4]
[5] حسني عوض (2011)، أثر مواقع التواصل الاجتماعي في تنمية المسؤولية المجتمعية لدى الشباب، جامعة القدس المفتوحة، ص 11
[6] داماني بيجال (2011)، العنف الرقمي: كيف نحمي أبناءنا منه؟ (ترجمة: عمر خليفة)، بوابة مكتب التربية العربي لدول الخليج.
[7] راضي زاهر (2003)، استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، مجلة التربية، عدد 15، جامعة عمان الأهلية ، عمان، ص 23.
[8] عثمان إبراهيم (2004)، مقدمة علم الاجتماع، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، ص 27.