
دراسة تقييمية للشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية وانعكاساتها على الاقتصاد الجزائري (2005 الى 2014)
ولد بومعزة صونيا/ طالبة دكتوراه الطور الثالث، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدوليةجامعة الجزائر 3 .
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 15 الصفحة 31.
Abstract :
Evaluation Study of The Algerian-European union Economic Partnership and its impact on the Algerian Economy 2005/2014.
This article is devoted for the Algerian-European union Economic Partnership and its impact on the Algerian Economy from 2005 to 2014, the starting point was from the signature of the partnership agreement by Algeria on 22 april 2002 and entered into force in the light of september 2005.
The Algeria- EU Partnership Agreement, mentioning that since the independence, the Algerian economy has been associated with the European economy (cooperation treaty with the European Economic Community for three decades the sixties, seventies, eighties).After,it developed to a lasting partnership with the Barcelona Declaration in 1995, it represented the European Union New Strategy toward the southern bank of the Mediterranean, which had became a framework governing the bilateral relations between the two parties, also identified the major axes of cooperation between the EU and Algeria in the political, economic, social and cultural spheres .The focus on the economic apartment to establish a free trade zone between Algeria and the European Union in 2017, and prospects has been extended to the year 2020 and through the implementation of the process of dismantling tariffs gradually between the two parties.
Key words: The Algerian European Partnership, Algerian economy, Reflections.
ملخص :
يتناول هذا المقال الشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية وانعكاساتها على الاقتصاد الجزائري في الفترة الممتدة من2005 إلى 2014، بحيث تم التوقيع على اتفاق الشراكة من طرف الجزائر في 22 افريل 2002 ودخل حيز التنفيذ في الفاتح من سبتمبر 2005.
فمنذ الاستقلال، ارتبط الاقتصاد الجزائري بالاقتصاد الأوروبي باتفاقية التعاون الاقتصادي مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية لمدة ثلاث عقود ( الستينات، السبعينات، الثمانينات)، لتتحول إلى شراكة دائمة بعد إعلان برشلونة في1995 ، الذي يطرح استراتيجة الاتحاد الأوروبي الجديدة تجاه الضفة الجنوبية لحوض المتوسط الذي أصبح يشكل الإطار الذي ينظم العلاقات الثنائية بين الطرفين، كما حدد المحاور الكبرى للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والجزائر في المجال السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي، كما يركز في شقه الاقتصادي إلى إقامة منطقة للتبادل الحر بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في آفاق 2017 والذي تم تمديده إلى سنة 2020 للتمكن من عملية تفكيك الرسوم الجمركية بصفة تدريجية بين الطرفين.
الكلمات المفتاحية : الشراكة الأوروبية – جزائرية، الاقتصاد الجزائري، انعكاسات.
مقدمة :
يشهد العالم تحولات و تطورات متداخلة تعود أساسا إلى عملية مركبة لها أبعاد و مظاهر اقتصادية و سياسية واجتماعية وثقافية وتكنولوجيا.
ولعل من أهم ملامح وآثار هذه التحولات، التوجه المتزايد نحو تطبيق ميكانيزمات اقتصاد السوق في معظم دول العالم، والمشروعات المتزايدة لتكوين تجمعات اقتصادية إقليمية ودولية. وهذا ما دفع الدول المتوسطية النامية وفي مقدمتها الجزائر، للدخول في فضاء اقتصادي جديد، هو فضاء الشراكة الأورو- متوسطية، الذي أملته عولمة الاقتصاد العالمي وشموليته.
يمثل توقيع الجزائر على اتفاق الشراكة الأورو- متوسطي مع الاتحاد الأوروبي في أفريل 2002، والذي دخل حيز التنفيذ في الفاتح من سبتمبر 2005، حدثا مهما سيكون من أهم نتائجه رفع الحواجز الجمركية و غير الجمركية وفتح السوق الجزائرية تدريجيا في وجه المؤسسات الأوروبية. و في هذا السياق نطرح الإشكالية التالية : “ما هي تداعيات اتفاقية الشراكة الأورو- متوسطية الموقعة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الجزائري؟”.
مما سبق يمكن طرح التساؤلات التالية :
- ما هي مكاسب الجزائر من وراء الشراكة الأوروبية لصالح الاقتصاد الجزائري؟
- هل يستطيع الاقتصاد الجزائري الاستفادة من مزايا عقد الشراكة المبرة بين الاتحاد الأوروبي؟
يهدف هذا المقال إلى دراسة آثار الشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية على الاقتصاد الجزائري و إبراز أهمية الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي بالنسبة للاقتصاد الوطني و تسليط الضوء على الآثار الناجمة عن هذه الشراكة.
و من اجل ذلك سوف تتم معالجتنا من خلال النقاط التالية :
- مفهوم الشراكة
- الشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية
- تداعيات الشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية على الاقتصاد الجزائري.
1- مفهوم الشراكة :
تعتبر الشراكة من أهم المواضيع التي عرفتها التطورات الاقتصادية في العالم مؤخرا، في العديد من الدول النامية والجديد في الأمر أن الكثير من المؤسسات الدولية بدأت مؤخرا في اللجوء إلى الشراكة كشرط للحصول على المساعدات التقنية والاقتصادية، وتعود جذور الشراكة إلى مرحلة منتصف السبعينات حينما بدأت الدول الصناعية تعاني من التضخم المالي المرفق بالجمود الاقتصادي بسبب الانفجار الذي حدث في أسعار النفط الخام وذلك لأول مرة في تاريخ اقتصاد الدول الصناعية الحديثة .
تعريف الشراكة الأجنبية :
المدلول اللغوي :
هي مصدر الفعل شارك يشارك أي وقعت بينهما شراكة، و تعني اختلاط النصيبين بحيث لا يميز احد عن آخر .كما يعني نظام شراكة تجمع بين الشركاء الاجتماعين أو الاقتصاديين[1].
اتفاقية يلتزم بمقتضاها شخصان طبيعيان أو معنويان أو أكثر على المساهمة في مشروع مشترك بتقديم حصة من عمل أو مال بهدف اقتسام الربح الذي ينتج عنها أو بلوغ هدف اقتصادي ذو منفعة مشتركة كاحتكار السوق أو رفع مستوى المبيعات[2].
المدلول الاصطلاحي :
هناك عدة تعار يف للشراكة نذكر منه [3]
عرفها الدكتور محمد قويدري بأنها : ” إحدى الوسائل العلمية الفعالة لتدعيم المصالح الاقتصادية المتبادلة بين الدول المساهمة من خلال الاستغلال المشترك للإمكانيات والموارد المتاحة في هذه الدول كما أنها تمثل إحدى الوسائل الأساسية لتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي”.
كما عرفها الدكتور معين أمين : ” بأنها العلاقة المشتركة والقائمة على تحقيق المصالح المشتركة من جهة وتحديد مدى قدرات و مساهمات كل طرف من جهة أخرى للوصول إلى الغايات المنشودة والمتوقعة”.
نستنتج أن من الصعب إيجاد تعريف واحد للشراكة، و من هذا نستخلص أن الشراكة هي خلق علاقة بين متعاملين من خلال الجمع بينهم لوجود مصالح مختلفة حيث يساهم كل طرف منهم بما يقدر عليه من إمكانيات سواء كانت مادية أو معنوية لتحقيق نتائج تعود في النهاية بالنفع على كل طرف.
2 – الشراكة الاقتصادية الجزائرية – الأوروبية :
تميزت العلاقات الأورو-جزائرية بالارتباط، وهذا نظرا لوجود عوامل ساعدت على ذلك أهمها: العامل الجغرافي المتمثل في القرب بين الجزائر وأوروبا، والعوامل التاريخية والإنسانية ، ووجود جالية جزائرية كبيرة بعدة بلدان أوروبية. إضافة إلى العامل الاقتصادي، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي أول شريك اقتصادي للجزائر.
منذ الاستقلال ارتبط الاقتصاد الجزائري بالاقتصاد الأوروبي باتفاقية التعاون الاقتصادي لمدة ثلاث عقود ( الستينيات، السبعينيات و الثمانينات) لتتحول إلى شراكة دائمة بعد إعلان برشلونة في سنة 1995 الذي يطرح إستراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة اتجاه الضفة الجنوبية لحوض المتوسط. تعمل إلى تسهيل وتطوير الحوار بين مجتمعات ودول الضفتين. من هنا دخلت العلاقات الأوروبية-الجزائرية في ديناميكية جديدة من خلال صيغتها الثنائية والمتمثلة في عقد اتفاقيات شراكة بين الاتحاد الأوروبي و الجزائر.
وهي تختلف عن اتفاقيات التعاون السابقة، المبنية على مبادئ التفضيل التجاري والمساعدات المالية. فهذه الشراكة تعالج ثلاث مجالات هي: المجال السياسي والأمني، الاقتصادي والمالي، الاجتماعي والثقافي.
أولا- مسار مفاوضات الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي :
عبرت الجزائر دوما عن نيتها في توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وتجسيدا لتلك النية سعت دوما إلى تنشيط العلاقات المشتركة مع الاتحاد، سواء باستقبال أو ببعث وفود إلى هذا الأخير، واندرجت هذه البعثات في إطار التشاور الدائم بين الطرفين، في إطار الشراكة الأورو-متوسطية .
بدأت المفاوضات حول الشراكة الأورو-جزائرية بصفة رسمية في مارس 1997،[4] وامتدت إلى 17 جولة كانت تعقد بشكل متناوبا بين الجزائر وفرنسا.
عرفت الجولات العشر الأولى تعثرا بسبب اختلاف الرؤى حول بعض الملفات المطروحة منها: ملف العدالة والتعاون القضائي، الشؤون الداخلية، حرية تنقل الأشخاص، ومكافحة الإرهاب. هذا فيما يتعلق بالجانب السياسي والأمني.
أما الجانب الاقتصادي فقد كانت المطالب الجزائرية تتمحور حول:
- السعي إلى الانفتاح التدريجي للاقتصاد الوطني الذي يعتمد على ريع المحروقات.
- تعميم إطار التعاون الاقتصادي، ليشمل إضافة إلى المبادلات التجارية مجالات إنتاجية أخرى.
- المساعدة في وضع برنامج لتأهيل القطاع الصناعي الجزائري، وتوسيع نطاق التعاون المالي بين الطرفين.
- وضع برنامج خاص لدعم صادرات الجزائر خارج المحروقات
ثم جاء التوقيع بصفة رسمية على الاتفاق يوم 22 أفريل 2002 بمدينة فالنسيا الإسبانية، لدى افتتاح الندوة الأورو-متوسطية. ودخل حيز التنفيذ في 01 سبتمبر 2005.
كما أن المدة الطويلة التي استغرقتها المفاوضات بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي مقارنة مع جيرانها المتوسطين لم يكن راجعا فقط إلى الظروف الصعبة التي عرفتها الجزائر بل وكذلك إلى الاختلاف في الأسلوب المنتهج في المفاوضات حيث أن الوفد الجزائري رافع حجة الاقتصاد الجزائري و المتمثلة في :
- كون الجزائر بلدا ذات إمكانيات و قاعدة صناعية هامة متكونة من مركبات و مصانع غير مستغلة كما ينبغي، أي أن القدرات الإنتاجية الكامنة للنسيج الصناعي الجزائري هامة.
2- كون الجزائر مستورد هام للموارد الزراعية ( عكس المغرب و تونس) و من اكبر مستوردي للسلع الصناعية الجاهزة .
3- كون قيمة الصادرات الجزائرية نحو أوروبا خارج المواد الطاقوية معدومة.
وبالتالي فان تفكيك الحواجز الجمركية سيؤدي إلى تقديم تنازلات أحادية الطرف ، تستفيد منها الجهة الأوروبية فقط دون مقابل ملموس للجزائر . بحيث يكون السوق الجزائري مفتوحا كليا للمنتجات والسلع الأوروبية التي ستغمره، دون أن يستقبل السوق الأوروبي أي منتوج جزائري ، كون معظم السلع الجزائرية غير قابلة للتصدير لنقص تنافسها وعدم تطابقها بالمعايير والمقاييس الأوروبية.
ثانيا- دوافع الشراكة الجزائرية – الأوروبية :
هنالك العديد من الدوافع والأهداف التي تمحورت المفاوضات حولها لتجسيد الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي.
أ: دوافع و أهداف بالنسبة للجزائر:
- طموح الجزائر في التوصل إلى شروط تجارية أفضل مع الإتحاد الأوروبي من أجل تنمية صادراتها والدخول إلى أسواق دول الإتحاد أوروبي, عن طريق إلغاء العوائق الغير تعريفية، وتخفيض الرسوم الجمركية والتخفيف من وطأة التشدد الأوروبي فيما يخص المعايير والمواصفات التقنية الواجب توفرها للدخول إلى السوق الأوروبية.
- دخول الجزائر في اتفاقية الشراكة يساعدها على تعزيز موقعها ضمن المجموعة المتوسطية، ويمكنها من دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي, و الاستفادة من المساعدات المالية التي تمنحها أطراف الشراكة.
- يمكن أن يشكل اتفاق الشراكة للجزائر عامل جذب للاستثمارات الأوروبية المباشرة، وزيادة معدل النمو الاقتصادي.
- يمكن أن يساهم اتفاق الشراكة في إضفاء نوع من المصداقية للسياسات الاقتصادية في الجزائر، لتوظيفها إقليميا ودوليا خاصة في دعم موقف الجزائر في مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.
- يعتبر الإتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للجزائر , حيث أن ثلثي المبادلات التجارية للجزائر تتم مع دول الإتحاد الأوروبي, ولذلك يشكل اتفاق الشراكة إطارا مهما لتحسين هيكل المبادلات التجارية الجزائرية وتحسين كفاءة قطاع الإنتاج.
ب : دوافع و أهداف الشراكة بالنسبة للإتحاد الأوروبي:
لقد ترجم إعلان برشلونة في العام 1995 أطروحات الإقليمية الجديدة من منظور الإتحاد الأوروبي، و التي تهدف إلى الجمع بين جنوب وشرق المتوسط النامية ودول الإتحاد الأوروبي الصناعية في تجمع اقتصادي عبر ما يسمى بالشراكة الأوروبية المتوسطية، و ذلك من منطلق أن هذه الأخيرة تعمل على الرفع من معدل النمو، والاستفادة من نقل التكنولوجيا، وتأهيل المؤسسات الاقتصادية للدول الشريكة.
هذا الاتجاه وإن كان في الظاهر تميزه المساعدات المالية والمادية المرتبطة ببرامج خاصة, مثل برامج ميدا “1 و”2” ، فان الباطن منه يظهر أهدافها ذات بعد استراتيجي تعمل دول الاتحاد الأوروبي على تحقيق نتائجها ،والتي يمكن إيجازها فيما يلي :[5]
- تصريف المنتجات الأوروبية
- التحكم في الهجرة نحو دول الإتحاد الأوروبي
ثالثا : دراسة الشق الاقتصادي و المالي لاتفاقية الشراكة الجزائرية- الأوروبية.
اتفاق الشراكة الموقع بين الجزائر والإتحاد لأوروبي يهدف في شقه الاقتصادي بالدرجة الأولى إلى إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر في آفاق العام 2017، يتم من خلالها تحرير المبادلات التجارية للمنتجات الصناعية بصفة تدريجية تحريرا كاملا بين الطرفين، بالإضافة إلى إقامة تعاون اقتصادي في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها دعم التنمية في الجزائر. وكذا التعاون المالي في إطار برنامج” MEDA ” و القروض التي يقدمها البنك الأوروبي للاستثمار” BEI “.
- استفادت الجزائر في إطار اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي من مساعدات مالية وتقنية وذلك لتطوير وعصرنة القطاع الصناعي وتأهيل المؤسسات الإنتاجية، في محاولة لتدعيم المنافسة المحلية
- تخفيض معدلات الأسعار.
ولكن لم يتم تنفيذ برنامج ميدا ”1و2 ” [6]بصفة كاملة الخاص بالجزائر والذي يهدف أساسا إلى دعم اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ميدا 1 : يشمل الفترة 1995- 2000 بمبلغ مالي قدر ب164 مليون أورو في حين أن المبلغ المسدد فعلا فقد بلغ 30 مليون أورو فقط خلال الخمس سنوات (1995-1999).
ميدا 2 : شمل الفترة 2000-2006 باعتماد مالي بلغ 232.8 مليون أورو في حين أن المبلغ المسدد فعلا و الذي استفادت منه الجزائر هو 75 مليون أورو
حيث لم تستفيد الجزائر بصفة فعلية إلا بمبلغ 105 مليون أورو من مجموع 396.8 مليون أورو بنسبة تسديد 26% فقط خلال الفترة من 1995-2005.
- يركز الاتحاد الأوروبي باعتباره صاحب المبادرة، أساسا على التفكيك الجمركي للمنتجات الصناعية وتحرير التبادل التجاري لهذه المنتجات للوصول إلى إقامة منطقة التبادل الحر، وذلك لتصريف منتجاته الصناعية في سوق أوسع ، في ظل عدم وجود منافسة حقيقية للمنتجات المحلية للجزائر. حيث تمثل نسبة عدد البنود التعريفية للمنتجات الصناعية الخاضعة للتفكيك الجمركي47 % من مجموع البنود التعريفية الخاضعة للتفكيك الجمركي.
- إهمال الملف الزراعي الذي يمثل أهمية بالغة للاقتصاد الجزائري، حيث تشكل نسبة البنود التعريفية الخاضعة للتفكيك الجمركي للمنتجات الزراعية33 % من مجموع البنود الخاضعة للتفكيك وذلك بسبب المنافسة الحادة التي يمكن أن تشكلها الصادرات الزراعية الجزائرية للاتحاد الأوروبي، وكذا بسبب الدعم الكبير الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لقطاعه الزراعي.
3- تداعيات الشراكة الجزائرية – الأوروبية على الاقتصاد الجزائري.
فإن هذه الشراكة ستكون لها انعكاسات وآثار على الاقتصاد الجزائري ، هذا الاقتصاد الذي ما يزال يمر بمرحلة الإصلاحات، سواء كان ذلك في القطاع الزراعي أو الصناعي من أجل جعل الاقتصاد الجزائري في مستوى المعايير التي تتمتع بها الاقتصاديات الأجنبية .
ومهما يكن فإن تحديد هذه الانعكاسات والتأثيرات وتقييمها، ينطلق من عدة مرتكزات أهمها: إلى مدى تأثرت القطاعات الاقتصادية للجزائر بإقامة منطقة تجارة حرة سواء كان ذلك من الجانب الايجابي أو السلبي ، ومدى فعالية هذه الشراكة اقتصادية الجزائرية- الأوروبية.
أولا : تقييم الناتج الداخلي الخام و تطور الاستثمار.
الجدول رقم01 : الناتج الداخلي الخام للجزائر للفترة 2005- 2014
القيمة بمليار دينار جزائري
2005 | 2006 | 2007 | 2008 | 2009 | 2010 | 2011 | 2012 | 2013 | 2014 | |
الناتج الداخلي الخام | 7563.6 | 8520.6 | 9366.6 | 11090 | 10034.3 | 12050 | 14.519,8 | 18.843,0 | 16.569,3 | 17.731 |
المحروقات | 3352.9 | 3882.2 | 4089.3 | 4997.6 | 3109.1 | 4180 | 5242.1 | 5208.4 | 4968.0 | 3.388 ,3 |
ن د خ خارج المحروقات* | 4210.7 | 4638.4 | 5277.3 | 6092.4 | 6925.2 | 7869 | 9277.7 | 106346 | 11601.3 | 14.342,7 |
المصدر : من إعداد الباحثة بناء على معلومات بنك الجزائر.1
يبين الجدول أعلاه ارتفاع في قيمة الناتج الداخلي الخام للجزائر خلال الفترة من (2005-2014) بحيث وصل إلى(17.731 مليار د.ج ) أي (حوالي 211 مليار دولار)، و بمعدل نمو 4.5% في سنة 2014 مقارنة بسنة 2013 كان معدل النمو 2.8%، وهذا ما يوحي بان للشراكة آثار ايجابية على الاقتصاد الوطني، إلا أن هذا الارتفاع يعود إلى نتيجة ارتفاع عائدات الجزائر من المحروقات وتقلبات أسعار مواد الطاقة في الأسواق العالمية، حيث لم يشهد الناتج الداخلي الخام خارج المحروقات تطورا ملحوظا منذ سنة 2005 حيث بقي يتراوح في حدود 5.1% في سنة 2014.
- 1– البيانات من 2005 الى 2009، النشرة الاحصائية الثلاثية، ديسمبر 2008-2011، ص26.
- البيانات من 2010 الى 2011، التقرير السنوي لبنك الجزائر ، 2011، ماي 2012، ص157.
- البيانات من 2012 الى 2013، التقرير السنوي لبنك الجزائر، 2013 ، ص 213-214 .
- بيانات سنة 2014، (الناتج الداخلي الخام يسجل ارتفاعا محسوسا)،اخبار اليوم، يومية اخبارية جزائرية، تاريخ الاطلاع 11.05.2015، الساعة 19.09. akhbarlyom.dz
الجدول رقم 02 : توزيع الناتج الداخلي الخام حسب بعض القطاعات للفترة 2004- 2014
الوحدة : بمليار دينار الجزائري
2004 | 2005 | 2006 | 2007 | 2008 | 2009 | 2010 | 2011 | 2012 | 2013 | 2014 | |
الناتج الداخلي الخام PIB | 6150.4 |
المصدر : بناء على بيانات بنك الجزائر : [7]
كما أن قطاع الصناعة في الجزائر، وهو القطاع الذي يمسه اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بصفة مباشرة بسبب تركيز الطرف الأوروبي على تحرير التبادل التجاري للمنتجات الصناعية من خلال رزنامة التفكيك الجمركي لإقامة منطقة التبادل الحر في آفاق 2017 و تم تعديل رزنامة التفكيك الجمركي في سنة 2012 وتم تأجيل دخولها في منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي إلى غاية 2020 ، بدلا من 2017. حيث ومن خلال الجدول أعلاه، يظهر جليا تراجع نسبة الصناعة من الناتج الداخلي الخام للجزائر خلال الفترة 2005-2014 حيث سجلت في بداية الفترة نسبة 5,5% و5% في نهاية الفترة، كما شكل هذا التراجع حوالي 1% سنة 2005 أي دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ مقارنة بسنة 2004 بنسبة 6.3% ، ليستمر هذا التراجع في نصيب قطاع الصناعة من الناتج الداخلي الخام للجزائر خلال ثمانية سنوات من تنفيذ الاتفاق ليسجل ادنى نسبة له في سنة 2012 ب 4.5%.
الجدول رقم 03 : تطور التصريحات بالاستثمار في الجزائر خلال الفترة 2005-2014
السنة | عدد المشاريع | % | المبلغ |
Source :ANDI ,Bilan des déclarations d’investissement 2002-2014. www.andi.dz
بالنظر إلى الجدول أعلاه، نلاحظ ارتفاع في عدد المشاريع الاستثمار من سنة دخول الاتفاق حيز التنفيذ في سنة 2005 نلاحظ عدد المشاريع المصرح بها (836) وأما فيما يخص سنة 2014 فهي تعتبر من أفضل السنوات في مجال الاستثمارات المصرح بها (9.904) التي سجلت نسبة 16,82% منذ إنشاء الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ANDI وهو مؤشر يدل على التطور مقارنة بسنة 2013 كان عدد المشاريع (7991) وفيما يخص النسبة التي سجلت هي13,57% .
هذه النتائج الإيجابية التي تبشر بآفاق واعدة، والتي تم تسجيلها في سياق وطني يتسم بتحديات جديدة تتعلق انخفاض أسعار النفط، والتي ينبغي أن تشجعنا وتحفزنا على تقديم ومضاعفة جهودنا لضمان بروز اقتصاد حديث ومتنوع، بعيدا عن شبح وهاجس الاعتماد على النفط والغاز والتي تساهم حاليا بالجزء الأكبر من دخل البلاد.
وفيما يخص الاستثمارات المحلية فهي تشكل النصيب الأعظم من إجمالي الاستثمارات في الجزائر وهذا من خلال إحصائيات وتصريحات الوكالة الوطنية لتطور الاستثمار [8] لسنة 2014 شكلت (9799) من إجمالي عدد المشاريع و 2022 مليار د.ج من إجمالي المبالغ و 13.2784 من حيث عدد المناصب ، واما بالنسبة لنسبة التباين خلال الفترة 2013-2014 فهي 11% من عدد المشاريع و 46% من إجمالي مبالغ الاستثمارات المحلية ونسبة تشغيل 0.70% من إجمالي مناصب التشغيل، خلال الفترة من 2013 إلى 2014.
و للدخول في دائرة أكثر تفصيلا لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل من دول الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر خلال الفترة من 2005 إلى 2014، وذلك من خلال تحليل القطاعات الاقتصادية التي مستها ونالت اهتمام رأس المال الأوروبي ، وذلك حسب إحصائيات (IDC) [9]من خلال هذه الإحصائيات يتضح أن اكبر قطاع يحض بالاهتمام في مجال الاستثمار لدى الدول الأوروبية في الجزائر هو قطاع المحروقات، حيث جلب 31% من الاستثمارات المباشرة لدول الاتحاد الأوروبي ، أما قطاع الصناعة فيأتي في الدرجة الثانية بعد قطاع المحروقات.
ثانيا : أثر الشراكة على تدفقات التجارة الخارجية للجزائر ،و على الميزان التجاري و إيرادات الميزانية العامة.
أ- أثر الشراكة على تدفقات التجارة الخارجية للجزائر ( الصادرات و الواردات)
على الصادرات :
إن آثار اتفاق الشراكة ستتراوح بين انعكاسات سلبية وأخرى إيجابية، خاصة خلال المرحلة الانتقالية لإنشاء منطقة التجارة الحرة، واستمرار الجزائر في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية.
الجدول رقم 04 : حصيلة التجارة الخارجية للجزائر خلال الفترة (2005-2014)
القيمة بمليون دولار امريكي
2005 | 2006 | 2007 | 2008 | 2009 | 2010 | 2011 | 2012 | 2013 | 2014 | |
الصادرات خارج مجال المحروقات | 901 | 1158 | 1332 | 1937 | 1066 | 1526 | 2062 | 2062 | 2165 | 2810 |
الصادرات المحروقات | 43.937 | 53.456 | 58.831 | 77.361 | 44.128 | 55.527 | 71.427 | 69.804 | 63.752 | 60.146 |
جمالي الصادرات | 45.036 | 54.613 | 60.163 | 79.298 | 45.194 | 57.053 | 73.489 | 71.866 | 65.917 | 62.956 |
إجمالي الواردات | 20.048 | 21.456 | 27.631 | 39.479 | 39.294 | 40.473 | 47.247 | 47.490 | 55.028 | 58.330 |
الواردات من EU اتحاد الأوروبي* | 11.219 | 11.729 | 14.427 | 20.985 | 20.772 | 20.704 | 24.616 | 26.333 | 28.724 | 29.494 |
الميزان التجاري | 24989 | 33157 | 32532 | 39819 | 5900 | 16580 | 26242 | 24376 | 11065 | 4 626 |
المصدر: المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصاء التابع للجمارك CNIS
*-statistiques du commerce extérieur de l’Algérie, période 2014. www.douane.gov.dz
إن معطيات الجدول أعلاه تبين تزايد القيمة الإجمالية لصادرات الجزائر بعد اتفاق الشراكة ودخوله حيز التنفيذ وخاصة خلال الفترة بين 2005- 2008. حيث بلغ إجمالي الصادرات أقصى قيمة في سنة 2008 وهي تقدر ب 79298 مليون دولار و لم يسجل بلوغ هذه القيمة مرة ثانية خلال الفترة 2005-2014
إلا أن الأمر يستدعي تحليلا أكثر عمقا لان الاقتصاد الجزائري يعتمد أساسا على صادراته من المحروقات، ويظهر لنا جليا أن صادرات الجزائر خارج المحروقات قد سجلت تطورا ملحوظا ومعدلات نمو محسوسة، حيث بلغت في سنة 2010 ب 1526 مليون دولار وسجلت أقصى قيمة لها 2810 مليون دولار في سنة 2014 . كما نلاحظ أن معدل نمو الصادرات خارج المحروقات قد ارتفع إلى 39.52% في سنة 2014 ، مقارنة ب 5% سنة 2013 .
شهدت صادرات الجزائر خارج المحروقات تطورا ، بمعدل نمو ارتفع إلى 39.52% في سنة 2014 مقارنة 5% في سنة 2013.
إن هذا التطور يعطي صورة ايجابية بعد مرور هذه الفترة من تنفيذ اتفاقية الشراكة، إلا أن نسبة الصادرات خارج المحروقات بالنسبة لإجمالي الصادرات فهي مازالت متدنية وسجلت في سنة 2014 نسبة 4.46% وهي أقصى نسبة تسجل منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ .
و أما فيما يخص صادرات خارج المحروقات فاغلبها تتمثل في الصادرات من مشتقات المحروقات، فمن هنا نرى أن صادرات خارج المحروقات لم تعرف التطور بعد وتمثل صادراتنا من المحروقات إلى الخارج نسبة 95.54% لسنة 2014 من إجمالي الصادرات. على الرغم من مرور فترة من الشراكة فهي مازالت تستحوذ على الجزء الكبير ، فيتبين لنا من خلال الجدول انه وفي الأجل القصير والمتوسط من الصعب إحداث تغيير هيكلي في بنية الصادرات الجزائرية، بالاعتماد على تطوير منتجات جديدة ، تمكنها من النفاذ إلى الأسواق الدولية وخاصة منها السوق الأوروبية ، وهذا ما تؤكده نسبة الصادرات خارج قطاع المحروقات بالنسبة لإجمالي الصادرات الجزائرية، بحيث يظهر لنا الجدول ان إجمالي الصادرات تراجعت الى 62956 مليون دولار مقارنة ب سنة 2012 وهذا راجع الى الانخفاض الحاد في أسعار البترول متأثرة بتراجع الطلب العالمي ، وقد أدى هذا الى تراجع في قيمة إجمالي صادرات الجزائر التي ترتكز على المحروقات وهي التي تستحوذ على الجزء الكبير من الصادرات.
على الواردات :
أما فيما يخص الواردات يتبين لنا من خلال الجدول رقم 04 من 2005 إلى 2014 نلاحظ تزايد وارتفاع في قيمة الواردات الإجمالية للجزائر بحيث سجلت أعلى قيمة لها في سنة 2014 بقيمة 58.330 مليون دولار بنسبة نمو 6% مقارنة بسنة 2005 بقيمة 20.048 مليون دولار. بحيث ارتفعت واردات الجزائر من الاتحاد الأوروبي، و بلغت أقصاها سنة 2014 بقيمة تقدر ب 29.494 مليون دولار و بمعدل نمو 2.68% مقارنة بسنة 2005 في حين بلغت قيمة الواردات 11.219مليون دولار.
إلا أن هذا المؤشر غير كاف لوحده لتحديد ما إذا كان هناك عملية ” تحويل للتجارة” أم لا، لذلك وجب مقارنة هذه الزيادة بالزيادة في الواردات الكلية، ويتضح من الجدول رقم 04 أن الواردات الأوروبية قد شكلت بالنسبة للواردات الإجمالية للجزائر في سنة 2005 نسبة 55.06 وفي سنة 2014 نسبة 50.56، ويشير ذلك إلى استحواذ المنتجات الأوروبية على النصيب الأكبر من السوق الجزائرية والتأكيد على تبعية الاقتصاد الجزائري لاقتصاد الاتحاد الأوروبي.
ب- أثر الشراكة على الميزان التجاري و على إيرادات الميزانية العامة
على الميزان التجاري :
ومن خلال تحليلنا للجدول السابق يتضح لنا أن الميزان التجاري قد حقق فائضا تجاريا مستمرا خلال الفترة 2005-2014، ويرجع ذلك لزيادة حصيلة الصادرات النفطية، التي تعود بدورها إلى ارتفاع في أسعار البترول وتخطيها عتبة 100 دولار للبرميل، وهي سابقة التسجيل، إضافة إلى زيادة حصة الجزائر في السوق النفطية، كما نلاحظ أيضا انه منذ سنة 2007 أصبحت معدلات الزيادة في قيمة الواردات تفوق بكثير معدلات الزيادة في قيمة الصادرات، مما أدى إلى تراجع نسبة تغطية الصادرات للواردات بصفة مستمرة حتى سنة 2009 وذلك تسبب في انخفاض رصيد الميزان التجاري الجزائري إلى 5900 مليون دولار و تراجع نسبة التغطية إلى 115%، وهذا راجع إلى تراجع أسعار البترول إلى ما دون 40 مليون دولار للبرميل، خلال سنة 2009 نتيجة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي أثرت على اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى مما انعكس على أسواق النفط العالمية وخاصة الدول المصدرة للبترول ومن هم الجزائر.
أما في سنة 2011 فقد سجلت الصادرات زيادة قدرها 73489 مليون دولار أي بمعدل نمو 28.8% بينما لم تتجاوز الزيادة في قيمة الواردات 47247 مليون دولار، متأثرة بانخفاض قيمة الأورو في أسواق الصرف الأجنبي بنسبة 20% مقابل الدولار بين نهاية 2009 ومطلع جوان 2010. وذلك انعكس ايجابيا على رصيد الميزان التجاري وعرف ارتفاع بقيمة 26.242 مليون دولار وبمعدل نمو 156% أما من 2012 الى2014 فهو في تراجع مستمر وسجل أدنى حد له بقيمة 6264 مليون دولار وبمعدل نمو 108%، وهذا راجع إلى تراجع أسعار البرميل البترول إلى 60 دولار في سنة 2014 مما اثر على صادرات الجزائر التي تعتمد على اكبر نسبة منها من المحروقات.
من خلال الإحصائيات السابقة يتبين لنا صورة جلية وواضحة للاختلال الهيكلي للاقتصاد الجزائري، بسبب الاعتماد الكلي على الصادرات من المحروقات وتغطية قيمة الواردات.وبما أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول للجزائر لكونه يستحوذ على النصيب الأكبر من صادرات وواردات الجزائر، فانه أيضا هو المساهم الأول في عجز الميزان التجاري خارج المحروقات.
ومن خلال المقارنة بين مساهمة كل من الاتحاد الأوروبي و بقية دول العالم في عجز الميزان التجاري للجزائر خارج المحروقات، حيث خلال الفترة 2005-2008 يشكل هذا العجز بأكثر من 60% مع الاتحاد الأوروبي و اقل من 40% مع بقية دول العالم.
وبالتالي فمن المحتمل أن يزيد هذا العجز لصالح الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء مرحلة تفكيك الحقوق الجمركية على الواردات الجزائرية من الاتحاد الأوروبي بصفة نهائية عام 2020 وتحرير التبادل التجاري بين الطرفين في إطار منطقة التبادل الحر الأوروبية – الجزائرية، في ظل اعتماد الجزائر على صادراتها من المحروقات وعدم إمكانية منافسة المنتجات المحلية الجزائرية للمنتجات الأوروبية في ظل تباين مستويات التنمية بين طرفي الشراكة.
على إيرادات الميزانية العامة:
بعد تحليلنا للمعطيات السابقة، نلاحظ أن اتفاق الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي أدى إلى نقص في أرباح العائدات الجمركية بنحو 8 ملايير دولار منذ دخوله حيز التنفيذ في العام 2005 و حتى نهاية 2013. وارتفع المبلغ الإجمالي للنقص في أرباح العائدات الجمركية خلال هذه الفترة إلى 658.7 مليار دينار جزائري ، أي أكثر من 8 ملايير دولار. ورغم قرار التجميد تواصل التراجع في الأرباح، ليبلغ 104 مليار دينار في 2011، و110.1 مليار في 2012 واما في سنة 2013 بلغ 130.1 مليار دينار جزائري، ونلاحظ أن لولا قرار تجميد تفكيك التعريفة فقيمة الأرباح ستتراجع أكثر.[10]
و حسب تصريح الخبير الاقتصادي ، “عبد الرحمن مبتول” ان الجزائر فقدت خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2013 حوالي 3 ملايير دولار على الصعيد الخسائر الجبائية التي كان من المفروض أن تدخل حساب الخزينة العمومية عند كل عملية تجارية تتم بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، جراء العمل ببنود اتفاق الشراكة والتفكيك الجمركي ضمن آليات تسهيل العلاقات الاقتصادية والمبادلات بين الطرفين.[11] وكان من المحتمل أن تبلغ هذه الخسائر 8.5 مليار دولار سنة 2017 لو لم يتم تعديل رزنامة التفكيك الجمركية في سنة 2012 .
وأوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول ، إن 3 ملايير دولار هي قيمة الخسائر الجبائية الحقيقية المسجلة بسبب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، بعد اخذ المعطيات الاقتصادية بعين الاعتبار لا سيما السعر الحقيقي للمنتج، تطور قيمة صرف العملة الوطنية( الدينار) إلى جانب تغير حجم استيراد المنتجات المستفيدة من الإعفاءات الجمركية. وأما فيما يخص العلاقات التجارية بين الطرفين ارتفعت بشكل كبير بفعل التسهيلات والإعفاءات التي استفاد منها المنتوج الأوروبي عند دخول السوق الجزائرية.( و هذا ما رأيناه وتطرقنا إليه من خلال المعلومات السابقة في ارتفاع قيمة الواردات مقارنة بقيمة الصادرات).
خاتمة :
وفي الأخير، فان مهما قيل عن انعكاسات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الوطني، وبرغم من عدم تبلور نتائج إيجابية مما كان متوقع من هذه الشراكة من خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2014 والتي تعود على الشريك الأوروبي بالفائدة على حساب الطرف الجزائري. إلا أن الخلل ليس في الشراكة ، بل هو في الاقتصاد الجزائري الذي يجب على السلطات الجزائرية اتخاذ إجراءات من اجل إنجاح هذه الشراكة و منها :
تنمية و تطوير القطاع ألفلاحي ومنها دعم الإصلاحات في القطاع الفلاحي من خلال تدعيم برامج المخطط الوطني للتنمية الفلاحية وذلك بدراسة نقائص هذا المشروع، وكذا إطلاق برامج أخرى مكملة له، وهو ما سيساهم في التخفيض من قيمة الفاتورة الغذائية وترقية الصادرات خارج المحروقات.
إعادة تأهيل القطاع الصناعي، إعادة النظر في السياسة الصناعية الحالية بالاعتماد على دراسات المحيط الصناعي والتنافسي لتحديد جوانب القوة والضعف وتحديد النشاطات التنافسية التي تكون فيها للجزائر قدرة تنافسية اكبر وتمكنها من تحقيق اكبر حصة في الأسواق الدولية.
إصلاح النظام الجمركي الوطني باعتباره احد الأجهزة الرئيسية في حماية الاقتصاد الوطني من المخاطر الخارجية من خلال اعتماد المعايير الدولية في التسيير وكذا عصرنه الإدارة الجمركية.
لهذا لابد من ترقية الصادرات خارج قطاع الريعي، من خلال تقوية القدرة التنافسية للمنتج الوطني في الأسواق العالمية، بإنتاج منتجات متقنة بأدنى التكاليف وذات نوعية وجودة وفق المقاييس المطلوبة، وكذا توجيه الاستثمار نحو المنتجات الوطنية ذات المزايا التنافسية في الأسواق الأجنبية .
وأخيرا، يجب تطوير مستوى تدخل ومرافقة وزارة التجارة بوكالاتها ودواوينها ومجالسها ومراكزها الوصية للمتعاملين الاقتصاديين، وربط العلاقات مع المتعاملين الأجانب، وتثمين صفقات التصدير، حيث ترافقهم في استكشاف الأسواق الخارجية وذلك بإحضار الدعم المالي واللوجيستي والإعلامي و التأطير الفني عند مشاركتها في التظاهرات والمعارض الدولية.
قائمة المراجع :
- باللغة العربية
1- العرياوي نصر ، مستقبل الشراكة الاورو–متوسطية، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد 17 سبتمبر 2013.
2-بن عزوز محمد، الاقتصاد الجزائري و إشكالية الاندماج الاقتصاد الإقليمي في ظل البحث عن البدائل المتاحة للفترة ( 990-2007 )، أطروحة دكتوراه، معهد العلوم الاقتصادية ، جامعة دالي إبراهيم، الجزائر، 2010.
3-د. بن دحلب عبد الرزاق، حوالف رحيمة ، ملتقى وطني تحت عنوان “الشراكة و دورها في جلب الاستثمارات الأجنبية “2001-2002، كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير ، جامعة تلمسان.
4-رزيق كمال ، فارس مسدور، الشراكة الجزائرية الاوروبية بين واقع الاقتصاد الجزائري و الطموحات التوسعية لاقتصاد الاتحاد الاوروبي، الملتقى الوطني الاول حول الاقتصاد الجزائري في الالفية الثالثة، كلية العلوم الاقتصادية و التسيير، جامعة سعد دحلب ، البليدة.
5-هشام ح، (الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تكلف الخزينة خسائر ب 8 ملايير دولار)، نشر في البلاد أون لاين، يوم 24.12.2014 ، تاريخ الاطلاع 18-03-2017، الساعة18 :30 www.djazairss.com
6-جريدة الإخبارية الجزائرية،( حذر من الآثار السلبية لسياسة دعم المواد الطاقوية على مستقبل الاقتصاد)،تاريخ الاطلاع : 05-05-2015 ، على الساعة 14 : 40، www.elikhberia.com
7-التقرير السنوي لبنك الجزائر ، 2011، ماي 2012.
8-التقرير السنوي لبنك الجزائر، 2013.
9-بنك الجزائر، النشرة الإحصائية الثلاثية، ديسمبر 2008.
10-بنك الجزائر، النشرة الإحصائية الثلاثية، ديسمبر 2011.
11-الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، بيانات التصريح بالاستثمار لسنة 2013-2014 ، www.andi.dz
- باللغة الاجنبية
12-BENYAHIA FARID , L’impact de l’adhésion de l’Algérie a l’organisation mondiale du commerce. Dar el houda ain m’lila. Algérie 2006.
13-El Hadi MAKBOUL, coopération union européenne– Algérie: quelles perspectives?, Revue du CENEAP N°24, Centre national d’études et d’analyses pour la population et le développement, Alger, 2002.
14-Investissement Développement Conseil S.A (IDC ), Evaluation de l’état d’exécution de l’Accord d’Association Algérie-UE, Rapport Final, Bénéficiaire : Le ministère du Commerce de la République Algérienne Démocratique et Populaire, le 3 novembre 2009,Alger.
1- كمال رزيق، فارس مسدور، الشراكة الجزائرية الاوروبية بين واقع الاقتصاد الجزائري و الطموحات التوسعية لاقتصاد الاتحاد الاوروبي، الملتقى الوطني الاول حول الاقتصاد الجزائري في الالفية الثالثة، كلية العلوم الاقتصادية و التسيير، جامعة سعد دحلب ، البليدة، ماي 2002،ص 240.
2- د. بن دحلب عبد الرزاق، حوالف رحيمة ، ملتقى وطني تحت عنوان “الشراكة و دورها في جلب الاستثمارات الأجنبية “2001-2002، كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير ، جامعة تلمسان.
[3]– نصر العرباوي، مستقبل الشراكة الاورو-متوسطية، مجلة العلوم الاجتماعية، العدد 17 سبتمبر 2013 ، ص 323-292.
[4] El Hadi MAKBOUL, coopération union européenne– Algérie: quelles perspectives?, Revue du CENEAP N°24, Centre national d’études et d’analyses pour la population et le développement, Alger, 2002, p50
[5] – بن عزوز محمد، الاقتصاد الجزائري و إشكالية الاندماج الاقتصاد الإقليمي في ظل البحث عن البدائل المتاحة للفترة ( 990-2007 )، أطروحة دكتوراه، معهد العلوم الاقتصادية ، جامعة دالي إبراهيم، الجزائر، 2010، ص 263- 264
[6] – BENYAHIA FARID , L’impact de l’adhésion de l’Algérie a l’organisation mondiale du commerce. Dar el houda ain m’lila. Algérie 2006 page 39.
[7] – بنك الجزائر، النشرة الإحصائية الثلاثية، ديسمبر 2008 ، ص 26.
بنك الجزائر، النشرة الإحصائية الثلاثية، ديسمبر 2011، ص 26.
بنك الجزائر، التقرير السنوي لبنك الجزائر، 2013 ، ص 213-214.
[8] – الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، بيانات التصريح بالاستثمار لسنة 2013-2014 ، www.andi.dz
[9] Investissement Développement Conseil S.A (IDC ), Evaluation de l’état d’exécution de l’Accord d’Association Algérie-UE, Rapport Final, Bénéficiaire : Le ministère du Commerce de la République Algérienne Démocratique et Populaire, le 3 novembre 2009,Alger , p139
[10] – هشام ح،(الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تكلف الخزينة خسائر ب 8 ملايير دولار)، نشر في البلاد أون لاين، يوم 24.12.2014 ، تاريخ الاطلاع 18-03-2017، الساعة18 :30 www.djazairss.com
[11] – جريدة الإخبارية الجزائرية،( حذر من الآثار السلبية لسياسة دعم المواد الطاقوية على مستقبل الاقتصاد)،تاريخ الاطلاع : 05-05-2015 ، على الساعة 14 : 40، www.elikhberia.com