
من مقاومة التمركز المسرحي الغربي إلى تثمين الثقافات الفرجوية
د.هشام بن الهاشمي، كلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة ابن طفيل القنيطرة، المغرب.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 38 الصفحة 131.
ملخص الدراسة:إن إنكار وجود المسرح في الحضارات والمجتمعات الأخرى، متضمن لمركزية عنصرية وعرقية، ويصدر عن نظرة ضيقة لا تخلو من التحيز لكل ما هو غربي، من خلال نعت الثقافات الفرجوية المختلفة بكونها بدائية وساذجة لا تستحق الدراسة والتأمل ولا ترقى إلى مستوى المسرح الغربي.
يشكل الفن المسرحي مجالا خصبا لاشتغال ثنائية الأنا والآخر، الخارج والداخل، المركز والهامش، ومتورط في إنتاج الخطابات الثقافية والتصورات الإيديولوجية، وذلك عبر الترويج للمسرح الغربي باعتباره أصلا للمسرح الإنساني، والإعلاء من قيمة شكسبير بوصفه الكاتب الأسمى لكل الأزمنة، في مقابل إخراس صوت الثقافات الفرجوية المنتجة التي تتضمن طقوسا وإيماءات وحركات جسدية ساهمت بشكل أو بآخر في إغناء الفن المسرحي، تنهض هذه الدراسة على تفكيك أصول المسرح الغربي، من خلال إعادة الاعتبار للثقافات الفرجوية المختلفة التي طمست بفعل المؤثر الغربي المتمركز.
الكلمات المفتاحية: المسرح الغربي، تفكيك الأصول، تثمين الثقافات الفرجوية.
إن انتشار التقاليد الدرامية الغربية تمثل استراتيجية توسع وانتشار الغرب في البلدان غير الغربية، وتكشف عن رغبة الثقافة الغربية في احتواء الغيرية الثقافية العربية ([1])، لأنه من الصعوبة تبني أراء وأفكار ورؤى من سياق ثقافي مغاير ومحاولة تطبيقها على الذات العربية، لأن تلك الرؤى والأفكار تظل ملتصقة بالمرجعيات الثقافية التي أنتجتها، وهذا التبني علل بوصفه شكلا من أشكال الحداثة العربية، وأن التحولات التي عرفها المجتمع العربي جاءت مع الغرب، ويعد المسرح مثال حي لهذا التحديث، كما أن العقلية العربية لم تعرف فعل التمسرح إلا من خلال التفاعل مع الحضارة الغربية.
فالمتأمل للنشاط الفكري حول نشأة المسرح يلمس حضورا مكثفا للمؤثر الغربي، حيث “لم يستطع المسرح العربي الانفلات من التمركز الغربي المتجلي في الأجهزة الغربية للكتابة الدرامية وصناعة الفرجة”([2])، وقد تماهت الذات العربية التي سيجت بتأثير خطاب الآخر مع مسلمات هذا المؤثر “وقبلت بالفكرة التي تقصي عدم امتلاكها نصا دراميا يمكن عده مرجعا ذاتيا في الكتابة، يسهم في تطوير كتابة الخشبة”([3] )، ويفسر هذا الوعي بأنه نتيجة عملية الامتثال لما يقوله الخطاب الاستعماري الذي يسعى إلى إضفاء طابع الكونية على تقاليده المسرحية، وهذا راجع بالأساس إلى غياب نص درامي في الثقافة العربية ذي مرجعية ذاتية.
تعيد الذات العربية إنتاج المركزية الغربية والنظرة الاستعلائية بخصوص أصل النموذج المسرح الغربي وسيادته، وتحتدي بنموذج صيغت أدواته وعناصره ومقوماته في ثقافة أخرى، وتنساق وراء هذا الطرح الذي يلغي ماعداه من التقاليد الفرجوية في الثقافات المختلفة.
يذهب محمد يوسف نجم إلى القول بأن المسرح هو نبتة مستعارة من الغرب، وأن الدراما لم تكن عربية على الإطلاق، كما يعتبر أن المسرح فنا طارئا على الثقافة العربية الإسلامية، حيث يقول: “إذا أردنا الحديث عن المسرح، كفن له أصوله وأدبه، فعلينا أن نسقط من حديثنا (…) ألوانا من التسلية الشعبية كخيال الظل والقره قوز وأعمال المقلدين والشعراء الشعبيين، فمثل هذه الألوان لا تندرج في سجل هذا الفن، وإن حوت بعض عناصره الشكلية”([4]). إن حضور شكسبير في العالم العربي مرتبط بالغزو النابوليوني بموازاة الآلة النابوليونية المتسلطة، التي كانت محملة بأجهزة ثقافية وإديولوجية، حيث لم تكن الحملة النابوليونية أداة لاستقدام الحضارة الحديثة، وإنما أيضا “إمارة على الغزو المادي للجسد الثقافي الشرقي”([5]).
إن الوعي الما بعد حداثي يتيح إمكانية تغيير زاوية النظر إلى المسرح من وصفه شكلا جماليا إلى اعتباره حادثة ثقافية وسياسية، من خلال الكشف عن الأنساق المضمرة الثاوية خلف النصوص المسرحية الغربية، التي تروج العديد من الخطابات الخفية المحملة بالإيديولوجيات الاستعمارية، وبموجبها تمارس الذات الغربية عنفا رمزيا على آخرها حيث شكل “انتشار الشكل المسرحي الغربي في العالم العربي، إذن، جانبا من لحظات العنف هاته حيال الآخر المستعمر”([6])، ويتجلى هذا العنف بالأساس في إقحام الذات الغربية للغتها وأفكارها وأدبها داخل المستعمرة على حساب لغة وفكر وثقافة الآخر.
روج الخطاب الاستعماري للعديد من المغالطات المتمركزة من قبيل “أن الفن الدرامي خاص بالأوروبيين، وأن شكسبير هو الكاتب الأسمى لكل الأزمنة وأن المسرح الغربي هو الأصل (الحضور)، وأن الفرجات المسرحية المختلفة ليست إلا زيادات واقتباسات وتقليدات”([7]). مما أدى إلى الانتقاص من قيمة الثقافات الفرجوية الأخرى ونعتها بالدونية والبدائية، وهذه النظرة الأحادية إلى الكيانات الأخرى نابعة من نرجسية الثقافة الغربية وتمركزها حول ذاتها، ومن رحم هذه المغالطات تؤخذ النصوص الدرامية الغربية باعتبارها الصيغة النهائية للتمثيل المسرحي في تشكلاتها التاريخية والثقافية.
- نحو تفكيك أسطورة الأصل في الفن الدرامي الغربي:
إن الإصرار على تخلف الشعوب من طرف دعاة المشروع الاستعماري، معناه ضرورة تبني النموذج المسرحي الغربي بوصفه أصلا للمسرح الإنساني، وتبني الممارسات المسرحية الغربية لولوج عالم الحضارة والتمدن والرقي وميدان الفن، وقد شكلت صدمة اللقاء مع الآخر الغربي بداية اكتشاف الذات العربية لنفسها في مقابل تفوق الآخر حضاريا وثقافيا وسياسيا، حيث تلغي هيمنة المسرح الغربي إمكانيات الثقافات الأقل حضارة ومركزية في التعبير عن نفسها نتيجة عدم اعتراف هذه الثقافة بأشكال ثقافية محلية، كما هو الحال بالنسبة إلى الثقافة الشرقية، والثقافة العربية، والثقافة الإفريقية وغيرها من الثقافات، التي ساهمت بشكل أو بأخر في إغناء الثقافة الإنسانية.
وفي إطار تفكيك التمركز الثقافي الغربي، نعود بالمسرح الغربي إلى أصوله غير الغربية حيث “لم تكن صيغة ديونيزوس الطقوسية اغريقية في الأصل، وإنما أعيد تملكها من لدن اليونان في حدود القرن 5 قبل ميلاد المسيح، ولكن كان طقس الديونيزوسي من الأصول الشرقية البعيدة”([8])، الشيء الذي ينفي أسطورة الأصل التي وضعت من طرف العديد من الدارسين الذين تناولوا المسرح الغربي من وجهة نظر متعالية ترى في الغرب المهد الحقيقي لولادة المسرح.
فرضت التراجيديا الإغريقية، وتنظيرات أرسطو بوصفها إنتاجا جماليا وفنيا خاصا بالأوربيين دون غيرهم من جهة، وبوصفها أصلا للمسرح الإنساني من جهة ثانية، لذلك ظل الاهتمام موجها صوب الدراما الإغريقية دون غيرها، وقد أسهمت الدراسات المستفيضة حولها إلى زيادة هيمنتها وتفوقها باعتبارها شكلا فنيا وجماليا راقيا.
إن الانعطافات الحاسمة والانتقالات المتعددة التي عرفتها التراجيديا الإغريقية، لم تكن ذات سمة جمالية وطابع فني محض. فالانتقال من الفضاء الديني المقدس الممثل في معبد ديونيزوس، إلى الفضاء الدنيوي الذي جسدته الساحة الشعبية داخل أسوار مدينة أثينا، قد لا يمثل احتضانا واعترافا رسميين بالاحتفالات الديونيزوسية وتقاليدها الفرجوية من قبل أعلى سلطة: الحاكم بيزسترات، وإنما على الأرجح احتواء لشعبية الظاهرة المسرحية. وقد اكتملت حلقة هذا الاحتواء مع البناية المسرحية التي اتسم تصميمها الهندسي بالطابع البرجوازي الصرف، إذ خصصت الأولى لعلية القوم، إلى الحد الذي غدت فيه البناية “مرآة لتراتب اجتماعي. إن القيمة المتباينة للمقاعد من حيث الرؤية والسمع والراحة، لا تتعلق بعجز تكنولوجي. فهي تعيد إنتاج نظام لا يتيح للحانوتي أن يتمتع بنفس امتيازات الأمير”([9]).
لقد غدت التراجيديا الإغريقية وسيلة الساسة الإغريق لإضفاء طابع الارستقراطية على الاحتفالات، واغتيال الشعبية الواسعة التي ارتسمت بها خارج الأسوار الإسمنتية ومعتقل البناية المغلقة، وعندما تحدد غاياتها الأساس في التطهير، فإنها بذلك تحمل في ثناياها تحذيرا ضد الثورة على الواقع. بل تعنى بشكل واضح “تطهير المتفرج من نزعة الثورة على الأوضاع الاجتماعية، والأطر العقائدية، مهما كانت ظالمة أو فاسدة”([10]).
هذا، وإن انفصال (تيسبيس) عن الجوقة واعتلائه المنصة قد لا يمثل مؤشرا على بداية ظهور المسرح من خلال بروز الممثل الأول، بل أيضا بداية التوظيف السياسي للتراجيديا، من خلال إضفاء طابع الفردانية وسمة الأرستقراطية على المسرح بعد أن كان شكلا احتفاليا بامتياز. وهذا ما تنبه اليه فريدريك نيشه بوعيه النقدي المتفجر، حين اكد ان النشوة المباركة المستوحاة من قبس الطبيعة الديونيزوسية قد عملت على تهشيم مبدأ الفردانية([11]).
ففي البدء كان المسرح “هو الجوقة والجمهور والشعب، وكانوا الأبطال الحقيقيين، وعندما أبدع تيسبيس البطل، أضفى بكيفية طبيعية الطابع الأرستقراطي على المسرح الذي كان موجودا من قبل ذلك في أشكاله الطبيعية للتظاهرات الجماهيرية والأعياد والاحتفالات”([12]).
إن ابتداع فكرة (البطل) لا تؤشر على بداية المسرح، لأن هذا الأخير وجد بدءا في أشكاله الجماعية الشعبية، وتم نشره واحتواؤه من لدن الأرستقراطية، ومنذ ذلك الحين أضحى المسرح متضمنا داخل البناية، في حين يعارض “خالد أمين” كل الآراء التي ترى أن الأشكال الشعبية ليست مسرحا، لأن المسرح ليس محددا بالبناية، فهو مفتوح على الأشكال والمظاهر الاحتفالية المختلفة والمتعددة.
لا شك أن هذه التصورات تستوجب ضرورة تغيير زاوية النظر إلى المسرح، من خلال إعادة الاعتبار للعديد من الأشكال الفرجوية غير الغربية التي طالما وسمت بأشكال ما قبل المسرح، حيث “يحتاج المسرح إلى المراجعة وإعادة التأويل والكتابة باستمرار، وبالتالي إلى التحرر من الوحدة المتمركزة المتضمنة بين سطور وصفحات تاريخ المسرح الغربي وهوامشه”([13]).
وعلى هذا الأساس، فإن وسم التقاليد الفرجوية غير الغربية بأنها ظواهر ما قبل مسرحية ولا مسرح أمر يحتاج إلى المساءلة والنقد والفحص الدقيق، لأنها لم تخل من التوظيف السياسي، فليست التراجيديا الإغريقية مجرد تشكل جمالي وفني، بل هي صوت فكري بارز في المجتمع الإغريقي وظفت لخدمة أغراض وأهداف سياسية للإغريق، حيث أصبحت “التراجيديا الشكل الفني الأكثر هيمنة، بل الأكثر إثارة للجدل باعتبارها سردا للعنف والسلطة”([14]).
وحتى تؤسس الذات الغربية لنفسها أسطورة الماضي العريق والأصل الذهبي، فقد تجاهلت كل ما يثبت التأثير الشرقي والمصري في الحضارة اليونانية، وتبعا لذلك أصبح الغرب هو مركز العالم وكل من حوله يدور في فلكه كونه يحمل أسباب التفوق والحضارة، ولا يمكن لأحد أن يعارض قانونه، بينما الشعوب الأخرى غير مؤهلة للحضارة، “فالأوروبيون هم شعوب الأرض الأكثر تهذبا، والأكثر تمدنا، والأحسن ف الفضائل العسكرية والمدنية، إنهم أكثر بسالة، وأكثر فطنة، وأكثر كرما، وأكثر نعومة، وأكثر اجتماعية، وأكثر إنسانية”([15] ).
يؤكد البير ريفو هذا التمركز الغربي الواضح الذي لا يخلو من التحيز، في قوله: “إن فنوننا وعلومنا وفلسفتنا وجزء من نظمنا ترجع أصولها إلى اليونان… إذ لولا اليونان لكان من المحتمل ألا تكون لنا قواعد للغة ولا الرياضة ولا منطق ولا قوانين ولا طب ولا فلك ولا فن مسرحي، وهم في الأغلب قد صاغوا الفروض الهامة كالتي يعيش عليها تفكيرنا، أما المعتقدات التي تؤلف هيكل ديننا فلعلها لم تكن تبرز يوما إلى الوجود لو لم يمهد لها اليونان”([16]).
والحق أن الحضارة اليونانية لا تتمتع بالأصالة الخالصة، لأنها تأثرت بما سبقها من حضارات، كالحضارة المصرية القديمة وحضارات الشرق القديم، يقول جورج سارتون في هذا الصدد: “انه لم يكن بالإمكان أن تحقق الثقافة اليونانية معجزتها العلمية بغير أصولها الشرقية، ومن ثم فليس للغربيين استبعاد الأب وهو كناية عن التراث المصري القديم”([17]). فمهما بلغت الثقافة اليونانية من العمق، ما كان من الممكن أن تتحق كشوفتها العلمية المعجزة بغير هذه الأصول الشرقية، مما يؤكد وجود عناصر أجنبية في عمق الثقافة اليونانية التي تدعي الجوهرانية والنقاء.
كما أن العديد من المقارنين أمثال: بيل أشكروفت، غاريث غريفت، هيلين تيفين، أماطوا اللثام عن حقائق تاريخية طمسها الآخر الغربي الذي يدعي الكونية، وكشفوا عن زيف الثقافة الغربية من خلال العودة إلى النماذج المختلفة في الثقافات الإنسانية الأخرى، خاصة الثقافة الهندية التي تضمنت نماذج مسرحية في فترة ما قبل ميلاد المسيح ، ويعد كتاب (ناتيا شاسترا Natyashastra) لمؤلفه ( بهاراتا Bharata ) من المؤلفات التي قننت لنظرية المسرح السنسكريتي ([18])، حيث لم يأت هذا الكتاب من فراغ، بل ربما سبق تأليفه الإطلاع على العديد من المسرحيات المتنوعة التي ألهمت (بهاراتا) التوصل إلى قوانين الدراما السنسكريتية.
أنكرت الثقافة الغربية الاستفادة من الثقافات الأخرى، واحتفت بما عرف بـ (المعجزة الإغريقية) التي تعد الإبداع والخلق المطلق الذي أنجزه اليونان دون أن يستفيدوا من أية حضارة، في حين كانت الثقافة الغربية بحاجة إلى الثقافات الأخرى مثل الثقافة الشرقية التي يمكن أن تزودها بالدين والروحانية، وبحاجة إلى الحضارة العربية والهندية وصينية وغيرها من الثقافات لبناء ثقافتها.
يعد المسرح الشرقي مرآة ترى فيها الذات الغربية عيوبها وتشوهاتها وقصورها، حيث انصهر العديد من المثقفين الغربيين في العوالم الشرقية التخييلية والروحانية، محاولين اكتساب هذه الجماليات ونقلها إلى الغرب لإعادة التوازن المفقود في هذا العالم الذي عرف بالقتل والغزو والسيطرة والهيمنة الاستعمارية، وهكذا “إن الأوربيين رأوا آسيا تمثل لهم شيئا مجهولا ومختلفا غير مفهوم بل ومثيرا للخوف إنه بلغة علم النفس لغز أمام اللاشعور الغربي، مستودع لكل ماهو سر ملغز مبهم” ( [19]).
وفي هذا السياق اهتم أرطو بالمسرح الشرقي لكون هذا النمط من المسرح زاخرا بالممارسات الطقسية والنزعات الروحية، وبحث في الروافد الحقيقة التي بإمكانها إغناء الفرجة والخروج بها من المألوف والمكرس، وهكذا وقف أرطو على“المسرح الشرقي ذي النزعات الميتافيزيقية المناقض للمسرح الغربي ذي النزعات المادية والنفسية تأخذ الأشكال فيه معناها على شتى المستويات(…) تستمد الأشكال قدرتها على إثارة الانفعال والسحر”([20])، وقد ساعده ذلك على افتراض مسرح احتفالي يرتبط بالطقوس التي تعد تمرينات شعائرية وتعبيرا عن الحاجة السحرية الروحانية.
كما تأثر بريخت بالدراما الشرقية وبفكر الأديان الشرقية مثل (بوذا وكونفشيوس)، وتأصلت اتجاهات بريخت الفكرية باهتمامها المتزايد بالأشكال والشخصيات والموضوعات الشرقية خاصة بمسرح “نو” ” No” ومسرح “الكابوكي” ” Kabuki” اليابانيين والدراما الصينية([21])، حيث كانت “مسرحيات بريخت التعليمية هي مسرحيات “نو” اليابانية ذات مضمون دياليكتيكي” ([22] ).
وبذلك فان نقاء الثقافة الغربية، ومن ثم طهر المسرح الغربي وصفاءه من التأثير الشرقي، هو إحدى اليوتوبيات التي تتكسر على صخرة التناسج الثقافي، إذ ليس ثمة ثقافة منفردة ونقية وطاهرة، بل من المتعذر تعيين الهوية استنادا إلى خصوصية نقية أو خالية من تأثير الآخر، وبذلك انفلتت الثقافات من تنائيات الشرق والغرب، الذات والآخر، السيد والعبد، والداخل والخارج ([23]) لتنخرط في عصر جديد قوامه التلاقح الثقافي والانفتاح المنتج والخلاق.
- ثقافة المقاومة: تثمين الثقافات الفرجوية المختلفة:
لم يكن إضفاء سمة الكونية على التقاليد الفرجوية الأوروبية فاعلية تتسم بالحياد، بقدر ما كانت سلطة تدعم خطابا واسعا محبوكا للنزعة المركزية الاستعمارية، كما أنها مارست الاحتواء المادي لأراضي وممتلكات وتاريخ الشعوب المختلفة، فضلا عن هويتها وثقافتها، حيث شكلت تبعية الخطاب الفني للسياسي إستراتيجية أساسية لهذا الخطاب الاستعماري. وفي هذا صدد يرى خالد أمين أن مسرحيات شكسبير باعتبارها دعما للخطاب الكولونيالي، وبوصفها معيارا كونيا للفن الدرامي، تهدف إلى تشكيل دونية الممارسات المسرحية غير الأوروبية([24])، وتعتبر واحدا من تجليات ما أطلقت عليه غياتري سبيفاك “العنف الابستيمي للإمبريالية”([25]).
من هنا لا ينبغي للمسرح الغربي أن يتمثل باعتباره أصلا للمسرح الإنساني، “بحكم أن الوقت قد حان لإعادة الاعتبار للأشكال الأخرى للتقاليد الفرجوية/المسرحية التي وجدت قبلا خارج أسار المركزية الأوربية، وعلى أفضل تقدير في الحدود الفاصلة بين الدراما واللادراما والمسرح وما قبل المسرح (مع مراعاة خصوصيات التجنيس)”([26]).
إن المسرح الفرعوني ضارب في عمق التاريخ بمئات السنين قبل ولادة المسرح الإغريقي، إلا أنه ظل حبيس المعبد ولم يعرف تطورا كما عرفته الدراما الإغريقية التي انتقلت من الجانب الديني إلى المجال الفني والركحي. وفي هذا صدد يشير عبد الواحد ابن ياسر إلى كون الدراما والدين يتلازمان تلازما قويا خلال تاريخهما، ويعودان معا إلى جدع مشترك في الطقوس الدينية ([27])، فالمسرح الفرعوني كغيره من المسارح العالمية التي نشأت تحت عباءة الدين، ويعتبر واحد من أسرار الحضارة المتجذرة بعمق في الثقافة الإنسانية، فالمسرح الفرعوني “غير متحرر من الإرغامات اللاهوتية، وكان من تم عاجزا عن مغادرة المسرح”([28]).
كما يعتبر خالد أمين طقس التعزية من التقاليد الفرجوية التي عرفها العالم العربي الإسلامي قبل دخول المسرح الغربي، حيث “يعتبر الطقس المعروف بالتعزية مثلا من بين أمثلة أخرى، إنه الفضاء المصوغ المحتفى باستشهاد تاريخي للحسين وعائلته واصحابه، وربما كانت التعزية الشكل الأكثر تراجيدية في التقاليد الفرجوية الإسلامية”([29])، حيث تعد التعزية شكلا دراميا ممسرحا يحتفي بالمقتل التراجيدي لبطل كربلاء: الحسين بن علي، وتزداد المأساة في مشهد تخلي المشايعين عن نصرته في حين يقاتل الحسين حتى “آخر نفس من أجل مبادئ لا تخصه وحده بل تخص الآخرين”([30]).
تختزن التعازي واحتفالات عاشوراء عناصر درامية تتجلى في رسم ملامح الشخصيات التاريخية، في الملابس والأدوات والمواكب ووسائل الإيهام، كما أن النص يعيد عبر السرد الأحداث التاريخية التي وقعت الواحد والستين للهجرة في كربلاء، وبذلك تتوفر فيه كثير من مقومات المسرح، وإن كان هذا المسرح يتخذ شكلا جماهيريا حيا، أي شكل ما يمكن تسميته بــ (المسرح المعاش)، حيث الناس أنفسهم ممثلون ومتفرجون يعيدون إحياء حدث تاريخي مؤثر، ويحيون تفاصيل شجونه ويتطهرون في بحر فاجعته.
وتمثل التعازي الشيعية في الأيام العشر الأولى لشهر محرم طقسا مسرحيا لتقديم العزاء مصحوبا بالبكاء والندم، ويتضمن “العرض عناصر من التعذيب والعنف التي يحدثها العارضون/ المؤدون اراديا على ذواتهم”([31])، فالطقس هو محاولة لتذكير الشيعة بثأرهم القديم، ليتحول الندم إلى حالة نفسية نص عليها أرسطو نعني هنا التطهير، نتيجة الشعور بالذنب التاريخي مؤديا من تم إلى إفراغ عاطفي وتطهير جماعيين.
لم تكن التعزية محصورة في فضاء الحسينات، وإنما تجاوزها إلى شارع، حيث أضحى “العرض فرجة متميزة منبعثة باستمرار من خلال عرض متبلور يعكس الازمة القربانية ويؤدي الى ترويض جمعي وافراغ تطهيري” ([32])، وعليه تكتسي احتفالات عاشوراء طابعا احتفاليا جياشا في مجتمعات المغرب العربي، وتختلط فيها الإيماءات بالتنكر وألعاب الأقنعة والرقص وألعاب النار والكرنفال، كما تكتسي طابع الحدث الفرجوي الذي يميل إلى “الكوميديا: ذلك انها حفلة تنكرية جمعية تنخرط فيها جماعة بأكملها في صناعة الفرجة ويحافظ حدث استشهاد الحسين على وجوده باعتباره ماهية الحفلة التنكرية، وان كان قد اعيد بعثه من خلال ايلاء اهمية اوفر للطفل (اقتناء لعب للأطفال، اعادة صوغ اجسادهم للعب أدوار مختلفة في الألعاب الجماعية)”([33])، فانتهاء احتفال عاشوراء في الليل بفرجة تطهيرية بواسطة الطبول والنار والماء والرقص حول النار وعملية رش الماء المتبادلة رمزيا فعلين تمثيليين للتطهير. إن التعزية وعاشوراء “تفصحان عن حضورهما باعتبارهما دلائل على سلوكات فرجوية متجذرة في عمق البنى الاجتماعية الإسلامية” ([34]).
لم يكن طقس التعزية هو الشكل المسرحي الوحيد الذي يقوض فكرة أصل المسرح الغربي، بل أفرز العالم العربي ممارسات فنية وتقاليد فرجوية أخرى صاغت الذوق الفني وتجاوب معها المتلقي وسعى إليها، ونشير في هذا الصدد إلى (خيال الظل) المرتبط (بمحمد بن دانيال يوسف الخزاعي)([35]) ، حيث كان هذا الشكل الفرجوي “الدليل المادي الاقوى الذي يفكك المغالطة المتمركزة فيما يتعلق بالأصل المسرحي”([36])، يعتمد خيال الظل على مهارة اللاعبين، أما النص فليس سوى المرشد الوحيد في عملية الإنجاز والأداء والتنفيذ، إننا أمام مشخص وجمهور قبالة شاشة على شكل قماش أبيض تتراءى من خلاله ظلال الأشباح مما يظهر حالة تمسرح واضحة، وهكذا “يجمع مسرح خيال الظل بين فن التشخيص بالإشارات، وبين الموسيقى والتصوير والشعر، وشخوصه الشفافة، تظهر على شاشة الكتان المضاءة من الخلف تخييلا”([37]).
يبقى مسرح خيال الظل التقليد الفرجوي الوحيد في العالم العربي الوسيط الذي يرتبط بالنص المكتوب، ويعتبر ابن دانيال المسرحي العربي الأول بامتياز، فقد كتب ثلات مسرحيات لخيال الظل تحت عنوان (طيف الخيال) وهي “من أقدم المسرحيات التي نعرفها، والمسرحية الوحيدة التي وصلت إلينا من العصور الإسلامية الوسيطة”([38])، بالإضافة إلى مسرحية (عجيب وغريب) و(المتيم الضائع اليتيم).
علاوة على طقس التعزية وفرجة خيال الظل، عرف العرب تقاليد فرجوية وممارسات فنية عديدة شكلت ذاكرة شعبية استمد منها المجتمع العربي وجوده وهويته الفنية، تنغرس جذورها في أعماق المتخيل الجمعي والشعبي الذي لا ينضب، من قبيل: السامر الشعبي، والحكواتي، وقره قوز، والحلقة ولبساط، وسيدي لكتفي، وعبيدات الرما وغيرها من الاشكال الفرجوية المختلفة.
وتحت ذريعة تحديث المجتمع العربي، كانت الإستراتيجية الاستعمارية قوية ومحكمة ومؤثرة، إذ أضحت الأشكال الفرجوية العربية تؤشر على المجتمع القديم ليستبطن الإنسان العربي تصورا سلبيا عن ذاته وتاريخه وثقافته، وتتجه الذات العربية في مقابل إلى تبني النموذج المسرحي الغربي، فتأثير الخطاب الأوروبي المتمركز يحجب الاختلاف، حيث تبقى العديد من “الظواهر المسرحية محجوبة في دوائر الأشكال الشعبية العربية الإسلامية في التشخيص والاحتفال” ([39]).
كانت الفرجة العربية مثار جدل واسع بين المستشرقين والعرب على حد سواء فيما إذا كانت أشكال الفرجة هذه عناصر مولدة للمسرح أو مسرحا بالفعل، ويعود ذلك إلى ثلات مواقف يمكن أن نلخصها في ما يلي:
الأول: يرى أن أشكال الفرجة هذه على الرغم من احتوائها على عناصر درامية، ليست مسرحا، وفي هذا الصدد يقول محمد يوسف نجم: “إذا أردنا الحديث عن المسرح، كفن له أصوله وأدبه، فعلينا أن نسقط من حديثنا (…) ألوانا من التسلية الشعبية كخيال الظل والقره قوز وأعمال المقلدين والشعراء الشعبيين، فمثل هذه الألوان لا تندرج في سجل هذا الفن، وان حوت بعض عناصره الشكلية” ([40])، كما يزعم جيمس هاستينغ أن العرب لا يتوفرون على مسرح خاص بهم، وإنما على مسارح شعوب أخرى مكتوبة باللغة العربية([41]).
الثاني: يرى أن هذه الأشكال الفرجوية تمثل مسرحا خالصا يضم كل عناصر (التمسرح) التي تتقاطع مع النظرة الدرامية الأرسطية، وليس من الصواب قياسها على النموذج الأرسطي، وفي هذا الإطار يكشف المستشرق الألماني جورج جاكوب أن للعرب دراما وإن خالفت النهج الإغريقي، وأن معرفتهم للفن الدرامي أقدم مما نسب لمارون النقاش([42])، حيث عثر جورج جاكوب (1862-1937) على ثلاث مخطوطات تتضمن مسرحيات (خيال الظل) مذيلة بتوقيع ابن دنيال. وبالتالي أثبت جاكوب أن للذات العربية أشكالا فرجوية مختلفة ومتعددة، ينبغي البحث في جمالياتها وقوانينها الدرامية الخاصة.
الثالث: يرى أن هذه الأشكال مظاهر شبه درامية، أو هي نواة مولدة للمسرح، لكن أغلبها لم يتطور إلى الشكل الدرامي الأرسطي المعروف لأسباب منها ذاتية وأخرى موضوعية، في هذا السياق يرجع المستشرق جورج لاندو غياب المسرح في العالم العربي إلى العلل التالية: ([43]).
- لم تكن الشعوب التي ارتبط بها العرب قد طورت المسرح بعد.
- كانت المرأة ممنوعة كليا من الظهور فوق الخشبة.
نستخلص أن الذات العربية لم تعرف المسرح بالمعنى الدقيق للكلمة والشكل، لكنها عرفت عبر تاريخها (فرجات) مثل: السامر الشعبي، الحكواتي، وغيرهما، لهذا كانت العودة إلى الممارسات الفنية والتقاليد الفرجوية المحلية عودة مطلوبة، لأنها تمثل الهوية التي عملت الممارسات الاستعمارية على طمسها وتشويهها، بغية التحرر من النزوع الغربي الرامي إلى الهيمنة والسيطرة، حيث جنح البعض إلى رفض الآخر كرد فعل لمقاومة عملية الهيمنة التي يمارسها الغرب لطمس الهوية الوطنية، لكن لا جدوى من التمسك بهوية نقية كخيار للمقاومة، لأن الثقافة والفن تجارب مشتركة، إذ لا بد من الوصل لا الفصل والانفتاح لا الانغلاق.
غالبا ما تستعاد العناصر التراثية التي استبعدها المستعمر أثناء فعل المقاومة الثقافية والفنية، لأنها تمثل الهوية والذاكرة، لا ينبغي المبالغة في المقاومة المؤسسة على التعصب لما هو أصلي ومحلي مقابل العداء لما هو غربي، فهذا الخيار في جوهره تكرار للنموذج الاستشراقي الذي يعمد على إنتاج ذات الثنائيات الموهومة والتقسيمات التراتبية.
يحذر إدوارد سعيد من المبالغة في المقاومة المؤسسة على التعصب لما هو أصلي في مقابل العداء لما هو أوروبي، فاستبدال موظفين إداريين بيض بموظفين إداريين بلون آخر لا يحل المشكلة وإنما قد يزيدها تعقيدا، إذ “إن الرد على الاستعمار لا ينبغي أن يكون بقومية تعصبية وضيقة، وإنما بتقديم نمط من الوعي الخلاق الذي يمكن من تجاوز الانقسام العرقي الذي هو من مخلفات الاستعمار”([44]).
وهكذا تصير المقاومة بمثابة عملية إعادة اكتشاف، وفك أسر ما كان مقموعا من قبل. وتلك هي التراجيديا الجزئية للمقاومة لأنها مطالبة باسترداد أشكال ما قبل استعمارية، ما دام الشعب المستعمر “لا يمكن أن يدير ظهره إلى فكرة وجود ثقافة جمعية ما قبل استعمارية وماض ينتظر من يجده”([45]). وحتى لا يتحول هذا الوعي بالأشكال ما قبل الاستعمارية إلى نزعة شوفينية متعصبة وإلى صيغة تقديسية تخاطب الأموات، وجب تكسير الحواجز والحدود بين الفنون والثقافات للوصول إلى التشابك الفني.
لائحة المصادر والمراجع:
- أنطونان أرطو، المسرح وقرينه، ترجمة: سامي أسعد، دار النهضة العربية، ط.1، القاهرة، 1973.
- إدوارد سعيد، الثقافة والامبريالية، ترجمة: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1997.
- أنيا لومبا، في نظرية الاستعمار ومابعد الاستعمار الأدبية، ترجمة: محمد عبد الغني غنوم، دار الحوار، ط.1، 2007.
- البير ريفو: الفلسفة اليونانية أصولها وتطوراتها: ترجمة: عبد الحليم محمود، ابو بكر زكري، مكتبة دار العروبة، القاهرة.
- أوين فرديك، بريخت فنه وعصره، ترجمة: إبراهيم العريس، دار ابن خلدون، بيروت، 1983.
- بيل أشكروفت – غاريث غريفت – هيلين تيفين، الرد بالكتابة النظرية والتطبيق في آداب المستعمرات السابقة، ترجمة: شهرت العالم، المنظمة العربية للترجمة، ط.1، بيروت 2006.
- جي جي كلارك، التنوير الآتي من الشرق، اللقاء بين الفكر الاسيوي والفكر الغربي، ترجمة: شوقي جلال، عالم الفكر، العدد 346، ديسمبر، 2007.
- جورج سارتون، تاريخ العلم، ترجمة: جورج حداد، ماجد فخري، محمد يوسف نجم، جميل علي، كمال اليازجي، دار المعارف، القاهرة.
- خالد أمين، مساحات الصمت غواية المابينية في المتخيل المسرحي، منشورات اتحاد كتاب العرب، ط.1، 2004.
- خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، منشورات الطوبريس، ط.1، طنجة المغرب،
- عبد الله إبراهيم، المطابقة والاختلاف، المركزية الغربية، إشكالية التكون والتمركز حول الذات، المركز الثقافي العربي، ط.1، 1997.
- عبد الواحد ابن ياسر وآخرون، الفرجة بين المسرح والانثروبولوجيا، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط.1، الدار بيضاء، 2000.
- غياتري سبيفاك، العرق قبل العرقية اختفاء الامريكي، في كتاب جماعي: الحق يخاطب القوة: إدوارد سعيد وعمل الناقد، ترجمة، فاطمة نصر، المحرر: بول بوفيه، إصدارات سطور، ط.1، 2001.
- فريدريك نيتشه، مولد التراجيديا، ترجمة: شاهر حسن عبيد، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط.1، سورية، ، 2008.
- كامل يوسف حسين، الدخول من بوابات الليل مسرح النو… أي رسالة يحملها لنا، ، مجلة نزوى، ع.6، مؤسسة عمال للصحافة والنشر والإعلان، 1996.
- مدحت جبار، البحث عن النص في المسرح العربي، دار النشر للجامعات المصرية، ط.2، 1995.
- محمد يوسف نجم، المسرحية في الأدب العربي الحديث، دار الثقافة، ط.3، بيروت، 1980.
- هومي بابا، موقع الثقافة، ترجمة: ثائر ديب، المركز الثقافي العربي، ط.1، الدار بيضاء، 2006.
- نهاد صليحة، ضمن مقدمة: برتولد بريشت، الارجانون الصغير، ترجمة: فاروق عبد القادر، هلا للنشر والتوزيع، ط.1، بيروت، 2000.
- Jean Jacques Roubine : théâtre et mine en scène, PUF, Paris, 1980.
[1] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، منشورات الطوبريس، ط.1، طنجة المغرب، 2002. ص: 74.
[2] – نفسه، ص: 75.
[3] – الصفحة نفسها.
[4] – محمد يوسف نجم، المسرحية في الأدب العربي الحديث، دار الثقافة، ط.3، بيروت، 1980، ص: 17.
[5] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 77.
[6] – نفسه، ص: 42.
[7] – نفسه: ص: 31.
[8] – نفسه، ص: 52.
[9]– Jean Jacques Roubine : théâtre et mine en scène, PUF, Paris, 1980, p : 87.
[10] – نهاد صليحة، ضمن مقدمة: برتولد بريشت، الارجانون الصغير، ترجمة: فاروق عبد القادر، هلا للنشر والتوزيع، ط.1، بيروت، 2000، ص: 10.
[11] – فريدريك نيشه، مولد التراجيديا، ترجمة: شاهر حسن عبيد، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط.1، سورية، 2008، ص: 124.
[12] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 55.
[13] – نفسه، ص: 57.
[14] – نفسه، ص: 54.
[15] – عبد الله إبراهيم، المطابقة والاختلاف، المركزية الغربية، إشكالية التكون والتمركز حول الذات، المركز الثقافي العربي، ط.1، 1997، ص: 18.
[16] – البير ريفو: الفلسفة اليونانية أصولها وتطوراتها: ترجمة: عبد الحليم محمود، ابو بكر زكري، مكتبة دار العروبة، القاهرة، ص: 24.
[17] – جورج سارتون، تاريخ العلم، ترجمة: جورج حداد، ماجد فخري، محمد يوسف نجم، جميل علي، كمال اليازجي، دار المعارف، القاهرة، ص: 152.
[18] – بيل أشكروفت – غاريث غريفت – هيلين تيفين، الرد بالكتابة النظرية والتطبيق في آداب المستعمرات السابقة، ترجمة: شهرت العالم، المنظمة العربية للترجمة، ط.1، بيروت، 2006، ص. 195.
[19] – جي جي كلارك، التنوير الآتي من الشرق، اللقاء بين الفكر الاسيوي والفكر الغربي، ترجمة: شوقي جلال، عالم الفكر، العدد 346، ديسمبر، 2007، ص: 15.
[20] – أنطونان أرطو، المسرح وقرينه، ترجمة: سامي أسعد، دار النهضة العربية، ط.1، القاهرة، 1973، ص.108.
[21] – تعود أصول مسرح ( النو ) الياباني إلى العقيدة الدينية اليابانية والأسطورية على وجه التحديد، إذ أدت الديانتان “الشنتوية” و”البوذية” دورا كبيرا في تكوين المرجعيات الأنثروبولوجية له، كما أثّر النظام الطبقي في اليابان على الوضع المسرحي بشكل كبير، فعلى الرغم من وجود الأشكال المسرحية المتعددة التي كانت نتاجا للطبقات الشعبية كمسرح (الكابوكي) مثلا ، كان الشكل الأبرز في المسرح الياباني يتمثل في نتاج الطبقة الأرستقراطية المسمى مسرح (النو No) ويمزج هذا الشكل بين الرقص والغناء والدراما. أما (الاوبرا) الصينية تمثل الشكل الأدائي الأساس من بين الأشكال ما قبل المسرحية (اللاأرسطية) التي نشأت في الصين ، فعلى الرغم من التأثيرات الجمالية التي مارستها الهند في الفنون الصينية بفعل المبشرين البوذيين الذين نشروا الديانة البوذية في الصين، استطاع المسرح الصيني وعبر قرون عديدة أن يحقق جمالياته الخاصة به، تلك الجماليات المستمدة من مرجعيات دينية وأسطورية شكلت المخيلة الأنثروبولوجية للشعب الصيني. أنظر “الدخول من بوابات الليل مسرح النو… أي رسالة يحملها لنا”، كامل يوسف حسين، مجلة نزوى، ع.6، مؤسسة عمال للصحافة والنشر والإعلان، 1996.
[22] – أوين فرديك، بريخت فنه وعصره، ترجمة: إبراهيم العريس، دار ابن خلدون، بيروت، 1983، ص: 140.
[23] – هومي بابا، موقع الثقافة، ترجمة: ثائر ديب، ط.1، المركز الثقافي العربي، الدار بيضاء، 2006، ص: 11.
[24] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مصدر سابق، ص. 41.
[25] – غياتري سبيفاك، العرق قبل العرقية اختفاء الامريكي، في كتاب جماعي: الحق يخاطب القوة: إدوارد سعيد وعمل الناقد، ترجمة، فاطمة نصر، المحرر. بول بوفيه، إصدارات سطور، ط.1، 2001، ص. 76.
[26] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 57.
[27] – عبد الواحد ابن ياسر، حدود أشكال الفرجة التقليدية –مقاربة أنثروبولوجية-، في كتاب جماعي: الفرجة بين المسرح والأنثروبولوجيا، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط.1، الدار بيضاء، 2000، ص: 41.
[28] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 62.
[29] – نفسه، ص: 63.
[30] – مدحت جبار، البحث عن النص في المسرح العربي، دار النشر للجامعات المصرية، ط.2، 1995، ص: 33.
[31] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 64.
[32] – نفسه، ص: 64.
[33] – نفسه، ص: 65.
[34] – الصفحة نفسها.
[35] – محمد بن دانيال يوسف الخزاعي: يعد ابن دانيال (646هـ) أشهر من كتب بابات خيال الظل، ولقد سمي هذا الفن الدرامي بخيال الظل لأن التمثيل كانت تقوم به الدمية عوض عن الممثل الآدمي، فقد كانت تقطع الشخوص البابة من الجلد أو الورق، وتعلق بخيوط خفية تعكس إضاءة قوية على هذه الشخوص، فيظهر ظلها على الشاشة البيضاء، ويرى بعض المستشرقين مثل جورج جاكوب أن هذا الفن ذو أصل هندي، إذ وجد في كتاب قديم (تيري جاتا) إشارات لخيال الظل، ورأى آخرون منهم جورج لاندو أن الصين كانت موطنه الأصلي. أنظر: مدحت جبار، البحث عن النص في المسرح العربي، مرجع سابق، ص. 34. ثم، عبد الواحد ابن ياسر، حدود أشكال الفرجة التقليدية – مقاربة أنثروبولوجية-، في كتاب جماعي: الفرجة بين المسرح والأنثروبولوجيا، مرجع سابق، ص. 54.
[36] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 65.
[37] – عبد الواحد ابن ياسر، حدود أشكال الفرجة التقليدية –مقاربة أنثروبولوجية-، في كتاب جماعي: الفرجة بين المسرح والأنثروبولوجيا، مرجع سابق، ص: 55.
[38] – خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 65.
[39] – نفسه، ص: 70.
[40] – محمد يوسف نجم، المسرحية في الأدب العربي الحديث، مرجع سابق، ص: 17.
[41] – جيمس هاستينغ، ضمن: خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 68.
[42] – جورج جاكوب، ضمن: خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 65.
[43] – جورج لاندو، ضمن: خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، مرجع سابق، ص: 68.
[44] – إدوارد سعيد، الثقافة والامبريالية، ترجمة: كمال أبو ديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1997، ص: 273.
[45] – أنيا لومبا، في نظرية الاستعمار ومابعد الاستعمار الأدبية، ترجمة: محمد عبد الغني غنوم، دار الحوار، ط.1، 2007، ص: 185.