
مفهوم سيادة الدولة عند جماعات الإسلام السياسي
الأستاذ الدكتور عبد العظيم أحمد عبد العظيم، أستاذ الجغرافيا السياسية قسم الجغرافيا
كلية الآداب، جامعة دمنهور مصر.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 12 الصفحة 11.
مقدمةيعد مصطلح السيادة من المصطلحات التي برزت في العصور المتأخرة حين تم وضع الدساتير والقوانين الحديثة على الرغم من أن مفهوم السيادة قد بحث وإن كان بمسميات مختلفة، وقد كان التاريخ سبباً مباشراً في نشوء الصراع حول مفهوم السيادة مما أدى إلى بروز هذا المصطلح، فقد ظهرت الفكرة ـ تاريخياً ـ مع الرومان في بداية عهدهم، لإعطاء الإمبراطور سلطة واسعة بل مطلقة في إدارة شئون الإمبراطورية، وإضفاء قدسية دينية على هذه السلطة، وقد ترسخ هذا المفهوم مع الفكر المسيحي، فبرزت فكرة الحق الإلهي، أو التفويض الإلهي في الحكم، التي جعلت “القيصر” أو الإمبراطور يستعين برجال الدين لفرض هذه الفكرة وتوسيع سيطرته على الإمبراطورية وقد استمر هذا المفهوم لمصطلح السيادة حتى بدايات عصر النهضة الأوروبية.
وقد ساند ذلك فكر سياسي واسع كان من أبرز رجاله “مكيافيللي” في إيطاليا الذي نادى عام 1513م في كتابه “الأمير” بنظريته في أهمية السيادة بالقوة للأمير حتى يستطيع أن يسيطر على الدولة ويحافظ على وحدتها، وفي فرنسا، كان جيهان بودان عام 1576م الذي دافع عن سيادة الدولة، حيث جعلها “تسمو على القانون” بل جعل الديمقراطية أسوأ نظم الحكم والنظام الملكي المطلق أكثر صلاحا!!ً[1].
ثم ظهر الفيلسوف الإنجليزي “هوبز” حيث أسس لفكرة العقد الاجتماعي، ثم جاء بعده “لوك” وختمت هذه المرحلة بظهور نظرية العقد الاجتماعي على يد الفيلسوف الفرنسي، جان جاك روسو، وهكذا انتشرت فكرة السيادة للأمة من خلال تلك النظريات وما أسفرت عنه من ثورات في عدد من الدولة الأوربية كان في مقدمتها ثورة عام 1688م في إنجلترا، التي نقلت السيادة المطلقة من يد الملك لتكون سلطة مشتركة بينه وبين الشعب ثم جاءت الثورة الفرنسية عام 1789 وأنهت السيادة المطلقة للملك وجعلتها بيد الأمة، وقد أكدت وثيقة الاستقلال الأمريكية على أن السيادة للشعب[2].
أولا – السيادة لله أم للأمة؟:
إن الصراع بين السلطتين الدينية والمدنية لم ينشأ في التاريخ الإسلامي إلا في العصور المتأخرة حين حاول بعض الباحثين وأساتذة الفكر في البلاد الإسلامية تطبيق مفهوم السيادة ـ بصورته الغربية ـ مع البلاد الإسلامية متأثراً بمدارس القانون الدستوري لديهم، ومحاولاً اصطناع صراع على السيادة بين الدين والأمة، وهو منهج يشبه ـ إلى حد ما ـ الصراع الذي نشأ في البلاد الإسلامية عبر التاريخ من خلال حول مفهوم “الحاكمية” الذي يمكن أن يشبه مفهوم السيادة في الفكر الغربي، حيث بدأ الخلاف منذ عصر الفتنة حين انتقلت الفكرة من جانبها السياسي لتصبح جزءاً من العقيدة كما هي عند الخوارج، فقالوا قولتهم المشهورة “لا حكم إلا لله”، وقد أدرك الإمام علي t، ومن معه دلالة الفكرة وأثرها على حياة المسلمين ومستقبلهم، إذ لم يكن الخلاف بينه وبين الخوارج أو مع غيره ممن خالفه خلافاً عقدياً بل خلاف سياسي، لذلك رد عليهم بكلمته المشهورة “كلمة حق يراد بها باطل” فقد قرر مبدأ “الحاكمية” أي المرجعية العليا في كل شأن من شئون الحياة سواء كان من جانب العقيدة أو العبادة أو الأخلاق أو المعاملات أو السياسة أو غيرها، فإن مرجعيته إلى الله، لا كما فهمها الخوارج بأن كل أمر “تفصيلي” مرجعه إلى الله[3].
ولم تكن مسألة الحاكمية هي المسألة السياسية الوحيدة التي انتقلت إلى العقيدة أن في تلك المرحلة. بل كانت هناك مسائل أخرى مثل “الإمامة” عند الشيعة إذ عدّوها من قضايا العقيدة، وألزموا بوجوب الإيمان بها، وعلى الرغم من هذه الخلافات إلا أن مفهوم “الحاكمية” أو “السيادة” كمفهوم سياسي لم تكن تدور حوله خلافات كثيرة، إذ كانت الشريعة الإسلامية هي السائدة بصفة عامة في حياة المسلمين وخاصة في أحكامهم وأقضيتهم وشئون حياتهم، ولم ينازعها في ذلك قانون أو نظام آخر، ولذلك كان ينظر إلى مفهوم السيادة أو “الحاكمية” نظرة واحدة باعتبار الشريعة الإسلامية هي المصدر الذي تشْتق منه الأحكام فمصادر الشريعة الأصلية وهما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والمصادر الفرعية أو المختلف منها كالإجماع و القياس و المصالح المرسلة أو غيرها من المصادر الفرعية، كانت هي السائدة في التشريعات والأحكام، إذا لا يوجد مصدر آخر تؤخذ منه الأحكام، وما وقع من خلاف بين الفقهاء، إنما كان داخل هذه الدائرة[4].
ولهذا كان مصطلح “الحاكمية” ومفهومها ـ كمرجعية عليا ـ واضح الدلالة لدى الفقهاء قال الإمام الآمدي ـ رحمه الله ـ “أعلم أنه لا حاكم سوى الله ولا حكم إلا ما حكم الله به”. وقال الإمام الغزالي “لا حكم ولا أمر إلا الله”، أما النبي والسلطان والسيد والأب والزوج فإذا أمروا وأوجبوا لم يجب شيء بإيجابهم بل بإيجاب الله طاعتهم، ولولا ذلك لكان لكل مخلوق أوجب على غيره شيئاً كان للموجب عليه أن يقلب عليه الإيجاب إذ ليس أحدهما أولى من الآخر، فإذا الواجب طاعة الله وطاعة من أوجب الله طاعته.
وإذ كانت هذه الرؤية واضحة عند الفقهاء قديماً، فإن الصراع حول مفهوم السيادة أو الحاكمية تجدد في العصور المتأخرة، لأسباب تاريخية يرجع بعضها إلى غياب المؤسسة الإسلامية الحاكمة المعبرة عن الشريعة الإسلامية (الخلافة ـ الإمارة ـ الدولة ـ الجمهورية) ونشوء حركات ودعوات تسعى لعودة السيادة للشريعة من خلال نظام إسلامي يجعل الحاكمية أو السيادة للشرع، لكن الخلاف وقع أيضاً في دلالة ومفهوم مصطلح “الحاكمية” فقد تشدد بعض المفكرين، والباحثين، كأبي الأعلى المودودي وسيد قطب رحمهما الله، في مفهوم الحاكمية وفاضت كتاباتهما بدلالات هذا الفهم للحاكمية، بل طوّر سيد قطب ـ رحمه الله ـ “مفهوم الحاكمية إلى درجة عالية في فكرة السياسي حتى أصبحت كلمة لا إله إلا الله تعني أن الحاكم الوحيد هو الله جل شأنه وأن السلطة له، وهو رحمه الله لم يميز في هذا بين معنى حاكمية الله في الحكم السياسي، وبين حاكميته جل شأنه للحكم الكوني، أو القضائي، بل فعل كما فعل المودودي حين جعل حاكمية الله في مواجهة حاكمية البشر المتناقضة والمتضاربة والمتعارضة مع عبودية الله جل شأنه وألوهية الله للبشرية، فألغى المودودي أي دور للفرد أو الجماعة في الحاكمية، غير دور التلقي والتطبيق باعتبار أن الله وحده هو الحاكم[5].
وعلى الرغم من الدراسات والردود والإيضاحات التي بينت الرؤية من الحاكمية، إلا أن هذا المفهوم مازال سائداً عند طائفتين إحداهما تجعل من الحاكمية منهجاً لعملها السياسي إذ بنت فكرها وسلوكها وتصرفاتها على فكرة الحاكمية حتى وصلت عند البعض حد التكفير للمجتمع بل ومحاربته ومقاومته لأنه استولى على “الحاكمية” وصرفها عن مدلولها الحقيقي ـ كما يفهمونه ـ ولذا وجبت محاربتهم ومواجهتهم ولو بالقوة، وقد رأينا آثار هذا الفكر ظاهرةً في بعض الأقطار الإسلامية وفي حركات العنف التي اجتاحت أرجاء واسعة من تلك الأقطار.
وعلى الطرف الآخر يقف الرافضون لفكرة النظام السياسي الإسلامي بزعم أن هذا النظام لا يجعل للأمة د ور في صياغة شؤونها وأنه نظام أحادي لا وجود للرأي الآخر فيه و يحمل الناس على غير ما يشتهون، وإنه سيفرض العقوبات والحدود على أفراد الشعب حتى ولو كان بينهم مواطنون من غير المسلمين!!، ويستند هؤلاء على دعواهم تلك بالقول إنه لا توجد فكرة لسيادة الأمة في النظام السياسي الإسلامي، وإن “الحاكمية” هي الفكرة المسيطرة على هذا النظام وهي فكرة تقوم على التفويض الإلهي.
ومن هنا فإن هذا الخلل في الفهم للسيادة في النظام الإسلامي والخلط بين سيادة الأمة والحاكمية قد أدى إلى غياب الرؤية الإسلامية الواضحة لطرح النظام السياسي الإسلامي كنظام قابل للتطبيق في البلاد الإسلامية، و لعل في مقدمة ما يجب تحريره هو مفهوم “الحاكمية” كمشروعية عليا في النظام السياسي الإسلامي، حتى يحسم الخلاف حولها، ثم تحديد دور الأمة في التشريع و مدى سيادتها على التشريعات الحاكمة للشأن العام، فقد اتجه الفقهاء المسلمون في العصر المتأخرة في رؤيتهم للسيادة إلى ثلاثة آراء[6]:
الأول: أن السيادة لله عز و جل دون أن يكون لأحد غيره من الشعب أو الأمة أي صورة من السيادة، و هذا ما رأيناه عند القائلين بأن الحاكمية لله.
الثاني: السيادة المزدوجة: و يقوم هذا الرأي على أن السيادة لله فيما ورد فيه نص قطعي من الكتاب و السنة، وما لم يرد فيه نص، أو نص يحتمل التأويل، فإن السيادة تكون لجماعة المسلمين (الأمة).
والواقع أن هذا الرأي ـ مع وجاهته ـ تشوبه بعض العيوب، و منها فكرة أن التقسيم التي ربما أدت إلى إشكالية المساواة بين الطرفين، و هذا يوقع في خلاف عقدي أكثر منه خلاف سياسي، أما الأمر الثاني فإن الأحكام القطعية من الكتاب والسنة لا خلاف عليها، وعلى وجوب العمل بها، وليس هناك حاجة للاجتهاد فيها، أما الخلاف محل الاجتهاد فهو في دلالات النصوص وفي الحوادث و القضايا المتجددة ـ وكما أشرنا سابقاً ـ فإن معظم أحكام النظام السياسي الإسلامي ليست نصوصاً قطعية، بل هي مستنبطة من القواعد العامة التي جاءت بها النصوص والإعمال فيها يكون من خلال الاجتهاد الذي يتولاه أهل الاختصاص، والذي يكون معبّراً عنه بأهل الحَلِّ والعقد، والتعبير المعاصر من خلال ممثلي الأمة الذين يتم اختيارهم أو انتخابهم لتولي هذه المسألة نيابة عن الأمة و يمارسون السيادة للأمة في ظل الشريعة الإسلامية الحاكمة للجميع.
الثالث: يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن السيادة للأمة، فهي صاحبة السيادة ومنبع السلطات في الدولة الإسلامية، و أصحاب هذا الرأي لا يقولون بإطلاق السيادة للأمة فهي مقيدة بأحكام الشريعة الإسلامية، فإذا خالفت السيادة هذه الأحكام فقدت أساس مشروعيتها، ويتبين من هذا الرأي أن السلطة لا تستند إلى تفويض إلهي، كما أن تصرفات الحاكم والمؤسسات الدستورية الأخرى مقيدة بأحكام الشريعة، وهذا الرأي أقرب إلى النظام الديمقراطي، إلا أنه يختلف عنه بالإطار العام للسلطة و القواعد العامة التي تتيح الاجتهاد ضمنها، أما في النظام الديمقراطي فإنها غير مقيدة بأي إطار، فللأمة مطلق الحق في أن تقر ما تشاء، حتى ولو خالف القواعد الإنسانية القائمة على الفطرة البشرية مثل التشريعات المنظمة للعلاقة بين المحارم أو غيرها من القوانين التي تخالف الفطرة البشرية عدا عن مخالفتها للشرائع الدينية.
إن هذا الخلاف هو الفارق الأساس بين السيادة في الشريعة الإسلامية والنظم الأخرى، ولا نجد خلافاً ـ غير ذلك ـ يعتدّ به ويمكن أن يكون فارقاً بين النظام السياسي الإسلامي والنظم السياسية القائمة على المشاركة وحرية الرأي وحقوق الإنسان وتحقيق المساواة والعدالة، وكلها مبادئ يقوم النظام الإسلامي على أساسها.
ولا شك أن وجود مرجعية عليا حاكمة لتصرفات الأفراد والمؤسسات والجماعات داخل الدولة له تأثيرات كثيرة من أبرزها[7]:
- استقرار القواعد العامة للأنظمة والتشريعات والقوانين التي تسن لتحقيق المصلحة العليا للدولة، فهذه المرجعية تحمي هذه النظم من التغيير والتبديل في أهدافها وغاياتها، وتسمح لها بالتطور والتغيير في تفصيلاتها، وهذا ما يتحقق من خلال استقرار المرجعية والتعامل مع المتغيرات وفقاً لتغير البيئات والظروف والأزمنة.
- 2. تحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين كافة فئات الأمة لوجود أعراق و انتماءات قومية و مذهبية مختلفة، بل في حال وجود أديان أخرى داخل المجتمع الإسلامي، إذ أن الجميع يرجع لمرجعية واحدة تحقق الأهداف العامة لأي نظام سياسي، كما تحدّ من طغيان الأكثرية على الأقلية في النظام البرلماني، إذ أن كل القرارات و التصرفات و القوانين و الأنظمة التي يتم إصدارها تتحقق فيها المبادئ العامة لنظم الحكم من الشورى أو المشاركة كما تتحقق فيها الحرية و العدالة و المساواة.
- الملائمة لكافة النظم السياسية، سواء كانت قائمة على (التاريخية الإسلامية) كالخلافة أو الإمامة، أو كانت معاصرة كالأنظمة الجمهورية البرلمانية أو الرئاسية، أو كانت أنظمة ملكية دستورية، و سواء كانت صورة الدولة ذات نظام اتحادي أم شبه اتحادي أو نظام الدولة الموحدة أو الكيانات المتعددة ضمن نظام عام (الكومنولث) فإن النظام الإسلامي يحقق لها الملائمة، لأنه في ظل النظام الاتحادي مثلا فإن أقاليم (وحدات) الاتحاد تستقل بجزء من التشريعات خاصة ما يتعلق بشأنها الداخلي، بينما تترك للإدارة الاتحادية تولي الشأن العام، و في مثل هذه الحالة يحدث بعض التنازع على الصلاحيات القانونية لكل طرف، لكن في ظل مرجعية عليا يقل أو ينعدم مثل هذا التنازع لأن كلا الطرفين يرجع إلى مرجعية واحدة.
- الرقابة الدائمة على أعمال الدولة إذ يعطي النظام السياسي الإسلامي للأمة مجتمعة أو ممثلة بنوابها بل بأفرادها حق الرقابة على تصرفات الدولة بمؤسساتها و أشخاصها، فمن خلال هذه الرقابة يمكن تصحيح مسيرة الدولة و تجاوز العقبات التي تواجهها، و نظراً لأهمية هذا الأمر فإنه لا بد له من أدوات وآليات تعبر عن هذه الرقابة التي يجب أن تكون محكومة بأنظمة و تشريعات تحقق لها أهدافا و تحافظ عليها من الزيغ أو الزلل أو الاستغلال، و في ظل المشروعية أو السيادة العليا للشريعة فإن الجميع ـ المراقِب و المراقَب ـ يلتزم بقواعد هذه المشروعية العليا و لا يكون هناك مجال للصراع على الأدوار التي يمكن أن يقوم بها كل طرف.
لقد كانت فكرة السيادة للأمة واضحاً عند كثير من فقهاء الأمة المتأخرين و المعاصرين حيث أكدوا على ذلك، فهذا الشيخ عبد الوهاب خلاّف يشير إلى أن “التشريع يراد به أحد معنيين: أحدهما إيجاد شرع مبتدأً، وثانيهما بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة، فالتشريع بالمعنى الأول في الإسلام ليس إلا لله، فهو سبحانه ابتدأ شرعا بما أنزله في قرآنه، وما أقر عليه رسوله ، وما نصبه من دلائل، وبهذا المعنى لا تشريع إلا لله[8].
أما التشريع بالمعنى الثاني، وهو بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة، فهذا هو الذي تولاه بعد رسول الله خلفاؤه من علماء الصحابة، ثم خلفائهم من فقهاء التابعين وتابعيهم من الأمة المجتهدين، فهؤلاء لم يشرعوا أحكاما مبتدأة، وإنما استمدوا الأحكام من نصوص الكتاب والسنة، وما نصبه الشارع من الأدلة وما قدره من القواعد العامة”.
ويقول الدكتور السنهوري[9]: “إن الله الذي هو الرحمن الرحيم القوي القادر لم يتركنا بغير مرشد بعد وفاة الرسول ، بل استخلفنا في الأرض، ومنحنا شرف خلافته، بأن اعتبر إرادة الأمة مستمدة من إرادة الله وجعل إجماع الأمة شريعة ملزمة، فكأن السيادة الإلهية والحق في التشريع أصبح بعد انقطاع الوحي وديعة في يد مجموع الأمة، لا في يد الطغاة من الحكام أو الملوك، كما كان الشأن في الدول المسيحية التي ادعى ملوكها حقا. وبذلك يمكن القول بأن السيادة في الإسلام لا يملكها فرد مهما تكن مكانته، سواء كان خليفة أو أميرا أو ملكا أو حاكما، أو هيئة من أي نوع، وإنما هي لله القدير الذي فوضها للأمة في مجموعها”[10].
ويبين الإمام محمد عبده أن “أهل الحَلِّ والعقد من المؤمنين إذا اجتمعوا على أمر من مصالح الأمة ليس فيه نص عن الشارع مختارين في ذلك غير مكرهين عليه بقوة أحد ولا نفوذه فطاعتهم واجبة، ويصح أن يقال هم معصومون في هذا الإجماع ولذلك أطلق الأمر بطاعتهم بلا شرط”[11].
ويقول الشيخ يوسف القرضاوي: “والإجماع الذي يصدر عن هذه الأمة الكبيرة (أو ممثليها من المجتهدين والعلماء) هو وحده الذي يعد مصدرا للأحكام الشرعية، ويجب على الشعوب التي تتكون منه هذه الأمة وعلى من يتكلمون باسمها أن يحترموا هذا الإجماع، لأنه يمثل سيادة الأمة “[12].
وبهذا يتبين أن فكرة السيادة للأمة ليست فكرة غريبة على النظام السياسي الإسلامي، إذا فهمت وفقاً للرؤية الإسلامية الصحيحة و تمّ قياسها وفق مقاييس مناسبة للبيئة التي نشأت فيها و المجتمع الذي تطبق عليه، لا بالمقاييس الأخرى، و لذا فإننا لا نجد مبرراً للنزاع، فالسيادة للأمة في إطار الشريعة.
ثانيا – دار الإسلام ودار الحرب:
لعل قضية تقسيم العالم إلى دارين (دار الإسلام ودار الحرب) من أبرز القضايا التي سيطر فيها التاريخ على الفقه فقد استخدم الفقهاء قديماً مصطلح دار الحرب ودار الإسلام للتفريق بين بلاد المسلمين والبلاد الأخرى حيث كان المسلمون بصفة عامة يعيشون داخل منطقة جغرافية محددة لها صفاتها ومكنوناتها القائمة على العقيدة الإسلامية، وقد استخدم هذا المصطلح في سياق السياسة الشرعية، وقد اختلف الفقهاء في تعريف المصطلحين إلى[13]:
أولاً: دار الإسلام. قال الجمهور دار الإسلام هي التي نزلها المسلمون وجرت عليها أحكام الإسلام، وما لم تجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام وإن لاصقها. وقد عرفها الكاساني بقوله “تصير دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها.
وعلى هذا فدار الإسلام هي الدار التي تسود فيها أحكام الإسلام ويمارس فيها المسلمون شعائرهم الإسلامية دون خوف أو فتنة. وهذه الدار يجب أن يحافظ عليها المسلمون ويدافعوا عنها.
واشترط الفقهاء أن تكون الدار محكومة بالإسلام ولم يشترطوا أن يكون جميع سكانها من المسلمين. بل ذهب بعض الفقهاء إلى أن الدار قد تكون دار إسلام “حتى لو لم يكن فيها مواطن مسلم ما دام حاكمها مسلماً ويطبق أحكام الإسلام، وفي هذا المعنى يقول بعض الشافعية “وليس من شرط دار الإسلام أن يكون فيها مسلمون بل يكفي كونها في يد الإمام وإسلامه”. “وتعتبر الدار دار إسلام حتى ولو كان أهلها فاسقين، فما دامت شعائر الإسلام ظاهرة بها، فإنه لا يسلبها هذه الصفة أن يفسق أهلها”. وبهذا يتبين رأي الجمهور بأن الدار لا تعد دار إسلام إلا بظهور أحكام الإسلام عليها. وذهب أبو حنيفة ومن معه إلى أنها تعتبر دار إسلام إذ كان فيها مسلمون يأمنون على أنفسهم وأعراضهم وكانت هذه الدار متاخمة لدار الإسلام. أما إذا انتفى الأمان ولم تكن الدار ملاصقة لدار الإسلام فتعتبر دار حرب[14].
والواقع المعاصر يشير إلى أنه لا أهمية للمجاورة والملاصقة فقد تغيرت سبل الاتصال إذ يستطيع الإنسان أن يصل إلى أبعد نقطة في العالم في أقرب وقت كما أن هيبة الأمم والدول لم تعد بمظاهر القوة التي يراها الناس، بل أصبحت القوة العسكرية أحد عناصر القوة، وليست جميعها، فقوة الدول تقاس بقوة اقتصادها ودورها السياسي، وعلاقاتها بالدول الأخرى، وقوتها العلمية وتقدمها التقني وغير ذلك من أسباب القوة.
ثانياً: دار الحرب. وهي الدار التي لا تسودها أحكام الإسلام الدينية والسياسية ولا يكون فيها السلطان للحاكم المسلم، بل يكون فيها السلطان والمنعة للكفار وظهرت فيها أحكام الكفر. و ذهب المتأخرون إلى اشتراط أن لا يكون بينها وبين الدولة الإسلامية عهد أو علاقات سلمية، وقد اختلف الفقهاء في تعريف دار الحرب إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى أن دار الحرب هي التي تظهر فيها أحكام الكفر ولا يكون السلطان والمنعة فيها للمسلمين ولا تطبق فيها أحكام الإسلام وليس بينها وبين دار الإسلام عهد، وهذا رأي الجمهور.
يقول الكاساني: “تصير دار الكفر بظهور أحكام الكفر فيها”.
ويقول ابن القيم: “وما لم تجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام وإن لاصقها”.
وعلى هذا الرأي فإن الاختلاف بين دار الإسلام ودار الحرب يكون بظهور المنعة والسلطان فأيما دولة ظهر للإسلام فيها منعة وسلطان فهي (دار الإسلام) وإن لم تظهر للإسلام قوة أو سلطان فهي (دار الحرب).
الرأي الثاني: وقد ذهب إلى هذا الرأي أبو حنيفة والزيدية ومذهبهم من ذلك أن الدار لا تصير دار حرب إذا كانت المنعة والسلطان لغير المسلمين، بل لا بد أن تتوافر فيها ثلاثة شروط:
- أن تظهر فيها أحكام الكفر.
- أن تكون متصلة بدار الحرب.
- أن لا يبقى فيها مسلم أو ذمي آمناً بالأمان الأول (أي بالأمان الإسلامي الأول).
ولم ينظر أصحاب هذا الرأي إلى المنعة والقوة والسلطان وإنما نظروا إلى الأمان بالنسبة للمسلم وللذمي، ويترتب على هذا الرأي أن هناك نوعاً من الديار لا ينطبق عليهم حكم دار الإسلام ولا دار الحرب وهي:
- الدار التي لا يتحقق للمسلمين فيها سلطان أو منعة.
- الدار التي تتاخم المسلمين[15].
ثالثاً: دار العهد. ظهرت فكرة دار العهد بعد استقرار الدولة الإسلامية وتنظيم أمورها، وتطورت هذه الفكرة مع طور علاقاتها وبظهور أحكام وظروف جديدة للدولة الإسلامية.. فبعد أن كانت الحروب قائمة ولم يكن للدولة الإسلامية علاقات (غير حربية) مع الدول الأخرى نشأت ظروف جديدة كان من بينها استقرار الدولة الإسلامية واتساع رقعتها واتصالها بدول وشعوب مختلفة،ولذا فقد توجه الفقهاء لبحث هذه الحالة، فهذه “الدار” لم يحكمها المسلمون حتى تطبق فيها شريعتهم، ولكن أهلها دخلوا في عهد المسلمين على شرائط اشترطت وقواعد عينت فتحتفظ بما فيها من شريعة أحكام، وتكون شبيهة بالدول التي لم تتمتع بكامل استقلالها لوجود معاهدة معها.
وترتبط دار العهد -أو دور العهود- بالدولة الإسلامية بمواثيق وعهود، كما تنصرف تسمية دار العهد إلى البلاد التي لم تحارب المسلمين أو تعاديهم بحيث تشمل دور العهد جميع البلاد التي ترتبط بمواثيق تنظم العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها إلى جانب أنها تشمل البلاد الأخرى التي لا توجد بينها وبين المسلمين عهود أو مواثيق إلا أنها لم تحاربهم أو تساعد محاربيهم.
وإذا كان هذا رأي الفقهاء قديماً، فما هي الرؤية نحو تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب؟ نجد من المهم طرح بعض التساؤلات للإجابة عليها حتى تلامس واقع المسلمين بعيداً عن الفهم المحدد للمصطلح دار الحرب ودار الإسلام، ومن ذلك مدى ضرورة الالتزام بهذا التقسيم أي هل إن تقسيم العالم إلى دار حرب ودار إسلام يدخل في أبواب الأحكام الشرعية الثابتة التي لا تجوز مخالفتها؟!
فقد ذهب عدد من الفقهاء إلى أن هذا التقسيم لا دليل عليه من الكتاب والسنة وإنما استمد قوته من الواقع التاريخي الذي عاشه المسلمون الأوائل حيث فرضت عليهم الظروف التي مر بها المسلمون ودولتهم الناشئة وما واجهته من حروب وكذلك سيادة الحرب بصفة عامة بين الدول في تلك الحقيقة التاريخية إلى أن يقسموا العالم إلى دار إسلام ودار حرب.
“إن هذا التقسيم مبني على أساس الواقع، لا على أساس الشرع ومن محض صنيع الفقهاء في القرن الثاني الهجري، وأنه من أجل ترتيب بعض الأحكام الشرعية في المعاملات ونحوها، وأن الحرب هي السبب في هذا التقسيم، فيمكننا أن نقول: إن دار الحرب هي مجرد منطقة حرب ومسرح معركة بالنسبة لدار الإسلام التي فرضت عليها الأوضاع في الماضي أن تتكتل، وأن تعتبر البلاد غير الإسلامية في مركز العدو الذي برهنت الإحداث على نظراته العدائية للمسلمين، فهو تقسيم طارئ بسبب قيام حالة الحرب أو الحرب نفسها، فهو ينتهي بانتهاء الأسباب التي دعت إليه. والحقيقة أن الدنيا بحسب الأصل هي دار واحدة كما هو رأي الشافعي”[16].
فليس المراد من التقسيم أن يجعل العالم تحت حكم دولتين، أو كتلتين سياسيتين: إحداهما: تشمل بلاد الإسلام تحت حكم دولة واحدة، والأخرى: تشمل البلاد الأجنبية في ظل حكم دولة واحدة، وإنما هو تقسيم بحسب توافر الأمن والسلام للمسلمين في دارهم، ووجود الخوف والعداء”. ويدل على ذلك أن الفقهاء عدلوا عن التقسيم “الثنائي” للعالم إلى تقسيم “ثلاثي” وهو دار الإسلام ودار الحرب ودار العهد، ولو كان الأمر حكماً لازماً لما تجاوزه الفقهاء، وهنا يأتي السؤال الآخر هل يجب الوقوف عند هذا التقسيم؟ أم يمكن الاجتهاد فيه وإعادة بحث دلالته، إذ طرح بعض الفقهاء المتأخرين تقسيمات جدية مثل أمة الدعوة وأمة الإجابة، ونظر إلى العلاقة بين المسلمين وغيرهم باعتبارها علاقة دعوة قائمة على تبليغ الرسالة الإسلامية فالسلام والحرب ليسا هما العلاقة الطبيعية بين المسلمين وغيرهم وإنما هما منهجان في العلاقات الدولية قديماً وحديثاً يأخذ بهم المسلمون وفقاً للحاجة في ضوء الضوابط الشرعية الحاكمة لهما[17].
كما طرح آخرون مصطلح [دار الإسلام حكماً وحقيقة] و[دار الإسلام حكماً لا حقيقة]، و[دار الحرب] باعتبارها تقسيماً جديد في زمن حدثت فيه تحولات كثيرة في العلاقات الدولية المعاصرة تأثر بها المسلمون سواء كانوا في بلدانهم أم في البلدان الأخرى مثل البلاد التي يعيش فيها المسلمون باعتبارهم أقلية فيها على الرغم من كثافتهم وعددهم الذي يتجاوز عدد المسلمين في مجموعة من الدول الإسلامية مثل المسلمين في الهند والصين وروسيا وغيرها من بلدان العالم كما أن هناك حالة من الهجرة والتنقل لأسباب شتى يصبح فيها المسلمون مواطنون في بلدان غير إسلامية، ويقوم هذا التقسيم على المزج بين الرؤية القديمة للعالم والرؤية المعاصرة، إذ نظر إلى العالم بفئات ثلاث، وهي البلاد الإسلامية التي يعيش فيه المسلمون ويتعاملون فيما بينهم معاملات إسلامية وتطبيق أحكاماً إسلامية في معظم أو بعض جوانب الحياة كالاقتصاد والقانون والأسرة وغيرها، فأطلقوا عليها مصطلح (دار الإسلام حقيقة وحكماً) أي أنها دار إسلامية في حقيقتها وحكمها، أما الدار الأخرى، وهي الدار التي لا يكون غالبية سكانها من المسلمين، ولا تطبق فيها أحكام الإسلام السياسية أو الاقتصادية أو القانونية أو الاجتماعية، لكن المسلمين الذين يقيمون فيها يتمتعون بحقوق تمنحهم ممارسة عقائدهم وعباداتهم، ومعاملاتهم الشخصية، كما أن القوانين والأنظمة السائدة في تلك الدار لا تجبرهم على مخالفة دينهم، فنظر الفقهاء إلى هذه الدار باعتبارها (دار إسلام حكماً لا حقيقة) أي أنها ليست دار إسلام حقيقة لكننا نعاملها حكماً معاملة دار الإسلام للوصف السابق لها، وهذا النوع من الدور يمكن أن يطبق على البلدان التي تقيم فيها الأقليات الإسلامية، مثل الدول الغربية التي يعيش فيها مجموعات من المسلمين لا يشكلون أغلبية، وفي هذه الحالة فإن تطبيق هذا التقسيم يلزمهم بالتعامل مع هذه الدول معاملة إسلامية من حيث الالتزام بالقوانين والأنظمة وعدم مخالفتها مع احتفاظهم بشخصيتهم الدينية، إن هذا التقسيم يخرج المسلمين في الغرب والدول الأخرى التي يشكلون فيها أقلية من العزلة التي فرضت عليهم بسبب تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب، إذ أنهم بسبب ذلك يعيشون حالة من الاضطراب فهم يعيشون في دول ومجتمعات توصف بأنها مجتمعات غير إسلامية، كما أنها لا تمنعهم من ممارسة حقوقهم سواء كانوا من مواطنيها أو من المهاجرين المقيمين فيها، إن هذا التقسيم دفع ببعض المسلمين إلى استغلال حالة الاضطراب، واختاروا وصف (دار الحرب) على البلدان التي تقيم فيها الأقليات الإسلامية مما يعني ممارسة أحكام دار الحرب، من استخدام للعنف والقتل والتدمير، وهذا ما حدث في بعض البلدان الغربية ودفع بالمسلمين –هناك- إلى ساحة المواجهة مع مجتمعاتهم أو العزلة عنها بل –هذا الفعل- أساء للإسلام والمسلمين بصفة عامة، إن دراسة وافية لهذه المصطلح الجديد (دار الإسلام حكماً لا حقيقة) تشكل بداية لمشروعية الوجود الإسلامي في الغرب، وحل لمشكلة الانتماء والهوية لدى المسلمين الغربيين الذين تتنازعهم هوية الانتماء الجغرافي لأوطانهم وهوية الانتماء الديني لإسلامهم[18].
وإلى جانب الأقليات يمكن تطبيق هذا التقسيم على البلدان الإسلامية التي وقعت تحت سيطرة القوى الاستعمارية أو الاحتلال المباشر وتكون السيادة فيها لغير المسلمين وهي الأراضي التي يطلق عليها الفقهاء مصطلح (دار الاسترداد) أي أنها تفقد صفة دار الإسلام بصفة مؤقتة ويعمل المسلمون على استردادها فمثل هذه الديار يمكن أن تطبق عليها أحكام (دار الإسلام حكماً لا حقيقة) ومثل ذلك أيضاً المناطق التي تسيطر عليها القوى الخارجة على النظام السياسي أو ما يسميه الفقهاء بـ (البغاة) وما يصطلح عليه حالياً بالقوى الانفصالية التي تفرض سيطرتها على تلك المناطق وتطبق فيها أنظمتها وقوانينها في محاولة للانفصال غير المشروع عن الدولة الأم، إن مثل هذه الحالات يمكن أن يطبق عليها أحكام (دار الإسلام حكماً لا حقيقة)، ولعل سائل يسأل: ما أهمية هذا التقسيم ونحن نعيش في عالم تداخلت فيه الأنظمة والقوى ولم يعد هناك فرق كبير بين أقسام العالم؟ والإجابة على ذلك تعيدنا إلى القول بأن هذا التقسيم تترتب عليه أحكام لدى المسلمين فهمها بعضهم فهماً خاطئاً يتطلب تحديها ووصفها الوصف الشرعي الصحيح حتى لا ينحرف فيها الفهم وتختل الموازين ويبرز من يبرر تطبيق أحكام لم تشرع أصلاً لمثل تلك الحالات، فيطبق أحكام خاصة بوقت الحرب على المجتمعات الإسلامية أو المجتمعات الأخرى التي ليست بدار حرب وليس بينها وبين المسلمين حرب بل يجد فيها المسلمون أمنهم وأمانهم ومثل هذه الدعوات برزت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حين تم تقسيم العالم إلى (فسطاطين) فسطاط الحق وفسطاط الباطل، وأن على المسلمين أن يختاروا بين الفريقين، وترتب ذلك أحكاماً أباحت دماء الغربيين كافة بزعم أنهم جميعاً (صليبيين) أعداء للإسلام!! وأن قتلهم واجب سواء من حارب منهم أم لم يحارب!! بل تم توجيه المسلمين في الغرب إلى (التمايز) عن (الكفار) في السكن والعمل والعلاقة حتى لا يصيبهم ما يصيب (الكفار) من القتل والجرح والأذى[19].
مثل هذه الدعوات لقيت صدى عند بعض المسلمين الذين ساءهم ما يلقون من ظلم واضطهاد في أماكن كثيرة، مثل فلسطين وغيرها من البلاد الإسلامية، واستجاب لدعوات العنف والقتل والتدمير.
إن الموقف ناشئ عن فهم خاطئ للأحكام الشرعية، ولا بد من الرجوع إلى مصادر هذه الأحكام والتيقن منها والحرص الشديد على عدم الاستجابة لدعوات تعطي جانباً من الحكم وتغفل جوانب كثيرة.
إن هذا الالتزام نابع من حرص المسلم على أن يعمل بالإسلام وأحكامه كما شرعها الله وأن لا يتبع هواه أو أهواء الآخرين، كما أن التزامه ليس ردة فعل، لعمل الآخرين فهو لا ينظر إلى تقسيم العالم إلى (محور الشر) و(محور الخير) ولا يكون موقفه من الآخر قائم على أن (من ليس معنا فهو ضدنا). بل ينطلق موقفه من الحكم الشرعي القائم على الدليل.
إن مثل هذه الآراء وغيرها تدفع بالمسلمين إلى الاجتهاد مرة أخرى في رؤيتهم للعالم وما قام عليه التقسيم القديم (دار الإسلام) و(دار الحرب)، بل تعيد النظر في التقسيم ذاته ومدى ملاءمته للواقع المعاصر للمسلمين ولغيرهم من الشعوب. “إن فاعلية هذا التقسيم (دار الإسلام ودار الحرب) حتى هذا الزمن غير مانعة من مراجعته وإعادة النظر فيه، من غير أن يحسب البعض أن ذلك انتهاكاً لحكم شرعي، فتغير البيئة الدولية وبروز متغيرات في النظام الدولي تتطلب جملة من العناصر الدافعة إلى المراجعة المنهجية، وتشير إلى مبررات حاسمة قد تدفع إلى ضرورة البحث في عناصر قسمة جديدة تستلهم عناصر “الواقع” وأصول الشريعة. لا شك أن بروز الدول القومية والمسألة الشرقية وانهيار الدولة العثمانية والخلافة التي ارتبطت بها، وتبدل عناصر ومفاصل حاسمة تفرض (قسمة جديدة) والتفكير بها تفكيراً منهجياً عميقاً[20].
إن التقسيم الدولي للمعمورة ليس كما يتصور تقسيم حدود ولكنه أعمق من ذلك وأوسع، فربما تكون فكرة الحدود أحد عناصره، ولكن تظل النقطة الجوهرية فيه هو أنه يشير إلى تصورات (أوصاف) وحالات (علاقات) و(تغيرات)، ومن ثم يجب إعادة النظر في هذه الرؤية ضمن رؤى خاصة بالنظام الاقتصادي الدولي، وعمليات الاعتماد المتبادل، ورؤى التبعية ومسالك الاستعمار الجديد، والمنظمات الدولية غير الحكومية وتغير مفهوم الحدود والدولة القومية والسيادة، وبزوغ مفاهيم مساندة لفكرة الكونية والعالمية، من المواطنة العالمية، والتعليم من أجل السلام، ومؤتمرات دولية النشاط والرؤى: السكان –التنمية الاجتماعية- المدن، والمجتمع المدني–والتدخل الدولي لحقوق الإنسان، وثورة المعلومات وسلطة المعرفة.
إن الفهم الصحيح لمصطلحي دار الإسلام ودار الحرب، وإنزالها منزلتها الحقيقية في الواقع يحقق للمسلمين حضورهم المعاصر ويجنبهم كثيراً من المشكلات.
وبغير هذا سيتم توظيف مصطلحا دار الإسلام ودار الحرب لتطبيق أحكام خاصة بظروف وحالات معينة على جميع الحالات، إذ أن تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب يترتب عليه بعض الأحكام التي ذكر الفقهاء كثيراً منها، مثل العقود التي يعقدها المسلمون مع غيرهم في دار الحرب وهي يجب على المسلم الوفاء بها أم لا؟ أو العقود الفاسدة التي يعقدها (الحربيين) في دار الإسلام كالتعامل بالربا وغيره.. وكذلك إقامة المسلم في دار الحرب وإقامة غير المسلم في دار الإسلام، ومدى التزام كل طرف بالحقوق الواجبة عليه نحو الآخر كالدين والوكالة والكفالة وغيرها، والعقوبات التي يجب تطبيقها على غير المسلم (الحربي) في دار الإسلام وكذا العقوبات التي يلتزم بها المسلم في دار الحرب وهل يجب على المسلم التقاضي في دار الحرب والموقف من أحكام القاضي الذي يوليه غير المسلمين في حالة ضعفهم وخضوعهم لغير المسلمين، وغير ذلك من الأحكام التي بنى عليها بعض المسلمين اليوم رؤيتهم للآخرين فأفتوا بحل دماء وأموال غير المسلمين واستباحوا سرقة أموالهم وهتك أعراضهم وقتلهم على الرغم من أنهم مواطنون في بلاد المسلمين وهم “أهل ذمة” كما يطلق عليهم في الشريعة الإسلامية، وامتد الأمر إلى البلاد غير الإسلامية التي يعيش فيها مسلمون ويمارسون حياتهم وعقائدهم وعباداتهم دون تدخل من تلك الدول أو قمع فأباحوا التهرب من دفع الضرائب باعتبارها “مكوساً” في دار الحرب، والامتناع عن كل التزام مالي تجاه الدولة أو الخدمات التي توفرها لهم برسوم مالية، كما أباحوا الاستفادة من العقود المحرمة مثل التعامل بالربا وبيع الخمور ولحم الخنزير وغيرها من المعاملات بحجة أنهم في دار حرب، وامتد هذا الفهم إلى طريقة التعامل مع مواطنين تلك الدول فأفتوا لأنفسهم بحل دمائهم لأن حكوماتهم ليست حكومات إسلامية وأن بعضها يحتل بعض بلاد المسلمين أو أن تلك الحكومات تعين “إسرائيل” أو غير ذلك من الأسباب فأفتوا بإباحة دماء سكان تلك البلاد بزعم أنهم شركاء مع حكوماتهم في تلك الجرائم على الرغم من أن كثيراً من مواطني تلك الدول لا يقبل بسياسة حكومته ويعارض مواقفها ضد المسلمين وكثيراً ما خرج مواطنو تلك الدول في مظاهرات ومسيرات وكتبوا وتحدثوا عن معارضتهم لما تقوم به حكوماتهم.. ومع ذلك فقد اعتبرهم بعض المسلمين (حربيين) تنطبق عليهم أحكام الحربيين.
إن اجتهاداً جديداً لطبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم سيعيد هذه العلاقة إلى أصولها الشرعية وسيحقق رسالة الإسلام في الوصول إلى الناس ودعوتهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ويجعل للمسلمين حضوراً إنسانيا وعالمياً واضحاً في العلاقات الإنسانية الدولية، إن ذلك لا يعني أن يذوب المسلمون في غيرهم أو يكونوا تبعاً لهم أو يغيروا من معتقداتهم وعباداتهم وأخلاقهم بل يعني أن ينقل المسلمون رسالتهم إلى الناس كافة تنفيذاً لقوله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ”[21].
ثالثا- الأمة والدولة:
إن فكرة تقسيم العالم إلى دارين أو ثلاثة فكرة يصعب اعتمادها طريقة وحيدة للتعامل مع العالم، فإن تطبيقها يخالف واقع المسلمين، إذ أن هذا التقسيم قام على وحدة الأمة ووحدة الدولة، أي أن المسلمين كانوا يعيشون في دولة واحدة تمثل أمة واحدة تعبر هذه الأمة أو الدولة عن حالة واحدة يعيشها المسلمون في كافة أرجائها، فحتى في فترات ضعف الدولة (الأمة) وقيام كيانات شبه مستقلة داخل هذه الدولة، لم تكن هذه الكيانات تعبر عن حالة جديدة، أو دولة أو أمة جديدة، بل كانت تعبر عن موقف يتخذه حاكم أو حكام هذه الأقاليم التي اصطلح عليها تاريخيا بالدول لكنها في واقع الحال كانت تعتبر نفسها جزءً من الدولة (الأمة) وكان يعبر عنها بمواقف عدة أبرزها الدعاء (لخليفة المسلين) الحاكم العام في تلك المرحلة باعتباره ممثلاً للدولة (الأمة) ولم تكن هذه الأقاليم أو الدول شبه المستقلة داخل الدولة الإسلامية الواحدة تمارس دوراً سيادياً أو تعبر عن حالة منفصلة لدولة ذات شخصية قانونية مستقلة.
ولعل مما يشير إلى هذا المفهوم (الدولة-الأمة) أن الانتماء إلى الدين (الإسلامي) كان يمثل جنسية الأشخاص المنتسبين لهذه الدولة، فلم يكن هناك جنسية مرتبطة بالإقليم وإنما كانت الجنسية مرتبطة بدين الدولة حتى عند غير المسلمين من رعايا الدولة الإسلامية فإن تسميتهم بـ(أهل الذمة) وهو مصطلح ديني إسلامي كان يعبر عن جنسيتهم أو انتمائهم إلى الدولة الإسلامية لأن غيرهم كانوا يحملون صفة أخرى مثل المستأمنين أو المحاربين أو المعاهدين وكانوا ينسبون إلى أقاليمهم.
لكن نظرة إلى الواقع تشير إلى غياب مفهوم (الدولة-الأمة) إذ انفصل المصطلحان ليغطيا دلالات متعددة ؛ فمفهوم الأمة الإسلامية المعاصر لا يدل على وحدة الدولة وإنما هو رباط يقوم على أساس الدين ويجمع دولاً مختلفة ذات سيادة تلتقي في مصالحها أحياناً مع غيرها من الدول الإسلامية وتختلف في مواضع أخرى بل يصل الخلاف أحياناً إلى الحرب والاقتتال مثلما حدث بين إيران والعراق ما بين 1980 – 1988م، والحرب التي دارت بين باكستان وبنغلاديش (والتي كانت تسمى باكستان الشرقية قديماً) وذلك عام 1971م، وغيرها من الحروب والصراعات التي نشبت بين الدول الإسلامية، ولعل الصورة التي تعبر عن تجمع المسلمين ودولهم تمثلت في قيام منظمة هي منظمة المؤتمر الإسلامي التي تجمع معظم الدول الإسلامية، لكن المنظمة لا تمثل (الأمة) بمفهومها السياسي والسيادي، بل تمثل نقطة التقاء بين المسلمين شأنها شأن المنظمات الدولية الأخرى[22].
والواقع أن الخلاف بين مفهوم وحدة الأمة والدولة أو افتراقها يرتبط بالتاريخ والحياة العملية للمسلمين أكثر من ارتباطه بالنصوص القطعية، إذ أن ورود النصوص الشرعية بوحدة الأمة كقوله تعالى: “إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ”[23].
والأمة بمعناها الواسع تفيد الانتماء إلى الدين وليس الإقليم، والفيصل في كلا الأمرين هو التطبيق العملي لهذا المفهوم والإسلامي لا يمنع أو ينفي قيام الدولة على أساس مفهوم الأمة الواحدة وإن اختلفت مكوناتها الجغرافية والبشرية، بل يطلب ذلك ويعمل له، و التاريخ المعاصر شاهد على قيام الأمة ـ الدولة ـ فهذه الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا والهند والصين وروسيا، وكلها أرض شاسعة مترامية الأطراف متعددة الأجناس والديانات ومختلفة الأقاليم، ومع ذلك فهى دولة واحدة، وإن اختلف تكوينها السياسي بين الدولة الموحدة (الصين ـ مثلا)، والدولة الاتحادية (الولايات المتحدة الأمريكية ـ مثلا)، أي أن القول بالدولة الأمة، أو الدولة الواسعة أمر واقعي، لكن ذلك أيضاً لا يمنع من قيام الدول المتعددة ذات الانتماء إلى الأمة الواحدة (الاتحاد الأوروبي ـ نموذجا) وكما هو الحال بالنسبة للدول الإسلامية اليوم[24].
والقول بوجوب وحدة الأمة الإسلامية في دولة واحدة يعني عدم مشروعية الدول الإسلامية القائمة حالياً، وهذا ما لم يقل به أحد من الفقهاء المعاصرين لأن القول بعدم المشروعية يترتب عليه أحكام كثيرة، وهذا ما وقع فيه بعض أبناء الإسلام حين اعتمدوا أساليب العنف والتشدد والتطرف انطلاقاً من عدم مشروعية الواقع القائم؛ وقد أدى هذا الخلل إلى شيوع مصطلحات كثيرة كالتكفير ووجوب الهجرة إلى دار الإسلام.
ولقد بحث عدد من الفقهاء المتقدمين و المتأخرين حالة تعدد الدول الإسلامية مع انتمائها إلى أمة الإسلام، فهذا إمام الحرمين الجويني يقول (والذي عندي فيه أن عقد الإمامة لشخصين في صقيع واحد متضايق الخطط والمخالف (أي متقارب المسافات والحدود) غير جائز، وقد حصل الإجماع عليه، وأما إذا بعد المدى وتخلل بين الإمامين شسوع النوى (أي تباعدت المسافات بين البلدان) فللاحتمال في ذلك مجال، وهو خارج عن القواطع)[25].
يقول الشيخ محمد أبو زهرة: “لا يمكن في هذا العصر أن تتكون حكومة إسلامية واحدة، بل لكل إقليم دولته، وتلتقي جميعها على كلمة من الله تعالى: تنشر التعاون بين الناس، وتربط العلاقات على أسس من الوحدة الإنسانية العامة، ويكون المسلمون فيها دعاة حق يتحد اقتصادهم وتتحد سياستهم وتتحد أو تتقارب جيوشهم، وكل إقليم له رئيسه المختار اختياراً حراً من شعبه من غير أن تكون له موالاة لغير المسلمين[26].
ويقول الأستاذ عبد القادر عوده ـ رحمه الله ـ: “قد يظن البعض أن هذا يقتضي أن تكون البلاد الإسلامية كلها تحت حكم دولة واحدة، والبلاد الأجنبية كلها تحت حكم دولة واحدة وهو ظن لا أساس له من الواقع، فالنظريات الإسلامية لم توضع على أسس أن تكون البلاد الإسلامية محكومة بحكومة واحدة، وإنما وضعت على أساس ما يقتضيه الإسلام، والإسلام يقتضي أن يكون المسلمون في كل بقاع الأرض يد واحدة، يتجهون اتجاهاً واحدة وتسوسهم سياسة واحدة وأبسط الصور وأكفلها بتحقيق هذه الغاية أن تكون كل بلاد الإسلام تحت حكم دولة واحدة ولكن ليست هذه هي الصورة الوحيدة التي تحقق الإسلام، لأن هذه الأهداف يمكن أن تحقق مع قيام دول متعددة في دار الإسلام ما دامت هذه الدول تتجه اتجاهاً واحداً، وتسير على سياسة واحدة، ولا يتنافى هذا مع النظام القائم الآن في البلاد العربية بعد قيام جامعة الدول العربية التي تعمل على توحيد الاتجاهات والسياسات في الدول العربية المختلفة. ولا يتنافى مع قيام جامعة إسلامية تتكون من كل الدول الإسلامية وتشرف عليها وتعمل على توحيد أغراضها واتجاهاتها، وعلى حل ما يثور فيها من نزاع داخلي، ولا يتنافى الإسلام مع أي نظام آخر ما دام هذا النظام يحقق الأهداف الإسلامية، وأن هذه الأهداف هي أن يكون المسلمون يداً واحدة على من عاداهم، وأن يكون اتجاههم واحد وسياستهم واحدة”[27].
ولعل النموذج الأوروبي في التوحد من خلال الاتحاد الأوروبي يمثل صورة يمكن القياس عليها حيث احتفظت الدول بسيادتها وشخصيتها القانونية في ظل سياسة عامة متقاربة أحياناً ومتطابقة أحياناً في القضايا الداخلية والخارجية مع احتفاظ كل دولة بهامش من الحرية في اتخاذ القرارات والأنظمة والقوانين الخاصة بها، ويمكن أن تكون للعرب أو المسلمين تجربتهم الخاصة بهم لتحقيق صورة من صور التوحد في السياسات والمواقف مع احتفاظ كل إقليم بسيادته وشخصيته القانونية، وهنا يأتي دور المؤسسات المشتركة التي تصبح محور رسم السياسة العامة لهذه الصورة من العلاقة بين الدول والمجتمعات الإسلامية، أما أن يتم القفز على الواقع أو تجاهله أو إطلاق الأحكام العامة بعدم مشروعية الواقع باعتباره يخالف ما سار عليه المسلمون خلال مرحلة تاريخية حين كانت الأمة والدولة متحدتان، فإن ذلك لن يعالج واقع المسلمين ولن يحل مشكلاتهم بل يمكن أن نقول أنه يخالف ما قام عليه الإسلام من التعددية والتنوع في ظل الوحدة الدينية والفكرية.
المصادر والمراجع
– أحمد شوقي الفنجري: الحرية السياسية في الإسلام، ط2، دار القلم، الكويت، 1403هـ – 1983 م.
– الجويني: أبو المعالي إمام الحرمين عبد الملك (ت 478ه), الإرشاد إلى قواطع الأدلة، تحقيق: محمد يوسف موسى وعلي منعم عبد الحميد، مطبعة الخانجي، القاهرة، 1950.
– الجويني: أبو المعالي إمام الحرمين عبد الملك (ت 478ه), غياث الأمم في التياث الظلم, تحقيق: د/مصطفى حلمي، د/ فؤاد عبد المنعم, دار الدعوة, الإسكندرية, 1400هـ.
– إمام عبد الفتاح إمام: الطاغية “دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي”، سلسلة عالم المعرفة، رقم 183، الكويت، مارس 1994.
– برهان غليون، مفهوم المجتمع المدني وتطوره من المفهوم المجرد إلى المنظومة الاجتماعية والدولية، ندوة المجتمع المدني والديمقراطية، جامعة قطر، من 14 إلى 17 مايو 2001.
– صلاح الدين عبد الرحمن الدومة، المدخل إلى العلوم السياسية، مطبعة جي تاون، الخرطوم، ط2، 2003.
– عبد الرزاق أحمد السنهوري، فقه الخلافة وتطورها، ترجمة الدكتورة نادية عبد الرزاق السنهوري، ومراجعة الدكتور توفيق الشاوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1993م.
– عبد العظيم أحمد عبد العظيم، الإسلام والديمقراطية.. شقاق أم وفاق؟، ندوة “الممارسة الديمقراطية في التراث الإفريقي”، مركز أبحاث الكتاب الأخضر، الجماهيرية الليبية، 9ـ11 سبتمبر (الفاتح) 2006.
– عبد العظيم أحمد عبد العظيم، الجغرافيا السياسية، ط2، مكتبة الإسراء، الإسكندرية، 2010.
– عبد العظيم أحمد عبد العظيم، حقوق غير المسلمين في الإسلام، الإسراء، ط1، الإسكندرية، 2010.
– عبد الغني بسيوني عبد الله: النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1997م.
– عبد القادر عودة: الإسلام وأوضاعنا السياسية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986.
– عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية، ط 2، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404هـ.
– علال الفاسي: مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1993
– فهمي هويدي، الإسلام والديمقراطية، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 1993
– ماجد بن علي بن إبراهيم الزميع: الدولة المدنيَّة بين الاتجاه العقلي الإسلامي المعاصر والاتجاه العلماني، دار الفضيلة للنشر والتوزيع – الرياض، ط1، 1434هـ/ 2013م
– محمد أبو زهرة (ت1979م): تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد, دار الفكر العربي, دار الثقافة العربية، القاهرة، 1966.
– محمد رأفت عثمان: رياسة الدولة في الفقه الإسلامي، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1975م.
– محمد عبده، الأعمال الكاملة، جمع ودراسة: أ.د. محمد عمارة، بيروت، 1972 م.
– يوسف القرضاوي: من فقه الدولة في الإسلام، ط3، دار الشروق القاهرة، 2001 م.
_________________________________
[1] إمام عبد الفتاح إمام: الطاغية، ص24
[2] برهان غليون، مفهوم المجتمع المدني وتطوره، ص92
[3] أحمد شوقي الفنجري: الحرية السياسية في الإسلام،ص: 266
[4] فهمي هويدي: الإسلام والديمقراطية،ص: 84.
[5] إمام عبد الفتاح إمام: الطاغية، ص188
[6] عبد الغني بسيوني عبد الله: النظم السياسية والقانون الدستوري، ص 13 – 23
[7] صلاح الدين عبد الرحمن الدومة، المدخل إلى العلوم السياسية، ص37
[8] عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية، ص33
[9] الدكتور عبد الرزاق بن أحمد السنهوري، (1895 – 1971 م): كبير علماء القانون المدني في عصره. اختبر في بعثة إلى فرنسا فحصل على (الدكتوراه) في القانون والاقتصاد والسياسة (1926) وتولى وزارة المعارف بمصر عدة مرات، ومنح لقب (باشا) واختير عضوا بمجمع اللغة العربية (1946) وعين رئيسا لمجلس الدولة بمصر (1949 – 54). ووضع قوانين مدنية كثيرة لمصر والعراق وسورية وليبيا والكويت. وحصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية. وتوفي بالقاهرة. من كتبه المطبوعة (أصول القانون) و(نظرية العقد في الفقه الإسلامي) ستة أجزاء و (الوسيط) عشرة أجزاء، في التشريع الإسلامي، و(مصادر الحق في الفقه الإسلامي) ستة أجزاء. الأعلام للزركلي (3/ 350)
[10] عبد الرزاق أحمد السنهوري، فقه الخلافة وتطورها، ص77
[11] محمد عبده، الأعمال الكاملة، 1/201
[12] يوسف القرضاوي: من فقه الدولة في الإسلام، 38
[13] عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية، ص99
[14] عبد الرزاق أحمد السنهوري، فقه الخلافة وتطورها، ص107
[15] نفس المرجع، 108
[16] محمد رأفت عثمان: رياسة الدولة في الفقه الإسلامي، ص77
[17] علال الفاسي: مقاصد الشريعة، ص 202
[18] عبد العظيم أحمد عبد العظيم، الجغرافيا السياسية، ص 222
[19] يوسف القرضاوي: من فقه الدولة في الإسلام، ص55
[20] ماجد بن علي: الدولة المدنيَّة بين الاتجاه الإسلامي والاتجاه العلماني، 202
[21] سورة سبأ: 28
[22] عبد العظيم أحمد عبد العظيم، الجغرافيا السياسية، ص 205
[23] سورة الأنبياء: 92
[24] عبد العظيم أحمد عبد العظيم، الجغرافيا السياسية، ص 209
[25] الجويني: الإرشاد إلى قواطع الأدلة، ص80
[26] محمد أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد, ص75
[27] عبد القادر عودة: الإسلام وأوضاعنا السياسية، ص20