
المنظور النفسي لظاهرة الإرهاب:قراءة تحليلية في شخصية الإرهابي
في ظل علم النفس المرضي
ميسـوم ليلى/ طالبة دكتوراه/جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان،الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والإجتماعية العدد 36 الصفحة 51.
ملخص:
يشكل الإرهاب أخطر التهديدات العالمية التي يشهدها العصر الحالي، ومع اختلاف التعريفات والمفاهيم المتعلقة به؛ إلا أنه لا يخرج عن نطاق إحداث الضرر المادي والمعنوي للفرد والجماعة بأشكال وأسباب مختلفة ومتداخلة، منها الأسباب الفكرية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية والتربوية والنفسية، فالمنظور النفسي للإرهاب يجد أن الدوافع التدميرية المتأصلة في الإنسان، وضعف الأنا العليا وتضخمها، وسيطرة الذات الدنيا، ومشاعر الإحباط، مع وجود هذاءات العظمة والاضطهاد، وملامح الشخصية المتبلدة أو الفصامية هي أهم ما يدفع الإرهابي إلى ارتكاب أعمال العنف والعدوان، وتتأرجح تفسيرات السلوك الإرهابي في ظل النظريات النفسية بين المقاربة التحليلية، ونظرية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي، ونظرية العلاج السلوكي المعرفي، والنظرية الواقعية، كما توجد خصائص عامة سيكولوجية واجتماعية، وسمات معينة تميز شخصية الإرهابي، أما الأشكال السيكوباثولوجية الممكنة لشخصية الإرهابي فتتمحور بين الاضطراب العقلي، واضطراب الشخصية السيكوباتية، وليس بالضرورة أن يندرج جميع الإرهابيين ضمن هذه الأشكال، وتبقى الوقاية من خطر الإرهاب خير من ألف علاج، وتكون على المستوى النفسي والأسري والتربوي والإعلامي والديني.
الكلمات المفتاحية: الإرهاب، المنظور النفسي، شخصية الإرهابي، الاضطراب العقلي، اضطراب الشخصية السيكوباتية.
مقدمة
يعتبر الإرهاب ظاهرة عالمية، مست ولا تزال تمس أغلب دول العالم، فالإرهاب لا دين ولا حدود له مع أن الكثير من العمليات الإرهابية تقترف باسم الدين الإسلامي، وتحاول تشويه هذا الدين الذي هو بريء من كل هذا، فديننا الحنيف يحرم القتل،وسفك الدماء بغير وجه حق، والترويع والتخويف، وكل أشكال الظلم والإساءة سواء المعنوية أو الجسدية.
والإرهاب وجد منذ وجود الدول بشكلها المعروف، ومنذ أن نشأ أول مجتمع بشري تحكمه سلطة واحدة، ومن ثم قامت مجموعة من الأفراد بأعمال ترهيبية لإجبار هذا المجتمع، ودفعه لتحقيق مطالبهم، فالإرهاب هو ثقافة وفكر لدى جماعة يؤمنون بأنه لا يمكن الوصول إلا أهدافهم إلا من خلال سلوكيات العنف.
ولقد أصبح الإرهاب الدولي اليوم من أخطر ما يهدد المجتمع الدولي، فالإحصائيات الحديثة[1] تؤكد أن معدلات الجرائم الإرهابية في ازدياد مستمر، الأمر الذي انعكس على معدل نمو الجماعات والمنظمات الإرهابية، وذلك الازدياد يؤدي إلى نتائج خطيرة تهدد أمن المجتمع واستقراره، وتساهم في خلق بيئة من الرعب والخوف في المجتمع؛ فالأفراد في قلق دائم على ممتلكاتهم وأرواحهم،كما يؤدي انتشار الجرائم الإرهابية إلى تعطيل عجلة الاقتصاد والتنمية في ذلك المجتمع؛ وهذا يؤدي إلى تحطيم اقتصاد الدولة ككل[2].
ويعد الإرهاب ظاهرة مركبة تتفاعل في إحداثها مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والسياسة والاقتصادية والثقافية والفكرية، ومن ثم فإن أي معالجة لهذه الظاهرة تأخذ في الحسبان تفاعل هذه العوامل واشتراكها معا في وجودها وتفاقمها.
وعند التحدث عن العوامل النفسية لظاهرة الإرهاب؛ نجدها أيضا في حد ذاتها متعددة وجد معقدة، وترجع إلى مراحل مبكرة من حياة الفرد إلى مراحل الطفولة، وتكوين بنية الشخصية، وحدود ضعفها وقوتها خلال مسارها التطوري، لذلك سنحاول من خلال هذه المداخلة الإجابة على الإشكالية العامة التالية: ما هو المنظور النفسي لظاهرة الإرهاب؟ وما هي السمات المميزة والأشكال السيكوباثولوجية المحتملة لشخصية الإرهابي؟ وستتم الإجابة على هذه الإشكالية من خلال التطرق إلى مفهوم الظاهرة الإرهابية، وعرض مختلف أسبابها، ثم التطرق إلى سيكولوجية الشخصية الإرهابية من خلال تفسير السلوك الإرهابي في ظل النظريات النفسية، وتحديد السمات المميزة له، ومناقشة الأشكال السيكوباثولوجية لشخصية الإرهابي (الاضطراب العقلي واضطراب الشخصية السيكوباتية)، وأخيرا سبل الوقاية والعلاج من ظاهرة الإرهاب.
أولاـــ مفهوم الظاهرة الإرهابية.
1 ـــ مفهوم الإرهاب:
إن تحديد مفهوم دقيق ومتفق عليه من الصعوبات التي تواجه مفهوم الإرهاب، لأن أغلب الباحثين والهيئات الدولية فشلوا نسبيا في صياغة دقيقة وعامة لظاهرة الإرهاب، لذلك فإن تعريف الإرهاب مسألة غامضة ومعقدة وصعبة بقدر صعوبة وخطورة وتعقد هذه الظاهرة، فالمناضل يمكن أن يعتبر إرهابي أحيانا، ومقاتل من أجل الحرية في أحيان أخرى، إضافة إلى ظهور مفاهيم أخرى متعلقة بظاهرة الإرهاب مثل الجهاد والجهاديين واختلاف وجهات النظر حولها.
ورغم الصعوبات والاختلافات التي طالت مفهوم الإرهاب، توجد محاولات عديدة لتحديد مفهوم هذه الظاهرة، ففي اللغة العربية تعنى كلمة (الإرهاب) الترويع أو التخويف، وكلمة (الرهبة) تعني: الخوف و(الإرهاب) هو الإزعاج والإخافة[3].
وجاءت معاني كلمة إرهاب في القرآن الكريم في أكثر من آية منها ما جاء في سورة الأنفال، قال الله تعالى:» وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ «[4].
ونجد كلمة إرهاب في اللغة الانجليزية (Terrorism) تشير إلى أي نشاط ذو معاني تحمل العنف والترويع والهول، ويرتبط هذا النشاط بأهداف سياسية[5]، أما في اللغة الفرنسية فكلمة إرهاب(Terrorisme) قد استخدمت لأول مرة في النطاق السياسي، وتأخذ نفس المعاني السابقة من الخوف والرعب، فمصطلح الإرهاب يشير إلى ذلك الاستعمال المنظم للعنف من انفجارات، واختطاف الرهائن، وتدمير وغيرها من الأنشطة التي تستعمله بعض المنظمات السياسية في تحقيق أهدافها[6].
والإرهابيون في المعجم الوسيط وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية[7]، حيث يرى صلاح الدين عامر بأن الإرهاب هو : “الاستخدام المنظم للعنف لتحقيق هدف سياسي، وبصفة خاصة جميع أعمال العنف، وحوادث الاعتداء الفردية أو الجماعية أو التخريبية، والتي تقوم منظمة سياسية بممارستها على المواطنين لخلق جو من عدم الأمن، وهو ينطوي على طوائف متعددة من الأعمال أظهرها أخذ الرهائن، واختطاف الأشخاص، وقتلهم، ووضع متفجرات أو عبوات ناسفة في أماكن تجمع المدنيين أو وسائل النقل العامة “[8].
ويرى “جورج ليفاسير” الإرهاب بأنه:” الاستخدام العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها أن تنشر الرعب، وذلك للوصول إلى أهداف محددة، فالإرهاب يتعلق بإرادة تتجه إلى إحداث أقصى درجات الرعب، وفي أغلب الأحوال يرمي إلى إحداث رعب جماعي بين فئة اجتماعية معينة، وفقا لأهميتها سواء كانت تمثل كافة فئات المجتمع، أو شريحة منه، أو تتعلق بحزب سياسي، أو طبقة اجتماعية، أو فئة تمارس سلطة معينة كالحكومة والهيئات العامة، أو حتى قيادات مشروع معين”[9].
2 ــــ أسباب الإرهاب ودوافعه:
مما لاشك فيه أن العنف والعدوان والإرهاب سلوك يظهر في سلوكيات كثير من البشر، ويرجع إلى عوامل ودوافع وأسباب عديدة تحركه، منها الأسباب الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية والنفسية سنحاول تلخيصها فيما يلي[10]:
أ ــــ الأسباب الفكرية :
1 ـــ معاناة العالم الإسلامي اليوم من انقسامات فكرية حادة بين تيارات مختلفة، ومرجعها هو الجهل بالدين، والبعد عن التمسك بتوجيهات الإسلام، ومن أبرزها التيار العلماني والتيار الديني المتطرف.
2 ـــ تشويه صورة الإسلام والمسلمين، لأن الغلو في الدين في العصر الحديث شوه الدين الإسلامي الحنيف، ونفر الناس منه، وفتح الأبواب للطعن فيه.
3 ـــ ضآلة الاهتمام بالتفكير الناقد والحوار البناء من قبل المربين والمؤسسات التربوية والإعلامية.
4 ـــ سوء الفهم والتفسير الخاطئ لأمور الشرع دون الرجوع إلى العلماء الأكفاء، وأهل العلم الشرعي الصحيح، وعدم الجمع بين الأدلة، أو عدم فهم مقاصد الشريعة.
ب ـــ الأسباب الاقتصادية:
1 ـــ عدم القدرة على إقامة تعاون دولي جدي من قبل الأمم المتحدة، وحسم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للدول، ويكون ذلك عن طريق النمو، والتقليل من الهوة السحيقة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وتحقيق مستوى حياة أفضل للغالبية العظمى من الشعوب بكرامة وشرف.
2 ــــ عدم قدرة المنظمة على إيجاد تنظيم عادل ودائم لعدد من المشكلات الدولية، مثل اغتصاب الأراضي، والنهب والاضطهاد، وهي حالة كثير من الشعوب.
ج ـــ الأسباب السياسية.
1ــــ التناقض الفاضح بين ما تحض عليه مواثيق النظام السياسي الدولي من مبادئ، وما تدعو إليه من قيم إنسانية، ومثاليات سياسية رفيعة، وبين ما تنم عنه سلوكياته الفعلية، والتي ترقى به إلى مستوى التنكر العام لكل تلك القيم والمثاليات.
2 ـــ افتقار النظام السياسي الدولي إلى الحزم في الرد على المخالفات، والانتهاكات التي تتعرض لها مواثيقه بعقوبات دولية شاملة ورادعة ضد هذا المظهر الأخير من مظاهر العبث، لأن التسيب الدولي هو الذي يفتح المجال واسعا أمام الإرهاب الدولي الذي يجمع في صفوفه بين القتلة والمحترفين والمرتزقة المأجورين، وغيرهم من المغرر بهم دينيا أو سياسيا أو عقائديا.
د ــــ الأسباب الاجتماعية:
1ـــ عدم الحكم بما أنزل الله عز وجل في كثير من البلاد الإسلامية.
2 ـــ الفساد العقائدي، وظهور العديد من الفرق والمذاهب والآراء، وانتشارها وتسببها في إحداث الغلو والبدع.
3 ــــ اختلال العلاقة بين الحاكم والمحكوم من شأنه أن يؤدي إلى اختلال انضباط أمور الأمة وسيرها.
4 ـــ عدم تكوين روح التعلق بالمجتمع الإسلامي، والتي تعتبر ضرورية للعيش في الحياة الاجتماعية ولدوامها.
5 ـــ غياب دور العلماء وانشغالهم يكون مدعاة لتصدير غير الأكفاء الذين يضلون الناس بفتوى الباطل أو بغير علم.
6 ـــ التفكك الأسري والاجتماعي، والذي يؤدي إلى انتشار الأمراض النفسية، ونسبة المجرمين والمنحرفين والشواذ، لأن فساد أخلاق الكثير من الأطفال تكون في سن مبكرة بسبب المحيط السيئ، والوسط الفاسد الذي يفتقد إلى المراقبة والتوجيه السليم.
هـ ـــ الأسباب التربوية:
1 ـــ نقص الثقافة الدينية في المناهج التعليمية من الابتدائي وحتى الجامعة في معظم البلاد الإسلامية.
2 ــ عدم الاهتمام الكافي بإبراز محاسن الدين الإسلامي والأخلاق الإسلامية التي يحث عليها الدين.
3 ـــ عدم الخضوع للنظام في مرحلة الطفولة، وفي مختلف المراحل التربوية.
و ــــ الأسباب النفسية:
تتعدد الأسباب النفسية المؤدية للعنف والإرهاب والتطرف ويمكن تصنيفها كما يلي:
1ـــ الدوافع التدميرية النفسية المتأصلة: والتي ترجع إلى غريزة الموت، والميل التدميري العدواني، وهو ميل متأصل ضارب الجذور في تكوين البشر، وهي تصريف لطاقة أو لشحنات دافع العدوان والرغبة في التدمير سواء الموجهة إلى الذات أو إلى الآخر.
2 ــ ضعف الأنا العليا(النفس اللوامة أو العقل والضمير)، وسيطرة الذات الدنيا(النفس الأمارة بالسوء)على الشخصية الإنسانية.
3 ـــ تضخم الأنا العليا بسبب الشعور المتواصل بوخز الضمير.
4 ـــ الإحباط في تحقيق بعض الأهداف أو الرغبات أو الوصول إلى المكانة المنشودة.
5 ـــ هذاءات العظمة: يمكن أن تيسر التورط في عنف أو حرب مدمرة، وهي عرض مرضي عقلي، ويعني اعتقادا يسود فكر المريض بأنه شخص عظيم، دون أن يسند هذا الاعتقاد واقع منطقي يدعمه مثل شخصية (أدولف هتلر).
6 ـــ هذاءات الاضطهاد: وتعد أيضا من أعراض المرض العقلي، فيمكن أن يحفز الرئيس أو القائد المضطرب بهذا إلى بدء حرب أو شن عمل إرهابي، ففي هذا الاضطهاد يعتقد القائد في دعاوى زائفة بأن الآخرين يكيدون للإضرار به، أو تدميره هو، أو بلده الذي يحكمه ويقوده، أو إلى فكره أو منطقه أو قيمه التي يؤمن بها، وقد تكون هذه الهذاءات مصحوبة بهذاءات العظمة، فيكون أيسر على القائد أو جماعته للتورط بأساليب العنف أو الحروب، وقد لا تكون مصحوبة بهذاءات العظمة.
7 ـــ الشخصيات المتبلدة أو الفصامية: وهي حالة مرضية تجعل صاحبها منفصلا عن الواقع، مخطئا في تقدير ظروفه، وخاليا من المشاعر، وغير مكترث بشيء (أي غير مبال)، فإذا كان قائد ما له هذا النمط من الشخصية، فإنه سوف يسيء تقدير العوامل السياسية، وغيرها من ظروف الواقع وملابساته، كما سيكون أيضا غير مكترث بالتدمير الذي سيقود بلده أو جماعته إليه، أو سيلحقه بعدوه.
ثانيا ـــ سيكولوجية الشخصية الإرهابية .
1 ــــ تفسير السلوك الإرهابي في ظل النظريات النفسية:
بدأ الاهتمام بتفسير السلوك الإرهابي من الناحية النفسية منذ أواخر الستينيات إلى منتصف الثمانينات، حيث قدم علماء النفس العديد من التفسيرات والتبريرات العلمية والفلسفية للظاهرة الإرهابية، وقد كانت معظم التفسيرات تعتمد على تصور مدرسة التحليل النفسي بقيادة سيجموند فرويد(Sigmund Freud)، والذي يركز على أن السلوك الإرهابي يخرج من اللاوعي عند الإنسان، والذي اختزنه وظل مكبوتا منذ مراحل الطفولة المبكرة، كما وجد اهتمام بالغ في الربط بين الشخصية النرجسية والسلوك الإرهابي، والربط بين الرغبة لدى الفرد في القتل والموت، وسبل تحقيق هذه الرغبة عن طريق الوسائل الإرهابية.
وكانت البداية العلمية للبحث في السلوك الإرهابي ترجع إلى تأليف أول كتاب ” علم النفس والإرهاب” سنة 1979، والذي كتبه فريدريك هيكر (Frederick Hacker)، وقد بذلت الحكومات الدولية مجهودات لإيجاد تفسير علمي نفسي للسلوك الإرهابي، مما دفع أحد الأطباء النفسيين واسمه جيرولد بوست (Jerrold Post) إلى إعطاء نموذج نفسي تفسيري للسلوك الإرهابي، وقد قدمت مدرسة التحليل النفسي والمدرسة السلوكية والمعرفية والواقعية عدة تفسيرات علمية يمكن من خلالها استنباط الفكرة الأساسية التي تكمن وراء السلوك الإرهابي[11].
أ ـــ مدرسة التحليل النفسي:
يرى سيجموند فرويد رائد ومؤسس مدرسة التحليل النفسي (1856 ـ1939) أن الإنسان مخلوق ذو طبيعة بيولوجية، ودافعه الأساسي يكمن في إشباع الحاجات الجسدية والجنسية الداخلية، فلإنسان مخلوق مجبر موجه نحو إشباع غرائزه بكل السبل والطرق، ومن أهم أساليب فهم الشخصية والتنبؤ بسلوك الفرد نجد التداعي الحر، وتفسير الأحلام، والتحويل العكسي، والمقاومة حيث يعتبر المرض ومكسب المرض أول مصدر لها، حينما يصبح المرض واجهة يخفى المريض خلفها دونيته، فهو وسيلة لإرغام الآخرين على التضحية، وإظهار الحب أو فرض إرادة معينة، حيث تتكون الشخصية حسب التحليل النفسي من الهو (Id)، وهو محرك الغرائز وكل شيء موروث منذ الولادة، والسعي لإشباع الحاجات الغريزية من مبدأ اللذة، وتتكون من الأنا (Ego) حيث يمثل طريقة التعامل مع الواقع لإشباع حاجات الفرد الغريزية، ويتكون أيضا من الأنا الأعلى (Super – Ego)، ويمثل عملية متصلة للأنا من خلال ما تعلمه الفرد من والديه من معايير اجتماعية وتقاليد، وجميع المثاليات والأخلاقيات في هذه الحياة، كما أن التكوين البيولوجي الوراثي لدى الفرد يمثل الجزء المهم من نشأة الاضطراب النفسي[12].
وتظهر أشكال الصراعات العصبية للسلوك الإرهابي عند الفرد على شكل إحباط في الرغبات الحياتية عن طريق الأنا، وفيه يحدث كبت وحجز للغرائز، والذي يتركز أثناء الطفولة، وعن طريق الكبت فإن الأنا يعود مرة أخرى إلى التنظيم، وتبقى الرغبات المكبوتة غير متاحة، ويتكون لدى الفرد غرائز أشد وأقوي من الغرائز الأولية مثل غريزة التدمير والموت.
كما يتم تحويل الرغبات الأولية إلى أعراض عصابية، والتي تعتبر إشباعات مؤقتة للرغبات الأولية المحيطة بالفرد، كما يحدث ملائمة الكبت لدى الفرد، وهياج الرغبات الأولية لدى الفرد وذلك عند البلوغ، ويصبح لدى الفرد صراعا عصبيا مركزا، ويتجه إلى إشباعه في مراحل عمرية متقدمة عن طريق الاتصال بالعالم الخارجي، وتفريغ هذه الغرائز بشكل سوي أو غير سوي بناء على تلك الرغبات[13].
وتفسر المقاربة التحليلية العنف والإرهاب بأنهما سلوك عدواني مصدره الغرائز التي يولد بها الإنسان، وهو يحملها في تركيبته النفسية، وغريزتي الموت والحياة مسئولتان عن ذلك، فعكس غريزة الحياة التي تهدف إلى حفظ الذات وحب البقاء، فغريزة الموت تدفع الإنسان إلى العدوان ومعارضة الحياة، حيث تؤدى إلى الانتحار أو العدوان والحرب، مما يدفع بالفرد إلى العنف والقتل وإيذاء النفس أو الآخرين.
كما أن الطفل الذي احتقر في صغره، وتعرض للقمع والكبت (تحقير الذات)، يتشكل لديه أسلوب انتقامي في التعامل مع الآخرين، مما يدفعه إلى (رد الاعتبار لذاته) من خلال النيل ممن قام بإذلاله، أو الاعتداء عليه عن طريق (التنفيس)، أي تفريغ ما يكتنف الذات من كبت(كراهية وعدوان) عن طريق عمليتي النقل والإبدال دفاعا عن الذات[14].
ب ـــ نظرية العلاج العقلاني الانفعالي السلوكي:
يعد ألبرت إيليس (Albert Ellis) أول من قدم النظرية العقلانية الانفعالية، وبداياته كانت مع التحليل النفسي، ثم اتجه إلى التأليف عن العلاج النفسي، وأسباب الاضطراب النفسي سنة 1962، وقد ركز في معظم كتاباته على التفكير والحكم والتوجيه المباشر للمرضى أو طالبي الخدمات النفسية، وأساس نظريته أن الفرد يفكر ويحسب مشاعره، ويتصرف في وقت واحد، وفي بناء معرفي متشابك، لذلك من أجل فهم أسباب السلوك الذاتي للفرد؛ لابد من تصور تحليلي كامل عن كيفية تكون شعور الناس، وتفكيرهم وإدراكهم للمواقف اليومية، ومن ثم تصرفاتهم.
ويعتبر “إيليس” أن الإنسان دائما متفرد بأفكاره العقلانية والغير عقلانية (بنائه المعرفي)، فكل تفكير وتصرف عقلاني يؤدي إلى الشعور بالأهمية والسعادة والكفاءة، وهي سمة عامة لمعظم البشر الأصحاء، والذين يمكن أن يعيشوا في ظل مجتمعات مدنية خالية من العنف والإرهاب، وأن أساس الاضطرابات النفسية، واعتلال الصحة النفسية لدى الفرد ترجع إلى التفكير غير العقلاني وغير المنطقي، ومنه يمكن اعتبار أن المعزز الأساسي للسلوك الإرهابي يتمثل في المعايير الاجتماعية المحيطة بالفرد من خلال البيئة التي يعيش فيها[15].
وغالبا ما ينشأ التفكير غير العقلاني للفرد في المراحل الأولى للتعلم والتكوين البيولوجي، بحيث تكون للأطفال صفة الاكتساب المعرفي من الوالدين والمجتمع المحيط بهم (الاستعداد البيولوجي)، فالناس يولدون ولديهم استعداد أن يكونوا منطقين وعقلانيين، كما يستخدم الفرد اللغة والرموز كأسلوب للتفكير، ويحدث أن يستمر السلوك العقلاني نتيجة الحديث الداخلي لدى الفرد والأفكار المنطقية، وكذلك الحال بالنسبة للسلوك الغير عقلاني أنه يستمر نتيجة تكرر الأحاديث الداخلية لدى الإنسان بصورة دورية، فاستمرار اعتلال صحة الفرد النفسية والسلوكية(والتي تدعم نتيجة حديث الذات الداخلي)تساهم فيها الظروف الخارجية، والأحداث التي تحيط بالمريض، وإدراك الفرد لهذه الأحداث من خلال بنائه المعرفي، واتجاهاته نحوها والتفاعل معه.
ويجد المهتمين بدراسة الظواهر الإرهابية صعوبة في إيجاد تفسير للسلوك الإرهابي، ومنه يصعب التعرف على أبرز الحلول النفسية، لذلك يمكن اللجوء إلى العلاج النفسي، والذي يهدف إلى إبراز أن الحديث الذاتي للفرد مع نفسه هو مصدر الاضطراب الانفعالي، لذلك يجب مهاجمة وتحدى الأفكار والانفعالات السلبية، وتنظيم مدركات الفرد، والتقليل من لوم الذات[16]، وقد استخدمت هذه النظرية كأسلوب من أساليب العلاج النفسي لمساعدة الجانحين والمجرمين والخارجين على الأنظمة والقوانين، وذلك لإعادة تأهيلهم، ومساعدتهم على الاندماج داخل مجتمعاتهم، فالقائمون على العلاج العقلاني الانفعالي يرون أنه لابد من مساعدة المجرمين على إدراك أنهم غير منطقيين وغير عقلانيين، كما أن استمرارهم بتكرار هذه السلوكيات يدل على استمرارهم بالتفكير بطريقة غير منطقية، وأن التفكير غير العقلاني هو المسبب لهذه السلوكيات الغير عقلانية[17].
وفي ضوء هذه النظرية يمكن اعتبار أن الشخصية الإرهابية تتميز بنمط تفكير غير عقلاني وغير منطقي، مما يؤدى إلى ظهور سلوكيات غير منطقية يسودها العنف والعدوان على الآخر، وذلك نتيجة لاستعدادهم البيولوجي لأن يكونوا كذلك، والتأثير الاجتماعي للأسرة والمحيط، والتفاعل والتشابك بين الأفكار والمشاعر تجاه المجتمع والدين والعادات والتقاليد.
ج ـــ نظرية العلاج السلوكي المعرفي:
ترتكز هذه النظرية على فلسفة أن الأحاديث الداخلية، أو ما يقوله الناس لأنفسهم هو ما يحدد باقي المهام التي يقومون بها أو يفعلونها، فهي تمثل نمط معرفي، ومن ثم حالة انفعالية أو مزاجية يتحدد بها السلوك بناء على الوضع العقلي والفيزيولوجي للفرد[18]، وقد طور هذه النظرية “دونلد هربرت ميكينيوم”، وهو أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة “واترلو” بكندا، وقد اشتهر بمحاولات عدة لفهم الضغوط النفسية، وإيجاد إستراتيجية نفسية للتخلص منها عن طريق الأساليب المعرفية السلوكية، وقد اهتم بمرضى الفصام، والعمل على تدريبهم على الأساليب المعرفية للحديث الداخلي لديهم، ومن أشهر ما استخدمه معهم تلك الأحاديث الداخلية، والتي تحفزهم على أنهم أصحاء وبأحسن أحوالهم، ولديهم القدرة على التعايش مع عالمهم الداخلي، وقد استخدم “ميكينيوم” أسلوب الحديث الذاتي أو الداخلي في البداية مع الأطفال الذين يعانون من نشاط مفرط أو عدوانية زائدة في المدارس[19].
وقد تعامل القائمون على هذه النظرية مع نسق الحديث الذاتي للفرد الداخلي، وأن أساس الاضطراب النفسي ينشأ من اختلال في التفكير يتسبب في ظهور عمليات فكرية محرفة تؤدي إلى رؤية محرفة للعالم، ومن ثم تتكون لديه انفعالات غير سارة، والتي تؤدي لا محالة إلى مشكلات سلوكية واعتقادية متكررة، وفي محاولة للمختصين في توظيف هذه النظرية في فهم الشخصية والتفكير الإرهابي، فقد تم الربط بين محددات الأحاديث الداخلية للفرد، والبيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها، وقد وجد أن هذه الأحاديث تتركز على التوجيهات والعلاقات الشخصية، وتشمل جميع التعليمات والأفكار التي يتلقاها الفرد، ومثال ذلك الأطفال في سن أو مراحل عمرية مبكرة من خلال اكتساب معلومات من الوالدين، ومن ثم تكرارها وتحولها إلى تعاليم داخلية ذاتية[20].
كما أن استجابة الفرد للضغوط والكيفية التي تمت بها، تتأثر إلى حد كبير بتقدير الفرد لذاته، وقدرته على التعامل مع مصدر الضغوط، أي أن الأحاديث الداخلية تظل تسهم في ظهور مستوى الضغوط لدى الفرد والأفكار في نسق مترابط نسبيا، ويتمثل في طريقة السلوك والمعتقدات الدينية والاجتماعية، وتسهم أيضا الأحاديث الداخلية في ارتفاع مستوى الانفعالات لدى الفرد، وقد أظهرت الدراسات اللاحقة ارتباط الأمراض السيكوسوماتية بالجوانب المعرفية لدى عينات مختلفة من ذوي التوجهات الإرهابية أو الرغبة في تهديد المجتمع[21].
د ـــ النظرية الواقعية:
قدم العالم النفسي وليم جلاسر (William Glasser) سنة 1962 أشهر نظرية في العلاج النفسي، والتي تعتمد على الواقعية والمسئولية الفردية، وقد استنبطت فكرتها من خلال خبراته الميدانية مع العديد من المؤسسات الاجتماعية والنفسية، وقد عرفت فيما بعد بالنظرية الواقعية للعلاج النفسي، كما أسس معهد العلاج بالواقع، والذي اهتم بتدريب المختصين النفسيين الذين يعملون في مجالات الخدمات الإنسانية، وقد حاول من خلال نظريته أن يعطى تصورا إيجابيا للإنسان من الناحية السلوكية والتعليمية، ولعل ما يميز هذه النظرية هو التركيز العميق على العملية التعليمية، والاستفادة منها كأسلوب لحل مشكلات الفرد، حيث يعتبر القائمين على هذه النظرية أن الفرد ليس وعاء فارغ، وإن من مهام المعلم والقائد أن يفرغ جميع العلوم، والمعارف والأرقام والمفاهيم والتصورات بشتى أنواعها في هذا الوعاء، وتفترض أن الأفراد عقلانيين، ولديهم الطاقات لاكتشاف ذواتهم وحل مشكلاتهم[22] .
وتنطلق نظرية “جلاسر” من مبدأ أساسي يهتم بالفرد ذاته، حيث يرى أنصار هذه النظرية أن كل فرد قادر على السيطرة وتسيير ذاته، وإذا اعتمد على قراراته أكثر من اعتماده على المواقف في الحياة اليومية؛ استطاع أن يعيش حياة تتمتع بالمسؤولية، وبقدر من النجاح والرضي، كما يجب على الفرد أن يتعامل مع ذاته كانسان له أهمية واستقلالية وذاتية، وهو مبدأ يهتم بتغير سلوك الفرد بالدرجة الأولى، وهذا التغيير يبدأ من قدرة الإنسان على فهم ذاته، والقدرة على اتخاذ القرار في حياته، وتعتبر الهوية بالنسبة له نوعان؛ هوية النجاح، وهي القدرة على التأثير في البيئة الأسرية والعملية، والثقة في اتخاذ القرار، وهوية الفشل، وهي التي تنمو مع الأشخاص الغير قادرين على تكوين علاقات وثيقة مع الآخرين من المحيطين بهم، والذين يتمتعون بقدر متدني من المسئولية الوظيفية والاجتماعية والقنوط وعدم الأهمية[23].
ولا يمكن تحقيق النجاح لدى الإنسان إلا بوجود حاجتين أساسيتين، وهما الحاجة لتبادل الحب والتقدير والاحترام، والحاجة إلى الشعور بالأهمية، وهاتين الحاجتين يمكن تحقيقهما من خلال الاندماج مع الآخرين، ولكن إذا كان الأفراد غير قادرين على تكوين هوية خاصة بهم من خلال إشباع هاتين الحاجتين، فأنهم لا محالة سوف يحاولون سلك طريق الفشل أو هوية الفشل، ولعل تعديل هوية الفشل عند الناس يكون عن طريق تغيير السلوك، وإشباع الحاجات الأساسية عن طريق ثلاثة بنود أساسية في التربية والتعامل مع الآخرين وهي المسؤولية والاستقامة والواقعية.
والمسؤولية تعتبر أهم ركائز هذه النظرية، وهي تمثل القدرة على المحاسبة حيث ينظر إلى الناس أنهم محاسبون عن جميع سلوكيات هم الشخصية، ومسئولون عن الوفاء بجميع التزاماتهم وحاجاتهم الشخصية بغض النظر عن ظروف الفرد الحالية أو الماضية، أو استخدام سلوكيات الآخرين كأعذار للتصرفات الشخصية، والمسئولية كذلك يمكن اعتبارها على أساس القدرة على التصرف بطرق تحقق حاجات الفرد، مما يؤدي إلى تكوين هوية النجاح للفرد، والاستقامة أو الحق تعتبران من المخزون المعرفي للفرد، وهما بمثابة توجيه لسلوك الناس في المجتمعات المدنية، ونبراسا للتغير السلوكيات، وتعديل الحاجات بما يتوافق وقيم المجتمع العامة، أما الواقعية فهي مدى إدراك الإنسان للواقع الحقيقي الذي يعيش فيه، وذلك في إطار المسئولية المناط بها، وحدود القيم والقيود التي يفرضها عليه المجتمع، وغالبا ما يعود سبب المرض النفسي حسب هذه النظرية إلى انعدام اتصال الأفراد بالواقع، أو إنكار واقع وجودهما لذاتي في الحياة، مثل ادعاء البعض أنهم شخصيات عسكرية أو تاريخية قديمة أو رموزا دينية أو وطنية[24].
إن القدرة على إشباع الحاجة إلى التقبل والاحترام قدرة مكتسبة عن طريق التعلم، والانخراط في العلاقات الاجتماعية الصالحة، وذلك من خلال إدراك عمق المسئولية لدى الفرد، والنظام القيمي الذي يعيش فيه، وارتباطه بالواقع الحالي لديه، وتقدم هذه النظرية أسلوبا مميزا في تفسير السلوك الجانح أو الخارج عن المألوف والنسق الاجتماعي، إذ يرتبط بالأيديولوجيات الاجتماعية والثقافية والأسرية، والقيم و المعايير الدينية للفرد داخل نسق المجتمع، واستخدام العقاب وحده ليس كفيل في نزع فتيل التفكير الخرافي أو التفكير التكفيري، والذي يعتمد على القتل والتدمير من أجل مجموعة من الأفكار والقيم الغير منطقية، بل تنحصر أساليب النظرية الواقعية في الارتباط والمحافظة على المجتمع وقيمه، وذلك بزرع الهوية الفردية للنجاح وتعزيزها، ووضع أطر علاجية لهوية الفشل، مما يضمن عدم استمرارها وانتشارها بين أفراد المجتمع ككل، وبين الجماعات بشكل خاص[25].
2 ـــ الأشكال السيكوباثولوجية لشخصية الإرهابي:
تعتبر الشخصية العلامة المميزة الإنسان، فهي مثل بصمة الأصبع ليس لها شبيه، وهي تعكس ذلك التنظيم الداخلي الدينامي لمكونات الجهاز النفسي، والتي تعمل بشكل متناسق ومتكامل، ويظهر ذلك من خلال التوافق النفسي الايجابي للفرد، وتكيفه مع ذاته ومع محيطه الخارجي، وهذا يعكس بالتأكيد حسن صحته النفسية، حيث يعرفها جوردن البورت (Gordon Allport) بأنها: “تنظيم دينامي داخل الفرد لتلك الأجهزة النفسية والجسمية التي تحدد طابعه الخاص في توافقه لبيئته”[26]، كما يرى فوزي محمد الجبل أن الشخصية “هي مجموع ما لدى الفرد من استعدادات ودوافع ونزعات وشهوات وغرائز فطرية وبيولوجية، وما لديه من نزعات واستعدادات مكتسبة “[27].
ويعتبر كازفيير ورافر (Xavier&Raver) من الباحثين المهتمين بدراسة شخصية الإرهابي، حيث يعتقدان أن الإرهابي هو شخصية سيكوباتية حبيسة إحباطاته، في حين يرى البعض الآخر أنه لا توجد شخصية إرهابية، وهم يحاولون البحث لإثبات أن الإرهابي هو شخص عادي وجد في ظروف معينة جعلته ينصب في حالة العنف الخطير، وفي هذا الشأن يرى ماجد موريس(2005) في تقديمه لبنية شخصية الإرهابي المتعطش للدماء أن هناك ظروف مهيأة إما اجتماعية أو بيئية أو تكوينية (نفسية – فسيولوجية) للشخص ذاته، وأن من سمة الشخصية المشتركة عند جماعة الإرهابيين القياديين نجد التمتع بسمة العظمة المرضية (البارانويا)إضافة إلى سمة الاضطهاد المرضي،وأنهم وراثيا يولدون لوالدين يكون أحدهما على الأقل عنيف أو قاسيا بالإضافة إلى سمة القوة، بما فيها سمة القيادة الناجحة، وقدرتهم على تحويل الميول الكامنة في النفوس العامة إلى ظاهرة فاعلة، فيدفعون بأتباعهم فرقا أو أحزابا أو جيوشا إلى الحاجة للقتال والذبح، فيفرغون ضد الغير طاقات العنف، لأنّه في نظرهم كائن حقير أو جرثومة تفسد الجسم ولا بدّ من القضاء عليها[28].
وذكر بوكرع إلياس (2006) في كتابه “الإرهاب” أن التطوع في العمليات الإرهابية لا يرجع لوجود شخصية إرهابية، وإنما الشخصية الإرهابية تنتج من هذا الانغماس في التطبيقات الإرهابية، لذلك من الضروري دراسة الفعل الإرهابي ذاته من حيث طريقة الالتحاق بالجماعة، ومن حيث نمط التلقين، والعلاقات التي تربط بين الأفراد الإرهابيين يبعضهم، والتي تعزز الانتماء إلى الجماعة، أو كما يسميه ابن خلدون (العصبية)، والذي يحول كل تنظيم إرهابي إلى عش حقيقي ومنظم[29].
وقد استخلصت خدمة الولايات المتحدة السرية حسب ما جاء في التقرير الأمريكي (1999) من خلال دراسة بعض الشخصيات الإرهابية خلال زيارات السجون والمعتقلات والمستشفيات جملة من الملاحظات حول الشخصية الإرهابية لخصها ماهر محمود (2007) بتصرف منه جاءت كالتالي[30]:
1 ـــ ليس بالضرورة أن يكون كلّ المجرمين الإرهابيين ينتمون إلى فئة المرضى العقليين أو المنبوذين اجتماعيا، أو أنهم ذكور دون النساء.
2 ـــ يقوم الإرهابيون بتهديد الضحايا قبل الهجوم، كما بإمكانهم مفاجأة الضحايا دون سابق إنذار حتى لا يحتاطوا لذلك.
3 ـــ لا يشترك الإرهابيين في كلّ السمات، فهناك تشابه في البعض واختلاف في البعض الآخر.
4 ـــ اعتمدت الكثير من النظريات التي تناولت تفسير وتحليل الإرهاب على افتراض أن الشخصية الإرهابية قد تعتبر شاذة ومريضة بناءً على التحديد الواضح لخصائصها التي تخضع لتفسيرات الطب النفسي، ومختلف فروع علم النفس.
ولتحديد الخصائص العامة وسمات شخصية الإرهابي، قام عدد من المهتمين في المجال الإرهاب بدراسات أمبريقية على مجموعة من الدول منها ألمانيا الغربية، وايطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية مصر العربية، حيث قدمت دراسة سولوولد (,1985 Sullwold ) في ألمانيا الغربية تصنيفين للشخصية الإرهابية وهما [31]:
أ ــ تصنيف انبساطي : والذي يمثّل الشخصية غير المستقرة، والمتناقضة وغير الانفعالية، والتي لا تهتم بالآخرين وتبحث بنفسها عن المشاكل.
ب ـــ التصنيف العدواني العصابي: وهي تشبه الشخصية البارانوية في ميزاتها العدوانية، وتمارس أفعالها الإرهابية بدون تفكير في ذاتها،كما تتصف بالشك وهي ناقدة ومدافعة.
وقد تبين من خلال دراسة فيراكوتي(Ferracuti , 1998) أن شخصية الإرهابي تتّصف بخصائص الانبساطية المرتبطة بالعدوانية العصابية، مع ضعف عام في العامل الأخلاقي والنظام القيمي، كما حاولت دراسة إبراهيم نافع (1994) الكشف عن ملامح وسمات شخصية الإرهابي في مصر من خلال متابعة وفحص ملفات قضايا التنظيمات الإرهابية التي قامت بأعمال دموية، فتوصل إلى أن الجماعات تمكنت من غرس فكرة هامة وخطيرة في عقول الشباب المصري، وهي سيكولوجية الكراهية، والتي تعني إعدام كل مظاهر الحياة الحديثة والأفكار المعاصرة، ورموزها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والعسكرية بعمليات التخريب، والاغتيال لكل الرموز التي تمثّلها، وخلصت الدراسة إلى تحديد مجموعة من سمات شخصية الإرهابي متمثلة في الفراغ الثقافي والفكري والعاطفي؛ والبطالة؛ وضعف الوازع الديني؛ وانعدامه أحيانا؛ قلّة الدخل وتعسّر الحالة المادية[32] .
وقد بين سمير نعيم أحمد (1993) من خلال دراسات نفسية عالمية ومحلية في مجال الإرهاب، بأن الشخصية الإرهابية تعاني عموما من اضطرابات عقلية معرفية تتّسم بأسلوب منغلق جامد في التفكير، وعدم تقبل المعتقدات والأفكار التي تختلف مع تفكيره واعتقاداته، والصلابة أي عدم المرونة فيها، واضطرابات انفعالية تتسم بشدة الانفعال والغضب والعصبية والتطرف في المشاعر السلبية متضمنة الكراهية، واضطرابات سلوكية تتسم بالاندفاعية والعدوانية والميل للعنف والتدمير والتخريب وغيرها[33].
واعتمادا على ما سبق يمكن القول أنه لا يمكن تقديم تعريف واحد وشامل للإرهاب أو للشخصية الإرهابية بسبب تعدد واختلاف سماتها ومميزاتها الشخصية، ورغم ذلك حاول مجموعة من المختصين والباحثين النفسانيين والاجتماعيين والأطباء تقديم مجموعة من الخصائص السيكولوجية والاجتماعية المشتركة عند الإرهابي في أي مجتمع كان، وقد قدمها الباحث ماهر محمود (2007) مختصرة كما يلي[34]:
ـــ سوء فهم الآخرين وتفسير دوافعهم بنوع من السلبية.
ـــ تضخيم الذات أو ممارسة الجنون والتكبر على الآخرين.
ـــ اضطراب عام في المزاج، والإحساس بالقلق والتوتر الدائم.
ــــ الخروج عن المعايير الاجتماعية، والاستهانة بالنظام والقيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع. الخروج على القوانين، وله سوابق عدلية.
ـــ ممارسة مظاهر السلوكيات الإرهابية على اختلاف أشكالها من قهر وعنف وعدوانية لفظية.
ـــ ممارسة مجموعة من الحيل الدفاعية والإفراط فيها مثل الإسقاط، والتبرير، والنقل، فهو يسقط على غيره كل تهمه، ويُبرر سلوكياته على أنها منطقية وعقلانية، وينقل غضبه وحقده إلى شخص آخر.
ـــ الجمود الفكري والانغلاق العقلي والصلابة في المعتقدات.
ـــ التمسك الوهمي بالانتماء لجماعة إرهابية معينة أكثر من التمسك بالانتماء الحقيقي المنطقي لعقيدة دينية معتدلة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كل إرهابي هو شخص مريض عقليا ؟ أو مضطرب نفسيا ؟ فالسؤال بهذا الطرح يبدوا مقنعا ومبررا لكل ما سبق ذكره على حسب قول موريس إبراهيم (2005)، وما حدث عبر التاريخ من أحداث إجرامية تجعلنا نعتقد دائما بأن المنفذ للأعمال الوحشية الإرهابية غير عاقل لبشاعة أفعاله، مثل حادثة مقتل الرئيس “جون كينيدي“، والملك فيصل بن عبد العزيز وغيرها[35]، لذلك سنحاول التطرق إلى الأشكال السيكوباثولوجية أو النفسية المرضية الممكنة والمحتملة لشخصية الإرهابي:
أ ـــ الإرهاب والاضطراب العقلي:
لقد حاول الباحثين في مجال الطب، والصحة النفسية، وعلم النفس الإكلينيكي إيجاد علاقة ارتباطية بين الاضطرابات النفسية، وظهور السلوك الإرهابي لدى الأفراد، لكن لم تجد الدراسات النفسية أي علاقة ارتباطية بين مرض الفصام والسلوك الإرهابي، وذلك لأن الفصام من الأمراض التي تظهر فيها هذاءات وهلاوس واضطرابات سلوكية ووجدانية متعددة، مثل الأمراض النفسية الأخرى كالاكتئاب والهستيريا والقلق، ومن جهة أخرى أكد الباحثين أن أغلب الإرهابيين الذين خضعوا لأساليب الاستجواب والتحقيق غالبا ما يصابون بنوبات إكتئابية وقلق وهلع بشكل عام[36].
ويشير ماجد موريس إبراهيم (2005) في كتابه “الإرهاب الظاهرة وأبعادها النفسية” أن الباحثين المهتمين بدراسة العلاقة بين الإرهاب والمرض العقلي وجدوا سلسلة ثلاثية التداخل بين الإرهاب والعنف والمرض العقلي، كما وجد جوز (Guze) أن المرضى الفصاميين قليلا ما يرتكبون جرائم خطيرة، في حين تناولت دراسة زيترين (zitrin,1976) 867 ملفا خاصا بالمرضى في مستشفى “بلفيو” بنيويورك، ووجدت أن توقيف الشرطة للمرضى العقليين يفوق معدل إيقاف المواطنين العاديين بخمس مرات في الجرائم الكبرى، ولكن توجد دراسات أخرى قدمت نتائج عكسية مثل دراسة جوريل (Guerel,1967)، وسوسوكي(Sosowsky ,1978) وغيرها، حيث أظهرت أن الارتباط بين الجريمة والمرض العقلي يميل إلى الاختفاء إحصائيا، أما سوانسون (Swanson,1994) فيرى أنه عندما ندخل المتغيرات الديموغرافية والنفسية يصبح الفصام ذو دلالة تنبؤية بالنسبة لأحداث العنف الخطيرة[37].
ويوضح عز الدين جميل عطية(2003) أمثلة عن المتطرفين المرضى ذوي الأوهام البارانوية عند بعض الجماعات التي تتخذ من الدين الإسلامي ذريعة لهذه الأوهام، ومنهم الجماعة الإسلامية في الجزائر، والتي تعتقد أن كل سكان العالم كفرة، والجماعة هي وحدها المسلمة إسلاما حقيقيا، بحيث قتلوا المواطنين الأبرياء كخطوة هامّة نحو إقامة خلافة إسلامية كبرى وإسقاط الحكومات العربية[38].
وقد ربط موريس إبراهيم (2005) بين السلوك العدواني وبين بعض السمات أو الأعراض الذهانية بدلا من الربط بين العنف والمرض العقلي بصفة عامة، فالفصامي قد يرتكب أفعالا عدوانية كاستجابة لبعض الأعراض التي ستختفي بعد مدة، وفي الوقت نفسه يكون هناك فصامي في مرحلة خمول وتبلّد للمشاعر، وهو ما يسمى بالأعراض السلبية، فلا يبدي أي عدوانية هنا، وهذا ما جعل الباحثين يركزون على دراسة العلاقة بين العنف وبين جملة من الأعراض(وليس المرض بكامله)، فأصبحت لدراستهم قيمة تنبؤية أكثر فائدة،كالربط بين العدوانية وبين بعض الهلاوس والهذاءات، وعلى هذا الأساس فإن العامل الحاسم في تحديد طبيعة العلاقة بين العنف والمرض العقلي هو وجود أعراض معينة ضمن جملة من الأعراض التي تشكل الصورة الكلية للمرض، وبالتالي فقد تبين أن هناك نقطة مشتركة بين مختلف الشخصيات الإرهابية، وهو الاستعداد أو التشجيع لاستعمال العنف، لتحقيق هدف سياسي لفئة دينية أو عرقية أو اجتماعية[39].
ويرى فراد (Fried,1982) أنه ليس هناك سمة شخصية أو اضطراب نفسي أو اجتماعي يمكن أن يستند علية لتصنيف الشخصية الإرهابية والتعامل معها من خلاله، إلا أنه يمكن أن تعطى وصفا نفسيا يتكون من مزيج من الاضطراب النفسي والاجتماعي، واعتلال في مستوى الصحة النفسية الشخصية[40].
ب ـــ الإرهاب واضطراب الشخصية السيكوباتية:
إن للثقافة والموروث الثقافي والاجتماعي دور بارز في ظهور الكثير من الاضطرابات النفسية، ولا سيم اضطرابات الشخصية،وذلك نتيجة لعدم تقبل الفرد لهذه الثقافة وهذه المورثات أو تمرده عليها، أو عدم تقبله لعادات وتقاليد وأعراف المجتمع الذي يعيش فيه، فيحدث نوع من الفتور والتصادم والصراع بين القيم والمعاير الثقافية والاجتماعية، ويصر الباحثين والمختصين في علم النفس المرضي على ضرورة التفرقة بين المرض النفسي واضطرابات الشخصية، وذلك لوجود تداخل كبير بينهما، حيث أن اضطرابات الشخصية هي سلوكيات تعكس أفكار عقلانية أو لاعقلانية، وهي لا ترجع إلى قصور أو خلل في وظائف الدماغ، وبالتالي هي لا تصل إلى درجة المرض العقلي حتى وان استمرت إلى مراحل مبكرة من العمر ولسنوات عديدة، ويستطيع المصاب التعايش مع هذه الاضطرابات، ويستمر في علاقاته الاجتماعية أيضا رغم الصعوبات التي يواجهها جراء ذلك، ومن أشهر اضطرابات الشخصية التي لها علاقة مباشرة بإيذاء المجتمع والمحيط الخارجي هو اضطراب الشخصية السيكوباتية أو الشخصية المضادة للمجتمع، فقد ثبت وجود ارتباط بين هذا الاضطراب والسلوك الإرهابي.
والشخصية السيكوباتية صفة تطلق على من يغلب على تصرفاتهم الانحراف الاجتماعي، والخروج عن القوانين والمعايير الخلقية[41]، وتكون هذه الشخصية مؤذية للغير، ومضرة بالمجتمع ومؤسساته، حيث يشعر السيكوباتي بالاستمتاع عندما يرى الآخرين في ضيق أو مشكل،كما لا يتأقلم مع غيره من الشخصيات، ولا يتكيف مع البيئة المحيطة به، ولا ينفعه النصح ولا الإرشاد ولا التوجيه ولا العقاب، ويكون متبلد العاطفة، ولا مبالي مستهتر متهرب من تحمل المسئولية، والأشخاص الذين يمتلكون هذه الشخصية ينتمون عادة إلى طبقات ذات مستوى اقتصادي منخفض، وخلفيتهم تشير إلى تعرضهم إلى العنف والحرمان، والإهمال والاعتداء، والذكور أكثر من الإناث[42].
وبالرغم من أن السيكوباتي لا يعاني من أعراض المرض العقلي إلا أن سلوكه الاجتماعي بصفة خاصة لا يقل خطورة عن غيره من أنواع الأمراض العقلية الأخرى، لأن اضطرابه وسوء تكيفه يفصح عن اضطراب عميق في الشخصية وتكاملها، مما قد يتولد عنه جرائم خطيرة .
ومن التعريفات الشائعة للسيكوباتية أنها : “حالة مرضية تظهر بشكل سلوك اندفاعي متهور، ومتكرر، يستهجنه المجتمع أو يعاقب عليه،دون أن يكون لذلك علاقة بالضعف العقلي أو بمرض عصابي أو ذهاني، أو بحالة صرع، أو بمرض عصبي”، ويعرفها “دافيد كلارك” بقوله: “إن أصحاب الشخصية السيكوباتية هم هؤلاء الذين تكون حالات الاضطراب في سلوكهم ومشاعرهم واضحة، وظاهرة في تصرفاتهم، وفي طريقة تكيفهم مع البيئة”، ويرى (إبوجين كان ــــ E .Kahn) أنه من المستحيل أن نضع تعريفا محددا للشخصية السيكوباتية، ولكن مع ذلك يمكن القول أنها تشمل الأفراد الذين يتميزون بانحرافات كمية في الدفع والمزاج والأنا والخلق، أما (وليم هوايت ـــ W.white ) فيرى أن السيكوباتيين يقعون بين المجانين وبين المجرمين[43].
ويعتبر هندرسون (Henderson) السيكوباتيين أناس غير عاديين من حيث استجابتهم الانفعالية أو سلوكياتهم العامة منذ الطفولة المبكرة، ولكنهم لم يصلوا إلى درجة من الحدة تجعلهم يندرجون في فئة المرضى أو المتخلفين عقليا، وقد وضع تعريفا أشار فيه إلى الخصائص الأساسية في السيكوباتية من بينها[44] :
1ـــ أنها تلازم الفرد منذ نشأته أو تنشأ في سن مبكرة.
2 ـــ إنها تظهر كاضطراب في السلوك المضاد للمجتمع.
3 ــــ إن المستوى العقلي يختلف بين الارتفاع والهبوط دون أن يدخل في حدود النقص العقلي.
4 ــ إنها تحدث بصورة متقطعة أو مستمرة.
5 ـــ إنها لا تتأثر بأي وسيلة من وسائل العلاج.
6 ـــ إنها مرض لا شر و لا جريمة.
7ـــ السيكوباتي يتأثر باللذة العاجلة، وإن هددت حياته وأسرته، ويسعى إلى حل صراعاته علنا، ولا يردعه العقاب.
ومن الصعب جدا إعطاء وصفا دقيقا شاملا لكل أنواع الانحراف السيكوياتي أو الشخصيات السيكوباتية، لأنه يدخل في هذه المجموعة كل هؤلاء الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة لدرجة لا تسمح لهم بالحياة، والنجاح في المجتمع، ولكنهم يكونون في ما عدا ذلك عاديين من جهة أجسامهم وعقولهم.
وتوجد محاولات عديدة لتقسيم أو تصنيف السيكوباتيين إلى أصناف مختلفة، وسنكتفي بذكر تصنيفين من هذه التصنيفات، حيث قدم العالم كلارك تصنيفا مبسط يقوم على أساس أن هناك نوعين فقط من الانحراف السيكوباتي وهما[45]:
أ ــــ الانحراف السيكوباتي العدواني : وهؤلاء يتميزون بالهياج والعنف والقسوة وكثرة الشجار، وفيهم أيضًا من مدمني الخمر والمخدرات، وغير المستقرين، وأصحاب الميول السادية، والمجرمين المحترفين(معتادو الإجرام)الذين يكون لهم سجلات حافلة في الإجرام، ويحترفون الإجرام مقابل أجور يتقاضونها من الناس.
ب ــــ السيكوباتي غير المتوافق: ويضم هذا النوع طائفة من الذين يرتكبون أنواعًا من الجنح الصغيرة، والناشزين عن المجتمع الذين تكون عيوبهم مشكلة كبرى للمجتمع ولأسرهم، وكذلك المتواكلين الذين يعيشون بالقوة عالة على أسرهم وأقاربهم، ولا يمكن الاعتماد على هذا التصنيف في وصف ارتباط الشخصية الإرهابية بالشخصية العدوانية أو المضادة للمجتمع، وذلك لعموم الإعراض، وعدم تحديد سلوك بعينه يمكن دراسته.
وقد قدمت الجمعية الأمريكية للطب النفسي(2004)نماذج وتصنيفات متعددة تتناول الشخصية السيكوباتية، ومن أبرز أنواع هذه الشخصية ما يلي[46] :
أ ـــ السيكوباتي الخارج المتجول: وهو الذي يظهر ضعفا ظاهر في الخلق مع شعور بعدم الأمان داخل نفسه، ويظهر ذلك في السلوك الغريب الذي يقوم به، ويسمى أحيانا بالمتجول، لأنه لا يملكنه المكوث في مكان واحد،بل يبدي رغبة شديدة في التنقل لا يمكن التحكم بها، ولا يستطيع التغلب عليها، ولا يكون لهذا التنقل سبب معقول ويسمى أيضا بالسيكوباتي العاجز.
ب ـــ السيكوباتي المجرم(العدواني عديم الشعور): وأمثال هؤلاء المرضى يحترفون أعمالا عدوانية، وأعمال عنف ضد أشخاص آخرين، أو ضد جماعات دون القدرة على التحكم في اندفاعهم،وهم يدركون ما يفعلون دون أن يتمكنوا من التحكم بسلوكهم المنحرف، وبعض هؤلاء من الممكن أن يكون قادرًا على التحكم المؤقت في التعبير عن هذه المظاهر غير الاجتماعية، وذلك لا يكون إلا انتظار للفرصة، وزوالا للموانع، وليعود للانتقام بطريقتهم الإجرامية المعروفة التي تشتمل الهجوم والتربص أو القتل أو الحرق للأملاك التي تخص الغير أو السرقة، ويكون ذلك دون إحساس بالإثم أو الشعور بالذنب، ويعد من الأشخاص الذين يستثارون بسهولة.
ج ـــ السيكوباتي المتعب المقلق: يلاحظ أنهم الحلقة الأضعف في المنظمات الإرهابية، وغالبا ما يكون هذا النوع من الطبقات المتوسطة أو أقل من المتوسط اجتماعيا، ولا يعملون، ولديهم مخاوف اجتماعية من الآخرين، ويتميزون هؤلاء المرضى بالاهتمام المفرط بالذات والكفاية الذاتية، وهم متشوقون للعظمة، وما يستتبع ذلك من المشاعر السيئة، والسلوك المتعب، وسرعة الغضب، وأغلب هؤلاء مصابون بالبارانويا (جنون العظمة)، ومن جملة صفات هؤلاء أنهم لا يستطيعون أن يظهروا ما يدل على فهم الآخرين، وليس عندهم إدراك لمشاعر الآخرين أو رحمة بهم.
د ـــ السيكوباتي الانتحاري: وهذه الفئة تشبه السيكوباتي عديم الإحساس والغرابة في نفس الوقت،
ويصاحب هذا النوع من الشخصية السيكوباتية حالات من الغضب العارم، والذي يؤدي غالبا إلى الخروج والانتقام من المجتمع بشكل سريع وغير متأني، ومصحوب بترعة عدوانية، مثلا يقدم على الانتحار ليقتل أكبر عدد ممكن من الأفراد، ويشبع رغباته الداخلية، ويرضى النظام أو المؤسسة التي يخضع لقوانينها، ويلاحظ أن هذا النوع قد انتشر في مطلع القرن الحالي، ومع تزايد العمليات الانتحارية في العالم، وظهور السلوك الإرهابي بالمملكة العربية السعودية يمكن وصف هذه الشخصية بالشخصية الإرهابية الانتحارية، والتي تؤمن بمبادئ عادة غير عقلانية.
هـ ــــ السيكوباتي المتشائم– الاكتئابي: المريض هنا لا يقدر نفسه حق قدرها، كما ينظر إلى المستقبل نظرة تشاؤم، والمرح والتفاؤل بعيد عن هؤلاء، لأنهم يشعرون بأن كل شيء في حياتهم اليومية يهددهم بالخطر، لذلك نجدهم دائمًا يفكرون في الانتحار بسبب كثرة المشكلات التي لا يستطيعون حلها، وبسبب كثرة همومهم.
و ـــ السيكوباتي المبدع : وهو أشد أنواع الشخصيات ذكاء وفطنة، وغالبا ما يتمكنون من الإمساك بزمام الأمور في المنظمات الإرهابية، ويكون لديهم الأسبقية في التخطيط، وإعطاء الأوامر لتنفيذ الهجمات الانتحارية، وأحيانا يختلق من القصص الإبداعية والابتكارية ما تخرج عن حدود المعقول، والهدف الأساسي لديهم سير العمل الإجرامي والعدائي تجاه الآخرين، وتنفيذ المخططات بصوره دقيقة، ويعد هذا النوع الأشد خطر وأكثر تأثير في المجتمعات، فهم أشخاص ذو نفوذ، ومن طبقات اجتماعية أعلى من المتوسط، ولديهم أساليب وقدرات هائلة في الإقناع والمراوغة، ولديهم مصادر مالية لا يمكن السيطرة عليها.
وانطلاقا مما سبق يمكن اعتبار الإرهابي شخصية مضادة للمجتمع، ولكن قد لا تنطبق عليه كل الشروط والسمات الإجرامية حتى يصنف هكذا من الناحية الإكلينيكية، ويمكن أن يكون مريض عقلي فصامي أو هذائي أو حدي، فإما أن يكون الإرهابي واحد من هؤلاء، وتكون فيه كل الملامح، وتنطبق عليه إحدى الصفات أو التسميات السابقة، أو أن يكون به واحدة أو أكثر من تلك السمات النفسية السابقة، متفوقة على السمات الأخرى شدّة وتكرارا وعمقا، أما المعالم الخاصة بالجماعة الإرهابية، فهي تضم أصلا أفراد بالسمات التي ذكرت سابقا، لأننا قد نجد ضمن الإرهابيين السيكوباتي المبدع والانتحاري والمتعب والمكتئب والمجرم، والفصامي المتعطش للسلطة، والمختل العقلي.
ثالثا ـــ سبل الوقاية والعلاج من ظاهرة الإرهاب:
ويقصد بالوقاية أي عمل مخطط يعمل على منع ظهور مشكلة معينة أو مضاعفات لمشكلة قائمة بالفعل،ويكون الهدف من هذا العمل هو الإعاقة الكلية أو الجزئية لظهور المشكلة أو المضاعفات أو كليهما، وعند التحدث عن الظاهرة الإرهابية، فيمكن القول أنه من الصعب القضاء عليها من جذورها، لأن أسبابها كثيرة ومتشعبة وجد معقدة، ومما يصعب الأمر أكثر أنه بالرغم من وجود مجهودات مجتمعية ودولية وعالمية تحاول القضاء عليها، والوقاية منها بمجموعة من الاتفاقيات والمؤتمرات، توجد بالمقابل أيضا جهود تسعى أكثر لزرع هذا الفيروس ونشره بين مختلف دول العالم، ولكن هذا لا يمنع من الاجتهاد لإيجاد حلول إستراتيجية تحاول التقليل من انتشارها، أو الوقاية من وقوعها أكثر في المستقبل، وأول مستويات الوقاية يجب أن تبدأ من:
1 ـــ الأسرة: باعتبارها اللبنة الأولى والأساسية للتنشئة الاجتماعية، وتشكيل شخصية الفرد، يمكن أن تكون الأسرة بمثابة الوقاية الأولية لمختلف الأمراض النفسية والآفات الاجتماعية التي يمكن أن تسود في المجتمع، فالطفل المعنف أو المشرد أو المغتصب هو مشروع لمجرم أو إرهابي في المستقبل، لأن الطفولة المغتصبة هي أم كل الآفات الاجتماعية المدمرة،فمن واجب الأسرة أن تغرس تعاليم الدين الصحيحة، والقيم المعتدلة في الأبناء مع إشباع مختلف حاجياتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية،وكل هذا ضمن إطار من الحوار الصحي والايجابي، والاحتواء الفعال، ومرافقة الأبناء في كل مراحل حياتهم، ودعمهم بكل الطرق الممكنة التي تخدم شخصيتهم ومستقبلهم، وإعطائهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم بشكل منظم وآمن، مما يقلل لديهم فرص اللجوء إلى التعبير بالعنف والسلوكيات المنحرفة، لذلك من المهم أن يكون الوالدين على دراية بمراحل النمو النفسي والاجتماعي والأخلاقي للطفل والمراهق.
وحسب زكريا لال(2008) فإن العقاب المناسب للطفل يكون قريبا من الفعل العنيف زمنيا، ويؤدي إلى تقليل حدة وتكرار السلوكيات العنيفة من خلال الارتباط الشرطي بين العنف والعقاب، ولكن إذا كانت هناك فترة زمنية طويلة بين الفعل العنيف وبين توقع العقوبة، أو كان العقاب غير متناسب مع الفعل العنيف، فإن العقاب ربما يؤدي إلى نتيجة عكسية، فيزيد من احتمالات زيادة العنف، وهذا ما لاحظه الباحثون في الحالات التي تتعرض للإيذاء الجسدي والنفسي العنيف،حيث تصبح هذه الحالات أكثر ميلا نحو العنف، بل ويزداد عنفهم خطورة[47].
2 ــــ المؤسسات التربوية: وباعتبار أن المدرسة هي الأم الثانية بعد الأسرة، فهي تأخذ على عاتقها مسؤولية التنشئة والتربية إلى جانب التعليم والتلقين، لأنه يساهم في الحفاظ على المجتمع وتقدمه، فالمدرسة من أكثر المؤسسات غرسا لمبادئ وقيم الانتماء وحب الوطن، ومشاعر الوحدة الوطنية، والتماسك داخل المجتمع، لذلك من الأفضل أن تدرج وزارات التربية والتعليم من خلال برامجها ومناهجها طرق الوقاية من العنف والجريمة، والتعريف بالإرهاب وأسبابه وأضراره على الفرد والمجتمع، حتى يتمكن التلاميذ من استيعابها، والتحصن ضدها في سن مبكرة، دون أن ننسي الدور المهم للأخصائيين النفسانيين والاجتماعيين على مستوى المؤسسات التربوية من خلال الحملات التحسيسية التي تهدف إلى تدريب التلاميذ على الأساليب الصحية لمواجهة المشاكل الحياتية المختلفة، وتوعيتهم بمخاطر الآفات الاجتماعية كتعاطي المخدرات، والتدخين، والسرقة، والعنف مع الأقران وغيرها، والتي يمكن أن تكون بذور معززة ومدعمة لظهور سلوكيات عنيفة أو إرهابية في المستقبل.
3 ـــــ المؤسسات الدينية : تساهم أيضا في الوقاية من ظاهرية الإرهاب عن طريق المساجد والزوايا والمدارس القرآنية وغيرها، وذلك بنشر الوعي الديني، والتركيز على فكرة أن الإسلام هو بريء، وضد كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، ويلخص زكريا لال (2008) أهم الواجبات التي يجب أن تقدمها المؤسسات الدينية نلخصها فيما يلي[48]:
ــــ التصدي للفتاوى المضلّلة، وإقامة الحجة على مخالفتها للدين الإسلامي الحنيف، ويكون ذلك بالتعاون مع وسائل الإعلام في اختيار مثلا من يفتي السائلين في برامجها على المباشر.
ــــ الوعظ والإرشاد انطلاقا من المساجد التي تؤثر على الجماهير، وذلك بانتقاء الإمام الذي كل ما كان متمكنا من علمه ومنهجه وأسلوبه، كانت استجابة الناس أقوى وأسرع، لأن تزويد المساجد بالأئمة المؤهلين شرعا وعلما وخلقا أصبحت ضرورة قصوى، بحيث يصبح هذا الإمام بخطبه ودروسه خير وسيلة لمكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وذلك بتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة التي يروّجها دعاة الإرهاب والتعصّب والعنف.
ــــ الدعوة إلى توحيد الصف العربي الإسلامي اقتصاديا وسياسيا، وتوحيد الطرق والسب للمكافحة الإرهاب بالإجماع على الفتوى في القضايا الخلافية المستجدة، حتى لا يحدث التضارب أو التناقض الذي قد يفتح الباب أمام الجماعات المستترة باسم الدين.
4 ــ وسائل الإعلام : لا يمكن أن نغفل الدور المهم لوسائل الإعلام بجميع أشكالها، لأنها أصبحت الصوت المسموع لدى جميع أفراد المجتمع، فهي جعلت العالم كله قرية صغيرة تنتقل بينها الأخبار، فنجد فيها الإعلام المقروء والمسموع، وبهذا أحكمت قبضتها على الإنسان في المجتمعات الحضرية كما في المجتمعات البدوية على حدٍ سواء، فأصبحت من أهم وسائل الترفيه المتاحة لمعظم الأفراد، فهي تدخل بيوتهم بدون استئذان، وتخاطبهم بدرجة واحدة من الخطاب، ولكن هذه الوسائل هي سلاح ذو حدين، فمن الممكن أن يتم من خلالها تدعيم الإرهاب، وبث الأفكار الخاطئة، وتحريض الشباب على ما يسمى خطأ بالجهاد، ومن الممكن أيضًا أن تصبح هذه المؤسسات الإعلامية من أهم المصادر لمكافحة الإرهاب، وذلك بتصحيح الأفكار السائدة،وتقديم التوعية المطلوبة من خلال برامجها المختلفة[49] .
دون أن ننسي دور وسائل الإعلام الجديد المتمثلة في شبكات الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي،ومدى مساهمتها في انتشار ظاهرة الإرهاب والترويج لها، وذلك عن طريق توظيف الجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب والترويج لأفكارهم، ولكن بالمقابل يمكن أن يساهم الإعلام الجديد والأنترنت في الوقاية والحد من ظاهرة الإرهاب عن طريق التطرق إلى أسباب هذه الظاهرة، وكيف أصبحت عالمية الأبعاد والمقاصد، وتبيان تداعياتها على الفرد والمؤسسة والمجتمع، وخاصة في ظل التغيرات العميقة التي يشهدها العالم في مختلف الميادين، لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت من الوسائل المفضلة للشباب للتواصل وتبادل المعلومات، وبالتالي يمكن استغلالها إيجابيا للوقاية من ظاهرة الإرهاب
5 ـ دور الأخصائيين النفسانيين:دور المختص النفسي مهم جدا في عمليتي الوقاية والعلاج من مختلف الاضطرابات النفسية خصوصا اضطراب الشخصية السيكوباتية أو المضادة للمجتمع، وهو متحكم في دوره ومهمته أكثر، لأنه مهيأ علميا للعلاج والوقاية، ويمتلك مختلف التقنيات والوسائل لذلك،والمختص السيكولوجي يعتبر من أكثر المختصين قربا لفهم السلوكيات الإرهابية، وبالتالي يمكنه العمل على تشخيصها ومن تم معالجتها، وعليه فإنه يتعامل مع الشخص الإرهابي على أنه شخصية مضطربة نفسيا،وأن تشخص حالته بأنه شخص يعاني من سوء توافق ذاتي مع نفسه، وسوء توافق اجتماعي مع المحيطين به.
خاتمة:
يمكن القول أنه لا يمكن تقديم تعريف واحد وشامل للشخصية الإرهابية بسبب تعدد واختلاف سماتها ومميزاتها الشخصية، وخصائصها السيكولوجية والاجتماعية، فالمنظور النفسي للإرهاب يرى أن الاستعداد النفسي لتكوين شخصية الإرهابي يرجع إلى مراحل التنشئة في الطفولة المبكرة، وتظهر بعض بوادر الانحراف السيكوباتي خلال مرحلة المراهقة، مما قد ينبأ ببروز السلوك الإرهابي مستقبلا، ويظهر الاضطراب العقلي واضطراب الشخصية السيكوباتية عند بعض الشخصيات الإرهابية، وهذا لا يعني بالضرورة أن كل الإرهابيين ينتمون لفئة المرضي العقليين أو ذوي شخصيات سيكوباتية، لأنه لا يوجد اضطراب نفسي أو اجتماعي يمكن أن يستند علية لتصنيف الشخصية الإرهابية، إلا أنه يمكن أن يعطى وصفا نفسيا لمدى اعتلال مستوى الصحة النفسية، إذ يوجد بعض الإرهابيين ذوي شخصيات سوية إلى حد ما، ولظروف اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية كالتغرير بهم أو سوء أحوالهم الاجتماعية؛ فإنهم يلتجئون خطأ أو بدون إدراك واعي لهذه الجماعات، وقد يكتشفون لاحقا أنهم ليسوا تابعين لها، ولا يمكنهم القيام بأعمال العنف والعدوان مثل البقية، وهذا ما حصل للكثيرين منهم، فأهم ما يشترك فيه الإرهابيين هو الاستعداد أو التشجيع لاستعمال العنف، وذلك لتحقيق هدف سياسي لفئة دينية أو عرقية أو اجتماعية.
قائمة المراجع:
أولا ــ المراجع العربية:
1ـــــــ القرآن الكريم، سورة الأنفال، الآية 60.
2 ـــــــ ابن منظور، لسان العرب، ج2، دار المعارف، القاهرة، د ت.
3 ـــــــ براهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط ،ج1، ط2، مجمع اللغة العربية،القاهرة، 1972.
4 ـــــ بوادي حسنين المحمدي، الإرهاب الدولي بين التجريم والمكافحة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004.
الجبل فوزي محمد، الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية، المكتبة الجامعية الإسكندرية، مصر، 2000.
5 ـــــــ خليفة محمد بركات، عيادات العلاج النفسي والصحة النفسية، ط1 ، دار القلم، الكويت، 1978.
6 ـــــــ دري عزت حسن، الطب النفسي، ط3، دار القلم، الكويت، 1986.
7ـــــ زيغور مصطفى، في علم النفس سيكولوجية التعصب، محاضرة منشورة ، القاهرة ، دار النهضة العربية ،1986.
8 ـــــ الزراد فيصل محمد خير،الأمراض العصابية والذهانية والاضطرابات السلوكية، ط1،دار القلم، الكويت.
9 ـــــــ رمضان مدحت، جرائم الإرهاب في ضوء الإحكام الموضوعية والإجرائية للقانون الجنائي الدولي والداخلي(دراسة مقارنة)، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985 .
10ــــــ الشناوي محمد، العملية الإرشادية،دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة، 1996
11 ــــــــ عامر صلاح الدين، المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1979.
12ـــــــ عبد الحي رمزي أحمد، التربية وظاهرة الإرهاب: دراسة في الأصول الثقافية في التربية، مكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة، 2008.
13 ـــ ماهر محمود، سيكولوجية العنف والإرهاب رؤية تحليلية للسلوكيات الإرهابية، ط1، أكاديمية ميتشيجان للدراسات النفسية، USA،2007.
14ـــــــ موريس إبراهيم ماجد، الإرهاب.. الظاهرة وأبعادها النفسية،ANEP، الجزائر، 2005.
15ـــــــ المشوح سعد عبد الله، “العوامل النفسية لواقع الظاهرة الإرهابية”، ورقة عمل مقدمة للندوة العلمية استشراف التهديدات الإرهابية، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2007.
ثانيا ـــــ المراجع الأجنبية :
1-Boukra, Liess, Le terrorisme définition histoire. Idéologie et passage à l’acte, Chihab éditions, Alger,2006.
2-Crenshaw, M,The psychology of terrorism: An agenda for the 21st century, Political Psychology, 21(2), 2001.
3-Hoffman, Bruce,The mind of the terrorist: Perspectives from socialpsychology, Psychiatric, Annals 29 (6), 1991.
ثالثا ــــ المعاجم الأجنبية :
1- Cambridge International Dictionary of English, First Published, Cambridge University Press, 1995.
2-Le dictionnaire Pratique du français, Hachette édition, France,1989.
3-DIAGNOSTIC AND STATISTICAL MANUAL OF MENTAL DISORDERS(DSMIV-TR), fourth edition, American Psychiatric Association,2004.
رابعا ـــــ مواقع أنترنت:
1ـــــ الحسين أسماء بنت عبد العزيز، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف(دراسة تحليلية)، موقع حملة السكينة
www.assakina.com/files/books/book19.pdf
2ــــــ تقرير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وزارة الخارجية الأمريكية www.Nctc.org
[1] ـ تقرير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وزارة الخارجية الأمريكية، من موقع www.Nctc.org
[2] ـ بوادي حسنين المحمدي، الإرهاب الدولي بين التجريم والمكافحة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004، ص 7.
ـ ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، ج 2، القاهرة، دت، ص 1748.[3]
[4] ـ القرآن الكريم، سورة الأنفال، الآية 60.
[5]ـCambridge International Dictionary of English, First Published, Cambridge University Press,1995, P 1505.
[6] ـLe dictionnaire Pratique du français, Hachette édition, France,1989, P1099.
[7]ــ إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط،ج1، ط2، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 1972، ص376.
[8] ــ عامر صلاح الدين، المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1979، ص447.
[9]ــ رمضان مدحت، جرائم الإرهاب في ضوء الإحكام الموضوعية والإجرائية للقانون الجنائي الدولي والداخلي(دراسة مقارنة)، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص83 ــ 84.
6ـ الحسين أسماء بنت عبد العزيز، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف(دراسة تحليلية)، موقع حملة السكينة
www.assakina.com/files/books/book19.pdf
[11]ـ Crenshaw, M ,The psychology of terrorism: An agenda for the 21stcentury,PoliticalPsychology, 21(2), 2001,p 405-420.
[12]ـ المشوح سعد عبد الله، “العوامل النفسية لواقع الظاهرة الإرهابية”، ورقة عمل مقدمة للندوة العلمية استشراف التهديدات الإرهابية”، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2007، ص7.
[13] ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره، ص7.
[14] ـ زيغور مصطفى، في علم النفس سيكولوجية التعصب، محاضرة منشورة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1986، ص 33.
[15] ـ المشوح سعد عبد الله ، مرجع سبق ذكره ، ص9.
[16] ـ المشوح سعد عبد الله ، مرجع سبق ذكره ، ص10.
[17] ـ الشناوي محمد، العملية الإرشادية، دار غريب للطباعة والنشر، القاهرة ، 1996، ص21.
[18]ـ نفس المرجع السابق، ص 23.
[19] ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره ، ص11 .
2 ــ نفس المرجع السابق، ص 12.
1ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره ، ص12.
2 ـ نفس المرجع السابق ، ص15 .
1ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره ، ص15.
2 ـ نفس المرجع السابق ، ص15 .
3ـ الجبل فوزي محمد، الصحة النفسية وسيكولوجية الشخصية، المكتبة الجامعية الإسكندرية، مصر، 2000، ص293.
4 ـ نفس المرجع السابق ، ص 313 .
1ـ موريس إبراهيم ماجد، الإرهاب..الظاهرة وأبعادها النفسية ،ANEP، الجزائر، 2005، ص234.
2–Boukra, Liess, Le terrorisme définition histoire. Idéologie et passage à l’acte, Chihab éditions, Alger,2006, P 32.
3ـ ماهر محمود، سيكولوجية العنف والإرهاب رؤية تحليلية للسلوكيات الإرهابية، ط1، أكاديمية ميتشيجان للدراسات النفسية، USA، 2007، ص121
[31]ـ ماهر محمود ، مرجع سبق ذكره، ص 121 .
[32] ـ نفس المرجع السابق، 121 .
[33] ـ المرجع نفسه، ص 122 .
ـ المرجع نفسه، ص129 ـ 130 .[34]
[35] ـموريس إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص 238 .
[36]– Hoffman, Bruce ,The mind of the terrorist: Perspectives from socialpsychology. Psychiatric ,Annals 29 (6) 1999 ,p 337-340.
[37]ـ موريس إبراهيم، مرجع سبق ذكره ، ص 238 ـ 239 .
[38] ـ نفس المرجع السابق، ص 240.
4 ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره، ص16 .
1ـ خليفة بركات محمد، عيادات العلاج النفسي والصحة النفسية، ط1، دار القلم، الكويت، 1978، ص95.
2ـ درى عزت حسن، الطب النفسي، دار القلم، الكويت، ط3 ، ص1986، ص124.
3ـ الزراد فيصل محمد خير، الأمراض العصابية والذهانية والاضطرابات السلوكية، ط1، دار القلم، الكويت، 1984، ص 189 ـ190.
1ـ الزراد فيصل محمد خير ، مرجع سبق ذكره ، ص 189 ـــــ191 .
2 ـ المشوح سعد عبد الله، مرجع سبق ذكره، ص20 .
1–DIAGNOSTIC AND STATISTICAL MANUAL OF MENTALDISORDERS(DSMIV-TR), fourth edition, American Psychiatric Association,2004.
[47]ـ لال زكريا بن يحي، العنف في عالم متغير، ط9، المملكة العربية السعودية، 2008، ص55.
[48] ـ نفس المرجع السابق، ص 52.
[49] ـ عبد الحي رمزي أحمد، التربية وظاهرة الإرهاب: دراسة في الأصول الثقافية في التربية، مكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة، 2008، ص 321.