
علاقة قلق التقدم العلمي بالعصابية لدى طلبة الجامعة:دراسة ميدانية
الباحث موسى أميطوش/جامعة مولود معمري تيزي وزو، الجزائر.
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 35 الصفحة 43.
ملخص:تناولنا في دراستنا هذه موضوع حديث النشأة ألا و هو قلق التقدم العلمي و هدفت الدراسة إلى معرفة العلاقة بين قلق التقدم العلمي والعصابية لدى طلبة الجامعة، تم اختبار الفرضيات على عينة من الوسط الجامعي التي بلغت 150 طالب و طالبة،و للتحقق منها تم استخدام مقياس العصابية و مقياس قلق التقدم العلمي و بعد التحليل الإحصائي توصلنا إلى النتائج التالية:
– توجد علاقة ارتباطية موجبة بين قلق التقدم العلمي و العصابية.
– لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية أو بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس و مكان الإقامة.
– يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص الجامعي.
الكلمات الدالة: القلق، قلق التقدم العلمي، العصابية، طلبة الجامعة.
مقدمة:
تختلف نسبة التقدم العلمي من دولة إلى أخرى ومن مجتمع إلى أخر، ولقد أولت الدول المتقدمة العناية بالعلم والمعرفة بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية في سبيل تحقيق ذلك. فمنذ أن عرف الإنسان أن التقدم العلمي هو الحل والسبيلالأمثل لتأمين حياة أكثر رخاء وسعادة له، سعى إلى تذليل الصعاب التي تواجهه، إذ عمل على تطوير الآلات الحديثة، وغزو الفضاء واختراع الأسلحة الفتاكة (النووية،الذرية والبيولوجية )، وإجراء التجارب العلمية في البر و البحر وفي الفضاء، وتطوير الاتصالات السلكية واللاسلكية، وكذا ظهور بعض البحوث العلمية التي عملت على استنساخ الحيوانات وحتى الإنسان، كما ظهرت الجراحة التجميلية، وأصبح ممكنا تغيير الجسم واللون. لذا أصبح لهذا التقدم العلمي هاجس مخيف يؤثر على استقرار الحياة النفسية لدى الانسان بشكل عام ولدى الشباب بشكل خاص والشباب الطلبة بشكل أخص و هذا بحكم احتكاكه واطلاعه الآني والمستمر على مختلف الاختراعات والاكتشافات العلمية، مما زاد من ضغوطه النفسية، وخوفه من ما يخفيه المستقبل من جهة، وظهور بعض الاضطرابات والأمراض النفسية، فضلا عن الاحباطات التي يشعر بها الطالب نتيجة إدراكه لحالة تخلفه الفكري والاقتصادي والاجتماعي و التكنولوجي خاصة بالنسبة للطالب الذي ينتمي للدول النامية ، مما جعل ثقته بنفسه تهتز وتنقص في مواجهة أو مواكبة هذا التقدم العلمي، وجعله يتأرجح بين قبول هذه المنجزات أحيانا، ورفضها أحيانا أخرى خاصة عندما تتناقض أو تتعارض مع قيمه ومبادئه الاجتماعية والثقافية والدينية. ومن ثم فهو يعيش حالة من التوتر والأرق يعرف مصدره أحيانا، ويجهل أسبابه ومصدره أحيانا أخرى، فيبقى على هذا الوضع لأيام عديدة مما يعرضه لإمكانية الإصابة بالأمراض النفسية نتيجة الانفتاح على العالم الخارجي وعلى التطورات العلمية التي تخللت كل مجالات الحياة.
ولما كانت فئة الشباب الركيزة الأساسية في بناء المجتمع، والنهوض بالأمة ومسايرة الركب الحضاري والتقدم العلمي، فالشباب عنصر فعال يؤثر ويتأثر بالمتغيرات الاجتماعية، الاقتصادية، التكنولوجية، والحضارية، ولما كانت الفئة المتعلمة والمثقفة من هذا الشباب هي الأكثر جدارة بأداء هذا الدور في حال جودة تكوينها وتوازن شخصيتها، فإن هذا البحث يحاول أن يسلط الضوء على العلاقة بين قلق التقدم العلمي والعصابية لدى طلبة الجامعة.
- الإشكالية:
تعد التطورات العلمية والتكنولوجية إحدى الركائز الأساسية التي تساهم في تقدم وازدهار المجتمع الإنساني لكونها تتيح باستمرار فرصا لتحسين أحوال معيشة الشعوب والأمم. ولما كان للتقدم العلمي والتكنولوجي شأن بالغ الأهمية في التعجيل بالإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والحاجة الملحة إلى الاستفادة كليا من هاته التطورات من أجل رفاهية الإنسان،وإبطال مفعول الآثار الضارة المترتبة أو التي يمكن أن تترتب في المستقبل على بعض المنجزات التي يمكن أن تعرض الفرد والجماعة إلى الأخطار، وتولد لديهم عددا من المشاكل والحالات النفسية، والتي قد تزداد في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي وصلت إليه البشرية مقارنة بالعصور السابقة. ففي الوقت الذي وفر فيه هذا التقدم المزيد من أسباب الرفاهية للإنسان، وزاد من طموحاته وتطلعاته التي أصبحت بلا حدود، وجعله يتطلع إلى كل جديد، ويرغب في اقتنائه، زاد من انشغالاته ومن حدة توتره النفسي. وكان من الإفرازات مشكلة القلق من هذا التقدم العلمي الذي يضغط على الفرد و المجتمع وخاصة على فئة الشباب الذي يمثل قطاعًا حيويًا في كل المجتمعات، فهو أكثر الفئات حيوية ونشاطًا، وقدرة على العمل والعطاء، وبالأخص الشباب الجامعي باعتبارهم دعامة وحجر الأساس لكل امة ومثالا للثقافة الموجودة في ذلك المجتمع.
تمثل الضغوط الاجتماعية ، الاقتصادية ،السياسية، و الصراعات الدينية و الأخلاقية أرضا خصبة لنمو وتطور الاضطراب النفسي، أو بعبارة أخرى العصابية والمعاناة من الاغتراب النفسي والاجتماعي. وبالرغم من أهمية وحساسية هذا الموضوع، إلا أنه لم يستوف حقه من الدراسة على الصعيدين العربي والعالمي. فمن بين الدراسات القليلة التي تسنىلنا الاطلاع عليها دراسة إبراهيم شوقي (1999)، والتي حاول من خلالها الكشف عن طبيعة العلاقة بين اتجاهات العاملين الحرفيين نحو التكنولوجيا الصناعية وقدراتهم الإبداعية، وقد استخدم الباحث مقياسا من إعداده لقياس الاتجاهات نحو التكنولوجيا الصناعية الحديثة، ومقاييس القدرات الإبداعية “لجيلفورد“، ومن نتائج الدراسة وجود علاقة ارتباطية بين اتجاهات العمال الحرفيين نحو التكنولوجيا الحديثة وقدراتهم الإبداعية؛ إذ تبين أن مرتفعي القدرات الإبداعية يتبنون اتجاهات متوسطة نحو
التكنولوجيا الحديثة وقدراتهم الإبداعية، في حين تبين أن منخفضي القدرات الإبداعية تبنوا اتجاهات ايجابية نحو التكنولوجيا الحديثة.[1]
وفي نفس السياق قام كل من سليمSlemوليفي Levi ويونغYoung بدراسة عام 1995 قارنوا من خلالها اتجاهات العمال الأمريكيين والعمال اليابانيين نحو التغير التكنولوجي وتوصلوا إلى أنّ اتجاهات اليابانيين مقارنة بالأمريكيين تتسم بالسلبية والتشاؤمية، كما أنهم يدركون التغير التكنولوجي بوصفه مصدرا للضغط، ويعتقدون أنه سيضر بأعمالهم
ومستقبلهم المهني، كما يشعر العمال اليابانيين بالقلق على عكس الأمريكيين فيما يتعلق بصعوبة تعلم الحاسب الآلي واستخدامه[2]
وظهر في دراسة أخرى أعدها مكتب العمل التكنولوجي الأمريكي تحت عنوان “الموظفون يعانون من الضغط النفسي والاكتئاب هما مرضان خلقتهما التكنولوجيا الحديثة”، أنهكلما تزايدت التكنولوجيا الحديثة ارتفع معدل الإصابة بالأمراض العصابية والنفسية لدى الموظفين، وتبين أن حالات الاكتئاب والتوتر العصبي أكثر انتشارا نظرا لما تشهده ثورة تكنولوجيا المعلومات من منافسة كبيرة وتطور سريع.
وفي دراسة ماريو رحال (2006) التي حاول فيها الربط بين التقدم التكنولوجي الذي تشهده بعض الدول وظهور بعض المشكلات النفسية والعصبية فيها، حيث بحث في هذه الدراسة في مشكلة القلق من هذا التقدم العلمي، وإلى أي مدى هي منتشرة بين طلبة الجامعة وعلاقتها بالعصابية، وقد انطلقت دراسته من فرضيتين مفادهما أن هناك علاقة إيجابية دالة إحصائيا بين
قلق التقدم العلمي لدى طلاب الجامعة ومستوى العصابية لديهم، وأن هناك فروقا دالة إحصائيا في قلق التقدم العلمي الراهن لدى طلاب الجامعة وفقا لمتغيرات: الجنس، الاختصاص الجامعي، ومكان الإقامة. ومن النتائج التي توصل إليها الباحث وجود علاقة ايجابية بين قلق التقدم العلمي لدى طلاب الجامعة ومستوى العصابية لديهم، ووجود فروق دالة في درجة قلق التقدم العلمي بين الطلاب تبعا لمتغير مكان الإقامة وذلك لصالح الطلاب المقيمين في الريف فهم أكثر قلقا من الطلاب المقيمين في المدينة، في حين لم تتأكد هذه الفروق فيما يتعلق بمتغيري الجنس، والتخصص الجامعي.
وعليه يصبح ضروريا التساؤل عن مدى انتشار هذه المشكلة بين طلبة الجامعة ومدى تأثير قلق التقدم العلمي في الجزائر بيئتنا على حالتهم النفسية و ما علاقته ببعض المتغيرات الديموغرافية وبمعنى أدق :
- تساؤلات البحث:
– هل هناك علاقة بين قلق التقدم العلمي والعصابية لدى طلاب الجامعة؟
– هل يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة التخصص والجنس ومكان الإقامة؟
– هل يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص والجنس و مكان الإقامة؟
- فرضيات البحث:
- توجد علاقة ارتباطية موجبة بين درجة قلق التقدم العلمي لدى الطلبة ودرجة الشعور بالعصابية لديهم.
- يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة التخصص الجامعي.
- يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة الجنس.
- يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة مكان الإقامة.
- يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص.
- يوجد اختلاف بين الجنسين في تأثير قلق التقدم العلمي.
- 7. يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة مكان الإقامة.
- أهداف البحث:
- معرفة العلاقة بين قلق التقدم العلمي لدى طلبة الجامعة ومستوى العصابية لديهم (أي الاستعداد للمرض النفسي).
- تحديد مدى وجود الفروق في قلق التقدم العلمي لدى الطلبة وفقا لمتغيرات الجنس والتخصص الجامعي و مكان الإقامة.
- أهمية البحث:
تكمن أهمية بحثنا بالدرجة الأولى في موضوعه المتناول باعتباره يعالج قضية حديثة النشأة نسبيا وهو قلق التقدم العلمي الذي أصبح يعيشه الشباب في ظل عصرنا الراهن المتميز بالسرعة و الدقة في كل مجالات الحياة ، خاصة و أن هذه الفئة تمثل قطاعا حيويا نشيطا قادرا على العمل والعطاء كما تكمن أهميته أيضا في السعي إلى معرفة مدى انتشار هذه المشكلة بين طلبة الجامعة والكشف عن العلاقة بين قلق التقدم العلمي لدى الطلبة العصابية (الاستعداد للمرض النفسي) من جهة أخرى، ومن ثم وضع برامج إرشادية مستقبلا لمساعدتهم على مواجهة هذا التقدم ووقايتهم من آثاره السلبية.
6- تحديد المفاهيم الأساسية للبحث:
– العصابية NEVROTICISM:
مصطلح العصابية: لا تعني العصاب Nevrosis أو الاضطراب النفسي بل تعني الاستعداد للإصابة بالعصاب ولا يحدث العصاب الحقيقي إلا بتوفر درجة مرتفعة من العصابية والضغوطات الشديدة نتيجة لحوادث وخبرات الحياة، (خسارة مالية) أو الاضطراب في البيئة الداخلية ( كالإصابة بمرض مزمن) [3]
وهي تختلف من شخص إلى أخر، وتتأثر بالخبرات الداخلية والخارجية للفرد ويميل ذووا الدرجات العليا في العصابية إلى أن تكون استجاباتهم الانفعالية مبالغا فيها ولديهم صعوبات في العودة إلى الحالات السوية بعد مرورهم بالخبرات الانفعالية حيث تؤثر على الصحة النفسية الجسيمة من نوع بسيط، مثل الصداع، اضطراب الهضم، والأرق، و آلام الظهر وغيرها، كما تؤثر على الصحة النفسية مثل كثرة الهموم، القلق، وبعض المشاعر الأخرى الكريهة.
ويمكننا أن نعبر عن العلاقة بين العصابية، والعصاب بالمعادلة التالية:
العصاب = العصابية × المواقف الضاغطة [4]
وتحدد العصابية إجرائيا بالحصول على درجات مرتفعة بمقياسالعصابية الذي أخذت بنوده من اختبار” أيزنك” للشخصية بعد تطبيقه على الطلبة واستجابتهم لبنوده، فكلما تحصلنا على درجات مرتفعة على المقياس كانت العصابية أشد وكلما تحصلنا على درجات منخفضة دل ذلك على عصابية ضعيفة.
– القلق :
– يرى “هيلجاردHelgarde”: “أن القلق يشير إلى حالة من توقع الشر، أو الخطر وعدم الراحة والاستقرار وعدم سهولة الحياة الداخلية للفرد”.[5]
– أما سعد جلال فيعرف القلق على أنّه: “حالة نفسية مؤلمة من العصبية والتوتر والشعور بالرّهبة، ويكون مصحوبا بإحساسات جسمية مختلفة كسرعة دقات القلب الارتعاش العرق…الخ”.[6]
– بينما يعرفه “عبد السلام زهران” على انه : ” حالة توتر شاملة ومستمرة نتيجة توقع تهديد خطر فعلي، أو رمزي، قد يحدث ويصحبها خوف غامض أو أعراض جسمية أو نفسية، كما أنّه شعور متعلق سواء بوضعية صدمة حالية أو أنّه يتعلق بانتظار خطر آت من موضوع غير محدد “[7]
نستنتج أن القلق هو حالة شعورية داخلية تمتاز بالتوتر والانفعال، وهي مستمرة تحدث نتيجة توقع تهديد خطر داخلي أو خارجي، تصاحبه اضطرابات فيزيولوجية مختلفة.
– قلق التقدم العلمي:
اصطلاحا: هو حالة من التوتر تنتاب الفرد بسبب إدراكه خطرا واقعيا أو محتملا يتعلق بالاكتشافات العلمية التي توصل إليها العلماء في مختلف مجالات الحياة في ظل عصرنا الراهن.[8]
ويتحدد قلق التقدم العلمي في عينتنا إجرائيا بتطبيق مقياس قلق التقدم العلمي والحصول على درجة بعد تطبيقه، واستجابة الطلبة على بنوده مع احتساب العلامة الكلية إذ كلما ارتفعت هذه الأخيرة على المقياس كلما دلت على وجود قلق مرتفع و كلما انخفضت الدرجات المحصل عليها دل على وجود قلق منخفض .
و هو الحصول على درجة عند تطبيق مقياس قلق التقدم العلمي الراهن على الطلبة ومدى استجابتهم لبنوده واحتساب العلامة الكلية فكلما تحصلنا على درجة مرتفعة بالمقياس دل ذلك على قلق مرتفع و كلما انخفضت الدرجات المحصل عليها دل على وجود قلق منخفض.
– عينة البحث و كيفية اختيارها:
1- الإجراءات المنهجية لاختيار العينة:
أجرينا بحثنا على عينة اختيرت بطريقة عرضية وتقوم على مبدأ أن يختار الباحث الحالات التي تصادفه، على أساس أنّها تحقق أغراض البحث، فإذا أرادنا أن ندرس تطور الدراسة الجامعية، فإننا نختار العينة من الأساتذة والطلبة ممنعايشوا الفترة المحددة لتحقيق أغراض الدراسة، فالباحث هنا يقدر حاجته إلى المعلومات ويختار العينة، وما يحقق له غرضه على هذا الأساس.[9]
2- خصائص عينة البحث:
يعتبر تحديد عينة البحث من الأمور الهامة جدا، وعلى الباحث أن يليها أهمية خاصة، فصغر حجم العينة قد يجعلها غير ممثلة تمثيلا دقيقا لمجتمع الدراسة، وإذا زاد الحجم قد يكون مكلفا في الوقت والجهد و المال[10].
ولذا قمنا بحصر عينتنا من الوسط الجامعي و البالغ عددهم 150 طالب، اختيروا بطريقة عرضية، وقد تم تطبيق المقياسين بجامعة العلوم الاجتماعية ببوزريعة وجامعة هواري بومدين التكنولوجية و جامعة خروبة للعلوم الإسلامية و كذا جامعة تيزي وزو، و تمثلت خصائص العينة فيما يلي:
جدول رقم (3) : توزيع أفراد عينة البحث وفق لمتغيرات الجنس التخصص الجامعي ومكان الإقامة.
الجنس | التخصص | مكان الإقامة | المجموع | ||||
ذكور | إناث | علوم اجتماعية | علوم تجريبي | مدينة | الريف | ||
العدد | 53 | 97 | 71 | 79 | 64 | 86 | 150 |
النسبة | 35.33 | 64.66 | 47.33 | 52.66 | 42.66 | 47.33 | 100% |
يتضح لنا من الجدول أن أفراد العينة موزعون:
– من حيث الجنس: نلاحظ أن نسبة الإناث اكبر من نسبة الذكور إذ بلغت نسبة الإناث 64.66% بينما قدرت نسبة الذكور 35.33%.
– أما من حيث التخصصات: فنلاحظ التقارب بين نسبة طلبة العلوم التجريبية و التكنولوجية التي بلغت 52.66 %مقابل نسبة طلبة العلوم الاجتماعية التي بلغت 47.33% .
– أما من حيث مكان الإقامة: فنلاحظ كذلك التقارب بين نسبة الطلبة المقيمين في الريف و نسبة الطلبة المقيمين في المدينة إذ بلغت نسبة الطلبة المقيمين في الريف 47.33% بينما بلغت نسبة الطلاب المقيمين بالمدينة 42.33 % .
- أدوات البحث:
3-1. أدوات جمع معطيات الميدان:
استخدمنا في بحثنا هذا الأدوات التالية:
– مقياس قلق التقدم العلمي الراهن:
قام بتصميم مقياس قلق التقدم العلمي الراهن الباحث “ماريو رحال ” بوصفه كميا لحالة القلق التي أصبحت تنتاب نفوس الشباب في عصرنا الراهن نتيجة التطورات والاكتشافات العلمية الهائلة، حيث يتكون هذا المقياس من أربعة عشر بنداً صمِّم بطريقة “ليكرت” ويمثل كل بند مقياسا تقريبيا مكونا من خمسة درجات تعبر عن مستويات متفاوتة في شدة القلق بشان جانب معين من جوانب التقدم العلمي الراهن، و تتدرج هذه المستويات بدءاً من الموافقة التامة حتى الرفض التام
( انظر الملحق رقم01 )، وتتراوح الدرجة فيه من 14 إلى 70 درجة وبالتالي كلما اقتربت الدرجة من “70” دل ذلك على ارتفاع قلق التقدم العلمي لدى الطلبة، وكلما ابتعد عنها و اقترب من “14” دل ذلك على انخفاضه. [11]
أما فيما يتعلق بخصائص المقياس القياسية نذكر أننا قمنا بالتحقق من ثباته الذي قدر بـ(0.85) باستخدام طريقة التجزئة النصفية، وهي أقوى نوعا ما من قيمته في النسخة الأصلية والذي قدر فيها الثبات بـ(0.77)، أما فيما يخص الصدق فقد اكتفينا بما قام به صاحب المقياس من إجراءات من منطلق أنه صمم أساسا في بيئة عربية لا تختلف كثيرا عن بيئتنا الجزائرية.
– مقياس العصابية:
صمم هذا المقياس كل من “سيبل أيزنك” و “هاز أيزنك” عام 1975، وفي عام 1991 قام “أحمد عبد الخالق” بتعريبه وتقنينه على البيئة العربية، ويتألف مقياس العصابية من 21 بند.
اختير مقياس أيزنك للشخصية كأداة لقياس العصابية، لما يتسم به من ميزات مثال وضوح تعليماته، سهولة الطريقة التي يجيب فيها المفحوص عن بنود، ويتم الحصول على الدرجة الكلية في بعد العصابية من خلال جمع درجات جميع البنود التي أجيب عليها بـ “نعم”، وتتراوح الدرجة الكلية في هذا البعد بين (0-21درجة)، فكلما ارتفعت الدرجة أشار ذلك إلى ارتفاع مستوى العصابية لدى الطالب.[12]
الصدق فقد اكتفينا بما قام به صاحب المقياس من إجراءات من منطلق أنه تم تكييف المقياس على بيئة عربية لا تختلف كثيرا عن بيئتنا الجزائرية.
أولا: عرض و مناقشة نتائج البحث:
- النتائج الخاصة بالفرض الأول من البحث:
توقعنا وجود علاقة ارتباطية موجبة بين درجة قلق التقدم العلمي لدى الطلبة ودرجة الشعور بالعصابية لديهم.
وحاولنا اختبار صدق هذه الفرضية وذلك باستخدام معامل ارتباط بيرسون وبعد إجراء التحليل الإحصائي، توصلنا إلى النتائج الموضحة في الجدول التالي:
جدول رقم (4): يوضح دلالة الارتباط بين درجة الشعور بالعصابية ودرجة قلق التقدم العلمي.
المتغيرين | العينة | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | معامل الارتباط | الدلالة الإحصائية |
قلق التقدم العلمي | 150 | 43.42 | 7.93 | 0.26 | دال عندα=0.01 |
العصابية | 150 | 11.79 | 3.10 |
يتبين لنا من الجدول بعد تحليل النتائج المحصل عليها من مقياس قلق القدم العلمي أن المتوسط الحسابي لنتائج العينة قدر ب 43.42 بانحراف معياري يقدر بـ 7.93 ، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي في مقياس العصابية بـ 11.79 بانحراف معياري يقدر بـ 3.10، هذا وقدرت قيمة معامل ارتباط بيرسون بـ 0.26 و هي دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة 0.01، وعليه يمكن القول بأن فرضية البحث المذكورة أعلاه قد تحققت.
- النتائج الخاصة بالفرض الثاني من البحث:
تنص الفرضية الثانية على وجود اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة التخصص الجامعي، وللتحقيق من صحة هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t) لدلالة الفرق بين متوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة:
جدول رقم ( 5) دلالة الفروق في الشعور بالعصابية بدلالة التخصص .
درجة العصابية التخصص | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
علوم اجتماعية | 71 | 12.01 | 3.23 | 0.12 | غير دال عند α=0.05 |
علوم تجريبية وتكنولوجية | 79 | 11.65 | 2.88 |
يتضح لنا من الجدول عدم وجود فروق بين متوسط نتائج الطلبة في درجة الشعور بالعصابية بدلالة التخصصات الجامعية، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند طلبة العلوم الاجتماعية بـ 12.01، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند طلبة العلوم التجريبية والتكنولوجية بـ 11.65، بحيث قدرت قيمة اختبار(t) بـ 0.12، وهي غير دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.05)، وبذلك لم تتحقق هذه الفرضية، أي أن درجة العصابية لا تختلف بدلالة التخصص.
- النتائج الخاصة بالفرض الثالث من البحث:
تنص الفرضية الثالثة على وجود اختلاف بين الطلبة في درجة الشعور بالعصابية بدلالة الجنس، وللتحقق من صدق هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t) لدلالة الفرق بين المتوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة:
جدول رقم (6 ) يمثل دلالة الفرق في الشعور بالعصابية بدلالة الجنس.
درجة العصابية الجنس | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
الذكور | 53 | 11.52 | 2.91 | 0.907 | غير دال عند α=0.05 |
الإناث | 97 | 12.00 | 3.11 |
يتضح من الجدول السابق عدم وجود فرق بين متوسط نتائج الطلبة في درجة الشعور بالعصابية بدلالة الجنس، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الذكور بـ11.52، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الإناث بـ 12.00، أما قيمة (t) فقد قدرت بـ 0.907 ، وهي غير دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.05) وبذلك لم تتحقق هذه الفرضية، أي أن درجة العصابية لا تختلف بدلالة الجنس.
- النتائج الخاصة بالفرض الرابع من البحث:
تنص الفرضية الرابعة على وجود اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة مكان الإقامة ، وللتحقيق من صحة هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t) لدلالة الفرق بين متوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة.
جدول رقم (7) دلالة الفروق في الشعور بالعصابية بدلالة مكان الإقامة .
درجة العصابية مكان الإقامة | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
حضري | 64 | 11.67 | 2.91 | 0.53- | غير دال عند α=0.05 |
ريفي | 86 | 11.94 | 3.15 |
يتضح لنا من الجدول عدم وجود فروق بين متوسط معدلات نتائج الطلبة في درجة الشعور بالعصابية بدلالة مكان الإقامة، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الطلبة القاطنين في الأماكن الحضري بـ 11.67، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الطلبة القاطنين في الأماكن الريفية بـ 11.94، أما قيمة (t) فقد قدرت بـ 0.535- ، وهي غير دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.05)، وبذلك لم تتحقق فرضية البحث، أي أن درجة العصابية لا تختلف بدلالة مكان الإقامة.
- النتائج الخاصة بالفرض الخامس من البحث:
تنص الفرضية الخامسة على وجود اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص، وللتأكد من صدق هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t) لدلالة الفرق بين المتوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة:
جدول رقم ( 8 ) دلالة الفروق في الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص .
درجة تقدم العلمي التخصص | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
علوم اجتماعية | 71 | 45.26 | 7.95 | 2.64 | دال عندα=0.05 |
علوم تجريبية وتكنولوجية | 79 | 41.84 | 7.86 |
يتضح من الجدول السابق وجود فروق بين معدلات نتائج الطلبة في درجة الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص، وهذا لصالح تخصص العلوم الاجتماعية، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي بـ 45.26، مقابل قيمة المتوسط الحسابي لدى العلوم التجريبية و التكنولوجية الذي قدر بـ 41.84، بينما قدرت قيمة اختبار(t) بـ 2.64، وهي دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة 0.05، وما تجدر الإشارة إليه هو أن درجة الشعور بقلق التقدم العلمي عند طلبة العلوم الاجتماعية مرتفعة أكثر بالمقارنة بطلبة العلوم التجريبية و التكنولوجية، بالتالي تتحقق الفرضية الخامسة لبحثنا.
- النتائج الخاصة بالفرض السادس من البحث:
تنص الفرضية السادسة على وجود اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس، وللتأكد من صدق هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t ) لدلالة الفرق بين المتوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة:
جدول رقم (9) دلالة الفروق في الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس
درجة تقدم العلمي الجنس | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
الذكور | 97 | 43.76 | 7.60 | 0.73 | غير دال عند α=0.05 |
الإناث | 53 | 42.77 | 8.50 |
يتبين من الجدول السابق عدم وجود فرق بين متوسط معدلات نتائج الطلبة في درجة الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الذكور بـ 43.76، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الإناث بـ 42.77، في حين قدرت قيمة(t) بـ 0.73، وهي غير دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.05) وبذلك لم تتحقق هذه الفرضية، أي أن درجة الشعور بقلق التقدم العلمي لا تختلف بدلالة الجنس.
- النتائج الخاصة بالفرض السابع من البحث:
تنص الفرضية السابعة على وجود اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة مكان الإقامة، وللتأكد من صدق هذه الفرضية تم اختبارها إحصائيا باستعمال اختبار(t) لدلالة الفرق بين المتوسطين والجدول التالي يوضح النتائج المحصلة:
جدول رقم (10 ) دلالة الفروق في الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة مكان الإقامة .
درجةالتقدم العلمي الجنس | العدد | المتوسط الحسابي | الانحراف المعياري | قيمة t | الدلالة الإحصائية |
حضري | 64 | 42.44 | 7.97 | 1.29- | غير دال عند α=0.05 |
ريفي | 86 | 44.14 | 7.87 |
يتبين من الجدول السابق عدم وجود فرق بين متوسط معدلات نتائج الطلبة في درجة الشعور بقلق التقدم العلمي بدلالة مكان الإقامة، إذ قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الطلبة القاطنين في الأماكن الحضرية ب 42.44، بينما قدرت قيمة المتوسط الحسابي عند الطلبة القاطنين في الريف بـ 44.14، في حين قدرت قيمة (t) بـ 1.29- ، وهي غير دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.05) وبذلك لم تتحقق الفرضية، أي أن درجة الشعور بقلق التقدم العلمي لا تختلف بدلالة مكان الإقامة.
ثانيا – تفسير و مناقشة نتائج البحث:
- التداخل بين قلق التقدم العلمي و العصابية:
أظهرت نتائج بحثنا أن هناك علاقة ارتباطية بين الطلبة في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي و درجة شعورهم بالعصابية، فالطالب كلما زاد وعيه بالتقدم العلمي أدى ذلك إلى زيادة شعوره بالعصابية، فالفئة الأكثر عرضة للعصابية هم الطلبة، وهذا حسب الدراسة التي قام بها “ماريو رحال” على مقياس قلق التقدم العلمي، إذ وجد فرقا دالا إحصائيا بين درجات الطلبة ذوي المستوى المرتفع وبين درجات الطلبة ذوي المستوى المنخفض، وهذا يعني أن مقياس قلق التقدم العلمي يميز فعلا بين المستويين المرتفع والمنخفض فيه؛ وهذا ما أكدته نتائج بحثنا إذ بينت وجود علاقة ارتباطية بين درجة الشعور بالعصابية ودرجة الشعور بقلق التقدم العلمي. فالشعور بالتهديد الداخلي والخارجي الذي تفرضه بعض الظروف البيئية، كمكانة الفرد وأهدافه، والتوتر النفسي الشديد، والصدمات النفسية، والشعور بالعجز، والشعور بالذنب لها علاقة مباشرة بظهور القلق.[13]
وهذا ما أكده (محمد مياسا) الذي عبر عن القلق بانه حالة نفسية تحدث حين يشعر الفرد بوجود خطر يتهدده أو ينتظر وقوعه، وهو توتر انفعالي تصاحبه اضطرابات فيزيولوجية مختلفة”[14]
كما يؤكد “ماريو رحال” أنه تنتاب بعض الشباب حالة من القلق نتيجة شعورهم بقصور قدراتهم عن مواكبة التقدم العلمي الراهن، فهم يعيشون في عصر يطالبهم بالعديد من المهارات والقدرات، وليس لديهم إلا القليل، ومن ثم كلما خطى التقدم العلمي خطوة إلى الأمام، شعر أمثال هؤلاء الشباب بالنقص والعجز، مما يؤثر تأثيرا سلبيا في مفهومهم عن ذاتهم وتقديرهم لها.[15]
أكد ذلك أيضا (عاقل) الذي يرى أن المخاوف والصراعات والهموم المصاحبة لها، تنجم عن الإحباط الفعلي أو المتوقف للجهود المبذولة من أجل إرضاء الحاجات، وما يتصل بها من دوافع وحواجز، فإذا لم يتحسن الحال، فإن القلق سيتحكم، وهو حالة نفسية في الاستعداد أو الضغط النفسي العام، الشعور بالتهديد الداخلي والخارجي الذي تفرضه بعض الظروف البيئية بالنسبة لمكانة الفرد وأهدافه، [16]
من كل ما سبق نستنتج أنه كلما كانت درجة الشعور بقلق التقدم العلمي مرتفعة، كلما أدى ذلك إلى ارتفاع درجة الشعور بالعصابية، وهي علاقة ليست بالأمر الغريب في عصر اتصف بسرعة التقدم، وتعقد الحضارة وزيادة المنافسة، وكثرة المتطلبات، فضلا عن حالة الإحباط الذي أصبح يشعر به شبابنا نتيجةإدراكهم لحالة التقدم الفكري والاقتصادي والاجتماعي مقارنة بالدول المتقدمة في العالم.[17]
بهذا سيكون الطلبة تحت ضغوط عامل العصابية العام التي تشمل على هذه السمات الأولية للعصابية و هي كما يلي: تقلبات الحالة المزاجية، فقدان النوم، مشاعر النقص، العصبية، القابلية للتهيج، الحساسية [18]
و هذا ما استنتجاه من خلال تحليل استجابات الطلبة على بنود مقياس العصابية.
فالأفراد ذووا الدرجات العليا في العصابية يميلون إلى أن تكون استجاباتهم الانفعالية مبالغا فيها ولديهم صعوبة في العودة إلى الحالة السوية بعد مرورهم بالخبرات الانفعالية، وتتكرر الشكوى لديهم من الاضطرابات البدنية من نوع بسيط مثل:
الصداع، اضطراب الهضم، والأرق، وآلام الظهر…وغيرها، كما يقررون بأن لديهم كثيرا من الهموم والقلق، وغير ذلك من المشاعر الانفعالية الكريهة، ويتوافر لديهم الاستعداد أو التهيؤ للإصابة بالاضطرابات العصابية، حيث تحدث فعلا عندما تشتد الضغوط عليهم.[19]
بسبب قلق التقدم العلمي تتطور العصابية لدى الشباب التي بدورها تعرضهم لبعض الأمراض المزمنة والحادة كالسرطان، داء السكري، وأمراض القلب، الربو، العجز الكلوي، ارتفاع ضغط الدم…الخ. [20]
هناك أعراض نفسية كالقلق العام، القلق على الصحة، القلق على العمل، القلق على المستقبل، الشعور بعدم الراحة، سهولة الانتشار، الهياج، عدم الاستقرار، الخوف الذي قد يصل إلى درجة الفزع، الشك، توهم المرض و الشعور بقرب النهاية، الخوف من الموت والتفكير الدائم فيه، العدوانية الشديدة والانشغال بالماضي[21]
على كل فانه كثيرا ما يكون القلق علامة علي نبض الحياة، رفضا للاستسلام وتحديا للصعاب، وكان ذلك تأييدًا للعبارة الشهيرة للعقاد، والتي يقرر فيها أن الشعوب تعاني من القلق بقدر ما يكون حظها من التقدم بينما تبتعد عنه بقدر ما يكون نصيبها من التخلف” [22]
- مدى تأثير التخصص على الشعور بالعصابية وقلق التقدم العلمي:
من خلال مراجعة النتائج التي تم التوصل إليها، والتي تنص عن عدم وجود اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة التخصص، حيث قدرت قيمة المتوسط عند طلبة العلوم الاجتماعية بـ (12.01)، أما في العلوم التجريبية التكنولوجية فكانت قيمة المتوسط تقدر بـ (11.65)، وكانت قيم اختبار (t) بـ 0.12، و كذا توصل الباحث “ماريو رحال” في دراسته فيما يخص التخصصات الجامعية إلى نفس النتيجة، إذ لم تظهر فروق دالة إحصائيا في العصابية وفق متغير التخصص، وهذا يدل على أن الطلاب من كل التخصصات يعيشون نفس الاحباطات، ويتطلعون إلى مستقبلهم وحاضرهم بكل قلق وخوف، من أجل تحقيق ذاتهم وطموحاتهم، وكلهم في أزمة واحدة ألا وهي المواقف الضاغطة التي تولد لديهم العصابية (الاستعداد للمرض النفسي)، وهذه النتيجة تتفق اتفاقا كبيرا مع الدراسة التي قام بها مكتب العمل الدولي، والتي أفادت بأنه مع تزايد التكنولوجيا الحديثة وما يطلبه من تأهيل العاملين وتدريبهم على مواكبة هذا التطور الذي
أدى إلى تسارع وتيرة العمل واحترامأفكاره، وثقافته ومعارفه، وعدم القدرة على مسايرة التقدم العلمي، علما أن هذا التقدم أدى بالطالب إلى التخوف منالمنافسة، وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة العصبية والنفسية.[23]
فمهما كان التخصص الجامعي من علوم اجتماعية( علم النفس، علم الاجتماع، اللغات..) أو تجريبية و تكنولوجية ( الطب، التشريح، الفيزياء و الكيمياء، هندسة ميكانيكية كهربائية..) فهذا لا يقلل من درجة العصابية لدى الطالب الجامعي فكل في ميدان تخصصه يتعرض للعراقيل و الأزمات النفسية حول معرفته و تحكمه في مستجدات التقدم العلمي التي آلت الحتمية التي و لابد منها خاصة و انه ينتمي إلى البلدان النامية التي تفرض عليه مسايرة الركب الحضاري فكل هذا يعرضه إلى القلق من التقدم العلمي مما يولد لدية الشعور بالعصابية
أظهرت نتائج بحثنا الحالي عن وجود فروق دالة إحصائيا بين التخصصين في الشعور بقلق التقدم العلمي، حيث قدرت قيمة متوسط عند طلبة العلوم الاجتماعية بـ 45.26، أما العلوم التجريبية والتكنولوجية فقدر المتوسط بـ 41.84، بينما قدرت قيمة اختبار (t) بـ 2.64، وهذا لصالح العلوم الاجتماعية ، وهذا قد يعود إلى نوعية هذا التخصص الذي يتطور ويتغير من يوم لآخر و خاصة في البلدان المتقدمة ، بينما نسجل نوعا من الركود في البلدان النامية ، وهذا ما جعل هؤلاء الطلبة يشعرون أكثر من التخصصات الأخرى بالإحباط و القلق من المستقبل المجهول كما أن انفتاح الشباب اليوم على العالم الخارجي جعلهم يطمحون أكثر إلى مستقبل أحسن في العلوم التجريبية و التكنولوجية منه لدى العلوم الاجتماعية التي يقل فيها مناصب العمل أو الحصول على منافذ أخرى كالهجرة إلى الخارج فحامل شهادة في العلوم التجريبية و التكنولوجية يجد تقبلا أكثر و مكانة اجتماعية أعلى فمثلا الطبيب أو المهندس أحسن بكثير من المختص النفسي أو المعلم كل هذه التغيرات جعلت مجموعة العلوم الاجتماعية أكثر عرضة من العلوم التجريبية إلى المواقف الضاغطة بسبب القلق من التقدم العلمي ومدى تأقلم الفرد مع هذا التناقض، إذ تبين أن طلاب الجامعة يختلفون فيما بينهم من حيث الثقة بذواتهم في مواجهة التقدم العلمي الراهن ومواكبته، وفي اتجاهاتهم نحو الاكتشافات العلمية الراهنة التي تتأرجح بين قبولها ورفضها، وكذلك يختلفون بفلسفتهم في الحياة بشأن الإسهام بالتقدم العلمي، والتي تتأرجح بين تحمل المسؤولية، واتخاذ دور ايجابي في الإسهام بالتقدم العلمي واللامبالاة.[24]
يؤكد“محمد ياسر خواجة “ حين يقول: « إن الشباب هم أكثر فئات المجتمع حساسية لهذه الظروف، لأنهم يقفون في مفترق الطرق بين واقع يراد تغييره، وأمل يراد تحقيقه».[25]
هذا ما يجعل درجة الشعور بقلق التقدم العلمي ترتفع لدى الطالب الجامعي، والذي أدى إلى تناقضات بين طموحات الطالب وذاته والواقع المعاش، وهذا ما يجعله يعيش في قلق وتوتر، بذلك تزداد درجة شعوره بالعصابية خاصة أمام محدودية
أفكاره، وثقافته ومعارفه، وعدم القدرة على مسايرة التقدم العلمي، علما أن هذا التقدم أدى بالطالب إلى التخوف من
المستقبل ، وهذا سيعزز من انتشار الأمراض النفسية أمام كثرة المواقف الضاغطة.
كل هذه المعطيات ساهمت بشكل كبير في ارتفاع درجة الشعور بقلق التقدم العلمي في ما يخص درجة شعوره العصابية خاصة لدى طلاب التخصصات الاجتماعية إذ عبر الطلبة من خلال مقياس التقدم العلمي على أنهم على هامش التقدم العلمي الراهن أكثر من كونهم عناصر مساهما في حدوثه. يضايقهم كثيرا شعورهم بنقص ثقافتهم لما يحدث من تطورات علمية على الصعيد العالمي و كلما خطى التقدم العلمي خطوة إلى الأمام شعروا بقصور قدراتهم عن مواكبته .
- مدى تأثير الجنس على الشعور بالعصابية وقلق التقدم العلمي:
من خلال النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا، والتي تنص على عدم وجود اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بالعصابية بدلالة الجنس، يمكن القول أن ذلك يعود إلى وجود الجنسين في كف واحد لكونهما يواجهان هذا العالم المتغير من جميع النواحي، ويراهنون على حاضرهم، وعلى آفاقهم المهنية المستقبلية في ظل متطلبات التقدم العلمي، وإمكانياتهم الذاتية التي تجعلهم في حالة من التوتر والقلق، وبذلك هم عرضة للإحباط والأمراض النفسية؛ كما أن هذا البحث لم يظهر اختلاف بين الجنسين في ما يخص درجة الشعور بقلق التقدم العلمي الراهن، وهذا يعود إلى شعور الطالب سواء كان ذكرا أو أنثى بأخطار التقدم العلمي كونه يعيش هذه الصراعات والتغيرات بنفس الوتيرة، فالمستقبل ليس مرهون بالذكر فقط وإنما الأنثى لديها نصيبها في تحقيق ذلك، فكلى الجنسين معرضين للمشاكل العائلية، والمهنية، والمشاكل المالية، والمسؤوليات الضخمة التي تفوق تحملهما.
وهذه نتيجة منطقية في عصر كثرت فيه فرص الانفتاح على العالم الخارجي وعلى التطورات العلمية، بالإضافة إلى أن فرص الإسهام في عملية تنمية المجتمع وتطوره وتقدمه هي نفسها لدى أفراد الجنسين، وبالتالي فكلاهما يتعرض للضغوط النفسية الناتجة عن هذا الانفتاح نفسه. [26]
ومن الطبيعي أن يولد الصراع الذي يعاني منه الفرد و الجماعة أو الدولة صورا من الخوف وعادة ما يصاحبها القلق والنظرة المتشائمة للحيا، وكثيرا ما يؤدي إلى ظاهرة الاغتراب. [27]
فضلا عن ظهور ظاهرة الاستنساخ الذي يعد من أخطر إنجازات القرن العشرين، لأنه ببساطة سيؤدي إلى سهولة استنساخ البشر، ومنها أيضا تطور عمليات التلقيح الاصطناعي الذي يثير الكثير من القضايا الأخلاقية، كحالة إنجاب الزوجة بعد وفات زوجها، واستئجار رحم سيدة لزراعة جنين سيدة أخرى.[28]
ونضرا لكل ما قلناه سابقا يتعرض كلى الجنسين للضغوط الاجتماعية، النفسية، السياسية و الدينية، الأخلاقية التي تدفعهم إلى القلق وتجعلهم عرضة للازمات العصابية . كما أن التقدم العلمي والتكنولوجي غزا جميع نواحي شخصية الفرد اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا… هذا ما قد يخلق لديه أمراض الحضارة علما أنه أطلق على هذا العصر مصطلح (عصر القلق)، لأن المجتمع المعاصر مليء بالصراعات والمطامح والمشكلات المدنية[29].
4- مدى تأثير مكان الإقامة على الشعور بالعصابية وقلق التقدم العلمي:
من خلال النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا، والتي تنص عن عدم وجود اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بالعصابية بدلالة مكان الإقامة، وهذا ما قد يفسره كون الطالب الجامعي مهما كان مكان إقامته سواء في المدينة أو الريف على اطلاع واحتكاك بمنتجات واختراعات التقدم العلمي الهائل خاصة في ميدان الاتصالات السلكية و اللاسلكية، السمعية و البصرية، الانترنيت، الهواتف النقالة، توفر المواصلات الجوية و البحرية و البرية، وتعددت الأقمار الصناعية التي تبث برامج مختلف المحطات الإذاعية والتلفازية 24ساعة على 24 ساعة بمختلف أنواعها: علمية وخيالية عملية وفنية ، وثقافية وسياسية، واقتصادية و دينية، بجميع اللغات واللهجات. فهذه الإمكانيات لا حدود جغرافية لها منتشرة في المدن والقرى مست بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الشباب المثقف وغير المثقف، المقيم بالمدينة أو الريف لذلك أثرت عليه سلبيا أكثر منها ايجابيا. فاغلب شبابنا اليوم يحلم بالهجرة أو السفر إلى الخارج بطريقة شرعية أو لا شرعية (حراق)، وإن لم يتسنى له ذلك فإننا نجده يتشبه بسلوكياتهم وطريقة لباسهم أو تسريحة شعرهم، وحتى معتقداتهم الثقافية والدينية و في كثيرا من الأحيان تتعارض تماما مع ما هو عليه في مجتمعه وطريقة عيشه، مما يخلق لديه التناقض بينه وبين ذاته و بين أسرته مما يعرضه للقلق الذي يمكن أن يوصله إلى العصابية .
ثالثا: الاستنتاج العام:
ويمكنا في ضوء ما سبق إيجاز نتائج الدراسة الحالية بما يلي:
- يوجد اختلاف بين الطلبة، فيما يخص درجة الشعور بالعصابية بدلالة الشعور بقلق التقدم العلمي.
- لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة التخصص.
- لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة الجنس.
- لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بالعصابية بدلالة مكان الإقامة.
- يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص.
- لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس.
- لا يوجد اختلاف بين الطلبة في شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة مكان الإقامة.
وخلاصة القول أن التقدم العلمي سلاح ذو حدين، فهو من جهة فرصة أمام الطالب لتحقيق طموحاته وتنمية قدراته المعرفية والأدائية، العلمية، الاجتماعية، والاحتكاك بالعالم مع اكتساب أفكار جديدة، وبهذا الاستفادة من طرق وسبل وتقنيات تمكنه من حياة أفضل، ومن جهة أخرى وأمام التناقضات المعرفية والصراعات بين العادات والتقاليد والدين، وما يحمله التقدم العلمي من تبديل وتغيير في شتى مجالات الحياة, أمام محدودية الإمكانيات المادية والمعرفية التي يعاني منها الطالب، التي تجعله عرضة للإحباط والصراع النفسي، وبذلك تزج به شيئا فشيئا إلى الانعزال والتقوقع، وبهذا انتشار الأمراض والاضطرابات النفسية أمام زيادة المواقف الضاغطة.
يعتبر القلقمن العواطف الطبيعية في حياة الفرد التي تمثل جرس إنذار مبكر أو ناقوس خطر للإنسان ليأخذ حذره واحتياطاته من خطر محدق على حسب تقدير العقل الباطني من التجارب السابقة. ويعتبر عاطفة القلق العامل المشترك الأساسي لجميع الاضطرابات العصابية.
أن القلق في حد ذاته ظاهرة طبيعية و إحساس و شعور و تفاعل مقبول و متوقع تحت ظروف معينة ، و أحيانا يكون للقلق وظائف معينة تساعد على النشاط و كذلك حفظ الحياة ، لكن متى يشكل القلق مشكلة بالنسبة للفرد ، وذلك حين يكون خوفا دون سبب ظاهرا أو سبب مفهوم.[30]
ويحدث القلق بدرجات متفاوتة؛ فالقلق البسيط يبدو كانشغال للبال أو كحالة ترقب وخشية من حدوث أمر غير سار. أما القلق الشديد فيبدو في شكل خوف أو فزع يكون نتيجة لموقف أو حادث مزعج، حقيقياً كان أو متوهماً. وقد لا يكون بحجم المثير. ومن المحتمل أن يكون مصاحباً بأعراض جسدية لإثارة الجهاز العصبي اللاإرادي كتعرق و ارتجاف و دوخة. غالبا ما يكون القلق البسيط كرد فعل لصراع أو إحباط ما، أو لضغوط نفسية أو بيئية في مجال العمل أو الأسرة أو المجتمع. وقد يكون استجابة لتهديد بإيذاء بدني أو معنوي يتعلق باحترام الذات أو كرامة الشخص. وأحياناً يكون السبب لدافعية
داخلية للفرد نفسه تضعه تحت ضغوط مستمرة ليصل بإنجازاته لمستوي غير واقعي أكبر من إمكانياته وقدراته العقلية أو البدنية، ولذلك تراه في صراع مع نفسه يزيد الضغط ليصل إلى ذلك المستوى غير المتوقع أو المطلوب منه.
عندما يواجه الإنسان بنوع من التهديد الذي يستهدف حياته أو اعتبار ذاته والذي يثير خوفه أو فزعه، يطلق الجسم استجابة غريزية تدعي استجابة القتال/ الهروب، وهي عبارة عن إنذار بالتهديد القادم يهيئ الفرد ويمنحه النشاط والطاقة اللازمة للتعامل مع هذا التهديد، أما بالصمود و المواجهة، أو الركون للهرب تجنباً للأذى أو الموت.
التهديدات التي نواجهها في عالم اليوم ليست بالضرورة ذات خطورة تستهدف الحياة أو سلامة الجسد، فهي من نوع آخر عبارة عن هموم وضغوط بيئية وأسرية واجتماعية. فلا زال جهاز إنذارنا يستجيب بصور متفاوتة، نسميها حالة قلق أو خوف أو فزع اعتمادا على حدة أو عنف الاستجابة، محذراً بأن هنالك شيء يتطلب الحيطة والتعامل معه. وحيث أنه في هذه الأحوال لا مجال للهرب أو التصدي، علينا التحمل والمعاناة من كل الأعراض المتعلقة بهذه الاستجابة. لهذا صار لزاماً علينا أن نجد وسيلة أخرى للتعامل مع هذه الأعراض في حالة حدوثها، أو نجنب أنفسنا منذ البداية .
و نضرا لأهمية موضوع القلق بصفة عامة و قلق التقدم العلمي بصفة خاصة حاولنا في بحثنا هذا التطرق إليه للبحث عن علاقة قلق التقدم العلمي بالعصابية لدى طلبة الجامعة ، وعالجنا فيه إشكالية وجود علاقة بين قلق التقدم العلمي بالعصابية لدى الطلبة ،و افترضنا وجود علاقة ارتباطية موجبة بين درجة قلق التقدم العلمي لدى الطلبة ودرجة الشعور بالعصابية لديهم.وللتحقق من ذلك استعملنا مقياس قلق التقدم العلمي من إعداد “ماريو رحال” و مقياس العصابية من إعداد “أيزنك” و هذا بعد التحقق من ثباتهما بطريقة التجزئة النصفية للمقياس الأول و طريقة إعادة الاختبار للمقياس الثاني و بعد التحليل الإحصائي توصلنا إلى أنه حقيقة هناك علاقة موجبة في درجة الشعور بالعصابية، بدلالة درجة قلق التقدم العلمي، وهذا ما أكدته دراسة “ماريو جرجس رحال”، وللتعميق أكثر حاولنا معرفة الاختلاف في درجة الشعور بالعصابية بدلالة التخصص الجامعي فوجدنا أنه لا يوجد اختلاف، كما أنه لا يوجد اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بالعصابية بدلالة الجنس و مكان الإقامة، لكن وجدنا اختلاف بين الطلبة في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة التخصص الجامعي ، ولم نجد اختلافا بينهم في درجة شعورهم بقلق التقدم العلمي بدلالة الجنس و مكان الإقامة.
ومن خلال هذا البحث، يمكننا القول أن الطالب مهما كان تخصصه جنسه أو مكان إقامته فهو يتأثر بالأحداث المتسارعة للتقدم العلمي و يعايش نفس المؤثرات الحضارية، والتناقضات الاجتماعية والدينية، والتطورات العلمية، والتكنولوجية، التي تعمل دائما على زعزعة وجوده وثقته بذاته، و تفرض علية ومواجهة التقدم العلمي ومواكبته، مما يجعله عرضة للضغوط النفسية الناتجة عن هذا الانفتاح نفسه، والتوتر والإرهاق العصبي، والتنافر المعرفي، والذي قد يتضمن تهديدا وخطرا على الإنسان وحياته ولو بصورة غير مباشرة، والشعور بالصراع الثقافي والقيمي، والذي يتعارض من حيث مضمونها مع ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم المحلية، ونتيجة هذا التعارض انفجار حالة القلق لديهم.
لذا علينا من اليوم إيجاد آليات أو ميكانيزمات تمكن من مسايرة الركب الحضاري، وفي نفس الوقت تحقيق التوافق النفسي الاجتماعي.
الاقتراحات و التوصيات:
في ضوء النتائج السابقة نقترح ما يلي:
- ضرورة تحقيق الأصالة والمعاصرة، وعدم السير وراء العولمة مغمض العينين.
- ضرورة إحداث مراكز للإرشاد والتوجيه في الجامعات تختص في مجال مشكلات الشباب وإرشادهم، والتكفل بالأشخاص المعرضين للخطر.
- ضرورة تطوير المناهج الدراسية في مختلف المراحل التعليمية وتحديثها بما يواكب التقدم العلمي الراهن.
- توفير الإمكانيات المادية والمعنوية للشباب من أجل تحقيق آمالهم وطموحاتهم، ومواكبة الركب الحضاري.
- مساعدة الطلبة على التخلص من بعض الأفكار والاتجاهات المتطرفة، إزاء الدراسات والاكتشافات العلمية حتى لا يقعوا في ذيل التبعية للآخرين، والانغلاق على الذات، وذلك بأخذ ما هو مفيد ومناسب للبيئة المحلية، ويلاءم الخصوصية الثقافية للمجتمع، وترك ما هو ضار وغير مناسب.
- توفير فرص عمل للشباب لاستثمار إمكاناتهم الداخلية وتنمية قدراتهم الإبداعية، بدلا من هدر طاقاتهم، مما يولد لديهم مجموعة من المشكلات النفسية كالإحباط والاغتراب النفسي.
و لقد تفطنت الجمعية العامة للأمم المتحدة لظاهرة التقدم العلمي لذلك أصدرت القرارات التالية:
-1 علي جميع الدول أن تنهض بالتعاون الدولي لضمان استخدام نتائج التطوراتالعلمية والتكنولوجية لصالح تدعيم السلم والأمن الدوليين، والحرية والاستقلال،وكذلك لغرض الإنماء الاقتصادي والاجتماعي للشعوب وإعمال حقوق الإنسان وحرياته وفقالميثاق الأمم المتحدة.
2- علي جميع الدول أن تمتنع عن أية أعمال تستخدم فيها المنجزات العلميةوالتكنولوجية لأغراض انتهاك سيادة الدول الأخرى وسلامتها الإقليمية، أو التدخل فيشؤونها الداخلية، أو شن الحروب العدوانية، أو قمع حركات التحرير الوطني أو تنفيذسياسة قائمة علي التمييز العنصري.
3-على جميع الدول أن تتخذ تدابير تهدف إلي تمكين جميع طبقات السكان من الإفادةمن حسنات العلم والتكنولوجيا وإلي حماية هذه الطبقات، اجتماعيا وماديا، من الآثارالضارة التي يمكن أن تترتب علي سوء استخدام التطورات العلمية والتكنولوجية، بما فيذلك إساءة استعمالها علي نحو يمس بحقوق الفرد أو الجماعة، ولا سيما فيما يتعلقباحترام الحياة الخاصة وحماية شخصية الإنسان وسلامته البدنية والذهنية.
4 – على جميع الدول أن تتخذ تدابير فعالة، بما في ذلك التدابير التشريعية، لكفالةجعل المنجزات العلمية والتكنولوجية تستخدم لتأمين الإعمال الأكمل لحقوق الإنسانوالحريات الأساسية دون أي تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو المعتقدات الدينية.
5- على جميع الدول أن تتخذ تدابير فعالة، بما في ذلك التدابير التشريعية لمنع استخدام المنجزات العلميةوالتكنولوجية للإضرار بحقوق الإنسان والحرياتالأساسية وبكرامة الشخص البشري.)الإعلان الخاصباستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي لصالح السلم وخير البشرية اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3304(د-30) المؤرخ في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1975. (
قائمة المراجع:
- أحمد محمد عبد الخالق (2007): استخبارات الشخصية، ط3 .دار المعرفة الجامعية.
- جلال سعد (1985): في الصحة العقلية، الأمراض النفسية، الدهانات العقلية والانحرافات السلوكية، القاهرة: دار الفكر العربية.
- حامد عبد السلام زهران (1977): الصحة النفسية والعلاج النفسي. ط2 .القاهرة: عالم الكتب..
- صالح حسن الداهري ،ناظم هشام العبيدي (1999): الشخصية و الصحة النفسية ، الأردن: دار الكندي للنشر و التوزيع.
- عبد الرحمان العيسوي (1987): الأعصبة النفسية والذهنات العقلية، مصر: الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
- عزت دري حسين (1982): الطب النفسي، الكويت: دار القلم.
- فاخر عاقل (1985): علم النفس التربوي، ط1، بيروت: دار العلم.
- ماريو جرجس رحال(2006): قلق التقدم العلمي الراهن لدى طلاب الجامعة و علاقته بالعصابية و متغيرات اخرى، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية و علم النفس، المجلد الرابع، العدد الاول، كلية التربية جامعة تشرين، العربية السعودية.
- محمد محسن غانم (2005): أنماط الشخصية والتحليل النفسي، الإسكندرية: المكتبة المصرية.
- محمد مياسا (1997): الصحة النفسية والأمراض العقلية، ط1، بيروت: دار الجيل.
- مصطفى فهمي (1987):الصحة النفسية ودراسات في سيكولوجية التكيف، ط2، مصر: مكتبة القاهرة.
- مصطفي غالب (1983): تغلب على القلق، ط3، بيروت: مكتبة الهلال.
- مصطفى غالب (1984): في سبيل موسوعة نفسية (الأحلام، القلق، الخجل، الجنس عند فرويد). ط5بيروت: مكتبة الهلال.
- يوسف طباجة (2007): منهجيات البحث، تقنيات ومناهج، ط1.بيروت: دار الهادي.
[1]– ماريو جرجس رحال: قلق التقدم العلمي الراهن لدى طلاب الجامعة و علاقته بالعصابية و متغيرات اخرى، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية و علم النفس، المجلد الرابع، العدد الاول، كلية التربية جامعة تشرين، العربية السعودية،2006.ص68.
[2]-ماريو رحال(2006):مرجع سابق ، ص62.
[3] – ماريو رحال(2006):مرجع سابق ، ص62.
[4]– ماريو رحال(2006): مرجع سابق ، ص62.
[5]– عبد الرحمان العيسوي: الأعصبة النفسية والذهنات العقلية، مصر: الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية. 1987.ص159.
[6] – جلال سعد: في الصحة العقلية، الأمراض النفسية، الدهانات العقلية والانحرافات السلوكية، القاهرة: دار الفكر العربية.1985 .ص153.
[7] – حامد عبد السلام زهران: الصحة النفسية والعلاج النفسي. ط2.القاهرة: عالم الكتب.1977.ص 397.
[8]– ماريو رحال(2006) المرجع السابق ، ص63.
[9] – يوسف طباجة: منهجيات البحث، تقنيات ومناهج، ط1ب. بيروت: دار الهادي،2007.ص170.
[10] – يوسف طباجة(2007) : مرجع سابق ، ص170.
[11] – ماريو رحال(2006) المرجع السابق ، ص71.
[12] – ماريو رحال(2006) المرجع السابق ، ص 74- 80.
[13]– فاخر عاقل: علم النفس التربوي، ط1، بيروت: دار العلم.1985 .ص6.
[14]– محمد مياسا : الصحة النفسية والأمراض العقلية، ط1 .بيروت: دار الجيل،1997 .ص96.
– [15]ماريو رحال (2007) : مرجع السابق ، ص 79.
– [16]فاخر عاقل: علم النفس التربوي، ط1 ،بيروت: دار العلم..1985.ص6.
[17]– ماريو رحال (2007) : مرجع سابق، ص 79.
[18]– أحمد محمد عبد الخالق: استخبارات الشخصية، ط3 .دار المعرفة الجامعية. 2007. ص27.
[19]– أحمد محمد عبد الخالق: استخبارات الشخصية، ط3 ،دار المعرفة الجامعية.2007ص 26.
– [20]مصطفى غالب: في سبيل موسوعة نفسية (الأحلام، القلق، الخجل، الجنس عند فرويد). ط5 . بيروت: مكتبة الهلال،.1984.ص16.
[21]– محمد محسن غانم: أنماط الشخصية والتحليل النفسي، الإسكندرية: المكتبة المصرية. 2005 .ص 30.
[22]– ماريو رحال (2007): مرجع سابق. ص 66.
[23]– ماريو رحال (2007): مرجع سابق . ص69.
[24]– ماريو رحال (2007): مرجع سابق. ص79.
– [25]ماريو رحال (2007): مرجع سابق. ص79.
[26]– ماريو رحال (2007): مرجع سابق. ص80.
[27]– صالح حسن الداهري : الشخصية و الصحة النفسية ، الأردن: دار الكندي للنشر و التوزيع. 1999 .ص 45-46.
[28]– ماريو رحال (2007): مرجع سابق. ص64.
[29]– حامد عبد السلام زهران: الصحة النفسية والعلاج النفسي. ط2 .القاهرة: عالم الكتب.1977. ص 33- 34.
[30]– عزت دري حسين: الطب النفسي، الكويت: دار القلم.1982.ص 99.