
العلاقة بين الخطاب السياسي والمشاركة الانتخابية في الجزائر
“الطالب الجامعي نموذجا”
د. مصطفى الزاوي، أستاذ محاضر “أ” أ. مصطفى بن حوى، طالب دكتوراه
جامعة وهران2، الجزائر جامعة وهران2، الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد10 ص 105.
La relation entre le discours politique et la participation électorale
L’étudiant universitaire comme modèle
Résumé:
Cette étude a pour objectif, d’arriver à cerner le rôle joué par le discours politique dans l’opération de la participation électorale des jeunes, en particulier les universitaires. En effet l’opération électorale s’appuie sur un ensemble de variantes pour arriver à l’électeur, tels que le programme du parti et la compétence de son président et ses membres.
Toutefois ceci n’est pas suffisant, sauf si le discours politique comporte un ensemble de caractéristiques attirant les électeurs et précisément la catégorie des jeunes universitaires, qui sont dotés de qualifications scientifiques et académiques, leurs facilitant l’analyse de l’actualité politique et sociale. Le discours officiel vise cette catégorie pour arriver à faire la différence dans une société où la quasi-majorité est jeune, et dans une période qui s’est distinguée par le boycott électoral et politique.
Les Mots clés: le discours politique, la participation politique, les jeunes, les étudiants universitaires, le boycott électoral.
ملخــــص:
تهدف هذه الدراسة للوصول إلى الدور الذي يلعبه الخطاب السياسي، في عملية المشاركة الانتخابية للشباب خاصة الجامعي، فالعملية الانتخابية تعتمد على مجموعة من المتغيرات للوصول إلى الناخب، مثل برنامج الحزب وكفاءة رئيسه وأعضاءه. لكن هذا لا يكفي إلا إذا كان الخطاب السياسي يحتوي على مجموعة من الخصائص، لجذب الناخبين خاصة فئة الشباب الجامعي، الذي يتمتع بمؤهلات علمية وأكاديمية تسمح له بتحليل الواقع السياسي والاجتماعي. هي فئة يسعى الخطاب الرسمي إلى الوصول إليها لإحداث الفارق، في مجتمع غالبية أفراده شباب، وفي فترة تميزت بالعزوف الانتخابي والسياسي.
الكلمات المفتاحية: الخطاب السياسي، المشاركة السياسية، الشباب، الطلبة الجامعيين، العزوف الانتخابي.
مقدمـــــــــة:
يعد علم الاجتماع السياسي من أهم العلوم التي تدرس الظاهرة الانتخابية، باعتبارها عنصرا مهما من عناصر المشاركة السياسية، وآلية فعالة لتحديد مدى وصول مجتمع ما إلى الديمقراطية، وعليه تعمل السلطة على إنجاح وتطوير الاستحقاقات الانتخابية بكل الوسائل والطرق المتاحة. والخطاب السياسي الرسمي هو وسيلة اتصال تستعملها السلطة لرفع مستوى المشاركة السياسية لجميع أفراد المجتمع داخل مؤسساتها السياسية والاجتماعية المختلفة، وحتى في منظمات المجتمع المدني. مما يكسبها شرعية أمام مواطنيها، وأمام المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية.
ومع بداية كل انتخاب تسارع السلطة لصنع شرعيتها من خلال استعمال اللغة في إطار خطاب سياسي رسمي موجه إلى جميع المواطنات والمواطنين، وذلك من أجل تقليص الهوة الموجودة بينهما تحت شعار المواطنة وترقية حقوق المرأة والمساواة، والعدالة الاجتماعية وتحسين المستوى المعيشي، كلها شعارات يتفاعل معها المواطن البسيط لما يعيشه من أزمات لا تنتهي. وتظهر قوة الخطاب السياسي في هذه المرحلة الحساسة للسلطة والمواطن كعلاقة تبادلية، حيث تعمل السلطة لإعادة ترتيب أساساتها، ويسعى المواطن إلى إيجاد أفراد يعتلون السلطة يضع ثقته فيهم، فيجد نفسه أمام مجموعة من الخطب السياسية من جهات متعددة، سواء من السلطة أو الأحزاب الموالية لها أو من الأحزاب المعارضة.
بالإضافة إلى ذلك تواجه السلطة في خطابها فئة الشباب الجامعي الذي يتمتع بالقدرة على فهم الواقع السياسي والاجتماعي لمجتمعه، كما يمكنه تحليل هذا الواقع والخروج باستنتاجات يقيم بها وضعه في الخارطة الاجتماعية والسياسية، وإيجاد موقعه في المجتمع وسياسات السلطة. باعتبار أن هذه الفئة تعاني أكثر من فئات المجتمع الأخرى من بطالة وتهميش، بما تمتلكه من تكوين أكاديمي وشهادات جامعية تؤهلهم إلى وضعية أفضل، دون الاستهانة بالعدد الكمي لهذه الفئة.
ويعتبر الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من أبرز الخطب التي جذبت إليها الاهتمام من سياسيين ومحللين، وذلك راجع إلى الكاريزما التي يتمتع بها وشخصيته السياسية، وأهمية الخطب التي يلقيها من حيث الأحداث السياسية، وفصاحة اللغة المستعملة سواء باللغة العربية أو الفرنسية. ومنذ عودته إلى الساحة السياسة سنة 1999 كمرشح للانتخابات إلى يومنا هذا كرئيس، مازالت خطبه تلقى الصدى الكبير في المجال السياسي والاجتماعي. أما إذا رجعنا إلى آخر الخطاب الذي ألقاه بمناسبة أحداث الثامن ماي 1945 في مدينة سطيف قبل أيام من الانتخابات التشريعية 2012، حيث كانت جميع القوى السياسية والمجتمع المدني ومواطنين بجميع فئاتهم تنتظر خطابه. وفي تلك الفترة كانت السلطة متخوفة من ظاهرة العزوف خاصة لدى الشباب، وكما كان متوقعا فقد لعب خطاب الرئيس دورا فعالا في تأثيره على الناخبين.
وعلى هذا الأساس بدأت هذه الدراسة من أجل فهم وتفسير تأثير الخطاب السياسي على المشاركة السياسية للطلبة الجامعيين، بما تحمله هذه الفئة من مميزات وخصائص، وما يرتبط به من تنشئة اجتماعية وسياسية التي تلقاها في الأسرة والمدرسة والجامعة، والوعي السياسي الذي اكتسبه عن طريق مؤسسات التنشئة المختلفة.
- إشكالية الدراسة: يعد الخطاب السياسي آلية فعالة في الحياة السياسية، حيث كان يستعمل منذ القدم في السياسة والحرب والحياة العامة، وما زال يلعب دورا حاسما في الوقت الراهن كوسيلة اتصال بين الفاعلين السياسيين وبين السلطة والأفراد. ويبرز الدور الفعال للخطاب السياسي في العملية الانتخابية.
عمدت السلطة بمؤسساتها المختلفة على فرض خطابها على جميع فئات المجتمع بتنوع طبقاته الاجتماعية، وكان الشباب الجامعي مقصودا في الخطاب السياسي الرسمي باعتباره فئة عمرية تتميز بالكثير من الخصائص، أولها أنها فئة متعلمة ولها تكوين أكاديمي يسمح لها بادراك وتحليل الواقع السياسي والاجتماعي. إن الوضعية الاجتماعية المزرية التي يعاني منها الشباب – اجتماعية، اقتصادية وسياسية – دفعت الكثير منهم إلى الامتناع عن المشاركة السياسية بجميع أشكالها، خاصة في الانتخابات بسبب جملة من المشاكل التي يتخبط فيها ويعاني منها. باعتبار أن فئة الشباب في هذه المرحلة يكون هدفها وطموحها، دخول عالم الشغل وتأسيس أسرة، خاصة الشباب الجامعي الذي يكون قد أنهى تعليمه الجامعي. مما ترك جيل الشباب يصنف المشاركة السياسية خارج أولوياته، مهتما بوضعيته الاجتماعية والاقتصادية على حساب الفعل السياسي، مفرزا ظاهرة العزوف الانتخابي.
وكردة فعل أو سياسة منتهجة تقوم السلطة بمجموعة من الإجراءات القانونية والتوعوية، الموجهة للمواطنين خاصة الشباب منهم للمشاركة السياسية، مستعملة الخطاب السياسي الرسمي كآلية من آلياتها التحسيسية، والضغط على المواطن بطريقة غير مباشرة ليكون فاعلا في الحياة السياسية.
وعليه يمكن طرح الإشكالية على النحو التالي:
إلى أي مدى يساهم الخطاب السياسي الرسمي في تفعيل المشاركة السياسية لدى الطلبة الجامعيين ؟
وكأي دراسة أكاديمية ومن خلال هذه الإشكالية، يمكننا أن نطرح مجموعة من الفرضيات.
- الفرضيات:
- يثق الشباب – الجامعي – في الخطاب السياسي الرسمي في العملية الانتخابية خاصة خطاب رئيس الجمهورية ” عبد العزيز بوتفليقة”.
- عزوف الشباب عن المشاركة السياسية هو رد فعل على واقعه الاجتماعي والسياسي.
- مشاركة الشباب الجامعي في الانتخابات تتخطى الخطاب السياسي الرسمي والواقع الاجتماعي والسياسي، إلى درجة وعيه وتنشئته الاجتماعية والسياسية.
- أهداف الدراسة: يمكن إجمال أهداف الدراسة فيما يلي.
الأهداف النظرية تتمثل في دراسة الشباب وما له من أهمية، خاصة في الآونة الأخيرة حيث تشهده العديد من الدول العربية – حراك سياسي واجتماعي – أظهر فيه الشباب، مجموعة من العلاقات في إطار تفاعلي مع السلطة والقوى السياسية الفاعلة في الساحة السياسية. أنتج الكثير من الخطب السياسية.
أما عن الأهداف الميدانية فهو اقتحامنا للبحث الميداني في إطار البحوث الأكاديمية، وتتبعنا لظاهرة المشاركة الشبانية في الحياة السياسة من خلال المشاركة في الانتخابات. وما مدى تأثير الخطاب السياسي الرسمي كمتغير في العملية الانتخابية، والوصول إلى معرفة آراء وتوجهات الشباب الجامعي لدور وتأثير الخطاب السياسي.
- تحديد المفاهيم:
خطاب: ونقصد به “التعبير عن الأفكار بالكلمات، أو المحادثة بين طرفين أو أكثر، أو معالجة مكتوبة لموضوع ما، أو حوار أو كلام.”(إسماعيل، ع، 2008: 137)
الخطاب السياسي: “يراد به خطاب السلطة الحاكمة في شائع الاستخدام، وهو الخطاب الموجه عن قصد إلى متلق مقصود، بقصد التأثير فيه وإقناعه بمضمون الخطاب ويتضمن هذا المضمون أفكارا سياسية، أو يكون موضوع هذا الخطاب سياسيا. والخطاب السياسي يهتم بالأفكار أو المضامين، ولهذا نجد المادة اللفظية قليلة في حين يتسع المعنى الدلالي لتلك الألفاظ، فالمرسل يعتني بالفكرة التي هي مقصده أكثر من عنايته بالألفاظ فالفكرة في الخطاب السياسي هي الأساس.”(عكاشة، م، 2005: 45)
المشاركة السياسية: عرفها إسماعيل عبد الفتاح على أنها “درجة اهتمام المواطن بأمور سياسية وصنع القرار، فكلما زادت المشاركة السياسية من جانب المواطنين كلما زادت قوة القرار السياسي، وأبسط صور المشاركة السياسية هو التصويت (أي ممارسة الحق في إبداء الرأي في الانتخابات)، كما أن المشاركة واتساعها تقلل صورة العنف في هذه المجتمعات التي تتوسع فيها المشاركة.”(إسماعيل، ع، 2008: 254)
جيـــــــــل: “اصطلح على إطلاق اسم الجيل في أي مجتمع على مجموعة الأشخاص الذين يشتركون –على تفاوت بينهم – في سن واحدة، ويسمح لنا هذا المفهوم، مثل مفهوم الطبقة الاجتماعية، بتحليل مؤشرات ذات الفعالية على من يشغلون وضعا اجتماعيا مماثلا، وهو في هذا المثال: العمر، وهكذا تتوافر إمكانية للكشف عن المظاهر الاجتماعية للعملية البيولوجية الخاصة بتقسيم الأعمار، ويدرك كل جيل أحداث التاريخ من منظور مختلف، وذلك بسبب مجموعة التجارب المختلفة التي مارسها، لهذا السبب يولي المنظرون والمصلحون المهتمون بالتغيير أهمية كبيرة للجيل الأصغر.”(مشيل، م، ترجمة، مختار،1999: 287)
الشباب: ينظر علم الاجتماع عادة إلى الشباب بوصفه مكانة مكتسبة على نحو لا دخل للفرد فيه، أو كصفة يحددها المجتمع، وليس مجرد الظرف البيولوجي المرتبط بصغر السن. ويستخدم المصطلح بطرق ثلاث: طريقة عامة كل العمومية، تغطي مجموعة من مراحل دورة الحياة، التي تمتد من الطفولة المبكرة إلى أوائل البلوغ. كما تستخدم كبديل مفضل لمصطلح المراهقة غير المرضي للدلالة على النظرية والبحوث التي تجرى على المراهقين وعلى فترة الانتقال إلى البلوغ. هناك استخدام أقل شيوعا اليوم للدلالة على مجموعة من المشكلات العاطفية والاجتماعية التي يعتقد أنها ترتبط بعملية التنشئة في المجتمع الحضري الصناعي (جوردون، م، ترجمة، محمد، 2008: 719).
كما قام أحمد علي كنعان بتعريف الشباب الجامعي من خلال دراسة ميدانية على طلبة جامعيين “على أنهم تلك الفئة من المجتمع الذين يتابعون تحصيلهم العلمي بعد حصولهم على الثانوية العامة، الذين تتراوح أعمارهم بين (18-35) سنة”(كنعان، أ، 2008: 419).
التنشئة السياسية :هي عملية تلقين الفرد لقيم و اتجاهات سياسية عن طريق مؤسسات المجتمع لممارسة العمل السياسي والتكيف مع البيئة السياسية للنظام السياسي(ناجي، ع، 2005: 110)، يستخدم مصطلح التنشئة السياسية لوصف العملية التي يكتسب الفرد من خلالها اتجاهاته نحو السياسة، هناك منظمات عديدة في المجتمع تساهم في عملية التنشئة السياسية، منها الأسرة، والمدرسة والحزب السياسي، والمهنة، والخبرات السياسية، والتاريخ، والتنشئة السياسية هي العملية التي يصبح الفرد من خلالها واعيا بالنسق السياسي والثقافة، ومدركا لهما.(السويدي، م، 1998: 168)
الأحزاب السياسية: ويقصد بها “جميع المجتمعات غير متجانسة، بدرجات مختلفة، كما يؤكد ذلك تنوع الآراء والمصالح لدى الأفراد الذين يشكلون هذه المجتمعات. تجمع الأحزاب أفرادا متشابهين تقريبا في أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وانتماءاتهم الدينية، وموقفهم من العالم ورؤيتهم له. في الوقت نفسه تضعهم في واجهة الذين يتميزون عنهم بالنظر للمعايير نفسها. وفي الحالتين تساهم الأحزاب في بناء الحقل السياسي، محددة هي نفسها الرهانات، وعارضة نفسها على الأفراد كرموز ايجابية أو سلبية.”(بورون، ر، ترجمة، حداد، 1986: 20)
ثقافة سياسية: شأنها شان الثقافة عموما تتكون من عناصر من معارف يتلقاها الناس في مجتمع معين ويؤمنون بها كحقيقة ، ومن شأن الفضائح والأسرار التي يكشف عنها، والفشل، والكوارث السياسية أن تعمل بشكل سريع على هز إيمان المواطن بالنظام القائم كله، ولهذا السبب يعد الحفاظ على الثقافة السياسية هاجسا رئيسيا يشغل السياسيين وموظفي الدولة على كل المستويات.” (جوردون، م، ترجمة، محمد، 2008: 460)
الحملة الانتخابية: ويقصد بها “الأنسقة الاتصالية السياسية المخططة والمنظمة الخاضعة للمتابعة والتقويم يمارسها مرشح أو حزب بصدد حالة انتخابية معينة، وتمتد مدة زمنية معينة محددة تسبق موعد الانتخابات المحددة رسميا (قصير المدى)، بهدف تحقيق الفوز بالانتخاب عن طريق الحصول على أكبر عدد من الأصوات بالاستخدام وسائل الاتصال المختلفة وأساليب استمالة مؤثرة، تستهدف جمهور الناخبين.”(إسماعيل، ع، 2013) أما الانتخابات فهي المظهر الرئيسي للمشاركة السياسية من قبل الشعب لاختيار ممثليهم في المجالس المختلفة عن طريق التصويت، وهي الطريقة الوحيدة لتنفيذ الديمقراطية التمثيلية في ظل تزايد أعداد السكان وعدم إمكانية تطبيق الاجتماع الكامل لأفراد الشعب.”(بن صغير، ز، 2004، 15)
الديمقراطية: يمكن تعريفها على أنها “مصطلح يوناني مؤلف من لفظين الأول (ديموس) ومعناه الشعب، والآخر (كراتوس) ومعناه الحكم أو سيادة، فمعنى المصطلح سيادة الشعب أو حكم الشعب، ويرى المفكر الفرنسي “جان جاك روسو” إن الديمقراطية هي أن يكون للشعب السلطة العليا والقرار الأخير، في انتخاب ممثليه في البرلمان ومراقبة وظيفتهم التمثيلية.”(Marcel, P, 1987: 47)
- مجالات الدراسة: تكمن الدراسة في ثلاث مجالات أساسية.
المجال الجغرافي: وقع اختيارنا على أربعة جامعات في الغرب الجزائري وهي جامعة وهران ( كلية العلوم الاجتماعية/السانيا)، وجامعة مستغانم (كلية العلوم الاجتماعية-خروبة -)، وجامعة سيدي بلعباس (كلية العلوم الاجتماعية) بالإضافة إلى المركز الجامعي بغليزان ( كلية العلوم الاجتماعية- برمادية-)، وذلك من اجل التنويع أفراد العينة وتوسيع الإطار المكاني.
المجال الزمني: لقد دامت الفترة الزمنية المخصصة لإجراء الدراسة الميدانية من الخامس عشر أفريل 2013 إلى غاية الخامس عشر من شهر جوان 2013، وطول المدة راجع إلى اتساع المجال الجغرافي لعينة البحث الموزعة على أربع جامعات في أربع ولايات، وكذا التقنية المستعملة في الدراسة المتمثلة في الاستمارة بسبب صعوبة استرجاعها مع بعض أفراد العينة.
المجال البشري: والذي شمل الطالبات والطلبة الجامعيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و35 سنة، يتابعون دراساتهم في كلية العلوم الاجتماعية – علم الاجتماع، علم النفس، علوم سياسية، فلسفة، تاريخ، أدب. وفي جميع المستويات الدراسية أي من السنة الأولى إلى السنة الرابعة، ويتوزع أفراد عينة البحث على النظام الجديد LMD والنظام القديم.
- منهج الدراسة: كثيرا ما تتشابه على الباحث أي المناهج اقرب إلى دراسته، والأنسب لمضمون البحث، “وغالبا ما يفرض البحث المنهج الذي يناسب طبيعته، وقد يختلف المنهج باختلاف الوسائل، والإمكانات المتاحة، فهو فن التنظيم الصحيح، والتنسيق الدقيق، لسلسلة من الأفكار المتنوعة والعديدة، للكشف عن حقائق مازالت مجهولة، أو للتعريف والبرهنة على حقائق يجهلها الآخرون.(أحمد، ط، 2009: 67) وعليه فإن موضوع الدراسة هو الذي يفرض على الباحث استعمال منهج معين دون غيره، ونظرا لكون موضوعنا يتعلـق بوصف طبيعة العـلاقة بين الخطـاب السيـاسي الرسـمي كمؤثـر، والمشاركة السياسية للشباب الجامعي، وتأثير المتغيرات الاجتماعية والسياسية المختلفة ونظرا لطبيعة الإشكالية المطروحة فان المنهج الوصفي التحليلي هو المنهج الملائم.
أدوات الدراسة: اعتمدنا في دراستنا على تقنيتين للحصول على المعلومات الضرورية التي تكمل الجانب الميداني والنظري. كما اعتمدنا في هذه الدراسة على الأسلوب الإحصائي البسيط، وذلك بترجمة المعطيات المتحصل عليها من الميدان إلى أرقام يمكن التعليق عليها وتحليلها.
استمارة الاستبيان: “تعتبر الاستمارة التي تعرف في شكلها الأكثر شيوعا بسبر الآراء، تقنية مباشرة لطرح الأسئلة على الأفراد وبطريقة موجهة، ذلك لان صيغ الإجابات تحدد مسبقا، هذا ما يسمح بالقيام بمعالجة كمية بهدف اكتشاف علاقات رياضية وإقامة مقارنات كمية.(موريس، أ، ترجمة، بوزيد، 2010: 204)
الملاحظة: الملاحظة هي إحدى الوسائل المهمة في جمع البيانات والمعلومات، وهناك قول شائع بأن العلم يبدأ بالملاحظة. وتبرز أهمية هذه الوسيلة في الدراسات الاجتماعية والأنتربولوجية والنفسية. وتستخدم الملاحظة في جمع البيانات التي يصعب الحصول عليها عن طريق المقابلة أو الاستفتاء، كما تستخدم في البحوث الاستكشافية والوصفية والتجريبية.(جدير، م، ترجمة، أبيض، بدون سنة، 28-29)
- بين السلطة وسلطة اللغة والخطاب:
أصبح الخطاب السياسي سلاحا في يد السلطة، تستعمله في الساحة السياسية بما يخدم مصالحها، لأن “سلطة الخطاب هي آلية من آليات الإقناع والإخضاع، باعتبار الخطاب يمثل جملة من المعاني والأهداف، يريد الوصول إليها من خلال المتلقي، الذي يتعدد شكله من فرد إلى جماعة إلى مؤسسة”(بكاي، ر، 2013: 64). حيث تصبح اللغة والخطاب وسيلة ضغط في يد السلطة، تستعملها في الظروف السياسية والاجتماعية الحرجة خاصة عند ظهور ما يهدد أمنها يشكك في شرعيتها، فتظهر قوة السلطة في خطابها. حيث يبرز دور الخطاب السياسي باعتباره قوة في يد سلطة، تستعملها هذه الأخيرة فيما يحقق التوازن السياسي والاجتماعي والثقافي. “من المعروف أن السفسطائية قد وقفت عند سلطة الخطاب، عندما اكتشفت الإمكانيات التي تحملها اللغة كالمغالطة والقدرة على التمويه وإيقاع الخصم في الخطأ، ودور الخطابة في تغيير الرأي والموقف. منذ ذلك التاريخ على الأقل طرحت مسالة العلاقة بين اللغة والسلطة، فهل للغة سلطة ذاتية أم أنها تستمدها من شيء خارج عنها كالسلطة السياسية والدينية وغيرها؟. ويرى ميشيل فوكو أن التساؤل حول علاقة الخطاب بالممارسة السياسية يتطلب جانبين من التحليل، من جهة، ضرورة تحليل مختلف العمليات النقدية التي يقوم بها خطاب ما في ميدان خطابي معين، ومن جهة أخرى، تعيين حقل التحليلات ومجال الموضوعات التي يحاول الخطاب إظهارها وتمفصلها مع سياسة ما، أو ممارسة سياسية معينة”(الزواوي، ب، 2002: 34-35). هذه العلاقة الثنائية بين الخطاب ولا سياسة، تتحكم فيها وقائع أخرى وتقويها مثل الواقع السياسي، والاجتماعي والاقتصادي وخاصة الظروف الأمنية الداخلية والخارجية، وعلاقتها بالاستقرار الوطني. “كما يرى فوكو أن الخطاب عبارة عن شكل من أشكال الهيمنة، أو عبارة عن ممارسة إيديولوجية، ترتبط بصراع الطبقات بعامة، وبالصراع العرقي على وجه الخصوص، وتعمل على تكوين الأفراد في صورة رعايا” (الحميري، ع، 2008: 105). لقد ساهم ميشيل فوكو في تحليل الخطاب وعلاقته بالسياسة، خاصة أن النظام السياسي الجزائري بعد الاستقلال، تبلور في ممارسة إيديولوجية – الاشتراكية – للهيمنة على أفراد المجتمع، ولإخماد الصراع العرقي الخفي. وإظهار الوحدة في مفاهيم الخطب السياسية، ونقل السياسي إلى الديني من خلال الخطب الدينية، وسرعة انتشارها في المجتمع.
- المميزات العامة للخطاب السياسي (الزواوي، ب، 2002: 346-347) :
يتميز الخطاب السياسي بعدة خصائص تجعله، يفرض منطقه وقوته على الأفراد من خلال مجموعة من الوسائل يعتمد عليها في عملية التخاطب، وطبيعة الحدث ونوعية المتلقي. كما يمكن لهذه الخصائص أن تعطينا صورة عامة عن النظام السياسي وعلاقته بأفراد مجتمعه.
- يعد الخطاب السياسي من أكثر الخطابات المعاصرة تأثيرا وأوسعها انتشارا، ويرجع ذلك إلى ما يملكه من وسائل تساعد على انتشاره ومد نفوذه، مثل: وسائل الإعلام وسلطته القوية التي تنبع من قائله.
- يرتبط الخطاب السياسي ارتباطا كليا بظروف الواقع الخارجي، ويتفاعل معه، ويتأثر بجميع الإحداث الداخلية والخارجية.
- يعتني الخطاب السياسي أولا وأخيرا بالمضمون والفكرة في يحين يأتي الشكل اللغوي في المرحلة الثانية.
- الخطاب السياسي موجه يهدف إلى مقصد إقناعي وتوجيهي والى مد نفوذ صاحبه وتحقيق أهدافه….
- يميل الخطب السياسي إلى الجماعية (المتمثلة في نحن، الشعب، الأمة).
- ليس الخطاب السياسي قيم ثابتة كالخطاب الديني، فقيمه وليدة الظروف والمصالح والاتجاهات والنفوذ، ومن ثم فهي غير ثابتة، وغير مستقرة وذات مفاهيم متعددة.
- القصد وعدم العفوية والتوجيه، ويفتقد إلى المصداقية، فالمصداقية هي كل ما تفرضه السلطة.
وتراه صوابا، وليس كل ما يقال عين الحقيقة أو كل الحقيقة، وإنما هو ما تريده السلطة من الجمهور، وتهدف إليه.
- الاقتراب من الخطاب اليومي والتفاعل مع المجتمع والارتباط بالحدث الداخلي والخارجي التفاعل المستمر بين الخطابين المكتوب والمنطوق، فكلاهما يوظف أدوات الأخر.
- يأخذ الخطاب السياسي شكلا رسميا، ليعطي لنفسه قداسة الهدف ومصداقية الفعل ليقطع طرق الرفض والجدال، والمناقشة.
- الخطاب السياسي خطاب أحادي يقوم بتغييب الأخر واستبعاده من المثول أمام الرأي العام ولهذا فهو أحادي التوجيه والممارسة وغير قابل للثنائيات.
- يستخدم الخطاب السياسي المفردات الاجتماعية المعاصرة التي يستخدمها جمهوره.
رغم الخصائص التي يتميز بها الخطاب التي تعطيه قوته، إلا أن طبيعة المتلقي وثقله في المجتمع، وحجم الحدث الذي أنتج الخطاب، كلها عوامل تفرض نفسها على الخطاب، حيث تفرض عليه عرض خطاب سياسي يليق بطبيعة المتلقي. ومن أهم ما يميز الخطاب السياسي الجزائري هو الضبابية، خاصة فيما يتعلق بالواقع السياسي ومستقبله، مثل تعديل الدستور والانتخابات بالإضافة إلى مجموعة من القضايا الوطنية.
- وظائف الخطاب السياسي :
يرى النظام في الخطاب السياسي ورقة رابحة، يوظفها داخليا في مؤسساته الحكومية وخارجيا في إعطاء الصورة الجيدة للنظام. كما تتداخل وظيفة الخطاب السياسي مع العلاقات الاجتماعية للأفراد وكوسيط بين النظام والمجتمع.
- وظيفة هيكلة: الخطاب هو الاسمنت للنظام السياسي “اللوزوباول (1966) وتحدث على نطاق واسع حول هذا الموضوع، حيث أن الخطاب شرط ضروري لوجود هذه السياسة، دون الكلام لا توجد سياسة. هكذا ترتبط الكلمة في الوقت الحاضر مع مواضيع أخرى مثل: هياكل الاتصالات داخل المنظمات، ووسائل الإعلام، أنظمة الحكم …الخ.
- وظيفة القرار وآلية أساسية: العملية السياسية ليست سوى القرار، حيث يلعب الخطاب دورا مركزيا، وعليه فالسلطة لا تزال إلى إقناع وإنتاج وتوفير المعلومات.
- وظيفة تعليمية: بالإضافة إلى مهام أخرى تبقى السلطة السياسية في الواقع مجرد منتوج من السياسة، وذلك واضح خاصة عندما يتم تدريس جوهر السياسة، فهو توفير الخطاب الهيكلي للوصول إلى: معلومات التحكم، وتسهيل التغيير أو استنساخ النظام السياسي.
- وظيفة علاجية: الخطاب السياسي يعمل على مكافحة تجدد الشكوك ، أي انه يميل إلى تحسين التفاعل الاجتماعي الدائم، كما يميل إلى تجنب القلق عن طريق تجديد الأمل ورفع المعنويات، وانه يعبر عن إيديولوجية لتوفير الاتساق الرمزي كهيكل منظم يشكل الأنا (Alexandre, D, 132-133 ). من بين الأسباب التي جعلت أفراد المجتمع لا يثقون في السلطة، هو خطابها السياسي السيئ والمصاحب للكذب خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتخابات. رغم ذلك يبقى المجتمع متمسكا بالقليل من الأمل، وينظر إلى الخطاب السياسي الرسمي على أنه آخر وسيلة قد يلجأ إليها، لتحسين العلاقة بينهما. “الخطاب السياسي هو مفترق طرق: العلوم السياسية، علم النفس، وعلم الاجتماع، واللغويات، وحتى اللاهوت، قليل مكن الكباب أعلن بوضوح عن حالة من فن الخطاب السياسي، ويرى البعض أن الخطاب له تأثير وبالتالي طاعة قواعد ومبادئ نظرية خاصة ، وقال Gorgias “أن الخطاب هو طاغية قوية ويستخدم على أنه سلاح ، كما انه يمثل وسيلة رمزية تتجاوز الحرب.”( Alexandre, D, 135)
لم يعد الخطاب السياسي يلعب دوره في الحياة السياسية والاجتماعية، باعتباره منشط ايجابي للعبة السياسية خاصة في الاستحقاقات الانتخابية، إلا بارتباطه بشخصية لها وزنها السياسي والتاريخي والثوري. وآلية لها ميكانزمات تصنع الفرق وعلى أنها لسان السلطة، كما يمكن للخطاب السياسي أن يحدد ثقة أفراد المجتمع بالنسبة للسلطة ويرفعها.
- الأشكال الحديثة للمشاركة السياسية والاجتماعية للشباب:
إن جميع المجتمعات تعرف طفرة كبيرة في تغيير وتكييف أشكال الاحتجاج، وذلك تفاديا للصدام مع قوة القانون، لكن هذا التغيير يختلف حسب درجة تطور كل مجتمع. وكذا قابلية أفراده على القدرة في استعمال وسائل الاتصال الحديثة. “يعتبر تغير نماذج الاحتجاج أمرا مألوفا، لدى باحثي علم الاجتماع السياسي، فغالبا ما يوظف في ضوء صيرورة ثقافة الشباب والبيئة المحيطة بها، وما تطرحه من إمكانيات وتحديات، وبالتطبيق على الأوضاع المعاصرة، يبرز تصاعد موجات المد العولمي، والاتجاه العالمي نحو عدم المركزية…وحديثا برزت أنماط المشاركة غير التقليدية من خلال الحركات والجماعات غير الرسمية وشبكة الانترنت وما تطرحه من أنشطة حديثة، مثل الاعتصام والاضطرابات والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وغيرها من الأنشطة البعيدة عن الاحتكاك المباشر مع رجال الأمن في الشوارع والميادين، مثل أنشطة مقاطعة البضائع والخدمات، والاحتجاج عبر شبكة الانترنت، من خلال استخدام تقنيات الجيل الثالث من الهواتف المحمولة.”(محمد، ح، ع، 2012: 131-132) هذا النوع الجديد من الاحتجاجات المتطورة يضع السلطة في مشاكل، تهدد نظامها السياسي والأمني. حيث تعمل هذه النظم هي الأخرى على وضع سياسة مضادة تضعف فيها قوة الاحتجاجات، إلا أنها لا تستطيع القضاء عليها. “يتضح استخدام الانترنت كأداة سياسية في العديد من المجالات، فالانترنت أصبح أحد المصادر المهمة لدى الشباب للحصول على المعلومات السياسية. وقد انتشرت المواقع الالكترونية التي تقدم المعلومات السياسية على الانترنت، وسعت الحكومات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأحزاب بل والأفراد لإنشاء مواقع الكترونية تقدم المعلومات المختلفة … ويمثل الانترنت إحدى أدوات المشاركة السياسية للشباب، وتتيح لهم فرصة التعبير عن وجهات نظرهم والحوار بين بعضهم البعض حول القضايا المختلفة بدرجة أكبر من السهولة والحرية من الأطر التقليدي للمشاركة ويساهم هذا في الحد من ظاهرة الاغتراب واللامبالاة السياسية للشباب.”( محمد، ح، ع، 2012: 37-38) أما إذا نظرنا إلى واقع الإعلام والاتصال في الدول العربية، فهو يعاني من أزمات وتضييق من السلطة الحاكمة عن طريق سن قوانين لحصر النشاط الإعلامي في إطار مغلق، مثال ذلك ما تتعرض له الصحافة من ظلم قانوني وحتى مادي ويتفاوت هذا التدهور من دولة عربية إلى أخرى. كما لم تسلم المواقع التواصل الاجتماعي خاصة – الفايسبوك و تويتر – من عملية التضييق، عن طريق قطع أو توقيف هذه المواقع خاصة في الدول التي عرفت احتجاجات وثورات، وارتبطت هذه المواقع بالشباب لأنهم أكثر الفئات العمرية استعمالا لها، كما يطلق عليهم جيل الانترنت. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول ما مدى مساهمة السلطة في تشجيع ودفع الشباب إلى استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، كآلية جديدة في المشاركة السياسية يستعملها جيل الشباب، دون المساس بالمبادئ والقواعد الأساسية للسلطة. “وتستخدم الانترنت أيضا كأداة للتعبئة السياسية للشباب وتسهيل جهود تجميعهم وتنظيمهم لتحقيق هدف سياسي معين مثل تحفيز الشباب للتسجيل في قوائم الناخبين، أو المشاركة في مشروعات الخدمة العامة، أو تنظيم حملات تأخذ شكل التأييد أو الاحتجاج على سياسات أو تصرفات معينة. وأخيرا يمكن القول أن الانترنت يوفر إمكانيات هائلة للتواصل مع الشباب، وزيادة معارفهم السياسية ودمجهم في إطار النظام السياسي ويقع على عاتق المؤسسات القومية، دور هام في تطوير استخدامها للانترنت، وكذلك تحويل المشاركة الافتراضية للشباب على مواقع الانترنت إلى مشاركة فعلية على ارض الواقع.”(سعيد، ت، أ، 2010: 35-36) تعتبر مواقع الاتصال الاجتماعي وسيلة تهدد النظم السياسية، إلا أن هذه النظم تعمل على استعمال هذه المواقع، بالطريقة الايجابية وذلك من خلال عملية التسويق السياسي. حيث استعملت الكثير من الأحزاب الموالية للسلطة، على توظيف الفايسبوك مثلا كإستراتيجية للتسويق السياسي.
- الشباب والمشاركة السياسية:
إن الفعل السياسي لدى الشباب لا يمكن فصله عن المشاركة السياسية، ولا يمكن تصور أي مجتمع من المجتمعات أن يتخلى عن شبابه، باعتبارهم فئة عمرية ذات قاعدة عريضة تحدث الفارق، إن وجهت بطريقة سلسة قد تنمي عملية المواطنة. “كما لعب الشباب العربي بصفة عامة، دورا هاما على طريق التحديث والتقدم وحققوا خطوات هامة على هذا الطريق. فعلاقة الشباب بعض التنظيمات الاجتماعية والشبابية مكنتهم من المشاركة في العمل السياسي، من خلالها، أو يجدون أنفسهم مضطرين للعمل من خلال التنظيمات السياسية وجمعيات العمل الاجتماعي والاتحادات الطلابية ومنظمات الشباب”(سعد، أ ج، 1948: 73). لقد وجد معظم الشباب بعد الاستقلال أنفسهم غير قادرين على الاندماج داخل الأحزاب السياسية، بسبب واقع سياسي وإيديولوجي يتعارض مع توجهاتهم و أفكارهم، إلا أن هذا لم يمنع الشباب من الانضمام إلى بعض التيارات الحزبية السياسية المحظورة، رغم ما تلقوه من متابعات سياسية وتقييد حرياتهم الشخصية. “أما في الجزائر فان الشباب الذين يحصلون على تنشئة اجتماعية داخل العائلة لا تحفز الفرد على الاهتمام بالشأن العام كقاعدة عامة، مقابل ذلك الاهتمام بالمصطلح الفردية والعائلة الضيقة التي تعد مقياس النجاح، تنشئة أمدتها التجربة السياسية الأخيرة بحجج كثيرة بعد المأزق الذي وصلته الحركات الإسلامية التي وقف ورائها بقوة شباب المدن، فكانت النتيجة العنف والسجن والهجرة الغير شرعية وغيرها”(جابي، ع، 2013). شهدت الجزائر بعد الاستقلال مجموعة من الأحداث، التي جذبت إليها جيل الشباب خاصة بعد أحداث أكتوبر 1988، أين وجد نفسه في مواجهة العنف القانوني- الشرطة والدرك – لان الشباب كان متعطشا إلى العمل السياسي. فدخل هذا الجيل في دوامة من العنف الإرهابي، وأدخل معه النظام في هذا الصراع الذي خلف الكثير من الأبرياء. الشباب هو الأمان بالنسبة للنظام السياسي، فيمكنه أن يكون رأسمال بشري في تفعيل وتطوير النظام الاجتماعي، ويحقق الازدهار الاقتصادي كقوة شبابية وفئة عمرية نشطة، ويصنع الفرق في النظام السياسي لو أعطيت له الإمكانيات اللازمة. حيث وصلت العديد من الدول مثل ماليزيا تايوان إلى الازدهار من خلال الاستثمار في رأسمال البشري.
- الشباب والعزوف السياسي:
ترى السلطة في العزوف السياسي نقطة سوداء للنظام وخلل سياسي واجتماعي، يحتاج إلى العلاج من خلال الدراسة العلمية، لإظهار مدى خطورة هذه الظاهرة التي تعاني منها معظم الدول العربية، وحتى بعض الدول الغربية، وتتجلى أهميتها في إعطاء جميع الأنساق توازن يخدم المجتمع. “تمتد هذه الظاهرة إلى مظاهر المشاركة السياسية الرسمية، ولذا هناك تخوف على مستوى الأحزاب والحكومة من نسبة منخفضة للمشاركة في الانتخابات، فالمعطيات الأولية بتعامل الناخب الجزائري اللامبالي والمتسم بالبرودة تجاه الحملات الانتخابية، تؤشر على أن هناك عزوفا أعمق من العزوف عن المشاركة الانتخابية، وأنه عزوف عن المشاركة السياسية الرسمية برمتها. ويستشف من الخطاب الإعلامي الطاغي لدى السلطات والأحزاب الحاكمة وتلك المرتبطة بالسلطة أن نسبة الامتناع الكبرى هي هاجسها الأول، بينما الخطر الفعلي قد يكمن في طريقة إجراء الانتخابات وإدارتها وردة فعل الشارع اتجاهها خصوصا مع الطعن في نزاهة نسب المشاركة في الانتخابات.”(عبد القادر، ع، 2013، 6) يزيد مشكل العزوف عند الشباب خاصة في المشاركة السياسية، أما العزوف الانتخابي تضع له الدولة حلولا ترقيعية، لان الاستحقاقات الانتخابية ظرفية ومحدودة رغم أهميتها. إلا أن المشاركة السياسية بصفة عامة هي المشكلة التي تأرق السلطة لأنها تكون على مدار السنة، تتحدد فيه فاعلية المجتمع سياسيا. “إن الخطاب المعلن والسلوك الملاحظ من طرف جميع المواطنين وليس فقط من طرف المتابعين والمهتمين بالشأن العام هو أن النظام محرج جدا من العزوف الانتخابي وذلك للأسباب التالية:
يؤدي الإقبال الضعيف على المشاركة في الانتخابات إلى ضعف مقابل في شرعية النظام السياسي والحصول على تأييد القوى العظمى واعترافها بديمقراطية النظام الجزائري وقدرته على التكيف بالإضافة إلى أهمية البرلمان المقبل الذي يصفه البعض بالمجلس التأسيسي بالنظر إلى مسؤوليته في تعديل الدستور، وتغيير طبيعة نظام الحكم و ترسيخ الممارسة الديمقراطية.
إن من أهم السلوكيات السياسية الدالة على تشجيع السلطة للمشاركة الشعبية في الانتخابات التشريعية المقبلة نجد ما يلي:
- خطب السيد رئيس الجمهورية الضامنة للنزاهة والمشجعة للشباب على المشاركة .
- إرسال وزارة الداخلية لرسائل هاتفية قصيرة « SMS» تحث المواطنين على الانتخاب باعتباره سلوكا حضاريا ووطنيا.
- بث حصص تلفزيونية تغطي الحدث و يشجع منشطوها وضيوفها الشباب الجزائري إلى انتخاب ممثليهم في البرلمان.(ديب، ن، 2013)
إن العزوف الانتخابي لدى الشباب لا يخيف السلطة، بقدر ما يخيفها العزوف السياسي لديهم، لان الانتخابات ظرفية يمكن إيجاد حلول لمعالجة هذا المشكل، لكن عندما يتعدى العزوف الإطار الانتخابي ويصل الامتناع والاستنكاف عن كل ما هو سياسي، هذا قد ينتج مستقبلا جيل لا يعترف بالسياسة رغم أنها جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حتى وان قلنا أن الامتناع هو مشاركة سياسية بحد ذاتها إلا أنها سلبية لا تحقق تنمية سياسية ولا اجتماعية للشباب.
- النتائج العامة للبحث والتعليق على الفرضيات:
بعد الانتهاء من عرض وتحليل البيانات التي تم جمعها ورصدها باستخدام تقنية الاستمارة بالإضافة إلى الاعتماد على الملاحظة لتدعيم البحث وإثراءه، من ميدان بحث يتصف بالتنوع العلمي والثقافي، عينته تتميز بنشاطها الشبابي وحبها لكل جديد وتفاعلها مع كل المتغيرات الاجتماعية والسياسية باعتبارهم فاعلين في المجتمع. من أجل الوصول إلى معرفة العلاقة الموجودة بين الخطاب السياسي الرسمي والمشاركة السياسية للشباب الجامعي، في إطارها الانتخابي.
وعليه تم رصد مجموعة من الفرضيات في بداية البحث وذلك للإجابة على الإشكالية وتساؤلاتها، لان الفرضية عبارة عن تنبؤ لما سنكتشفه في الواقع.
الفرضية الأولى:
“يثق الشباب الجامعي في الخطاب السياسي الرسمي أثناء العملية الانتخابية خاصة خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة”.
توصلنا من خلال الدراسة الميدانية وبعد التحليل استنادا على المعطيات، أن الفرضية الأولى تحققت بدرجة كبيرة وهذا ما توضحه الجداول التالية:
من خلال الجدول رقم 18 اتضح لنا أن 82% ، من الطلبة يتابعون خطب رئيس الجمهورية وهي نسبة تدل على وعي الطلبة بأهمية الخطب السياسية، وأهميته كمحفز في زيادة المشاركة السياسية، أجاب المبحوثين بنسبة تقدر بـ 84 %، أن له دور وأحيانا يكون متوسط وهذا ما يوضحه الجدول رقم 19. مرورا إلى الجدول رقم 30 الذي اظهر أن الطالب الجامعي ما زال يجذب انتباهه خطاب رئيس الجمهورية، بنسبة 45% من بين أهم المواضيع التي تثير اهتمامه كالأحداث المحلية والدولية وشخصيات السياسية بنسب متفاوتة. كما يضيف لنا الجدول رقم 31 دليلا أخر، على مدى رضا الطلبة على خطاب الرئيس بنسبة تقدر بـ 80% . وفي السؤال الذي طرح على الطلبة الجامعيين حول ثقتهم لخطاب السلطة أو الأحزاب السياسية فكان جوابهم الأول بنسبة 93 % وهذا ما بينه الجدول رقم 32، بالإضافة إلى الجدول رقم 33 الذي أظهر أن ما نسبته 91 % من الطلبة، يرون أن خطاب رئيس الجمهورية له تأثير أكبر من خطاب الأحزاب في الحملات الانتخابية. أما الجدول رقم 34 يبين لنا رؤية المبحوثين لمستقبل الخطاب السياسي الرسمي في الجزائر بنسبة تقدر بـ 74% أنه في تطور مستمر.
الجدول رقم01: يبين الخطاب السياسي رسم بياني يمثل الخطاب السياسي الذي يثق فيه الطالب الجامعي
الذي يثق فيه الطالب الجامعي.
الخطاب السياسي الذي تثق فيه | التكرار | النسبة % |
خطاب السلطة (الرسمي) | 186 | 93 % |
خطاب الأحزاب السياسية | 14 | 07 % |
المجموع | 200 | 100 % |
الفرضية الثانية:
“عزوف الشباب عن المشاركة السياسية هو رد فعل على واقعه الاجتماعي والسياسي”.
وهذا ما بينته الجداول التالية: الجدول رقم 09 رغم أن أسر المبحوثين لديها اهتمام بالمواعيد السياسية خاصة الانتخابات بنسبة 62% ، إلا أن عزوف الشباب يبقى ظاهرة تخيف السلطة، وهذا ما أوضحه الجدول رقم 35 بأن سبب عدم مشاركة الشباب في الحياة السياسية عامة والانتخابات خاصة يرجع إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية بنسبة تقدر بـ 60% . لان الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الطلبة هي طبقة متوسطة بنسبة 92 % من خلال جدول رقم 06، بالإضافة إلى 88 % من المبحوثين يرجعون عدم انخراطهم في الأحزاب السياسية إلى عدم الاهتمام وانعدام الثقة في المؤسسات السياسية حسب النسب الموجودة في الجدول رقم 15. كما أن المنظمات الطلابية من بين المؤسسات التي لا ينخرط فيها الطلاب بنسبة 90% والسبب أن لا دور لها في عملية التنشئة السياسية بنسبة 39% (جدول رقم 20 و 21)، كلها أسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية دفعت الشباب إلى انتهاج سياسة العزوف السياسي والانتخابي كعلاقة تبادلية، من خلال التأثير والتأثر، فكلما كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في وضع مريح كلما كانت المشاركة السياسية بنسب مرتفعة.
الجدول رقم 02: سبب عدم مشاركة الشباب الجدول رقم 03: يبين سبب عدم الانخراط
في السياسة عامة والانتخابات خاصة في الأحزاب السياسية.
سبب عدم الانخراط في الأحزاب السياسية | التكرار | النسبة % |
عدم الاهتمام بالسياسة | 80 | 40 % |
عـــــــــدم الثــقة في المؤسسات السياسية | 96 | 48 % |
شيء أخـــــــــــــر | 14 | 07 % |
المنخرطون في حزب سياسي | 10 | 05 % |
المجموع | 200 | 100 % |
الشباب والمشاركة السياسية | التكرار | النسبة % |
انخفاض الوعي السياسي | 26 | 13 % |
لديهم مشاكل اقتصادية واجتماعية | 120 | 60 % |
لا توجد حرية التعبير والرأي | 10 | 05 % |
لا توجد معارضة حزبية حقيقية | 04 | 02 % |
ضعف التنشئة السياسية للشباب | 40 | 20 % |
أخرى | 00 | 00 % |
المجموع | 200 | 100 % |
الفرضية الثالثة:
“مشاركة الشباب الجامعي في الانتخابات تتخطى الخطاب السياسي الرسمي والواقع الاجتماعي والسياسي إلى درجة وعيه وتنشئته الاجتماعية والسياسية “.
نستطيع القول أن الفرضية الثالثة قد تحققت، وهذا ما برهنت عليه مجموعة من الجداول مثل الجدول رقم 08 الذي يوضح البرامج الأكثر متابعة من الطرف اسر المبحوثين، هي برامج سياسية واجتماعية بنسبة 70% مما يدل على أن الطلبة لديهم وعي ويتلقون تنشئة داخل الأسرة. ربما التحول السياسي العربي وما نجم عنه من ثورات دفع اسر الطلبة لمتابعة السياسة، بالإضافة إلى أن 61% – جدول رقم 10 – من المبحوثين يملكون بطاقة الناخب وهذا سلوك سياسي يبين درجة وعي الطالب لأهمية الانتخاب، ودوره كناخب في المجتمع وقيمة صوته في تحسين واقعه، باعتباره مواطن وهذا ما يوضحه الجدول رقم 16 بأن 69% شاركوا في الانتخابات، وهو فعل انتخابي ايجابي. رغم أن 95% من أفراد العينة غير منخرطين في الأحزاب السياسية وهو سلوك وفعل سياسي سلبي إلا أن سبب عدم انخراطهم راجع إلى واقع الأحزاب في الساحة السياسية والصورة التي يمثلونها في تفكير المواطن. أما أهم المصادر للحصول على المعلومات السياسية فكانت الجرائد والتلفزيون والانترنت بنسبة 97% – جدول رقم 22 –، أي أن الطالب يتابع السياسة وبالطرق السهلة وأقل تكلفة، كما تبين النتائج الموجودة في الجدول رقم 23 أن 81% من المبحوثين يناقشون المواضيع السياسية، بطريقة دائمة ومتقطعة وهذا يبين أن الطالب يمتلك تنشئة سياسية متفاعلا مع الأوضاع السياسية الوطنية والعربية، ما أكسبه وعيا سياسيا يمكنه على التحليل. وهذه الفكرة يدعمها الجدول رقم 24 الذي يوضح بأن 67% يتابعون الأخبار والأحداث السياسية، كما أن 65% من المبحوثين يتابعون الاستحقاقات الانتخابية – جدول رقم 25، من خلال النتائج يمكننا القول أن الفرضية الثالثة والأخيرة تحققت وأن الطلبة الجامعيين باعتبارهم مجتمع وعينة بحث يملكون وعيا سياسيا اكتسبوه من خلال مؤسسات التنشئة السياسية والواقع السياسي الوطني والعربي المتوتر.
الجدول رقم 04: يبين انتخاب الطلبة من قبل. الجدول رقم 05: يبين امتلاك بطاقة الناخب.
المتغير | التكرار | النسبة% |
نعم | 138 | 69 % |
لا | 62 | 31 % |
المجموع | 200 | 100 % |
امتلاك بطاقة الناخب | التكرار | النسبة% |
نعم | 122 | 61 % |
لا | 78 | 39 % |
المجموع | 200 | 100 % |
التوصيات:
أما التوصيات والاقتراحات التي يمكن طرحها من خلال دراستنا، لإعطاء موضوع بحثنا رؤية مستقبلية وأفاق جديدة من خلال دراسات متجددة ومكملة لهذا النوع من البحوث، خاصة ما تعلق بالشباب لأنه مهما كثرت وتعددت المواضيع المتعلقة بهم، تبقى قليلة وبحاجة إلى مسايرة جيل يتمتع بالنشاط والحيوية وارتباطه بالمواضيع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومن بين هذه الاقتراحات والتوصيات نذكر ما يلي:
1- يعتبر النظام السياسي احد أهم المعنيين بموضوع الشباب والمشاركة السياسية، ويجب عليه أن يعمل بجدية أكبر لوضع إستراتيجية على المدى المتوسط والبعيد، لإدماج فئة الشباب في كل ما هو سياسي. من خلال قانون فعلي يدفع عجلة التنمية السياسية وكذا البرامج الدراسية المطروحة في المناهج العلمية، وإنشاء مؤسسات خاصة بالشباب تشبه الحقيقية منها كوضع برلمان للشباب، من أجل تمكينهم على الكيفية التي يعمل بها عن طريق دورات متكررة خاصة بالطلبة الجامعيين. وهذا ما تعتمده الكثير من الدول المتقدمة في تعبئة شبابها وتنشئته سياسيا، وان يكون خطاب النظام وسيلة وآلية فعالة للتأثير الايجابي على الشباب.
2- تحسين وضعية الشباب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لخلق توازن يسمح لهم بإظهار مواهبهم وقدراتهم في جميع الميادين، حتى لا يكون هدفه الوحيد في الحياة الحصول على منصب عمل وبيت وإنشاء أسرة، ووضع السياسة في آخر التطلعات. أما الأحزاب السياسية يجب عليها تغيير سياساتها المنغلقة وأهدافها السطحية إلى توسيع قاعدتها، وأفضل طريقة هي الشباب باعتباره فئة لها قاعدة عريضة في المجتمع، مما سيرفع وعيه وثقافته السياسية.
3- أما الاقتراح الثالث فهو موجه إلى الشباب في حد ذاتهم وذلك بان يعملوا بجد ليرفعوا من مستوى مشاركتهم السياسية لأنها تؤخذ ولا تعطى، وذلك بتحسين تنشئتهم ووعيهم السياسيين وعدم التوجه إلى العزوف السياسي لأنه هروب من الواقع واكتساب سلوكيات وأفعال سلبية. بل الانضمام إلى الأحزاب والمشاركة في الانتخابات، ومتابعة الأخبار السياسية وكذا الترشح في الانتخابات.
الخـــــــــاتمـــــــة:
إن أهم ما يمكن أن نؤكد علية في نهاية الدراسة هو النقص الفادح لهذا النوع من الدراسات الخاصة بالخطاب السياسي، والحاجة إلى المزيد من البحوث المتخصصة، وهذا لا يعني الانطلاق من مدخل أو منظور واحد، بقدر ما يدل على إثراء الرؤى العلمية والمنطلقات الفكرية، والبحوث العملية الميدانية، بما يسمح من فهم واقعنا السياسي والإشكاليات والقضايا التي ترتبط بالدراسة. والخطاب السياسي هو آلية فعالة في يد السلطة تعتمد عليها في الاستحقاقات الانتخابية خاصة الرئاسية. معتمدة على مجموعة من القواعد، أولها محتوى الخطاب السياسي وشخصية المرسل ووضعية المتلقي، أما الشباب فيحظى بالكثير من الاهتمام في المحافل الانتخابية لمدة زمنية قصيرة، ثم يحظى بالتهميش في جميع المجالات لمدة تجعله فردا سلبيا في المجتمع، رغم أن الشباب هو عماد الأمة ومستقبلها وثروتها المتجددة، وهذا الفراغ الموجود بين السلطة وفئة الشباب يدفعهم إلى العزوف السياسي والتوجه إلى أفات اجتماعية تصنع منه مشكلا للمجتمع والنظام، خاصة إذا كانوا يملكون تعليما وتكوينا أكاديميا. يمكننا القول بأنه يجب على السلطة أن تعيد النظر إلى هذه الفئة لأهميتها في المجتمع ومستقبله، مع العلم أنهم طلبة جامعيين سيصبحون إطارات في المجتمع وداخل مؤسسات السلطة، إذن يجب إعدادهم وتكوينهم ليصبحوا نخبة المجتمع ومن مواطنيه الفاعلين. جيل يتمتع بالوعي السياسي الذي اكتسبه من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بدأ من الأسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام والمؤسسة الدينية المتمثلة في المساجد، ونقاشاتهم مع الأصدقاء والزملاء حتى في مجاله الدراسي. أما الوضع السياسي الذي يمر به النظام من تطورات التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة، ساهمت على إضفاء جو سياسي في المجتمع، ما جعل هذا الجيل يكتسب ثقافة سياسية تجعله يستطيع تحليل وتأويل واقعه السياسي وتحديد حقوقه وواجباته اتجاه مجتمعه.